You are on page 1of 41

‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫التوجيه ُ الصوتي للأوجه َّ‬


‫المقدمة أداء ً في رواية قالون عن نافع المدني‪:‬‬
‫دراسة وصفية تحليلية‬

‫*‬
‫د‪ .‬إبراهيم أحمد عبد الجليل‬

‫الحمد لله منزل الكتاب تبيانا لكل شيء‪ ،‬وهدى ورحمة وبشرى للمؤمنين‪ ،‬والصلاة‬
‫والسلام على نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى‪ ،‬المنزل عليه‪ :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له‬
‫لحافظون‪ ‬الحجر‪ ،9 :‬وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد؛‬
‫فإن أفضل ما اشتغل به المشتغلون‪ ،‬واهتم به المسلمون‪ ،‬واعتنى به المخلصون‪ ،‬كتاب‬
‫ربنا سبحانه؛ لذلك فقد اشتغل به السلف‪ ،‬وأفنوا أعمارهم في دراسته وتدريسه‪ ،‬وبيانه‬
‫وتبيينه‪ ،‬فصرفوا أفكارهم لفهمه‪ ،‬وبذلوا جهدهم ووقتهم لخدمته‪ ،‬وما زالت الدراسات‬
‫المتعلقة بالقرآن ال كريم تترا‪ ،‬تجويدا وتجديدا‪ ،‬وتنقيحا وتوجيها‪ ،‬ومن هذا المنطلق جاءت‬
‫فكرة هذا العمل العلمي خدمة لكتاب الله تعالى‪.‬‬
‫أسباب اختيار هذا الموضوع‪:‬‬
‫لقد اختصت رواية قالون عن نافع المدني بخصائص جعلتها مميزة عن غيرها من‬
‫الروايات الأخرى المتواترة‪ ،‬بل هي الرواية المقدمة على بقية الروايات‪ ،‬ولها الصدارة في‬

‫الإقراء في كل بلاد المسلمين‪ ،‬وبها بدأ ابن مجاهد(‪ )1‬مسبع السبعة وشيخ الصنعة عند‬

‫جمعه للقراءات‪ ،‬وكذلك فعل الداني(‪ )2‬في تيسيره‪ ،‬والشاطبي في لاميته(‪ ،)3‬وابن‬

‫* محاضر بكلية الدراسات الإسلامية‪ ،‬جامعة مصراته‪.‬‬


‫(‪ )1‬أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي الحافظ الأستاذ أبو بكر بن مجاهد البغدادي شيخ الصنعة وأول من‬
‫سبع السبعة‪ ،‬ولد سنة خمس وأربعين ومائتين ببغداد‪ .‬ينظر‪ :‬غاية النهاية في طبقات القراء‪.)139/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر أبو عمرو الداني الأموي القرطبي المعروف في زمانه بابن الصيرفي‪ ،‬ولد‬
‫سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة‪ ،‬في قرطبة‪ ،‬ثم رحل إلى دانية سنة سبع عشرة وأربعمئة‪ ،‬فاستوطنها حتى فيها سنة أربعمئة‬
‫وأربع وأربعين‪ .‬غاية النهاية في طبقات القراء‪.)303/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬اللامية هي قصيدة نظمها في القراءات السبع سماها‪ :‬حرز الأماني ووجه التهاني‪ ،‬تتألف من ألف ومئة وثلاث‬
‫وسبعين بيتا‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫الجزري(‪ )1‬في نشره‪ ،‬وطيبته‪ ،‬وابن الفحام في تجريده؛ وذلك لشرفها وحظوتها‪ ،‬فهي‬
‫قراءة مدينة رسول الله ‪ ،‬وعش صحابته ال كرام‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان‪ ،‬وانتشرت هذه‬
‫الرواية في بلادنا الطيبة ليبيا‪ ،‬و بعض ما جاورها من بلاد المغرب العربي‪.‬‬
‫و يأتي هذا البحث كذلك خدمة لكتاب الله تعالى من خلال رواية من أهم‬
‫رواياته‪ ،‬وهي رواية قالون عن نافع المدني‪.‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫كل دراسة لا بد لها من هدف تسعى للوصول إليه‪ ،‬ومن الأهداف التي أرجو‬
‫الله أن يعينني على تحقيقها في هذه الدراسة تتبع الأوجه المختلف فيها عن الإمام قالون‪،‬‬
‫وبيان ما يقدم منها أداء‪ ،‬وذلك في الأصول والفرش‪ ،‬ومن ثم توجيهها توجيها صوتيا؛‬
‫للوقوف على الأسرار الكامنة في تقديمها على غيرها‪.‬‬
‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫كثيرا ما وقفت متحيرا في الأسباب الكامنة وراء تقديم بعض الوجوه على بعض‬
‫عند الإمام قالون‪ ،‬فإذا كانت هذه الوجوه صحيحة النقل متوافرة فيها الشروط المطلوبة‬
‫للقراءة‪ ،‬فما الدواعي لتقديم بعضها وتأخير الآخر؟ وما الأسس التي يبني عليها هذا‬
‫التقديم؟‬
‫منهج الدراسة‪ :‬المنهج المتبع في هذا البحث هو المنهج الاستقرائي الوصفي التحليلي‬
‫للأوجه المختلف فيها عن قالون من طر يقي الشاطبية والطيبة‪ ،‬دراسة علمية وفق القواعد‬
‫المتبعة في البحوث العلمية‪ ،‬التي تسلم إلى نتائج مهمة‪ ،‬ومفيدة بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫بنية البحث‪ :‬جاءت هذه الدراسة في مقدمة‪ ،‬وتمهيد‪ ،‬ومبحثين‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬تحمل‬
‫أهم النتائج‪.‬‬
‫التمهيد‪ :‬التعر يف بالإمام قالون‪ ،‬وشيخه الإمام نافع‪.‬‬
‫المبحث الأول‪ :‬بيان المقدم أداء للإمام قالون في الأصول‪ ،‬وتوجيهه‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري يكنى أبا الخ ير‪ ،‬ولد في ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر‬
‫رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بدمشق‪ ،‬له مؤلفات كثيرة منها‪ :‬غاية النهاية في طبقات القراء‪ ،‬وكتاب نشر‬
‫القراءات العشر في مجلدين ومختصره التقريب وتحبير التيسير في القراءات العشر‪ .‬توفي سنة‪333 :‬ه ‪ .‬ينظر‪ :‬غاية النهاية في‬
‫طبقات القراء‪.)379/2( ،‬‬

‫‪02‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬بيان المقدم أداء للإمام قالون في الفرش‪ ،‬وتوجيهه‪.‬‬


‫الخاتمة‪ :‬خصصت لبيان أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة‪.‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫ترجمة الإمام قالون‪:‬‬
‫الإمام قالون هو عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصمد بن عمر بن‬
‫عبد الله الزرقي‪ ،‬والمري‪ ،‬مولى بني زهرة‪ ،‬أبو موسى‪ ،‬الملقب قالون‪ ،‬قارئ المدينة‬
‫ونحويها‪ ،‬يقال‪ :‬إنه ربيب نافع‪ ،‬وقد اختص به كثيرا‪ ،‬وهو الذي سماه قالون؛ لجودة‬
‫قراءته‪ ،‬فإن قالون بلغة الروم معناه‪ :‬جيد‪ ،‬وإنما يكلمه بذلك؛ لأن قالون أصله من الروم‪،‬‬
‫كان جد جده عبد الله من سبي الروم من أيام عمر بن الخطاب ‪.‬‬
‫ولد سنة عشرين ومائة‪ ،‬بالمدينة المنورة‪ ،‬وقرأ عن نافع سنة خمسين ومائة‪ ،‬قال‬
‫قالون‪ :‬قرأت على نافع قراءته غير مرة‪ ،‬وكتبتها في كتابي‪ ،‬وقال النقاش‪ :‬قيل لقالون كم‬
‫قرأت على نافع! قال ما لا أحصيه كثرة‪ ،‬إلا أني جالسته بعد الفراغ عشرين سنة‪ ،‬وقال‬
‫عثمان بن خرزاذ‪ :‬حدثنا قالون قال‪ :‬قال لي نافع‪ :‬كم تقرأ علي؟ اجلس إلى اسطوانة حتى‬
‫أرسل إليك من يقرأ‪.‬‬
‫كان قالون أصم لا يسمع البوق‪ ،‬فإذا قرأ عليه قارئ فإنه يسمعه‪ ،‬وقال ابن أبي‬
‫حاتم‪" :‬كان أصم يقرئ القرآن‪ ،‬و يفهم خطأهم ولحنهم بالشفة قال‪ :‬وسمعت علي بن‬
‫الحسين يقول‪ :‬كان عيسى بن مينا –قالون‪ -‬أصم شديد الصمم‪ ،‬فلو رفعت صوتك إلى‬
‫منتهاه لا يسمع‪ ،‬ول كن إذا قرئ عليه القرآن سمعه‪ ،‬وكان ينظر إلى شفتي القارئ‪ ،‬ويرد‬

‫عليه اللحن والخطأ(‪.)1‬‬


‫روى القراءة عنه إبراهيم بن محمد المدني‪ ،‬وأحمد بن صالح المصري‪ ،‬وأحمد بن يزيد‬
‫الحلواني‪ ،‬وإسماعيل بن إسحاق القاضي‪ ،‬وسالم بن هارون أبو سليمان‪ ،‬ومحمد بن هارون‬
‫المروزي وغيرهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار‪.131/1 ،‬‬

‫‪09‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫وله طر يقان مشهوران‪ ،‬مأخوذ بهما في عصرنا هذا‪ ،‬هما طر يق أبي نشيط عند‬
‫أهل المغرب العربي‪ ،‬وطر يق الحلواني عند أهل العراق والمشرق عامة‪ ،‬وسأخص هذين‬
‫الطر يقين بشيء من التفصيل فيما سيأتي‪.‬‬
‫طال عمره‪ ،‬وذاع صيته‪ ،‬وعلا إسناده‪ ،‬فقد لازم شيخه نافعا بعد الفراغ نحو‬
‫عشرين سنة‪ ،‬كما مر‪ ،‬وتوفي ‪-‬رحمه الله‪ -‬سنة عشرين ومائتين(‪.)1‬‬
‫بيان طر يقي الإمام قالون‪:‬‬
‫الأول‪ :‬طر يق الحلواني‪ :‬الحلواني هو أحمد بن يزيد بن ازداذ‪ ،‬و يقال‪ :‬يزداذ‬
‫الصفار‪ ،‬الأستاذ أبو الحسن الحلواني‪ ،‬قال الداني‪ :‬يعرف ب (ازداذ) إمام كبير‪ ،‬عارف‪،‬‬
‫صدوق‪ ،‬متقن‪ ،‬ضابط‪ ،‬خصوصا في روايتي قالون وهشام‪ ،‬قرأ بمكة على أحمد بن محمد‬
‫القواس‪ ،‬وبالمدينة على قالون رحل إليه مرتين‪ ،‬وطر يقه تجمع تسعة وأربعين طر يقا‪ .‬توفي‬
‫سنة نيف وخمسين ومئتين للهجرة(‪.)2‬‬
‫الثاني‪ :‬طر يق أبي نشيط‪ :‬أبو نشيط هو محمد بن هارون أبو جعفر الربعي الحربي‬
‫البغدادي‪ ،‬و يقال المروزي يعرف ب (أبي نشيط) مقرئ جليل‪ ،‬ضابط‪ ،‬مشهور‪ ،‬أخذ‬
‫القراءة عرضا عن قالون‪ ،‬وسمع روح ابن عبادة ومحمد بن يوسف الفر يابي‪ ،‬روى القراءة‬
‫عنه عرضا أبو حسان أحمد بن محمد بن الأشعث‪ ،‬وعنه انتشرت روايته أداء عن قالون‪،‬‬
‫وهي الطر يقة التي في جميع كتب القراءات‪ .‬قال ابن أبي حاتم صدوق‪ ،‬سمعت منه مع‬
‫أبي ببغداد‪ ،‬قلت وسمع منه أبوه‪ ،‬وأثنى عليه‪ ،‬ومحمد بن المؤمل الناقد وجماعة‪ ،‬وكان ثقة‪.‬‬
‫قال عنه ابن حجر‪ :‬أبو نشيط القارئ المشهور‪ ،‬قرأ على قالون‪ ،‬وقرأ عليه أبو حسان‬
‫أحمد بن محمد ابن أبى الأشعث‪ ،‬وعلى روايته اعتمد الداني في التيسير‪ ،‬ووهم في تاريخ‬
‫وفاته‪ ،‬فقال مات سنة ثلاث وستين‪ .‬وقال ابن حبان في الثقات‪ ،‬وقال عنه الذهبي‪ :‬أبو‬
‫نشيط محمد بن هارون‪ ،‬الإمام المقرئ المجود الحافظ الثقة(‪ ،)3‬وطر يقه تجمع أربعا‬
‫وثلاثين طر يقا‪ .‬توفي سنة‪ :‬ثمان وخمسين ومائتين(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬غاية النهاية في طبقات القراء‪ ،122/2 ،‬والسراج المنير‪00/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬السابق‪ ،103/1 :‬وكشف الضياء‪ ،112 ،‬والنشر في القراءات العشر‪.111/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬تهذيب ال كمال‪ ،10/33 ،‬وسير أعلام النبلاء‪ ،320/12 ،‬وتاريخ دمشق‪ ،10/10 ،‬والجرح والتعديل‪،‬‬
‫‪ ،103/1‬وشذرات الذهب‪ ،330/0 ،‬والثقات‪ ،093/3 ،‬والمقتنى في سرد ال كنى‪ ،110/2 ،‬ونزهة الألباب في‬
‫الألقاب‪ ،273/2 ،‬والنشر في القراءات العشر‪.133/1 ،‬‬
‫(‪ )4‬السابق‪ ،002/2 ،‬والسبعة‪.33 ،‬‬

‫‪00‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫ترجمة الإمام نافع المدني‪:‬‬


‫هو أبو عبد الرحْمن نافع بن عبد الرحْمن بن أبي نعيم‪ ،‬مولى جعونة بن شعوب‬
‫اللي ْثي‪ ،‬حليف حم ْزة بن عبد الْمطلب‪ .‬و يعد الإمام نافع من رجال الطبقة الثانية‪ ،‬فقد‬
‫لقي أبا الطفيل عامر بن واثلة‪ ،‬وعبد الرحمن بن أنيس‪ ،‬صحابي رسول الله ‪.)1(‬‬
‫كان عالما بوجوه ال ْقراءات‪ ،‬متبعا لآثار الْأَ ئمة الماضين ببلده‪ ،‬أَ خذ ال ْقراءة عن‬
‫جماعة من التابعين‪ ،‬منْهم ‪ :‬عبد الرحْمن بن هر ْمز ا ْل َأعْرج‪ ،‬وكان عبد الرحْمن قد قرأَ على‬
‫أبي هر ي ْرة واب ْن عباس رضي الله تعالى عنْهم‪ ،‬وكان من الضبط في مكان عظيم‪ ،‬روى‬
‫عنه المسيبي أنه قال‪ :‬قرأت على سبعين من التابعين‪ ،‬فما اتفق عليه اثنان أخذت به‪ ،‬وما‬
‫شذ فيه واحد تركته‪ ،‬حتى أَ لفْت هذه القراءة‪ ،‬قال ابن مجاهد‪" :‬قال حدثنا عبيد بن‬
‫مي ْمون التبان قال‪ :‬قال لي هارون بن الْمسيب‪ :‬قراءة من تقْرأ؟ قال قلت له‪ :‬قراءة نافع‬
‫ابن أبي نعيم‪ ،‬قال فعلى من قرأَ نافع؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬أخبرنا نافع أَ نه قرأَ على الْأَ عْرج‪ ،‬وأَ ن‬
‫الْأَ عْرج قال‪ :‬قرأت على أبي هر ي ْرة رضي الله تعالى عنه‪ ،‬وقال أَ بو هر ي ْرة‪ :‬قرأت على أبي‬
‫ابن كعْب‪ ،‬وقال أبي‪ :‬عرض على رسول الله ‪ ‬ال ْقر ْآن"(‪.)2‬‬
‫وعلى قراءة نافع اجْ تمع الناس بال ْمدينة‪ ،‬ال ْعامة منْهم والخاصة‪ ،‬بل إن قراءته‬
‫عدت سنة‪ ،‬قال عبد الله ابن وهب تلميذ الإمام مالك‪" :‬قراءة أهل المدينة سنة" فقيل‬
‫له‪ :‬قراءة نافع؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫أخذ ال ْقراءة عنه سلي ْمان بن مسلم بن جماز ُّ‬
‫الزه ْري‪ ،‬و ِإسْماعيل بن جعْفر ب ْن أبي‬
‫كثير‪ ،‬وأَ خوه يعْقوب ابن جعْفر‪ ،‬و ِإ ْسحق بن محمد بن عبد الله الْمسيبي‪ ،‬و ِإسْماعيل وأَ بو بكر‬
‫اب ْنا أبي أويس‪ ،‬وعيسى بن مينا قالون‪ ،‬ومحمد بن عمر ال ْواقدي‪ ،‬وعبد الْملك بن قريب‬
‫الْأَ صْ معي‪ ،‬وعث ْمان بن سعيد الملقب بورش‪ ،‬وخارجة بن مصعب أَ بو الْ حجاج‪ ،‬وأَ بو‬
‫الْحارث شيخ لأبي عمارة‪ ،‬وسقلاب‪ ،‬وأَ ش ْهب ‪ ...‬و بعض هؤلاء أَ كثر رواية عنه من‬
‫بعض‪.‬‬
‫عاش ‪-‬رحمه الله‪ -‬عمرا طو يلا‪ ،‬أخذ على الناس القراءة في مسجد رسول الله ‪‬‬
‫في المدينة المنورة سنة خمس وتسعين‪ ،‬وأقرا فيها خمسا وسبعين سنة‪ ،‬روى عنه القراءة‬
‫خلق كثير من أبرزهم‪ :‬الإمامان‪ :‬قالون وورش‪.‬‬
‫وتوفي سنة‪ :‬تسع وستين ومائة للهجرة أيام الهادي بالله(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معرفة القراء الكبار‪.39/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬السبعة في القراءات‪.33 ،‬‬
‫(‪ )3‬غاية النهاية‪.320/1: ،‬‬

‫‪02‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫المبحث الأول‪ -‬بيان المقدم أداء في الأصول عند الإمام قالون‪ ،‬وتوجيهه‪:‬‬
‫الأصول جمع أصل‪ ،‬والأصل في اللغة‪ :‬ما يبنى عليه غيره‪ ،‬وأصل كل شيء ما‬
‫يستند وجود ذلك الشيء إليه(‪ .)1‬والمراد به عند القراء الخلاف الكلي المطرد‪ ،‬أو هي‬
‫أحكام كلية مطردة في جميع سور القرآن ال كريم‪ ،‬يجري كل حكم منها حيثما يتحقق‬
‫شرطه في الكلم القرآني‪ ،‬وتسمى هذه الأحكام ب "الأصول"‪ ،‬مثل‪ :‬المد والقصر‪ ،‬والإظهار‬
‫والإدغام‪ ،‬والفتح والإمالة ونحو ذلك‪.‬‬
‫ولقد تعود القراء على تقديم أحكام الأصول على الفرش؛ لعمومها وشمولها بخلاف‬
‫الفرش‪.‬‬
‫قال ابن الناظم في شرحه لطيبة النشر‪" :‬وإنما أطلق أئمة القراء على الأبواب‬
‫أصولها؛ لأنها يكثر دورها و يطرد‪ ،‬ويدخل في حكم الواحد منها الجميع‪ ،‬وإذا ذكر فيها‬
‫حرف ولم يقيد يدخل تحته كل ما كان مثله‪ ،‬بخلاف الفرش‪ ،‬فإنه إذا ذكر فيه حرف‬
‫فإنه لا يتعدى أول حرف من تلك السورة إلا بدليل أو إشارة أو نحو ذلك"(‪.)2‬‬
‫وها أنا ذا في هذا المبحث أذكر أولا الأوجه المقدمة أداء في باب الأصول عند‬
‫الإمام قالون عن نافع المدني في أربعة عشر مطلبا‪ ،‬هذا بيانها‪:‬‬
‫المطلب الأول‪ -‬ميم الجمع‪:‬‬
‫هي‪ :‬الميم الزائدة الدالة على جماعة المذكرين حقيقة أو تنز يلا‪ .‬نحو (عليهم) في قوله‬
‫تعالى‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين‪.)3(‬‬
‫أحوالها‪ :‬أ‪ /‬أن يكون ما بعدها ساكنا‪ ،‬وفي هذه الحال تحرك الميم بالضم على‬
‫الأصل‪ ،‬ومن القراء كأبي عمرو البصري من يكسرها إذا سبقت الميم بهاء فيكسرهما‬
‫معا‪.‬‬
‫ب‪ /‬أن يكون بعدها متحرك‪ ،‬وللقراء في ذلك مذاهب‪ ،‬ولقالون وجهان‪:‬‬
‫الإسكان‪ ،‬والصلة(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مادة (أ ص ل) تاج العروس‪.1331/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬شرح طيبة النشر في القراءات العشر‪.131 ،‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الطر يق المأمون إلى أصول رواية قالون‪ ،‬للمرصفي‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫(‪ )4‬التيسير‪ ،‬ص‪.112 :‬‬

‫‪02‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫جاء في السبعة‪" :‬واختلف عن نافع في الميم‪ ،‬فقال إسماعيل بن جعفر وابن جماز‬
‫وقالون والمسيبي الهاء مكسورة والميم مضمومة‪ ،‬أو منجزمة‪ ،‬أنت فيها مخ ير‪ ،‬وقال أحمد‬
‫ابن قالون عن أبيه‪ :‬كان نافع لا يعيب ضم الميم‪ ،‬فهذا يدل على أن قراءته كانت‬

‫بالإسكان‪ ،‬قال أحمد بن موسى‪ :‬والذي قرأت به الإسكان "(‪.)1‬‬


‫قال الإمام الشاطبي‪:‬‬
‫ن بتخ ْييره جلا‬
‫وصلْ ضم ميم ا ْلجم ْع قب ْل محرك *** (د)راكا وقالو ٌ‬
‫َّ‬
‫والمقدم في الأداء لقالون هو سكون الميم‪ ،‬وبه طبعت المصاحف في العالم‬
‫الإسلامي‪ ،‬مع أن الأصل في الميم الصلة‪ ،‬قال الإمام السخاوي‪" :‬والأصل في هذه الميم‬
‫الصلة بدليل ‪‬أنلزمكموها‪‬؛ لأن الواو في ‪‬عليهمو‪ ‬كالألف في ‪‬عليهما‪‬؛ لأن التثنية‬

‫والجمع يجر يان في الز يادة مجرى واحدا"(‪.)2‬‬


‫والإسكان والصلة وجهان صحيحان ثابتان عن قالون‪ ،‬ول كن وجه الإسكان أكثر‬

‫طرقا‪ ،‬ورواته أكثر من رواة الصلة(‪.)3‬‬


‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫يأتي وجه إسكان ميم الجمع المقدم أداء عند قالون طلبا للخفة؛ وذلك بحذف الواو‬

‫والضمة‪ ،‬مع ترك الأصل الذي هو إثبات الواو وضم الميم(‪.)4‬‬


‫ولابن خالو يه توجيه آخر‪ ،‬حيث يقول‪" :‬والْ حجة لمن أسكنها وحذف ال ْواو أَ ن ال ْواو‬
‫لما وقعت طرفا وقبلها حركة حذفها؛ إذ لم يمكنه قلبها ونابت الْميم عنْها؛ لأَ نها زائدة‪،‬‬

‫ولي ْس قو ْلك قاموا كقو ْلك عليهمو"(‪.)5‬‬


‫وبالجملة فإن إسكان الميم جاء لأمن اللبس‪ ،‬إذ كانت الألف في التثنية قد دلت‬
‫على الاثنين‪ ،‬ولا ميم في المفرد‪ ،‬فلما لزمت الميم الجمع حذفوا الواو‪ ،‬وأسكنوا الميم طلبا‬

‫(‪ )1‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪.103 :‬‬


‫(‪ )2‬فتح الوصيد في شرح القصيد‪ ،213/2 ،‬والنشر في القراءات العشر‪.372/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬السابق‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حجة القراءات‪ ،‬ابن زنجلة‪.31/1 ،‬‬
‫(‪ )5‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ابن خالو يه‪ ،‬ص‪.13 :‬‬

‫‪02‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫للتخفيف؛ إذ كان لا يشكل‪ ،‬فضلا عن أن اتصالها ملازم في جل أحوالها للضمائر‪،‬‬


‫والضمائر كثيرة في الكلام‪ ،‬فحذفت تل كم الواو طلبا للتخفيف‪.‬‬
‫واختيار قالون الإسكان والصلة في ميم الجمع هو أنه آثر الأثر من جهة‪ ،‬واختار‬
‫الجمع بين اللغتين من جهة أخرى‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ -‬القصر والاشباع في هاء الضمير‪ ،‬وذلك في موضع واحد في كلمة‬
‫‪‬يأته‪ ‬بسورة طه‪ :‬في قوله تعالى‪ :‬ومنْ يأْ ته مؤ ْمنا ق ْد عمل الصالحات ف ُّأولئك لهم‬
‫الدرجات ال ْعلى‪ ‬طه‪.70 :‬‬

‫حيث رواها بالوجهين‪ :‬القصر‪ ،‬والصلة‪ ،‬في هاء الكناية من قوله‪ :‬يأته‪.)1(‬‬
‫قال الإمام الشاطبي‪:‬‬
‫في ال ْكل قص ْر ال ْهاء (ب )اـن (ل )سانه *** بخل ْف وفي طه بوجْ هي ْن (ب ) جلا‬
‫ومعنى القصر‪ :‬اقتصاره على حركة الهاء دون أن يتولد منها ياء‪ ،‬ناتجة عن إشباع‬
‫حركة الهاء‪ ،‬وأما الصلة فبإثبات ياء بعدها‪ ،‬وتمد بمقدار حركتين‪.‬‬
‫والمقدم لقالون أداء وجه القصر‪ ،‬فهو المقدم عند الجمهور‪ ،‬وورد من نحو اثنين‬
‫وخمسين طر يقا من مجموع الطرق الثلاثة والثمانين‪ ،‬وكلا الوجهين صحيح عن قالون نصا‬

‫وأداء(‪.)2‬‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫وجه القصر هو أنه لغة لبعض العرب‪ ،‬كقبيلة قيس‪ ،‬فهم يحذفون حرف المد‬
‫الناشئ عن الصلة للتخفيف‪ ،‬وهو أفشى من الإسكان‪ ،‬ولأنه ضمير على حرف واحد‬
‫صحيح‪ ،‬فكان محركا غير مشبع كالتاء والكاف‪.‬‬
‫قال أبو شامة‪" :‬ووجه لغة القصر في المجزوم النظر إلى الحرف المحذوف قبل الهاء‬
‫للجزم؛ لأن حذفه عارض‪ ،‬ولو كان موجودا لم توصل الهاء لوجود الساكن قبلها على ما‬

‫(‪ )1‬إبراز المعاني‪ ،‬أبو شامة المقدسي‪ ،109/1 ،‬والإقناع في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.207 :‬‬
‫(‪ )2‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ابن الجزري‪.203/1 ،‬‬

‫‪02‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫تقرر‪ ،‬فهذا توجيه حسن لما جاءت القراءة به من القصر في المجزوم‪ ،‬ولم تأت في غيره؛‬

‫لفقد هذه العلة فيه"(‪.)1‬‬


‫وقد أخذت دور طباعة المصحف الشر يف في العالم الإسلامي بهذا الوجه‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ -‬قصر المد المنفصل وتوسطه‪:‬‬
‫المد المنفصل‪ :‬هو ما وقع فيه حرف المد في آخر كلمة‪ ،‬والهمزة في أول الكلمة التي‬
‫تليها؛ نحو‪ :‬بما أنزل‪ ،‬وقالوا آمنا‪ ،‬في أنفسكم‪ ،‬وسمي بذلك لانفصال حرف المد عن‬

‫سببه(‪.)2‬‬

‫قرأ قالون المد المنفصل بالقصر والتوسط(‪.)3‬‬


‫والمقدم في الأداء هو القصر‪ :‬قال ابن القاصح‪" :‬وإذا قرأ القارئ على المقرئ نحو‬
‫قراءة قالون والدوري عن أبي عمرو‪ ،‬فالأولى أن يقدم القصر‪ ،‬ثم يأتي بالمد بعده؛‬

‫لسهولته"(‪.)4‬‬
‫والإمام الشاطبي في منظومته قدم وجه القصر على التوسط؛ ل كونه الأجود‪،‬‬
‫والمقدم عند قالون‪ ،‬حيث يقول رحمه الله‪:‬‬
‫بخل ْفهما يرْو يك درا ومخ ْضلا‬ ‫ف ِإ ْن ين ْفصلْ فال ْقص ْر بادرْه طالبا‬
‫كذلك فإن وجه القصر ورد من طرق كثيرة تفوق طرق التوسط‪ ،‬وقد بلغت‬

‫قرابة الخمسين طر يقا‪ ،‬في حين لم تتجاوز طرق التوسط الخمسة طرق(‪.)5‬‬
‫وز يادة على ذلك فإنني أرى أنه لما خص هذا الفعل من دون الأفعال الثمانية‬
‫الأخرى بوقوع ما بعد هاء الضمير مضموما خصه قالون بجواز الوجهين‪ ،‬فكان وجه‬
‫القصر حملا على أخواته‪ ،‬وكان وجه الصلة من قبيل الاستعانة على الخروج من ال كسر‬
‫إلى الضم‪ ،‬مبالغة في تقو ية حركة الهاء بالياء أمام أقوى الحركات‪ ،‬التي هي الضمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬إبراز المعاني من حرز الأماني‪ ،‬لأبي شامة‪.133/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬السابق‪.‬‬
‫(‪)3‬الإقناع في القراءات السبع‪.227 ،‬‬
‫(‪ )4‬سراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫(‪ )5‬إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر‪ ،‬ص‪.30 :‬‬

‫‪02‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫القصر هو الأصل‪ ،‬ولو قدر الوقف على الكلمة الأولى التي فيها حرف المد لذهب‬
‫سبب المد‪ ،‬وعاد الحرف إلى أصله‪ ،‬كما أنهم أرادوا الفرق بين ما المدة فيه لازمة‪ ،‬لا‬
‫تزول بحال‪ ،‬وما هي فيه عارضة قد تزول في بعض الأحوال‪ ،‬نحو‪ :‬بما أنزل إليك‪‬؛‬
‫فإنها تزول عند الوقف‪ ،‬والتي لا تزول نحو‪ :‬دعاء ونداء وبناء وسماء‪ ،‬فجعلوا ذلك فرقا‬
‫بينهما؛ ولذلك فإن أغلب المصاحف على رواية قالون عن نافع المدني ضبطت على وجه‬
‫القصر‪ ،‬تمسكا بالأصل‪.‬‬
‫قال الفارسي‪" :‬والْ حجة لمن قصر أَ نه أَ تى بال ْكلام على أَ صله؛ لأَن الحرفين من‬

‫كلمتي ْن‪ ،‬فكأَ ن ال ْوق ْف منوي عن ْد تمام الْحر ْف"(‪.)1‬‬


‫ومما يقع توجيها لتقديم وجه القصر ما في القصر من الفرق بين المقصور والممدود‪،‬‬
‫ففي نحو‪( :‬الهوى إن هو إلا وحي يوحي)؛ لأن (الهوى) إذا لقي الهمز‪ ،‬ومددته اشتبه‬
‫بالهواء الممدود‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ -‬الإدخال وعدمه في موضع واحد وهو قوله تعالى‪  :‬‬
‫الزخرف‪:19 :‬‬
‫حيث قرأ قالون عن نافع بتسهيل الهمزة الثانية‪ ،‬وله الإدخال وعدمه في هذا‬
‫الموضع دون ما ناظره‪.‬‬
‫قال الإمام الداني‪ ..." :‬وقالون من رواية أبي نشيط بخلاف عنه يدْخل قبلها ال ْفا‬

‫والشين ساكنة"(‪.)2‬‬
‫وكلا الوجهين أعني‪ :‬الإدخال وعدمه‪ ،‬وارد عن قالون‪ ،‬صحيح عنه نصا وأداء‪.‬‬
‫وقال أبو شامة في شرحه إبراز المعاني‪" :‬وقد ذكر الخلاف لقالون ابن الفحام في‬

‫تجريده"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.13 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬التيسير في القراءات السبع‪.191 ،‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح الشاطبية إبراز المعاني من حرز الأماني‪.191/1 ،‬‬

‫‪02‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫ووجه التسهيل مع الإدخال هو المقدم‪ ،‬وعليه أكثر أهل الأداء‪ ،‬وهو من قراءة‬
‫الداني على شيخه أبي الفتح‪.‬‬

‫قال ابن الجزري‪" :‬وا ْلجم ْهور منْ أَ ه ْل الْأَ داء على ال ْفصْ ل من الطر يقي ْن"(‪.)1‬‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫وجه تقديم الإدخال عند قالون أنه لما كان حرف الهمزة ثقيلا‪ ،‬وهو منفرد؛‬
‫خففه بعض القراء حال اجتماعه بهمزة أخرى‪ ،‬فهو أكثر استثقالا‪ ،‬ونزع قالون إلى‬
‫تخفيف الهمزة الثانية بتسهيلها بين بين؛ فرارا من التقاء ساكنين‪ ،‬إلا أنه ثمة استثقال باق‬
‫مع التخفيف؛ إذ المخففة بزنتها محققة‪ ،‬ومبالغة منه في التخفيف أدخل ألفا بين الهمزتين‪.‬‬
‫قال مكي‪" :‬فالاستثقال في القياس مع التخفيف باق؛ ولذلك قرئ بإدخال ألف بين‬

‫الهمزتين مع تخفيف الثانية"(‪.)2‬‬


‫وقد قامت أكثر المصاحف بتقديم وجه الإدخال على غيره‪ ،‬كما هو الشأن في‬
‫المصاحف المطبوعة في ليبيا‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ -‬تسهيل الهمزة الأولى أو إبدالها واوا‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪ِ  :‬إن‬
‫النفْس لأَمارة ٌ ب ُّ‬
‫السو ِإلا ما رحم ر بي‪ ‬يوسف‪.33 :‬‬
‫خفف قالون الهمزة الأولى في كل همزتين جاءتا من كلمتين متفقتين في الشكل‬
‫بال كسر أو بالضم بتسهيل الهمزة الأولى بين بين‪ ،‬مع المد والقصر‪ ،‬وله في هذا الموضع –‬
‫خاصة‪ -‬وجه آخر‪ ،‬وهو إبدال الهمزة الأولى واوا‪ ،‬ثم إدغام الواو التي قبلها فيها‪ ،‬فيصير‬

‫النطق بواو واحدة مشددة بعده همزة مكسورة(‪.)3‬‬


‫والوجه المقدم أداء هو الإبدال والإدغام‪ ،‬وقد قدمه الإمام الشاطبي في حرزه‪،‬‬
‫ولم يذكر الإمام الداني وجها غيره‪ ،‬وعليه كثير من المحققين‪.‬‬
‫قال الإمام الشاطبي‪:‬‬
‫وقالون وال ْبز ُّي في ال ْفت ْح وافقا ‪ ...‬وفي غي ْره كال ْيا وكال ْواو سهلا‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬النشر في القراءات العشر‪.373/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬ال كشف‪.73/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬إبراز المعاني من حرز الأماني في القراءات السبع‪.102/1 ،‬‬

‫‪01‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫ف عنْهما لي ْس مقْفلا‬ ‫و ب ُّ‬
‫السوء ِإلا أَ ب ْدلا ثم أَ دْغما ‪ ...‬وفيه خلا ٌ‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫خالف قالون أصله‪ ،‬فعدل عن تسهيل همزة ‪‬السوء‪ ‬بين بين إلى الإبدال‬
‫والإدغام؛ حيث أبدل الهمزة واوا‪ ،‬وأدغمها في الواو التي قبلها‪ ،‬وهذا الوجه هو المقدم‬
‫للإمام قالون‪ ،‬وعلل مكي تخفيف الهمزة الأولى بإبدالها واوا ثم إدغام الواو في الواو‪،‬‬
‫وتحقيق الثانية بأنه‪" :‬لما كانت الهمزة الثانية لابد لها من التحقيق في الابتداء‪ ،‬أجرى‬
‫الوصل على ذلك فحققها‪ ،‬فوجب تخفيف الأولى‪ ،‬إذ قد حصل التحقيق للثانية‪ ،‬وأيضا‬
‫فإنه لما كان بالثانية يقع التكرير والاستثقال خفف الأولى ليزول لفظ التكرير والاستثقال‬

‫عن الثانية"(‪.)2‬‬
‫ث أَ ْو‬
‫المطلب السادس‪ -‬الإدغام أو الإظهار في قوله تعالى‪ِ  :‬إ ْن تح ْملْ علي ْه يل ْه ْ‬
‫تت ْركْه يل ْهث ذلك‪ ‬الأعراف‪.171 :‬‬

‫لقالون الوجهان‪ :‬الإظهار والإدغام في ‪‬يلهث ذلك‪.)3(‬‬


‫قال ولي الله الشاطبي‪:‬‬
‫ث له دار جهلا‬
‫وفي ارْكب هدى بر قر يب بخل ْفه ْم ‪ ...‬كما ضاع جا يل ْه ْ‬
‫وقالون ذو خل ْف‪)4( ............‬‬

‫والمقدم أداء هو وجه الإدغام؛ للتجانس بين الثاء والذال‪ ،‬بل ذهب بعضهم إلى‬
‫منع الإظهار‪ ،‬والإجماع على الإدغام‪ ،‬حكى ذلك أَ بو بك ْر ب ْن مه ْران‪ ،‬قال ابن الجزري‪:‬‬
‫"ف ِإن الذي يقْتضيه النظر و يص ُّح في الاعْتبار هو ال ِْإدْغام لو ْلا صحة ال ِْإظْ هار عنْه ْم عن ْدي‬
‫ل ْم آخ ْذ له ْم ولا لغي ْره ْم بغي ْر ال ِْإدْغام‪ ،‬وذلك أَ ن الْحر ْفي ْن ِإذا كانا منْ مخ ْرج واحد‬

‫(‪ )1‬حرز الأماني ووجه التهاني‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬البيت رقم‪.203 -200 :‬‬
‫(‪ )2‬ال كشف‪.130/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬التيسير في القراءات السبع‪.00 ،‬‬
‫(‪ )4‬حرز الأماني ووجه التهاني‪ ،‬البيت رقم‪.233 -230 :‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫وسكن الْأَ ول منْهما يجب ال ِْإدْغام ما ل ْم يم ْنعْ مانعٌ‪ ،‬ولا مانع هنا‪ ...‬وق ْد حكى ا ْل ُّأسْ تاذ‬

‫أَ بو بك ْر ب ْن مه ْران(‪ )1‬ال ِْإجْماع على ِإدْغامه"(‪.)2‬‬


‫وأرى أن الاجماع على الإدغام لا يعني منع الإظهار‪ ،‬والدليل قول الإمام‬
‫الصفاقسي‪" :‬والإدغام فيه أصح وأقيس‪ ،...‬ولم يأخذ فيه بعض أهل الأداء إلا بالإدغام‬

‫للجميع"(‪.)3‬‬
‫فكلمتا‪( :‬أصح وأقيس) يستشف منهما أن الإظهار صحيحٌ‪.‬‬
‫التوجيه الصوتي‪ :‬وجه الإدغام أن الذال أقوى من الثاء بكثير؛ لأن الذال‬
‫مجهورة‪ ،‬والثاء مهموسة رخوة‪ ،‬فحسن انتقال الأول من هذا الضعف إلى القوة بسبب‬
‫الإدغام وهذا أمر حسن محمود في لغة العرب‪ ،‬بخلاف الأمر لو كان معكوسا‪.‬‬
‫المطلب السابع‪ -‬الفتح والإسكان في ياء الإضافة‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪ :‬ولئ ْن‬
‫رجعْت ِإلى ر بي ِإن لي عن ْده للْحسْنى‪ ‬الزخرف‪.09:‬‬
‫حيث قرأ قالون ياء ‪‬ربي‪ ‬بالفتح والإسكان‪ ،‬والوجهان صحيحان مرو يان بسند‬
‫صحيح‪.‬‬
‫قال الإمام الداني‪" :‬وقرأتها على أبي الفتح في رواية قالون من طر يق الحلواني‬

‫والشحام وأبي نشيط بالوجهين"(‪.)4‬‬


‫ت‪ -‬فه ْم فيها على ُّأصوله ْم‪ِ ،‬إلا‬
‫وقال ابن الجزري‪" :‬وأَ ما ‪ِ ‬إلى ر بي ِإن‪- ‬في فصل ْ‬

‫أَ نه اخْ تلف فيها عنْ قالون"(‪.)5‬‬


‫والمقدم أداء هو الفتح؛ ل كثرة من أخذ به‪ ،‬ولشهرته‪ ،‬ولأنه الأقيس بمذهبه الذي‬
‫يأخذ بفتح الياء في مثل هذا النوع‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو الأستاذ المقرئ أبوبكر أحمد بن الحسين بن مهران‪ ،‬أصله من أصبهان‪ ،‬وسكن في نيسابور‪ ،‬ومات بها سنة‬
‫(‪331‬ه ) صنف عدة كتب في القراءات والتجويد من أهمها‪ :‬الغاية في القراءات العشر‪ ،‬والمبسوط‪ ،‬وكتاب الشامل في‬
‫القراءات وغيرها‪ .‬ينظر‪ :‬غاية النهاية في طبقات القراء‪ ،09/1 ،‬وال كشف للإمام مكي القيسي‪.33/1 ،‬‬
‫(‪ )2‬النشر في القراءات العشر‪.13/2 ،‬‬
‫(‪ )3‬غيث النفع في القراءات السبع‪.213 ،‬‬
‫(‪ )4‬جامع البيان‪.710 ،‬‬
‫(‪ )5‬النشر في القراءات العشر‪.119/2 ،‬‬

‫‪29‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫قال المحقق ابن الجزري‪" :‬وال ْوجْ هان صحيحان عنْ قالون قرأْ ت بهما‪ ،‬و بهما آخذ‬

‫غي ْر أَ ن ال ْفت ْح أَ ش ْهر‪ ،‬وأَ كْ ثر وأقيس بمذْهبه والله أَ ع ْلم"(‪.)1‬‬


‫التوجيه الصوتي‪ :‬ياء الإضافة زائدة باتفاق‪ ،‬وهي اسم المضاف إليه‪ ،‬واختلفت‬
‫كلمة اللغو يين فيها‪ ،‬هل الأصل فيها الحركة أو السكون؟ فقال الرضي‪" :‬اختلف في ياء‬
‫المتكلم‪ ،‬فقال بعضهم أصلها الفتح؛ لأن واضع المفردات ينظر إلى الكلمة حال إفرادها‬
‫دون تركيبها‪ ،‬فكل كلمة على حرف واحد كواو العطف وفائه‪ ،‬وباء الجر ولامه‪ ،‬و ياء‬
‫المتكلم أصلها الحركة؛ لئلا يبتدأ بالساكن‪ ،‬وأصل حركتها الفتح؛ لأن الواحد ‪-‬ولا سيما‬
‫حرف العلة‪ -‬ضعيف‪ ،‬لا يحتمل الحركة الثقيلة من الضمة وال كسرة‪ ،‬وقال بعضهم‪:‬‬

‫أصلها الإسكان‪ ،‬وهو أولى؛ لأن السكون هو الأصل"(‪ ،)2‬وقيل‪ :‬كلاهما أصل‪.‬‬
‫وبالجملة فإنه قد استغني عنها بحركة ما قبلها حال اجتزائها في نحو قوله تعالى‪ :‬يا‬
‫عباد فاتقون‪‬‬
‫يقول مكي‪" :‬والفتح فيها أقوى وأفصح؛ لأنه الأصل‪ ،‬ولخفة الفتحة؛ ولأن‬
‫العرب تأتي بهاء السكت بعد ياء الإضافة؛ لتثبيت حركتها في الوقف‪ ،‬فإذا كانوا‬

‫يحرصون على بقاء الحركة في الوقف فثباتها في الوصل آكد"(‪.)3‬‬


‫وكان الإمام السخاوي تلميذ الإمام الشاطبي قد ذكر في الاحتجاج لمن فتح الياء‬
‫في موضع‪ ،‬وأسكنها في موضع مثله أنه أتبع الأثر‪ ،‬مع ما فيه من جمع بين اللغتين‪،‬‬

‫والتنبيه على فصاحتهما(‪.)4‬‬


‫وبذلك يتضح قوة الوجه المقدم للإمام قالون وهو الفتح من حيث اللغة‪ ،‬بعد أن‬
‫قوي رواية وأثرا‪.‬‬

‫(‪ )1‬السابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح الرضي على الكافية‪.339/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬ال كشف‪.370/1 ،‬‬
‫(‪ )4‬فتح الوصيد في شرح القصيد‪.307/2 ،‬‬

‫‪20‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫المطلب الثامن‪ -‬حذف الياء الزائدة أو إثباتها‪ ،‬وذلك في كلمتي ‪‬الداع – دعان‪‬‬
‫البقرة‪:133:‬‬
‫ورد عن قالون حذفهما في الحالين‪ ،‬وإثباتهما في حالة الوصل‪ ،‬وحذفهما في حالة‬
‫الوقف‪ ،‬والوجهان صحيحان مقروء بهما لقالون‪.‬‬
‫قال ابن الجزري‪" :‬وقطع بعْضه ْم له أي‪- :‬قالون‪ -‬بال ِْإث ْبات في ‪‬الداع ‪ ‬والْحذْف‬
‫في ‪‬دعان‪ ‬وهو الذي في (ال ْكفاية) في الست‪ ،‬و(الْجامع) لاب ْن فارس و(ال ْمسْتنير)‪،‬‬
‫و(التجْ ر يد)‪ ،‬منْ طر يق أَ بي نشيط‪ ،‬وفي (ال ْمبْهج) منْ طر يق اب ْن بويان عنْ أَ بي نشيط‪،‬‬
‫وعكس آخرون فقطعوا له بالْحذْف في ‪‬الداع ‪ ،‬وال ِْإث ْبات في ‪‬دعان‪ ‬وهو الذي في‬
‫(التجْ ر يد) منْ طر يق الْحل ْواني‪ ،‬وهي طر يق أَ بي عو ْن‪ ،‬و به قطع أَ ي ْضا صاحب‬

‫(ال ْعن ْوان)"(‪.)1‬‬


‫والوجه المقدم أداء هو وجه حذف الياء من الكلمتين؛ ل كثرة من قال به‬
‫وشهرته عن الوجه الآخر وجه الإثبات‪ .‬يقول صاحب الإقناع‪" :‬واختلف عن قالون في‬
‫أربع‪ :‬اثنتان في النصف الأول وهما ‪‬الداع ِإذا دعان‪ ‬البقرة‪ ،131 :‬واثنتان في النصف‬

‫الثاني وهما ‪‬التلاق‪ ،‬و‪‬التناد‪ ‬غافر‪ ،32 ،13 :‬والمشهور عنه حذفها"(‪.)2‬‬
‫و يقول ابن الجزري‪" :‬وال ْوجْ هان صحيحان عنْ قالون‪ِ ،‬إلا أَ ن الْحذْف أَ كْ ثر‬

‫وأَ ش ْهر"(‪.)3‬‬
‫التوجيه اللغوي‪ :‬وحجة قالون في حذف الياء من هاتين الكلمتين استخفافا‪ ،‬واتباعا‬
‫لخط المصحف العثماني‪ ،‬فلما لم تثبت الياء في الخط حذفها في الوقف اتباعا للخط‪،‬‬
‫واجتزأ بال كسرة عن الياء‪ ،‬والاجتزاء لغة هديل‪ ،‬وقد حكى سيبو يه والخليل أن العرب‬
‫تقول‪ :‬لا أدر‪ ،‬فتحذف الياء‪ ،‬وتج تزئ بال كسرة‪ ،‬قال عنها مكي‪" :‬هي لغة للعرب‬

‫مشهورة‪ ،‬فيها الحذف لهذه الياءات"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬النشر في القراءات العشر‪.133/2 ،‬‬


‫(‪ )2‬الإقناع في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.271 :‬‬
‫(‪ )3‬النشر في القراءات العشر‪.133/2 ،‬‬
‫(‪ )4‬تفسير القرطبي‪.97/9 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫وأنشد سيبو يه‪:‬‬

‫محمد تفد نفسك ك ُّل نفس ‪ ...‬إذا ما خفت من شيء تبالا(‪.)1‬‬


‫والشاهد في البيت هو مجيء ( تفد) فعلا مضارعا‪ ،‬لم يتقدمه في اللفظ جازم‪،‬‬
‫ول كنه جاء على صورة المجزوم‪ ،‬ولم يسبق بأداة نصب؛ لأن المضارع المسبوق بأداة من‬
‫أدوات النصب ينصب‪ ،‬وتكون علامة نصبه الفتحة الظاهرة على الياء لخفتها‪.‬‬
‫المطلب التاسع‪ -‬الفتح أو التقليل في كلمة ‪‬التوراة‪ ‬في جميع القرآن ال كريم‪:‬‬

‫للإمام قالون الفتح والتقليل في كلمة ‪‬التوراة‪ ‬أينما وقعت في القرآن ال كريم(‪.)2‬‬
‫قال الإمام الشاطبي‪:‬‬
‫ضجاعك التو ْراة ما رد حسْنه ‪ ...‬وقلل في جو ْد و بالْخل ْف بللا(‪)3‬‬
‫و ِإ ْ‬
‫ووجه الفتح مقدم للإمام قالون أداء وضبطا‪ ،‬فهو طر يق أبي نشيط عن قالون‪،‬‬
‫رواها عنه العراقيون قاطبة وغيرهم‪ ،‬وبه قرأ الداني على أبي الفتح‪ ،‬وأورده في التيسير‪.‬‬
‫ووجه الفتح أكثر طرقا ورواية عن قالون‪ ،‬كما أنه موافق لأصل مذهبه الذي لم‬
‫ترد عنه الإمالة إلا نادرا‪.‬‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫للقراء العشرة في كلمة ‪‬التوراة‪ ‬في القرآن ال كريم ثلاثة مذاهب‪ ،‬فمنهم من قرأها‬
‫بالإمالة ال كبرى‪ ،‬ومنهم من قرأها بالتقليل‪ ،‬أو ما يسمى بين بين‪ ،‬ومنهم من قرأها‬
‫بالفتح‪ ،‬وحجة من قرأها بالفتح أَ نه أَ تى بال ْكلام على أَ صله‪ ،‬والْ حجة لمن أمال أَ نه دل بالإمالة‬
‫على ال ْياء المنقلبة‪ ،‬ومجيء الراء في ال ْكلمة؛ لأَ ن الأَصْ ل وور ية‪ ،‬وأبدلت ال ْواو الأولى تاء‬
‫والثانية ياء وقلب ال ْياء ألفا؛ لأَ نها مأْ خوذة من ورى الزند‪.‬‬
‫ومن قرأ بالتقليل أو ما يسمى بين بين وهو الإمام قالون في أحد وجهيه أَ تى‬

‫بأعدل اللفْظي ْن وقارب بين اللغتين(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكتاب‪ ،3/3 ،‬وإبراز المعاني من حرز الأماني‪ ،‬ص‪.307 :‬‬
‫(‪ )2‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ ،31 :‬و النشر في القراءات العشر‪ ،11/2 ،‬وإتحاف فضلاء البشر‪.219/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬حرز الأماني ووجه التهاني‪ ،‬البيت رقم‪.301 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬لابن خالو يه‪ ،‬ص‪.101 :‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫قال ابن أبي مريم‪" :‬أما التوراة فلأنها إما أن تكون تفعلة من ورى الزند‪ ،‬أو فوعلة‬
‫وأصلها وور ية‪ ،‬فإذا كانت من تفعلة فأصله تور ية‪ ،‬فأبدلت من كسرة الراء فتحة‪،‬‬
‫فانقلبت الياء ألفا‪ ،‬فقيل‪ :‬توراة‪ ،‬كما قالوا في ناصية ناصاة‪ ،‬فالراء وإن كانت مفتوحة‬
‫الآن فإنها في نية ال كسرة؛ لأن الأصل فيها ال كسر‪ ،‬والراء المكسورة تقوي جانب‬
‫الإمالة وتغلبه‪ ،‬وإن كانت التوراة فوعلة فأصلها وور ية‪ ،‬فانقلبت الياء ألفا لتحركها‬
‫وانفتاح ما قبلها‪ ،‬فالألف منقلبة عن الياء على ما ترى‪ ،‬فعلى هذا يكون السبب الجالب‬

‫للإمالة واحدا‪ ،‬ل كنه سبب قوي يغلب فتحة الراء في جلب الإمالة "(‪.)1‬‬
‫وبالجملة فإن سبب اختلاف القراء في هذا اللفظ إنما هو بسبب اختلاف أصل‬
‫اشتقاق لفظ(التوراة) أهو من قولهم‪ :‬ورى الزند الذي يعني الضياء الذي يظهر عند‬
‫القدح‪ ،‬فكذلك التوراة ضياء ونور‪ ،‬أم أن لفظ التوراة من وريت في كلامي من‬
‫التور ية‪ ،‬وهي التعر يض والتلميح دون التصريح؛ لأن التوراة رموز وتلو يحات وإشارات؟‪.‬‬
‫فمن أمال تعامل مع أصل الكلمة‪ ،‬ومن فتح تعامل مع الحالة الآنية الموجودة‪ ،‬ولم‬
‫ينظر إلى الأصل‪ ،‬ومن قلل جمع بين الأصل وما آلت إليه الكلمة‪.‬‬
‫ومما وجهت به الإمالة في مذهب من أمال هذا اللفظ‪ ،‬شبه ألفه بألف التأنيث‪،‬‬
‫قال السمين الحلبي‪" :‬ووجه الإمالة إن قلنا بأن ألفها منقلبة عن ياء ظاهر‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬إنها‬
‫أعجمية لا اشتقاق لها فوجه الإمالة شبه ألفها لألف التأنيث من حيث وقوعها رابعة‪،‬‬

‫فسبب إمالتها إما الانقلاب‪ ،‬وإما شبه ألف التأنيث"(‪.)2‬‬


‫وبذلك يتضح أن الوجه المقدم أداء لقالون الذي هو الفتح إنما جاء على الأصل‪،‬‬
‫مع اعتماده على السند والأثر‪ ،‬فقوي هذا الوجه من الجهتين رواية ودراية‪ ،‬مع صحة‬
‫وجه التقليل عنه‪.‬‬

‫(‪ )1‬الموضح في وجوه القراءات وعللها‪ ،‬لابن أبي مريم‪.231/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الدر المصون‪.19/3 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫المطلب العاشر‪ -‬الوقف بإثبات الياء وحذفها في ‪‬آتاني الله‪ ‬النمل‪:63:‬‬


‫قرأ قالون بإثبات الياء الزائدة وفتحها وصلا في كلمة(آتاني)‪ ،‬واختلف عنه حال‬
‫الوقف بين الإثبات والحذف‪.‬‬
‫قال الإمام الشاطبي‪:‬‬
‫وفي النم ْل آتاني و يفْتح عنْ ُّأولي ‪ ...‬حمى وخلاف ال ْوق ْف بي ْن حلا علا(‪)1‬‬

‫ْص‬
‫قال ابن الجزري‪" :‬آتان الله‪ ‬أَ ث ْبتها مفْتوحة وصْ لا ال ْمدنيان‪ ،‬وأَ بو عم ْرو وحف ٌ‬
‫ْس‪ ،‬ووقف عليْها بالْياء يعْقوب‪ ،‬واخْ تلف عنْ أَ بي عم ْرو وقالون وقن ْبل‬
‫ورو ي ٌ‬

‫وحفْص"(‪.)2‬‬
‫والوجه المقدم أداء لقالون هو وجه الإثبات وقفا ل كثرة طرقه التي بلغت أربعا‬

‫وخمسين طر يقا من مجمل طرقه البالغة ثلاثا وثمانين طر يقا(‪.)3‬‬


‫ولم أعثر على نص يوجه تقديم وجه على آخر‪ ،‬إلا أن كثرة طرق الإثبات من‬
‫جهة‪ ،‬وطباعة المصاحف على وجه إثبات الياء وصلا من جهة أخرى‪ ،‬وموافقة الرسم‬
‫العثماني من جهة ثالثة‪ ،‬كلها قرائن اعتمدت عليها في ترجح تقديم هذا الوجه وجه‬
‫الإثبات على وجه الحذف‪.‬‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫الياءات الزوائد هي التي زادها القراء بحسب الرواية الصحيحة على ما رسم في‬
‫المصاحف العثمانية‪ ،‬واختلاف القراء فيها بين الإثبات والحذف‪ ،‬ووجه قالون المقدم‬
‫أداء الذي هو بإثباتها وصلا هو أنه جاء بها على الأصل‪ ،‬ومراعاة لرسم المصحف‪ ،‬كما‬
‫أنها لغة أهل الحجاز‪.‬‬
‫قال مكي‪" :‬ووجه قراءة من أثبتها في الوقف والوصل أنه اتى بها على أصلها‪،‬‬
‫ووفق بين الوصل والوقف‪ ،‬واستسهل ذلك في الياء؛ لأن حروف المد واللين تحذف من‬
‫الخط في أكثر المصاحف‪ ،‬وتقرأ بالإثبات في الوصل والوقف إجماع نحو‪ :‬إبراهيم‬

‫(‪ )1‬حرز الأماني ووجه التهاني‪ ،‬البيت رقم‪.029 :‬‬


‫(‪ )2‬اختلاف وجوه طرق النشر‪ ،‬ص‪.320 :‬‬
‫(‪ )3‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬لابن الجزري‪.300/2 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫وإسماعيل وإسحاق ‪ ...‬فأجرى الياء مجرى الألف‪ ،‬فأثبتها في الوصل والوقف‪ ،‬وإن كانت‬

‫محذوفة في الخط"(‪.)1‬‬
‫المطلب الحادي عشر‪ :‬الهمزتان المختلفتان من كلمتين‪ ،‬المضمومة الأولى المكسورة‬
‫الثانية‪:‬‬
‫في هذا النوع قرأ قالون بتحقيق الهمزة الأولى وبإبدال الثانية واوا محضة‪ ،‬وعليه‬
‫جمهور المتقدمين وهو الأقيس‪ ،‬أو بتسهيلها بين بين؛ أي بين الهمزة والياء‪ ،‬وهو الآثر‪،‬‬
‫وعليه جمهور المتأخرين‪.‬‬
‫ونقل أبو شامة عن الإمام الداني قوله‪" :‬المكسورة المضموم ما قبلها تسهل على‬
‫وجهين تبدل واوا مكسورة على حركة ما قبلها‪ ،‬وتجعل بين الهمزة والياء على حركتها‪،‬‬

‫والأول مذهب القراء وهو آثر‪ ،‬والثاني مذهب النحو يين وهو أقيس"(‪ )2‬والوجهان‬
‫صحيحان مقروء بهما للإمام قالون‪.‬‬
‫قال الإمام الشاطبي‬
‫ونو ْعان منْها ُّأب ْدلا منْهما وقلْ ‪ ...‬يشاء ِإلى كال ْياء أَ ق ْيس معْدلا‬
‫وعنْ أَ كْ ثر ال ْقراء تب ْدل واوها ‪ ...‬وكل بهمز الكل يبدا مفصلا (‪)3‬‬

‫والمقدم أداء هو الإبدال‪ ،‬قال ابن غلبون عنها‪" :‬وقد ذهب قوم كثير من المقرئين‬
‫إلى أن هذه الهمزة الملينة في هذا الضرب تجعل واوا مكسورة‪ ،‬وهو يجوز على مذهب‬

‫الأخفش"(‪.)4‬‬
‫ولم يذكر مكي في التبصرة ولا ابن الفحام في التجريد‪ ،‬ولا صاحب الروضة غير‬
‫الوجه الأقيس‪ ،‬وهو وجه الإبدال‪.‬‬

‫(‪ )1‬ال كشف‪.377/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬إبراز المعاني من حرز الأماني في القراءات السبع‪.101 /1 ،‬‬
‫(‪ )3‬حرز الأماني ووجه التهاني‪ ،‬البيت رقم ‪.212 -211‬‬
‫(‪ )4‬التذكرة في القراءات الثمان‪.119/1 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫الحجة في تخفيف قالون الهمزة الثانية بإبدالها هو استثقال وجود همزتين متلاصقتين‬
‫في اللفظ‪ ،‬وإن كانا في التقدير منفصلتين؛ لأن الأولى في نية الانفصال؛ فهي في كلمة‬

‫مستقلة بذاتها‪ ،‬ولأنها داخلة على الهمزة الثانية قبل أن لم تكن(‪ )1‬والهمز حرف جلد‪،‬‬
‫بعيد المخرج‪ ،‬صعب على اللافظ به؛ لذلك أبدلت الهمزة الثانية واوا محضة‪ ،‬ثم أدغمت في‬
‫الواو‪ ،‬وهو الأقيس في لغة العرب‪ ،‬وإن كان التسهيل بين بين هو الآثر قراءة‪ ،‬ولا شك‬
‫أن القراءة بإبدال الهمزة الثانية واوا محضة أسهل على اللسان من القراءة بتسهيلها بين‬
‫بين‪ ،‬لأن في ذلك دقة وصعوبة‪ ،‬ولا يقدر عليه إلا العلماء العارفون والفهماء الحاذقون‪.‬‬
‫المطلب الثاني عشر‪ -‬إثبات الياء وحذفها وصلا من كلمتي ‪‬التلاق‪-‬التناد‪‬‬
‫بسورة غافر‪:‬‬
‫ذكر الإمام الشاطبي الخلاف لقالون في هاتين الكلمتين‪ ،‬وذلك في إثبات الياء‬
‫وحذفها وصلا‪.‬‬
‫حيث قال –رحمه الله‪ -‬في حرزه‪:‬‬

‫الت ‪ ...‬تنا درا باغيه بالْخل ْف جهلا(‪.)2‬‬


‫وفي المتعالي د ُّره والتلاق و ْ‬
‫ومعنى البيت‪ :‬أن ‪‬المتعالى‪ ‬في الرعد‪ ،‬و‪‬التلاق‪‬و‪‬التناد‪ ،‬في غافر أثبت الثلاثة‬

‫في الحالين ابن كثير وأثبت ورش وقالون بخلاف عنه ياء التلاق والتناد في الوصل(‪.)3‬‬
‫وما ذكره الإمام الشاطبي من خلاف لقالون في هاتين الكلمتين ليس من طر يقه‪،‬‬
‫بل هو من ز ياداته التي عرفت باسم (ز يادات القصيد)‪.‬‬
‫قال ابن الجزري عن هاتين الكلمتين (التلاق‪ -‬التناد)‪" :‬انفرد أبو الفتح فارس بن‬
‫أحمد من قراءته على عبد الباقي بن الحسن عن أصحابه عن قالون بالوجهين‪ :‬الحذف‬
‫والإثبات في الوقف‪ ،‬وتبعه في ذلك الداني من قراءته عليه‪ ،‬وأثبته في التيسير كذلك‪،‬‬

‫(‪ )1‬ال كشف‪.132/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬البيت رقم‪.033 :‬‬
‫(‪ )3‬إبراز المعاني من حرز الأماني‪ ،021/1 ،‬واللباب في علوم الكتاب‪.20/17 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫فذكر الوجهين جميعا عنه‪ ،‬وتبعه الشاطبي على ذلك وقد خالف عبد الباقي في هذين سائر‬

‫الناس"(‪.)1‬‬
‫والوجه المقدم لقالون هو الحذف؛ لأنه من رواية الجمهور عنه دون الإثبات؛‬
‫ولذلك قال ابن الجزري‪" :‬ولا أعلمه –الخلاف‪ -‬ورد من طر يق من الطرق عن أبي نشط‬

‫ولا الحلواني بل ولا عن قالون أيضا في طر يق إلا من طر يق أبي مروان عنه"(‪.)2‬‬


‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫حذف الياء يأتي اتباعا لرسم المصحف العثماني الذي جاءت فيه هاتان الكلمتان‬
‫من دون ياء في جميع نسخه‪.‬‬
‫واستسهل سيبو يه حذف الياء في الفواصل‪ ،‬والقوافي‪ ،‬ولأن «ألْ » تعاقب التنوين‪،‬‬

‫فحذفت معها الياء إجراء لها مجراها(‪.)3‬‬


‫والحاصل أن الإمام قالون في وجهه المقدم هنا أجْرى الفواصل مج ْرى القوافي‪،‬‬
‫وله نظائر منها‪ :‬الرسولا‪ ‬الأحزاب‪ 11 :‬السبيلا‪ ‬الأحزاب‪ 17 :‬الظنونا‪ ‬الأحزاب‪10:‬‬

‫و‪‬المتعال‪ ‬الرعد‪ 9:‬و ‪‬يس ْر‪ ‬الفجر‪.0:‬‬


‫وإنما فرق قالون بين حالتيْ الوقف والوصل؛ لأن الوقف م ُّحل استراحة‪.‬‬
‫ذكر الشيخ البقاعي معاني لطيفة وتعليلات جيدة لإثبات الياء وحذفها فقال‪:‬‬
‫"‪‬يوم التلاق‪ ‬أي الذي لا يستحق أن يوصف بالتلاقي على الحقيقة غيره ل كونه يلتقي‬
‫فيه الأولون والآخرون وأهل السموات والأرض ولا حيلة لأحد منهم في فراق غريمه‬
‫بغير فصل على وجه العدل‪ ،‬وإلى هذا المعنى أشارت قراءة ابن كثير بإثبات الياء في‬
‫الحالين وهو واضح جدا في إفراد حزبي الأسعدين والأخسرين‪ ،‬فإنه تلاق لا آخر له‪،‬‬
‫وأشارت قراءة الجمهور بالحذف في الحالين إلى تلاقي هذين الجزأين‪ :‬أحدهما بالآخر‪ ،‬فإنه‬
‫‪-‬والله أعلم‪ -‬قل ما يكون حتى يفترقا بالأمر بكل إلى داره‪ :‬الأسعدين بغير حساب‪،‬‬

‫(‪ )1‬النشر في القراءات العشر‪.213/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬السابق‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الكتاب لسيبو يه‪ ،133 -130/0 ،‬و الدر المصون في علوم الكتاب المكنون‪.23/7 ،‬‬

‫‪21‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫والأخسرين لا يقام لهم وزن‪ ،‬وأشار الإثبات في الموقف دون الوصل إلى الأمر‬

‫الوسط‪ ،‬وهي لمن بقي لقاءهم يمتد إلى حين القصاص لبعضهم من بعض"(‪.)1‬‬
‫المطلب الثالث عشر‪ -‬الإظهار والإدغام في التقاء النون والواو منْ ‪‬يس وال ْقر ْآن‬
‫الحكيم‪:‬‬
‫ذكر ابن الجزري الخلاف للإمام نافع بكماله هنا في أول سورة يس‪ ،‬فأثبت له‬
‫النون في ال ْواو منْ يس وال ْقر ْآن أَ دْغمها ال ْكسائ ُّي و يعْقوب‬
‫الإظهار والإدغام‪ ،‬يقول‪ُّ " :‬‬
‫ف وهشام ٌ‪ ،‬واخْ تلف عنْ نافع وعاصم وال ْبزي واب ْن ذكْ وان"‬
‫وخل ٌ‬
‫قال ابن الجزري‪" :‬وقطع الدان ُّي في جامعه بال ِْإدْغام منْ طر يق الْحل ْواني‪.‬‬

‫ح عنْ قالون من الطر يقي ْن"(‪.)2‬‬


‫و بال ِْإظْ هار منْ طر يق أَ بي نشيط‪ .‬وكلاهما صحي ٌ‬
‫ولم يذكر الإمام الشاطبي لقالون إلا الإظهار‪ ،‬حيث قال ‪ :‬و ياسين أظْ هر ْ عنْ فتى‬

‫حقه بدا ‪.)3(...‬‬


‫والوجه المقدم لقالون هو الإظهار ل كثرة طرقه‪ ،‬ول كونه جاء من طر يق التي ْسير‪،‬‬
‫وال ْكافي‪ ،‬وال ْهادي‪ ،‬والتب ْصرة‪ ،‬وال ْهداية‪ ،‬والتل ْخيص‪ ،‬والت ْذكرة‪ ،‬والشاطبية‪ ،‬وجم ْهور‬
‫ال ْمغار بة‪ ،‬وكلا الوجهين صحيح ومقروء بهما للإمام قالون‪.‬‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫وجه الإظهار هو أنه جاء على الأصل؛ لأن سبيل حروف الهجاء أن يوقف‬

‫عليها‪ ،‬ولذلك سكت الإمام أبو جعفر على كل حرف من حروف فواتح السور(‪.)4‬‬
‫وتناول السمين الحلبي هذه المسألة بالقول‪" :‬منْ أظهر فللمبالغة في تفكيك هذه‬

‫الحروف بعضها من بعض؛ لأنه بنية الوق ْف"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬نظم الدرر في تناسب الآيات والسور‪.293/7 ،‬‬

‫(‪ )2‬النشر في القراءات العشر‪.17/2 ،‬‬


‫(‪ )3‬حرز الأماني ووجه التهاني البيت رقم‪.231 :‬‬
‫(‪ )4‬تفسير القرطبي‪.3/13 ،‬‬
‫(‪ )5‬الدر المصون في علوم الكتاب المكنون‪ ،‬للسمين‪.03/9 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫المطلب الرابع عشر‪ -‬الإظهار والإدغام في قوله تعالى‪ :‬يابُن َّي ارْك ْ‬
‫ب معنا ولا‬
‫تكُنْ مع ال ْكافِرِين‪ ‬هود‪:24 :‬‬
‫قرأ قالون عن نافع بالإظهار والإدغام في ‪‬اركب معنا‪ ‬والوجهان صحيحان‪،‬‬
‫ومقروء بهما لقالون‪.‬‬
‫قال الشاطبي‪:‬‬
‫ث له دار جهلا(‪)1‬‬
‫وفي ارْكب هدى بر قر يب بخل ْفه ْم ‪ ...‬كما ضاع جا يل ْه ْ‬
‫وقال ابن الجزري‪" :‬اركب معنا‪ .‬في هود أدغمه أيضا أبو عمرو وال كسائي‬
‫و يعقوب‪ ،‬واختلف عن ابن كثير وعاصم وقالون وخلاد‪ ،...‬والوجهان عن قالون‬

‫صحيحان‪ ،‬وهما في التيسير والشاطبية والإعلان"(‪.)2‬‬


‫والوجه المقدم أداء لقالون هو الإدغام ل كثرة طرقه مقارنة بطرق الإظهار‪ ،‬جاء‬
‫في النشر‪" :‬وأما قالون فقطع له بالإدغام في التبصرة والهداية والكافي والتلخيص والهادي‬

‫والتجريد والتذكرة‪ ،‬وبه قرأ الداني على أبي الحسن"(‪.)3‬‬


‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫وحجة إدغام الباء في الميم هو اشتراكهما في المخرج من الشفتين‪ ،‬وكذلك عدم‬
‫إدغامهما في لام المعرفة‪ ،‬وقد ذكر مكي من الحجج ما يغني عن الز يادة‪ ،‬حيث قال‪" :‬وحجة‬
‫من أدغم أن الميم حرف قوي بالغنة التي فيها‪ ،‬والجهر والشدة اللذين فيها‪ ،‬فإذا أدغمت‬
‫فيها الباء نقلت الباء إلى حرف أقوى منها بكثير؛ لأنك تبدل من الباء عند الإدغام‬

‫ميما"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬البيت ‪.230‬‬


‫(‪ )2‬النشر في القراءات العشر‪ ،191/1 ،‬وإتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر‪ ،‬ص‪.03 :‬‬
‫(‪ )3‬الطر يق المأمون إلى أصول رواية قالون من طر يق الشاطبية‪ ،‬ص‪.133 :‬‬
‫(‪ )4‬ال كشف‪.211/1 ،‬‬

‫‪29‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫المبحث الثاني‪ -‬بيانُ التوجيه الصوتي للأوجه المقدم أداء في فرش الحروف‪:‬‬
‫درج علماء القراءات في تقسيم الخلافات بينهم إلى قسمين‪ :‬الأصول‬
‫والفر ْش‪ ،‬وقد سبق الكلام عن الأصول‪ ،‬وسيخصص هذا المبحث للأوجه الأدائية‬
‫المقدمة في الفرش‪.‬‬
‫والمقصود بالفرش عند علماء القراءات‪ :‬هو الخلافات الخاصة ببعض الكلمات‬
‫القرآنية في سورها دون شمولها لكل النظائر في ال كثير الغالب إلا بدليل أو إشارة أو نحو‬
‫ذلك‪ ،‬مثل‪ :‬أن يذكر مع ذلك الحرف حروفا أخرى يشملها ترجمة أو نحو ذلك مما يشابه‬
‫الأصول‪ ،‬فيلتحق به‪.‬‬
‫قال أبو شامة‪" :‬القراء يسمون ما قل دوره من الحروف‪ :‬فرشا؛ لانتشاره‪ ،‬فكأنه‬
‫انفرش؛ إذ كانت الأصول ينسحب حكم الواحد منها على الجميع"(‪.)1‬‬
‫وعرف ابن الجزري كلا من الأصول والفرش بقوله‪" :‬وإنما أطلق أئمة القراء على‬
‫الأبواب أصولها لأنها يكثر دورها و يطرد ويدخل في حكم الواحد منها الجميع‪ ،‬وإذا ذكر‬
‫فيها حرف ولم يقيد يدخل تحته كل ما كان مثله‪ ،‬بخلاف الفرش فإنه إذا ذكر فيه حرف‬
‫فإنه لا يتعدى أول حرف من تلك السورة إلا بدليل أو إشارة أو نحو ذلك"(‪.)2‬‬
‫المطلب الأول‪ -‬إثبات ألف ‪‬أنا‪ ‬وحذفها إذا جاءت بعدها همزة مكسورة؛‬
‫نحو‪ :‬إ ْن أنا إلا نذير‪:‬‬
‫فقد قرأ قالون بإثبات الألف لفظا من كلمة (أنا) إذا جاء بعدها همزة قطع‬
‫مكسورة‪ ،‬والمد عندها يكون مدا منفصلا‪ ،‬وله وجه آخر هو حذف الألف لفظا كبقية‬
‫القراء‪ ،‬وال ْوجْ هان صحيحان عنْ قالون نصا وأَ داء‪.‬‬
‫قال الإمام الشاطبي‪:‬‬
‫وم ُّد أَ نا في ال ْوصْ ل معْ ضم هم ْزة وفت ْح أَ تى والْخل ْف في ال ْكس ْر بجلا(‪)3‬‬
‫وقال ابن الجزري‪" :‬واخْ تلف عنْ قالون عن ْد ال ْمكْسورة نح ْو ِإ ْن أَ نا ِإلا"(‪ ،)4‬ولا‬
‫خلاف في إثباتها حال الوقف لكل القراء؛ اتباعا للرسم‪.‬‬
‫والوجه المقدم أداء هو وجه إثبات الألف‪ ،‬وبه أخذت دور طباعة المصاحف في‬
‫العالم الإسلامي‪ ،‬حيث لم تضع الصفر المستدير الدال على ز يادة الألف وصلا‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬إبراز المعاني من حرز الأماني‪ ،‬ص‪.319 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح طيبة النشر في القراءات العشر‪ ،‬ص‪.131 :‬‬
‫(‪ )3‬حرز الأماني ووجه التهاني‪ ،‬البيت رقم‪.321 :‬‬
‫(‪ )4‬النشر في القراءات العشر‪.231/2 ،‬‬

‫‪20‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫وجه إثبات الألف من كلمة ‪‬أنا‪ ‬هو الإتيان بالأصل؛ لأن هذه الألف أصلية‬
‫في الكلمة عند علماء ال كوفة الذين يذهبون إلى أن الاسم بتمامه هو الهمزة والنون‬
‫والألف‪ ،‬وخالفهم في ذلك البصر يون الذين يذهبون إلى أن الاسم إنما هو الهمزة والنون‪،‬‬
‫والألف هي نتيجة إشباع فتحة النون‪ ،‬وبيانها وقفا ليس إلا‪ ،‬قال سيبو يه‪" :‬ومن ذلك‬

‫قولهم‪ :‬أنا‪ ،‬فإذا وصل قال‪ :‬أن أقول ذاك‪ .‬ولا يكون في الوقف في أنا إلا الألف"(‪.)1‬‬
‫وبنو تميم يثبتون الألف وقفا ووصلا‪ ،‬وهو الوجه المختار عند أهل المدينة التي تعد‬
‫رواية قالون عن نافع منها؛ لأَ نها ال ْقراءة ال ْمدنية ِإماما وراو يا‪.‬‬
‫قال أبو حيان‪" :‬ولا تثبت عند غير بني تميم وصلا إلا في ضرورة الشعر‪ ،‬كقول‬
‫الأعشى‪:‬‬
‫فكيف أنا وانتحال القوافي ‪ ...‬بعد المشيب كفى ذاك عارا‬
‫والأحسن أن تجعل قراءة نافع على لغة بني تميم؛ لأنه من إجراء الوصل مجرى‬

‫الوقف على ما تأوله عليه بعضهم"(‪.)2‬‬


‫قال ابن مالك في تأييده لمذهب ال كوفيين‪ ،‬ل كونه المختار عنده‪" :‬والصحيح أن‬
‫(أنا) بثبوت الألف وقفا ووصلا هو الأصل‪ ،‬وهي لغة بني تميم‪ ،‬وبذلك قرأ نافع قبل‬

‫همزة القطع في ‪‬أنا أحيي‪ ،‬و‪‬إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا‪.)3("‬‬
‫المطلب الثاني‪ -‬الإسكان الخالص‪ ،‬والاختلاس في العين من كلمة‪ :‬نعما‪:‬‬
‫قرأ قالون بإسكان العين من كلمة ‪‬نعما‪ ،‬وله وجه آخر هو اختلاس حركتها‪.‬‬
‫قال ابن مجاهد‪" :‬واخْ تلفوا في فتح ُّ‬
‫النون وكسرها وكسر ال ْعين وإسكانها من قو ْله‬
‫‪‬فنعما هي‪ ،‬فقرأَ اب ْن كثير وعاصم في رواية حفْص ونافع في رواية ورش ‪‬فنعما‬

‫(‪ )1‬الكتاب‪ ،‬لسيبو يه‪.110/0 ،‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬البحر المحيط في التفسير‪ ،‬لأبي حيان‪.123/2 ،‬‬
‫(‪ )3‬شرح التسهيل‪ ،‬لابن مالك‪.137/1 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫هي‪ ‬بكس ْر ُّ‬


‫النون وال ْعين‪ ،‬وقرأَ نافع في غير رواية ورش وأَ بو عم ْرو وعاصم في رواية أبي‬

‫النون و ِإسْ كان ال ْعين"(‪.)1‬‬


‫بكر والمفضل‪ :‬فنعما هي‪ ‬بكس ْر ُّ‬
‫ولم يذكر ابن مجاهد لقالون وجه الاختلاس‪ ،‬ول كن الإمام الداني ذكر له ذلك‪،‬‬
‫حيث قال‪ ":‬وقالون وأبو بكر وأبو عم ْرو بكس ْر ُّ‬
‫النون وإخفاء حركة ال ْعين‪ ،‬و يجوز‬

‫إسكانها‪ ،‬و بذلك ورد النص عنْهم‪ ،‬والاول أقيس"(‪.)2‬‬


‫قال ابن الجزري ‪:‬‬
‫معا نعما اف ْتحْ (ك )ما (ش )فا وفي *** ِإخْ فاء كس ْر ال ْعي ْن (حزْ) (ب )ها (ص )في‬
‫‪...........................‬‬ ‫وعنْ أَ بى جعْفر معه ْم سكنا ***‬
‫يريد قو ْله ‪ :‬تعالى هنا "فنعما هى" وفي النساء "نعما يعظكم به" فتح النون فيهما ابن‬
‫عامر وحمزة وال ْكسائ ُّي وخلف‪ ،‬وكسر الباقون‪ ،‬وأخفى العين‪ :‬أي اختلس كسرها أبو‬
‫عمرو وقالون وشعبة‪ ،‬وقوله‪ :‬وعن أبي جعفر ‪ ...‬إلخ؛ أي‪ :‬مع الثلاثة المذكورين في آخر‬
‫البيت‪ ،‬وهم أبو عمرو وقالون وشعبة سكن العين‪ ،‬وكذلك جاء الإسكان أيضا عن أبى‬

‫عمرو وقالون وشعبة(‪.)3‬‬


‫ولفظ‪(:‬نعما) تكون من كلمتين؛ (نعم)‪ ،‬و(ما) وقد كتبتا متصلتين‪ ،‬والتقى‬
‫المثلان‪ ،‬فأدغمت الميم في الميم من باب الإدغام ال كبير‪ ،‬ولما أريد الإدغام لم يمكن مع‬
‫سكون العين قبلها‪ ،‬فكسرت‪ ،‬وقد اختلف القراء في قراءتها‪ ،‬فمنهم من أشبع ال كسر‪،‬‬
‫ومنهم من فتح النون وكسر العين‪.‬‬
‫وجاءت رواية قالون بكسر النون واختلاس كسرة العين مع تشديد الميم‪ ،‬وله‬
‫وجه آخر هو كسر النون وإسكان العين مع تشديد الميم‪.‬‬
‫والإسكان هو الوجه المقدم لقالون مع ما أثير عنه من جدال ونقاش‪ ،‬فقد رده‬
‫بعضهم بحجة الجمع بين ساكنين‪ ،‬ووصفه بعضهم باستحالة وروده‪ ،‬ولا يجوز رد ما ثبت‬

‫(‪ )1‬السبعة في القراءات‪ ،‬لابن مجاهد‪ ،‬ص‪.190 :‬‬


‫(‪ )2‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬للداني‪ ،‬ص‪.30 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح طيبة النشر في القراءات العشر‪ ،‬ص‪.227 :‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫تواترا‪ ،‬لأنه متى ثبتت القراءة بالتواتر لا يردها فشو لغة‪ ،‬ولا قياس عريية‪ ،‬فالقراءة سنة‬
‫متبعة يأخذها الآخر عن السابق‪ ،‬وصحح وجه الإسكان الإمام الداني بقوله‪" :‬وال ِْإسْ كان‬

‫آثر وال ِْإخْ فاء أَ ق ْيس"(‪.)1‬‬


‫وتناول المحقق ابن الجزري وجه الإسكان بقوله‪" :‬وروى عن ْه ال ْعراق ُّيون‬
‫وال ْمش ْرق ُّيون قاطبة ال ِْإسْ كان‪ ،‬ولا يبالون من ا ْلجم ْع بي ْن الساكني ْن لصحته رواية ووروده‬
‫لغة‪ ،‬وقد اخْ تاره ال ِْإمام أَ بو عبي ْدة أَ حد أَ ئمة ُّ‬
‫اللغة وناهيك به‪ ،‬وقال‪ :‬هو لغة النبي ‪-‬صلى‬
‫الله علي ْه وسلم‪ -‬فيما يرْوى‪" :‬نعما ال ْمال الصالح للرجل الصالح‪...‬وال ْوجْ هان صحيحان‪ ،‬غي ْر‬

‫أَ ن النص عنْه ْم بال ِْإسْ كان‪ ،‬ولا يعْرف الاخْ تلاس ِإلا منْ طرق ال ْمغار بة"(‪.)2‬‬
‫و يعلل الأستاذ عبد الصبور شاهين سبب اختيار المشارقة لرواية الإسكان‪،‬‬
‫والمغاربة لرواية الاختلاس بالقول‪" :‬القراء المغاربة معذورون في اتباع نظر سيبو يه في‬
‫هذه المسألة؛ لأنهم كانوا بعيدين عن مشافهة الأعراب‪ ،‬وأغلبهم كان من غير العرب‪،‬‬
‫فلم يجدوا إلا أن يأخذوا بالقياس فيما غابت عليهم حقيقته‪ ،‬وأما العراقيون والمشارقة من‬
‫القراء فقد شافهوا الأعراب‪ ،‬وسمعوا منهم ما أكد لهم رواية الإسكان‪ ،‬فكان أن تمسكوا‬

‫بها‪ ،‬وأعرضوا عن كلام نحاة البصرة ومقاييسهم"(‪.)3‬‬


‫ومما يقوي وجه الإسكان عن الإمام قالون كثرة طرقه‪ ،‬فقد ورد من نحو ست‬
‫وخمسين طر يقا من مجمل طرقه البالغة ثلاثا وثمانين طر يقا‪ ،‬وبذلك يتقدم وجه الإسكان‬
‫على وجه الاختلاس‪ ،‬والوجهان صحيحان‪.‬‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫تعرض وجه إسكان العين لقالون ومن معه لحملة طعن كبيرة من قبل النحاة‬
‫واللغو يين‪ ،‬بل حتى من بعض القراء‪ ،‬وسأنقل مقالتهم‪ ،‬ثم أرد عليهم بما أراه عين‬
‫الصواب‪.‬‬

‫(‪)1‬ينظر‪ :‬شرح طيبة النشر في القراءات العشر‪ ،‬ص‪.227 :‬‬


‫(‪ )2‬النشر في القراءات العشر‪.231/2 ،‬‬
‫(‪ )3‬أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي‪ ،‬ص‪.393 :‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫جاء في (البيان) في قوله تعالى‪ :‬إن تبدو الصدقات فنعما هي‪(" ‬نعم) فيها أربع‬
‫لغات‪ :‬فأما إسكان العين مع الإدغام فرديء جدا؛ لما يؤدي إليه من التقاء الساكنين‪،‬‬

‫وليس أحدهما حرف لين‪ ،‬ولعل القارئ اختلس الحركة‪ ،‬فتوهم الراوي إسكانا"(‪.)1‬‬
‫وأنكرها مكي القيسي ‪-‬وهو من أئمة القراء‪ -‬قائلا‪" :‬وروي الإسكان للعين‪ ،‬وليس بشيء‪،‬‬
‫ولا قرأت به‪ ،‬لأن فيه جمعا بين ساكنين‪ ،‬ليس الأول حرف مد ولين‪ ،‬وذلك غير جائز‬

‫عن أحد من النحو يين"(‪ ،)2‬وقال أبو حيان‪" :‬وأنكر الإسكان أبو العباس‪ ،‬وأبو إسحاق‪،‬‬
‫وأبو على؛ لأن فيه جمعا بين ساكنين على غير حده‪ ،‬وقال أبو العباس‪ :‬لا يقدر أحد أن‬

‫ينطق به‪ ،‬وإنما يروم الجمع بين ساكنين و يحرك ولا يأتيه"(‪.)3‬‬
‫والحق في غير ما ذهب إليه هؤلاء العلماء؛ لأن هذه قراءة ثبت تواترها‪ ،‬كما أن‬
‫التقاء الساكنين على هذه الصورة وارد عن العرب‪ ،‬بل وعن أفصح العرب سيدنا‬
‫رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬جاء في (البحر المحيط) "وأما الإسكان فاختاره أبو‬
‫عبيد‪ ،‬وقال‪ :‬الإسكان ‪-‬فيما يروى‪ -‬لغة النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في هذا اللفظ‪ ،‬قال‬
‫لعمرو بن العاص‪( :‬نعما المال الصالح للرجل الصالح)‪ .‬ثم دافع عنها قائلا‪" :‬وإنكار هؤلاء‬
‫فيه نظر؛ لأن أئمة القراءة لم يقرؤوا إلا بنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومتى‬
‫تطرق إليهم الغلط فيما نقلوه من مثل هذا تطرق إليهم فيما سواه‪ ،‬والذي نختاره ونقوله‪:‬‬

‫إن نقل القراءات السبع متواتر لا يمكن وقوع الغلط فيه"(‪.)4‬‬

‫كما انتصر لها ابن الجزري في نشره‪ ،‬حيث قال‪" :‬ولا يبالون من الجمع بين‬
‫الساكنين؛ لصحته رواية‪ ،‬ووروده لغة‪ ،‬وقد اختاره الإمام أبو عبيدة أحد أئمة اللغة‪،‬‬
‫وناهيك به‪ ،‬وقال هو لغة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى‪" :‬نعما المال الصالح للرجل‬
‫الصالح"‪ ،‬وحكى النحو يون ال كوفيون سماعا من العرب (شهر رمضان) مدغما‪ ،‬وحكى‬
‫ذلك سيبو يه في الشعر"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬البيان في غريب إعراب القرآن‪.177/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬ال كشف‪.313/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬البحر المحيط‪.30/3 ،‬‬
‫(‪ )4‬السابق‪.139/2 ،‬‬
‫(‪ )5‬النشر في القراءات العشر‪.219/2 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫وجملة القول‪ :‬إن قراءة الإسكان لم يتفرد بها الإمام قالون وحده‪ ،‬بل هي مرو ية‬
‫عن أبي عمرو بن العلاء كذلك‪ ،‬وهو من علماء العربية والأئمة الفصحاء‪ ،‬وقد رواها‬
‫وتلقاها ولم ينكرها‪ ،‬ثم إن القاعدة النحو ية وضعها من لا عصمة له‪ ،‬وهذه القراءة رويت‬
‫عن معصوم‪ ،‬والمعصوم لا يقر على خطأ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ -‬الإسكان والاختلاس للعين‪ ،‬من كلمة‪ :‬تعدوا‪:‬‬
‫قرأ قالون عن نافع بإسكان العين وتشديد الدال من لفظ ‪‬تعدوا‪ ‬في سورة‬
‫النساء‪ ،‬وله وجه آخر هو الاختلاس(‪.)1‬‬
‫قال الإمام الداني‪" :‬قرأ قالون بإخفاء حركة ال ْعين وتشْديد الدال‪ ،‬والنص عنه‬
‫بالإسكان"(‪.)2‬‬
‫وقال ابن الجزري‪:‬‬
‫س(‪.)3‬‬
‫س *** بالْخل ْف واشْ دد ْن له ثم أَ ن ْ‬‫ك ج ْد وقالون اخْ تل ْ‬
‫تعْدوا فحر ْ‬
‫والمعنى أن ورشا فتح العين‪ ،‬وقالون اختلس فتحها بخلاف عنه‪ ،‬وله وجه آخر هو‬
‫السكون مع التشديد‪.‬‬
‫والوجه المقدم أداء هو الإسكان؛ لأنه ورد نصا‪ ،‬وهو الأثر كما يقول الداني‪ ،‬وبه‬
‫قطع ابن مجاهد والأهوازي‪ ،‬وأبو العلاء‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وهو رواية أهل العراق عنه كافة‪ ،‬كما‬
‫أن الإسكان أكثر طرقا من الفتح عن قالون‪.‬‬
‫ْش أَ نه فتح ال ْعي ْن‪ ،‬وكذلك قالون‪ِ ،‬إلا أَ نه اخْ تلف عن ْه‬
‫قال ابن الجزري‪" :‬روى ور ٌ‬
‫في ِإسْ كان ال ْعي ْن واخْ تلاسها ‪ ...‬وروى ال ْوجْ هي ْن عن ْه جميعا الْحافظ أَ بو عم ْرو الدان ُّي‪،‬‬
‫وقال‪ِ :‬إن ال ِْإخْ فاء أَ ق ْيس‪ ،‬وال ِْإسْ كان آثر"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬البحر المحيط‪.122/0 ،‬‬


‫(‪ )2‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.93 :‬‬
‫(‪ )3‬متن «طيبة النشر» في القراءات العشر‪ ،‬البيت‪ :‬رقم ‪.373‬‬
‫(‪ )4‬النشر في القراءات العشر‪.233/2 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫الفعل (تعدوا) أصله‪ :‬تعتدوا‪ ،‬فلما أريد التخفيف بالإدغام ألقيت حركة التاء وهي‬
‫الفتحة على العين؛ لتدل على حركة المدغم‪ ،‬وأدغمت التاء في الدال‪ ،‬فصار(تعدوا)‬
‫والتقى الساكنان‪ :‬العين والدال المشددة‪ ،‬وسبق أن قلنا‪ :‬إنه لا محذور في ذلك؛ لصحته‬
‫رواية ووروده لغة‪" ،‬وحكى النحو يون ال كوفيون سماعا من العرب (شهر رمضان)‬

‫مدغما‪ ،‬وحكى ذلك سيبو يه في الشعر"(‪ .)1‬و يكفي أنه الوجه المقدم أداء ل كثرة طرقه‪،‬‬
‫فلا التفات للنحو يين القائلين بعدم جواز ذلك؛ فالقراءة متى ثبت تواترها كانت هي‬
‫الحكم على اللغة لا العكس‪ ،‬قال الإمام الداني‪" :‬وأئمة القراءة لا تعمل في شيء من‬
‫حروف القرآن على الأفشى في اللغة‪ ،‬والأقيس في العربية‪ ،‬بل على الأثبت في الأثر‬
‫والأصح في النقل والرواية‪ ،‬إذا ثبتت لم يردها قياس عربية‪ ،‬ولا فشو لغة؛ لأن القراءة‬

‫سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها"(‪.)2‬‬


‫وقال ابن خالو يه‪" :‬اللغة إذا وردت في القرآن فهي أفصح مما في غير القرآن‪ ،‬لا‬

‫خلاف في ذلك"(‪.)3‬‬
‫المطلب الرابع‪ -‬الإسكان الخالص والاختلاس للهاء‪ ،‬من كلمة‪ :‬يهدي‪:‬‬
‫قرأ قالون بسكون الهاء وتشديد الدال‪ ،‬وله وجه آخر هو اختلاس حركة الهاء‪.‬‬
‫قال الداني‪" :‬قرأ قالون وأبو عمرو بفت ْح ال ْياء وال ْهاء وتشْديد الدال‪ ،‬ولهما وجه آخر‪،‬‬

‫هو‪ :‬أنهما يخفيان حركة ال ْهاء‪ ،‬والنص عن قالون بالإسكان"(‪.)4‬‬


‫ولم يذكر ابن مجاهد لقالون وجه الاختلاس‪ ،‬ولم يذكر الشاطبي وجه الإسكان‪،‬‬
‫بالرغم من وجوده في التيسير‪ ،‬مخالفا بذلك أصل حرزه‪.‬‬
‫قال ابن الجزري‪" :‬وروى أَ كْ ثر ال ْمغار بة و بعْض الْمص ْر يين عنْ قالون الاخْ تلاس‬
‫كاخْ تلاس أَ بي عم ْرو سواء‪ ،‬وهو اخْ تيار الداني الذي ل ْم يأْ خ ْذ بسواه مع نصه عنْ قالون‬

‫(‪ )1‬السابق‪.219/2 ،‬‬


‫(‪ )2‬جامع البيان في القراءات السبع‪.31/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬المزهر في علوم اللغة‪.032/1 ،‬‬
‫(‪ )4‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.122 :‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫بال ِْإسْ كان‪ ،...‬وروى ال ْعراق ُّيون قاطبة و بعْض ال ْمغار بة‪ ،‬والْمص ْر يين عنْ قالون ال ِْإسْ كان‪،‬‬

‫وهو ال ْمن ْصوص عن ْه‪ ،‬وعنْ ِإسْماعيل وال ْمسيبي وأَ كْ ثر رواة نافع علي ْه"(‪.)1‬‬
‫وبالجملة فإن العلماء اختلفوا عن قالون‪ ،‬فمنهم من أخذ بوجه الاختلاس‪ ،‬ومنهم‬
‫من أخذ بوجه الإسكان وكلا الوجهين صحيح عن قالون نصا وأداء‪.‬‬
‫والمقدم أداء لقالون هو وجه الإسكان؛ ل كثرة طرقه‪ ،‬ولأنه رواية الجمهور عن‬
‫قالون‪ ،‬وأكثر رواة نافع عليه‪ ،‬ول ْم ي ْذكر اب ْن سوار له سوى وجه الإسكان‪.‬‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫وجه قراءة قالون الذي هو فتح الياء والهاء وتشديد الدال بعد نقل حركتها إلى‬
‫الهاء‪ ،‬هو أن أصل الفعل (يهتدي)‪ ،‬فأدغمت التاء في الدال‪ ،‬وتركت الهاء ساكنة كما‬

‫كانت(‪.)2‬‬
‫قال ابن خالو يه‪" :‬والْ حجة لمن أسكن ال ْهاء وشدد الدال‪ ،‬فجمع بين ساكنين أَ نه أَ راد‬

‫نية الْحركة في ال ْهاء"(‪.)3‬‬


‫وجْه إسكان الهاء وتشديد الدال لم يعجب الإمام مكيا حيث قال‪" :‬فأما ما روي‬
‫عن قالون عن أبي عمرو من إسكان الهاء‪ ،‬فهو بعيد ضعيف‪ ،‬ولا يجوز إلا في شعر‬

‫نادر"(‪.)4‬‬
‫والصواب في غير ما ذهب إليه مكي رحمه الله؛ لأن القراءة لا تثبت بالرأي‪ ،‬ولا‬
‫تخضع لقواعد النحاة‪ ،‬بل إن قراءة هذين الإمامين الجليلين منقولة بالتواتر والسند‬
‫الصحيح المتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم أفصح العرب والعجم‪ ،‬فلا يجوز ردها‪،‬‬
‫ولا يحل إنكارها‪ ،‬بل يلزم قبولها‪ ،‬والمصير إليها‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬النشر في القراءات العشر‪.230/2 ،‬‬


‫(‪ )2‬حجة القراءات‪ ،‬لابن زنجلة‪.331 ،‬‬
‫(‪ )3‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬لابن خالو يه‪ ،‬ص‪.132 :‬‬
‫(‪ )4‬ال كشف‪.132/1 ،‬‬

‫‪21‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫المطلب الخامس‪ -‬الإسكان الخالص والاختلاس للخاء‪ ،‬من كلمة‪: :‬‬

‫قرأ قالون باختلاس حركة الخاء وتشديد الصاد من كلمة‪ ،  :‬وله‬
‫وجه آخر هو إسكان الخاء وتشديد الصاد‪.‬‬
‫ووجه الاختلاس أجمع عليه المغاربة‪ ،‬ووجه الإسكان عليه العراقيون قاطبة‪،‬‬

‫وكلا الوجهين صحيح ثابت عن قالون(‪.)1‬‬


‫قال ابن الجزري في شرحه لطيبة والده‪ :‬اختلس قالون الخاء بخلاف عنه في‬

‫(يخصمون)‪ ،‬وله وجه آخر هو إسكان الخاء(‪.)2‬‬


‫والوجه المقدم أداء لقالون هو وجه إسكان الخاء مع تشديد الصاد‪ ،‬مع أنه قد‬
‫اعتراض عليه كثير من النحاة‪ ،‬ولذلك قال الإمام الداني‪" :‬والنص عن قالون‬

‫بإسكان"(‪.)3‬‬
‫كما أن وجه الإسكان عن قالون ورد من أربع وستين طر يقا من مجموع طرقه‬

‫البالغة ثلاثا وثمانين طر يقا(‪.)4‬‬


‫وذكر النحاس أن المقدم في الأداء هو وجه الإسكان‪ ،‬مع عدم ذكره في‬

‫الشاطبية(‪.)5‬‬
‫ولم يذكر الإمام الشاطبي في حرزه عن قالون غير الاختلاس وجها واحدا‪ ،‬بالرغم‬
‫من وجود وجه الإسكان في التيسير‪ ،‬وكان ينبغي له أن يذكره لوجوده في أصله‪ ،‬ولعله‬
‫تركه لاعتراض بعض النحاة على هذا الوجه‪ ،‬أو أنه لم يصح عنده‪.‬‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫الوجه المقدم لقالون في‪   :‬الذي هو إسكان الخاء مع تشديد الصاد‪،‬‬
‫والأصل (يختصمون)‪ ،‬ثم أدغمت التاء في الصاد‪ ،‬بعد نقل حركتها إلى الخاء‪ ،‬فبقيت‬

‫(‪ )1‬إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر‪ ،‬ص‪.017 :‬‬


‫(‪ )2‬شرح طيبة النشر‪ ،‬لابن الناظم‪ ،‬ص‪.397 :‬‬
‫(‪ )3‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.130 :‬‬
‫(‪ )4‬غاية النهاية‪.131/2 ،‬‬
‫(‪ )5‬الرسالة الغراء في الأوجه المقدمة في الأداء‪ ،‬ص‪.70 :‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫(يخصمون)‪ ،‬وتعرضت هذه القراءة أيضا للنقد والطعن من كثير من النحو يين‪،‬‬
‫فوصفوها بالرداءة تارة‪ ،‬وبعدم الضبط تارة أخرى‪ ،‬قال الزجاج‪" :‬هي رديئة‪ ،‬وكان‬
‫بعض من روى قراءة أهل المدينة يذهب إلى أن هذا لم يضبط عن أهل المدينة‪ ،‬كما لم‬
‫يضبط عن أبي عمرو‪ِ  :‬إلى بارئك ْم‪ ،"‬كما طعن فيها النحاس بالقول‪" :‬إسكان الخاء لا‬
‫يجوز؛ لأنه جمع بين الساكنين‪ ،‬وليس الأول حرف مد ولين‪ ،‬وإنما يجوز في هذا إخفاء‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحركة فلم يضبط الراوي‪ ،‬كما لم يضبط عن أبي عمرو‪ :‬فتوبوا ِإلى بارئك ْم‪"‬‬

‫واستبعد مكي في كتابه (ال كشف) قراءة إسكان الخاء(‪.)2‬‬


‫والصواب أن هذه القراءة ليست بمنكرة لغو يا؛ لأن الساكن الثاني مدغم في‬
‫حرف آخر‪ ،‬والحرفان اللذان ُّأدغم أحدهما في الآخر يرتفع اللسان عنهما ارتفاعة واحدة‬
‫فيصيران كحرف واحد متحرك‪ ،‬فكأنه لم يلتق ههنا ساكنان‪.‬‬
‫وعليه فليست هذه القراءة من قبيل الوهم‪ ،‬بل هي أجدر بالتقدير من القاعدة‬
‫النحو ية المستحدثة‪ ،‬وقد تحقق نقلها بالتواتر‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فالقراءة سنة‬
‫متبعة‪ ،‬ولا تخضع لقوانين النحاة المستحدثة؛ لأن علماء النحو إنما استمدوا قواعده من‬
‫كتاب الله تعالى‪ ،‬وكلام رسوله وكلام العرب‪ ،‬فإذا ثبتت قرآنية القرآن بالرواية المقبولة‬
‫كان القرآن هو الحكم على علماء النحو‪ ،‬وما قعدوا من قواعد‪ ،‬بل وجب عليهم أن يرجعوا‬
‫بقواعدهم إليه‪ ،‬لا أن نرجع نحن بالقرآن إلى قواعدهم المخالفة نحكمها فيه‪ ،‬وإلا كان‬
‫ذلك عكسا للآية‪ ،‬وإهمالا للأصل‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬إبراز المعاني من حرز الأماني‪ ،‬ص‪.139 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ال كشف‪.213/2 ،‬‬

‫‪29‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫المطلب السادس‪ -‬القراءة بالهمزة أو بالياء من ‪‬لأهب‪ ‬في سورة مريم عليها‬
‫السلام‪:‬‬
‫قرأ قالون بخلف عنه بالهمزة أو بالياء من حرف ‪‬لأهب‪ ‬من قوله سبحانه‪ :‬قال‬

‫ِإنما أَ نا رسول ر بك لأَ هب لك‪‬مريم‪.)1(13:‬‬


‫والوجه المقدم أداء لقالون هو القراءة بالهمزة‪ ،‬وعليه ضبطت أكثر المصاحف‪،‬‬
‫وقد ورد عن قالون من طرق كثيرة تزيد عن الطرق التي ورد بها وجه الياء‪.‬‬
‫يقول ابن الجزري‪" :‬وأَ كْ ثر كتب ال ْمغار بة لقالون بالهمز منْ طر يق أَ بي نشيط‪،‬‬
‫وكذا هو في كفاية سب ْط الْخياط‪ ،‬وغاية أَ بي ال ْعلاء لأَ بي نشيط‪ ،‬ورواه اب ْن ال ْعلاف‬
‫وا ْلحمام ُّي عن اب ْن أَ بي مه ْران عن الْحل ْواني‪ ،‬وكذا روى اب ْن ال ْهي ْثم عن الْحل ْواني‪ ،‬وهو الذي‬
‫س‬
‫ل ْم ي ْذكر ْ في (ال ْمبْهج)‪ ،‬و(تل ْخيص ال ْعبارات) عن الْحل ْواني سواه‪ ،‬وكذلك رواه فار ٌ‬
‫وال ْكارز ين ُّي منْ طر يق أَ بي نشيط‪ ،‬وهو الذي ل ْم ي ْذكر ْ في (التي ْسير) عنْ أَ بي نشيط سواه‪،‬‬
‫وقال في (جامع الْبيان)‪ِ :‬إنه هو الذي قرأَ به في رواية ال ْقاضي‪ ،‬وأَ بي نشيط‪،‬‬

‫والشحام"(‪.)2‬‬
‫والإمام الشاطبي في حرزه قدم هذا الوجه وجه الهمز في الذكر‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫أهب باليا جرى حلو بحره *** بخلف ونسيا فتحه فائز ٌ علا(‪)3‬‬
‫ْ‬ ‫وهمز‬
‫التوجيه الصوتي‪:‬‬
‫وجه قراءة الهمز هو الوجه المقدم لقالون‪ ،‬وفيه إسناد الفعل إلى ضمير المتكلم‪ ،‬وهو‬
‫سيدنا جبر يل عليه السلام‪ ،‬والإسناد هنا ليس على سبيل الحقيقة‪ ،‬بل على وجه المجاز؛‬
‫لأن الواهب الحقيقي هو الله سبحانه‪ ،‬قال الزمخشري‪" :‬لأهب لك‪ ،‬لأكون سببا في‬
‫هبة الغلام بالنفخ في الروع‪ ،‬وفي بعض المصاحف‪ :‬إنما أنا رسول ربك أمرني أن أهب‬

‫لك‪ ،‬أو هي حكاية لقول الله تعالى"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ ،003 :‬والنشر في القراءات العشر‪.317/2 ،‬‬


‫(‪ )2‬النشر في القراءات العشر‪.317/2 ،‬‬
‫(‪ )3‬الشاطبية‪ ،‬للإمام الشاطبي‪ ،‬رقم البيت ‪ ،312‬ص‪.37 :‬‬
‫(‪ )4‬ال كشاف‪.10/3 ،‬‬

‫‪20‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬وتنال المكرمات‪ ،‬والصلاة والسلام على‬
‫صاحب المعجزات الباهرات‪ ،‬سيدنا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه‪ ،‬أولي الفضائل وال كرامات‪.‬‬
‫وبعد؛ فإن رواية قالون تعد من أقرب الروايات سندا إلى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم؛ ولذلك عدت روايته عن نافع سنة‪ ،‬كما قال عنها إمامنا مالك بن أنس ‪-‬رضي‬
‫الله عنه‪" :-‬قراءة نافع سنة"‪ ،‬وقالون هو تلميذ لنافع‪ ،‬وقد تركز اهتمامي في هذه الدراسة‬
‫على الوجوه المقدمة أداء من رواية قارئ المدينة‪ ،‬ونحويها‪ ،‬الإمام قالون عن نافع المدني‪،‬‬
‫وتوجيهها توجيها صوتيا‪ ،‬بغية معرفة سر تقديمها على غيرها من الوجوه‪ ،‬ومع إقرارنا بأن‬
‫القرآن ال كريم وقراءاته أرقى أسلوبا‪ ،‬وأجزل عبارة‪ ،‬وأفصح تركيبا‪ ،‬وإننا وجدنا علماءنا‬
‫قد اختاروا بعض القراءات القرآنية‪ ،‬وجعلوها أساسا يعتمدون عليه في التفسير‪ ،‬وفي‬
‫الأحكام الفقهية‪ ،‬وهو ما عرف بظاهرة الاختيار‪ ،‬وهي ظاهرة ليست وليدة زمن القراء‬
‫السبعة كال كسائي‪ ،‬وغيره‪ ،‬بل تعود إلى زمن مبكر جدا ‪ :‬إلى عهد الرسول الأكرم ‪-‬‬
‫صلوات ربي وسلامه عليه‪ ،-‬عندما كان يقرئ أصحابه برخصة الأحرف السبعة‪.‬‬
‫وتبين من خلال هذه الدراسة أن التقديم الأدائي لبعض الوجوه على بعض‪ ،‬هو‬
‫نوع من الاختيار‪ ،‬ولا يعني أن الوجوه غير المقدمة ضعيفة‪ ،‬أو أنها لا ترقى في فصاحتها‬
‫إلى الوجوه المقدمة أداء‪ ،‬فما ثبت بالاستفاضة‪ ،‬أو التواتر عن رسول الله ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬لابد من جوازه‪ ،‬والمصير إليه‪ ،‬وقد توصلت بعد التطواف مع الوجوه المقدمة أداء‬
‫للإمام قالون‪ ،‬إلى أن سبب هذا التقديم يرجع إلى الآتي‪:‬‬
‫أ‪/‬كثرة طرقها مقارنة بطرق الوجه المرجوح‪.‬‬
‫ب‪ /‬قوة وجهها في العربية‪ ،‬والأكثر شهرة من غيرها‪.‬‬
‫ج‪/‬كثرة الاستعمال‪.‬‬
‫د‪ /‬مطابقة الوجه للقياس‪.‬‬
‫ه ‪ /‬تقديم الأصل على الفرع‪.‬‬
‫و‪ /‬يقدم الوجه أحيانا للتنصيص عليه من قبل الأئمة الحاذقين‪.‬‬
‫ز‪ /‬بعض الأوجه المقدم أداء يحتاج إلى مزيد من الدراسة‪ ،‬حتى تتضح أسرارها‪،‬‬
‫والعلة من تقديمها أداء عن غيرها‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫وختاما هذا هو جهد المقل‪ ،‬فما كان من صواب فمن الله والمنقولات‪ ،‬وما كان‬
‫من قصور فمن نفسي‪ ،‬وحسبي أني بذلت جهدي وأفرغت طاقتي‪ ،‬وما جادت به‬
‫خواطري‪ ،‬وأتمثل بقول ولي الله الإمام الشاطبي‪:‬‬
‫و ِإ ْن كان خرْق فادركْه بفضْ لة *** من الْحل ْم ولْيصْ لحْه منْ جاد مقْولا‬
‫وصلى الله وسلم على سيدنا رسول الله‪ ،‬إمام المقرئين‪ ،‬وقائد الغر المحجلين‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه والتابعين‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫القرآن ال كريم برواية قالون عن نافع المدني‪ .‬مصحف ليبيا‪.‬‬
‫‪ ‬إ براز المعاني من حرز الأماني‪ ،‬أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن‬
‫إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار ال كتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ ‬إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر‪ ،‬أحمد بن محمد بن أحمد‬
‫ابن عبد الغني الدمياطي‪ ،‬شهاب الدين الشهير بالبناء‪ ،‬المحقق‪ :‬أنس مهرة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫ال كتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2001 ،3:‬م‪1027-‬ه ‪.‬‬
‫‪ ‬أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي‪ ،‬د‪ .‬عبد الصبور شاهين‪.‬‬
‫‪ ‬اختلاف وجوه طرق النشر مع بيان المقدم أداء‪ ،‬د‪ .‬بشير أحمد‪ ،‬دار‬
‫الصحابة‪ ،‬طنطا‪ ،‬ط‪2009 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ ‬إرشاد المريد إلى مقصود القصيد‪ ،‬علي محمد الضباع‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم عطية‬
‫عوض‪ ،‬مكتبة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬ط‪1970 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الإقناع في القراءات السبع‪ ،‬أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري‬
‫الغرناطي‪ ،‬أبو جعفر‪ ،‬المعروف بابن الباذش‪ ،‬دار الصحابة للتراث‪.‬‬
‫‪ ‬البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة‪ ،‬عبد الفتاح القاضي‪ ،‬مكتبة‬
‫الدار بالمدينة المنورة‪ ،‬ط‪1000 ،1:‬ه ‪.‬‬
‫‪ ‬البيان في غريب إعراب القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬طه عبد الحميد طه‪ ،‬دار‬
‫الكاتب العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ دمشق‪ ،‬أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن‬
‫عساكر‪ ،‬المحقق‪ :‬عمرو بن غرامة العمروي‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوز يع‪،‬‬
‫‪1013‬ه ‪1993-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬تحبير التيسير في القراءات العشر‪ ،‬لابن الجزري محمد بن محمد بن محمد‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أحمد محمد مفلح القضاة‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬الأردن‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪1021 ،1:‬ه ‪.‬‬
‫‪ ‬تفسير البحر المحيط‪ ،‬محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬بيروت‪1020 ،‬ه ‪ ،‬تحقيق‪ :‬صدقي محمد جميل‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫‪ ‬تلخيص العبارات بلطيف الإشارات في القراءات السبع‪ ،‬الحسن بن‬


‫خلف بن عبد الله بن بليمة‪ ،‬تحقي‪ :‬جمال الدين محمد شرف‪ ،‬دار الصحابة‪ ،‬طنطا‪.‬‬
‫‪ ‬تلخيص في القراءات الثمان‪ ،‬أبو معشر عبد ال كريم بن عبد الصمد‬
‫الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حسن عقيل‪ ،‬طبعة الجماعة الخ ير ية لتحفيظ القرآن ال كريم‪،‬‬
‫جدة‪ ،‬ط‪1012 ،1:‬ه ‪1930-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬تهذيب ال كمال‪ ،‬يوسف بن الزكي عبد الرحمن أبو الحجاج المزي‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1000 ،1:‬ه –‪1930‬م‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬بشار عواد معروف‪.‬‬
‫‪ ‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو‬
‫الداني‪ ،‬المحقق‪ :‬اوتو تريزل‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1000 ،2:‬ه ‪-‬‬
‫‪1930‬م‪.‬‬
‫‪ ‬جامع البيان في القراءات السبع المشهورة‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن سعيد‬
‫الداني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صدوق الجزائري‪ ،‬نشر‪ :‬دار ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪2003 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ ‬جامع البيان في القراءات السبع المشهورة‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن سعيد‬
‫الداني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صدوق الجزائري‪ ،‬دار ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1:‬‬
‫‪2003‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الجامع لأحكام القرآن=تفسير القرطبي‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي‬
‫بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‬
‫وإبراهيم أطفيش‪ ،‬دار ال كتب المصر ية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1330 ،2:‬ه ‪1910-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الجرح والتعديل‪ ،‬أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن‬
‫المنذر الحنظلي الرازي‪ ،‬ط‪1013 ،2:‬ه ‪1993-‬م‪ ،‬دار المأمون للتراث‪،‬‬
‫دمشق‪/‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ ‬حجة القراءات‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد أبو زرعة ابن زنجلة‪ ،‬محقق الكتاب‬
‫ومعلق حواشيه‪ :‬سعيد الأفغاني‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫د‪.‬ن‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫‪ ‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬الحسين بن أحمد بن خالو يه أبو عبد الله‪،‬‬


‫المحقق‪ :‬د‪ .‬عبد العال سالم مكرم‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1001 ،0 :‬ه ‪.‬‬

‫‪ ‬الحجة في علل القراءات السبع‪ ،‬الحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبي علي‬
‫الفارسي‪ ،‬المحقق‪ :‬بدر الدين قهوجي و بشير جو يجابي‪ ،‬راجعه ودققه‪ :‬عبد العزيز‬
‫رباح وأحمد يوسف الدقاق‪ ،‬ط‪1013 ،2:‬ه ‪1993-‬م‪ ،‬دار المأمون للتراث ‪-‬‬
‫دمشق ‪ /‬بيروت‪.‬‬

‫‪ ‬الحجة للقراء السبعة‪ ،‬أبو علي الفارسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أمل مصطفى الهنداوي‪،‬‬
‫دار ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1021 ،1:‬ه ‪2001-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الدر المصون في علوم الكتاب المكنون‪ ،‬أبو العباس شهاب الدين أحمد بن‬
‫يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي‪ ،‬المحقق‪ :‬د‪ .‬أحمد محمد الخراط‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬سور ية‪.‬‬
‫‪ ‬الرسالة الغراء في الأوجه المقدمة في الأداء عن العشرة القراء‪ ،‬محمد‬
‫توفيق النحاس‪ ،‬مكتبة الآداب‪ ،‬ميدان الأوبرا‪ ،‬ط‪1991 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ ‬السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير‪،‬‬
‫شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي‪ ،‬مطبعة بولاق (الأمير ية)‪،‬‬
‫القاهرة‪1233 ،‬ه ‪.‬‬
‫‪ ‬سير أعلام النبلاء‪ ،‬شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن‬
‫قايْماز الذهبي‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪1027 ،‬ه ‪2001-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ،‬عبد الحي بن أحمد العكري‬
‫الدمشقي‪ ،‬دار ال كتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،2:‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ ‬شرح التسهيل‪ ،‬ابن مالك‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬دار ال كتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1022 ،1:‬ه ‪.‬‬
‫‪ ‬شرح المفصل للزمخشري‪ ،‬يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد‬
‫بن علي أبو البقاء موفق الدين الأسدي الموصلي المعروف بابن يعيش وبابن الصانع‪،‬‬
‫قدم له‪ :‬د‪ .‬إميل بديع يعقوب‪ ،‬دار ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1:‬‬
‫‪1022‬ه ‪2001-‬م‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫‪ ‬شرح طيبة النشر في القراءات العشر‪ ،‬محمد بن محمد بن محمد‪ ،‬أبو القاسم‪،‬‬
‫محب الدين النويري‪ ،‬حقق وروجع بإشراف لجنة إحياء التراث الإسلامي بمجمع‬
‫البحوث الإسلامية بالأزهر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة العامة لشئون المطابع الأمير ية‪،‬‬
‫‪1990‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الطر يق المأمون إلى أصول رواية قالون من طر يق الشاطبية‪ ،‬عبد الفتاح‬
‫السيد عجمي المرصفي‪ ،‬مكتبة عيسى البابي وشركاه‪ ،‬ط‪1390 ،1:‬ه ‪1970-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬طلائع البشر في توجيه القراءات العشر‪ ،‬محمد الصادق قمحاوي‪ ،‬عالم‬
‫ال كتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2003 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ ‬غاية النهاية في طبقات القراء‪ ،‬شمس الدين أبو الخ ير ابن الجزري محمد بن‬
‫محمد ابن يوسف‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪ ،‬عني بنشره لأول مرة عام‪1331 :‬ه ج‪.‬‬
‫برجستراسر‪.‬‬
‫‪ ‬غيث النفع في القراءات السبع‪ ،‬علي بن محمد بن سالم أبو الحسن النوري‬
‫الصفاقسي المقرئ المال كي‪ ،‬المحقق‪ :‬أحمد محمود عبد السميع الشافعي الحفيان‪ ،‬دار‬
‫ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1023 ،1:‬ه ‪2000-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬فتح الوصيد في شرح القصيد‪ ،‬علم الدين أبي الحسن علي بن محمد‬
‫السخاوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬مولاي محمد الإدريسي الطاهري‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬ط‪،1:‬‬
‫‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ ‬كتاب السبعة في القراءات‪ ،‬أحمد بن موسى بن العباس التميمي أبو بكر بن‬
‫مجاهد البغدادي‪ ،‬المحقق‪ :‬شوقي ضيف‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1000 ،2:‬ه ‪.‬‬
‫‪ ‬كشف الضياء في تاريخ القراءات والقراء‪ ،‬صابر حسن محمد سليمان‪ ،‬دار‬
‫عالم ال كتب‪ ،‬الر ياض‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪1993 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ال كشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها‪ ،‬مكي بن أبي طالب‬
‫القيسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ عبد الرحيم الطرهوني‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬اللباب في علوم الكتاب‪ ،‬أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل‬
‫الحنبلي الدمشقي النعماني‪ ،‬المحقق‪ :‬الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد‬
‫معوض‪ ،‬دار ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1019 ،1:‬ه ‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ـــــــــ التوجيه الصوتي للأوجه المقدمة في رواية قالون ــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة أصول الدين ــــــــ‬

‫‪ ‬المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر‬
‫السيوطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬فؤاد علي منصور‪ ،‬دار ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1993 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار‪ ،‬محمد بن أحمد الذهبي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬بشار عواد معروف‪ ،‬د‪.‬ن‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ ‬المنجد المقرئين ومرشد الطالبين‪ ،‬محمد محمد بن محمد بن محمد ابن الجزري‪،‬‬
‫دار ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1933 ،‬م‪ ،‬متفضل بقراءته بعد طبعه كل من‪:‬‬
‫الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي والشيخ أبو الأشبال أحمد محمد شاكر‪.‬‬
‫‪ ‬الموضح في وجوه القراءات وعللها‪ ،‬ابن أبي مريم‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عمر أحمد‬
‫ال كبيسي‪ ،‬مكتبة التوعية الإسلامية للتحقيق والنشر والبحث العلمي‪ ،‬ط‪،2:‬‬
‫‪1021‬ه ‪2001-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬نزهة الألباء في طبقات الأدباء‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله‬
‫الأنصاري‪ ،‬أبو البركات كمال الدين الأنباري‪ ،‬المحقق‪ :‬إبراهيم السامرائي‪ ،‬مكتبة‬
‫المنار‪ ،‬الزرقاء‪ ،‬الأردن‪ ،‬ط‪1003 ،3:‬ه ‪1933-‬م‪.‬‬
‫‪ ‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬شمس الدين أي الخ ير ابن الجزري محمد بن‬
‫محمد بن يوسف‪ ،‬المحقق‪ :‬علي محمد الضباع‪ ،‬المطبعة التجار ية ال كبرى [تصوير دار‬
‫الكتاب العلمية]‪.‬‬
‫‪ ‬نظم الدرر في تناسب الآيات والسور‪ ،‬برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن‬
‫عمر البقاعي‪ ،‬دار ال كتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2002 ،2:‬م‪1020-‬ه ‪.‬‬
‫‪ ‬الوقف ووظائفه عند النحو يين والقراء‪ ،‬محمد خليل نصر الله‪ ،‬جامعة‬
‫ال كويت‪1993 ،‬م‪.‬‬

‫‪21‬‬

You might also like