Professional Documents
Culture Documents
لقد انزل هللا القرآن الكريم ليتدبره الناس ويفهمونه ,وبالفهم الصحيح
الحكامه وتشريعاته ومواعظه ,يستقيم العمل به وتطبيق ما فيه فتنتظم
للمسلم كافة مناحي حياته ,فيسعد في الدنيا وفي االخرة ...
الحمد هلل رب العاملين ,والصالة والسالم على سيد املرسلين وعلى اله
وصحبه اجمعين اما بعد:
قدم وفد من نصارى نجران الى النبي عليه الصالة والسالم وكان مؤلفا من
ستين رجال من اشر افهم بينهم العاقب وهواميرهم ,والسيد االيهم وهوقائد
رحلتهم ,وقد قدموا بعد ان تلقوا خطابا من رسول هللا صلى هللا عليه واله
وسلم ,يدعوهم فيه الى االسالم او الجزية او الحرب ,فلما وصل الوفد الى
املدينة دعاهم النبي عليه الصالة والسالم الى االسالم وتال عليهم القرآن
فامتنعوا النه لم يكن من هم الوفد وال من نيته ان يسلم او ان يفكر في
االسالم و انما اتى ليناظر ويجادل وقالوا كنا مسلمين قبلكم وهذه الجملة
صحيحة لوكان النصارى فعال متبعين لكتبهم االصلية دون تبديل وتحريف
وفي كتبهم البشارة برسولنا الكريم عليه الصالة والسالم وبيان عالمات
نبوته ,لذلك انكر النبي الصالة والسالم مقولتهم هذه وذكر لهم انهم
يحرفون دينهم وهذا التحريف يتنافى مع االسالم الن االسالم معناه ان يسلم
االنسان نفسه تماما هلل تعالى وينقاد بتشريعاته وقوانينه وال يلتفت
الهوائه الشخصية او مصلحته الخاصة ,فقال لهم النبي عليه الصالة
والسالم يمنعكم من االسالم الثالث عبادتكم الصليب واكلكم لحم الخنزير
وزعمكم ان هلل ولدا فأخذوا يجادلون النبي عليه الصالة والسالم ويلقون
بالشبهات والنبي عليه الصالة والسالم يرد عليهم بما يوحى اليه فلما كثر
جدالهم دعاهم النبي عليه الصالة والسالم الى املباهلة بان يبتهل كل طرف
الى هللا عزوجل ان يجعل هللا لعنته على الطرف الكاذب فخافوا و ابوا فانزل
هللا تعالى صدر سورة ال عمران الى بضع وثمانين اية ردا عليهم ثم انتقلت
سورة ال عمران في شقها االخر الى الحديث عن انواع اخرى من التحديات
التي واجهتها االمة املسلمة بعد استقرارها في موطنها الجديد باملدينة
املنورة ,وتلك التحديات مثلت قطاعا حيا من حياتها في املدينة ,من بعد
غزوة بدرالى ما بعد غزوة احد
في غزوة بدر خاض املسلمون معركة حاسمة ضد عدوهم االول مشركو
قريش ,وكان هذا النصر املؤزر للمسلمين بظروفه ومالبساته يعد انجازا
عظيما اقرب الى املعجزة من ثم اضطر رجل كعبد هللا ابن ابي ابن سنون
ان يتنازل عن كبريائه وكراهيته لالسالم لينظم منافقا لالمة املسلمة ,وقال
قولته الشهيرة هذا امر قد توجه اي ظهرت له وجهة هو ماض فيها ال يرده
عنها احد ,وهكذا بدأت بذرة النفاق في املدينة ,قوم تظاهروا باالسالم لكنهم
كتموا الحقد والعداء لالسالم واملسلمين ,وسعوا بخبث الى خلخلة الصف
االسالمي من الداخل وقد وجد هؤالء املنافقون حلفاء طبيعيين لهم في
املدينة وهم اليهود الذين ماتو كمدا النتصار املسلمين في غزوة بدر
و انطلقوا محاولين إللقاء الحيرة في قلوب املسلمين بنشر الشبهات
والشكوك في عقيدتهم
فهذا من جانب ,من جانب اخر لو نظرنا الى مكة املكرمة لوجدنا ان
املشركين هناك غاضبون فهزيمتهم في بدر منح نقاط قوة ملعسكر املدينة
والذي سيشكل خطرا على تجارة قريش ومكانتهم بل وعلى وجودهم.
ولذلك بدأوا يتأهبون لدفع هذا الخطر املاحق فكانت غزوة احد ,هكذا
وجدت االمة املسلمة الوليدة نفسها محاطة باالعداء ,فمشركوا مكة
يحاربونها بالسالح وشنوا عليها حربا عسكريا ,واهل الكتاب يحاربونها
باللسان ,وشنوا عليها حربا فكرية عقائديا واملنافقون يحاربونها من
الداخل وشنوا عليها حربا نفسية
في ظل كل هذه االجواء املشحونة نزلت سورة ال عمران ,سورة ال عمران
سورة مدنية وعدد اياتها مئتان .
نحن على موعد مع سورة زهراء سردها عظيم وفضلها جسيم قال النبي
عليه الصالة والسالم "اقرأوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعا
الصحابه اقرأوا الزهراوين البقرة وسورة ال عمران فانهما تأتيان يوم
القيامة كانهما غمامتان او كانهما غيايت او كأنهما فرقان من طير صواف
تحاجان عن اصحابهما "في الحديث يحث النبي عليه الصالة والسالم على
قراءة القرآن ,وباالخص سورة البقرة وسورة ال عمران وسماهما
بالزهراوين اي السورتين املنيرتين ملا فيهما من احكام ومواعظ وملا فيهما من
شفاء الصدور وتنو ير القلوب وتكسير االجور الصحابهم وهما تأتيان يوم
القيامة في صورة سحابتين او غيايتين والغياية كل ما اظل االنسان فوق
رأسه او في صورة جماعتين طيور الباسطة اجنحتها متصل بعضها ببعض
كل ذلك ليقي قارئهما من حراملوقف ,ومن كرب يوم القيامة ,تجادالن عنه
بالشفاعة ,اوعند السؤال اذا لم ينطق اللسان واطبقت الشفتان وضاعت
الحجج ,سورة ال عمران يستطيع قارئها ان يستبين املحاور واملوضوعات
التي تناولتها السورة:
املحور االبرز من محاور سورة ال عمران كان توحيد هللا سبحانه ❖
الكتاب ,والرد على الشبهات التي اثاروها ,من شبهات ماكرة ,لخلخلة
عقيدة املسلمين ,كما ذكرت السورة بعض قبائح اهل الكتاب
واوصافهم ومسالبهم ,واملسالك الخبيثة التي سلكوها في حربهم على
الدعوة االسالمية
اما املحور الرابع من محاور سورة ال عمران فهو فضح املنافقين ❖
,وهم قوم انضموا الى املجتمع املسلم باجساد بينما صدورهم كانت
مليئة بالحقد والعداء للمسلمين ,يتربصون بهم الدو ائر ويتحينون
الفرص لضرب الصف املسلم ,يحاربون املسلمين بالدس
والتشكيك وبث الشبهات وتدبير املناور فجاءت سورة ال عمران
لتكشف اهدافهم وتفضح اساليبهم في الحروب النفسية ,كما تجلى
ذلك في احداث غزوة احد ومن خالل هذه النقطة نصل الى:
املحور الخامس املحور الخامس واالبرز من محاور سورة ال عمران ❖
وهذا ما اراد هللا تعالى ان يعلمهم اياه بالهزيمة في غزوة احد ,على
النحو الذي تعرضه سورة ال عمران ع رضا حيا مؤثرا عميقا,
وتوجه في ظله ابلغ الدروس والعظات
وكان ختام سورة ال عمران بايات التفكر والتدبر فيملكوت ❖