Professional Documents
Culture Documents
الآثار المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم...
الآثار المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم...
اآلثار المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم
جدول المحتويات
ملخص البحث 3.................................................................................................................
مقدمة البحث 3..................................................................................................................
أهمية البحث 4...................................................................................................................
مشكلة البحث 4..................................................................................................................
أسئلة البحث 4...................................................................................................................
منهج البحث 5...................................................................................................................
الدراسات السابقة 5............................................................................................................
خطة البحث 6....................................................................................................................
المبحث األول :المتهم7........................................................................................................
المطلب األول :تعريف المتهم لغة واصطالحاً ،والشريعة اإلسالمية7........................................... .
المطلب الثاني :الﺸروط الواﺠب ﺘواﻓرها ﻓي الﻤﺘهم 11.............................................................
المطلب الثالث :حقوق المتهم12.........................................................................................
المبحث الثاني :البطالن 15...................................................................................................
المطلب األول :تعريف البطالن وطبيعته وأنواعه15............................................................... :
المطلب اثاني :آثار البطالن القانونية على األعمال اإلجرائية الجزائية 19....................................
المطلب الثالث :تصحيح العمل اإلجرائي الباطل 20..................................................................
الخاتمة والتائج والتوصيات 22..............................................................................................
المراجع26.......................................................................................................................
2
ملخص البحث
يهدف هذا البحث إلى دراسة اآلثار المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم في
نظام اإلجراءات الجزائية السعودي ،وكيف يؤثر ذلك على سالمة اإلجراءات وتحقيق العدالة.
يتناول البحث مفهوم حق المتهم والبطالن وإثارته على األعمال اإلجرائية الجزائية من منظور اللغة
واالصطالح والشريعة اإلسالمية .يستخدم البحث المنهج الوصفي والتحليلي المقارن الستقراء
نصوص نظام اإلجراءات الجزائية السعودي .يخلص البحث إلى أن حقوق المتهم هي حقوق أصلية
شرعية مستمدة من الشريعة اإلسالمية ،وأن النظام الجزائي السعودي يراعي هذه الحقوق في جميع
مراحل التحقيق والمحاكمة .كما يوضح البحث أن البطالن هو االستثناء في اإلجراءات الجزائية،
وأن إثارته يجب أن تكون بالطرق واألوقات المحددة قانونا.
مقدمة البحث
أن ما عاناه اإلنسان من ظلم واضطهاد طيلة عهود مضت جعل حقوق اإلنسان وحرياته من
األولويات واهتمام الفكر المعاصر حيث اتحلت مكانه هامة ولم يتوقف البحث فيها والمناداة
بضرورية احترامها وحمايتها فتوالت المواثيق واالعالنات الخاصة بها على كافة المستويات الدولية
والمحلية وقد ظلت حقوق اإلنسان تتأثر سلبا وإيجابا باألنظمة السياسية الممارسة في الدولة فالحقوق
والحريات ال تكرس فعليا إال في ظل دولة القانون التي تحرص على تفعيل هاته الحقوق والحريات
ووجوب احترام اإلنسان وكرامته وحرمة مسكنه وحق اإلنسان المتهم بجرم ما باعتباره برئ إلى أن
تثبت إدانته ومنحه كل الطرق والوسائل الممارسة حقه في الدافع عن نفسه.
فصدر نظام اإلجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية وذلك بمقتضى المرسوم م ٢ /وتاريخ
٢٢/١/١٤٣٥هـ وعالج النظام البطالن فالبكالن هو جزاء إجرائي يلحق وينال من العمل اإلجرائي
فيهدر جميع إثاره القانونية واألصل في اإلعمال اإلجرائية أن تتم بصورة صحيحة واالستثناء من
هذه القاعدة هو البطالن ومن هنا يأتي موضوع الدراسة في هذا البحث اآلثار المترتبة على عدم
علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم.
3
أهمية البحث
بيان الضمانات التي يمنحها نظام اإلجراءات الجزائية السعودي فكان مناسبا تناول أبرز الضمانات
وأهمها إبراز أهمية حياد سلطة التحقيق وأثر ذلك في وضع ضمانات المتهم موضع التنفيذ.
مشكلة البحث
أن نظام اإلجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية يحترم حقوق المتهم ويؤكد على معاملته
بصورة الئقة به والتي تحفظ كرامته وتحرم اإلعداء على حريته وأن له حقوق يجب أن تعلم بها
ارادت الجمعية حقوق اإلنسان أن تنشر هذه الحقوق ،ومما ال شك فيه أن البطالن يعد سالحا ذو
حدين فأن تم تطبيق اإلجراءات الجزائية تطبيقا صحيحا فهذا يعني سالمة اإلجراءات الجزائية
تطبيقا معيبا فهذا يعني أن الجاني سيفلت.
من هنا تأتي مشكلة البحث التي تمثل في حق المتهم وإثار البطالن.
أسئلة البحث
يدور البحث حول تساؤال رئيسا عن حق المتهم وإثار البطالن في نظام اإلجراءات الجزائية ويتفرع
عن هذا التساؤل عدة تساؤالت فرعية منها:
4
منهج البحث
يسعى البحث إلى اإلجابة على التساؤالت سالفة الذكر باستخدام المنهج الوصفي والتحليلي المقارن
عن طريق استقراء نصوص نظام اإلجراءات الجزائية السعودي.
الدراسات السابقة
عالجت الدارسات السابقة الضمانات الواجب منحها للمتهم أثناء مرحلة التحقيق االبتدائي وهي
ضمانات التي نص عليها القانون اإلجراءات الجزائية كما بحثت مدى ومالءمتها لضمانات
المحاكمة العادلة المنصوص عليها في النظام األساسي وذلك لغاية معرفة أثر هاذي الضمانات في
توفير إجراءات محاكمة عادلة للمتهم.
-1دراسة بعنوان "المسؤولية الجنائية لرجال األمن العام في حالة انتهاك حقوق المتهم"
للدكتور عبد الرحمن بن عبد هللا السليمان ،والتي تناولت مفهوم وأنواع وشروط وآثار
المسؤولية الجنائية لرجال األمن العام في حالة انتهاك حقوق المتهم ،وتحدثت عن
الضمانات القانونية واإلجراءات العملية لتحقيق هذه المسؤولية ،وأوصت ببعض التدابير
واإلصالحات لتعزيز حماية حقوق المتهم ومنع االنتهاكات .وقد استخدمت الدراسة المنهج
الوصفي التحليلي ،واعتمدت على المصادر الشرعية والقانونية والمراجع العلمية
المتخصصة في الموضوع.
-2دراسة بعنوان "حقوق المتهم في القانون الجنائي الدولي" للدكتور محمد عبد هللا الشريف،²
والتي تناولت تطور حقوق المتهم في القانون الجنائي الدولي منذ نشأته وحتى الوقت
الحاضر ،وتحدثت عن المصادر والمعايير الدولية التي تنظم حقوق المتهم ،وأبرزت
الفجوات والتحديات التي تواجه تحقيق هذه الحقوق في الواقع .وقد استخدمت الدراسة
المنهج االستقرائي التاريخي ،واعتمدت على الوثائق واالتفاقيات والقرارات والتقارير
5
الدولية المتعلقة بالموضوع.
-3دراسة بعنوان "لمحة عن إنفاذ القانون وحقوق اإلنسان" لمفوضية األمم المتحدة السامية
لحقوق اإلنسان ،والتي تناولت القواعد العامة المستمدة من القانون الدولي لحقوق اإلنسان
التي تنظم استخدام القوة من قبل رجال إنفاذ القانون ،وتحدثت عن االلتزامات والتدابير
التي تتحملها الدول لتنفيذ هذه القواعد ،وأبرزت بعض األنشطة والمبادرات التي تقوم بها
المفوضية في هذا المجال .وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التوضيحي ،واعتمدت
على النصوص والمبادئ والممارسات الدولية المتعلقة بالموضوع.
خطة البحث
المبحث األول :المتهم.
6
المبحث األول :المتهم
يتناول هذا المبحث مفهوم المتهم وحقوقه والمبادئ القانونية التي تحميه ويتضمن ثالثة مطالب
الﺘعرﻴف به:
الﺘهﻤة ﺒﻀم الﺘاﺀ وﺴﻜون الهاﺀ ،أو فﺘﺤها ،وأﺼل الﺘاﺀ فﻴها الواو ،ألﻨها ﻤن وهم ،وﺘأﺘي الﺘهﻤة
ﺒﻤعﻨى الﺸك والرﻴﺒة والظن ،ﻨقول :اﺘهم الرﺠل على فعلﹴ ،إذا ﺼارت ﺒه الرﻴﺒة ،واﺘهﻤﺘه أي ظﻨﻨت
ﺒه ﻤا ﻴﻨﺴب إلﻴه ،وﻨقول ﺘوهم الﺸيﺀ ،أي ظﻨه وﺘﻤﺜله وﺘﺨﻴله ،ﻜان في الوﺠود أو لـم ﻴﻜن ،وﺘﺠﻤع
الﺘهﻤة على ﹸﺘهم ،وهو ﺠﻤع ﺘﻜﺴﻴر.
والﻤﺘهم :هو ﻤن ﻨﺴب إلﻴه ﻨﺸاط ﻤﺤظور ﻤن قولﹴ أو فعلﹴ أو ﺘرك ﻴوﺠب عقوﺒة علـى ﺘقدﻴر ﺜﺒوﺘه.
ﻜﻤا عرف الﻤﺘهم وهو اﺴم ﻤفعول ﻤن الفعل اﺘهم ،ﻴﺘهم – اﺘهاﻤاﹰ( ﺒأﻨه ﺸﺨص ﻤعﻴن ظن ﺒه ،فﺸك
في ﺼدقه فرﻤي ﺒﺘهﻤة)
إن ﺘعرﻴف الﻤﺘهم ﻤن الﻨاﺤﻴة القاﻨوﻨﻴة أﻤراﹰ لﻴس ﺒالﺴهل ،ﻜﻤا هو الﺤال ﺒالﺘعرﻴف اللغوي له ،ﻨظراﹰ
لﻺﺸﻜالﻴات القاﻨوﻨﻴة الﻤﺘعددة الﺘي ﻴﺜﻴرها هذا الﻤوﻀوع ،ولعدم وﺠود ﺘعرﻴف ﻤﺤـدد للﻤﺘهم في ﻜﺜﻴر
ﻤن الﺘﺸرﻴعات ،إال أن هذه الﺘﺸرﻴعات وفي ﻤواﻀع أﺨرى ﺠاﺀت ﺒاﺼـطالﺤات ﻤﺨﺘلفة لﺘﻤﻴز الﻤﺘهم
عن ﻏﻴره ﻤﻤن ﻴﺘعرﻀون لذات اإلﺠراﺀات وإن الﺒعض ﻤﻨها أعطى ﺘﻤﻴﻴـزاﹰ اﺼطالﺤﻴاﹰ للﻤﺘهم ذاﺘه
في ﻤرﺤلة أو ﻤراﺤل أﺨرى ﻤن ﻤراﺤل الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة.
7
أوﻻﹰ :ﺒﻴان الﻤقﺼود ﺒالﻤﺘهم ﻓي الفقه
ﻴﺴود الفقه الفرﻨﺴي ﺘعرﻴفا للﻤﺘهم في ﻤرﺤلة الﺘﺤقﻴق ( )L'inculpeﺒأﻨه الﻤدعى علﻴـه الذي ﺘﻨﺴب
إلﻴه ﻤﺨالفة ﺠﻨاﺌﻴة ﻤن ﺨالل الﺘﺤقﻴق .وﻴرى الﻤﺴﺘﺸار عدلي ﺨلﻴل ﺒأن الﻤﺘهم هو الﺨﺼم الذي ﻴوﺠه
إلﻴـه االﺘهـام ﺒواﺴـطة ﺘﺤرﻴك الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة قﺒله فهو الطرف الﺜاﻨي في الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة .وذهب
آﺨر للقول ﺒأن الﻤﺘهم" هو الﺸﺨص الذي ﺘﺘﺨذ اإلﺠراﺀات الﺠزاﺌﻴة ﻀده ﻤن قﺒل الﻨﻴاﺒة العاﻤة
ﻤﺒاﺸرة ،أو ﺒواﺴطة ﺸﻜوى ﻤن الﻤﺠﻨي علﻴه في الﺠرﻴﻤة .والدﻜﺘور رﻤﺴﻴس ﺒهﻨام ﻴعطي للﻤﺘهم
ﺘعرﻴفان أﺤدهﻤا ﻀﻴق واآلﺨـر أوﺴـع ﻤﻨـه ،فالﻤﺘهم ﺒالﻤعﻨى الﻀﻴق "هو ﻜل ﺸﺨص ﺘقﻴم الﻨﻴاﺒة
العاﻤة ﻀده دعوى ﺠﻨاﺌﻴة" أﻤا الﻤعﻨى الواﺴع للﻤﺘهم ،فﻴﺸﻤل أي ﺸﺨص ﻴوﺠد على ﺤاله ﻤن
الﺤاالت اآلﺘﻴة:
-1ﻤن ﺼدر أﻤر ﺒالقﺒض علﻴه ﻤن الﻨﻴاﺒة العﻤوﻤﻴة ،أو ﻤن ﻴقﺒض علﻴه لﻴﻜون ﺘﺤت
ﺘﺼرفها.
-2ﻤن ﺘﻨﺴب الﻴه الﺠرﻴﻤة ،في أي عﻤل ﻤن األعﻤال اإلﺠراﺌﻴة الﺠﻨاﺌﻴة .ﻜﻤﺤﻀر ﺒـولﻴس
أو ﻤﺤﻀر ﻨﻴاﺒة.
-3الﻤﺒلﻎ ﻀده في ﺒالﻍ عن ﺠرﻴﻤة.
ﻜﻤا عرفه الدﻜﺘور إدوار الدهﺒي" :هو ﻜل ﺸﺨص ﺘﺤرك الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ﻀده لﺸـﺒهة ارﺘﻜاﺒه
ﺠرﻴﻤة أو اﺸﺘراﻜه فﻴها:
-1إن الﺸﺨص ال ﻴعﺘﺒر ﻤﺘهﻤاﹰ إال إذا ﺤرﻜت قﺒله الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة)2(.
-2أﻨه ال ﺒد ﻤن وﺠود القرﻴﻨة على االﺘهام وإال ال وﺠود له.
-3ﻴﺴﺘوي أن ﻴﻜون الﺸﺨص ﻤﺘهﻤاﹰ ،أﻜان فاعالﹰ أو ﻤﺸﺘرﻜاﹰ أو ﻤﺘدﺨالﹰ في الفعل الﻤرﺘﻜب.
-4ﺘؤﻜد ﺠﻤﻴع الﺘعرﻴفات قرﻴﻨة (الﻤﺘهم ﺒريﺀ ﺤﺘى ﺘﺜﺒت إداﻨﺘه).
-5إن ﺼفة االﺘهام ﻤﺴألة عارﻀة ال دﻴﻤوﻤة لها.
8
ﺜاﻨﻴاﹰ :ﺒﻴان الﻤقﺼود ﺒالﻤﺘهم ﻓي الﺘﺸرﻴع
ﺒالرﻏم ﻤن اﺴﺘعﻤال لفظ الﻤﺘهم في الﻤادة ( )126ﻤن قـاﻨون العقوﺒـات الﻤﺼـري ،والﻤادة ()29
ﻤن قاﻨون اإلﺠراﺀات الﺠﻨاﺌﻴة الﻤﺼري ،إال أن القاﻨون الﻤﺼري لم ﻴرد في أي ﻨص ﻤن ﻨﺼوﺼه
ﺘعرﻴفاﹰ للﻤﺘهم ،وأن الﺸﺨص ﻴﺤﻤل هذه الﺼفة أﻴاﹰ ﻜاﻨت الﻤرﺤلة الﺘي ﺘﻤـر ﺒها الدعوى ،فﻴعﺘﺒر
ﻤﺘهﻤاﹰ ﻜل ﻤن وﺠه إلﻴه االﺘهام ﻤن أي ﺠه ٍة ﺒارﺘﻜاب ﺠرﻴﻤـة ﻤعﻴﻨـة ،وﻴالﺤظ ﻤن ﺨالل ﺘﺘﺒع
ﻨﺼوص القاﻨون الﻤﺼري أﻨه اﺴﺘﺨدم ﻤﺼطلح الﻤﺘهم لﻺﺸارة إلى ﻜـل ﻤن اﺘﺨذ ﻀده أي ﻤن
اإلﺠراﺀات الﺠﻨاﺌﻴة ﺴواﺀ أﻜان في ﻤرﺤلة االﺴﺘدالل أم ﻏﻴرها ﻤن ﻤراﺤل الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة.
أﻤا الﻤﺸرع الﺠزاﺌي األردﻨي فقد ذهب على ﺨالف الﻤﺸرع الﻤﺼري ،إذ عرف الﻤـﺘهم في الﻤادة
( )4ﻤن قاﻨون أﺼول الﻤﺤاﻜﻤات الﺠزاﺌﻴة األردﻨي لﺴﻨة 1961على أﻨه "ﻜل ﺸـﺨص ﺘقام علﻴه
دعوى الﺤق العام فهو ﻤﺸﺘﻜي علﻴه وﻴﺴﻤى ظﻨﻴﻨﹰا إذا ظن فﻴه ﺒﺠﻨﺤة ،وﻤﺘهﻤاﹰ إذا اﺘهـم ﺒﺠﻨاﻴة" ،فﺈن
الﻤﺸرع األردﻨي ﻤﻴز في وﺼف الﺸﺨص الﻤﺸﺘﻜى علﻴه ﺒﺤﺴـب ﻨـوع الﺠرﻴﻤـة الﻤﺴﻨدة إلﻴه ،فأطلق
علﻴه ظﻨﻴﻨﹰا في الﺠﻨح وﻤﺘهﻤاﹰ في الﺠﻨاﻴات ،وهذا أﻴﻀاﹰ على ﺨالف الﻤﺸـرع الﻤﺼري الذي اعﺘﺒر
الﻤﺸﺘﻜى علﻴه ﻤﺘهﻤاﹰ أﻴاﹰ ﻜان ﻨوع الﺠرﻴﻤة الﻤﺴﻨدة إلﻴه.
وﻜذلك ﺘﻤﻴز قاﻨون اإلﺠراﺀات األردﻨي عن الﻤﺼري ﺒأﻨه ال ﻴعﺘﺒر الﺸـﺨص ﻤﺘهﻤـاﹰ أو ظﻨﻴﻨﹰا
ﺒﻤﺠرد ﺘﺤرﻴك الدعوى الﺠزاﺌﻴة ﻀده ،ﺒل ال ﺒد ﻤن ﺼدور قرار اﺘهـام ﺒالﻨﺴـﺒة لـﻸول وقرار ظن
ﺒالﻨﺴﺒة للﺜاﻨي ،وهذا على ﺨالف اإلﺠراﺀات الﻤﺼري والذي ﻴﻜﺘفي ﺒﺘﺤرﻴك الدعوى الﺠزاﺌﻴة قﺒل
الﺸﺨص ﺤﺘى ﻴﻜون ﻤﺘهﻤاﹰ.
هﻨالك ألفاظ ﺘﺘﺸاﺒه في ﻤعﻨاها ﻤع لفظ الﻤﺘهم ،لذا ﻴرى الﺒاﺤث ﻀرورة ﺘﺒﻴاﻨها ﻤن ﺤﻴث عالقﺘها
ﺒالﻤﺘهم على الﻨﺤو الﺘالي:
9
أوﻻﹰ :عالﻗة الﻤﺘهم ﺒالﻤﺸﺘﺒه ﺒه:
االﺘﺠاه الﺘﺸرﻴعي الغالب لم ﻴﺘعرض لﺘعرﻴف الﻤﺸﺘﺒه ﺒه ،وﺤﺘى إذا عرفه فﺈﻨـه ﻴﺨـﺘلط ﺘعرﻴفه
ﺒﺘعرﻴف الﻤﺘهم ،ففي الﺘﺸرﻴعات الﺘي ﺘﻨﺘﻤي إلى الﺘﺸرﻴعات العاﻤة ،ﻴطلق على الﺸﺨص الذي ﺘﺤوم
ﺤوله ﺸﺒهه ارﺘﻜاب الﺠرﻴﻤة "ﻤﺸﺘﺒه ﺒه" ( )suspectوإذا ﻤا قوﻴت هذه الﺸﺒهة إلى ﺤد ﺘوافر قرﻴﻨة
قوﻴة على االﺘهام ،فﺈﻨه ﻴطلق على الﺸﺨص اﺴم "الﻤﺘهم"( ،)Accusedأﻤـا فـي ظل القاﻨون
األﻤرﻴﻜي فﺈن االعﺘﻤاد على ﺘﺤدﻴد ﺼفة الﻤﺸﺘﺒه ﺒه قاﺌم على ﻤعﻴار اإلﺠراﺀ الـذي ﻴﻤﻜن اﺘﺨاذه
ﺤﻴاله ،دون أن ﻴﺘعرض هذا القاﻨون لﺘعرﻴف "الﻤﺸﺘﺒه ﺒـه" رﻏـم اﺴـﺘعﻤاله لهـذا الﻤﺼطلح ،أﻤا في
ظل القاﻨون الﻤﺼري والفلﺴطﻴﻨي على ﺤد ﺴواﺀ ،فال ﻨﺠد ﻨﺼوص قاﻨوﻨﻴة ﺘﺘﻀﻤن ﺘعرﻴفاﹰ للﻤﺸﺘﺒه
ﺒه ،ال ﺒل ﺘذهب هذه القواﻨﻴن إلى الﺘوﺴع في اﺴﺘﺨدام لفظ الﻤﺘهم لﻴﺸـﻤل ﻤرﺤلﺘي الﺘﺤري
واالﺴﺘدالل ،وعلﻴه فﺈن االعﺘﻤاد األﺴاﺴي في إطار الﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن الﻤﺘهم والﻤﺸﺘﺒه ﺒه قاﺌم على الفقه
والقﻀاﺀ ،ﺤﻴث االعﺘﻤاد على طﺒﻴعة اإلﺠراﺀ الذي ﻴﺨﻀع له الﺸﺨص الﻤعﻨي ،فﺈذا ﻜان اإلﺠراﺀ ﻤن
إﺠراﺀات الﺘﺤقﻴق ﺒالﻤفهوم الﻀﻴق ،فهو ﻤـﺘهم ،وإال فهـو "ﻤﺸـﺘﺒه ﺒـه" ،وﻴﻨﺴﺤب ذلك على ﻜل
إﺠراﺀات الﺘﺤري واالﺴﺘدالل.
وفقهاﺀ القاﻨون إﻨﻤا ﺠاﺀ ﺘعرﻴفهم هذا ﻤﻨﺴﺠﻤاﹰ ﻤع ﺘقﺴﻴﻤهم إلﺠراﺀات الﻜﺸف عن الﺠراﺌم ﺤال
وقوعها ﺤﻴث قﺴﻤوها إلى ﺜالﺜة أقﺴام:
-1الﻤرﺤلة الﺘﻤهﻴدﻴة :ﺤﻴث ﻴﺴﻤى الﺸﺨص الذي اﺘﺠهت ﻨﺤوه ﺒعض القراﺌن علـى ارﺘﻜاﺒـه
للﺠرﻴﻤة في هذه الﻤرﺤلة ﺒأﻨه "ﻤﺸﺘﺒه ﺒه.
-2ﻤرﺤلة االﺘهام :والﺘي تترتب على ﺜﺒوت ﺒعض القراﺌن والدالﺌل وﻴطلق على الﺸﺨص في
هذه الﻤرﺤلة "ﻤﺘهم" ،وهي أولى ﻤراﺤل الﺨﺼوﻤة الﺠﻨاﺌﻴة.
-3ﻤرﺤلة الﻤﺤاﻜﻤة :وﺘﺘم أﻤام قﻀاﺀ الﺤﻜم ﺒﻜافة درﺠاﺘه ،وﻴطلق على الﺸﺨص فـي هـذه
الﻤرﺤلة ﻤﺘهﻤاﹰ لﺤﻴن ﺼدور ﺤﻜم قطعي ﺒﺤقه فﻴﺴﻤى ﻤﺠرﻤاﹰ.
10
المطلب الثاني :الﺸروط الواﺠب ﺘواﻓرها ﻓي الﻤﺘهم
ﻤن الﻤقرر أن الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ﺸﺨﺼﻴة وهذا ﻨﺘﻴﺠة ﺤﺘﻤﻴة لﺸﺨﺼﻴة العقوﺒة ،فال ﺘرفـع الدعوى إال
على ﻤن ﻴﻨﺴب إلﻴه ارﺘﻜاب ﺠرﻴﻤة أو الﻤﺸارﻜة فﻴها ﻤن ﺨالل ذلك ﻴﺘﻀـح لﻨـا ﻀرورة ﺘوافر
الﺸروط الﺘالﻴة ﺒالﻤﺘهم ﺤﺘى ﻴﻜون االﺘهام ﻤﺸروعاﹰ وﻤﺒررﹰا:
-1ﻴﻨﺒغي أن ﻴﻜون الﻤﺘهم في الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ﺸﺨﺼاﹰ طﺒﻴعﻴاﹰ ،فال ﺘوﺠه إﺠراﺀات الـدعوى
ﻀد الﻤﻴت ،أي أن ﻴﻜون الﺸﺨص الﻤﺘهم على قﻴد الﺤﻴاة ،وهذا ﻴعﻨي أن الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ال
ﺘﺤرك ﻀد الﺸﺨص الﻤعﻨوي ﺒذاﺘه ،وإﻨﻤا ﺘﺤرك ﻀد ﻤﻤﺜل الﺸﺨص الﻤعﻨوي ﺒﺼـفﺘه ال
ﺒﺸﺨﺼه.
-2ﻴﺠب أن ﻴﻜون الﻤﺘهم ﻤعﻴﻨاﹰ أو ﻤﺤدداﹰ :ألن الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ال ﺘقام ﻀد ﻤﺠهول ﺒل ﻴﺠب
أن ﻴﻜون الﻤﺘهم ﻤعﻴﻨاﹰ ﺒذاﺘه وإن ﻜان ﻏﻴر ﻤعروف ﺒاالﺴم إذ ﻴﻤﻜن ﺘعﻴﻨـه ﺒأوﺼـافه الﻤﻤﻴـزة
واﺜﺒات أﻨه هو الذي ارﺘﻜب الﺠرﻴﻤة.
-3ﻴﺠب أن ﻴﻜون الﻤﺘهم أهالﹰ للﻤﺴؤولﻴة العقاﺒﻴة ،ﻤﺘﻤﺘعﹰا ﺒاإلدراك والﺘﻤﻴﻴز وﺤرﻴة االﺨﺘﻴار،
وقت ﺘﺤرﻴك الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة وﻤﺒاﺸرﺘهاهذا ﻤا ﻨﺼت علﻴـه الﻤـادة ( )92ﻤـن قـاﻨون
العقوﺒات األردﻨي والﻤطﺒق في الﻀفة الغرﺒﻴة "ﻴعفى ﻤن العقاب ﻜل ﻤن ارﺘﻜب فعالﹰ أو
ﺘرﻜاﹰ إذا ﻜان ﺤﻴن ارﺘﻜاﺒه إﻴاه عاﺠزاﹰ عن إدراك.
-4ال ﺒد ﻤن وﺠود دالﺌل ﻜافﻴة على ارﺘﻜاب الﺸﺨص للﺠرﻴﻤة أو االﺸﺘراك فﻴها.
-5وقوع ﺠرﻴﻤة والﺘأﻜد ﻤن ﺜﺒوﺘها ،وﻴعﺘﺒر هذا الﺸرط ﺘطﺒﻴقاﹰ لﻤﺒدأ الﺸرعﻴة " ال ﺠرﻴﻤـة وال
عقوﺒة إال ﺒﻨص.
-6ﻴﺠب أﺨﻴراﹰ أن ﺘرفع الدعوى ﻀد الﻤﺘهم "الﺠاﻨي" فال ﺘرفع الدعوى ﻀـد الﻤﺴـؤول عـن
الﺤقوق الﻤدﻨﻴة ،ﻜﻤا ﻴﺠب أن ﻴﺘﻤﺘع الﻤﺘهم ﺒأهلﻴة الﺘقاﻀي.
11
المطلب الثالث :حقوق المتهم
يهدف هذا المطلب إلى بيان الحقوق التي تضمنها الشريعة اإلسالمية والقانون الوطني والدولي
للمتهم في مختلف مراحل العملية الجزائية ،وذلك باالستناد إلى األدلة والمصادر المناسبة ،ومنها:
-حق البراءة :وهو أن يعتبر المتهم بريئا حتى تثبت إدانته بالبينة الشرعية أو القانونية ،وأن
ال يحكم عليه بالعقوبة إال بعد االطالع على أقواله وأدلته ودفاعه ،وأن ال يتعرض للتشهير
أو التحقير أو التعسف بسبب االتهام الموجه إليه.
-حق الدﻓاع :وهو أن يحصل المتهم على فرصة كافية للدفاع عن نفسه أمام النيابة العامة
والمحكمة ،وأن يتمكن من استعمال الوسائل واألساليب المشروعة إلثبات براءته أو تخفيف
عقوبته ،وأن يحق له االستعانة بمحام أو وكيل أو مترجم أو ﻏيرهم من المساعدين
القانونيين.
-حق اﻻستماع :وهو أن يسمع المتهم بصدق واحترام ومنصفة من قبل رجال إنفاذ القانون
والنيابة العامة والمحكمة ،وأن يتم النظر في أقواله وشهادته واعترافه بموجب القواعد
والضوابط الشرعية والقانونية ،وأن ال يتعرض للتعذيب أو اإلكراه أو اإلهانة أو ﻏير ذلك
من الممارسات الغير مشروعة.
-حق اﻻستئناف :وهو أن يحق للمتهم االعتراض على الحكم الصادر بحقه ،وطلب إعادة
النظر فيه من قبل محكمة أعلى ،إذا كان يرى أن فيه خطأ أو ظلم أو مخالفة للشريعة أو
القانون ،وأن يتم البت في طلبه بسرعة وعدالة وشفافية.
-حق التعويض :وهو أن يحصل المتهم على تعويض عادل ومناسب عن الضرر الذي لحق
به بسبب االتهام الباطل أو الحكم الخاطئ أو االعتقال التعسفي أو ﻏير ذلك من االنتهاكات
التي تمارس ضده ،وأن يتم تصحيح الخطأ ومحاسبة المسؤولين عنه.
لقد ﻜان ﻤﻴﺜاق األﻤم الﻤﺘﺤدة ﻤن أولى الوﺜاﺌق الدولﻴة الﺘي أولت أهﻤﻴـة فاﺌقـة لﺤقـوق اإلﻨﺴان
وﺤرﻴاﺘه األﺴاﺴﻴة ،ﺤﻴث أفرد لهذا الغرض العدﻴد ﻤن ﻨﺼوﺼه القاﻨوﻨﻴة ،والﺘي ﺘؤﻜد في ﻤﺠﻤلها
12
على إﻴﻤان ﺸعوب العالم ﺒالﺤقوق األﺴاﺴﻴة لﻺﻨﺴان وﺒﻜراﻤة الفرد ،وﺒذلك اﻨﺘقل الﻤﻴﺜاق ﺒالﻤﺴاﺌل
الﻤﺘعلقة ﺒﺤقوق اإلﻨﺴان ﻤن إطار الدراﺴات الﻨظرﻴة الﻤفﺘقرة للﺤﻤاﻴة القاﻨوﻨﻴـة إلى ﻤﺠال االلﺘزام
القاﻨوﻨي ،وعلى العﻜس عن ﻏﻴرها ﻤن الﻤﺴاﺌل فﺈن الﻤﻴﺜاق لم ﻴعهد لﺠهـة ﻤعﻴﻨة ﻤﺴؤولﻴة الﺤفاظ
وﺘعزﻴز اﺤﺘرام ﺤقوق اإلﻨﺴان ،وإﻨﻤا اعﺘﺒر ﻜل األﺠهزة الﺘاﺒعـة لﻸﻤـم الﻤﺘﺤدة ذات اﺨﺘﺼاص،
ولها الﺤق في الﺘعرض لهذه الﻤﺴاﺌل ،أﻀف إلى ﻜل ذلك واﻨطالقـﹰا ﻤن اهﺘﻤام الهﻴﺌة األﻤﻤﻴة
ﺒاإلﻨﺴان وﺤقوقه واعﺘﺒاره الهدف الﻤﻨﺸود ،فقد ﺘم ﺘﺸﻜﻴل لﺠﻨة ﺤقـوق اإلﻨﺴان والﺘاﺒعة لﻸﻤم الﻤﺘﺤدة
والﺘي ﺘعﻨى ﺒﺒﺤث ﺸﻜاوى األفراد والﺠﻤاعات والﺘي ﺘرد ﻤﺘﻀﻤﻨة اﻨﺘهاك ﺤقوقهم وﺤرﻴاﺘهم
األﺴاﺴﻴة ،ولﻜل ذلك فﺈن هذه اللﺠﻨة أﻀـﺤت ﻀـﻤاﻨة إﻀـافﻴة ﻤـن الﻀﻤاﻨات الﺘي ﻴﻤﻜن اللﺠوﺀ
إلﻴها ﺜم أعقب ﻤﻴﺜاق األﻤم الﻤﺘﺤدة ﻜﺜﻴراﹰ ﻤن الﻤواﺜﻴق الدولﻴة الﺘي اهﺘﻤت ﺒﻤواﻀـﻴع ﺤقـوق الفرد
وﺘﻀﻤﻨت ﺘلك الﻤواﺜﻴق ﻜﺜﻴراﹰ ﻤن الﻀﻤاﻨات الﻤﺘعلقة ﺒالفرد ،ولﻤا ﻜاﻨت الدراﺴة ﺘدور في هذا
الﺒﺤث عن الفرد الﻤﺘهم ،فﺈن اإلعالن العالﻤي لﺤقـوق اإلﻨﺴـان لعـام 1948واالﺘفاقﻴـة األوروﺒﻴة
لﺴﻨة 1950واالﺘفاقﻴة الدولﻴة ﺒﺸأن الﺤقوق الﻤدﻨﻴة والﺴﻴاﺴﻴة لعـام ،1966ﺠﻤﻴعهـا ﺘﻤﺜل أهم
الﻤﺒادئ الدولﻴة لﻀﻤاﻨات الفرد الﻤﺘهم قﺒل الﻤﺤاﻜﻤة فلقد أﻜدت هذه الﻤﺒادئ ﻤﺠﺘﻤعة على ﻀرورة
اﺤﺘرام ﺤقوق الفرد والﺤرﻴات األﺴاﺴـﻴة له ،وهذا ﻤا ﻨﺼت علﻴه الﻤادة الﺜاﻨﻴة ﻤن اإلعالن العالﻤي
لﺤقوق اإلﻨﺴان ،وهذا ﻤا ﺘم ﺘأﻜﻴـده أﻴﻀاﹰ في ﻜل ﻤن العهدﻴن الدولﻴﻴن للﺤقوق الﻤدﻨﻴة والﺴﻴاﺴﻴة
واالقﺘﺼادﻴة واالﺠﺘﻤاعﻴة والﺜقافﻴـة لعام ،1966ﺤﻴث ورد في الدﻴﺒاﺠة "ﺤقوق اإلﻨﺴان ﺘﻨﺒﺜق ﻤن
االعﺘـراف ﺒالﻜراﻤـة الﻜاﻤﻨـة الﻤﺘأﺼلة في ﺠﻤﻴع أعﻀاﺀ األﺴرة الدولﻴة ،ولقد اﺤﺘوت الﺼﻜوك
الدولﻴة علـى الﻀـﻤاﻨات الالزﻤة لﻜفالة ﻤﻤارﺴة اإلﻨﺴان لﺤقه في أن ﻴعﻴﺵ في ﺠو ﻤن الﺤرﻴة
واألﻤان الﺸﺨﺼي ،فقـد ﻨﺼت الﻤادة ﻤن اإلعالن العالﻤي لﺤقوق اإلﻨﺴان على أﻨه "ال ﻴﺠوز
اعﺘقـال أي إﻨﺴـان أو ﺤﺠزه أو ﻨفﻴه ﺘعﺴفﻴاﹰ" وﻜذا ﻤا ﻨﺼت علﻴه الﻤادة ( )9/1ﻤن العهـد الـدولي
للﺤقـوق الﻤدﻨﻴـة والﺴﻴاﺴﻴة على أن" :لﻜل فرد الﺤق في الﺤرﻴة وفي األﻤان على ﺸﺨﺼه وال ﻴﺠوز
اعﺘقال أﺤـد أو اﺤﺘﺠازه ﺘعﺴفﻴاﹰ ،وال ﻴﺠوز ﺤرﻤان أﺤد ﻤن ﺤرﻴﺘه إال ألﺴﺒاب ﻴﻨص علﻴها القـاﻨون
وطﺒقـاﹰ لﻺﺠراﺀات الﻤقررة فﻴه.
وذﻜرت ذات الﻤادة في الفقرة الﺘالﻴة الﻀﻤاﻨات الالزﻤة ألي ﺸﺨص ﻴـﺘم اﺤﺘﺠـازه أو اعﺘقاله وأهﻤها
إﺒالﻍ الﺸﺨص ﺒأﺴﺒاب اعﺘقاله وإعالﻤه ﺒالﺘهﻤة الﻤوﺠه إلﻴه ،الﺴرعة في ﻤﺜولـه أﻤام الﺠهات
13
القﻀاﺌﻴة ،اإلفراﺝ عﻨه إذا ﺘﺠاوزت الﻤﺤاﻜﻤة الﻤدة الﻤعقولة ،أو الﺘعوﻴض الﻤﻨاﺴب له إذا ﺜﺒت عدم
ﺼﺤة الدعوى .لﺤﻤاﻴـة ﻜﻤا ﻤﻨعت الﻤادة الﺨاﻤﺴة ﻤن اإلعالن العالﻤي لﺤقوق اإلﻨﺴـان ﺘعـذﻴب أي
إﻨﺴـان أو أي ﺘعرﻴﻀه للعقوﺒات الفظة أو الﻤذلة الﺘي ﺘﺤط ﺒﻜراﻤﺘه ،وهذا ﻤا أﻜدﺘه االﺘفاقﻴة
األوروﺒﻴة ﺤقوق اإلﻨﺴان والﺤرﻴات األﺴاﺴﻴة لعام 1950في ﻤادﺘها الﺜالﺜة والﺘي ﺘوﺠب ﺘﺤرﻴم
إﺨﻀاع فرد للﺘعذﻴب أو العقوﺒات أو الﻤعاﻤالت ﻏﻴر اإلﻨﺴاﻨﻴة أو الﺤاطة ﺒالﻜراﻤة .ﻜﻤا أﻜدت الﻤادة
( )5/2ﻤن هذه االﺘفاقﻴة على ذات ﻤا أﻜد علﻴه العهد الدولي للﺤقـوق الﻤدﻨﻴة والﺴﻴاﺴﻴة ﻤن ﻀﻤاﻨات
ﺘﺘﺼل في ﻤن ﻴقﺒض علﻴه ،وهذا ﻤا أقره اإلعالن العـالﻤي فـي ﻤادﺘه الﺴادﺴة.
وقﻀت الﻤادة ( )11ﻤن اإلعالن العالﻤي قاعدة "الﻤﺘهم ﻴعد ﺒرﻴﺌاﹰ ﺤﺘى ﺘﺜﺒت إداﻨﺘه" ،وهذا ﻤا أﻜدﺘه
االﺘفاقﻴة األوروﺒﻴة 1950في ﻤادﺘها الﺴادﺴة الفقرة الﺜاﻨﻴة والعهد الـدولي 1966فـي ﻤادﺘه
( ،)14/2ﻜﻤا أوﺠﺒت الﻤادة (" )14عدم إﻜراه الﻤﺘهم وﺤﻤله على الﺸهادة ﻀد ﻨفﺴه أو االعﺘراف
ﺒذﻨﺒه ﻤن ذات العهد.
إلى ﺠاﻨب هذه الﻤﺒادئ الدولﻴة اﻨعقدت عدة ﻤؤﺘﻤرات دولﻴة ﺴواﺀ ﺒﺈﺸراف األﻤم الﻤﺘﺤدة
أو ﻏﻴرها ﻤن الﻤﻨظﻤات ،وقد ﺠاﺀت ﻤؤﻜدة ﺠﻤﻴعها على ﻀرورة ﺘوفﻴر ﻀـﻤاﻨات لﻤـن ﻴـﺘهم
ﺒﺠرﻴﻤة ﻤعﻴﻨة قﺒل ﻤﺤاﻜﻤﺘه عن ﺘلك الﺠرﻴﻤة.
14
المبحث الثاني :البطالن
المطلب األول :تعريف البطالن وطبيعته وأنواعه:
البطالن لغة :نقيض الحق ويراد منه الخطأ والكذب والفساد والعدم .تقول بطل الشيء بطالنا ،أي
ذهب ضياعا وخسرانا ،وأبطل فالن بمعنى جاء بكذب وادعى باطال .والباطل إجماال هو الذي ال
يكون صحيحا بأصله.
أما اصطالحا ً ﻓله عدة معان منها :هو ما أبطل الشارع حسنه ،والباطل أيضا ما ال يكون مشروعا
بأصله ووصفه ،والباطل هو ما ال فائدة منه وال أثر وال ﻏاية.
أما البطالن قانونا فقد قيلت بصدده عدة تعريفات أفضلها من وجهة نظر الباحث التعريف الذي يرى
بأنه جزاء إجرائي يرد على العمل المخالف لبعض القواعد اإلجرائية فيهدر آثاره القانونية.
إن كل قاعدة إجرائية شرعت يترتب على مخالفتها البطالن لضمان حماية الحقوق والحريات التي
يتمتع بها أطراف الخصومة الجنائية ،سواء كان مصدر هذه الحقوق والحريات الدستور أو التشريع،
فهناك عالقة مترابطة بين البطالن وفاعلية العدالة الجنائية لتحقيق الغاية األساسية من تشريع القاعدة
اإلجرائية وتحديد المصلحة المحمية عن طريق تحقيق التوازن بين فاعلية العدالة الجنائية وحماية
الحقوق والحريات ،وباإلمكان القول بأن فاعلية العدالة الجنائية والدولة القانونية ال يمكن تحقيقها
بدون احترام ضمانات الحقوق والحريات ،فاالثنان وجهان العملة واحدة ،وال مجال للحديث عن
عدالة جنائية فعالة إال إذا الزمها في ذات الوقت احترام لضمانات الحقوق والحريات ( )١٥وهذا
يعني عدم وجود تناقض بين فاعلية العدالة الجنائية وحماية الحقوق والحريات كهدفين لﻺجراءات
الجنائية ألن األولى تتوقف على كشف الحقيقة وهو أمر يعتمد إثباته على دليل مشروع يستخلص
من إجراءات تحترم فيها الضمانات ،ومن ناحية أخرى ،ال يجوز الخلط بين الضمانات اإلجرائية
التي تكفل المحاكمة العادلة والمنصفة ،وبين الضمانات التنفيذية في القواعد اإلجرائية لتحقيق أهداف
إدارية بالمعنى الضيق ،ومثال ذلك مخالفة إجراءات ضبط تحريز) األشياء المتوفرة من الجريمة
والتي ال يترتب على مخالفتها البطالن .أن عدم مشروعية اإلجراءات الجنائية بسبب إهدار
15
الضمانات التي نص عليها الدستور والقانون هو أساس البطالن ،وبهذا يكون للبطالن دورا فاعال
في الحماية الدستورية للحقوق والحريات.
أنواع البطالن
أشرنا سابقا في أكثر من جانب في بحثنا على ضرورة التوازن بين الحقوق والحريات من جهة،
وبين المصلحة العامة في حماية كل منهما من جهة أخرى وقد أكدنا على مبدأ التناسب كونه معيارا
لتحقيق هذا التوازن ضمانا لوحدة النظام القانوني في حمايته للحقوق والحريات العامة ،وهذا
التناسب يفترض وجود عالقة منطقية ومتماسكة بين المصالح المحمية بالقواعد القانونية ولكي
يتحقق من خالل الوصول إلى حل يتصف بالمنطق والتجانس وعدم التحكم فالمصلحة العامة التي
تحميها القاعدة اإلجرائية هي في ذات الوقت قيمة دستورية ال يجوز التضحية بها.
وسنبحث نوعان من السياسات اإلجرائية التي تحكم هذا التناسب ،النوع األول يذهب إلى التوسع في
أسباب البطالن تحيزا للمصلحة المحمية بالقواعد اإلجرائية فالقاضي هو الملزم بمراقبة مدى سالمة
تطبيق تلك القواعد .أما النوع الثاني فيذهب إلى أن هذا التوسع في أسباب البطالن يسبب ضررا
بالمصلحة العامة الجنائية في محاولتها لمكافحة ظاهرة ازدياد األجرام .وعلى هذا األساس ظهر
نوعان من البطالن في أطار السياسة الجنائية وهما:-
-1البطالن المطلق لﻺجراءات يقع هذا النوع من البطالن نتيجة مخالفة جميع قواعد اإلجراءات
الجنائية التي أشترطها القانون في الخصومة الجنائية ،ألن القانون ال يفرض الشروط واألشكال
إال لمراعاة أهميتها في تحقيق دور الخصومة ،لذلك يتعين تقدير البطالن كجزاء تخلفها جميعا
دون استثناء وهو ما اصطلح عليه اسم البطالن الشكلي ،ويتميز هذا النوع من أنواع البطالن
بالدقة والوضوح في تحديد أسباب بطالن اإلجراءات الجنائية لكن التوسع فيه قد ال يحقق
التناسب المقصود من هذه الحقوق والمصلحة العامة.
16
لذلك باإلمكان تعريفه بأنه ذلك البطالن الذي ينتج عن مخالفة القواعد الخاصة باإلجراءات
الجوهرية والتي تتعلق بالنظام العام كمخالفة قواعد األهلية أو قواعد التنظيم القضائي ،وفي هذا
الصدد من المهم تسليط الضوء على فكرة النظام العام لكونها من األفكار السائدة في جميع
فروع القانون ولها دور فاعل في النظام القانوني ،وهذه الفكرة تستمد قوتها من الغموض الذي
يحيط بها في محاولة أيجاد تعريف جامع مانع لها ،لما تنطوي عليه من نتائج بالغة الخطورة
ومن هذه النتائج التي توصل اليها الباحث أن القاضي قد يبيح لنفسه أن يتخذ من فكرة النظام
العام نظرة فلسفية أو دينية يؤسسها على مجموعة المبادئ الدستورية أو على السياسة العامة
للتشريع أو على رأيه الخاص في المسائل االجتماعية أو الفلسفية األخالقية أو الدينية التي قد
تعرض عليه لذلك نرى أن النظام العام يستمد قوته من هذا الغموض وهو بهذا المفهوم يكون
فكرة مرنة بطبيعتها ﻏير قابلة للتحديد .وقد تطرق المشرع العراقي إلى المواد التي تتعلق
باختصاصات المحاكم وتشكيالتها وهي من النظام العام ،وهنا نتساءل ما هو معيار تعلق
القاعدة اإلجرائية بالنظام العام خاصة أن حاالت البطالن لم ترد على سبيل الحصر فبﺈمكان
القاضي أن يستخلصها من حاالت يجدها تحمي المصلحة العامة لم يذكرها المشرع العراقي في
النصوص القانونية.
والجواب على هذا السؤال من وجهة نظر الباحث يكمن في أن المعيار الواجب األخذ به في هذا
المجال هو معيار المصلحة التي أراد المشرع تحقيقها بالقاعدة اإلجرائية ،ذلك ألن أي قاعدة
إجرائية تهدف إلى حماية مصلحة معينة ،لذلك فالمعيار السليم في هذه الحالة هو االعتداد
بالمصلحة المرجوة من القاعدة .فﺈذا كانت هذه المصلحة مما يتعلق بضمان حسن سير وفاعلية
الجهاز القضائي من أجل تحقيق العدالة الجنائية فأن هذه القاعدة تتعلق بالنظام العام ،ولهذا
يندرﺝ تحت مفهومها القواعد التي تتعلق بعالنية المحاكمة وسرية التحقيق ،فﺈذا ما شاب
اإلجراء عيب لم تحقق بسببه الغاية من هذا اإلجراء يصبح من الضروري الوقوف على علة
التشريع لهذا اإلجراء فﺈن كان الغرض منه المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة المتهم أو
ﻏيره من الخصوم فالغاية هنا تكون جوهرية ويترتب على عدم مراعاتها البطالن فالباحث يرى
أن اإلجراءات التي توضع لمجرد اإلرشاد والتوجيه ال تعتبر إجراءات جوهرية ،لكن عالنية
17
جلسات المحاكمة هي إجراء جوهري يترتب على مخالفته عدم تحقق الغاية التي قصدها
المشرع من هذا اإلجراء وهو تدعيم الثقة في القضاء واالطمئنان إلى إحكامه.
وبناءا على ما تقدم يرى الباحث وجوب أن يصدر الحكم تحقيقا لهذه الغاية المقصودة بشكل
علني حتى لو كانت الجلسات قد تمت بشكل سري ،ويرى الباحث أن هذا قصور في القانون
اإلجرائي العراقي ،في حين أن المشرع المصري ترك للقاضي السلطة التقديرية في استنباط
األحكام المتعلقة بالنظام العام وأن تحكم المحكمة بالبطالن من تلقاء نفسها ولو بغير طلب من
أحد الخصوم وهو ما ذهبت إليه نصوص قانون اإلجراءات المصري في المادة ( )٣٣٢المتعلقة
بأحكام محكمة النقض ( ،)١۷فعدم النص صراحة على البطالن ال يمنع من الحكم به إال أنه
يشترط على من يتمسك بالبطالن أن يقع عليه عبء أثبات عدم تحقق الغاية من اإلجراء الذي
تمت مخالفته.
-2البطالن المقيد (النسبي) :أن هذا النوع من البطالن نصت عليه المادة ( )٣٣٣من قانون
اإلجراءات المصري ،وهو البطالن المتعلق بمصلحة الخصوم في حالة مخالفة القواعد
الجوهرية أو اإلجراءات الخاصة بجمع االستدالالت أو التحقيق االبتدائي أو التحقيق في محاكم
الجنح والجنايات ويتعين التمسك بهذا النوع من البطالن من قبل صاحب الشأن (المصلحة)،
وهذا يعني أن البطالن النسبي هو جزاء اإلخالل بالقواعد الجوهرية التي ال تتعلق بالنظام العام
وإنما يكون هدفها حماية مصلحة الخصوم ،وقد اخذ المشرع العراقي بالبطالن النسبي في كثير
من نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية من خالل النص عليه ضمنيا في مرحلتي
التحقيق وجمع األدلة المواد )٣۹-۵۰فالبطالن يكون نسبيا إذا أجرى المحقق أو ضابط الشرطة
أو أحد أعضاء الضبط القضائي تحقيقا في ﻏير دائرة اختصاصه ويكون البطالن نسبيا أيضا إذا
ترتب على االتهام المتأخر)(inculpation tar dive
18
المطلب اثاني :آثار البطالن القانونية على األعمال اإلجرائية الجزائية
بحسب القواعد العامة أن العمل اإلجرائي يبقى صحيحا ومنتجا آلثاره حتى يقرر القاضي بطالنه،
وهذه القاعدة ال يرد عليها استثناء أيا كان نوع البطالن سواء تعلق بمصلحة عامة أو مصلحة
خاصة ،ففي جميع األحوال يتطلب صدور حكم يقرر البطالن ويترتب على الحكم ببطالن اإلجراء
كقاعدة عامة زواله واعتباره كأن لم يكن فيسقط وتسقط تبعا له اإلجراءات الالحقة متى ما كان هو
أساس لتلك اإلجراءات الالحقة وترتبت عليه ،ويرى الباحث أن حكم البطالن ال يؤثر على
اإلجراءات السابقة عليه أو الالحقة عليه إذا لم تكن مبنية على هذا البطالن ومثال ذلك بطالن تشكيل
المحكمة أو عدم اختصاصها بنوع الجريمة يبطل إجراءات المحاكمة والحكم الذي تصدره ،وكذلك
الحال إذا شاب إجراء التفتيﺵ عيب يبطله فأنه يقضي ببطالنه وبطالن الدليل المستمد منه وعليه
فأن العمل اإلجرائي الباطل ال ينتج أثرا بمعنى أنه إذا تقرر بطالن إجراء معين فيجب إسقاطه وعدم
االستناد على الدليل المستمد منه ،بل وإبطال كل ما تاله من إجراءات إذا كانت هذه اإلجراءات
مستندة إليه ألنه ال ينتج أثرا قانونيا فما بني على باطل فهو باطل ،ومثال ذلك بطالن القبض لعدم
مشروعيته يستند عليه عدم االعتماد في اإلدانة على أي دليل مستمد منه .وهذا يعني أنه متى ما
تقرر البطالن تزول عنه أثاره القانونية ويصبح كان لم يكن ألن الحكم بالبطالن له طبيعة كاشفة إذا
تعلق األمر بﺈجراء له صله مباشرة بالنظام العام ويكون الحكم منشأ إذا كنا بصدد بطالن نسبي أو
إجراء يتعلق بمصلحة الخصوم ،فﺈذا قرر القضاء بطالن إجراء معين فيعني هذا إهدار القيمة
القانونية لهذا اإلجراء فكأنه لم يباشر وال يترتب عليه أثر قانوني كما أسلفنا ومثال ذلك أيضا إذا
شاب البطالن في ورقة التكليف بالحضور فال يترتب عليها األثر المعتاد المتمثل باتصال المحكمة
بالدعوى وبالتالي ال يحق للمحكمة أن تباشر الدعوى ،فأن هي فعلت ذلك كان حكمها باطال كما أن
هذا اإلجراء الباطل ال ينتج أثرا لكي يقطع تقادم الدعوى ذلك ألن قطع التقادم هو عبارة عن أثر
قانوني ال يترتب على اإلجراء الباطل إنما على اإلجراء الصحيح فقط مما يدل على أن العيب
المؤدي إلى البطالن ال يقتصر تأثيره على عمل إجرائي محدد بل في مجموعة معينة من اإلعمال
تخضع لقاعدة عامة واحدة تحكمها هي التي خولفت ومثال ذلك إجراءات المحاكمة التي تقوم بها
محكمة ﻏير مختصة نوعيا بنظر الدعوى أو ال والية لها مكانيا ،ويرى الباحث في هذا الخصوص
أن أثر بطالن االستجواب مثال يختلف عن أثر بطالن أي إجراء أخر من إجراءات جمع األدلة
19
كالقبض والتفتيﺵ والشهادة والسبب في ذلك هو أنه إذا كان بطالن أي من هذه اإلجراءات األخيرة
يترتب عليه بطالن الدليل المستمد منها ،فأن بطالن االستجواب ال يقتصر أثره على بطالن الدليل
المستمد منه أن وجد وهو االعتراف فحسب بل أنه يؤثر في سالمة التحقيق ذاته ،ذلك ألن الوظيفة
الرئيسية لالستجواب هي تمكين المتهم من إبداء دفاعه وأن تعطيل هذه الوظيفة من شأنه التأثير
على كيان التحقيق وحياده وتوازنه ويؤدي إلى التغيير في جوهره وطبيعته ألن االستجواب هو حق
للمتهم ،خالفا إلجراءات جمع األدلة األخرى فهي عبارة عن سلطة ممنوحة للمحقق وله الرأي
األول واألخير في ممارستها بعكس االستجواب فهو واجب يقع على عاتق المحقق يلتزم القيام به
ألنه وسيلة دفاع للمتهم وليس إجراء من إجراءات االستدالل ،كما أن االستجواب الصحيح ليس فقط
إجراء من إجراءات التحقيق بل هو شرط من شروط صحة التحقيق ،حيث أن التحقيق الذي يكون
خاليا من االستجواب ال يكون ناقصا فحسب بل يكون عمال فاسدا.
وليس الشكلية فقط وخاصة تعديل نص المادة ( )٢٢٥بحيث يجوز للمحكمة الرجوع في القرار الذي
اتخذه إذا شابه البطالن لتحقيق الغاية من التصحيح لهذا البطالن ،ألن تصحيح البطالن هو أمر
موضوعي يطرا على العمل اإلجرائي فيزيل عنه هذا الوصف والتصحيح بمعناه الفني الدقيق ال
ينشأ إال بعد مرور العمل اإلجرائي بالمرحلة التي يتصف فيها هذا العمل بالبطالن والتي تتحقق
بتوافر سبب من أسبابه أن مسالة تصحيح اإلجراء الباطل تحتل أهمية كبيرة في القانون اإلجرائي
لكي تستمر الخصومة وتحقق ﻏايتها بدون العقبات التي يثيرها بطالن أي عمل منها.
21
الخاتمة والتائج والتوصيات
في هذه الورقة ،تم تسليط الضوء على مشكلة عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم ،والتي
تنتج عنها انتهاكات خطيرة لحقوق اإلنسان وسيادة القانون .وتم استعراض بعض الدراسات السابقة
التي تناولت هذه المشكلة من زوايا مختلفة ،وتحليل أسبابها وآثارها وحلولها .وتم التوصل إلى
النتائج واالستنتاجات التالية:
نتائج البحث
-1بما أن هذا النظام مستمد من الشريعة اإلسالمية الشاملة فأن هذه الحقوق التي أعطيت للمتهم
وحفظت له إنما هي حقوق أصلية شرعية جاءت من الشريعة نفسها.
-2شمولية النظام حيث راعى المتهم في جميع أطواره وأحواله وأعطى المجتمع حقه في حفظه
وصيانته.
-3نشر ثقافة النظام والحقوق والواجبات بين جميع طبقات المجتمع وذلك ال يأتي إال بتظافر الجهود
لنشر تلك الثقافة بهدف بناء جيل واعي بما له وما عليه محترما للنظام.
بناء على النتائج التي تم التوصل إليها في الورقة البحثية ،فﺈن اآلثار المترتبة على عدم علم رجال
إنفاذ القانون بحقوق المتهم تتمثل في:
• انتهاكات خطيرة لحقوق اإلنسان ،بما في ذلك الحق في المحاكمة العادلة ،والحق في حرية
الرأي والتعبير ،والحق في الخصوصية ،والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة
القاسية أو الالإنسانية أو المهينة.
• تقويض سيادة القانون ،حيث يؤدي عدم التزام رجال إنفاذ القانون بالقانون إلى عدم الثقة في
النظام القضائي ،وتراجع سيادة القانون.
• إفالت الجناة من العقاب ،أو إنزال العقاب بحق األبرياء ،حيث قد يعمد رجال إنفاذ القانون
إلى انتهاك حقوق المتهم بهدف الحصول على اعترافات أو معلومات منه ،مما قد يؤدي إلى
إدانة األبرياء.
وبنا ًء على ذلك ،ﻓإن التوصيات التالية تهدف إلى معالجة هذه اآلثار:
• تعريف رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم ،بما في ذلك الحقوق األساسية ،والحقوق الخاصة
بمرحلة التحقيق ،والحقوق الخاصة بمرحلة المحاكمة.
• تدريب رجال إنفاذ القانون على كيفية تطبيق هذه الحقوق في جميع مراحل اإلجراءات
الجنائية.
-3إجراء إصالحات مؤسسية في األجهزة األمنية والعدلية:
تلعب األجهزة األمنية والعدلية دورا محوريا في حماية حقوق اإلنسان ،بما في ذلك حقوق
المتهم .ولذلك ،فﺈن إجراء إصالحات مؤسسية في هذه األجهزة ،بهدف تعزيز النزاهة
والمساءلة ،وضمان التزام رجال إنفاذ القانون بالقانون ،هو أمر ضروري لمعالجة اآلثار
المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم.
• تعزيز النزاهة والمساءلة في األجهزة األمنية والعدلية ،وذلك من خالل وضع أنظمة داخلية
فعالة ،وتعزيز الرقابة الشعبية على هذه األجهزة.
• توفير التدريب والدعم الالزمين لرجال إنفاذ القانون ،بهدف تعزيز قدراتهم المهنية
وأخالقياتهم.
-4نشر ثقافة حقوق اإلنسان وسيادة القانون بين أفراد المجتمع
24
يلعب أفراد المجتمع دورا فاعال في دعم جهود مكافحة الفساد وانتهاكات حقوق اإلنسان .ولذلك ،فﺈن
نشر ثقافة حقوق اإلنسان وسيادة القانون بين أفراد المجتمع ،بهدف توعية المواطنين بحقوقهم
وواجباتهم ،هو أمر ضروري لمعالجة اآلثار المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق
المتهم.
• إدراﺝ حقوق اإلنسان وسيادة القانون في المناهج التعليمية ،بهدف توعية األجيال الجديدة
بأهمية هذه الحقوق.
• تنظيم حمالت توعوية تهدف إلى نشر ثقافة حقوق اإلنسان وسيادة القانون بين أفراد
المجتمع.
25
المراجع
أوال :وثائق قانونية.
ثانيا :الكتب.
-1د .فهد بن نايف الطريس في شرح كتاب البطالن في نظام اإلجراءات الجزائية السعودي.
-2حقوق المتهم في شرح كتاب حقوق المتهم للجمعية الوطنية لحقوق األنسان.
-3د .محمد عبد الجليل العوابدة في شرح ضمانات المتهم في ظل نظام اإلجراءات الجزائية
السعودي.
-4د .احمد فتحي سرور القانون الدستوري الجنائي الشرعية الدستورية في قانون اإلجراءات
الجنائية ،ط .٢۰۰٢،٢
-5أمال عثمان عبد الرحيم ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية١۹۸۹ ،
-6عاطف فؤاد الصحاح ،أسباب البطالن في األحكام الجنائية ،سنة .٢۰۰٣
-7د .محمود نجيب حسني شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة ،ﺝ ،١سنة .١۹۹۸
-8كامل السعيد شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ،عمان ،سنة .٢۰۰٥
-9السليمان ،عبد الرحمن بن عبد هللا .)٢۰١۹( .المسؤولية الجنائية لرجال األمن العام في
حالة انتهاك حقوق المتهم .مجلة الشريعة والقانون.١۹٢-١۵٣ ،)٢(۴٣ ،
-10الشريف ،محمد عبد هللا .)٢۰١۸( .حقوق المتهم في القانون الجنائي الدولي .مجلة الحقوق،
.١۶۴-١٣٣ ،)١(٢٢
-11مفوضية األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان .)٢۰١۷( .لمحة عن إنفاذ القانون وحقوق
اإلنسان .جنيف :األمم المتحدة.
26
-12القﻴوﻤي ،أﺤﻤد ﺒن ﻤﺤﻤد علي الﻤقري :الﻤﺼﺒاح الﻤﻨﻴر في ﻏرﻴب الﺸرح الﻜﺒﻴر للرافعي،
ﻤادة وهـم ،ط ،7الﻤطﺒعـة األﻤﻴرﻴة ،القاهرة ،ت ( )770هـ ،ص107.
-13الهواري ،ﻤﺤﻤد علي ﺴلﻴم :ﺤﻜم اإلﺴالم في اإلﺠراﺀات الﻤﺘﺨذة ﺒﺤق الﻤﺘهم ،رﺴالة
ﻤاﺠﺴـﺘﻴر ،الﺠاﻤعـة األردﻨﻴـة:4،ص .1988،
-14القاﻤوس الﻤﺤﻴط ،الﺠزﺀ الراﺒع ،ص189.
-15ﺨلﻴل ،عدلي :اﺴﺘﺠواب الﻤﺘهم فقهاﹰ وقﻀاﺀاﹰ ،دار الﻜﺘب القاﻨوﻨﻴة ،الﻤﺠلة الﻜﺒرى،1996 ،
ص9.
-16ﻨﺠم ،ﻤﺤﻤد ﺼﺒﺤي :الوﺠﻴز في قاﻨون أﺼول الﻤﺤاﻜﻤات الﺠزاﺌﻴة األردﻨي ،ﻤﻜﺘﺒة دار
الﺜقافة ،الطﺒعة األولـى ،ﺴـﻨة:78ص .1991،
-17د .ﺒهﻨام ،رﻤﺴﻴس :االﺠراﺀات الﺠﻨاﺌﻴة ﺘأﺼﻴالﹰ وﺘﺤلﻴالﹰ ،أولﻴات القاﻨون الﺠﻨاﺌي ،دراﺴة
ﻤقارﻨـة ،ﻤﻨﺸـأة الﻤعـارف ،االﺴﻜﻨدرﻴة ،1977 ،ص.158.
-18الدهﺒي ،ادوار ﻏالي :اإلﺠراﺀات الﺠﻨاﺌﻴة في الﺘﺸرﻴع الﻤﺼري ،ﻤﻜﺘﺒة ﻏرﻴب ،الطﺒعة
الﺜاﻨﻴة ،1990 ،ص.74
-19أﺤﻤد ،ﺤﺴام الدﻴن ﻤﺤﻤد :ﺤق الﻤﺘهم في الﺼﻤت "دراﺴة ﻤقارﻨة" ،الطﺒعة الﺜالﺜة ،دار
الﻨهﻀة العرﺒﻴـة ،ﺴـﻨة ،2003ص 53
27