You are on page 1of 20

‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫قرينة افتراض البراءة وآثارها القانونية‬


‫(دراسة قانونية مقارنة على ضوء الدساتير والقوانين والمواثيق الدولية)‬
‫زينب محمود حسين‬ ‫د‪ .‬حسين محمد طه الباليساني‬
‫مدرسة القانون الجنائي المساعدة‬ ‫استاذ القانون الجنائي المساعد‬
‫كلية القانون – جامعة كركوك‬ ‫كلية القانون – جامعة تيشك‬
‫‪doi:10.23918/ilic2019.53‬‬
‫المقدمة‬
‫‪ ‬اهمية البحث‪:‬‬
‫أصبحت حالة افتراض براءة المتهم قرينة ابتدائية اجرائية جنائية ودستورية تتفاخر بإق اررها المواثيق والقوانين‪ .‬وصارت لهذه‬
‫القرينة أكثر من فائدة وانبثقت عنها أكثر من قاعدة‪ ،‬مثل‪ :‬األصل في اإلنسان البراءة‪ ،‬والمتهم بريء حتى تثبت ادنته‪ ،‬والشك‬
‫يفسر لمصلحة المتهم‪ ،‬وعدم كفاية الشهادة الواحدة للحكم‪ ،‬وبناء الحكم الجزائي على الجزم واليقين ال على الشك والتخمين‪... ،‬‬
‫ونحوها كثير‪ .‬لذا فإن أهمية افتراض تبرئة المتهم تكمن في صلتها بحقوق اإلنسان وحريته وأصله‪.‬مما تفرض على جهات‬
‫التحقيق والمحاكمة التعامل مع المتهم على أساس أنه بريء الن ذلك هو األصل لغاية ثبوت العكس‪ ،‬ومن ثم التحقيق دون‬
‫الميل المسبق نحو اإلدانة أو نحو البراءة دون مسوغ‪.‬‬
‫‪ ‬فرضية البحث‪:‬‬
‫ينطلق البحث من فرضية تحاول اثباتها مفادها‪ :‬أن افتراض براءة المتهم بوصفها قرينة قانونية دستورية تلزم القاضي‬
‫والمحكمة والصحافة والناس باحترامها ومراعاتها وترتب نتائج وآثار قانونية تنسجم مع طبيعتها وخصائصها‪ ،‬بحيث تتجلى‬
‫المسؤولية الجزائية على خرقها‪.‬‬
‫إشكالية البحث‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تكمن اشكالية البحث في حوار التحقق من صحة الفرضية انفاً‪ ،‬فالبحث يحاول اإلجابة على فيض األسئلة التالية وغيرها‪:‬‬
‫هل ان أصل المتهم البراءة وافتراضها يمثل حجة ثابتة باعتبارها قرينة ابتدائية قانونية ال يدحظها إال اليقين؟ وهل ان بقائها‬
‫وقيامها يمتد من تحريك الدعوى الجزائية لغاية صدور حكم قضائي نهائي باإلدانة؟ وهل ان هذه القرينة لها مبرراتها وضماناتها‬
‫التي تكفل تطبيقها وتحقيقها؟ وهل انها تحاط بحماية جنائية تضمن احترامها ودوامها؟‬
‫‪ ‬منهجية الدراسة‪:‬‬
‫اعتمد البحث على منهجية تضمن اإلجابة على األسئلة التي أثارتها الفرضية في اإلشكالية باالعتماد على منهج مركب‬
‫يتحدث على الجانب النظري التحليلي الفتراض براءة المتهم من زاوية فكرية مجردة ويتحدث في الجانب اآلخر عن الجانب‬
‫العلمي التطبيقي‪.‬‬

‫‪ ‬خطة الدراسة‪:‬‬
‫تضمنت الدراسة بعد هذه المقدمة ثالثة مباحث‪ ،‬االول‪ :‬يبحث في ماهية افتراض قرينة البراءة وطبيعتها القانونية ومبرراتها‬
‫وهو على مطلبين‪ :‬االول بعنوان مفهوم افتراض البراءة‪ ،‬يتضمن مفهوم افتراض البراءة والطبيعة القانونية الفتراض البراءة‪،‬‬
‫والثاني مبررات افتراض البراءة‪.‬اما المبحث الثاني فيتضمن االساس القانوني لقرينة البراءة في الدساتير والقوانين واعالنات‬
‫حقوق االنسان والمواثيق الدولية لكل منهم مطلب‪ ،‬اما المبحث الثالث فتضمن اآلثار القانونية الفتراض قرينة البراءة متمثال‬
‫بقاعدة عبء االثبات ال يتحمله المتهم فال يتحمل اثبات دفوعه وال براءته‪ ،‬وكذلك حرية اطراف الدعوى في االثبات الجنائي‪ ،‬ثم‬
‫ختمنا البحث بخاتمة تضمنت االستنتاجات التي توصلنا اليها من خالل البحث والتوصيات التي رايناها جديرة بالتثبيت املين‬
‫من اهلل ان يحظى هذا البحث بالرضى والقبول واهلل ولي التوفيق‪.‬‬
‫الباحثان‬

‫‪844‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫المبحث الول‬
‫ماهية افتراض قرينة البراءة والطبيعة القانونية لها ومبرراتها‬
‫من المسلم في الفقه والتشريع والقضاء "ان المتهم برئ حتى تثبت إدانته " وان الهدف من هذا المبدأ هو حماية‬
‫المتهم‪ ،‬سواء اكان ذلك فيما يتعلق بالمعاملة التي يخضع لها‪ ،‬أم فيما يتعلق بأثبات إدانته‪ ،‬غير ان المختلف عليه هو طبيعة‬
‫هذا المبدأ‪ ،‬فهناك العديد من رجال الفقه والتشريع والقضاء يعتبرون أن البراءة قرينة قانونية بسيطة‪ ،‬وبالتالي يطلقون على هذا‬
‫المبدأ "قرينة البراءة " والبعض اآلخر يعتبر المبدأ مثاال للحيلة القانونية‪ ،‬وهناك من عبر عنه بأنه أصل فطري‪ ،‬من هنا راينا ان‬
‫نبين ماهيته في المطالب التالية‪.‬‬
‫المطلب الول‬
‫مفهوم افتراض البراءة‬
‫يتعين هنا كشف معنى افتراض البراءة مرو اًر بالخصائص والنتائج المترتبة عليه‪ ،‬من هنا يمكن تقسيم المطلب الى فرعين‪:‬‬
‫الفرع الول‬
‫معنى افتراض البراءة‬
‫ان هذا المبدأ يقتضي أن يعامل المتهم معاملة البريء حتى تثبت إدانته بحكم جنائي بات‪ ،‬أي يتمتع بمعاملة تتفق‬
‫وكرامته االنسانية في جميع مراحل الدعوى الجنائية‪ ،‬بصرف النظر عن جسامة الجريمة وبشاعة أسلوب ارتكابها‪ ،‬وبالتالي‬
‫يجب أن تتخذ االجراءات الجنائية سواء في مرحلة التحقيق االبتدائي أو مرحلة المحاكمة – كالقبض والتفتيش والحبس‬
‫االحتياطي واالستجواب وغيرها – بالقدر االدنى الضروري لتحقيق حماية االفتراض القانوني للبراءة واالفتراض الموضوعي‬
‫الرتكاب الجريمة‪ ،‬دون بذل أحدهما لصالح االخر (‪ ،)1‬وتتم هذه الحماية بتحديد المجال القانوني الذي يضمن للمتهم حريته‬
‫الشخصية دون مساس بها أثناء ممارسة السلطة ألي إجراء جنائي يتطلب االفتراض الموضوعي الرتكاب الجريمة‪ ،‬وبخالف‬
‫هذه الحماية فإن قرينة البراءة تكون قد انتهكت وبالتالي ال تتحقق أية ضمانات للمتهم لعدم شرعية االجراءات (‪ .)2‬بمعنى ان‬
‫تتحلى جميع االجراءات الخاصة بالجريمة من ناحية المتهم بالتجرد والحيادية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫الطبيعة القانونية الفتراض البراءة‬
‫للفقه والقضاء والدستور رأي في معنى افتراض قرينة البراءة التي توصف بقانونيتها وقطعيتها وبساطتها والتي يستكمل‬
‫معناها بالتعرف على حق احترامها‪ .‬وهكذا‪ ،‬تقسم الفرع الى ثالث اجزاء‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬افتراض البراءة قرينة قانونية قطعية بسيطة‬
‫ذهب بعض الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية الفتراض البراءة في المتهم‪ ،‬إلى مبدأ وهو‪:‬األصل في االنسان البراءة‪،‬‬
‫وهو قرينة قانونية بسيطة‪ ،‬ويسمى هذا المبدأ بقرينة البراءة‪ ،‬وهو استنتاج مجهول من معلوم‪ ،‬فالمعلوم هو أن األصل في‬
‫االشياء اإلباحة ما لم يتقرر بحكم قضائي وبناء على نص قانوني بعد ثبوت وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم واستحقاق‬
‫العقاب‪ ،‬والمجهول المستنتج من هذا المعلوم هو براءة المتهم حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات‪ ،‬لذا يرى أصحاب هذا الرأي‬
‫أن مبدأ البراءة قرينة قانونية بسيطة‪،‬الن مصدر هذه القرينة هو القانون ذاته الذي أكد وأقر مبدأ الشرعية االجرائية والتي تعتبر‬
‫ركنا" في الشرعية الجنائية وال يدحض أو يهدم هذه القرينة إال صدور حكم قضائي بإدانة المتهم‪ ،‬الن هذا الحكم يعد عنوانا"‬
‫للحق والحقيقة‪ ،‬ويعتبر قرينة قانونية قاطعة عليها‪ ،‬وهذه القرينة القاطعة فقط هي التي تصلح إلهدار قرينة البراءة(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬كمال محمد علي الصغير‪،‬الحرية الشخصية للمتهم في اطار نظام الشرعية االجرائية‪ ،‬دراسة تحليلية تأصيلية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2003‬ص ‪.457‬‬
‫(‪)2‬‬
‫د‪ .‬عبد الستار سالم الكبيسي‪ ،‬ضمانات المتهم قبل واثناء المحاكمة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪،1981،‬ص‪.689‬‬
‫(‪)3‬‬
‫د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الدستورية وحقوق االنسان في االجراءات الجنائية‪ ،‬طبعة ‪.2000‬‬

‫‪845‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ومبررهم في ذلك‬ ‫إلى وصف مبدأ البراءة بأنه قرينة قانونية قطعية‪،‬‬ ‫بينما ذهب العديد من رجال الفقه الجنائي‬
‫قائم على اساس مادام أن القرينة هي استنتاج مجهول من معلوم‪ ،‬والمعلوم هو ان االصل في االشياء اإلباحة‪ ،‬والمجهول‬
‫المستنتج من هذا االصل هو براءة اإلنسان حتى تثبت إدانته بحكم قضائي‪ .‬ومصدر هذه القرينة هو القانون – حسب ما ذهب‬
‫إليه هذا الفقه‪ ،‬غير أن هذا الفقه يرى أن قرينة البراءة وان كانت من القرائن البسيطة‪ ،‬إال انه ال يمكن دحضها ال عن طريق‬
‫ادلة االثبات الواقعية المقدمة من سلطة التحقيق‪ ،‬وال بواسطة االجراءات التي يباشرها القاضي بحكم دوره االيجابي في إثبات‬
‫الحقيقة‪ ،‬بل إنها –أي قرينة البراءة – تظل قائمة رغم األدلة المتوفرة‪ ،‬والمقدمة من دحضها‪ ،‬حتى يصدر حكم قضائي بات يفيد‬
‫إدانة المتهم‪ .‬فالقانون يعتبر الحكم القضائي البات عنوان الحقيقة‪ ،‬التي ال تقبل المجادلة‪ .‬وبهذا الحكم القضائي البات تتوافر‬
‫قرينة قانونية قاطعة على هذه الحقيقة‪ ،‬هي وحدها التي تصلح إلهدار قرينة البراءة متى كان الحكم القضائي البات صادر‬
‫باإلدانة‪ .‬وال يكفي لدحضها مجرد قرائن اإلثبات األخرى‪ ،‬سواء كانت من القرائن القانونية البسيطة أو القاطعة – أو من القرائن‬
‫القضائية‪ .‬لهذا اتجه غالبية فقهاء القانون الجنائي إلى القول بأن البراءة قرينة قانونية قطعية ال تقبل اثبات العكس بسهولة(‪.)2‬‬
‫وذكر جانب اخر من الفقه بانها قرينة بسيطة‪ ،‬فذلك يعني أنها قابلة إلثبات العكس بموجب حكم قضائي نهائي قائم‬
‫على ادلة قاطعة الداللة واإلثبات‪ .‬عندئذ فقد تقوم قرينة قانونية قاطعة معاكسة باإلدانة‪ ،‬تظهر فيها حقيقة جديدة يصلح معها‬
‫وحدها اهدار حق المتهم في التمسك بقرينة البراءة‪ ،‬بحيث ال تصلح عند ذاك قرينة البراءة المفترضة لدحض حقيقة االدانة‬
‫الثابتة(‪ .)3‬ونحن بدورنا نذهب مع هذا الرأي‪ ،‬الن االصل في المتهم البراءة واالستثناء ارتكابه الجريمة‪ ،‬مثلما ان االصل في‬
‫االفعال االباحة حتى يجرمها المشرع‪ ،‬ومن يدعي عكس هذه القرينة عليه تقديم الدليل القاطع على ادعائه(‪ .)4‬وهذا مما يعني‬
‫ان الطبيعة القانونية لقرينة البراءة هي قرينة قانونية قطعية بسيطة‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم فان المتهم يظل محتفظا بافتراض قانوني على براءته مهما بلغت جسامة الجريمة المتهم بها ومهما‬
‫و ً‬
‫كانت خطورتها وطبيعتها‪ ،‬ومهما ثقل وزن االدلة المتواترة ضده حيثما كانت جريمته مشهودة وضبط متلبسا بها‪ ،‬الن ذلك‬
‫االفتراض االبتدائي ال يهدمه سوى حكم قضائي نهائي(‪ .)5‬نضيف الى ذلك ان هذا االفتراض وجه آخر للشرعية الجنائية وركنا‬
‫من اركانه ونهجا لألنظمة التقدمية الديمقراطية وافتراضا من مفترضات المحاكمة العاجلة العادلة‪ ،‬وحقا يصفها مجلس اللوردات‬
‫البريطانية بانها خيط ذهبي في نسيج ثوب القانون الجنائي‪ ،‬وهي في النهاية يشكل ضمانة مهمة لحقوق االنسان ودرعا فوالذيا‬
‫يحمي حريات االنسان في سائر االحيان(‪.)6‬‬
‫ثانياً‪ :‬افتراض قرينة البراءة حق واجب االحترام‬

‫إذا كان البعض يدعي ان البراءة أصل في المتهم وليست قرينة قانونية بسيطة وال من صورها‪ ،‬كما انتهينا إليه سابقاً‪،‬‬
‫فالتساؤل الذي يثار في هذا الصدد هو‪ :‬اذن ماهي طبيعة هذا المبدأ؟ وهل يعد حقاً من الحقوق؟ أم أنه عبارة عن ميزة إجرائية‬
‫شاء القانون أن يعبر عنه لمصلحة المتهم؟‬
‫يقول الفقه ان افتراض براءة المتهم حتى تثبت ادانته بحكم قضائي بات‪ ،‬حق قانوني دستوري للمتهم يفرض على كل‬
‫السلطات المنوط بها تطبيق القانون او تنفيذه وعلى كل الجهات والقنوات االعالمية والصحفية احترام اصل البراءة في االنسان‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية الدستورية وحقوق االنسان‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1996 ،‬ص‪ ،186‬انظر كذلك د‪ .‬محمد زكي ابو عامر‪ :‬االثبات في‬
‫المواد الجنائية‪ ،‬الفنية للطباعة والنشر‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫(‪)2‬‬
‫د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية واإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1977 ،‬ص‪.124‬‬
‫(‪)3‬‬
‫د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية الدستورية وحقوق االنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫(‪)4‬‬
‫د‪ .‬أحمد ادريس احمد‪ ،‬افتراض براءة المتهم‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق جامع القاهرة‪ ،1984 ،‬ص‪ .63‬حيث يتفق مع الرأي الذي ذهبنا الى‬
‫تأييده‪ .‬ولالطالع على المزيد من أوجه النقد الموجه الى افتراض براءة المتهم من قبل أنصار المدرسة الوضعية في اواخر القرن ‪ 19 /‬من هذا‬
‫االفتراض لم يميز ببين فئات المجرمين وأنها تمنح المجرمين حصانة تلحق ضررا كبيرا بالمجتمع وادعائها ان الخبرة العلمية اثبتت عدم صواب هذا‬
‫االفتراض الن معظم المتهمين يدانون في النهاية‪ :‬انظر د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬القانون الجنائي الدستوري‪ ،‬ص‪ 278‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫د‪ .‬السيد محمد حسن شريف‪ ،‬النظرية العامة باإلثبات الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2002 ،‬ص‪.445‬‬
‫(‪)6‬‬
‫المصدر السابق‪،‬ص‪.430‬‬

‫‪846‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫وافتراض البراءة في المتهم‪ ،‬فهي ضمانة شخصية ترافقه وصفة مالزمة له في كل اإلجراءات التي يتخذها القاضي او المحكمة‬
‫ضده في التحقيق والمحاكمة(‪.)1‬‬
‫ابتداء ضده وال يعامل بإهانة او ضغط وال يكره على الصمت او اإلجابة‪ ،‬ويجب‬
‫ً‬ ‫من هنا‪ ،‬يجب أن ال يوجه التحقيق‬
‫أن تطلق على مصراعيها كل ضمانات الدفاع‪ ،‬وال تذاع أخبار تحقيقاته وتفاصيل محاكمته في هذا األمر وال تنشر قبل صدور‬
‫قضائي بات بإدانته‪ ،‬ألن العمل بعكس ذلك يعد إدانة غير قانونية واساءة عارمة ضد المتهم تستوجب المسؤولية‬ ‫حكم‬
‫القانونية‪ ،‬واحترام هذا االفتراض يعد من الحقوق الموضوعية لإلنسان التي حرصت على حمايتها واقرارها اإلعالنات العالمية‬
‫الخاصة بالحقوق والحريات‪ ،‬فضالً على القوانين الداخلية والدساتير‪ ،‬األمر الذي يتوجب معه احترامها من كافة السلطات العامة‬
‫ومؤسساتها في الدولة ومواطنيها وصحفيها(‪ .)2‬سيما ويجد بعض الفقه أن مبدأ الحق في احترام افتراض البراءة قريب من مبدأ‬
‫شرعية الجرائم والعقوبات الذي وجد لحماية حقوق االفراد وتحقيق العدالة‪ ،‬على أساس أن الحق في افتراض البراءة هو اآلخر‬
‫يكفل حماية الحقوق الشخصية في كل مراحل الدعوى الجزائية ولغاية صدور الحكم القضائي البات‪ ،‬فضالً على أن كال‬
‫المبدئين يعدان دعامة أساسية قضائية وقانونية للشرعية الجنائية الموضوعية واإلجرائية(‪ .)3‬وهذه تفرض قرينة البراءة كحق من‬
‫حقوق اإلنسان يجب احترامها عل كل الهيئات بدءاً من المشرع ووصوال الى القاضي‪ .‬فمثالً المشرع عند إصداره لقانون العفو‬
‫مثالً قبل صدور الحكم في قضية معينة فإنه يعفى المجرم‪ ،‬اذن ال يحرم المتهم من إثبات براءته‪ .‬وكذلك ال يمكن للمشرع أن‬
‫يمنع حق مراجعة األحكام الصادرة باإلدانة أمام أية جهة قضائية مختصة وعلى كل السلطات المنوط بها تطبيق القانون او‬
‫تنفيذه والقنوات االعالمية احترام اصل البراءة في االنسان وافتراض البراءة في المتهم النها ضمانة شخصية ترافقه وصفة‬
‫ابتداء ضده وال‬
‫ً‬ ‫مالزمة له في كل االجراءات التي يتخذها القاضي او المحكمة ضده في التحقيق والمحاكمة‪ ،‬فال يوجه التحقيق‬
‫يعامل بإهانة او الضغط وال يكره على الصمت او االجابة مع ضمانات الدفاع وال تذاع اخبار تحقيقاته وتفاصيل محاكمته وال‬
‫تنشر قبل صدور حكم القضائي(‪.)4‬‬
‫باإلضافة الى ما سبق فان وجود قاضي جزائي ومدني للفصل في قضايا المساس بقرينة البراءة يؤكد اهمية هذا الحق‬
‫ووجوب احترامهم من طرف الكافة‪ .‬فبعض التصرفات الماسة لقرينة البراءة يمكن ان تشكل جرائم مثل جنحة الشتم او الوشاية‬
‫الكاذبة وكذلك االمر ب النسبة إلفشاء السر المهني او سرية التحقيق‪ .‬فيمكن للصحفي ان ينقل ما يدور بالجلسة العلنية دون‬
‫ابداء اراء شخصية وليس قبل ذلك(‪.)5‬‬
‫نستنتج من كل ذلك ان قرينة افتراض البراءة للمتهم حق واجب احترامه وحمايته من قبل الجميع‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫مبررات افتراض قرينة البراءة‬
‫ال شك ان هناك جملة من المبررات‪ ،‬تقتضي معاملة المتهم على انه بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أنه من المسلمات‬

‫يرى بعض رجال الفقه(‪ ،)6‬أن معاملة المتهم على انه برئ من المسلمات وال يحتاج حتى الى النص عليه‪ .‬ويؤيد هذا‬
‫الفقه وجهة نظره بقوله‪ ":‬إذا كان قانون االثبات في المواد المدنية ينص على أن " على الدائن إثبات االلتزام وعلى المدين إثبات‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬احمد ادريس احمد‪ ،‬افتراض براءة المتهم‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪1984 ،‬م‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬خالد رمضان عبد العال‪ ،‬المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة حلوان‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‪.534‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬احمد إدريس احمد‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ 193‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫د‪ .‬علي أحمد رشيدة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫(‪ )5‬جمال الدين العطيفي‪ ،‬حرية الصحافة‪ ،‬وفق تشريعات جمهورية مصر العربية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪1974 ،‬م‪،‬ص‪.162‬انظر كذلك السيد محمد حسن‬
‫الشريف‪ ،‬النظرية العامة لألثبات الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪2002 ،‬م‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.460‬‬
‫(‪)6‬‬
‫الدكتور محمود مصطفى‪ ،‬االثبات في المواد الجنائية في القانون المقارن‪ ،‬ج‪ ،1‬النظرية العامة‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1977‬م‪.‬‬

‫‪847‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫التخلص منه " فمن باب اولى يكون على سلطة االتهام اثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم‪ ،‬ذلك انه مع تشعب المعامالت‬
‫في الوقت الحالي فانه قلما تخلو ذمة شخص من التزامات مدنية‪ ،‬أو تجارية‪ .‬أما الجريمة‪ ،‬فأمر شاذ ووقوعها من شخص حدث‬
‫خارج عن المألوف واذا كان الشطر الثاني من النص مفاد‪ ":‬وعلى المدين إثبات التخلص منه " أي من االلتزام‪ ،‬فإن هذا‬
‫االثبات متيسر في المسائل المدنية‪ ،‬إذ على المدين عندما يوفى بالتزامه أن يحتاط فيطلب من الدائن سندا بالخالص‪ .‬أما في‬
‫المسائل الجنائية فإنه من الصعب بل يكاد يكون مستحيال – وفقا للقواعد المنطقية– أن يطلب من المتهم اثبات أنه لم يرتكب‬
‫الجريمة‪ .‬ولذلك فقد قيل بأن أصل البراءة مفترض في المتهم‪ ،‬يتفق مع طبائع االمور(‪.)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬اكرام ال نسان وحماية حريته‬
‫االنسان هو ذلك الكائن الذي خلقه اهلل – سبحانه وتعالى – وكرمه على جميع مخلوقاته وجعله خليفته في أرضه‬
‫لقوله – تعالى ‪( :-‬ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفصلناهم على كثير ممن خلقناها‬
‫تفصيال(‪ ،))2‬فالشك ان االنسان هو اصل الحقوق والحريات‪ ،‬وان هذه الحقوق انما اضيفت لإلنسان‪ ،‬لكونه المخلوق الوحيد‬
‫الذي نال التكريم والتفضيل‪ ،‬بدليل قصة خلق ادم (عليه السالم) واسجاد المالئكة كلهم أجمعين لهذا المخلوق الذي جعله اهلل‬
‫تعالى خليفته في االرض‪ ،‬بعد ان نفخ فيه من روحه‪ ،‬وبهذا النفخ تأهل االنسان ليكون عالما" مريدا متكلما‪ ،‬سميعا‪ ،‬بصي ار‬
‫مدب ار‪ ،‬حكيما‪ .‬وهذه صفات ربانية منح اهلل االنسان قبسا منها ليتميز بذلك عن كافة المخلوقات(‪.)3‬واذا كان للبشر اخطاء ال‬
‫كرمة االنسان في جملتها‪ ،‬ال تسقط بهذه االخطاء‬
‫يليق أن يتورطوا فيها‪ ،‬وأن لهم مسلكا ما كان ينبغي أن يسلكوا فيه‪ ،‬اال ان ا‬
‫وبتلك المسالك(‪،)4‬وفي بدء الخليفة عندما تساءل المالئكة‪ :‬استحق االنسان كرامة الوجود والتفضيل‪ ،‬مع ما سوف يشوف تأريخه‬
‫الطويل من آثام وشرور؟ فكان الجواب الى انه جدير بالحياة والتكريم‪ ،‬وان انحراف بعض االفراد ال يسلبهم ذلك ادميتهم‬
‫وكرامتهم بدليل قوله تعالى‪( :‬واذ قال ربك للمالئكة انى جاعل في االرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‬
‫ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال ابى اعلم ما ال تعلمون)(‪.)5‬ولما كان الخالق – عز وجل – قد حفظ لإلنسان كرامته دون‬
‫تمييز في العقيدة او اللون او االمم او المكان او الزمان‪ ،‬كون الخطاب موجها لبني ادم بإطالقه‪ ،‬فانه من الضروري أن تحفظ‬
‫كرامته‪ ،‬وان تصان حقوقه‪ ،‬وان تفرض العقوبات على كل من يعتدي عليها‪ .‬سوى انه اذا اخطأ االنسان وتعدى على حريات‬
‫االخرين وحقوقهم‪ ،‬جاز المساس بحريته ومعاقبته بقدر الضرر الذي الحقه بالجماعة دون بغي او عدوان ودون الحط من‬
‫كرامته او االخالل بالحقوق والضمانات المكفولة له‪ ،‬ذلك ان الحرية الشخصية ليست حرية مطلقة تستعصي على القيود‬
‫والحدود فإذا اقتضت مصلحة الجماعة تقيدها كان لها ذلك عن طريق اجهزة الدولة المختصة‪ ،‬شريطه ان تتم في اطار من‬
‫الشرعية الجنائية المتمثلة بشرعية التجريم والعقاب‪ ،‬أو الشرعية االجرائية التي ترتكز على ان المتهم برئ حتى تثبت إدانته‪.‬‬
‫نخلص مما سبق الى ان االنسانية تستوجب حمايه حرية االنسان‪ ،‬وهي مبرر منطقي لمعاملته على انه بريء حتى تثبت‬
‫إدانته(‪.)6‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الجريمة حدث عارض‬
‫ذهب العديد من الفقهاء (‪)7‬الى ان الجريمة حدث عارض‪ ،‬الن االصل في االشياء االباحة‪ ،‬وان االصل ان كل انسان‬
‫يتصرف وفقاً للوضع الطبيعي وهوحسب ما اودع اهلل االنسان‪ ،‬وال ننكر ان النفس البشرية قابلة للفساد والميل للبغي‬

‫(‪)1‬‬
‫الدكتور احمد ضياء الدين محمد خليل‪ ،‬مشروعية الدليل في المواد الجنائية‪ ،‬رسالة الدكتوراه‪ ،‬جامعة العين الشمس‪1982 ،‬م‪ ،‬ص‪ 176‬الدكتور محمد‬
‫محي الدين عوف‪ ،‬حقوق االنسان في اإلجراءات الجنائية‪1989 ،‬م‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سور االسراء‪ ،‬اآلية (‪.)70‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فتح القدير الجامع بين فني الراوية والدراية من علم التفسير‪ ،‬محمد بن علي الشوكاني‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.465‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد الغزالي‪ :‬حقوق االنسان بين تعاليم االسالم وعالن االمم المتحدة‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪)5‬‬
‫سورة البقرة اآلية ‪.30‬‬
‫(‪)6‬‬
‫الدكتور أحمد فتحي سرور‪ :‬القانون الجنائي الدستوري‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪ ،4‬ص ‪ ،2006‬ص ‪.284‬الدكتوراحمدادريس احمد‪ ،‬افتراض براءة المتهم‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،1984 ،‬ص‪.209‬‬
‫(‪)7‬‬
‫الدكتور عبد الرؤف مهدي‪ ،‬حدود حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته‪ ،‬مؤسسة العين للطباعة‪ ،1983 ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪848‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫والطغيان(‪ .)1‬ولكن ذلك ال يمثل االصل العام‪ ،‬وبناء على ذلك إذا ارتكب آحاد الناس جريمة من الجرائم فذلك امر وارد‪ ،‬بيد انه‬
‫ال يمثل اسوأ حالة‪ ،‬عن المألوف‪ ،‬وحدث عارض في حياة اي فرد‪ ،‬ذلك انه اذا كان طبيعياً ان يجرم احد افراد المجتمع فمن‬
‫غير طبيعي ان يجرم كل فرد فيه(‪ .)2‬وال يؤخذ البرئ بجريرة المسئ بدليل قوله تعالى‪ :‬وال تزر وازرة وزر اخرى‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬تالفي االثار النفسية التي يسببها قرار االتهام‬
‫(‪)3‬‬
‫الى ان مجرد توجيه اتهام لشخص بارتكاب جريمة ما كفيل بأن يولد لديه حالة نفسية‬ ‫ذهب العديد من رجال الفقه‬
‫يصعب تالفيها‪ ،‬خصوصاً إذا كان الشخص لم يرتكب الفعل مناط االتهام‪ ،‬واقترن ذلك بحبسه‪ .‬كما يولد االتهام آثا اًر اجتماعية‬
‫وخيمة‪ ،‬أشدها أن الشخص المتهم يصبح في نظر العديد من الناس مجرما حقيقياً‪ ،‬لما استقر في أذهانهم‪ ،‬أنه "ال يوجد دخان‬
‫من غير نار"‪ .‬وكذلك يواجه المتهم ردود أفعال متعددة في غير مصلحته من اخطرها فتور العالقات االجتماعية بينه وبين‬
‫اآلخرين‪ ،‬والتي يمكن ان تصل إلى حد قطع وشائج القربى وصالت الرحم‪ ،‬باالضافة الى سريان الموضوع الى اهله وذويه‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬الوقاية من احتماالت الخطأ القضائي‬
‫ال شك أن أي عمل من األعمال التي يقوم بها البشر‪ ،‬تحتمل الخطأ‪ ،‬وهذا الخطأ قد يكون مغتف اًر‪ ،‬أو باإلمكان‬
‫احتماله‪ ،‬وذلك إذا وقع من األفراد على بعضهم‪ ،‬لكن الخطأ الصادر من جهة القضاء‪ ،‬أمر غير مقبول‪ ،‬وتنفر منه النفوس‪،‬‬
‫ويهدد الشعور العام بالعدل‪ ،‬لذلك‪ ،‬فإن من أولويات فن القضاء التي يؤمن بها القاضي تبرئة متهمين عديدين لقيام الشك اليسير‬
‫في ثبوت التهمة عليهم‪ ،‬أفضل من إدانة بريء واحد ظلماً‪ ،‬بسبب شطط في التقدير‪ ،‬أو تسرع في التقرير بثبوت اإلدانة(‪.)4‬‬
‫ولذلك قال بعض الفقهاء في معرض بيانهم للخطأ الذي يمكن أن يقع من القاضي عند حكمه بإدانة بريء‪ :‬ان تبرئة‬
‫مذنب لعدم ثبوت ذنبه وان كان سيفلت من سطوة القانون الوضعي‪ ،‬إال أنه لن يفلت من عدالة السماء‪ ،‬التي ستقتص منه مهما‬
‫طال األمد‪ ،‬فكما تدين تدان‪ .‬ولكن إدانة إنسان بحكم خاطئ ‪-‬رغم براءته– فيها من الضرر الذي ال يمكن تداركه‪ ،‬واصالحه‪،‬‬
‫فهي –أي اإلدانة غير الثابتة – من ناحية تؤدي إلى اإلساءة بقدسية العدالة‪ ،‬كما تؤدي إلى إفالت الجاني الحقيقي من سطوة‬
‫القانون الوضعي‪ ،‬وفي ذات الوقت هناك شخص آخر‪ ،‬يدفع ثمن جريمة ارتكابها غيره(‪ ،)5‬خاصة وقد اثبتت الشواهد القضائية‪،‬‬
‫ان العديد ممن وضعوا موضع االتهام‪ ،‬واتخذت قبلهم إجراءات ماسة بالحرية قد انتهى بهم المطاف الى تبرئتهم‪ ،‬وهناك من‬
‫ظهرت براءتهم بعد ان صدر في حقهم احكاما باإلدانة ولذلك اجاز القانون‪ ،‬إعادة النظر في الحكم الصادر باإلدانة‪ ،‬وفي‬
‫المقابل لم يجز إعادة النظر في الحكم البات بالبراءة إذا ظهرت بعده ادلة تدين المحكوم له بالبراءة‪ ،‬ذلك أن المجتمع كما قلنا‬
‫سابقا يهمه تدارك الخطأ القضائي إذا نتج عنه إدانة انسان بريء‪ ،‬في الوقت الذي ال يهتم كثي ار بالخطأ الذي يسفر عن براءة‬
‫إنسان مذنب‪ .‬ولهذا السبب نصت التشريعات على وجوب معاملة المتهم على انه برئ حتى تثبت إدانته‪ ،‬وفرضت على القضاة‬
‫حال سعيهم للوصول الى الحقيقة أن يضعوا نصب أعينهم هذا المبدأ‪ ،‬فإذا ساورهم أدنى شك في صحة ادلة اإلدانة‪ ،‬أو تبين‬
‫لهم عدم مشروعيتها ان يلتفتوا عنها وتأييد لديهم أصل البراءة عمال" باألحواط‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬ضعف موقف المتهم أمام سلطة االتهام والحكم‬
‫(‪)6‬‬
‫في تبريرهم ألصل البراءة الى أن المتهم هو الطرف الضعيف في الرابطة االجرائية‪ ،‬مقارنة‬ ‫ذهب العديد من الفقهاء‬
‫بالطرف االخر المتمثل بسلطة االتهام التي تملك من السلطات واالمكانيات ما يمكنها من جمع االدلة وتقديمها‪ ،‬ومن ثم فان‬

‫(‪)1‬‬
‫الدكتور احمد الريسوني‪ :‬انسانية االنسان قبل حقوق االنسان‪ ،‬بحث منشور في كتاب االمة الصادر عن وزارة االوقاف والشؤون االسالمية في قطر‬
‫تحت عنوان‪ ،‬حقوق االنسان محور مقاصد الشريعة‪ ،‬العدد ‪ ،87‬المحرم ‪ 1423‬ه السنة الثانية والعشرون‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الدكتور عبد الرؤف مهدي‪ ،‬حدود حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته‪ ،‬مؤسسة العين للطباعة‪ ،1983 ،‬ص ‪.22‬الدكتور السيد محمد حسن‬
‫شريف‪ ،‬النظرية العامة لألثبات الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2002،‬ص ‪.474‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الدكتور هاللي عبد الاله احمد‪ :‬االتهام المتسرع في مرحلة التحقيق االبتدائي وعدالة أوفى لمن وضع موضع االتهام‪ ،‬دار النهضة العربية‪،2002 ،‬‬
‫ص‪. 5‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الدكتور رؤوف عبيد‪ :‬المشكالت العملية الهامة في االجراءات الجنائية‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الفكر العربي‪1963 ،‬م‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫الدكتور رؤوف عبيد‪ :‬المرجع السابق نفسه‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫الدكتور محمود محمود مصطفى‪ :‬االثبات في المواد الجنائية في القانون المقارن‪ ،‬ج‪ ،1‬النظرية العامة‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.1977‬‬

‫‪849‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫المتهم يواجه خصماً قوياً‪ ،‬من اجل ذلك وحفاظا على التوازن بين طرفي الرابطة يقتضي معاملة المتهم على انه برئ‪ ،‬ومنحه‬
‫حقوقه التي رسمها القانون له‪ ،‬ومنها حقه في الدفاع عن نفسه‪ ،‬ذلك أن افتراض الجرم في حق المتهم من شأنه اال يسمح له‬
‫بممارسة فعالة لحقه في الدفاع‪.‬‬
‫وهكذا يظهر مما تقدم‪ ،‬أن معاملة المتهم على أنه برئ له مبر ارت منطقية ونفسية واخالقية ال بهدف حماية المذنبين‬
‫وانما لتجنب االنسان مخاطر التجريم والعقاب‪ ،‬فالعقوبة إذا أصابت برئ أكثر وأشد خط ار على الفرد وعلى المجتمع من إفالت‬
‫مجرم من العقاب‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫االساس القانوني لقرينة البراءة في الدساتير والقوانين الجنائية والمواثيق الدولية‬
‫قسم البحث على ثالثة مطالب‪:‬‬
‫االول‪ :‬االساس القانوني لقرينة البراءة في الدساتير‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الساس القانوني لقرينة البراءة في القوانين‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الساس القانوني لقرينة البراءةالمواثيق الدولية‪.‬‬
‫المطلب االول‬
‫االساس القانوني لقرينة البراءة في الدساتير‬
‫أن الدستور في أي بلد هو الوثيقة األسمى لديها‪ ،‬ويجب ان يتقيد بأحكامه المشرع عند وضع التشريعات‪ ،‬ومنها بطبيعة‬
‫الحال التشريع الجنائي اإلجرائي‪ ،‬كونه شديد المساس بالحرية الشخصية‪ .‬وتأتي في مقدمة الحقوق التي يحميها الدستور "حق‬
‫المتهم في أصل البراءة "‪ .‬مما حدا بأحد الفقهاء ان يقول عن قيمة أصل البراءة في صلب الدستور‪ ":‬لو وضعت في الدستور‬
‫نظرية متكاملة لحقوق المتهم‪ ،‬لجاء مبدأ قرينة البراءة (أصل البراءة ) في صدرها"(‪ .)1‬لذا قد دونت معظم دساتير بالد العالم‬
‫أصل البراءة في صلب دساتيرها‪ ،‬وأن اختلفت الدساتير في صياغة المبدأ فمنها من اكتفى بتدوين المبدأ نفسه ومنها من قرنه‬
‫بالضمانات التي تحميه قبل أن يصدر حكم بات بنقضه‪ ،‬كاشتراط المحاكمة العادلة والعالنية واحترام حق الدفاع للحكم باإلدانة‬
‫التي تنقض أصل البراءة نذكر بعضا منها فيما يلي‪:‬‬
‫‪.1‬الدستور المصري الصادر في سنة ‪ 1971‬نص في المادة ‪ 67‬منه (أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة‬
‫قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه‪.‬‬
‫‪.2‬الدستور اليمني الحالي المعدل بتاريخ ‪29‬سبتمبر ‪ ،1994‬عندما نصت المادة ‪ 47‬منه على ان " كل متهم بريء حتى‬
‫تثبت إدانته بحكم قضائي بات‪.‬‬
‫‪ .3‬الدستور الفرنسي الصادر في ‪ 4‬أكتوبر سنة ‪ 1958‬جاء في مقدمته بأنه " ويعلن الشعب الفرنسي بصفة رسمية‬
‫تمسكه بحقوق اإلنسان‪ ...‬كما هي معرفة بإعالن الحقوق الصادر سنة ‪ ،1789‬والتي أكدتها واكملتها مقدمة دستور‬
‫‪ ." 1946‬وهذا اإلعالن قد نص على أصل البراءة على نحو ما بينا سابقا"‪ .‬وكذلك جاء النص على المبدأ في المادة‬
‫‪ 9‬من اعالن حقوق االنسان والمواطن ‪ ,‬وتمت االشارة إليه في مقدمة دستور عام ‪ , 1958‬واعتبر المجلس الدستوري‬
‫الفرنسي هذا االعالن جزء من الدستور الفرنسي‪.‬‬
‫‪.4‬نص الدستور الكندي في المادة ‪ ( 11‬د) على أن " أي شخص متهم بارتكاب جريمة تفترض براءته إلى أن تثبت إدانته‬
‫وفقاً للقانون في محاكمة عادلة وعلنية امام محكمة مستقلة ومحايدة ‪.‬‬
‫‪.5‬الدستور التونسي الصادر في أول يناير سنة ‪ 1959‬نص في الفصل ‪ 12‬منه بأن" كل متهم بجريمة يعتبر بريئا ألى أن‬
‫تثبت في محاكمة تكفل له فيها الضمانات للدفاع عن نفس"(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫الدكتور محمود محمود مصطفى‪ ،‬تطور قانون االجراءات الجنائية في مصر وغيرها من الدول العربية‪ ،‬ط‪،1985 2‬ص ‪.22‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر التشريعات العربية على موقع التشريعات العربية على شبكة االنترنيت‪.‬‬

‫‪850‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫‪.6‬الدستور الكويتي الصادر في ‪ 11‬نوفمبر سنة ‪ ،1962‬نص في المادة (‪ )34‬على أن " المتهم برئ حتى تثبت إدانته‬
‫في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو‬
‫معنويا"(‪.)1‬‬
‫‪ .7‬الدستور الجزائري نص على مبدأ االصل في االنسان البراءة في المادة ‪ 46‬من دستور ‪ 1979/11/22‬التي جاء‬
‫فيها‪ " :‬كل شخص يعتبر بريئا في نظر القانون حتى يثبت القضاء إدانته طبقا للضمانات التي يفرضها القانون‪,‬‬
‫وكرر الشيء نفسه في المادة ‪ 42‬من دستور ‪ 23‬فيفري ‪ 1989‬بقولها ‪ " :‬كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة‬
‫القضائية نظامية إدانته مع كل الضمانات التي يتطلبها القانون‪ ،‬واعد ذلك في الدستور الصادر في ‪ 1996‬المعدل‬
‫لدستور ‪ 1989‬ونص في المادة ‪ 45‬منه بأن‪ :‬كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته‪ ،‬مع كل‬
‫الضمانات التي يتطلبها القانون‪.‬‬
‫‪.8‬دستور جمهورية السودان الصادر في ‪ 28‬مارس سنة ‪1998‬نصت في المادة ‪ 33‬على‪ :‬المتهم بجريمة بريء حتى‬
‫تثبت إدانته قضاء‪ ،‬وله الحق في محاكمة ناجزة وعادلة وفي الدفاع عن نفسه واختيار من يمثله في الدفاع(‪.)2‬‬
‫والجدير بالذكر ان النص جعل الحق أصالً وليس قرينةً‪ ،‬حينما صاغ عبارة النص بقوله‪ ":‬والمتهم بجريمة برئ حتى‬
‫تثبت إدانته"‪ ،‬ولم يقل يعتبر بريئا"‪ ،‬أو نفترض براءته‪.‬‬
‫‪.9‬الدستور األمريكي لم ينص على البراءة صراحة‪ ،‬لكن االعتقاد السائد أن التعديل الخامس‪ ،‬والسادس والرابع عشر‬
‫لدستور الواليات المتحدة قد أخذ بهذا المبدأ‪ .‬وانه يمثل عنصرا" اساسيا" من عناصر المحاكمة العادلة في النظام‬
‫األمريكي(‪.)3‬‬
‫‪ .10‬استهل المشرع الليبي قانون تعزيز الحرية رقم (‪ )20‬لسنة ‪ 1991‬الصادر عن مؤتمر الشعب العام في الجماهيرية‬
‫العربية الليبية الشعبية االشتراكية بتاريخ ‪ ،1991 /9 /1‬والذي يعتبر بمثابة دستور للبالد‪ ،‬على قرينة البراءة وذلك‬
‫بالنص عليها في المادة (‪ )17‬منه بقولها ( المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته بحكم قضائي‪ ،‬ومع ذلك يجوز اتخاذ‬
‫االجراءات القانونية ضده مادام متهما"‪ ،‬ويحظر إخضاع المتهم ألي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي أو‬
‫معاملته بصورة قاسية أو مهينة أو ماسة بالكرامة االنسانية )‪.‬‬
‫‪ .11‬الدستور االيطالي الصادر سنة ‪ 1947‬نص في المادة ‪ 27‬منه على تلك الضمانة بقوله (ال يعد المتهم مذنبا" قبل‬
‫الحكم النهائي)‪.‬‬
‫‪ .12‬باإلضافة إلى ما سبق اكد على ماورد اعاله كل من الدستور اليوغسالفي سنة ‪ 1963‬المادة (‪ )50‬منه‪ ،‬والدستور‬
‫الليبي الملغي لسنة ‪ 1963‬المادة ‪ ،15‬والدستور النيجري المادة ‪ ،62‬والدستور الجيبوتي المادة ‪ ،58‬والدستور‬
‫الصومالي سنة ‪ 1960‬المادة ‪ ،42‬والدستور السوري سنة ‪ 1962‬المادة (‪ ،)1/ 10‬والدستور التونسي سنة ‪1959‬‬
‫الفصل رقم ‪ 12‬والدستور العراقي سنة ‪ 1970‬المادة ‪ ،20‬وكذلك الدستور العراقي لعام ‪.2005‬‬
‫وهكذا تبدو لنا أهمية قرينة البراءة كضمانة هامة للمتهم وتترتب عليها اآلثار الهامة والتي بدورها تتطلب ضمانات معينة يتحدد‬
‫على ضوئها سلوك سلطات الدولة المختصة الذي يضمن للمتهم حريته ويمكنه من اظهار براءة ويجعل في تلك األدوات‬
‫االتهامية أدوات إلدارة العدالة الجنائية الى جانب مهمتها االتهامية(‪ .)4‬وال يضر ذلك كون بعض الدساتير لم يتضمن نصوص‬
‫صريحة تتعلق بحق المتهم في أصل البراءة‪ ،‬كدستور المملكة األردنية‪ ،‬وكذلك دستور المملكة المغربية‪ .‬النه نصت على هذا‬

‫(‪)1‬‬
‫موقع التشريعات العربية على شبكة االنترنيت‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫التشريعات العربية على شبكة االنترنيت‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر ليونارد كافيس حقوق االنسان في مرحلة المحاكمة في النظام االمريكي لإلجراءات الجنائية‪ ،‬تقرير مقدم الى المؤتمر الثاني للجمعية المصرية‬
‫للقانون الجنائي الذي عقد باإلسكندرية سنة ‪ 1988‬تاريخ النشر ‪ ،1989‬ص ‪.3‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبد الستار سالم الكبيسي‪ ،‬ضمانات المتهم قبل وأثناء المحاكمة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪1981 ،‬م‪ ،‬ص‪.7‬‬

‫‪851‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫المبدأ دساتير وتشريعات معظم الدول االجنبية والعربية واالسالمية وتبنت المبدأ لكونه عنصرا" أساسيا" في الشرعية االجرائية‬
‫وألهميته في الحفاظ على حقوق وحريات األفراد(‪.)1‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫االساس القانوني لقرينة البراءة في القانون الجنائي‬
‫في التشريع‪:‬‬
‫لقد اورد بعض المشرعين نصوصا تتضمن المبدأ صراحة او ضمناً نذكر قسماً منها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬ان المشرع الفرنسي قد نص في المادة التاسعة الفقرة (‪ )1‬من قانون االجراءات الجزائية على الحق في احترام قرينة‬
‫البراءة‪ ،‬عند حديثه عن حماية الحريات الخاصة‪ ،‬وذلك في المشروع الخاص بتعزيز حماية قرينة البراءة وحقوق المجني‬
‫عليهم‪ .‬ثم صدر قانون ‪ 4‬يناير ‪ 1993‬وقانون ‪ 24‬اوتي ‪ 1993‬بتعزيز حماية قرينة البراءة ‪ ,‬وكذا المشروع الذي تقدمت‬
‫به الحكومة الفرنسية لتعزيز حماية قرينة البراءة وحقوق المجني عليهم ‪ ,‬والذي تم إق ارره بالقانون رقم ‪ 512‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 15‬يونيه من عام ‪ .2000‬من ناحية أخرى عدلت المادة ‪ 91‬منه المادة ‪ 1/9‬من القانون المدني الفرنسي بهدف‬
‫توسيع نطاق حماية أصل البراءة في مواجهة التجاوزات اإلعالمية وبالتالي أصبح مبدأ أصل البراءة مقدما على الحق في‬
‫التعبير(‪.)2‬‬
‫‪ .2‬المشرع الجزائري قد تكفل بحماية مجموعة من الحقوق في المواد من ‪ 107‬الى ‪ 111‬منه ‪ ,‬التي تحظر أي مساس‬
‫بالحقوق المقررة لحماية المتهم ‪ ,‬والتي تتضمن تطبيق مبدأ االصل في االنسان البراءة منها ‪:‬‬
‫يجوز للمتهم او النيابة العامة طلبب االفبراج المؤقبت مبن قاضبي التحقيبق فبي أي وقبت ‪ ,‬ويجبب علبى هبذا االخيبر الفصبل‬ ‫أ‪.‬‬
‫في الطلب في ميعاد ‪ 10‬ايام ‪ ,‬وبعد احترام هذه المبدة يرفبع الطلبب البى غرفبة االتهبام التبي تفصبل فيبه فبي مبدة أقصباها‬
‫‪ 30‬يوما ‪.‬‬
‫ب‪ .‬اذا لم يحترم االجل يفرج تلقائيا عن المتهم ‪.‬‬
‫ت‪ .‬يمكن االفراج المؤقت عن المتهم االجنبي بكفالة إذا لم يتم بقوة القانون (المادة ‪ 130‬من قانون االجراءات الجزائية)‪.‬‬
‫ث‪ .‬االفراج المؤقت يتم بقوة القانون إذا لم تتوافر الشروط القانونية للحبس االحتياطي ‪.‬‬
‫ج‪ .‬كقاعدة عامة يحبس المحبوس احتياطيا في نفس المؤسسات الخاصة بالمحكوم عليهم ‪ ,‬ولكن في احياء مستقلة ‪ ,‬وال‬
‫يخضع لنفس المعاملة المفروضة على هؤالء ( العمل ‪ ,‬البذلة ‪ ,‬الزيارة ‪ ,‬المراسالت) ‪.‬‬
‫ح‪ .‬المحبوس احتياطا ال يمكن تعويضه إال في حاالت استثنائية مثل الحبس التعسفي ‪ ,‬وذلك عن طريق حكم جزائي يدين‬
‫المسؤول عن هذا االجراء ( خطا مرفقي )‪ .‬مما سبق يتبين ان المشرع الجزائري قد تبنى قرينة البراءة بصورة واضحة كمبدأ‬
‫دستوري نظم أحكامه قانون اإلجراءات الجزائية الذي تضمن عدة إجراءات تضمن حماية حقوق المتهم وحرياته األساسية‪،‬‬
‫وأعطى قانون اإلجراءات الجزائية أمثلة كثيرة عن تكريس مبدأ افتراض البراءة‪ ،‬ويمكن ذكر الطابع االستثنائي للتوقيف‬
‫(‪)3‬‬
‫وأن المتهم الذي لم تصدر ضده عقوبة بالحبس النافذ يطلق صراحة مباشرة بعد صدور الحكم‬ ‫للنظر والحبس المؤقت‬
‫بغض النظر عن االستئناف المرفوع ضده‪ .‬كما أن قانون االجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬
‫‪ .3‬ارتأت بعض الدول النص على المبدأ في قانون االجراءات الجزائية‪ ,‬منها ألمانيا وبلجيكا‪ ،‬ففي ألمانيا تعد االتفاقية‬
‫االوربية لحقوق االنسان التي نصت على المبدأ في المادة ‪ 6‬جزء من النظام القانوني الداخلي بعد المصادقة عليه‬
‫بمقتضى قانون ‪ 7‬اغسطس ‪ ,1952‬فأعطت المحكمة الدستورية االلمانية المبدأ قيمة أسمى من التشريع العادي‪ ,‬وهو‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬محمد راجح حمود نجاد‪ ،‬حقوق المتهم في مرحلة جمع االستدالل بين الشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫القاهرة‪1992 ،‬م‪ ،‬ص‪ 296‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬خطاب كريمة‪ ،‬قرينة البراءة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة جزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫(‪)3‬‬
‫د‪ .‬علي أحمد رشيدة‪ ،‬قرينة البراءة والحبس المؤقت‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪2016 ،‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪852‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫نفس االمر في بلجيكا التي تعتبر االتفاقية االوربية لحقوق االنسان جزءاً من قانونها الداخلي بعد التصديق عليها بمقتضى‬
‫قانون ‪ 7‬أغسطس ‪.)1(1952‬‬
‫‪ .4‬تشيكوسلوفاكيا نصت على المبدأ في المادة ‪ 2‬من قانون االجراءات الجزائية الصادر عام ‪.1961‬‬
‫‪ .5‬سويس ار التي نصت على هذا المبدأ في العديد من القوانين اإلجرائية الجنائية لمقاطعات االتحاد السويسري(‪.)2‬‬
‫‪ .6‬ان كافة الشرائع السماوية والدساتير والقوانين التي تحترم حقوق اإلنسان اوردت ضمناً أن االصل في االنسان البراءة‪ ،‬مثل‬
‫ظهور المبدأ االصولي القائل أن‪ ( :‬المتهم برئ حتى تثبت إدانته )‪ ،‬ويتمخض عن ذلك ضمناً وضرورة احترامه‪ .‬وقد‬
‫القى المبدأ اهتماماً كبي اًر من جانب كافة االتفاقيات والمواثيق الدولية واالقليمية والسياسية والقانونية والتشريعات الوطنية‬
‫وقررتها المؤتمرات المعنية المهنية والمهتمة بحقوق االنسان‪ ،‬واكدت على رعاية المبدأ المذكور وتبنيه‪ ،‬ووصلت في هذا‬
‫المضمار الى حد تجنيد نفسها وتكريز جهودها للعمل من اجل حمايته وترسيخه‪ ،‬فضمنته صراحتةً مواثيقها‪ ،‬عالوةً على‬
‫ذلك عملت من اجل عقد المعاهدات بين الدول إلق ارره والتزام العمل به‪ ،‬وقد افرزت هذه الجهود في وقتها عن االعالن‬
‫العالمي لحقوق االنسان‪ ،‬الذي وافقت عليه وتعهدت بااللتزام بنصه وروحه دول العالم قاطبه في معاملة رعاياها‪ ،‬بذلك‬
‫اصبحت ذات اساس دستوري وقانوني وذات حماية دولية وبالتالي حق من حقوق االنسان‪.‬‬
‫في الفقه‬
‫استند الفقه على مبررات عدة أدت إلى تكون قاعدة "أن االصل في االنسان البراءة"‪ ،‬فقد اتسع نطاق تطبيقها في‬
‫جميع مراحل الدعوى الجنائية‪ ،‬ووجدت لها تطبيقات عديدة في معظم االنظمة القانونية المعاصرة ونادى بها الكتاب والفالسفة‬
‫ورجال القانون ون صت عليها معظم الدساتير والقوانين الوطنية وأيضا اإلقليمية والعالمية‪ ،‬ولقد ساق الفقه بعض االعتبارات‬
‫(‪)3‬‬
‫تأكيداً ألصل البراءة ويمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫اوالً‪ :‬ان هذه القاعدة تقرر في مضمونها ضمانة هامة من ضمانات الحرية الشخصية للفرد ضد تعسف السلطة في حالة‬
‫افتراض الجرم في حق المتهم من جهة‪ ،‬وضد انتقام المجني عليه أو الذي يلحقه ضرر من الجريمة من جهة اخرى‪ ،‬فإذا لم‬
‫تفترض براءة المتهم فال مالذ له يحميه والشي يحفظ له حقوق وحرية‪ ،‬فتنتهك معه كافة حقوقه الشخصية وحرياته الفردية‪،‬‬
‫ويكون المتهم عاجزا" عن أن يشهر سالحه الدفاعي من أجل الدفاع عن براءته‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬هذه القرينة تحمي المتهم من االضرار التي تلحق به والتي ال يمكن تعويضها إذا ما ثبت براءته‪ ،‬تساهم في تالفي‬
‫االضرار واالخطار التي يترتب عليها وقوع أخطاء قضائية بإدانة االبرياء وخاصة وأن هذه الخطاء تفقد الثقة في النظام‬
‫القضائي في نظر المجتمع‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أن هذا االصل العام يتفق مع االعتبارات الدينية واألخالقية التي تهتم بحماية افراد المجتمع‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬القرينة تؤدي إلى أن تكون معاملة المتهم من قبل السلطات المختصة قائمة على اساس أن االصل فيه البراءة‪ ،‬ألن‬
‫التعامل على اساس آخر سوف يكون عدواناً مستم اًر على حريات الفرد ومقدساته‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬ان هذه القرينة تحمي المتهم من مخاطر سوء االتهام واالقتناع المتعجل فيجب أن يجري الكشف عن الحقيقة في إطار‬
‫افتراض براءة المتهم‪ ،‬الن اإلدانة تتحقق إال بعد إعادة طرح االدلة أمام قضاءالحكم وان يتم مناقشتها في حضور الخصوم‪،‬‬
‫وأن تكون االدانة مصدرها اقتناع القضاء اليقيني والكافي والمستمدمن أوراق الدعوى‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬يقول بعض الفقهاء باتفاق المبدأ مع ما تقضى به طبيعة االمور‪ ،‬ألنه إذا لم تفترض البراءة في جانب المتهم‪ ،‬يلزم‬
‫الشخص بتقديم الدليل السلبي أي انه لم يرتكب الجريمة‪ ،‬ومثل هذا االلتزام يكون مستحيل تنفيذه من الناحية المنطقية والواقعية‬

‫(‪)1‬‬
‫محمود شريف بسيوني و عبدالعظيم الوزير‪ ،‬االجراءات الجنائية في نظم القانونية العربية وحماية حقوق االنسان‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلم للماليين‪1991 ،‬م‪،‬‬
‫لبنان‪،‬ص‪.133‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬حسام الدين محمد أحمد‪ ،‬جق المتهم في الصمت‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،2003 ،3‬القاهرة‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫(‪)3‬‬
‫د‪ .‬احمد فتحي سورو‪ ،‬الشرعية الدستورية وحقوق االنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 183‬وما بعدها‪ .‬والمستشار ‪ /‬محمد فهم درويش‪ ،‬حق الدفاع‬
‫والمرافقة أمام القضاء الجنائي وفقا‪ :‬للمعايير الدولية والمبادئ الدستورية والقانونية‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪ 28‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪853‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫أي انه أمر متعذر‪ ،‬اذ أن المتهم غير قادر على اثبات براءته‪ ،‬ومن ثم فإن مسؤوليته تعد أم ار محققا حتى ولو لم يقدم ممثل‬
‫االتهام دليال ضده‪ ،‬مما يصبح معه المتهم غير قادر على إثبات براءته وهذه تنافي العدالة التي هي هدف الجميع(‪.)1‬‬
‫في القضاء‬
‫وال يختلف االمر بالنسبة للقضاء‪ ،‬فالحال واحد‪ ،‬فقد اقرت محكمة النقض المصرية انه (يكفي في المحكمة الجنائية‬
‫ان يتشكك القاضي في صحة اسناد التهمة الى المتهم كي يقضي بالبراءة)‪.‬‬
‫وقضاء ان مبدأ افتراض البراءة في مفهومه البسيط يعني‪ ،‬ان االصل في االنسان‬
‫ً‬ ‫نستنتج مما سبق تشريعاً وفقهاً‬
‫البراءة‪ ،‬ف المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه‪ ،‬واصبح مبدأ افتراض البراءة‬
‫قاعدة اصولية ودعا مة اساسية لحماية الحريات الفردية في مواجه الدعوى الجزائية‪ ،‬وبدون مراعات هذا المبدأ يفقد القانون‬
‫شرعيته ودستوريته‪.‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫االساس القانوني لقرينة البراءة في المواثيق الدولية‬
‫أوالً‪ :‬اعالنات حقوق االنسان‬
‫أ‪ .‬المبدأ في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪:‬‬
‫يعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي اجتمعت عليه األمم األعضاء في منظمة األمم المتحدة في العاشر من‬
‫ديسمبر عام ‪ ،1948‬مصدرا" دوليا" لحماية حقوق اإلنسان بوجه عام‪ ،‬والحق في أصل البراءة على وجه الخصوص‪ ،‬حيث‬
‫جاء في المادة "‪ "1/11‬منه ان" ان كل شخص متهم بجريمة يفترض أنه برئ إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية‬
‫ويبرز هذا النص‪ ،‬االعتراف الدولي بأصل‬ ‫تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات الالزمة للدفاع عن نفسه "(‪.)2‬‬
‫البراءة في المتهم‪ ،‬باعتباره حقا" من حقوق اإلنسان التي اجتمعت عليه الجماعة الدولية‪ ،‬وأصبح بموجبه محميا" من كل ما‬
‫يؤدي للمساس بهذا األصل خارج حالة الضرورة التي تقتضيها كشف الحقيقة‪ .‬يبقى ان نذكر ما يثار من خالف حول مدى‬
‫تمتع القانون الدولي بالقوة اإللزامية وهو خالف بين الفقهاء فمنهم من ينفيها ومنهم من يؤكدها لكن كفة القائلين بقوتها االلزامية‬
‫الدولية ارجح (‪ .)3‬ونحن نرجح الراي االخير لما لالعالن من قوة قانونية اكدها العهدان الدوليان الصادران بموجبه واللذان وثقا‬
‫المبادئ التي وردت فيه‪.‬‬
‫ب‪ .‬المبدأ في اعالن حقوق االنسان والمواطن الصادر في فرنسا‪:‬‬
‫أسهم العديد من كتاب الثورة الفرنسية‪ ،‬أمثال فولتر وروسو وغيرهم بكتاباتهم في ذكر المبدأ وضرورة وضع الضمانات‬
‫الكفيلة بحماية أصل البراءة وصيانة الحرية الشخصية(‪.)4‬وكرد فعل لتلك الصيحات التي نادى بها المفكرون والفالسفة‪ ،‬جاء‬
‫إعالن حقوق اإلنسان والمواطن الفرنسي في ‪ 26‬اغسطس سنة ‪1789‬ابان الثورة الفرنسية مؤكدا" على احترام حقوق االنسان‬
‫بصفة عامة واحترام حق المتهم في أصل البراءة حتى تتقرر إدانته‪ ،‬حيث جاء في المادة التاسعة منه‪ :‬أن كل شخص اتهم‬
‫بارتكاب قرينة يفترض انه بريء حتى تثبت إدانته قانونا"‪ .‬وبموجب اإلعالن يكون القانون الفرنسي قد تكفل صراحة بحماية‬
‫أصل البراءة‪.‬والجدير بالذكر أنه حتى تصديق فرنسا على المعاهدة األوربية لحقوق األنسان في ‪ 3‬مايو ‪ 1974‬فإن النص‬

‫(‪)1‬‬
‫أحمد فتحي سرور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 186‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حول نصوص االعالن العالمي لحقوق االنسان والمواطن‪ ،‬انظر‪ :‬بنود هذا اإلعالن على شبكة االنترنت اعدها قسم موقع األمم المتحدة في إدارة‬
‫شؤون اإلعالم – األمم المتحدة‪2003 ،‬م (باللغة العربية) في الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.un.org/arabic/aboutun/humanr.htm‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الدكتور علي عبدالقادر القهوجي‪ :‬المعاهدات الدولية أمام القاضي الجنائي‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬تصدها كلية الحقوق جامعة اإلسكندرية‪ ،‬الكتاب الثاني‪،‬‬
‫العدد الرابع‪1991 ،‬م‪ ،‬ص‪ 894‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الدكتور محمود محمود مصطفى‪ :‬االثبات في المواد الجنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .57‬الدكتور عمر الفاروق الحسيني‪ :‬تعذيب المتهم لحمله على‬
‫االعتراف‪ ،‬المطبعة العربية الحديثة‪1996 ،‬م‪ ،‬ص‪ 19‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪854‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫الوحيد الذي يتكفل بحماية أصل البراءة هو نص المادة الناسعة من إعالن حقوق اإلنسان والمواطن الصادر في ‪ ،1789‬وقد‬
‫تم ادراج هذا اإلعالن في مقدمة غالبية الدساتير المتعاقبة التي صدرت في فرنسا‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية‬
‫ان الحقوق األساسية التي ركز عليها العهد‪ ،‬حق المتهم في أصل البراءة حيث نصت المادة ‪ 2/ 14‬على أنه " من حق‬
‫كل متهم بارتكاب جريمة أن يعنبر بريئا" إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا(‪ .")2‬وقد جاء في الفقرة الثالثة من هذه المادة مجموعة‬
‫من الضمانات التي تعتبر نتائج لهذا المبدأ ال يسع المجال لذكرها‪.‬‬
‫ويجب ان نذكر أن المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية تتميز عن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ألنها تتمتع بالصفة‬
‫اإللزامية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ثالثاً‪ :‬المبدأ في االتفاقية الوربية لحقوق االنسان والمواطن‬
‫نصت المادة السادسة من االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان في الفقرة الثانية منها على أن " كل شخص متهم بارتكاب جريمة‬
‫يفترض انه برئ حتى تثبت إدانته على وجه قانوني " ومن اهم الضمانات التي نصت عليها هذه االتفاقية‪ ،‬التي تعد نتائجاً‬
‫ألصل البراءة ما جاء في المادتين الخامسة والسادسة منها‪ .‬حيث تضمنت الفقرة األولى من المادة الخامسة على " حق كل‬
‫شخص في الحرية واألمن‪ ،‬وال يمكن حرمان أحد من حريته إال في الحاالت التالية وطبقا للقانون‪ ،‬وقد تضمنت الحاالت اهم‬
‫نتائج المبدأ ال يمكننا ذكرها خوفا من االطالة‪ ،‬ومن اراد معرفتها فنرجو منه الرجوع الى االتفاقية(‪.)4‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫أال ثار القانونية الفتراض البراءة على االثبات الجنائي‬
‫يتضمن المبحث الفقرات التالية التي سنذكرها بشيء من االيجاز مراعاةً لشروط البحث وكما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬عبء اثبات االدانة تتحمله سلطة االتهام‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬عدم تحمل المتهم عبء إثبات البراءة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حرية أطراف الدعوى في اإلثبات الجنائي‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬عبء إثبات االدانة تتحمله سلطة االتهام‬
‫عبء إثبات اإلدانة ضد المتهم تتحمله سلطة االتهام‪ ،‬وال يتحمل المتهم عبء أثبات براءته فهي أصل مفترض ثابت‬
‫فيه‪ ،‬وذلك ينسجم مع قاعدة قانونية عامة مفادها أن (البينة على من ادعى) وقاعدة اخرى مفادها‪( :‬األصل براءة المتهم)‪ .‬ولما‬
‫كان المدعي يدعي خالف االصل فعليه إثبات ادعائه وال يطالب المتهم بأثبات دفعه أثباتا" كامال"‪ .‬ال سيما وان القاضي‬
‫والمحكمة لهما من إمكانيات اإلثبات ما يفوق كثيرا" إمكانيات المتهم وقدرته وسلطته على اإلثبات‪ .‬وتأتي قاعدة جنائية أخرى‬

‫اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة العهد الدولي المذكور في ‪ 16‬ديسمبر عام ‪ ،1966‬ودخل إلى حيز التنفيذ في ‪ 23‬مارس عام ‪ ،1976‬وبلغ‬
‫(‪)1‬‬

‫عدد الدول األطراف فيه ‪ 140‬دولة حتى أكتوبر ‪ . 1988‬وقد قنن الحقوق المدنية والسياسية في صورة معاهدة ملزمة للدول التي تصادق عليها‪ ،‬أو‬
‫تنضم لها‪ ،‬وتتعهد كل دولة طرف فيه باحترام الحقوق المعترف بها فيها‪ ،‬وبكفالة هذه الحقوق لجمي ع األفراد الموجودين في اقليمها والداخلين في واليتها‪،‬‬
‫دون أي تمييز بسبب العرق‪ ،‬اللون‪ ،‬الجنس‪ ،‬اللغة‪ ،‬الدين‪ ،‬الرأي سياسيا أو غير سياسي‪ ،‬األصل القومي أواالجتماعي‪ ،‬الثروة‪ ،‬النسب أو غير ذلك كم‬
‫االسباب‪ .‬كما تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد‪ ،‬إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير تاتشريعية القائمة ال تكفل فعال" إعمال الحقوق المعترف بها في‬
‫هذا العهد‪ ،‬بأن تتخذ‪ ،‬طبقا" إلجراءاتها الدستورية وألحكام هذا العهد‪ ،‬ما يكون ضروريا لهذا اإلعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية (الباحثان)‬
‫(‪)2‬‬
‫وثيقة االمم المتحدة رقم ‪ 3‬في ‪ 15‬أغسطس ‪ .1997‬وانظر دليل المحاكمات العادلة الصادرة عن منظمة العفو الدولية سابق اإلشارة‪.‬‬
‫في الرابع من نوفمبر عام ‪ 1950‬وقعت في ستراسبورج في روما اتفاقية بين عدد من الدول االوربية المنضمة للمجلس األوربي‪ .‬وقد أكدت هذه‬
‫(‪)3‬‬

‫االتفاقية على احترام الحقوق التي نص عليها اإلع الن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وان هذه االتفاقية تقتصر اهميتها القانونية فقط على الدول الموقعة‬
‫عليها‪ .‬وقد دخلت هذه االتفاقية حيز التنفيذ في الثالث من سبتمبر سنة ‪ ،1953‬والتصديق عليها أو االنضمام لها هو شرط لالنضمام للمجلس االوربي‪.‬‬
‫وحتى سبتمبر ‪ 1998‬كانت جميع الد ول األربعين االعضاء في المجلس األوربي قد أصبحت أطرافا فيها (الباحثان)‬
‫(‪)4‬‬
‫الدكتور عبد المنعم سالم شرف الشيباني‪ ،‬الحماية الجنائية للحق في أصل البراءة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص ‪.122-121‬‬

‫‪855‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫في ذات السياق مفادها ان (الشك يفسر لمصلحة المتهم)‪ ،‬األمر الذي يعني ان المتهم إذا دفع بتوافر سبب إباحة لدية‪ ،‬وعجز‬
‫عن إقناع القاضي بصحة دفعه وعجز القاضي او عجزت المحكمة عن اثبات العكس وصار القاضي او المحكمة في شك من‬
‫توافر اإلباحة او عدمها‪ ،‬فأن قرينة افتراض البراءة تفرض الفصل في الدعوى على أساس توافر اإلباحة (‪ ،)1‬ذلك ان العكس‬
‫يجافي المنطق السليم واإلحساس واالصل الفطري القويم‪.‬‬
‫ومادام الثابت ان األسوياء هم األغلبية في المجتمع وان الجريمة محض حادثة يرتكبها األقلية وهم األشقياء‪ ،‬فإنه يجب‬
‫القبول بافتراض قرينة البراءة كونه وضعاً يوافق الواقع ويتماشى مع الوقائع وينسجم مع الطبائع لحين ثبوت العكس‪ .‬كما يجب‬
‫القبول بتحمل القاضي او المحكمة عبء إثبات ذلك العكس وتقديم أدلة قاطعة على اإلدانة‪ .‬أما القول والقبول بغير هذه الحقيقة‬
‫يعني ان اصل االنسان اتهامه وتجريمه حتى تثبت براءته‪ ،‬وهذا القول غير مقبول‪ ،‬من هنا قيل ان دور القاضي الجنائي دورا"‬
‫ايجابيا" يختلف عن دور القاضي المدني – السلبي(‪ .)2‬فالقاضي المدني يوازن فحسب بين األدلة التي يقدمها الخصوم ثم يرجح‬
‫أرجحها على مرجوحها‪ ،‬بينما يتعدى دور القاضي الجنائي الى البحث والتحري األدلة والحقيقة من تلقاء نفسه وبمختلف السبل‬
‫المتاحة‪ ،‬وعليه األخذ بأوجه الدفع التي يراها مباحة وفي مصلحة المتهم والتي ترفع عنه التهم وان لم يتمسك بها المتهم‪ ،‬ثم‬
‫يوازن بين حق الدولة في العقاب وحق المتهم في البراءة على ان يرجح جانب المتهم في البراءة عند الشك‪ ،‬الن المجتمع اهون‬
‫عليه براءة مجرم من إدانة برئ (‪ .)3‬والحق‪ ،‬ان تكليف المتهم بتقديم األدلة واثبات براءته يتناقض تماما" مع قرينة افتراض‬
‫براءته كونها اصالً ال يحتاج الى إثبات او فصل ابتداء" حتى يثبت العكس انتهاء"‪ .‬وأصل ذلك‪ ،‬ان اإلثبات في المسائل‬
‫الجزائية إثبات لحقيقة الجريمة وهو أمر يتعلق بالمصلحة العامة‪ ،‬وان السلطة العامة مكلفة بإظهار تلك الحقيقة‪ .‬وفوق ذلك‪،‬‬
‫فإن المتهم في المسائل الجنائية يمكنه التزام الصمت دون ان يفسر ذلك الصمت ضده‪ ،‬وتكمن وظيفة االدعاء العام في إظهار‬
‫الحقيقة دون ميل الى جانب معين‪ .‬حيث ان سلطته تحمي براءة البريء مثلما تحمي إدانة المتهم على حد قول الفقيه الفرنسي‬
‫(باتارين)‪ .‬والمحكمة ملزمة بالبحث عن الحقيقة وليس لها إلزام المتهم بالبحث عن براءته خاصة إذا خلت الدعوى من دليل‬
‫قاطع على اتهامه‪ ،‬لكونها أمر مفترض ال محل إلثباته أمام المحكمة بل يمكن إثبات عكسه‪ ،‬ويمكن للمتهم مع ذلك تقديم‬
‫األدلة التي تنفي أدلة االتهام التي تساق ضده‪ ،‬ألن حقه في الدفاع عن نفسه مكفول‪.‬وال ينكر وجود استثناءات حول القاعة‬
‫التي نحن بصددها حيث سبق القول‪ ،‬ان االصل العام في المواد الجنائية ان عبء اإلثبات يقع على عاتق االدعاء العام‬
‫والمحكمة‪ ،‬سواء فيما يتعلق بإثبات أركان الجريمة وظروفها او بالنسبة لطرق الدفاع‪ ،‬اال ان االستثناء يقضي بتحمل المتهم‬
‫عبء اإلثبات ونفي االتهام عن نفسه‪ ،‬وذلك عندما يجعل المشرع لبعض أدلة اإلثبات حجية مطلقة‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫للمحاضر والكشوف الرسمية التي يحررها الموظفون تنفيذا" لواجباتهم‪ ،‬فال يجوز إثبات عكسها إال عن طريق الطعن بالتزوير‬
‫فيها‪ .‬وكذلك حالة أداء الواجب عندما يرتكب الموظف الفعل غير المشروع اثناء أداء واجبة‪ ،‬فعلى الموظف إثبات انه لم يرتكب‬
‫الفعل إال بعد اعتقاده مشروعية فعله وان اعتقاده كان مبنيا" على أساب معقولة‪ ،‬وانه كان حسن النية واتخذ الحيطة الالزمة عند‬
‫ارتكاب الفعل‪ ،‬لكي تنتفي مسؤوليته‪ .‬ويضاف الى ذلك استثناء" آخر يتعلق بالمسؤولية عن فعل الغير‪ ،‬ومثالها المسؤولية‬
‫المفترضة في جرائم النشر‪ ،‬حيث يعفى رئيس التحرير من العقاب إذا اثبت اثناء التحقيق ان النشر قد حصل بدون علمه‬
‫وساعد في تقديم ما لديه من معلومات ووثائق لمعرف الناشر الحقيقي(‪.)4‬‬
‫ثانياً‪ :‬عدم تحمل المتهم عبء إثبات عبء اثبات البراءة‬
‫لقد اختلف الفقه الجنائي حول تحمل المتهم عبء إثبات دفوعه التي قد تؤدي الى نفي مسؤوليته الجنائية او تخفيفها‪.‬‬
‫فذهب اتجاه فقهي الى تطبيق القاعدة التي تقول‪ ( :‬ان المدعي عليه يصير مدعيا" بالدفع )‪ ،‬كونها قاعدة عامة تسري على‬

‫(‪)1‬‬
‫محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون االجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،2‬مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ‪ ،1988‬ص ‪ 418‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫د‪ .‬سليم ابراهيم حربة‪ ،‬المحاضرات غبر مطبوعة‪ .‬مادة لطلبة الماجستير في االثبات الجنائي‪ ،‬كلية القانون جامعة بغداد‪.1996،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫د‪ .‬سعيد حسب هللا عبداله‪ ،‬شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار ابن االثير للطباعة والنشر ’الموصل‪ ،2005 ،‬ص ‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫د‪ .‬نوفل علي عبد هللا‪ ،‬قرينة البراءة في القانون الجنائي‪ ،‬بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق‪ ،‬تصدرها كلية القانون‪ ،‬مجلد ‪ ،8‬العدد‪،30‬سنة (‪)11‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪ 178‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪856‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫كافة فروع القانون‪ .‬بينما ذهب اتجاه آخر‪ ،‬الى عكس ذلك ودعا الى التمسك بقرينة البراءة المفترضة‪ ،‬وألزم سلطة االتهام‬
‫بإثبات وسائل الدفاع‪ .‬وهناك من يفرق بين عبء االدعاء وعبء اإلثبات ويطالب المتهم الى جانب سلطة االدعاء وسلطة‬
‫االتهام بتحمل عبء اإلثبات‪ ،‬فإذا توافر في حقه سبب إباحة او مانع مسؤولية او مانع عقاب تمسك بهذا الدفع وآثاره وأثبته‪.‬‬
‫وبهذا الصدد تمسكت محكمة النقض المصرية باالتجاه االول واألخير عندما قضت بأنه‪ :‬ال تلتزم المحكمة بتقصي أسباب‬
‫أعفاء المتهم من العقاب في حكمها مالم يدفع به أمامها‪ ،‬واذا كان الثابت ان الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من‬
‫تلك األسباب فليس له ان ينهى على حكمها اغفاله التحدث عن ذلك‪ .‬وهذا ايضا من آثار قرينة البراءة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حرية أطراف الدعوى في الثبات الجنائي‬
‫المدعي العام والمجني عليه والمتهم وغيرهم من اطراف الدعوى‪ ،‬يتمتعون بحرية تامة وامكانية عامة في انتهاج كل‬
‫الطرق والتذرع بكل المنافذ والسبل التي أباحها القانون او التي على األقل لم يضع عليها قيدا" في سبيل اثبات ما يدعونه‪.‬‬
‫ولعل الفرق بين الدعوى المدنية والجزائية في االثبات‪ ،‬ان األولى تنصب على تصرفات قانونية يمكن االحتياط لها وتهيئة‬
‫أدلتها مسبقا" بينما ينصب اإلثبات في الدعوى الجزائية على وقائع مادية ومعنوية يقع معظمها فجأة دون إمكانية التحوط له او‬
‫يقع خفية كجرائم السرقة والجرائم األخالقية ونحوها‪ .‬ولو تم اإلثبات في الدعوى الجزائية على هدي اإلثبات في الدعوى المنية‬
‫وشروطها لتعذر الحكم على المجرمين أبداً‪ ،‬وفي قرار لمحكمة التمييز العراقية يصب في ذات السياق قالت ( ان شهادة المجني‬
‫عليه المؤيدة بقرائن تعززها تعد كافية لإلدانة في جريمة اللواطة )(‪.)1‬‬
‫وعلى الرغم من كل ما تقدم‪ ،‬فإن حرية أطراف الدعوى في اإلثبات الجنائي ليست مطلقة‪ ،‬حيث ترد على هذه الحرية قيود‬
‫وحدود واجبة األتباع من األطراف والقضاة‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬يتعين على القاضي ان يستمد قناعته القضائية من أدلة عرضت أمامه‬
‫في الجلسة وتمت مناقشتها من الخصوم‪ ،‬كما يجب عليه ان ال يبني حكمه على ورقة تقدم بها خصم من الخصوم ولم يطلع‬
‫عليها باقي الخصوم وال يجوز له ان يحكم وفقا" لعلمه الشخصي ورغباته ومعلوماته الخاصة المستمدة مما سمعه او رآه في‬
‫غير جلسات المحاكمة‪ ،‬إنما يجب ان يستمد القاضي قناعته من أدلة واجراءات صحيحة ومشروعة‪ ،‬وان يكون اقتناعه مبنيا"‬
‫على أدلة مستساغة ومقبوال" عقال" ومنطقيا"‪ ،‬وأدلة مبنية على القطع والجزم واليقين وليس على التأويل والظن والتخمين‪ ،‬وان ال‬
‫يكون اقتناعه مبنيا" على قرينة واحدة او استدالل واحد دون تعزيزها بأدلة او قرائن أخرى‪ ،‬وان يلتزم القاضي في النهاية بتسبيب‬
‫حكمه(‪ .)2‬ألن األصل في المتهم البراءة حتى تثبت إدانته بموجب هذه األدلة القاطعة اليقينية‪ ،‬وهنا عليه تسبيب حكمه‪ ،‬وهكذا‪،‬‬
‫ليس ألطراف الدعوى كامل الحرية في تقديم أي دليل خاصة إذا لم يكن خاضعاً لضوابط القانون‪ ،‬وليس للقاضي قبول أي دليل‬
‫وال بناء قناعته وحكمه على كل دليل مالم يكن صالحاً واضحاً قاطعاً مشروعاً‪.‬‬
‫(الخاتمة)‬
‫في ختام بحثنا توصلنا الى االسننتاجات والتوصيات اآلتية‪:‬‬
‫االستنتاجات‬
‫‪ .1‬ان ماهية قرينة البراءة التي تمثل أصال لإلنسان وحقا للمتهم وافتراضا للقاضي‪ ،‬حيث ان معنى هذه القرينة يكمن في‬
‫ان االصل في المتهم البراءة من التهمة المسندة إليه حتى تثبت إدانته بصورة جازمة وبحكم قضائي نهائي‪،‬االمر الذي‬
‫يتعين فيه على السلطات المنفذة او المطبقة للقانون والجهات المعنية احترامها ومراعاتها ‪.‬‬
‫‪ .2‬االساس القانوني لمسالة الحق في احترام هذه القرينة التي تمس الحرية الشخصية وما يتصل بها من حقوق االنسان‬
‫كونها مكفولة بدساتير الدول واعالنات حقوق االنسان والمواثيق الدولية‬
‫‪ .3‬ان دور القاضي في ضمان احترام قرينة البراءة في عقد الموازنة المتكافئة بين حق الفرد وحق المجتمع في وجوب‬
‫البحث عن أدلة البراءة واإلدانة معا‪ ,‬وتوفير فرص متعادلة متبادلة لالتهام والدفاع معا لبلوغ الحقيقة‪ ,‬الن المجتمع‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬نوفل علي عبد هللا‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪ 178‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫د‪ .‬نوفل علي عبدهللا‪ ،‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪857‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫يقبل الشك في البراءة وافالت المتهم وال يقبل الشك في االدانة وعقاب المتهم‪ ,‬وال يحكم القاضي بترجيح االدلة او‬
‫رجحانها بل يحكم بثبوت االدلة ويقينها‪.‬‬
‫‪ .4‬قرينة البراءة‪ ,‬قرينة قانونية بسيطة مفترضة قابلة الثبات العكس بأدلة جازمة يقينية تتقصاها جهة التحقيق والمحاكمة ‪,‬‬
‫واال فان الشك في االدانة يفسر لمصلحة المتهم‪.‬‬
‫‪ .5‬قرينة البراءة مقررة لحماية الحريات الفردية من تحكم السلطة التنفيذية واالخطاء القضائية‪.‬‬
‫‪ .6‬قرينة البراءة تتفق في افتراضها مع االعتبارات الدينية واالخالقية التي تهتم بالجانب الضعيف‪ ،‬وهي تتفق مع منطق‬
‫االشياء الذي يقضي بعدم تكليف االنسان بإثبات اصله في البراءة ‪ ,‬ومن يدعى خالف االصل عليه عبء االثبات وهي‬
‫في النهاية تتفق مع حقوق االنسان‪.‬‬
‫‪ .7‬قرينة البراءة توجب االفراج عن المتهم واخالء سبيله حال الحكم ببراءته حتى ولو وقع التمييز على الحكم‪.‬‬
‫‪ .8‬بناء على هذه القرينة يجوز بناء البراءة على دليل مشكوك فيه او دليل غير مشروع خالفا لالدانة التي اليجوز ان يستمد‬
‫القاضي اقتناعه بها اال من دليل يقيني مشروع ‪.‬‬
‫‪ .9‬ان حرية المحكمة او القاضي في بناء القناعة القضائية مرهون ومشروط بمراعاة قرينة البراءة وتفسير الشك لصالح‬
‫المتهم‪ ،‬ومقيد بقواعد جنائية في االثبات تصب في مجرى وخدمة هذه القرينة ‪ ,‬مثل قاعدة عدم جواز بناء القناعة على‬
‫قرينة واحدة واستدالل واحد‪ ,‬ووجوب بنائها على أدلة مستساغة عقال ومنطقا عرضت في الجلسة وتمت مناقشتها ‪,‬‬
‫ووجوب تسبب القاضي لحكمه وغيرها‪.‬‬
‫‪ .10‬ان اصل البراءة هو حق من حقوق االنسان بالنسبة للشخص الطبيعي‪ ,‬وهو حق أساسي من حقوق الشخصية بالنسبة‬
‫للشخص المعنوي‪ ,‬ولذلك ال يقتصر مجال اعماله على المجال الجنائي فحسب‪ ,‬وانما يمتد ليشمل فروع القانون االخرى‬
‫كالقانون االداري والقانون المدني‪.‬‬
‫‪ .11‬ان منهج الحماية الجنائية لحق المتهم في اصل البراءة ليس كمنهج الحماية الجنائية لألشياء واألموال‪ ،‬فإذا كانت الحماية‬
‫في كليهما تتم من خالل ضابط الشرعية الجنائية المتمثل في التجريم والعقاب‪ ،‬وضابط الشرعية اإلجرائية المتمثل في‬
‫عدم تطبيق العقوبة بدون حكم قضائي عادل ومنصف‪ ،‬إال ان الحماية الجنائية للحق في أصل البراءة‪ ،‬كونه من حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬تتم من خالل الضمانات التي نص عليها الدستور لحماية هذا المبدأ ونتائجه‪ ،‬أو ما كفلته المواثيق الدولية‬
‫الملزمة التي ال يمكن التحلل منها‪ ،‬باعتبارها الحد األدنى والقاسم المشترك التي تحكم مجال الدعوى الجنائية بمختلف‬
‫مراحلها‪ ،‬بما في ذلك مرحلة جمع االستدالالت‪ ،‬بما يشكل المساس باحكامها اهدار للشرعة الدولية والدستورية في آن‬
‫واحد‪.‬‬
‫التوصيات او المقترحات‬
‫يمكن تلخيص أهم هذه التوصيات فيما يلى ‪:‬‬
‫‪ .1‬نظ ار لخطورة اجراء التحفظ وتنافضه مع مبدأ البحث واثره على حرية الحركة والتنقل خالل مرحلة االستدالل‪ ،‬ندعو‬
‫المشرع الى ضرورة التدخل وذلك بجعل مدة التحفظ على المشتبه فيه باقل ما تتحقق به الضرورة ال تتجاوزها‪.‬‬
‫‪ .2‬للحد من ظاهرة عدم المشروعية في اجراءات االستدالل نؤيد ما اوصى به بعض الفقه من ضرورة أن ينص القانون على‬
‫أن يكون في كل مركز شرطه مراقب المشروعية بحيث يعطى تقريره مع المحضر المرسل الى االدعاء العام ويثيت فيه‬
‫أى تجاوزات حدثت للمتهمين او المشتبه فيهم أثناء جمع االستدالالت‪ ،‬وتكون هذه الرقابة وقتية باالضافة الى رقابة‬
‫القضاء التي هي رقابة الحقة‪ ،‬وبذلك يمكن تالشي أعمال البطالن كما يمكن الحفاظ على حقوق االنسان وحرياته‪.‬‬
‫‪ .3‬نظ اًر لما يتعرض له المتهمون والمشتية فيهم من انتهاكات داخل أقسام ومراكز الشرطة فاننا نؤيد ما أوصت به المنظمة‬
‫المصرية لحقوق االنسان من توصيات في هذا الشأن وندعو المشرع اإلجرائي الى تبنيها واألخذ بيها‪ ،‬من هذه التوصيات‬
‫إنشاء آلية تحقيق دائمة ومستقلة تشمل قضاء ومحامين وأطباء تقوم بفحص ادعاءات اإلكراه والتهذيب التي تحدث داخل‬

‫‪858‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫أقسام ومراكز الشرطة وتقديم المسؤولين عنها إلى المحاكمة‪ ،‬وعلى أن تخول السلطات الالزمة لدخول جميع مراكز‬
‫االحتجاز والوصول إلى المعلومات والبيانات التي تحتاجها‪ ،‬كذلك ضرورة إعداد دورات تثقيفية عاجلة لضباط الشرطة‬
‫حول كيفية التعامل مع المشتبه فيهم داخل األقسام والمراكز بما يضمن احترام كرامة المواطن وحرياته االساسية التي‬
‫كفلها له القانون والشريعة‪.‬‬
‫‪ .4‬ندعو المشرع االجرائي إلى أن يحذو حذو المشرع الفرنسي ويفرض التزاماً على عاتق المسؤولين في الجهات المعنية ان‬
‫يراقبوا السلطات التحقبقية لتفادي وقوع مخالفة اصل البراءة‪ ،‬ألن هذا االمر إذا كان قد قرر في بلد كفرنسا يتمتع فيها‬
‫األفراد بمعاملة حسنة وديمقراطية ال حدود لها فإنه يكون ممن باب أولى تقريره في دولة أقل ديمقراطية‪ ،‬بل دولة نامية‪ ،‬ال‬
‫سيما وأن االفراد من المتهمين والمشتبه فيهم ال يزالون يعانون فيها من سوء المعاملة بالرغم من عدم ثبوت التهمة بحقهم‬
‫متمثال بصدور الحكم القضائي البات‪.‬‬
‫‪ .5‬ندعو المشرع اإلجرائي إلى ضرورة التداخل بصورة صريحة لتجريم استخدام الوسائل العلمية الحديثة في التحقيق الجنائي‬
‫وكشف الجريمة بصورة من شأنها إهدار كرامة المتهم وحقوقه األساسية‪ ،‬كالتحليل التخديري والتنويم المغناطيسي وأجهزة‬
‫كشف الكذب إذا ما استخدمت كوسيلة للحصول على اعترافات أو أقوال من المتهمين‪ ،‬إذ إن من شأن هذه الوسائل أن‬
‫تؤثر في اإلرادة تأثي اًر شديداً فتضعفها وتشل مفعولها لما لها من تأثير قوى على الوظائف العليا للتفكير في العقل البشري‪،‬‬
‫ونهيب بالمشرع أن يضع التشريع الالزم لمنع أو تنظيم تلك المسألة بما ال يدع مجاالً لتركها بين التأييد والمعارضة سواء‬
‫بين الفقهاء أو بين القضاء‪ ،‬وفي نفس الوقت نكون بذلك قد وضعنا المسألة أمام المعنيين بحيث ال يتصرف بحجة أن‬
‫القانون ال يمنع ذلك وال ينص على التحريم‪.‬‬
‫‪ .6‬ندعو المشرع إلى ضرورة توفير الحماية الالزمة للمتهمين والمشتبه فيهم خالل مرحلة التحقيق‪ ،‬وذلك من خالل تشديد‬
‫الرقابة القضائية على اإلجراءات التي يقوم بها مأمور المحققون واخضاع كافة التصرفات التي تقوم بها الرقابة القضاء‬
‫والنص عليها في قانون االجراءات الجنائية‪.‬‬
‫‪ .7‬إصببدار تش بريع للعمببل الصببحفي الع براق أسببوة بقببانون العمببل الصببحفي فببي اقلببيم كوردسببتان الع براق وقببانون تنظببيم الصببحافة‬
‫المصري رقم (‪ )96‬لسنة ‪ ،1996‬الذي يحدد المشرع فيه بوضوح حدود العمل الصحفي بما ال يتعارض مع قرينة الببراءة‪،‬‬
‫وتحديببد مسببؤولية الصببحفي واإلعالمببي بخصببوص النقببد اإلعببالن أو النشببر او اإلذاعببة المتعلقببة بالتحقيقببات والمحاكمببات‬
‫ونحوها‪ ،‬ال سيما قبل إصدار األحكام القضائية النهائية‪.‬‬
‫بداء وتصبيغ األسبئلة بمبا يفيبد اإلدانبة فقبط دون م ارعباة الموازنبة‬
‫‪ .8‬تجريم فعل جهات التحقيق والمحكمة التي توجبه التحقيبق ابت ً‬
‫المطلوبة في توجيه التحقيق وصياغة األسبئلة بمبا يفيبد اإلدانبة والببراءة مباً‪ ,‬اذ ال يجبوز االعتقباد المسببق بإدانبة المبتهم قببل‬
‫التحقيق والتصرف على أساس ذلك وان كان ذلك يغير قصد‪.‬‬
‫‪ .9‬نبدعو المشبرع البى زضبع نبص صبريح ومباشبر يمنبع االعتبداء علببى اصبل الببراءة‪ ،‬سبواء وقبع هبذا االعتبداء مبن قببل رجببال‬
‫السلطة‪ ،‬أو من قبل رجال الصحافة‪ .‬واجراء إصالح تشريعي يبدعم حمايبة اصبل الببراءة خبالل م ارحبل اإلجبراءات الجنائيبة‬
‫المختلفة‪ ،‬والغاء النصوص التي تتعارض مع هذا المبدأ من ناحية‪ ،‬ومنم ناحية اخرى وضع ضمانات واضحة – كما فعبل‬
‫المشرع الفرنسي‪ -‬تحقق من خالله التوازن بين الحقوق والحريات الفردية وحق المجتمع في كشف الجريمة‪ ،‬وهي ضمانات‬
‫تتفق من روح وعدالة التشريع اإلسالمي‪.‬‬
‫(ملخص البحث)‬
‫إن موضوع البحث " افتراض قرينة البراءة واثارها القانونية‪ ،‬دراسة مقارنة في اطار الدساتير واعالنات حقوق االنسان‬
‫والمواثيق الدولية " له جانب كبير من االهمية في التشريعات الجنائية المعاصرة‪ ،‬اذ يعد هذا المبدأ احد االسس التي يقوم عليها‬
‫القانون الجنائي الذي يعمل على حماية المجتمع من االجرام عن طريق تحديد االحكام التي يلزم مراعاتها للكشف عن الجرائم‬
‫ومرتكبيها واقامة الدليل عليهم وهذا هو الجانب االجرائي في القانون الجنائي‪ ،‬وتبدو اهمية الموضوع ايضاً في كون قرينة‬

‫‪859‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫البراءة تعد نقطة البداية التي على اساسها تعالج مختلف المواضيع المتعلقة باإلجراءات الجزائية‪ ،‬وهي ضمانة لحماية مصلحة‬
‫االفراد ضد تحكم السلطة عند افتراض الجرم المسبق في حق المتهم‪ ،‬فضالً على انه في ظل احترام مبدأ قرينة البراءة ال تباشر‬
‫االجراءات الجنائية الماسة بالحرية الشخصية إال في اطار الضمانات والضوابط العديدة التي ينص عليها القانون‪.‬‬
‫هذه االهمية دفعتنا للبحث في الموضوع‪ ،‬وعالجناه في ثالثة مباحث‪ ،‬االول خصصناه لماهية افتراض قرينة البراءة في‬
‫اطار ال قانون واعالنات حقوق االنسان والدساتير‪ ،‬وتم بتقسيمه الى مطلبين‪ ،‬بحثنا في المطلب االول مفهوم افتراض البراءة‪ ،‬فى‬
‫فرعين‪ ،‬تضمن الفرع االول معنى افتراض البراءة‪ ،‬والفرع الثاني الطبيعة القانونية الفتراض البراءة‪ ،‬اما المطلب الثاني فبحثنا فيه‬
‫مبررات افتراض البراءة‪ ،‬اما المبحث الثاني فبينا فيه االساس القانوني لقرينة البراءة في القوانين والمواثيق الدولية بعد تقسيمه‬
‫على ثالثة مطالب‪ ،‬المطلب االول بينا فيه االساس القانوني لقرينة البراءة في القانون الجنائي‪ ،‬في فرعيه‪ ،‬االول‪ :‬تضمن‬
‫االساس القانوني لقرينة البراءة في القانون الجنائي‪ ،‬اما الثاني تضمن االساس القانون لقرينة البراء في الدساتير المقارنة‪ ،‬وفي‬
‫المطلب الثاني بينا االساس القانوني لقرينة البراءة في المواثيق الدولية متمثال باعالنات حقوق االنسان والعهد الدولي الخاص‬
‫بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬واخي اًر في المبحث الثالث بينا االثار القانونية الفتراض قرينة البراءة في فقرات‪ ،‬بينا في االول من‬
‫يتحمل عبء االثبات‪ ،‬وفي الثاني حرية اطراف الدعوى في االثبات الجنائي‪ ،‬وفي الثالث حرية االطراف في االثبات الجنائي‪،‬‬
‫ثم تلتها خاتمة تضمنت االستنتاجات والتوصيات التي توصلنا اليها من خالل البحث‪ ،‬املين رضا الجميع واهلل ولي التوفيق‪.‬‬
‫الباحثان‬
‫المصادر‬
‫أوالً‪ :‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬مصادر اللغة والفقه والفلسفة‪:‬‬
‫‪ .1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪.10‬‬
‫‪ .2‬مختار الصحاح‪ ،‬لمحمد بن ابي بكر الرازي‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬المصادر القانونية‪:‬‬
‫‪ .1‬د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الدستورية وحقوق االنسان في االجراءات الجنائية‪ ،‬طبعة ‪.2000‬‬
‫‪ .2‬د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية الدستورية وحقوق االنسان‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1996 ،‬‬
‫‪ .3‬د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية واإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1977 ،‬‬
‫‪ .4‬د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬
‫‪ .5‬د‪ .‬احمد سالمة‪ ،‬المدخل لدراسة القانون‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1974 ،‬‬
‫‪ .6‬احمد ضياء لدين محمد‪ ،‬مشروعية الدليل في المواد الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2010 ،‬‬
‫‪ .7‬د‪ .‬السيد محمد حسن شريف‪ ،‬النظرية العامة باإلثبات الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2002 ،‬‬
‫‪ .8‬د‪ .‬جميل الشرقاوي‪ :‬نظرية الحق‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1973 ،‬‬
‫‪ .9‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل الى القانون‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪.1970 ،‬‬
‫‪ .10‬د‪ .‬رؤوف عبيد‪ ،‬المشكالت العملية الهامة في االجراءات الجنائية‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الفكر العربي‪.1963 ،‬‬
‫‪ .11‬سعدالدين مسعود بن عمر التفتازاني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪.2‬‬
‫‪ .12‬سعدالدين مسعود بن عمر التفتازاني‪ ،‬شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪.2‬‬
‫‪ .13‬د‪ .‬سعيد حسب اهلل عبداله‪ ،‬شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار ابن االثير للطباعة والنشر ’الموصل‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .14‬د‪ .‬عبدالعزيز محمد سرحان‪ ،‬االتفاقية األوروبية لحماية حقوق االنسان والحريات األساسية والقواعد المكملة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪.‬‬

‫‪860‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫‪ .15‬د‪ .‬عمر الفاروق الحسيني‪ ،‬تعذيب المتهم لحمله على االعتراف‪ ،‬المطبعة العربية الحديثة‪.1996 ،‬‬
‫‪ .16‬د‪ .‬علي الخفيف‪ ،‬الحق والذمة‪ ،‬مكتبة وهبة‪.1945 ،‬‬
‫‪ .17‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مصادر الحق في الفقه االسالمي‪ ،‬ج‪ ،1‬منشورات محمد الداية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .18‬د‪ .‬علي الخفيف‪ ،‬الحق والذمة‪ ،‬مكتبة وهبة‪.1945 ،‬‬
‫‪ .19‬د‪ .‬عبد الرؤف مهدي‪ ،‬حدود حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته‪ ،‬مؤسسة العين للطباعة‪.1983 ،‬‬
‫‪ .20‬د‪ .‬عبد المنعم سالم شرف الشيباني‪ ،‬الحماية الجنائية للحق في أصل البراءة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬
‫‪ .21‬د‪ .‬محمود مصطفى‪ ،‬االثبات في المواد الجنائية في القانون المقارن‪ ،‬ج‪ ،1‬النظرية العامة‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة والكتاب‬
‫الجامعية‪ ،‬ط‪.1977 ،1‬‬
‫‪ .22‬د‪ .‬محمد زكي ابو عامر‪ ،‬االثبات في المواد الجنائية‪ ،‬الفنية للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ .23‬د‪ .‬محمد محي الدين عوف‪ ،‬حقوق االنسان في اإلجراءات الجنائية‪.1989 ،‬‬
‫‪ .24‬محمد بن علي الشوكاني‪ ،‬فتح القدير الجامع بين فني الراوية والدراية من علم التفسير‪ ،‬ج‪.5‬‬
‫‪ .25‬محمد الغزالي‪ ،‬حقوق االنسان بين تعاليم االسالم وعالن االمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ .26‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬االثبات في المواد الجنائية في القانون المقارن‪ ،‬ج‪ ،1‬النظرية العامة‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‬
‫والكتاب الجامعي‪ ،‬ط‪.1977 ،1‬‬
‫‪ .27‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬تطور قانون االجراءات الجنائية في مصر وغيرها من الدول العربية‪ ،‬ط‪.1985 2‬‬
‫‪ .28‬محمد زكي ابو عامر‪ ،‬االثبات في المواد الجنائية‪ ،‬الفنية للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬االسكندرية‪.1985 ،‬‬
‫‪ .29‬محمد فهم درويش‪ ،‬حق الدفاع والمرافقة أمام القضاء الجنائي وفقا للمعايير الدولية والمبادئ الدستورية والقانونية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .30‬د‪.‬محمد الغرباني المبروك أبو خضرة‪ ،‬استجواب المتهم وضماناته في مراحل الدعوى الجنائية "دراسة مقارنة"‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2011 ،1‬‬
‫‪ .31‬د‪ .‬محمد سعيد الدقاق‪ ،‬التشريع الدولي في مجال حقوق االنسان‪ ،‬المجلد الثاني‪.‬‬
‫‪ .32‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون االجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،2‬مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ‪.1988‬‬
‫‪ .33‬د‪ .‬هاللي عبد الاله احمد‪ ،‬االتهام المتسرع في مرحلة التحقيق االبتدائي وعدالة أوفى لمن وضع موضع االتهام‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.2002 ،‬‬
‫رابعاً‪ :‬الرسائل‪.‬‬
‫‪ .1‬د‪ .‬أحمد ادريس احمد‪ ،‬افتراض براءة المتهم‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق جامع القاهرة‪.1984 ،‬‬
‫‪ .2‬د‪ .‬احمد ضياء الدين محمد خليل‪ ،‬مشروعية الدليل في المواد الجنائية‪ ،‬رسالة الدكتوراه‪ ،‬جامعة العين الشمس‪.1982 ،‬‬
‫‪ .3‬د‪ .‬جميل الشرقاوي‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1973 ،‬‬
‫‪ .4‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل الى القانون‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪.1970 ،‬‬
‫‪ .5‬د‪ .‬خالد رمضان عبد العال‪ ،‬المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق جامعة حلوان‪.2002 ،‬‬
‫‪ .6‬أ‪ .‬دعيرم حمد حسين الجربوعي‪ ،‬ضمانات المتهم في مرحلة جمع االستدالل‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪.2006 ،‬‬
‫‪ .7‬د‪ .‬عبدالستار سالم الكبيسي‪ ،‬ضمانات المتهم قبل واثناء المحاكمة‪ ،‬رسالة دكتورا‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪.1981،‬‬
‫‪ .8‬د‪ .‬كمال محمد علي الصغير‪ ،‬الحرية الشخصية للمتهم في اطار نظام الشرعية االجرائية‪ ،‬دراسة تحليلية تأصيلية‪ ،‬رسالة‬
‫دكتورا‪ ،‬كلية‪ 0‬الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬

‫‪861‬‬
‫)‪4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0‬‬

‫‪ .9‬د‪ .‬محمد راجح حمود نجاد‪ ،‬حقوق المتهم في مرحلة جمع االستدالل بين الشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪.1992 ،‬‬
‫‪ .10‬د‪ .‬محي شوقي احمد‪ ،‬الجوانب الدستورية لحقوق االنسان‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪.1986 ،‬‬
‫خامساً‪ :‬البحوث العلمية‪:‬‬
‫‪ .1‬د‪ .‬احمد الريسوني‪ ،‬انسانية االنسان قبل حقوق االنسان‪ ،‬بحث منشور في كتاب االمة الصادر عن و ازرة االوقاف‬
‫والشؤون االسالمية في قطر تحت عنوان‪ ،‬حقوق االنسان محور مقاصد الشريعة‪ ،‬العدد ‪ ،87‬المحرم ‪ 1423‬ه السنة‬
‫الثانية والعشرون‪.‬‬
‫‪ .2‬د‪ .‬علي عبدالقادر القهوجي‪ ،‬المعاهدات الدولية أمام القاضي الجنائي‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬تصدرها كلية الحقوق جامعة‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬العدد الرابع‪.‬‬
‫‪ .3‬د‪ .‬نوفل علي عبد اهلل‪ ،‬قرينة البراءة في القانون الجنائي‪ ،‬بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق‪ ،‬تصدرها كلية القانون‪،‬‬
‫مجلد ‪ ،8‬العدد‪،30‬سنة (‪.2006 )11‬‬
‫سادساً‪ :‬التقارير‪:‬‬
‫‪ .1‬ليونارد كافيس حقوق االنسان في مرحلة المحاكمة في النظام االمريكي لإلجراءات الجنائية‪ ،‬تقرير مقدم الى المؤتمر‬
‫الثاني للجمعية المصرية للقانون الجنائي الذي عقد باإلسكندرية سنة ‪ 1988‬تاريخ النشر ‪.1989‬‬
‫سابعاً‪ :‬ق اررات‪:‬‬
‫‪ .1‬وثيقة االمم المتحدة رقم ‪ 3‬في ‪ 15‬أغسطس ‪ .1997‬وانظر دليل المحاكمات العادلة الصادرة عن منظمة العفو الدولية‪.‬‬
‫‪ .2‬احكام المحكمة الدستورية العليا في جلسة ‪ 2‬فبراير ‪ 1992‬في القضية رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 12‬قضائية دستورية مجموعة‬
‫احكام المحكمة‪ ،‬ص‪ 180‬جلسة ‪ 3‬يوليو ‪ ،1995‬القضية رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 16‬قضائي دستورية‪ ،‬مجموعة االحكام‪.7 ،‬‬
‫ثامناً‪ :‬مواقع االنترنيت‪.‬‬
‫‪ .1‬حول نصوص االعالن العالمي لحقوق االنسان والمواطن‪ ،‬انظر‪ :‬بنود هذا اإلعالن على شبكة االنترنت اعدها قسم موقع‬
‫األمم المتحدة في إدارة شؤون اإلعالم – األمم المتحدة‪2003 ،‬م (باللغة العربية) في الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.un.org/arabic/aboutun/humanr.htm‬‬
‫تاسعاً‪ :‬المحاضرات‪:‬‬
‫‪ .1‬د‪ .‬سليم ابراهيم حربة‪ ،‬محاضرات في االثبات الجنائي‪ ،‬غبر مطبوعة‪ ،‬ملقاة على طلبة الماجستير‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة‬
‫بغداد‪ ،‬سنة ‪.1996‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪The topic of this research is the legal effects of assuming a presumption of innocence in the‬‬
‫‪light of human rights’ declaration and constitutions- a comparative study. This topic has‬‬
‫‪significant importance in recent criminal legislations. This principle is considered to be one of‬‬
‫‪the main pillars upon which criminal law is based.‬‬
‫‪The rule of criminal legislator is to protect society from crimes by determining crimes and their‬‬
‫‪penalties. This represents the subjective side of the criminal law, this protection is however‬‬
‫‪inefficient. Having known that the principle of validity of crimes and penalties helps to halting‬‬
‫‪the commitment of crimes that are in position of being penalised. The aim of of justice is then‬‬
‫‪to acknowledging truth regarding the committed crime. To achieve that purpose, the provisions‬‬
‫‪that lead to divulge crimes, criminals and evidence must be determined. This represents the‬‬
‫‪procedural side of criminal law .‬‬

‫‪862‬‬
4th International Legal Issues Conference-ILIC2019 ISBN (978-9922-9036-2-0)

The importance of this topic flows from considering the presumption of innocence as the
doorstep that addresses many matters regarding criminal procedures. Hence, it is a guarantee
to protect the favour of individuals against governmental control when charging the accused
person.
Moreover, with respect to the principle of presumption of innocence, criminal procedures
involving personal liberty shall be pursued only within the framework of specific guarantees and
controls provided by law.
Based on the above, the issue of the presumption of innocence shall be divided into two parts.
The first searches in the meaning of the presumption of innocence in the light of human rights’
declaration and constitutions. This in return shall be studying the concept of presumption of
innocence and its legal nature. The second part scrutinises the legal basis for the presumption
of innocence in international laws and charters, which was divided into three demands. In the
first, the legal basis for the presumption of innocence in criminal law. In the second, the legal
basis for the presumption of innocence in comparative constitutions, and in the next demand
we have focused on the legal basis for the presumption of innocence in international covenants
by dividing it into two branches regarding Human Rights Declarations and the International
Covenant on International Political Rights. The third demand studied the legal effects of
assuming the presumption of innocence by dividing it into two sections, the first supposes that
the burden of proof is not laid upon the accused person, while in the second, the freedom of
parties in criminal vindication.

863

You might also like