You are on page 1of 9

‫أحاديث الحكام‬

‫وأهم الكتب المؤلفة فيها‬


‫وتناوب القطار السلمية في الضطلع بأعباء‬
‫)‪(1‬‬
‫علوم السنة‬

‫للمام المحدّث الفقيه المتكلم‬


‫مد زاهــد الكوثــري‬ ‫مح ّ‬
‫رحمه الله تعالى ونفعنا به‬

‫‪ ( )1‬طبعت هذه المقـالة في مجلة )السلم( بمصر في سنة‬


‫‪ 1357‬هـ ‪ ،‬ثم أشاعتها مجلة )المفتي( في ديوبند‪ ،‬ثم نقلتها منها مجلة‬
‫ملتان في شهر رجب سنة ‪ . 1373‬كذا قال العلمة المحدث‬ ‫)الصديق( ب ُ‬
‫َ‬
‫الفقيه الشيخ ظفَر التهانوي في مقدمة )قواعد في علوم الحديث( ص‬
‫‪.13‬‬
‫المؤلفة فيه‬
‫أحاديث الحكام وأهم الكتبة ‪2‬‬
‫للمام الكوثري رحمه الله‬

‫ل بد لمن ينتمي إلى الفقه من أن يكون ذا عناية‬


‫بالحاديث والثار الواردة عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم‬
‫في الحكام الصلية والفرعية‪ ،‬ليكون على بيّنةٍ من أمره‪،‬‬
‫ن نفسه من محاولة إجراء القياس على ضد المنصوص‪،‬‬ ‫فيصو َ‬
‫مع عليها؛ لنه ل‬‫ويحترَز من مخالفة الجماع في المسائل المج َ‬
‫يمكن تفريق ما يصح فيه القياس مما ل يصح هو فيه‪ ،‬وتمييُز‬
‫ما يستساغ فيه الخلف مما ل يسوغ فيه غيُر التباع المجرد‪،‬‬
‫إل لمن أحاط خبًرا بموارد النصوص‪ ،‬ووجوه التفقه فيها‪،‬‬
‫واستقرأ الثار الواردة من فقهاء السلف في الحكام‪.‬‬

‫فهو الذي يقدر أن يتصون من القياس في مورد النص‪،‬‬


‫وهو الذي يستطيع أن يحترز من الخلف في موطن الجماع‪.‬‬

‫ولذلك تجد علماء هذه المة وأدلءها قد سعوا سعًيا حثيًثا‬


‫‪ -‬في جميع الدوار ‪ -‬في جمع أدلة الحكام‪ ،‬والكلم ِ عليها متًنا‬
‫دا ودللة‪ ،‬على اختلف أذواقهم ومشاربهم في شروط‬ ‫وسن ً‬
‫قبول الخبار‪ ،‬وعلى تفاوت مداركهم في النصوص والثار‪.‬‬

‫وكانت أمصار المسلمين تتناوب في الضطلع بأعباء‬


‫صر في ذلك قطر قام قطر‬
‫علوم السنة مدى القرون‪ ،‬إن ق ّ‬
‫آخر بواجبه في هذا الباب وهكذا‪.‬‬

‫ظا من العلوم‪ ،‬ما بين شرعية‬ ‫وكانت من أكبر القطار ح ّ‬


‫وعقلية وأدبية‪ ،‬ول سيما علوم السنة والفقه‪ :‬البلد ُ العراقية‬
‫أيام مجد الدولة العباسية إلى تاريخ انقراضها‪.‬‬

‫وما خلف علماؤها من المآثر الخالدة شاهد صدق على‬


‫ذلك‪.‬‬

‫معّلى في العلوم ‪ -‬الدولة‬‫دح ال ُ‬


‫ق ْ‬
‫ثم خلفتها ‪ -‬في حيازة ال ِ‬
‫المصرية على اتساع ممالكها في عهد الدولتين البحرية‬
‫والبرجية‪ ،‬وإن كان للمغرب فضل غير منكور في جميع الدوار‪.‬‬

‫والثاُر الباقية من الدولتين‪ ،‬والجامعات العلمية التي‬


‫ة أمامنا تنطق عن‬
‫كانت الملوك والمراء شيدوها‪ :‬لم تزل ماثل ً‬
‫المؤلفة فيه‬
‫أحاديث الحكام وأهم الكتبة ‪3‬‬
‫للمام الكوثري رحمه الله‬
‫ض مجيد‪ ،‬ولم نزل نشاهد في التاريخ مبلغ ما كانوا يدّرون‬
‫ما ٍ‬
‫عليها من الخيرات في سبيل العلم‪ ،‬مع مشاطرة كثير من‬
‫ملوكهم وأمرائهم العلماء في علومهم‪.‬‬

‫وها هو الظاهر برقوق يتفقه على المام أكمل الدين‬


‫البابرتي‪ ،‬ويشارك المحدثين في رواية الصحيحين‪ ،‬ويجلب‬
‫أمثال ابن أبي المجد من كبار المسندين من القطار النائية‬
‫رغبة منه في إعلء سند المتعلمين بمصر بسماعهم الحديث‬
‫من أصحاب السانيد العالية‪.‬‬

‫ويفعل مثل ذلك المؤيد حيث كان هو نفسه يروي‬


‫الصحيح عن المام الب ُْلقيني‪ ،‬بل ابن حجر سمع الحديث من‬
‫المؤيد هذا‪ ،‬وترجم له في عداد شيوخه في )المعجم‬
‫المفهرس(‪ .‬وقد جلب المؤيد إلى مصر العلمة شمس الدين‬
‫الديري صاحب )المسائل الشريفة في أدلة مذهب‬
‫المام أبي حنيفة(‪.‬‬

‫وكذلك ترى الظاهر جقمق يسمع الصحيح من ابن‬


‫الجزري‪ ،‬ويجلب كبار المسندين إلى مصر ليتلقى منهم‬
‫المتعلمون بمصر مروياتهم في السنة من الصحاح والمسانيد‪،‬‬
‫ويجعل القلعة المصرية مجمع هؤلء العلماء وموضع تلقي‬
‫المتعلمين لتلك الكتب من هؤلء المسندين‪ ،‬تنويًها بأمرهم‬
‫وإعلًء لشأن العلم‪.‬‬

‫وبهذه العناية والرعاية من الملوك والمراء كانت مصر‬


‫داَر حديث وفقه وأدب في القرون الثلثة‪ :‬السابع والثامن‬
‫ل كبار‬
‫والتاسع‪ ،‬وها هي كتب التاريخ قد اكتظت بتراجم رجا ٍ‬
‫أنجبتهم مصر بكثرة بالغة في تلك العصور الذهبية‪ ،‬ممن لهم‬
‫دا في شتى العلوم‪ ،‬بحيث يعدون مفاخر‬ ‫مؤلفات كثيرة ج ً‬
‫السلم طّرا فضل ً عن مصر‪ ،‬بل مآثرهم المحفوظة في‬
‫خزانات العالم مما يقضي لمصر بالفخر الخالد‪ ،‬ومؤلفاتهم في‬
‫الحديث والفقه والتاريخ خارجة عن حد الحصاء‪.‬‬

‫وقد استمرت النهضة العلمية بمصر على ما وصفناه إلى‬


‫أوائل القرن العاشر‪.‬‬
‫المؤلفة فيه‬
‫أحاديث الحكام وأهم الكتبة ‪4‬‬
‫للمام الكوثري رحمه الله‬
‫فبانقراض الدولة المصرية البرجية في أوائل ذلك القرن‬
‫تضاءل النشاط العلمي بمصر بل تزعزعت أركان العلم بها‪،‬‬
‫وغادر هذا النشاط القطر المصري إلى أقطار أخرى‪ ،‬كما هو‬
‫سنة الله في خلقه‪ ،‬فإذا قارنت رجال أواخر القرن العاشر‬
‫برجال القرون الثلثة التي سبقته‪ ،‬علمت مبلغ ما أصيبت به‬
‫مصر من النحطاط العظيم في العلم حين ذاك‪.‬‬

‫ط العلمي‪ ،‬وكان حظ إقليم‬ ‫ثم توزعت القطار النشا َ‬


‫الهند من هذا الميراث ‪-‬منذ منتصف القرن العاشر‪ -‬هو النشا َ‬
‫ط‬
‫في علوم الحديث‪ ،‬فأقبل علماء الهند عليها إقبال ً كلّيا‪ ،‬بعد أن‬
‫كانوا منصرفين إلى الفقه المجرد والعلوم النظرية‪.‬‬

‫ولو استعرضنا ما لعلماء الهند من الهمة العالية العظيمة‬


‫في علوم الحديث من ذلك الحين ‪ -‬مدة َ ركود سائر القاليم ‪:-‬‬
‫لوقع ذلك موقع العجاب الكلي والشكر العميق‪ .‬وكم لعلمائهم‬
‫من شروح ممتعة وتعليقات نافعة على الصول الستة وغيرها‪،‬‬
‫وكم لهم من مؤلفات واسعة في أحاديث الحكام‪ ،‬وكم لهم‬
‫من أياد ٍ بيضاء في نقد الرجال‪ ،‬وعلل الحديث‪ ،‬وشرح الثار‪،‬‬
‫وتأليف مؤلفات في شتى الموضوعات‪ .‬والله سبحانه هو‬
‫المسؤول أن يديم نشاطهم في خدمة مذاهب أهل الحق‬
‫ويوفقهم لمثال ما ُوفقوا له إلى الن‪ ،‬وأن يبعث هذا النشاط‬
‫في سائر القاليم من جديد‪.‬‬

‫ومن أحسن الكتب للقدمين في أحاديث الحكام ‪ -‬سوى‬


‫الصحاح والسنن والمسانيد ‪ :-‬مصنف ابن أبي شيبة)‪ ،(2‬وكتب‬
‫ب ابن المنذر ول‬‫طحاوي ول سيما )معاني الثار(‪ ،‬وكت ُ‬ ‫ال ّ‬
‫طحاوي‪،‬‬ ‫ح الجصاص‪ :‬لمختصر ال ّ‬ ‫سيما )الشراف(‪ ،‬وشرو ُ‬
‫ب ابن عبد البر‬‫كـرخي‪ ،‬و)الجامع الكبير(‪ ،‬وكت ُ‬ ‫ومختصر ال َ‬
‫ر(‪ ،‬وكتب )الحكام( لعبد الحق‪،‬‬ ‫)كالتمهيد( و)الستذكا ِ‬
‫م واليهام( لبي الحسن بن القطان‪ ،‬وكتب البيهقي‪،‬‬ ‫و)الوه ُ‬
‫والنووي‪ ،‬وكتب ابن دقيق العيد من )المام( و)اللمام ِ(‬
‫و)شرح العمدة(‪.‬‬
‫‪ ( )2‬قـال عنه المام الكوثـري في )فقه أهـل العراق وحديثهم(‬
‫ص ‪ ،11‬وهي المقدمة التي قدم بها لكتاب )نصب الراية(‪ " :‬أهم‬
‫كتاب في نظر الفقيه"‪.‬‬
‫المؤلفة فيه‬
‫أحاديث الحكام وأهم الكتبة ‪5‬‬
‫للمام الكوثري رحمه الله‬
‫ب في الجمع بين السنة والكتاب( لبي‬ ‫و)اللبا ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫م بتلخيص اللمام( لقطب‬ ‫محمد المنبجي ‪ ،‬و)الهتما ُ‬
‫الدين الحلبي ‪ -‬وقد أصلح ما غلط فيه ابن دقيق العيد من عزو‬
‫الحديث في )اللمام( إلى غير من خّرجه ‪ -‬وتحقيقُ ابن‬
‫الجوزي‪ ،‬ومنتقى المجد ابن تيمية‪ ،‬وتنقيح ابن عبد الهادي‪.‬‬

‫ب التخاريج كلها‪ - ،‬ومن أنفعها و أوسعها )نصب‬


‫وكت ُ‬
‫)‪(4‬‬
‫الراية( للجمال الزيلعي ‪ -‬و)المعتصر( للجمال الملطي‪،‬‬
‫صا )فتح الباري( و)التلخيص‬ ‫وكتب ابن حجر وخصو ً‬
‫الحبير(‪ ،‬وكتب البدر العيني ول سيما )عمدة القاري(‬
‫و)شرح معاني الثار( و)شرح الهداية(‪ ،‬وكتب العلمة‬
‫قاسم وخاصة تخريج أحاديث )الختيار(‪ ،‬إلى غير ذلك مما ل‬
‫يحصى من الكتب المؤلفة إلى أوائل القرن العاشر‪.‬‬

‫ثم يأتي دور إخواننا الهنود ‪ -‬من أهل السنة ‪ -‬فمآثرهم‬


‫في السنة في القرون الخيرة فوق كل تقدير‪ ،‬وشروحهم في‬
‫الصول الستة تزخر بالتوسع في أحاديث الحكام‪ .‬فدونك‬
‫ح الملهم في شرح صحيح مسلم( )‪ (5‬و)بذل‬ ‫)فت َ‬

‫‪ ( )3‬طبع الكتاب في مجلدين بدار القلم بتحقيق د‪ .‬محمد فضل‬


‫المراد‪.‬‬
‫) ( وقال المام الكوثري عن هذا الكتاب في )فقه أهل‬ ‫‪4‬‬

‫العراق وحديثهم( ص ‪ 10‬أنه‪" :‬كتـاب ل نظير لـه في‬


‫استقصـاء الحكام"‪ ،‬ثم قال ص ‪ " :11‬وكتاب الزيلعي هذا يجد فيه‬
‫الحنفي صفوة َ ما استدل به أئمة المذاهب من أحاديث الحكام‪ ،‬ويلقى‬
‫المالكي فيه نقاوة ما خرجه ابن عبد البر في )التمهيد( و)الستذكار(‬
‫وخلصة ما بسطه عبد الحق في كتبه‪ ،‬في أحاديث الحكام‪ ،‬والشافعي‬
‫يرى فيه غربلة ما خرجه البيهقي في )السنن(‪ ،‬و)المعرفة(‪ ،‬وغيرهما‪،‬‬
‫وتمحيص ما ذكره النووي في )الخلصة( و)المجموع( و)شرح مسلم(‪،‬‬
‫للمام( و)المام( و)شرح‬ ‫واستعراض ما يبينه ابن دقيق العيد في )ا ِ‬
‫العمدة(‪ .‬وكذلك الحنبلي يلقي فيه وجوه النقد في كتاب )التحقيق(‬
‫لبن الجوزي‪ ،‬و)تنقيح التحقيق( لبن عبد الهادي‪ ،‬وغير ذلك من الكتب‬
‫المؤلفة في أحاديث الحكام‪ ...‬مع استيفاء الكلم في كل حديث‪ ،‬من‬
‫أقوال أئمة الجرح والتعديل‪ ،‬ومن كتب العلل المعروفة‪ ،‬وهذا ما جعل‬
‫لهذا الكتاب ميزة عظمى بين كتب التخاريج‪ ".‬اهـ‪.‬‬
‫‪ ( )5‬للمحدث البارع المفسـر المحقق الشـيخ شَّبير أحمــد‬
‫العثمـاني‪ ،‬وقـد توفي سنة ‪1396‬هـ رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫المؤلفة فيه‬
‫أحاديث الحكام وأهم الكتبة ‪6‬‬
‫للمام الكوثري رحمه الله‬
‫)‪(6‬‬
‫ف‬
‫عر َ‬‫المجهود في شرح سنن أبي داود( و)ال َ‬
‫الشذي في شرح سنن الترمذي( )‪ (7‬إلى غير ذلك مما ل‬
‫يحصى‪ ،‬ففيها البيان الشافي في مسائل الخلف‪ ،‬ولبعض‬
‫ضا مؤلفات خاصة في أحاديث الحكام على طراز‬ ‫علمائهم أي ً‬
‫بديع مبتكر‪ ،‬وهو استقصاء أحاديث الحكام من مصادرها‬
‫دها في صعيد واحد في البواب‪ ،‬والكلم على كل حديث‬ ‫وحش ُ‬
‫حا وتعدي ً‬
‫ل‪ ،‬وتقوية وتوهيًنا‪.‬‬ ‫منها جر ً‬
‫وها هو العلمة مولنا ظهير حسن النيموي رحمه الله قد‬
‫ألف كتابه )آثار السنن( في جزأين لطيفين)‪ ،(8‬وجمع فيهما‬
‫الحاديث المتعلقة بالطهارة والصلة على اختلف مذاهب‬
‫حا وتعديل ً على طريقة‬ ‫الفقهاء‪ ،‬وتكلم على كل حديث منها جر ً‬
‫المحدثين‪ ،‬وأجاد فيما عمل كل الجادة‪ ،‬وكان يريد أن يجري‬
‫على طريقته هذه إلى آخر أبواب الفقه لكن المنّية حالت دون‬
‫أمنيته رحمه الله‪ .‬وهذا الكتاب مطبوع بالهند طبًعا حجرًيا إل‬
‫أن أهل العلم تخاطفوه بعد طبعه‪ ،‬فمن الصعب الظفر بنسخة‬
‫منه إل إذا أعيد طبعه‪.‬‬

‫عني بهذا المر العلمة الوحد‪ ،‬والحبر المفرد‪،‬‬ ‫وكذلك ُ‬


‫شيخ المشايخ في البلد الهندية‪ ،‬المحدث الكبير والجهبذ الناقد‪،‬‬
‫مولنا حكيم المة‪ :‬محمد أشرف علي التهانوي صاحب‬
‫المؤلفات الكثيرة البالغ عددها نحو خمسمائة مؤّلف ما بين‬
‫كبير وصغير)‪ ،(9‬فألف ‪ -‬طال بقاؤه ‪ -‬كتاب )إحياء السنن(‬

‫‪ ( )6‬للفقيه المحدث الشيخ خليـل أحمد السهارنفوري المتوفى‬


‫سنة ‪ 1346‬رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫‪ ( )7‬لمام العصـر المحدث الكبيـر والفقيـه المحقق الحجة الشيخ‬
‫محمد أنـور شاه الكشميري صاحب )فيض الباري بشرح البخاري(‬
‫المولود سنة ‪ 1292‬والمتوفى سنة ‪ 1352‬رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫‪ ( )8‬وكتب عليه حواش وتعليقات نافعة عصريّه الشيخ محمد أنور‬
‫سميت )التحاف لمذهب الحناف(‪ ،‬وقد توفي الشيخ‬ ‫الكشميري ُ‬
‫النيموي رحمه الله تعالى في حدود سنة ‪ ،1322‬كما ذكر العلمة الشيخ‬
‫محمد يوسف الب َّنوري‪.‬‬
‫‪ ( )9‬قـال الشيخ عبـد الفتــاح أبو غـدة رحمـه الله تعالى في‬
‫تقريظه )لعلء السنن( ‪" :1/5‬بل قد زادت مؤلفاته على ألف عند‬
‫وفاته"‪ ،‬وقد ولد ‪ 5‬من ربيع الثاني سنة ‪ 1280‬كما في مقدمة إعلء‬
‫المؤلفة فيه‬
‫أحاديث الحكام وأهم الكتبة ‪7‬‬
‫للمام الكوثري رحمه الله‬
‫وكتاب )جامع الثار( في هذا الباب‪ ،‬ويغني عن وصفهما ذكر‬
‫اسم مؤلفهما العظيم‪ ،‬وكلهما مطبوع بالهند)‪ ،(10‬إل أن الظفر‬
‫بهما أصبح بمكان من الصعوبة حيث نفدت نسخهما المطبوعة‬
‫لكثرة الراغبين في اقتناء مؤلفات هذا العالم الرباني ‪ -‬وهو‬
‫الن قد ناهز التسعين أطال الله بقاءه ‪ ، (11)-‬وهو بركة البلد‬
‫الهندية‪ ،‬وله منزلة سامية عند علماء الهند حتى لقبوه‪ :‬حكيم‬
‫المة‪.‬‬

‫وهذا العالم الجليل قد أشار على تلميذه وابن أخته‬


‫المتخرج في علوم الحديث لديه‪ ،‬المحدث الناقد والفقيه البارع‬
‫فر أحمد التهانوي ‪ -‬زادت مآثره ‪ -‬أن يستوفي أدلة‬ ‫مولنا ظ َ َ‬
‫أبواب الفقه بجمع أحاديث الحكام في البواب من مصادر‬
‫صعبة المنال‪ ،‬مع الكلم على كل حديث في ذيل كل صفحة‬
‫بما تقضي به صناعة الحديث‪ ،‬من تقوية وتوهين‪ ،‬وأخذ ورد‬
‫على اختلف المذاهب)‪.(12‬‬

‫السنن ‪ ،1/9‬وتوفي ‪ 16‬من رجب سنة ‪ 1362‬هـ كما ذكر الشيخ عبد‬
‫الفتاح أبوغدة في قواعد في علوم الحديث ص ‪ ،14‬وفي مقدمة إعلء‬
‫السنن ‪ 1/23‬أنه توفي صفر سنة ‪1362‬رحمه الله تعالى‪ ،‬وانظر‬
‫ترجمته في مقدمة إعلء السنن ‪.23-1/9‬‬
‫فر التهانوي في )قواعد في علوم‬ ‫‪ ( )10‬قال العــلمة الشيخ ظـَ َ‬
‫الحديث( ص ‪" :13‬كتابه )إحياء السنن( لم يطبع‪ ،‬بل طارت به أيادي‬
‫طبع بهذا السم كتاب لبعض الناس من خدامه‪ ،‬لم يقع من‬ ‫الزمن‪ ،‬وقد ُ‬
‫ت عليه‪ ".‬اهـ من قواعد في علوم‬ ‫الشيخ حسب مرامه ‪ ،‬فاستدرك ُ‬
‫الحديث ص ‪.13‬‬
‫‪ ( )11‬قال الشيخ ظفر التهانوي في )قواعد في علوم الحديث( ص‬
‫‪" :14‬ل بل توفي رحمه الله تعالى وهو ابن إحدى وثمانين" اهـ‪ .‬وقد‬
‫قا أنه ولد في شهر ربيع الثاني ‪ 1280‬وتوفي في رجب أو‬ ‫علمت ساب ً‬
‫صفر ‪.1362‬‬
‫‪ ( )12‬وكان مـن سبـب تأليف هذا الكتاب والشـارة بـه‬
‫مين أنفسهم )أهل‬ ‫أنه‪":‬قامـت في الهنـد نغـمة من بعض الناس المس ّ‬
‫الحديث(‪ ،‬زعموا فيها أن مذهب السادة الحنفية _الذي هو مذهب‬
‫جمهور المسلمين في تلك البلد الواسعة_‪ :‬يخالف الحاديث النبوية في‬
‫ضا أن الحنفية يقدمون القياس على‬ ‫كثير من مسائله‪ ،‬كما زعموا أي ً‬
‫ضا تقليد الئمة المتبوعين‪ ،‬وأطالوا لسانهم في‬ ‫الحديث‪: ،‬كما أنكروا أي ً‬
‫جنب فقه الحنفية والمام أبي حنيفة بوجه خاص‪.‬‬
‫المؤلفة فيه‬
‫أحاديث الحكام وأهم الكتبة ‪8‬‬
‫للمام الكوثري رحمه الله‬
‫فاشتغل هذا العالم الغيور بهذه المهمة الشاقة نحو‬
‫عشرين سنة اشتغال ً ل مزيد عليه حتى أتم مهمته بغاية من‬
‫فا بقطع‬‫الجادة بتوفيق الله سبحانه في عشرين جزًءا لطي ً‬
‫)آثار السنن( وسمى كتابه هذا‪) :‬إعلء السنن(‪ ،‬وجعل لـه‬
‫في جزء خاص مقدمة بديعة في أصول الحديث نافعة للغاية‬
‫في بابه)‪.(13‬‬

‫والحق يقال إني دهشت من هذا الجمع وهذا الستقصاء‪،‬‬


‫ومن هذا الستيفاء البالغ في الكلم على كل حديث بما تقضي‬
‫دا‪ ،‬من غير أن يبدو عليه آثار التكلف في‬‫به الصناعة متًنا وسن ً‬
‫تأييد مذهبه‪ ،‬بل النصاف رائده عند الكلم على آراء أهل‬
‫المذاهب‪ ،‬فاغتبطت به غاية الغتباط‪ ،‬وهكذا تكون همة الرجال‬
‫وصبر البطال‪ ،‬أطال الله بقاءه في خير وعافية‪ ،‬ووفقه لتأليف‬
‫أمثاله من المؤلفات النافعة‪.‬‬

‫وقد طبع المؤلف ‪ -‬حفظه الله ‪ -‬نحو عشرة أجزاء من‬


‫ذلك الكتاب طبًعا حجرًيا وقد نفدت نسخ الجزاء الول‪ .‬وأما‬
‫طبع الباقي فيجري ببطء بالغ‪ ،‬فيا ليت بعض أصحاب المطابع‬
‫الكبيرة بمصر سعى في جلب الكتاب المذكور من مؤلفه‪،‬‬
‫وطبع تمام الكتاب من أوله إلى آخره بالحروف الجميلة‬

‫فتصدى لرد هذه المزاعم الزائفة فحول العلماء في تلك الديار‪،‬‬


‫وأبطلوا هذه الدعوى بالتآليف الكثيرة المحققة‪ ،‬وبينوا فيها استناد‬
‫الحنفية في فقههم إلى الحاديث‪ ،‬وأنهم يقدمون الحديث _ حتى‬
‫الحديث الضعيف_ على القياس‪ ،‬وأن القياس بشروطه من الدلة‬
‫الشرعية التي يجب العمل بها‪ ،‬وكان من خيار ما ألفوه لهذه الغاية‪ :‬هذا‬
‫الكتاب" اهـ من كلم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في )قواعد في علوم‬
‫الحديث( ص ‪ 4‬بتصرف‪.‬‬
‫كن‬‫‪ ( )13‬وسـماها مـع مقدمة أخرى أصوليـة فقهيـة‪) :‬إنهـاء الس َ‬
‫لمن يطالع إعلء السنن( وطبعت المقدمة الحديثية تحت هذا السم في‬
‫الهند سنة ‪ 1348‬ثم في باكستان سنة ‪ ، 1383‬ثم حققها الشيخ عبد‬
‫الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى وغّير اسمها بإذن من مؤلفها إلى‬
‫)قواعد في علوم الحديث( وطبعت في بيروت سنة ‪ ،1392‬ثم في‬
‫كراتشي ‪ 1401‬ثم في الرياض ‪ 1404‬في ‪ 550‬صفحة‪.‬‬
‫المؤلفة فيه‬
‫أحاديث الحكام وأهم الكتبة ‪9‬‬
‫للمام الكوثري رحمه الله‬
‫المصرية‪ ،‬ولو فعل ذلك أحدهم لخدم العلم خدمة مشكورة‪،‬‬
‫غا في هذا الباب)‪.(14‬‬
‫ومل فرا ً‬

‫ضا ممن يعنون بأحاديث‬


‫ومن مشاهير علماء الهند أي ً‬
‫الحكام العلمة المحدث الشيخ مهدي حسن الشاهجهانفوري‬
‫المفتي حفظه الله‪ ،‬فإنه شرح كتاب )الثار( للمام محمد بن‬
‫الحسن الشيباني في مجلدين ضخمين‪ .‬كثر الله سبحانه من‬
‫أمثال هؤلء الرجال‪.‬‬

‫وهذه نبذة يسيرة من مآثر هؤلء الخوان‪ ،‬وفي ذلك‬


‫فليتنافس المتنافسون‪.‬‬

‫‪ ( )14‬قال الشيـخ عبد الفتــاح أبو غـدة رحمــه الله تعالى في‬
‫ن الله تعالى بتحقيق هذه المنية‬‫تقريظـه لعلء السنن ‪" :1/6‬ولقد م ّ‬
‫الغالية الكريمة‪ ،‬وطبع هذا الكتاب الحديثي الفقهي العجاب في مدينة‬
‫كراتشي من باكستان‪ ،‬متوجا ً بخدمة علمية ممتازة من العلمة المحقق‬
‫المحدث الفقيه الريب الديب فضيلة الشيخ محمد تقي العثماني‪ ،‬نجل‬
‫سماحة شيخنا المفتي الكبر مولنا محمد شفيع‪ ".‬اهـ‪.‬‬
‫وقد طبعت هذه الطبعة سنة ‪ 1401‬هـ وأعيد طبعها تصويًرا سنة‬
‫‪ ،1405‬ثم طبعت بالصف على الحاسوب )الكمبيوتر( بالحروف العربية‬
‫الجميلة بالقطع المتوسط سنة ‪ 1415‬هـ‪ ،‬وقد قام بهذا العمل الجليل‬
‫)إدارة القرآن والعلوم السلمية( بكراتشي من باكستان‪ ،‬إل أنا ما زلنا‬
‫نتمنى أن تقوم بعض دور النشر الفخمة في بيروت ‪ -‬التي تحترم ما‬
‫تنشر‪ -‬بتصوير الطبعة الخيرة على ورق جيد‪ ،‬ونشرها على نطاق واسع‬
‫بإذن من القائمين على الكتاب في باكستان‪ .‬ونلفت النظر إلى أن دار‬
‫الكتب العلمية قامت بصف هذا الكتاب ونشره سنة ‪1997‬م‪.‬‬

You might also like