You are on page 1of 27

‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‬

‫كلية العدالة الجنائية‬


‫قسم إنفاذ القانون‬

‫اآلثار المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم‬
‫جدول المحتويات‬
‫ملخص البحث ‪3.................................................................................................................‬‬
‫مقدمة البحث ‪3..................................................................................................................‬‬
‫أهمية البحث ‪4...................................................................................................................‬‬
‫مشكلة البحث ‪4..................................................................................................................‬‬
‫أسئلة البحث ‪4...................................................................................................................‬‬
‫منهج البحث ‪5...................................................................................................................‬‬
‫الدراسات السابقة ‪5............................................................................................................‬‬
‫خطة البحث ‪6....................................................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المتهم‪7........................................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف المتهم لغة واصطالحاً‪ ،‬والشريعة اإلسالمية‪7........................................... .‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الﺸروط الواﺠب ﺘواﻓرها ﻓي الﻤﺘهم ‪11.............................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حقوق المتهم‪12.........................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬البطالن ‪15...................................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف البطالن وطبيعته وأنواعه‪15............................................................... :‬‬
‫المطلب اثاني ‪ :‬آثار البطالن القانونية على األعمال اإلجرائية الجزائية ‪19....................................‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬تصحيح العمل اإلجرائي الباطل ‪20..................................................................‬‬
‫الخاتمة والتائج والتوصيات ‪22..............................................................................................‬‬
‫المراجع‪26.......................................................................................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫ملخص البحث‬
‫يهدف هذا البحث إلى دراسة اآلثار المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم في‬
‫نظام اإلجراءات الجزائية السعودي‪ ،‬وكيف يؤثر ذلك على سالمة اإلجراءات وتحقيق العدالة‪.‬‬
‫يتناول البحث مفهوم حق المتهم والبطالن وإثارته على األعمال اإلجرائية الجزائية من منظور اللغة‬
‫واالصطالح والشريعة اإلسالمية‪ .‬يستخدم البحث المنهج الوصفي والتحليلي المقارن الستقراء‬
‫نصوص نظام اإلجراءات الجزائية السعودي‪ .‬يخلص البحث إلى أن حقوق المتهم هي حقوق أصلية‬
‫شرعية مستمدة من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وأن النظام الجزائي السعودي يراعي هذه الحقوق في جميع‬
‫مراحل التحقيق والمحاكمة‪ .‬كما يوضح البحث أن البطالن هو االستثناء في اإلجراءات الجزائية‪،‬‬
‫وأن إثارته يجب أن تكون بالطرق واألوقات المحددة قانونا‪.‬‬

‫مقدمة البحث‬
‫أن ما عاناه اإلنسان من ظلم واضطهاد طيلة عهود مضت جعل حقوق اإلنسان وحرياته من‬
‫األولويات واهتمام الفكر المعاصر حيث اتحلت مكانه هامة ولم يتوقف البحث فيها والمناداة‬
‫بضرورية احترامها وحمايتها فتوالت المواثيق واالعالنات الخاصة بها على كافة المستويات الدولية‬
‫والمحلية وقد ظلت حقوق اإلنسان تتأثر سلبا وإيجابا باألنظمة السياسية الممارسة في الدولة فالحقوق‬
‫والحريات ال تكرس فعليا إال في ظل دولة القانون التي تحرص على تفعيل هاته الحقوق والحريات‬
‫ووجوب احترام اإلنسان وكرامته وحرمة مسكنه وحق اإلنسان المتهم بجرم ما باعتباره برئ إلى أن‬
‫تثبت إدانته ومنحه كل الطرق والوسائل الممارسة حقه في الدافع عن نفسه‪.‬‬

‫فصدر نظام اإلجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية وذلك بمقتضى المرسوم م‪ ٢ /‬وتاريخ‬
‫‪٢٢/١/١٤٣٥‬هـ وعالج النظام البطالن فالبكالن هو جزاء إجرائي يلحق وينال من العمل اإلجرائي‬
‫فيهدر جميع إثاره القانونية واألصل في اإلعمال اإلجرائية أن تتم بصورة صحيحة واالستثناء من‬
‫هذه القاعدة هو البطالن ومن هنا يأتي موضوع الدراسة في هذا البحث اآلثار المترتبة على عدم‬
‫علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أهمية البحث‬
‫بيان الضمانات التي يمنحها نظام اإلجراءات الجزائية السعودي فكان مناسبا تناول أبرز الضمانات‬
‫وأهمها إبراز أهمية حياد سلطة التحقيق وأثر ذلك في وضع ضمانات المتهم موضع التنفيذ‪.‬‬

‫مشكلة البحث‬
‫أن نظام اإلجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية يحترم حقوق المتهم ويؤكد على معاملته‬
‫بصورة الئقة به والتي تحفظ كرامته وتحرم اإلعداء على حريته وأن له حقوق يجب أن تعلم بها‬
‫ارادت الجمعية حقوق اإلنسان أن تنشر هذه الحقوق‪ ،‬ومما ال شك فيه أن البطالن يعد سالحا ذو‬
‫حدين فأن تم تطبيق اإلجراءات الجزائية تطبيقا صحيحا فهذا يعني سالمة اإلجراءات الجزائية‬
‫تطبيقا معيبا فهذا يعني أن الجاني سيفلت‪.‬‬

‫من هنا تأتي مشكلة البحث التي تمثل في حق المتهم وإثار البطالن‪.‬‬

‫أسئلة البحث‬
‫يدور البحث حول تساؤال رئيسا عن حق المتهم وإثار البطالن في نظام اإلجراءات الجزائية ويتفرع‬
‫عن هذا التساؤل عدة تساؤالت فرعية منها‪:‬‬

‫‪ -1‬ما هو مفهوم حق المتهم في اللغة‪ ،‬واصطالحا‪ ،‬والشريعة اإلسالمية؟‬


‫‪ -2‬ما الشروط الواجب توفرها في المتهم؟‬
‫‪ -3‬ما هو مفهوم البطالن وطبيعته؟‬
‫‪ -4‬ما هي إثار البطالن على األعمال اإلجرائية الجزائية؟‬

‫‪4‬‬
‫منهج البحث‬
‫يسعى البحث إلى اإلجابة على التساؤالت سالفة الذكر باستخدام المنهج الوصفي والتحليلي المقارن‬
‫عن طريق استقراء نصوص نظام اإلجراءات الجزائية السعودي‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‬
‫عالجت الدارسات السابقة الضمانات الواجب منحها للمتهم أثناء مرحلة التحقيق االبتدائي وهي‬
‫ضمانات التي نص عليها القانون اإلجراءات الجزائية كما بحثت مدى ومالءمتها لضمانات‬
‫المحاكمة العادلة المنصوص عليها في النظام األساسي وذلك لغاية معرفة أثر هاذي الضمانات في‬
‫توفير إجراءات محاكمة عادلة للمتهم‪.‬‬

‫‪ -1‬دراسة بعنوان "المسؤولية الجنائية لرجال األمن العام في حالة انتهاك حقوق المتهم"‬
‫للدكتور عبد الرحمن بن عبد هللا السليمان‪ ،‬والتي تناولت مفهوم وأنواع وشروط وآثار‬
‫المسؤولية الجنائية لرجال األمن العام في حالة انتهاك حقوق المتهم‪ ،‬وتحدثت عن‬
‫الضمانات القانونية واإلجراءات العملية لتحقيق هذه المسؤولية‪ ،‬وأوصت ببعض التدابير‬
‫واإلصالحات لتعزيز حماية حقوق المتهم ومنع االنتهاكات‪ .‬وقد استخدمت الدراسة المنهج‬
‫الوصفي التحليلي‪ ،‬واعتمدت على المصادر الشرعية والقانونية والمراجع العلمية‬
‫المتخصصة في الموضوع‪.‬‬

‫‪ -2‬دراسة بعنوان "حقوق المتهم في القانون الجنائي الدولي" للدكتور محمد عبد هللا الشريف‪،²‬‬
‫والتي تناولت تطور حقوق المتهم في القانون الجنائي الدولي منذ نشأته وحتى الوقت‬
‫الحاضر‪ ،‬وتحدثت عن المصادر والمعايير الدولية التي تنظم حقوق المتهم‪ ،‬وأبرزت‬
‫الفجوات والتحديات التي تواجه تحقيق هذه الحقوق في الواقع‪ .‬وقد استخدمت الدراسة‬
‫المنهج االستقرائي التاريخي‪ ،‬واعتمدت على الوثائق واالتفاقيات والقرارات والتقارير‬

‫‪5‬‬
‫الدولية المتعلقة بالموضوع‪.‬‬

‫‪ -3‬دراسة بعنوان "لمحة عن إنفاذ القانون وحقوق اإلنسان" لمفوضية األمم المتحدة السامية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬والتي تناولت القواعد العامة المستمدة من القانون الدولي لحقوق اإلنسان‬
‫التي تنظم استخدام القوة من قبل رجال إنفاذ القانون‪ ،‬وتحدثت عن االلتزامات والتدابير‬
‫التي تتحملها الدول لتنفيذ هذه القواعد‪ ،‬وأبرزت بعض األنشطة والمبادرات التي تقوم بها‬
‫المفوضية في هذا المجال‪ .‬وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التوضيحي‪ ،‬واعتمدت‬
‫على النصوص والمبادئ والممارسات الدولية المتعلقة بالموضوع‪.‬‬

‫خطة البحث‬
‫المبحث األول‪ :‬المتهم‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المتهم لغة واصطالحا‪ ،‬والشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ما هي شروط الواجب توافرها في المتهم‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حقوق المتهم‬

‫المبحث الثاني البطالن‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم البطالن وطبيعته‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إثار البطالن على األعمال اإلجرائية الجزائية‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬تصحيح العمل اإلجرائي الباطل‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المتهم‬
‫يتناول هذا المبحث مفهوم المتهم وحقوقه والمبادئ القانونية التي تحميه ويتضمن ثالثة مطالب‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المتهم لغة واصطالحاً‪ ،‬والشريعة اإلسالمية‪.‬‬


‫يهدف هذا المطلب إلى توضيح معنى المتهم ومراحله وأنواعه من النواحي اللغوية واالصطالحية‬
‫والشرعية‬

‫الﺘعرﻴف به‪:‬‬

‫الﺘهﻤة ﺒﻀم الﺘاﺀ وﺴﻜون الهاﺀ‪ ،‬أو فﺘﺤها‪ ،‬وأﺼل الﺘاﺀ فﻴها الواو‪ ،‬ألﻨها ﻤن وهم‪ ،‬وﺘأﺘي الﺘهﻤة‬
‫ﺒﻤعﻨى الﺸك والرﻴﺒة والظن‪ ،‬ﻨقول‪ :‬اﺘهم الرﺠل على فعلﹴ‪ ،‬إذا ﺼارت ﺒه الرﻴﺒة‪ ،‬واﺘهﻤﺘه أي ظﻨﻨت‬
‫ﺒه ﻤا ﻴﻨﺴب إلﻴه‪ ،‬وﻨقول ﺘوهم الﺸيﺀ‪ ،‬أي ظﻨه وﺘﻤﺜله وﺘﺨﻴله‪ ،‬ﻜان في الوﺠود أو لـم ﻴﻜن‪ ،‬وﺘﺠﻤع‬
‫الﺘهﻤة على ﹸﺘهم‪ ،‬وهو ﺠﻤع ﺘﻜﺴﻴر‪.‬‬

‫والﻤﺘهم‪ :‬هو ﻤن ﻨﺴب إلﻴه ﻨﺸاط ﻤﺤظور ﻤن قولﹴ أو فعلﹴ أو ﺘرك ﻴوﺠب عقوﺒة علـى ﺘقدﻴر ﺜﺒوﺘه‪.‬‬
‫ﻜﻤا عرف الﻤﺘهم وهو اﺴم ﻤفعول ﻤن الفعل اﺘهم‪ ،‬ﻴﺘهم – اﺘهاﻤاﹰ( ﺒأﻨه ﺸﺨص ﻤعﻴن ظن ﺒه‪ ،‬فﺸك‬
‫في ﺼدقه فرﻤي ﺒﺘهﻤة)‬

‫الﻤقﺼود ﺒالﻤﺘهم ﺒالفقه والﺘﺸرﻴع‬

‫إن ﺘعرﻴف الﻤﺘهم ﻤن الﻨاﺤﻴة القاﻨوﻨﻴة أﻤراﹰ لﻴس ﺒالﺴهل‪ ،‬ﻜﻤا هو الﺤال ﺒالﺘعرﻴف اللغوي له‪ ،‬ﻨظراﹰ‬
‫لﻺﺸﻜالﻴات القاﻨوﻨﻴة الﻤﺘعددة الﺘي ﻴﺜﻴرها هذا الﻤوﻀوع‪ ،‬ولعدم وﺠود ﺘعرﻴف ﻤﺤـدد للﻤﺘهم في ﻜﺜﻴر‬
‫ﻤن الﺘﺸرﻴعات‪ ،‬إال أن هذه الﺘﺸرﻴعات وفي ﻤواﻀع أﺨرى ﺠاﺀت ﺒاﺼـطالﺤات ﻤﺨﺘلفة لﺘﻤﻴز الﻤﺘهم‬
‫عن ﻏﻴره ﻤﻤن ﻴﺘعرﻀون لذات اإلﺠراﺀات وإن الﺒعض ﻤﻨها أعطى ﺘﻤﻴﻴـزاﹰ اﺼطالﺤﻴاﹰ للﻤﺘهم ذاﺘه‬
‫في ﻤرﺤلة أو ﻤراﺤل أﺨرى ﻤن ﻤراﺤل الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أوﻻﹰ‪ :‬ﺒﻴان الﻤقﺼود ﺒالﻤﺘهم ﻓي الفقه‬

‫ﻴﺴود الفقه الفرﻨﺴي ﺘعرﻴفا للﻤﺘهم في ﻤرﺤلة الﺘﺤقﻴق (‪ )L'inculpe‬ﺒأﻨه الﻤدعى علﻴـه الذي ﺘﻨﺴب‬
‫إلﻴه ﻤﺨالفة ﺠﻨاﺌﻴة ﻤن ﺨالل الﺘﺤقﻴق‪ .‬وﻴرى الﻤﺴﺘﺸار عدلي ﺨلﻴل ﺒأن الﻤﺘهم هو الﺨﺼم الذي ﻴوﺠه‬
‫إلﻴـه االﺘهـام ﺒواﺴـطة ﺘﺤرﻴك الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة قﺒله فهو الطرف الﺜاﻨي في الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة‪ .‬وذهب‬
‫آﺨر للقول ﺒأن الﻤﺘهم" هو الﺸﺨص الذي ﺘﺘﺨذ اإلﺠراﺀات الﺠزاﺌﻴة ﻀده ﻤن قﺒل الﻨﻴاﺒة العاﻤة‬
‫ﻤﺒاﺸرة‪ ،‬أو ﺒواﺴطة ﺸﻜوى ﻤن الﻤﺠﻨي علﻴه في الﺠرﻴﻤة‪ .‬والدﻜﺘور رﻤﺴﻴس ﺒهﻨام ﻴعطي للﻤﺘهم‬
‫ﺘعرﻴفان أﺤدهﻤا ﻀﻴق واآلﺨـر أوﺴـع ﻤﻨـه‪ ،‬فالﻤﺘهم ﺒالﻤعﻨى الﻀﻴق "هو ﻜل ﺸﺨص ﺘقﻴم الﻨﻴاﺒة‬
‫العاﻤة ﻀده دعوى ﺠﻨاﺌﻴة" أﻤا الﻤعﻨى الواﺴع للﻤﺘهم‪ ،‬فﻴﺸﻤل أي ﺸﺨص ﻴوﺠد على ﺤاله ﻤن‬
‫الﺤاالت اآلﺘﻴة‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻤن ﺼدر أﻤر ﺒالقﺒض علﻴه ﻤن الﻨﻴاﺒة العﻤوﻤﻴة‪ ،‬أو ﻤن ﻴقﺒض علﻴه لﻴﻜون ﺘﺤت‬
‫ﺘﺼرفها‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻤن ﺘﻨﺴب الﻴه الﺠرﻴﻤة‪ ،‬في أي عﻤل ﻤن األعﻤال اإلﺠراﺌﻴة الﺠﻨاﺌﻴة‪ .‬ﻜﻤﺤﻀر ﺒـولﻴس‬
‫أو ﻤﺤﻀر ﻨﻴاﺒة‪.‬‬
‫‪ -3‬الﻤﺒلﻎ ﻀده في ﺒالﻍ عن ﺠرﻴﻤة‪.‬‬

‫ﻜﻤا عرفه الدﻜﺘور إدوار الدهﺒي‪" :‬هو ﻜل ﺸﺨص ﺘﺤرك الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ﻀده لﺸـﺒهة ارﺘﻜاﺒه‬
‫ﺠرﻴﻤة أو اﺸﺘراﻜه فﻴها‪:‬‬

‫‪ -1‬إن الﺸﺨص ال ﻴعﺘﺒر ﻤﺘهﻤاﹰ إال إذا ﺤرﻜت قﺒله الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة‪)2(.‬‬
‫‪ -2‬أﻨه ال ﺒد ﻤن وﺠود القرﻴﻨة على االﺘهام وإال ال وﺠود له‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻴﺴﺘوي أن ﻴﻜون الﺸﺨص ﻤﺘهﻤاﹰ‪ ،‬أﻜان فاعالﹰ أو ﻤﺸﺘرﻜاﹰ أو ﻤﺘدﺨالﹰ في الفعل الﻤرﺘﻜب‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺘؤﻜد ﺠﻤﻴع الﺘعرﻴفات قرﻴﻨة (الﻤﺘهم ﺒريﺀ ﺤﺘى ﺘﺜﺒت إداﻨﺘه)‪.‬‬
‫‪ -5‬إن ﺼفة االﺘهام ﻤﺴألة عارﻀة ال دﻴﻤوﻤة لها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ﺜاﻨﻴاﹰ‪ :‬ﺒﻴان الﻤقﺼود ﺒالﻤﺘهم ﻓي الﺘﺸرﻴع‬

‫ﺒالرﻏم ﻤن اﺴﺘعﻤال لفظ الﻤﺘهم في الﻤادة (‪ )126‬ﻤن قـاﻨون العقوﺒـات الﻤﺼـري‪ ،‬والﻤادة (‪)29‬‬
‫ﻤن قاﻨون اإلﺠراﺀات الﺠﻨاﺌﻴة الﻤﺼري‪ ،‬إال أن القاﻨون الﻤﺼري لم ﻴرد في أي ﻨص ﻤن ﻨﺼوﺼه‬
‫ﺘعرﻴفاﹰ للﻤﺘهم‪ ،‬وأن الﺸﺨص ﻴﺤﻤل هذه الﺼفة أﻴاﹰ ﻜاﻨت الﻤرﺤلة الﺘي ﺘﻤـر ﺒها الدعوى‪ ،‬فﻴعﺘﺒر‬
‫ﻤﺘهﻤاﹰ ﻜل ﻤن وﺠه إلﻴه االﺘهام ﻤن أي ﺠه ٍة ﺒارﺘﻜاب ﺠرﻴﻤـة ﻤعﻴﻨـة‪ ،‬وﻴالﺤظ ﻤن ﺨالل ﺘﺘﺒع‬
‫ﻨﺼوص القاﻨون الﻤﺼري أﻨه اﺴﺘﺨدم ﻤﺼطلح الﻤﺘهم لﻺﺸارة إلى ﻜـل ﻤن اﺘﺨذ ﻀده أي ﻤن‬
‫اإلﺠراﺀات الﺠﻨاﺌﻴة ﺴواﺀ أﻜان في ﻤرﺤلة االﺴﺘدالل أم ﻏﻴرها ﻤن ﻤراﺤل الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة‪.‬‬

‫أﻤا الﻤﺸرع الﺠزاﺌي األردﻨي فقد ذهب على ﺨالف الﻤﺸرع الﻤﺼري‪ ،‬إذ عرف الﻤـﺘهم في الﻤادة‬
‫(‪ )4‬ﻤن قاﻨون أﺼول الﻤﺤاﻜﻤات الﺠزاﺌﻴة األردﻨي لﺴﻨة ‪ 1961‬على أﻨه "ﻜل ﺸـﺨص ﺘقام علﻴه‬
‫دعوى الﺤق العام فهو ﻤﺸﺘﻜي علﻴه وﻴﺴﻤى ظﻨﻴﻨﹰا إذا ظن فﻴه ﺒﺠﻨﺤة‪ ،‬وﻤﺘهﻤاﹰ إذا اﺘهـم ﺒﺠﻨاﻴة"‪ ،‬فﺈن‬
‫الﻤﺸرع األردﻨي ﻤﻴز في وﺼف الﺸﺨص الﻤﺸﺘﻜى علﻴه ﺒﺤﺴـب ﻨـوع الﺠرﻴﻤـة الﻤﺴﻨدة إلﻴه‪ ،‬فأطلق‬
‫علﻴه ظﻨﻴﻨﹰا في الﺠﻨح وﻤﺘهﻤاﹰ في الﺠﻨاﻴات‪ ،‬وهذا أﻴﻀاﹰ على ﺨالف الﻤﺸـرع الﻤﺼري الذي اعﺘﺒر‬
‫الﻤﺸﺘﻜى علﻴه ﻤﺘهﻤاﹰ أﻴاﹰ ﻜان ﻨوع الﺠرﻴﻤة الﻤﺴﻨدة إلﻴه‪.‬‬

‫وﻜذلك ﺘﻤﻴز قاﻨون اإلﺠراﺀات األردﻨي عن الﻤﺼري ﺒأﻨه ال ﻴعﺘﺒر الﺸـﺨص ﻤﺘهﻤـاﹰ أو ظﻨﻴﻨﹰا‬
‫ﺒﻤﺠرد ﺘﺤرﻴك الدعوى الﺠزاﺌﻴة ﻀده‪ ،‬ﺒل ال ﺒد ﻤن ﺼدور قرار اﺘهـام ﺒالﻨﺴـﺒة لـﻸول وقرار ظن‬
‫ﺒالﻨﺴﺒة للﺜاﻨي‪ ،‬وهذا على ﺨالف اإلﺠراﺀات الﻤﺼري والذي ﻴﻜﺘفي ﺒﺘﺤرﻴك الدعوى الﺠزاﺌﻴة قﺒل‬
‫الﺸﺨص ﺤﺘى ﻴﻜون ﻤﺘهﻤاﹰ‪.‬‬

‫الﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن لفﻅ الﻤﺘهم والﻤﺼطلﺤات الﻤﺸاﺒهة‪:‬‬

‫هﻨالك ألفاظ ﺘﺘﺸاﺒه في ﻤعﻨاها ﻤع لفظ الﻤﺘهم‪ ،‬لذا ﻴرى الﺒاﺤث ﻀرورة ﺘﺒﻴاﻨها ﻤن ﺤﻴث عالقﺘها‬
‫ﺒالﻤﺘهم على الﻨﺤو الﺘالي‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫أوﻻﹰ‪ :‬عالﻗة الﻤﺘهم ﺒالﻤﺸﺘﺒه ﺒه‪:‬‬

‫االﺘﺠاه الﺘﺸرﻴعي الغالب لم ﻴﺘعرض لﺘعرﻴف الﻤﺸﺘﺒه ﺒه‪ ،‬وﺤﺘى إذا عرفه فﺈﻨـه ﻴﺨـﺘلط ﺘعرﻴفه‬
‫ﺒﺘعرﻴف الﻤﺘهم‪ ،‬ففي الﺘﺸرﻴعات الﺘي ﺘﻨﺘﻤي إلى الﺘﺸرﻴعات العاﻤة‪ ،‬ﻴطلق على الﺸﺨص الذي ﺘﺤوم‬
‫ﺤوله ﺸﺒهه ارﺘﻜاب الﺠرﻴﻤة "ﻤﺸﺘﺒه ﺒه" (‪ )suspect‬وإذا ﻤا قوﻴت هذه الﺸﺒهة إلى ﺤد ﺘوافر قرﻴﻨة‬
‫قوﻴة على االﺘهام‪ ،‬فﺈﻨه ﻴطلق على الﺸﺨص اﺴم "الﻤﺘهم"(‪ ،)Accused‬أﻤـا فـي ظل القاﻨون‬
‫األﻤرﻴﻜي فﺈن االعﺘﻤاد على ﺘﺤدﻴد ﺼفة الﻤﺸﺘﺒه ﺒه قاﺌم على ﻤعﻴار اإلﺠراﺀ الـذي ﻴﻤﻜن اﺘﺨاذه‬
‫ﺤﻴاله‪ ،‬دون أن ﻴﺘعرض هذا القاﻨون لﺘعرﻴف "الﻤﺸﺘﺒه ﺒـه" رﻏـم اﺴـﺘعﻤاله لهـذا الﻤﺼطلح‪ ،‬أﻤا في‬
‫ظل القاﻨون الﻤﺼري والفلﺴطﻴﻨي على ﺤد ﺴواﺀ‪ ،‬فال ﻨﺠد ﻨﺼوص قاﻨوﻨﻴة ﺘﺘﻀﻤن ﺘعرﻴفاﹰ للﻤﺸﺘﺒه‬
‫ﺒه‪ ،‬ال ﺒل ﺘذهب هذه القواﻨﻴن إلى الﺘوﺴع في اﺴﺘﺨدام لفظ الﻤﺘهم لﻴﺸـﻤل ﻤرﺤلﺘي الﺘﺤري‬
‫واالﺴﺘدالل‪ ،‬وعلﻴه فﺈن االعﺘﻤاد األﺴاﺴي في إطار الﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن الﻤﺘهم والﻤﺸﺘﺒه ﺒه قاﺌم على الفقه‬
‫والقﻀاﺀ‪ ،‬ﺤﻴث االعﺘﻤاد على طﺒﻴعة اإلﺠراﺀ الذي ﻴﺨﻀع له الﺸﺨص الﻤعﻨي‪ ،‬فﺈذا ﻜان اإلﺠراﺀ ﻤن‬
‫إﺠراﺀات الﺘﺤقﻴق ﺒالﻤفهوم الﻀﻴق‪ ،‬فهو ﻤـﺘهم‪ ،‬وإال فهـو "ﻤﺸـﺘﺒه ﺒـه"‪ ،‬وﻴﻨﺴﺤب ذلك على ﻜل‬
‫إﺠراﺀات الﺘﺤري واالﺴﺘدالل‪.‬‬

‫وفقهاﺀ القاﻨون إﻨﻤا ﺠاﺀ ﺘعرﻴفهم هذا ﻤﻨﺴﺠﻤاﹰ ﻤع ﺘقﺴﻴﻤهم إلﺠراﺀات الﻜﺸف عن الﺠراﺌم ﺤال‬
‫وقوعها ﺤﻴث قﺴﻤوها إلى ﺜالﺜة أقﺴام‪:‬‬

‫‪ -1‬الﻤرﺤلة الﺘﻤهﻴدﻴة‪ :‬ﺤﻴث ﻴﺴﻤى الﺸﺨص الذي اﺘﺠهت ﻨﺤوه ﺒعض القراﺌن علـى ارﺘﻜاﺒـه‬
‫للﺠرﻴﻤة في هذه الﻤرﺤلة ﺒأﻨه "ﻤﺸﺘﺒه ﺒه‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻤرﺤلة االﺘهام‪ :‬والﺘي تترتب على ﺜﺒوت ﺒعض القراﺌن والدالﺌل وﻴطلق على الﺸﺨص في‬
‫هذه الﻤرﺤلة "ﻤﺘهم"‪ ،‬وهي أولى ﻤراﺤل الﺨﺼوﻤة الﺠﻨاﺌﻴة‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻤرﺤلة الﻤﺤاﻜﻤة‪ :‬وﺘﺘم أﻤام قﻀاﺀ الﺤﻜم ﺒﻜافة درﺠاﺘه‪ ،‬وﻴطلق على الﺸﺨص فـي هـذه‬
‫الﻤرﺤلة ﻤﺘهﻤاﹰ لﺤﻴن ﺼدور ﺤﻜم قطعي ﺒﺤقه فﻴﺴﻤى ﻤﺠرﻤاﹰ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الﺸروط الواﺠب ﺘواﻓرها ﻓي الﻤﺘهم‬

‫ﻤن الﻤقرر أن الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ﺸﺨﺼﻴة وهذا ﻨﺘﻴﺠة ﺤﺘﻤﻴة لﺸﺨﺼﻴة العقوﺒة‪ ،‬فال ﺘرفـع الدعوى إال‬
‫على ﻤن ﻴﻨﺴب إلﻴه ارﺘﻜاب ﺠرﻴﻤة أو الﻤﺸارﻜة فﻴها ﻤن ﺨالل ذلك ﻴﺘﻀـح لﻨـا ﻀرورة ﺘوافر‬
‫الﺸروط الﺘالﻴة ﺒالﻤﺘهم ﺤﺘى ﻴﻜون االﺘهام ﻤﺸروعاﹰ وﻤﺒررﹰا‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻴﻨﺒغي أن ﻴﻜون الﻤﺘهم في الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ﺸﺨﺼاﹰ طﺒﻴعﻴاﹰ‪ ،‬فال ﺘوﺠه إﺠراﺀات الـدعوى‬
‫ﻀد الﻤﻴت‪ ،‬أي أن ﻴﻜون الﺸﺨص الﻤﺘهم على قﻴد الﺤﻴاة‪ ،‬وهذا ﻴعﻨي أن الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ال‬
‫ﺘﺤرك ﻀد الﺸﺨص الﻤعﻨوي ﺒذاﺘه‪ ،‬وإﻨﻤا ﺘﺤرك ﻀد ﻤﻤﺜل الﺸﺨص الﻤعﻨوي ﺒﺼـفﺘه ال‬
‫ﺒﺸﺨﺼه‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻴﺠب أن ﻴﻜون الﻤﺘهم ﻤعﻴﻨاﹰ أو ﻤﺤدداﹰ‪ :‬ألن الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة ال ﺘقام ﻀد ﻤﺠهول ﺒل ﻴﺠب‬
‫أن ﻴﻜون الﻤﺘهم ﻤعﻴﻨاﹰ ﺒذاﺘه وإن ﻜان ﻏﻴر ﻤعروف ﺒاالﺴم إذ ﻴﻤﻜن ﺘعﻴﻨـه ﺒأوﺼـافه الﻤﻤﻴـزة‬
‫واﺜﺒات أﻨه هو الذي ارﺘﻜب الﺠرﻴﻤة‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻴﺠب أن ﻴﻜون الﻤﺘهم أهالﹰ للﻤﺴؤولﻴة العقاﺒﻴة‪ ،‬ﻤﺘﻤﺘعﹰا ﺒاإلدراك والﺘﻤﻴﻴز وﺤرﻴة االﺨﺘﻴار‪،‬‬
‫وقت ﺘﺤرﻴك الدعوى الﺠﻨاﺌﻴة وﻤﺒاﺸرﺘهاهذا ﻤا ﻨﺼت علﻴـه الﻤـادة (‪ )92‬ﻤـن قـاﻨون‬
‫العقوﺒات األردﻨي والﻤطﺒق في الﻀفة الغرﺒﻴة "ﻴعفى ﻤن العقاب ﻜل ﻤن ارﺘﻜب فعالﹰ أو‬
‫ﺘرﻜاﹰ إذا ﻜان ﺤﻴن ارﺘﻜاﺒه إﻴاه عاﺠزاﹰ عن إدراك‪.‬‬
‫‪ -4‬ال ﺒد ﻤن وﺠود دالﺌل ﻜافﻴة على ارﺘﻜاب الﺸﺨص للﺠرﻴﻤة أو االﺸﺘراك فﻴها‪.‬‬
‫‪ -5‬وقوع ﺠرﻴﻤة والﺘأﻜد ﻤن ﺜﺒوﺘها‪ ،‬وﻴعﺘﺒر هذا الﺸرط ﺘطﺒﻴقاﹰ لﻤﺒدأ الﺸرعﻴة " ال ﺠرﻴﻤـة وال‬
‫عقوﺒة إال ﺒﻨص‪.‬‬
‫‪ -6‬ﻴﺠب أﺨﻴراﹰ أن ﺘرفع الدعوى ﻀد الﻤﺘهم "الﺠاﻨي" فال ﺘرفع الدعوى ﻀـد الﻤﺴـؤول عـن‬
‫الﺤقوق الﻤدﻨﻴة‪ ،‬ﻜﻤا ﻴﺠب أن ﻴﺘﻤﺘع الﻤﺘهم ﺒأهلﻴة الﺘقاﻀي‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حقوق المتهم‬
‫يهدف هذا المطلب إلى بيان الحقوق التي تضمنها الشريعة اإلسالمية والقانون الوطني والدولي‬
‫للمتهم في مختلف مراحل العملية الجزائية‪ ،‬وذلك باالستناد إلى األدلة والمصادر المناسبة‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬حق البراءة‪ :‬وهو أن يعتبر المتهم بريئا حتى تثبت إدانته بالبينة الشرعية أو القانونية‪ ،‬وأن‬
‫ال يحكم عليه بالعقوبة إال بعد االطالع على أقواله وأدلته ودفاعه‪ ،‬وأن ال يتعرض للتشهير‬
‫أو التحقير أو التعسف بسبب االتهام الموجه إليه‪.‬‬
‫‪ -‬حق الدﻓاع‪ :‬وهو أن يحصل المتهم على فرصة كافية للدفاع عن نفسه أمام النيابة العامة‬
‫والمحكمة‪ ،‬وأن يتمكن من استعمال الوسائل واألساليب المشروعة إلثبات براءته أو تخفيف‬
‫عقوبته‪ ،‬وأن يحق له االستعانة بمحام أو وكيل أو مترجم أو ﻏيرهم من المساعدين‬
‫القانونيين‪.‬‬
‫‪ -‬حق اﻻستماع‪ :‬وهو أن يسمع المتهم بصدق واحترام ومنصفة من قبل رجال إنفاذ القانون‬
‫والنيابة العامة والمحكمة‪ ،‬وأن يتم النظر في أقواله وشهادته واعترافه بموجب القواعد‬
‫والضوابط الشرعية والقانونية‪ ،‬وأن ال يتعرض للتعذيب أو اإلكراه أو اإلهانة أو ﻏير ذلك‬
‫من الممارسات الغير مشروعة‪.‬‬
‫‪ -‬حق اﻻستئناف‪ :‬وهو أن يحق للمتهم االعتراض على الحكم الصادر بحقه‪ ،‬وطلب إعادة‬
‫النظر فيه من قبل محكمة أعلى‪ ،‬إذا كان يرى أن فيه خطأ أو ظلم أو مخالفة للشريعة أو‬
‫القانون‪ ،‬وأن يتم البت في طلبه بسرعة وعدالة وشفافية‪.‬‬
‫‪ -‬حق التعويض‪ :‬وهو أن يحصل المتهم على تعويض عادل ومناسب عن الضرر الذي لحق‬
‫به بسبب االتهام الباطل أو الحكم الخاطئ أو االعتقال التعسفي أو ﻏير ذلك من االنتهاكات‬
‫التي تمارس ضده‪ ،‬وأن يتم تصحيح الخطأ ومحاسبة المسؤولين عنه‪.‬‬

‫ﻀﻤاﻨات وﺤقوق الﻤﺘهم ﻓي ﻅل الﻤﺒادﺉ الدولﻴة‬

‫لقد ﻜان ﻤﻴﺜاق األﻤم الﻤﺘﺤدة ﻤن أولى الوﺜاﺌق الدولﻴة الﺘي أولت أهﻤﻴـة فاﺌقـة لﺤقـوق اإلﻨﺴان‬
‫وﺤرﻴاﺘه األﺴاﺴﻴة‪ ،‬ﺤﻴث أفرد لهذا الغرض العدﻴد ﻤن ﻨﺼوﺼه القاﻨوﻨﻴة‪ ،‬والﺘي ﺘؤﻜد في ﻤﺠﻤلها‬

‫‪12‬‬
‫على إﻴﻤان ﺸعوب العالم ﺒالﺤقوق األﺴاﺴﻴة لﻺﻨﺴان وﺒﻜراﻤة الفرد‪ ،‬وﺒذلك اﻨﺘقل الﻤﻴﺜاق ﺒالﻤﺴاﺌل‬
‫الﻤﺘعلقة ﺒﺤقوق اإلﻨﺴان ﻤن إطار الدراﺴات الﻨظرﻴة الﻤفﺘقرة للﺤﻤاﻴة القاﻨوﻨﻴـة إلى ﻤﺠال االلﺘزام‬
‫القاﻨوﻨي‪ ،‬وعلى العﻜس عن ﻏﻴرها ﻤن الﻤﺴاﺌل فﺈن الﻤﻴﺜاق لم ﻴعهد لﺠهـة ﻤعﻴﻨة ﻤﺴؤولﻴة الﺤفاظ‬
‫وﺘعزﻴز اﺤﺘرام ﺤقوق اإلﻨﺴان‪ ،‬وإﻨﻤا اعﺘﺒر ﻜل األﺠهزة الﺘاﺒعـة لﻸﻤـم الﻤﺘﺤدة ذات اﺨﺘﺼاص‪،‬‬
‫ولها الﺤق في الﺘعرض لهذه الﻤﺴاﺌل‪ ،‬أﻀف إلى ﻜل ذلك واﻨطالقـﹰا ﻤن اهﺘﻤام الهﻴﺌة األﻤﻤﻴة‬
‫ﺒاإلﻨﺴان وﺤقوقه واعﺘﺒاره الهدف الﻤﻨﺸود‪ ،‬فقد ﺘم ﺘﺸﻜﻴل لﺠﻨة ﺤقـوق اإلﻨﺴان والﺘاﺒعة لﻸﻤم الﻤﺘﺤدة‬
‫والﺘي ﺘعﻨى ﺒﺒﺤث ﺸﻜاوى األفراد والﺠﻤاعات والﺘي ﺘرد ﻤﺘﻀﻤﻨة اﻨﺘهاك ﺤقوقهم وﺤرﻴاﺘهم‬
‫األﺴاﺴﻴة‪ ،‬ولﻜل ذلك فﺈن هذه اللﺠﻨة أﻀـﺤت ﻀـﻤاﻨة إﻀـافﻴة ﻤـن الﻀﻤاﻨات الﺘي ﻴﻤﻜن اللﺠوﺀ‬
‫إلﻴها ﺜم أعقب ﻤﻴﺜاق األﻤم الﻤﺘﺤدة ﻜﺜﻴراﹰ ﻤن الﻤواﺜﻴق الدولﻴة الﺘي اهﺘﻤت ﺒﻤواﻀـﻴع ﺤقـوق الفرد‬
‫وﺘﻀﻤﻨت ﺘلك الﻤواﺜﻴق ﻜﺜﻴراﹰ ﻤن الﻀﻤاﻨات الﻤﺘعلقة ﺒالفرد‪ ،‬ولﻤا ﻜاﻨت الدراﺴة ﺘدور في هذا‬
‫الﺒﺤث عن الفرد الﻤﺘهم‪ ،‬فﺈن اإلعالن العالﻤي لﺤقـوق اإلﻨﺴـان لعـام ‪ 1948‬واالﺘفاقﻴـة األوروﺒﻴة‬
‫لﺴﻨة ‪ 1950‬واالﺘفاقﻴة الدولﻴة ﺒﺸأن الﺤقوق الﻤدﻨﻴة والﺴﻴاﺴﻴة لعـام ‪ ،1966‬ﺠﻤﻴعهـا ﺘﻤﺜل أهم‬
‫الﻤﺒادئ الدولﻴة لﻀﻤاﻨات الفرد الﻤﺘهم قﺒل الﻤﺤاﻜﻤة فلقد أﻜدت هذه الﻤﺒادئ ﻤﺠﺘﻤعة على ﻀرورة‬
‫اﺤﺘرام ﺤقوق الفرد والﺤرﻴات األﺴاﺴـﻴة له‪ ،‬وهذا ﻤا ﻨﺼت علﻴه الﻤادة الﺜاﻨﻴة ﻤن اإلعالن العالﻤي‬
‫لﺤقوق اإلﻨﺴان‪ ،‬وهذا ﻤا ﺘم ﺘأﻜﻴـده أﻴﻀاﹰ في ﻜل ﻤن العهدﻴن الدولﻴﻴن للﺤقوق الﻤدﻨﻴة والﺴﻴاﺴﻴة‬
‫واالقﺘﺼادﻴة واالﺠﺘﻤاعﻴة والﺜقافﻴـة لعام ‪ ،1966‬ﺤﻴث ورد في الدﻴﺒاﺠة "ﺤقوق اإلﻨﺴان ﺘﻨﺒﺜق ﻤن‬
‫االعﺘـراف ﺒالﻜراﻤـة الﻜاﻤﻨـة الﻤﺘأﺼلة في ﺠﻤﻴع أعﻀاﺀ األﺴرة الدولﻴة‪ ،‬ولقد اﺤﺘوت الﺼﻜوك‬
‫الدولﻴة علـى الﻀـﻤاﻨات الالزﻤة لﻜفالة ﻤﻤارﺴة اإلﻨﺴان لﺤقه في أن ﻴعﻴﺵ في ﺠو ﻤن الﺤرﻴة‬
‫واألﻤان الﺸﺨﺼي‪ ،‬فقـد ﻨﺼت الﻤادة ﻤن اإلعالن العالﻤي لﺤقوق اإلﻨﺴان على أﻨه "ال ﻴﺠوز‬
‫اعﺘقـال أي إﻨﺴـان أو ﺤﺠزه أو ﻨفﻴه ﺘعﺴفﻴاﹰ" وﻜذا ﻤا ﻨﺼت علﻴه الﻤادة (‪ )9/1‬ﻤن العهـد الـدولي‬
‫للﺤقـوق الﻤدﻨﻴـة والﺴﻴاﺴﻴة على أن‪" :‬لﻜل فرد الﺤق في الﺤرﻴة وفي األﻤان على ﺸﺨﺼه وال ﻴﺠوز‬
‫اعﺘقال أﺤـد أو اﺤﺘﺠازه ﺘعﺴفﻴاﹰ‪ ،‬وال ﻴﺠوز ﺤرﻤان أﺤد ﻤن ﺤرﻴﺘه إال ألﺴﺒاب ﻴﻨص علﻴها القـاﻨون‬
‫وطﺒقـاﹰ لﻺﺠراﺀات الﻤقررة فﻴه‪.‬‬

‫وذﻜرت ذات الﻤادة في الفقرة الﺘالﻴة الﻀﻤاﻨات الالزﻤة ألي ﺸﺨص ﻴـﺘم اﺤﺘﺠـازه أو اعﺘقاله وأهﻤها‬
‫إﺒالﻍ الﺸﺨص ﺒأﺴﺒاب اعﺘقاله وإعالﻤه ﺒالﺘهﻤة الﻤوﺠه إلﻴه‪ ،‬الﺴرعة في ﻤﺜولـه أﻤام الﺠهات‬

‫‪13‬‬
‫القﻀاﺌﻴة‪ ،‬اإلفراﺝ عﻨه إذا ﺘﺠاوزت الﻤﺤاﻜﻤة الﻤدة الﻤعقولة‪ ،‬أو الﺘعوﻴض الﻤﻨاﺴب له إذا ﺜﺒت عدم‬
‫ﺼﺤة الدعوى‪ .‬لﺤﻤاﻴـة ﻜﻤا ﻤﻨعت الﻤادة الﺨاﻤﺴة ﻤن اإلعالن العالﻤي لﺤقوق اإلﻨﺴـان ﺘعـذﻴب أي‬
‫إﻨﺴـان أو أي ﺘعرﻴﻀه للعقوﺒات الفظة أو الﻤذلة الﺘي ﺘﺤط ﺒﻜراﻤﺘه‪ ،‬وهذا ﻤا أﻜدﺘه االﺘفاقﻴة‬
‫األوروﺒﻴة ﺤقوق اإلﻨﺴان والﺤرﻴات األﺴاﺴﻴة لعام ‪ 1950‬في ﻤادﺘها الﺜالﺜة والﺘي ﺘوﺠب ﺘﺤرﻴم‬
‫إﺨﻀاع فرد للﺘعذﻴب أو العقوﺒات أو الﻤعاﻤالت ﻏﻴر اإلﻨﺴاﻨﻴة أو الﺤاطة ﺒالﻜراﻤة‪ .‬ﻜﻤا أﻜدت الﻤادة‬
‫(‪ )5/2‬ﻤن هذه االﺘفاقﻴة على ذات ﻤا أﻜد علﻴه العهد الدولي للﺤقـوق الﻤدﻨﻴة والﺴﻴاﺴﻴة ﻤن ﻀﻤاﻨات‬
‫ﺘﺘﺼل في ﻤن ﻴقﺒض علﻴه‪ ،‬وهذا ﻤا أقره اإلعالن العـالﻤي فـي ﻤادﺘه الﺴادﺴة‪.‬‬

‫وقﻀت الﻤادة (‪ )11‬ﻤن اإلعالن العالﻤي قاعدة "الﻤﺘهم ﻴعد ﺒرﻴﺌاﹰ ﺤﺘى ﺘﺜﺒت إداﻨﺘه"‪ ،‬وهذا ﻤا أﻜدﺘه‬
‫االﺘفاقﻴة األوروﺒﻴة ‪ 1950‬في ﻤادﺘها الﺴادﺴة الفقرة الﺜاﻨﻴة والعهد الـدولي ‪ 1966‬فـي ﻤادﺘه‬
‫(‪ ،)14/2‬ﻜﻤا أوﺠﺒت الﻤادة (‪" )14‬عدم إﻜراه الﻤﺘهم وﺤﻤله على الﺸهادة ﻀد ﻨفﺴه أو االعﺘراف‬
‫ﺒذﻨﺒه ﻤن ذات العهد‪.‬‬

‫إلى ﺠاﻨب هذه الﻤﺒادئ الدولﻴة اﻨعقدت عدة ﻤؤﺘﻤرات دولﻴة ﺴواﺀ ﺒﺈﺸراف األﻤم الﻤﺘﺤدة‬

‫أو ﻏﻴرها ﻤن الﻤﻨظﻤات‪ ،‬وقد ﺠاﺀت ﻤؤﻜدة ﺠﻤﻴعها على ﻀرورة ﺘوفﻴر ﻀـﻤاﻨات لﻤـن ﻴـﺘهم‬
‫ﺒﺠرﻴﻤة ﻤعﻴﻨة قﺒل ﻤﺤاﻜﻤﺘه عن ﺘلك الﺠرﻴﻤة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬البطالن‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف البطالن وطبيعته وأنواعه‪:‬‬

‫البطالن لغة ‪ :‬نقيض الحق ويراد منه الخطأ والكذب والفساد والعدم‪ .‬تقول بطل الشيء بطالنا‪ ،‬أي‬
‫ذهب ضياعا وخسرانا‪ ،‬وأبطل فالن بمعنى جاء بكذب وادعى باطال‪ .‬والباطل إجماال هو الذي ال‬
‫يكون صحيحا بأصله‪.‬‬
‫أما اصطالحا ً ﻓله عدة معان منها ‪ :‬هو ما أبطل الشارع حسنه‪ ،‬والباطل أيضا ما ال يكون مشروعا‬
‫بأصله ووصفه‪ ،‬والباطل هو ما ال فائدة منه وال أثر وال ﻏاية‪.‬‬

‫أما البطالن قانونا فقد قيلت بصدده عدة تعريفات أفضلها من وجهة نظر الباحث التعريف الذي يرى‬
‫بأنه جزاء إجرائي يرد على العمل المخالف لبعض القواعد اإلجرائية فيهدر آثاره القانونية‪.‬‬

‫إن كل قاعدة إجرائية شرعت يترتب على مخالفتها البطالن لضمان حماية الحقوق والحريات التي‬
‫يتمتع بها أطراف الخصومة الجنائية‪ ،‬سواء كان مصدر هذه الحقوق والحريات الدستور أو التشريع‪،‬‬
‫فهناك عالقة مترابطة بين البطالن وفاعلية العدالة الجنائية لتحقيق الغاية األساسية من تشريع القاعدة‬
‫اإلجرائية وتحديد المصلحة المحمية عن طريق تحقيق التوازن بين فاعلية العدالة الجنائية وحماية‬
‫الحقوق والحريات‪ ،‬وباإلمكان القول بأن فاعلية العدالة الجنائية والدولة القانونية ال يمكن تحقيقها‬
‫بدون احترام ضمانات الحقوق والحريات‪ ،‬فاالثنان وجهان العملة واحدة‪ ،‬وال مجال للحديث عن‬
‫عدالة جنائية فعالة إال إذا الزمها في ذات الوقت احترام لضمانات الحقوق والحريات (‪ )١٥‬وهذا‬
‫يعني عدم وجود تناقض بين فاعلية العدالة الجنائية وحماية الحقوق والحريات كهدفين لﻺجراءات‬
‫الجنائية ألن األولى تتوقف على كشف الحقيقة وهو أمر يعتمد إثباته على دليل مشروع يستخلص‬
‫من إجراءات تحترم فيها الضمانات‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬ال يجوز الخلط بين الضمانات اإلجرائية‬
‫التي تكفل المحاكمة العادلة والمنصفة‪ ،‬وبين الضمانات التنفيذية في القواعد اإلجرائية لتحقيق أهداف‬
‫إدارية بالمعنى الضيق‪ ،‬ومثال ذلك مخالفة إجراءات ضبط تحريز) األشياء المتوفرة من الجريمة‬
‫والتي ال يترتب على مخالفتها البطالن‪ .‬أن عدم مشروعية اإلجراءات الجنائية بسبب إهدار‬

‫‪15‬‬
‫الضمانات التي نص عليها الدستور والقانون هو أساس البطالن‪ ،‬وبهذا يكون للبطالن دورا فاعال‬
‫في الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪.‬‬

‫أنواع البطالن‬

‫أشرنا سابقا في أكثر من جانب في بحثنا على ضرورة التوازن بين الحقوق والحريات من جهة‪،‬‬
‫وبين المصلحة العامة في حماية كل منهما من جهة أخرى وقد أكدنا على مبدأ التناسب كونه معيارا‬
‫لتحقيق هذا التوازن ضمانا لوحدة النظام القانوني في حمايته للحقوق والحريات العامة‪ ،‬وهذا‬
‫التناسب يفترض وجود عالقة منطقية ومتماسكة بين المصالح المحمية بالقواعد القانونية ولكي‬
‫يتحقق من خالل الوصول إلى حل يتصف بالمنطق والتجانس وعدم التحكم فالمصلحة العامة التي‬
‫تحميها القاعدة اإلجرائية هي في ذات الوقت قيمة دستورية ال يجوز التضحية بها‪.‬‬

‫وسنبحث نوعان من السياسات اإلجرائية التي تحكم هذا التناسب‪ ،‬النوع األول يذهب إلى التوسع في‬
‫أسباب البطالن تحيزا للمصلحة المحمية بالقواعد اإلجرائية فالقاضي هو الملزم بمراقبة مدى سالمة‬
‫تطبيق تلك القواعد‪ .‬أما النوع الثاني فيذهب إلى أن هذا التوسع في أسباب البطالن يسبب ضررا‬
‫بالمصلحة العامة الجنائية في محاولتها لمكافحة ظاهرة ازدياد األجرام‪ .‬وعلى هذا األساس ظهر‬
‫نوعان من البطالن في أطار السياسة الجنائية وهما‪:-‬‬

‫‪ -1‬البطالن المطلق لﻺجراءات يقع هذا النوع من البطالن نتيجة مخالفة جميع قواعد اإلجراءات‬
‫الجنائية التي أشترطها القانون في الخصومة الجنائية‪ ،‬ألن القانون ال يفرض الشروط واألشكال‬
‫إال لمراعاة أهميتها في تحقيق دور الخصومة‪ ،‬لذلك يتعين تقدير البطالن كجزاء تخلفها جميعا‬
‫دون استثناء وهو ما اصطلح عليه اسم البطالن الشكلي‪ ،‬ويتميز هذا النوع من أنواع البطالن‬
‫بالدقة والوضوح في تحديد أسباب بطالن اإلجراءات الجنائية لكن التوسع فيه قد ال يحقق‬
‫التناسب المقصود من هذه الحقوق والمصلحة العامة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫لذلك باإلمكان تعريفه بأنه ذلك البطالن الذي ينتج عن مخالفة القواعد الخاصة باإلجراءات‬
‫الجوهرية والتي تتعلق بالنظام العام كمخالفة قواعد األهلية أو قواعد التنظيم القضائي ‪ ،‬وفي هذا‬
‫الصدد من المهم تسليط الضوء على فكرة النظام العام لكونها من األفكار السائدة في جميع‬
‫فروع القانون ولها دور فاعل في النظام القانوني‪ ،‬وهذه الفكرة تستمد قوتها من الغموض الذي‬
‫يحيط بها في محاولة أيجاد تعريف جامع مانع لها‪ ،‬لما تنطوي عليه من نتائج بالغة الخطورة‬
‫ومن هذه النتائج التي توصل اليها الباحث أن القاضي قد يبيح لنفسه أن يتخذ من فكرة النظام‬
‫العام نظرة فلسفية أو دينية يؤسسها على مجموعة المبادئ الدستورية أو على السياسة العامة‬
‫للتشريع أو على رأيه الخاص في المسائل االجتماعية أو الفلسفية األخالقية أو الدينية التي قد‬
‫تعرض عليه لذلك نرى أن النظام العام يستمد قوته من هذا الغموض وهو بهذا المفهوم يكون‬
‫فكرة مرنة بطبيعتها ﻏير قابلة للتحديد‪ .‬وقد تطرق المشرع العراقي إلى المواد التي تتعلق‬
‫باختصاصات المحاكم وتشكيالتها وهي من النظام العام ‪ ،‬وهنا نتساءل ما هو معيار تعلق‬
‫القاعدة اإلجرائية بالنظام العام خاصة أن حاالت البطالن لم ترد على سبيل الحصر فبﺈمكان‬
‫القاضي أن يستخلصها من حاالت يجدها تحمي المصلحة العامة لم يذكرها المشرع العراقي في‬
‫النصوص القانونية‪.‬‬
‫والجواب على هذا السؤال من وجهة نظر الباحث يكمن في أن المعيار الواجب األخذ به في هذا‬
‫المجال هو معيار المصلحة التي أراد المشرع تحقيقها بالقاعدة اإلجرائية‪ ،‬ذلك ألن أي قاعدة‬
‫إجرائية تهدف إلى حماية مصلحة معينة‪ ،‬لذلك فالمعيار السليم في هذه الحالة هو االعتداد‬
‫بالمصلحة المرجوة من القاعدة‪ .‬فﺈذا كانت هذه المصلحة مما يتعلق بضمان حسن سير وفاعلية‬
‫الجهاز القضائي من أجل تحقيق العدالة الجنائية فأن هذه القاعدة تتعلق بالنظام العام‪ ،‬ولهذا‬
‫يندرﺝ تحت مفهومها القواعد التي تتعلق بعالنية المحاكمة وسرية التحقيق‪ ،‬فﺈذا ما شاب‬
‫اإلجراء عيب لم تحقق بسببه الغاية من هذا اإلجراء يصبح من الضروري الوقوف على علة‬
‫التشريع لهذا اإلجراء فﺈن كان الغرض منه المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة المتهم أو‬
‫ﻏيره من الخصوم فالغاية هنا تكون جوهرية ويترتب على عدم مراعاتها البطالن فالباحث يرى‬
‫أن اإلجراءات التي توضع لمجرد اإلرشاد والتوجيه ال تعتبر إجراءات جوهرية‪ ،‬لكن عالنية‬

‫‪17‬‬
‫جلسات المحاكمة هي إجراء جوهري يترتب على مخالفته عدم تحقق الغاية التي قصدها‬
‫المشرع من هذا اإلجراء وهو تدعيم الثقة في القضاء واالطمئنان إلى إحكامه‪.‬‬

‫وبناءا على ما تقدم يرى الباحث وجوب أن يصدر الحكم تحقيقا لهذه الغاية المقصودة بشكل‬
‫علني حتى لو كانت الجلسات قد تمت بشكل سري‪ ،‬ويرى الباحث أن هذا قصور في القانون‬
‫اإلجرائي العراقي‪ ،‬في حين أن المشرع المصري ترك للقاضي السلطة التقديرية في استنباط‬
‫األحكام المتعلقة بالنظام العام وأن تحكم المحكمة بالبطالن من تلقاء نفسها ولو بغير طلب من‬
‫أحد الخصوم وهو ما ذهبت إليه نصوص قانون اإلجراءات المصري في المادة (‪ )٣٣٢‬المتعلقة‬
‫بأحكام محكمة النقض (‪ ،)١۷‬فعدم النص صراحة على البطالن ال يمنع من الحكم به إال أنه‬
‫يشترط على من يتمسك بالبطالن أن يقع عليه عبء أثبات عدم تحقق الغاية من اإلجراء الذي‬
‫تمت مخالفته‪.‬‬

‫‪ -2‬البطالن المقيد (النسبي) ‪ :‬أن هذا النوع من البطالن نصت عليه المادة (‪ )٣٣٣‬من قانون‬
‫اإلجراءات المصري‪ ،‬وهو البطالن المتعلق بمصلحة الخصوم في حالة مخالفة القواعد‬
‫الجوهرية أو اإلجراءات الخاصة بجمع االستدالالت أو التحقيق االبتدائي أو التحقيق في محاكم‬
‫الجنح والجنايات ويتعين التمسك بهذا النوع من البطالن من قبل صاحب الشأن (المصلحة)‪،‬‬
‫وهذا يعني أن البطالن النسبي هو جزاء اإلخالل بالقواعد الجوهرية التي ال تتعلق بالنظام العام‬
‫وإنما يكون هدفها حماية مصلحة الخصوم‪ ،‬وقد اخذ المشرع العراقي بالبطالن النسبي في كثير‬
‫من نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية من خالل النص عليه ضمنيا في مرحلتي‬
‫التحقيق وجمع األدلة المواد ‪ )٣۹-۵۰‬فالبطالن يكون نسبيا إذا أجرى المحقق أو ضابط الشرطة‬
‫أو أحد أعضاء الضبط القضائي تحقيقا في ﻏير دائرة اختصاصه ويكون البطالن نسبيا أيضا إذا‬
‫ترتب على االتهام المتأخر)‪(inculpation tar dive‬‬

‫‪18‬‬
‫المطلب اثاني ‪ :‬آثار البطالن القانونية على األعمال اإلجرائية الجزائية‬

‫بحسب القواعد العامة أن العمل اإلجرائي يبقى صحيحا ومنتجا آلثاره حتى يقرر القاضي بطالنه‪،‬‬
‫وهذه القاعدة ال يرد عليها استثناء أيا كان نوع البطالن سواء تعلق بمصلحة عامة أو مصلحة‬
‫خاصة‪ ،‬ففي جميع األحوال يتطلب صدور حكم يقرر البطالن ويترتب على الحكم ببطالن اإلجراء‬
‫كقاعدة عامة زواله واعتباره كأن لم يكن فيسقط وتسقط تبعا له اإلجراءات الالحقة متى ما كان هو‬
‫أساس لتلك اإلجراءات الالحقة وترتبت عليه‪ ،‬ويرى الباحث أن حكم البطالن ال يؤثر على‬
‫اإلجراءات السابقة عليه أو الالحقة عليه إذا لم تكن مبنية على هذا البطالن ومثال ذلك بطالن تشكيل‬
‫المحكمة أو عدم اختصاصها بنوع الجريمة يبطل إجراءات المحاكمة والحكم الذي تصدره‪ ،‬وكذلك‬
‫الحال إذا شاب إجراء التفتيﺵ عيب يبطله فأنه يقضي ببطالنه وبطالن الدليل المستمد منه وعليه‬
‫فأن العمل اإلجرائي الباطل ال ينتج أثرا بمعنى أنه إذا تقرر بطالن إجراء معين فيجب إسقاطه وعدم‬
‫االستناد على الدليل المستمد منه‪ ،‬بل وإبطال كل ما تاله من إجراءات إذا كانت هذه اإلجراءات‬
‫مستندة إليه ألنه ال ينتج أثرا قانونيا فما بني على باطل فهو باطل‪ ،‬ومثال ذلك بطالن القبض لعدم‬
‫مشروعيته يستند عليه عدم االعتماد في اإلدانة على أي دليل مستمد منه‪ .‬وهذا يعني أنه متى ما‬
‫تقرر البطالن تزول عنه أثاره القانونية ويصبح كان لم يكن ألن الحكم بالبطالن له طبيعة كاشفة إذا‬
‫تعلق األمر بﺈجراء له صله مباشرة بالنظام العام ويكون الحكم منشأ إذا كنا بصدد بطالن نسبي أو‬
‫إجراء يتعلق بمصلحة الخصوم‪ ،‬فﺈذا قرر القضاء بطالن إجراء معين فيعني هذا إهدار القيمة‬
‫القانونية لهذا اإلجراء فكأنه لم يباشر وال يترتب عليه أثر قانوني كما أسلفنا ومثال ذلك أيضا إذا‬
‫شاب البطالن في ورقة التكليف بالحضور فال يترتب عليها األثر المعتاد المتمثل باتصال المحكمة‬
‫بالدعوى وبالتالي ال يحق للمحكمة أن تباشر الدعوى‪ ،‬فأن هي فعلت ذلك كان حكمها باطال كما أن‬
‫هذا اإلجراء الباطل ال ينتج أثرا لكي يقطع تقادم الدعوى ذلك ألن قطع التقادم هو عبارة عن أثر‬
‫قانوني ال يترتب على اإلجراء الباطل إنما على اإلجراء الصحيح فقط مما يدل على أن العيب‬
‫المؤدي إلى البطالن ال يقتصر تأثيره على عمل إجرائي محدد بل في مجموعة معينة من اإلعمال‬
‫تخضع لقاعدة عامة واحدة تحكمها هي التي خولفت ومثال ذلك إجراءات المحاكمة التي تقوم بها‬
‫محكمة ﻏير مختصة نوعيا بنظر الدعوى أو ال والية لها مكانيا‪ ،‬ويرى الباحث في هذا الخصوص‬
‫أن أثر بطالن االستجواب مثال يختلف عن أثر بطالن أي إجراء أخر من إجراءات جمع األدلة‬
‫‪19‬‬
‫كالقبض والتفتيﺵ والشهادة والسبب في ذلك هو أنه إذا كان بطالن أي من هذه اإلجراءات األخيرة‬
‫يترتب عليه بطالن الدليل المستمد منها‪ ،‬فأن بطالن االستجواب ال يقتصر أثره على بطالن الدليل‬
‫المستمد منه أن وجد وهو االعتراف فحسب بل أنه يؤثر في سالمة التحقيق ذاته‪ ،‬ذلك ألن الوظيفة‬
‫الرئيسية لالستجواب هي تمكين المتهم من إبداء دفاعه وأن تعطيل هذه الوظيفة من شأنه التأثير‬
‫على كيان التحقيق وحياده وتوازنه ويؤدي إلى التغيير في جوهره وطبيعته ألن االستجواب هو حق‬
‫للمتهم‪ ،‬خالفا إلجراءات جمع األدلة األخرى فهي عبارة عن سلطة ممنوحة للمحقق وله الرأي‬
‫األول واألخير في ممارستها بعكس االستجواب فهو واجب يقع على عاتق المحقق يلتزم القيام به‬
‫ألنه وسيلة دفاع للمتهم وليس إجراء من إجراءات االستدالل‪ ،‬كما أن االستجواب الصحيح ليس فقط‬
‫إجراء من إجراءات التحقيق بل هو شرط من شروط صحة التحقيق‪ ،‬حيث أن التحقيق الذي يكون‬
‫خاليا من االستجواب ال يكون ناقصا فحسب بل يكون عمال فاسدا‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬تصحيح العمل اإلجرائي الباطل‬


‫لقد تناول قانون اإلجراءات الجنائية المصري موضوع تصحيح اإلجراء الباطل من خالل نص‬
‫المادة (‪ )٣٣٥‬منه والتي نصت على أن للقاضي أن يصحح ولو من تلقاء نفسه كل إجراء يتبين له‬
‫بطالنه)‪ .‬أما إذا عدنا إلى التشريعات العراقية ونذكر منها قانون أصول المحاكمات الجزائية فقد‬
‫نص في المادة (‪ )٢٢٥‬منه على أنه ال يجوز للمحكمة أن ترجع عن الحكم أو القرار الذي أصدرته‬
‫أو تغير أو تبدل فيه إال لتصحيح خطأ مادي على أن يدون ذلك في حاشية له ويعتبر جزءا منه‪.‬‬
‫يتبين لنا من النص أعاله أن القانون العراقي لم يأخذ بالخطأ الموضوعي في أصل الدعوى وأن‬
‫تصحيح اإلجراء الباطل يقتصر فقط على الخطأ المادي وهو ما ذهبت إليه أيضا نصوص قانون‬
‫أصول المحاكمات العراقي من المواد (‪ )٢٦۹-٢٦٦‬فيما يخص تصحيح القرار التمييزي‪ ،‬أما قانون‬
‫المرافعات العراقي فقد نص على تصحيح اإلجراء الباطل في الفقرة (‪ )1‬من المادة (‪ )١٦۷‬والتي‬
‫نصت ال يؤثر في صحة الحكم ما يقع فيه من أخطاء مادية بحته كتابية أو حسابية وإنما يجب‬
‫تصحيح هذا الخطأ من قبل المحكمة بناءا على طلب الطرفين أو احدهما(‪ .)٢٢‬وهذا دليل آخر على‬
‫أن المشرع العراقي قد اﻏفل جانب الخطأ الموضوعي القائم على أصل الحق واكتفى بتصحيح‬
‫الخطأ المادي الناتج عن التقصير في شكلية اإلجراء مما يدل على وجود نقص كبير في التشريع‬
‫‪20‬‬
‫الجنائي العراقي حيث قد جرى العمل في المحاكم العراقية على تصحيح اإلجراء الباطل من الناحية‬
‫الشكلية فقط دون المضمون المطابق للمنطق القانوني السليم وإعماال بالقواعد العامة أسوة بالقوانين‬
‫األخرى المقارنة‪ ،‬وهذا يعني أن العلة في تحويل القاضي هذه السلطة التصحيح من تلقاء نفسه في‬
‫األنظمة القانونية المقارنة هي الحد من أثار البطالن وخاصة عندما نستنتج أن بطالن اإلجراء‬
‫سوف يترتب عليه بطالن إجراءات الحقة له ومترتبة عليه مباشرة فيستبدل القاضي اإلجراء الباطل‬
‫بأجراء صحيح وسليم من الناحية القانونية ليستقيم السير في الدعوى‪ ،‬وهذا ما أﻏفلته التشريعات‬
‫الجنائية العراقية‪ .‬لذا يرى الباحث أن الضرورة القانونية ومقتضيات حسن سير العدالة في المحاكم‬
‫العراقية تستدعي تفعيل دور القضاء في تصحيح اإلجراءات واألحكام الباطلة من الناحية‬
‫الموضوعية‪.‬‬

‫وليس الشكلية فقط وخاصة تعديل نص المادة (‪ )٢٢٥‬بحيث يجوز للمحكمة الرجوع في القرار الذي‬
‫اتخذه إذا شابه البطالن لتحقيق الغاية من التصحيح لهذا البطالن‪ ،‬ألن تصحيح البطالن هو أمر‬
‫موضوعي يطرا على العمل اإلجرائي فيزيل عنه هذا الوصف والتصحيح بمعناه الفني الدقيق ال‬
‫ينشأ إال بعد مرور العمل اإلجرائي بالمرحلة التي يتصف فيها هذا العمل بالبطالن والتي تتحقق‬
‫بتوافر سبب من أسبابه أن مسالة تصحيح اإلجراء الباطل تحتل أهمية كبيرة في القانون اإلجرائي‬
‫لكي تستمر الخصومة وتحقق ﻏايتها بدون العقبات التي يثيرها بطالن أي عمل منها‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الخاتمة والتائج والتوصيات‬

‫في هذه الورقة‪ ،‬تم تسليط الضوء على مشكلة عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم‪ ،‬والتي‬
‫تنتج عنها انتهاكات خطيرة لحقوق اإلنسان وسيادة القانون‪ .‬وتم استعراض بعض الدراسات السابقة‬
‫التي تناولت هذه المشكلة من زوايا مختلفة‪ ،‬وتحليل أسبابها وآثارها وحلولها‪ .‬وتم التوصل إلى‬
‫النتائج واالستنتاجات التالية‪:‬‬

‫نتائج البحث‬

‫‪ -1‬بما أن هذا النظام مستمد من الشريعة اإلسالمية الشاملة فأن هذه الحقوق التي أعطيت للمتهم‬
‫وحفظت له إنما هي حقوق أصلية شرعية جاءت من الشريعة نفسها‪.‬‬

‫‪ -2‬شمولية النظام حيث راعى المتهم في جميع أطواره وأحواله وأعطى المجتمع حقه في حفظه‬
‫وصيانته‪.‬‬

‫‪ -3‬نشر ثقافة النظام والحقوق والواجبات بين جميع طبقات المجتمع وذلك ال يأتي إال بتظافر الجهود‬
‫لنشر تلك الثقافة بهدف بناء جيل واعي بما له وما عليه محترما للنظام‪.‬‬

‫‪ -3‬األصل في اإلجراءات الجنائية هو الصحة وأما البطالن فهو االستثناء‪.‬‬


‫‪ -4‬يعد البطالن سالحا ذو حدين فﺈذا تم تطبيق اإلجراءات الجزائية تطبيقا صحيحا فهذا يعني‬
‫سالمة اإلجراءات وبالتالي تحقيق عدالة فاعلة فال يفلت الجاني من العقاب وإذا تم تطبيق‬
‫اإلجراءات الجزائية تطبيقا معيبا فهذا يعني أن الجاني سيفلت بطبيعة الحال من العقاب أو عقاب‬
‫أشخاص ال ذنب لهم وبالتالي عدم تحقيق العدالة المرجوة‪.‬‬
‫‪ -5‬إن إجراءات الدعوى الجزائية هي على درجة عالية من األهمية والخطورة وأن عدم إجرائها‬
‫بالشكل الصحيح قد يؤدي إلى إفالت المتهم من العقاب‪ ،‬أو إلى إنزال العقاب بحق األبرياء لذا‬
‫يجب أن تناط مباشرة هذه اإلجراءات بمن تتوافر لديهم الدراية الكافية من أجل مباشرتها بالشكل‬
‫السليم الخالي من كل أوجه البطالن وذلك بان يكون من قبل متخصصين في مجال القضاء أو‬
‫‪22‬‬
‫في مجال التحقيق أو االدعاء العام‪ ،‬ممن يتمتعون بالعلم القانوني ويتميزون بالكفاءة وحسن‬
‫التقدير والحياد وذلك لكي يطمئن إلى حسن مباشرتهم إلجراءات التقاضي وإجراءات التحقيق‪،‬‬
‫ولهذا نقترح إخضاع القائمين على التحقيق والقضاة لدورات تدريبية مكثفة ودورية يكون‬
‫موضوعها إجراءات الدعوى الجنائية من البداية إلى النهاية وأوجه البطالن التي قد ترد على‬
‫اإلجراء الجزائي وتؤدي به إلى االنهيار وعدم ترتيب اآلثار القانونية المرجوة منه‪.‬‬

‫بناء على النتائج التي تم التوصل إليها في الورقة البحثية‪ ،‬فﺈن اآلثار المترتبة على عدم علم رجال‬
‫إنفاذ القانون بحقوق المتهم تتمثل في‪:‬‬

‫• انتهاكات خطيرة لحقوق اإلنسان‪ ،‬بما في ذلك الحق في المحاكمة العادلة‪ ،‬والحق في حرية‬
‫الرأي والتعبير‪ ،‬والحق في الخصوصية‪ ،‬والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة‬
‫القاسية أو الالإنسانية أو المهينة‪.‬‬
‫• تقويض سيادة القانون‪ ،‬حيث يؤدي عدم التزام رجال إنفاذ القانون بالقانون إلى عدم الثقة في‬
‫النظام القضائي‪ ،‬وتراجع سيادة القانون‪.‬‬
‫• إفالت الجناة من العقاب‪ ،‬أو إنزال العقاب بحق األبرياء‪ ،‬حيث قد يعمد رجال إنفاذ القانون‬
‫إلى انتهاك حقوق المتهم بهدف الحصول على اعترافات أو معلومات منه‪ ،‬مما قد يؤدي إلى‬
‫إدانة األبرياء‪.‬‬

‫وبنا ًء على ذلك‪ ،‬ﻓإن التوصيات التالية تهدف إلى معالجة هذه اآلثار‪:‬‬

‫‪ -1‬المراجعة والتحديث المستمر لتشريعات حقوق اإلنسان‪:‬‬


‫تلعب التشريعات دورا أساسيا في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬بما في ذلك حقوق المتهم‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫فﺈن المراجعة والتحديث المستمر لتشريعات حقوق اإلنسان‪ ،‬بما في ذلك حقوق المتهم‪ ،‬هو‬
‫أمر ضروري لضمان كفالة هذه الحقوق بشكل واضح وقاطع‪.‬‬
‫وتشمل هذه المراجعة التحديث المستمر لتعريفات حقوق المتهم‪ ،‬وتحديد اإلجراءات التي‬
‫يجب اتخاذها لضمان احترام هذه الحقوق‪ ،‬وتحديد العقوبات التي يجب أن تفرض على‬
‫المخالفين‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ -2‬توفير برامج تدريبية مكثفة ودورية لرجال إنفاذ القانون‪:‬‬
‫يعد التدريب من أهم الوسائل لتعزيز التزام رجال إنفاذ القانون بالقانون‪ .‬ولذلك‪ ،‬فﺈن توفير‬
‫برامج تدريبية مكثفة ودورية لرجال إنفاذ القانون‪ ،‬تتناول حقوق المتهم وكيفية االلتزام بها‬
‫في جميع مراحل اإلجراءات الجنائية‪ ،‬هو أمر ضروري لمعالجة اآلثار المترتبة على عدم‬
‫علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم‪.‬‬

‫وتشمل هذه البرامج التدريبية على‪:‬‬

‫• تعريف رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم‪ ،‬بما في ذلك الحقوق األساسية‪ ،‬والحقوق الخاصة‬
‫بمرحلة التحقيق‪ ،‬والحقوق الخاصة بمرحلة المحاكمة‪.‬‬
‫• تدريب رجال إنفاذ القانون على كيفية تطبيق هذه الحقوق في جميع مراحل اإلجراءات‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫‪ -3‬إجراء إصالحات مؤسسية في األجهزة األمنية والعدلية‪:‬‬
‫تلعب األجهزة األمنية والعدلية دورا محوريا في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬بما في ذلك حقوق‬
‫المتهم‪ .‬ولذلك‪ ،‬فﺈن إجراء إصالحات مؤسسية في هذه األجهزة‪ ،‬بهدف تعزيز النزاهة‬
‫والمساءلة‪ ،‬وضمان التزام رجال إنفاذ القانون بالقانون‪ ،‬هو أمر ضروري لمعالجة اآلثار‬
‫المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق المتهم‪.‬‬

‫وتشمل هذه اإلصالحات على‪:‬‬

‫• تعزيز النزاهة والمساءلة في األجهزة األمنية والعدلية‪ ،‬وذلك من خالل وضع أنظمة داخلية‬
‫فعالة‪ ،‬وتعزيز الرقابة الشعبية على هذه األجهزة‪.‬‬
‫• توفير التدريب والدعم الالزمين لرجال إنفاذ القانون‪ ،‬بهدف تعزيز قدراتهم المهنية‬
‫وأخالقياتهم‪.‬‬
‫‪ -4‬نشر ثقافة حقوق اإلنسان وسيادة القانون بين أفراد المجتمع‬

‫‪24‬‬
‫يلعب أفراد المجتمع دورا فاعال في دعم جهود مكافحة الفساد وانتهاكات حقوق اإلنسان‪ .‬ولذلك‪ ،‬فﺈن‬
‫نشر ثقافة حقوق اإلنسان وسيادة القانون بين أفراد المجتمع‪ ،‬بهدف توعية المواطنين بحقوقهم‬
‫وواجباتهم‪ ،‬هو أمر ضروري لمعالجة اآلثار المترتبة على عدم علم رجال إنفاذ القانون بحقوق‬
‫المتهم‪.‬‬

‫وتشمل هذه الجهود على‪:‬‬

‫• إدراﺝ حقوق اإلنسان وسيادة القانون في المناهج التعليمية‪ ،‬بهدف توعية األجيال الجديدة‬
‫بأهمية هذه الحقوق‪.‬‬
‫• تنظيم حمالت توعوية تهدف إلى نشر ثقافة حقوق اإلنسان وسيادة القانون بين أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫المراجع‬
‫أوال‪ :‬وثائق قانونية‪.‬‬

‫‪ -1‬قانون اإلجراءات الجزائية السعودي الصادر بمرسوم م‪ ٢ /‬بتاريخ ‪١٤٣٥ - ١ ٢٢‬هـ‪.‬‬


‫‪ -2‬قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (‪ )٢٣‬لسنة ‪ ١۹۷١‬وتعديالته‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (‪ )۸٣‬لسنة ‪ ١۹٦۹‬المعدل‪.‬‬
‫‪ -4‬قانون اإلجراءات الجنائية المصري رقم ( ‪ )١٥۰‬لسنة ‪.١۹٥۰‬‬

‫ثانيا‪ :‬الكتب‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬فهد بن نايف الطريس في شرح كتاب البطالن في نظام اإلجراءات الجزائية السعودي‪.‬‬
‫‪ -2‬حقوق المتهم في شرح كتاب حقوق المتهم للجمعية الوطنية لحقوق األنسان‪.‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬محمد عبد الجليل العوابدة في شرح ضمانات المتهم في ظل نظام اإلجراءات الجزائية‬
‫السعودي‪.‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬احمد فتحي سرور القانون الدستوري الجنائي الشرعية الدستورية في قانون اإلجراءات‬
‫الجنائية‪ ،‬ط ‪.٢۰۰٢،٢‬‬
‫‪ -5‬أمال عثمان عبد الرحيم‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪١۹۸۹ ،‬‬
‫‪ -6‬عاطف فؤاد الصحاح‪ ،‬أسباب البطالن في األحكام الجنائية‪ ،‬سنة ‪.٢۰۰٣‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬محمود نجيب حسني شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬ﺝ ‪ ،١‬سنة ‪.١۹۹۸‬‬
‫‪ -8‬كامل السعيد شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬عمان‪ ،‬سنة ‪.٢۰۰٥‬‬
‫‪ -9‬السليمان‪ ،‬عبد الرحمن بن عبد هللا‪ .)٢۰١۹( .‬المسؤولية الجنائية لرجال األمن العام في‬
‫حالة انتهاك حقوق المتهم‪ .‬مجلة الشريعة والقانون‪.١۹٢-١۵٣ ،)٢(۴٣ ،‬‬
‫‪ -10‬الشريف‪ ،‬محمد عبد هللا‪ .)٢۰١۸( .‬حقوق المتهم في القانون الجنائي الدولي‪ .‬مجلة الحقوق‪،‬‬
‫‪.١۶۴-١٣٣ ،)١(٢٢‬‬
‫‪ -11‬مفوضية األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان‪ .)٢۰١۷( .‬لمحة عن إنفاذ القانون وحقوق‬
‫اإلنسان‪ .‬جنيف‪ :‬األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -12‬القﻴوﻤي‪ ،‬أﺤﻤد ﺒن ﻤﺤﻤد علي الﻤقري‪ :‬الﻤﺼﺒاح الﻤﻨﻴر في ﻏرﻴب الﺸرح الﻜﺒﻴر للرافعي‪،‬‬
‫ﻤادة وهـم‪ ،‬ط‪ ،7‬الﻤطﺒعـة األﻤﻴرﻴة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ت (‪ )770‬هـ‪ ،‬ص‪107.‬‬
‫‪ -13‬الهواري‪ ،‬ﻤﺤﻤد علي ﺴلﻴم‪ :‬ﺤﻜم اإلﺴالم في اإلﺠراﺀات الﻤﺘﺨذة ﺒﺤق الﻤﺘهم‪ ،‬رﺴالة‬
‫ﻤاﺠﺴـﺘﻴر‪ ،‬الﺠاﻤعـة األردﻨﻴـة‪:4،‬ص ‪.1988،‬‬
‫‪ -14‬القاﻤوس الﻤﺤﻴط‪ ،‬الﺠزﺀ الراﺒع‪ ،‬ص‪189.‬‬
‫‪ -15‬ﺨلﻴل‪ ،‬عدلي‪ :‬اﺴﺘﺠواب الﻤﺘهم فقهاﹰ وقﻀاﺀاﹰ‪ ،‬دار الﻜﺘب القاﻨوﻨﻴة‪ ،‬الﻤﺠلة الﻜﺒرى‪،1996 ،‬‬
‫ص‪9.‬‬
‫‪ -16‬ﻨﺠم‪ ،‬ﻤﺤﻤد ﺼﺒﺤي‪ :‬الوﺠﻴز في قاﻨون أﺼول الﻤﺤاﻜﻤات الﺠزاﺌﻴة األردﻨي‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒة دار‬
‫الﺜقافة‪ ،‬الطﺒعة األولـى‪ ،‬ﺴـﻨة‪:78‬ص ‪.1991،‬‬
‫‪ -17‬د‪ .‬ﺒهﻨام‪ ،‬رﻤﺴﻴس‪ :‬االﺠراﺀات الﺠﻨاﺌﻴة ﺘأﺼﻴالﹰ وﺘﺤلﻴالﹰ‪ ،‬أولﻴات القاﻨون الﺠﻨاﺌي‪ ،‬دراﺴة‬
‫ﻤقارﻨـة‪ ،‬ﻤﻨﺸـأة الﻤعـارف‪ ،‬االﺴﻜﻨدرﻴة‪ ،1977 ،‬ص‪.158.‬‬
‫‪ -18‬الدهﺒي‪ ،‬ادوار ﻏالي‪ :‬اإلﺠراﺀات الﺠﻨاﺌﻴة في الﺘﺸرﻴع الﻤﺼري‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒة ﻏرﻴب‪ ،‬الطﺒعة‬
‫الﺜاﻨﻴة‪ ،1990 ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ -19‬أﺤﻤد‪ ،‬ﺤﺴام الدﻴن ﻤﺤﻤد‪ :‬ﺤق الﻤﺘهم في الﺼﻤت "دراﺴة ﻤقارﻨة"‪ ،‬الطﺒعة الﺜالﺜة‪ ،‬دار‬
‫الﻨهﻀة العرﺒﻴـة‪ ،‬ﺴـﻨة‪ ،2003‬ص ‪53‬‬

‫‪27‬‬

You might also like