Professional Documents
Culture Documents
نتطرق في هذه المحاضرة لتعريف قانون اإلجراءات الجزائية(اوال) ولعالقته بالقوانين األخرى
(ثانيا) ولألنظمة اإلجرائية المختلفة(ثالثا)
1
د .بوقادوم –يحياوي صليحة ،قانون اإلجراءات الجزائية ،السنة الثانية ليسانس ،س .2222/2222 ،4
نستخلص مما سبق أن قانون اإلجراءات الجزائية هو اإلطار الضروري لتطبيق أحكام قانون
العقوبات ،بحيث ال يمكن الحكم على شخص ما ارتكب جريمة دون مراعاة احكام قانون
اإلجراءات الجزائية.
خصائص اإلجراءات الجزائية
تتميز اإلجراءات الجزائية بمجموعة من الخصائص منها:
-ذات طابع عقابي اإلجراءات الجزائية لها طابع عقابي حيث انها تتخذ بهدف فرض
العقوبة على كل من خالف القانون بارتكابه الجريمة مما يحقق العدالة والردع.
-السرعة في اإلجراءات تتميز اإلجراءات بالسرعة لالنتهاء منها في أسرع وقت
لضمان حقوق المتهم ،حيث نجد اغلب اإلجراءات محددة بآجال ،وقد تم تدعيم ذلك
في الفقرة الثالثة من المادة األولى من قانون اإلجراءات ":أن تجري المتابعة
واإلجراءات التي تليها في آجال معقولة ودون تأخير غير مبرر وتعطى األولوية
للقضية التي يكون فيها المتهم موقوفا".
-سرية االجراءات بالنسبة للجمهور ،مما يحفظ سمعة وكرامة المتهم الذي يتمتع بقرينة
البراءة إلى حين صدور حكم نهائي يثبت ادانته ،ما لم ينص القانون على خالف ذلك
(المادة 11من قانون اإلجراءات)
-تدوين كل اإلجراءات :كل اإلجراءات التي يتم اتخاذها تكون مكتوبة
-الدقة والمنهجية :تتميز اإلجراءات الجزائية بالدقة والمنهجية حيث انها تخضع
إلجراءات محددة ودقيقة ذلك لضمان حقوق الدفاع.
2
د .بوقادوم –يحياوي صليحة ،قانون اإلجراءات الجزائية ،السنة الثانية ليسانس ،س .2222/2222 ،4
ثانيا :عالقته قانون اإلجراءات الجزائية بالقوانين األخرى
لقانون اإلجراءات الجزائية عالقة مه مجموعة من القوانين األخرى نتطرق فيما يلي لبعض من
هذه القوانين.
-1عالقة قانون اإلجراءات الجزائية بقانون العقوبات
ينظم قانون اإلجراءات الجزائية القواعد الشكلية التي تبين كيفية سير الدعوى العمومية بداية
من وقوع الجريمة الى غاية النطق بالحكم ،بينما يتضمن قانون العقوبات قواعد موضوعية
تحدد األفعال المجرمة والعقوبات المناسبة لها.
ال يمكن تطبيق احكام قانون العقوبات دون تطبيق اإلجراءات المنصوص عليها في قانون
اإلجراءات الجزائية ،وال نلجأ لقانون اإلجراءات الجزائية مالم ترتكب جريمة ما تستوجب تحريك
دعوى عمومية .وعليه فإن قانون اإلجراءات الجزائية وقانون العقوبات قانونين متكاملين يكمل
بعضهما البعض وال يمكن تطبيق أحدهما دون اآلخر.
3
د .بوقادوم –يحياوي صليحة ،قانون اإلجراءات الجزائية ،السنة الثانية ليسانس ،س .2222/2222 ،4
ثالثا :األنظمة اإلجرائية المختلفة
إن النظام اإلجرائي هو عبارة عن مجموعة من القواعد التي تنظم سير المحاكمة الجزائية وذلك
بداية من وقوع الفعل المجرم الذي يتم معاينته وجمع األدلة المتوفرة والبحث عن الجاني
لمحاكمته وصدور الحكم من طرف المحكمة المختصة .إن اإلجراءات الجنائية مرتبطة بتطبيق
أحكام قانون العقوبات وبتنفيذها.
عرفت األنظمة اإلجرائية تطو ار هاما ،وقد ارتبط هذا التطور بتطور األنظمة االجتماعية
والسياسية حيث أن كل مرحلة تعكس إما فكرة الحرص على حرية الفرد مثل ما كان عليه
النظام االتهامي أو فكرة العبث بهذه الحرية للوصول للحقيقة حتى ولو كان ذلك باستعمال
شتى طرق التعذيب كما كان عليه الحال في ظل نظام التنقيب والتحري ،أو الجمع بين محاسن
النظامين السابقين وترك الجوانب السلبية منهما مثلما هو الحال عليه في النظام السائد في
عصرنا الحالي وهو النظام المختلط .بالرغم من وجود لبس حول كيفية ظهور هذه األنظمة
فإن أول نظام عرفته المجتمعات البدائية هو النظام االتهامي ،ليظهر نظام
وأسباب ظهورهاّ ،
التنقيب والتحري في المرحلة الموالية وذلك نتيجة لتطور دور الدولة.1
وبعد تطور النظامين السابقين ظهر النظام الحالي وهو النظام الذي يطلق عليه في الغالب
بالنظام المختلط.
إن الدور الذي يلعبه القاضي للوصول إلى الحقيقة يختلف من نظام إلى آخر .فدور القاضي
في النظام االتهامي دور سلبي ،حيث يستمع ألدلة الخصوم وبناء عليها يصدر حكمه ،بينما
يكون هذا الدور إيجابيا بل أساسيا بالنسبة للقاضي في نظام التنقيب والتحري حيث يكون هو
من يبحث ويتحرى عن الحقيقة نتطرق فيما يلي لألنظمة اإلجرائية المختلفة:
قسم األنظمة اإلجرائية إلى مرحلتين هما مرحلة القضاء الخاص الذي يشمل (القضاء األبوي والشخصي هناك من ّ
1
والتحكيمي والغيبي) ومرحلة القضاء العام وذلك بعد تدخل الدولة وزيادة سلطتها في تنظيم شؤون المجتمع.
4
د .بوقادوم –يحياوي صليحة ،قانون اإلجراءات الجزائية ،السنة الثانية ليسانس ،س .2222/2222 ،4
أوال ـ ـ النظام االتهامي ()La Procédure accusatoire
إن تسمية هذا النظام باالتهامي أساسه انطالق الخصومة بناء على توجيه االتهام من طرف
المجني عليه ،كما أن الخصومة كلها هي عبارة عن جدال بين الجاني والمجني عليه ويلجأ
الحكم وهو فرد من أفراد المجتمع
للفصل في النزاع إلى شخص ال عالقة له بالخصومة ،يسمى َ
ليس لديه تكوين خاص وال خبرة في القانون ،وقد يكون هذا األخير شيخ القبيلة أو أي شخص
آخر يختاره المتخاصمان.
إن اإلثبات في النظام االتهامي غير مقيد بشكل معين من األدلة ،حيث أن من بين خصائصه
عدم وجود قواعد قانونية تنظم طرق اإلثبات وال قواعد خاصة تنظم طريقة المحاكمة أو كيفية
إصدار الحكم .وكان من الممكن استعمال أي دليل طبقا لألعراف المتداولة وللتقاليد والمعتقدات
الحكم في جلسة علنية وحضورية واحدة ،يتم خاللها سماع أقوال
السائدة ،والتي يحظر فيها َ
الحكم في تقييم ما تم عرضه أمامه
المتخاصمين ومالحظة ما لديهم من أدلة ،ويكمن دور َ
أثناء هذه الجلسة ،ومن ثم يصدر ُحكمه بناء على ذلك.
خصائص النظام االتهامي
-يقع عبء االتهام على المجني عليه أو المضرور من الجريمة.
-يفصل في الخصومة حكم وهو بمثابة القاضي يتم اختياره من الطرفان.
-إجراءات الدعوى تتميز بالشفهية والعلنية والحضورية.
-تمر الدعوى بمرحلة واحدة هي المحاكمة.
-دور الحكم حيادي يتمثل في إدارة الجلسة والموازنة بين األدلة التي يقدمها األطراف.
-يتمتع االتهام (المجني عليه) والدفاع (المتهم) بنفس الحقوق.
مزايا النظام االتهامي
-يتميز هذا النظام باحترام حقوق المتهم،
-كما تتميز اجراءاته بالعلنية ،الشفاهية والحضورية.
5
د .بوقادوم –يحياوي صليحة ،قانون اإلجراءات الجزائية ،السنة الثانية ليسانس ،س .2222/2222 ،4
عيوب النظام االتهامي
-كون االتهام في يد فرد يجعل منه خصما لطرف اخر قد ينتج عنه افالت المجرم من
العقاب ،إذا كان هذا األخير من ذوي النفوذ والمال يمكنه السيطرة على المجني عليه.
-إذا كان المجني عليه ضعيف فال يمكنه الحصول على األدلة الكافية ضد المتهم.
-حياد القاضي الحكم ال يؤدي الى تحقيق الصالح العام المنتظر منه.
-الحكم الذي يصدره الحكم واجب التطبيق وال يمكن الطعن فيه.
وكان القاضي آنذاك يجمع بين سلطة االتهام وسلطة الحكم ،وتتميز اإلجراءات المتبعة في
الدعوى بالسرية المطلقة ،ال تراعى فيها أدنى حقوق المتهم.
إن القاضي في ظل هذا النظام وبالرغم من التحقيقات التي يقوم بها وبالمجال الواسع الممنوح
له أثناء مجريات الدعوى إالّ أنها في الحقيقة مقيدة ،بحيث ال يمكنه البحث عن أدلة لإلثبات
لم ينص عليها القانون ،وال يجوز له االستعانة بأدلة تلقاها هو شخصيا خارج الخصومة ،بل
تقع على عاتقه مهمة تطبيق األدلة التي حددها القانون وفقط.
6
د .بوقادوم –يحياوي صليحة ،قانون اإلجراءات الجزائية ،السنة الثانية ليسانس ،س .2222/2222 ،4
خصائص نظام التنقيب والتحري
-توجيه االتهام والبحث عن األدلة يكون من طرف سلطة عام ّة تمثل السلطة المركزية.
-ينتج عن هذا النظام عدم توازن الحقوق بين االتهام والدفاع.
-تغلب مصلحة المجتمع على حساب مصلحة الفرد.
-ظهور نظام األدلة القانونية (كاعتبار االعتراف سيد األدلة)
-انتشار استعمال طرق التعذيب لحمل المتهم على االعتراف.
-مرور الدعوى بعدة مراحل.
-يفصل في الدعوى قاض يتم تعيينه من طرف السلطات العامة.
-تتميز اإلجراءات بالتدوين وبالسرية ،والسرية تشمل الخصوم أنفسهم.
-ظهور فكرة الحبس قبل المحاكمة.
-ظهور فكرة الطعن في االحكام أمام المحاكم األعلى درجة.
مزايا نظام التنقيب والتحري
-يرجع له الفضل في الفصل بين الضرر العام والضرر الخاص.
-تدخل الدولة بعد ما كانت غائبة.
-تقسيم الدعوى الى مراحل االستدالل والتحقيق والمحاكمة.
-جواز الطعن في األحكام القضائية.
عيوب نظام التنقيب والتحري
-السرية التامة في اإلجراءات ينتج عنه خرق لحقوق الدفاع بصفة عامة.
-اعتماد نظام األدلة القانونية أدى الى استعمال التعذيب لحمل المتهمين على االعتراف.
7
د .بوقادوم –يحياوي صليحة ،قانون اإلجراءات الجزائية ،السنة الثانية ليسانس ،س .2222/2222 ،4
في مرحلة التحقيق االبتدائي وبمميزات النظام االتهامي في مرحلة المحاكمة ،وأخذت الدول
اإلفريقية المستعمرة من طرف فرنسا بهذا النظام بعد استقاللها.
النظام اإلجرائي المختلط هو عبارة عن مزيج من النظامين السابقين أي النظام التهامي ونظام
التنقيب والتحري ،يتميز بتبنيه للجوانب اإليجابية وتركه للجوانب السلبية المنتقدة في كال
فإن هذا النظام قد حاول الموازنة بين حق الدولة في حماية المجتمع وحق
النظامين .وبالتالي ّ
الفرد في محاكمة عادلة تضمن فيها حقوقه ،ومنح للقاضي الحرية في االقتناع بناء على األدلة
المقدمة أمامه دون التقيد بأدلة محددة مسبقا.
أخذ المشرع الجزائري بالنظام المختلط والذي يميل أكثر لنظام التنقيب والتحري وهذا األمر
غير غريب مادام أن المصدر التاريخي للتشريع الوطني هو القانون الفرنسي والذي بدوره ينتمي
لألنظمة الالتينية الجرمانية .وقد اعتمد المشرع باألساس على قواعد نظام التنقيب والتحري
بالنسبة لمرحلة التحقيق وعلى قواعد النظام االتهامي بالنسبة لمرحلة المحاكمة.
8
د .بوقادوم –يحياوي صليحة ،قانون اإلجراءات الجزائية ،السنة الثانية ليسانس ،س .2222/2222 ،4