Professional Documents
Culture Documents
ادلمديح
الحمد هلل ذو الجبلؿ الذي جعؿ الكماؿ صفة لذاتو في كؿ األحواؿ ،الرحمف
الذي جعؿ الخطأ والنسياف صفات مبلزمات لئلنساف ،ليغفر لو النسياف ويتجاوز عف
أخطائو بوافر اإلحساف ،والصبلة عمى عبده األميف الرحمة الميداة لمناس أجمعيف ،رب
اشرح لي صدري ويسر أمري واحمؿ عقدة مف لساني يفقيو اقولي،
أما بعد فقد أصبحت حالة افتراض براةالمتيـ قرينة ابتدائية إجرائية جنائية
ودستورية تتفاخر بإقرارىا المواثيؽ والقوانيف في كؿ حيف .وصارت ليذه القرينة أكثر مف
فائدة وانبثقت عنيا أكثر مف قاعدة صارت سائدة ،فصرنا نرى قواعد مثؿ:األصؿ في
األنساف البراءة ،والمتيـ بريء حتى تثبت إدانتو ،والشؾ يفسر لمصمحة المتيـ ،وعدـ
كفاية الشيادة الواحدة لمحكـ ،وبناء الحكـ الجزائي عمى الجزـ واليقيف العمى الشؾ
والتخميف ،ونحوىا كثير .مف ىنا ،فإف أىمية أفتراض تبرءة المتيـ تكمف في صمتيا
واتصاليا بحقوؽ اإلنساف وحرية اإلنساف وأصؿ اإلنساف.وىذه القرينة المفترضة تفرض
عمى جيات التحقيؽ والمحاكمة التعامؿ مع المتيـ عمى أساس انو بريء الف ذلؾ ىو
األصؿ الثابت لغاية ثبوت العكس ،ومف ثـ التحقيؽ بصورة متوازية متوازنة غرضيا كشؼ
الحقيقة دوف ميؿ نحو اإلدانة أو نحو البراءة دوف مسوغ.
وينطمؽ البحث مف فرضية يحاوؿ إثباتيا .مفادىا :أف افتراض براءة المتيـ
بوصفيا قرينة قانونية دستورية تمزـ القاضي والمحكمة والصحافة والناس باحتراميا
ومراعاتيا وترتب نتائج وآثار قانونية تنسجـ مع طبيعتيا وخصائصيا ،بحيث تتجمى
المسؤولية الجزائية عمى خرقيا.
174
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
أما إشكالية البحث ،تكمف في حوار التحقؽ مف صحة الفرضية انفا" ،فالبحث
يحاوؿ اإلجابة عمى فيض األسئمة التالية وغيرىا:ما إذا كاف اصؿ المتيـ الب ارءة وافتراضيا
يمثؿ حجة ثابتة باعتبارىا قرينة ابتدائية قانونية اليد حظيا إال اليقيف وما إذا كاف بقائيا
وقياميا واحتراميا يمتد مف تحريؾ الدعوى الجزائية لغاية صدور حكـ قضائي نيائي
باإلدانة .وما إذا كانت ىذه القرينة ليا مبرراتيا وضمانتيا التي تكفؿ تطبيقيا وتحقيقيا،
وما إذا كانت تحاط بحماية جنائية تضمف احتراميا ودواميا.
واعتمد البحث عمى منيجية تضمف اإلجابة عمى األسئمة التي إثارتيا الفرضية
في اإلشكالية .باالعتماد عمى منيج مركب يتحدث عف الجانب النظري التحميمي الفتراض
براءة المتيـ مف زاوية فكرية مجردة ،ويتحدث في الجانب األخر عف الجانب العممي
التطبيقي
انفصم االٔل
ياْٛح افرتاض لزُٚح انرباءج
ليس مف المصمحة االجتماعية أف يداف المتيـ دوف محاكمة جنائية عادلة ،حتى
واف تمثمت تمؾ اإلدانة بتحشيد الرأي العاـ ضد المتيـ مف خبلؿ نشر قضيتو في اإلذاعة
ووسائؿ األعبلـ أو عمى األقؿ إذاعتيا أو نشرىا فقط دوف تحريض او تحشيد ،الف ذلؾ
قد يؤدي الى تعريض سمعتو لمتشويو واإلساءة واصدار حكـ شعبي مؤثر قبؿ صدور حكـ
قضائي نيائي ضد المتيـ مثمما ليس مف المصمحة االجتماعية إفبلت المذنب مف
المسؤولية وعمى ىذا ،حرصت الدوؿ عمى اجتناب إدانة المتيـ بإية كيفية كانت ،مادية او
معنوية رسمية او غير رسمية ،فعمية او صورية ،معمنة او مخفية ،قبؿ صدور حكـ
قضائي نيائي بإدانتو ،حرص ًا عمى الحريات الشخصية األساسية واحتراماً ليذه القرينة
التي انقمبت قاعدة عامة تواتر العمؿ بيا وتخمت الدوؿ عف انتياكيا وىكذا ،نعرض
لمفيوـ افت ارض قرينة البراءة واالحاطة بطبيعتيا وأساسيا وخصائصيا ونتائجيا في مباحث
مستقمة.
177
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
ادلثحث االٔل
يفٕٓو افرتاض انرباءج
يتعيف ىنا كشؼ معنى افتراض البػراءة مػرورا" بالخصػائص والنتػائج المترتبػة عمػى
ىذه االفتراض الثابت.
174
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
171
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
األدلة المتواترة ضده حيثما كانت جريمتو مشيودة وضبط متمبساً بيا ،الف ذلؾ االفتراض
االبتدائي ال ييدمو سوى حكـ قضائي نيائي ( .)7لذلؾ يرى البعض في ىذا االفتراض
وجياً آخر لمشرعية الجنائية وركناً مف أركانيا ونيجاً لؤلنظمة التقدمية الديمقراطية،
وافتراضاً مف مفترضات المحاكمة العاجمة العادلة ،وحقاً يصفيا مجمس الموردات البريطاني
بأنيا خيط ذىبي في نسيج ثوب القانوف الجنائي ،وىي في النياية ضمانة ميمة لحقوؽ
االنساف ودرعاً فوالذياً يحمي حريات االنساف في سائر األحياف (.)8
175
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
يعداف دعامة أساسية قضائية لمشرعية الجنائية ودعامة أساسية قانونية دستورية لمشرعية
اإلجرائية (.)44
176
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
177
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
178
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
يقؼ القاضي الجنائي موقفاً وسطاً سمبياً متفرجاً ينتظر مف األطراؼ تقديـ األدلة
واإلثباتات ويقرر قبوليا او رفضيا ويرجح بعضيا عمى بعضيا .إنما يتعدى دوره ذلؾ
بالتأكيد فيو يبحث مع األطراؼ عف أي دليؿ أكيد ،ويتحرى الحقيقة في كؿ دليؿ ويسمؾ
في سبيؿ ذلؾ أي سبيؿ .وال يحكـ بترجيح األدلة او رجحانيا ،بؿ يحكـ بثبوت األدلة
ويقينيا .ولنا في ذلؾ عودة.
ادلثحث انثاَٙ
أساس افرتاض انرباءج ٔطثٛعتّ ٔخصائصّ َٔتائجّ
إف قرينة البراءة باعتبارىا اصؿ لئلنساف وحؽ لممتيـ وافتراض لمقاضي ،ليست
أكثر مف فكرة قانونية نظرية تطبيقية ،ليا طبيعتيا التوفيقية بما ال يناؿ مف مصمحة الفرد
األبدية ومصمحة المجتمع األزلية ،وليا قبؿ ذلؾ أساس طاعف في األزؿ ،وخصائص
ونتائج ال تزؿ .فيحسف بنا في ىذا المبحث تناوؿ أساس ىذه القرينة أوالً ثـ بياف طبيعتيا
وخصائصيا ونتائجيا في مطمبيف مستقميف.
179
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
مف الجريمة ومف العقوبة التي تترتب عمييا .فإذا لـ تثبت براءتو عمى وجو الجزـ واليقيف
ولـ تثبت إدانتو عمى وجو الجزـ واليقيف فبل يبقى غير الشؾ ،وحيث الشؾ ال يكفي
لئلدانة فإذف يفسر لمبراءة( .)48وىذه القاعدة الجنائية تفرعت عف قاعدة مدنية مفادىا إف
(االصؿ براءة الذمة) أي عدـ انشغاؿ ذمة االنساف بحؽ لمغير حتى يقوـ الدليؿ عمى
خبلؼ ذلؾ فاإلنساف يولد وذمتو المالية خالية مف أي حؽ لمغير ،ثـ يشغميا بتصرفاتو
القولية او الفعمية .وعمى مف يدعي عمى غيره حقاً فاألصؿ عدمو إال ذا اثبت المدعي
خبلؼ االصؿ الف القوؿ الراجح ىو قوؿ مف يتمسؾ ببراءتو وبراءة ذمتو الف قولو يسنده
اصؿ براءة ذمتو حتى يقـ الدليؿ عمى انشغاليا بحؽ الغير .فإذا اختمؼ المتمؼ مع
صاحب الماؿ في قيمة الماؿ المتموؼ فاف القوؿ الفصؿ قوؿ المتمؼ ،الف االصؿ براءتو
عف ما زاد عف قيمة الماؿ المتموؼ ،أي براءتو بقدر الزيادة التي يدعييا مدعي الزيادة في
الماؿ ،وعمى مدعي الزيادة – وىو صاحب الماؿ –أثبات الزيادة التي يدعييا(.)49
وتعمؿ القاعدتاف انف ًا تحت إطار قاعدة ثابتة في الشريعة مفادىا إف (اليقيف ال يزوؿ
بالشؾ) توجب إلدانة المتيـ توافر المرتبة القطعية بالدليؿ وبالحكـ وعدـ االكتفاء بالمرتبة
الظنية الشكية التي توجب البراءة كأصؿ وحؽ يتمتع بو المتيـ ( .)70ويجد افتراض قرينة
البراءة سند ه في قواعد شرعية أخرى مستنبطة مف القراف الكريـ والسنة النبوية الشريفة،
مثؿ قاعدة (اإلباحة األصمية) وقاعدة (استصحاب الحاؿ) .فاإلباحة األصمية ،تعني إف
االصؿ في األشياء اإلباحة اذ كؿ فعؿ او ترؾ مباح أصبلً مالـ يرد بتجريمو نص صريح
وال مسؤولية عمى فاعمو او تاركو( .)74فالمرء يولد خالي ًا مف كؿ خطيئة بناءاً عمى
القاعدة الشرعية التي تقوؿ إف االصؿ في االنساف براءة الذمة ،وىو االصؿ الذي نجمت
عنو قاعدة فقيية جزائية أخرى تقوؿ ( :إف االصؿ في االنساف براءة جسده مف الحدود
والقصاص والتعازير ،ومف األقواؿ كميا ،ومف األفعاؿ بأسرىا)( .)77حيث إف االصؿ
براءة الذمة مدنياً وطيارة اليد والمساف جنائيا ،ومف يدعي خبلؼ ذلؾ يقع عميو عبء
اإلثبات ،حيث إف قواعد اإلثبات في الشرعة ال ترمي الى إثبات إدانة المتيـ بقدر ما
ترمي الى إثبات براءتو ،فصحة اإلثبات في صورىا المختمفة جنائية أـ مدنية ال تثبت مع
الشؾ ( ،)74لقولو تعالى ( -:إف الظف ال يغني مف الحؽ شيئاً) يونس .46/وقوؿ
140
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
الرسوؿ (صمى اهلل عميو وسمـ) ( البينة عمى مف ادعى اليميف عمى مف أنكر) ( .)71إف
استصحاب الحاؿ ،فيو احد األدلة التي يمجا إلييا المجتيد لبياف حكـ الشرع في مسألة لـ
يرد في شانيا نص يدؿ عمى اإلباحة والتحريـ ،وعنو يقوؿ اإلماـ ابف القيـ إف أقساـ
االستصحاب ثبلث ،مف بينيا استصحاب البراءة األصمية ،وتطبيقو في مجاؿ اإلجراءات
الجنائية يؤدي الى دواـ البراءة مادامت ثابتة حتى يثبت نفييا ،وىي ال تنتفي إال بحكـ
بات ،وىو اصؿ مستصحب متواصؿ( .)75ومف كؿ ىذا وغيره كثير تجد قرينة البراءة
المفترضة سندا" ليا في الشريعة اإلسبلمية ،حيث ال توجد دعوى دوف بينة.فقد روي عف
ابف عباس (رضي اهلل عنو) عف نبينا محمد (صمى اهلل عميو وسمـ) انو قاؿ (لو يعطى
الناس بدعواىـ الدعى أناس دماء رجاؿ وأمواليـ ولكف اليميف عمى المدعى عميو) (.)76
144
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
شخص متيـ بجريمة بريء حتى تثبت إدانتو قانوناً) ونصت في المادة (السابعة عشر)
عمى انو (يفترض إف األحداث المقبوض عمييـ...ابرياء ويحاكموف عمى ىذا األساس
( .)78ويشار أف ىذه اال تفاقية كانت ميمة لدوؿ أوربا خاصة لتمؾ الدوؿ التي خمت
دساتيرىا مف نص يوجب احتراـ قرينة البراءة باعتبارىا حؽ لممتيـ مثؿ فرنسا .حيث كاف
القضاة في فرنسا يحتكموف في الغالب الى ىذه االتفاقية كونيا تسمو عمى القانوف الداخمي
لمدوؿ األعضاء بحسب حكـ المجمس الدستوري الفرنسي وقضاء محكمة النقض الفرنسية
ورأي مجمس الدولة الفرنسي (.)79
147
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
النيج في المادة ( / 49خامساً) قائبل إف ((المتيـ بريء حتى تثبت إدانتو في محاكمة
قانونية عادلة.))....
144
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
شؾ إف ذلؾ يعد انتياكاً لقرينة البراءة قد يكوف اشد تأثي اًر عمى حرية المتيـ وسمعتو مف
إدانة القضاء او انتياكو ليذه القرينة.
141
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
حياديوف نزييوف ( .)41وىكذا ،أثارت الطبيعة القانونية الفترض البراءة جدالً حوليا،
فالبعض تصورىا حيمة قانونية ،وآخروف تصوروىا حقا لصيقاً بشخص االنساف يبلزمو
ويثبت لو منذ ميبلده بينما اعتبرىا آخروف مبدأً عاماً مف مبادئ القانوف او ىي قرينة
قانونية حقيقية .بينما كاف الرأي الغالب إف افتراض المتيـ يرجع الى الفطرة التي جبؿ اهلل
االنساف عمييا ،حيث ولد ح اًر نقي ًا مف المعاصي والخطايا وبريئاً مف الذنوب ،األمر الذي
يقتضي معو الحاؿ امتداد افتراض البراءة في كؿ األحواؿ سواء في إثبات الجريمة او
إثبات أسباب اإلباحة او مواقع المسؤولية ،ولغاية ثبوت عكس البراءة بموجب حكـ قضائي
نيائي ( .)45وفي ىذا السياؽ تحدثت المحكمة الدستورية العميا في مصر عف حؽ احتراـ
قرينة البراءة المفترضة وعف رسـ طبيعتيا بقوليا ((حيث إف اصؿ البراءة يمتد الى كؿ فرد
سواء كاف مشتبياً بو او متيماً ،وباعتباره قاعدة أساسية في النظاـ أالتيامي ،أقرتيا
الشرائع جميعاً ال تكفؿ بموجبيا حماية المذنبيف ،وانما لتد أر بمقتضاىا العقوبة عف الفرد
إذا كانت التيمة الموجية إل يو قد أحاطتيا الشبيات بما يحوؿ دوف التيقف مف مقارفة
المتيـ لمواقعة محؿ االتياـ ،وذلؾ إف االتياـ الجنائي في ذاتو ال يزحزح اصؿ البراءة
الذي يبلزـ الفرد دوماً ،سواء في مرحمة التحقيؽ او المحاكمة او إثنائيا وعمى امتداد
حمقاتيا ،أياً كاف الزمف الذي تستغرقو إجراءاتيا ،وال سبيؿ لد حض اصؿ البراءة بغير
األدلة التي تبمغ قوتيا االقناعية مبمغ الجزـ واليقيف ،بما ال يدع مجاالً معقوالً لشبية
انتفاء التيمة ،وبشرط إف تكوف داللتيا قد استقرت حقيقتيا بحكـ قضائي استنفذ طرؽ
الطعف فيو وصار باتاً (.)46
145
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
لقرينة البراءة مميزات كثيرة وخصائص غزيرة ،أىميا إنيا قاعدة قانونية إلزامية
عمى القضاء بمعنى يتعيف عمى القاضي إعماؿ ىذه القاعدة كمما كاف الشؾ يكتنؼ األدلة
بما يجعؿ اإلدانة أم اًر مرجوحاً ليس حاسماً ،وىنا يقع حكـ القاضي باإلدانة باطبلً وموجباً
لمطعف ،ودوننا قرار لمحكمة النقض المصرية يتسؽ مع ما تقدـ انفاً قالت فيو ((إف
األحكاـ في المواد الجنائية يجب إف تبنى عمى الجزـ واليقيف ال عمى الظف واالحتماؿ،
فإذا كانت المحكمة لـ تنتو مف األدلة التي ذكرتيا الى الجزـ بوقوع الجريمة مف المتيـ،
بؿ رجحت وقوعيا منو فحكميا بإدانتو يكوف خاطئاً ( .)47ويقتضي التنويو بأف السمطة
التقديرية الممنوحة لمقاضي والحكـ وفقاً لقناعتو القضائية الوجدانية ال يتعارض مع طبيعة
وبناء
ً افتراض البراءة اإللزامية وىذه الطبيعة اإللزامية ال تنفي تمؾ السمطة او ىذه القناعة
عميو فأف القاضي إذا اعد واقعة ما أنيا ثابتة فبل يمكف إف يقاؿ كاف عميو اعتبراىا محؿ
شؾ ،الف القاضي بموجب السمطة التقديرية يمكنو وصؼ الواقعة بالثبوت اليقيني او الشؾ
االحتمالي وتطبيقاً لذلؾ فأنو يجوز لمقاضي إف يبني اإلدانة عمى ترجيح احتماؿ عمى
آخر ،ولو إف يستعيف بمزيد مف الفحص والتدقيؽ والمراجعة ألدلة الدعوى ليرقى بيا مف
درجة االحتماؿ الى درجة اليقيف ( .)48حيث مف العسير المطمؽ بموغ اليقيف المطمؽ في
اإلثبات الجنائي بوجو عاـ ،لكوف بموغ اليقيف يستمزـ أمريف -:االوؿ ،توافر األدلة
السميمة ،والثاني :تماـ التكويف الشخصي والعممي لمقاضي والشؾ في تبايف القضاة في
تكوينيـ الشخصي والعممي ،ثـ الشؾ في تبايف الحقيقة في األدلة حيث أنيا ال تقدـ أكثر
مف الغرض الراجح حيث ال يمكف بموغ الحقيقة المطمقة خارج نطاؽ عمـ الرياضيات فبل
يمكف بموغ اليقيف المطمؽ لؤلدلة في ظؿ الفرضيات بيد إف الترجيح سبيؿ لميقيف وىو
سبيؿ غير أكيد بكؿ تأكيد الف الحقيقية ليست دائماً فرضية راجحة مثمما إف الفريضة
الراجحة ليست ىي الحقيقة ىي دائماً ولذلؾ تبقى الحقيقة القضائية نسبية قابمة لمتغيير مف
وجية نظر النقد العممي( ،)49وذلؾ أمر يتطمب مف القاضي فحص األدلة بدقة وتحري
األدلة القاطعة في الداللة عند اإلدانة خاصة.
146
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
يتعيف افتراض براءة المتيـ في سائر مراحؿ الدعوى الجزائية ابتداءاً مف مرحمة
االستدالؿ والتحري وجمع األدلة في التحقيؽ االبتدائي ،وىي أكثر المراحؿ خطورة عمى
الحرية الفردية مساساً كوف الدعوى في بدايتيا والحاجة قائمة التخاذ إجراءات جبرية
وأحياناً تعسفية ضد المتيـ ،وصوالً الى مرحمة إصدار حكـ بات في الدعوى ،كما يسري
األثر المفيد الفتراض البراءة عمى جميع المتيميف الفاعميف والشركاء في الجريمة وعمى
العائديف ،ومرتكبي الجرائـ ألوؿ مرة ،وعمى الخطريف واألقؿ خطورة وعمى الجرائـ العمدية
وغير العمدية ،وعمى الجنايات والجنح والمخالفات والقوؿ بعكس ذلؾ يعد تيديداً لمحريات
وافراغاً لقرينة البراءة مف افتراضيا ومضمونيا وسندىا القانوني ( .)10وتظير أىمية
افتراض ىذه القرينة في نطاؽ تقدير األدلة بصورة كبيرة خاصة في مرحمة المحاكمة عمى
اعتبار اف تقدير األدلة في مرحمة التحقيؽ االبتدائي يعد تقدي اًر مبدئياً مؤقتاً ال يتطمب فيو
القانوف االقتناع اليقيني الجازـ لذلؾ اليعد قرار سمطة التحقيؽ بإحالة المتيـ الى المحاكمة
بموجب أدلة ناقصة او شبة كافية او يعترييا الشؾ أحيان ًا مساساً بيذه القرينة المفترضة،
بينما يمزـ في مرحمة المحاكمة اف يصؿ اقتناع المحكمة باإلدانة درجة الجزـ واليقيف ،الف
تسمؿ الشؾ الى قناعتيا يجعميا تفسر الشؾ لصالح المتيـ وتحكـ لو بالبراءة ،الف اإلدانة
ىي مف يجب إثباتيا وليس البراءة الثابتة أصبلً ( ،)14إما تأثير الطعف في الحكـ عمى
افتراض البراءة فيو أمر مختمؼ فيو حيث يرى البعض اف المحكوـ عميو يتحمؿ وحدة
عبء اإلثبات متى ما طعف بالحكـ الف قرينة اإلدانة تحؿ محؿ قرينة البراءة عندئذ بينما
يرى آخروف عكس ذلؾ عمى أساس اف قرينة البراءة ال تنقضي بالحكـ الصادر باإلدانة
لذلؾ يبقى عبء اإلثبات واقعاً عمى عاتؽ سمطة االتياـ ،إال في حالة إعادة المحاكمة
حيث يقع عبء اإلثبات عمى عاتؽ المحكوـ عميو ( .)17وىو رأي نعتقده راجحاً.
147
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
-7ال يضار المتيـ بطعنو .واف الطعف يقتصر عمى األحكاـ الصادرة بالعقوبة دوف
البراءة ( .) 14وثمة قواعد استقر القضاء عمييا تمخضت عف افتراض البراءة،
نتممسيا في ق اررات عديدة لمحكمة النقض المصرية .وتتمثؿ ىذه القواعد فيما يمي-:
-4يمكف اف تبنى البراءة عمى دليؿ ناقص او غير مشروع ،خبلفاً لئلدانة التي ال يجوز
اف يستمد القاضي اقتناعو بيا إال مف دليؿ جازـ كامؿ مشروع .وتطبيقاً لذلؾ فقد تـ
الحكـ بالبراءة مف جريمة خيانة األمانة بناءاً عمى شيادة باطمة ألنيا كانت صادرة
عف شخص ممتزـ قانون ًا بكتماف السر .ودعمت المحكمة وجيتيا بالقوؿ ( -:اف مف
المقرر انو واف كاف يشترط في دليؿ اإلدانة اف يكوف مشروعاً ،اذ ال يجوز اف تبنى
إدانة صحيحة عمى دليؿ باطؿ في القانوف ،إال اف المشروعية ليست بشرط واجب في
دليؿ البراءة ،ذلؾ باف مف المبادئ األساسية في اإلجراءات الجنائية اف كؿ متيـ
يتمتع بقرينة البراءة الى اف يحكـ بإدانتو بحكـ نيائي وانو الى اف يصدر الحكـ ،فمو
الحرية الكاممة في اختيار وسائؿ دفاعو بقدر ما يسعفو مركزه في الدعوى ....وقد قاـ
عمى ىدي ىذه المبادئ حؽ المتيـ في الدفاع عف نفسو وأصبح حقاً مقدساً يعمو عمى
حقوؽ الييئة االجتماعية التي ال يضيرىا تبرئة مذنب بقدر ما يؤذييا ويؤذي العدالة
معاً إدانة بريء (.)11
-7حيف يصدر القاضي الجنائي حكماً باإلدانة فانو يكوف مقيداً بقواعد اإلثبات المدنية،
حيث ال يجوز لو اف يقرر قياـ العبلقة المدنية التي تفترضيا الجريمة إال إذا توفر
الدليؿ الذي تشترطو قواعد القانوف المدني .بينما إذا قرر القاضي البراءة فيمكنو اف
يقرر انتقاء العبلقة المدنية السابقة مستنداً الى أي دليؿ ،فبل يتقيد في نفي ىذه
العبلقة بقواعد اإلثبات المدنية (.)15
انفصم انثاَٙ
اٜثار انمإََٛح الفرتاض لزُٚح انرباءج
االصؿ إذاً في المتيـ البراءة حتى يثبت العكس بحكـ بات ،وتمؾ قاعدة عامة
مفروغ منيا ومسمـ بيا تحكـ عممية اإلثبات الجنائي رافقت الثورة اإلنسانية في الحقوؽ
148
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
والحريات وىي ضمانة لممتيـ وقيد عمى القاضي والمحكمة .حيث ينبغي التعامؿ مع
المتيـ عمى انو بريء واف كاف مف أرباب السوابؽ او كانت تحوـ حوؿ الشبيات .وىكذا
يجب عمى القاضي اف يبحث عف أدلة البراءة واإلدانة بكؿ أمانة ،وال يطالب المتيـ
بإثبات براءتو ألف البراءة ىي االصؿ واالصؿ ال يحتاج الى إثبات وانما يطالب القاضي
بإثبات اإلدانة باعتبارىا االستثناء .لذلؾ يحؽ لممتيـ الصمت التاـ وال يجبر عمى الكبلـ،
وال يمزـ بالدفاع عف نفسو عمى الدواـ ،وانو ال يداف وال يبلـ إال بأدلة ثابتة جازمة ال
تستنتج مف الخياؿ استنتاج ًا بؿ تستخرج مف الوقائع استخراجاً .وىكذا يمكف الخوض في
ىذا الفصؿ بواقع مبحثيف :االوؿ ،نرى فيو اثر افتراض البراءة عمى اإلثبات الجنائي،
والثاني ،اثر افتراض البراءة عمى الحكـ الجنائي.
ادلثحث االٔل
اثز افرتض انرباءج عهٗ األثثاخ اجلُائٙ
مػػف ارثػػار الميمػػة الفت ػراض الب ػراءة فػػي مجػػاالت اإلج ػراءات الجنائيػػة اف عػػبء
اإلثبات ال يتحممو المتيـ ،واف أطراؼ الدعوى لو مطمؽ الحرية في إثبات دعواىـ(.)16
ادلطهة االٔل :عةء اإلثثاخ ال ٚتحًهّ ادلتٓى
أوالً -:عبء اإلثبات تتحممه سمطة االتهام
يتحمؿ القاضي والمحكمة عبء إثبات األدانة ضد المتيـ بأعتبارىما جيتي اتياـ
واليتحمؿ المتيـ عبءأثبات براءتو فيي اصؿ مفترض ثابت فيو وذلؾ ينسجـ مع قاعدة
قانونية عامو مدنية مفادىا (البينة عمى مف ادعى) وقاعدة قانونية جنائية مفادىا (االصؿ
براءة المتيـ) ،ولما كاف المدعي يدعي خبلؼ االصؿ فعمية إثبات ادعائو وال يطالب
المتيـ بإثبات دفعو أثباتاً كامبلً السيما واف القاضي والمحكمة ليما مف إمكانيات اإلثبات
ما يفوؽ كثي اًر إمكانيات المتيـ وقدرتو وسمطتو عمى اإلثبات .وتأتي قاعدة جنائية أخرى
في ذات السياؽ مفادىا اف (الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ) األمر الذي يعني اف المتيـ إذا
دفع بتوافر سبب إباحة لديو ،وعجز عف إقناع القاضي بصحة دفعو وعجز القاضي او
عجزت المحكمة عف إثبات العكس ،وصار القاضي او المحكمة في شؾ مف توافر
اإلباحة او عدميا ،فأف قرينة افتراض البراءة تفرض الفصؿ في الدعوى عمى أساس توافر
149
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
اإلباحة ( .)17ذلؾ اف العكس يجافي المنطؽ السميـ واإلحساس واالصؿ الفطري القويـ.
وماداـ الثابت اف األسوياء ىـ األغمبية في المجتمع واف الجريمة محض حادثة يرتكبيا
األقمية وىـ األشقياء ،فانو يجب القبوؿ بافتراض قرينة البراءة كونو وضع يوافؽ الواقع
ويتماشى مع الوقائع وينسجـ مع الطبائع لحيف ثبوت العكس ويتغير واقع األمس وينقمب
الحاؿ الى غير مآؿ .كما يجب القبوؿ بتحمؿ القاضي او المحكمة عبء إثبات ذلؾ
العكس وتقديـ أدلة قاطعة عمى اإلدانة .إما القوؿ والقبوؿ بغير ىذه الحقيقة يعني اف
اصؿ االنساف اتيامو واجرامو حتى تثبت براءتو وىذا القبوؿ غير مقبوؿ .مف ىنا قيؿ اف
دور القاضي الجنائي دو اًر ايجابياً يختمؼ عف دور القاضي المدني – السمبي (.)18
فالقاضي المدني يوازف فحسب بيف ا ألدلة التي يقدميا الخصوـ ثـ يرجح أرجحيا عمى
مرجوحيا ،بينما يتعدى دور القاضي الجنائي الى البحث والتحري عف األدلة والحقيقة مف
تمقاء نفسو وبمختمؼ السبؿ المتاحة ،وعميو األخذ بأوجو الدفع التي يراىا مباحة وفي
مصمحة المتيـ والتي وترفع عنو التيـ واف لـ يتمسؾ بيا المتيـ ،ثـ يوازف بيف حؽ الدولة
في العقاب وحؽ المتيـ في البراءة عمى اف يرجح جانب المتيـ في البراءة عند الشؾ ،الف
المجتمع أىوف عميو براءة مجرـ مف إدانة بريء ( . )19والحؽ ،اف تكميؼ المتيـ بتقديـ
األدلة واثبات براءتو يتناقض تماماً مع قرينة افتراض براءتو كونيا اصؿ ال يحتاج الى
إثبات او فصؿ ابتداء حتى يثبت العكس انتياءاً .واصؿ ذلؾ اف اإلثبات في المساءؿ
الجزائية إثبات لحقيقة الجريمة وىو أمر يتعمؽ بالمصمحة العامة ،واف السمطة العامة
مكمفة بإظيار تمؾ الحقيقة ،واما اإلثبات في المسائؿ المدنية فيو يقوـ عمى المساواة بيف
طرفي الخصومة ،فيقع عمى كؿ متيـ إثبات ما يدعيو او ينفيو الف الخصومة ىنا تتعمؽ
بالمصمحة الخاصة ،واف أصحاب ىذه المصمحة يحددوف وحدىـ المساءؿ المتنازع عمييا
ويتحمموف سوؽ األدلة عمى ما يدعوف ( .)50وفوؽ ذلؾ ،اف المتيـ في المسائؿ الجنائية
يمكنو الت ازـ الصمت دوف اف يفسر ذلؾ الصمت ضده ،وتكمف وظيفة االدعاء العاـ في
إظيار الحقيقة دوف ميؿ الى جانب معيف ،حيث اف سمطتو تحمي براءة البريء مثمما
تحمي إدانة المتيـ عمى حد قوؿ الفقيو الفرنسي (باتاريف) .والمحكمة ممزمة بالبحث عف
الحقيقة وليس ليا إلزاـ المتيـ بالبحث عف براءتو خاصة إذا خمت الدعوى مف دليؿ قاطع
110
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
عمى اتيامو ،لكونيا أمر مفترض ال محؿ إلثباتو إماـ المحكمة بؿ يمكف إثبات عكسو،
ويمكف لممتيـ مع ذلؾ تقديـ األدلة التي تنفي أدلة االتياـ التي تساؽ ضده ،الف حقو في
الدفاع عف نفسو مكفوؿ (.)54
114
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
الفعؿ إال بعد اعتقاده مشروعية فعمو واف اعتقاده مبنياً عمى أسباب معقولة ،وانو كاف
حسف النية واتخاذ الحيطة البلزمة عند ارتكاب الفعؿ ،لكي تنتفي مسؤوليتو ،ويضاؼ الى
ذلؾ استثناءاً آخر يتعمؽ بالمسؤولية عف فعؿ الغير ومثاليا المسؤولية المفترضة في جرائـ
النشر .حيث يعفى رئيس التحرير مف العقاب إذا اثبت اثناء التحقيؽ اف النشر قد حصؿ
بدوف عممو وساعد في تقديـ ما لديو مف معمومات ووثائؽ لمعرؼ الناشر الحقيقي (.)54
117
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
مف الخصوـ ولـ يطمع عمييا باقي الخصوـ ،وال يجوز لو اف يحكـ وفقاً لعممو الشخصي
ورغباتو ومعموماتو الخاصة المستمدة مما سمعو او رآه في غير مجمس القضاء او
جمسات المحاكمة إنما يجب اف يستمد القاضي قناعتو مف أدلة واجراءات صحيحة
ومشروعة ،واف يكوف اقتناعو مبنياً عمى أدلة مستساغة ومقبوالً عقبلً ومنطقاً ،وأدلة مبنية
عمى القطع والجزـ واليقيف وليس عمى التأويؿ والظف والتخميف ،واف ال يكوف اقتناعو مبني ًا
عمى قرينة واحدة او استدالؿ واحد دوف تعزيزىا بأدلة او قرائف أخرى ،واف يمتزـ القاضي
في النياية بتسبيب حكمو( .)55وىكذا ليس ألطراؼ الدعوى كامؿ الحرية في تقديـ أي
دليؿ خاصة إذا لـ يكف خاضعاً لضوابط القانوف ،وليس لمقاضي قبوؿ أي دليؿ وال بناء
قناعتو وحكمو عمى كؿ دليؿ ما لـ يكف صالحاً واضحاً قاطعاً.
ادلثحث انثاَٙ
اثز افرتاض انرباءج عهٗ احلكى اجلُائٙ
افتراض البراءة لو اثر آخر ميـ عمى الحكـ الجنػائي يتمثػؿ فػي ضػرورة بنػاء حكػـ
اإلدانػػة عمػػى الجػػزـ واليقػػيف ،وضػػرورة إصػػدار حكػػـ الب ػراءة فػػي حالػػة الشػػؾ إذا لػػـ يتسػػنى
اليقيف.
114
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
وصوغ القناعة مف عممية ذىنية عقمية منطقية مرتبطة بالضمير القانوني واالنساني العادؿ
الرامي الدراؾ الحقيقية الواقعية القضائية بعد االستعانة بالتقدير السميـ لبلدلة والنظر الى
مصمحة المتيـ والمجتمع معاً( .)56وترجيح مصمحة المتيـ عند الشؾ وفقداف اليقيف.
ونرى اف المشرع الجنائي العراقي حرص عمى ضماف افتراض قرينة البراءة مف خبلؿ بناء
الحكـ عمى قناعة المحكمة واستخبلصو مف ادلة متساندة محددة تقود الى اليقيف خاصة
في حالة االدانة ( .)57واذا كانت المحكمة الجنائية حرة في تكويف قناعاتيا القضائية مف
ادلة يقينية في حالة االدانة ،فأف ىذه المحكمة ينبغي اف تبني قناعاتيا بحكـ االدانو مف
ادلة تطمئف الييا عرضت عمى بساط المحكمة وساحة االطراؼ وتمت مناقشتيا ،دوف اف
تكوف المحكمة مقيدة بنوع معيف مف االدلة ،وليا في ذلؾ تقدير قوة وقيمة االدلة ،ومف ثـ
قبوليا حتى واف كانت ليست صريحو وال داللة بذاتيا عمى الواقعة المراد اثباتيا ،ما دامت
المحكمة يمكنيا استخبلص ثبوت الواقعة باالستنتاج اذا كاف ذلؾ االستنتاج يمثؿ الرأي
الوحيد الذي يمكف استخبلصة مف األدلة والقرائف والظروؼ ،ومف ثـ ترتيب النتائج عمى
المقدمات ماداـ االستنتاج سميماً ومنطقياً ومعقوالً والخبلصة ،اف ادلة االدانة وحكـ االدانة
يجب اف تبنى عمى الجزـ واليقيف العمى الشؾ الظنيف والتخميف ( .)58وماداـ االمر عمى
ىذا ،فأنو يتعيف البحث في معنى اليقيف ،وكيؼ يمثؿ جوىر االدانة.
111
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
عف طريؽ النظر واالستدالؿ .وعيف اليقيف ،ما كاف بحكـ البياف وىو الصحاب العموـ مما
شاىدة وعاينو بالبصر وحؽ اليقيف ما كاف بنعت العياف وىو الصحاب المعارؼ وىو ما
باشرة ووجدة وذاقة وعرفة باالعتبار ( .)64واليقيف في الفمسفة ،كما قاؿ عنة الغزالي انو
(معرفة بحقيقة الشيء ال يخالطيا شؾ و خطأ) وقاؿ انو تصديؽ لـ يبقى معو مجاؿ
لمشؾ والريب والخطأ وامكاف وقوعيا ،أذ إف االنساف (يتقيف بأف يقينة ال يمكف اف يكوف
فيو سيو وال غمط وال التباس وال يجوز الغمط في تيقنة بالقضية وال في تيقنة الثاني
بصحبة تيقنة ،فيكوف فيو امناً مطمئناً قاطعاً بأنو ال يتصور اف يتغير فيو رأيو وال اف
يطمع عمى دليؿ غاب عنو بغير اعتقادة) )67( .واليقيف في المنطؽ ىو تقسيـ لمتصديؽ
الذي ىو تقسيـ لمعمـ .بمعنى اف اليقيف ىو تقسيـ العمـ .فاليقيف اف تصدؽ بمضموف امر
او خبر عمى نحو الجزـ بما ال يحتمؿ كذبو ،أو تصدؽ بعدمة عمى نحو الجزـ بما ال
يحتمؿ صدقة .واليقيف أعمى قسمي التصديؽ ،والضف أدنى قسمي التصديؽ لكونو ترجيح
امر او خبر او عدمة مع تجويز الطرؼ االخر (.)64
واليقيف القضائي عمى ىذا ،حالة ذىنية تؤكد وجود الحقيقة ،يصاغ بالمعرفة
الحسية التي تدركيا الحواس ،وبالمعرفة العقمية التي تدركيا التحميبلت واالستنتاجات
( .)61وىو يمر بمراحؿ متوالية متتالية مترابطة ،حيث يكشؼ اطراؼ القضية اما
القاضي الوقائع واالدالة التي توحي بثبوت الجريمية أو نفييا ،ثـ يفسر القاضي ما يدركة
وما يعتقدة بناءاً عمى تمؾ والوقائع واالدالة ،ويجري تحقيقياً وتدقيقاً وتحميبلً وتحصيبلً ليا،
ثـ يجري تكييف ًا لما ثبت مف الوقائع المادية مع نصوص القانوف فيصؿ القاضي في
النياية الى ما يعتبره يقيناً ليصدر في ضوءه حكمة العادؿ الفاصؿ (.)65
115
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
اف ذلؾ ال يعني اف القاضي يحكـ وفقاً الىوائة الشخصية ،فاليقيف القضائي ،ىو حصيمة
البحث الجنائي عف الحقيقية بطرؽ شرعية ووسائؿ قانونية واستخبلصات فكرية واقعية،
دوف رقابة او تأثير ِ
إال ِِِ مف الضمير .فيمكف لمقاضي اف يقبؿ األدلة كميا أو يرفضيا
كميا أو بعضيا او يجزئيا لبموغ اليقيف القضائي واصدار الحكـ القضائي( .)66أما نسبة
اليقيف القضائي فإنيا تعود الى نسبة الحقيقية القضائية ،واف الحقيقة واف كانت في ذاتيا
مطمقة إال اف اكتشافيا ىو أمر نسبي نظ اًر لقصور الوسائؿ اإلنسانية في المعرفة
ومحدودية قدراتو ،فضبلً عمى اف األدلة التي يعتمدىا القاضي في بناء قناعتو ال تقدـ
أكثر مف االحتماؿ الراجح ( ،)67وال يتحقؽ الجزـ واليقيف .وىي أمور معنوية باطنية
داخمية إال في ميداف البحوث العممية والعموـ الطبيعية والحسابية والرياضياتية (.)68
واليقيف القضائي عمى ذلؾ اصطبلح يطمؽ عمى اليقيف المطموب في حكـ اإلدانة كمعيار
إلزامي يتعيف وجودة في بناء األحكاـ الجزائية .وىو يقيف موضوعي يتعمؽ بالوقائع مثمما
ىو يقيف شخصي يتعمؽ بالقاضي يتوطف بثبات في عقؿ القاضي ومعظـ القضاة بصورة
مشتركة إذا ما افترضنا عيف الظروؼ وذات المبلبسات أحاطت بيـ كميـ ( .)69وال
يصؿ القاضي الجنائي الى مرتبة اليقيف إال بأجتماع ثبلثة شروط -:االوؿ ،اعتماد
القاضي في حكمة عمى أدلة قضائية سميمة جازمة ،ثـ اعتماده عمى إجراءات مشروعة،
ثـ اقتناعو التاـ الناجـ عف استنتاج عقمي منطقي قانوني ال يحتمؿ إال تأويبلً واحداً فاليقيف
بعد ذلؾ وعمى ذلؾ ،حالة ذىنية عقمية وليدة تقييـ ذاتي مف جانب القاضي ألدلة الدعوى
معتمداً عمى قدراتو الذىنية وخبراتو العممية والفنية وتجاربو المينية وثقافتو العممية
والشخصية وضميره العادؿ المطمئف وصوالً الى حكـ اإلدانة او البراءة ( .)70لذلؾ يقاؿ
بحؽ ،اف اليقيف واالقتناع والحقيقة حمقات متعاضدة مترابطة في سمسمة الدعوى الجزائية
التي يمثؿ الحكـ العادؿ حمقتيا النيائية .اف القوؿ باف األصؿ في المتيـ البراءة ىو يقيف
واف كاف يقيف ابتدائي افتراضي ،واف ىذا اليقيف ال يزوؿ إال بيقيف يماثمو او أقوى منو في
حكـ اإلدانة ،وىو يقيف ثابت نيائي تبنى عميو اإلدانة ،وكؿ ما دوف اليقيف مف شؾ او
احتماؿ او تخميف يفسر لمصمحة المتيـ ويقتضي العودة الى اصؿ البراءة في المتيـ وىو
يقيف أقوى مف التخميف يقود المحكمة الى الحكـ بالبراءة شريطة اف تسبب حكميا (.)74
116
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
وىذا ىو توجو محكمة تمييز العراؽ في حكـ قالت فيو ((عند تناقض الشيادات وعدد
االطبلقات المرمية وعدـ تحديد الشيود لمشخ ص القاتؿ او مشاىدتيـ لو يقوـ بإطبلؽ
النار عمداً او نتيجة خطأ ،فمف مجمؿ األدلة المتحصمة ،ال يمكف اف تولد القناعة باف
المتيـ ىو الفاعؿ ،لذلؾ تكوف إدانتو مبنية عمى الشؾ واالحتماؿ ال عمى الجزـ واليقيف))
(.)77
117
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
التردد بيف أمريف ،وىـ ضد اليقيف ( .)75فيو التردد بيف نقيضيف ،ال يرجح العقؿ احدىما
وال يميؿ القمب الى احدىما ( .)76والشؾ في الفمسفة ،ىو االسترابة في معتقديف
فصاعداً ًِ مف غير ترجيح احدىما عمى الثاني ( ،)77والبقاء عند الشؾ عجز عف
المعرفة والحكـ القاطع ،وديمومة بقاء الشؾ نفي اليقيف واتجاه الى الغمط ،وىو امر يرفضو
الغزالي الذي شغؼ بالبحث عف الحقيقة ،الف الشؾ ىو اعتداؿ ميؿ النفس الى التصديؽ
والتكذيب بشيء وعدـ الحكـ فيو بإثبات او نفي الستواء أمكاف األمريف ،وىكذا يمكف اف
يسبؽ الشؾ الغمط او يتزامف معو إذا قرر أم ًار خبلف ًا لمحقيقة وىو شاؾ في حقيقتو (.)78
أما الشؾ في القانوف ،فيقوـ إذا كانت الفكرة غير كاممة وكاف العمـ بالموضوع مجت أًز،
فيكوف الذىف بخصوص ىذا الموضوع في حالة شؾ ،والشؾ ىنا نقيض الثبوت واإلثبات،
فيوما يخالج القاضي او غيره في تقديره وقناعتو بالفعؿ المشروع او غير المشروع اتجاه
واقعة او دليؿ او نص او أمر ،فيتأرجح في اف واحد بيف التأكيد والنفي ،وبيف الحؿ
والتجريـ وبيف اإلباحة والتحريـ (.)79
118
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
افتراض براءة المتيـ ،وتترتب عمى وجوب بناء القناعة القضائية باإلدانة عمى الجزـ
واليقيف .حيث اف االمنتناع المضطرب بيف اثبات التيمة ونفييا ال يصمح اال لنفي التيمة
عف المتيـ لكونة ال يصمح لنفي ما كاف ثابتاً في اصؿ االنساف وىو البراءة ،بؿ يعد
االضطراب عامبلً يسعؼ اصؿ البراءة ويؤكد افتراضة في المتيـ( .)87بيد اف احكاـ
البراءة واالفراج ونحوىا واف كانت تبنى عمى اساس الشؾ اال اف ذلؾ الشؾ ال يعد حجة
تساوي اليقيف ،انما ىي وسيمة منطقية مقبولة يتذرع القاضي بيا لتعزيز اليقيف الثابت لدية
ولغيره في اف االصؿ براءة المتيـ حتى يثبت باليقيف المعاكس غير ذلؾ.عمى اف ذلؾ
االتجاة مشروط بتسبيب القاضي حكمة والبرىنة في التسبيب عمى امتبلكة احاطة وافية
كافية بوقائع الدعوى وظروفيا وادلتيا ،وتقديـ تعميؿ منطقي لرجحاف كفة دفاع المتيـ وادلة
النفي عمى ادلة االثبات التي داخميا الشؾ والريبة.
انفصم انثانث
احلًاٚح انمإََٛح إلفرتاض لزُٚح انرباءج
تتمثؿ الحماية القانونية لحؽ احتراـ قرينة البراءة في وجود ىذه القرينة ضمف
نصوص إعبلنات حقوؽ االنساف الصادرة مف األمـ المتحدة ومف جيات دولية أخرى
بل عمى تضميف
ودوؿ ميمة وبالتالي تترتب المسؤولية الجزائية عمى مف يخالفيا .فض ً
معظـ دوؿ العالـ ىذه القرينة في دساتيرىا وقوانينيا عمى األقؿ واكتسابيا صفة اإللزاـ
أيضاً .بؿ صار االلتزاـ بتطبيؽ ىذه القرينة دليبلً عمى تحضر الدوؿ ومدنيتيا
وديمقراطيتيا .وعمى أي حاؿ ،فأف وسائؿ الحماية ليذه القرينة تفرض عمى القضاء
واألعبلـ وغيرىـ مراعاتيا واحتراميا وأال صاروا تحت طائمة المسؤولية .فيي تعطؿ حؽ
األعبلـ في نشر او إذاعة أخبار عف المتيـ والتيـ والتحقيؽ والمحاكمة قبؿ صدور حكـ
قضائي بات باإلدانة .كما تشؿ يد القاضي في اتخاذ إجراءات وق اررات تعسفية تناقض
أفتراض براءة المتيـ .وتتمثؿ ىذه الحماية في وسائؿ الحفاظ عمى سرية التحقيؽ
والمسؤولية الجنائية عنو في القوانيف المقارنة وفي العراؽ .ومف ىنا ،يمكف تقسيـ ىذا
الفصؿ الى مبحثيف يعالجاف ذلؾ (. )84
119
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
ادلثحث االٔل
سزٚح انتحمٛك ٔادلسؤٔنٛح اجلزائٛح يف تعط انمٕاَني ادلمارَح
نتناوؿ في ىذا المبحث سرية التحقيؽ وما يترتب عمييا مف مسؤولية جنائية تمثؿ
الحماي ة الجنائية التي أضفاىا المشرع عمى ىذه السرية في بعض القوانيف المقارنة مثؿ
القانوف الفرنسي والقانوف اإلنكميزي والقوانيف العربية المقمدة او المتأثرة بيما.
ادلطهة االٔل :سزٚح انتحمٛك يف انمإٌَ ادلمارٌ
نتناوؿ في ىذه المطمب موقؼ بعض القوانيف المقارنة الميمة كالقانوف الفرنسي والمصري
واإلنكميزي.
150
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
سواء في حالة ما إذا قررت سمطة التحقيؽ أجرائو في غيبة الخصوـ او في حالة ما إذا
كانت سمطة التحقيؽ قد حظرت شيء منو مراعاة لمنظاـ العاـ او ارداب ،وفي ىذه الحالة
ال يجب المبالغة في سرية التحقيؽ بحجة المحافظة عمى قرينة البراءة ،الف عبلنية
التحقيؽ تتيح لمخصوـ الوقوؼ عمى سير التحقيؽ في كافة مراحمو ،حتى اليتفاجأ احد
الخصوـ باألدلة القائمة ضده في وقت يستحيؿ عميو دفعيا .كما اف العبلنية يمكف اف
تتيح لمخصوـ مراقبة تطبيؽ القواعد القانونية الخاصة بالواقعة ( .)81وطبقا لممادتيف
( 489و )490مف قانوف العقوبات المصري فأف حصانة النشر مقصورة عمى إجراءات
المحاكمة ،وال تمتد الى إجراءات التحقيؽ االبتدائي وال الى التحقيقات األولية او اإلدارية
مراعاة االحتراـ قرينة البراءة ،واف اليداف متيـ قبؿ صدور حكـ بإدانتو .ويذىب جانب مف
الفقو الفرنسي الى القوؿ اف النشر الذي يتـ ضد المتيـ في حالة ارتكابو أحدى الجرائـ
اثناء مرحمة التحقيؽ او قبميا يتعارض مع قرينة البراءة التي تمثؿ حقاً مف حقوؽ االنساف،
السيما عقب قياـ أجيزة الشرطة بالقبض عمى المتيميف في أحدى الجرائـ .ويتضاعؼ
تأثير النشر إذا ما حصؿ ذلؾ عف طريؽ التمفاز ( .)85وبدورنا نؤيد ىذا االتجاه الذي
يرفض النشر واجراء المقاببلت التمفازية ونحوىا مع المتيميف عقب القبض عمييـ ،حتى
واف لـ تقرر سمطة التحقيؽ أجراء التحقيؽ في غيبة الخصوـ ،او لـ تحظر إذاعة شيء
منو مراعاة لمنظاـ العاـ او ارداب ،وذلؾ احتراماً لقرينة البراءة.
154
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
الذي يجري فيو التحقيؽ او المحاكمة في أي جريمة يعد عمنياً يجوز لمجميور بصفة عامة
ارتي اده بقدر ما يمكف أف يتسع لو المكاف بصورة مناسبة ومريحة ،غير اف رئيس الجمسة
ولغرض تنظيـ انعقاد الجمسة لو الحؽ في أية مرحمة مف مراحؿ التحقيؽ او المحاكمة وفي
أي قضية اف يمنع دخوؿ الجميور بصفة عامة او يمنع أي شخص مف الدخوؿ او يطمب
مف أي شخص مغادرة المكاف (.)87
ادلطهة انثاَ : ٙادلسؤٔنٛح اجلزائٛح يف انمإٌَ ادلمارٌ
سوؼ لف نطمؽ العناف لمفردات المسؤولية الجنائية في جؿ القوانيف المقارنة وىي
كثيرة ،إنما سنستعرض لقوانيف أثرت في القانوف العراقي وتركت بصمات واضحة عمى
مسارات نصوصو وتحديد رؤيتو ،فضبلً عف تأثير ىذه القوانيف عمى قوانيف المنطقة أيض ًا
كونيا أنموذجاً ناضجاً سائغاً بالنسبة ليذه الدوؿ وعمية فأف تركيزنا في ىذا الجانب يتعمؽ
بالقانونيف الفرنسي والمصري ،السيما اف ىذيف القانونيف بعكس القانوف اإلنكميزي
والسوداني يقرراف سرية التحقيؽ والمحاكمة.اف قرينة البراءة في االصؿ حؽ لكؿ إنساف
وذلؾ فأف المشرع الفرنسي والمشرع المصري عاقب عمى نشر اإلجراءات القضائية التي
تتضمف االعتداء عمى ىذه القرينة .يبد اف جوىر المسؤولية الجنائية الناجمة عف عدـ
احتراـ قرينة البراءة إنما يتمثؿ في العقاب عمى جريمة القذؼ ،عمى اعتبار اف النشر يمثؿ
واقعة تحمؿ اعتداء مباش اًر عمى السمعة والشرؼ او االعتبار .وىذا المسار كاف نيجاً
يسير عميو المشرع الفرنسي قبؿ صدور قانوف عاـ 4994المتعمؽ باحتراـ قرينة البراءة،
حيث كاف جريمة القذؼ تمثؿ حماية جنائية غير مباشرة لقرينة البراءة ،في حالة اإلببلغ
او النش او اإلذاعة اإلعبلمية او الصحفية عف جناية او ضجة ضد شخص متيـ بيا ولـ
تحسـ أدانتو عنيا بعد بموجب حكـ جنائي قضائي نيائي بات .ومف ىنا ،كاف يتوجب
عمى الصحفي او الشخص العادي عند قيامو بنشر أحدى الجرائـ اف يختار األلفاظ
المناسبة التي تمثؿ إدانة حقيقية لآلخريف ،سواء مف خبلؿ عدـ ذكر اسـ المتيـ او عدـ
التسرع في إصدار حكـ بإدانتو عف جريمة لـ يرتكبيا ولكف تضمنتو قائمة االتياـ لو.
وىذا أمر شائع في الفقو الفرنسي ،حيث يتطمب األمر مف الصحفييف استخداـ مفردات
لغوية تعبر عف معنى االتياـ دوف تحديد أشخاص بعينيـ ودوف التمميح الدقيؽ او
157
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
الوصؼ الدقيؽ الذي يفيـ المقصود منو والمعنى بو بصورة يسيرة تمقائية .وعمى عكس
ذلؾ ،فاف ألفاظ ًا معينة قد يستخدميا الصحفي وتتناوليا الصحؼ تتعارض مع قرينة
البراءة إال انو ال يمكف تقديـ شكوى عنيا بجريمة القذؼ ،وىو اتجاه ذىبت إليو محكمة
النقض الفرنسية في حكـ قالت فيو اف لفظ ( ))Soupconneال يصمح محبلً لمشكوى عف
جريمة قذؼ عمى الرغـ مف تعارضو مع قرينة البراءة بيد اف القانوف الفرنسي الجديد رقـ
( )546 – 7000الصادر في 45يونيو 7000الخاص بحماية قرينة البراءة وحقوؽ
المجني عمية ،تتضمف في الفصؿ الرابع مف الباب االوؿ منو نصوصاً مرتبطة بحماية
قرينة البراءة مف حاالت النشر ووسائؿ االتصاالت ونصوص تدعـ حقوؽ الضحية
(المتيـ) وحمايتو مف السب او مف نشر صورتو او مف نشرىا واظيار القيود واألغبلؿ في
يديو ،ومنع اإلشارة الى اسمو او الى جزء مف التحقيؽ معو او االعتداء عمى شرفة او
نحو ذلؾ ،بموجب المواد ( )99 -90منو التي فرضت عقوبات تتراوح بيف الحبس
والغرامة عمى مرتكبي ىذه الجرائـ ( .)88أما قانوف اإلجراءات الجنائية المصري فقد نص
صراحة في المادة ( .)75منو عمى اف إجراءات التحقيؽ ذاتيا والنتائج التي تسفر عنيا
مف األسرار ،ويجب عمى مف اطمع عمى ىذه األسرار كتمانيا واإلتعرض لمعقوبة عند
إفشائيا بقولو ((تعتبر إجراءات التحقيؽ ذاتيا والنتائج التي تسفر عنيا مف األسرار.
ويجب عمى قضاة التحقيؽ وأعضاء النيابة العامة ومساعدييـ مف كتاب وخبراء وغيرىـ
ممف يتصموف بالتحقيؽ او يحضرونو بسبب وظيفتيـ او مينتيـ عدـ إفشائيا ،ومف يخالؼ
ذلؾ منو يعاقب طبقاً لممادة( )440مف قانوف العقوبات)) ولقد خوؿ المشرع المصري
سمطة التحقيؽ تقرير حظر النشر في أي جريمة تكوف محبلً لمتحقيؽ ،متى قدرت اف في
ىذا الحظر حماية لمنظاـ العاـ وارداب العامة واظيار لمحقيقة .واشارة المشرع الى اعتبار
جوىري بشأف حظر أعماؿ التحقيقات الجنائية ،وىو (اصؿ البراءة) المفترض في المتيـ
حتى تثبت إدانتو بحكـ بات وذلؾ بموجب المادة ( )67مف الدستور المصري ،فقد ينتيي
التحقيؽ بأمر الحفظ وغمؽ الدعوى او بأف الوجو إلقامة الدعوى يصدر عف جية التحقيؽ
وقد تنتيي ،الدعوى بحكـ يصدر ببراءة المتيـ .فإذا أجاز نشر التحقيقات ،فأف ذلؾ يعد
انتياكاً لحؽ دستوري مقرر لممتيـ يتمثؿ في (اصؿ البراءة) المفترض فيو ،واساءة الى
154
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
سمعتو واعتباره عمى نحو يصعب معو محو ىذا الضرر فيما بعد ( .)89وذىب المشرع
المصري في قانوف تنظيـ الصحافة وقانوف العقوبات ابعد مف ذلؾ حيث انو لـ يكتفي
بمنع النشر الذي يتعارض مع قرينة براءة المتيـ او يؤثر عمى القضاة او المحقيقيف او
الشيود بما يضر بيذه القرينة ،إنما ىو أوجب النشر في الق اررات واألحكاـ الصادرة بحفظ
القضية او البراءة .ونحوىا مف الق اررات واألحكاـ التي تصدر في صالح المتيـ تعزي ًاز
واظيا اًر لقرينة براءة المتيـ ،حيث جاء في المادة ( )74مف قانوف تنظيـ الصحافة رقـ 96
لسنة 4996نفس ما ورد في حكـ المادة ( )487مف قانوف العقوبات المصري المعدلة
بالقانوف رقـ 95لسنة 4996بقوليا ((يحظر عمى الصحيفة تناوؿ ما تتواله سمطات
التحقيؽ او المحاكمة مما يؤثر عمى صالح التحقيؽ او المحاكمة او بما يؤثر عمى مراكز
مف يتناوليـ التحقيؽ او المحاكمة ،وتمزـ الصحيفة بنشر ق اررات النيابة العامة ومنطوؽ
األحكاـ التي تصدر في القضايا التي تتناوليا بالنشر اثناء التحقيؽ او المحاكمة وموجز
كاؼ لؤلسباب التي تقاـ عمييا ،وذلؾ كمو إذا صدر القرار بالحفظ او باف ألوجو إلقامة
الدعوى او صدر الحكـ بالبراءة)) وأضافت المادة ( )487عقوبات الى ذلؾ منع النشر
المذكور إذا كاف مف شانو التأثير عمى الشيود او التأثير عمى الرأي العاـ لمصمحة طرؼ
في الدعوى او التحقيؽ او ضده .كما تنص المادة ( 7/47و )4مف البلئحة التنفيذية
لقانوف تنظيـ الصحافة الصادرة بالقرار رقـ ( )40لسنة 4998عمى وجوب (االلتزاـ بعدـ
إبراز نشر أخبار الجريمة وأسماء وصور المتيميف او المحكوـ عمييـ عمى نحو يبرر
الجريمة او يشيد بمرتكبييا)) .وأراد المشرع مف كؿ ذلؾ الحيمولة دوف التأثير عمى سير
الدعوى في مرحمتي التحقيؽ والمحاكمة او اإلساءة الى المتيـ الذي مازاؿ مفترضاً فيو
((اصؿ البراءة)) .وحاوؿ حماية الجميور مف التأثير السيئ لنقؿ تفاصيؿ الجريمة او ذيوع
أساليب ارتكابيا ،وحماية المتيـ مف التشيير بو في مرحمة ال تكوف فييا حقيقة موقفو مف
االتياـ قد اتضحت ،وىو تشيير يناؿ مف قرينة البراءة ويصعب عمى المتيـ إزالة آثاره بعد
اف ذاعت التيمة الموجية إليو وعمقت باألذىاف ،و في الوقت الذي ال زاؿ فيو المتيـ مف
الناحية القانونية واإلنسانية والمنطقية بريئاً .األمر الذي يجعؿ الجميور يميؿ تمقائياً-
وبغير وجو حؽ – الى االعتقاد باف مصير المتيـ قد تحدد عمى نحو نيائي بمجرد توجيو
151
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
االتياـ إليو ،ويظؿ يعاممو عمى ىذا النحو حتى بعد إثبات براءتو .فأراد المشرع إبعاد
المتيـ عف إلصاؽ التيـ الباطمة بو بما ال يؤثر عمى سمعتو واعتباره افتراض براءتو نتيجة
الوصمة االجتماعية والنظرة السمبية ضده التي تفرز تشيي اًر بو وتمويثاً لسمعتو وتجريحاً
لكرامتو ونيبل مف مركز البراءة الذي رسمو القانوف لو كآثار غير مقبولة ضده (.)90
ادلثحث انثاَٙ
سزٚح انتحمٛك ٔادلسؤٔنٛح اجلزائٛح يف انمإٌَ انعزالٙ
نبسط في ىذا المبحث بكيفية تناوؿ قانوف اصوؿ المحاكمات الجزائية العراقي لمبدأ -
سرية التحقيؽ الذي يعد قاعدة عامة مف قواعد اجراءات التحقيؽ والمحاكمة وكيفية
تناوؿ الدستور العراقي ليذا المبدأ ولقرينة البراءة ،كما نكشؼ عف المسؤولية الجزائية
والعقوبات المترتبة عمى خرؽ ىذا المبدأ ،بواقع مطمبيف مستقميف.
155
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
156
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
والمرافعات والتحقيقات واالحكاـ الفاصمة او الق اررات غير الفاصمة والصور واالسماء
والمعمومات االخرى التي تسيء الى المتيـ في سمعتة واعتباره ومركزه االجتماعي
وتتعارض مع قرينة البراءة المقرر لو ،فذلؾ امر اخر قد اليسري عميو حكـ العبلنية الذي
ققرتو المادة انفاً .وباعتقادنا فأف عمى القاضي او المحكمة اف توزاف بيف مصمحتيف عند
اصدار قرارىا بسرية التحقيؽ او بالمحاكمة او بعمنيتيا ،بيف مصمحة المتيـ وحقة القانوني
األصيؿ في انو بريء االمر الذي يوجب االعتداؿ و الحرص في النظر اليو والتصرؼ
معو مف قبؿ المحكمة والجميور ،حيث يثبت عكس ذلؾ بأدانتو في نياية المحكمة
واصدار الحكـ حيث تظير المصمحة االخرى لمدولة والمجتمع في العقاب ونشر التفاصيؿ
التي تضمف ردع االخريف وتمنعيـ مف اقتراؼ الجريمة ذاتيا او غيرىا بتيد يدىـ وانذارىـ
بذات العقاب بمعنى الموازنة بيف القرينة القانوني ة التي تحمي الحرية الشخصية لممتيـ في
اف االصؿ في االنساف وفي المتيـ البراءة ،السيما واف الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ وبيف
القرينة الموضوعية التي تحمي المجتمع وحؽ الدولة في العقاب وفي التيديد بالعقاب وفي
اظيار حياديتيا في التحقيؽ وفي سبلمة اجراءاتيا .اما الدستور العراقي الحالي (النافذ)
والمنشور بجريدة الوقائع العراقية بعددىا ( )1047في 7005/47/78فقد اكتفى باالشارة
في البند (سابعاً) مف المادة ( )49منو الى القوؿ بأف ((جمسات المحاكـ عمنية اال اذا
قررت المحكمة جعميا سرية)) ،دوف االشارة الى سرية التحقيؽ االبتدائي ودوف االشارة الى
منع نشر االسماء والصور والتفاصيؿ المتعمقة بالتحقيؽ االبتدائي والتحقيؽ القضائي ،بيد
اننا نرى سرياف القواعد العامو التي اكدت عمى سرية التحقيؽ االبتدائي بالنسبة لمجميور
ومنع نشر تفاصيؿ التحقيقات والمحاكمات التي تتعارض مع قرينة براءة المتيـ ،السيما
تمؾ التفاصيؿ التي تسبؽ اصدار الحكـ باالدانة البات ضد المتيـ ،كوف ذلؾ ال يتعارض
مع نصوص الدستور وكونيا تتماشى مع روح النصوص الواردة في قانوف اصوؿ
المحاكمات الجزائية النافذ .خاصة واف الدستور العراقي النافذ اشار في البند (خامساً) مف
المادة المذكورة انف ًا الى ( اف المتيـ بريء حتى تثبت ادانتو في محاكمة قانونية
عادلة ).......واكثر مف ذلؾ ،اف المادة المذكورة قد اشارت في البند (تاسعاً وعاش اًر
وحادي عشر) منيا الى مبادىء أخرى تدعـ قرينة البراءة في كونيا االصؿ في المتيـ،
157
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
حيث قررت عدـ رجعية القوانيف الى الماضي ،وعدـ سرياف القانوف الجزائي بأثر رجعي
اال اذا كاف اصمح لممتيـ ،واف المحكمة تندب محامياً لمدفاع عف المتيـ بجناية او جنحة
لمف ليس لو محاـ يدافع عنو ،وعمى نفقة الدولة.
158
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
الصحؼ ،بؿ اف ىذه المادة ذىبت بعيداً في حماية قرينة البراءة عندما اقرت سرياف
احكاميا عمى اشخاص اخريف لـ تصؿ الييـ اسرار التحقيؽ بحكـ وظيفتيـ او مينتيـ
كالشيود اذا تـ تحذيرىـ مف قبؿ قاضي التحقيؽ او المحقؽ بوجوب الحفاظ عمى سرية
المعمومات التي وصمت الييـ بخصوص الجريمة او مرتكبيا ولزوـ عدـ افشائيا
(.)97
وببل شؾ فأف احكاـ ىذه المادة يسري عمى كؿ مف عمـ بأسرار التحقيؽ او
المحاكمة بحكـ وظيفتو او مينتو مف باب اولى .بيد اف المادة ( )147عقوبات عراقي
جاءت واضحة وتزيؿ كؿ الشكوؾ بقوليا ((يعاقب بالحبس مدة ال تزيد عمى سنتيف
وبغرامة ال تزيد عمى مائتي دينار او بأحدى ىاتيف العقوبتيف كؿ مف عمـ بحكـ وظيفتة او
مينتو او صناعتو او فنو او طبيعة عممة بسر فافشاه في غير االحواؿ المصرح بيا قانوناً
او استعممة لمنفعة شخص اخر.)......
وعمى ذلؾ ،فأف مف يقع عمى عاتقيـ التزاـ المحافظة عمى اسار التحقيؽ او
المحاكمة ىـ االشخاص الذيف وصؿ الييـ سر مف ىذه االسرار بحكـ المينة ،كالخبير
والطبيب والمحامي والقابمة ونحوىـ .فضبلً عف سرياف ىذا االلتزاـ عمى اطراؼ القضية
والشيود وكؿ مف لو صمة بالقضية ممف جرى تحذيرىـ مف قبؿ سمطة التحقيؽ او ىيئة
المحكمة او القاضي بوجوب المحافظة عمى سرية المعمومات التي حصموا عمييا او وردت
الى مسامعيـ عف الجريمة وفاعمييا ووجوب عدـ افشأئيا وال يسري ىذا المنع عمى افشاء
المعمومات التي تدور بيف المتيـ ومحامية فيما يخص عبلقتة بموكمة وفي نطاؽ الحدود
التي يستمزميا حؽ الدفاع ( .)94ويشار في سياؽ ىذه المسؤولية التي نيج المشرع
العراقي في قانوف العقوبات الذي خصص الفصؿ الثالث (لممسؤولية في جرائـ النشر)
حيث نص في المادة ( )84منو عمى أف ((( ...يعاقب رئيس تحرير الصحيفة بصفتو
فاعبلً لمجريمة التي ا رتكبت بواسطة صحيفتة واذ لـ يكف ثمة رئيس تحرير يعاقب المحرر
المسؤوؿ عف القسـ الذي يحصؿ فيو النشر ))).......واشارت المادة ( )81منو الى نيج
مشابة لمنيج المشرع المصري المشار اليو انفاً في مسألة معالجة االضرار الناجمة عف
النشر واالساءة لقرينة البراءة عف طريؽ استخداـ النشر ايضاً لبلحكاـ الصادرة ضد مف
159
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
ارتكب الجرائـ بحؽ المتيـ التي لـ تثبت ادانتو بعد ،حيث يمكف استنتاج ذلؾ مف قوؿ
المادة ( )81المذكور انو ( ....ويجوز لممحكمة ايض ًا اذا كانت الجريمة قدارتكبت بطريؽ
النشر في احدى الصحؼ اف تأمر بناء عمى طمب االدعاء العاـ او المجني عميو بنشر
حكـ او ممخصو في نفس الموضع مف الصحيفة المذكورة خبلؿ اجؿ تحدده فأف لـ
يحصؿ عوقب رئيس التحرير او المسؤوؿ عف النشر في حالة عدـ وجود رئيس تحرير
بغرامة ال تزيد عمى مائة الؼ دينار.)......
ادلثحث انثانث
ادلسؤٔنٛح اجلزائٛح عٍ جزميح انمذف عُد انُشز كصٕرج يُالعح الفرتاض
انرباءج
الراجح في تحديد مفيوـ القصد الجنائي في الفقو اف ((إرادة األذى)) ليست
عنص ار في القصد الجنائي لجريمة القذؼ .فأنصار نظرية اإلرادة في القصد يذىبوف الى
قياـ القصد في الجريمة القذؼ متى توافرت إرادة نشر الوقائع المشتممة عمى قذؼ في حؽ
الغير ،فيبدو القصد متضمناً في إرادة الفعؿ الضار بطبيعتو ،فميس بشرط اف تتجو نية
المتيـ الى حالة األضرار الفعمي بالمجني عميو ويكفي فحسب إنيا اتجيت الى األضرار
المحتمؿ بو في صورة إذاعة ونشر ما يمس شرؼ المتيـ وييبط بمكانتو االجتماعية
ويعرض سمعتو لؤلذى .وعميو يكفي القصد العاـ في القذؼ الستحقاؽ العقاب وال محؿ
الشتراط نية األضرار التي تعد مف الغايات والبواعث التي ال يعقد بيا القانوف ،اذ يترتب
عمى القذؼ حتماً وبمجرد وقوعو تعريض سمعة المجني عميو لؤلذى .أما أصحاب نظرية
العمـ فيقرروف تحقؽ القصد الجنائي في القذؼ ليس فقط بتوافر إرادة اإلسناد وارادة إضفاء
العبلنية والنشر عمى ىذا اإلسناد وانما أيضاً وفضبلً عمى ذلؾ عمـ الجاني بالطابع ألقذفي
لئلسناد ،واف ما نشره – لو كاف صادقاً – ألوجب عقاب المقذوؼ او احتقاره عند الناس
( .)91وىو منيج المشرع الجزائي العراقي حيث نص في المادة ( )144منو (فقرة )4 /
(( القذؼ ىو إسناد واقعة معينة الى الغير بإحدى طرؽ العبلنية مف شانيا لو صحت اف
توجب عقاب مف أسندت إليو او احتقاره عند أىؿ وطنو ،ويعاقب مف قذؼ غيره بالحبس
160
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
وبالغرامة او بإحدى ىاتيف العقوبتيف .واذا وقع القذؼ بطريؽ النشر في الصحؼ
والمطبوعات او بإحدى طرؽ األعبلـ االخرى عد ذلؾ ظرفاً مشدداً .)).....وأكثر مف
ذلؾ ،فقد عد المشرع العراقي مف يرمي غيره بما يخدش شرفو او اعتباره او يجرح شعوره
واف لـ يتضمف ذلؾ إسناد واقعة معينة ،جريمة سب يعاقب عمييا الجاني بالحبس مدة ال
تزيد عمى سنة وبغرامة ال تزيد عمى مائة دينار او بإحدى ىاتيف العقوبتيف بموجب حكـ
المادة ( ،)141كما لو نشر الجاني معمومات تسيء الى المتيـ قبؿ إصدار سمطة
التحقيؽ او المحكمة ق ار اًر او حكماً نيائي ًا بحقو ودوف إذف ىذه السمطات .وميما يكف
األمر ،فاف القصد الجنائي في جريمة القذؼ – وفقاً التجاه الفقو والقضاء السائد – ىو
مفترض ،ووجو االفتراض اف الشخص الذي يسند الى غيره وقائع تمس شرفو او اعتباره
يعمـ بالضرورة اف نشره ليا يصيبو بالضرر ،سواء كاف ىدفو أخبلقياً نبيبلً ،متى كانت
ىذه العبارات شائنة بذاتيا وجاءت بناء عمى وقائع او مصادر او معمومات غير مؤكدة
وغير ثابتة بحكـ القانوف او القضاء ،حيث اف قرينة سوء النية او قرينة توافر القصد في
جريمة القذؼ تعد مفترضو بمجرد إعبلف او نشر القاذؼ ما لـ يثبت ،عكسيا بدليؿ
قطعي عكسي .وعمى الرغـ مف إيماف القضاء المصري والفرنسي بقرينة توافر القصد
كونيا تساير قرينة افتراض البراءة بمف وجو القذؼ او السب إليو ،فاف قرينة القصد
تعرضت لنقد عنيؼ في فرنسا عمى يد الفقو.عمى أساس إنيا تؤدي الى قمب القاعدة
العامة في اإلثبات التي تقوـ عمى افتراض البراءة او حسف النية ( .)95حيث قيؿ اف
قرينة القصد تخالؼ قرينة البراءة المنصوص عمييا بالمادة ( )7/6مف االتفاقية األوربية
لحقوؽ االنساف ،السيما اف المحكمة األوربية لحقوؽ االنساف تشترط لمخالفة القرائف
المفروضة عمى المسؤولية كقرينة البراءة شرطيف ىما -:االوؿ ،توافر أسباب قوية،
والثاني ،إمكانية اإلثبات العكسي .والف ىذا اإلثبات يبدو مستحيبلً في ظؿ النظرية
التقميدية لمقصد الجنائي التي ال تعقد بالبواعث ،فاف ثمة مجاالً لمشؾ في األسباب التي
دعت الى فرضيا .واف التمسؾ بيذه القرينة دوف تحقيؽ القصد يخاطر بتحويؿ جريمة
القذؼ مف جريمة عمدية الى جريمة إىماؿ ،خاصة عندما يؤسس القضاء حكـ اإلدانة
الصادر ضد القاذؼ عمى تسرع او خفة او طيش ناشئ عف عدـ تحقيؽ مصادر اإلسناد
164
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
بدرجة كافية .لكف محكمة النقض الفرنسية مع ذلؾ ،قالت اف وضع قرينة القصد كاف
ضرورياً لحماية سمعة الغير وحقوقو واصؿ البراءة فيو المنصوص عمييا في المادة ()40
مف االتفاقية األوربية ( .)96ويرى جانب مف الفقو المصري انو عمى الرغـ مف صعوبة
تحديد الرابطة الذىنية بيف السموؾ والنتيجة في جريمة القذؼ ما يبرر عند البعض افتراض
القصد في جريمة القذؼ ،إال اف جريمة القذؼ باعتبارىا جريمة عمدية يتعيف فييا العمـ
وال يجوز اف يفترض فييا العمـ افتراضاً ألنو ليس عمماً بالقانوف ،إنما يجب اف يكوف عمماً
يقيني ًا تقضي بو أصوؿ المحاكمة العادلة ومبادئ األنصاؼ فييا التي قرنيا المشرع
الدستوري ((بضمانتيف تعتبراف مف مقوماتيا وتندرجاف تحت مفيوميا ،ىما افتراض البراءة
مف ناحية ،وحؽ الدفاع لدحض االتياـ الجنائي مف ناحية أخرى)) .والحؽ اف مقتضى
قرينة القصد ا ف تتحرر سمطة التحقيؽ والمحاكمة او المدعي بالحؽ المدني مف عبء
اإلثبات والقاء تبعة نفيو عمى عاتؽ المتيـ ( .)97أما في المجاؿ الصحفي ،فانو إذا تبيف
صحة الخبر وقت نشره ،فاف الصحفي يفمت مف المسؤولية الجنائية مع افتراض العناصر
االخرى الضرورية في إثبات حسف النية ،ومع ذلؾ قد يسأؿ الصحفي مدنياً بالرغـ مف
صحة الخبر ،ليس ألنو ارتكب إثماً يستوجب مسؤولية جنائية ،وانما الرتكابو خطأ يسأؿ
عنو مدنياً ،ماداـ القانوف ال يعاقب عمى جريمة القذؼ بوصؼ الخطأ ،وذلؾ في الحاالت
التي كاف يتعيف عميو فييا اف ينتظر حتى يصبح الخبر حقيقة مؤكدة ،اذ اف تسرعو في
نشر الخبر يعد انحرافاً عف السموؾ المألوؼ لمشخص المعتاد ،وعادة ما يحصؿ ذلؾ في
نشر أخبار الجرائـ .والواقع ،انو ميما قيؿ في أىمية نشر األخبار المتعمقة بالجرائـ ،سواء
بالنسبة لتحقيؽ العدالة اـ بالنسبة لحؽ الجميور في اإلطبلع عمى المعمومات وحقو في
المعرفة ،أو بالنسبة لحؽ الصحفي في أداء واجبو الميني خاصة في ما يتعمؽ بحقو في
اإلطبلع عمى المعمومات وسرعة نشر الخبر ،فاف ىذه.الحقوؽ وتمؾ االىمية تنطوي عمييا
ىذه الحقوؽ تتضاءؿ في قياس ومواجية ارثار االجتماعية المدمرة التي تترتب عمى
تمويث شرؼ االبرياء مع اعتبار انو ال توجد مصمحة حقيقية يمكف اف يجنييا المجتمع مف
وراء اتيامات لـ يفصؿ فييا بعد ،بينما ىناؾ ضرر حقيقي يتمثؿ في االعتداء عمى شرؼ
االفراد وسمعتيـ ،واالعتداء عمى قرينة دستورية قانونية تتمثؿ في اف االصؿ في المتيـ
167
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
البراءة حتى تثبت ادانتو بأدلة يقينية كافية وبحكـ قضائي نيائي بات( .)98ولذلؾ قضي
بأنة (( ولئف جاز لمصحؼ وىي تمارس رسالتيا بحرية في خدمة المجتمع – تناوؿ القضايا
بالنشر في مرحمة التحقيؽ االبتدائي بأعتبارىا مف االحداث العامة التي تيـ الرأي العاـ اال
اف ذلؾ ليس بالفعؿ المباح عمى اطبلقة....لما كاف ذلؾ ػ وكاف الواقع في الدعوى اف
الصحفية التي يمثميا المطعوف عميو نشرت ماتناولو التحقيؽ االبتدائي – في مرحمة مف
مراحمة ػ عف توجية االتياـ لطاعنيف معروفيف بأسمييما واالفراج عنيما بضماف مالي
وذلؾ قبؿ اف يتحدد موقفيما بصفة نيائية مف ىذه التحقيقات الجنائية ودوف تريث لحيف
التصرؼ النيائي فييا واف الطاعنيف استندا في دعواىما عمى اف نشر ىذا الخبر عمى
ىذه الصورة وبيذا التسرع تضمف مساساً بسمعتيما ،وكاف المراء في اف المساس بالشرؼ
والسمعة عمى ىنا النحو -متى تثبت عناصره – ىو ضرب مف ضروب الخطاء الموجب
لممسؤولية ال يشترط فيو اف يكوف المعتدي سيء النية بؿ يكفي اف يكوف متسرعاً اذ في
التسرع انحراؼ في السموؾ المألوؼ لمشخص المعتاد وىما ما يتوفر بو ىذا الخطاء ىذا
الى اف سوء النية ليس شرطاً في المسؤولية التقصيرية كما ػ ىو شرط في المسؤولية
الجنائية فأف الحكـ المطعوف فيو اذ لـ يمتزـ ىذا النظر واقاـ قضاءه برفض الدعوى يكوف
ال
قد اخطاء في تطبيؽ القانوف وقد حجبة ىذا الخطاء عف تناوؿ موضوع الدعوى تناو ً
صحيحاً واستظيار قياـ التسرع وعدـ التريث في نشر الخبر المتعمؽ باتياـ الطاعنيف
معرفيف باسمييما واثر ذلؾ عمى قياـ ركف الخطاء المستوجب لمحكـ بالتعويض او انتفائة
( .)99وال شؾ ،اف النقد المباح المستند عمى حسف النيو في ابداء الرأي في التصرؼ
دوف المساس مباشرة بشخص صاحبو والنقد المنصب عمى العمؿ ذاتو دوف اف ينسب اليو
او بياف اسمة او تفاصيؿ ىويتو ،يعد مباح ًا اذ ال يرقى النقد ىنا الى حد القفذ والسب
المناقض لق رينة البراءة والمفضي الى االساءة لمسمعة والتجريح واصدار االحكاـ المسبقة
دوف سند قانوني او قضائي واف النقد المباح اذا يجب اف يصدر بحسف نيو بأف تكوف
الواقعة محؿ النقد صحيحة مؤكدة واف يكوف ليا اىمية اجتماعية ىادفة وضرورة اف
ينصب الرأي او التعميؽ عمى الواقعة او العمؿ مثار النقد وليس عمى صاحبة ،واف ال
يجوز الرأي ضرورة الحكـ او التقدير لمواقعة ،واف يصاغ الرأي او التعميؽ في عبارة
164
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
مناسبة دوف اثارة او نفور او استيجاف مما يميب الحماس ويحض عمى اعماؿ ضارة او
الصاؽ التيـ او توجيو الرأي بأتجاة معيف ضار ،ويشترط ايضاً اف يكوف الرأي او التعميؽ
مستنداً الى الواقعة دوف غيرىا(.)400
اخلامتـح
أوالً -:خالصة أفكار البحث
بعد أف وضع البحث أو ازره وتيادت بيف ثناياه أفكاره ،حرياً بنا استعراض البحث
بصورة وجيزة ،وندع النتائج الختامية ،وصفوة المقترحات في فقرات الحقة .وىكذا ،فقد
كشؼ البحث في الفصؿ االوؿ عف ماىية قرينة البراءة التي تمثؿ أصبلً لئلنساف وحق ًا
لممتيـ وافتراضاً لمقاضي .حيث اف معنى ىذه القرينة يكمف في اف االصؿ في المتيـ
البراءة مف التيمة المسندة إليو حتى تثبت إدانتو بصورة جازمة وبحكـ قضائي نيائي.
األمر الذي يتعيف فيو عمى السمطات المنفذة او المطبقة لمقانوف والجيات اإلعبلمية
والصحفية احتراميا ومراعاتيا .وكشفنا األساس القانوني لمسألة الحؽ في احتراـ ىذه
القرينة الذي وجدناه يتمؿ في الحرية الشخصية وما يتصؿ بيا مف حقوؽ االنساف المكفولة
بإعبلنات حقوؽ االنساف والمواثيؽ الدولية والدستورية أما دور القاضي في ضماف احتراـ
قرينة البراءة فيتمثؿ في عقد الموازنة المتكافئة بيف حؽ الفرد وحؽ المجتمع في وجوب
البحث عف أدلة البراءة واإلدانة معا ،وتوفير فرص متعادلة متبادلة لبلتياـ والدفاع معاً
لبموغ الحقيقة ،ومراعاة اف المجتمع يقبؿ بالشؾ في البراءة وافبلت المتيـ ،وال يقبؿ بالشؾ
في اإلدانة وعقاب المتيـ ،وال يحكـ القاضي بترجيح األدلة او رجحانيا بؿ يحكـ بثبوت
األدلة ويقينيا .اف اصؿ قرينة البراءة البعيد يعود الى القاعدة المدنية المشيورة اف
((االصؿ براءة الذمة)) والقاعدة الشرعية المشيورة اف (اليقيف ال يزوؿ بالشؾ) ويعود
أصميا القريب الى نص المادة (التاسعة) مف إعبلنات حقوؽ االنساف بقوليا (كؿ إنساف
بريء حتى تثبت إدانتو) والمادة (الحادية عشر) مف اإلعبلف العالمي لحقوؽ االنساف
بقوليا ((كؿ شخص متيـ بجريمة يفترض براءتو حتى تثبت إدانتو قانوناً بحكـ قضائي
وبمحاكمة عمنية تؤمف لو فييا كؿ الضمانات الضرورية لمدفاع عنو)) .ولو إلفينا الفصؿ
161
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
الثاني مف البحث لوجدناه يعرض لآلثار القانونية المترتبة عمى قرينة البراءة ،ومف أثارىا
اف عبء اإلثبات ال يتحممو المتيـ بؿ تتحممو جيات التحقيؽ والمحاكمة ،ألف البينة عمى
مف أدعى ،ومف يدعي خبلؼ األصؿ في األنساف وىو (البراءة) فعميو أثبات أدعائو ،وال
يطالب المتيـ بأثبات ىذا األصؿ ،ألف ذلؾ يجافي طبائع األشياء ويخالؼ
المنط .ولؤلطراؼ الدعوى الحرية الكاممة في تحري السبؿ في أثبات دعواىـ .ومف ارثار
الميمة االخرى لقرينة البراءة ،المتمثمة بوسائؿ الحفاظ عمى سرية التحقيؽ والمسؤولية
الجزائية المترتبة عمى خرقيا حيث يحظر المشرع الفرنسي مثبلً عمى الجميور حظور
التحقيؽ والمحاكمة ويحظر نشر وقائع التحقيؽ بينما امتد الخطر في القانوف المصري
ليشمؿ كافة التحقيقات الجنائية القائمة والنتائج التي تسفر عنيا .وعمى نيج مقارب سار
المشرع العراقي .بينما ذىبت قوانيف أخرى الى عكس ذلؾ كالقانوف اإلنكميزي والسوداني
كما .ذىبت بعض القوانيف ومنيا العراقي والفرنسي الى حماية ىذه القرينة بصورة غير
مباشرة عف طريؽ تجريـ فعؿ السب وفعؿ القذؼ الصادر نتيجة اإلببلغ او النشر او
اإلذاعة اإلعبلمية او ال صحفية عف جناية او جنحة ضد مف اتيـ بيا ولـ تحسـ إدانتو
عنيا بحكـ جنائي قضائي نيائي وبؿ اف المسؤولية تذىب ابعد مف ذلؾ فتطاؿ كؿ نشر
اعتداء
ً او إذاعة ألسـ المتيـ او صورتو او جزء مف التحقيؽ معو يعد نيبلً مف كرامتو او
عمى شرفة وسمعتو.
165
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
النياية تتفؽ مع حقوؽ االنساف وألطراؼ الدعوى حرية اإلثبات الجنائي بكافة الطرؽ
القانونية.
-4قرينة البراءة توجب اإلفراج عف المتيـ واخبلء سبيمو حاؿ الحكـ ببراءتو حتى ولو وقع
التمييز عمى الحكـ ،وتوجب عند تميز الحكـ اف ال يضار الطاعف بطعنة ،واف
الطعف باإلحكاـ يقع عمى األحكاـ الصادرة بالعقوبة دوف البراءة .وبناء عمى ىذه
القرينة يجوز بناء البراءة عمى دليؿ مشكوؾ فيو او دليؿ غير مشروع خبلفاً لئلدانة
التي ال يجوز اف يستمد القاضي اقتناعو بيا إال مف دليؿ يقيني مشروع.
-1اف حرية المحكمة او القاضي في بناء القناعة القضائية مرىوف ومشروط بمراعاة
قرينة البراءة وتفسير الشؾ لصالح المتيـ ،ومقيد بقواعد جنائية في اإلثبات تصب في
مجرى وخدمة ىذه القرينة ،مثؿ قاعدة عدـ جواز بناء القناعة عمى قرينة واحدة
واستدالؿ واحد ،ووجوب بنائيا عمى أدلة مستساغة عقبلً ومنطقاً عرضت في الجمسة
وتمت مناقشتيا ،ووجوب تسبيب القاضي لحكمو ،وغيرىا.
-5اف كؿ ما يسيء الى قرينة الب راءة ويسيء الى سمعة المتيـ والى موقفو في الدعوى
ويؤثر عمى الرأي العاـ قبؿ صدور الحكـ القضائي النيائي يعد جريمة يعاقب عمييا
القانوف مثؿ إعبلف او نشر وقائع التحقيقات والمحاكمات باألسماء والصور
والتفاصيؿ او إذاعتيا بوسائؿ األعبلـ المختمفة دوف إذف المحكمة.
-6اف الدليؿ الذي يدحض قرينة البراءة ويثبت عكسيا ليس دائماً دليبلً يقيناً مطمقاً ،اذ
اف مف العسير الوصوؿ الى اليقيف المطمؽ في اإلثبات الجنائي بوجو عاـ .حيث اف
األدلة في حقيقتيا ال تقدـ أكثر مف الفرض الراجح ،فميس ىناؾ يقيف مطمؽ خارج
عمـ الرياضيات .ومف ثـ ال يمكف بموغ الحقيقة المطمقة ،فالترجيح ماىو إال سبيؿ نحو
اليقيف ،وىو سبيؿ غير أكيد ،الف الحقيقة ليست دائماً فرضية راجحة ،الف الحقيقة
القضائية تبقى نسبية وقابمة لمتغير مف وجية نظر النقد العممي .وعمى ذلؾ ،ال يمكف
لمقاضي او المحكمة االحتجاج بيذه القرينة إذا كاف في الدعوى ولو دليؿ إدانة واحد
قاطع لـ تستطع المحكمة او القاضي تبينو لعدـ فحص األدلة فحصاً دقيقاً.
166
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
-7جعؿ المشرع الجنائي العراقي في المادة ( )57أصوؿ جزائية التحقيؽ سرياً عمى
الجميور ،وحظر تزويد صور األوراؽ التحقيقية لغير أطراؼ الدعوى وبموافقة
القاضي احتراماً لسرية التحقيؽ وقرينة البراءة .كما حظرت المادة ( )746عقوبات
عراقي أفشاء أسرار التحقيؽ االبتدائي او القضائي إذا كانت المحاكمة سرية في
الحاالت التي نصت عمييا المادة ( )457أصوؿ جزائية – وكذلؾ حظرت المادة
( )147عقوبات عمى كؿ مف عمـ بحكـ مينتو او وظيفتو او صناعتو او فنو او
طبيعة عممو كالشيود او القضاة والكتبة بخصوص أسرار التحقيؽ او المحاكمة
فأفشاه في غير األحواؿ المصرح بيا قانوناً كما ذىبت المادة ( )141عقوبات ابعد
مف ذلؾ في حماية قرينة البراءة ،حيث جاءت بنص عاـ اعتبرت فيو مف يرمي غيره
بما يخدش شرفو او يجرح شعوره جريمة سب ،كما في نشر معمومات غير مؤكدة
وغير ثابتة عف التحقيؽ او المحاكمة ،وتشدد العقوبة اذا كاف النشر في الصحؼ او
المطبوعات او بإحدى طرؽ األعبلـ.
167
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
األسئمة بما يفيد اإلدانة والبراءة معاً اذ ال يجوز االعتقاد المسبؽ بإدانة المتيـ
قبؿ التحقيؽ والتصرؼ عمى أساس ذلؾ ،واف كاف ذلؾ بغير قصد.
اذلٕايش
( )4د .محم ػػود نجيػ ػب حس ػػني /ش ػػرح ق ػػانوف اإلجػ ػراءات الجنائي ػػة ،ط ،7مطبع ػػة جامع ػػة الق ػػاىرة
والكتاب الجامعي ،4988ص 177وما بعدىا.
( )7د .احم ػػد فتح ػػي س ػػرور /الش ػػرعية واإلجػ ػراءات الجنائي ػػة ،دار النيض ػػة العربي ػػة ،4977ص
471
( )4د .احمػػد فتحػػي سػػرور /الشػػرعية الدسػػتورية وحقػػوؽ االنسػػاف ،دار النيضػػة العربيػػة،4994 ،
ص .478
( )1نقبلً عف د .خالد رمضاف عبد ألعاؿ /المسؤولية الجنائية في جرائـ الصحافة ،رسالة دكتوراه
/كمية الحقوؽ جامعة حمواف ،7007 ،ص 544
( )5د .احمد إدريس احمد /افتػراض بػراءة المػتيـ ،رسػالة دكتػوراه /كميػة الحقػوؽ جامعػة القػاىرة،
(4981ص )64حيث يتفؽ مع الرأي األوؿ الذي ذىبنا الى تأييده.
ولئلطبلع عمى المزيد مف أوجو النقد الموجية الى افتراض براءة المتيـ مف قبؿ أنصػار المدرسػة
الوضعية في أواخر القرف 49/مف أف ىذا االفتراض لـ يميز بيف فئات المجرميف وأنيػا تمػنح
المج ػرميف حصػػانة تمحػػؽ ضػػررا" كبي ػرا" بااالمجتمع وادعائهااا إن الخباارة العمميااة أثبتاات عاادم
صواب هذا االفتراض الن معظم المتهمين يدانون في النهاية :انظر د .احمد فتحاي سارور
/القانون الجنائي الدستوري ص 272وما بعدها.
( )6د .احم ػػد فتح ػػي س ػػرور /الش ػػرعية الدس ػػتورية لمحق ػػوؽ والحري ػػات ،ط 4دار الش ػػرؽ4999 ،
ص544
( )7د .السيد محمد حسف شريؼ /النظرية العامة ألثبات الجنػائي ،دار النيضػة العربيػة ،7007
ص .115وذكره .د .مدحت محمد سعد الديف /نظرية الدفوع فػي قػانوف اإلجػراءات الجنائيػة.
ط 7004 ،7ص60
( )8د .احمػػد فتحػػي سػػرور /القػػانوف الجنػػائي الدسػػتوري ،ط ،7دار الشػػروؽ ،القػػاىرة ،7007ص
774وينظػ ػػر :د .جػ ػػبلؿ ثػ ػػروت /أصػ ػػوؿ المحاكمػ ػػات الجزائيػ ػػة ،القاعػ ػػدة اإلجرائيػ ػػة ،الػ ػػدار
الجامعية ،4994 ،ص 704
168
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
169
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
( )71محمػد بػػف عمػي بػػف محمػد الشػػوكاني /نيػؿ االوطػػار شػرح منتفػػى األخبػار مػػف أحاديػث سػػيد
األخبار ،ج ،8مطبعة الحمبي ،مصر ،4954 ،ص 788
( )75السيد محمد حسف شريؼ /المصدر السابؽ ،ص 490وص .497وينظر في ذات السياؽ
:اإلماـ شمس الديف محمد بف أبي بكر بف قيـ الجوزية /إعبلـ المػوقعيف عػف رب العػالميف،
تحقيؽ وتعميؽ عصاـ الديف الصبابطي ،ج ،4ط ،4دار الحديث ،القاىرة ،4994 ،ص 790
( )76د.س ػػميـ إبػ ػراىيـ حرب ػػة /محاضػ ػرات غي ػػر مطبوع ػػة ،م ػػادة لطمب ػػة الماجس ػػتير ف ػػي اإلثب ػػات
الجنائي ،كمية القانوف جامعة بغداد .4996
( )77د .خالد رمضاف /المصدر السابؽ ،ص 546وما بعدىا
( )78المصدر والموضع السابؽ
( )79المصدر السابؽ /ص547
( )40د .نوفؿ عمي عبد اهلل /قرينة البراءة في القانوف الجنػائي ،بحػث منشػور فػي مجمػة ال ارفػديف
لمحقػ ػػوؽ ،تصػ ػػدرىا كميػ ػػة القػ ػػانوف ،مجمػ ػػد ،8العػ ػػدد ،40سػ ػػنة ( ،7006 )44ص 459ومػ ػػا
بعدىا.
( )44نوفؿ عمي عبد اهلل /المصدر السابؽ ،ص460
( )47خالد رمضاف /المصدر السابؽ ،ص 547وما بعدىا.
( )44د .خالد رمضاف /المصدر السابؽ ،ص545
( )41د .ري ػػاض ش ػػمس /حري ػػة الػ ػرأي وجػ ػرائـ الص ػػحافة والنش ػػر ،ج 4و ،7مطبع ػػة دار الكت ػػب
المصرية ،4971 ،ص 74-71
( )45د .نوفؿ عمي عبػد اهلل /المصػدر السػابؽ ،ص ،467-461لمعرفػة المزيػد مػف ارراء التػي
قبمػػت فػػي محاولػػة بعػػض الفقيػػاء نفػػي صػػفة القرينػػة القانونيػػة عػػف قرينػػة الب ػراءة وارراء التػػي
دحظت ىذه االدعاءات
( )46مجموعة أحكاـ المحكمة الدستورية العميا/ج ،7القاىرة ،4995 ،ص87
( -)47د .محمود نجيب حسيني /المصدر السابؽ ،ص171
( )48المصدر والموضوع السابؽ.
( )49د.سميـ إبراىيـ حربة /المحاضرات ،المصدر الموضوع السابؽ
( )10د .احمد فتحي سرور /القانوف الجنائي الدستوري ،المصدر السابؽ ،ص 789وذكره السيد
محمد حسف شريؼ ،المصدر السابؽ ص 161وما بعدىا
170
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
( )14السيد /محمد حسف شريؼ ،المصدر السابؽ ،ص 169وما بعدىا
( )17د .السػػيد محمػػد حسػػف ش ػريؼ /المصػػدر السػػابؽ ،ص ،169وينظػػر فػػي ذلػػؾ :د .محمػػد
زكي أبو عامر /المصدر السابؽ ،ص 19
( )14انظ ػػر المػ ػواد 440(:و / 754ج) أص ػػوؿ جزائي ػػة ع ارق ػػي ،والمػ ػواد ( 165و )4 / 147
إجراءات جنائية مصري
( )11د .محمود نجيب حسني /المصدر السابؽ ،ص ،175وما بعدىا.
( )15المصدر السابؽ /ص .176
( )16يشػػار فػػي ىػػذا الصػػدد اف ىنػػاؾ أثػػار أخػػرى تترتػػب عمػػى افت ػراض ب ػراءة المػػتيـ وردت فػػي
ميػداف اإلثبػات الجنػػائي ،مػثبل" فػػي حالػة الشػػروع إذا كػاف البػدء بالتنفيػػذ ينطبػؽ عمػػى أكثػر مػػف
جريمػػة كػػؿ منيػػا ذات جسػػامة مختمفػػة ،فأنػػة يفتػػرض بػػأف المػػتيـ أراد ارتكػػاب اقػػؿ ىػػذه الجػرائـ
جسػامة مػالـ يقػيـ الػػد ليػؿ عمػى عكػس ذلػػؾ .وفػي بعػض الػنظـ كالقػػانوف اإلنكميػزي يمنػع عمػػى
المػػدعي المػػدني ممارسػػة حػػؽ االدعػػاء المباشػػر إمػػاـ القضػػاء الجنػػائي .ومػػف جيػػة أخػػرى فػػاف
المشرع الجنائي قصر الطعف في األحكاـ الجنائية عمى األحكاـ الصادرة باإلدانة دوف غيرىا.
ولممزيد في تفصيؿ ىذه ارثار ينظر .-:د .محمد زكي أبو عامر /المصدر السابؽ ص56
– .58
( -)17د .محمود نجيب حسني /المصدر السابؽ ،ص 148وما بعدىا
( –)18د .سميـ إبراىيـ حربة /المحاضرات ،المصدر والموضع السابؽ.
(.– )19د .سػػعيد حسػػب اهلل عبػػد اهلل /شػػرح قػػانوف أصػػوؿ المحاكمػػات الجزائيػػة ،ط ،7دار ابػػف
األثير لمطباعة والنشر ،لموصؿ ،7005 ،ص 47وما بعدىا.
( .-)50د .محمد فػالح حسػف /مشػروعية اسػتخداـ الوسػائؿ الحديثػة فػي اإلثبػات الجنػائي ،مطبعػة
الشػػرطة ،بغػػداد ،4987 ،ص .70وينظػػر .-:د .سػػامي النص ػراوي /المصػػدر السػػابؽ ،ص
.445
(.-)54د .ىبللػػي عبػػد ألػػبله احمػػد /النظريػػة العامػػة لئلثبػػات الجنػػائي ،المجمػػد ،7 /دار النيضػػة
العربي ػػة القػ ػػاىرة ،ص 718وم ػػا بعػ ػػدىا .وينظػ ػػر د .احمػ ػػد فتحػ ػػي سػػػرور /القػ ػػانوف الجنػ ػػائي
الدستوري ،المصدر السابؽ ص 797وما بعدىا
(.– )57د .أبػػو العػػبل عم ػػي أبػػو العػػبل النمػػر /الجديػػد فػػي اإلثبػػات الجنػػائي ،ط ،7دار النيضػػة
العربيػػة ،7000 ،ص 717وينظػػر :د .ىبللػػي عبػػد ألػػبله /المصػػدر السػػابؽ ،ص 787ومػػا
174
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
بعػػدىا .وكػػذلؾ :د .معػػوض عبػػد التػواب /الػػدفوع الجنائيػػة ،ط ،4دار المطبوعػػات الجامعيػػة،
اإلسكندرية ،4996 ،ص.484
(.-)54د.نوفؿ عمي عبد اهلل/المصدر السابؽ ،ص478وما بعدىا
( _)51المصدر والموضع السابؽ نفسو.
( _)55المصدر والموضع السابؽ نفسو
( .-)56د .فاضؿ زيداف ،المصدر السابؽ ،ص.408-95
( .-)57تنظر لممادة ( )744اصوؿ محاكمات جزائية عراقي.
) .-)58د.سعيد حسب اهلل -المصدر السابؽ ،ص.479-475
( -)59محمد بف ابػي بكػر بػف عبػد القػادر الػرازي – مختػار الصػحاح ،ط ،4دار الكتػاب العربػي،
بيروت -لبناف 4967 ،ص 154وما بعدىا .ولمعرفة المزيد تنظر ص.91-77
( -)60ابو ىبلؿ العسػكري – الفػروؽ فػي المغػة ،تحقيػؽ لجنػة احيػاء التػراث العربػي ،دار االفػاؽ
الجديدة ،بيروت ص74
( )64د .نظمػػة الجبػػوري – نصػػوص المصػػطمح الصػػوفي فػػي االسػػبلـ ،مطبعػػة اليرمػػوؾ ،بغػػداد،
،4999ص 474-444ومػػا بع ػػدىا .ولممزي ػػد ينظػػر.د عب ػػد ال ػػرزاؽ احم ػػد الحربػػي – م ارح ػػؿ
الفكر االسبلمي ،مكتب الخطيب ،بغداد ،7007 ،ص.48
( )67د .محمد محمود رحيـ الكبيسي /نظريػة العمػـ عنػد الغ ازلػي ،ط ،4طبػع ونشػر بيػت الحكمػة،
بغداد ،7007ص.48
( )64الش ػػي .محم ػػد رض ػػا المظف ػػر /المنط ػػؽ ،ط ،1مطبع ػػة حس ػػاـ ،بغ ػػداد 4987ص 47وم ػػا
بعدىا.
( -)61د.ىبللي عبد اهلل احمد /المصدر السابؽ ،ص.674
( -)65د .إيم ػػاف محم ػػد عم ػػي الج ػػابري /يق ػػيف القاض ػػي الجن ػػائي ،منش ػػأ المع ػػارؼ ،اإلس ػػكندرية،
،7005ص794
( -)66المصدر السابؽ /ص 414وما بعدىا.
(.-)67د .ياسػر باسػػـ ذ نػوف /نظريػػة الرجيػاف وتطبيقيػػا فػي أدلػػة اإلثبػات المػػدني ،رسػالة دكتػػوراه
الحقوؽ جامعة النيريف ،7004 ،ص.55
(.-)68د.ابراىيـ ابراىيـ الغماس/الشيادة كد ليؿ اثبات في المػواد الجنائيػة ،عػالـ الكتػب ،القػاىرة،
،4980ص616
177
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
(.-)69د.ىبللي عبد االه احمد /الحقيقة بيف الفمسفة العامػة واألسػبلمية وفمسػفة األثبػات الجنػائي،
ط ،7دار النيضة العربية ص .677
(.-)70د.إيماف محمد عمي الجابري/المصدر السابؽ ،ص416وما بعدىا
( .-)74المصدر السابؽ/ص410وما بعدىا
(.-)77قرار رقـ /447ىيئػة عامػة87/بتػاري .4987/40/1ذكره:د.نوفػؿ عمػي عبػد اهلل/المصػدر
السابؽ ،ص.487
( .-)74د .سميـ إبراىيـ حربة /المحاضرات ،المصدر والموضع السابؽ
( - )71أبو ىبلؿ العسكري /المصدر السابؽ ،ص 90وما بعدىا
( -)75الرازي /المصدر السابؽ ،ص 411
( .-)76د .جميػػؿ صػػميبا /المعجػػـ الفمسػػفي باأللفػػاظ العربيػػة والفرنسػػية واإلنكميزيػػة والبلتينيػػة ،ج
،4دار الكتاب الجامعي بيروت ،4978 ،ص 705
( .-)77د .فتح اهلل خميؼ /المدخؿ الػى الفمسػفة ،دار الجامعػات المصػرية اإلسػكندرية،4987 ،
ص 107
( .-)78د .محمد محمود رحيـ الكبيسي /المصدر السابؽ ،ص 14و ص 14وما بعدىا
( .-)79د .جػػبلؿ ثػػروت /نظريػػة الجريمػػة متعديػػة القصػػد فػػي القػػانوف المصػػري والمقػػارف ،دار
المعارؼ ،مطبعة معيد دوف بوسكو اإلسكندرية ،ص 749وما بعدىا
( )80القاض ػػي .فري ػػد الزغب ػػي /الموس ػػوعة الجزائي ػػة ،المجم ػػد الثال ػػث ،ط ،4دار صػ ػادر لمطباع ػػة
والنشر ،بيروت ،4995.ص477
( )84د .محمود نجيب حسيني /شرح قانوف االجراءات الجنائية ،المصدر السابؽ ،ص.177
( )87د .ايماف محمد عمي الجابري /المصدر السابؽ ،ص.411
( )84د.سميـ حربة /المحاضرات /المصدر والموضع السابؽ
( )81د .محمػػود محمػػود مصػػطفى /شػػرح ق ػانوف العقوبػػات ،القسػػـ العػػاـ ،مطبعػػة جامعػػة القػػاىرة
-4984/ص.4
( .-)85د .خالد رمضاف عبد العاؿ /المصدر السابؽ – ص.510
(.-)86د.حسف صادؽ المرصفاوي /المرصفاوي في أصوؿ األجراءات الجنائية/منشػأة المعػارؼ-
األسكندرية -4987ص454
174
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
ادلصادر
المصادر بالمغة العربية
171
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
175
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
د .نظمة الجبوري /نصوص المصطمح الصوفي في االسبلـ ،مطبعة اليرموؾ، -44
بغداد.4999 ،
د .ىبللي عبد االلو احمد /الحقيقية بيف الفمسفة العامة واالسبلمية وفمسفة -41
االثبات الجنائي ،ط ،7دار النيضة العربية.
176
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
تشريف األوؿ ()7007 العدد ()9 المجمد ()41
د.ايماف محمد عمي الجابري /يقيف القاضي الجنائي ،منشاة المعارؼ، -71
االسكندرية.7005 ،
د .جبلؿ ثروت /نظرية الجريمة متعدية القصد في القانوف المصري والمقارف، -75
دار المعارؼ ،مطبعة معيد دوف بوسكو ،االسكندرية
د .حس صادؽ المرصفاوي ،المرصفاوي /في اصوؿ اإلجراءات الجنائية ،منشاة -76
المعارؼ ،االسكندرية .4987 /
د .خالد رمضاف عبد العاؿ /المسؤولية الجنائية في جرائـ االصحافة ،رسالة -77
دكتوراة ،كمية الحقوؽ ،جامعة حمواف.7007 ،
د .رياض شمس /حرية الرأي وجرائـ الصحافة والنشر ،ج ،4ج ،7مطبعة الكتب -78
المصرية.4971 ،
د .سامي النصراوي /دراسة في اصوؿ المحكامات الجنائية ،ج ،4مطبعة دار -79
السبلـ ،بغداد.4986 ،
د .سعيد حسب اهلل عبد اهلل /شرح قانوف اصوؿ المحاكمات الجزائية ،ط ،7دار -40
ابف االثير لمطباعة والنشر ،الموصؿ.7005 ،
د .سميـ ابراىيـ حربة /محاضرات غير مطبوعة القيت عمى طمبة الماجستير في -44
القانوف في موضوع االثبات الجنائي ،كمية القانوف ،جامعة بغداد.4996 ،
د .عبد االمير العكيمي ،و د .سميـ حربة /شرح قانوف اصوؿ المحاكمات -47
الجزائية ،ج ،4شركة اياد لمطباعة الفنية..4987 ،
د.عصاـ عفيفي عبد البصير /ازمة الشرعية الجنائية ووسائؿ عبلجيا ،ط،4 -44
دار ابو المجد لمطباعة ،القاىرة.7001 ،
د .فاضؿ زيداف محمد /سمطة القاض الجنائي في تقدير االدلة ،مطبعة شرطة -41
بغداد.4997 ،
القاضي فريد الزغبي /الموسوعة الجزائية ،المجمد ،4ط ،4دار صادؽ لمطباعة -45
والنشر ،بيروت.4995 ،
177
افتراض براءة المتيـ
د .مجيد خضر احمد عبد اهلل
أ .قاسـ محمد العبد وأ .حيدر محمد سعيد العرفي /القناعة الوجدانية الجزائية، -46
مجمة المحاموف السورية ،السنة التاسعة.4984
د.محمد زكي ابو عامر /االثبات في المواد الجنائية ،الفنية لمطباعة والنشر، -47
االسكندرية.4985 ،
د .محمد عبد المطيؼ عبد العاؿ /حسف نية القاذؼ في حالتي نشر االخبار -48
والنقد ،دار النيضة العربية ،القاىرة.7004 ،
د.محمد فالح حسف /مشروعية استخداـ الوسائؿ العممية الحديثة في االثبات -49
الجنائي ،مطبعة الشرطة ،بغداد.4987 ،
د.محمود محمود مصطفى /شرح قانوف العقوبات القسـ العاـ ،مطبعة جامعة -10
القاىرة.4984 ،
د .محمود نجيب حسني /شرح قانوف االجراءات الجنائية ،ط ،7مطبعة جامعة -14
القاىرة والكتاب الجامعي.4988 ،
د.مدحت محمد سعد الديف /نظرية الدفوع في قانوف اإلجراءات الجنائية ،ط،7 -17
.7004
د .معوض عبد التواب /الدفوع الجنائية ،ط ،4دار المطبوعات الجامعية، -14
االسكندرية.4996 ،
د .نوفؿ عمي عبد اهلل /قرينة البراءة في القانوف الجنائي ،بحث منشور في مجمة -11
الرافديف لمحقوؽ ،تصدرىا كمية القانوف جامعة الموصؿ ،المجمد الثامف ،العدد،40
السنة .7006 ،44
د.ىبللي عبد البله احمد /النظرية العامو في لبلثبات الجنائي ،المجمد الثاني، -15
دار النيضة العربية ،القاىرة.
د .ياسر باسـ ذنوف /نظرية الرجحاف وتطبيقيا في ادلة االثبات المدني ،رسالة -16
دكتوراة ،كمية الحقوؽ ،جامعة النيريف.7004 ،
178
مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية
)7007( تشريف األوؿ )9( العدد )41( المجمد
179