You are on page 1of 59

‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬

‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫افرتاض تزاءج ادلتٓى‬

‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬


‫مدرس القانون الجنائي في كمية القانون‬
‫الجامعة المستنصرية وكمية دهوك الجامعة‬

‫ادلمديح‬
‫الحمد هلل ذو الجبلؿ الذي جعؿ الكماؿ صفة لذاتو في كؿ األحواؿ‪ ،‬الرحمف‬
‫الذي جعؿ الخطأ والنسياف صفات مبلزمات لئلنساف‪ ،‬ليغفر لو النسياف ويتجاوز عف‬
‫أخطائو بوافر اإلحساف‪ ،‬والصبلة عمى عبده األميف الرحمة الميداة لمناس أجمعيف‪ ،‬رب‬
‫اشرح لي صدري ويسر أمري واحمؿ عقدة مف لساني يفقيو اقولي‪،‬‬
‫أما بعد فقد أصبحت حالة افتراض براةالمتيـ قرينة ابتدائية إجرائية جنائية‬
‫ودستورية تتفاخر بإقرارىا المواثيؽ والقوانيف في كؿ حيف‪ .‬وصارت ليذه القرينة أكثر مف‬
‫فائدة وانبثقت عنيا أكثر مف قاعدة صارت سائدة‪ ،‬فصرنا نرى قواعد مثؿ‪:‬األصؿ في‬
‫األنساف البراءة‪ ،‬والمتيـ بريء حتى تثبت إدانتو‪ ،‬والشؾ يفسر لمصمحة المتيـ‪ ،‬وعدـ‬
‫كفاية الشيادة الواحدة لمحكـ‪ ،‬وبناء الحكـ الجزائي عمى الجزـ واليقيف العمى الشؾ‬
‫والتخميف‪ ،‬ونحوىا كثير‪ .‬مف ىنا‪ ،‬فإف أىمية أفتراض تبرءة المتيـ تكمف في صمتيا‬
‫واتصاليا بحقوؽ اإلنساف وحرية اإلنساف وأصؿ اإلنساف‪.‬وىذه القرينة المفترضة تفرض‬
‫عمى جيات التحقيؽ والمحاكمة التعامؿ مع المتيـ عمى أساس انو بريء الف ذلؾ ىو‬
‫األصؿ الثابت لغاية ثبوت العكس‪ ،‬ومف ثـ التحقيؽ بصورة متوازية متوازنة غرضيا كشؼ‬
‫الحقيقة دوف ميؿ نحو اإلدانة أو نحو البراءة دوف مسوغ‪.‬‬
‫وينطمؽ البحث مف فرضية يحاوؿ إثباتيا‪ .‬مفادىا ‪:‬أف افتراض براءة المتيـ‬
‫بوصفيا قرينة قانونية دستورية تمزـ القاضي والمحكمة والصحافة والناس باحتراميا‬
‫ومراعاتيا وترتب نتائج وآثار قانونية تنسجـ مع طبيعتيا وخصائصيا‪ ،‬بحيث تتجمى‬
‫المسؤولية الجزائية عمى خرقيا‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫أما إشكالية البحث‪ ،‬تكمف في حوار التحقؽ مف صحة الفرضية انفا"‪ ،‬فالبحث‬
‫يحاوؿ اإلجابة عمى فيض األسئمة التالية وغيرىا‪:‬ما إذا كاف اصؿ المتيـ الب ارءة وافتراضيا‬
‫يمثؿ حجة ثابتة باعتبارىا قرينة ابتدائية قانونية اليد حظيا إال اليقيف وما إذا كاف بقائيا‬
‫وقياميا واحتراميا يمتد مف تحريؾ الدعوى الجزائية لغاية صدور حكـ قضائي نيائي‬
‫باإلدانة‪ .‬وما إذا كانت ىذه القرينة ليا مبرراتيا وضمانتيا التي تكفؿ تطبيقيا وتحقيقيا‪،‬‬
‫وما إذا كانت تحاط بحماية جنائية تضمف احتراميا ودواميا‪.‬‬
‫واعتمد البحث عمى منيجية تضمف اإلجابة عمى األسئمة التي إثارتيا الفرضية‬
‫في اإلشكالية‪ .‬باالعتماد عمى منيج مركب يتحدث عف الجانب النظري التحميمي الفتراض‬
‫براءة المتيـ مف زاوية فكرية مجردة‪ ،‬ويتحدث في الجانب األخر عف الجانب العممي‬
‫التطبيقي‬

‫انفصم االٔل‬
‫ياْ‪ٛ‬ح افرتاض لز‪ُٚ‬ح انرباءج‬
‫ليس مف المصمحة االجتماعية أف يداف المتيـ دوف محاكمة جنائية عادلة‪ ،‬حتى‬
‫واف تمثمت تمؾ اإلدانة بتحشيد الرأي العاـ ضد المتيـ مف خبلؿ نشر قضيتو في اإلذاعة‬
‫ووسائؿ األعبلـ أو عمى األقؿ إذاعتيا أو نشرىا فقط دوف تحريض او تحشيد‪ ،‬الف ذلؾ‬
‫قد يؤدي الى تعريض سمعتو لمتشويو واإلساءة واصدار حكـ شعبي مؤثر قبؿ صدور حكـ‬
‫قضائي نيائي ضد المتيـ مثمما ليس مف المصمحة االجتماعية إفبلت المذنب مف‬
‫المسؤولية وعمى ىذا‪ ،‬حرصت الدوؿ عمى اجتناب إدانة المتيـ بإية كيفية كانت‪ ،‬مادية او‬
‫معنوية رسمية او غير رسمية‪ ،‬فعمية او صورية‪ ،‬معمنة او مخفية‪ ،‬قبؿ صدور حكـ‬
‫قضائي نيائي بإدانتو‪ ،‬حرص ًا عمى الحريات الشخصية األساسية واحتراماً ليذه القرينة‬
‫التي انقمبت قاعدة عامة تواتر العمؿ بيا وتخمت الدوؿ عف انتياكيا وىكذا‪ ،‬نعرض‬
‫لمفيوـ افت ارض قرينة البراءة واالحاطة بطبيعتيا وأساسيا وخصائصيا ونتائجيا في مباحث‬
‫مستقمة‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫ادلثحث االٔل‬
‫يفٕٓو افرتاض انرباءج‬
‫يتعيف ىنا كشؼ معنى افتراض البػراءة مػرورا" بالخصػائص والنتػائج المترتبػة عمػى‬
‫ىذه االفتراض الثابت‪.‬‬

‫ادلطهة االٔل ‪ :‬يعىن افرتاض انرباءج‬


‫لمفقو والقضاء والدستور رأي في معنى افتراض البراءة‪ ،‬ىذا االفتراض الذي يرد‬
‫عمى قرينة البراءة‪ ،‬تمؾ القرينة التي توصؼ بقانونيتيا وقطعيتيا وبساطتيا‪ ،‬والتي يستكمؿ‬
‫معناه بالتعرؼ عمى حؽ احتراميا ‪.‬‬

‫أوالً‪ -:‬معنى االفتراض في الفقه والقضاء‬


‫في الفقو‪ ،‬يعني افتراض البراءة إف األصؿ ف ي المتيـ براءتو مف التيـ الموجية‬
‫إليو‪ ،‬حيث يظؿ ىذا االفتراض قائماً بصورة أولية ابتدائية حيث يثبت بصورة نيائية‬
‫قضائية عكس ذلؾ بموجب حكـ قضائي نيائي عمى وجو اليقيف ال عمى وجو الظف‬
‫والتخميف والى ذلؾ الحيف يعامؿ المتيـ معاممة البريء‪ ،‬ويكتسب حكـ البراءة واف لـ يقـ‬
‫الدليؿ القاطع عمى ىذه البراءة‪ ،‬إنما قاـ دليؿ يكتنفو الشؾ واالحتماؿ والتخميف‪ ،‬بينما ال‬
‫يحكـ عميو باإلدانة بغير الدليؿ القاطع اليقيف‪ .‬وىنا تتساوى مف حيث القيمة القانونية‬
‫واألثر براءة تستند الى اليقيف وبراءة تستند الى الشؾ‪ ،‬وما يعبر عنيا (باإلفراج لعدـ كفاية‬
‫األدلة) فالقاضي إذا تردد بيف البراءة واإلدانة‪ ،‬عميو الحكـ بالبراءة الف الشؾ يفسر‬
‫لمصمحة المتيـ‪ .‬وال يختمؼ األمر بالنسبة لمقضاء فالحاؿ واحد وفي ىذا السياؽ‪ ،‬أقرت‬
‫محكمة النقض المصرية انو (يكفي في المحكمة الجنائية أف يتشكؾ القاضي في صحة‬
‫أسناد التيمة الى المتيـ كي يقضي بالبراءة) (‪.)4‬‬

‫‪174‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫ثانياً ‪ :‬معنى االفتراض كقرينة قانونية بسيطة‬


‫افتراض البراءة قرينة مف القرائف االبتدائية المفترضة البسيطة‪ ،‬ويقاؿ ((القرينة‬
‫ىي استنتاج مجيوؿ مف معموـ‪ .‬والمعموـ ىو أف األصؿ في األشياء اإلباحة ما لـ يتقرر‬
‫بحكـ قضائي وبناءً عمى نص قانوني وقوع الجريمة واستحقاؽ العقاب‪ .‬والمجيوؿ‬
‫المستنتج مف ىذا األصؿ ىو براءة اإلنساف حتى تثبت أدانتو بحكـ قضائي))(‪ .)7‬وما‬
‫دامت ىذه القرينة بسيطة فذلؾ يعني أنيا قابمة إلثبات العكس بموجب حكـ قضائي نيائي‬
‫قائـ عمى أدلة قاطعة الداللة واإلثبات‪ .‬وعندئذ فقط تقوـ قرينة قانونية قاطعة معاكسة‬
‫باإلدانة‪ ،‬تظير فييا حقيقة جديدة يصمح معيا وحدىا إىدار حؽ المتيـ في التمسؾ بقرينة‬
‫البراءة‪ ،‬بحيث ال تصمح عند ذاؾ قرينة البراءة المفترضة لدحض حقيقة األدانة الثابتة‪)4(.‬‬
‫وتخالؼ المحكمة الدستورية العميا في مصر ىذا األتجاه في قرار قالت فيو ‪(( -:‬أف‬
‫افتراض البراءة ال يتمخض عف قرينة قانونية‪ ،‬وال ىو مف صورىا‪ ،‬ذلؾ إف القرينة القانونية‬
‫تقوـ عمى تحويؿ اإلثبات مف محمو األصمي – ممثبلً في الواقعة مصدر الحؽ المدعى بو‬
‫– الى واقعة أخرى قريبة منيا متصمة بيا‪ .‬وىذه الواقعة البديمة ىي التي يعتبر إثباتيا‬
‫إثباتاً لمواقعة األولى بحكـ القانوف‪ .‬وليس األمر كذلؾ بالنسبة لقرينة البراءة التي افترضيا‬
‫الدستور‪ ...‬وانما يؤسس افتراض البراءة عمى الفطرة التي جبؿ اهلل االنساف عمييا‪)1())...‬‬
‫ونذىب مع الرأي االوؿ‪ ،‬الف األصؿ في المتيـ البراءة واالستثناء ارتكابو الجريمة مثمما‬
‫إف األصؿ في األفعاؿ اإلباحة حتى يجرميا المشرع‪ ،‬ومف يدعي عكس ىذه القرينة عميو‬
‫تقديـ الدليؿ القاطع عمى ادعائو‪)5(.‬‬
‫وببل ريب‪ ،‬فأف ذلؾ كمو يتعيف أف يجري في إطار التوازف بيف مصمحة الفرد‬
‫والمجتمع الف االحتراـ الحر المنفمت او التقيد الصارـ غير المنضبط لقرينة البراءة يؤدي‬
‫الى استحالة اتخاذ اإلجراءات الجنائية وتعذر تطبيؽ قرينة البراءة عمى أصوليا‪ .‬لذلؾ فاف‬
‫مضموف اصؿ افتراض البراءة يكمف في احتراـ الحقوؽ والحريات التي تحيط بتطبيؽ ىذا‬
‫االفتراض‪ ،‬و مف ثـ التصرؼ عمى ضوئيا وضمف إطارىا عند اتخاذ تمؾ اإلجراءات في‬
‫التحقيؽ والمحاكمة (‪ )6‬وعمى ىذا‪ ،‬فاف المتيـ يظؿ محتفظاً بافتراض قانوني عمى براءتو‬
‫ميما بمغت جسامة الجريمة المتيـ بيا وميما كانت خطورتيا وطبيعتيا‪ ،‬وميما ثقؿ وزف‬

‫‪171‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫األدلة المتواترة ضده حيثما كانت جريمتو مشيودة وضبط متمبساً بيا‪ ،‬الف ذلؾ االفتراض‬
‫االبتدائي ال ييدمو سوى حكـ قضائي نيائي (‪ .)7‬لذلؾ يرى البعض في ىذا االفتراض‬
‫وجياً آخر لمشرعية الجنائية وركناً مف أركانيا ونيجاً لؤلنظمة التقدمية الديمقراطية‪،‬‬
‫وافتراضاً مف مفترضات المحاكمة العاجمة العادلة‪ ،‬وحقاً يصفيا مجمس الموردات البريطاني‬
‫بأنيا خيط ذىبي في نسيج ثوب القانوف الجنائي‪ ،‬وىي في النياية ضمانة ميمة لحقوؽ‬
‫االنساف ودرعاً فوالذياً يحمي حريات االنساف في سائر األحياف (‪.)8‬‬

‫ثالثا ‪ -:‬معنى االفتراض كحق واجب االحترام‬


‫افتراض براءة المتيـ‪ ،‬حتى تثبت إدانتو حق ًا ويقيناً بحكـ قضائي نيائي‪ ،‬وىو حؽ‬
‫قانوني دستوري لممتيـ يفرض عمى كؿ السمطات المنوط بيا تطبيؽ القانوف او تنفيذه‪،‬‬
‫وعمى كؿ الجيات والقنوات اإلعبلمية والصحفية احتراـ اصؿ البراءة في االنساف وافتراض‬
‫البراءة في المتيـ فيي ضمانة شخصية ترافقو وصفة مبلزمة لو في كؿ اإلجراءات التي‬
‫يتخذىا القاضي او المحكمة ضده في التحقيؽ والمحاكمة (‪ ،)9‬فبل يوجو التحقيؽ‬
‫ابتداءً ضده وال يعامؿ بإىانة او ضغط او ميانة وال يكره عمى الصمت او اإلجابة وتطمؽ‬
‫عمى مصراعييا كؿ ضمانات الدفاع‪ ،‬وال تذاع أخبار تحقيقاتو وتفاصيؿ محاكمتو ىف ىذا‬
‫األمر وال تنشر قبؿ صدور حكـ قضائي بات بإدانتو إذ مف باب أولى أف تمتزـ بيذا‬
‫األصؿ وسائؿ اإلعبلـ وىي جيات غير قضائية‪ ،‬الف العمؿ بعكس ذلؾ يعد إدانة غير‬
‫قانونية واساءة عارمة ضد المتيـ تستوجب المسؤولية القانونية واحتراـ ىذا االفتراض يعد‬
‫مف الحقوؽ الموضوعية لئلنساف التي حرصت عمى إقرارىا اإلعبلنات العالمية في‬
‫الحقوؽ والحريات‪ ،‬فضبلً عف القوانيف الداخمية والدساتير‪ ،‬األمر الذي يتوجب معو‬
‫احتراميا بكافة السمطات العامة ومؤسساتيا في الدولة ومواطنييا وصحفييا(‪ .)40‬ويجد‬
‫بعض الفقو أف الحؽ في أحتراـ افتراض البراءة قريب مف مبدأ شرعية الجرائـ والعقوبات‬
‫الذي يحدد حصرياً كؿ الجرائـ والعقوبات في نصوص قانونية مكتوبة عمى أساس أف‬
‫الحؽ في افتراض البراءة ىو األخر يكفؿ حماية حقوؽ الشخصية في كؿ مراحؿ الدعوة‬
‫الجزائية ولغاية صدور الحكـ القضائي البات ضد المتيـ فضبلً‪ .‬عف أف كبل المبدأيف‬

‫‪175‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫يعداف دعامة أساسية قضائية لمشرعية الجنائية ودعامة أساسية قانونية دستورية لمشرعية‬
‫اإلجرائية (‪.)44‬‬

‫ادلطهة انثاَ‪ : ٙ‬ترب‪ٚ‬ز افرتاض انرباءج ٔسُدِ ٔظًاَّ‬


‫أف افتراض البراءة لو مسوغات ومبررات جعمت التقيد بو حالة الزمة واجبة‬
‫واحترامو حالة قانونية صائبة في القانوف والمنطؽ والحؽ‪ ،‬فيو ضمانة ميمة عند‬
‫التقاضي‪ ،‬يمتزـ بو القاضي في بحثو عف األدلة وصوالً الى الحقيقة وبموغ الحكـ العادؿ‪.‬‬
‫أوالً ‪ -:‬تبرير افتراض البراءة‬
‫ذىب جانب مف الفقو الجنائي الى تبرير افتراض البراءة وخمؽ أساس لو‪ ،‬تمثؿ‬
‫في الحرية الشخصية التي يتضمنيا ىذا االفتراض‪ ،‬وما يتصؿ بو مف حقوؽ شخصية‬
‫كفمتيا اإلعبلنات العالمية لحقوؽ االنساف‪ .‬كما تمثؿ تبرير افتراض قرينة البراءة في‬
‫شرعية اإلجراءات الجنائية التي يمثؿ أساسيا (‪ .)47‬ويقوـ ىذا التبرير عمى مسوغات‬
‫واعتبارات منطقية تمثمت فيما يمي ‪-:‬‬
‫‪ -4‬إف افتراض البراءة يقابؿ افتراض التيمة ضد المتيـ مف قبؿ سمطة االتياـ‪ ،‬وبذلؾ‬
‫تتوفر حماية قانونية لحقوؽ األفراد وحرياتيـ ضد احتماؿ تحكـ تمؾ السمطة‪ .‬وىو أمر‬
‫انتفض لو منذ القدـ في عصر النيضة كبار الفقياء مثؿ فولتير ومونتسكيو وبيكاريا‪.‬‬
‫‪ -7‬إف افتراض التيمة واإلجراـ يقود الى أضرار خطيرة ال يمكف‪ .‬تفادييا او تبلفييا إذا‬
‫ثبتت براءة المتيـ‪.‬‬
‫‪ -4‬يتفؽ األصؿ العاـ في افتراض براءة المتيـ مع االعتبارات الدينية واألخبلقية التي‬
‫تيتـ بحماية الضعفاء ويسيـ في تبلفي أخطاء القضاء وضحايا العدالة بإدانة األبرياء‬
‫مما يفقد ثقة المجتمع بالقضاء‪.‬‬
‫‪ -1‬إف افتراض اإلدانة يعني التزاـ المتيـ بتقديـ دليؿ مستحيؿ إلثبات وقائع سمبية عمى‬
‫براءتو‪ ،‬وىذه ميمة بالغة الصعوبة‪.)44(.‬‬

‫‪176‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫ثانياً‪ -:‬سند افتراض البراءة‬


‫السند القانوني لقرينة البراءة‪ ،‬يتمثؿ في كوف سمطة التحقيؽ او االتياـ إنما تدعي‬
‫ما يخالؼ االصؿ (واالصؿ البراءة)‪ ،‬فنفترض االستثناء (االستثناء واالتياـ) ولذلؾ‬
‫وتماشياً مع الحؽ والمنطؽ إذا عجزت ىذه السمطة عف إثبات ادعائيا إثباتاً قطعياً يقينياً‬
‫وجب البقاء عمى االصؿ واعتماد براءة المتيـ في النظرة إليو وفي التصرؼ معو وفي‬
‫الحكـ عميو ويذكر إف الدعوى الجزائية تبدأ في صورة (شؾ) في إسناد واقعة معينة الى‬
‫المتيـ لكف ذلؾ ال يعني إف ىذا الشؾ تبدأ بو الدعوى الجزائية يكفي إلثبات التيمة عمى‬
‫المتيـ ونفي قرينة البراءة عنو‪ ،‬إنما يعني ذلؾ إف الدعوى الجزائية واجراءاتيا التالية‬
‫إلقامتيا تيدؼ الى تحويؿ ىذا الشؾ الى يقيف‪ ،‬واذا كاف الشؾ يصمح إلقامة الدعوى‬
‫والتحقيؽ فييا فأنو ال يكفي لمحكـ بيا ضد المتيـ‪ .‬وعميو‪ ،‬فاذا لـ يتحقؽ ذلؾ التحوؿ مف‬
‫الشؾ الى اليقيف وظؿ الشؾ عمى حالو‪ ،‬فانو ال يكفي – عدالة وقانونا – لئلدانة (‪.)41‬‬
‫ويمحؽ الحيؼ المتيـ وتفقد اإلجراءات شرعيتيا ومصداقيتيا وحياديتيا إذا بنيت عمى‬
‫أساس اإلدانة المسبقة لممتيـ والميؿ الشديد في التحقيؽ ضده والتصرؼ مع المتيـ‬
‫بانحياز والبحث عف األدلة وصياغة األسئمة التي تدينو وبناء االعتقاد السمبي والقرار‬
‫النيائي دوف مراعاة الموازنة العادلة في تقييـ المركز القانوني لممتيـ بما يضمف لو‬
‫افتراض البراءة قبؿ إثبات اإلدانة‪ ،‬والحيادية التامة في النظرة الى المتيـ وضرورة البحث‬
‫عف أدلة اإلثبات واإلدانة معاً والتصرؼ تبعاً لذلؾ في التحقيؽ والتقرير‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ -:‬ضمان احترام افتراض البراءة‬


‫أف ضماف تطبيؽ القاضي لمقتضيات قرينة البراءة واحترامو لموجباتيا‪ ،‬يظير‬
‫مف خبلؿ دور القاضي االيجابي في الموازنة بيف حقيف متعارضيف ىما حؽ الفرد‬
‫والمجتمع لكشؼ الحقيقة وبموغ مراميا واثبات احتراميا والحفاظ عمى مقاميا‪ .‬ومف ىنا‬
‫نعرض دور القاضي انفاً وفؽ ما يمي ‪:‬‬

‫‪177‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫‪ -1‬دور القاضي في عقد الموازنة بين حق الفرد وحق المجتمع‬


‫بالنظر لما تقتضيو مصمحة المجتمع في معاقبة المجرـ الذي عكر امنو وىدد‬
‫استق ارره‪ ،‬وما تقتضيو مصمحتو في الحفاظ عمى سبلمة إفراده وادامة الثقة بقياداتو وأجيزتو‬
‫مف خبلؿ مكافحة الجريمة ومبلحقة مرتكبييا بالطرؽ القانونية ومعاقبة فاعمييا والمشتركيف‬
‫فييا‪ .‬نقوؿ بالنظر لذلؾ فانو يجب تخويؿ القضاة بإثبات الجريمة ود أر الخطورة اإلجرامية‬
‫بكؿ الوسائؿ‪ ،‬وفرض العقوبة والتدبير الذي تقتضيو مصمحة المجتمع(‪ ،)45‬وبناءاً عمى‬
‫وجود قرينة افتراض البراءة‪ ،‬التي تعد مف الضمانات التي يحتمي بيا المتيـ لنفي التيمة‬
‫عنو‪ ،‬فانو يجب توفير الحماية الشخصية لو‪ .‬وبالمقابؿ‪ ،‬فأف مصمحة المجتمع في مكافحة‬
‫الجريمة وكشؼ حقيقتيا تقتضي قانوناً قبوؿ جميع طرؽ اإلثبات‪ ،‬وتفويض القاضي سمطة‬
‫تقدير األدلة وفقاً لقناعتو القانونية الوجدانية العممية‪ ،‬بغية تحقيؽ التوازف المطموب بيف‬
‫مصمحة المتيـ في البراءة ومصمحة المجتمع في معاقبة الجاني‪ ،‬مف خبلؿ التوازف‬
‫المتكافئ في البحث عف أدلة البراءة واإلدانة معاً‪ ،‬ومنح فرص متعادلة متبادلة لبلتياـ‬
‫والدفاع معاً‪ ،‬طمعاً في بموغ الحقيقة(‪ .)46‬فبل يسعد المجتمع بإدانة بريء وال ببراءة مداف‪،‬‬
‫وال تنعقد الموازنة مف خبلؿ ذلؾ ميما كاف‪ .‬ويقبؿ المجتمع بالشؾ في البراءة وافبلت‬
‫المتيـ‪ ،‬وال يقبؿ بالشؾ في اإلدانة وعقاب المتيـ‪.‬‬

‫‪ -2‬دور القاضي االيجابي في تقصي األدلة وكشف الحقيقة‬


‫إدانة المتيـ أمر خطير ببل شؾ‪ ،‬حيث تصيبو العقوبة في حياتو او حريتو او‬
‫سمعتو او مالو او ممتمكاتو او في كؿ ذلؾ معاً مجتمعاً‪ .‬لذلؾ فاف إدانة المتيـ تبنى عمى‬
‫الجزـ واليقيف ال عمى الظف والشؾ واالحتماؿ والتخميف‪ ،‬أعماالً لمبدأ افتراض براءة المتيـ‬
‫واالصؿ في االنساف براءتو‪ ،‬واعماالً لمبدأ الشؾ يفسر لصالح المتيـ‪ .‬ولكي يتمكف‬
‫القاضي مف إدراؾ ىذا اليقيف وتحقيؽ الموازنة العادلة بيف مصمحة المتيـ ومصمحة‬
‫المجتمع‪ ،‬فاف القاضي يمكنو التذرع بكافة الوسائؿ والسبؿ الكفيمة بكشؼ حقيقة الواقعة‬
‫وصحة إسنادىا الى المتيـ‪ ،‬بضمنيا حريتو في وزف األدلة وتقيميا وتقديرىا عمى أسس‬
‫عممية منطقية وجدانية بعيدة عف التعسؼ والتحكـ(‪ ،)47‬والعاطفة الجارفة‪ .‬وعمى ذلؾ‪ ،‬ال‬

‫‪178‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫يقؼ القاضي الجنائي موقفاً وسطاً سمبياً متفرجاً ينتظر مف األطراؼ تقديـ األدلة‬
‫واإلثباتات ويقرر قبوليا او رفضيا ويرجح بعضيا عمى بعضيا‪ .‬إنما يتعدى دوره ذلؾ‬
‫بالتأكيد فيو يبحث مع األطراؼ عف أي دليؿ أكيد‪ ،‬ويتحرى الحقيقة في كؿ دليؿ ويسمؾ‬
‫في سبيؿ ذلؾ أي سبيؿ‪ .‬وال يحكـ بترجيح األدلة او رجحانيا‪ ،‬بؿ يحكـ بثبوت األدلة‬
‫ويقينيا‪ .‬ولنا في ذلؾ عودة‪.‬‬

‫ادلثحث انثاَ‪ٙ‬‬
‫أساس افرتاض انرباءج ٔطث‪ٛ‬عتّ ٔخصائصّ َٔتائجّ‬
‫إف قرينة البراءة باعتبارىا اصؿ لئلنساف وحؽ لممتيـ وافتراض لمقاضي‪ ،‬ليست‬
‫أكثر مف فكرة قانونية نظرية تطبيقية‪ ،‬ليا طبيعتيا التوفيقية بما ال يناؿ مف مصمحة الفرد‬
‫األبدية ومصمحة المجتمع األزلية‪ ،‬وليا قبؿ ذلؾ أساس طاعف في األزؿ‪ ،‬وخصائص‬
‫ونتائج ال تزؿ‪ .‬فيحسف بنا في ىذا المبحث تناوؿ أساس ىذه القرينة أوالً ثـ بياف طبيعتيا‬
‫وخصائصيا ونتائجيا في مطمبيف مستقميف‪.‬‬

‫ادلطهة االٔل ‪ :‬أساس افرتاض انرباءج‬


‫كاف لمشريعة اإلسبلمية قصب السبؽ في إدراج ىذه القرينة بيف ثناياىا في مجاؿ‬
‫المعامبلت المدنية وكذلؾ في المسائؿ الجزائية (الحدود)‪ .‬وبعد حيف وحيف وجدت ىذه‬
‫القرينة نفسيا في إعبلنات حقوؽ االنساف والقوانيف والدساتير التي نيمت او اقتدت وتأثرت‬
‫بيا األمر الذي يقتضينا تحت افتراض البراءة في الشريعة اإلسبلمية واعبلنات حقوؽ‬
‫االنساف والقوانيف والدساتير المقارنة‪ .‬ودونا ذلؾ‬

‫انفزع االٔل ‪ :‬افرتاض انرباءج يف انشز‪ٚ‬عح اإلسالي‪ٛ‬ح‬


‫وردت قاعدة (االصؿ براءة المتيـ في الشريعة اإلسبلمية ودلت عمى إف المتيـ‬
‫ال ي ازؿ بريئاً حتى تثبت إدانتو‪ .‬وفسرت الشريعة الشؾ لمصمحة المتيـ الف االصؿ براءتو‬

‫‪179‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫مف الجريمة ومف العقوبة التي تترتب عمييا‪ .‬فإذا لـ تثبت براءتو عمى وجو الجزـ واليقيف‬
‫ولـ تثبت إدانتو عمى وجو الجزـ واليقيف فبل يبقى غير الشؾ‪ ،‬وحيث الشؾ ال يكفي‬
‫لئلدانة فإذف يفسر لمبراءة(‪ .)48‬وىذه القاعدة الجنائية تفرعت عف قاعدة مدنية مفادىا إف‬
‫(االصؿ براءة الذمة) أي عدـ انشغاؿ ذمة االنساف بحؽ لمغير حتى يقوـ الدليؿ عمى‬
‫خبلؼ ذلؾ فاإلنساف يولد وذمتو المالية خالية مف أي حؽ لمغير‪ ،‬ثـ يشغميا بتصرفاتو‬
‫القولية او الفعمية‪ .‬وعمى مف يدعي عمى غيره حقاً فاألصؿ عدمو إال ذا اثبت المدعي‬
‫خبلؼ االصؿ الف القوؿ الراجح ىو قوؿ مف يتمسؾ ببراءتو وبراءة ذمتو الف قولو يسنده‬
‫اصؿ براءة ذمتو حتى يقـ الدليؿ عمى انشغاليا بحؽ الغير‪ .‬فإذا اختمؼ المتمؼ مع‬
‫صاحب الماؿ في قيمة الماؿ المتموؼ فاف القوؿ الفصؿ قوؿ المتمؼ‪ ،‬الف االصؿ براءتو‬
‫عف ما زاد عف قيمة الماؿ المتموؼ‪ ،‬أي براءتو بقدر الزيادة التي يدعييا مدعي الزيادة في‬
‫الماؿ‪ ،‬وعمى مدعي الزيادة – وىو صاحب الماؿ –أثبات الزيادة التي يدعييا(‪.)49‬‬
‫وتعمؿ القاعدتاف انف ًا تحت إطار قاعدة ثابتة في الشريعة مفادىا إف (اليقيف ال يزوؿ‬
‫بالشؾ) توجب إلدانة المتيـ توافر المرتبة القطعية بالدليؿ وبالحكـ وعدـ االكتفاء بالمرتبة‬
‫الظنية الشكية التي توجب البراءة كأصؿ وحؽ يتمتع بو المتيـ (‪ .)70‬ويجد افتراض قرينة‬
‫البراءة سند ه في قواعد شرعية أخرى مستنبطة مف القراف الكريـ والسنة النبوية الشريفة‪،‬‬
‫مثؿ قاعدة (اإلباحة األصمية) وقاعدة (استصحاب الحاؿ)‪ .‬فاإلباحة األصمية‪ ،‬تعني إف‬
‫االصؿ في األشياء اإلباحة اذ كؿ فعؿ او ترؾ مباح أصبلً مالـ يرد بتجريمو نص صريح‬
‫وال مسؤولية عمى فاعمو او تاركو(‪ .)74‬فالمرء يولد خالي ًا مف كؿ خطيئة بناءاً عمى‬
‫القاعدة الشرعية التي تقوؿ إف االصؿ في االنساف براءة الذمة‪ ،‬وىو االصؿ الذي نجمت‬
‫عنو قاعدة فقيية جزائية أخرى تقوؿ ‪( :‬إف االصؿ في االنساف براءة جسده مف الحدود‬
‫والقصاص والتعازير‪ ،‬ومف األقواؿ كميا‪ ،‬ومف األفعاؿ بأسرىا)(‪ .)77‬حيث إف االصؿ‬
‫براءة الذمة مدنياً وطيارة اليد والمساف جنائيا‪ ،‬ومف يدعي خبلؼ ذلؾ يقع عميو عبء‬
‫اإلثبات‪ ،‬حيث إف قواعد اإلثبات في الشرعة ال ترمي الى إثبات إدانة المتيـ بقدر ما‬
‫ترمي الى إثبات براءتو‪ ،‬فصحة اإلثبات في صورىا المختمفة جنائية أـ مدنية ال تثبت مع‬
‫الشؾ (‪ ،)74‬لقولو تعالى ‪( -:‬إف الظف ال يغني مف الحؽ شيئاً) يونس ‪ .46/‬وقوؿ‬

‫‪140‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫الرسوؿ (صمى اهلل عميو وسمـ) ( البينة عمى مف ادعى اليميف عمى مف أنكر) (‪ .)71‬إف‬
‫استصحاب الحاؿ‪ ،‬فيو احد األدلة التي يمجا إلييا المجتيد لبياف حكـ الشرع في مسألة لـ‬
‫يرد في شانيا نص يدؿ عمى اإلباحة والتحريـ‪ ،‬وعنو يقوؿ اإلماـ ابف القيـ إف أقساـ‬
‫االستصحاب ثبلث‪ ،‬مف بينيا استصحاب البراءة األصمية‪ ،‬وتطبيقو في مجاؿ اإلجراءات‬
‫الجنائية يؤدي الى دواـ البراءة مادامت ثابتة حتى يثبت نفييا‪ ،‬وىي ال تنتفي إال بحكـ‬
‫بات‪ ،‬وىو اصؿ مستصحب متواصؿ(‪ .)75‬ومف كؿ ىذا وغيره كثير تجد قرينة البراءة‬
‫المفترضة سندا" ليا في الشريعة اإلسبلمية‪ ،‬حيث ال توجد دعوى دوف بينة‪.‬فقد روي عف‬
‫ابف عباس (رضي اهلل عنو) عف نبينا محمد (صمى اهلل عميو وسمـ) انو قاؿ (لو يعطى‬
‫الناس بدعواىـ الدعى أناس دماء رجاؿ وأمواليـ ولكف اليميف عمى المدعى عميو) (‪.)76‬‬

‫انفزع انثاَ‪ : ٙ‬افرتاض ‪ :‬انرباءج يف إعالَاخ حمٕق االَساٌ ٔاندساتري ادلمارَح‬


‫نتناوؿ في ىذا المقاـ أساس افتراض قرينة البراءة في اإلعبلنات العالمية لحقوؽ‬
‫االنساف‪ ،‬وكذلؾ في الدساتير الرائدة كالدستور الفرنسي وبعض الدساتير المقارنة االخرى‪.‬‬
‫أوالً‪ -:‬أساس افتراض البراءة في إعالنات حقوق االنسان‬
‫إف أساس قرينة البراءة يتركز في أساس الحؽ في احتراـ قرينة البراءة‪ ،‬ذلؾ الحؽ‬
‫الذي تواتر وتوارد ذكره وتأكيده في إعبلنات حقوؽ االنساف منذ والدتيا حتى اعتمادىا‬
‫واستقرارىا فقد تضمنت إعبلنات حقوؽ االنساف والمواطف الصادرة في فرنسا عاـ ‪4789‬‬
‫ىذا الحؽ بواقع وجييف ‪ :‬االوؿ‪ ،‬نص المادة (السابعة) الذي يقوؿ (ال يمكف اتياـ أي‬
‫شخص خارج الحاالت المحددة بواسطة القانوف)‪ .‬إما الثاني‪ ،‬فيو نص المادة التاسعة‬
‫الذي يقوؿ ((كؿ إنساف بريء حتى تثبت إدانتو)) (‪.)77‬‬
‫وكذلؾ نص اإلعبلف العالمي لحقوؽ االنساف الصادر في األمـ المتحدة عاـ‬
‫‪ ،4918‬في الفقرة (‪ )4‬مف المادة (الحادية عشر) عمى إف ((كؿ شخص متيـ بجريمة‬
‫يفترض براءتو حتى تثبت أدانتو قانوناً بحكـ قضائي وبمحاكمة عمنية تؤمف لو فييا كؿ‬
‫الضمانات الضرورية لمدفاع عنو)) كما نصت االتفاقية األوربية لحماية حقوؽ االنساف‬
‫وحرياتو األساسية الصادرة عاـ ‪ 4950‬في الفقرة (‪ )6‬مف المادة (السادسة) عمى إف (كؿ‬

‫‪144‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫شخص متيـ بجريمة بريء حتى تثبت إدانتو قانوناً) ونصت في المادة (السابعة عشر)‬
‫عمى انو (يفترض إف األحداث المقبوض عمييـ‪...‬ابرياء ويحاكموف عمى ىذا األساس‬
‫(‪ .)78‬ويشار أف ىذه اال تفاقية كانت ميمة لدوؿ أوربا خاصة لتمؾ الدوؿ التي خمت‬
‫دساتيرىا مف نص يوجب احتراـ قرينة البراءة باعتبارىا حؽ لممتيـ مثؿ فرنسا‪ .‬حيث كاف‬
‫القضاة في فرنسا يحتكموف في الغالب الى ىذه االتفاقية كونيا تسمو عمى القانوف الداخمي‬
‫لمدوؿ األعضاء بحسب حكـ المجمس الدستوري الفرنسي وقضاء محكمة النقض الفرنسية‬
‫ورأي مجمس الدولة الفرنسي (‪.)79‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬أساس افتراض البراءة في االتفاقيات والدساتير العربية‬


‫لقد أشارت المادة (‪ )7‬مف الميثاؽ العربي لحقوؽ االنساف المعتمد في جامعة‬
‫الدوؿ العربية عاـ ‪ 4977‬الى وجوب اعتبار المتيـ بريء حتى تثبت إدانتو‪ ،‬والى ذات‬
‫االتجاه أشارت المادة (‪ 49‬ىػ) مف إعبلف القاىرة لحقوؽ االنساف في اإلسبلـ الذي تـ‬
‫إق ارره مف منظمة مؤتمر العالـ اإلسبلمي في القاىرة عاـ ‪ .4990‬وجاءت ىذه النصوص‬
‫متوائمة مع ما قرره المؤتمر الدولي الثاني عشر لمجمعية الدولية لقانوف العقوبات الذي‬
‫عقد في مدينة ىامبورغ في ألمانيا عاـ ‪ ،4979‬حيث بحث المؤتمر افتراض قرينة البراءة‬
‫وبحث مضمونيا ونتائجيا‪ .‬وكاف قرر إف افتراض قرينة البراءة مبدأ أساسي لمعدالة‬
‫الجنائية‪ ،‬فبل يصح إدانة فرد ببل محاكمة قانونية ودوف إجراءات قضائية سميمة‪ ،‬وال يمكف‬
‫توقيع عقوبة جنائية ال تتناسب مع الجرـ الثابت قانوناً‪ ،‬وال يجوز إف يطمب مف الشخص‬
‫إثبات براءتو‪ ،‬واف الشؾ يفسر ببل شؾ لمصمحة المتيـ دائماً (‪ .)40‬ونظ اًر ألىمية‬
‫افتراض قرينة البراءة‪ ،‬فقد نصت معظـ الدساتير العربية عمييا صراح ًة حيث نص‬
‫الدستور المصري في المادة ‪ 67‬عمى إف ((المتيـ بريء حتى تثبت إدانتو في محاكمة‬
‫قانونية تكفؿ لو فييا ضمانات الدفاع عف نفسو))‪ ،‬ونصت دساتير أخرى عمى ذات‬
‫االتجاه‪ ،‬كالدستور السوري لعاـ ‪ 4974‬في المادة (‪ ،)4/78‬والدستور السوداني لعاـ‬
‫‪ 4974‬في المادة (‪ ،)69‬والدستور اإلماراتي لعاـ ‪ 4974‬في المادة (‪ ،)78‬والدستور‬
‫التونسي لعاـ ‪ 4959‬في الفصؿ (‪ .)44()47‬ويشار إف الدستور العراقي النافذ نص ذات‬

‫‪147‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫النيج في المادة (‪ / 49‬خامساً) قائبل إف ((المتيـ بريء حتى تثبت إدانتو في محاكمة‬
‫قانونية عادلة‪.))....‬‬

‫ثالثاً‪ -:‬أساس أفتراض البراءة في القانون الفرنسي‬


‫تمسؾ إعبلف حقوؽ االنساف والمواطف الفرنسي عاـ ‪ 4789‬بحؽ احتراـ قرينة‬
‫البراءة المفترضة‪ ،‬والتأكيد عمى احتراميا في الصحافة وقد نصت المادة (‪ )4/ 65‬قانوف‬
‫‪ 79‬يونيو ‪ 4884‬الفرنسي عمى إف ((الدعاوى مؤسسة عمى احتراـ قرينة البراءة‪)...‬‬
‫ونصت المادة (‪ )4/9‬مف القانوف المدني الفرنسي المعدلة بالمادة (‪ )94‬مف القانوف رقـ‬
‫‪ 7000‬الصادر في ‪ 45‬يونيو ‪ 7000‬الخاص بحماية قرينة البراءة المفترضة وحقوؽ‬
‫المجني عمية‪ ،‬عمى إف ((لكؿ فرد الحؽ في احتراـ قرينة البراءة) واف (لمشخص قبؿ كؿ‬
‫ادانة اف يعرؼ عبلنية بواقع االتياـ قبؿ التحقيؽ االبتدائي او القضائي‪ ،‬ولمقاضي عند‬
‫أحالتو مف غير مساس بالتعويض عف الضرر الذي يتحممو اتخاذ جميع اإلجراءات مثؿ‬
‫نشر التصحيح او نشر النشرة التي تؤدي الى إنياء االعتداء عمى قرينة البراءة‪ ))....‬إما‬
‫في مجاؿ قانوف حرية الصحافة فقد اكتفى المشرع الفرنسي بالنص عمى تجريـ القذؼ‬
‫باعتباره خرقاً لقرينة البراءة‪ ،‬دوف النص صراحة عمى تجريـ انتياء قرينة البراءة وبموجب‬
‫تعديؿ المادة (‪ )17‬مف قانوف حرية الصحافة الفرنسي بالمرسوـ رقـ (‪)7090 -15‬‬
‫الصادر عاـ ‪ 4915‬فأف النشر صار ممنوعاً إال إذا كانت ىناؾ إدانة قضائية نيائية‬
‫بحكـ بات‪ .‬إما النشر خبلؿ مرحمة التحقيؽ فانو جريمة اعتداء عمى قرينة البراءة بموجب‬
‫القانوف المذكور (‪ .)47‬ونرى‪ ،‬إف جريمة القذؼ ال تعد كافية لمعالجة انتياؾ افتراض‬
‫اعتداء عمى قرينة البراءة المفترضة وال يمثؿ‬
‫ً‬ ‫البراءة‪ ،‬اذ في أحياف كثيرة يمثؿ النشر‬
‫جريمة قذؼ فقد يتـ نشر واقعة معينة باإلشارة الى نوع الجريمة والمكاف او الموقع الذي‬
‫ارتكبت فيو مف دوف اإلشارة الى أسماء وأوصاؼ المسؤوليف الذيف تـ اتياميـ والتحقيؽ‬
‫معيـ‪ ،‬بينما ال يغني عدـ ذكر األسماء عف الداللة الواضحة عمى شخصيات المتيميف‬
‫في مثؿ ىذه الحالة‪ .‬وىكذا يداف المتيموف مف قبؿ الصحؼ قبؿ أدانتيـ مف القضاء‪ ،‬وال‬

‫‪144‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫شؾ إف ذلؾ يعد انتياكاً لقرينة البراءة قد يكوف اشد تأثي اًر عمى حرية المتيـ وسمعتو مف‬
‫إدانة القضاء او انتياكو ليذه القرينة‪.‬‬

‫ادلطهة انثاَ‪ : ٙ‬طث‪ٛ‬عح افرتاض انرباءج ٔخصائصّ َٔتائجّ‬


‫نستعرض ىنا الطبيعة القانونية لقرينة البراءة المفترضة‪ ،‬ثـ نكشؼ عف خصائصيا‬
‫ونتائجيا‪ ،‬ألستكماؿ الفكرة العامة ليا‪.‬‬

‫انفزع األٔل ‪ :‬انطث‪ٛ‬عح انمإََ‪ٛ‬ح ألفرتاض انرباءج‬


‫في حاالت كثيرة قد يتخذ القاضي في التحقيؽ إجراءات خطيرة‪ ،‬تمس كياف قرينة‬
‫البراءة وتماميا وتمغي حؽ افتراضيا واحتراميا‪ ،‬عندما يصدر القاضي أم اًر بالتكميؼ‬
‫بالحضور او إصدار أم اًر بالقبض واإلحضار او التوقيؼ‪ ،‬خاصة إذا كانت ىذه‬
‫اإلجراءات في غير محميا او فاقدة لشرعيتيا الف ىذه اإلجراءات تتعمؽ بالحرية الشخصية‬
‫لممتيـ وتتعمؽ بسمعتو‪ .‬ولعؿ اإلساءة تكوف بالغة إذا نشرت قضية المتيـ او إجراءاتيا او‬
‫إحكاميا عبر وسائؿ األعبلـ دوف جواز قانوني او إذف قضائي‪ .‬ومف ىنا صار التوفيؽ‬
‫بيف مصمحتيف أم اًر الزماً بيف مصمحة الفرد في عدـ اتخاذ اإلجراءات ذات المساس‬
‫بافتراض براءتو وبيف مصمحة المجتمع في اتخاذ تمؾ اإلجراءات ضد المارقيف المجرميف‬
‫لتحوؿ دوف فرارىـ او دوف معاودتيـ الجريمة (‪ .)44‬بيد إف ىذه الموازنة تزداد صعوبة‬
‫مع تعذر التثبت مف إدانة الفرد او براءتو‪ ،‬وىنا تصارعت ثبلث نظريات األولى (النظرية‬
‫الفردية المتطرفة)‪ ،‬التي تيتـ بالفرد وبحريتو الشخصية عمى حساب راحة الجماعة‪ ،‬وعميو‬
‫يمنع حبس األبرياء ومس كرامتيـ‪ .‬إما الثانية (النظرية االجتماعية المتطرفة)‪ ،‬فتغمب‬
‫مصمحة المجتمع في مبلحقة المجرميف عمى مصمحة الفرد في افتراض براءتو‪ ،‬ولذلؾ‬
‫يسوغ لمدولة ىنا اتخاذ إجراءات خطيرة تمس حرية الفرد في حالة الشؾ واالشتباه‪ ،‬كما في‬
‫مصر التي تجمع النيابة العامة فييا بيف سمطتي التحقيؽ واالتياـ‪ .‬إما الثالثة (نظرية‬
‫الموازنة بيف الفرد والمجتمع)‪ ،‬فتوافؽ عمى اتخاذ إجراءات القبض والتوقيؼ ونحوىا إذا‬
‫كانت ىناؾ ضرورة قانونية وفي األحواؿ والحدود التي يرسميا القانوف‪ ،‬واف يصدرىا قضاة‬

‫‪141‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫حياديوف نزييوف (‪ .)41‬وىكذا‪ ،‬أثارت الطبيعة القانونية الفترض البراءة جدالً حوليا‪،‬‬
‫فالبعض تصورىا حيمة قانونية‪ ،‬وآخروف تصوروىا حقا لصيقاً بشخص االنساف يبلزمو‬
‫ويثبت لو منذ ميبلده بينما اعتبرىا آخروف مبدأً عاماً مف مبادئ القانوف او ىي قرينة‬
‫قانونية حقيقية‪ .‬بينما كاف الرأي الغالب إف افتراض المتيـ يرجع الى الفطرة التي جبؿ اهلل‬
‫االنساف عمييا‪ ،‬حيث ولد ح اًر نقي ًا مف المعاصي والخطايا وبريئاً مف الذنوب‪ ،‬األمر الذي‬
‫يقتضي معو الحاؿ امتداد افتراض البراءة في كؿ األحواؿ سواء في إثبات الجريمة او‬
‫إثبات أسباب اإلباحة او مواقع المسؤولية‪ ،‬ولغاية ثبوت عكس البراءة بموجب حكـ قضائي‬
‫نيائي (‪ .)45‬وفي ىذا السياؽ تحدثت المحكمة الدستورية العميا في مصر عف حؽ احتراـ‬
‫قرينة البراءة المفترضة وعف رسـ طبيعتيا بقوليا ((حيث إف اصؿ البراءة يمتد الى كؿ فرد‬
‫سواء كاف مشتبياً بو او متيماً‪ ،‬وباعتباره قاعدة أساسية في النظاـ أالتيامي‪ ،‬أقرتيا‬
‫الشرائع جميعاً ال تكفؿ بموجبيا حماية المذنبيف‪ ،‬وانما لتد أر بمقتضاىا العقوبة عف الفرد‬
‫إذا كانت التيمة الموجية إل يو قد أحاطتيا الشبيات بما يحوؿ دوف التيقف مف مقارفة‬
‫المتيـ لمواقعة محؿ االتياـ‪ ،‬وذلؾ إف االتياـ الجنائي في ذاتو ال يزحزح اصؿ البراءة‬
‫الذي يبلزـ الفرد دوماً‪ ،‬سواء في مرحمة التحقيؽ او المحاكمة او إثنائيا وعمى امتداد‬
‫حمقاتيا‪ ،‬أياً كاف الزمف الذي تستغرقو إجراءاتيا‪ ،‬وال سبيؿ لد حض اصؿ البراءة بغير‬
‫األدلة التي تبمغ قوتيا االقناعية مبمغ الجزـ واليقيف‪ ،‬بما ال يدع مجاالً معقوالً لشبية‬
‫انتفاء التيمة‪ ،‬وبشرط إف تكوف داللتيا قد استقرت حقيقتيا بحكـ قضائي استنفذ طرؽ‬
‫الطعف فيو وصار باتاً (‪.)46‬‬

‫انفزع انثاَ‪ : ٙ‬خصائص افرتاض انرباءج َٔطالّ َٔتائجّ‬


‫إف استعراض خصائص افتراض البراءة وعرض نتائجو يمثؿ الجزء األخير مف‬
‫الييكؿ النظري لفكرة افتراض البراءة‪ ،‬تمؾ الفكرة التي تطورت ونضجت فصارت واقعاً‬
‫وقرينة قانونية ‪-:‬‬

‫أوالً ‪ -:‬خصائص افتراض البراءة‬

‫‪145‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫لقرينة البراءة مميزات كثيرة وخصائص غزيرة‪ ،‬أىميا إنيا قاعدة قانونية إلزامية‬
‫عمى القضاء بمعنى يتعيف عمى القاضي إعماؿ ىذه القاعدة كمما كاف الشؾ يكتنؼ األدلة‬
‫بما يجعؿ اإلدانة أم اًر مرجوحاً ليس حاسماً‪ ،‬وىنا يقع حكـ القاضي باإلدانة باطبلً وموجباً‬
‫لمطعف‪ ،‬ودوننا قرار لمحكمة النقض المصرية يتسؽ مع ما تقدـ انفاً قالت فيو ((إف‬
‫األحكاـ في المواد الجنائية يجب إف تبنى عمى الجزـ واليقيف ال عمى الظف واالحتماؿ‪،‬‬
‫فإذا كانت المحكمة لـ تنتو مف األدلة التي ذكرتيا الى الجزـ بوقوع الجريمة مف المتيـ‪،‬‬
‫بؿ رجحت وقوعيا منو فحكميا بإدانتو يكوف خاطئاً (‪ .)47‬ويقتضي التنويو بأف السمطة‬
‫التقديرية الممنوحة لمقاضي والحكـ وفقاً لقناعتو القضائية الوجدانية ال يتعارض مع طبيعة‬
‫وبناء‬
‫ً‬ ‫افتراض البراءة اإللزامية وىذه الطبيعة اإللزامية ال تنفي تمؾ السمطة او ىذه القناعة‬
‫عميو فأف القاضي إذا اعد واقعة ما أنيا ثابتة فبل يمكف إف يقاؿ كاف عميو اعتبراىا محؿ‬
‫شؾ‪ ،‬الف القاضي بموجب السمطة التقديرية يمكنو وصؼ الواقعة بالثبوت اليقيني او الشؾ‬
‫االحتمالي وتطبيقاً لذلؾ فأنو يجوز لمقاضي إف يبني اإلدانة عمى ترجيح احتماؿ عمى‬
‫آخر‪ ،‬ولو إف يستعيف بمزيد مف الفحص والتدقيؽ والمراجعة ألدلة الدعوى ليرقى بيا مف‬
‫درجة االحتماؿ الى درجة اليقيف (‪ .)48‬حيث مف العسير المطمؽ بموغ اليقيف المطمؽ في‬
‫اإلثبات الجنائي بوجو عاـ‪ ،‬لكوف بموغ اليقيف يستمزـ أمريف ‪ -:‬االوؿ‪ ،‬توافر األدلة‬
‫السميمة‪ ،‬والثاني ‪ :‬تماـ التكويف الشخصي والعممي لمقاضي والشؾ في تبايف القضاة في‬
‫تكوينيـ الشخصي والعممي‪ ،‬ثـ الشؾ في تبايف الحقيقة في األدلة حيث أنيا ال تقدـ أكثر‬
‫مف الغرض الراجح حيث ال يمكف بموغ الحقيقة المطمقة خارج نطاؽ عمـ الرياضيات فبل‬
‫يمكف بموغ اليقيف المطمؽ لؤلدلة في ظؿ الفرضيات بيد إف الترجيح سبيؿ لميقيف وىو‬
‫سبيؿ غير أكيد بكؿ تأكيد الف الحقيقية ليست دائماً فرضية راجحة مثمما إف الفريضة‬
‫الراجحة ليست ىي الحقيقة ىي دائماً ولذلؾ تبقى الحقيقة القضائية نسبية قابمة لمتغيير مف‬
‫وجية نظر النقد العممي(‪ ،)49‬وذلؾ أمر يتطمب مف القاضي فحص األدلة بدقة وتحري‬
‫األدلة القاطعة في الداللة عند اإلدانة خاصة‪.‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬نطاق افتراض البراءة‬

‫‪146‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫يتعيف افتراض براءة المتيـ في سائر مراحؿ الدعوى الجزائية ابتداءاً مف مرحمة‬
‫االستدالؿ والتحري وجمع األدلة في التحقيؽ االبتدائي‪ ،‬وىي أكثر المراحؿ خطورة عمى‬
‫الحرية الفردية مساساً كوف الدعوى في بدايتيا والحاجة قائمة التخاذ إجراءات جبرية‬
‫وأحياناً تعسفية ضد المتيـ‪ ،‬وصوالً الى مرحمة إصدار حكـ بات في الدعوى‪ ،‬كما يسري‬
‫األثر المفيد الفتراض البراءة عمى جميع المتيميف الفاعميف والشركاء في الجريمة وعمى‬
‫العائديف‪ ،‬ومرتكبي الجرائـ ألوؿ مرة‪ ،‬وعمى الخطريف واألقؿ خطورة وعمى الجرائـ العمدية‬
‫وغير العمدية‪ ،‬وعمى الجنايات والجنح والمخالفات والقوؿ بعكس ذلؾ يعد تيديداً لمحريات‬
‫وافراغاً لقرينة البراءة مف افتراضيا ومضمونيا وسندىا القانوني (‪ .)10‬وتظير أىمية‬
‫افتراض ىذه القرينة في نطاؽ تقدير األدلة بصورة كبيرة خاصة في مرحمة المحاكمة عمى‬
‫اعتبار اف تقدير األدلة في مرحمة التحقيؽ االبتدائي يعد تقدي اًر مبدئياً مؤقتاً ال يتطمب فيو‬
‫القانوف االقتناع اليقيني الجازـ لذلؾ اليعد قرار سمطة التحقيؽ بإحالة المتيـ الى المحاكمة‬
‫بموجب أدلة ناقصة او شبة كافية او يعترييا الشؾ أحيان ًا مساساً بيذه القرينة المفترضة‪،‬‬
‫بينما يمزـ في مرحمة المحاكمة اف يصؿ اقتناع المحكمة باإلدانة درجة الجزـ واليقيف‪ ،‬الف‬
‫تسمؿ الشؾ الى قناعتيا يجعميا تفسر الشؾ لصالح المتيـ وتحكـ لو بالبراءة‪ ،‬الف اإلدانة‬
‫ىي مف يجب إثباتيا وليس البراءة الثابتة أصبلً (‪ ،)14‬إما تأثير الطعف في الحكـ عمى‬
‫افتراض البراءة فيو أمر مختمؼ فيو حيث يرى البعض اف المحكوـ عميو يتحمؿ وحدة‬
‫عبء اإلثبات متى ما طعف بالحكـ الف قرينة اإلدانة تحؿ محؿ قرينة البراءة عندئذ بينما‬
‫يرى آخروف عكس ذلؾ عمى أساس اف قرينة البراءة ال تنقضي بالحكـ الصادر باإلدانة‬
‫لذلؾ يبقى عبء اإلثبات واقعاً عمى عاتؽ سمطة االتياـ‪ ،‬إال في حالة إعادة المحاكمة‬
‫حيث يقع عبء اإلثبات عمى عاتؽ المحكوـ عميو (‪ .)17‬وىو رأي نعتقده راجحاً‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ /‬نتائج افتراض البراءة‬


‫يترشح عف قرينة البراءة المفترضة نتائج ميمة‪ ،‬بحيث اف بعض قواعد قانوف أصوؿ‬
‫المحاكمات الجزائية ماىي إال نتائج ليذه القرينة‪ ،‬ويسعنا عرضيا ‪-:‬‬
‫‪ -4‬المتيـ الذي يحكـ ببراءتو يفرج عنو حاالً حتى لو تـ الطعف بالحكـ تميي ًاز‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫‪ -7‬ال يضار المتيـ بطعنو‪ .‬واف الطعف يقتصر عمى األحكاـ الصادرة بالعقوبة دوف‬
‫البراءة (‪ .) 14‬وثمة قواعد استقر القضاء عمييا تمخضت عف افتراض البراءة‪،‬‬
‫نتممسيا في ق اررات عديدة لمحكمة النقض المصرية‪ .‬وتتمثؿ ىذه القواعد فيما يمي‪-:‬‬
‫‪ -4‬يمكف اف تبنى البراءة عمى دليؿ ناقص او غير مشروع‪ ،‬خبلفاً لئلدانة التي ال يجوز‬
‫اف يستمد القاضي اقتناعو بيا إال مف دليؿ جازـ كامؿ مشروع‪ .‬وتطبيقاً لذلؾ فقد تـ‬
‫الحكـ بالبراءة مف جريمة خيانة األمانة بناءاً عمى شيادة باطمة ألنيا كانت صادرة‬
‫عف شخص ممتزـ قانون ًا بكتماف السر‪ .‬ودعمت المحكمة وجيتيا بالقوؿ ‪( -:‬اف مف‬
‫المقرر انو واف كاف يشترط في دليؿ اإلدانة اف يكوف مشروعاً‪ ،‬اذ ال يجوز اف تبنى‬
‫إدانة صحيحة عمى دليؿ باطؿ في القانوف‪ ،‬إال اف المشروعية ليست بشرط واجب في‬
‫دليؿ البراءة‪ ،‬ذلؾ باف مف المبادئ األساسية في اإلجراءات الجنائية اف كؿ متيـ‬
‫يتمتع بقرينة البراءة الى اف يحكـ بإدانتو بحكـ نيائي وانو الى اف يصدر الحكـ‪ ،‬فمو‬
‫الحرية الكاممة في اختيار وسائؿ دفاعو بقدر ما يسعفو مركزه في الدعوى‪ ....‬وقد قاـ‬
‫عمى ىدي ىذه المبادئ حؽ المتيـ في الدفاع عف نفسو وأصبح حقاً مقدساً يعمو عمى‬
‫حقوؽ الييئة االجتماعية التي ال يضيرىا تبرئة مذنب بقدر ما يؤذييا ويؤذي العدالة‬
‫معاً إدانة بريء (‪.)11‬‬
‫‪ -7‬حيف يصدر القاضي الجنائي حكماً باإلدانة فانو يكوف مقيداً بقواعد اإلثبات المدنية‪،‬‬
‫حيث ال يجوز لو اف يقرر قياـ العبلقة المدنية التي تفترضيا الجريمة إال إذا توفر‬
‫الدليؿ الذي تشترطو قواعد القانوف المدني‪ .‬بينما إذا قرر القاضي البراءة فيمكنو اف‬
‫يقرر انتقاء العبلقة المدنية السابقة مستنداً الى أي دليؿ‪ ،‬فبل يتقيد في نفي ىذه‬
‫العبلقة بقواعد اإلثبات المدنية (‪.)15‬‬

‫انفصم انثاَ‪ٙ‬‬
‫ا‪ٜ‬ثار انمإََ‪ٛ‬ح الفرتاض لز‪ُٚ‬ح انرباءج‬
‫االصؿ إذاً في المتيـ البراءة حتى يثبت العكس بحكـ بات‪ ،‬وتمؾ قاعدة عامة‬
‫مفروغ منيا ومسمـ بيا تحكـ عممية اإلثبات الجنائي رافقت الثورة اإلنسانية في الحقوؽ‬

‫‪148‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫والحريات وىي ضمانة لممتيـ وقيد عمى القاضي والمحكمة‪ .‬حيث ينبغي التعامؿ مع‬
‫المتيـ عمى انو بريء واف كاف مف أرباب السوابؽ او كانت تحوـ حوؿ الشبيات‪ .‬وىكذا‬
‫يجب عمى القاضي اف يبحث عف أدلة البراءة واإلدانة بكؿ أمانة‪ ،‬وال يطالب المتيـ‬
‫بإثبات براءتو ألف البراءة ىي االصؿ واالصؿ ال يحتاج الى إثبات وانما يطالب القاضي‬
‫بإثبات اإلدانة باعتبارىا االستثناء‪ .‬لذلؾ يحؽ لممتيـ الصمت التاـ وال يجبر عمى الكبلـ‪،‬‬
‫وال يمزـ بالدفاع عف نفسو عمى الدواـ‪ ،‬وانو ال يداف وال يبلـ إال بأدلة ثابتة جازمة ال‬
‫تستنتج مف الخياؿ استنتاج ًا بؿ تستخرج مف الوقائع استخراجاً‪ .‬وىكذا يمكف الخوض في‬
‫ىذا الفصؿ بواقع مبحثيف ‪ :‬االوؿ‪ ،‬نرى فيو اثر افتراض البراءة عمى اإلثبات الجنائي‪،‬‬
‫والثاني‪ ،‬اثر افتراض البراءة عمى الحكـ الجنائي‪.‬‬
‫ادلثحث االٔل‬
‫اثز افرتض انرباءج عهٗ األثثاخ اجلُائ‪ٙ‬‬
‫مػػف ارثػػار الميمػػة الفت ػراض الب ػراءة فػػي مجػػاالت اإلج ػراءات الجنائيػػة اف عػػبء‬
‫اإلثبات ال يتحممو المتيـ‪ ،‬واف أطراؼ الدعوى لو مطمؽ الحرية في إثبات دعواىـ(‪.)16‬‬
‫ادلطهة االٔل ‪ :‬عةء اإلثثاخ ال ‪ٚ‬تحًهّ ادلتٓى‬
‫أوالً ‪ -:‬عبء اإلثبات تتحممه سمطة االتهام‬
‫يتحمؿ القاضي والمحكمة عبء إثبات األدانة ضد المتيـ بأعتبارىما جيتي اتياـ‬
‫واليتحمؿ المتيـ عبءأثبات براءتو فيي اصؿ مفترض ثابت فيو وذلؾ ينسجـ مع قاعدة‬
‫قانونية عامو مدنية مفادىا (البينة عمى مف ادعى) وقاعدة قانونية جنائية مفادىا (االصؿ‬
‫براءة المتيـ)‪ ،‬ولما كاف المدعي يدعي خبلؼ االصؿ فعمية إثبات ادعائو وال يطالب‬
‫المتيـ بإثبات دفعو أثباتاً كامبلً السيما واف القاضي والمحكمة ليما مف إمكانيات اإلثبات‬
‫ما يفوؽ كثي اًر إمكانيات المتيـ وقدرتو وسمطتو عمى اإلثبات‪ .‬وتأتي قاعدة جنائية أخرى‬
‫في ذات السياؽ مفادىا اف (الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ) األمر الذي يعني اف المتيـ إذا‬
‫دفع بتوافر سبب إباحة لديو‪ ،‬وعجز عف إقناع القاضي بصحة دفعو وعجز القاضي او‬
‫عجزت المحكمة عف إثبات العكس‪ ،‬وصار القاضي او المحكمة في شؾ مف توافر‬
‫اإلباحة او عدميا‪ ،‬فأف قرينة افتراض البراءة تفرض الفصؿ في الدعوى عمى أساس توافر‬

‫‪149‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫اإلباحة (‪ .)17‬ذلؾ اف العكس يجافي المنطؽ السميـ واإلحساس واالصؿ الفطري القويـ‪.‬‬
‫وماداـ الثابت اف األسوياء ىـ األغمبية في المجتمع واف الجريمة محض حادثة يرتكبيا‬
‫األقمية وىـ األشقياء‪ ،‬فانو يجب القبوؿ بافتراض قرينة البراءة كونو وضع يوافؽ الواقع‬
‫ويتماشى مع الوقائع وينسجـ مع الطبائع لحيف ثبوت العكس ويتغير واقع األمس وينقمب‬
‫الحاؿ الى غير مآؿ‪ .‬كما يجب القبوؿ بتحمؿ القاضي او المحكمة عبء إثبات ذلؾ‬
‫العكس وتقديـ أدلة قاطعة عمى اإلدانة‪ .‬إما القوؿ والقبوؿ بغير ىذه الحقيقة يعني اف‬
‫اصؿ االنساف اتيامو واجرامو حتى تثبت براءتو وىذا القبوؿ غير مقبوؿ‪ .‬مف ىنا قيؿ اف‬
‫دور القاضي الجنائي دو اًر ايجابياً يختمؼ عف دور القاضي المدني – السمبي (‪.)18‬‬
‫فالقاضي المدني يوازف فحسب بيف ا ألدلة التي يقدميا الخصوـ ثـ يرجح أرجحيا عمى‬
‫مرجوحيا‪ ،‬بينما يتعدى دور القاضي الجنائي الى البحث والتحري عف األدلة والحقيقة مف‬
‫تمقاء نفسو وبمختمؼ السبؿ المتاحة‪ ،‬وعميو األخذ بأوجو الدفع التي يراىا مباحة وفي‬
‫مصمحة المتيـ والتي وترفع عنو التيـ واف لـ يتمسؾ بيا المتيـ‪ ،‬ثـ يوازف بيف حؽ الدولة‬
‫في العقاب وحؽ المتيـ في البراءة عمى اف يرجح جانب المتيـ في البراءة عند الشؾ‪ ،‬الف‬
‫المجتمع أىوف عميو براءة مجرـ مف إدانة بريء (‪ . )19‬والحؽ‪ ،‬اف تكميؼ المتيـ بتقديـ‬
‫األدلة واثبات براءتو يتناقض تماماً مع قرينة افتراض براءتو كونيا اصؿ ال يحتاج الى‬
‫إثبات او فصؿ ابتداء حتى يثبت العكس انتياءاً‪ .‬واصؿ ذلؾ اف اإلثبات في المساءؿ‬
‫الجزائية إثبات لحقيقة الجريمة وىو أمر يتعمؽ بالمصمحة العامة‪ ،‬واف السمطة العامة‬
‫مكمفة بإظيار تمؾ الحقيقة‪ ،‬واما اإلثبات في المسائؿ المدنية فيو يقوـ عمى المساواة بيف‬
‫طرفي الخصومة‪ ،‬فيقع عمى كؿ متيـ إثبات ما يدعيو او ينفيو الف الخصومة ىنا تتعمؽ‬
‫بالمصمحة الخاصة‪ ،‬واف أصحاب ىذه المصمحة يحددوف وحدىـ المساءؿ المتنازع عمييا‬
‫ويتحمموف سوؽ األدلة عمى ما يدعوف (‪ .)50‬وفوؽ ذلؾ‪ ،‬اف المتيـ في المسائؿ الجنائية‬
‫يمكنو الت ازـ الصمت دوف اف يفسر ذلؾ الصمت ضده‪ ،‬وتكمف وظيفة االدعاء العاـ في‬
‫إظيار الحقيقة دوف ميؿ الى جانب معيف‪ ،‬حيث اف سمطتو تحمي براءة البريء مثمما‬
‫تحمي إدانة المتيـ عمى حد قوؿ الفقيو الفرنسي (باتاريف)‪ .‬والمحكمة ممزمة بالبحث عف‬
‫الحقيقة وليس ليا إلزاـ المتيـ بالبحث عف براءتو خاصة إذا خمت الدعوى مف دليؿ قاطع‬

‫‪110‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫عمى اتيامو‪ ،‬لكونيا أمر مفترض ال محؿ إلثباتو إماـ المحكمة بؿ يمكف إثبات عكسو‪،‬‬
‫ويمكف لممتيـ مع ذلؾ تقديـ األدلة التي تنفي أدلة االتياـ التي تساؽ ضده‪ ،‬الف حقو في‬
‫الدفاع عف نفسو مكفوؿ (‪.)54‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬اختالف الفقه حول تحمل المتهم عبء اإلثبات عن دفوعه‬


‫لقد اختمؼ الفقو الجنائي حوؿ تحمؿ المتيـ عبء إثبات دفوعو التي قد تؤدي‬
‫الى نفي مسؤوليتو الجنائية او تخفيفيا‪.‬فذىب جانب الى تطبيؽ القاعدة المدنية التي تقوؿ‬
‫((اف المدعي عميو يصير مدعياً بالدفع)) في الدعوى الجزائية‪ ،‬كونيا قاعدة عامة تسري‬
‫عمى كافة فروع القانوف بينما ذىب اتجاه أخر الى عكس ذلؾ ودعى الى التمسؾ بقرينة‬
‫البراءة المفترضة‪ ،‬ويمزـ سمطة االتياـ إثبات وسائؿ الدفاع‪ .‬وىناؾ مف يفرؽ بيف عبء‬
‫االدعاء وعبء اإلثبات ويطالب المتيـ الى جانب سمطة االدعاء وسمطة االتياـ بتحمؿ‬
‫عبء اإلثبات‪ ،‬فإذا توافر في حقو سبب إباحة او مانع مسؤولية او مانع عقاب تمسؾ‬
‫بيذا الدفع آثارىا وأثبتو‪ ،‬وقد تمسكت محكمة النقض المصرية باالتجاه االوؿ واألخير‬
‫عندما قضت بأنو (( ال تمتزـ المحكمة بتقصي أسباب أعفاء المتيـ مف العقاب في حكميا‬
‫مالـ يدفع بو أماميا‪ ،‬واذا كاف الثابت اف الطاعف لـ يتمسؾ إماـ المحكمة بقياـ سبب مف‬
‫تمؾ األسباب فميس لو اف ينعى عمى حكميا اغفالة التحدث عف ذلؾ (‪.)57‬‬

‫ثالثاً‪ -:‬استثناءات عدم تحمل المتهم عبء اإلثبات‬


‫عممنا‪ ،‬اف االصؿ العاـ في المواد الجنائية اف عبء اإلثبات يقع عمى عاتؽ‬
‫االدعاء والمحكمة‪ ،‬سواء فيما يتعمؽ بإثبات أركاف الجريمة وظروفيا او بالنسبة لطرؽ‬
‫الدفاع‪ ،‬بيد اف ىناؾ بعض االستثناءات التي تقضي بتحمؿ المتيـ عبء اإلثبات ونفي‬
‫االتياـ عف نفسو وذلؾ عندما يجعؿ المشرع لبعض أدلة اإلثبات حجية مطمقة كما ىو‬
‫الحاؿ بالنسبة لممحاضر والكشوؼ الرسمية التي يحررىا الموظفوف تنفيذًا لواجباتيـ‪ ،‬فبل‬
‫يجوز إثبات عكسيا إال عف طريؽ الطعف بالتزوير فييا‪ .‬وكذلؾ حالة أداء الواجب عندما‬
‫يرتكب الموظؼ الفعؿ غير المشروع اثناء أداء واجبو‪ ،‬فعمى الموظؼ إثبات انو لـ يرتكب‬

‫‪114‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫الفعؿ إال بعد اعتقاده مشروعية فعمو واف اعتقاده مبنياً عمى أسباب معقولة‪ ،‬وانو كاف‬
‫حسف النية واتخاذ الحيطة البلزمة عند ارتكاب الفعؿ‪ ،‬لكي تنتفي مسؤوليتو‪ ،‬ويضاؼ الى‬
‫ذلؾ استثناءاً آخر يتعمؽ بالمسؤولية عف فعؿ الغير ومثاليا المسؤولية المفترضة في جرائـ‬
‫النشر‪ .‬حيث يعفى رئيس التحرير مف العقاب إذا اثبت اثناء التحقيؽ اف النشر قد حصؿ‬
‫بدوف عممو وساعد في تقديـ ما لديو مف معمومات ووثائؽ لمعرؼ الناشر الحقيقي (‪.)54‬‬

‫ادلطهة انثاَ‪ : ٙ‬حز‪ٚ‬ح أطزاف اندعٕٖ يف اإلثثاخ اجلُائ‪ٙ‬‬


‫المدعي العاـ والمجني عميو والمتيـ وغيرىـ مف أطراؼ الدعوى‪ ،‬يتمتعوف بحرية‬
‫تامة وامكانية عامة في انتياج كؿ الطرؽ والتذرع بكؿ المنافذ والسبؿ التي أباحيا القانوف‬
‫او التي عمى األقؿ لـ يضع عمييا قيداً‪ .‬عمى حيف نجد األمر مختمؼ بالنسبة إلطراؼ‬
‫الدعوى المدنية في اإلثبات المدني الذيف ال يحؽ ليـ إثبات ادعاءاتيـ مف خبلؿ طريؽ لـ‬
‫يرسمو القانوف ليـ‪ ،‬فأدلة اإلثبات وقوة اإلثبات وكيفية اإلثبات محددة ومقيدة سمفاً‪،‬‬
‫وبالتالي فأف عبء اإلثبات يقع عمى عاتؽ األطراؼ الذيف يجتيدوف ويثابروف لتقديـ األدلة‬
‫التي تثبت ما يدعوف الى سمطة االدعاء والمحكمة او القاضي الذي ينتظر تقديـ ىذه‬
‫األدلة ليوزنيا ويرجح أحداىا عمى االخرى ولعؿ الفرؽ بيف الدعوى المدنية والجزائية في‬
‫اإلثبات اف األولى تنصب عمى تصرفات قانونية يمكف االحتياط ليا وتييئة أدلتيا مسبقاً‪،‬‬
‫بينما ينصب اإلثبات في الدعوى الجزائية عمى وقائع مادية ومعنوية يقع معظميا فجأة‬
‫دوف إمكانية التحوط لو او يقع خفية كجرائـ السرقة والجرائـ األخبلقية ونحوىا‪ .‬ولو تـ‬
‫اإلثبات في الدعوى الجزائية عمى ىدي اإلثبات في الدعوى المدنية وشروطيا‪ ،‬لتعذر‬
‫الحكـ عمى المجرميف أبداً‪ .‬وفي قرار لمحكمة تمييز العراؽ يصب في ذات السياؽ قالت‬
‫(( اف شيادة المجني عميو المؤيدة بقرائف تعززىا تعد كافية لئلدانة في جريمة المواطة))‬
‫(‪.)51‬وعمى الرغـ مف كؿ ماتقدـ‪ ،‬فاف حرية أطراؼ الدعوى في اإلثبات الجنائي ليست‬
‫مطمقة‪ ،‬حيث ترد عمى ىذه الحرية قيود وحدود واجبة األتباع مف األطراؼ والقضاة وعمى‬
‫ذلؾ‪ ،‬يتعيف عمى القاضي اف يستمد قناعتو القضائية مف أدلة عرضت أمامو في الجمسة‬
‫وتمت مناقشتيا مف الخصوـ‪ ،‬كما يجب عميو اف ال يبني حكمو عمى ورقة تقدـ بيا خصـ‬

‫‪117‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫مف الخصوـ ولـ يطمع عمييا باقي الخصوـ‪ ،‬وال يجوز لو اف يحكـ وفقاً لعممو الشخصي‬
‫ورغباتو ومعموماتو الخاصة المستمدة مما سمعو او رآه في غير مجمس القضاء او‬
‫جمسات المحاكمة إنما يجب اف يستمد القاضي قناعتو مف أدلة واجراءات صحيحة‬
‫ومشروعة‪ ،‬واف يكوف اقتناعو مبنياً عمى أدلة مستساغة ومقبوالً عقبلً ومنطقاً‪ ،‬وأدلة مبنية‬
‫عمى القطع والجزـ واليقيف وليس عمى التأويؿ والظف والتخميف‪ ،‬واف ال يكوف اقتناعو مبني ًا‬
‫عمى قرينة واحدة او استدالؿ واحد دوف تعزيزىا بأدلة او قرائف أخرى‪ ،‬واف يمتزـ القاضي‬
‫في النياية بتسبيب حكمو(‪ .)55‬وىكذا ليس ألطراؼ الدعوى كامؿ الحرية في تقديـ أي‬
‫دليؿ خاصة إذا لـ يكف خاضعاً لضوابط القانوف‪ ،‬وليس لمقاضي قبوؿ أي دليؿ وال بناء‬
‫قناعتو وحكمو عمى كؿ دليؿ ما لـ يكف صالحاً واضحاً قاطعاً‪.‬‬
‫ادلثحث انثاَ‪ٙ‬‬
‫اثز افرتاض انرباءج عهٗ احلكى اجلُائ‪ٙ‬‬
‫افتراض البراءة لو اثر آخر ميـ عمى الحكـ الجنػائي يتمثػؿ فػي ضػرورة بنػاء حكػـ‬
‫اإلدانػػة عمػػى الجػػزـ واليقػػيف‪ ،‬وضػػرورة إصػػدار حكػػـ الب ػراءة فػػي حالػػة الشػػؾ إذا لػػـ يتسػػنى‬
‫اليقيف‪.‬‬

‫ادلطهة االٔل ‪ٔ :‬جٕب تُاء اإلداَح عهٗ ان‪ٛ‬مني‬


‫تصاغ قناعة القاضي في الدعوى الجزائية بطريقة تختمؼ عنيا في الدعوى‬
‫المدنية عمى الرغـ م ف اف جوىر التقدير في كمتي الدعوتيف ينصب عمى تقدير االدلة الف‬
‫األدلة كميا انما تمثؿ وسائؿ لمبحث لمحقيقية في الدعوى الجزائية بينما ال يبحث القاضي‬
‫الجنائي عف ادلة معينة في الدعوى المدنية بقدر ترجيح بعض االدلة التي يقدميا اطراؼ‬
‫الدعوى عمى البعض األخر وأف لـ تكف تمؾ األدلة تظير وجو الحقيقية فضبلً عمى اف‬
‫البحث براءة المتيـ او ادانتو في الدعوى الجزائية انما يعتمد عمى ركنيف االوؿ‪ -:‬ىو‬
‫البحث عف الحقيقة مف سمطة االدعاء واالتياـ والثاني ‪ -:‬ىو اقتناع القاضي بأدلة االدانة‬
‫او البراءة بجريمة تامة دوف قيود إالقيود قميمة مقبولة تصب في صالح المتيـ كتفسير‬
‫الشؾ في صالحو وبناء القناعو عمى ادلة قانونية مشروعة وقيـ اجتماعية اخبلقية متبوعة‪،‬‬

‫‪114‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫وصوغ القناعة مف عممية ذىنية عقمية منطقية مرتبطة بالضمير القانوني واالنساني العادؿ‬
‫الرامي الدراؾ الحقيقية الواقعية القضائية بعد االستعانة بالتقدير السميـ لبلدلة والنظر الى‬
‫مصمحة المتيـ والمجتمع معاً(‪ .)56‬وترجيح مصمحة المتيـ عند الشؾ وفقداف اليقيف‪.‬‬
‫ونرى اف المشرع الجنائي العراقي حرص عمى ضماف افتراض قرينة البراءة مف خبلؿ بناء‬
‫الحكـ عمى قناعة المحكمة واستخبلصو مف ادلة متساندة محددة تقود الى اليقيف خاصة‬
‫في حالة االدانة (‪ .)57‬واذا كانت المحكمة الجنائية حرة في تكويف قناعاتيا القضائية مف‬
‫ادلة يقينية في حالة االدانة‪ ،‬فأف ىذه المحكمة ينبغي اف تبني قناعاتيا بحكـ االدانو مف‬
‫ادلة تطمئف الييا عرضت عمى بساط المحكمة وساحة االطراؼ وتمت مناقشتيا‪ ،‬دوف اف‬
‫تكوف المحكمة مقيدة بنوع معيف مف االدلة‪ ،‬وليا في ذلؾ تقدير قوة وقيمة االدلة‪ ،‬ومف ثـ‬
‫قبوليا حتى واف كانت ليست صريحو وال داللة بذاتيا عمى الواقعة المراد اثباتيا‪ ،‬ما دامت‬
‫المحكمة يمكنيا استخبلص ثبوت الواقعة باالستنتاج اذا كاف ذلؾ االستنتاج يمثؿ الرأي‬
‫الوحيد الذي يمكف استخبلصة مف األدلة والقرائف والظروؼ‪ ،‬ومف ثـ ترتيب النتائج عمى‬
‫المقدمات ماداـ االستنتاج سميماً ومنطقياً ومعقوالً والخبلصة‪ ،‬اف ادلة االدانة وحكـ االدانة‬
‫يجب اف تبنى عمى الجزـ واليقيف العمى الشؾ الظنيف والتخميف (‪ .)58‬وماداـ االمر عمى‬
‫ىذا‪ ،‬فأنو يتعيف البحث في معنى اليقيف‪ ،‬وكيؼ يمثؿ جوىر االدانة‪.‬‬

‫انفزع االٔل ‪ :‬يعىن ان‪ٛ‬مني‬


‫اليقيف في المغة‪ ،‬ىو العمـ وزواؿ الشؾ‪ ،‬ويقاؿ ((يقنت)) االمر وأيقنت واستيقنت‬
‫وتيقنت‪ ،‬كميا بمعنى واحد‪ .‬ويقاؿ انا عمى (يقيف) منو(‪ .)59‬واليقيف ىو سكوف النفس‬
‫وثمج الصدر بما نعمـ‪ ،‬ويجعموف الشؾ ضد اليقيف‪ ،‬فيقولوف شؾ ويقيف‪ ،‬وقمما يقاؿ شؾ‬
‫وعمـ فاليقيف‪ ،‬مايزيؿ الشؾ دوف غيره مف اضداد العموـ‪ .‬ويقاؿ عمماً يقيناً الف في وجودة‬
‫ارتفاع لمشؾ(‪ .)60‬واليقيف في عمـ الكبلـ‪ ،‬كممة ترادؼ (الحقيقية)‪ .‬والحقيقية كممة مشتقة‬
‫مف (حقؽ) وحؽ االمر أي صار منو عمى يقيف‪.‬واليقيف نقيض الشؾ‪ ،‬وىو استقرار العمـ‬
‫في النفس او ىو العمـ الذي اليداخمة ريب عمى مطمؽ العرؼ‪ .‬وجعؿ البعض تعريفا لكؿ‬
‫متربة مف مراتب اليقيف ‪ -:‬فقالوا عمـ اليقيف‪ ،‬ما كاف الرباب العقوؿ بشرط البرىاف والدليؿ‬

‫‪111‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫عف طريؽ النظر واالستدالؿ‪ .‬وعيف اليقيف‪ ،‬ما كاف بحكـ البياف وىو الصحاب العموـ مما‬
‫شاىدة وعاينو بالبصر وحؽ اليقيف ما كاف بنعت العياف وىو الصحاب المعارؼ وىو ما‬
‫باشرة ووجدة وذاقة وعرفة باالعتبار (‪ .)64‬واليقيف في الفمسفة‪ ،‬كما قاؿ عنة الغزالي انو‬
‫(معرفة بحقيقة الشيء ال يخالطيا شؾ و خطأ) وقاؿ انو تصديؽ لـ يبقى معو مجاؿ‬
‫لمشؾ والريب والخطأ وامكاف وقوعيا‪ ،‬أذ إف االنساف (يتقيف بأف يقينة ال يمكف اف يكوف‬
‫فيو سيو وال غمط وال التباس وال يجوز الغمط في تيقنة بالقضية وال في تيقنة الثاني‬
‫بصحبة تيقنة‪ ،‬فيكوف فيو امناً مطمئناً قاطعاً بأنو ال يتصور اف يتغير فيو رأيو وال اف‬
‫يطمع عمى دليؿ غاب عنو بغير اعتقادة)‪ )67( .‬واليقيف في المنطؽ ىو تقسيـ لمتصديؽ‬
‫الذي ىو تقسيـ لمعمـ‪ .‬بمعنى اف اليقيف ىو تقسيـ العمـ‪ .‬فاليقيف اف تصدؽ بمضموف امر‬
‫او خبر عمى نحو الجزـ بما ال يحتمؿ كذبو‪ ،‬أو تصدؽ بعدمة عمى نحو الجزـ بما ال‬
‫يحتمؿ صدقة‪ .‬واليقيف أعمى قسمي التصديؽ‪ ،‬والضف أدنى قسمي التصديؽ لكونو ترجيح‬
‫امر او خبر او عدمة مع تجويز الطرؼ االخر (‪.)64‬‬
‫واليقيف القضائي عمى ىذا‪ ،‬حالة ذىنية تؤكد وجود الحقيقة‪ ،‬يصاغ بالمعرفة‬
‫الحسية التي تدركيا الحواس‪ ،‬وبالمعرفة العقمية التي تدركيا التحميبلت واالستنتاجات‬
‫(‪ .)61‬وىو يمر بمراحؿ متوالية متتالية مترابطة‪ ،‬حيث يكشؼ اطراؼ القضية اما‬
‫القاضي الوقائع واالدالة التي توحي بثبوت الجريمية أو نفييا‪ ،‬ثـ يفسر القاضي ما يدركة‬
‫وما يعتقدة بناءاً عمى تمؾ والوقائع واالدالة‪ ،‬ويجري تحقيقياً وتدقيقاً وتحميبلً وتحصيبلً ليا‪،‬‬
‫ثـ يجري تكييف ًا لما ثبت مف الوقائع المادية مع نصوص القانوف فيصؿ القاضي في‬
‫النياية الى ما يعتبره يقيناً ليصدر في ضوءه حكمة العادؿ الفاصؿ (‪.)65‬‬

‫انفزع انثاَ‪ : ٙ‬ان‪ٛ‬مني انمعائ‪ ٙ‬جْٕز اإلداَح‬


‫اليقيف الذي يصؿ الية القاضي في النياية لحظة الحكـ باإلدانة‪ ،‬ىو يقيف نسبي‬
‫وليس مطمؽ‪ ،‬فاليقيف المطمؽ اليمكف فرضة حتماً في صياغة القناعة القضائية وبناء‬
‫حكـ اإلدانة‪ .‬ونسبية اليقيف ىي الدرجة الممكنة التي يمكف اف يتوصؿ الييا العقؿ البشري‬
‫عادةً قياساً عمى اختبلفات ضمائر القضاة ومعموماتيـ وعاداتيـ وخبراتيـ وامكاناتيـ‪ ،‬بيد‬

‫‪115‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫اف ذلؾ ال يعني اف القاضي يحكـ وفقاً الىوائة الشخصية‪ ،‬فاليقيف القضائي‪ ،‬ىو حصيمة‬
‫البحث الجنائي عف الحقيقية بطرؽ شرعية ووسائؿ قانونية واستخبلصات فكرية واقعية‪،‬‬
‫دوف رقابة او تأثير ِ‬
‫إال ِِِ مف الضمير‪ .‬فيمكف لمقاضي اف يقبؿ األدلة كميا أو يرفضيا‬
‫كميا أو بعضيا او يجزئيا لبموغ اليقيف القضائي واصدار الحكـ القضائي(‪ .)66‬أما نسبة‬
‫اليقيف القضائي فإنيا تعود الى نسبة الحقيقية القضائية‪ ،‬واف الحقيقة واف كانت في ذاتيا‬
‫مطمقة إال اف اكتشافيا ىو أمر نسبي نظ اًر لقصور الوسائؿ اإلنسانية في المعرفة‬
‫ومحدودية قدراتو‪ ،‬فضبلً عمى اف األدلة التي يعتمدىا القاضي في بناء قناعتو ال تقدـ‬
‫أكثر مف االحتماؿ الراجح (‪ ،)67‬وال يتحقؽ الجزـ واليقيف‪ .‬وىي أمور معنوية باطنية‬
‫داخمية إال في ميداف البحوث العممية والعموـ الطبيعية والحسابية والرياضياتية (‪.)68‬‬
‫واليقيف القضائي عمى ذلؾ اصطبلح يطمؽ عمى اليقيف المطموب في حكـ اإلدانة كمعيار‬
‫إلزامي يتعيف وجودة في بناء األحكاـ الجزائية‪ .‬وىو يقيف موضوعي يتعمؽ بالوقائع مثمما‬
‫ىو يقيف شخصي يتعمؽ بالقاضي يتوطف بثبات في عقؿ القاضي ومعظـ القضاة بصورة‬
‫مشتركة إذا ما افترضنا عيف الظروؼ وذات المبلبسات أحاطت بيـ كميـ (‪ .)69‬وال‬
‫يصؿ القاضي الجنائي الى مرتبة اليقيف إال بأجتماع ثبلثة شروط‪ -:‬االوؿ‪ ،‬اعتماد‬
‫القاضي في حكمة عمى أدلة قضائية سميمة جازمة‪ ،‬ثـ اعتماده عمى إجراءات مشروعة‪،‬‬
‫ثـ اقتناعو التاـ الناجـ عف استنتاج عقمي منطقي قانوني ال يحتمؿ إال تأويبلً واحداً فاليقيف‬
‫بعد ذلؾ وعمى ذلؾ‪ ،‬حالة ذىنية عقمية وليدة تقييـ ذاتي مف جانب القاضي ألدلة الدعوى‬
‫معتمداً عمى قدراتو الذىنية وخبراتو العممية والفنية وتجاربو المينية وثقافتو العممية‬
‫والشخصية وضميره العادؿ المطمئف وصوالً الى حكـ اإلدانة او البراءة (‪ .)70‬لذلؾ يقاؿ‬
‫بحؽ‪ ،‬اف اليقيف واالقتناع والحقيقة حمقات متعاضدة مترابطة في سمسمة الدعوى الجزائية‬
‫التي يمثؿ الحكـ العادؿ حمقتيا النيائية‪ .‬اف القوؿ باف األصؿ في المتيـ البراءة ىو يقيف‬
‫واف كاف يقيف ابتدائي افتراضي‪ ،‬واف ىذا اليقيف ال يزوؿ إال بيقيف يماثمو او أقوى منو في‬
‫حكـ اإلدانة‪ ،‬وىو يقيف ثابت نيائي تبنى عميو اإلدانة‪ ،‬وكؿ ما دوف اليقيف مف شؾ او‬
‫احتماؿ او تخميف يفسر لمصمحة المتيـ ويقتضي العودة الى اصؿ البراءة في المتيـ وىو‬
‫يقيف أقوى مف التخميف يقود المحكمة الى الحكـ بالبراءة شريطة اف تسبب حكميا (‪.)74‬‬

‫‪116‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫وىذا ىو توجو محكمة تمييز العراؽ في حكـ قالت فيو ((عند تناقض الشيادات وعدد‬
‫االطبلقات المرمية وعدـ تحديد الشيود لمشخ ص القاتؿ او مشاىدتيـ لو يقوـ بإطبلؽ‬
‫النار عمداً او نتيجة خطأ‪ ،‬فمف مجمؿ األدلة المتحصمة‪ ،‬ال يمكف اف تولد القناعة باف‬
‫المتيـ ىو الفاعؿ‪ ،‬لذلؾ تكوف إدانتو مبنية عمى الشؾ واالحتماؿ ال عمى الجزـ واليقيف))‬
‫(‪.)77‬‬

‫ادلطهة انثاَ‪ٔ : ٙ‬جٕب حكى انرباءج عُد انشك‬


‫تبمورت في الفقو الجنائي قاعدة ميمة مفادىا اف ((الشؾ يفسر لصالح المتيـ))‬
‫تمخضت عف قاعدة أخرى مفادىا اف ((األحكاـ الجزائية تبنى عمى الجزـ واليقيف ال عمى‬
‫الشؾ واالحتماؿ)) و قاعدة أخرى مفادىا اف ((االصؿ في االنساف البراءة)) ومنيا‬
‫((افتراض براءة المتيـ)) وقاعدة شرعية ترشحت عنيا تمؾ القواعد مفادىا اف ((الحدود‬
‫تد أر بالشبيات))‪ .‬وىكذا‪ ،‬إذا كاف الدليؿ المعروض عمى المحكمة غير كاؼ او ضعيؼ‬
‫او فيو شؾ بميغ او خفيؼ وجب الحكـ ببراءة المتيـ او بعدـ مسؤوليتو او باإلفراج عنو‬
‫استناداً لقاعدة الشؾ يفسر لصالح المتيـ‪ ،‬حتى واف كاف اعتراؼ المتيـ ىو الدليؿ الوحيد‬
‫ماداـ تمفو الشكوؾ وتحيطو الشبيات‪ .‬كذلؾ األمر أذا كاف دفاع المتيـ مبنياً عمى توافر‬
‫سبب اباحة او مانع مسؤولية او مبنياً عمى أدلة متناقضة‪ ،‬او حتى اذ عجزت المحكمة او‬
‫القاضي عف دحض دفاع المتيـ او دفاع موكمو او إثبات ادعائيا ضده (‪ .)74‬مف ىنا‬
‫يجب التعرؼ عمى معنى الشؾ‪ ،‬وعمى كيفية بناء حكـ البراءة عميو‪.‬‬

‫انفزع االٔل ‪ :‬يعىن انشـك‬


‫الشؾ في المغة‪ ،‬حالة نفسية يتردد معيا الذىف بيف اإلثبات والنفي ويتوقؼ عف‬
‫الحكـ‪ .‬والشؾ استواء طرفي التجويز‪ ،‬والظف رجحاف احد طرفي التجويز‪ .‬واصؿ الشؾ في‬
‫العربية قولنا شككت الشيء إذا جمعتو بشيء تدخؿ فيو‪ ،‬والشؾ ىو اجتماع شيئيف في‬
‫الضمير‪ ،‬ووقوؼ بيف النقيضيف مف غير تقوية احدىما عمى ارخر(‪ .)71‬والشؾ يعني‬

‫‪117‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫التردد بيف أمريف‪ ،‬وىـ ضد اليقيف (‪ .)75‬فيو التردد بيف نقيضيف‪ ،‬ال يرجح العقؿ احدىما‬
‫وال يميؿ القمب الى احدىما (‪ .)76‬والشؾ في الفمسفة‪ ،‬ىو االسترابة في معتقديف‬
‫فصاعداً ًِ مف غير ترجيح احدىما عمى الثاني (‪ ،)77‬والبقاء عند الشؾ عجز عف‬
‫المعرفة والحكـ القاطع‪ ،‬وديمومة بقاء الشؾ نفي اليقيف واتجاه الى الغمط‪ ،‬وىو امر يرفضو‬
‫الغزالي الذي شغؼ بالبحث عف الحقيقة‪ ،‬الف الشؾ ىو اعتداؿ ميؿ النفس الى التصديؽ‬
‫والتكذيب بشيء وعدـ الحكـ فيو بإثبات او نفي الستواء أمكاف األمريف‪ ،‬وىكذا يمكف اف‬
‫يسبؽ الشؾ الغمط او يتزامف معو إذا قرر أم ًار خبلف ًا لمحقيقة وىو شاؾ في حقيقتو (‪.)78‬‬
‫أما الشؾ في القانوف‪ ،‬فيقوـ إذا كانت الفكرة غير كاممة وكاف العمـ بالموضوع مجت أًز‪،‬‬
‫فيكوف الذىف بخصوص ىذا الموضوع في حالة شؾ‪ ،‬والشؾ ىنا نقيض الثبوت واإلثبات‪،‬‬
‫فيوما يخالج القاضي او غيره في تقديره وقناعتو بالفعؿ المشروع او غير المشروع اتجاه‬
‫واقعة او دليؿ او نص او أمر‪ ،‬فيتأرجح في اف واحد بيف التأكيد والنفي‪ ،‬وبيف الحؿ‬
‫والتجريـ وبيف اإلباحة والتحريـ (‪.)79‬‬

‫انفزع انثاَ‪ : ٙ‬انشك انمعائ‪ٚ ٙ‬فسز نهرباءج‬


‫الشؾ القضائي قد يتسمؿ الى ذىف القاضي في قضية معينة ويجد نفسو محتا اًر‬
‫متردداً في الحكـ بسبب تناقض االدلة وتعادؿ قيمتيا بيف النفي واإلثبات‪ ،‬االمر الذي يتيح‬
‫لمقاضي احتراـ اصؿ البراءة في المتيـ واحتراـ الشؾ الذي يفسر لمصمحة المتيـ والحكـ‬
‫ببرائتة (‪ .)80‬وذلؾ يعني اف االدانة ال تبنى اال عمى الجزـ واليقيف‪ ،‬اما البراءة فيجوز اف‬
‫تبنى عمى الشؾ غير المبيف بمعنى اخر اف القاضي ال يحتاج دليبلً قاطعاً جازماً لمحكـ‬
‫بالبراءة او االفراج او عدـ المسؤولية متى اقتنع اف المتيـ لـ يرتكب الجريمة التي اتيـ بيا‬
‫او شؾ عمى االقؿ في ذلؾ‪ ،‬حتى اذا توافرت بعض القراف والدالئؿ واإلشارات غير الثابتة‬
‫التي ال ترقى الى مستوى األدلة القاطعة بسبب ما يعترييا مف شؾ وغموض حيث يكفي‬
‫في المحاكمة الجنائية اف يتشكؾ القاضي في صحة اسناد التيمة الى المتيـ لكي يقضي‬
‫بالبراءة او االفراج‪ ،‬عوداً عمى اصؿ البراءة في االنساف الذي لـ يثبت خبلفو بأدلة قاطعة‬
‫(‪ .)84‬اف قاعدة تفسير الشؾ لمصمحة المتيـ ىي نتيجة قانونية منطقية تترتب عمى‬

‫‪118‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫افتراض براءة المتيـ‪ ،‬وتترتب عمى وجوب بناء القناعة القضائية باإلدانة عمى الجزـ‬
‫واليقيف‪ .‬حيث اف االمنتناع المضطرب بيف اثبات التيمة ونفييا ال يصمح اال لنفي التيمة‬
‫عف المتيـ لكونة ال يصمح لنفي ما كاف ثابتاً في اصؿ االنساف وىو البراءة‪ ،‬بؿ يعد‬
‫االضطراب عامبلً يسعؼ اصؿ البراءة ويؤكد افتراضة في المتيـ(‪ .)87‬بيد اف احكاـ‬
‫البراءة واالفراج ونحوىا واف كانت تبنى عمى اساس الشؾ اال اف ذلؾ الشؾ ال يعد حجة‬
‫تساوي اليقيف‪ ،‬انما ىي وسيمة منطقية مقبولة يتذرع القاضي بيا لتعزيز اليقيف الثابت لدية‬
‫ولغيره في اف االصؿ براءة المتيـ حتى يثبت باليقيف المعاكس غير ذلؾ‪.‬عمى اف ذلؾ‬
‫االتجاة مشروط بتسبيب القاضي حكمة والبرىنة في التسبيب عمى امتبلكة احاطة وافية‬
‫كافية بوقائع الدعوى وظروفيا وادلتيا‪ ،‬وتقديـ تعميؿ منطقي لرجحاف كفة دفاع المتيـ وادلة‬
‫النفي عمى ادلة االثبات التي داخميا الشؾ والريبة‪.‬‬

‫انفصم انثانث‬
‫احلًا‪ٚ‬ح انمإََ‪ٛ‬ح إلفرتاض لز‪ُٚ‬ح انرباءج‬
‫تتمثؿ الحماية القانونية لحؽ احتراـ قرينة البراءة في وجود ىذه القرينة ضمف‬
‫نصوص إعبلنات حقوؽ االنساف الصادرة مف األمـ المتحدة ومف جيات دولية أخرى‬
‫بل عمى تضميف‬
‫ودوؿ ميمة وبالتالي تترتب المسؤولية الجزائية عمى مف يخالفيا‪ .‬فض ً‬
‫معظـ دوؿ العالـ ىذه القرينة في دساتيرىا وقوانينيا عمى األقؿ واكتسابيا صفة اإللزاـ‬
‫أيضاً‪ .‬بؿ صار االلتزاـ بتطبيؽ ىذه القرينة دليبلً عمى تحضر الدوؿ ومدنيتيا‬
‫وديمقراطيتيا‪ .‬وعمى أي حاؿ‪ ،‬فأف وسائؿ الحماية ليذه القرينة تفرض عمى القضاء‬
‫واألعبلـ وغيرىـ مراعاتيا واحتراميا وأال صاروا تحت طائمة المسؤولية‪ .‬فيي تعطؿ حؽ‬
‫األعبلـ في نشر او إذاعة أخبار عف المتيـ والتيـ والتحقيؽ والمحاكمة قبؿ صدور حكـ‬
‫قضائي بات باإلدانة‪ .‬كما تشؿ يد القاضي في اتخاذ إجراءات وق اررات تعسفية تناقض‬
‫أفتراض براءة المتيـ‪ .‬وتتمثؿ ىذه الحماية في وسائؿ الحفاظ عمى سرية التحقيؽ‬
‫والمسؤولية الجنائية عنو في القوانيف المقارنة وفي العراؽ‪ .‬ومف ىنا‪ ،‬يمكف تقسيـ ىذا‬
‫الفصؿ الى مبحثيف يعالجاف ذلؾ (‪. )84‬‬

‫‪119‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫ادلثحث االٔل‬
‫سز‪ٚ‬ح انتحم‪ٛ‬ك ٔادلسؤٔن‪ٛ‬ح اجلزائ‪ٛ‬ح يف تعط انمٕاَني ادلمارَح‬
‫نتناوؿ في ىذا المبحث سرية التحقيؽ وما يترتب عمييا مف مسؤولية جنائية تمثؿ‬
‫الحماي ة الجنائية التي أضفاىا المشرع عمى ىذه السرية في بعض القوانيف المقارنة مثؿ‬
‫القانوف الفرنسي والقانوف اإلنكميزي والقوانيف العربية المقمدة او المتأثرة بيما‪.‬‬
‫ادلطهة االٔل ‪ :‬سز‪ٚ‬ح انتحم‪ٛ‬ك يف انمإٌَ ادلمارٌ‬
‫نتناوؿ في ىذه المطمب موقؼ بعض القوانيف المقارنة الميمة كالقانوف الفرنسي والمصري‬
‫واإلنكميزي‪.‬‬

‫انفزع االٔل ‪ :‬يٕلف انمإََني انفزَس‪ٔ ٙ‬ادلصز٘‬


‫نص قانوف اإلجراءات الجنائية الفرنسي في المادة (الحادي عشر) عمى انو‬
‫( بدوف األضرار بحقوؽ الدفاع فأف اإلجراءات التي تتـ في اثناء التحقيؽ تكوف سرية وكؿ‬
‫شخص ساعد عمى اتخاذ ىذا األجراء يحتفظ بسر المينة) ولكوف ىذا النص يشمؿ‬
‫القضاة وضباط الشرطة ومأموري الضبط القضائي والخبراء والقائميف بالتحقيؽ ويمتد‬
‫أيضاً ألطراؼ والشيود ولكونو ال يشمؿ الصحفييف الف القانوف ال يعنييـ في ىذه المادة‬
‫فقد تـ إضافة فقرة جديدة لممادة (‪ )44‬انفاً بموجب الفقرة (‪ )4‬مف المادة (‪ )96‬مف القانوف‬
‫رقـ (‪ )7000/546‬الصادر في ‪ 45‬يونيو ‪ 7000‬والمتعمؽ بحماية قرينة البراءة وحقوؽ‬
‫المجني عمييـ‪ ،‬ونصت الفقرة الجديدة عمى اف ((مع ذلؾ ولتجنب الدعاية اإلعبلمية‬
‫المجزاة او المغموطو او لوضع نياية لتكدير النظاـ العاـ‪ ،‬فأنو لمنائب العاـ مف تمقاء نفسو‬
‫وبناء عمى طمب قاضي التحقيؽ او أطراؼ الدعوى رفض حضور الجميور وذلؾ‬
‫لعناصر موضوعية تعود عمى األجراء وانو ال يستوجب اي حكـ عمى شرعية التكميؼ ضد‬
‫األشخاص المختصميف))‪ .‬ويذكر اف المادة (‪ )48‬مف قانوف الصحافة الفرنسي لعاـ‬
‫‪ 4884‬حظرت نشر وثائؽ التحقيؽ بيد اف المشرع المصري لـ يحظر نشر وثائؽ التحقيؽ‬
‫فحسب مثمما فعؿ المشرع الفرنسي‪ ،‬بؿ مد الحظر ليشمؿ كافة التحقيقات الجنائية القائمة‪،‬‬

‫‪150‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫سواء في حالة ما إذا قررت سمطة التحقيؽ أجرائو في غيبة الخصوـ او في حالة ما إذا‬
‫كانت سمطة التحقيؽ قد حظرت شيء منو مراعاة لمنظاـ العاـ او ارداب‪ ،‬وفي ىذه الحالة‬
‫ال يجب المبالغة في سرية التحقيؽ بحجة المحافظة عمى قرينة البراءة‪ ،‬الف عبلنية‬
‫التحقيؽ تتيح لمخصوـ الوقوؼ عمى سير التحقيؽ في كافة مراحمو‪ ،‬حتى اليتفاجأ احد‬
‫الخصوـ باألدلة القائمة ضده في وقت يستحيؿ عميو دفعيا‪ .‬كما اف العبلنية يمكف اف‬
‫تتيح لمخصوـ مراقبة تطبيؽ القواعد القانونية الخاصة بالواقعة (‪ .)81‬وطبقا لممادتيف‬
‫(‪ 489‬و ‪ )490‬مف قانوف العقوبات المصري فأف حصانة النشر مقصورة عمى إجراءات‬
‫المحاكمة‪ ،‬وال تمتد الى إجراءات التحقيؽ االبتدائي وال الى التحقيقات األولية او اإلدارية‬
‫مراعاة االحتراـ قرينة البراءة‪ ،‬واف اليداف متيـ قبؿ صدور حكـ بإدانتو‪ .‬ويذىب جانب مف‬
‫الفقو الفرنسي الى القوؿ اف النشر الذي يتـ ضد المتيـ في حالة ارتكابو أحدى الجرائـ‬
‫اثناء مرحمة التحقيؽ او قبميا يتعارض مع قرينة البراءة التي تمثؿ حقاً مف حقوؽ االنساف‪،‬‬
‫السيما عقب قياـ أجيزة الشرطة بالقبض عمى المتيميف في أحدى الجرائـ‪ .‬ويتضاعؼ‬
‫تأثير النشر إذا ما حصؿ ذلؾ عف طريؽ التمفاز (‪ .)85‬وبدورنا نؤيد ىذا االتجاه الذي‬
‫يرفض النشر واجراء المقاببلت التمفازية ونحوىا مع المتيميف عقب القبض عمييـ‪ ،‬حتى‬
‫واف لـ تقرر سمطة التحقيؽ أجراء التحقيؽ في غيبة الخصوـ‪ ،‬او لـ تحظر إذاعة شيء‬
‫منو مراعاة لمنظاـ العاـ او ارداب‪ ،‬وذلؾ احتراماً لقرينة البراءة‪.‬‬

‫انفزع انثاَ‪ : ٙ‬يٕلف انمإََني اإلَكه‪ٛ‬ز٘ ٔانسٕداَ‪ٙ‬‬


‫يبيح القانوف اإلنكميزي المواجية بيف الخصوـ والشيود في التحقيؽ‪ ،‬ويتـ ذلؾ في‬
‫جمسة عمنية يحضرىا فضبلً عف المتيـ محامية والشيود والمواطنيف (‪ .)86‬لقد سار‬
‫التشريع اإلنكميزي عكس مبدأ سرية التحقيؽ بالنسبة لمجميور‪ ،‬حيث نصت المادة (‪ )6‬مف‬
‫قانوف القضاء الجنائي لعاـ ‪ 4967‬عمى عمنية التحقيؽ وفرضت عمى قاضي التحقيؽ ىذا‬
‫النيج‪ .‬بيد اف ىذا المبدأ يمكف مخالفتو في حالة وجود نص في القانوف او في حالة ما إذا‬
‫استشعر قاضي التحقيؽ وجود مصمحة تقتضي أجراءه بصورة سرية‪ .‬كذلؾ فعؿ المشرع‬
‫السوداني‪ ،‬حيث ورد في المادة (‪ )709‬مف قانوف اإلجراءات الجنائية السوداني اف المكاف‬

‫‪154‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫الذي يجري فيو التحقيؽ او المحاكمة في أي جريمة يعد عمنياً يجوز لمجميور بصفة عامة‬
‫ارتي اده بقدر ما يمكف أف يتسع لو المكاف بصورة مناسبة ومريحة‪ ،‬غير اف رئيس الجمسة‬
‫ولغرض تنظيـ انعقاد الجمسة لو الحؽ في أية مرحمة مف مراحؿ التحقيؽ او المحاكمة وفي‬
‫أي قضية اف يمنع دخوؿ الجميور بصفة عامة او يمنع أي شخص مف الدخوؿ او يطمب‬
‫مف أي شخص مغادرة المكاف (‪.)87‬‬
‫ادلطهة انثاَ‪ : ٙ‬ادلسؤٔن‪ٛ‬ح اجلزائ‪ٛ‬ح يف انمإٌَ ادلمارٌ‬
‫سوؼ لف نطمؽ العناف لمفردات المسؤولية الجنائية في جؿ القوانيف المقارنة وىي‬
‫كثيرة‪ ،‬إنما سنستعرض لقوانيف أثرت في القانوف العراقي وتركت بصمات واضحة عمى‬
‫مسارات نصوصو وتحديد رؤيتو‪ ،‬فضبلً عف تأثير ىذه القوانيف عمى قوانيف المنطقة أيض ًا‬
‫كونيا أنموذجاً ناضجاً سائغاً بالنسبة ليذه الدوؿ وعمية فأف تركيزنا في ىذا الجانب يتعمؽ‬
‫بالقانونيف الفرنسي والمصري‪ ،‬السيما اف ىذيف القانونيف بعكس القانوف اإلنكميزي‬
‫والسوداني يقرراف سرية التحقيؽ والمحاكمة‪.‬اف قرينة البراءة في االصؿ حؽ لكؿ إنساف‬
‫وذلؾ فأف المشرع الفرنسي والمشرع المصري عاقب عمى نشر اإلجراءات القضائية التي‬
‫تتضمف االعتداء عمى ىذه القرينة‪ .‬يبد اف جوىر المسؤولية الجنائية الناجمة عف عدـ‬
‫احتراـ قرينة البراءة إنما يتمثؿ في العقاب عمى جريمة القذؼ‪ ،‬عمى اعتبار اف النشر يمثؿ‬
‫واقعة تحمؿ اعتداء مباش اًر عمى السمعة والشرؼ او االعتبار‪ .‬وىذا المسار كاف نيجاً‬
‫يسير عميو المشرع الفرنسي قبؿ صدور قانوف عاـ ‪ 4994‬المتعمؽ باحتراـ قرينة البراءة‪،‬‬
‫حيث كاف جريمة القذؼ تمثؿ حماية جنائية غير مباشرة لقرينة البراءة‪ ،‬في حالة اإلببلغ‬
‫او النش او اإلذاعة اإلعبلمية او الصحفية عف جناية او ضجة ضد شخص متيـ بيا ولـ‬
‫تحسـ أدانتو عنيا بعد بموجب حكـ جنائي قضائي نيائي بات‪ .‬ومف ىنا‪ ،‬كاف يتوجب‬
‫عمى الصحفي او الشخص العادي عند قيامو بنشر أحدى الجرائـ اف يختار األلفاظ‬
‫المناسبة التي تمثؿ إدانة حقيقية لآلخريف‪ ،‬سواء مف خبلؿ عدـ ذكر اسـ المتيـ او عدـ‬
‫التسرع في إصدار حكـ بإدانتو عف جريمة لـ يرتكبيا ولكف تضمنتو قائمة االتياـ لو‪.‬‬
‫وىذا أمر شائع في الفقو الفرنسي‪ ،‬حيث يتطمب األمر مف الصحفييف استخداـ مفردات‬
‫لغوية تعبر عف معنى االتياـ دوف تحديد أشخاص بعينيـ ودوف التمميح الدقيؽ او‬

‫‪157‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫الوصؼ الدقيؽ الذي يفيـ المقصود منو والمعنى بو بصورة يسيرة تمقائية‪ .‬وعمى عكس‬
‫ذلؾ‪ ،‬فاف ألفاظ ًا معينة قد يستخدميا الصحفي وتتناوليا الصحؼ تتعارض مع قرينة‬
‫البراءة إال انو ال يمكف تقديـ شكوى عنيا بجريمة القذؼ‪ ،‬وىو اتجاه ذىبت إليو محكمة‬
‫النقض الفرنسية في حكـ قالت فيو اف لفظ (‪ ))Soupconne‬ال يصمح محبلً لمشكوى عف‬
‫جريمة قذؼ عمى الرغـ مف تعارضو مع قرينة البراءة بيد اف القانوف الفرنسي الجديد رقـ‬
‫(‪ )546 – 7000‬الصادر في ‪ 45‬يونيو ‪ 7000‬الخاص بحماية قرينة البراءة وحقوؽ‬
‫المجني عمية‪ ،‬تتضمف في الفصؿ الرابع مف الباب االوؿ منو نصوصاً مرتبطة بحماية‬
‫قرينة البراءة مف حاالت النشر ووسائؿ االتصاالت ونصوص تدعـ حقوؽ الضحية‬
‫(المتيـ) وحمايتو مف السب او مف نشر صورتو او مف نشرىا واظيار القيود واألغبلؿ في‬
‫يديو‪ ،‬ومنع اإلشارة الى اسمو او الى جزء مف التحقيؽ معو او االعتداء عمى شرفة او‬
‫نحو ذلؾ‪ ،‬بموجب المواد (‪ )99 -90‬منو التي فرضت عقوبات تتراوح بيف الحبس‬
‫والغرامة عمى مرتكبي ىذه الجرائـ (‪ .)88‬أما قانوف اإلجراءات الجنائية المصري فقد نص‬
‫صراحة في المادة (‪ .)75‬منو عمى اف إجراءات التحقيؽ ذاتيا والنتائج التي تسفر عنيا‬
‫مف األسرار‪ ،‬ويجب عمى مف اطمع عمى ىذه األسرار كتمانيا واإلتعرض لمعقوبة عند‬
‫إفشائيا بقولو ((تعتبر إجراءات التحقيؽ ذاتيا والنتائج التي تسفر عنيا مف األسرار‪.‬‬
‫ويجب عمى قضاة التحقيؽ وأعضاء النيابة العامة ومساعدييـ مف كتاب وخبراء وغيرىـ‬
‫ممف يتصموف بالتحقيؽ او يحضرونو بسبب وظيفتيـ او مينتيـ عدـ إفشائيا‪ ،‬ومف يخالؼ‬
‫ذلؾ منو يعاقب طبقاً لممادة(‪ )440‬مف قانوف العقوبات)) ولقد خوؿ المشرع المصري‬
‫سمطة التحقيؽ تقرير حظر النشر في أي جريمة تكوف محبلً لمتحقيؽ‪ ،‬متى قدرت اف في‬
‫ىذا الحظر حماية لمنظاـ العاـ وارداب العامة واظيار لمحقيقة‪ .‬واشارة المشرع الى اعتبار‬
‫جوىري بشأف حظر أعماؿ التحقيقات الجنائية‪ ،‬وىو (اصؿ البراءة) المفترض في المتيـ‬
‫حتى تثبت إدانتو بحكـ بات وذلؾ بموجب المادة (‪ )67‬مف الدستور المصري‪ ،‬فقد ينتيي‬
‫التحقيؽ بأمر الحفظ وغمؽ الدعوى او بأف الوجو إلقامة الدعوى يصدر عف جية التحقيؽ‬
‫وقد تنتيي‪ ،‬الدعوى بحكـ يصدر ببراءة المتيـ‪ .‬فإذا أجاز نشر التحقيقات‪ ،‬فأف ذلؾ يعد‬
‫انتياكاً لحؽ دستوري مقرر لممتيـ يتمثؿ في (اصؿ البراءة) المفترض فيو‪ ،‬واساءة الى‬

‫‪154‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫سمعتو واعتباره عمى نحو يصعب معو محو ىذا الضرر فيما بعد (‪ .)89‬وذىب المشرع‬
‫المصري في قانوف تنظيـ الصحافة وقانوف العقوبات ابعد مف ذلؾ حيث انو لـ يكتفي‬
‫بمنع النشر الذي يتعارض مع قرينة براءة المتيـ او يؤثر عمى القضاة او المحقيقيف او‬
‫الشيود بما يضر بيذه القرينة‪ ،‬إنما ىو أوجب النشر في الق اررات واألحكاـ الصادرة بحفظ‬
‫القضية او البراءة‪ .‬ونحوىا مف الق اررات واألحكاـ التي تصدر في صالح المتيـ تعزي ًاز‬
‫واظيا اًر لقرينة براءة المتيـ‪ ،‬حيث جاء في المادة (‪ )74‬مف قانوف تنظيـ الصحافة رقـ ‪96‬‬
‫لسنة ‪ 4996‬نفس ما ورد في حكـ المادة (‪ )487‬مف قانوف العقوبات المصري المعدلة‬
‫بالقانوف رقـ ‪ 95‬لسنة ‪ 4996‬بقوليا ((يحظر عمى الصحيفة تناوؿ ما تتواله سمطات‬
‫التحقيؽ او المحاكمة مما يؤثر عمى صالح التحقيؽ او المحاكمة او بما يؤثر عمى مراكز‬
‫مف يتناوليـ التحقيؽ او المحاكمة‪ ،‬وتمزـ الصحيفة بنشر ق اررات النيابة العامة ومنطوؽ‬
‫األحكاـ التي تصدر في القضايا التي تتناوليا بالنشر اثناء التحقيؽ او المحاكمة وموجز‬
‫كاؼ لؤلسباب التي تقاـ عمييا‪ ،‬وذلؾ كمو إذا صدر القرار بالحفظ او باف ألوجو إلقامة‬
‫الدعوى او صدر الحكـ بالبراءة)) وأضافت المادة (‪ )487‬عقوبات الى ذلؾ منع النشر‬
‫المذكور إذا كاف مف شانو التأثير عمى الشيود او التأثير عمى الرأي العاـ لمصمحة طرؼ‬
‫في الدعوى او التحقيؽ او ضده‪ .‬كما تنص المادة (‪ 7/47‬و ‪ )4‬مف البلئحة التنفيذية‬
‫لقانوف تنظيـ الصحافة الصادرة بالقرار رقـ (‪ )40‬لسنة ‪ 4998‬عمى وجوب (االلتزاـ بعدـ‬
‫إبراز نشر أخبار الجريمة وأسماء وصور المتيميف او المحكوـ عمييـ عمى نحو يبرر‬
‫الجريمة او يشيد بمرتكبييا))‪ .‬وأراد المشرع مف كؿ ذلؾ الحيمولة دوف التأثير عمى سير‬
‫الدعوى في مرحمتي التحقيؽ والمحاكمة او اإلساءة الى المتيـ الذي مازاؿ مفترضاً فيو‬
‫((اصؿ البراءة))‪ .‬وحاوؿ حماية الجميور مف التأثير السيئ لنقؿ تفاصيؿ الجريمة او ذيوع‬
‫أساليب ارتكابيا‪ ،‬وحماية المتيـ مف التشيير بو في مرحمة ال تكوف فييا حقيقة موقفو مف‬
‫االتياـ قد اتضحت‪ ،‬وىو تشيير يناؿ مف قرينة البراءة ويصعب عمى المتيـ إزالة آثاره بعد‬
‫اف ذاعت التيمة الموجية إليو وعمقت باألذىاف‪ ،‬و في الوقت الذي ال زاؿ فيو المتيـ مف‬
‫الناحية القانونية واإلنسانية والمنطقية بريئاً‪ .‬األمر الذي يجعؿ الجميور يميؿ تمقائياً‪-‬‬
‫وبغير وجو حؽ – الى االعتقاد باف مصير المتيـ قد تحدد عمى نحو نيائي بمجرد توجيو‬

‫‪151‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫االتياـ إليو‪ ،‬ويظؿ يعاممو عمى ىذا النحو حتى بعد إثبات براءتو‪ .‬فأراد المشرع إبعاد‬
‫المتيـ عف إلصاؽ التيـ الباطمة بو بما ال يؤثر عمى سمعتو واعتباره افتراض براءتو نتيجة‬
‫الوصمة االجتماعية والنظرة السمبية ضده التي تفرز تشيي اًر بو وتمويثاً لسمعتو وتجريحاً‬
‫لكرامتو ونيبل مف مركز البراءة الذي رسمو القانوف لو كآثار غير مقبولة ضده (‪.)90‬‬
‫ادلثحث انثاَ‪ٙ‬‬
‫سز‪ٚ‬ح انتحم‪ٛ‬ك ٔادلسؤٔن‪ٛ‬ح اجلزائ‪ٛ‬ح يف انمإٌَ انعزال‪ٙ‬‬
‫نبسط في ىذا المبحث بكيفية تناوؿ قانوف اصوؿ المحاكمات الجزائية العراقي لمبدأ‬ ‫‪-‬‬
‫سرية التحقيؽ الذي يعد قاعدة عامة مف قواعد اجراءات التحقيؽ والمحاكمة وكيفية‬
‫تناوؿ الدستور العراقي ليذا المبدأ ولقرينة البراءة‪ ،‬كما نكشؼ عف المسؤولية الجزائية‬
‫والعقوبات المترتبة عمى خرؽ ىذا المبدأ‪ ،‬بواقع مطمبيف مستقميف‪.‬‬

‫ادلطهة االٔل ‪ :‬سز‪ٚ‬ح انتحم‪ٛ‬ك ل‪ ٙ‬لإٌَ اصٕل احملاكًاخ اجلزائ‪ٛ‬ح ٔاندستٕر‬


‫انعزال‪.ٙ‬‬
‫اف سرية التحقيؽ االبتدائي بالنسبة لمجميور يعد مف القواعد االساسية في‬
‫التحقيؽ االبتدائي والتعني ىذه السرية حرماف الخصوـ مف عبلنية التحقيؽ بأعتبارىـ‬
‫اطراؼ الدعوى‪ ،‬حيث اف العبلنية بالنسبة ليـ تزيد مف ثقتيـ بالتحقيؽ وتسمح ليـ‬
‫باالطبلع عمى مجريات التحقيؽ دوف مفاجأت ومناقشة األدلة وتقديـ دفاعيـ بشأنيا الف‬
‫االصؿ فييـ البراءة‪ ،‬لذلؾ يتعيف عند اثبات خبلفيا اف يكوف ذلؾ بأدلة ثابتة جازمة يقينية‬
‫ال يرقى الييا الشؾ‪ .‬وىكذا فقد قررت المادة (‪/57‬أ‪/‬ب‪/‬ج) اصوؿ محاكمات عراقي عدـ‬
‫جواز حضور التحقيؽ لغير المتيـ والمشتكي والمدعي بالحؽ المدني والمسؤوؿ مدنياً عف‬
‫فصؿ المتيـ ووكبلئيـ اال اذا اذف القاضي لغيرىـ بالحضور‪ .‬ويشار اف المشرع العراقي‬
‫قد جعؿ (المحافظة عمى سرية التحقيؽ االبتدائي) مف القواعد االساسية االخرى في‬
‫التحقيؽ االبتدائي‪ ،‬فالشؽ االوؿ انفاً تعمؽ بسرية اجراءات التحقيؽ االبتدائي بالنسبة‬
‫لمجميور‪ ،‬اما الشؽ الثاني فيتمؽ بكتماف اسرار التحقيؽ االبتدائي لكؿ مف اطمع عميو مف‬

‫‪155‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫(الخصوـ) او (مف سمح لو القاضي بالحضور مف الجميور) او (كؿ مف عمـ بو بحكـ‬


‫وظيفتو او مينتو كالمحكمة وقاضي التحقيؽ والمحقؽ وكاتب الضبط والطابعي والمحامي‬
‫ونحوىـ) حيث عاقبت المادتيف (‪ )147-746‬عقوبات عراقي كؿ مف يخالؼ ذلؾ ويفشي‬
‫اسرار التحقيؽ االبتدائي او المحاكمة كما سنرى في الفصؿ القادـ‪ .‬واكثر مف ذلؾ فقد‬
‫اشارت الفقرة (ب) مف المادة (‪ )57‬اصوؿ محاكمات عراقي الى اف طمب صو اًر مف‬
‫اوراؽ وافادات الدعوى غير جائز اال لممتيـ والمشتكي والمدعي بالحؽ المدني والمسؤوؿ‬
‫مدنياً عف فعؿ المتيـ ووكبلئيـ وعمى نفقتيـ الخاصة‪ ،‬ال بؿ اف لمقاضي تقرير عدـ‬
‫الموافقة عمى طمب ىوالء اذا كاف اعطاء ىذه االوراؽ واإلفادات يؤثر عمى سير التحقيؽ‬
‫او سريتو اما نص الفقرة(جػ) مف المادة المذكورة الذي اشار الى سرية التحقيؽ بالنسبة‬
‫لمجميور إال اذا اذف القاضي‪ ،‬فعمى الرغـ مف اف ظاىره يعني بجواز عمنية التحقيؽ‬
‫بالنسبة لمجميور فأف جانب مف الفقة يرى بأف المقصود بو السماح لممثمي الصحؼ او‬
‫الجمعيات العممية او المؤسسات االجتم اعية التي تيتـ بمكافحة الجريمة بالحضور دوف‬
‫عامة الناس (‪ .)94‬أي اف ذلؾ يجب اف يحصؿ في حدود ضيقة جداً وبما اليؤثر عمى‬
‫قرينة البراءة ودوف نشر تفاصيؿ وصور واسماء متعمقة بالجريمة قبؿ صدور الحكـ‬
‫النيائي وبأذف المحكمة‪ .‬اما في ميداف التحقيؽ القضائي الذي تجرية المحكمة‪ ،‬فقد كانت‬
‫وجية المشرع العراقي انو جعؿ جمسات المحكمة عمنية كونيا مف القواعد العامو في‬
‫المحاكمة التي تكفؿ اطمئناف الجميور لعدالة المحكمة والرقابة عمى سبلمة اجراءات‬
‫وق اررات المحكمة‪ ،‬وتكفؿ تحقيؽ الردع العاـ لمجميور وكذلؾ ضمانة لحرية المتيـ وحقو‬
‫في اعبلف برائتة اماـ الناس واماـ اىمة وذوية واقاربو ومعارفة بصورة خاصة او عمى‬
‫االقؿ اظاىر حجتة وتبريرة وشرح موقفة اذا كاف مدان ًا حق ًا لكف المشرع عمى الرغـ مف‬
‫ذلؾ عاد واجاز لممحكمة جعؿ جمساتيا وتحقيقاتيا سرية السباب تتعمؽ بمراعاة االمف‬
‫والمحافظة عمى االداب‪ ،‬حيث نصت المادة(‪ )457‬اصوؿ عمى انو‪(( .‬يجب اف تكوف‬
‫المحاكمة عمنية مالـ تقرر المحكمة اف تكوف كاىا او بعضيا سرية ال يحضرىا غير ذوي‬
‫العبلقة بالدعوى مراعاة لؤلمف او المحافظة عمى االداب وليا اف تمنع حضورىا فئات‬
‫معينة مف الناس)) بيد اف عمنية المحكمة ال يعني بالضرورة جواز نشر تفاصيؿ الجمسات‬

‫‪156‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫والمرافعات والتحقيقات واالحكاـ الفاصمة او الق اررات غير الفاصمة والصور واالسماء‬
‫والمعمومات االخرى التي تسيء الى المتيـ في سمعتة واعتباره ومركزه االجتماعي‬
‫وتتعارض مع قرينة البراءة المقرر لو‪ ،‬فذلؾ امر اخر قد اليسري عميو حكـ العبلنية الذي‬
‫ققرتو المادة انفاً‪ .‬وباعتقادنا فأف عمى القاضي او المحكمة اف توزاف بيف مصمحتيف عند‬
‫اصدار قرارىا بسرية التحقيؽ او بالمحاكمة او بعمنيتيا‪ ،‬بيف مصمحة المتيـ وحقة القانوني‬
‫األصيؿ في انو بريء االمر الذي يوجب االعتداؿ و الحرص في النظر اليو والتصرؼ‬
‫معو مف قبؿ المحكمة والجميور‪ ،‬حيث يثبت عكس ذلؾ بأدانتو في نياية المحكمة‬
‫واصدار الحكـ حيث تظير المصمحة االخرى لمدولة والمجتمع في العقاب ونشر التفاصيؿ‬
‫التي تضمف ردع االخريف وتمنعيـ مف اقتراؼ الجريمة ذاتيا او غيرىا بتيد يدىـ وانذارىـ‬
‫بذات العقاب بمعنى الموازنة بيف القرينة القانوني ة التي تحمي الحرية الشخصية لممتيـ في‬
‫اف االصؿ في االنساف وفي المتيـ البراءة‪ ،‬السيما واف الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ وبيف‬
‫القرينة الموضوعية التي تحمي المجتمع وحؽ الدولة في العقاب وفي التيديد بالعقاب وفي‬
‫اظيار حياديتيا في التحقيؽ وفي سبلمة اجراءاتيا‪ .‬اما الدستور العراقي الحالي (النافذ)‬
‫والمنشور بجريدة الوقائع العراقية بعددىا (‪ )1047‬في ‪ 7005/47/78‬فقد اكتفى باالشارة‬
‫في البند (سابعاً) مف المادة (‪ )49‬منو الى القوؿ بأف ((جمسات المحاكـ عمنية اال اذا‬
‫قررت المحكمة جعميا سرية))‪ ،‬دوف االشارة الى سرية التحقيؽ االبتدائي ودوف االشارة الى‬
‫منع نشر االسماء والصور والتفاصيؿ المتعمقة بالتحقيؽ االبتدائي والتحقيؽ القضائي‪ ،‬بيد‬
‫اننا نرى سرياف القواعد العامو التي اكدت عمى سرية التحقيؽ االبتدائي بالنسبة لمجميور‬
‫ومنع نشر تفاصيؿ التحقيقات والمحاكمات التي تتعارض مع قرينة براءة المتيـ‪ ،‬السيما‬
‫تمؾ التفاصيؿ التي تسبؽ اصدار الحكـ باالدانة البات ضد المتيـ‪ ،‬كوف ذلؾ ال يتعارض‬
‫مع نصوص الدستور وكونيا تتماشى مع روح النصوص الواردة في قانوف اصوؿ‬
‫المحاكمات الجزائية النافذ‪ .‬خاصة واف الدستور العراقي النافذ اشار في البند (خامساً) مف‬
‫المادة المذكورة انف ًا الى ( اف المتيـ بريء حتى تثبت ادانتو في محاكمة قانونية‬
‫عادلة‪ ).......‬واكثر مف ذلؾ‪ ،‬اف المادة المذكورة قد اشارت في البند (تاسعاً وعاش اًر‬
‫وحادي عشر) منيا الى مبادىء أخرى تدعـ قرينة البراءة في كونيا االصؿ في المتيـ‪،‬‬

‫‪157‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫حيث قررت عدـ رجعية القوانيف الى الماضي‪ ،‬وعدـ سرياف القانوف الجزائي بأثر رجعي‬
‫اال اذا كاف اصمح لممتيـ‪ ،‬واف المحكمة تندب محامياً لمدفاع عف المتيـ بجناية او جنحة‬
‫لمف ليس لو محاـ يدافع عنو‪ ،‬وعمى نفقة الدولة‪.‬‬

‫ادلطهة انثاَ‪ : ٙ‬ادلسؤٔن‪ٛ‬ح اجلزائ‪ٛ‬ح يف لإٌَ انعمٕتاخ انعزال‪ٙ‬‬


‫تقدـ القوؿ‪ ،‬اف الوجو الثاني المتعمؽ بضرورة االلتزاـ بكتماف اسرار التحقيؽ‬
‫االبتدائي‪ ،‬يقتضي الحفاظ عمى سرية التحقيؽ مف قبؿ كؿ مف باشر التحقيؽ او اتصؿ بو‬
‫او عمـ بو بحكـ وظيفتو او مينتو‪ ،‬وااللتزاـ بعدـ افشائيا او نشرىا بأحدى طرؽ العبلنية‬
‫او بتسريب معمومات عف التحقيؽ الى الجميور‪ .‬وىكذا‪ ،‬فأف المشرع العراقي في قانوف‬
‫العقوبات اعتبر أي خرؽ لسرية التحقيؽ جريمة معاقب عمييا في الجرائـ المخمو بسير‬
‫العدالة والماسة بسير القضاء‪ ،‬فقرر في المادة (‪ )746‬عقوبات اف ((يعاقب بالحبس مدة‬
‫ال تزيد عمى سنتيف وبغرامة تزيد عمى مائتي دينار او بأحدى ىاتيف العقوبتيف مف نشر‬
‫بأحدى طرؽ العبلنية ‪:‬‬
‫‪ -4‬اخبار بشأف محاكمة قرر القانوف سريتيا او منعت المحكمة نشرىا او تحقيقاً قائماً في‬
‫جناية او جنحة او وثيقة مف وثائؽ ىذا التحقيؽ اذا كانت سمطة التحقيؽ قد حظرت‬
‫اذاعة شيء عنو‪.‬‬
‫‪ -7‬أخبا اًر بشأف التحقيقات او االجراءات في دعاوى النسب او الزوجية او الطبلؽ او‬
‫اليجر او التفريؽ او الزنا‬
‫‪ -4‬مداوالت المحاكـ‪( ....‬ما جرى في الدعاوى المدنية او الجنائية التي قررت المحاكـ‬
‫سماعيا في جمسة سرية او ما جرى في التحقيقات او االجراءات المتعمقة بجرائـ‬
‫القذؼ او السب او افشاء االسرار‪ ،‬وال عقاب عمى مجرد نشر الحكـ اذا تـ بأذف‬
‫المحكمة المختصة)‪ .‬ويبلحظ مف ىذا النص انو لـ يشترط لتماـ الجريمة اف يجري‬
‫نشر التحقيقات او المحاكمات‪ ،‬بكامميا بؿ اف الجريمة يمكف اف تحقؽ ايضاً بمجرد‬
‫نشر خبر عنيا او اجراء مف اجراءاتيا او اعبلف وثيقة مف وثائقيا واكثر مف ذلؾ‪ ،‬انو‬
‫يكفي لتحقيؽ الجريمة ايضاً مجرد النشر الشفوي واف لـ يتـ النشر التحريري في‬

‫‪158‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫الصحؼ‪ ،‬بؿ اف ىذه المادة ذىبت بعيداً في حماية قرينة البراءة عندما اقرت سرياف‬
‫احكاميا عمى اشخاص اخريف لـ تصؿ الييـ اسرار التحقيؽ بحكـ وظيفتيـ او مينتيـ‬
‫كالشيود اذا تـ تحذيرىـ مف قبؿ قاضي التحقيؽ او المحقؽ بوجوب الحفاظ عمى سرية‬
‫المعمومات التي وصمت الييـ بخصوص الجريمة او مرتكبيا ولزوـ عدـ افشائيا‬
‫(‪.)97‬‬
‫وببل شؾ فأف احكاـ ىذه المادة يسري عمى كؿ مف عمـ بأسرار التحقيؽ او‬
‫المحاكمة بحكـ وظيفتو او مينتو مف باب اولى‪ .‬بيد اف المادة (‪ )147‬عقوبات عراقي‬
‫جاءت واضحة وتزيؿ كؿ الشكوؾ بقوليا ((يعاقب بالحبس مدة ال تزيد عمى سنتيف‬
‫وبغرامة ال تزيد عمى مائتي دينار او بأحدى ىاتيف العقوبتيف كؿ مف عمـ بحكـ وظيفتة او‬
‫مينتو او صناعتو او فنو او طبيعة عممة بسر فافشاه في غير االحواؿ المصرح بيا قانوناً‬
‫او استعممة لمنفعة شخص اخر‪.)......‬‬
‫وعمى ذلؾ‪ ،‬فأف مف يقع عمى عاتقيـ التزاـ المحافظة عمى اسار التحقيؽ او‬
‫المحاكمة ىـ االشخاص الذيف وصؿ الييـ سر مف ىذه االسرار بحكـ المينة‪ ،‬كالخبير‬
‫والطبيب والمحامي والقابمة ونحوىـ‪ .‬فضبلً عف سرياف ىذا االلتزاـ عمى اطراؼ القضية‬
‫والشيود وكؿ مف لو صمة بالقضية ممف جرى تحذيرىـ مف قبؿ سمطة التحقيؽ او ىيئة‬
‫المحكمة او القاضي بوجوب المحافظة عمى سرية المعمومات التي حصموا عمييا او وردت‬
‫الى مسامعيـ عف الجريمة وفاعمييا ووجوب عدـ افشأئيا وال يسري ىذا المنع عمى افشاء‬
‫المعمومات التي تدور بيف المتيـ ومحامية فيما يخص عبلقتة بموكمة وفي نطاؽ الحدود‬
‫التي يستمزميا حؽ الدفاع (‪ .)94‬ويشار في سياؽ ىذه المسؤولية التي نيج المشرع‬
‫العراقي في قانوف العقوبات الذي خصص الفصؿ الثالث (لممسؤولية في جرائـ النشر)‬
‫حيث نص في المادة (‪ )84‬منو عمى أف (((‪ ...‬يعاقب رئيس تحرير الصحيفة بصفتو‬
‫فاعبلً لمجريمة التي ا رتكبت بواسطة صحيفتة واذ لـ يكف ثمة رئيس تحرير يعاقب المحرر‬
‫المسؤوؿ عف القسـ الذي يحصؿ فيو النشر‪ ))).......‬واشارت المادة (‪ )81‬منو الى نيج‬
‫مشابة لمنيج المشرع المصري المشار اليو انفاً في مسألة معالجة االضرار الناجمة عف‬
‫النشر واالساءة لقرينة البراءة عف طريؽ استخداـ النشر ايضاً لبلحكاـ الصادرة ضد مف‬

‫‪159‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫ارتكب الجرائـ بحؽ المتيـ التي لـ تثبت ادانتو بعد‪ ،‬حيث يمكف استنتاج ذلؾ مف قوؿ‬
‫المادة (‪ )81‬المذكور انو (‪ ....‬ويجوز لممحكمة ايض ًا اذا كانت الجريمة قدارتكبت بطريؽ‬
‫النشر في احدى الصحؼ اف تأمر بناء عمى طمب االدعاء العاـ او المجني عميو بنشر‬
‫حكـ او ممخصو في نفس الموضع مف الصحيفة المذكورة خبلؿ اجؿ تحدده فأف لـ‬
‫يحصؿ عوقب رئيس التحرير او المسؤوؿ عف النشر في حالة عدـ وجود رئيس تحرير‬
‫بغرامة ال تزيد عمى مائة الؼ دينار‪.)......‬‬

‫ادلثحث انثانث‬
‫ادلسؤٔن‪ٛ‬ح اجلزائ‪ٛ‬ح عٍ جزميح انمذف عُد انُشز كصٕرج يُالعح الفرتاض‬
‫انرباءج‬
‫الراجح في تحديد مفيوـ القصد الجنائي في الفقو اف ((إرادة األذى)) ليست‬
‫عنص ار في القصد الجنائي لجريمة القذؼ‪ .‬فأنصار نظرية اإلرادة في القصد يذىبوف الى‬
‫قياـ القصد في الجريمة القذؼ متى توافرت إرادة نشر الوقائع المشتممة عمى قذؼ في حؽ‬
‫الغير‪ ،‬فيبدو القصد متضمناً في إرادة الفعؿ الضار بطبيعتو‪ ،‬فميس بشرط اف تتجو نية‬
‫المتيـ الى حالة األضرار الفعمي بالمجني عميو ويكفي فحسب إنيا اتجيت الى األضرار‬
‫المحتمؿ بو في صورة إذاعة ونشر ما يمس شرؼ المتيـ وييبط بمكانتو االجتماعية‬
‫ويعرض سمعتو لؤلذى‪ .‬وعميو يكفي القصد العاـ في القذؼ الستحقاؽ العقاب وال محؿ‬
‫الشتراط نية األضرار التي تعد مف الغايات والبواعث التي ال يعقد بيا القانوف‪ ،‬اذ يترتب‬
‫عمى القذؼ حتماً وبمجرد وقوعو تعريض سمعة المجني عميو لؤلذى‪ .‬أما أصحاب نظرية‬
‫العمـ فيقرروف تحقؽ القصد الجنائي في القذؼ ليس فقط بتوافر إرادة اإلسناد وارادة إضفاء‬
‫العبلنية والنشر عمى ىذا اإلسناد وانما أيضاً وفضبلً عمى ذلؾ عمـ الجاني بالطابع ألقذفي‬
‫لئلسناد‪ ،‬واف ما نشره – لو كاف صادقاً – ألوجب عقاب المقذوؼ او احتقاره عند الناس‬
‫(‪ .)91‬وىو منيج المشرع الجزائي العراقي حيث نص في المادة (‪ )144‬منو (فقرة ‪)4 /‬‬
‫(( القذؼ ىو إسناد واقعة معينة الى الغير بإحدى طرؽ العبلنية مف شانيا لو صحت اف‬
‫توجب عقاب مف أسندت إليو او احتقاره عند أىؿ وطنو‪ ،‬ويعاقب مف قذؼ غيره بالحبس‬

‫‪160‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫وبالغرامة او بإحدى ىاتيف العقوبتيف‪ .‬واذا وقع القذؼ بطريؽ النشر في الصحؼ‬
‫والمطبوعات او بإحدى طرؽ األعبلـ االخرى عد ذلؾ ظرفاً مشدداً‪ .)).....‬وأكثر مف‬
‫ذلؾ‪ ،‬فقد عد المشرع العراقي مف يرمي غيره بما يخدش شرفو او اعتباره او يجرح شعوره‬
‫واف لـ يتضمف ذلؾ إسناد واقعة معينة‪ ،‬جريمة سب يعاقب عمييا الجاني بالحبس مدة ال‬
‫تزيد عمى سنة وبغرامة ال تزيد عمى مائة دينار او بإحدى ىاتيف العقوبتيف بموجب حكـ‬
‫المادة (‪ ،)141‬كما لو نشر الجاني معمومات تسيء الى المتيـ قبؿ إصدار سمطة‬
‫التحقيؽ او المحكمة ق ار اًر او حكماً نيائي ًا بحقو ودوف إذف ىذه السمطات‪ .‬وميما يكف‬
‫األمر‪ ،‬فاف القصد الجنائي في جريمة القذؼ – وفقاً التجاه الفقو والقضاء السائد – ىو‬
‫مفترض‪ ،‬ووجو االفتراض اف الشخص الذي يسند الى غيره وقائع تمس شرفو او اعتباره‬
‫يعمـ بالضرورة اف نشره ليا يصيبو بالضرر‪ ،‬سواء كاف ىدفو أخبلقياً نبيبلً‪ ،‬متى كانت‬
‫ىذه العبارات شائنة بذاتيا وجاءت بناء عمى وقائع او مصادر او معمومات غير مؤكدة‬
‫وغير ثابتة بحكـ القانوف او القضاء‪ ،‬حيث اف قرينة سوء النية او قرينة توافر القصد في‬
‫جريمة القذؼ تعد مفترضو بمجرد إعبلف او نشر القاذؼ ما لـ يثبت‪ ،‬عكسيا بدليؿ‬
‫قطعي عكسي‪ .‬وعمى الرغـ مف إيماف القضاء المصري والفرنسي بقرينة توافر القصد‬
‫كونيا تساير قرينة افتراض البراءة بمف وجو القذؼ او السب إليو‪ ،‬فاف قرينة القصد‬
‫تعرضت لنقد عنيؼ في فرنسا عمى يد الفقو‪.‬عمى أساس إنيا تؤدي الى قمب القاعدة‬
‫العامة في اإلثبات التي تقوـ عمى افتراض البراءة او حسف النية (‪ .)95‬حيث قيؿ اف‬
‫قرينة القصد تخالؼ قرينة البراءة المنصوص عمييا بالمادة (‪ )7/6‬مف االتفاقية األوربية‬
‫لحقوؽ االنساف‪ ،‬السيما اف المحكمة األوربية لحقوؽ االنساف تشترط لمخالفة القرائف‬
‫المفروضة عمى المسؤولية كقرينة البراءة شرطيف ىما ‪ -:‬االوؿ‪ ،‬توافر أسباب قوية‪،‬‬
‫والثاني‪ ،‬إمكانية اإلثبات العكسي‪ .‬والف ىذا اإلثبات يبدو مستحيبلً في ظؿ النظرية‬
‫التقميدية لمقصد الجنائي التي ال تعقد بالبواعث‪ ،‬فاف ثمة مجاالً لمشؾ في األسباب التي‬
‫دعت الى فرضيا‪ .‬واف التمسؾ بيذه القرينة دوف تحقيؽ القصد يخاطر بتحويؿ جريمة‬
‫القذؼ مف جريمة عمدية الى جريمة إىماؿ‪ ،‬خاصة عندما يؤسس القضاء حكـ اإلدانة‬
‫الصادر ضد القاذؼ عمى تسرع او خفة او طيش ناشئ عف عدـ تحقيؽ مصادر اإلسناد‬

‫‪164‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫بدرجة كافية‪ .‬لكف محكمة النقض الفرنسية مع ذلؾ‪ ،‬قالت اف وضع قرينة القصد كاف‬
‫ضرورياً لحماية سمعة الغير وحقوقو واصؿ البراءة فيو المنصوص عمييا في المادة (‪)40‬‬
‫مف االتفاقية األوربية (‪ .)96‬ويرى جانب مف الفقو المصري انو عمى الرغـ مف صعوبة‬
‫تحديد الرابطة الذىنية بيف السموؾ والنتيجة في جريمة القذؼ ما يبرر عند البعض افتراض‬
‫القصد في جريمة القذؼ‪ ،‬إال اف جريمة القذؼ باعتبارىا جريمة عمدية يتعيف فييا العمـ‬
‫وال يجوز اف يفترض فييا العمـ افتراضاً ألنو ليس عمماً بالقانوف‪ ،‬إنما يجب اف يكوف عمماً‬
‫يقيني ًا تقضي بو أصوؿ المحاكمة العادلة ومبادئ األنصاؼ فييا التي قرنيا المشرع‬
‫الدستوري ((بضمانتيف تعتبراف مف مقوماتيا وتندرجاف تحت مفيوميا‪ ،‬ىما افتراض البراءة‬
‫مف ناحية‪ ،‬وحؽ الدفاع لدحض االتياـ الجنائي مف ناحية أخرى))‪ .‬والحؽ اف مقتضى‬
‫قرينة القصد ا ف تتحرر سمطة التحقيؽ والمحاكمة او المدعي بالحؽ المدني مف عبء‬
‫اإلثبات والقاء تبعة نفيو عمى عاتؽ المتيـ (‪ .)97‬أما في المجاؿ الصحفي‪ ،‬فانو إذا تبيف‬
‫صحة الخبر وقت نشره‪ ،‬فاف الصحفي يفمت مف المسؤولية الجنائية مع افتراض العناصر‬
‫االخرى الضرورية في إثبات حسف النية‪ ،‬ومع ذلؾ قد يسأؿ الصحفي مدنياً بالرغـ مف‬
‫صحة الخبر‪ ،‬ليس ألنو ارتكب إثماً يستوجب مسؤولية جنائية‪ ،‬وانما الرتكابو خطأ يسأؿ‬
‫عنو مدنياً‪ ،‬ماداـ القانوف ال يعاقب عمى جريمة القذؼ بوصؼ الخطأ‪ ،‬وذلؾ في الحاالت‬
‫التي كاف يتعيف عميو فييا اف ينتظر حتى يصبح الخبر حقيقة مؤكدة‪ ،‬اذ اف تسرعو في‬
‫نشر الخبر يعد انحرافاً عف السموؾ المألوؼ لمشخص المعتاد‪ ،‬وعادة ما يحصؿ ذلؾ في‬
‫نشر أخبار الجرائـ‪ .‬والواقع‪ ،‬انو ميما قيؿ في أىمية نشر األخبار المتعمقة بالجرائـ‪ ،‬سواء‬
‫بالنسبة لتحقيؽ العدالة اـ بالنسبة لحؽ الجميور في اإلطبلع عمى المعمومات وحقو في‬
‫المعرفة‪ ،‬أو بالنسبة لحؽ الصحفي في أداء واجبو الميني خاصة في ما يتعمؽ بحقو في‬
‫اإلطبلع عمى المعمومات وسرعة نشر الخبر‪ ،‬فاف ىذه‪.‬الحقوؽ وتمؾ االىمية تنطوي عمييا‬
‫ىذه الحقوؽ تتضاءؿ في قياس ومواجية ارثار االجتماعية المدمرة التي تترتب عمى‬
‫تمويث شرؼ االبرياء مع اعتبار انو ال توجد مصمحة حقيقية يمكف اف يجنييا المجتمع مف‬
‫وراء اتيامات لـ يفصؿ فييا بعد‪ ،‬بينما ىناؾ ضرر حقيقي يتمثؿ في االعتداء عمى شرؼ‬
‫االفراد وسمعتيـ‪ ،‬واالعتداء عمى قرينة دستورية قانونية تتمثؿ في اف االصؿ في المتيـ‬

‫‪167‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫البراءة حتى تثبت ادانتو بأدلة يقينية كافية وبحكـ قضائي نيائي بات(‪ .)98‬ولذلؾ قضي‬
‫بأنة (( ولئف جاز لمصحؼ وىي تمارس رسالتيا بحرية في خدمة المجتمع – تناوؿ القضايا‬
‫بالنشر في مرحمة التحقيؽ االبتدائي بأعتبارىا مف االحداث العامة التي تيـ الرأي العاـ اال‬
‫اف ذلؾ ليس بالفعؿ المباح عمى اطبلقة‪....‬لما كاف ذلؾ ػ وكاف الواقع في الدعوى اف‬
‫الصحفية التي يمثميا المطعوف عميو نشرت ماتناولو التحقيؽ االبتدائي – في مرحمة مف‬
‫مراحمة ػ عف توجية االتياـ لطاعنيف معروفيف بأسمييما واالفراج عنيما بضماف مالي‬
‫وذلؾ قبؿ اف يتحدد موقفيما بصفة نيائية مف ىذه التحقيقات الجنائية ودوف تريث لحيف‬
‫التصرؼ النيائي فييا واف الطاعنيف استندا في دعواىما عمى اف نشر ىذا الخبر عمى‬
‫ىذه الصورة وبيذا التسرع تضمف مساساً بسمعتيما‪ ،‬وكاف المراء في اف المساس بالشرؼ‬
‫والسمعة عمى ىنا النحو ‪-‬متى تثبت عناصره – ىو ضرب مف ضروب الخطاء الموجب‬
‫لممسؤولية ال يشترط فيو اف يكوف المعتدي سيء النية بؿ يكفي اف يكوف متسرعاً اذ في‬
‫التسرع انحراؼ في السموؾ المألوؼ لمشخص المعتاد وىما ما يتوفر بو ىذا الخطاء ىذا‬
‫الى اف سوء النية ليس شرطاً في المسؤولية التقصيرية كما ػ ىو شرط في المسؤولية‬
‫الجنائية فأف الحكـ المطعوف فيو اذ لـ يمتزـ ىذا النظر واقاـ قضاءه برفض الدعوى يكوف‬
‫ال‬
‫قد اخطاء في تطبيؽ القانوف وقد حجبة ىذا الخطاء عف تناوؿ موضوع الدعوى تناو ً‬
‫صحيحاً واستظيار قياـ التسرع وعدـ التريث في نشر الخبر المتعمؽ باتياـ الطاعنيف‬
‫معرفيف باسمييما واثر ذلؾ عمى قياـ ركف الخطاء المستوجب لمحكـ بالتعويض او انتفائة‬
‫(‪ .)99‬وال شؾ‪ ،‬اف النقد المباح المستند عمى حسف النيو في ابداء الرأي في التصرؼ‬
‫دوف المساس مباشرة بشخص صاحبو والنقد المنصب عمى العمؿ ذاتو دوف اف ينسب اليو‬
‫او بياف اسمة او تفاصيؿ ىويتو‪ ،‬يعد مباح ًا اذ ال يرقى النقد ىنا الى حد القفذ والسب‬
‫المناقض لق رينة البراءة والمفضي الى االساءة لمسمعة والتجريح واصدار االحكاـ المسبقة‬
‫دوف سند قانوني او قضائي واف النقد المباح اذا يجب اف يصدر بحسف نيو بأف تكوف‬
‫الواقعة محؿ النقد صحيحة مؤكدة واف يكوف ليا اىمية اجتماعية ىادفة وضرورة اف‬
‫ينصب الرأي او التعميؽ عمى الواقعة او العمؿ مثار النقد وليس عمى صاحبة‪ ،‬واف ال‬
‫يجوز الرأي ضرورة الحكـ او التقدير لمواقعة‪ ،‬واف يصاغ الرأي او التعميؽ في عبارة‬

‫‪164‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫مناسبة دوف اثارة او نفور او استيجاف مما يميب الحماس ويحض عمى اعماؿ ضارة او‬
‫الصاؽ التيـ او توجيو الرأي بأتجاة معيف ضار‪ ،‬ويشترط ايضاً اف يكوف الرأي او التعميؽ‬
‫مستنداً الى الواقعة دوف غيرىا(‪.)400‬‬

‫اخلامتـح‬
‫أوالً ‪ -:‬خالصة أفكار البحث‬
‫بعد أف وضع البحث أو ازره وتيادت بيف ثناياه أفكاره‪ ،‬حرياً بنا استعراض البحث‬
‫بصورة وجيزة‪ ،‬وندع النتائج الختامية‪ ،‬وصفوة المقترحات في فقرات الحقة‪ .‬وىكذا‪ ،‬فقد‬
‫كشؼ البحث في الفصؿ االوؿ عف ماىية قرينة البراءة التي تمثؿ أصبلً لئلنساف وحق ًا‬
‫لممتيـ وافتراضاً لمقاضي‪ .‬حيث اف معنى ىذه القرينة يكمف في اف االصؿ في المتيـ‬
‫البراءة مف التيمة المسندة إليو حتى تثبت إدانتو بصورة جازمة وبحكـ قضائي نيائي‪.‬‬
‫األمر الذي يتعيف فيو عمى السمطات المنفذة او المطبقة لمقانوف والجيات اإلعبلمية‬
‫والصحفية احتراميا ومراعاتيا‪ .‬وكشفنا األساس القانوني لمسألة الحؽ في احتراـ ىذه‬
‫القرينة الذي وجدناه يتمؿ في الحرية الشخصية وما يتصؿ بيا مف حقوؽ االنساف المكفولة‬
‫بإعبلنات حقوؽ االنساف والمواثيؽ الدولية والدستورية أما دور القاضي في ضماف احتراـ‬
‫قرينة البراءة فيتمثؿ في عقد الموازنة المتكافئة بيف حؽ الفرد وحؽ المجتمع في وجوب‬
‫البحث عف أدلة البراءة واإلدانة معا‪ ،‬وتوفير فرص متعادلة متبادلة لبلتياـ والدفاع معاً‬
‫لبموغ الحقيقة‪ ،‬ومراعاة اف المجتمع يقبؿ بالشؾ في البراءة وافبلت المتيـ‪ ،‬وال يقبؿ بالشؾ‬
‫في اإلدانة وعقاب المتيـ‪ ،‬وال يحكـ القاضي بترجيح األدلة او رجحانيا بؿ يحكـ بثبوت‬
‫األدلة ويقينيا‪ .‬اف اصؿ قرينة البراءة البعيد يعود الى القاعدة المدنية المشيورة اف‬
‫((االصؿ براءة الذمة)) والقاعدة الشرعية المشيورة اف (اليقيف ال يزوؿ بالشؾ) ويعود‬
‫أصميا القريب الى نص المادة (التاسعة) مف إعبلنات حقوؽ االنساف بقوليا (كؿ إنساف‬
‫بريء حتى تثبت إدانتو) والمادة (الحادية عشر) مف اإلعبلف العالمي لحقوؽ االنساف‬
‫بقوليا ((كؿ شخص متيـ بجريمة يفترض براءتو حتى تثبت إدانتو قانوناً بحكـ قضائي‬
‫وبمحاكمة عمنية تؤمف لو فييا كؿ الضمانات الضرورية لمدفاع عنو))‪ .‬ولو إلفينا الفصؿ‬

‫‪161‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫الثاني مف البحث لوجدناه يعرض لآلثار القانونية المترتبة عمى قرينة البراءة‪ ،‬ومف أثارىا‬
‫اف عبء اإلثبات ال يتحممو المتيـ بؿ تتحممو جيات التحقيؽ والمحاكمة‪ ،‬ألف البينة عمى‬
‫مف أدعى‪ ،‬ومف يدعي خبلؼ األصؿ في األنساف وىو (البراءة) فعميو أثبات أدعائو‪ ،‬وال‬
‫يطالب المتيـ بأثبات ىذا األصؿ‪ ،‬ألف ذلؾ يجافي طبائع األشياء ويخالؼ‬
‫المنط‪ .‬ولؤلطراؼ الدعوى الحرية الكاممة في تحري السبؿ في أثبات دعواىـ‪ .‬ومف ارثار‬
‫الميمة االخرى لقرينة البراءة‪ ،‬المتمثمة بوسائؿ الحفاظ عمى سرية التحقيؽ والمسؤولية‬
‫الجزائية المترتبة عمى خرقيا حيث يحظر المشرع الفرنسي مثبلً عمى الجميور حظور‬
‫التحقيؽ والمحاكمة ويحظر نشر وقائع التحقيؽ بينما امتد الخطر في القانوف المصري‬
‫ليشمؿ كافة التحقيقات الجنائية القائمة والنتائج التي تسفر عنيا‪ .‬وعمى نيج مقارب سار‬
‫المشرع العراقي‪ .‬بينما ذىبت قوانيف أخرى الى عكس ذلؾ كالقانوف اإلنكميزي والسوداني‬
‫كما‪ .‬ذىبت بعض القوانيف ومنيا العراقي والفرنسي الى حماية ىذه القرينة بصورة غير‬
‫مباشرة عف طريؽ تجريـ فعؿ السب وفعؿ القذؼ الصادر نتيجة اإلببلغ او النشر او‬
‫اإلذاعة اإلعبلمية او ال صحفية عف جناية او جنحة ضد مف اتيـ بيا ولـ تحسـ إدانتو‬
‫عنيا بحكـ جنائي قضائي نيائي وبؿ اف المسؤولية تذىب ابعد مف ذلؾ فتطاؿ كؿ نشر‬
‫اعتداء‬
‫ً‬ ‫او إذاعة ألسـ المتيـ او صورتو او جزء مف التحقيؽ معو يعد نيبلً مف كرامتو او‬
‫عمى شرفة وسمعتو‪.‬‬

‫ثانياً‪ -:‬خالصة نتائج البحث‬


‫‪ -4‬قرينة البراءة‪ ،‬قرينة قانونية بسيطة مفترضة قابمة إلثبات العكس بأدلة جازمة يقينية‬
‫تتقصاىا جية التحقيؽ والمحاكمة‪ ،‬وأال فاف الشؾ في اإلدانة يفسر لمصمحة المتيـ‪.‬‬
‫‪ -7‬قريف البراءة‪ ،‬قرينة مقررة لحماية الحريات الفردية مف تحكـ التنفيذية واألخطاء‬
‫القضائية‪ .‬وىي قرينة تتفؽ في افتراضيا مع االعتبارات الدينية واألخبلقية التي تيتـ‬
‫بالجانب الضعيؼ‪ .‬وىي تتفؽ مع منطؽ األشياء الذي يقضي بعدـ تكميؼ االنساف‬
‫بإثبات أصمو في البراءة‪ ،‬ومف تدعى خبلؼ االصؿ عمية عبء اإلثبات وىي في‬

‫‪165‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫النياية تتفؽ مع حقوؽ االنساف وألطراؼ الدعوى حرية اإلثبات الجنائي بكافة الطرؽ‬
‫القانونية‪.‬‬
‫‪ -4‬قرينة البراءة توجب اإلفراج عف المتيـ واخبلء سبيمو حاؿ الحكـ ببراءتو حتى ولو وقع‬
‫التمييز عمى الحكـ‪ ،‬وتوجب عند تميز الحكـ اف ال يضار الطاعف بطعنة‪ ،‬واف‬
‫الطعف باإلحكاـ يقع عمى األحكاـ الصادرة بالعقوبة دوف البراءة‪ .‬وبناء عمى ىذه‬
‫القرينة يجوز بناء البراءة عمى دليؿ مشكوؾ فيو او دليؿ غير مشروع خبلفاً لئلدانة‬
‫التي ال يجوز اف يستمد القاضي اقتناعو بيا إال مف دليؿ يقيني مشروع‪.‬‬
‫‪ -1‬اف حرية المحكمة او القاضي في بناء القناعة القضائية مرىوف ومشروط بمراعاة‬
‫قرينة البراءة وتفسير الشؾ لصالح المتيـ‪ ،‬ومقيد بقواعد جنائية في اإلثبات تصب في‬
‫مجرى وخدمة ىذه القرينة‪ ،‬مثؿ قاعدة عدـ جواز بناء القناعة عمى قرينة واحدة‬
‫واستدالؿ واحد‪ ،‬ووجوب بنائيا عمى أدلة مستساغة عقبلً ومنطقاً عرضت في الجمسة‬
‫وتمت مناقشتيا‪ ،‬ووجوب تسبيب القاضي لحكمو‪ ،‬وغيرىا‪.‬‬
‫‪ -5‬اف كؿ ما يسيء الى قرينة الب راءة ويسيء الى سمعة المتيـ والى موقفو في الدعوى‬
‫ويؤثر عمى الرأي العاـ قبؿ صدور الحكـ القضائي النيائي يعد جريمة يعاقب عمييا‬
‫القانوف مثؿ إعبلف او نشر وقائع التحقيقات والمحاكمات باألسماء والصور‬
‫والتفاصيؿ او إذاعتيا بوسائؿ األعبلـ المختمفة دوف إذف المحكمة‪.‬‬
‫‪ -6‬اف الدليؿ الذي يدحض قرينة البراءة ويثبت عكسيا ليس دائماً دليبلً يقيناً مطمقاً‪ ،‬اذ‬
‫اف مف العسير الوصوؿ الى اليقيف المطمؽ في اإلثبات الجنائي بوجو عاـ‪ .‬حيث اف‬
‫األدلة في حقيقتيا ال تقدـ أكثر مف الفرض الراجح‪ ،‬فميس ىناؾ يقيف مطمؽ خارج‬
‫عمـ الرياضيات‪ .‬ومف ثـ ال يمكف بموغ الحقيقة المطمقة‪ ،‬فالترجيح ماىو إال سبيؿ نحو‬
‫اليقيف‪ ،‬وىو سبيؿ غير أكيد‪ ،‬الف الحقيقة ليست دائماً فرضية راجحة‪ ،‬الف الحقيقة‬
‫القضائية تبقى نسبية وقابمة لمتغير مف وجية نظر النقد العممي‪ .‬وعمى ذلؾ‪ ،‬ال يمكف‬
‫لمقاضي او المحكمة االحتجاج بيذه القرينة إذا كاف في الدعوى ولو دليؿ إدانة واحد‬
‫قاطع لـ تستطع المحكمة او القاضي تبينو لعدـ فحص األدلة فحصاً دقيقاً‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫‪ -7‬جعؿ المشرع الجنائي العراقي في المادة (‪ )57‬أصوؿ جزائية التحقيؽ سرياً عمى‬
‫الجميور‪ ،‬وحظر تزويد صور األوراؽ التحقيقية لغير أطراؼ الدعوى وبموافقة‬
‫القاضي احتراماً لسرية التحقيؽ وقرينة البراءة‪ .‬كما حظرت المادة (‪ )746‬عقوبات‬
‫عراقي أفشاء أسرار التحقيؽ االبتدائي او القضائي إذا كانت المحاكمة سرية في‬
‫الحاالت التي نصت عمييا المادة (‪ )457‬أصوؿ جزائية – وكذلؾ حظرت المادة‬
‫(‪ )147‬عقوبات عمى كؿ مف عمـ بحكـ مينتو او وظيفتو او صناعتو او فنو او‬
‫طبيعة عممو كالشيود او القضاة والكتبة بخصوص أسرار التحقيؽ او المحاكمة‬
‫فأفشاه في غير األحواؿ المصرح بيا قانوناً كما ذىبت المادة (‪ )141‬عقوبات ابعد‬
‫مف ذلؾ في حماية قرينة البراءة‪ ،‬حيث جاءت بنص عاـ اعتبرت فيو مف يرمي غيره‬
‫بما يخدش شرفو او يجرح شعوره جريمة سب‪ ،‬كما في نشر معمومات غير مؤكدة‬
‫وغير ثابتة عف التحقيؽ او المحاكمة‪ ،‬وتشدد العقوبة اذا كاف النشر في الصحؼ او‬
‫المطبوعات او بإحدى طرؽ األعبلـ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ -:‬خالصة صفوة المقترحات‬


‫‪ -4‬إصدار تشريع لمعمؿ الصحفي في العراؽ أسوة بقانوف تنظيـ الصحافة المصري‬
‫رقـ (‪ )96‬لسنة ‪ ،4996‬ويحدد المشرع فيو بوضوح حدود العمؿ الصحفي بما ال‬
‫يتعارض مع قرينة البراءة‪ ،‬وتحديد مسؤولية الصحفي واإلعبلمي بخصوص النقد‬
‫او اإلعبلف او النشر او اإلذاعة المتعمقة بالتحقيقات والمحاكمات ونحوىا‪ ،‬ال‬
‫سيما قبؿ إصدار األحكاـ القضائية النيائية‪.‬‬
‫‪ -7‬تعديؿ نص المادة (‪ )746‬عقوبات عراقي‪ ،‬بحيث يكوف إذف سمطة التحقيؽ او‬
‫المحكمة بالنشر بعد إصدار الحكـ النيائي في الدعوى وليس قبؿ ذلؾ‪ ،‬إال في‬
‫حاالت استثنائية كما في قضايا الرأي العاـ او القضايا السياسية الميمة ونحوىا‬
‫فيكوف اإلذف قبؿ او بعد إصدار الحكـ القضائي النيائي‪.‬‬
‫‪ -4‬تجريـ جيات التحقيؽ والمحكمة التي توجو التحقيؽ ابتداءاً وتصييغ األسئمة بما‬
‫يفيد اإلدانة فقط دوف مراعاة الموازنة المطموبة في توجيو التحقيؽ وصياغة‬

‫‪167‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫األسئمة بما يفيد اإلدانة والبراءة معاً اذ ال يجوز االعتقاد المسبؽ بإدانة المتيـ‬
‫قبؿ التحقيؽ والتصرؼ عمى أساس ذلؾ‪ ،‬واف كاف ذلؾ بغير قصد‪.‬‬

‫اذلٕايش‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محم ػػود نجيػ ػب حس ػػني ‪ /‬ش ػػرح ق ػػانوف اإلجػ ػراءات الجنائي ػػة‪ ،‬ط‪ ،7‬مطبع ػػة جامع ػػة الق ػػاىرة‬
‫والكتاب الجامعي ‪ ،4988‬ص ‪ 177‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬احم ػػد فتح ػػي س ػػرور ‪ /‬الش ػػرعية واإلجػ ػراءات الجنائي ػػة‪ ،‬دار النيض ػػة العربي ػػة ‪ ،4977‬ص‬
‫‪471‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬احمػػد فتحػػي سػػرور ‪ /‬الشػػرعية الدسػػتورية وحقػػوؽ االنسػػاف‪ ،‬دار النيضػػة العربيػػة‪،4994 ،‬‬
‫ص ‪.478‬‬
‫(‪ )1‬نقبلً عف د‪ .‬خالد رمضاف عبد ألعاؿ ‪ /‬المسؤولية الجنائية في جرائـ الصحافة‪ ،‬رسالة دكتوراه‬
‫‪ /‬كمية الحقوؽ جامعة حمواف‪ ،7007 ،‬ص ‪544‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬احمد إدريس احمد ‪ /‬افتػراض بػراءة المػتيـ‪ ،‬رسػالة دكتػوراه ‪ /‬كميػة الحقػوؽ جامعػة القػاىرة‪،‬‬
‫‪(4981‬ص ‪ )64‬حيث يتفؽ مع الرأي األوؿ الذي ذىبنا الى تأييده‪.‬‬
‫ولئلطبلع عمى المزيد مف أوجو النقد الموجية الى افتراض براءة المتيـ مف قبؿ أنصػار المدرسػة‬
‫الوضعية في أواخر القرف ‪ 49/‬مف أف ىذا االفتراض لـ يميز بيف فئات المجرميف وأنيػا تمػنح‬
‫المج ػرميف حصػػانة تمحػػؽ ضػػررا" كبي ػرا" بااالمجتمع وادعائهااا إن الخباارة العمميااة أثبتاات عاادم‬
‫صواب هذا االفتراض الن معظم المتهمين يدانون في النهاية ‪ :‬انظر د‪ .‬احمد فتحاي سارور‬
‫‪/‬القانون الجنائي الدستوري ص ‪ 272‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )6‬د‪ .‬احم ػػد فتح ػػي س ػػرور ‪ /‬الش ػػرعية الدس ػػتورية لمحق ػػوؽ والحري ػػات‪ ،‬ط‪ 4‬دار الش ػػرؽ‪4999 ،‬‬
‫ص‪544‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬السيد محمد حسف شريؼ ‪ /‬النظرية العامة ألثبات الجنػائي‪ ،‬دار النيضػة العربيػة ‪،7007‬‬
‫ص‪ .115‬وذكره‪ .‬د‪ .‬مدحت محمد سعد الديف ‪ /‬نظرية الدفوع فػي قػانوف اإلجػراءات الجنائيػة‪.‬‬
‫ط‪ 7004 ،7‬ص‪60‬‬
‫(‪ )8‬د‪ .‬احمػػد فتحػػي سػػرور‪ /‬القػػانوف الجنػػائي الدسػػتوري‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الشػػروؽ‪ ،‬القػػاىرة ‪ ،7007‬ص‬
‫‪ 774‬وينظػ ػػر‪ :‬د‪ .‬جػ ػػبلؿ ثػ ػػروت ‪ /‬أصػ ػػوؿ المحاكمػ ػػات الجزائيػ ػػة‪ ،‬القاعػ ػػدة اإلجرائيػ ػػة‪ ،‬الػ ػػدار‬
‫الجامعية‪ ،4994 ،‬ص ‪704‬‬

‫‪168‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫(‪ )9‬د‪ .‬احمد إدريس احمد ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪.67‬‬


‫(‪ )40‬د‪ .‬خالد رمضاف عبد العاؿ ‪ /‬المصدر السابؽ ص‪541‬‬
‫(‪ )44‬د‪ .‬احمد إدريس احمد ‪ /‬المصدر السابؽ ص‪ 494‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ )47‬د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ /‬الشرعية الدسػتورية وحقػوؽ االنسػاف‪ ،‬المصػدر السػابؽ ص‪ 476‬ومػا‬
‫بعدىا‪.‬‬
‫(‪ )44‬د‪ .‬احمد فتحي سرور ‪ /‬المصدر والموضع السابؽ‪ ،‬وذكره‪ .‬د‪ .‬السػيد محمػد حسػف شػريؼ ‪/‬‬
‫المصدر السابؽ ص ‪1-171‬‬
‫(‪ )41‬د‪ .‬احمد فتحي سرور‪ /‬الشرعية واإلجراءات الجنائية – ص‪106‬‬
‫(‪ )45‬أ‪ .‬قاسػػـ محمػػد العبػػد و أ‪ .‬وحيػػد محمػػد سػػعيد العرفػػي ‪ /‬القناعػػة الوجدانيػػة الجزائيػػة ‪ /‬مجمػػة‬
‫المحاموف السورية‪ ،‬السنة التاسعة ‪/4984/‬ص‪.4049‬‬
‫(‪ )46‬د‪ .‬محمػ ػػد زكػ ػػي أبػ ػػو عػ ػػامر ‪ /‬اإلثبػ ػػات فػ ػػي الم ػ ػواد الجنائيػ ػػة ‪ /‬الفنيػ ػػة لمطباعػ ػػة والنشػ ػػر –‬
‫اإلسكندرية ‪ / 4985 /‬ص ‪ 479‬وما بعدىا‬
‫(‪ )47‬د‪ .‬فاضػػؿ زيػػداف محمػػد ‪ /‬سػػمطة القاضػػي الجنػػائي فػػي تقريػػر األدلػػة ‪ /‬مطبعػػة الشػػرطة –‬
‫بغداد ‪ /4997‬ص‪ 94‬وما بعدىا‬
‫(‪ ) 48‬د‪ .‬عبػػد الكػػريـ زيػػداف ‪ /‬الػػوجيز فػػي ش ػػرح القواعػػد الفقييػػة فػػي الشػ ػريعة اإلس ػػبلمية ‪ /‬ط‪/4‬‬
‫مؤسسة الرسالة ناشروف ‪ ،7006 /‬ص‪11‬‬
‫(‪ )49‬المصدر السابؽ ‪ /‬ص ‪ 14‬وما بعدىا‬
‫(‪ )70‬د‪ .‬محمػػد سػػميـ الع ػوا ‪ /‬فػػي أصػػوؿ النظػػاـ الجنػػائي اإلسػػبلمي‪ ،‬ط‪ ،7‬دار المنػػارة‪،4984 ،‬‬
‫ص ‪407-99‬‬
‫(‪ )74‬السػػيد محمػػد حسػػف ش ػريؼ ‪ /‬المصػػدر السػػابؽ‪ ،‬ص‪ .484‬وتنظػػر اريػػات الكريمػػة ‪-465:‬‬
‫النساء‪ / 59 ،‬القصص‪ ،‬إلسناد ىذا االتجاه‬
‫(‪ )77‬عػػز الػػديف عبػػد العزيػػز السػػممي ‪ /‬قواع ػد األحكػػاـ فػػي مصػػالح األنػػاـ‪ ،‬ج‪ ،4‬مكتبػػة الكميػػات‬
‫األزىرية‪ 4488 ،‬ىػ‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫(‪ )74‬د‪ .‬اشرؼ رمضاف عبد الحميد ‪ /‬حياد القاضي الجنائي‪ ،‬ط‪ ،4‬دار النيضة العربيػة‪ ،‬القػاىرة‬
‫‪ 7001‬ص ‪ .468‬وينظر في ذات السياؽ ‪.:‬د‪ .‬عصاـ عفيفػي عبػد البصػير ‪ /‬أزمػة الشػرعية‬
‫الجنائية ووسائؿ عبلجيا‪ ،‬ط‪ 4‬دار أبو المجد لمطباعة‪ ،‬القاىرة‪ ،7001 ،‬ص ‪469‬‬

‫‪169‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫(‪ )71‬محمػد بػػف عمػي بػػف محمػد الشػػوكاني ‪ /‬نيػؿ االوطػػار شػرح منتفػػى األخبػار مػػف أحاديػث سػػيد‬
‫األخبار‪ ،‬ج‪ ،8‬مطبعة الحمبي‪ ،‬مصر‪ ،4954 ،‬ص ‪788‬‬
‫(‪ )75‬السيد محمد حسف شريؼ ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪ 490‬وص ‪.497‬وينظر في ذات السياؽ‬
‫‪ :‬اإلماـ شمس الديف محمد بف أبي بكر بف قيـ الجوزية ‪ /‬إعبلـ المػوقعيف عػف رب العػالميف‪،‬‬
‫تحقيؽ وتعميؽ عصاـ الديف الصبابطي‪ ،‬ج‪ ،4‬ط‪ ،4‬دار الحديث‪ ،‬القاىرة‪ ،4994 ،‬ص ‪790‬‬
‫(‪ )76‬د‪.‬س ػػميـ إبػ ػراىيـ حرب ػػة ‪ /‬محاضػ ػرات غي ػػر مطبوع ػػة‪ ،‬م ػػادة لطمب ػػة الماجس ػػتير ف ػػي اإلثب ػػات‬
‫الجنائي‪ ،‬كمية القانوف جامعة بغداد ‪.4996‬‬
‫(‪ )77‬د‪ .‬خالد رمضاف ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪ 546‬وما بعدىا‬
‫(‪ )78‬المصدر والموضع السابؽ‬
‫(‪ )79‬المصدر السابؽ ‪ /‬ص‪547‬‬
‫(‪ )40‬د‪ .‬نوفؿ عمي عبد اهلل ‪ /‬قرينة البراءة في القانوف الجنػائي‪ ،‬بحػث منشػور فػي مجمػة ال ارفػديف‬
‫لمحقػ ػػوؽ‪ ،‬تصػ ػػدرىا كميػ ػػة القػ ػػانوف‪ ،‬مجمػ ػػد ‪ ،8‬العػ ػػدد ‪ ،40‬سػ ػػنة (‪ ،7006 )44‬ص‪ 459‬ومػ ػػا‬
‫بعدىا‪.‬‬
‫(‪ )44‬نوفؿ عمي عبد اهلل ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪460‬‬
‫(‪ )47‬خالد رمضاف ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪ 547‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ )44‬د‪ .‬خالد رمضاف ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪545‬‬
‫(‪ )41‬د‪ .‬ري ػػاض ش ػػمس ‪ /‬حري ػػة الػ ػرأي وجػ ػرائـ الص ػػحافة والنش ػػر‪ ،‬ج ‪4‬و ‪ ،7‬مطبع ػػة دار الكت ػػب‬
‫المصرية‪ ،4971 ،‬ص ‪74-71‬‬
‫(‪ )45‬د‪ .‬نوفؿ عمي عبػد اهلل ‪ /‬المصػدر السػابؽ‪ ،‬ص‪ ،467-461‬لمعرفػة المزيػد مػف ارراء التػي‬
‫قبمػػت فػػي محاولػػة بعػػض الفقيػػاء نفػػي صػػفة القرينػػة القانونيػػة عػػف قرينػػة الب ػراءة وارراء التػػي‬
‫دحظت ىذه االدعاءات‬
‫(‪ )46‬مجموعة أحكاـ المحكمة الدستورية العميا‪/‬ج‪ ،7‬القاىرة‪ ،4995 ،‬ص‪87‬‬
‫(‪ -)47‬د‪ .‬محمود نجيب حسيني ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪171‬‬
‫(‪ )48‬المصدر والموضوع السابؽ‪.‬‬
‫(‪ )49‬د‪.‬سميـ إبراىيـ حربة ‪ /‬المحاضرات‪ ،‬المصدر الموضوع السابؽ‬
‫(‪ )10‬د‪ .‬احمد فتحي سرور ‪ /‬القانوف الجنائي الدستوري‪ ،‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪ 789‬وذكره السيد‬
‫محمد حسف شريؼ‪ ،‬المصدر السابؽ ص‪ 161‬وما بعدىا‬

‫‪170‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫(‪ )14‬السيد ‪ /‬محمد حسف شريؼ‪ ،‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪ 169‬وما بعدىا‬
‫(‪ )17‬د‪ .‬السػػيد محمػػد حسػػف ش ػريؼ ‪ /‬المصػػدر السػػابؽ‪ ،‬ص‪ ،169‬وينظػػر فػػي ذلػػؾ ‪ :‬د‪ .‬محمػػد‬
‫زكي أبو عامر ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪19‬‬
‫(‪ )14‬انظ ػػر المػ ػواد ‪ 440(:‬و ‪ / 754‬ج) أص ػػوؿ جزائي ػػة ع ارق ػػي‪ ،‬والمػ ػواد (‪ 165‬و ‪)4 / 147‬‬
‫إجراءات جنائية مصري‬
‫(‪ )11‬د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪ ،175‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ )15‬المصدر السابؽ ‪ /‬ص ‪.176‬‬
‫(‪ )16‬يشػػار فػػي ىػػذا الصػػدد اف ىنػػاؾ أثػػار أخػػرى تترتػػب عمػػى افت ػراض ب ػراءة المػػتيـ وردت فػػي‬
‫ميػداف اإلثبػات الجنػػائي‪ ،‬مػثبل" فػػي حالػة الشػػروع إذا كػاف البػدء بالتنفيػػذ ينطبػؽ عمػػى أكثػر مػػف‬
‫جريمػػة كػػؿ منيػػا ذات جسػػامة مختمفػػة‪ ،‬فأنػػة يفتػػرض بػػأف المػػتيـ أراد ارتكػػاب اقػػؿ ىػػذه الجػرائـ‬
‫جسػامة مػالـ يقػيـ الػػد ليػؿ عمػى عكػس ذلػػؾ‪ .‬وفػي بعػض الػنظـ كالقػػانوف اإلنكميػزي يمنػع عمػػى‬
‫المػػدعي المػػدني ممارسػػة حػػؽ االدعػػاء المباشػػر إمػػاـ القضػػاء الجنػػائي‪ .‬ومػػف جيػػة أخػػرى فػػاف‬
‫المشرع الجنائي قصر الطعف في األحكاـ الجنائية عمى األحكاـ الصادرة باإلدانة دوف غيرىا‪.‬‬
‫ولممزيد في تفصيؿ ىذه ارثار ينظر ‪ .-:‬د‪ .‬محمد زكي أبو عامر ‪ /‬المصدر السابؽ ص‪56‬‬
‫– ‪.58‬‬
‫(‪ -)17‬د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪ 148‬وما بعدىا‬
‫(‪ –)18‬د‪ .‬سميـ إبراىيـ حربة ‪ /‬المحاضرات‪ ،‬المصدر والموضع السابؽ‪.‬‬
‫(‪.– )19‬د‪ .‬سػػعيد حسػػب اهلل عبػػد اهلل ‪ /‬شػػرح قػػانوف أصػػوؿ المحاكمػػات الجزائيػػة‪ ،‬ط‪ ،7‬دار ابػػف‬
‫األثير لمطباعة والنشر‪ ،‬لموصؿ‪ ،7005 ،‬ص ‪ 47‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ .-)50‬د‪ .‬محمد فػالح حسػف ‪ /‬مشػروعية اسػتخداـ الوسػائؿ الحديثػة فػي اإلثبػات الجنػائي‪ ،‬مطبعػة‬
‫الشػػرطة‪ ،‬بغػػداد‪ ،4987 ،‬ص‪ .70‬وينظػػر ‪ .-:‬د‪ .‬سػػامي النص ػراوي ‪ /‬المصػػدر السػػابؽ‪ ،‬ص‬
‫‪.445‬‬
‫(‪.-)54‬د‪ .‬ىبللػػي عبػػد ألػػبله احمػػد ‪ /‬النظريػػة العامػػة لئلثبػػات الجنػػائي‪ ،‬المجمػػد ‪ ،7 /‬دار النيضػػة‬
‫العربي ػػة القػ ػػاىرة‪ ،‬ص ‪ 718‬وم ػػا بعػ ػػدىا‪ .‬وينظػ ػػر د‪ .‬احمػ ػػد فتحػ ػػي سػػػرور ‪ /‬القػ ػػانوف الجنػ ػػائي‬
‫الدستوري‪ ،‬المصدر السابؽ ص ‪ 797‬وما بعدىا‬
‫(‪.– )57‬د‪ .‬أبػػو العػػبل عم ػػي أبػػو العػػبل النمػػر ‪ /‬الجديػػد فػػي اإلثبػػات الجنػػائي‪ ،‬ط‪ ،7‬دار النيضػػة‬
‫العربيػػة‪ ،7000 ،‬ص‪ 717‬وينظػػر ‪:‬د‪ .‬ىبللػػي عبػػد ألػػبله ‪ /‬المصػػدر السػػابؽ‪ ،‬ص ‪ 787‬ومػػا‬

‫‪174‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫بعػػدىا‪ .‬وكػػذلؾ ‪ :‬د‪ .‬معػػوض عبػػد التػواب ‪ /‬الػػدفوع الجنائيػػة‪ ،‬ط‪ ،4‬دار المطبوعػػات الجامعيػػة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،4996 ،‬ص‪.484‬‬
‫(‪.-)54‬د‪.‬نوفؿ عمي عبد اهلل‪/‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪478‬وما بعدىا‬
‫(‪ _)51‬المصدر والموضع السابؽ نفسو‪.‬‬
‫(‪ _)55‬المصدر والموضع السابؽ نفسو‬
‫(‪ .-)56‬د‪ .‬فاضؿ زيداف‪ ،‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪.408-95‬‬
‫(‪ .-)57‬تنظر لممادة (‪ )744‬اصوؿ محاكمات جزائية عراقي‪.‬‬
‫)‪ .-)58‬د‪.‬سعيد حسب اهلل‪ -‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪.479-475‬‬
‫(‪ -)59‬محمد بف ابػي بكػر بػف عبػد القػادر الػرازي – مختػار الصػحاح‪ ،‬ط‪ ،4‬دار الكتػاب العربػي‪،‬‬
‫بيروت‪ -‬لبناف‪ 4967 ،‬ص‪ 154‬وما بعدىا‪ .‬ولمعرفة المزيد تنظر ص‪.91-77‬‬
‫(‪ -)60‬ابو ىبلؿ العسػكري – الفػروؽ فػي المغػة‪ ،‬تحقيػؽ لجنػة احيػاء التػراث العربػي‪ ،‬دار االفػاؽ‬
‫الجديدة‪ ،‬بيروت ص‪74‬‬
‫(‪ )64‬د‪ .‬نظمػػة الجبػػوري – نصػػوص المصػػطمح الصػػوفي فػػي االسػػبلـ‪ ،‬مطبعػػة اليرمػػوؾ‪ ،‬بغػػداد‪،‬‬
‫‪ ،4999‬ص‪ 474-444‬ومػػا بع ػػدىا‪ .‬ولممزي ػػد ينظػػر‪.‬د عب ػػد ال ػػرزاؽ احم ػػد الحربػػي – م ارح ػػؿ‬
‫الفكر االسبلمي‪ ،‬مكتب الخطيب‪ ،‬بغداد‪ ،7007 ،‬ص‪.48‬‬
‫(‪ )67‬د‪ .‬محمد محمود رحيـ الكبيسي ‪/‬نظريػة العمػـ عنػد الغ ازلػي‪ ،‬ط‪ ،4‬طبػع ونشػر بيػت الحكمػة‪،‬‬
‫بغداد ‪ ،7007‬ص‪.48‬‬
‫(‪ )64‬الش ػػي ‪ .‬محم ػػد رض ػػا المظف ػػر ‪/‬المنط ػػؽ‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبع ػػة حس ػػاـ‪ ،‬بغ ػػداد ‪ 4987‬ص‪ 47‬وم ػػا‬
‫بعدىا‪.‬‬
‫(‪ -)61‬د‪.‬ىبللي عبد اهلل احمد ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪.674‬‬
‫(‪ -)65‬د‪ .‬إيم ػػاف محم ػػد عم ػػي الج ػػابري ‪ /‬يق ػػيف القاض ػػي الجن ػػائي‪ ،‬منش ػػأ المع ػػارؼ‪ ،‬اإلس ػػكندرية‪،‬‬
‫‪ ،7005‬ص‪794‬‬
‫(‪ -)66‬المصدر السابؽ ‪/‬ص‪ 414‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪.-)67‬د‪ .‬ياسػر باسػػـ ذ نػوف ‪/‬نظريػػة الرجيػاف وتطبيقيػػا فػي أدلػػة اإلثبػات المػػدني‪ ،‬رسػالة دكتػػوراه‬
‫الحقوؽ جامعة النيريف‪ ،7004 ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪.-)68‬د‪.‬ابراىيـ ابراىيـ الغماس‪/‬الشيادة كد ليؿ اثبات في المػواد الجنائيػة‪ ،‬عػالـ الكتػب‪ ،‬القػاىرة‪،‬‬
‫‪ ،4980‬ص‪616‬‬

‫‪177‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫(‪.-)69‬د‪.‬ىبللي عبد االه احمد‪ /‬الحقيقة بيف الفمسفة العامػة واألسػبلمية وفمسػفة األثبػات الجنػائي‪،‬‬
‫ط‪ ،7‬دار النيضة العربية ص ‪.677‬‬
‫(‪.-)70‬د‪.‬إيماف محمد عمي الجابري‪/‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪416‬وما بعدىا‬
‫(‪ .-)74‬المصدر السابؽ‪/‬ص‪410‬وما بعدىا‬
‫(‪.-)77‬قرار رقـ ‪/447‬ىيئػة عامػة‪87/‬بتػاري ‪.4987/40/1‬ذكره‪:‬د‪.‬نوفػؿ عمػي عبػد اهلل‪/‬المصػدر‬
‫السابؽ‪ ،‬ص‪.487‬‬
‫(‪ .-)74‬د‪ .‬سميـ إبراىيـ حربة ‪ /‬المحاضرات‪ ،‬المصدر والموضع السابؽ‬
‫(‪ - )71‬أبو ىبلؿ العسكري ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪ 90‬وما بعدىا‬
‫(‪ -)75‬الرازي ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪411‬‬
‫(‪ .-)76‬د‪ .‬جميػػؿ صػػميبا ‪ /‬المعجػػـ الفمسػػفي باأللفػػاظ العربيػػة والفرنسػػية واإلنكميزيػػة والبلتينيػػة‪ ،‬ج‬
‫‪ ،4‬دار الكتاب الجامعي بيروت‪ ،4978 ،‬ص ‪705‬‬
‫(‪ .-)77‬د‪ .‬فتح اهلل خميؼ ‪ /‬المدخؿ الػى الفمسػفة‪ ،‬دار الجامعػات المصػرية اإلسػكندرية‪،4987 ،‬‬
‫ص ‪107‬‬
‫(‪ .-)78‬د‪ .‬محمد محمود رحيـ الكبيسي ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪ 14‬و ص‪ 14‬وما بعدىا‬
‫(‪ .-)79‬د‪ .‬جػػبلؿ ثػػروت ‪ /‬نظريػػة الجريمػػة متعديػػة القصػػد فػػي القػػانوف المصػػري والمقػػارف‪ ،‬دار‬
‫المعارؼ‪ ،‬مطبعة معيد دوف بوسكو اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪ 749‬وما بعدىا‬
‫(‪ )80‬القاض ػػي‪ .‬فري ػػد الزغب ػػي ‪ /‬الموس ػػوعة الجزائي ػػة‪ ،‬المجم ػػد الثال ػػث‪ ،‬ط‪ ،4‬دار صػ ػادر لمطباع ػػة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،4995.‬ص‪477‬‬
‫(‪ )84‬د‪ .‬محمود نجيب حسيني ‪ /‬شرح قانوف االجراءات الجنائية‪ ،‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫(‪ )87‬د‪ .‬ايماف محمد عمي الجابري ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪.411‬‬
‫(‪ )84‬د‪.‬سميـ حربة ‪ /‬المحاضرات ‪ /‬المصدر والموضع السابؽ‬
‫(‪ )81‬د‪ .‬محمػػود محمػػود مصػػطفى ‪ /‬شػػرح ق ػانوف العقوبػػات‪ ،‬القسػػـ العػػاـ‪ ،‬مطبعػػة جامعػػة القػػاىرة‬
‫‪ -4984/‬ص‪.4‬‬
‫(‪ .-)85‬د‪ .‬خالد رمضاف عبد العاؿ ‪ /‬المصدر السابؽ – ص‪.510‬‬
‫(‪.-)86‬د‪.‬حسف صادؽ المرصفاوي ‪/‬المرصفاوي في أصوؿ األجراءات الجنائية‪/‬منشػأة المعػارؼ‪-‬‬
‫األسكندرية‪ -4987‬ص‪454‬‬

‫‪174‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫(‪.-)87‬د‪.‬عبػد األميرالعكيمػػي و‪.‬د‪.‬سػػميـ حربة‪/‬شػػرح قػػانوف أصػػوؿ المحاكمػػات الجزائيػػة ‪/‬ج‪/4‬شػػركة‬


‫أياد لمطباعة الفنية‪/4987‬ص‪447‬‬
‫(‪ -)88‬لتفصيبلت أخرى انظر ‪ :‬د‪ .‬خالد رمضاف ‪/‬المصدر السابؽ ‪/‬ص‪.517-514‬‬
‫(‪.-)89‬د‪.‬اش ػ ػ ػػرؼ رمض ػ ػ ػػاف عب ػ ػ ػػد الحمي ػ ػ ػػد ‪ /‬حري ػ ػ ػػة الص ػ ػ ػػحافة ‪/‬ط‪ /4‬دار النيض ػ ػ ػػة العربي ػ ػ ػػة –‬
‫القاىرة‪ - 7001‬ص‪798‬‬
‫(‪.-)90‬د‪ .‬اشرؼ رمضاف ‪ /‬المصدر السابؽ ‪ /‬ص ‪ ،407‬ص‪ 408‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ .-)94‬د‪.‬سعيد حسب اهلل عبد اهلل ‪ /‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪.474‬‬
‫(‪ .-)97‬د‪ .‬سامي النصراوي‪ /‬دراسة في اصوؿ المحاكمات الجزائية ‪/‬ج‪ /4‬مطبعة دار السبلـ –‬
‫بغداد‪-4986-‬ص‪797‬ومابعدىا‬
‫(‪ .-)94‬د‪ .‬سػػامي النصػراوي ‪ /‬المصػػدر والموضػػوع السػػابؽ‪.‬وذكػره د‪.‬سػػعيد حسػػب اهلل ‪ /‬المصػػدر‬
‫السابؽ – ص‪.471‬‬
‫(‪ .- )91‬د‪ .‬محمود عبد المطيؼ عبد العاؿ ‪ /‬حسف نية القاذؼ في حالتي نشر األخبار والنقد ‪/‬‬
‫دار النيضة العربية – القاىرة ‪ / 7004 /‬ص ‪50- 17‬‬
‫(‪ -)95‬انظر ‪-:‬‬
‫‪H.Blin A.Chavanne ،R.. Drago Trait du droit de la presse paris 1969.‬‬
‫(‪ .-)96‬د‪ .‬محمود عبد المطيؼ عبد العاؿ ‪ /‬المصدر السابؽ ‪ /‬ص ‪.59‬‬
‫(‪ .-)97‬د‪ .‬محمد عبد المطيؼ عبد العاؿ ‪ /‬المصدر السابؽ ‪ /‬ص ‪ 60‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪ -)98‬انظر‪:‬‬
‫‪J. A. Roux. Cours de droit Criminel. Francaise.zed.t. 11. procedure‬‬
‫‪penale. pariss.1927.p304‬‬
‫(‪ -)99‬الطعػ ػػف رقػ ػػـ ‪ 4811‬لس ػ ػنة ‪( 57‬مػ ػػدني) جمسػ ػػة ‪ 4990/6/47‬مجموعػ ػػة احكػ ػػاـ محكمػ ػػة‬
‫الػػنقض‪ ،‬س‪14‬نػػص‪ 440‬نقػػبل" عػػف د‪ .‬محمػػد عبػػد المطيػػؼ عبػػد العػػاؿ ‪ /‬المصػػدر السػػابؽ –‬
‫ص‪ 446‬وما بعدىا‬
‫(‪. -)400‬د‪ .‬محمد عبد المطيؼ عبد العاؿ ‪ /‬المصدر السابؽ – ص‪411 -447‬‬

‫ادلصادر‬
‫المصادر بالمغة العربية‬

‫‪171‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫أوالً ‪ -‬مصادر المغة والفقو والفمسفة‬


‫‪ -4‬د‪ .‬ابو ىبلؿ العسكري ‪/‬الفروؽ في المغة‪ ،‬تحقيؽ لجنة احياء التراث العربي‪ ،‬دار‬
‫االفاؽ الجديدة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬السيد‪ /‬محمد حسف شريؼ‪ ،‬النظرية العامة لبلثبات الجنائي‪ ،‬دار النيضة العربية‬
‫‪.7007‬‬
‫‪ -4‬االماـ شمس الديف محمد بف ابي بكر بف قيـ الجوزية ‪/‬اعبلـ الموقعيف عند رب‬
‫العامميف تحقيؽ وتعميؽ عصاـ الديف الصباطي‪ ،‬ج‪/4‬ط‪/ 4‬دار الحديث‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.4994‬‬
‫‪ -1‬جميؿ صميبا‪ /‬المعجـ الفمسفي بااللفاظ العربية والفرنسية واالنكميزية والبلتينية‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫دار الكتاب المبناني‪ ،‬بيروت‪.4978 ،‬‬
‫‪ -5‬د‪.‬عبد الكريـ زيداف ‪ /‬الوجيز في شرح القواعد الفقيية في الشريعة االسبلمية‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫مؤسسة الرسالة ناشروف ‪.7006‬‬
‫‪ -6‬عز الديف بف عبد العزيز بف عبد السبلـ السممي ‪ /‬قواعد االحكاـ في مصالح االناـ‬
‫‪/‬ج‪ ،4‬مكتب الكميات االزىرية ‪ 4488‬ىػ‪.‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬فتح اهلل خميؼ ‪ /‬المدخؿ الى دراسة الفمسفة‪ ،‬دار الجامعات المصرية‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫‪.4987‬‬
‫‪ -8‬محمد بف ابي بكر بف عبد القادر الرازي ‪ /‬مختار الصحاح‪ ،‬ط‪ ،4‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبناف‪.4967 ،‬‬
‫‪ -9‬محمد بف عمي بف محمد الشوكاني ‪ /‬نيؿ االوطار‪ ،‬شرح منتفى األخبار عف احاديث‬
‫سيد االخبار‪ ،‬ج‪ ،8‬مطبعة الحمبي‪ ،‬مصر‪.4954 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد سميـ العوا ‪ /‬في اصوؿ النظاـ الجنائي االسبلمي‪ ،‬ط‪ ،7‬دار المنارة‪،‬‬ ‫‪-40‬‬
‫‪.4984‬‬
‫الشي محمد رضا المظفر ‪ /‬المنطؽ‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة حساـ‪ ،‬بغداد‪.4987 ،‬‬ ‫‪-44‬‬
‫د‪ .‬محمد محمود رحيـ الكبيسي ‪/‬نظرية العمـ عند الغزالي‪ ،‬ط‪ ،4‬بيت الحكمة‪،‬‬ ‫‪-47‬‬
‫بغداد‪.7007 ،‬‬

‫‪175‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫د‪ .‬نظمة الجبوري ‪ /‬نصوص المصطمح الصوفي في االسبلـ‪ ،‬مطبعة اليرموؾ‪،‬‬ ‫‪-44‬‬
‫بغداد‪.4999 ،‬‬
‫د‪ .‬ىبللي عبد االلو احمد ‪ /‬الحقيقية بيف الفمسفة العامة واالسبلمية وفمسفة‬ ‫‪-41‬‬
‫االثبات الجنائي‪ ،‬ط‪ ،7‬دار النيضة العربية‪.‬‬

‫ثانياً ‪ -:‬مصادر القانون‬


‫د‪ .‬ابراىيـ ابراىيـ الغماز‪ /‬الشيادة كدليؿ اثبات في المواد الجنائية‪ ،‬عالـ الكتب‪،‬‬ ‫‪-45‬‬
‫القاىرة‪.4980 ،‬‬
‫د‪ .‬احمد ادريس احمد‪ /‬افترض براءة المتيـ‪ ،‬رسالة دكتوارة‪ ،‬كمية الحقوؽ‪،‬‬ ‫‪-46‬‬
‫جامعة القاىرة‪.4981 ،‬‬
‫د‪.‬احمد فتحي سرور‪ /‬القانوف الجنائي الدستوري‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الشروؽ‪ ،‬القاىرة‬ ‫‪-47‬‬
‫ف‪.7007‬‬
‫د‪.‬احمد فتحي سرور‪ /‬الشرعية واالجراءات الجنائية‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬ ‫‪-48‬‬
‫‪.4977‬‬
‫د‪.‬احمد فتحي سرور‪ /‬الشرعية الدستورية وحقوؽ االنساف‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬ ‫‪-49‬‬
‫‪.4994‬‬
‫د‪.‬احمد فتحي سرور ‪ /‬الشرعية الدستورية لمحقوؽ والحريات‪ ،‬ط‪ ،4‬دار الشرؽ‪،‬‬ ‫‪-70‬‬
‫‪..4999‬‬
‫د‪ .‬ابو العبل عمي ابو العمى النمر‪ /‬الجديد في االثبات الجنائي‪ ،‬ط‪ ،4‬دار‬ ‫‪-74‬‬
‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.7000 ،‬‬
‫د‪ .‬اشرؼ رمضاف عبد الحميد‪ /‬حرية الصحافة‪ ،‬ط‪ ،4‬دار النيضة العربية‪،‬‬ ‫‪-77‬‬
‫القاىرة‪. 7001 ،‬‬
‫د‪ .‬اشرؼ رمضاف عبد الحميد ‪ /‬حياة القاضي الجنائي‪ ،‬ط‪ ،4‬دار النيضة‬ ‫‪-74‬‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.7001 ،‬‬

‫‪176‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
‫تشريف األوؿ (‪)7007‬‬ ‫العدد (‪)9‬‬ ‫المجمد (‪)41‬‬

‫د‪.‬ايماف محمد عمي الجابري ‪ /‬يقيف القاضي الجنائي‪ ،‬منشاة المعارؼ‪،‬‬ ‫‪-71‬‬
‫االسكندرية‪.7005 ،‬‬
‫د‪ .‬جبلؿ ثروت ‪ /‬نظرية الجريمة متعدية القصد في القانوف المصري والمقارف‪،‬‬ ‫‪-75‬‬
‫دار المعارؼ‪ ،‬مطبعة معيد دوف بوسكو‪ ،‬االسكندرية‬
‫د‪ .‬حس صادؽ المرصفاوي‪ ،‬المرصفاوي ‪ /‬في اصوؿ اإلجراءات الجنائية‪ ،‬منشاة‬ ‫‪-76‬‬
‫المعارؼ‪ ،‬االسكندرية ‪.4987 /‬‬
‫د‪ .‬خالد رمضاف عبد العاؿ ‪ /‬المسؤولية الجنائية في جرائـ االصحافة‪ ،‬رسالة‬ ‫‪-77‬‬
‫دكتوراة‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة حمواف‪.7007 ،‬‬
‫د‪ .‬رياض شمس‪ /‬حرية الرأي وجرائـ الصحافة والنشر‪ ،‬ج‪ ،4‬ج‪ ،7‬مطبعة الكتب‬ ‫‪-78‬‬
‫المصرية‪.4971 ،‬‬
‫د‪ .‬سامي النصراوي ‪/‬دراسة في اصوؿ المحكامات الجنائية‪ ،‬ج‪ ،4‬مطبعة دار‬ ‫‪-79‬‬
‫السبلـ‪ ،‬بغداد‪.4986 ،‬‬
‫د‪ .‬سعيد حسب اهلل عبد اهلل ‪ /‬شرح قانوف اصوؿ المحاكمات الجزائية‪ ،‬ط‪ ،7‬دار‬ ‫‪-40‬‬
‫ابف االثير لمطباعة والنشر‪ ،‬الموصؿ‪.7005 ،‬‬
‫د‪ .‬سميـ ابراىيـ حربة‪ /‬محاضرات غير مطبوعة القيت عمى طمبة الماجستير في‬ ‫‪-44‬‬
‫القانوف في موضوع االثبات الجنائي‪ ،‬كمية القانوف‪ ،‬جامعة بغداد‪.4996 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد االمير العكيمي‪ ،‬و د‪ .‬سميـ حربة ‪ /‬شرح قانوف اصوؿ المحاكمات‬ ‫‪-47‬‬
‫الجزائية‪ ،‬ج‪ ،4‬شركة اياد لمطباعة الفنية‪..4987 ،‬‬
‫د‪.‬عصاـ عفيفي عبد البصير ‪ /‬ازمة الشرعية الجنائية ووسائؿ عبلجيا‪ ،‬ط‪،4‬‬ ‫‪-44‬‬
‫دار ابو المجد لمطباعة‪ ،‬القاىرة‪.7001 ،‬‬
‫د‪ .‬فاضؿ زيداف محمد ‪/‬سمطة القاض الجنائي في تقدير االدلة‪ ،‬مطبعة شرطة‬ ‫‪-41‬‬
‫بغداد‪.4997 ،‬‬
‫القاضي فريد الزغبي ‪ /‬الموسوعة الجزائية‪ ،‬المجمد ‪ ،4‬ط‪ ،4‬دار صادؽ لمطباعة‬ ‫‪-45‬‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪.4995 ،‬‬

‫‪177‬‬
‫افتراض براءة المتيـ‬
‫د‪ .‬مجيد خضر احمد عبد اهلل‬

‫أ‪ .‬قاسـ محمد العبد وأ‪ .‬حيدر محمد سعيد العرفي ‪/‬القناعة الوجدانية الجزائية‪،‬‬ ‫‪-46‬‬
‫مجمة المحاموف السورية‪ ،‬السنة التاسعة‪.4984‬‬
‫د‪.‬محمد زكي ابو عامر ‪/‬االثبات في المواد الجنائية‪ ،‬الفنية لمطباعة والنشر‪،‬‬ ‫‪-47‬‬
‫االسكندرية‪.4985 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد عبد المطيؼ عبد العاؿ ‪ /‬حسف نية القاذؼ في حالتي نشر االخبار‬ ‫‪-48‬‬
‫والنقد‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.7004 ،‬‬
‫د‪.‬محمد فالح حسف ‪ /‬مشروعية استخداـ الوسائؿ العممية الحديثة في االثبات‬ ‫‪-49‬‬
‫الجنائي‪ ،‬مطبعة الشرطة‪ ،‬بغداد‪.4987 ،‬‬
‫د‪.‬محمود محمود مصطفى ‪/‬شرح قانوف العقوبات القسـ العاـ‪ ،‬مطبعة جامعة‬ ‫‪-10‬‬
‫القاىرة‪.4984 ،‬‬
‫د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ /‬شرح قانوف االجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،7‬مطبعة جامعة‬ ‫‪-14‬‬
‫القاىرة والكتاب الجامعي‪.4988 ،‬‬
‫د‪.‬مدحت محمد سعد الديف ‪ /‬نظرية الدفوع في قانوف اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪،7‬‬ ‫‪-17‬‬
‫‪.7004‬‬
‫د‪ .‬معوض عبد التواب ‪ /‬الدفوع الجنائية‪ ،‬ط‪ ،4‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪-14‬‬
‫االسكندرية‪.4996 ،‬‬
‫د‪ .‬نوفؿ عمي عبد اهلل ‪ /‬قرينة البراءة في القانوف الجنائي‪ ،‬بحث منشور في مجمة‬ ‫‪-11‬‬
‫الرافديف لمحقوؽ‪ ،‬تصدرىا كمية القانوف جامعة الموصؿ‪ ،‬المجمد الثامف‪ ،‬العدد‪،40‬‬
‫السنة ‪.7006 ،44‬‬
‫د‪.‬ىبللي عبد البله احمد ‪ /‬النظرية العامو في لبلثبات الجنائي‪ ،‬المجمد الثاني‪،‬‬ ‫‪-15‬‬
‫دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫د‪ .‬ياسر باسـ ذنوف ‪ /‬نظرية الرجحاف وتطبيقيا في ادلة االثبات المدني‪ ،‬رسالة‬ ‫‪-16‬‬
‫دكتوراة‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة النيريف‪.7004 ،‬‬

‫مصادر بالمغة الفرنسية‬

‫‪178‬‬
‫مجمة جامعة تكريت لمعموـ اإلنسانية‬
)7007( ‫تشريف األوؿ‬ )9( ‫العدد‬ )41( ‫المجمد‬

47- H.BIN.A Chavanne. R. Drago. Trait. du droit de / A Presse.


paris. 1969.
48- T.A .Roux. Cours de droit Criminel Franceaise 2 ed T.11
Procedure Penale. paris.1927

179

You might also like