Professional Documents
Culture Documents
ُ
إعداد
د .عمار بن أحمد الصياصنة
دكتوراة في السنة وعلومها
ammar978@hotmail.com
1
ﲜﲝﲞﲟ
َّأما بعد:
ٍ
عالمات عدد من المرويات تُخبر عن كل عا ٍم إبان العشر األخير من رمضان تداول ٍ مما نشهده َّ
َّ
ٍ
كونية ُيستَدل بها على ليلة القدر ،وأنها :ليل ٌة صافي ٌة ،هادئ ٌة ،مشرق ٌة مضيئ ٌة جدًّ ا ،ال حار ٌة وال باردةٌ،
مطر ،ال ُيرمى فيها بكوكب ،وال تنبح فيها الكالب ،وتُشرق الشمس
ريح ،وال ٌ
سحاب ،وال ٌ
ٌ ليس فيها
في صبيحتها حمراء ضعيفة ال شعاع لها ،و َي ْع ُذ ُب فيها الماء المالح ،وتسجد األشجار ،وتظهر األنوار
الساطعة في كل مكان.
ٍ
ومخالفة للواقع المحسوس إال أنها وغرائب ٍ
منكرات وهذه المرويات رغم ما في بعضها من
َ
راجت بين كثير من العامة وبعض الخاصة.
المفض َلة في ديننا قد غمرناها بالخرافات ،وصرفنا َّ أن األوقاتف المؤم َنَّ : «وإن مما ِ
يؤس ُ َّ
ً
فاضل، صالحا ،أو وقتًا
ً خير ٍ
كثير ،وق َّلما تجدُ ول ًّيا فحرمنا من ٍ
أنفسنا عما ُيراد فيها من الطاعاتُ ،
ٍ ِِ ٍ
عثرة أمام الداعي إبليس على إبرار َق َسمه في اإلغراء ،وتقف َ
حج َر َ بخرافات تُعي ُن ٌ
محاط إال وهو
المرشد إلى الصراط المستقيم»(.)1
رغبت في جمع ما ورد في األحاديث المرفوعة واآلثار الموقوفة على الصحابة والتابعين ُ ولذا
من عالمات حس َّي ٍة تدُ ُّل على ليلة القدر ،ودراستها دراس ًة حديثي ًة نقدي ًة ،وتحقيق القول فيها ،ليكون
المسلم على ب ِّي ٍنة من أمره تجاهها.
2
فموضوع البحث :ما ورد في األحاديث المرفوعة واآلثار الموقوفة على الصحابة والتابعين من
عالمات حس َّي ٍة تدُ ُّل على ليلة القدر.
وحدوده :العالمات الحس َّية التي يستدَ ل بها على أن هذه الليلة هي ليلة القدر ،وأ َّما األمور التي
ال تدرك بالحس كنزول المالئكة ونحو ذلك فال يتعلق البحث بها.
ومشـكلته :مـا يـدل عليـه ظاهر بعـض األحاديث من وجـود عالمات حسـ َّية ُيسـتَدَ ُّل بها على
ليلـة القـدر ،مع تعـارض بعض هـذه المرويـات مع الثابـت في السـنة النبويـة أو مخالفتهـا للواقع
المحسوس.
وأهدافه:
* جمع األحاديث واآلثار الواردة في هذا الباب ،وبيان درجتها صح ًة وضع ًفا.
* تحرير القول في العالمات الصحيحة التي تتميز بها ليلة القدر عن غيرها.
منهج البحث :هو المنهج االستقرائي االستنتاجي النقدي المتم ِّثل في استقصاء ِّ
كل ما ورد في
هذه المسألة من أحاديث وآثار ،والحكم عليها ،والوقوف على آراء العلماء تجاهها.
ٍ
خاصـة لألحاديـث واآلثار ٍ
دراسـة الدراسـات السـابقة :لـم أقف علـى ٍ
بحث علمـي محكَّم أو
ٍ
باقتضـاب وإجمال في كتب شـروح الحديث تعرضـوا لها الـواردة فـي هـذه المسـألة ،إال َّ
أن العلماء َّ
وبعض كتـب الفقه(.)1
((( ينظر :فتح الباري البن حجر ( ،)260/4عمدة القاري شرح صحيح البخاري ( ،)134/11الشرح الممتع على زاد المستقنع
( ،)496/6ليلة القدر دراسة فقهية فلكية مقارنة ،للدكتورة نورة بنت زيد الرشود ،مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة ،ع،70
1438ﻫ.
3
إجراءات البحث:
* جمع وتتبع أحاديث الباب وطرقها وألفاظها ،وبيان أوجه االتفاق واالختالف بين الرواة.
خطة البحث :وقد رأيت تقسيم البحث إلى مقدمة ،وتمهيد ،ومبحثين ،وخاتمة.
المقدمة :وفيها بيان موضوع البحث ومشكلته وحدوده وأهميته وإجراءاته وخطة البحث.
5E5
4
التمهيد
5
ليلة ،وسن ًة في ٍ
ليلة أخرى ،وهو قول أبي وذهب جماع ٌة من األئمة إلى أنها تنتقل فتكون سن ًة في ٍ
قال ابن رجب الحنبلي« :وذهب أبو ِقالبة إلى أنها تنتقل في ليالي العشر ،وروي عنه أنها تنتقل
في أوتاره خاصة ،وممن قال بانتقالها في ليال العشر :المزني ،وابن خزيمة.
وحكاه ابن عبد البر عن مالك والثوري والشافعي وأحمد وأبي ثور ،وفي صحة ذلك عنهم
قول هؤالء أنَّها في العشر وتُط َلب في لياليه ُك ِّله»(.)2
ُبعد ،وإنَّما ُ
قال أبو زرعة العراقي« :وهو المختار عند النووي وغيره للجمع بين األحاديث الواردة في
ذلك ،فإنها اختلفت اختالف ًا ال يمكن معه الجمع بينهما إال بما ذكرناه»(.)3
قال ابن حجر« :وهذا هو الذي يدل عليه مجموع األخبار الواردة فيها»(.)4
5E5
((( ينظر :إكمال المعلم ( ،)116/3شرح عمدة الفقه البن تيمية ـ كتاب الصيام ـ ( ،)667 /2تفسير ابن كثير (.)450/8
((( لطائف المعارف (ص.)360
((( شرح الصدر بذكر ليلة القدر (ص ،)41وينظر :شرح النووي على صحيح مسلم (.)43/6
((( فتح الباري (.)260/4
6
المبحث األول
ٌ
ضعيف في قول جمهور المحدثين. أن ال ُف َ
ضيل بن سليمان الن َُّميري 1ـ َّ
«قال ع َّباس الدُّ وري عن ابن معين :ليس بثقة ،وقال أبو زرعة :لين الحديث ،روى عنه ابن المديني
وكان من المتشددين ،وقال أبو حاتمُ :يكتب حديثه ليس بالقوي ،...وقال النسائي :ليس بالقوي،
وذكره ابن حبان في الثقات ...وقال صالح بن محمد جزرة :منكر الحديث روى عن موسى بن
عقبة مناكير ،وقال الساجي عن ابن معين :ليس هو بشيء ،وال يكتب حديثه ،وقال الساجي :وكان
صدو ًقا وعنده مناكير ...،وقال ابن قانع :ضعيف»(.)6
((( «يقال :يوم طلق ،وليلة طلق وطلقة :إذا لم يكن فيها حر وال برد يؤذيان» .النهاية في غريب الحديث واألثر (.)134/3
((( «بلجة :أي مشرقة» .النهاية في غريب الحديث واألثر (.)151/1
قمر
((( لم أقف على شرح لهذه الجملة ،ويبدو لي أنها كناية عن شدة اإلضاءة في تلك الليلة ،فكأن هذه الليلة من شدة إنارتها فيها ٌ
القمر النجو َم :غلب ضو ُءه ضو َءها فلم تتب َّين».
ُ غ َّطى نوره َ
نور سائر الكواكب ،وفي المخصص البن سيده (« :)380/4وفضح
((( صحيح ابن خزيمة (.)1048/2
((( صحيح ابن حبان (.)444/8
((( تهذيب التهذيب ( ،)292/8وينظر :الجرح والتعديل ( ،)72/7الكامل في ضعفاء الرجال ( ،)582/8ميزان االعتدال
7
وقال أبو داود« :كان عبد الرحمن بن مهدي ال يحدث عن ُفضيل بن سليمان»(.)1
ضيل في روايته :يحيى بن أبي زكريا ،لكن بلفظ( :إني أريت ليلة القدر ثم ُأنسيتها،
وتابع ال ُف َ
فالتمسوها في العشر األواخر في تاسعه أو سابعه أو خامسه أو ثالثه أو آخر ليلة تبقى ،ال تجاوزوها
وال تأخروا عنها ،وال يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها)(.)2
«سئل يحيى بن معين عن يحيى بن أبي زكريا الذي يروي عن ابن خثيم ،من يحيى هذا؟ قال:
ال أدري.
ُ
الحديث صناعتُه وقال ابن حبان« :كان ممن يروي عن الثقات المقلوبات ،حتى إذا سمعها َم ِن
لم َّ
يشك أنها مقلوبة ،ال تجوز الرواية عنه ،لما أكثر من مخالفة الثقات فيما يرويه عن األثبات»(.)4
فهو قليل الحديث ،و َّثقه عدد من األئمة كابن سعد والعجلي وابن معين( ،)5واختلف فيه قول
النسائي ،وقال أبو حاتم« :صالح الحديث»(.)6
8
وقـال النسـائي« :ابن ُخثيـم :ليس بالقوي فـي الحديث ،...ويحيى بن سـعيد القطـان لم يترك
َّ
وكأن حديـث ابـن خثيم وال عبـد الرحمن إال َّ
أن علي بـن المديني قـال :ابن خثيم منكـر الحديث،
علي بن المديني ُخلق للحديث»(.)1
عن عبادة بن الصامت أن رسول اهلل ﷺ قالَ ( :ل ْي َل ُة ا ْل َقدْ ِر فِي ا ْل َع ْش ِر ا ْل َب َو ِاقيَ ،م ْن َقا َم ُه َّن ا ْبتِ َغا َء
ِح ْس َبتِ ِه َّن َفإِ َّن اهللَ َي ْغ ِف ُر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذنْبِ ِه َو َما ت ََأ َّخ َرَ ،و ِه َي َل ْي َل ُة ِوت ٍْر :تِ ْس ٍع َأ ْو َس ْب ٍع َأ ْو َخ ِام َس ٍة َأ ْو َثالِ َث ٍة َأ ْو
آخ ِر َل ْي َل ٍة).
ِ
وقال رسول اهلل ﷺ( :إِ َّن َأمار َة َلي َل ِة ا ْل َقدْ ِر َأنَّها :صافِي ٌة ،ب ْلج ٌة ك ََأ َّن فِيها َقمرا ساطِعا ،س ِ
اكنَ ٌة َ ًَ َ ً َ َ َ َ َ َ َ َ ْ
َب َأ ْن ُي ْر َمى بِ ِه فِ َيها َحتَّى ت ُْصبِ َحَ ،وإِ َّن َأ َم َارت ََهاَ :أ َّن ول َح َّرَ ،و َل َي ِح ُّل لِك َْوك ٍ
اج َي ٌة(َ ،)6ل َب ْر َد فِ َيها َ س ِ
َ
لشي َط ِ ِ ِ َخرج مست َِوي ًة َليس َلها ُشع ِ
ان َأ ْن َي ْخ ُر َج اع م ْث َل ا ْل َق َم ِر َل ْي َل َة ا ْل َبدْ ِرَ ،ل َيح ُّل ل َّ ْ
يحت ََها ت ْ ُ ُ ُ ْ َ ْ َ َ َ ٌ الش ْم َس َصبِ َ َّ
َم َع َها َي ْو َم ِئ ٍذ).
((( سنن النسائي ( ،)247/5وفي الضعفاء للعقيلي (« :)284/3وكان يحيى وعبد الرحمن ال يحدثان عن ابن خثيم» ،وقال ابن
رجب في فتح الباري (« :)362/4عبد اهلل بن عثمان بن خثيم ،وليس بالقوي؛ ترك حديثه يحيى القطان وابن مهدي».
وفي المقابل ،ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ( )112 /5عن الفالس قوله« :كان يحيى وعبد الرحمن يحدثان عن ابن
خثيم».
فهل كانا كذلك في أول األمر ثم تركاه ،أو يقال قول الفالس والنسائي مقدم على قول غيرهما في هذا ،اهلل أعلم بحقيقة الحال.
((( سنن النسائي (.)149/8
((( تمييز ثقات المحدثين وضعفائهم وأسمائهم وكناهم (ص.)43
((( الثقات (.)34/5
((( اإللزامات والتتبع للدارقطني (ص.)352
9
رواه اإلمـام أحمـد فـي المسـند( ،)1ومحمد بـن نصر في مختصـر قيام الليـل( ،)2من طريـق َب ِق َّية
حدثنـي َبحيـر بن سـعد عن خالد بـن َم ْعـدَ ان عن ُعبـادة بن الصامـت ،به.
ٌ
ضعيف: وهذا سندٌ
وقال الحافظ أبو نُعيم األصفهاني« :وخالد لم يلق عبادة بن الصامت ،ولم يسمع منه»(.)4
قال الذهبي عـن خالد« :حـدث عن ٍ
خلق من الصحابة ،وأكثر ذلك مرسل ...وأرسل عن:
معاذ بن جبل ،وأبي الدرداء ،وعائشة ،وعبادة بن الصامت ،وأبي عبيدة بن الجراح ،وغيرهم»(.)5
ولمـا ذكـر الحافـظ فـي التهذيـب روايتـه عـن أبـي الـدرداء وعبـادة بـن الصامت قـال« :ولم
يذكر سـما ًعا منهمـا»(.)7
أيضا عن
غرائب تُستنكر ً
ُ 2ـ بقية بن الوليد« ،أحد األئمة الحفاظ ،يروى عمن َّ
دب و َد َرج ،وله
الثقات لكثرة حديثه ،قال ابن خزيمة :ال احتج ببقية ،وقال أحمد بن حنبل :له مناكير عن الثقات،
وقال ابن عدي :لبقية أحاديث صالحة ويخالف الثقات»(.)8
10
ٍ
حديث لبق َّية ،فقال« :احذر أحاديث بق َّية ،وك ْن منها قال َأبو حاتم الرازيَ :س ُ
ألت أبا مسهر عن
على تق َّية ،فإنها غير نق َّية»(.)1
فهو «صدوق كثير التدليس عن الضعفاء»( ،)2واتهم بتدليس التسوية ،وليس في الرواية تصريح
بالسماع بين شيخه وشيخ شيخه.
وتابع خالدَ بن معدان :محمدُ بن عبادة بن الصامت(.)3
فأخرجه الفسوي من طريق إسحاق بن سليمان الرازي عن معاوية بن يحيى ،عن الزهري ،عن
محمد بن عبادة بن الصامت ،عن أبيه :أن رسول اهلل ﷺ قال( :ليلة القدر في رمضان من قامها إيمانا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ،وهي ليلة وتر لثالثة ،أو خامسة ،أو سابعة ،أو تاسعة ،ومن أماراتها
أنها :ليلة بلجة صا َّفة ساكنة ال حارة وال باردة ،كأن فيها ً
قمرا ،وال يحل لنجم أن يرمى به في تلك
الليلة حتى الصباح ،ومن أمارتها :أن الشمس تطلع صبيحتها مستوية ال شعاع لها ،كأنها القمر ليلة
البدر ،وحرم اهلل على الشيطان أن يخرج معها)(.)4
وهـذه المتابعـة ال يعتـد بهـا ،فمعاويـة بـن يحيـى الصدفـي ضعيـف ،وخاصـ ًة فيمـا رواه عنه
إسـحاق بن سـليمان.
قال يحيى بن معين« :معاوية بن يحيى الصدفي :ال شيء»(.)5
وقال البخاري« :روى عنه عيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان أحاديث مناكير ،كأنها من
حفظه»(.)6
وقال أبو حاتم الرازي« :وهو ضعيف الحديث في حديثه إنكار»(.)7
11
وقال أبو زرعة« :ليس بقوي ،أحاديثه كلها مقلوبة»(.)1
وقال ابن حبان« :منكر الحديث جدًّ ا ،كان يشتري الكتب ويحدث بها ،ثم تغ َّير حفظه ،فكان
الر ِاوين عنه ـ إسحاق بن سليمان وذووه
يحدِّ ث بالوهم فيما سمع من الزهري وغيره ،فجاء رواي ُة َّ
ـ :كأنها مقلوبة»(.)2
وقال« :في نسخة كتبناها عنه بهذا اإلسناد ،أكثرها مقلوبة على الزهري»(.)3
والمحفوظ من حديث عبادة ما أخرجه البخاري من طريق ُحميد الطويل عن أنس بن مالك،
قال :أخبرني عبادة بن الصامت أن رسول اهلل ﷺ خرج يخبر بليلة القدر فتالحى رجالن من المسلمين
فقال( :إِنِّي َخ َر ْج ُت ِلُ ْخبِ َرك ُْم بِ َل ْي َل ِة ال َقدْ ِرَ ،وإِ َّن ُه َتال ََحى ُفال ٌَن َو ُفال ٌَنَ ،ف ُرفِ َع ْتَ ،و َع َسى َأ ْن َيك َ
ُون َخ ْي ًرا
الخ ْم ِ ِ ِ
س)(.)4 الس ْبعَِ ،والت ِّْسعَِ ،و َ وها في َّ َلك ُْم ،التَم ُس َ
رواه الطبراني( )5وأبو طاهر المخلص( )6من طريق بشر بن عون عن بكار بن تميم عن مكحول
عن واثلة ،به.
وهذا سند ضعيف جدًّ ا؛ قال ابن حبان عن بشر بن عون« :روى عن بكار بن تميم عن مكحول
عن واثلة نسخ ًة نِ ْس َبتُها مئة حديث :كلها موضوعة ،ال يجوز االحتجاج به بحال»(.)7
12
وقال أبو حاتم« :بكار بن تميم وبشر مجهوالن»(.)1
وقال الذهبي« :بشر بن عون :له نسخة باطلة ،عن بكار بن تميم عن مكحول»(.)2
األول :عن ابن عباس أن رسول اهلل ﷺ قال في ليلة القدرَ ( :ل ْي َل ٌة َس ْم َح ٌة(َ ،)3ط ْل َق ٌةَ :ل َح َّار ٌة َو َل
يحت ََهاَ :ض ِعي َف ًة َح ْم َرا َء). َب ِ
ار َدةٌ ،ت ُْصبِ ُح َش ْم ُس َها َصبِ َ
رواه أبو داود الطيالسي( ،)4ومحمد بن نصر المروزي( ،)5وابن خزيمة( ،)6كلهم من طريق َز ْم َعة
الجنَدي ،عن سلمة بن وهرام ،عن عكرمة ،عن ابن عباس ،به.
بن صالح َ
وهذا سند ضعيف( )7ألمرين:
أخيرا.
وقال البخاري :يخالف في حديثه ،تركه ابن مهدي ً
وقال النسائي :ليس بالقوي ،كثير الغلط عن الزهري.
13
وقال اإلمام أحمد عنه« :ضعيف الحديث» (.)1
وقال أبو حاتم« :زمعة ابن صالح ضعيف الحديث» (.)2
صالحا َي ِه ُم وال َي ْع َل ُم ،و ُيخطئ وال َيفهم ،حتى غلب في حديثه
ً وقال ابن حبان« :وكان ً
رجل
المناكير التي يرويها عن المشاهير ،كان عبد الرحمن يحدِّ ث عنه ثم تركه»(.)3
ٌ
مقرون». «ضعيف ،وحدي ُثه عند مسل ٍم
ٌ وفي التقريب:
ولما أخرج ابن خزيمة الحديث قالَّ :
«فإن في القلب من حفظ زمعة»(.)4 َّ
2ـ أن سلمة بن وهرام مختلف فيه ،فوثقه ابن معين وأبو زرعة ،وضعفه أبو داود(.)5
إال أن أحاديثه من رواية زمعة عنه منكرة.
قال عبد اهلل بن أحمد بن حنبل :سألت أبي عن سلمة بن وهرام فقال« :روى عنه زمعة أحاديث
مناكير أخشى أن يكون حديثه حدي ًثا ضعي ًفا»(.)6
وقال ابن حبان عن سلمة« :يعتبر بحديثه من غير رواية زمعة بن صالح عنه»(.)7
وذكر الترمذي عن البخاري أنه« :ض َّعف زمعة بن صالح ،وقال :هو منكر الحديث كثير الغلط،
يتعجب منه ،قال محمد :وال
وذكر أحاديثه عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس ،وجعل َّ
أروي عنه شي ًئا ،وما أراه يكذب ،ولكنه كثير الغلط»(.)8
وقـال العقيلـي عنـه بعـد أن ذكـر لـه حديث ليلـة القـدر« :وله عـن عكرمـة أحاديـث ال يتابع
منهـا على شـيء»(.)9
14
وقـال ابـن عدي« :ولسـلمة عـن عكرمة ،عـن ابن عبـاس أحاديث التـي يرويها زمعـة عنه ،قد
بقـي منهـا القليـل ،وقـد ذكـرت عامتها ،وأرجـو أنه ال بـأس برواياتـه هـذه األحاديث التـي يرويها
عنه غيـر( )1زمعة»(.)2
الوجه الثاني :عن ابن عباس قالُ :أتيت وأنا نائم في رمضان فقيل لي :إن الليلة ليلة القدر ،قال:
فقمت وأنا ناعس فتع َّلقت ببعض أطناب فسطاط رسول اهلل ﷺ ،فأتيت رسول اهلل ﷺ وهو يصلي،
فنظرت في الليلة فإذا هي ليلة ثالث وعشرين.
«إن الشيطان يطلع مع الشمس كل ليلة إال ليلة القدر ،وذلك أنها تطلع
قال :وقال ابن عباسَّ :
يومئذ بيضاء ال شعاع لها».
رواه ابن أبي شيبة قال :حدثنا أبو األحوص ،عن سماك ،عن عكرمة ،عن ابن عباس ،به(.)4
وهذا سند ضعيف؛ لما في رواية سماك عن عكرمة من اضطراب وضعف ،فربما كان الحديث
عنده عن عكرمة ،فيقولون له« :عن ابن عباس» ،فيتابعهم في ذلك ،ويقول« :نعم» فيصبح الحديث
(عن عكرمة عن ابن عباس) ،وهو في األصل (عن عكرمة) فقط(.)5
قـال شـعبة« :وكان النـاس ربمـا لقنـوه ،فقالـوا :عـن ابـن عبـاس؟ فيقول :نعـم ،وأمـا أنا فلم
أكن ألقنـه»(.)6
((( كلمة (غير) سقطت من المطبوع فغيرت المعنى ،وقد ذكر النص على الصواب المزي في تهذيب الكمال ( ،)328/11وابن
عبد الهادي في تنقيح التحقيق ( ،)246/1وابن حجر في تهذيب التهذيب (.)161/4
((( الكامل في ضعفاء الرجال (.)466/5
((( المغني في الضعفاء (.)276/1
((( مصنف ابن أبي شيبة ( ،)27/6ورواه البيهقي في فضائل األوقات (ص )245من رواية مسدد عن أبي األحوص ،ورواه أحمد
في المسند ( )2302من رواية عفان عن أبي االحوص ،ولكن لم يذكر قول ابن عباس في آخره.
ورواه أبو داود الطيالسي ( )392/4عن أبي األحوص ،لكن بلفظ( :فإذا هي ليلة أربع وعشرين ،فنظرت إلى الشمس صبيحتها
فإذا ليس لها شعاع) ،وهذا الرواية ليس فيها إال أن الشمس طلعت صبيحة ذلك اليوم بال شعاع ،ال أنها عالمة لها.
((( ينظر :الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم (ص.)217
((( الضعفاء للعقيلي (.)43/3
15
وقال شريك« :كانوا يلقنون سماك أحاديثه عن عكرمة ،يلقنونه :عن ابن عباس ،فيقول :عن ابن
عباس»(.)1
وقـال يعقـوب بـن شـيبة قلـت لعلـي بـن المدينـي :روايـة سـماك عـن عكرمـة؟ فقـال:
«مضطربـة ،سـفيان وشـعبة يجعلونهـا عن عكرمـة ،وغيرهما يقول :عـن ابن عباس ،إسـرائيل وأبو
األحـوص»(.)2
قال أبو طالب قلت ألحمد بن حنبل :سماك بن حرب مضطرب الحديث؟ قال :نعم(.)3
وقال الذهبي« :فسماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس :نسخة عدة أحاديث ،فال هي على
شرط مسلم؛ إلعراضه عن عكرمة ،وال هي على شرط البخاري؛ إلعراضه عن سماك ،وال ينبغي أن
ُت َعدَّ صحيحة؛ َّ
ألن سماكًا إنما تُكلم فيه من أجلها»(.)5
الثالـث :روى اإلمـام أحمـد فـي العلـل عن معاذ بن هشـام الدسـتوائي قـال :حدثنـي أبي عن
عمـرو بـن مالـك عـن أبـي الجوزاء عـن ابن عبـاس قال« :قـد حفظـت ليلة القـدر أربع مـرات من
فـوق إيجـار يلي( :)6الشـمس تطلع ال شـعاع لهـا لثالث وعشـرين لسـبع يبقين»(.)7
وسنده ضعيف:
((( العلل ومعرفة الرجال ألحمد رواية ابنه عبد اهلل (.)398/2
16
ـ معاذ بن هشام ،اختلف فيه قول ابن معين ،فوثقة مرة( ،)1وقال فيه« :لم يكن بالثقة»( ،)2وقال:
«صدوق ليس بحجة»( ،)3وقال« :ليس بذاك القوي»(.)4
ـ وعمرو بن مالك النُّكْري ،لم يوثقه معتبر ،إال أن ابن حبان ذكره في الثقات وقال« :يعتبر
حديثه»( ،)7وقال ابن القطان« :ال تعرف حاله»(.)8
وقال عبد اهلل عن اإلمام أحمد« :وكأنَّه ضعف عمرو بن مالك النكري»(.)9
وذكر ابن عدي أنه روى عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قدر عشرة أحاديث غير محفوظة(.)10
فهذه رواية لم تُعرف عن ابن عباس إال من هذا الطريق الغريب ،ولو كانت محفوظة الشتهرت
عنه ونلقها أصحابه الثقات.
17
اخ ِر ِم ْن َر َم َض َ
انَ ،ت ْط ُل ُع ف ِمن السب ِع ْالَو ِ
َ َ َّ ْ
فقال :إن رسول اهلل ﷺ قال( :إِ َّن َلي َل َة ا ْل َقدْ ِر فِي النِّص ِ
ْ ْ
ِ ٍِ
اع) ،فنظرت إليها فوجدتها كما قال رسول اهلل ﷺ. الش ْم ُس َغدَ اتَئذ َصاف َي ًةَ ،ل ْي َس َل َها ُش َع ٌ
َّ
رواه أبو داود الطيالسي( ،)1وأحمد في المسند( ،)2وابن أبي شيبة في المصنف( ،)3من طريق أبي
يعفور ،عن أبي الصلت ،عن أبي عقرب األسدي ،به.
ورواه أحمد أيضا( ،)5وأبو يعلى( ،)6من طريق أبي خالد الداالني عن طلق بن حبيب عن أبي
عقرب األسدي ،به.
18
الثاني :عن عبد اهلل بن مسعود ،قال :سئل رسول اهلل عن ليلة القدر ،فقال( :كن ُْت َع ِل ْمت َُها ُث َّم
الث َب ِقي َنَ ،وآ َي ُة
انَ ،فا ْط ُلبوها فِي تِس ٍع ب ِقينَ ،أو سب ٍع ب ِقينَ ،أو َث ٍ
ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ اخت ُِل َس ْت ِمنِّيَ ،ف َأ َرى َأن ََّها فِي َر َم َض َْ
السنَ َة َس َق َط َع َل ْي َها). الش ْم ُس َل ْي َس َل َها ُش َع ٌ
اعَ ،و َم ْن َقا َم َّ كَّ : َذلِ َ
رواه األصفهاني وابن شاذان من طريق محمد بن سعيد بن سابق ،حدثنا عمرو بن أبي قيس،
عن الزبير بن عدي ،عن أبي وائل ،عن عبد اهلل بن مسعود ،به(.)1
ورواه البزار من طريق عبد اهلل بن الجهم عن عمرو بن قيس ،ولم يذكر فيه ما يتعلق بعالمة ليلة
القدر بل اقتصر فيه على قوله( :قد كنت أعلمتها ثم انفلتت مني ،فاطلبوها في تسع يبقين ،أو ثالث
يبقين)(.)2
وتابعه على ذلك عبد الرحمن بن عبد اهلل الرازي الدشتكي ،كما أخرجه من طريقه القطيعي(،)3
ولفظه( :اطلبوا ليلة القدر في ثالث يبقين ،أو خمس يبقين ،أو سبع يبقين ،أو تسع يبقين).
فقد خالف اب ُن الجهم والدشتكي محمدَ بن سعيد بن سابق في هذه الزيادة فلم يذكراها ،مما
يدل على أنها غير محفوظة.
بل قال محمد بن سعيد بن سابق« :لو حضرت مع عبد الرحمن بن عبد اهلل بن سعد محدثا
وسمعنا منه ،فخالفني عبد الرحمن وأنا أحفظ سماعي من الشيخ ،لتركت حفظي لحفظه»(.)4
وقد يكون الوهم من الراوي عن محمد بن سعيد بن سابق ،وهو يعقوب بن يوسف القزويني،
«ويتفرد بأحاديث»( ،)5وهذا مع تأخر طبقته حيث توفي (278ﻫ) وقلة شيوخه،
َّ وثقه الخليلي وقال:
فيه إشارة إلى غمز ما ينفرد به من روايات.
الثالـث :عـن عبـد اهلل قـال« :تحـروا ليلة القدر لسـبع وعشـرين وهـي صبيحة بدر( ،)6ولسـبع
19
بقيـن أو لتسـع بقيـن ،فـإن الشـمس تطلـع كل يوم بيـن قرني شـيطان إال صبيحـة ليلة القـدر ،فإنها
تطلـع ال شـعاع لها».
رواه ابن األعرابي في معجمه من طريق القاسم بن معن ،عن األعمش ،عن إبراهيم ،عن األسود
عن عبد اهلل(.)1
وهذا األثر مداره على األسود بن يزيد يرويه عن ابن مسعود ،ورواه عن األسود :حجير التغلبي،
وعبد الرحمن بن األسود ،وإبراهيم النخعي.
أما حجير فرواه بلفظ« :التمسوا ليلة القدر ليلة سبع عشرة ،فإنها صبيحة بدر ،يوم الفرقان ،يوم
التقى الجمعان»(.)2
وعبد الرحمن رواه عنه بلفظ« :اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان ،وليلة إحدى وعشرين،
وليلة ثالث وعشرين»(.)3
وليس في روايتهما هذه الزيادة(.)4
وأما إبراهيم النخعي ،فرواه عنه األعمش ،واختلف على األعمش في لفظه:
ـ فرواه عنه سفيان الثوري بلفظ« :تحروا ليلة القدر ليلة سبع عشرة صباحة بدر ،أو إحدى
وعشرين ،أو ثالث وعشرين»(.)5
ـ ورواه جرير بلفظ« :تحروها إلحدى عشرة يبقين ،صبيحتها يوم بدر»(.)6
وهي الصواب ،قال البيهقي عن رواية سبع عشرة« :وهي أصح ،والمشهور عند أهل المغازي أن قتال بدر كان اليوم السابع عشر
من شهر رمضان» .فضائل األوقات للبيهقي (ص ،)237وينظر :دالئل النبوة للبيهقي (.)128/3
((( معجم ابن األعرابي (.)476/2
((( مصنف ابن أبي شيبة (.)33/6
((( دالئل النبوة للبيهقي (.)127/3
((( وخالفهم زيد ابن أبي أنيسة فرواه عن أبي إسحاق ،عن عبد الرحمن بن األسود ،عن أبيه عن ابن مسعود ،مرفوعا بلفظ:
(اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان ،وليلة إحدى وعشرين ،وليلة ثالث وعشرين) ثم سكت ،والصواب وقفه كما سبق ،وينظر:
ضعيف أبي داود لأللباني (.)65/2
((( مصنف عبد الرزاق الصنعاني ( ،)252/4مسند البزار (.)60/5
((( المستدرك على الصحيحين (.)25/3
20
ـ ورواه أبو معاوية بلفظ« :تحروا ليلة القدر لسبع تبقى ،تحروها لتسع تبقى ،تحروها إلحدى
عشرة تبقى ،صبيحة بدر ،فإن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان إال صبيحة بدر فإنها تطلع
بيضاء ليس لها شعاع»(.)1
وبه يتبين أن المحفوظ عن ابن مسعود موقو ًفا األمر بتحريها في ليال محددة منها ليلة صبيحة
بدر ،وأما جعل طلوع الشمس بال شعاع عالمة لها فتفرد به القاسم بن معن ،ولم يتابع عليه ،فضال
عن كون إسناد الرواية إليه فيه نظر لجهالة شيخ ابن األعرابي إذ لم أقف على من تكلم فيه بجرح أو
تعديل.
وكذا تفرد أبو معاوية بزيادة مفادها :أن الشمس صبيحة بدر تطلع بال شعاع ،وفي ثبوتها نظر.
اخ ِر ِم ْن َر َم َض َ
ان، عن جابر بن سمرة ،قال :قال رسول اهلل ﷺ( :ا ْلت َِمسوا َلي َل َة ا ْل َقدْ ِر فِي ا ْلع ْش ِر ْالَو ِ
َ َ ُ ْ
يح). يح) ،أو قالَ ( :ق ْط ٍر َو ِر ٍ فِي َوت ٍْرَ ،فإِنِّي َقدْ َر َأ ْيت َُها َفن ُِّسيت َُهاِ ،ه َي َل ْي َل ُة َم َط ٍر َو ِر ٍ
رواه عبد اهلل في زوائد المسند ،والبزار في مسنده ،من طريق عبد الرحمن بن شريك ،عن أبيه،
عن سماك بن حرب ،عن جابر بن سمرة ،به(.)3
وقال البزار« :وهذا الحديث ال نعلم أحدً ا يرويه عن سماك إال شريك ،وال نعلم أحدً ا يرويه
بهذا اللفظ عن شريك إال عبد الرحمن بن شريك عن أبيه»(.)4
وعبد الرحمن بن شريك ضعيف الحديث ،قال عنه أبو حاتم« :واهي الحديث»(.)5
ولكن توبع في هذا الحديث ،فرواه الطبراني من طريق خالد بن يزيد عن شريك عن سماك بن
21
حرب عن جابر بن سمرة ،مرفوعا بلفظ( :أريت ليلة القدر فأنسيتها فاطلبوها في العشر األواخر)،
وقال( :وهي ليلة ريح ومطر ورعد) (.)1
وخالد ،تفرد ابن حبان بذكره في الثقات وقال« :ربما أخطأ»( ،)2وذكر له البخاري حدي ًثا وقال:
«ال يتابع عليه»( ،)3وساق له الذهبي في الميزان حدي ًثا آخر من مناكيره(.)4
وقد خالفهم أبو داود الطيالسي فرواه عن شريك ،عن سماك ،عن جابر بن سمرة ،أن رسول اهلل
ﷺ قال( :التمسوا ليلة القدر في عشر األواخر) (.)5
ولم يذكر ما ذكره من عالمة ليلة القدر ،فهذه المخالفة مع ما فيهما من ضعف تؤكد أنها زيادة
منكرة.
مع أن شريك بن عبد اهلل النخعي متكلم في حفظه وضبطه ،لخص حاله الحافظ بقوله« :صدوق
يخطىء كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة»(.)6
وقد رواه عن سماك :شعبة بن الحجاج( ،)7وأسباط بن نصر( ،)8ولم يذكرا هذه الزيادة.
قال اإلمام مسلم بن الحجاج :وحدثنا محمد بن حاتم وابن أبي عمر ،كالهما عن ابن عيينة،
قال ابن حاتم :حدثنا سفيان بن عيينة ،عن (عبدة وعاصم بن أبي النَّجود) ،سمعا ِز َّر بن ُحبيش يقول:
ب ليل َة َ ِ سألت ُأ َبي بن كعب رضي اهلل عنه ،فقلتَّ :
إن أخاك ابن مسعود يقول :من َي ُق ِم
الحول ُيص ْ
القدر؟
22
فقال :رحمه اهلل ،أراد أن ال يتكل الناس ،أما إنَّه قد َع ِل َم أنَّها في رمضان ،وأنَّها في العشر
األواخر ،وأنَّها ليلة سب ٍع وعشرين ،ثم حلف ال َيستثني ،أنَّها ليل ُة سب ٍع وعشرين.
ٍ
شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ بأي
فقلتِّ :
ٍ
يومئذ ال شعاع لها(.)1 قال :بالعالمة أو باآلية التي أخبرنا رسول اهلل ﷺ أنَّها تطلع
ويرويـه عـن ِز ِّر بـن ُحبيـش ثمانيـةَ :ع ْبـدَ ُة بن أبـي ُلبابة ،وعاصـم بن أبـي النَّجود ،والشـعبي،
وأبـو ُبـردة ،وإسـماعيل بـن أبي خالـد ،ويزيد بن أبي سـليمان ،وعبـد اهلل بن شـريك ،وعبد الملك
بـن أبجر.
وأشهر طرقه :طريقا عبدة وعاصم ،وبين روايتيهما اختالف ،سأبينه بإجمال ،مع التركيز على
ِّ
بمحل البحث. االختالف الذي له تع ُّلق
الحجاج،
َّ األول :عبدة بن أبي لبابة ،ويرويه عنه أربعة :سفيان بن عيينة ،واألوزاعي ،وشعبة بن
وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.
هي الليلة التي أمرنا بها رسول اهلل ﷺ بقيامها ،هي ليلة صبيحة
أي ليلة هيَ ،
«وواهلل إنِّي ألعلم َّ
سبع وعشرين.
23
كـذا رواه عنـه :الوليـد بن مسـلم( ،)1والوليد بـن َم ْز َيـد( ،)2وعبد الحميـد بن أبي العشـرين(،)3
ومحمد بـن كثير(.)4
ورواه عنه إسماعيل بن عبد اهلل بن سماعه( ،)5وبشر بن بكر( ،)6بلفظ« :واهلل الذي ال إله إال
هي الليل ُة التي أمرنا رسول اهلل ﷺ أن نقومها ،هي ليلة صبيحة سبع
أي ليلة هيَ ،
هو إني ألعلم َّ
وعشرين» ،ولم يذكرا ما يتع َّلق بطلوع الشمس.
ـ ورواه عبد الرحمن بن ثابت( ،)9بلفظ :تذاكروا عند ابن مسعود ليلة القدر ،فقال :من قام شهر
رمضان كله فقد أدركها ،قال :فقدمت المدينة فذكرت ذلك ألبي بن كعب ،فقال« :والذي نفسي بيده
أي ليلة هي ،هي الليلة التي أمرنا النبي ﷺ بقيامها» ،قال :فسألته عنها فقال« :ليلة سبع
إني ألعلم َّ
وعشرين»(.)10
24
وللحديث طريق خامس عن عبدة ،من رواية حبيب بن أبي ثابت عنه بذكر العالمة دون تصريح
برفعها( ،)1ولكن في سنده ضعف.
ورواية سفيان تختلف عن باقي الروايات بأمرين:
1ـ التصريح برفع هذه العالمة للنبي ﷺ ،بينما أوقفها األوزاعي ،ولم يذكرها شعبة وعبد
الرحمن بن ثابت.
2ـ في رواية األوزاعي وشعبة وعبد الرحمن بن ثابت ما يفيد أنهم علموا ليلة القدر بأمر النبي
ﷺ لهم بقيامها ،وأ َّما العالمة فذكرها الراوي تب ًعا تأكيدً ا لذلك ـ كما في رواية األوزاعي ـ ،وليست
هي سبب معرفتهم لها ،بخالف رواية سفيان فتدل على أنهم عرفوها بعالمة الشمس ،ولم تذكر ما
يتعلق بأمر النبي ﷺ لهم بقيامها.
الراوي الثاني عن ِز ِّر بن ُحبيش :عاصم بن أبي النَّجود.
ـ رواه عنه سفيان بن عيينة ،كما في روايته عن عبدة ،بل ذكرهما في مساق واحد( ،)2وقريب منه
رواية أبي بكر بن عياش(.)3
ـ ورواه عنه سفيان الثوري ،بلفظ :قلت ألُبي :أخبرني عن ليلة القدرَّ ،
فإن ابن أم عبد كان
يقول :من يقم الحول يصبها ،قال« :يرحم اهلل أبا عبد الرحمن ،قد علم أنها في رمضان ،فإنها لسبع
عمى على الناس لكي ال يتكلوا ،فوالذي أنزل الكتاب على محمد إنها في رمضان
وعشرين ،ولكنه َّ
ليلة سبع وعشرين».
قال :قلت :يا أبا المنذر ،وأنَّى علمتَها؟
قال« :باآلية التي أنبأنا رسول اهلل ﷺ ،فعددنا وحفظنا ،فواهلل إنها لهي» ،ما يستثني.
((( رواه الطبراني في المعجم األوسط ( ،)132/4ولفظ روايته :فقال ُأبي« :واهلل إنها لفي رمضان ،وإنها ليلة سبع وعشرين أخبرنا
رسول اهلل ﷺ ،وآية ذلك :أن الشمس تطلع ليس لها شعاع» ،وهي ليست صريحة في الرفع ،وفي سندها راويان مجهوالن ،وراو
ضعيف.
((( رواه مسلم (.)762( )828/2
(( ( سنن الترمذي ( ،)793ولفظه :عن زر قال :قلت ألبي بن كعب :أنى علمت أبا المنذر أنها ليلة سبع وعشرين ،قال« :بلى أخبرنا
رسول اهلل ﷺ أنها ليلة صبيحتها تطلع الشمس ليس لها شعاع ،فعددنا ،وحفظنا واهلل لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان ،وأنها
ليلة سبع وعشرين ،ولكن كره أن يخبركم فتتكلوا».
25
قلت لزر :ما اآلية؟
ـ ورواه يونس بن عبيد عنه ،بلفظ« :رحم اهلل أبا عبد الرحمن لقد علم أنها في شهر رمضان في
ليلة سبع وعشرين ،ولكن أحب أن ال يتكلوا»(.)7
هؤالء هم أشهر وأوثق من رواه عن عاصم ،وثمة روايات أخرى عنه ال تخرج في مجملها عن
محتوى الروايات السابقة ،واعرضت عن ذكر رواية الضعفاء عنه ،إذ ال فائدة من ذلك ،خاصة مع
ما في عاصم من ضعف.
الشعبي(................................................................................،)8
((( إناء كبير مستدير من نحاس ،وذكر األزهري أنها دخيلة في كالم العرب؛ ألن التاء والطاء ال يجتمعان في كلمة عربية .تهذيب
اللغة ( ،)194/12المعجم الوسيط (.)557/2
((( رواه أحمد في المسند (.)21194
((( رواه أبو داود في السنن ( ،)1378وأحمد في المسند (.)126/35
((( رواه الطبراني في المعجم الكبير (.)316/9
((( رواه ابن حبان في صحيحه (.)446/8
((( اآلثار ألبي يوسف (ص.)181
((( المعجم الكبير للطبراني (.)317/9
((( تاريخ ابن أبي خيثمة ـ السفر الثالث ـ ( )168 /3من رواية زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي ،بينما رواه األجلح عن الشعبي بلفظ
قريب من رواية عاصم ،كما أخرجه اإلمام أحمد ( ،)21190والنسائي في السنن الكبرى ( ،)402/3وعقبه بقوله« :األجلح
26
ويزيد بن أبي سليمان( ،)1وأبو بردة( ،)2وإسماعيل بن أبي خالد( ،)3وعبد اهلل بن شريك( ،)4فرووه عنه
عن ُأبي موقوف ًا دون ذكر القصة ،مقتصرين على قوله« :ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين» ،إال رواية
يزيد فمرفوعة.
ورواه عبد الملك بن أبجر قال :سمعت زر بن حبيش قال« :كان أبي بن كعب يحلف باهلل أن
ليلة القدر ،ليلة سبع وعشرين ال يستثني ،قال :قلنا له :من أين عرفت ذلك؟ قال :باآلية التي أخبرنا
رسول اهلل ﷺ ،وحسبنا وحفظنا أنها ليلة سبع وعشرين»(.)5
وحاصل ما سبق:
َّ
أن الحديث يرويه عن زر بن حبيش ثمانية من الرواة ،ستة منهم لم يتعرضوا لذكر هذه العالمة،
وهم( :الشعبي ،وإسماعيل بن أبي خالد ،وأبو بردة ،ويزيد بن سليمان ،وعبد اهلل بن شريك ،وعبد
الملك بن أبجر).
والسابع هو عاصم بن أبي النَّجود ،وذكر هذه العالمة ،وفي بعض الروايات عنه تصريح بالرفع،
وفي بعضها إبهامها وبيانها من قول زر بن حبيش ،وفي بعضها من قول ُأبي بن كعب.
وعاصم وإن وثقه عد ٌد من األئمة إال أنه متك َّل ٌم في حفظه وضبطه ،فهو سيء الحفظ ،وفي روايته
ٌ
عن زر خاص ًة اضطراب.
ليس بذلك القوي ،وكان له رأي سوء» ،ولذا فرواية زكريا عن الشعبي هي المحفوظة ،ينظر :الجرح والتعديل (،)347/2
المجروحين البن حبان ( ،)197/4الكامل في ضعفاء الرجال ( ،)367/2ميزان االعتدال (.)79/1
((( مسند أبي داود الطيالسي ( ،)438/1وزوائد عبد اهلل على المسند ( ،)126/35وصحيح ابن خزيمة ( ،)1046/2ولفظه:
«لوال مخافة سلطانكم لوضعت يدي في أذني ثم ناديت :أال إن ليلة القدر في العشر األواخر في السبع قبلها ثالث وبعدها
ثالث ،نبأ من لم يكذبني عن نبأ من لم يكذبه» ،قال أبو داود :يعني أبي بن كعب عن النبي ﷺ.
((( زوائد عبد اهلل على المسند ( )137/35بلفظ( :ليلة القدر ليلة سبع وعشرين).
((( مصنف ابن أبي شيبة ( ،)28/6والسنن الكبرى للنسائي ( ،)402/3بلفظ« :رأيت زرا في المسجد تختلج لحيته كبرا ،فسألته:
كم بلغت؟ قال :عشرين ومائة سنة ،قال :سمعت أبيا يقول :ليلة القدر ليلة سبع وعشرين».
((( أخرجه مسدد في مسنده ـ كما في المطالب العالية ـ (.)240/6
((( المعجم األوسط ( ،)9/8وحلية األولياء وطبقات األصفياء ( ،)86/5ومجرد ذكر اآلية أو العالمة ههنا ال يقتضي بالضرورة
اإلشارة إلى مسألة طلوع الشمس بال شعاع.
27
قال ابن سعد« :وكان عاصم ثقة إال أنه كان كثير الخطأ في حديثه»(.)1
صدوق َي ِه ُم.
ٌ وقال عنه الذهبي« :ث ْب ٌت في القراءة ،وهو في الحديث دون الثبت
قال يحيى الق َّطان :ما وجدت ً
رجل اسمه عاصم إال وجدته رديء الحفظ.
وقال النسائي :ليس بحافظ ،وقال الدارقطني :في حفظ عاصم شيء ،وقال أبو حاتم :مح ُّله
الصدق ،وقال ابن ِخراش :في حديثه نُكرة.
وقـال البيهقـي« :عاصـم بـن بهدلة قـارئ أهـل الكوفـة ،وإن لم يخـرج الشـيخان ـ البخاري
ومسـلم ـ حديثـه فـي الصحيـح لسـوء حفظـه ،فليـس بسـاقط إذا وافـق فيمـا يرويـه الثقـات ولم
يخالف األثبـات»(.)5
28
وقـال الحافـظ ابـن رجـب الحنبلـي« :كان حف ُظـه سـي ًئا ،وحديثـه خاص ًة عـن ِز ٍّر وأبـي وائل
مضطـرب»(.)1
ٌ
وقال« :ممن يضطرب في حديثه :سماك ،وعاصم بن بهدلة ،وقد ذكر الترمذي أن هؤالء
وأمثالهم ممن تكلم فيه من قبل حفظه وكثرة خطئه ال يحتج بحديث ٍ
أحد منهم إنما انفرد ،يعني في
األحكام الشرعية واألمور العلمية ،وأن أشد ما يكون ذلك إذا اضطرب أحدهم في اإلسناد فزاد فيه
أو نقص ،أو غ َّير اإلسناد ،أو غ َّير المتن تغير ًا يتغير به المعنى»(.)2
ومسلم بن الحجاج لم يخرج لعاصم شي ًئا إال هذه الرواية مقرونًا بعبدة(.)3
وأما رواية عبدة بن أبي لبابة ،وهي التي أخرجها اإلمام مسلم في صحيحه ،فاختلف الرواة عنه
في ذكرها:
ـ وسفيان بن عيينة رواها عن عبدة وعاصم م ًعا ،وصرح برفعها للنبي ﷺ.
والذي يظهر واهلل أعلم :أن هذه العالمة ال تثبت مرفوعة للنبي ﷺ ،ويدل على ذلك:
2ـ أن رواية شعبة واألوزاعي وعبد الرحمن بن ثابت تدل على َّ
أن رفع هذه العالمة غير
محفوظ في حديث عبدة.
3ـ أن أكثر الروايات عن عاصم تدل على أن ذكر هذه العالمة من قول زر بن حبيش.
((( شرح علل الترمذي ( ،)233/2وينظر :الثقات للعجلي ( ،)6/2كشف اإليهام لما تضمنه تحرير التقريب من األوهام لماهر
الفحل (ص.)420
((( شرح علل الترمذي (.)141/1
((( قال أبو عوانة بعد أن ذكر هذا الحديث« :لم يخرج في الصحيح لعاصم بن أبي النجود غيره» .مستخرج أبي عوانة (.)296/8
29
4ـ رواي ُة عبدة صريح ٌة في أن سبب معرفة ُأبي لهذه الليلة هو ندب النبي ﷺ لهم لقيامها ،ال
شي ٌء آخر.
والمقصود أن هذه الليلة كان لها احتفاء خاص من النبي ﷺ بالقيام ،كما روى اإلمام أحمد
والنسائي عن النعمان بن بشير قال« :قمنا مع رسول اهلل ﷺ ليلة ثالث وعشرين في شهر رمضان إلى
ثلث الليل األول ،ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ،ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين
حتى ظننا أن ال ندرك الفالح ،قال :وكنا ندعو السحور الفالح»(.)1
وروى أصحاب السنن من حديث أبي ذر أن النبي ﷺ في هذه الليلة« :أرسل إلى بناته ونسائه،
وحشد الناس ،فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفالح»(.)2
فهذا االعتناء الخاص بهذه الليلة هو الذي جعل أبي بن كعب يجزم بكونها ليلة القدر ،وعدَّ
ذلك آي ًة وعالم ًة تدل عليها.
زرا لما روى ذلك عن أبي بن كعب ،ع ّقب من عنده بذكر هذه العالمة المؤكدة لما جاء
فكأن ًّ
في حديث ُأبي بن كعب(.)3
إال أن عاصم بن أبي النجود لسوء حفظه وما ُعرف عنه من الوهم والخطأ وخاصة فيما يرويه
عن زر :أهمل السبب الحقيقي الذي بنى عليه ُأبي معرفته بليلة القدر ،وجعل ما ذكره زر من التعقيب
هو العالمة التي َع ِل َم بها ُأبي ليلة القدر.
أن سفيان بن عيينة لما روى الحديث عن عبدة وعاصم م ًعا ،وساق روايتهما مسا ًقا واحدً ا
5ـ َّ
لفظ ِ
أحدهما على اآلخر. حمل َدون تمييز(َ :)4
((( المسند ( ،)18402سنن النسائي ( ،)1606بإسناد حسن كما قال النووي في الخالصة (.)576/1
((( رواه أبو داود ( ،)1375والنسائي ( ،)1364والترمذي ( ،)806وابن ماجه ( ،)1342وقال الترمذي« :هذا حديث حسن
صحيح».
((( وورواية اثنين من الثقات الحديث عن األوزاعي دون ذكرها ،يدل على أن حديث أبي ينتهي دونها ،وأنها من قول زر ،ولذا كان
األوزاعي يذكرها حينًا ويسقطها حينًا.
((( ما جاء في بعض الروايات من روايته عن سفيان عن عبدة منفصال عن رواية عاصم ،كما في رواية الدورقي عنه في السنن
الكبرى للنسائي ( ،)401/3فهو من صنيع الرواة عن سفيان؛ لتوارد عامة الثقات الذين رووا الحديث عن سفيان على ذكرهما
م ًعا في سياق واحد دون فصل ،ومنهم :اإلمام الشافعي ،واإلمام أحمد ،والحميدي ،وابن أبي عمر ،ومحمد بن حاتم ،وعبد
الجبار بن العالء ،وسعدان بن نصر ،وشعيب بن عمرو ،وعامر بن أسيد.
30
وقد ذكر الخطيب البغدادي في الكفاية با ًبا «فيمن سمع حدي ًثا من رجلين فحفظ عنهما ،واختلط
عليه لفظ أحدهما باآلخر».
ثم ذكر حديثا من رواية سفيان بن عيينة عن عبدة بن أبي ُلبابة وعبد الملك بن عمير ،وأن سفيان
علي هذا من هذا»(.)1
قال« :سمعتُه من عبدة منذ تسع وستين سنة ،وسمعته من عبد الملك ،فاختلط َّ
وفي هذا أن ابن عيينة قد يختلط عليه بعض ألفاظ حديث عبدة إذا قرنه مع غيره بسبب طول
العهد بسماعه منه(.)2
جماعة وساق الحديث ٍ أن الرجل إذا جمع بين حديث قال ابن رجب الحنبلي« :ومعنى هذا َّ
ٍ
متقن لحديثه َيعرف ٍ
حافظ سياق ًة واحدةً ،فالظاهر َّ
أن لفظهم لم يتفق ،فال ُيقبل هذا الجمع إال من
ٍ
واحد ٍ
بحديث ث أن ابن عيينة كان ربما ُيحدِّ ُ
اتفاق شيوخه واختالفهم ...وقد ذكر يعقوب بن شيبةَّ :
واحد منهما ،فإذا أفرد الحديث عن اآلخر أرسله أو وافقه»(.)3 ٍ ِ
بسياقة عن اثنين ،ويسوقه
ولذا فال يمكننا قبول هذا اللفظ الحتمال كونه مأخو ًذا عن عاصم ،وهو ضعيف.
قال ابن دقيق العيد« :إذا روي الحديث عن شيخين ،ولم يتميز لفظ أحدهما عن اآلخر في ِ
أثناء ُ
الحديث ،فإن كانا ثقتين :فال بأسَّ ،
فإن الحجة قائمة برواية العدل وال تضرنا جهالته بعينه بعد معرفة
ثقته.
ٍ
بلفظ مع َّي ٍن ،الحتمال أن يكون عن المجروح»(.)4 يحتج وإن كان أحدهما مجروح ًا :لم
َّ
6ـ قد أخرج اإلمام مسلم الحديث في موضعين من صحيحه ،الموضع األول في كتاب الصالة،
فيما بوب له النووي بقوله« :باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح» ،وأورد فيه الحديث من
رواية األوزاعي ،ثم عقبه برواية شعبة(.)5
31
والثاني في كتاب الصيام ،فيما بوب له النووي« :باب فضل ليلة القدر ،والحث على طلبها،
وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها» ،وأورد فيه الحديث من رواية ابن عيينة ،ثم عقبه برواية شعبة(.)1
مسلما ال يراها محفوظة مرفوعة ،ولذا لما أخرج الحديث في الموضعين ع َّقب َّ
كل ً فكأن اإلمام
ٍ
رواية منهما برواية شعبة التي تخلو من هذا اللفظ تما ًما(.)2
حافظ ناقدٌ ،ال يترك هذا الجزء من الرواية لو كان محفو ًظا عن
ٌ كبير
وشعبة بن الحجاج إما ٌم ٌ
عبدة مرفو ًعا أو موقو ًفا.
المطلب الثامن :مرسل الحسن البصري.
عن الحسن البصري قال :قال النبي ﷺَ ( :ل ْي َل ُة ا ْل َقدْ ِر َل ْي َل ٌة َب ْل َج ٌة َس ْم َح ٌةَ ،ت ْط ُل ُع َش ْم ُس َها َل ْي َس َل َها
ُش َع ٌ
اع).
رواه ابن أبي شيبة حدثنا وكيع قال :حدثنا سفيان ،عن يونس ،عن الحسن ،به(.)3
وهذا مرسل.
وذكر ابن الجوزي وشيخ اإلسالم ابن تيمية أن حماد بن سلمة رواه عن حميد عن الحسن :أن
آخ ِر َل ْي َل ٍة،
َّاسع ِة ،والسابِع ِة ،وا ْل َخ ِامس ِة ،و ِ
َ َ
ِ ِ ِ
رسول اهلل ﷺ قال( :ا ْط ُل ُبوا َل ْي َل َة ا ْل َقدْ ِر في ا ْل َع ْش ِر األَ َواخ ِر الت َ َ َّ َ َ
ِ ِ َو ِه َي َل ْي َل ٌة َب ْل َج ٌة ،ال َح َّار ٌة َوال َب ِ
ب)(.)4 ار َدةٌَ ،وال ُي ْر َمى ف َيها بِن َْج ٍمَ ،وال َينْ َب ُحف َيها َك ْل ٌ
تفرد به حماد ،وفيه كالم وخاصة فيما ينفرد به(.)5
وهذا مع إرسالهَّ ،
32
وقد رواه إسماعيل بن جعفر حدثنا ُحميد ،عن الحسن أنه قال في ليلة القدر« :إنها ليلة بلجة،
سمحة ال باردة وال حارة ،تطلع الشمس صباحها ليس لها شعاع»(.)1
وقال الحافظ ابن رجب« :ويروى بإسناد ضعيف عن أنس مرفو ًعا أنه :ال تسري نجومها ،وال
تنبح كالبها»(.)2
5E5
33
المبحث الثاني
وكل هذه العالمات رويت بأسانيد ضعيفة ،وال يصح منها شيء إال طلوع الشمس في صبيحتها
بال شعاع ،ففي ثبوتها وداللتها بحث ونظر.
أن ليلة القدر كانت في إحدى سنوات العهد النبوي ليل ًة
ثان ًيا :ثبت في السنة النبوية الصحيحة َّ
مطيرةً ،وهذا يدل على بطالن ما روي من أنها تكون ليل ًة ال سحاب فيها وال مطر وال ريح.
عن أبي سعيد الخدري قال :اعتكفنا مع النبي ﷺ العشر األوسط من رمضان ،فخرج صبيحة
يت َلي َل َة ال َقدْ ِرُ ،ثم ُأن ِْسيتُها ـ َأو نُسيتُها ـ َفا ْلت َِمسوها فِي الع ْش ِر األَو ِ
اخ ِر َ َ ُ َ ْ ِّ َ َ َّ عشرين فخطبنا ،وقال( :إِنِّي ُأ ِر ُ ْ
ول اللَِّ ﷺَ ،ف ْل َي ْر ِج ْع)،
َف م َع رس ِ ينَ ،ف َم ْن ك َ اء َوطِ ٍ فِي الوت ِْر ،وإِنِّي ر َأيت َأنِّي َأسجدُ فِي م ٍ
َان ا ْع َتك َ َ َ ُ َ ْ ُ َ ْ ُ َ َ
فرجعنا وما نرى في السماء قزعة ،فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد ،وكان من
جريد النخل ،وأقيمت الصالة ،فرأيت رسول اهلل ﷺ يسجد في الماء والطين ،حتى رأيت أثر الطين
في جبهته(.)1
بأن ليلة القدر ليل ٌة هادئ ٌة ال حارة وال باردة ،مع ضعفه سند ًا ،هو باطل من حيث
1ـ فالقول َّ
حرا ،وأشدِّ ها بر ًدا ،وليل ُة القدر
الواقع ،فشهر رمضان يمر بجميع فصول السنة ،ويأتي في أشدِّ ها ًّ
إن وقعت في الشتاء تكون باردة ،وإن وقعت في الصيف تكون حارةً ،
فضل عن وجود مناطق على
34
الكرة األرضية تمتاز بالبرودة العالية جدًّ ا ،والحرارة الشديدة فترات طويلة ،دون أن يشهد الناس ليل ًة
واحد ًة تختلف عن سائر الليالي.
ٍ
ورعد وريحٍ ،هي رواية باطلة ،يكذبها الواقع على مر السنين بأن ليل َة القدر ليل ُة ٍ
مطر 2ـ والقول َّ
ٍ
وريح ٍ
بمطر العديدة التي شهد فيها المسلمون رمضان في شهور الصيف دون أن يأتي فيه ليل ٌة واحد ٌة
ٍ
ورعد!
3ـ والقول بأن هذه الليلة ال تنبح فيها الكالب يشهد الواقع بكذبه ،إذ لم يذكر أحدٌ على ِّ
مر
أن الكالب توقفت عن النباح في ٍ
ليلة من ليالي رمضان! العصور َّ
قال الشيخ ابن عثيمين« :وأ َّما ما يذكر أنه يقل فيها نباح الكالب ،أو ُيعدم بالكلية ،فهذا ال يستقيم،
ففي بعض األحيان ينتبه اإلنسان لجميع الليالي العشر ،فيجد َّ
أن الكالب تنبح وال تسكت»(.)1
رمى فيه بنجم ،يشهد الواقع العلمي ببطالنه ،فليس في المراجع العلمية
4ـ وكذا القول بأنه ال ُي َ
ثم َة ليل ًة في السنة لم تشهد ً
نزول للشهب ،مع وجود التلسكوبات الموجهة للسماء ما يثبت أن َّ
في جميع أنحاء العالم وتقوم بتصوير كل ما يحدث في سماء األرض بشكل ذاتي أتوماتيكي،
واإلحصاءات الرسمية المسجلة في «منظمة الشهب العالمية» تُثبت َّ
أن الشهب الداخلة للغالف
الجوي لألرض لم تتوقف في أي يوم من األيام(.)2
جاء في موقع مركز الفلك الدولي تحت عنوان «شائعات وأخطاء فلكية»« :وفيما يلي مخطط
يبين عدد الشهب التي تسقط على األرض خالل سنة كاملة ،وهي حصيلة رصد استمر من العام
2001وحتى العام 2013من خالل كاميرا فلكية متخصصة تغطي جميع السماء ،تابعة لمرصد
كالودبيت في والية كولورادو في الواليات المتحدة(.)3
35
الكاميرا ،فهي سجلت ما تمت رؤيته من منطقة الكاميرا فقط وضمن حساسية الكاميرا»(.)1
وحديث ُأبي بن كعب الدال على ذلك يتوقف االستدالل به على مقدمتين:
األولى :إسنادية ،تتعلق بكون هذه العالمة محفوظة عن النبي ﷺ ،أو هي من قول ُأبي بن كعب،
أو زر بن ُحبيش.
والثانية :متنية ،تتعلق بداللته ،فلو قلنا إن هذه العالمة محفوظة عن النبي ﷺ ،فهل المقصود
قدر في ِّ
كل عام ،أم هي عالم ٌة أخبرهم بها النبي ﷺ للداللة لكل ِ
ليلة ٍ عالمة ٍ
راتبة ِّ ٍ منها اإلخبار عن
على ليلة القدر في ذلك العام؟.
ِ
صبيحة يومها بيضاء ال «وقول ُأ ٍّ
بي في أمارتها( :أن تطلع الشمس في ُ قال القاضي عياض:
شعاع لها) يحتمل وجهين:
اختصت بعالمة صبيحة الليلة التي أنبأهم النبي ﷺ أنها ليلة القدر،
َّ أحدهما :أن هذه الصف َة
أن تلك الصفة مختصة بصبيحة ِّ
كل ليلة قدر ،كما ال لهم عليها في ذلك الوقت ،ال َّ
وجعلها دلي ً
أعلمهم أنَّه يسجد فى صبيحتها في ماء وطين.
وقال العيني« :قوله( :ليس لها شعاع) قيل :هذه الصفة َيحتمل أنها اختصت بعالمة صبيحة
دليل لهم عليها في ذلك ،ال َّ
أن تلك الليلة التي أنبأهم النبي عليه السالم أنها ليلة القدر ،وجعلها ً
((( http://www.icoproject.org/rumors.html
((( إكمال المعلم بفوائد مسلم (.)116/3
36
الصفة مختصة بصبيحة كل ليلة قدر ،كما أعلمهم عليه السالم أنه سجد في صبيحتها في ماء وطين،
ويحتمل أنها صفة خاصة لها»(.)1
لكل ِ
ليلة قدر تأتي ،أو كان ذلك لتلك «ثم هل هذه األمارات راتب ٌة ِّ
وقال أبو العباس القرطبيَّ :
الليلة الخاصة كما قال النبي ﷺ( :وأراني أسجد في صبيحتها في ماء وطين)؟ قوالن ألهل العلم»(،)2
رجح القول األول.
ثم َّ
ويبدو لي أن القول بكونها عالم ًة خاص ًة لتلك الليلة فقط ،هو األقرب والذي تؤيده قرائن كثيرة،
وبيان ذلك(:)3
أيضا ،وكان
أيضا من طريق االستدالل ،وهذه العالمة قد وجدت في غيرها ً
قال البيهقي« :وهذا ً
ﷺ أخبر بها عن الليلة التي رآها فيها»(.)4
عالمات ٍ
ثابتة ُيستدل بها على ليلة القدر، ٍ إخبارا عن 2ـ ال نجد في السنة النبوية الصحيحة
ً
وسبق أن َّ
كل ما روي في هذا الباب فهو ضعيف.
قال ابن عبد البر« :وفي ِّ
كل ما أوردنا من اآلثار في هذا الباب ما يدل على أنها ال عالمة لها في
نفسها تُعرف بها معرف ًة حقيقي ًة كما تقول العامة»(.)5
37
قال القاضي عياض« :قوله( :وأراني أسجد فى صبيحتها في ٍ
ماء وطين) عالمة ُجعلت له تلك
السنة واهلل أعلم ليستَدل بها عليها ،كما استدل بالشمس وغيرها»(.)1
ونظيـر ذلـك أيضـ ًا مـا رواه مسـلم عن أبي هريـرة رضي اهلل عنـه قـال :تذاكرنا ليلـة القدر عند
ـق َج ْفن ٍَة؟)(.)2
ـو ِم ْث ُل ِش ِّ
ـع ا ْل َق َم ُرَ ،و ُه َ
رسـول اهلل ﷺ فقـالَ ( :أيكُـم ي ْذك ِ
ُـر حي َن َط َل َ
ُّ ْ َ ُ
«الشـق :النصـف ،والجفنـة :جفنـة الطعام ،شـبه القمـر فيما بعد العشـرين بشـق الجفنـة»(،)3
وفيـه إشـارة إلـى أنهـا كانـت فـي أواخـر الشـهر؛ ألن القمـر ال يكـون كذلك عنـد طلوعـه إال في
أواخر الشـهر(.)4
ٍ ٍ وج ْع ُل ِ
دائمة عالمة أن الشرع أخفى علم تعيين ليلة القدر عن الناس لح َك ٍم وفوائدَ كثيرةَ ، 3ـ َّ
ٍ
ظاهرة تدل عليها ينافي هذا اإلخفاء.
فعدم وجود أي عالمة تدل عليها هو الذي يتناسب مع مقصد الشريعة في إخفاء هذه الليلة
وعدم تعيينها؛ ليجتهد الناس في العبادة العشر األخير من رمضان.
ِّ
محال رجائها ،فكان أكثر للعبادة، «فإنها إذا كانت مبهم ٌة اجتهد ُط َّلبها في ابتغائها في جميع
بخالف ما إذا علموا عينها فإنها كانت الهمم تتقاصر على قيامها فقط ،وإنما اقتضت الحكمة إبهامها
لتعم العبادة جميع الشهر في ابتغائها ،ويكون االجتهاد في العشر األواخر أكثر»(.)5
4ـ إذا كانت «الحكمة في إخفاء هذه الليلة أن يجتهد الناس في طلبها رجاء إصابتها»(،)6
واستغراق كامل العشر األخير بالعبادة ،فإن هذه العالمة تنافي هذا المقصود ،فلو ُرئيت ليلة الحادي
والعشرين من رمضان ،فإن ذلك مدعاة للتكاسل عن الطاعة والعبادة باقي العشر.
38
وفي الحديث( :إِنِّي َخ َر ْج ُت ِلُ ْخبِ َرك ُْم بِ َل ْي َل ِة ال َقدْ ِرَ ،وإِ َّن ُه َتال ََحى ُفال ٌَن َو ُفال ٌَنَ ،ف ُرفِ َع ْتَ ،و َع َسى
الخ ْم ِ ِ ِ َأ ْن َيك َ
س) (.)1 الس ْب ِع َوالت ِّْس ِع َو َ وها في َّ ُون َخ ْي ًرا َلك ُْم ،التَم ُس َ
خيرا؛ َّ
ألن إبهام ليلة القدر أدعى إلى قيام قال ابن رجب« :وإنما رجا النبي ﷺ أن يكون ذلك ً
العشر كله أو أوتاره في طلبها ،فيكون سب ًبا لشدة االجتهاد وكثرته»(.)2
5ـ أن الفلكيين ينكرون شروق الشمس في وقت ما بال شعاع ،ويقول بعضهم« :ما ُيذكر من
أنه في ليلة القدر أو أي يوم من األيام تشرق الشمس فيه ال شعاع لها :فهذا لم يثبت علم ًّيا ،وتنكرها
التجارب المخبرية والمالحظات البشرية ،ولدي سجالت لشعاع الشمس تربو على 36سنة
وكلها تثبت ثبات شعاع الشمس على مدار العام ،بل العلم أثبت أن الشعاع لو تغير قلي ً
ال لتجمدت
المجموعة الشمسية برمتها فض ً
ال عن أنها تنقطع من الشعاع»(.)3
وحتى من يرى هذه العالمة من أهل العلم فإنه ال يقول بأن الشمس تشرق حقيقة بال شعاع ،بل
«إن ذلك إنما كان لصعود المالئكة الذين تنزلوا في ليلة القدر حين تطلع الشمس ،فكأن المالئكة
بكثرتها حالت بين الناظرين إلى الشمس وبين شعاعها»(.)4
ولذا :فرؤية الشمس ال شعاع إنما هو بحسب ما يرى الناظر ال بحسب حقيقة األمر ،فهي تظهر
للناظر كذلك بحسب ما يحيط باألفق من عوالق جوية تحجب أشعتها عن عين الناظر.
6ـ بما أن رؤية الشمس بال شعاع مما يخضع للظروف الجوية والتغ ُّيرات المناخية ،فال يمكن
إثباتها عالم ًة دائم ًة في كل زمان ومكان لتغير ظروف المناخ.
ولذا من يتتبع طلوع الشمس في بعض السنين على مدى العشر األواخر من رمضان قد ال يجد
أثرا ،أو يراها في عدة أيام منه ،أو تظهر في بلد دون بلد.
لهذه العالمة ً
39
7ـ أن رؤية الشمس بال شعاع ال تصلح عالم ًة فارق ًة ،فهي ليست ظاهر ًة فريد ًة تتميز بها ليلة
القدر دون سائر الليالي ،بل هي ظاهرة توجد في كثير من أيام السنة ،سواء في العشر األخير من
كثيرا ،بل إن هذا الشي يختلف
رمضان أو غيرها ،ومن يراقب طلوع الشمس طيلة العام يرى ذلك ً
من بلد آلخر في اليوم نفسه.
ٍ
حينئذ. ولو كانت عالمة حقيقية لما اشتركت مع غيرها من الليالي ،إذ ال خصيصة لليلة القدر
8ـ أن اإلخبار بعالمة ال تظهر إال بعد انقضاء ليلة القدر ال فائدة فيه لألمة ،إال ما ي ِ
عق ُبه ذلك في ُ
عما بقي.
نفوس الناس من الحسرة على ما فات والكسل َّ
ولذا فقد س َّلم عدد من أهل العلم بأن الشرع «لم يجعل عالمة في أول ليلها إبقا ًء لها على
إبهامها»( ،)1ولكن اختلف نظرهم في حكمة هذه العالمة المتأخرة التي تظهر بعد انقضاء الليلة!
فقيل :فائدة ذلك أنه يسن إحياء يومها كما يسن إحياء ليلها( ،)2وتع َّقب ذلك المال علي القاري
بأنه قول فيه« :نظر يحتاج إلى أثر»(.)3
ثم إن الليلة هي المقصودة بالعبادة ،وهي التي ورد فيها النص (ليلة القدر) ،فكيف يخبرنا
الشرع بعالمة تدلنا على المفضول دون الفاضل الذي هو المقصود ،ولم يزل دأب العلماء في
الحرص على إحياء ليلها ال نهارها.
وقيل« :فائدة العالمة أن يشكر على حصول تلك النعمة إن قام بخدمة الليلة ،وإال فيتأسف على
ما فاته من الكرامة ،ويتدارك في السنة اآلتية»(.)4
وقيل :استبشار المجتهد في تلك الليلة وقوة إيمانه وتصديقه ،وأنه يعظم رجاؤه فيما فعل في
تلك الليلة(.)5
40
وهذا أيضا يتحقق فيمن أدرك العشر كاملة ،فإذا تمت العشر استبشر خيرا وعظم رجاؤه بما قدَّ م
من طاعة.
ولذا فال يظهر وجود فائدة حقيقة من وراء اإلخبار بهذه العالمة.
9ـ من الغرائب أن كل من يرى تحديد ليلة القدر بليلة معينة يستدل بهذه العالمة وأنه تتبعها
سنين فوجدها تطلع صبيحتها دون شعاع ،وقد قال ذلك من يحددها بليلة الثالثاء مطل ًقا( ،)1أو ليلة
الجمعة ،أو ليلة األحد( ،)2أو ليلة سبع وعشرين( ،)3أو ثالث وعشرين(!!)4
10ـ ذكـر بعـض العلمـاء أن «معرفـة قلـة أشـعة الشـمس ال يمكـن لكل أحـد»( ،)5فمـا فائدة
هذه العالمـة إذن؟!
11ـ لو كانت هذه عالمة دائمة ،لرأينا توارد الصحابة والتابعين من بعدهم على تتبعها ،والشتهر
ٍ
وعناية لدى عامة علماء السلف، ٍ
اختصاص ذلك بينهم شهرة كبيرة لما لهذه الليلة من فضل ومزيد
بينما ال نجد لهذه العالمة ذكرا إال في إشارات يسيرة في بعض الروايات وبأسانيد فيها نظر.
12ـ أن الصحابة اختلفوا في تحديد ليلة القدر على أقوال كثيرة ،ولو كانت هذه العالمة ثابتة
لها في كل عام الحتكموا إليها.
خامسا :لم أقف على آثار عن الصحابة تتعلق بعالمات ليلة القدر ،سوى ما يتعلق بطلوع الشمس
ً
صبيحتها بال شعاع ،فقد ورد ذلك عن أبي بن كعب ،وابن مسعود ،وابن عباس.
َّأما ُأبي ،فسبق الخالف في صحة نسبتها له ،والتردد بين كونها من قوله أو قول زر بن حبيش.
وأما ابن مسعود وابن عباس ،فالرواية عنهما ضعيفة ،كما سبق.
َّ
وإن صح عن أحد منهم فال حجة فيه ،وال يقال إن له حكم الرفع:
((( قال بذلك أحد الباحثين المعاصرين ،وأنه راقب الشمس عدة سنين فوجدتها تشرق ليلة الثالثاء من العشر األواخر بال شعاع.
((( ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح ( )267/4عن أبي الحسن الحولي المغربي «أنه اعتبر ليلة القدر فلم تفته طول عمره ،وأنها
دائما ليلة الجمعة وذكر نحو قول أبي الحسن».
دائما ليلة األحد ...وعارضه بعض من تأخر عنه فقال :إنها تكون ً
تكون ً
((( كما روي عن زر وعاصم.
((( كما روي عن ابن عباس والحسن البصري ،وسيأتي.
((( العرف الشذي شرح سنن الترمذي (.)202/2
41
ـ ألن هذا القول ال يتوقف على الوحي؛ فقد يكون الصحابي أو التابعي رأى الشمس ذلك اليوم
بال شعاع ،وتتبعها فوجدها كذلك في ٍ
عدد من السنين ،فظنَّها عالم ًة مطردةً ،كما أن بعض التابعين
لما وجد الماء المالح عذ ًبا في تلك الليلة ظنَّها عالم ًة مطردةً.
ـ أو ربما سمعه من بعض أهل الكتاب(.)1
وورد عن بعض التابعين من أهل البصرة والكوفة العمل بهذه العالمة.
روى عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن البصري يقول« :نظرت الشمس عشرين سنة
فرأيتها تطلع صبيحة أربع وعشرين من رمضان ليس لها شعاع»(.)2
وقال عاصم بن أبي النجود« :كان ِز ٌّر يواصل إلى السحر ،فإذا كان قبلها بيوم أو بعدها صعد
المنارة ،فنظر إلى مطلع الشمس ،ويقول :إنها تطلع ال شعاع لها حتى ترتفع»(.)3
وقال الشعبي :زعم سلمة بن كهيل أن ِز ًّرا ،أخبره« :أنه رصدها ثالث سنين من أول يوم يدخل
رمضان إلى آخره ،فرآها تطلع صبيحة سبع وعشرين ،ترقرق ليس لها شعاع»(.)4
وكذا« ،كان عاصم ليلتئذ من السحر ال يطعم طعا ًما ،حتى إذا صلى الفجر ،صعد على الصومعة،
فنظر إلى الشمس حين تطلع ال شعاع لها ،حتى تبيض وترتفع»(.)5
((( وسماع الصحابة وخاصة ابن عباس وابن مسعود من علماء أهل الكتاب الذين أسلموا مشهور ،وله أدلة كثيرة بسطها الباحث
في رسالة الدكتوراة «المرفوع حكما» (ص 445ـ ،)557وال يقال :كيف يكون في موروث أهل الكتاب شيء يتعلق بليلة القدر
وهي من خصائص هذه األمة! فإن ثمة مرويات كثيرة عن أهل الكتاب في أشياء تتعلق بخصائص هذه األمة ال يعرف مثلها في
شريعتنا ،ومنها ما يتعلق بليلة القدر ،وهي مذكورة في الرسالة السابقة ،فلتنظر هناك (ص 595ـ .)611
ً
طويل عن كعب أثرا
وروى ابن أبي حاتم ـ كما نقله عنه ابن كثير في تفسيره ( )452 /8ـ وأبو طاهر المخلص (ً )115/4
األحبار وفيه« :فال تبقى في ليلة القدر بقعة إال وعليها ملك إما ساجد وإما قائم ،يدعون للمؤمنين والمؤمنات ...فال تزال
المالئكة هكذا حتى يطلع الفجر ،فأول من يصعد جبريل حتى يكون في الوجه األعلى من الشمس حتى يبسط جناحه ،وله
جناحان أخضران ال ينشرهما إال في تلك الساعة ،فتصير الشمس ال شعاع لها.»...
«أثر غريب ٌ ٍ
ونبأ عجيب». وهذا وإن روي بسند فيه ضعف ،إال أنه يستأنس به ههنا ،ووص َفه ابن كثير بقولهٌ :
((( مصنف عبد الرزاق الصنعاني ( ،)252/4وفي إسناده رجل مبهم.
((( صحيح ابن حبان (.)446/8
((( مسند أحمد (.)119/35
((( زوائد عبد اهلل على المسند (.)128/35
42
ولم أقف على كالم ألئمة المذاهب األربعة وغيرهم من أئمة السلف حول هذه العالمة ،ولم
أقف على ما يدل على وجود احتفاء بهذه العالمة لدى األئمة السابقين ،إال ما سبق إيراده عن بعض
التابعين من أهل البصرة والكوفة.
فعن محمد بن راشد عن مكحول أنه :كان يراها ليلة ثالث وعشرين ،فحدثه الحسن بن الحر
عن عبدة بن أبي لبابة أنه قال« :ليلة سبع وعشرين ،وأنه قد جرب ذلك بأشياء وبالنجوم» ،فلم يلتفت
مكحول إلى ذلك(.)1
سادس ًا :ورد عن بعض التابعين أن ماء البحر المالح يكون عذ ًبا في ليلة القدر.
فعن عبدة بن أبي لبابة (127ﻫ) ،قال« :ذقت ماء البحر ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان فإذا
هو عذب»(.)2
وعن أيوب بن خالد قال« :كنت في البحر فأجنبت ليلة ثالث وعشرين من رمضان ،فاغتسلت
من ماء البحر فوجدته عذبا فراتا»(.)3
قال الحافظ ابن رجب« :وروى أبو الشيخ األصبهاني بإسناد جيد عن الحسن قال :إن غالما
لعثمان بن أبي العاص قال له :يا سيدي ،إن البحر يعذب في الشهر في ٍ
ليلة ،قال :فإذا كانت تلك الليلة
فأعلمني ،قال :فلما كانت تلك الليلة آذنه ،فنظروا ،فوجدوه عذ ًبا ،فإذا هي ليلة سبع عشرة»(.)4
43
سـابع ًا :ذكر بعض العلماء أن من عالمات ليلة القدر سجود األشجار ،وظهور األنوار الساطعة
في كل مكان ،ولم أقف على شيء من هذا في األحاديث المرفوعة أو آثار الصحابة والتابعين.
قال الحافظ ابن حجر« :وذكر الطبري عن قو ٍم :أن األشجار في تلك الليلة تسقط إلى األرض
ثم تعود إلى منابتها ،وأن كل شيء يسجد فيها»(.)1
وقال القسطالني« :وقد جاء أن لليلة القدر عالمات تظهر فقيل يرى كل شيء ساجدً ا ،وقيل
ترى األنوار في كل مكان ساطعة حتى في المواضع الظلمة ،وقيل يسمع سال ًما من المالئكة»(.)2
ثامن ًا :ذكر بعض أهل العلم أن المؤمن الصالح يجد انشراح ًا في صدره وإقباالً على عبادة ربه
اإلنسان الليل َة في المنام ،كما حصل ذلك لبعض الصحابة ،أو أن يجد
َ في تلك الليلة ،أو أن اهلل ُيري
اإلنسان في القيام لذة ونشاط ًا ،أكثر مما في غيرها من الليالي.
وهذا قد يكون توفي ًقا من اهلل لهذا العبد ،ولكن ليس عالمة مطردة.
«فرب قائ ٍم فيها لم يحصل له منها إال العبادة ،ولم ير شي ًئا من كرامة عالماتها،
َّ قال القسطالني:
أفضل من االستقامة التي هي عبارة عن اتباع الكتاب ُ ٍ
كرامة وأي
وهو عند اهلل أفضل ممن رآهاُّ ،
والسنّة وإخالص النية»(.)3
عن مجاهد بن جبر (101ﻫ) ،في قوله عز وجل[ :ﭮ ﭯ] قال« :هي سالمة ال يستطيع الشيطان
أن يعمل فيها سوءا ،وال ي ِ
حد ُ
ث فيها داء»(.)4 ُ
وهذا أحد االقوال في تفسير قوله تعالى [ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ] :أنها خير وبركة كلها إلى مطلع
الفجر(.)5
44
علمت أي ٍ
ليلة عاشرا :عن عن عبد اهلل بن بريدة عن عائشة قالت :قلت :يا رسول اهلل أرأيت إن
ُ ُّ ً
ِ ِ
ليل ُة القدر ما أقول فيها؟ قالُ ( :قولي :ال َّل ُه َّم إِن ََّك ُع ُف ٌّو تُح ُّ
ب ا ْل َع ْف َو َفا ْع ُ
ف َعنِّي) (.)1
فهذا الحديث قد يفهم منه إمكانية العلم بليلة القدر ،وأن هذا إنما يكون من خالل عالماتها.
والجواب :أن هذا الحديث روي بعدة ألفاظ ،منها ما سبق ،ومنها (يا نبي اهلل ،أرأيت إن وافقت
ليلة القدر ،ما أقول) (.)2
صح موقو ًفا على عائشة من قولها« :إني لو عرفت أي ليلة ليلة القدر ما سألت اهلل فيها
ـ وقد َّ
إال العافية»(.)4
واهلل أعلم
5E5
45
الخاتمة
2ـ ُّ
كل هذه العالمات لم يثبت منها شيء مرفوع للنبي ﷺ ،وإنما ُرويت بأسانيد ضعيفة.
4ـ بعض هذه العالمات يكذبها الواقع المحسوس ،كالقول بـ :أنها ليل ٌة هادئ ٌة ال َّ
حار ٌة وال باردةٌ ،أو
ال تنبح فيها الكالب ،أو ال يكون فيها شهب ،أو تعذب فيها مياه البحار المالحة.
5ـ العالم ُة الوحيدة التي رويت ٍ
أن الشمس تط ُلع في صبيحتها بال شعاعَّ ،
وتم بسند ظاهره الصحةَّ : ُ
أن هذه العالمة من قول التابعي ِز ِّر بن ُحبيش ،وأخطأ بعض الرواة
دراسة الحديث الوارد في ذلك ،وتب َّينَّ :
في رفعها للنبي ﷺ.
ُ
فالدالئل تؤكِّد أنها عالم ٌة خاص ٌة بذلك العام الذي 6ـ لو سلمنا أن هذه العالمة ثابت ُة عن النبي ﷺ،
ليلة َقدْ ر ،مثل إخبارهم بأنه يسجد في صبيحتها ٍ
بماء لكل ِ
أخبرهم فيه النبي ﷺ ،وليست عالم ًة الزم ًة ِّ
ٍ
وطين.
7ـ َّ
أن رؤية الشمس بال شعاع مما يخضع للظروف الجوية والتغُّيرات المناخية ،وهذا مما يختلف
باختالف الزمان والمكان ،ولذا فال يمكن إثباتها عالم ًة دائم ًة للداللة على ليلة القدر.
8ـ رؤية الشمس بال شعاع ليست عالم ًة فارق ًة تتم َّيز بها ليلة القدر دون سائر الليالي ،بل هي ظاهرة
تُوجد في كثير من أيام السنة.
46
ٍ
احتفاء بشيء من هذه العالمات ،إال روايات أي
9ـ لم يرد عن أئمة السلف وكبار العلماء المتقدمين ُّ
يتيمة عن بعض علماء البصرة والكوفة بأسانيد فيها نظر.
أن الشرع أخفى علم تعيين ليلة القدر عن الناس ليجتهدوا بالعبادة في العشر األخير من رمضان، 10ـ َّ
ألن ظهورها في أول العشر مدعا ُة للتكاسلعالمة حس َّي ٍة تدُ ل عليها ينافي هذه الحكمة؛ َّ
ٍ أي
ووجو ُد ِّ
والتثاقل عن العبادة.
الناس إلى تحري ليلة القدر في العشر األخير من رمضان ،وأبهم هذه الليلة ولم
الشرع ندب َ 11ـ َّ
أن َّ
ُيع ِّينها ،ولم يجعل لها عالم ًة كوني ًة أو فلكي ًة تدل عليها.
ومما يوصي به الباحث :أهمية جمع األحاديث واآلثار الواردة في تعيين ليلة معينة بأنها ليلة القدر،
ودراستها دراسة نقدية.
واهلل أعلم
5E5
47
فهرس المصادر والمراجع
1ـ 1إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ،البوصيري ،ت :دار المشكاة ،دار الوطن ،ط420 ،1ﻫ.
2ـ 2اآلثار ،القاضي أبو يوسف ،ت :أبو الوفا ،حيدرآباد ،إحياء المعارف العثمانية( ،دار الكتب العلمية).
3ـ 3إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ،شهاب الدين القسطالني ،المطبعة الكبرى األميرية ،ط،7
1323ﻫ.
4ـ 4اإلعلام بفوائـد عمدة األحـكام ،ابـن الملقـن ،ت :عبدالعزيـز المشـيقح ،دار العاصمة بالريـاض ،ط،1
1417ﻫ.
5ـ 5االقتراح في بيان االصطالح ،ابن دقيق العيد ،دار الكتب العلمية ،بيروت.
6ـ 6إكمال تهذيب الكمال ،مغلطاي ،ت :عادل بن محمد ،ط ،1الفاروق الحديثة1422 ،ﻫ.
7ـ 7اإلكمال في ذكر من له رواية في مسند اإلمام أحمد من الرجال ،الحسيني ،ت :عبد المعطي قلعجي،
جامعة الدراسات اإلسالمية بكراتشي.
8ـ 8اإللزامات والتتبع ،الدارقطني ،ت :مقبل الوادعي ،دار الكتب العلمية ،ط1405 ،2ﻫ.
9ـ 9أمالي المحاملي ـ رواية ابن يحيى البيع ـ ،ت :إبراهيم القيسي ،المكتبة اإلسالمية ،عمان ،ط1412 ،1ﻫ.
10 10بيان الوهم واإليهام ،ابن القطان الفاسي ،تحقيق :الحسين آيت سعيد ،دار طيبة بالرياض ،ط1418 ،1ﻫ.
11 11تاريخ ابن أبي خيثمة ،السفر الثالث ،ت :صالح هالل ،ط ،1الفاروق الحديثة1427 ،ﻫ.
12 12تاريخ ابن معين (رواية الدوري) ،ت :أحمد نور سيف ،ط ،1مركز البحث العلمي1399 ،ﻫ.
13 13تاريخ أصبهان ،أبو نعيم األصبهاني ،ت :سيد كسروي ،دار الكتب العلمية ببيروت ،ط1410 ،1ﻫ.
14 14التاريخ الكبير ،البخاري ،دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن.
15 15التبصرة ،ابن الجوزي ،دار الكتب العلمية ،بيروت ـ لبنان ،الطبعة :األولى1406 ،ﻫ.
16 16تحرير تقريب التهذيب ،بشار عواد وشعيب األرنؤوط ،الرسالة ببيروت ،ط1417 ،1ﻫ.
17 17تحفة األشراف بمعرفة األطراف ،المزي ،تحقيق :عبد الصمد شرف الدين ،المكتب اإلسالمي ،ط،2
1403ﻫ.
48
18 18تحفة المحتاج في شرح المنهاج ،ابن حجر الهيتمي ،المكتبة التجارية الكبرى1357 ،ﻫ.
19 19تعجيل المنفعة بزوائد رجال األئمة األربعة ،ابن حجر ،دار البشائر ببيروت ،ط1416 ،1ﻫ.
20 20تعريف اهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس ،ابن حجر ،ت :عاصم القريوتي ،مكتبة المنار،
عمان ،ط1403 ،1ﻫ.
21 21تفسير القرآن العظيم ،ابن كثير ،ت :سامي السالمة ،دار طيبة بالرياض ،ط1420 ،2ﻫ.
22 22تقريب التهذيب ،ابن حجر العسقالني ،ت :محمد عوامة ،ط ،2بيروت ،دار البشائر1408 ،ﻫ.
23 23تلخيص المتشابه في الرسم ،الخطيب البغدادي ،تُ :سكينة الشهابي ،طالس للدراسات ،دمشق ،ط،1
1985م.
24 24التمهيد ،ابن عبد البر ،تحقيق :مصطفى العلوي ،المغرب ،وزارة األوقاف1387 ،ﻫ.
25 25تمييز ثقات المحدثين وضعفائهم ،ابن ال َبرقي ،ت :عامر صبري ،دار البشائر ،سلسلة لقاء العشر األواخر
( ،)147ط1431 ،1ﻫ.
26 26التمييز ،مسلم بن الحجاج ،تحقيق :محمد مصطفى األعظمي ،ط ،3مكتبة الكوثر1410 ،ﻫ.
27 27تنقيح التحقيق ،ابن عبد الهادي ،ت :سامي جاد اهلل ،أضواء السلف بالرياض ،ط1428 ،1ﻫ.
28 28تهذيب التهذيب ،ابن حجر العسقالني ،حيدرآباد الدكن ،دائرة المعارف العثمانية1326 ،ﻫ.
29 29تهذيب الكمال في أسماء الرجال ،المزي ،ت :بشار عواد معروف ،مؤسسة الرسالة ،ط1400 ،1ﻫ.
30 30تهذيب اللغة ،أبو منصور األزهري ،ت :محمد عوض مرعب ،دار إحياء التراث العربي2001 ،م.
31 31الثاني من أجزاء أبي علي بن شاذان ،الحسن بن خلف بن شاذان ،مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم.
32 32الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم ،صالح الرفاعي ،دار الخضيري ،المدينة ،ط1418 ،2ﻫ.
33 33الثقات ،ابن حبان البستي ،دائرة العثمانية بحيدرآباد الدكن ،ط1403 ،1ﻫ.
34 34جامع البيان (تفسير الطبري) ،الطبري ،ت :مركز هجر ،ط ،1القاهرة1422 ،ﻫ.
والسنَن الهادي ألقوم َسنَن ،ابن كثير ،ت :عبد الملك الدهيش ،دار خضر ،ط1419 ،2ﻫ.
35 35جامع المسانيد ُّ
36 36الجامـع لشـعب اإليمـان ،البيهقـي ،ت :عبد العلـي عبد الحميـد حامد ،مكتبة الرشـد بالريـاض ،ط،1
1423ﻫ.
37 37الجرح والتعديل ،ابن أبي حاتم ،دائرة المعارف العثمانية ،ط1371 ،1ﻫ.
38 38جزء األلف دينار ،القطيعي ،بدر البدر ،دار النفائس ،الكويت ،الطبعة :األولى1414 ،ﻫ.
39 39جزء بانتخاب أبي طاهر السلفي ،مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم.
49
40 40حديث علي بن حجر السعدي ،ت :عمر السفياني ،ط ،1الرياض ،مكتبة الرشد1418 ،ﻫ.
41 41حلية األولياء وطبقات األصفياء ،أبو نعيم األصبهاني ،دار الفكر ببيروت1416 ،ﻫ.
42 42دالئل النبوة ،البيهقي ،ت :عبد المعطي قلعجي ،دار الكتب العلمية ببيروت ،ط1429 ،3ﻫ.
43 43ديوان الضعفاء والمتروكين ،الذهبي ،ت :حماد األنصاري ،مكتبة النهضة الحديثة ،ط1387 ،2ﻫ.
44 44زاد المسير في علم التفسير ،ابن الجوزي ،المكتب اإلسالمي ببيروت ،ط1404 ،3ﻫ.
45 45سلسلة األحاديث الضعيفة ،األلباني ،مكتبة المعارف ،ط1412 ،1ﻫ.
46 46سنن ابن ماجه ،تحقيق :شعيب األرنؤوط ،دار الرسالة العالمية ببيروت ،ط1430 ،1ﻫ.
47 47سنن أبي داود ،تحقيق :ش َعيب األرنؤوط ،دار الرسالة ،ط1433 ،1ﻫ.
48 48سنن التِّرمذي ،تحقيق :بشار عواد معروف ،دار الغرب ،ط 1998 ،1م.
49 49السنن الكبرى ،النسائي ،ت :حسن عبد المنعم شلبي ،مؤسسة الرسالة ،ط1421 ،1ﻫ.
50 50السنن الكبير ،البيهقي ،ت :عبد اهلل التركي ،مكتب هجر ،ط1432 ،1ﻫ.
51 51سنن النَّسائي ،ترقيم :عبد الفتاح أبو غدة ،مكتب المطبوعات اإلسالمية ،ط1414 ،4ﻫ.
52 52سؤاالت أبي داود لإلمام أحمد في جرح الرواة وتعديلهم ،ت :زياد منصور ،العلوم والحكم ،ط،1
1414ﻫ.
53 53سؤاالت اآلجري ألبي داود ،ت :محمد بن علي األزهري ،الفاروق الحديثة ،القاهرة ،ط1431 ،1ﻫ.
54 54سير أعالم النبالء ،الذهبي ،تحقيق :مجموعة محققين ،مؤسسة الرسالة ،ط1982 ،1م.
55 55شرح الصدر بذكر ليلة القدر ،أبو زرعة العراقي ،ت :صبحي حالق ،مؤسسة الريان ،ط1412 ،1ﻫ.
56 56شرح العمدة (كتاب الصيام) ،ابن تيمية ،ت :زائد النشيري ،دار األنصاري ،ط1417 ،1ﻫ.
57 57الشرح الممتع على زاد المستقنع ،محمد بن صالح العثيمين ،دار ابن الجوزي ،ط1424 ،1ﻫ.
58 58شرح النووي على صحيح مسلم ،النووي ،ط ،2بيروت ،دار إحياء التراث العربي1392 ،ﻫ.
59 59شرح سنن أبي داود ،ابن رسالن ،دار الفالح ،ط1437 ،1ﻫ.
60 60شرح صحيح مسلم ،النووي ،ط ،2بيروت ،دار إحياء التراث العربي1392 ،ﻫ.
61 61شرح علل التِّرمذي ،ابن رجب الحنبلي ،تحقيق :نور الدين عتر ،دار المالح ،ط1398 ،1ﻫ.
62 62شرح معاني اآلثار ،أبو جعفر الطحاوي ،ت :محمد زهري النجار ،عالم الكتب ،ط1414 ،1ﻫ..
63 63صحيح ابن حبان ،ت :شعيب األرناؤوط ،ط ،2بيروت ،مؤسسة الرسالة1414 ،ﻫ.
64 64صحيح ابن خزيمة ،ت :محمد ماألعظمي ،المكتب اإلسالمي بيروت ،ط1424 ،3ﻫ.
50
65 65صحيح البخاري ،ت :محمد زهير بن ناصر الناصر ،دار طويق ،الرياض ،ط1422 ،1ﻫ.
66 66صحيح مسلم بن الحجاج ،ت :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء الكتب العربية ،ط1374 ،1ﻫ.
67 67الضعفاء ،أبو جعفر العقيلي ،تحقيق :مازن السرساوي ،دار ابن عباس ،القاهرة ،ط2008 ،2م.
68 68العلل الكبير ،الترمذي ،ت :صحي السامرائي ،عالم الكتب ،ط1409 ،1ﻫ.
69 69العلل ومعرفة الرجال (رواية عبد اهلل) ت :وصي اهلل عباس ،دار الخاني ،ط1422 ،2ﻫ.
70 70العيـن ،الفراهيـدي ،ت :مهـدي المخزومـي وإبراهيـم السـامرائي ،دار الشـؤون الثقافية ببغـداد ،ط،2
1986م.
71 71فتح الباري في شرح صحيح البخاري ،ابن رجب الحنبلي ،مكتبة الغرباء ،ط1996 ،1م.
72 72فتح الباري ،ابن حجر العسقالني ،ت :محب الدين الخطيب ،دار المعرفة ببيروت1379 ،ﻫ.
73 73فضائل األوقات ،البيهقي ،ت :عدنان القيسي ،مكتبة المنارة ـ مكة المكرمة ،الطبعة :األولى1410 ،
74 74فوائد أبي محمد الفاكهي ،ت :محمد الغباني ،مكتبة الرشد بالرياض ،ط1419 ،1ﻫ.
75 75الكاشف ،الذهبي ،ت :محمد عوامة ،مؤسسة علوم القرآن ،ط1413 ،1ﻫ.
76 76الكامل في ضعفاء الرجال ،ابن عدي ،ت :مازن السرساوي ،مكتبة الرشد ،ط1434 ،1ﻫ.
ـ 77كشف اإليهام لما تضمنه تحرير التقريب من األوهام ،ماهر الفحل ،الميمان ،ط1427 ،1ﻫ.
78 78الكفاية في معرفة أصول علم الرواية ،الخطيب ،تحقيق :ماهر الفحل ،دار ابن الجوزي ،ط1432 ،1ﻫ.
79 79لطائف المعارف ،ابن رجب الحنبلي ،ت :ياسين السواس ،دار ابن كثير ،ط1420 ،5ﻫ.
80 80مجالس التذكير من حديث البشير النذير ،ابن باديس ،مطبوعات وزارة الشؤون الدينية ،ط1403 ،1ﻫ.
81 81المجروحين ،ابن حبان ،تحقيق :حمدي السلفي ،دار الصميعي ،ط1420 ،1ﻫ.
82 82المجموع شرح المهذب ،النووي ،تحقيق :محمد نجيب المطيعي ،دار الفكر ببيروت.
83 83المحلى ،ابن حزم الظاهري ،تحقيق :أحمد شاكر ،دار التراث.
84 84مختصـر قيـام الليـل ،المـروزي ،اختصرها :المقريـزي ،حديث أكادمـي بفيصل أباد ـ باكسـتان ،ط،1
1408ﻫ.
85 85المخصص ،ابن سيده األندلسي ،ت :خليل جفال ،ط ،1دار إحياء التراث العربي1417 ،ﻫ.
86 86المخلصيات ،أبو طاهر المخلص ،ت :نبيل جرار ،الناشر :وزارة األوقاف ،قطر ،ط1429 ،1ﻫ.
87 87المراسيل ،ابن أبي حاتم الرازي ،تحقيق :شكر اهلل قوجاني ،مؤسسة الرسالة ببيروت ،ط1418 ،2ﻫ.
88 88المرفوع حكم ًا دراسة تأصيلية تطبيقية ،عمار أحمد الصياصنة ،ط ،1اسطنبول ،دار اللباب1440 ،ﻫ.
51
89 89مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ،علي القاري ،ت :صدقي العطار ،دار الفكر ،ط1414 ،1ﻫ.
90 90مستخرج أبي عوانة اإلسفراييني ،تحقيق :مجموعة من الباحثين ،عمادة البحث العلمي بالجامعة
اإلسالمية ،ط1435 ،1ﻫ.
91 91المستدرك على الصحيحين ،الحاكم ،ت :مقبل الوادعي ،دار الحرمين1417 ،ﻫ.
92 92مسند أبي داود الطيالسي ،ت :محمد التركي ،دار هجر بمصر ،ط1419 ،1ﻫ.
93 93مسند أبي يعلى الموصلي ،ت :حسين أسد ،دار المأمون دمشق ،ط1404 ،1ﻫ.
94 94مسند البزار ،ت :محفوظ الرحمن زين اهلل ،دار العلوم والحكم ،ط1416 ،1ﻫ.
95 95مسند الشاميين ،الطبراني ،تحقيق :حمدي بن عبدالمجيد السلفي ،مؤسسة الرسالة ببيروت ،ط،1
1409ﻫ.
96 96المسند المستخرج على صحيح اإلمام مسلم ،أبو نعيم ،ت :محمد حسن ،دار الكتب العلمية ،ط،1
1417ه.
97 97المسند ،أحمد ابن حنبل ،ت :شعيب األرناؤوط ،مؤسسة الرسالة ،ط1416 ،1ﻫ.
98 98مصنف ابن أبي شيبة ،ت :محمد عوامة ،دار القبلة ومؤسسة علوم القرآن ،ط1427 ،1ﻫ.
الرزَّاق الصنعاني ،ت :حبيب الرحمن األعظمي ،المكتب اإلسالمي ببيروت ،ط،2
99 99مصنَّف عبد َّ
1403ﻫ.
100100المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ،ابن حجر ،ط ،1الرياض ،دار العاصمة1419 ،ﻫ.
101101معجم ابن األعرابي ،أبو سعيد ابن األعرابي ،تحقيق عبد المحسن الحسيني ،دار ابن الجوزي ،ط،1
1418ﻫ.
102102المعجم األوسط ،الطبراني ،ت :طارق بن عوض اهلل ،ط ،1القاهرة ،دار الحرمين1415 ،ﻫ.
103103المعجم الكبير ،الطبراني ،تحقيق :حمدي السلفي ،ط ،2مكتبة ابن تيمية.
104104المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،الناشر :دار الدعوة.
105105معرفة الثقات ،العجلي ،ت :عبد العليم البستوي ،مكتبة الدار ـ المدينة المنورة ،ط.1405 ،1
106106المعرفة والتاريخ ،الفسوي ،ت :أكرم ضياء العمري ،مكتبة الدار بالمدينة ،ط1410 ،1ﻫ.
107107المغني في الضعفاء ،الذهبي ،تحقيق :نور الدين عتر ،الدوحة ،إدارة أحياء التراث اإلسالمي.
108108المغني ،ابن قدامة المقدسي ،ت :عبد اهلل التركي وعبد الفتاح الحلو ،دار هجر ،ط1410 ،2ﻫ.
52
109109المفهـم لما أشـكل من تلخيـص كتاب مسـلم ،القرطبي ،ت :محـي الدين مسـتو ،ط ،1دار ابن كثير،
1417ﻫ.
110110ميزان االعتدال في نقد الرجال ،الذهبي ،ت :علي البجاوي ،دار المعرفة ببيروت.
111111النهاية في غريب الحديث ،ابن األثير ،تحقيق :محمود الطناحي ،المكتبة العلمية1399 ،ﻫ.
5E5
53