Professional Documents
Culture Documents
2
مقدمة
الحمد هلل وحده ،والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين ،سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛
النزعات عند
فإن للتوثيق أهمية سامقة ،به تصان أعراض الناس وأموالهم ،وبه تفض ا
نشوئها .وقد اهتم به الفقه اإلسالمي اهتماما بالغا ،ففصل الفقهاء في أحكامه تفصيال
مستفيضا ،يشهد لذلك كثرة مؤلفاتهم في مجال التوثيق.
وتعد مؤسسة قاضي التوثيق المسيرة لهذا المجال ،فهي إدارة قضائية تعنى بتوثيق
الحقوق والمعامالت وإثبات التصرفات والوقائع وفق الشكل والمضمون اللذين يحددهما الشرع
والقانون.
تتألف هذه المؤسسة من قاض أو عدة قضاة ،ومن عدول شهود ونساخ؛ لكن المؤسسة
عادة تنسب إلى القاضي رغم أنها في معناها العام تنصرف وتتألف ِمن ك ِِّل م ْن ذ ِكر ،إذ
القاضي هو الرئيس المباشر لها والمشرف على إدارتها؛ ولهذا فهي عند اإلطالق إنما يقصد
المهام التي يمارسها قاضي التوثيق بصفته هذه ،1وهو المعنى المراد من هذا
ِّ بها خصوص
العرض.
وقد كان القاضي -فيما قبل -هو المختص الوحيد الذي ِِّ
يحرر الوثائق مباشرة ،فيتلقى
اإلشهادات من الناس كافة ويتأكد من عدالتهم ،بيد أنه لما كثر االحتيال وف ِقدت العدالة،
1العلمي الحراق ،مدونة األسرة والتوثيق العدلي –دراسات وتعاليق ،-دار السالم-الرباط ،ط 2005/1م ،ص ،81
بتصرف.
3
عهد اإلشهاد إلى العدول الموثقين ،يكلفون من ِقبل القاضي لتوثيق المعامالت خارج مقر
القاضي.
المقنن مهنة التوثيق العدلي بالقانون رقمِِّ واستنادا منه على األحكام الفقهية ،نظم
16.03المتعلق ِ
بخطة العدالة 1ومرسومه التطبيقي ،2مبِِّيناً فيهما شروط ممارستها والمراحل
ستجمعة ألركانها وشروطها ،وتصبح رسمية التي تمر منها الوثيقة العدلية حتى تخرج كاملة م ِ
ِّ
صالحة لالحتجاج ،ومنها مرحلة خطاب القاضي التي هي من مهام القاضي المكلف
بالتوثيق.
ويضطلع القاضي المكلف بالتوثيق بدور مهم في سير مرفق التوثيق العدلي ،ومراقبة
العدول والنساخ في مزاولة عملهم ،وتوفير وثائق رسمية صالحة لالحتجاج.
من خالل هذه األهمية التي يحظى بها القاضي المكلف بالتوثيق ،فإنه من الالزم أن
نخصص له هذا العرض ،مبينين طريقة تعيينه واختصاصاته والتزاماته.
هذه اإلشكالية الكبرى تتفرع عنها ثلة من السؤاالت :ما خصائص قضاء التوثيق؟
وكيف يتم تعيين القاضي المكلف بالتوثيق؟ وما أهم اختصاصاته والتزاماته؟
1القانون رقم 16.03المتعلق بخطة العدالة ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.06.56صادر في 15من محرم
1427هـ ( 14فبراير 2006م) ،الجريدة الرسمية عدد ،5400بتاريخ فاتح صفر 1427هـ ( 02مارس 2006م) ،ص
.556
2مرسوم رقم 2.08.378صادر في 28من شوال 1429هـ ( 28أكتوبر 2008م) ،بتطبيق أحكام القانون رقم
16.03المتعلق بخطة العدالة ،الجريدة الرسمية عدد ،5687بتاريخ 02ذو الحجة 1429هـ (فاتح ديسمبر 2008م)،
ص .4403
4
المطلب األول :قضاء التوثيق :التعيين والخصائص
يمتاز قضاء التوثيق بمجموعة من الخصائص التي تجعله نظاما ِِّ
متفردا ،وكيف ال وقد
الزاخر .وقبل سرد هذه الخصائص ال ِّبد من اإلشارة إلى
استمد أصوله من الفقه اإلسالمي ِّ
ِّ
ِ
مهامهم.
طريقة تعيين قضاة التوثيق وإنهاء ِّ
الفقرة األولى :كيفية تعيين القاضي المكلف بالتوثيق وإنهاء مهامه
يمكن تقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين؛ األولى عن تعيين القاضي المكلف بالتوثيق ومكان
عمله ،والثانية عن إنهاء مهامه.
لم يكن المشرع المغربي فيما مضى ي ِميز بين قضاة األحكام وقضاة التوثيق ،بل كان
الرسوم في
مهامه بين البت في النزاعات والخطاب على ِّ
ما يسمى بقاضي المدينة ،وتتأرجح ِّ
الوقت ذاته.
حدد
فالظهير الشريف الصادر في 12صفر 1363هـ ( 07فبراير 1944م) لما ِّ
اختصاصات القاضي بصفة عامة ضمنها الخطاب على الرسوم ،كما أن ظهير 08دجنبر
1956م والذي أعيد بمقتضاه تنظيم محاكم القضاة ،كان ِِّ
يخول توزيع العمل بين أفراد كل
عدد قضاتها ،أي أن تعيين القاضي المكل ف بالتوثيق لم يكن يتم من طرف وزير
محكمة ت ِّ
العدل آنذاك ،وإنما كان أمره متروكا لقضاة تلك المحكمة الذين يختارون من بينهم من يتولِّى
هذه المهمة كما يتم حاليا بخصوص توزيع الجلسات في الجمعية العمومية.
إال أنه ظهرت بعد ذلك ضرورة ملِحة لتفرغ القضاة سيما في المحاكم الكبرى ،وتحقيقا
لمبدأ توزيع األعمال ورعيا للمصلحة العامة ،اقتضى نظر جاللة الملك بداية الخمسينات أن
يفرق في المدن الكبرى بين مصلحة التوثيق والفصل بين الخصوم ،وذلك بإسناد الخطاب ِّ
السهر على سير التوثيق والعدالة إلى قضاة اشتهروا بكفاءتهم وِقدم تجربتهم.
على الرسوم و ِّ
5
وبعد أن بين المنشور عدد 6306بتاريخ 22ماي 1957م مهمة قضاة التوثيق
المعينين في المدن الكبرى ،أوضح بأن التفرغ ال يعني االقتصار على الخطاب على الرسوم
1
العدلي ة فقط ،وأنه ال يتعارض مع االحتفاظ في البت في النزاعات.
بيد أنه بعد صدور قانون خطة العدالة ،أصبح تعيين القضاة المكلفين بالتوثيق 2من
مقرر.
اختصاص وزير العدل بمقتضى ِّ
ويبقى القاضي المكلف بالتوثيق المعي ن تابعا للمحكمة االبتدائية التي يعمل داخل دائرة
نفوذها ،كما يبقى أيضا تابعا إلشراف ومراقبة رئيس هذه المحكمة ،ولو كان مستشا ار بمحكمة
االستئناف أو بمحكمة النقض ،ويقوم بتنقيطه سنويا.3
ولن ننهي هذه النقطة دون مناقشة مسألة تولي المرأة لهذه المهمة ،فحين العودة إلى
رأي الفقهاء حول المسألة نجدهم اختلفوا في ذلك على أقوال؛ جاء في بداية المجتهد" :وكذلك
اختلفوا في اشتراط الذكورة؛ فقال الجمهور :هي شرط في صحة الحكم .وقال أبو حنيفة:
1أستاذنا عبد الكبير وبرايم ،محاضرات في فقه الوثائق ،ص 54وما بعدها.
2هناك من يَمِ يز بين "قاضي التوثيق" و"القاضي المكلف بالتوثيق"؛ فاألول يمارس التوثيق باألصالة ألنه معين في السلك
القضائي منذ البداية بصفته قاضيا للتوثيق ،وهي الصفة التي تفيد معنى التخصص والدوام ،وهؤالء تم تعيينهم بناء على
تعليمات جاللة الملك الحسن الثاني -رحمه هللا -من خريجي دار الحديث الحسنية عددهم ال يتعدى سبعة ،وهؤالء ال
يفترض فيهم أال يزاولوا إال قضاء التوثيق فقط؛ وليس لهم أن يمارسوا مهام قضائية أخرى ،على اعتبار أنهم معينون منذ
البداية قضاة للتوثيق -وبصفة استثنائية ،-أما الثاني فيمارس التوثيق عن طريق التكليف فقط ،أي أنه يعين في السلك
القضائي بصفته قاضيا عاما ومؤهال ألن يمارس كل المهام التي تناط بالقضاء ،ومنها التوثيق العدلي ولكن بعد تكليفه بذلك
بقرار لوزير العدل .العلمي الحراق ،م س ،ص .84
3أستاذنا محمد بن الطالب ،مباحث في التوثيق العدلي وقواعد اإلثبات في الفقه اإلسالمي والتشريع المغربي ،مطبعة
قرطبة-أكادير ،ط 2018م ،ص .133
6
يجوز أن تكون المرأة قاضيا في األموال .قال الطبري :يجوز أن تكون المرأة حاكما على
اإلطالق في كل شيء...
فمن رأى رد قضاء المرأة شبهه بقضاء اإلمامة الكبرى ...ومن أجاز حكمها في األموال
فتشبيها بجواز شهادتها في األموال .ومن رأى حكمها نافذا في كل شيء قال :إن األصل هو
أن كل من يتأتى منه الفصل بين الناس فحكمه جائز إال ما خصصه اإلجماع من اإلمامة
الكبرى".1
أما من وجهة النظر القانوني ،فإن المشرع لم ينص على شرط الذكورة في تولي
القضاء ،ذلك أن للمرأة أن تتقلد ِزمام هذه المهمة ،فليس هناك ما يمنع المرأة من ممارسة
قضاء التوثيق.
ذلك أن تكليف القضاة بشؤون التوثيق يتم بقرار لوزير العدل ،وجميع المهام الموكولة
إلى القاضي المكلف بالتوثي ق ال تتعارض وطبيعة المرأة أو وضعها القانوني ،على اعتبار
أنها تمارس القضاء في شعب أخرى ،خاصة أن جل أعمال قضاء التوثيق هي إضفاء
الصبغة الرسمية على الشهادات المتلقاة من طرف العدول مع اإلذن لهم فيها ومراقبة
2
تصرفاتهم.
تمكنت قاضيتان من التعيين في منصب قضاء والجدير بالذكر ،أنه في سنة 2015م ِّ
التوثيق عن طريق الصدفة ،ففي إطار جهود و ازرة العدل إلضفاء الشفافية على طريقة
التعيينات في عدد من المناصب ،قررت وفي سابقة إعالن شغور عدد من مناصب قضاة
التوثيق الملحقين بالسفارات والقنصليات بالخارج ،وفتح المجال أمام كافة القضاة للترشيح إلى
هذه المناصب ،وبعد تلقي التِّرشيحات تم إجراء قرعة ،وهو ما أدى وألول مرة في تاريخ
القضاء المغربي إلى تعيين قاضيتين للتوثيق بكل من باريس وبروكسيل.
لكن و ازرة العدل سرعان ما ستتراجع عن هذه التجربة ،حينما ستقيد الترشيح لهذا المنصب
في األعوام الموالية ،بشرط مدة ثالث سنوات من الممارسة الفعلية لمهمة قاضي التوثيق،
1أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي ،بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،حققه :ماجد الحموي ،دار
ابن حزم-بيروت ،ج ،2ص .1767
2عبد هللا روحمات ،مهام القاضي المكلف بالتوثيق بين النظر والتطبيق ،دار السالم-الرباط ،ط 2014/1م ،ص .64
7
وهو ما يعد إقصاء ضمنيا للنساء القاضيات ،طالما أنه ال توجد على المستوى العملي
قاضيات مارْسن التوثيق بالمغرب.1
نصت الفقرة الثانية من المادة 37من م.ت.خ.ع على أنه" :يوضع حد لهذا التكليف
بنفس الطريقة كلما استوجب األمر ذلك".
ثم إن القاضي ،كانت من مهامه أيضا تعيين العدول ،جاء في تبصرة الحكام" :ويلزمه
أن يكون أول ما يبتدئ به الكشف عن الشهود والموثقين ،فيتعرف حال من ال يعرف حاله
منهم ،ويفحص عن عدالتهم ،فمن كان عدال أثبته ،ومن كان فيه جرحة أسقطه وأراح
ضي ينتصب للناس ،فإنها خديعةالمسلمين من أ ِذيته ،وال يحل له أن يترك غير المر ِ
ْ ِّ
1أنس سعدون ،تعيين قاضيات للتوثيق بالمغرب خطوة نحو المناصفة ،مقال منشور بجريدة "األخبار على مدار الساعة"
اإللكترونية ،تاريخ االطالع 22أبريل 2022م ،على الساعة 12زواال.
2للمستزيد ،يُنظر عبد هللا روحمات ،م س ،ص .82-67
8
للمسلمين ووصمة في شعائر الدين ،وعليه أن يصرح بعزل هؤالء ويسجل على شاهد الزور
كتابا مخلدا بعد عقوبته".1
فقضاء التوثيق يقتصر على النظر في الشكل فقط؛ وهو بذلك يقف عند المرحلة
األولى من مراحل التقاضي ،أي مرحلة اإلثبات ،دون المساس بمرحلة الفصل في ِِّ
النزاعات
وإصدار األحكام؛ ومن هذا المنطلق س ِِّم ي بقضاء التوثيق ،ألنه يعمل في مجال توثيق
المعامالت والتصرفات بصفته جها از قضائيا يساعد قضاء الحكم لقطع هذه المرحلة ،كما
يساعد الخصوم في الحصول على وثيقة إثبات في إطار شرعي وقانوني ،مع ضمانة كافية
لألطراف كل فيما له وعليه.
وتبرز األهمية التي يكتسيها قضاء التوثيق في كونه ضمانة للمتعاقدين للوصول إلى
إثبات حقوقهم بطريقة صحيحة وسليمة ،وهو أيضا ضمانة لقضاء الموضوع في تأسيس
الحكم على وثيقة خاضعة للضوابط والقواعد المقررة في مجال اإلثبات ،ألنها منجزة من
مختص. صين ومراقبة من طرف جهاز قضائي ِ
ِّ طرف مخت ِّ
ويمكن التفرقة بين أعمال قضاء التوثيق وأعمال قضاء الحكم بمعيار وجود النزاع بين
شخصين أو أكثر حيث يتعين الفصل بينهما ،وهو األمر الذي ال يتواله قضاء التوثيق ،ألنه
ال يدخل في اختصاصه ،بل يكتفي هو بإقامة حجج الطرفين ،والسهر على أن تكون في
إطار قانوني تصلح معه لالحتجاج به ا ،ليترك للخصوم الخيار في اللجوء إلى قضاء
الموضوع ،إن هم أرادوا استصدار أحكام لصالحهم ،أو االقتصار على االستيثاق بحقوقهم
واالحتفاظ بموجباتها إلى حين الحاجة إليها ،وذلك على سبيل االستعداد واألهبة.
1ابن فرحون ،تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام ،تحقيق :جمال مرعشلي ،دار عالم الكتب-الرياض ،ط
2003م ،ج ،1ص .35
9
ثالثا :مهام قضاء التوثيق تطبعها الصبغة الوالئية
يرجع ذلك إلى كون القاضي المكلف بالتوثيق يمارس مهامه هذه بصفة ِ
عارضة
ومستقلة؛ ألنه يزاولها بواسطة قرار تكليف من لدن وزير العدل ،وليس بواسطة ظهير تعيينه
قاضيا.
ِ
ص فة اإلدارية التي ال تخضع للقواعد العامة والمبادئ األساسية
فمهامه تطبعها ال ِّ
المنظمة للوظيفة القضائية .وقاضي التوثيق ال يصدر أحكاما ،وإنما يعمل على إعطاء
الوقائع صفة اإلثبات.
فيتبين أن محور مهام قاضي التوثيق هو العمل الوالئي ،بخالف قاضي الموضوع الذي
ِمحور مهامه العمل القضائي.
ب ْيد أن هذا ال يعني أن القاضي المكلف بالتِّوثيق ال يمارس المهام القضائية ،أو هو
ممنوع من ممارستها ،بل عكس ذلك ،فهناك بعض القضاة المكلفين بالتوثيق يمارسون المهام
القضائية المتعلقة بقضاء الحكم.
يراد بذلك أن قضاء التوثيق يتميز عن قضاء الموضوع من حيث االستماع إلى
الشهود ،بكونه ال يعتمد في إثبات المعامالت والوقائع إال شهادة العدول ،في حين أن قضاء
الموضوع يعتمد في إثبات الوقائع شهادة عامة الناس.
10
تستمد مرجعيتها من الفقه
ِّ وهي خاصية مبنية على كون الشهادة في خطة العدالة
اإلسالمي ،خالف الشهادة في قانون المسطرة المدنية ،1ذلك أن مسطرة أداء الشهادة تختلف
في القانونين حسب ما يأتي:
.1الشهود العدول ملزمون قبل أداء شهادتهم أمام قاضي التوثيق بوضع توقيعاتهم
بكتابة ضبط قاضي التوثيق الذي ع ِّي نوا في دائرة نفوذه ،مع اإلدالء بنسخة من
محضر أداء اليمين قبل الشروع في ممارسة مهمة تلقي الشهادات؛
1ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11رمضان 1394هـ ( 28شتنبر 1974م) المتعلق بالمصادقة
على قانون المسطرة المدنية ،الجريدة الرسمية عدد ،3230بتاريخ 13رمضان 1394هـ ( 30شتنبر 1974م) ،ص
.2741
2الفقرة األولى من الفصل 81من ق.م.م" :يجب أن يؤدي الشاهد شهادته شفاهيا وال يمكن له أن يستعين بمذكرات إال
بصفة استثنائية وبعد إذن المحكمة له بذلك".
3فالعدل يمكنه أن يتلقى الشهادة التي يكون أحد أطرافها قريبا له ،وال يُمنع عليه ذلك.
4الفصالن 79و 80من ق.م.م ،جاء في األول أنه" :إذا وجه أي تجريح إلى الشاهد ينظر فيه في الحال على أن يكون
الحكم في ذلك غير قابل لالستيناف أو للطعن بالنقض إال في وقت واحد مع الحكم المتعلق بالجوهر إن كان هو نفسه قابال
لنفس طرق الطعن.
يمكن تجريح الشهود لعدم أهليتهم ألداء الشهادة أو للقرابة القريبة أو ألي سبب خطير آخر ،".وجاء في الثاني" :يجب تقديم
التجريح قبل أداء الشهادة عدا إذا لم يظهر سببه إال بعد ذلك.
إذا قبل التجريح في هذه الحالة األخيرة ألغيت الشهادة".
5الفصول 80-79-75ق.م.م ،جاء في الفصل 75أنه" :ال تقبل شهادة من كانت بينهم وبين األطراف أو أزواجهم
رابطة مباشرة من قرابة أو مصاهرة من األص ول ،أو الفروع أو الحواشي إلى الدرجة الثالثة بإدخال الغاية عدا إذا قرر
القانون خالف ذلك.
ال تقبل أيضا شهادة األشخاص الذين نص القانون أو أمر قضائي بأنهم عديمو األهلية لتأدية الشهادة في كل اإلجراءات
وأمام القضاء".
11
هذا كل ما يتعلق بطريقة تعيين قضاة التوثيق وخصائص هذا القضاء .فما
اختصاصات القاضي المكلف بالتوثيق؟ وما التزاماته؟
12
المطلب الثاني :اختصاصات القاضي المكلف بالتوثيق والتزاماته
كانت للقاضي المكلف بالتوثيق قبل صدور مدونة األسرة 1اختصاصات واسعة ،لكن
بدخولها حيز التنفيذ انت ِزعت منه جملة من االختصاصات وأ ِ
سندت لغيره ،سواء لحساب
محكمة الموضوع كاإلذن بالتعدد ،أو لحساب قاضي األسرة المكلف بالزواج ،كاإلذن بتوثيق
عقد الزواج واإلذن بالتوكيل في عقد الزواج واإلذن بزواج القصر.
خولها
حدد المشرع في خ.ع ومرسومه التطبيقي مجموعة من االختصاصات التي ِّ وقد ِّ
للقاضي المكلف بالتوثيق ،كما أوقع على عاتقه التزامات نحو جهات إدارية.
يختص القاضي المكلف بالتوثيق بمراقبة العدول ،وتنش ِطر رقابته هذه إلى رقابة قبلية
ورقابة بعدية.
-1الرقابة القبلية
تتجلى مظاهر رقابة القاضي المكلف بالتوثيق القبلية للعدول فيما يأتي:
أ -فتح مذكرة الحفظ للعدول وختمها ،والتأشير عند االطالع عليها
فالقاضي المكلف بالتوثيق هو الذي يفتتح مذكرة الحفظ ويختمها ،وأن افتتاح المذكرة
مرة في 2
يشكل إذنا بالشروع في تلقي الشهادات العدلية .كما يطلع على مذكرات الحفظ ِّ
الشهر ،ويؤشر عليها عند كل اطالع ،كما يمكنه تسجيل مالحظاته بها.1
1ظهير شريف رقم 1.04.22صادر في 12من ذي الحجة 1424هـ ( 03فبراير 2004م) بتنفيذ القانون رقم 70.03
بمثابة مدونة األسرة ،الجريدة الرسمية عدد 5184بتاريخ 14ذو الحجة 1424هـ ( 05فبراير 2004م) ،ص .418
2نصت المادة 17من م.ت.خ.ع على أنه" :يؤشر القاضي المكلف بالتوثيق على مذكرة الحفظ المعدة طبقا للمادة 70من
القانون رقم 16.03المتعلق بخطة العدالة المشار إليه أعاله؛ وذلك بعد ترقيم صفحاتها ووضع الطابع على كل صفحة
منها قبل الشروع في استعمالها.
ال يستعمل العدل مذكرته الجديدة إال بعد تقديمه المذكرة القديمة إلى القاضي المكلف بالتوثيق قصد مراجعتها وختمها".
13
ب -اإلذن بإنجاز بعض الشهادات التي تتوقف على اإلذن
غير أنه يسوغ للعدلين عندما يتعذر عليهما تلقي اإلشهاد مثنى في آن واحد ،أن يتلقياه
منفردين بإذن من القاضي في آماد متفاوتة ،إال إذا نصت مقتضيات خاصة على خالف
ذلك.
إذا تعذر الحصول على إذن القاضي تعين على العدلين إشعاره بذلك داخل أجل ثالثة
أيام من تاريخ التلقي".
ويأذن أيضا للعدول بتلقي الشهادات العلمية ،فقد نصت الفقرة الخامسة من المادة 27
خ.ع على أنه" :يحق للعدلين أن يشهدا شهادة علمية بإذن من القاضي".
كما يأذن بتلقي الوصية بعقار بمكان وجود الموصي ،نصت على ذلك الفقرتان
السادسة والسابعة من المادة 14من خ.ع ،جاء فيهما" :يشهد العدل على ما هو حال وقت
اإلشهاد بالدائرة المنتصب فيها ولو كان يسكن بغيرها ،باستثناء الشهادات المتعلقة بالعقار
والتركات فيراعى فيها حدود دائرة محكمة االستئناف التابع لها موقع العقار أو موطن
الموروث.
غير أنه يجوز في حالة الظرف القاهر تلقي الوصية بعقار بمكان وجود الموصي بإذن
من القاضي".
يتعلق األمر بشهادة اعتناق اإلسالم ومراقبة الهالل وشهادة زواج المعسرين ،جاء في
المادة المادة 13خ.ع" :يقع ِِّ
تلق ي شهادة اعتناق اإلسالم ومراقبة الهالل مجانا ،وكذا تلقي
1جاء في الفقرة الثانية من المادة 38من م.ت.خ.ع" :يطلع على كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ والوثائق التي تحت
عهدة العدل".
14
ويكلِف القاضي المكلف بالتوثيق عدلين بالتناوب
شهادة الزواج إذا ثبت عسر المتعاقدينِّ ،
بتلقي هذه الشهادات".
د -ال يأذن للعدل بالتغيب لسبب معقول إال بعد تصفية أشغاله
ص على هذا المقتضى في المادة 18من خ.ع ،جاء فيها" :يحق للعدل التغيب عنن ِّ
عمله لمدة ال تتجاوز شهرين بعد تصفية األشغال المنوطة به ،وإخبار القاضي المكلف
بالتوثيق بذلك كتابة".
-2الرقابة البعدية
تحدث المالكية -رحمهم هللا -عن رقابة القاضي للعدول وللوثائق الصادرة عنهم
والخطاب عليها ،قال ابن المناصف في تنبيهه" :ينبغي للقاضي أال يعجل بالمخاطبة في
العقود التي صحت عنده بأداء الشهود إذا أحالوا على ما فيها ،حتى يق أر جميعها ،ويطلع
ِ
يستخفه، على مضمون فصولها ،تحر از مما عسى أن يكون هناك من لفظ يكرهه ،أو معنى
أو وجه ال يجوز عنده ،فإذا وقف على جميعها استوفى الخط من االحتياط لنفسه
والمسلمين" .2
وكان عمل المشرع مقتص ار على استمداد هذه المساطر من الفقه القضائي اإلسالمي،
1نصت الفقرة األولى من المادة 21من م.ت.خ.ع" :إذا توفي عدل أو زالت عنه الصفة أو انتقل أو فقد أهليته أو عاقه
عائق آخر عن األداء بعد أن تلقى شهادة بصفة قانونية وأثبتها في كناش الجيب المعمول به سابقا أو في مذكرة الحفظ؛
كلف القاضي المكلف بالتوثيق –بناء على طلب يقدم إليه من ذوي المصلحة -عدلين للتعريف به مع إدراج نص الشهادة
موضوع التعريف في مذكرة الحفظ ألحد العدلين المعرفين ضمن شهادة التعريف ثم يحرر رسم بذلك ويضمن بسجل
التضمين".
2ابن المناصف ،تنبيه الحكام على مآخذ األحكام ،دار التركي للنشر ،ط 1988م ،ص .179
15
مرة في السنة على األقل؛
أ -مراقبة تصرفات العدول وتفتيش مكاتبهم ِّ
ب -الخطاب 1على الشهادات العدلية بعد التأكد من سالمتها ِِّ
وخلوها من النقص 2؛
ج -االطالع على المذكرات والمستندات والرسوم العدلية؛
د -تسلم كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ من العدل -في حاالت -لحفظها بكتابة
الضبط 3؛
ه -الخطاب على نسخ الشهادات4؛
و -تنقيط العدول سنويا على أساس السلوك واإلنتاج والكفاءة؛
المتغيب.5
ِّ ز -تعيين من يخلف العدل
وقد نص على بعض هذه االختصاصات في المادة 38من م.ت.خ.ع ،وذلك في
الباب الرابع الموسوم بمراقبة خطة العدالة ،جاء فيها" :يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق
على الشهادة المنجزة طبقا للقانون بمداد أسود غير قابل للمحو بصيغة :الحمد هلل أعلم
بأدائها ومراقبتها؛ مع توقيعه مقرونا باسمه ووضع الطابع والتنصيص على تاريخ الخطاب
وذلك في أجل ال يتعدى ستة أيام من تاريخ التضمين.
يط لع على كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ والوثائق التي تحت عهدة العدل.
الخطاب بأنه" :أن يكتب قاضي بلد إلى بلد آخر بما ثبت عنده من حق إنسان في بلد القاضي الكاتب على َ ع َّرف التسولي
َ 1
آخر في بلد المكتوب إليه ليحكم عليه هنالك" أ بو الحسن علي بن عبد السالم التسولي ،البهجة في شرح التحفة ،ضبطه
وصححه :محمد عبد القادر شاهين ،دار الكتب العلمية-بيروت ،ط 1998/1م ،ج ،1ص .118وجاء في القوانين الفقهية
البن جزي" :وللقاضي أن يخاطب قاضيا آخر بأحد ثالثة أشياء:
األول :الحكم على الذي حكم به في قضية بعد نفوذه؛
الثاني :بأداء الشهود وقبولهم المتضمن الثبوت على أن يحكم فيها المكتوب إليه؛
الثالث :بمجرد أداء الشهود على أن ينظر المكتوب إليه في تعديلهم ثم يحكم ".ابن جزي الغرناطي ،القوانين الفقهية ،تحقيق
ماجد الحموي ،دار ابن حزم-بيروت ،ط 2013/1م ،ص 495وما بعدها.
2نصت المادة 35من خ.ع على أنه" :يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد إتمام اإلجراءات الالزمة،
والتأكد من خلوها من النقص ،وسالمتها من الخلل ،وذلك باإلعالم بأدائها ومراقبتها.
يتعين على القاضي أال يخاطب على الشهادات الخاضعة لواجبات التسجيل إال بعد تأديتها.
ال تكون الوثيقة تامة إال إذا كانت مذيلة بالخطاب ،وتعتبر حينه وثيقة رسمية".
3المادة 51من خ.ع والمادة 23من م.ت.خ.ع.
4المادة 35من م.ت.خ.ع.
5الفقرة الثالثة من المادة 18من خ.ع" :يمكن للقاضي المكلف بالتوثيق تعيين من يخلف العدل المتغيب من بين عدول
دائرة نفوذه كلما اقتضت المصلحة التوثيقية ذلك".
16
مرة في السنة على األقل"... ِ
يفتِّش مكاتبهم ِّ
وال بد من الوقوف قليال عند مسألة خطاب القاضي ،هذا اإلجراء الذي يكسب الوثيقة
ِ
المهتمين بالتوثيق العدلي ،إذ من مطالب العدلية صفة الرسمية ،قد خلق ِسجاال كبي ار بين
ِّ
العدول وهيئتهم الوطنية التِّخلي عن هذا اإلجراء ،وإكساب الرسمية للوثيقة العدلية بمجرد
تلقيها من لدن العدول.
فالوثيقة ال تكون رسمية إال إذا تفحصها القاضي وخاطب عليها ،والنسخة التي تستخرج
منها تكون لها الصفة نفسها بالمخاطبة عليها.
وعند الحديث عن القاضي المكلف بالتوثيق والخطاب على الشهادات ،قد ير ِاودك سؤال
مختص بالشؤون
ِّ عن مدى إمكانية هذا القاضي بتلقي الشهادات من األطراف بما أنه
التوثيقية ،وأنه الذي يضفي الرسمية على الشهادات.
بداية يمكن القول بأن القاضي المكلف بالتوثيق ليس من اختصاصه تلقي الشهادات
من األطراف ،إذ إن القانون خول هذه المهمة للعدول ،ويقتصر دور قاضي التوثيق بإضفاء
الرسمية عليها.
فالقاضي المكلف بالتوثيق حين يتلقى بنفسه الشهادة من األطراف ،يكون قد تجاوز
اختصاصاته التي أوكلها له المشرع.
وقد سلكت محكمة النقض هذا المسلك ،إذ جاء في أحد ق ارراتها أنه" :إذا كان من
يتلقاها و ِِّ
يحررها العدول حتى تكتسب اختصاص قاضي التوثيق المخاطبة على الرسوم التي ِّ
الصفة الرسمية ،فإن ذلك ال يعني أنه يمكنه تلقي االتفاقات وتحرير الشهادات واإلشهادات
كالعدول ،وفي نازلة الحال فإن المحضر الذي أنجزه قاضي التوثيق بخصوص اتفاق
رسمية وال ورقة عرفية يعتد بها
ِّ الطرفين على البيع ،دون أن يوِِّقعانه ،ال يعد ال ورقة
ِّ
قانونا".1
1قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) ،قرار عدد 1458المؤرخ في 2009/4/22م ،الملف المدني عدد
2008/3/1/1797م ،الموقع الرسمي لمحكمة النقض ،https://juriscassation.cspj.maتاريخ االطالع:
2022/03/18م على الساعة ( ،18يُنظر القرار كامال في الملحق).
17
يتوض ح إذن ،أن رقابة القاضي المكلف بالتوثيق للعدول؛ قبلية كانت أو بعدية ،من
شأنها أن تحقق األمن التوثيقي واالستقرار التعاقدي المنشود ،نظ ار لشدة هذه الرقابة
وصرامتها ،وهذا مراد المشرع من تنويع رقابة هذا القاضي على مرفق التوثيق العدلي.
ِ
السجالت؛
✓ كيفية تضمين الناسخ للشهادات في ِّ
✓ كيفية استخراجه نسخ الشهادات؛
✓ تصرفاته أثناء قيامه بعمله.
أ -اإلشراف على مكاتب النساخ التابعين لدائرة نفوذه ،وال يجوز للناسخ التغيب عن
عمله إال بإذن من قاضي التوثيق2؛
النساخ بطريقة عادلة لتضمينها ،مع مراعاة المصلحة ِِّ
يوزع الشهادات على ِّ ب-
التوثيقية3؛
تعلق األمر بأصحابها أو ذوي الحقوق بناء
ج -اإلذن باستخراج نسخ الشهادات إذا ِّ
على طلب كتابي يؤشر عليه قاضي التوثيق ،وال تستخرج النسخ إذا تعلق األمر
بغير هؤالء إال بناء على أمر كتابي معلل يصدره قاضي التوثيق4؛
18
د -تسلم كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ وِس ِجالت التضمين واالحتفاظ بها ،وعند انتهاء
تكليفه بمهام التوثيق ،وجب عليه تسليمها لخلفه بعد إحصائها وبيان حالتها بواسطة
تقرير تبعث نسخة منه إلى الو ازرة ،وفي حالة حدوث مانع يحول دون االستمرار في
مزاولة مهامه ،يقوم خلفه بجردها وبيان وضعيتها وإخبار الو ازرة بذلك1؛
تقع على عاتق القاضي المكلف بالتوثيق جملة من االلتزامات ،ترتبط أساسا بالتزاماته
المتعلقة بإدارة التسجيل والتمبر ،وو ازرتي العدل واألوقاف والشؤون اإلسالمية.
معنى ذلك أن القاضي ال يمكنه المخاطبة عل ى الوثائق التي لم يتم إجراء التسجيل
بشأنها ،ويلزم بتوجيه نسخ جميع الشهادات الخاضعة للتسجيل بعد الخطاب عليها إلى
مصلحة التسجيل التابعة لدائرة اختصاصه ،بغية تمكين المصالح المالية من مراقبة الرسوم
العدلية فيما تعلق باستخالص واجبات التسجيل ،وللتأكد من مطابقة المبالغ المستخلصة
بواسطة الرسوم التي بعث بها العدول أو قدمها أصحابها مباشرة ،مع المبالغ المدونة بهذه
2
الرسوم بعد الخطاب عليها.
19
-2التزامات القاضي المكلف بالتوثيق تجاه وزاراتي العدل واألوقاف والشؤون
اإلسالمية
اإلسالمية
ِّ يلتزم القاضي المكلف بالتوثيق تجاه و ازرتي العدل واألوقاف والشؤون
بمجموعة من االلتزامات.
نصت الفقرة األخيرة من المادة 38من م.ت.خ.ع على أن القاضي المكلف بالتوثيق:
"يرفع تقري ار سنويا في مطلع كل سنة باإلضافة إلى التقارير الخاصة بمخالفة أو إخالل".
ِ
تتعلق بنشاط قسم
ضمنه معطيات ِّفالقاضي المكلف بالتوثيق ملزم بإعداد تقرير سنوي ي ِّ
التوثيق وكيفية تسييره ،ومدى أهميته من الناحية اإلستراتيجية .وتظهر أهمية هذا اإلجراء في
كونه يم ِِّكن الو ازرة من إعداد دراسات حول وضعية التوثيق بكل دائرة قضائية ،لالطالع على
1
المشاكل التي تعترض أقسام التوثيق والبحث عن الحلول المالئمة.
ب -التزامات القاضي المكلف بالتوثيق تجاه وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية
الشهر الهجري يحتاج إلى إثبات شرعي ،لما يترتب على ثبوته من لما كان حلول ِّ
ِّ
اختص القضاة منذ القديم بهذا اإلثبات ،وذلك بتكليف من األمراء والوالة
ِّ عية ،فقد
أحكام شر ِّ
والحكام المتعاقبين على تدبير شؤون ِّ
الدولة.
وقد استقر العمل في المملكة المغربية على ذلك ،فقضاة التوثيق هم المكلفون بإثبات
عشية التاسع والعشرين من كل
بمعية من يختارونهم من العدول بمراقبة األهلة ِّ
رؤية الهالل ِّ
2
ظار األوقاف والشؤون اإلسالمية.
شهر ،وذلك بتنسيق مع ن ِّ
20
ثانيا :مسؤولية القاضي المكلف بالتوثيق
لقد أناط المشرع المغربي بالقاضي المكلف بالتوثيق مهمة مراقبة الوثائق التي تتم
بواسطة العدول ،والسهر على جعلها مطا ِبقة ألحكام الشرع وقواعد التوثيق حتى تأتي
1
صحيحة مبنى ومعنى ،وخالية من كل نقص أو خلل قد ينال من حجيتها.
وقد أكد المشرع ذلك في الفقرة األولى من المادة 35من خ.ع ،جاء فيها" :يخاطب
القاضي المكل ف بالتوثيق على الشهادات بعد إتمام اإلجراءات الالزمة ،والتأكد من خل ِِّوها من
النقص ،وسالمتها من الخلل ،وذلك باإلعالم بأدائها ومراقبتها".
ذلك أن الخطاب مقيد بمدى سالمة الوثيقة من الخلل والنقص ،فال خطاب على وثيقة
م ختلة شكال أو ناقصة موضوعا .والعمل في هذه الحالة على إعادة تحرير الوثيقة
وتصحيحها في ضوء بياناتها بمذكرة الحفظ وتوقيع العدلين عليها ،وأما توقيع األطراف فإنه
يجري بمذكرة الحفظ على ما به العمل في ضوء أحكام القانون ،وال إشكال إذا تم التدوين
بمذكرة الحفظ سليما ،أو أنه وقع خطأ وقد تم االعتذار عليه ،فالقانون أجاز االعتذار في
2
مذكرة الحفظ فقط ،وال اعتذار بالطبع في الوثيقة.
وبهذا فإن القاضي المكل ف بالتوثيق يبقى مسؤوال عن سالمة كل شهادة قدمها إليه
العدول قصد مراجعتها ،وتتحدد مسؤوليته بالخصوص في ضرورة توفير حجة سالمة من
النقص ،أي أن تكون الوثيقة التي وافق على تضمينها وأشر عليها ،مطا ِبقة
الخلل وخالية من ِّ
للقواعد التوثيقية الجاري بها العمل ،وللضوابط واألحكام المنصوص عليها قانونا ،وبما أن
المعنية
ِّ الخطاب اليوم ال يعدو أن يكون مجرد إخبار قضاة الحكم إلى جانب باقي الجهات
بأن الوثيقة سالمة وصحيحة ،فإن القاضي المكلف بالتوثيق ملزم بتوفير هذه الوثيقة كوسيلة
إثبات سالمة وصحيحة ،يعتمدها قضاة الحكم في القضايا المعروضة عليهم ،وكل عيب
شابها أو خلل دخلها تعود المسؤولية فيه إليه وحده باعتباره هو المراقب الوحيد الذي كلفه
3
القانون بذلك ،خاصة أن خطاب القاضي هو الذي ي ضفي على الشهادات الصبغة الرسمية.
21
فمن خالل هذه االلتزامات والمسؤوليات العظمى ،التي أوقعها المشرع على عاتق
القاضي المكلف بالتوثيق ،سيتأتى ضمان حسن سير المرفق التوثيقي ،وأدائه لمهامه على
أكمل وجه تحقيقا الستقرار المعامالت التعاقدية واألمن واالطمئنان.
22
خاتمة
يتبين بجالء إذن ،أن القاضي المكلف بالتوثيق تناط به مهام كثيرة ،ترمي إلى تنظيم
وتسيير مرفق التوثيق العدلي ،من خالل مراقبة العدول والنساخ وما يصدر عنهم من أعمال
ووثائق.
ِ
لكن اإلشكال هو أن أغلب القضاة المكلفين بالتوثيق ال يتحرون ِّ
الدقة في التأكد من
سالمة الوثائق العدلية ،إذ يكتفون بالخطاب على الوثائق دون التثبت من خلوها من القوادح.
لهذا وجب أن يكون قاضي التوثيق مختصا بالمجال التوثيقي فقط دون أن يمارس مهام
الفصل في النزاعات ،والسهر على تكوينه تكوينا رصينا ،ألجل ممارسة هذه المهمة بكيفيتها
المطلوبة ،تحقيقا لالستقرار واألمن التوثيقي المنشود.
بيد أنه على مستوى الواقع ،تتعالى المطالب في الندوات واللقاءات على إلغاء رقابة
قاضي التوثيق للعدول ،إال أن ذلك سيؤدي ال محالة إلى عدم تحقيق الغاية المنشودة من
مرفق التوثيق العدلي؛ أال وهي االستقرار واألمن التوثيقي.
23
ُملحـق
1
1قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) ،قرار عدد 1458المؤرخ في 2009/4/22م ،الملف المدني عدد
2008/3/1/1797م ،الموقع الرسمي لمحكمة النقض ،https://juriscassation.cspj.maتاريخ االطالع:
2022/03/18م على الساعة .18
24
25
26
قائمة المصادر والمراجع المعتمدة
أوال :الكتب
✓ ابن المناصف ،تنبيه الحكام على مآخذ األحكام ،دار التركي للنشر ،ط 1988م.
✓ ابن جزي الغرناطي ،القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية والتنبيه على مذهب
الشافعية والحنفية والحنبلية ،حققه :ماجد الحموي ،دار ابن حزم-بيروت ،ط
2013/1م.
✓ ابن فرحون ،تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام ،تحقيق :جمال
مرعشلي ،دار عالم الكتب-الرياض ،ط 2003م ،ج .1
✓ التسولي ،البهجة في شرح التحفة ،ضبطه وصححه :محمد عبد القادر شاهين ،دار
الكتب العلمية-بيروت ،ط 1998/1م ،ج .1
✓ العلمي الحراق ،مدونة األسرة والتوثيق العدلي -دراسات وتعاليق ،-دار السالم-
الرباط ،ط 2005/1م.
✓ عبد الرحمن بلعكيد ،وثيقة البيع بين النظر والعمل ،مطبعة النجاح الجديدة-الدار
البيضاء ،ط 2014/4م.
✓ عبد هللا روحمات ،مهام القا ضي المكلف بالتوثيق بين النظر والتطبيق ،دار السالم-
الرباط ،ط 2014/1م.
✓ أستاذنا محمد بن الطالب ،مباحث في التوثيق العدلي وقواعد اإلثبات في الفقه
اإلسالمي والتشريع المغربي ،مطبعة قرطبة-أكادير ،ط 2018م.
ثانيا :المحاضرات
ثالثا :المقاالت
27
✓ أنس سعدون ،تعيين قاضيات للتوثيق بالمغرب خطوة نحو المناصفة ،مقال منشور
بجريدة "األخبار على مدار الساعة" اإللكترونية ،تاريخ االطالع 2022/04/22م،
على الساعة 12زواال.
رابعا :القوانين
✓ القانون رقم 16.03المتعلق بخطة العدالة ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
،1.06.56صادر في 15من محرم 1427هـ ( 14فبراير 2006م) ،الجريدة الرسمية
عدد ،5400بتاريخ فاتح صفر 1427هـ ( 02مارس 2006م) ،ص .556
✓ ظهير شريف رقم 1.04.22صادر في 12من ذي الحجة 1424هـ ( 03فبراير
2004م) بتنفيذ القانون رقم 70.03بمثابة مدونة األسرة ،الجريدة الرسمية عدد
5184بتاريخ 14ذو الحجة 1424هـ ( 05فبراير 2004م) ،ص .418
✓ القانون رقم 49.00المتعلق بتنظيم مهنة النساخة ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم ،1.01.124صادر في 29من ربيع األول 1422هـ ( 22يونيو 2001م)،
الجريدة الرسمية عدد ،4918بتاريخ 27ربيع اآلخر 1422هـ ( 19يوليو 2001م)،
ص .1864
✓ ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11رمضان 1394هـ ( 28شتنبر
1974م) المتعلق بالمصادقة على قانون المسطرة المدنية ،الجريدة الرسمية عدد
،3230بتاريخ 13رمضان 1394هـ ( 30شتنبر 1974م) ،ص .2741
خامسا :المراسيم
28
الرسمية عدد ،5030بتاريخ 06جمادى اآلخرة 1423هـ ( 15غشت 2002م) ،ص
.2335
سادسا :القرارات
✓ قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) ،قرار عدد 1458المؤرخ في
2009/4/22م ،الملف المدني عدد 2008/3/1/1797م ،الموقع الرسمي لمحكمة
النقض ،https://juriscassation.cspj.maتاريخ االطالع2022/03/18 :م
على الساعة .18:00
29
فهرس المحتويــات
مقدمة 3 ................................................................................................................................................................................................................
ملحـق 24..............................................................................................................................................................................................................
30