You are on page 1of 38

‫مقدمــــــة‪:‬‬

‫يعتبر ارتكاب الجريمة مساسا وانتهاكا لمجموع القيم التي يتولى القانون الجنائي‬
‫حمايتها‪ .‬بحيث تعد الجريمة أحد مظاهر رفض االنصياع ألوامر القانون الجنائي وما يجب أن‬
‫يكون عليه سلوك االفراد‪ ،‬ألن ارتكاب الجريمة يمس بالنظام العام مما يشكل أساسا لمشروعية‬
‫توقيع العقوبات الجنائية على فعل يتم وصفه بجريمة‪ ،‬الشيء الذي يستدعي نهج مجموعة من‬
‫المساطر لحماية حقوق األفراد والمجتمع على حد سواء‪ ،‬وهذا ما سعت إليه مختلف مواد قانون‬
‫المسطرة الجنائية رقم ‪ 22.01‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 3‬أكتوبر ‪.2002‬‬
‫وجاء هذا التغيير بعد ما أبانت التجربة العملية للمسطرة الجنائية أنها لم تواكب التوجه العالمي‬
‫في مجال حقوق اإلنسان وحماية الحريات‪ ،‬كما أن تصاعد وتيرة الجريمة وظهور أشكال جديدة‬
‫من الجرائم والتي جاءت نتيجة التطور الهائل في المجال التكنولوجي وظهور جرائم الكترونية‬
‫لم يشهد العالم مثلها‪ .‬إضافة إلى االنتقادات التي تعرض لها المغرب من طرف المنظمات‬
‫الحقوقية والهيئات غير الحكومية‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بطريقة تصريف القضايا الجنائية إضافة‬
‫إلى التراكم الهائل للقضايا الجنائية في أروقة المحاكم‪ ،‬وطول مدد النظر فيها قبل إصدار الحكم‬
‫فيها‪ .‬ونتيجة لكل هذه األسباب تم المصادقة على قانون المسطرة الجنائية رقم ‪ 22.01‬والذي‬
‫تضمن عدة تعديالت وتغيرات سعيا منها لوضع ركائز صلبة لمفهوم المحاكمة العادلة‪ ،‬ومن بين‬
‫المقتضيات التي طالها التغيير والتعديل نجد المقتضيات الخاصة بمؤسسة قاضي التحقيق أو ما‬
‫يطلق عليه مصطلح تحقيق اإل عدادي‪ .‬حيث أدرك المشرع ضرورة تعديل هذه االجراءات‬
‫بكونها لم تعد تساير التوجه العالمي لحقوق اإلنسان بكونها على تماس مباشر مع حريات‬
‫األ شخاص وحقوقهم فتنظيم إجراءات التحقيق هو نوع من التنسيق بين مصلحة المجتمع في‬
‫إنزال العقاب وبين مصلحه األفراد في صيانة حقوقهم األساسية‪.‬‬

‫وبمجرد ذكرنا للتحقيق اإلعدادي فهنا ال يمكن التفكير إ ال في شخص واحد يعتبر الحجر‬
‫األ ساس والعنصر الفعال داخل هذه المرحلة وهو قاضي التحقيق "هذا الرجل الذي يملك سلطات‬
‫واسعه ويتصرف في حرية المواطنين وشرفهم يباشر مهمته ضمن شبكة القوانين السيرة التي‬
‫ينبغي عليه أ ن يستعمل علمه وخبرته‪ .‬لكن في نهاية األمر إنما هي صفاته األخالقية وضميره‬
‫وفضائله التي تكسب مهمته عظمتها الحقيقية" هذا هو الوصف الذي وصف به قاضي التحقيق‬
‫من طرف االستاذ بير دوفي المحامي العام لدى محكمة االستئناف بالرباط‪ .‬فقاضي التحقيق هو‬
‫الجهة الوحيدة التي أوكل إليها المشرع مهمة القيام بالتحقيق اإلعدادي من خالل السلطات‬
‫الواسعة التي منحت له قصد تسهيل عمله في جمع األدلة ووسائل اإلثبات والبحث عن مرتكبي‬

‫‪1‬‬
‫الجرائم واتخاذ االجراءات التي تبدو له‪ .‬وتختلف أدوار قاضي التحقيق باختالف ما يقوم به من‬
‫إجراءات‪ ،‬اذ يعتبر قاضي التحقيق ضابطا ساميا للشرطة القضائية من خالل جمع األدلة‬
‫والبحث عن مرتكبي الجريمة‪ .‬بل إن بحضوره إلى مكان الجريمة يصبح صاحب االختصاص‬
‫ويتخلى له الوكيل العام للملك ووكيل الملك وضباط الشرطة القضائية عن القضية بقوة القانون‬
‫كما يكتسب صفة قاضي تحقيق في مختلف أطوار مرحلة التحقيق اإلعدادي باعتبارها مرحلة‬
‫قضائية سابقة على مرحلة المحاكمة‪ ،‬تهدف إلى تقصي الحقائق في القضايا المعروضة أمامه‬
‫حيث يقوم قاضي التحقيق بإجراء بحث قضائي بناء على الشكاية التي تتقدم بها النيابة العامة أو‬
‫بناء على الشكاية المباشرة التي يقوم بها المطالب بالحق المدني بقصد استجالء حقيقة الوقائع من‬
‫حيث ثبوتها وتكييفها القانوني‪.‬‬

‫وتأتي هذه الدراسة كمحاولة منا الستقصاء الدور الفعال الذي يقوم به قاضي تحقيق في‬
‫البحث وتقصي الحقائق‪ ،‬حيث يكتسي هذا الموضوع أهمية قصوى سواء فيما يتعلق باحترام‬
‫ضمانات المحاكمة العادلة‪ ،‬وحقوق الدفاع‪ ،‬بحيث يتيح لقاضي التحقيق بدء عملية البحث وجمع‬
‫األدلة بغض النظر عن المعاينات والمحاضر التي أقيمت في مرحلة البحث التمهيدي من طرف‬
‫ضباط الشرطة القضائية‪ .‬وهللا وحده يعلم بأي قصد وبأي نية دونت تلك المحاضر‪ .‬وقد منح‬
‫المشرع هذه المهمة العسيرة لقاضي التحقيق لما يتوفر عليه من قدرات علمية في مجال القانون‬
‫باعتباره قبل كل شيء قاضي حكم وتجربته الميدانية التي تمتاز بالتصادم اليومي مع مختلف‬
‫الجرائم والمجرمين ما يكسبه حس التنقيب والبحث‪ ،‬وقد منح المشرع بالموازاة مع المهمة‬
‫العسيرة الملقاة على عاتق قاضي التحقيق سلطات واسعة في التصرف في حريات الناس‬
‫وحقوقهم قصد الوصول إلى الحقيقة كما تتجلى أهمية الموضوع في الدور الكبير الذي يلعبه‬
‫قاضي التحقيق في التأثير على مرحلة المحاكمة فكلما كانت اجراءات التحقيق تتميز بالنزاهة‬
‫والشفافية وتنجز وفق ما سطره له القانون كان ذلك في مصلحة المحاكمة العادلة‪.‬‬

‫ليبقى اإلشكال المطروح أال وهو إلى أي حد كان قانون المسطرة الجنائية موفقا عند‬
‫تنظيمه لمؤسسة قاضي التحقيق‪ ،‬بالشكل الذي يتالءم دوره في مكافحة الجريمة وتحقيق‬
‫التوازن بين حق المتهم في التمتع بضمانات المحاكمة العادلة‪ ،‬وبين دور قضاء التحقيق في‬
‫سير اإلجراءات الزجرية؟‬

‫في صلب هذه اإلشكالية المحورية‪ ،‬يبرز لنا على سطح هذا البحث مجموعة من‬
‫التساؤالت الفرعية من قبيل‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ‬أين تتجلى مجاالت عمل قاضي التحقيق من حيث اإلجراءات والسلطات المخولة له؟‬
‫‪ ‬وما هي الجهات التي يمكنها الطعن في قرارات قاضي التحقيق؟‬
‫‪ ‬ما هي الجهة القضائية المكلفة بالرقابة على أعمال قاضي التحقيق؟‬

‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬وفي حدود اإلشكالية المطروحة‪ ،‬ارتأينا تقسيم البحث منهجيا‪،‬‬
‫ولإلجابة عنها موضوعيا‪ ،‬على امتداد صفحات هذا البحث العلمي إلى مبحثين رئيسيين‪:‬‬

‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬مؤسسة قاضي التحقيق‬


‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬أوامر قاضي التحقيق و الرقابة المفروضة عليه‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مؤسسة قاضي التحقيق‬

‫التحقيق هو مرحلة من أهم المراحل التي تعرفها القضية خالل اإلجراءات المسطرية‪،‬‬
‫من أجل تحليل الغموض الوارد في النازلة‪ ،‬وعرضها جاهزة‪ ،‬والغرض منه هو البحث عن‬
‫شخصية الظنين من خالل البحث االجتماعي‪ ،‬ومعرفة األسباب الكامنة وراء ارتكابها للجريمة‬
‫ومسبباتها‪ ،‬وإجراء الخبرة… ‪ ،‬وغيرها من اإلجراءات المتعددة التي وضعها المشرع كباقي‬
‫الدول المتقدمة بين يدي قاضي التحقيق لتسهيل مأموريته‪.‬‬

‫وبما أن التحقيق اإلعدادي هو جزء من القواعد التي يتضمنها قانون المسطرة الجنائية‪،‬‬
‫خاصة وأنه ينظم مرحلة من مراحل الدعوى العمومية‪ ،‬لها تأثير على البحث الذي تقوم به‬
‫الشرطة القضائية وقبل المرحلة النهائية للدعوى التي تعرض فيها القضية على المحكمة‪ ،‬فإن‬
‫المشرع قد تدخل لتنظيم مسطرة التحقيق اإلعدادي من خالل إقرار قواعد أساسية‪ ،‬ورسم‬
‫منهجية يجب على القائمين احترامها وااللتزام بها‪.‬‬

‫ولذلك سنشرع في الحديث الجهة المكلفة بالتحقيق ومسطرة تعيينه‪ ،‬وكذا اختصاصاته‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬ثم الحديث عن مجال التحقيق اإلعدادي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعيين قاضي التحقيق واختصاصاته‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعيين قاضي التحقيق وخصائصه‬

‫يستوجب للحديث عن مؤسسة قاضي التحقيق في المغرب‪ ،‬ضرورة بيان مفهوم قاضي‬
‫التحقيق‪ ،‬ومن ثم بيان مسطرة تعيينه‪.‬‬

‫أوال‪ -‬مفهوم قاضي التحقيق‬

‫قاضي التحقيق هو عضو في الهيئة القضائية‪ ،‬ينتمي إلى سلك القضاء‪ ،‬وهو المكلف‬
‫أساسا بإجراء التحقيق وفقا للمادة ‪ 52‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،1‬وهو يملك سلطات‬
‫وصالحيات واسعة ويباشر مهامه من خالل مجموعة من النصوص القانونية إضافة إلى‬
‫اخالقياته المهنية وضميره‪ ،‬فإن كان هو الجهة التي أوكل إليها القانون القيام بالتحقيق اإلعدادي‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 52‬من ق م ج على أنه‪" :‬يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم االبتدائية من بين قضاة الحكم فيها لمدة ثالث‬
‫سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل‪ ،‬بناء على اقتراح من رئيس المحكمة االبتدائية‪.‬‬
‫يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في محاكم االستئناف من بين مستشاريها لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل‪ ،‬بناء على‬
‫اقتراح من الرئيس األول لمحكمة االستئناف‪".......‬‬

‫‪4‬‬
‫من خالل جمع األدلة عن الجرائم واتخاذ القرارات على ضوئها‪ ،‬فإن المهام المتعددة التي‬
‫أسندها إليه جعلته صاحب أدوار مختلفة ومتداخلة‪.1‬‬

‫فهو ضابط سام للشرطة القضائية‪ ،‬حيث يمارس الصالحيات الموكولة إلى ضباط‬
‫الشرطة القضائية‪ ،‬كما له أن يأمر هؤالء بمتابعة األبحاث والتحريات‪ ،‬وهو ما نصت عليه‬
‫المادة ‪ 75‬من قانون المسطرة الجنائية‪.2‬‬

‫وهو من جهة االتهام‪ ،‬من حيث مهامه الشبيهة بمهام النيابة العامة‪ ،‬كإصدار األوامر‬
‫الماسة بالحرية وبالحق في التنقل‪ ،‬واالعتقال االحتياطي‪...‬‬

‫وهو جهة قضائية‪ ،‬من حيث إصدار القرارات وإجبارية تعليل بعضها‪ ،‬ومن حيث قابلية‬
‫هذه القرارات للطعن‪ .‬وكذلك من حيث قوة اإلثبات التي أعطاها القانون لالعتراف الذي يتم‬
‫أمامه وللتصريحات التي يفضي بها الشهود إليه‪.3‬‬

‫ثانيا‪ -‬مسطرة تعيين قاضي التحقيق‬

‫كان الفصل ‪ 6‬من القانون المتعلق باإلجراءات االنتقالية‪ 4‬قد حصر القضاة المكلفين‬
‫بالتحقيق في محاكم االستئناف فقط‪ .‬إال أنه بصدور التعديل الذي لحق قانون المسطرة الجنائية‪،5‬‬
‫أخد المشرع المغربي بازدواجية التحقيق اإلعدادي في الجنايات والجنح‪ ،‬أي بمحاكم االستئناف‬
‫والمحاكم االبتدائية‪.6‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 52‬من قانون المسطرة الجنائية أنه‪" :‬يعين القضاة المكلفون‬
‫بالتحقيق في المحاكم االبتدائية من بين قضاة الحكم فيها لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد بقرار‬
‫لوزير العدل‪ ،‬بناء على اقتراح من رئيس المحكمة االبتدائية‪.‬‬

‫يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في محاكم االستئناف من بين مستشاريها لمدة ثالث‬
‫سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل‪ ،‬بناء على اقتراح من الرئيس األول لمحكمة‬
‫االستئناف‪"...‬‬

‫‪ -1‬سمير الستاوي‪ ،‬ومحمد مسعودي‪ ،‬سلطات قاضي التحقيق ‪-‬دراسة ميدانية على ضوء العمل القضائي‪ -‬ص ‪.25‬‬
‫‪ - 2‬جاء في منطوق المادة ‪ 75‬من ق م ج ما يلي‪ ..... " :‬يقوم قاضي التحقيق في هذه الحالة بجميع أعمال ضباط الشرطة القضائية‬
‫المنصوص عليها في هذا الباب‪ .‬وله أن يأمر أيا من ضباط الشرطة القضائية بمتابعة العمليات‪".‬‬
‫‪ -3‬األستاذ محمد بوزبع‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء األول الدعوى العمومية السلطات المختصة بالتحري عن الجرائم‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬فبراير ‪ ،2005‬ص ‪.217‬‬
‫‪ - 4‬من الظهير بمثابة قانون رقم ‪ 1/74/448‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 1394‬موافق ل ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫‪ - 5‬تعديل فاتح أكتوبر ‪.2003‬‬
‫‪ -6‬أحمد قيلش‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرطة القضائية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2013‬ص‪.14‬‬

‫‪5‬‬
‫يتبين من المادة أعاله أن التحقيق يقوم به قاض من قضاة الحكم بمحكمة االستئناف أو‬
‫المحكمة االبتدائية‪ ،‬وحدد المشرع مسطرة تعيينه وكيفية إعفائه‪.‬‬

‫ويتم تعيين قضاة التحقيق سواء بمحاكم االستئناف أو المحاكم االبتدائية بقرار لوزير‬
‫العدل لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد‪ ،‬ويتم إعفائهم بنفس الطريقة‪ ،‬وذلك بناء على اقتراح من‬
‫طرف الرئيس األول بالنسبة لمحاكم االستئناف‪ ،‬ورئيس المحكمة االبتدائية بالنسبة لمحاكم‬
‫الدرجة األولى‪.1‬‬

‫كما أنه يجوز لوزير العدل أن يتولى تعيين قاضي التحقيق بصفة مؤقتة عن طريق ما‬
‫يسمى بمسطرة االنتداب‪ ،‬وتقتضي هذه المسطرة أن يعين وزير العدل قاضي التحقيق لمدة ال‬
‫تتعدى ثالثة أشهر‪ ،‬يمكن تمديدها لفترة مماثلة‪.2‬‬

‫ثالتا‪ -‬خصائص قاضي التحقيق‪:‬‬

‫من خصائص قاضي التحقيق أنه‪:‬‬

‫‪ -‬ينتمي إلى قضاة الحكم دون قضاة النيابة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬أنه ضابط سام للشرطة القضائية‪.‬‬

‫‪ -‬أنه جهة قضائية‪ ،‬من حيث إصدارها مجموعة من القرارات وإجبارية تعليل بعضها ومن‬
‫حيث قابلية هذه القرارات للطعن‪.3‬‬

‫‪ -‬أنه خالل ممارسته لمهامه يبقى مستقال عن أي جهة فيما يصدر عنه من إجراءات وقرارات‪،‬‬
‫و ال يمنك له أن يستجيب إال لصوت القانون والضمير‪.4‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات قاضي التحقيق‬

‫يمكن الحديث عن اختصاصات قاضي التحقيق في نقطتين أساسيتين‪:‬‬

‫‪ -1‬أحمد قيلش‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرح العملي للمسطرة الجنائية‪ ،‬اإلجراءات العملية للتحقيق اإلعدادي‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫ص ‪.11 -10‬‬
‫‪ -2‬سفيان بوهالي‪ ،‬مؤسسة قاضي التحقيق في النظام القضائي المغربي‪ ،‬موقع ‪ https://www.coursdroit.com‬تاريخ االطالع‬
‫‪ 2022-06-07‬على الساعة ‪14:00‬‬
‫‪ -3‬أحمد قيلش‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرح العملي للمسطرة الجنائية‪ ،‬اإلجراءات العملية للتحقيق اإلعدادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -4‬صفاء العاللي‪ ،‬مؤسسة قاضي التحقيق بين اإلطار القانون ي والواقع العملي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪،‬‬
‫كلية طنجة‪ ،‬سنة ‪ ،2016 -2015‬ص ‪.33‬‬

‫‪6‬‬
‫أوال‪ -‬االختصاص النوعي‪:‬‬

‫‪ -1‬في مجال البحث التمهيدي‪:‬‬

‫يعد قاضي التحقيق بنص المادة ‪ 19‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ضابطا ساميا للشرطة‬
‫القضائية وبالتالي يحق له ممارسة جميع أعمال الشرطة القضائية‪ ،‬بل منحته المادة ‪ 75‬من نفس‬
‫القانون حق األولوية واالستئثار بالبحث في حالة التلبس بالجريمة‪ ،‬فحضوره بمكان الجريمة‬
‫يجعل الوكيل العام للملك أو وكيل الملك وضباط الشرطة القضائية يتخلون له بقوة القانون عن‬
‫القضية‪ ،‬فيقوم بجميع أعمال الشرطة القضائية‪ ،‬وله الحق في أن يأمر أيا من ضباط الشرطة‬
‫القضائية بمتابعة العمليات‪ ،‬وبمجرد انتهاؤها يرسل جميع الوثائق وما توصل إليه إلى الوكيل‬
‫العام للملك أو وكيل الملك حسب األحوال ليتخذ بشأنها ما يراه مناسبا‪.‬‬

‫غ ير أن هذه الميزة الممنوحة لقاضي التحقيق نجد أنها ال يتم تفعيلها‪ ،‬نظرا لألعباء التي‬
‫يضطلع بها قاضي التحقيق ونظرا كذلك إلى أن حالة التلبس ال تبلغ إلى علمه إال بمحض‬
‫الصدفة ما دام أن أغلب عمل قاضي التحقيق يتم بمكتبه داخل المحكمة‪.1‬‬

‫‪ -2‬في مجال التحقيق اإلعدادي‪:‬‬

‫في مجال التحقيق اإلعدادي فإن قاضي التحقيق ال يجوز له البدء في التحقيق اإلعدادي‬
‫تلقائيا كما هو الحال في البحث التمهيدي في حالة التلبس‪ .‬كما نصت المادة ‪ 54‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية‪ :‬على أنه ال يمكن لقاضي التحقيق إجراء تحقيق إال بناء على ملتمس محال‬
‫إليه من ال نيابة العامة‪ ،‬أو بناء على شكاية مرفقة بتنصيب المشتكي طرفا مدنيا‪ .‬وهو ما تؤكد‬
‫عليه المادة ‪ 84‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ، 2‬ومن خالل ما سبق نجد أن المشرع حصر‬
‫الجهات التي لها حق المطالبة بإجراء التحقيق من خالل النيابة العامة أو الطرف المتضرر في‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬االختصاص المكاني‪:‬‬

‫يتحدد االختصاص المكاني أو المحلي بالنسبة للدائرة القضائية المخصصة لكل محكمة‬
‫ولذلك فاالختصاص هنا يختلف بحسب نوع الجريمة و درجة المحكمة‪ .‬وبالرجوع إلى المادة ‪55‬‬
‫من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬نجد أنها تنص على أن قاضي التحقيق يختص مكانيا طبقا للمادة‬

‫‪ -1‬صفاء العاللي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪ -2‬تنص المادة ‪ 84‬من ق م ج على أنه‪ " :‬يجري التحقيق بناء على ملتمس من النيابة العامة‪ ،‬ولو كان قاضي التحقيق يقوم بالمهام‬
‫ال مخولة إليه في حالة التلبس‪".........‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ 44‬من نفس القانون‪ ،‬وهو ما يعني أن قاضي التحقيق يختص بمباشرة إجراءات التحقيق‬
‫اإلعدادي في الجرائم الواقعة بدائرة نفوده‪ ،‬ويمتد اختصاصه حتى إلى الجرائم التي تقع خارج‬
‫دائرة نفوذه إذا كان أحد األشخاص المشتبه في مشاركته في ارتكابها يقطن في دائرة نفوذه‪ ،‬أو‬
‫ألقي عليه القبض فيها ولو ثم هذا القبض لسبب آخر‪.1‬‬

‫كما أعطى القانون لقاضي التحقيق الحق في االنتقال خارج نفوذ محكمته إذا استلزمت‬
‫ذلك إجراءات التحقيق بعد إشعا ر النيابة العامة بالمحكمة التي يعمل بها والنيابة العامة لدى‬
‫المحكمة التي سينتقل إلى دائرة نفوذها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سلطات قاضي التحقيق ومجال التحقيق اإلعدادي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مجال التحقيق اإلعدادي‬

‫يتحدد مجال التحقيق اإلعدادي من خالل صنف الجرائم التي تخضع للتحقيق‪ ،‬مع‬
‫التمييز بين الجنايات والجنح والتي تخضع للتحقيق وجوبا‪ ،‬وبين التي يطالها التحقيق اختياريا‬
‫ضمن حدود وشروط تمليها أحيانا ظروف ومالبسات بعض القضايا‪.‬‬

‫أوال‪ -‬التحقيق اإلجباري‪:‬‬

‫حدد المشرع طبيعة الجرائم التي يكون فيها التحقيق إلزاميا من الجنايات والجنح‬
‫المتمثلة في األنواع التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الجنايات المعاقب عليها باإلعدام؛‬


‫‪ ‬الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤبد؛‬
‫‪ ‬الجنايات التي يصل الحد األقصى للعقوبة المقررة لها ‪ 30‬سنة؛‬
‫‪ ‬الجنايات المرتكبة من طرف األحداث؛‬
‫‪ ‬الجنح بنص خاص‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لحوادث السير المميتة؛‬

‫‪ -1‬التحقيق اإلجباري في الجنايات‪:‬‬

‫ميز قانون المسطرة الجنائية بخصوص األفعال الجرمية التي تخضع للتحقيق بين‬
‫نوعين من الجرائم‪:‬‬

‫‪ -1‬صفاء العاللي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬نوع جعل فيه التحقيق إجباريا؛‬

‫‪ -‬نوع ثاني اعتبر فيه التحقيق اختياريا؛‬

‫فبالنسبة للنوع األول قد حددت المادة ‪ 83‬من قانون المسطرة الجنائية األفعال التي‬
‫يكون فيها األفعال التي يكون فيها التحقيق إجباريا‪.1‬‬

‫فهذه األنواع من الجنايات يجري التحقيق بشأنها بشكل إجباري‪ ،‬بمعنى أن الوكالء‬
‫العامين بمحاكم االستئناف ال يجدون بُدا من إحالة القضايا المعروضة عليهم من طرف الشرطة‬
‫القضائية والتي تدخل في زمرة جرائم الجنايات أعاله‪ ،‬على قضاة التحقيق المعينين بمحاكم التي‬
‫يمارسون بها‪.2‬‬

‫فقد جاء في قرار المجلس األعلى ( محكمة النقض بعد التعديل)‪" :‬التحقيق إلزامي في‬
‫الج نايات المعاقب عليها باإلعدام والسجن المؤبد وهو إجراء جوهري يؤدي عدم إنجازه على‬
‫‪3‬‬
‫الوجه األكمل إلى بطالن جميع اإلجراءات المتخذة بما فيها القرار الذي أدان المتهم‪".‬‬

‫‪ -2‬التحقيق اإلجباري في الجنح‪:‬‬

‫المالحظ أن المشرع المغربي بمقتضى قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬قد أخد بازدواجية‬
‫التحقيق في الجنايات والجنح بإحداثه قضاة التحقيق بالمحاكم االبتدائية‪ ،‬وعاهد إليه التحقيق في‬
‫الجنح التي قد يكون فيها التحقيق إجباريا أو اختياريا‪ ،‬وازداد تكريس هذا التوجه مع دخول‬
‫مدونة السير الجديدة حيز التنفيذ‪ ،4‬ويكون التحقيق اجباريا في نوعين من الجنح‪:‬‬

‫‪ ‬في بعض الجنح بنص خاص في القانون؛‬


‫‪ ‬في الجنح المتعلقة بالقتل الخطأ في حوادث السير المميتة؛‬

‫واجبارية التحق يق في الجنح تمنع على وكالء الملك بالمحاكم االبتدائية تكييف األفعال‬
‫المعروضة عليهم وإجراء المتابعة دون اإلحالة على التحقيق اإلعدادي تحت طائلة بطالن‬
‫اإلجراءات المتخذة‪.5‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 83‬من ق م ج‪.‬‬


‫‪ -2‬أحمد قيلش‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرح العملي للمسطرة الجنائية‪ ،‬اإلجراءات العملية للتحقيق اإلعدادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -3‬قرار عدد ‪ 357‬بتاريخ ‪ 26‬يناير ‪ ،1978‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ ،25‬ص ‪.209‬‬
‫‪ -4‬القانون رقم ‪ 52-05‬المتعلق بمدونة السير على الطرق الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 1.10.07‬بتاريخ ‪ 26‬صفر ‪11( 1431‬‬
‫فبراير ‪ )2010‬م‪.‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5824‬بتاريخ ‪ 08‬ربيع اآلخر ‪ 25( 1431‬مارس ‪ )2010‬ص ‪.2168‬‬
‫‪ -5‬أحمد قيلش‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرح العملي لل مسطرة الجنائية‪ ،‬اإلجراءات العملية للتحقيق اإلعدادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪9‬‬
‫ثانيا‪ -‬التحقيق االختياري‪:‬‬

‫على غرار التحقيق اإلجباري يكون التحقيق اختياريا في بعض الجنايات والجنح‪ ،‬ولعل‬
‫ذلك يرمي من ورائه المشرع إلى توسيع دائرة التحقيق اإلعدادي بغية تعميق البحوث وتمحيص‬
‫األدلة والحجج‪ ،‬وتكييف األفعال اإلجرامية وفق مسطرة قانونية تكرس حقوق الدفاع وتضمن‬
‫شروط المحاكمة العادلة‪.‬‬

‫‪ -1‬التحقيق االختياري في الجنايات‪:‬‬

‫بمفهوم المخالفة للجرائم الواردة في المادة ‪ 83‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،1‬التي‬
‫حددت ط بيعة الجنايات التي يعتبر التحقيق إلزاميا بخصوصها‪ ،‬علما أن المشرع المغربي في‬
‫المادة المذكورة لم يرتب أي آثار قانوني في حالة عدم إحالة القضية على غرفة التحقيق‪ ،‬فإن‬
‫هناك نوع من الجنايات التي ال تخضع إلجبارية التحقيق اإلعدادي‪ ،‬ألن المشرع ترك الباب‬
‫مفتوحا إلمكانية إجرائه بخصوص هذا النوع من القضايا‪.‬‬

‫وبالتالي فإن الجنايات التي تخضع للتحقيق اإلعدادي بشكل اختياري تتمثل في الجرائم‬
‫غير المعاقب عليها بإحدى العقوبات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬عقوبة اإلعدام؛‬
‫‪ ‬عقوبة السجن المؤبد؛‬
‫‪ ‬العقوبة السجنية النافذة التي يصل الحد األقصى المقرر لها ‪ 30‬سنة؛‬

‫وتتخذ النيابات العامة لذى محاكم االستئناف قرار اإلحالة على غرفة التحقيق اختياريا‬
‫في هذا النوع من الجنايات بغية تعميق البحث في بعض الجوانب التي لم يطلها البحث التمهيدي‪،‬‬
‫أو بقيت ملتبسة بهدف كشفها واستكمال البحث بشأنها قبل إحالتها على غرفة الجنايات‬
‫االبتدائية‪.2‬‬

‫‪ -2‬التحقيق االختياري في الجنح‪:‬‬

‫إذا كان المشرع قد وسع من دائرة األفعال الخاضعة للتحقيق اإلعدادي‪ ،‬بشموله‬
‫الجنايات والجنح على حد سواء‪ ،‬فإنه على ما يبدو ظل متحفظا بخصوص هذا النوع من‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 83‬ق م ج على أنه‪ ........." :‬يكون اختياريا فيما عدا ذلك من الجنايات وفي الجنح المرتكبة من طرف األحداث‪ ،‬وفي‬
‫الجنح التي يكن الحد األقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات أو أكثر‪".‬‬
‫‪ -2‬أحمد قيلش وأخرون‪ ،‬الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،2018‬ص ‪.138‬‬

‫‪10‬‬
‫الجرائم ‪ ،‬بحيث ال يتم إجراء التحقيق اإلعدادي بشكل إجباري في الجنح إال بنص خاص وضمن‬
‫حدود ضيقة جدا‪ ،‬ال سيما وأنه لم يعدد الجنح التي تقبل التحقيق اإلجباري‪.1‬‬

‫وبالتالي فإن التحقيق في الجنح غالبا ما يكون اختياريا‪ ،‬اللهم الجنح المترتبة عن حوادث‬
‫السير المميتة‪.‬‬

‫والتحقيق اال ختياري في الجنح ال يسع كل أنوع الجرائم الجنحية‪ ،‬حيث ينصب على‬
‫الجنح التأديبية بدل الضبطية‪.‬‬

‫ويبدو أن المشرع أخذ بعين االعتبار إجراء التحقيق اإلعدادي في الجنح تبعا لخطورتها‪،‬‬
‫باقتصاره على الجنح التأديبية التي يصل الحد األقصى لعقوبتها إلى خمس سنوات‪ ،‬بدل الجنح‬
‫الضبطية التي ال تتعدى عقوباتها الحبسية سنتين كحد أقصى‪.2‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬سلطات قاضي التحقيق‬

‫إن مهمة التحقيق الموكلة لقاضي التحقيق ليست من بالمهمة السهلة بكونها عامل جد مؤثر في‬
‫مرحلة المحاكمة فإن أي تواطئ لقاضي التحقيق في مهمته قد يؤدي إلى إدانة شخص بريء أو‬
‫اإلفراج عن المجرم وانفالته من العقاب إال أن هذه األخير قد ال تمس بمبدأ المحاكمة العادلة بقدر‬
‫ما تمس به إدانة شخص بريء فما يضير العدالة ليس االنفالت من العقاب وإنما ما يضير العدالة‬
‫هو ظلم شخص ما‪ 3‬لذلك نجد المشرع المغربي أعطى لقاضي التحقيق عدة سلطات لتيسير‬
‫وتسهيل مهامه في مرحلة التحقيق‪.‬‬

‫أوال‪ -‬االستنطاق بنوعيه االبتدائي والتفصيلي‪:‬‬

‫يقصد باالستنطاق ذلك االستفسار الذي يجريه قاضي التحقيق مع المتهم عن وقائع الجريمة‬
‫والظروف والمالبسات المحيطة به من خالل طرح أسئلة عليه وتلقي أجوبة عليها والتي قد‬
‫يستنتج منها قاضي التحقيق رجحان إسناد التهمة إلى المتهم فيحال على هيئة الحكم بقرار اإلحالة‬
‫أو إبعادها عنه ليصدر األمر بعدم المتابعة‬

‫وانسجاما مع ذلك نجد المشرع حدد لالستنطاق مكانة مهمة في مرحلة التحقيق اإلعدادي ونجد‬
‫نوعين من االستنطاق‪ ،‬االستنطاق االبتدائي واالستنطاق التفصيلي‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد قيلش وأخرون‪ ،‬الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،2018‬ص ‪.138‬‬
‫‪ -2‬أحمد قيلش‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرح العملي للمسطرة الجنائية‪ ،‬اإلجراءات العملية للتحقيق اإلعدادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ - 3‬كلمة المحامي عبد اللطيف وهبي‪ .‬خالل االجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق االنسان بتاريخ‪.2020/09/29‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -1‬االستنطاق االبتدائي‪.‬‬

‫تنص المادة‪ 134‬من قانون المسطرة الجنائية على أنه يطلب قاضي التحقيق من المتهم بمجرد‬
‫مثوله األول أمامه بيان اسمه العائلي والشخصي ونسبه وتاريخ ومكان والدته وحالته العائلية‬
‫ومهنته ومكان إقامته وسوابقه القضائية وله عند االقتضاء إن يأمر بكل التحريات لتحقق من هوية‬
‫المتهم بما في ذلك عرضه على مصلحة التشخيص القضائي أو إخضاعه للفحص الطبي‪ . 1‬من‬
‫هنا يتضح أن االستنطاق االبتدائي ينطلق في أول لحظه يعرض أو يمثل فيها المتهم أمام قاضي‬
‫التحقيق إما بناء على ملتمس النيابة العامة بإجراء تحقيق أو بناء على الشكاية مباشرة‪.2‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 134‬من القانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ - 2‬عبد الواحد العلمي "شرح قانون المسطرة الجنائية" الجزء الثاني ص ‪.25‬‬

‫‪12‬‬
‫نموذج لالستنطاق االبتدائي‬

‫‪13‬‬
‫‪ -2‬االستنطاق التفصيلي‪.‬‬
‫هذه المرحلة تأتي بعد االستنطاق االبتدائي حيث يتم تعميق البحث والتدقيق في األدلة‬
‫بحيث يروم االستنطاق التفصيلي إلى التدقيق في كافة األفعال المنسوبة إلى المتهم وتمحيص‬
‫األدلة واالهتمام بالتفاصيل الدقيقة والتي قد يغفلها قاضي تحقيق في مرحلة االستنطاق االبتدائي‬
‫والتي من شأنها استجالء الحقيقة وقد تكفلت المادة ‪ 139‬والمادة ‪ 140‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫على تنظيم مرحلة االستنطاق التفصيلي بمجموع من األحكام‪.1‬‬

‫وبمجرد االنتهاء من االستنطاق التفصيلي تعين على قاضي التحقيق أن يدعو المتهم لقراءة‬
‫تصريحاته وأن يوقع على كل صفحة من المحضر فإن كان ال يحسن القراءة تلي عليه كاتب‬
‫الضبط نص تصريحاته ويضع المتهم بصمته على كل صفحة من صفحات المحضر فإن رفض‬
‫ذلك أشير إلى الرفض في المحضر ويوقع على كل صفحة منه قاضي التحقيق وكاتب الضبط‪.2‬‬

‫نموذج لالستنطاق التفصيلي‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 139‬و ‪ 140‬من القانون المسطرة الجنائية‬


‫‪ - 2‬أنظر محمد أحداف" شرح قانون المسطرة الجنائية" مرجع سابق ص ‪ 223‬وما بعدها‬

‫‪14‬‬
15
‫ثانيا‪ -‬سلطة االستماع إلى الشهود‪:‬‬

‫تعتبر شهادة الشهود إحدى وسائل اإلثبات المنصوص عليها في الميدان الجنائي نظرا‬
‫لكونها ترتكز على وقائع مادية يصعب إثباتها بغير شهادة الشهود ونظم المشرع المقتضيات‬
‫الخاصة بشهادة الشهود في الباب السادس من قانون المسطرة الجنائية وتحديدا من المادة ‪117‬‬
‫إلى المادة ‪ 133‬فقاضي التحقيق يستدعي من يرى فائدة في االستماع إليه ويوجه هذا االستدعاء‬
‫إما عن طريق المفوضين القضائيين أو بالطريقة االدارية أو برسالة مضمونة مع إشعار‬
‫بالتواصل أو حتى بالقوة العمومية فضال عن إمكانية حضورهم أمامه تلقائيا‪.1‬‬

‫ويقوم قاضي ال تحقيق باالستفسار عن الهوية الكاملة للشاهد طبقا للمادة ‪ 122‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية وحول درجة القرابة أو المصاهرة أو التبعية مع إثبات ذلك في محضر وإشعاره‬
‫بالمقتضيات التي تعاقب على شهادة الزور‪ .‬ويتم االستماع إلى الشهود كل على حدى ويتم تدوين‬
‫نص الشهادة من طرف كاتب الضبط في محضر يخص كل شاهد وعند انتهاء الشهادة يقوم كل‬
‫شاهد بالتوقيع على تصريحاته بعد االطالع عليها‪ .‬وقد أباها القانون إجراء مواجهة بين الشهود أو‬
‫بينهم وبين المتهم بحضور الدفاع ما لم يتنازلوا عن حضوره‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظ ر " شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد" الحبيب بيهي الجزء األول منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية الطبعة‬
‫األولى ‪2004‬‬

‫‪16‬‬
‫نموذج محضر سماع شاهد‬

‫‪17‬‬
‫ثالثا‪ -‬االنتقال والتفتيش والحجز‪:‬‬

‫‪ -1‬االنتقال‬
‫نظم المشرع اإلجراءات المتعلقة باالنتقال والتفتيش والحجز في الباب الرابع من القسم الثالث‬
‫المتعلق بالتحقيق اإلعدادي‪ .‬وهي إجراءات تخضع لتقدير قاضي التحقيق الذي بوسعه القيام‬
‫بكامل التحريات التي يراها مناسبة ومساعدة للكشف عن الحقيقة فهو يقدر تبعا لسلطته التقديرية‬
‫جدوى وإمكانية اللجوء إلى أحد هذه االجراءات متى كانت متوفرة وحاسمة في سبيل تبيان‬
‫الحقيقة‪ ،‬وفك رموز الجريمة‪ ،‬فاالنتقال يقتضي تنقل قاضي التحقيق رفقة كاتب الضبط إلى أي‬
‫مكان إلجراء معاينته المفيدة قصد الوصول إلى الحقيقة فإذا قرر قاضي تحقيق االنتقال وجب‬
‫عليه التقيد باإلجراءات المنصوص عليها في المادة ‪ 100‬من قانون المسطرة الجنائية‪.1‬‬

‫‪ -2‬إجراءات التفتيش والحجز‪:‬‬

‫غالبا ما يترتب عن االنتقال إجراء عملية المعاينة والتفتيش والحجز وكلهم وسائل منحها المشرع‬
‫لقاضي تحقيق في سبيل البحث عن الحقيقة ونظر لتعلق هذه االجراءات بحرمان المتهم من حقوقه‬
‫وحريته فقد أحاطها المشرع بمجموعة من القواعد واألحكام المنصوص عليها في المادة ‪ 101‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪.2‬‬

‫وتتم إجراءات االنتقال والتفتيش والحجز على االشياء التي يرى قاضي تحقيق فائدة في إظهار‬
‫قام بإجراءات‬ ‫الحقيقة أو يعتبر بقاءها دون حجز فيه ضرر على سير عملية التحقيق وسواء‬
‫الحجز قاضي التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المنتدب من طرفه فإنه يجب التقيد‬
‫بالمقتضيات المنصوص عليها في المادة ‪ 105‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫كما يجوز لقاضي التحقيق أن يرد االشياء المحجوزة بناء على مقتضيات المادة ‪ 106‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية وفي كل األحوال يبقى قاضي التحقيق مختصا في رد االشياء المحجوزة ولو‬
‫بعد صدور قرار بعدم المتابعة وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 107‬من قانون المسطرة الجنائية‪.3‬‬

‫رابعا‪ -‬سلطات يمارسها قاضي التحقيق عبر مساعديه‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد الكريم الطالب (شرح المسطرة الجنائية) المادة ‪ 99‬و ‪ 100‬طبعة ‪ 2004‬الرباط‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد الكريم الطالب (شرح المسطرة الجنائية) المادة ‪ 101‬طبعة ‪ 2004‬الرباط‪.‬‬
‫‪ - 3‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء الثاني الدكتور ‪-‬عبد الواحد العلمي‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -1‬اإلنابة القضائية‬

‫لقد منح قانون المسطرة الجنائية لقاضي التحقيق حق إنابة غيره سواء قاضي تحقيق آخر أو‬
‫من قضاة الحكم أو حتى من ضباط الشرطة القضائية وفقا لشروط المبينة في المواد من ‪ 189‬إلى‬
‫‪ 193‬من قانون المسطرة الجنائية‪ .‬واإلنابة القضائية هي األمر الذي يصدره قاضي التحقيق وينقل‬
‫بموجبه إلى قاضي أخر أو إلى ضابط شرطة قضائية صالحية مباشرة إجراءات التحقيق بدله‬
‫لكن سلطاته و صالحياته تبقى في حدود اإلنابة وال يمكن تجاوزها ويكون كل إجراء يتم خارج ما‬
‫تم تحديده في اإلنابة باطال لصدوره من شخص غير مؤهل قانونا إلنجازه‪. 1‬‬

‫ويبقى انتداب قاضي التحقيق لضباط الشرطة أو ألحد القضاة تدبيرا استثنائيا إذ أن األصل هو أن‬
‫قاضي التح قيق هو الذي يقوم بجميع إجراءات التحقيق اإلعدادي كما أن اإلنابة القضائية ال يمكن‬
‫أن تشمل جميع سلطات قاضي التحقيق فال يمكن مثال إنابة ضابط شرطة قصد االستماع الى‬
‫المتهم‪.2‬‬

‫ولصحة اإلنابة القضائية يجب أن تكون صادرة عن قاضي التحقيق المختص بالتحقيق في‬
‫القضية التي صدر بشأنها اإلنابة وأن يكون القاضي أو ضابط الشرطة المنتدب مختص مكانيا‪،‬‬
‫أما إذا كانت اإلنابة تشمل خارج دائرة نفود قاضي التحقيق فإنه ال يمكن انتداب ضابط الشرطة‬
‫القضائية بل ينتدب لذاك قاضي من قضاة التحقيق أو من قضاة الحكم ويتوجب عليهم إشعار‬
‫النيابة العامة التي تنفذ في دائرتها اإلنابة القضائية‪.‬‬

‫‪ -2‬انتداب الخبراء‬

‫نظمت الفصول من ‪ 194‬إلى ‪ 209‬من قانون المسطرة الجنائية إجراءات الخبرة أمام‬
‫قضاء التحقيق فنصت على إمكانية إجراء خبرة على طريق أمر ال يقبل الطعن باالستئناف غير‬
‫أنه يمكن إبداء مالحظات بشأنها داخل أجل ثالثة أيام من تاريخ التبليغ إما من طرف النيابة العامة‬
‫أو من طرف األطراف بخصوص اختيار الخبير أو المهام الموكول له‪ ،‬يمكن إجراء خبرة إما‬
‫تلقائيا من طرف قاضي التحقيق أو بملتمس من النيابة العامة أو من االطراف ويعين قاضي‬
‫تحقيق الخبير من ضمن المسجلين في جدول الخبراء المحلفين والمقبولين أمام المحاكم إال أنه‬
‫لضرورة ما يجوز االستعانة بخبير غير مسجل بالجدول لكن شريطة أن يؤدي اليمين أمام قاضي‬

‫‪ - 1‬انظر شرح قانون المسطرة الجنائية وزارة العدل مرجع سابق الصفحة ‪281‬‬
‫‪ - 2‬انظر الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون اإلجراءات الجنائية ص ‪.606‬‬

‫‪19‬‬
‫التحقيق ويجب أن يتضمن األمر القاضي بإجراء الخبرة توضيح مهمة الخبير والتي ال يمكن أن‬
‫تنصب إال على مسائل تقنية محضة وال يمكن انتداب خبراء في المجال القانوني‪.1‬‬

‫ويبلغ قاضي التحقيق نتائج الخبرة إلى األطراف مع إمكانية حصولهم على نسخة من تقرير‬
‫الخبرة ويمكن طلب إجراء خبرة تكميلية أو مضادة وال يمكن رفض الطلب إال بقرار معلل قابل‬
‫االستئناف‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أوامر قاضي التحقيق و الرقابة المفروضة عليه‬

‫يتمتع قاضي التحقيق بسلطات متعددة يتم تفعيلها خالل سير التحقيق إلى غاية انتهائه‪،‬‬
‫فخالل سير إجراءات التحقيق يملك قاضي التحقيق حق إصدار مجموعة من األوامر القضائية‬
‫لضمان متول المتهم أمامه‪ ،‬فضال عن األوامر الضرورية للحفاظ على حسن سير إجراءات‬
‫التحقيق ‪.‬‬

‫وينتهي التحقيق اإلعدادي بأمر من قاضي التحقيق يقضي بعدم االختصاص أو بعدم‬
‫متابعة المتهم‪ ،‬أو بإحالته على غرفة الجنايات أو على المحكمة المختصة‪.‬‬

‫ولضمان تطبيق سليم لقواعد قانون المسطرة الجنائية وعدم المساس بحقوق الدفاع‪ ،‬قرر‬
‫المشرع بطالن إجراءات التحقيق المخالفة للقواعد المسطرية ‪ ،‬وخول للغرفة الجنحية صالحية‬
‫مراقبة سالمة إجراءات التحقيق‪ ،‬بناء على استئناف النيابة العامة أو المتهم أو الطرف المدني‪.‬‬

‫ارتأينا أن نتطرق لألوامر القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق‪ ،‬في (المطلب األول)‪،‬‬
‫على أن نخصص المطلب الثاني إلى الرقابة القضائية التي تمارسها الغرفة الجنحية على عمل‬
‫قاضي التحقيق كجهة استئنافية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أوامر قاض التحقيق‬

‫يصدر قاضي التحقيق مجموعة من األوامر المتعلقة بسير التحقيق‪ ،‬سواء الرامية منها‬
‫إلى امتثال المتهم أمام قاضي التحقيق‪ ،‬أو تلك الرامية إلى ضمان حسن سير التحقيق اإلعدادي‪،‬‬
‫أو األوامر المتعلقة بقاضي التحقيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء الثاني الدكتور ‪-‬عبد الواحد العلمي‪ .‬المادة ‪. 195‬‬

‫‪20‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األوامر المتعلقة بضمان امتثال المتهم‬

‫أوال‪ :‬األمر بالحضور‪:‬‬

‫عرفت المادة ‪ 144‬من قانون المسطرة الجنائية األمر بالحضور بأنه‪" :‬إنذار يوجهه‬
‫قاضي التحقيق للمتهم للحضور أمامه في التاريخ والساعة المبينين في نص األمر"‪ ،1‬وهو نفس‬
‫التعريف الذي كان يتضمنه قانون المسطرة الجنائية القديم‪ ،‬بموجب نص المادة ‪ 137‬منه مع‬
‫مالحظة أن نص المادة ‪ 144‬المذكورة سابقا استعمل عبارة "إنذار" خالفا لنص المادة ‪137‬‬
‫التي كانت تنص على أن " األمر باإل خطار يقصد منه إحضار المتهم على المثول أمام القاضي‬
‫في التاريخ والساعة المبينين في نص األمر‪".‬‬
‫‪2‬‬

‫ويعد األمر بالحضور شبيها باالستدعاء الذي توجهه المحكمة وال يقيد حرية المتهم‪ ،‬إال‬
‫أنه في حالة عدم امتثال المتهم له‪ ،‬فلقاضي التحقيق أن يلجأ إلى إصدار أوامر أخرى أشد‬
‫إلحضاره بالقوة‪ ،‬فهو بمثابة إنذار بالحضور قبل استعم ال وسائل أخرى لإلجبار على الحضور‪،‬‬
‫ويعتبر األمر بالحضور أشد قوة من االستدعاء‪ ،‬وأنه ليس هناك ما يمنع قاضي التحقيق من‬
‫توجيه نفس األمر بالحضور إلى الشاهد وحتى قبل توجيه أي استدعاء إليه إذا ما دعت‬
‫‪3‬‬
‫الضرورة إلى ذلك‪.‬‬

‫وحسب نص الفقرة الثانية من المادة ‪ 144‬فإن األمر بالحضور يقوم بتبليغه إلى المتهم‬
‫ويسلمه نسخة منه إما عون قضائي أو ضابط أو عون للشرطة القضائية أو أحد أعوان القوة‬
‫العمومية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬األمر باإلحضار‪:‬‬

‫لقد نظم المشرع المغربي المقتضيات المتعلقة باألمر باإلحضار من المادة ‪ 146‬إلى‬
‫المادة ‪ 151‬من قانون المسطرة الجنائية الحالية حيث أن المواد المنظمة لإلحضار في المسطرة‬
‫الجنائية القديمة كانت هي المادة ‪ 139‬إلى المادة ‪ .1444‬وقد عرفت المسطرة الجنائية األمر‬
‫باإلحضار على أنه األمر الذي يعطيه قاضي التحقيق للقوة العمومية لتقديم المتهم أمامه في‬
‫الحال ويصدر قاضي تحقيق األمر باإلحضار في حالة توصل الظنين باألمر بالحضور‬
‫وممتنع عن تنفيذه بدون مبرر مقبول وكذلك في الحاالت التي يخشى فيها فرار الظنين أو تهربه‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 144‬من قانون المسطرة الجنائية‬


‫‪ 2‬قانون المسطرة الجنائية الملغى في فصله ‪ 137‬يطلق عليه "إخطار المتهم"‪.‬‬
‫‪ 3‬صفاء العاللي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 109‬‬
‫‪ 4‬أحمد الخميشي "شرح قانون المسطرة الجنائية" الجزء األول‪ ،‬الطبعة الخامسة ص ‪164‬‬

‫‪21‬‬
‫من إجراءات التحقيق‪ 1‬وفي حالة االستعجال يمكن نشر األمر باإلحضار بكافة الوسائل غير أنه‬
‫يجب أن تحدد بدقة جميع البيانات االساسية الواردة في أصل األمر بالحضور كهوية المتهم‬
‫ونوعية التهمة وهوية القاضي المكلف بالتحقيق وصفته ونضرا لخطورة هذا اإلجراء بكونه‬
‫مقيد لحرية المتهم فقد أوكل القانون مهمة تبليغ هذا األمر إلى أعوان القوة العمومية المؤهلين‬
‫ينتمون إلى جهاز الشرطة القضائية وبعد األمر‬ ‫قانونا العتقال األشخاص ولو لم يكون‬
‫باإلحضار للمتول أمام قاضي التحقيق تعين عليه استنطاقه في الحال طبقا لما نصت عليه المادة‬
‫‪ 147‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫لكن قد ال يتأتى لقاضي التحقيق االستنطاق الفوري للمتهم لعدة أسباب ويضطر في هذه‬
‫الحالة لنقل المتهم إلى السجن واعتقاله لمدة ال تتجاوز ‪ 24‬ساعة بحيث إذا انتهت هذه المدة دون‬
‫حصول استنطاق المتهم تعين على رئيس المؤسسة السجنية تقديمه إلى النيابة العامة المختصة‬
‫التي تلتمس من قاضي التحقيق إصدار األمر باإلحضار لالستنطاق وفي حالة غيابه وجب‬
‫االلتماس من أي قاضي من قضاة المحكمة استنطاق المتهم فورا كما تقتضي المادة ‪ 147‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪ .‬من هنا يتضح أن قاضي التحقيق يلجأ إلى األمر باإلحضار إما عند‬
‫فشل مسطرة األمر بالحضور وتغيب المتهم للحضور أمامه بدون عذر مبرر أو غياب ضمانات‬
‫الحضور لدى المتهم ووجود أدلة قوية تدينه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األمر بإلقاء القبض‬

‫عرفته المادة ‪ 154‬من قانون المسطرة الجنائية بأنه األمر الصادر للقوة العمومية‬
‫بالبحث عن المتهم ونقله إلى المؤسسة السجنية المبينة في األمر حيث يتم تسلمه واعتقاله فيها‪.‬‬

‫واألمر بالقاء القبض ال يختلف عن األمر بااليداع في السجن إال في كون هذا األمر‬
‫األخير يتخذ ضد الظنين الحاضر أمام قاضي التحقيق‪ ،‬في حين يصدر األمر بإلقاء القبض ضد‬
‫الظنين الفار من العدالة أو المقيم خارج المغرب‪.‬‬

‫وال يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر هذا األمر إال بعد أخذه لرأي النيابة العامة عن‬
‫طريق إصداره قرارا باإلطالع في هذا الشأن وذلك‪:‬‬

‫‪ -‬إذا كان المتهم في حالة فرار‬

‫‪ -‬إذا كان المتهم مقيما خارج أراضي المملكة‬

‫‪ - 1‬أحمد الخمليشي "شرح قانون المسطرة الجنائية" الجزء األول مطبعة المعاريف الجديدة‪ ،‬الرباط الطبعة الخامسة‪ 1999 ،‬ص ‪374‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬إذا كانت األفعال الجرمية موضوع إجراءات التحقيق توصف بأنها جناية أو جنحة يعاقب‬
‫عليها القانون بعقوبة سالبة للحرية‬

‫رابعا ‪ :‬األمر باإليداع في السجن‬

‫عرفت المادة ‪ 152‬من قانون المسطرة الجنائية األمر باإليداع في السجن بأنه األمر‬
‫الذي يصدره قاضي التحقيق إلى رئيس المؤسسة السجنية كي يتسلم المتهم ويعتقله اعتقاال‬
‫احتياطيا‪ 1‬وأكدت المادة ‪ 153‬من قانون المسطرة الجنائية على أنه ال يمكن إيداع المتهم في‬
‫السجن إال بعد استنطاقه وبشرط أن تكون األفعال المنسوبة إليه جرائم يعاقب عليها بعقوبة‬
‫‪2‬‬
‫سالبة للحرية‬

‫ويبقى ساريا المفعول إلى أن يصدر ما يلغيه ويتضمن تاريخ الوضع تحت الحراسة لما‬
‫له من األهمية بالنسبة لتاريخ العقوبة ‪ .‬فإذا تسلم مدير السجن المتهم أرجع إلى قاضي التحقيق‬
‫قصاصة هذا األمر‪ ،‬وعليها طابع السجن ورقم اعتقال المتهم‪ ،‬وهذا اإلشعار يسهل التعرف على‬
‫المتهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األوامر المتعلقة بحسن سير التحقيق‬

‫من أجل ضمان حسن سير التحقيق اإلعدادي فإنه يمكن لقاضي التحقيق أن يباشر‬
‫إجرائين استثائيين‪ ،‬هما الوضع تحت المراقبة القضائية واإلعتقال االحتياطي‪.‬‬

‫أوال‪ -‬اإلعتقال االحتياطي‪:‬‬

‫يعد االعتقال االحتياطي من بين األوامر التي يصدرها قاضي التحقيق في حق المتهم‬
‫ويجب هذا األمر مبرره في ضرورة منع المتهم من الفرار ومحو االدلة أو اندثار وسائل االثبات‬
‫أو تغييرها ما سيؤثر سلبا على مجريات التحقيق‪.3‬‬

‫والوضع تحت المراقبة القضائية واالعتقال االحتياطي أكد المشرع على كونهما تدبيران‬
‫استثنائيان بحيث يعمل بهما في الجنايات و الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية ويعرف‬
‫االعتقال االحتياطي بأنه إجراء يهدف إلى حرمان المتهم من حريته أو اتصاله بالعالم الخارجي‬
‫عن طريق إيداعه في مؤسسة سجنية لمدة محدودة وذلك مباشرة بعد االستنطاق االبتدائي ورغم‬

‫‪ - 1‬عبد الواحد العلمي شرح القانون المسطرة الجنائية الطبعة ‪ ،2003 ، 3‬مطبعة النجاح الجديدة‪ -‬الدار البيضاء‪ ,‬المادة ‪.152‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 153‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 159‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫أن المشرع حاول حصر االعتقال االحتياطي باعتباره تدبيرا استثنائيا في حاالت المادة ‪160‬‬
‫من قانون المسطرة الجنائية وهي‪ :‬ضرورة التحقيق أو الحفاظ على أمن األشخاص أو النظام‬
‫العام فإن هذا الحصر جاء فضفاضا وبالتالي يبقى اللجوء إلى االعتقال االحتياطي خاضعا‬
‫لسلطة التقديرية لقاضي تحقيق هذا ما يفسر اللجوء إليه بكثرة ونتيجة لذلك نجد العدد المهول‬
‫والكبير للمعتقلين االحتياطيين في السجون المغربية‪ 1‬وتختلف مدد االعتقال االحتياطي باختالف‬
‫نوعية الجريمة بحيث يتم االعتقال االحتياطي للمتهم في الجنح لمدة شهر قابلة للتمديد مرتين‬
‫بناء على ملتمس من النيابة العامة بتمديد االعتقال االح تياطي أي أن الحد األقصى لهذا األخير‬
‫في الجرائم التي تصنف في القانون الجنائي ضمن دائرة الجنح هي ثالثة أشهر كحد أقصى‪.‬‬

‫أما بالنسبة للجنايات فإن مدة االعتقال االحتياطي ال تتجاوز شهرين قابلة لتجديد خمس‬
‫مرات أي أن مدة االعتقال االحتياطي في الجنايات ال تتجاوز سنة كحد أقصى‪ .‬كما يجوز‬
‫لقاضي التحقيق أن يضع حدا لالعتقال االحتياطي قبل انتهاء مدته القانونية إما باإلفراج المؤقت‬
‫تلقائيا بعد استشارة النيابة العامة‪ 2‬أو باإلفراج المؤقت بناء على ملتمس المتهم أو دفاع كما يمكن‬
‫لنيابة العامة أن تلتمس من قاضي التحقيق اإلفراج المؤقت عن المتهم ويجب في هذه الحالة أن‬
‫يبث في ملتمسها داخل أجل ‪ 8‬أيام من تاريخ تقديم الملتمس‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬وضع المتهم تحت المراقبة القضائية‪:‬‬

‫إن الوضع تحت المراقبة القضائية جاء بعد التعديل الذي شهدته المسطرة الجنائية سعيا‬
‫منها إلى اإلصالح الشامل لمنظومة العدالة وكذا احترام االتفاقيات الدولية الموقعة بشأن احترام‬
‫حقوق اإلنسان وجاء هذا النظام كبديل عن اإلعتقال االحتياطي والتخفيف من حدته بحيث يسمح‬
‫بحسن سير التحقيق دون اللجوء إلى الزج بالمتهم في السجن ‪.‬‬

‫فالمشرع وضع في المادة ‪ 161‬من قانون المسطرة الجنائية عدة تدابير لضمان حضور‬
‫المتهم إلجراءات التحقيق دون اعتقاله فهذه اآللية تقيد نسبيا من حرية تنقل المتهم‪ ،‬وال يمكن‬
‫اللجوء إلى هذا التدبير إال إذا كانت األفعال المنسوبة إلى المتهم تشكل جرائم معاقب عليها‬
‫بعقوبة سالبة للحرية‪ .3‬وقد أكد المشرع على أن المراقبة القضائية واالعتقال االحتياطي تدبيران‬
‫استثنائيان طبقا للمادة ‪ 159‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد أحداف‪ ،‬شرح المسطرة الجنائية‪ ،‬مسطرة التحقيق اإلعدادي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬طبعة ‪ ،2019-2018‬ص‪421.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 178‬ق‪.‬م‪.‬ج "يجوز لقاضي التحقيق في جميع القضايا بعد إستشارت النيابة العامة أن يأمر باإلفراج المؤقت تلقائيا‪.‬‬
‫‪ - 3‬تنص المادة ‪ 159‬على ما يلي "الوضع تحت المراقبة القضائية واإلعتقال االحتياطي تدبيران استثنائيان يعمل بهما في الجنايات أو‬
‫في الجنح المعاقب عليهما بعقوبة سالبة للحرية" أنضر شرح قانون المسطرة الجنائية وزارة العدل مرجع سابق الصفحة ‪271‬‬

‫‪24‬‬
‫غير أن المراقبة القضائية تختلف عن االعتقال االحتياطي وإن كان من شأنه الحد من‬
‫حرية المتهم أو من بعض حقوقه فإن القانون أتاح للمتهم أن يبقى حرا طليقا دون الزج به في‬
‫المؤسسة السجنية على عكس االعتقال االحتياطي‪.‬‬

‫وقد حددت المادة ‪ 160‬مدة الوضع تحت المراقبة القضائية في شهرين قابل لتجديد‬
‫لخمس مرات‪ ،1‬والمالحظ هنا أن هذه المدة هي نفسها مدة االعتقال االحتياطي في الجنايات ‪.‬‬

‫واألمر بالوضع تحت المراقبة القضائية قابل لالستئناف من قبل النيابة العامة والمتهم‬
‫خالل اليوم الموالي لصدوره طبقا لشكليات المتعلقة باستئناف أوامر قاضي التحقيق بشأن‬
‫اإلفراج المؤقت وتبث الغرفة الجنحة داخل أجل خمسة أيام من تاريخ اإلحالة ويجوز أن يأمر‬
‫قاضي التحقيق بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية في أي مرحلة من مراحل التحقيق‪.‬‬

‫إال أن ا لسلطة التقديرية لقاضي التحقيق ال تكون سلطة مطلقة وقد تكفلت المادة ‪160‬‬
‫بتحديد الحاالت التي يسمح لقاضي التحقيق وضع المتهم تحت المراقبة القضائية‪ 2‬وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬إن يتخذ قاضي التحقيق هذا التدبير ألجل ضمان حضور متهم‪.‬‬

‫‪ -2‬أال تتطلب ضرورة البحث أو الحفاظ على أمن االشخاص أو النظام العام اعتقال المتهم‬
‫اعتقاال احتياطيا‪.‬‬

‫‪ -3‬أن تكون الجريمة موضوع المتابعة جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يكون أمر قاضي التحقيق معلال‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬أوامر قاضي التحقيق بشأن انتهاء التحقيق‬

‫يصدر قاضي التحقيق عند انتهاء التحقيق اإلعدادي‪ ،‬عدة أوامر تختلف طبيعتها بحسب‬
‫األحوال‪ ،‬فإما أن يصدر أمرا بعدم االختصاص‪ ،‬أو أمرا بعدم المتابعة ‪ ،‬أو أمرا باإلحالة على‬
‫المحكمة المختصة‪.‬‬

‫أوال‪ -‬إصدار األمر بعدم االختصاص‪:‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 160‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬


‫‪ - 2‬عبد الكريم الطالب شرح القانون المسطرة الجنائية المادة ‪ .160‬الرباط‬

‫‪25‬‬
‫بعد انتهاء قاضي التحقيق من إجراءاته وتبين له أن األفعال المكونة لتهمة موضوع‬
‫التحقيق ليست من اختصاصه يصرح بعدم االختصاص ويحيل الملف إلى النيابة العامة قصد‬
‫اتخاذ ما تراه مناسبا داخل أجل ثمانية أيام‪.1‬‬

‫ومن بين الحاالت التي يصدر فيها قاضي التحقيق أمره بعدم االختصاص نجد على‬
‫سبيل المثال الحالة التي يثبت فيها لقاضي التحقيق بالمحكمة االبتدائية بعد اجراء التحقيق أن‬
‫األمر يتعلق بجناية باعتبار أن التحقيق في هذه األخيرة من اختصاص قاضي التحقيق بمحكمة‬
‫االستئناف وهنا يصدر أمرا بعدم االختصاص ويحيل الملف إلى النيابة العامة من أجل اتخاذها‬
‫ما تراه مناسبا عمال بالفقرة األخيرة من المادة ‪ 217‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،2‬والذي أكد‬
‫في أحد القرارات الصادرة عن قاضي التحقيق بحيث قرر " قيام الضنين بتعرية الضحية بالعنف‬
‫عمدا أما م الناس بحيث اطلع وعلى عورتها ما يجعل الفعل الذي أتته هتكا واضحا للعرض‪ .‬ما‬
‫يعتبر جناية طبقا للفصل ‪ 485‬من القانون الجنائي‪ .‬خصوصا لما ترتب عنه من إجهاض ما‬
‫يجعل قاضي التحقيق في الجنح بالمحكمة االبتدائية وفقا لما تنص عليه المادة ‪ 215‬و‪ 217‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية غير مختص بالمتابعة‪ 3‬وتسري نفس المقتضيات في حالة إذا تعلق‬
‫األمر بمتهمين ينتمون إلى القوات المساعدة أو القوات المسلحة الملكية بحيث يكون قاضي‬
‫التحقيق من المحكمة االبتدائية غير مختص ويصدر األمر بعدم االختصاص ‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬إصدار األمر بعدم المتابعة‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫عالج المشرع المغربي األمر بعدم المتابعة في المادة ‪ 216‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫إذ من المعلوم أن مهمة قاضي التحقيق ترتكز على البحث والتنقيب عن األدلة وكل ما يتعلق‬
‫بالجريمة ليحدد في األخير مصير المتهم من خالل االستدالل على مختلف القائم المكونة للنازلة‬
‫المعروض ة عليه فإذا تأكد من خالل بحثه في مختلف أطوار التحقيق أن األفعال المرتكبة ال‬
‫تخضع للقانون الجنائي فإنه يصدر أمرا بعدم المتابعة كما في حالة الدفاع الشرعي أو في حالة‬
‫سقوط الدعوى العمومية بالتقادم أو العفو كما يصدر قاضي التحقيق أمرا بعدم المتابعة في حالة‬
‫عدم توفر األدلة الكافية على ثبوت الجريمة أو نسبها للمتهم وليس المقصود هنا باألدلة الكافية‬
‫أو المكونة لالقتناع الوجداني للقاضي ألن هذا االقتناع تستقل به محكمة الموضوع دون قاضي‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 215‬من قانون المسطرة الجنائية ‪":‬إذا رأى قاضي التحقيق أن األفعال ليست من اختصاصه يصدر أمرا بعدم االختصاص"‬
‫‪ - 2‬عبد الواحد العلمي "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية" الطبعة الخامسة‪ 2017 .‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ - 3‬أمر صادر عن قاضي التحقيق بالمحكمة االبتدائية بتايخ‪ 2007/07/10‬في ملف عدد ‪ 0715‬منشور في مجلة المحاماة الصفحة‬
‫‪315‬‬
‫‪ -4‬عبد الواحد العلمي المادة ‪ 216‬من كتاب "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية" الطبعة الخامسة‪ 2017 .‬الجزء‬
‫الثاني‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫التحقيق الذي قد يكتفي بقيام أدلة تعزز المتابعة ولو لم تكن مقنعة يصدر أمرا بالمتابعة‪ ،‬أما إذا‬
‫ظهر له العكس يصدر أمرا بعدم المتابعة‪.1‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 216‬من قانون المسطرة الجنائية على أن قاضي التحقيق يصدر أمرا‬
‫بعدم المتابعة في حاالت محددة وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا ثبت له بعد دراسة وقائع النازلة ومعطيات الملف أن األفعال المرتكبة من طرف المتهم‬
‫ال تخضع لقواعد القانون الجنائي كأن يتعلق األمر بجريمة وتبين أنها خاضعة ألسباب التبرير‬
‫المنصوص عليها في الفصول ‪ 124‬و‪ 125‬من القانون الجنائي أو أن هذه األفعال لم تعد تشكل‬
‫جريمة في ظل القانون المعمول به ففي هذه الحالة يصدر قاضي التحقيق أمرا بعدم المتابعة‬
‫النتفاء العنصر الجرمي‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا تبين لقاضي التحقيق بعد مجموع األبحاث التي باشرها أنه ليس هناك أدلة كافية تدين‬
‫المتهم وليس فرضا أن تكون األدلة مقنعة ويقينية على ارتكاب الجريمة وإنما وجود قرائن وأدلة‬
‫ولو كانت بسيطة على نسب الجريمة إلى المتهم ألن األمر يختلف عما عليه بالنسبة لقاضي‬
‫الموضوع الذي يجب عليه أن يصدر حكما باإلدانة بناء على الجزم واليقين أما بالنسبة لقرار‬
‫المتابعة فيكون مبنيا على الشك وليس على اليقين وهكذا فإنه إذا تبين لقاضي التحقيق عدم وجود‬
‫أدلة كافية على نسب الجريمة إلى المتهم فإنه يصدر أمره بعدم المتابعة‪.2‬‬

‫‪ -3‬إذا أجرى قاضي التحقيق جميع التحريات واإلجراءات الالزمة للكشف عن هوية المتهم‬
‫غير أنه ظل مجهوال فإنه في هذه الحالة يصدر أمرا بعدم المتابعة بمنظور أن اإلحالة على‬
‫المحكمة المختصة تكون ضد شخص معلوم وليس ضد شخص مجهول‪.‬‬

‫‪ -‬أثار األمر بعدم المتابعة‬

‫يترتب عن صدور األمر بعدم المتابعة أثار متعددة بحيث ينتهي مفعول االعتقال‬
‫االحتياطي والمراقبة القضائية ويفرج حاال على المتهم المعتقل ما لم يكون معتقل لسبب آخر‬
‫رغم استئناف النيابة العامة‪.3‬‬

‫‪ - 1‬فريد خير الدين عالقة النيابة العامة بقاضي ا لتحقيق في ظل قانون المسطرة الجنائية المغربية مرجع سابق صفحة ‪105‬‬
‫‪ - 2‬عصام أمسمير‪ ،‬الرقابة القضائية على إجراءات التحقيق اإلعدادي على ضوء قانون المسطرة الجنائية المغربية مرجع سابق‬
‫صفحة ‪.49‬‬
‫‪ - 3‬الفقرة الرابعة والخامسة من المادة ‪ 216‬من قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪27‬‬
‫يقبل األمر بعدم المتابعة الطعن باالستئناف أمام الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف طبقا‬
‫للشروط المحددة في المادة ‪ 222‬و‪ 223‬من قانون المسطرة الجنائية‪.1‬‬

‫وللنيابة العامة الطعن في جميع مقتضيات هذا األمر‪ ،‬ويجوز للمتهم الطعن فقط في‬
‫الشق القاضي بالنشر وكذا المتعلق برد االشياء المحجوزة طبقا للمادة ‪ 223‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬األمر باإلحالة إلى المحكمة المختصة‪:‬‬

‫األمر باإلحالة هو األمر الذي يقرر بموجبه قاضي التحقيق نقل الدعوى من مرحلة‬
‫التحقيق اإلعدادي إلى مرحلة المحاكمة‪ ،‬أي إحالة الملف على المحكمة المختصة للبث فيه طبقا‬
‫للقانون‪.‬‬

‫ويفترض في ذلك تقرير قاضي التحقيق توافر أدلة كافية على نسبة الفعل إلى المتهم‬
‫وتوافر أركان الجريمة وانعدام أسباب عدم القبول ‪.‬‬

‫وهكذا فإن قاضي التحقيق لدى محكمة االستئناف يصدر أمرا بإحالة المتهم على غرفة‬
‫الجنايات إذا تبين له أن األفعال تكون جناية وهذا األمر ال يقبل الطعن إال بالنقض طبقا للشروط‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 523‬و‪ 524‬من قانون المسطرة الجنائية‪.2‬‬

‫وحسب نص المادة ‪ 524‬المشار إليها ال يمكن طلب نقض قرارات اإلحالة إلى محكمة‬
‫زجرية إال مع الحكم في الجوهر مع مراعاة مقتضيات المادة ‪ 227‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫والذي جاء فيه "انه ال يمكن الدفع ببطالن إجراءات التحقيق بعد صدور قرار الغرفة الجنحية‬
‫القاضي باإلحالة على هيئة الحكم‪.3‬‬

‫ويجب أن يتضمن األمر باإلحالة على غرفة الجنايات مجموعة من البيانات التي‬
‫أشارت إليها الفقرة الثانية من المادة ‪ 218‬من قانون المسطرة الجنائية إذ يجب أن يشير إلى‬

‫‪ . - 1‬عبد الواحد العلمي من كتاب "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية" الطبعة الخامسة‪ 2017 .‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد الواحد العلمي امن كتاب "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية" الطبعة الخامسة‪ 2017 .‬الجزء الثاني صفحة‬
‫‪145‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 227‬من القانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫هوية المتهم واألفعال الجرمي ة المرتكبة وجميع الظروف التي من شأنها أن تشدد أو تخفف‬
‫العقوبة والوصف القانوني للجريمة مع االشارة إلى النصوص المطبقة ‪.‬‬

‫أما إذا تعلق األمر بجنحة فإن صاحب االختصاص النوعي هو قاضي التحقيق بالمحكمة‬
‫االبتدائية ويترتب عن صدور األمر باإلحالة من طرف قاضي التحقيق مجموعة من األثار من‬
‫خالل ما جاءت به الفقرة األولى من المادة ‪ 390‬حيث يتعرض لإلبطال كل مت االستدعاء‬
‫والحكم إذا لم يفصل بين تاريخ التبليغ أو االستدعاء واليوم المحدد لحضور الجلسة أجل ثمانية‬
‫عمال‬ ‫أيام على االقل غير أن هذا األجل يخفض إلى خمسة أيام إذا كان المتهم معتقال وذلك‬
‫بنص المادة ‪ 217‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫وخالفا لألمر بعدم المتابعة الذي يترتب عنه سدور اإلفراج حاال عن المتهمين المعتقلين‬
‫رغم استئناف النيابة العامة وا نتهاء مفعول األمر بالوضع تحت المراقبة القضائية فإنه في حالة‬
‫اإلحالة على غرفة الجنايات يبقى األمر الصادر بإلقاء القبض على المتهم أو إيداعه في السجن‬
‫سارية المفعول إلى أن يصبح مقرر هيئة الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به ويبث قاضي‬
‫التحقيق بشأن الوضع تحت المراقبة القضائية‪.1‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن األمر بإحالة المتهم على هيئة التحقيق ال يعتبر إدانة مسبقة وإنما‬
‫يعود األمر إلى محكمة الموضوع في تقدير ما وصل إليه قاضي التحقيق فيمكنها انطالقا من‬
‫قناعتها ودراستها للقضية أن تحكم بإدانة المتهم أو ببراءته وليس في ذلك أي مساس بمصداقية‬
‫أمر قاضي التحقيق الذي أحال القضية على المحكمة‪.2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة على أعمال قاضي التحقيق‬

‫تخضع قرارات قاضي التحقيق ذات الطابع القضائي شأنها شأن إجراءات التحقيق‬
‫لرقابة الغرفة الجنحية‪ .‬وتتم الرقابة على سلطات قاضي التحقيق عن طريق الطعن باالستئناف‬
‫أمام الغرف ة الجنحية في األوامر التي يصدرها قاضي التحقيق‪ ،‬والتي تمارس على هذه األوامر‬
‫مهمة الرقابة كهيئة لتحقيق من الدرجة الثانية‪ .‬ثم سنتحدث عن الجزاءات الناشئة عن اإلخالل‬
‫بإجراءات وأوامر قاضي التحقيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬الفقرة الخامسة والسادسة من المادة ‪ 218‬من القانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ 2‬عبد الواحد العلمي من كتاب "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية" الطبعة الخامسة‪ 2017 .‬الجزء الثاني صفحة‬
‫‪.113‬‬

‫‪29‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬رقابة أطراف الدعوى العمومية على أعمال التحقيق‬

‫سنعمل من خالل هذه الفقرة على تبيان الجهات المخولة لها الطعن باالستئناف في أوامر‬
‫قاضي التحقيق‬

‫أوال‪ -‬استئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف النيابة العامة‪:‬‬

‫كرست المادة ‪ 222‬من ق م ج حق النيابة العامة في استئناف جميع قرارات وأوامر‬


‫قاضي التحقيق باستثناء األوامر بإجراء خبرة‪ ، 1‬إال أنه في الواقع العملي فإن النيابة العامة ال‬
‫تستأنف إال األوامر التي تأتي مخالفة لما التمسته قبال في ملتمساتها الموجهة إلى قاضي‬
‫التحقيق‪ ،‬وبالرغم من كون المشرع نص في المادة أعاله على جواز استئناف النيابة العامة لكل‬
‫األوامر ما عدا القضائية بإجراء خبرة‪.‬‬

‫ولتبيان رغبة النيابة العامة باستئناف أمر من أوامر قاضي التحقيق فإنه يتعين ملئ‬
‫في اليوم الموالي إلشعارها بصدور األمر‬ ‫تصريح باالستئناف تقدمه إلى كتابة الضبط‬
‫المذكور‪ ، 2‬وتقوم بتحرير تقرير استئنافي تبين فيه وجهة نظرها وما تعيبه على األمر المطعون‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬رقابة المتهم والمطالب بالحق المدني على أعمال التحقيق‬

‫‪ -1‬استئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف المتهم‪:‬‬

‫خول كذلك قانون المسطرة الجنائية للمتهم استئناف األوامر الصادرة عن قاضي‬
‫التحقيق والتي يفترض أن تكون في غير مصلحته‪ ،3‬والتي عددتها المادة ‪ 223‬من ق‪.‬م‪.‬ج في‬
‫فقرتها األولى والثانية‪ ، 4‬وهي على العموم المنازعة في قبول طلبات الطرف المدني ورفض‬
‫إجراء الخبرة‪ ،‬والقرار الصادر بشأن رد األشياء المحجوزة‪ ،‬والقرار المتعلق بنشر قرار عدم‬
‫المتابعة بالطعن وكذلك ما يتعلق منه بتحديد البيانات القابلة للنشر‪ ،‬يتبين إذا أن الطلب ال يحق له‬
‫الطعن باالستئناف إال في األوامر التي تمس حقوقه‪.‬‬

‫‪ -2‬استئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف المطالب بالحق المدني‪:‬‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 196‬من ق م ج على أنه‪ ...... " :‬ال يقبل القرار الصادر بإجراء الخبرة الطعن باالستئناف"‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 222‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ -3‬الرافة وتاب‪ ،‬سلطة قاضي التحقيق في جمع وتقدير األدلة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2022‬ص ‪.175‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 223‬من ق م ج‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫يمكن للطرف المدني أن يستأنف لدى الغرفة الجنحية األوامر الصادرة عن قاضي‬
‫التحقيق التي حددها نص المادة ‪ 224‬من قانون المسطرة الجنائية‪.1‬‬

‫غير أنه ال يمكنه بأي حال من األحوال‪ ،‬أن يستأنف أمرا قضائيا متعلقا باعتقال المتهم‪،‬‬
‫أو مقتضى من مقتضيات أمر قضائي يتعلق بهذا االعتقال أو بالمراقبة القضائية (المادة ‪،224‬‬
‫الفقرة الثانية)‪.2‬‬

‫مع اإلشارة أنه يقدم االستئناف من المطالب بالحق المدني بتصريح إلى كتابة الضبط‬
‫المختصة داخل أجل ثالثة أيام الموالية لتبليغ األمر القضائي في موطنه الحقيقي أو المختار‪.‬‬

‫وعلى هذا النحو‪ ،‬فإنه إذا قدم االستئناف‪ ،‬فإن قاضي التحقيق يوجه ملف التحقيق‪ ،‬أو‬
‫النسخة المأخوذة منه‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 85‬إلى النيابة العامة لمحكمته في ظرف ‪ 24‬ساعة من تاريخ‬
‫االستئناف‪ .‬و إذا كان األمر يتعلق بالمحكمة االبتدائية فإن وكيل الملك لديها يحيل الملف ‪48‬‬
‫ساعة إلى العام للملك‪ ،‬الذي يتعين عليه بعد توصله بالملف‪ ،‬أن يوجهه مرفق بملتمساته إلى‬
‫الغرفة الجنحية خالل خمسة أيام على األكثر من تاريخ هذا التوصل (المادة ‪ 225‬من ق م ج)‪.3‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬السلطة الرقابية للغرفة الجنحية‬

‫تتوفر الغرفة الجنحية على عدة صالحيات تسير في مجموعها نحو اإلشراف والرقابة‬
‫على أعمال قاضي التحقيق بحيث منح المشرع لرئيس الغرفة الجنحية حق اإلشراف على حسن‬
‫سير مكاتب التحقيق التابعة لنفوذ محكمة االستئناف‪ ،4‬حيث يتأكد هذا األخير من سيرورة أعمال‬
‫قاضي التحقيق على الوجه الصحيح ويعمل على أال تتأثر تلك اإلجراءات بأي تأخير غير مبرر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الرقابة المخولة لرئيس الغرفة الجنحية على سير إجراءات التحقيق بوجه عام‪،‬‬
‫ركز المشرع بوجه خاص على الرقابة التي يمارسها رئيس الغرفة الجنحية على صحة‬
‫إجراءات االعتقال االحتياطي وتتلخص هذه اإلجراءات في دراسة البيان الذي يعرضه قاضي‬
‫التحقيق كل ثالثة أشهر والمتعلق بجرد القضايا الرائجة ويتم اإلشارة من خالله إلى الئحة‬
‫القضايا المتعلقة بالمتهمين والمعتقلين احتياطيا‪.5‬‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 224‬من ق م ج على أنه‪" :‬يمكن للطرف المدني أن يستأنف لدى الغرفة الجنحية األوامر الصادرة بعدم إجراء‬
‫التحقيق‪ ،‬وبعدم المتابعة‪ ،‬وكذا األوامر التي تمس بمصالحه المدنية‪".‬‬
‫‪ -2‬الرافة وتاب‪ ،‬سلطة قاضي التحقيق في جمع وتقدير األدلة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2022‬ص ‪.177‬‬
‫‪ -3‬الرافة وتاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪177‬‬
‫‪ -4‬تنص ‪ 248‬من ق م ج على أنه‪" :‬يتحقق رئيس الغرفة الجنحية أو من ينب عنه من حسن سير مكاتب التحقيق التابعة لنفوذ محكمة‬
‫االستئناف‪ ،‬ويعمل على أال تتأثر المسطرة بأي تأخير غير مبرر‪".‬‬
‫‪ -5‬الحبيب البيهي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد الطبعة األولى ‪ ،2004‬ص ‪.271-270‬‬

‫‪31‬‬
‫كما يقوم رئيس الغرفة الجنحية أو من ينوب عنه بزيارة المؤسسات السجنية التابعة‬
‫لنفوذ محكمة االستئناف ويتحقق من حالة المتهمين والمعتقلين احتياطيا ويمكن أن يطلب من‬
‫قاضي التحقيق كافة البيانات االزمة ويواجه ويوجه هذا األخير لقاضي التحقيق التوصيات‬
‫الالزمة إذا ظهر له أن ال مبرر لالعتقال االحتياطي‪.1‬‬

‫إذن فالغرفة الجنحية تختص فيما يتعلق بجانب مسطرة التحقيق اإلعدادي أي مراقبة‬
‫مدى صحة اإلجراءات المرفوعة إليها عن طريق الطعن باالستئناف وما إذا كانت قد أنجزت‬
‫طبقا للقانون وتم صبها في القالب الشكلي الصحيح‪ ،‬كما تختص في حالة إلغائها لألمر بعدم‬
‫المتابعة بالتصري ح باإلحالة على المحكمة المختصة وعليه فإن الرقابة على أعمال قاضي‬
‫التحقيق من طرف الغرفة الجنحية يعد من ضمانات المتهم من أي شطط إجرائي في استعمال‬
‫السلطة‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 249‬من ق م ج‬

‫‪32‬‬
‫خاتمـــــة‪:‬‬

‫في الختام نؤكد من خالل هذه الدراسة أن المشرع المغربي قد عزز من حجم السلطات‬
‫الممنوحة لقاضي التحقيق سواء في مرحلة التحقيق بمختلف أطوارها ومراحلها أو في مرحلة ما‬
‫بعد ان تهاء التحقيق رغبة منه في إعطاء هذه المؤسسة مكانتها في الدعوى العمومية ذلك لكون‬
‫هذه المرحلة تعرف تكريسا مهما لحقوق الدفاع لما توفره من ضمانات لفائدة المتهم خاصة بعد‬
‫ال مرور من مرحلة البحث التمهيدي وما يمكن أن يشوبه من تجاوزات وما يميز السلطات‬
‫الممنوحة لقاضي التحقيق هي تلك الشساعة والحرية في التصرف في حقوق الناس وحرياتهم‬
‫واتخاذ كل ما يراه مناسبا للوصول إلى الحقيقة لذلك كان لزاما من المشرع أن يخضع هذه‬
‫اإلجراءات التي يقو م بها قاضي التحقيق إلى رقابة قضائية تضمن عدم انتهاك حقوق الدفاع أو‬
‫الشطط في استعمال السلطة‪ .‬هذا ما أسند إلى الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف بجعلها سلطة‬
‫رقابية على أعمال قاضي التحقيق والحرص على احترامه للقانون لكن في النهاية إنما هي‬
‫صفاته االخالقية وضميره المهني هو ما يجعله يسير في المسار الصحيح وفقا لما حدده القانون‪.‬‬

‫وإذا كان هذا األخير يسطر مجموعة من القواعد‪ ،‬لتدخل السلطة القضائية بهدف معاقبة‬
‫أولئك المجرمين الذين انتهكوا قواعد القانون الجنائي‪ ،‬فإن هذا القانون يفترض فيه تحقيق نوع‬
‫من التوازن بين حق المجتمع في توقيع العقاب على الفرد الذي مس بالقيم االجتماعية وبين حق‬
‫الفر د في التمتع بالضمانات التي تحمي حريته الفردية كمواطن وكجزء من المجتمع المدني الذي‬
‫يعيش فيه ‪ ،‬ومعنى هذا أن المحاكم ليست حرة في إتباع طريقة تريدها للوصول إلى الحكم‪ ،‬أو‬
‫تحقيق العدالة ألن ذلك من شأنه أن يخلق الفوضى ويقضي على الضمانات‪ .‬ولذلك كان من‬
‫المحتم فرض قواعد ملزمة‪ ،‬تسير عليها السلطات المكلفة بالبحث في الجرائم‪ ،‬والحكم فيها حتى‬
‫ينتفي كل ارتجال‪ ،‬وتسرع في العقاب‪ ،‬وحتى اال يلقى القبض على أحد واال يحاكم واال يعاقب‪،‬‬
‫إال في األحوال‪ ،‬وحسب اإلجراءات المنصوص عليها في القانون‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الئحة منابع العرض‪:‬‬
‫‪ ‬القوانين‬

‫ظهير شريف رقم ‪1.02.255‬صادر في ‪ 25‬من رجب ‪ 3( 1423‬أكتوبر ‪ )2002‬بتنفيذ‬


‫القانون رقم ‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة الجنائية‬

‫‪ ‬الكتب‪:‬‬
‫أحمد الخمليشي "شرح قانون المسطرة الجنائية" الجزء األول مطبعة المعاريف الجديدة‪ ،‬الرباط الطبعة الخامسة‪1999 ،‬‬

‫أحمد قيلش‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرطة القضائية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬الطبعة األولى‪2013‬‬

‫أحمد قيلش‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرح العملي للمسطرة الجنائية‪ ،‬اإلجراءات العملية للتحقيق اإلعدادي‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‬

‫أحمد قيلش‪ ،‬مجيدي السعدية‪ ،‬سعاد حميدي‪ ،‬محمد زنون‪ ،‬الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪2018‬‬

‫األستاذ محمد بوزبع‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء األول الدعوى العمومية السلطات المختصة بالتحري عن‬
‫الجرائم‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬فبراير ‪2005‬‬

‫الجرافة وتاب‪ ،‬سلطة قاضي التحقيق في جمع وتقدير األدلة‪ ،‬الطبعة األولى ‪2022‬‬

‫الحبيب البيهي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد الطبعة األولى ‪2004‬‬

‫سمير الستاوي‪ ،‬ومحمد مسعودي‪ ،‬سلطات قاضي التحقيق ‪-‬دراسة ميدانية على ضوء العمل القضائي‪-‬‬

‫عبد الواحد العلمي "شرح قانون المسطرة الجنائية" الجزء الثاني‬

‫عبد الواحد العلمي شرح القانون المسطرة الجنائية الطبعة ‪ ،2003 ، 3‬مطبعة النجاح الجديدة‪ -‬الدار البيضاء‬

‫عبد الواحد العلمي "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية" الطبعة الخامسة‪ 2017 .‬الجزء الثاني‪.‬‬

‫عبد الكريم الطالب‪ ،‬شرح المسطرة الجنائية‪ ،‬طبعة ‪ 2004‬الرباط‬

‫محمد أحداف‪ ،‬شرح المسطرة الجنائية‪ ،‬مسطرة التحقيق اإلعدادي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬طبعة ‪2019-2018‬‬

‫‪ ‬الرسائل‬
‫صفاء العاللي‪ ،‬مؤسسة قاضي التحقيق بين اإلطار القانوني والواقع العملي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪ ،‬كلية طنجة‪ ،‬سنة ‪2016 -2015‬‬

‫‪ ‬المجالت‬

‫" شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد" الحبيب بيهي الجزء األول منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‬
‫الطبعة األولى ‪2004‬‬

‫مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪25‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ ‬المواقع‬

‫سفيان بوهالي‪ ،‬مؤسسة قاضي التحقيق في النظام القضائي المغربي‪ ،‬موقع ‪https://www.coursdroit.com‬‬

‫‪35‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمــــــة‪1 ...................................................................................................:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مؤسسة قاضي التحقيق ‪4 .................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعيين قاضي التحقيق واختصاصاته ‪4 ......................................................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬تعيين قاضي التحقيق وخصائصه ‪4 ......................................................................‬‬
‫أوال ‪ -‬مفهوم قاضي التحقيق ‪4 ..........................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬مسطرة تعيين قاضي التحقيق ‪5 .................................................................................‬‬
‫ثالتا‪ -‬خصائص قاضي التحقيق‪6 ..................................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات قاضي التحقيق ‪6 ............................................................................‬‬
‫أوال ‪ -‬االختصاص النوعي‪7 ............................................................................................ :‬‬
‫‪ - 1‬في مجال البحث التمهيدي‪7 ................................................................................... :‬‬
‫‪ - 2‬في مجال التحقيق اإلعدادي‪7 ................................................................................. :‬‬
‫ثانيا‪ -‬االختصاص المكاني‪7 ........................................................................................... :‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سلطات قاضي التحقيق ومجال التحقيق اإلعدادي ‪8 .....................................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬مجال التحقيق اإلعدادي ‪8 .................................................................................‬‬
‫أوال ‪ -‬التحقيق اإلجباري‪8 .............................................................................................. :‬‬
‫‪ - 1‬التحقيق اإلجباري في الجنايات‪8 .............................................................................. :‬‬
‫‪ - 2‬التحقيق اإلجباري في الجنح‪9 ................................................................................. :‬‬
‫ثانيا‪ -‬التحقيق االختياري‪10 ........................................................................................... :‬‬
‫‪ - 1‬التحقيق االختياري في الجنايات‪10 .......................................................................... :‬‬
‫‪ - 2‬التحقيق االختياري في الجنح‪10 .............................................................................. :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬سلطات قاضي التحقيق ‪11 ................................................................................‬‬
‫أوال ‪ -‬االستنطاق بنوعيه االبتدائي والتفصيلي‪11 .................................................................. :‬‬
‫‪ - 1‬االستنطاق االبتدائي‪12 ......................................................................................... .‬‬
‫‪ - 2‬االستنطاق التفصيلي‪14 ........................................................................................ .‬‬
‫ثانيا‪ -‬سلطة االستماع إلى الشهود‪16 ................................................................................ :‬‬
‫ثالثا‪ -‬االنتقال والتفتيش والحجز‪18 .................................................................................. :‬‬
‫‪ - 1‬االنتقال ‪18 .........................................................................................................‬‬
‫‪ - 2‬إجراءات التفتيش والحجز‪18 ................................................................................. :‬‬
‫رابعا ‪ -‬سلطات يمارسها قاضي التحقيق عبر مساعديه‪18 ........................................................ :‬‬
‫‪ - 1‬اإلنابة القضائية ‪19 ...............................................................................................‬‬
‫‪ - 2‬انتداب الخبراء ‪19 ................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أوامر قاضي التحقيق و الرقابة المفروضة عليه ‪20 ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أوامر قاض التحقيق ‪20 .....................................................................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬األوامر المتعلقة بضمان امتثال المتهم ‪21 ..............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬األمر بالحضور‪21 ............................................................................................... :‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األمر باإلحضار‪21 .............................................................................................. :‬‬

‫‪36‬‬
‫ثالثا‪ :‬األمر بإلقاء القبض ‪22 ............................................................................................‬‬
‫رابعا ‪ :‬األمر باإليداع في السجن ‪23 ...................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األوامر المتعلقة بحسن سير التحقيق ‪23 ...............................................................‬‬
‫أوال ‪ -‬اإلعتقال االحتياطي‪23 ........................................................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ -‬وضع المتهم تحت المراقبة القضائية‪24 ..................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أوامر قاضي التحقيق بشأن انتهاء التحقيق ‪25 ........................................................‬‬
‫أوال ‪ -‬إصدار األمر بعدم االختصاص‪25 .............................................................................. :‬‬
‫ثانيا‪ -‬إصدار األمر بعدم المتابعة‪26 .................................................................................. :‬‬
‫ثالثا‪ -‬األمر باإلحالة إلى المحكمة المختصة‪28 ..................................................................... :‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة على أعمال قاضي التحقيق ‪29 .....................................................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬رقابة أطراف الدعوى العمومية على أعمال التحقيق ‪30 .............................................‬‬
‫أوال ‪ -‬استئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف النيابة العامة‪30 ................................................ :‬‬
‫ثانيا‪ -‬رقابة المتهم والمطالب بالحق المدني على أعمال التحقيق ‪30 .............................................‬‬
‫‪ - 1‬استئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف المتهم‪30 ....................................................... :‬‬
‫‪ - 2‬استئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف المطالب بالحق المدني‪30 .................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬السلطة الرقابية للغرفة الجنحية ‪31 .....................................................................‬‬

‫خاتمـــــة‪33 ................................................................................................. :‬‬

‫الئحة منابع العرض‪34 .................................................................................................. :‬‬

‫الفهرس ‪36 ....................................................................................................‬‬

‫‪37‬‬

You might also like