You are on page 1of 33

‫الفوج الرابع – الفصل الثاني‬

‫وحدة‪ :‬المهن المرتبطة بالتوثيق والعقار‬

‫تحت إشراف‪ :‬الدكتور عبد هللا بوضاض‬

‫عرض بعنوان‪:‬‬

‫أخالقيات المهن التوثيقية‬

‫من إعداد‪:‬‬

‫علي حريش‬
‫باعال يحيى‬

‫الموسم الجامعي‪:‬‬
‫‪1443‬هـ ‪2022-2021 /‬م‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫مــــقـــدمـــــة‬

‫يهدف كل من القانون واألخالق إلى ضبط السلوك االجتماعي لألفراد‪ ،‬وذلك بغية الحفاظ على حقوق‬
‫ومصالح ومشاعر المواطنين‪ ،‬وعدم تعرضهم لإليذاء أو الضرر‪ ،‬وإذا كانت األخالق ذات طبيعة «مثالية» تسعى‬
‫إلى تحقيق ما ينبغي أن يكون‪ ،‬فإن القانون ذو نزعة «واقعية» يسعى إلى تحقيق الممكن والمتاح ‪.‬‬
‫ويعد موضوع األخالقيات المهنية موضوعا شائعا في العالم‪ ،‬وهو مهم وأساسي في حياة األفراد ‪ ،‬فهو‬
‫ال يتعلق بالجوانب الفنية في العمل‪ ،‬وإنما باألساس األخالقي له‪ ،‬كما أنه ال يخاطب العقل فقط بل الضمير‬
‫والوجدان أيضا‪ ،‬فهو حوار النفس قبل حوار اآلخرين‪ ،‬إذ منذ القدم كان موضوع أخالقيات المهنة محل اهتمام‬
‫الرتباطه بكل جوانب الحياة سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية‪ ،‬عالوة على ذلك فإن هذه األخالقيات‬
‫وثيقة الصلة بالعقيدة اإلسالمية بل ال تقوم إال بها‪.‬‬
‫وموضوع األخالقيات المهنية في المهن المرتبطة بالتوثيق أصبح من المواضيع التي تحظى باهتمام‬
‫متزايد خالل السنوات األخيرة نظ ار لعدة أسباب‪ ،‬في مقدمتها تزايد الفضائح األخالقية والنقد الموجه لمختلف المهن‬
‫والمعايير التي تعتمدها بعيدا عن اإلطار األخالقي ‪ ،‬حيث أن تخليق الحياة العملية و تنمية االلتزام بالمثل‬
‫والقيم األخالقية واالعتبارات القانونية والسلوكيات االيجابية تعتبر من السياسات الرئيسية التي ينبغي وضعها‬
‫في المقام األول وأن تسير في فلكها جميع السياسات األخرى المنشودة التي توصل جميعا نحو تحسين األداء‬
‫وبالتالي تحسين رفاهية المجتمع ‪.‬‬

‫ونتطرق إلشكالية البحث المتعلقة في مدى انعكاس تقنين أخالقيات المهن التوثيقية على جودة العمل‬
‫التوثيقي ومساهمته في تحقيق األمن العقاري المنشود‪ ،‬ودلك عبر اإلجابة على أسئلة متعددة مرتبطة بتعريف‬
‫أخالقيات المهن التوثيقية‪ ،‬وأساسها القانوني‪ ،‬وأثرها في تحقيق األمن التوثيقي ثم أخي ار السبل الكفيلة بتعزيز‬
‫وتفعيل وتجويد أخالقيات المهن التوثيقية‪.‬‬

‫ونقترح للتفاعل مع هذه األسئلة تقسيم البحث على الشكل التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األساس القانوني وأهم أخالقيات مهنيي التوثيق‬

‫المبحث الثاني‪ :‬واقع أخالقيات مهن التوثيق وتأثيره على األمن العقاري وسبل تخليقه‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األساس القانوني وأهم أخالقيات مهنيي التوثيق‬
‫إن مما ال شك فيه أن المشرع المغربي قد أولى اهتماما كبي ار للمقتضيات األخالقية لكل المهن عموما‬
‫ومهن التوثيق خصوصا‪ ،‬وسنحاول من خالل هذا المبحث التعرف على مظاهر هذه العناية وذلك من خالل‬
‫التعرف على األساس القانوني لتلك األخالقيات بمختلف القوانين (المطلب األول) على أن نفصل القول في‬
‫بعض هذه األخالقيات في (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األساس القانوني ألخالقيات مهنيي التوثيق بالقوانين الخاصة‬


‫في هذا المطلب سنحاول الحديث عن األساس القانوني لهذه القيم األخالقية وذلك من خالل اإلشارة إلى مجموع‬
‫القواعد القانونية المنظمة ألخالق مهنيي التوثيق‪:‬‬

‫‪ ‬العدول‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 4‬من قانون ‪16.03‬‬

‫"يتعين على كل عدل التحلي باألمانة والوقار‪ ،‬والحفاظ على شرف المهنة وأسرار المتعاقدين‪"...‬‬
‫‪2‬‬
‫مدونة أخالقيات العدول‬

‫تهدف هذه المدونة إلى‪ :‬إرساء معايير أخالقية‪ ،‬وقواعد ومبادئ أساسية آلداب مهنة التوثيق العدلي‪ ،‬وقيم‬
‫وثقافة مهنية عالية لدى العدول‪ ،‬وتعزيز االلتزام بهذه المعايير والقواعد والقيم‪ ،‬وترسيخ أسس الممارسات‬
‫الجيدة والحكامة الرشيدة‪ ،‬وذلك من خالل توعية العدول وتوجيههم نحو األخالق المهنية السليمة‪ ،‬وكذا بيان‬
‫واجباتهم ومسؤولياتهم المهنية‪ ،‬ودورهم في تحسين الخدمات المقدمة من طرفهم وتعزيز مصداقية مهنتهم‪.‬‬
‫تعزيز ثقة المواطن بعمل العدول‪ ،‬وزيادة االحترام والتقدير لدور هذه المهنة في توفير الخدمات بأفضل طريقة‬
‫ممكنة‪.3‬‬

‫الجريدة الرسمية رقم ‪ 5400‬الصادرة يوم الخميس ‪ 2‬مارس ‪2006‬‬ ‫‪1‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1-06-56‬صادر في ‪ 15‬من محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪ )2006‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 16-03‬المتعلق بخطة‬
‫العدالة‪.‬‬
‫مسودة مدونة أخالقيات العدول كما أعدتها الهيئة الوطنية للعدول‬ ‫‪2‬‬

‫المادة الثالثة من مدونة أخالقيات العدول‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ ‬الموثق‬
‫من خالل بحثنا عن األساس القانوني لاللتزامات األخالقية للموثق‪ ،‬نجد أن المادة الثانية من القانون ‪32.094‬‬
‫هي القاعدة األساس التي بنيت عليها هذه االلتزامات‪:‬‬
‫المادة ‪2‬‬
‫يتقيد الموثق في سلوكه المهني بمبادئ األمانة والنزاهة والتجرد والشرف وما تقتضيه األخالق الحميدة وأعراف‬
‫وتقاليد المهنة‬
‫المادة ‪3‬‬
‫تنص المادة على أنه‪" :‬يشترط في المترشح لمهنة التوثيق أن يكون‪:‬‬
‫‪ 4‬ـ متمتعا بحقوقه الوطنية والمدنية وذا مروءة وسلوك حسن‪"...‬‬
‫‪ .‬الفصل ‪ 43‬من ظهير ‪ 4‬ماي ‪1925‬‬
‫ينص هذا الفصل على مسألة السيرة الحسنة أي على أن الموثق لكي يتم اختياره لهذه المهنة يستحسن أن يكون‬
‫حسن السيرة‪.‬‬
‫ولكن المالحظ في هذا القانون أنه لم يجعل األخالق من الشروط األساسية لولوج المهنة وإنما جعله شرطا ثانويا‪.‬‬
‫‪ ‬المحامي‪:‬‬
‫الرسالة الملكية الموجهة للمؤتمر الدولي للمحامين المنعقد بفاس ايام ‪ 28‬غشت الى ‪ 4‬شتنبر ‪2005‬‬
‫"بقدر ما أصبح لمهنة المحاماة من طابع عالمي فإنها تواجه ضرورة توحيد القيم السلوكية المثلى‪،‬‬
‫‪ .‬من يضيف حتى المادة ‪ 3‬من نفس القانون التي جاء فيها‪« :‬يتقيد المحامي في سلوكه المهني بمبادئ‬
‫االستقالل والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف‪ ،‬وما تقتضي األخالق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة"‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.11.179‬صادر في ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 22( 1432‬نوفمبر ‪ )2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق‬ ‫‪4‬‬

‫بتنظيم مهنة التوثيق‬


‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5989‬مكرر بتاريخ ‪ 28‬ذو القعدة ‪ 26( 1432‬اکتوبر ‪ )2011‬ص ‪5228‬‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫القانون المنظم لمهنة المحاماة‬

‫المادة ‪ :11‬هذه المادة ألزمت نقيب هيئة المحاكاة بالنظر في ملفات المترشحين من أجل االطالع على مجموعة‬
‫من المعطيات ومن بينها أخالقهم‪.‬‬
‫المادة ‪ :12‬تنص هذه المادة على القسم الذي يؤديه المترشحون ومنطوق هذا القسم هو‪" " :‬أقسم باهلل العظيم أن‬
‫أمارس مهام الدفاع واالستشارة بشرف وكرامة وضمير ونزاهة واستقالل وإنسانية‪ ،‬وأال أحيد عن االحترام الواجب‬
‫للمؤسسات القضائية وقواعد المهنة التي أنتمي إليها وأن أحافظ على السر المهني‪ ،‬وأال أبوح أو أنشر ما‬
‫يخالف القوانين واألنظمة واألخالق العامة‪ ،‬وأمن الدولة‪ ،‬والسلم العمومي"‪.‬‬
‫المادة ‪ :61‬والتي تعاقب المحامي على االخالل بالمروءة والشرف‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهم أخالقيات مهنيي التوثيق‬
‫سنحاول في هذا المطلب التعرف على أهم األخالق التي يجب على مهنيي التوثيق التحلي بها‪ ،‬بداية‬
‫بالعدل والموثق في (فقرة أولى) وبعد ذلك ننتقل للحديث عن أخالقيات المحامي في (فقرة ثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أخالقيات العدل والموثق‬
‫سنفتتح هذه الفقرة بالحديث عن العدل (أوال) قبل أن نختمها بأخالقيات الموثق (ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬أخالقيات العدول‬
‫ينبغي على العدل لكي يمارس هذه المهنة الجليلة والشريفة أن يتسم بمجموعة من األخالق ومن بين‬
‫هذه األخالق‪ :‬اإلخالص والصدق واألمانة والنزاهة والعفة وسنحاول التفصيل في كل خلق على حدة‪.‬‬
‫أ ـ اإلخالص‪:‬‬

‫يتصدر اإلخالص قائمة األخالق التي يجب على العدل التحلي بها‪ ،‬وإخالص العدل هو أداؤه لمهامه‬
‫عن طريق جعل غايته من هذه المهنة صيانة حقوق الناس وتوثيق معامالتهم على أكمل وجه‪ ،‬ويعتبر اإلخالص‬
‫من األخالق التي يقسم العدل على التحلي بها أثناء ممارسته لمهامه‪ ،‬كما جاء في المادة ‪ 10‬من قانون ‪:16.03‬‬
‫"أقسم ب اهلل العظيم أن أودي بكل أمانة وإخالص المهام المنوطـة بـيء وأن أحافظ كـل المحافظة على أسرار‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.08.101‬صادر في ‪ 20‬من شوال ‪ 20( 1429‬أكتوبر ‪ )2008‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 28.08‬المتعلق‬ ‫‪5‬‬

‫بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة الجريدة الرسمية ‪ 5680 -‬بتاريخ ‪ 7‬ذو القعدة ‪ 6( 1429‬نوفمبر ‪ ،)2008‬ص ‪.4044‬‬

‫‪5‬‬
‫المتعاقدين‪ ،‬وأن أسلك في ذلك كله مسلك العدل المخلص األمين‪ ".‬واالخالص في مجال التوثيق يستدعي أن‬
‫يكون الباعث الذي دفع بالعدل لتلقي اإلشهاد هو استشعار عظم المسؤولية التي قلدها هللا له‪.‬‬
‫كما يستدعي اإلخالص في التوثيق‪ ،‬أن يكون عمل العدل موافقا للمقتضيات القانونية والشرعية‪ ،‬وأن‬
‫تكون الشهادات التي يتلقاها غير خارجة عن دائرة التعامل‪ ،‬ألن العمل يجب أن يكون خالصا وموافقا للصواب‪،‬‬
‫إذ ال يمكن للعدل أن يكون مخلصا وفي نفس الوقت يتهاون في تلقي جميع الشهادات التي تعرض عليه دون‬
‫أن يميز بين اإلشهاد الذي يحفظ لألفراد حقوقهم ويحقق األمن التوثيقي وبين الذي يعرضها للضياع والنهب‬
‫ويهدد أمنهم وثقتهم‪.6‬‬
‫ب ـ الصدق‪:‬‬

‫رغم أن القانون ‪ 16.03‬لم ينص بشكل صريح على وجوب تحلي العدل بالصدق‪ ،‬إال أن هذا األخير‬
‫يبقى من اآلداب واألعراف المهنية التي يجب أن يتصف بها كل من انتمى لهذه المهنة الشريفة‪ ،‬كما أنه يعد‬
‫من األخالق الالزمة التي اشترط الفقهاء توفرها في العدل‪.‬‬

‫هذا ويمكن اعتبار ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة ‪ 4‬من قانون ‪ 16.03‬من ضرورة كون العدل‬
‫ذا مروءة وسلوك حسن‪ ،‬مقتضى قانونيا يلزم العدل بالتحلي بخلق الصدق‪ ،‬لكون هذا األخير من مستلزمات‬
‫المروءة والسلوك الحسن‪.‬‬

‫والصدق في مجال التوثيق العدلي له مظاهر عدة هدفها حماية األمن التوثيقي وتحقيقه ويتجلى ذلك من خالل‬
‫المظاهر التالية‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون العدل صادقا مع نفسه‪ :‬بأن ال يتأثر بالعوامل المادية التي ستبعده عن هذه الخصلة الحميدة‪.‬‬
‫أن يكون العدل صادقا في حديثه‪ :‬مع زمالئه في المهنة‪ ،‬ومع شركائه من موظفي اإلدارات التي‬ ‫‪‬‬
‫يتعامل معها‪ ،‬ومع األفراد الذين يقصدونه إما لتلقي الشهادات منهم‪ ،‬أو قصد استشارته في واقعة أو‬
‫نازلة معينة‪ ،‬كنوازل اإلرث والمعامالت وغيرها‪ ،‬فال يقول إال ما تيقن من صدقه‪.‬‬

‫ضمانات التوثيق العدلي ودورها في تحقيق األمن التوثيقي للمعامالت العقارية ـ للطالب محمد االمام العزاوي ـ تحث اشراف‬ ‫‪6‬‬

‫الدكتور الحسن الراغيبي أطروحة لنيل الدكتوراه في كلية الشريعة ـ سنة ‪ .2017‬ص‪67 :‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ‬أن يكون العدل صادق الوعد‪ :‬خاصة وأن القانون المنظم لخطة العدالة حدد للعدل مدة يجب أال‬
‫يتجاوزها في تحرير الوثيقة‪ ،‬وهذه المدة حددتها المادة ‪ 27‬من مرسوم تطبيق قانون خطة العدالة‪ 7‬في‬
‫‪ 6‬أيام‪ ،‬كما يتحتم على العدل متابعة اإلجراءات التي تمر منها الوثيقة العدلية‪ ،‬من تسجيل وتضمين‬
‫وخطاب‪ ،‬بل يجب عليه أن يجتهد وسعه ما أمكن لجعل شركائه اإلداريين يعجلون اإلجراءات حتى‬
‫تسلم الوثائق ألربابها في أجال معقولة‪.‬‬
‫أن يكون العدل صادقا في معامالته‪ :‬مع أطراف العقد‪ ،‬فال يغش في تحديد أتعابه‪ ،‬بل عليه أن يلتزم‬ ‫‪‬‬
‫بما حدده المشرع المغربي في تعريفة األجور‪.8‬‬

‫ج ـ األمانة‪:‬‬

‫يعد خلق األمانة أساس أخالقيات العدالة وأقدسها‪ ،‬فبواسطته يؤدي العدل واجبه المهني بتفان ودقة‬
‫متناهية‪ ،‬وإيمانا من المشرع المغربي بأهمية هذه الخصلة الخلقية‪ ،‬ألزم العدل بالتحلي بها في بندين‪ .‬فنص أوال‬
‫في المادة ‪ 2‬من قانون ‪ 16.03‬على أنه‪ ":‬يتعين على العدل التحلي باألمانة‪ ،"...‬ثم بعد ذلك جاء فأدرج األمانة‬
‫ضمن األخالق التي يقسم العدل على التحلي بها‪ ،‬بل إنه كرر خلق األمانة في القسم مرتين جعله بداية القسم‬
‫ونهايته‪ ،‬كما هو مبين من صيغة القسم في اآلتي‪ " :‬أقسم باهلل العظيم أن أودي بكل أمانة وإخالص المهام‬
‫المنوطة بي‪ ،‬وأن أحافظ كل المحافظة على أسرار المتعاقدين‪ ،‬وأن أسلك في ذلك كله مسلك العدل المخلص‬
‫‪9‬‬
‫األمين"‪.‬‬

‫كما أن هذا الخلق يفرض على العدل أن يؤدي ما يجب عليه من حق الغير بأمانة‪ :‬وما يجب على‬
‫العدل من حق للمتعاقدين يتمثل في تلقي اإلشهاد وفق ما هو محدد في قانون ‪ 16.03‬ومرسوم تطبيقه‪ ،‬فال‬
‫يتهاون في التلقي والتحرير حتى يقع في أغالط وأخطاء من شأنها أن تضر بمصالح المتعاقدين‪ ،‬كما تتجلى‬
‫األمانة هنا في تلقي ما يمليه الطرفان‪ ،‬وتحريره وفق ما هو عليه في مذكرة الحفظ‪ ،‬فال يكون فيه تغيير وال تبديل‬
‫وال زيادة وال نقصان‪ ،‬وإن كانت الشهادة من إنشاء العدل‪ ،‬فاألمانة فيها أن تكون مضامينها خالية من الكذب‬
‫والتالعب بالحقائق‪.10‬‬

‫ـ مرسوم رقم ‪ 2.08.378‬صادر في ‪ 28‬من شوال ‪ 28( 1429‬أكتوبر ‪ )2008‬بتطبيق أحكام القانون رقم ‪ 16.03‬المتعلق بخطة العدالة ـ جريدة‬ ‫‪7‬‬

‫رسمية عدد ‪ 5687‬صادرة بتاريخ ‪ 2‬ذو الحجة ‪( 1429‬فاتح ديسمبر ‪)2008‬‬


‫‪ 8‬ـ أتعاب العدول منصوص عليها في الفصل الباب الخامس من المرسوم التطبيقي المشار إليه أعاله‬
‫‪ 9‬ـ المادة ‪ 12‬من القانون ‪ 03‬ـ ‪.16‬‬
‫ضمانات التوثيق العدلي ودورها في تحقيق األمن التوثيقي للمعامالت العقارية ـ م‪.‬س ـ ص‪ 70 :‬بتصرف‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪7‬‬
‫د ـ‪ :‬الوقار‪:‬‬

‫هذا الخلق نص عليهما المشرع في المادة ‪ 2‬من قانون ‪ :16.03‬يجب على العدل التحلي باألمانة والوقار‪،‬‬
‫والحفاظ على شرف المهنة‪ .‬ومن مظاهر الوقار في مجال التوثيق العدلي‪ ،‬أن تكون تصرفات العدل ومظاهره‬
‫بعيدة كل البعد عنما من شأنه أن يمس هيبته ووقاره‪ ،‬أو يهدد استقامته‪ ،‬فال يكون أسي ار لشهواته‪ ،‬بل عليه أن‬
‫يتثبت عند الشبهات ويعرض عن الهفوات‪ ،‬ويضبط نفسه عن سرعة الحركات‪ ،‬ويلزم الصمت إال من ضرورة ال‬
‫يجد فيها من الكالم بدا‪.‬‬

‫ه ـ النزاهة والعفة‪:‬‬

‫هما خلقان لم ينص عليهما المشرع المغربي في قانون ‪ 16.03‬بشكل صريح‪ ،‬وذلك راجع إلى أنه‬
‫اعتبرهمـا يـنضـويان تحت لواء حق األمانة‪ ،‬وبالتالي ال داعي لذكرهمـا فإذا كان قانون ‪ 16:03‬المنظم لخطة‬
‫العدالة لم يشر لهذين الخلفين‪ ،‬فإن القانون الملغى ‪ 81‬ـ ‪ 11‬كان قد نص على خلق النزاهة في الفصل ‪ 9‬منه‪،‬‬
‫إذ جاء فيه‪ ":‬وأن أسلك في ذلك كله مسلك العدل المخلص النزيه‪."...‬‬

‫كانت هذه بعضا من أهم األخالق التي يجب على العدل أن يتخلق بها أثناء ممارسته للمهنة‪ ،‬ويبقى‬
‫اإلشكال المطروح هنا هو‪ :‬إلى أي حد يمكن اعتبار الوسائل واإلجراءات التي يتم تجنيدها للبحث والتحقيق في‬
‫مدى اتصاف المرشح لمهنة العدالة باآلداب واألخالق المذكورة أعاله فعالة وتحقق العرض المتوخى منها؟ غالبا‬
‫ما يتم االعتماد‪ ،‬على السجل العدلي للتأكد من انعدام السوابق القضائية للمترشح‪ ،‬ومن مروءته وحسن سلوكه‪،‬‬
‫باعتبارهما إحدى الشروط المطلوبة توفرها في من أراد االنتساب لهذه المهنة كما هو منصوص عليه في الفقرة‬
‫الثالثة والسادسة والسابعة والثامنة من المادة ‪ 4‬من قانون ‪ .16.03‬غير أن خلو السجل العدلي من هذه الجرائم‬
‫والجنح والمخالفات‪ ،‬ال يعني بالضرورة كون صاحبه ذا مروءة وسلوك وأخالق حسنة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أخالقيات الموثق‬

‫بالنظر إلى أن الموثق شأنه شأن العدل ال بد وأن يتسم بنفس األخالق التي أشرنا إليها أعاله سنحاول‬
‫التطرق باختصار إلى هذه األخالق وكيف تناولها المشرع في القانون المنظم للمهنة وكذا في القوانين الملغاة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫لقد نصت أغلب القوانين المنظمة لمهنة التوثيق على شرط االستقامة والنزاهة فيمن يريد االنخراط في‬
‫هذه المهنة‪ ،‬والهدف من وراء ذلك هو الحيلولة دون تسرب عناصر تنعدم فيها الثقة واألمانة‪ ،‬تعرض حقوق‬
‫األشخاص للضياع‪ ،‬وتمس بالسمعة التي تتمتع بها المهنة على الصعيد االجتماعي‪.11‬‬

‫والمشرع المغربي تأث ار منه بقانون التوثيق الفرنسي صار على نهجه بخصوص هذا الموضوع‪ ،‬فهذا‬
‫األخير أشار إلى مسألة السيرة الحسنة في الفصل ‪ 43‬منه‪ .12‬والمالحظ أن المشرع المغربي صار على نفس‬
‫‪13‬‬
‫الملغي‪ ،‬حيث لم ينص على مسألة األخالق والسيرة الحسنة ضمن‬ ‫النهج في ظل ظهير ‪ 4‬مايو ‪1925‬‬
‫الشروط المطلوبة لولوج هذه المهنة كمتمرن‪ ،‬بل اشترط فقط أن يحظى طلب هذا األخير بالقبول من طرف‬
‫النيابة‪.14‬‬

‫أما في قانون ‪ 32-09‬فقد أدرك المشرع مدى أهمية الجانب األخالقي في ممارسة مهنة التوثيق‪ ،‬وإبعاد‬
‫العناصر المفتقرة لالنضباط والنزاهة وحسن األخالق لما يشكلونه من خطورة على حقوق الناس ومصالحهم‪،‬‬
‫حيث اشترط في المترشح لمهنة التوثيق أن يكون متمتعا بحقوقه الوطنية والمدنية وذا مروءة وسلوك حسن‪.15‬‬

‫كما جاءت مقتضيات أخرى في القانون المذكور تشترط أال يكون المترشح محكوما عليه من أجل جناية‬
‫أو جنحة‪ ،‬باستثناء الجنح غير العمدية‪ ،‬وال يقبل هذا الشخص لالنخراط في المهنة ولو رد اعتباره‪.16‬‬

‫واشترط المشرع في المترشح اال يكون قد صدر في حقه في إطار الوظيفة العمومية أو المهن الحرة عقوبة نهائية‬
‫تأديبية أو إدارية باإلقالة أو التشطيب أو العزل أو اإلحالة على التقاعد أو سحب اإلذن أو الرخصة‪.17‬‬

‫محمد الربيعي ـ األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مكتبة المعرفة مراكش ص‪34 :‬‬ ‫‪11‬‬

‫ـ الفصل ‪ 43‬من قانون ‪ 25‬فانتوز‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫ـ الفقرة األولى من الفصل ‪ 9‬من ظهير ‪ 4‬ماي ‪1926‬‬ ‫‪13‬‬

‫ـ محمد الربيعي ـ م‪.‬س ص‪.35 :‬‬ ‫‪14‬‬

‫ـ الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من قانون ‪.32-09‬‬ ‫‪15‬‬

‫ـ الفقرة السادسة من المادة الثالثة من قانون ‪.32-09‬‬ ‫‪16‬‬

‫ـ الفقرة السابعة من المادة الثالثة من قانون ‪.32-09‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪9‬‬
‫كما ينبغي أال يكون قد حكم عليه بإحدى العقوبات التي تطبق على مسيري المقاوالت والتي وردت في مدونة‬
‫التجارة في القسم الخامس من الكتاب الخامس‪.18‬‬

‫وال يقبل للترشح لمهنة التوثيق كل من أخل بالتزام صحيح يربطه بإدارة أو مؤسسة عمومية لمدة محددة‪.19‬‬

‫إن الهدف من المقتضيات التي جاءت في المادة الثالثة من قانون ‪ 32-09‬هو إبعاد فئات من األشخاص‬
‫صدرت في حقهم عقوبات زجرية الرتكابهم جنايات أو جنح عمدية‪ ،‬أو اتخذت في حقهم عقوبات تأديبية أو‬
‫إدارية‪ ،‬أو ثبت إخاللهم بالتزام صحيح يربطهم بإدارة أو مؤسسة عمومية‪ ،‬ألن هذه األفعال تتنافى وما تتطلبه‬
‫مهنة التوثيق من استقامة ونزاهة وانضباط وسلوك قويم‪.20‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أخالقيات المحامي‬

‫جاء في الرسالة الملكية الموجهة للمؤتمر الدولي للمحامين المنعقد بفاس ايام ‪ 28‬غشت الى ‪ 4‬شتنبر‬
‫‪" 2005‬بقدر ما أصبح لمهنة المحاماة من طابع عالمي فإنها تواجه ضرورة توحيد القيم السلوكية المثلى‪،‬‬
‫واعتماد التكوين المستمر والتوفيق بين وجوب احترام الحريات وصيانة النظام العام‪ ....‬دون ان ننسى انها‬
‫قبل كل شيء مهنة انسانية مثالية"‪...‬‬

‫إن القاعدة العامة في نشوء القاعدة القانونية أنها تكون أخالقا قارة وأعرافا عامة أو فئوية فيضع لها‬
‫المشرع جزاءا وتقنينا ويدمجها ضمن النصوص القانونية‪ .‬وقد عرفت تقاليد وأعراف المهنة هذا المسار‪ ،‬فقد كانت‬
‫أخالقا سامية يتحلى بها رجال الدفاع بإرادة واختيار دون حساب للزجر أو غيره ألن المهنة ال يختارها إال الشرفاء‬
‫المحبون للعدل واإلنصاف والحرية والمدافعون على حقوق اإلنسان وعن المشروعية والحريات العامة‪.21‬‬

‫وقد عرفت المهنة في المغرب قواعد تنظيمية منذ صدور قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ 1913‬ومن بعدها‬
‫صدر ظهير مهنة المحاماة في ‪ 1924/01/10‬تاله بعد ذلك ظهير ‪ 10‬شتنبر ‪ ،1993‬وهذا األخير عرف عدة‬
‫تعديالت كان آخرها القانون رقم ‪ 28-08‬الصادر في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2008‬والمعمول به حاليا‪.‬‬

‫ـ الفقرة الثامنة من المادة الثالثة من قانون ‪.32-09‬‬ ‫‪18‬‬

‫ـ الفقرة التاسعة من المادة الثالثة من قانون ‪32-09‬‬ ‫‪19‬‬

‫ـ محمد الربيعي‪ :‬التزام الموثق بإرشاد الزبون ونصحه مقال منشور بمجلة اإلشعاع عدد ‪ 32‬يونيو ‪ 2007‬ص ‪85‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪ 21‬خالد خالص محامي بهيئة الرباط "مدخل لدراسة أعراف وتقاليد المحاماة " مجلة الحوار المتمدن العدد ‪1236‬‬

‫‪10‬‬
‫وهكذا ألزمت المادة ‪ 11‬من قانون المهنة مجلس الهيئة بإجراء بحث حول أخالق المرشح للتمرين‪.‬‬

‫فالمحامي المبتدئ يبدأ حياته المهنية بأدائه اليمين القانونية التي تنص عليها المادة ‪ 12‬من قانون‬
‫المهنة المفروضة عليه‪ ،‬ذلك بأنه سيمارس مهام الدفاع واالستشارة بشرف وكرامة وضمير ونزاهة واستقالل‬
‫وإنسانية‪ ،‬وهو ما تؤكده المادة الثالثة من قانون المهنة‪.‬‬

‫وتضيف المادة ‪ 61‬من قانون المهنة المتعلقة بتحديد األخطاء التي تعرض المحامي المرتكب لها للعقاب‬
‫التأديبي والتي تنص على ما يلي‪" :‬يعاقب تأديبيا‪ :‬المحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية أو‬
‫التنظيمية‬

‫وقواعد المهنة وأعرافها‪ ،‬أو إخالل بالمروءة والشرف ولو تعلق األمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني "‪،‬‬
‫هذا باإلضافة إلى القوانين الداخلية التي تنظم مختلف هيئات المحامين بالمغرب ومع اختالف في أرقام الفصول‬
‫التي تنص على ما يأتي‪« :‬يجب على المحامي اثناء ممارسته مهامه ان يتحلى بالنزاهة واالستقالل واألخالق‬
‫واللياقة والشرف وروح الزمالة وعليه ان يمتنع في حياته الخاصة عن كل عمل يمس الشرف او الكرامة واألخالق‬
‫أو يخالف القوانين والتنظيمات"‪( .‬المادة ‪ 31‬من النظام الداخلي لهيئة المحامين ببني مالل مثال)‪.‬‬

‫وفيما يلي إطاللة سريعة على مجموعة من األخالقيات المنظمة للمهنة والتي ال يسعنا الوقت لتناولها‬
‫بالتحليل نوردها كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬ان أخالقيات المحامي ترتكز على السلوك الشخصي الفردي حيث ان هذا السلوك يؤثر سلباً وايجاباً‬
‫على مركز المهنة وعلى سمعة المحاماة عامة‪.‬‬
‫‪ ‬يمتنع على المحامي اي سلوك ال يشرفه شخصياً او يتنافى مع كرامة المهنة ‪.‬‬
‫‪ ‬يقتصر المحامي في التعريف بنفسه على جهده العلمي والعملي في نطاق المهنة‪.‬‬
‫‪ ‬يلزم المحامي الظهور بالزي الالئق بكرامة المهنة وعليه ان يمارس مهنته في مقر ومكتب معلوم ويحظر‬
‫عليه تصيد الموكلين والقضايا خارج مكتبه ‪.‬‬
‫‪ ‬يتحتم على المحامي ‪-‬بوصفه عون من اعواناً ًً العدالة ‪-‬واجب االمتنـ ـ ــاع عما يعط ـ ـ ـ ــل حسم الدعـ ـ ـ ـ ـ ــاوى‬
‫او يخ ـ ــل بسيـر العدالة ‪.‬‬
‫يجب ان تكون مخاطبة المحامي للمحكمة متصفة بالصراحة واإلنصاف واالستقامة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪11‬‬
‫من واجب المحامي ان يراعي االيجاز ومعالجة الموضوعات مباشرة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬يمن ـ ــع على المحامي االتصــال بالقاضـ ــي ومناقشت ـ ــه على انف ـ ـ ـ ـ ـراد في موضوع دعـ ـ ـ ـ ــوى محل نظر أمام‬
‫القاضـ ـ ـ ـ ــي‪.‬‬
‫‪ ‬عل ــى المحامـ ـ ــي تنمي ـ ــة روح الزمالـ ـ ــة بين القض ـ ـ ــاء والمحامي ــن القائمـ ـ ــة عل ــى الع ـ ـ ـ ــدل واالحتـ ـ ـ ـ ـرام‬
‫المتب ـ ـ ـ ـ ـ ــادل‪.‬‬
‫‪ ‬عند تلقي التكليف من موكله يتحتم على المحامي استخالص جميع الوقائع الجوهرية التي تكون سبب‬
‫الدعوى او وجه الدفاع وذلك بعد التحقيق الشامل‪.‬‬
‫‪ ‬بمجرد االقتناع بسبب للدعوى او وجه للدفاع وقبول التكليف‪ ،‬على المحامي التحلي بأعلى درجات‬
‫المسؤولية واالخالص السترداد حقوق موكله ‪.‬‬
‫‪ ‬يجب على المحامي الحفاظ على عالقة الثقة المتميزة بينه وبين موكله والتي يحصل المحامي بموجبها‬
‫على اسرار موكله‪.‬‬
‫‪ ‬يمتنع على المحامي الترافع أو اسداء االستشارة في دعوى أو أمر سبق ان وكل فيه لمصلحة شخص‬
‫حتى بعد انتهاء وكالته ‪.‬‬
‫‪ ‬يحظر على المحامي شراء كل أو بعض الشيء المتنازع عليه أو ان تكون اتعابه حصة عينية من حقوق‬
‫موكله المتنازع عليها‪.‬‬
‫‪ ‬على المحامي ان يقوم بإبالغ موكله عن اية مفاوضات تسوية او اتصاالت تصالح من الطرف اآلخر‬
‫على ان يتم ابرام تلك التسوية او التصالح ان وجدت بعد موافقة موكله‪.‬‬

‫وال تفوتنا الفرصة دون أن نشير إلى عالمية األعراف والتقاليد التي تميز مهنة المحاماة وذلك بحكم عدة‬
‫قواسم مشتركة بين المحامين في كل بقاع العالم ‪،‬وأن البذلة السوداء التي يرتدونها لرمز ذو داللة عميقة على‬
‫وحدتهم في تحمل عبء وهموم هذه المهنة ‪،‬وفي الدفاع عن قيم سامية منها الدفاع عن الحق وسيادة القانون‬
‫والوقوف إلى جانب المظلوم ‪،‬والحفاظ على كرامة المواطن والحرص على آداب وأخالق المهنة المتجلية في‬
‫النزاهة واالستقالل والشرف واألمانة والحفاظ على روحي الزمالة والتضامن والمساهمة بشكل فعال في تحسين‬
‫القوانين لتساير التطور الذي يعرفه المجتمع ‪،‬والعمل على احترام مؤسسات القضاء باعتبارها الضامنة للحريات‪.22‬‬

‫‪ 22‬العزيز بنزاكور "مستقبل مهنة المحاماة" العدد ‪ ،19‬يونيو ‪1999‬‬

‫‪12‬‬
‫وهنا أستحضر مقتطفا من خطاب المغفور له الملك الحسن الثاني الذي وجهه إلى أعضاء األمانة العامة‬
‫والمكتب الدائم التحاد المحامين العرب في ‪ 24‬ماي ‪ 1993‬جاء فيه «العدل يعرفه الكل ولكن ال يصل إليه‬
‫الكل إال أن هناك وسائل للوصول إلى العدل منها القاضي بالطبع وكذلك المحامي‪".23‬‬

‫إن المحامي ملزم في حياته المهنية والخاصة ان يكون متحليا بالنزاهة واالستقالل واللياقة والزمالة والشرف‬
‫واألخالق الحميدة محترما القوانين والتنظيمات ومنسجما مع قواعد المهنة‪ ،‬ألن سمعة أي مجموعة منظمة إنما‬
‫تنطبع بمسلك أعضائها‪ ،‬وإن سلوك بعض المحامين إذا أسيء فهمه ولو كان سليما بذاته يمكن ان يلحق أشد‬
‫األذى بالمهنة‪ ،‬ولكي تؤدي مهنة المحاماة رسالتها على أحسن وجه البد ان تجد ضمانتها األولى في كفاءة‬
‫واستقامة المزاولين للمهنة‪ ،‬وتمسكهم بالقيم األخالقية وتقيدهم بمبادئ الشرف والنزاهة واالستقامة‪ .‬فقواعد ونظم‬
‫مهنة المحاماة وأعرافها رفعت مكانة المحامي ودوره في المجتمع‪ ،‬فالبد ان يكون بمنأى عن بعض ما يسيء له‬
‫ولكرامته‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬واقع أخالقيات مهن التوثيق وتأثيره على األمن التوثيقي والعقاري وسبل‬
‫تخليقها‬
‫سجل المتابعون للحقل القضائي والحقوقي وأيضا المعنيون بإعداد ميثاق إصالح منظومة العدالة معاناة‬
‫منظومة العدالة بكل مكوناتها‪ ،‬من نقص في الشفافية وتراجع في أخالقيات الممارسة المهنية وأعرافها‪ ،‬األمر‬
‫الذي يفسح المجال لممارسات منحرفة يساهم بعض المواطنين‪ ،‬بوعي أو بدون وعي في شيوعها‪ ،‬مما ال يساهم‬
‫في تحصين منظومة العدالة وتخليقها‪ ،‬ويؤثر على دور القضاء والمهن المساعدة له في تخليق الحياة العامة‪.‬‬
‫لذلك جعلوا من األهداف االستراتيجية الكبرى إلصالح منظومة العدالة تخليق منظومة العدالة‪ ،‬مؤكدين أن تخليق‬
‫هذه المنظومة يقوم على المقاربة األخالقية المرتكزة على مجموعة من القيم والواجبات الضابطة لقواعد السلوك‬
‫المهني‪ ،‬والهادفة إلى تملك مبادئ األخالقيات والسلوكيات القويمة‪ ،‬ترسيخا للمسؤولية األدبية واألخالقية لكل‬
‫الفاعلين في منظومة العدالة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬واقع أخالقيات مهن التوثيق وتأثيره على األمن التوثيقي والعقاري‬
‫سنحاول من خالل هذا المطلب التطرق إلى واقع أخالقيات مهن التوثيق في (الفقرة األولى)‪ ،‬قبل أن نتعرف‬
‫على تأثير هذه األخالقيات على األمن العقاري في (فقرة ثانية)‬

‫‪ 23‬كما وزد في العزيز بنزاكور "مستقبل مهنة المحاماة" العدد ‪ ،19‬يونيو ‪1999‬‬

‫‪13‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬واقع أخالقيات مهن التوثيق‬
‫أوال‪ :‬اإلحصاءات الرسمية الحكومية‬
‫تنجز و ازرة العدل تقري ار سنويا أثناء تقديم الميزانية الفرعية لو ازرة العدل بلجنة التشريع بالبرلمان وخالله‬
‫يتم عرض حصيلة األداء السنوي والبرامج المستقبلية‪ ،‬ومضمون الحصيلة يشتمل على معطيات تقنية حول‬
‫عدد المتابعات الموجهة ضد مساعدي القضاء‬
‫وفيما يلي االحصائيات الخاصة بالمتابعات التي تم تحريكها إلى حدود أكتوبر ‪:242020‬‬
‫عدد الملفات‬ ‫عدد الملفات‬ ‫عدد المتابعات‬ ‫المهنة‬
‫الجارية‬ ‫المحكومة‬
‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫التراجمة‬
‫‪13‬‬ ‫‪ 6( 13‬براءة)‬ ‫‪26‬‬ ‫الخبراء‬
‫‪22‬‬ ‫‪ 2(4‬العزل)‬ ‫‪26‬‬ ‫الموثقون‬
‫‪11‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪11‬‬ ‫المحامون‬
‫‪11‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪19‬‬ ‫العدول‬

‫ونورد مقارنة وتطو ار لعدد المتابعات الخاصة بالمهن التوثيقية بين سنوات ‪ ،2018 ،2014‬و ‪2020‬كما تم‬
‫تجميعها خالل التقارير السنوية لو ازرة العدل‪:‬‬
‫عدد المتابعات‬ ‫المهنة‬
‫‪2020‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2014‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪57‬‬ ‫المحامون‬
‫‪22‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪26‬‬ ‫الموثقون‬
‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪8‬‬ ‫العدول‬

‫وبالنسبة للشكايات فهي في مستوى تصاعدي سنويا‪ ،‬فالمحامون فقط عرفت عدد الشكايات ضدهم بهيئة الدار‬
‫البيضاء ‪ 480‬شكاية سنة ‪ ،2006‬لتتجاوز ‪ 1200‬في ‪2020‬‬

‫‪ 24‬عرض السيد وزير العدل بمناسبة تقديم الميزانية الفرعية لوزارة العدل أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق االنسان بمجلس النواب برسم سنة ‪2021‬‬
‫بتاريخ ‪ 28‬أكتوبر ‪ ،2020‬منشور بالموقع الرسمي لوزارة العدل والحريات‪ ،‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪ 20‬أبريل ‪2022‬‬

‫‪14‬‬
‫ولألسف فالهيئات المهنية ال تتعامل بالشفافية الضرورية في تبليغ اإلحصائيات الخاصة بهذا الموضوع‬
‫غير أن بعض المنابر اإلعالمية تحدث على أن الوكيل العام للملك بالبيضاء‪ ،‬قد أحال على نقيب هيئة المحامين‬
‫بالبيضاء‪ ،‬أزيد من ‪ 1200‬شكاية توصل بها من مواطنين يتهمون فيها بعض المحامين بارتكابهم مخالفات‬
‫مهنية‪ ،‬منها حوالي ‪ 50‬شكاية لها صلة ببيع عقارات في ملكية زبناء لهم‪ ،‬دون سند قانوني‪ ،‬أو تزوير أحكام‬
‫قضائية‪.25‬‬

‫ومن بين الملفات التي أحالها الوكيل العام على أنظار هيئة المحامين بالبيضاء‪ ،‬ملف محام استغل توكيل زبونة‬
‫وقام ببيع عقار في ملكيتها‪ ،‬علما أن هذه األخيرة قامت بسحب نيابتها قبل تاريخ بيع العقار‪ ،‬وملف آخر لمحام‬
‫يهودي متوّفى‪ ،‬باستغالل وكالة ملغاة قانونا‪.26‬‬
‫ّ‬ ‫تصرف في عقار‬
‫ّ‬

‫إن واقع المهن القضائية والحقوقية يثير كثي ار من القلق وال يزيد إال اختالال‪ .‬ومع أن إحصائيات و ازرة‬
‫العدل تفصيلية وتعكس تزايدا في عدد المتابعات الزجرية والتأديبية والعقوبات الموقعة في حق بعض المحامين‬
‫والموثقين والعدول والمفوضين القضائيين والخبراء والتراجمة وتعكس ارتفاع وتيرة الشكايات والتظلمات المثارة‪،‬‬
‫إال أنها بعيدة عن نقل الحقيقة‪ ،‬ألن عددا من المتضررين ال يجرؤون على التظلم‪ ،‬وألن عددا من المهنيين‬
‫كثي ار ما ال يتركون أث ار لمخالفاتهم‪. .‬‬
‫وإن هذه الزيادة المثيرة في عدد المتابعات والتظلمات تثير أكثر من سؤال‪ ،‬فهل مرد ذلك تفعيل الرقابة أم وعي‬
‫الناس بحقوقهم أم ارتفاع معدل الجرائم؟‬
‫ثانيا‪ :‬تشخيص المشرفين على قطاع العدل‬
‫يسجل جل المتدخلين والباحثين في القطاع تراجعا في أخالقيات الممارسة المهنية وأعرافها وهذا التشخيص‬
‫يتقاسمه مسؤولون إداريون وسياسيون ومهنيون بمختلف مرجعياتهم‪ ،‬ويجمعون على أن واقع مهن التوثيق ضمن‬
‫مهن العدالة يعيش وضعا أخالقيا مزريا ما جعل هاجس التخليق ومطلبه يكون حاض ار في كل المناسبات الفكرية‬
‫والعلمية المتعلقة بالقطاع كما أنه هاجس في الحياة العامة‪.‬‬
‫وكان وزير العدل والحريات‪ ،‬مصطفى الرميد‪ ،‬قد افتتح أشغال اللقاء الوطني األول بين محكمة النقض‬
‫والغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب‪ ،‬المنظم تحت شعار‪« :‬آفاق مهنة التوثيق على ضوء قانون ‪32.09‬‬
‫والعمل القضائي ‪ ، 27‬بكلمة أكد فيها‪ ،‬أن القانون الجديد لمهنة التوثيق ‪« ،32.09‬سيفتح آفاقا جديدة أمام‬
‫مهنة التوثيق العصري ويجعلها أكثر تنظيما ونجاعة وتخليقا»‪ .‬مضيفا‪ ،‬أن مهنة التوثيق العصري تعتبر شريكا‬

‫‪ "25‬موقع اليوم ‪" ،24‬إحالة ‪ 1200‬شكاية رفعها متقاضون ضد محامين ‪ https://alyaoum24.com/163174.html‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 20‬أبريل‬
‫‪2022‬‬
‫‪ 26‬موقع اليوم ‪" ،24‬إحالة ‪ 1200‬شكاية رفعها متقاضون ضد محامين ‪ https://alyaoum24.com/163174.html‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 20‬أبريل‬
‫‪2022‬‬
‫الصفحة االلكترونية لجريدة بيان اليوم في مقال بعنوان "في لقاء وطني حول آفاق ومستقبل مهنة التوثيق العصري بالمغرب" بتاريخ ‪12‬‬ ‫افتتاحية‬ ‫‪27‬‬

‫نونبر ‪2012‬‬

‫‪15‬‬
‫أساسيا في منظومة العدالة ضمن باقي المهن القضائية‪ ،‬وأن الحوار الوطني حول إصالح منظومة العدالة‬
‫أولى أهمية خاصة لهذه المهن تأهيال وتخليقا‪.‬‬
‫واعتبر مصطفى فارس الرئيس األول لمحكمة النقض‪ "،‬أن عدالة قريبة من المواطن تستدعي منا‬
‫اعتماد مقاربات تشاركية واالنفتاح على كافة الفاعلين في شأن العدالة بهدف ترسيخ أخالقيات مهنية متينة‬
‫جيدة"‪.28‬‬ ‫قضائية‬ ‫حكامة‬ ‫قواعد‬ ‫وإرساء‬

‫كما أضاف مصطفى مداح‪ ،‬الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض‪" ،‬عمل المشرع باألساس‪ ،‬من خالل‬
‫سن هذا القانون‪ ،‬على إيجاد الحلول للعديد من اإلشكاليات ذات الصلة بممارسة المهنة‪ ،‬والمتعلقة – كما ال‬
‫يخفى عليكم – بالتكوين والتكوين المستمر والتخليق‪ ،‬فضال عن مستجدات تكتسي أهمية بالغة"‬

‫و صرح األستاذ شكيب مصبير وهو الكاتب العام للنقابة الوطنية لعدول المغرب والرئيس السابق للمجلس‬
‫الجهوي لعدول استئنافية الرباط بأن "التخليق يعتبر ضرورة ومن األولويات التي يجب أن ينتبه إليها المهنيون‪،‬‬
‫ألن اإلنشغال بمفهوم الحكامة الجيدة وجودة الخدمات المرتقبة يبقى انشغاال قاص ار ما لم تبسط تلك الخدمات‬
‫‪29‬‬
‫على بساط أخالقي رفيع مما يجعل الرقابة الذاتية هي الضامن"‬

‫كما صرح المحامي وعضو مجلس هيئة المحامين بالرباط األستاذ حسن حلحول "ويمكن القول بأن المجتمع‬
‫المهني على بينة تامة من وجود أزمة ثقة تجاه المحامين‪ ،‬نتجت ال محالة عن الهوة الكبيرة التي صارت بين‬
‫األخالقيات والممارسة المهنية‪ .‬كما أن المهنيون واعون قبل غيرهم بضرورة الرجوع الحترام األخالقيات‬
‫والتمسك بها وبجل الضوابط واألعراف والتقاليد‪ ،‬نظ ار لما أصبحت تعرفه مهنة المحاماة من تسيب وفوضى‬
‫تسيء إلى العدالة بصفة عامة‪ ،‬والى المهنة والمهنيين بصفة خاصة‪.30‬‬
‫ثالثا‪ :‬خالصة االختالالت األخالقية البنيوية في مهن التوثيق‬

‫‪ 28‬اللقاء الوطني األول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب‪ ،‬المنظم تحت شعار‪« :‬آفاق مهنة التوثيق على ضوء قانون‬
‫‪ 32.09‬والعمل القضائي»‪،‬‬
‫صحفي مع األستاذ شكيب مصبير وهو الكاتب العام للنقابة الوطنية لعدول المغرب والرئيس السابق للمجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط ‪،‬‬ ‫حوار‬ ‫‪29‬‬

‫منشور بموقع العلوم القانونية ‪،‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 18‬أبريل ‪ 2022‬على الساعة الواحدة‬
‫‪ 30‬حسن حلحول‪ ،‬مقال بعنوان‪ ،‬أخالقيات مهنة المحاماة‪ ،‬وتحديات الثابت والمتغير منشور بموقع ‪ https://www.danapress.ma‬بتاريخ ‪16‬‬
‫يونيو ‪ 2020‬اطلع عليه بتاريخ ‪12‬أبريل ‪2022‬‬

‫‪16‬‬
‫يبدو جليا أنه لم يعد في وسع أحد أن ينكر أن ثمة أنماط سلوكية مشينة‪ ،‬وتجليات أفعال منحرفة في عدد‬
‫من المرافق المرتبطة بمهن التوثيق التي تسيء إلى سمعة المهن وسمعة الجهاز القضائي برمته وتتطلب‬
‫ضرورة المعالجة الفورية بل والتصدي الصارم‪ ،‬ويمكن تصنيفها إلى ثالث مستويات من االختالالت‪:‬‬

‫‪ ‬اختالالت على مستوى المهام‪ ،‬حيث تطفو سلوكيات التماطل والتقاعس والالمباالة والتوظيف السلبي‬
‫للسلطة التقديرية وافتعال أسباب غير معقولة للتغيب وغيرها‬
‫‪ ‬اختالالت على مستوى التدبير ‪ ،‬حيث تنتشر سلوكيات االختالس واستغالل النفوذ وتحصيل المنافع‬
‫غير المشروعة والتبذير في الممتلكات العامة وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬اختالالت تجاه الوافدين على مرافق العدالة‪ ،‬سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو معنويين‪ ،‬حيث تبرز‬
‫سلوكيات النصب واالحتيال وغيرها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تأثير أخالقيات المهن التوثيقية على األمن العقاري‬

‫يعتبر العقار مصدر من المصادر المجددة للثروة ومقوما فعاال لالستثمار والتنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬فهو من األمور الحساسة والتي لها وزن ثقل اقتصادي واجتماعي‪ .‬حيث عمدت مختلف تشريعات‬
‫العالم على ايجاد نظم عقارية متباينة تخضع للتحيين من أجل استقرار المالك والحائزين لألمالك والحقوق العينية‬
‫العقاري‪ ،‬وذلك بتنظيم عمليات التملك واالستغالل والتداول لهذه األموال بما يضمن حقوق المتعاملين والدولة‬
‫على حد سواء بما يؤدي إلى إرساء الثقة والطمأنينة واستقرار المراكز القانونية ودرء للمنازعات‪ ،‬وبمفهوم آخر‬
‫توفير األمن واالستقرار القانوني‪.31‬‬

‫واألمن العقاري يقصد به الطمأنينة التي تنزع الخوف و الفزع عند اإلنسان‪ ،‬وال يتأتى ذلك إال عن طريق‬
‫توفير الحماية الالزمة لألموال ‪ ،‬واألمن القانوني أحد أهم المبادئ المتداولة في المجال القانوني ونكاد نسمعه‬
‫في كل المجاالت التي تتطلب التقنين والتشريع‪ ،‬وهو متعدد المظاهر ومتنوع الدالالت واألبعاد‪ ،‬و يعرفه فقهاء‬
‫القانون بانه كل ضمانة أو نظام قانوني يهدف إلى تأمين‪ ،‬و دون مفاجآت‪ ،‬حسن تنفيذ االلتزامات‪ ،‬و تالفي او‬
‫على األقل الحد من عدم الوثوق في تطبيق القانون‪،‬و األمن التوثيقي حسب رأي الدكتور عبد المجيد غميجة‬
‫يتميز بالطابع الشكلي‪ ،‬يتجلى من خالل اآللية التي يفرضها المشرع لتوثيق العقد و إثباته‪ ،‬كشرط الرسمية في‬

‫‪ 31‬بردان رشيد‪" ،‬األمن القانوني في مجال المعامالت العقارية"‪ ،‬رسالة دكتوراه‬

‫‪17‬‬
‫إجراء التصرفات العقارية‪ ،‬و عدم االعتراف بالمحررات العرفية في الميدان العقاري‪ ،‬و ذلك بهدف تحصين‬
‫المعامالت العقارية بأكبر ما يمكن من الضمانات نظ ار ألهمية العقار في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.32‬‬

‫وبالتالي فإن تحقيق األمن التوثيقي رهين بتوفير ضمانات قانونية تتعلق بشكل الوثيقة وكذا بالجهة المكلفة‬
‫بتحريرها‪ ،‬فسالمة الوثيقة تستدعي أوال ان يكون كاتبها متوف ار على كفاءات مهنية تمكنه من ضبط القواعد‬
‫والضوابط التوثيقية‪ ،‬واحترام االلتزامات المهنية المفروضة‪ ،‬وكفاءات أخالقية تجعله محل ثقة وأمن من طرف‬
‫المتعاقدين‪ ،‬فالكفاءات األخالقية إضافة إلى المراقبة والتأديب تعد أهم اآلليات والضمانات المقررة فقها وقانونا‬
‫للمتعاقدين في حماية حقوقهم‪ ،‬وبث الثقة في نفوسهم‪ ،‬وكذلك صياغة الوثائق العقارية في شكل معين‪.‬‬

‫ونعتقد أن أخالقيات المهن التوثيقية تساهم في‪:‬‬

‫‪ ‬المحافظة على استقرار المراكز القانونية وقيام الثقة في العالقات القانونية والقدرة على توقع األمور‬
‫مسبقا ورسم وتخطيط العالقات المستقبلية‪.‬‬
‫ضمان لحماية حقوق األفراد ومصالحهم‪ ،‬فهو من الضروريات التي يستلزمها النشاط االقتصادي‬ ‫‪‬‬
‫واالجتماعي‪ ،‬لذا تلتزم السلطات بتحقيق قدر من الثبات النسبي واالستقرار للعالقات القانونية‬
‫إشاعة األمن والطمأنينة ألطراف العالقة العقدية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬تحقيق األمن المادي والمتمثل في حماية األشخاص واألموال من االعتداء‬
‫‪ ‬ضمان تأمين النتائج بحيث يستطيع كل فرد أن يتوقع هذه النتائج ويعتمد عليها‪ ،‬فمن سيبرم عقدا‬
‫سيعرف مقدما االلتزامات التي عليه وحدودها ونطاقها وكذلك ما للمتعاقد اآلخر‪.‬‬
‫‪ ‬منح أرضية ُمطمئنة لالستثمار وتحصين الملكية‪ ،‬وكما قال محمد أوجار وزير العدل األسبق في كلمته‬
‫االفتتاحية خالل أشغال المؤتمر األول لموثقي المغرب المنعقد بمراكش من ‪ 18‬إلى ‪ 20‬مارس‬
‫‪ ،2019‬والذي ينظمه المجلس الوطني للهيئة "فالموثق كما يستشف من تسميته هو مصدر ثقة‬
‫واطمئنان لدى الدولة والمواطن‪ ،‬وعمله مرتكز على الثقة التي يضعها فيه األطراف‪ ،‬سواء في اإلشهاد‬
‫على تعاقداتهم أو حماية ودائعهم أو تلقي تصريحاتهم ‪ ،‬وكل إخالل بهذه الثقة المفترضة في الموثق‬
‫هو مساس بالمهنة وبمصداقيتها ومكانتها‪ ،‬ومساس باألمن التعاقدي للمواطنين‪ ،‬وهكذا فاالرتقاء بمهنة‬

‫‪ 32‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬المدير العام للمعهد العالي للقضاء‪ ،‬أبعاد األمن التعاقدي وارتباطاته‪ ،‬عرض مقدم في اللقاء الدولي‬
‫األول حول "األمن التعاقدي وتحديات التنمية" المنظم من طرف الهيئة الوطنية للموثقين أيام ‪ 18‬و ‪ 19‬أبريل ‪2014‬‬

‫‪18‬‬
‫التوثيق العصري ـ يقول الوزير ـ وتحديثها وعصرنتها وتطوير آليات العمل فيها ال يقل أهمية عن ورش‬
‫التخليق فيها‪ ،‬بل إن تخليق هذه المهنة يشكل حجر الزاوية في كل المشاريع والمخططات المرتبطة‬
‫‪33‬‬
‫بها‪ ،‬سواء على المستوى التشريعي أو التنظيمي"‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آليات تخليق مهن التوثيق‬

‫حسب ما ورد في ميثاق إصالح منظومة العدالة‪ ،‬فإن هذه األخيرة تعاني بكل مكوناتها من مجموعة من‬
‫االختالالت‪ ،34‬ويعد التخليق من المداخل األساسية لتحصين هذه المنظومة من مختلف مظاهر الفساد واالنحراف‪،‬‬
‫لما لذلك من تعزيز لثقة المواطن فيها‪ ،‬وتكريس دورها في تخليق الحياة العامة‪ ،‬ودعم إشاعة قيم ومبادئ المسؤولية‬
‫والمحاسبة والحكامة الجيدة‪.‬‬
‫وينبني التخليق في هذه المحطة على معالجة متكاملة تجمع بين المقاربة القانونية الرامية إلى تحصين هذه‬
‫المنظومة ضد مختلف أسباب الفساد‪ ،‬وبين المقاربة األخالقية المرتكزة على مجموعة من القيم والواجبات الضابطة‬
‫‪35‬‬
‫والهادفة إلى تملك مبادئ األخالقيات والسلوكيات القويمة‪ ،‬ترسيخا للمسؤولية األدبية‬ ‫لقواعد السلوك المهني‬
‫واألخالقية لكل فاعلي منظومة العدالة‪ ،‬وذلك بالعمل على بلوغ مجموعة من األهداف‪.36‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم وأهداف تخليق مهن التوثيق‬

‫لقد بات من المألوف‪ ،‬خاصة في اآلونة األخيرة‪ ،‬اإللحاح على مطلب التخليق‪ ،‬باعتباره مدخال أساسيا ال بد‬
‫من ولوجه في جل اإلصالحات‪ ،‬على اختالف مستوياتها وأصعدتها‪ ،‬والمقصود بتخليق أي قطاع‪ ،‬من جهة‪،‬‬
‫تطهيره من كل ممارسة معيبة‪ ،‬أو تصرف مشين أو انحراف أو تجاوز أو فساد بمختلف أشكاله‪ ،‬يمس بالمشروعية‪،‬‬
‫ويجعل القطاع المعني يحيد عن الغرض الذي تم إحداثه من أجله‪ ،‬وهو خدمة األفراد والجماعات‪ ،‬وتمكينهم مما‬
‫يخوله القانون لهم‪ ،‬مما ال يتأتى إال باعتماد مرجعية سلوكية وقيم مؤسسة على األخالق‪ ،‬منبثقة من ركائز دينية‬
‫عما هو محظور ومنبوذ‪ ،‬وتحث على ما هو‬
‫تكف ّ‬
‫أو فلسفية راسخة في القدم‪ ،‬وواسعة االنتشار وسهلة اإلدراك‪ُ ،‬‬
‫مستحب ومنشود‪.37‬‬

‫عبد الصمد الكباص‪ ،‬مقال منشور بجريدة االتحاد االشتراكي بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪2019‬‬ ‫‪33‬‬

‫محمد العروصي ‪،‬م‪،‬س‪،‬ص‪168‬‬ ‫‪34‬‬

‫بوسعدية رؤوف‪.‬م‪.‬س‪.‬ص‪32‬‬ ‫‪35‬‬

‫محمد العروصي ‪،‬م‪،‬س‪،‬ص‪169-168‬‬ ‫‪36‬‬

‫عبد العزيز بنزاكور‪ ،‬قيم وأخالقيات المهن القضائية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،150‬يناير ‪ ،2016‬ص ‪.20‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪19‬‬
‫ان مواجهة االختالالت بمستوياتها الثالث المشار إليها في الفقرة السابقة‪ ،‬تتطلب جرأة وصرامة من طرف‬
‫من لديه سلطة القرار بو ازرة العدل والحريات والسلطة القضائية والهيئات المهنية المختلفة؛ ألن من شأن ذلك أن‬
‫يحقق جملة من األهداف اإلجرائية واآلنية لمنظومة التوثيق وعلى جميع المستويات الداخلية والخارجية‪ ،‬نوجزها‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬خلق صورة إيجابية لدى الوافدين على مؤسسات العدالة وجعلهم يطمئنون إلى العاملين بها‪ ،‬خاصة وأن‬
‫بعض المواطنين‪ ،‬من المرتفقين أو غيرهم‪ ،‬انطبعت في أذهانهم صورة نمطية سلبية وقائمة عن هذه‬
‫المؤسسات‪،‬‬
‫‪ ‬الرفع من جودة الخدمات التوثيقية المقدمة للوافدين‪ ،‬وهذا يتطلب من جميع العاملين بهذا الجهاز التحلي‬
‫بمبدأين اثنين‪:‬‬
‫‪ ‬أما أوالهما فهو الفعالية في التعامل مع طلبات المرتفقين‪ ،‬ويمكن ابرازها من خالل الشرح الجيد لما‬
‫يطلبه الزبون‪ ،‬وتبسيط اإلجراءات وتسريعها واالكتفاء بما يحدده القانون‬
‫‪ ‬وأما المبدأ الثاني فهو المرونة‪ ،‬أي أن تكون اإلجراءات التي يتخذها الموثق مناسبة للهدف المتوخى‬
‫من الخدمة بشكل عام‪ ،‬وهو المحافظة على التوازن بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة‪ ،‬دون‬
‫المساس بجوهر القانون المنظم للعمل‬
‫‪ ‬تطهير الجسد المهني من استفحال بعض السلوكيات والتصرفات المشينة التي تضر بصورة الجهاز‪،‬‬
‫إذ من شأن انتشار القيم اإليجابية في المرفق محاصرة العناصر الفاسدة والتحجيم من تأثير‬
‫سلوكياتها الشاذة‪ ،‬وفي المقابل إعادة المصداقية واالعتبار للعناصر الصالحة والمصلحة‬
‫‪ ‬المساعدة في التنزيل السليم لقواعد العدالة‪ ،‬بحكم أن القواعد األخالقية تقوم بدور المكمل للقاعدة‬
‫القانونية وتساعد على انتشار تطبيقها واحترامها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات ترسيخ تخليق المهن التوثيقية‬

‫إن بلوغ األهداف المسطرة أعاله‪ ،‬يتطلب وضع آليات إجرائية مصاحبة قادرة على جعل التخليق أم ار واقعيا‬
‫وليس مجرد حلم يراود أذهان المخلصين أو شعا ار يوظف لالستهالك وتأثيث منظومة اإلصالح المنشود‪ .‬ويمكن‬
‫التمييز في هذا اإلطار بين أنواع من اآلليات‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫أ‪ :‬اآلليات القانونية والدستورية‪ :‬تفعيل مضمون الدستور والقوانين المنظمة‬

‫ينص الفصل ‪ 36‬من الدستور على ما يلي "يعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحاالت تنازع المصالح‪،‬‬
‫وعلى استغالل التسريبات المخلة بالتنافس النزيه‪ ،‬وكل مخالفة ذات طابع مالي‪.‬‬

‫على السلطات العمومية الوقاية‪ ،‬طبقا للقانون‪ ،‬من كل أشكال االنحراف المرتبطة بنشاط اإلدارات والهيئات‬
‫العمومية‪ ،‬وباستعمال األموال الموجودة تحت تصرفها‪ ،‬وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها‪ ،‬والزجر عن هذه‬
‫االنحرافات‪.‬‬

‫يعاقب القانون على الشطط في استغالل مواقع النفوذ واالمتياز‪ ،‬ووضعيات االحتكار والهيمنة‪ ،‬وباقي‬
‫الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العالقات االقتصادية‪.‬‬

‫تحدث هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها"‬


‫ومنه يخوض الدستور المغربي في مسألة تخليق الحياة العامة‪ ،‬بل وبتأكيد متكرر وشديد ينص‪ ،‬على‬
‫غير عادة التشريع في المادة الدستورية‪ ،‬على ضرورة محاربة ومعاقبة الفساد والوقاية من كل أشكال االنحراف‬
‫ويضع اآلليات الالزمة لذلك وينشئ أو يدستر مؤسسات عليا للمراقبة لحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية‬
‫والمحاسبة وتحقيق مبادئ العدل واإلنصاف‪.‬‬
‫ثم كرس الدستور الباب الثاني عشر للحكامة الجيدة فصول ‪ 154‬وما بعده‪.‬‬
‫وفي مجال التشريع هناك القوانين المنظمة لهده المهن والتي سبق وتطرقنا لها وللمواد المؤطرة للمادة األخالقية‬
‫بها‬
‫ومن خالل قراءة سريعة للقوانين والمواد المرتبط بأخالقيات مهن التوثيق‪ ،‬يالحظ أن‪:‬‬
‫‪ ‬تعديالت عميقة همت تشريعات أغلب المهن المساعدة للقضاء في السنين األخيرة‪ ،‬ومنها ما تم إعداد‬
‫مشاريع جديدة لتعديل القوانين السارية المفعول‬
‫‪ ‬أن جل هذه التشريعات الحديثة تعتبر من أرقى القوانين المقارنة وتستجيب ألحدث المعايير الدولية في‬
‫هذا الشأن‪،‬‬
‫‪ ‬أن هذه التشريعات حرصت على تنويع جهات الرقابة‪ :‬مثل مجالس الهيئات المهنية‪ -‬النيابة العامة ‪-‬‬
‫القضاء‪-‬وو ازرة المالية (بالنسبة للموثقين)‪...‬‬
‫لكن وفي أفق إنجاح وتنزيل هذه النصوص على أرض الواقع نرى أنه صار لزوما‪:‬‬
‫‪ ‬تفعيل األدوار المنتظرة من المؤسسات الدستورية المجلس الوطني للنزاهة ومحاربة الرشوة‪ ،‬والمجلس‬
‫الوطني لحقوق اإلنسان ومؤسسة الوسيط والمجلس العلمي األعلى‬

‫‪21‬‬
‫‪ ‬السير على منوال المجلس األعلى للسلطة القضائية والتفكير في تركيبة يمثل فيها أعضاء هذه المؤسسات‬
‫الدستورية داخل المجالس الجهوية والهيئات المهنية المساعدة للقضاء من أجل اإلطالع واإلسهام في‬
‫تخليق الحياة العامة‪.‬‬

‫ب ‪-‬آليات التنفيذ والمتابعة‬

‫إن مجرد إصدار مدونات للقيم والسلوك المهني للعاملين في مجال التوثيق ال يمكن أن يؤتي ثماره المرجوة‬
‫على مستوى التخليق ما لم يكن مصحوبا بعدد من آليات التنفيذ‪ ،‬والمتابعة الكفيلة بجعل التخليق هما يوميا ال‬
‫مجرد شعار مناسباتي‪ ،‬وفي هذا السياق نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تعميم مدونات السلوك المهني (مدونة القيم القضائية وميثاق قيم وسلوك كتابة الضبط) على كافة‬
‫العاملين بالجهاز القضائي (قضاة‪ ،‬كتاب ضبط‪ ،‬محامون‪ ،‬عدول خبراء‪ ،‬موثقين‪ ،‬تراجمه‪ ).‬تنفيذا لتوصية‬
‫ميثاق إصالح منظومة العدالة التوصية رقم ‪ 53‬التي بموجبها حثوا المجلس األعلى للسلطة القضائية‪،‬‬
‫وكذا هيئات باقي المهن القضائية والقانونية على وضع مدونات سلوك‪ ،‬تتضمن القواعد األخالقية والمهنية‬
‫التي يجب االلتزام بها من قبل المعنيين بها‪ ،‬مع العمل على نشر هذه المدونات‬
‫إحياء األيام الوطنية الخاصة بالتخليق بشراكة وحضور ممثلي المهن التوثيقية (اليوم الوطني لمحاربة‬ ‫‪‬‬
‫الرشوة‪ ،‬اليوم الوطني لسياسة الجودة‪ ).‬عبر ندوات دراسية وتوزيع ملصقات وغيرها ‪...‬‬
‫‪ ‬التكثيف من الحلقات التكوينية الخاصة بمادة القيم والسلوك مركزيا وجهويا ومحليا مع ضرورة تعميمها‬
‫على كافة الموظفين والقضاة ومساعدي القضاء‪،‬‬
‫‪ ‬تقنين التأطير المهني واألخالقي من طرف الهيئات المهنية‬
‫التأكيد على عنصر القدوة الحسنة في المجال العملي أفقيا وعموديا؛ وذلك ألن الكثير من القيم األخالقية‬ ‫‪‬‬
‫والقواعد السلوكية المهنية‪ ،‬ال تحتاج في العمل بها إلى مواثيق أو مدونات سلوكيات‪ ،‬بقدر ما يمكن‬
‫اكتسابها عن طريق القدوة الحسنة التي يقدمها الرئيس للمرؤوس أو الموظف األعلى للموظف األدنى‪،‬‬
‫أو الموظف النشيط للمتقاعس‪ .‬باعتبارها تنزيال عمليا وممارسة واقعية يومية مشاهدة ال تحتاج إلى كثير‬
‫من التعابير والشرح‪.38‬‬

‫محمد اكيج‪ ،‬مقال بعنوان التخليق في اإلدارة القضائية‪ ،‬منشور بالموقع الرسمي لمنظمة الحريات للتواصل بين موظفي قطاع‬ ‫‪38‬‬

‫العدل بالمغرب بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪2016‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ - ‬إحداث مؤسسات للتكوين في المهن القضائية والمساعدة‪.‬‬
‫‪ ‬تعميق وتوسيع مجال التكوين على األخالقيات المهنية وعلى المواطنة وجعل التكوين المستمر للمهنيين‬

‫الرسميين إجبارياً‬
‫‪ - ‬إحياء أعراف وتقاليد المهن وحفظها من التراجع‬
‫‪ ‬إش ارك المجتمع المدني كشريك في التخليق وكقوة اقتراحية‬
‫‪ ‬إصدار مذكرات توجيهية بخصوص بعض المظاهر السلوكية غير الالئقة‪،‬‬
‫‪ ‬هل يمكن التفكير في مرصد لتتبع مؤشرات التخليق في كل المهن المساعدة للقضاء لوضع مؤشرات‬
‫إحصائية لتقييم آليات التتبع والمراقبة ونشر تقريره السنوي وتعميمه‬

‫وال تفوتنا اإلشارة في هذه المحطة أن نثير مسألة على درجة قصوى من األهمية‪ ،‬وهي تلك المتعلقة بباحثي‬
‫اليوم ‪ ،‬هذه الفئة التي ستشكل قضاة ومحاميي المستقبل من دون أدنى شك ستكون عرضة لمواقف تتطلب منها‬
‫اتخاذ ق اررات صعبة‪ ،‬والموازنة بين أنظمة معتقدات وأفكار متعارضة بشأن السلوك األخالقي‪ ،‬في هذا اإلطار‪،‬‬
‫غالبا ما يتم إهمال تدريس األخالقيات القانونية في كليات الحقوق باعتبارها مكنة يمكن من خاللها تخليق قواعد‬
‫السلوك القانوني المهني‪ ،‬يقول الداعي إلى مثل هذا التوجه أنه إذا كان الهدف من التعليم القانوني هو إعداد‬
‫خريجين قانونيين مؤهلين لمزاولة المهام القانونية على أعلى مستوى‪ ،‬فإن ذلك سيضل غير كاف لتجنب الوقوع‬
‫‪39‬‬
‫في المنزلقات‪ ،‬لذلك يجب تعليمهم كيف يستخدمون البوصالت األخالقية بشكل مناسب‬
‫فطالب القانون ال يستطيع االعتماد على مجرد القواعد القانونية وحدها ليكون مهنيا ناجحا وخادماً قانونياً‬
‫الئقاً‪ ،‬بل يجب تدريبه حتى يتقن استخدام بوصلته األخالقية‪ ،‬وترويضه كي يتحمل مسؤولياته األخالقية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وبالتأكيد فإن تطوير وتنمية الفضائل داخل الفرد من شأنه أن يحسن ويوجه سلوكه األخالقي‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬بالنسبة لطالب الحقوق الذي يرغب في أن يكون رجال ناجحا‪ ،‬من شأن سعيه وراء هذه الفضائل وغيرها‬
‫عاما شريف‪.40‬‬ ‫ٍ‬
‫موقرا‪ ،‬أو مدع ً‬
‫أن يدعمه في تحقيق أهدافه لكبي يصبح محاميا ناجحا‪ ،‬أو قاضيا ً‬

‫ج‪ :‬آليات الرقابة على محرري العقود ودورها في تخليق المهنة‪.‬‬


‫األصل أن الرقابة على أخالق ممتهني التوثيق ذاتية وال تخضع إال لضمير الفرد واستشعاره لحجم‬
‫المسؤولية الملقاة على عاتقه وفي هدا السياق جاء في كلمة السيد الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة‬
‫القضائية "ولئن كان تنفيذ االلتزامات القانونية يستند إلى الجزاءات التي يحددها القانون وينطق بها القضاء‪ ،‬فإن‬

‫محمد العروصي‪.‬م‪.‬س‪.‬ص‪169‬‬ ‫‪39‬‬

‫الهاشمي بن واضح ‪،‬منهجية إعداد البحوت الدراسات العليا (ماستر‪-‬ماجستر ‪-‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪23‬‬
‫وح ِّسه السليم‪ .‬فهي‬
‫ط بضمير الفرد ِ‬
‫االلت ازمات األخالقية ال تسندها دائما جزاءات قانونية‪ ،‬ذلك أن احترامها ُم َنا ٌ‬
‫مجرد قرار عقالني يتبنى سلوكيات نموذجية ومثالية‪ .‬ولذلك فإن احترامها قد يكون موضوع صراع َداخلي تضطرم‬
‫به نفسية اإلنسان‪ ،‬ويتطلب منه التغلب على النوازع الداخلية الرافضة لها‪ ،‬إذ في العادة ال توجد كوابح خارجية‬
‫تحمي المبادئ األخالقية"‪.41‬‬
‫ونعتقد انه يجب التفكير قبل المراقبة والتفتيش والمتابعة في الوقاية؟ بتعبير آخر‪ ،‬أال يجب إعادة النظر‬
‫في شروط ولوج المهن وفي إجراءات البحث التي تتم حول المرشحين لها‪ ،‬والحد من التدفق الهائل وبأعداد ال‬
‫تستطيع بعض المهن (التي أضحت آخر خيار لعدد ممن ال بديل لهم عنها) استيعابها تكوينا وماديا وأدبيا‪،‬‬
‫غير أن المشرع المغربي عمل على تنظيم المهن المتدخلة في التوثيق‪ ،‬وخصوصا األشخاص المؤهلين‬
‫لتحرير العقود الرسمية أو المحررات الثابتة التاريخ‪ ،‬وحتى يتمكن محرري العقود من القيام بمهمتهم على أحسن‬
‫وجه‪ ،‬فقد أفرد المشرع رقابة صارمة على عملهم‪.‬‬

‫الرقابة القضائية على محرري العقود الرسمية‪.‬‬


‫تشكل الرقابة القضائية ضمانة أساسية لتحقيق جودة المحرر التوثيقي‪ ،‬حيث ال يمكن الحديث عن سالمة‬
‫ومصداقية المحررات الرسمية‪ ،‬دون الحديث عن دور الرقابة القضائية في تحقيق ذلك‪ ،‬فقد أصبح األمن التوثيقي‬
‫مرتك از وأساسا هاما في بناء دولة الحق والقانون‪ ،‬وال يمكن الحديث عن أمن توثيقي ما لم يتم تفعيل الرقابة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫مراقبة الموثق‪:‬‬

‫وتمارس الرقابة على عمل الموثق من طرف الوكيل العام للملك أو من ينوب عنه بمرافقة مفتش من و ازرة المالية‬
‫وايضا ممثل المجلس الجهوي‪ ،‬حيث يقومون بتفتيش الموثقين‪ ،‬طبقا لما جاء في المادة ‪ 69‬من القانون ‪.32.0942‬‬

‫كلمة السيد الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية في الندوة الوطنية حول موضوع ‪" :‬مدونة األخالقيات القضائية‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫محطة هامة في تأطير السلوك القضائي"‪ .‬الرباط ‪ 25-24‬يونيو ‪ -.2021 -‬المصدر‪ :‬موقع المجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫‪ -42‬حيث نصت على أنه‪" :‬يمكن للوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف أن يقوم بمراقبة أي مكتب للتوثيق بكيفية مفاجئة‪،‬‬
‫وله ان يختار من يساعده في ذلك‪.‬‬
‫للوكيل العام للملك وممثلي الو ازرة المكلفة بالمالية حق البحث والتفتيش واالطالع الواسع على أصول العقود والسجالت والسندات‬
‫والقيم والمبالغ النقدية والحسابات البنكية والبريدية ووثائق المحاسبة وكافة الوثائق التي يكون تقديمها مفيدا لمهمتهم‪.‬‬
‫يلزم الموثق بالرد على األسئلة الموجهة له‪ ،‬واالستجابة لما يقتضيه التفتيش"‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وتحقيق األمن التوثيقي رهين بتفعيل الرقابة القضائية على عمل الموثق‪ ،‬إذ يجب ان تكون هذه الرقابة فعلية‬
‫وموضوعية‪ ،‬وال تقتصر فقط على الجانب الشكلي‪ ،‬وتتخذ طابعا فجائيا‪ ،‬كما هو األمر في فرنسا‪ ،‬كما يجب أن‬
‫تكون منظمة ودورية‪ ،‬وذلك بهدف الوقوف على مختلف االختالالت التي تحول دون تحقيق األهداف المتوخاة‬
‫من هذه المؤسسة القائمة الذات‪.‬‬

‫وعليه فإن أي تفكير في تطوير هذه المهنة‪ ،‬يبقى متوقفا على مدى تفعيل الرقابة القضائية على أعمال الموثقين‪،‬‬
‫فكلما استشعر الموثق بأنه مراقب من طرف الجهات القضائية المختصة‪ ،‬كلما ازدادت ضمانات المترددين على‬
‫هذه المؤسسة‪ ،‬ومن ثم ال يمكن الحديث عن أمن توثيقي‪ ،‬إال إذا تم تفعيل الرقابة القضائية على أعمال الموثق‪،‬‬
‫وذلك من منطلق أن القضاء هو الحامي الطبيعي والحارس األمين على حقوق األفراد وممتلكاتهم‪.43‬‬

‫مراقبة العدل‪:‬‬

‫ويخضع العدل كذلك لرقابة قضائية صارمة أثناء مزاولة مهامه‪ ،‬سواء من طرف قاضي التوثيق الذي يمارس‬
‫رقابة فعلية على المحررات العدلية‪ ،‬أو من طرف وزير العدل الذي يمارس بدوره رقابة على العدول‪ ،‬حسب ما‬
‫جاء في المادة ‪ 40‬من القانون ‪ 16.03‬المتعلق بخطة العدالة‪ ،‬التي تنص على أنه‪" :‬يخضع العدل في مزاولة‬
‫عمله لمراقبة وزير العدل والقاضي المكلف بالتوثيق‪ ،‬وكذا لرقابة النيابة العامة‪.‬‬

‫تحدد اإلجراءات الخاصة بالمراقبة بنص تنظيمي"‪.‬‬

‫ومن هنا يتضح لنا أن الرقابة القضائية الممارسة على عمل العدول تتخذ أشكاال متعددة‪ ،‬حيث يمارسها‬
‫وزير العدل بطريقة غير مباشرة‪ ،‬والقاضي المكلف بالتوثيق الذي يمارس سلطة مباشرة عليهم‪ ،‬وكذا رقابة النيابة‬
‫العامة‪ ،‬ومن شأن هذه الرقابة أن تساعد على استمرارية مؤسسة التوثيق العدلي وسالمة مساطره‪ ،‬وتكمن أهميتها‬
‫في ضبط سلوك العدول وتصرفاتهم‪.44‬‬

‫‪ -43‬عبد اللطيف العلكي‪ ،‬دور الرقابة على أعمال الموثق في تعزيز األمن العقاري‪ ،‬مجلة المتوسط للدراسات القانونية‬
‫والقضائية‪،‬ع ‪ ،4‬شتنبر ‪ ،2017‬ص ‪ 115-112‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ -44‬عبد اللطيف العلكي‪ ،‬دور الرقابة على أعمال الموثق في تعزيز األمن العقاري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.117-116‬‬

‫‪25‬‬
‫الرقابة غير القضائية على محرري العقود الرسمية‪.‬‬
‫وهي األكثر فعالية في الجانب األخالقي وتعتبر الرقابة الذاتية غاية في األهمية‪ ،‬وذلك لكونها تهتم أساسا‬
‫بتنظيم مهنة التوثيق وتخليقها وتحصينها وتأهيلها حتى تبقى مهنة االئتمان على الحقوق‪.‬‬

‫تسهر األجهزة الوطنية والمتمثلة في كل من الغرفة الوطنية للموثقين والغرفة الجهوية على تنظيم المهنة‪ ،‬وتمثيلها‬
‫أمام األغيار والمؤسسات‪ ،‬كما أنها تتمتع بنفوذ أدبي في حالة إخالل الموثق بواجباته‪ ،‬التي تمس شرف المهنة‬
‫وأخالقياتها‪.‬‬

‫وإذا ما ثبت إخالل الموثق للنصوص القانونية المنظمة للمهنة أو إخالله بواجباته المهنية‪ ،‬أو ارتكب أعماال تمس‬
‫بشرف المهنة أو االستقامة أو التجرد‪ ،‬فإنه يتعرض لعقوبات تأديبية‪.45‬‬

‫أما بالنسبة للرقابة الذاتية على عمل العدول‪ ،‬فكما مر معنا أن المحرر العدلي ورقة رسمية‪ ،‬تخضع لرقابة‬
‫صارمة ومشددة‪ ،‬فهو يخضع بمناسبة مزاولة مهامه والمتمثلة أساسا في إضفاء الصفة الرسمية على العقود التي‬
‫يتلقاها من األطراف لرقابة الهيئة الوطنية للعدول‪ ،‬والمجلس الجهوي للعدول‪ ،‬طبقا لما جاء في المادة ‪ 52‬من‬
‫قانون ‪ 16.03‬المتعلق بخطة العدالة‪.46‬‬

‫لكن يتعين على المشرع المغربي أن يوفر للهيئة الوطنية للعدول الوسائل واآلليات التي تمكنها من ممارسة رقابة‬
‫صارمة على العدول‪ ،‬وذلك بهدف ضمان جودة الوثيقة المحررة من طرفهم‪ ،‬ما دام أن تحقيق األمن التوثيقي‬
‫مرتبط بسالمة المحررات من حيث الشكل والمضمون‪.‬‬

‫‪ -45‬تنص المادة ‪ 73‬من قانون ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق على انه‪" :‬يمكن إصدار عقوبات تأديبية ضد كل موثق‬
‫خالف النصوص القانونية المنظمة للمهنة‪ ،‬أو أخل بواجباته المهنية‪ ،‬أو ارتكب أعماال تمس بشرف المهنة أو االستقامة أو التجرد‬
‫أو األخالق الحميدة أو أعراف وتقاليد المهنة‪.‬‬
‫ال تحول المتابعات التأديبية دون تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة أو المتضررين زج ار لألفعال التي تكون جنحا‬
‫أو جنايات"‪.‬‬
‫‪ -46‬تنص المادة ‪ 52‬من القانون ‪ 16.03‬المتعلق بخطة العدالة على أن‪" :‬تحدث بمقتضى هذا القانون هيئة وطنية للعدول‪،‬‬
‫يوجد مقرها بالرباط‪ ،‬تتفرع عنها مجالس جهوية على صعيد دوائر محكمة االستئناف‪.‬‬
‫تتمتع الهيئة الوطنية للعدول بالشخصية المعنوية‪ ،‬وتضم جميع العدول"‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الرقابة على عمل الموثقين والعدول ليست بهدف التشكيك في حياد ونزاهة الموثق‪،‬‬
‫وليس بهدف الكشف عن أخطائه‪ ،‬بل الهدف منها حماية المهنة وتوفير امن توثيقي للمستفيدين من خدماتها‪،‬‬
‫إضافة إلى حماية الحقوق العينية وإرساء الثقة والطمأنينة لدى األفراد المعنيين بالوثيقة‪.‬‬

‫من خالل ما سبق نقترح في مجال المراقبة بعض اإلجراءات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تفعيل نظام المحاسبة من خالل النصوص القانونية الزاجرة للسلوكيات المشينة مثل االرتشاء (الفصل‬
‫‪ 248‬و‪ 249‬من ق‪ .‬ج)‪ ،‬اختالس األموال (الفصول ‪ 241‬و‪242‬من ق‪ .‬ج)‪ ،‬استغالل النفوذ (الفصل‬
‫‪ 250‬من ق‪ .‬ج)‪ ،‬الغدر (الفصول ‪ 243‬و‪ 244‬من ق‪ .‬ج)‪ ،‬تحصيل منافع غير قانونية (الفصول‬
‫‪ 245‬و‪ ،)246‬المحسوبية الفصل ‪ 254‬من ق‪.‬ج)‪ ،‬الشطط في استعمال السلطة وخيانة األمانة‬
‫(الفصلين ‪ 547‬و‪ 555‬من ق‪.‬ج)‪ ،‬التزوير (الفصل ين‪ 334‬و‪ 367‬من ق‪ .‬ج)‪،‬‬
‫‪ ‬توحيد إجراءات المراقبة والتفتيش والبحث بالنسبة لجميع المهن المساعدة للقضاء وتوفير اإلمكانيات‬
‫المادية والوسائل البشرية الكافية للنيابة العامة لتفعيل المراقبة والتفتيش وإخضاع أعضائها للتكوين‬
‫والتخصص في مجال المراقبة المالية على الخصوص‬
‫‪ ‬تفعيل آليات الرقابة التي أحدثتها أو حينتها القوانين الجديدة في الحد من التجاوزات المهنية ومن اإلجرام‬
‫‪ ‬تفعيل المساءلة التأديبية بكامل الشفافية والنزاهة عند وجود اختالالت أخالقية أو مهنية‪،‬‬
‫‪ ‬إشهار العقوبات التأديبية للعاملين في الجهاز القضائي بكافة المحاكم أو عبر البوابة اإللكترونية لمديرية‬
‫الموارد البشرية لو ازرة العدل أو ودادية موظفي العدل أو الودادية الحسنية للقضاة أو نادي القضاة أو‬
‫جمعية المحامين بالمغرب أو الهيئة الوطنية للعدول أو هيئة المفوضين القضائيين‪ ،‬ألن من شأن ذلك‬
‫أن يفضح العناصر الفاسدة في الجهاز القضائي ويحد من توسع دائرة المظاهر السلبية في مرافق العدالة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫خاتمة‬

‫نخلص للقول أن أخالقيات المهن التوثيقية تظل حج ار أساسا في تحقيق أهداف هذه المهن‬
‫واختصاصاتها من ضمان لحقوق المرتفقين‪ ،‬وحقوق الدولة وضمان سمو القانون وسيادته وخلق الثقة بين‬
‫مؤسساته فيما بينها وفيما بين تلك المؤسسات وعموم المواطنين‬

‫والتأطير القانوني لهذه االخالقيات وإن كان ضروريا إلضفاء اللزوم واالجبار على مضمونها‪ ،‬ال أعتقد‬
‫أنه سينجح في مقاومة الفساد وتخليق هذه المهن في غياب انخراط المجتمع بكل تالوينه السياسية والفكرية‬
‫واألكاديمية وسيبقى دوما االنسان والفرد هو جوهر التفكير وجوهر التقنين وجوهر التنزيل فإن فسد فلن يمكن‬
‫لوثيقة تسمى مدونة وال غيرها أن تصلحه‪،‬‬

‫لذلك تبقى الدعوة مفتوحة والنقاش ساريا إليجاد حلول مبتكرة لبناء هذا االنسان داخل مؤسسات بنائه‬
‫وهي األسرة والمدرسة والمجتمع‪ ،‬فال مستقبل ألمة بال أخالق فما بالك بمهنة أو حرفة كما قال أحمد شوقي‪:‬‬

‫ذهبوا‬ ‫أخالقهم‬ ‫ذهبت‬ ‫هم‬ ‫إن‬ ‫بقيت‬ ‫ما‬ ‫األخالق‬ ‫األمم‬ ‫إنما‬

‫والحمد هلل رب العالمين‬

‫‪28‬‬
‫ملحق رقم ‪1‬‬

‫مقتطف من التقرير السنوي لوزير العدل أمام لجنة التشريع بالبرلمان المغربي‬

‫‪2021‬‬ ‫أكتوبر‬ ‫بتاريخ‬ ‫وهبي‬ ‫اللطيف‬ ‫عبد‬ ‫األستاذ‬ ‫العدل‬ ‫وزير‬ ‫قدمه‬

‫‪29‬‬
30
‫الئحة المصادر والمراجع‬

‫‪ o‬ضمانات التوثيق العدلي ودورها في تحقيق األمن التوثيقي للمعامالت العقارية ـ للطالب محمد االمام‬
‫العزاوي ـ تحث اشراف الدكتور الحسن الراغيبي أطروحة لنيل الدكتوراه في كلية الشريعة ـ سنة ‪2017‬‬
‫‪ o‬محمد الربيعي ـ األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مكتبة‬
‫المعرفة مراكش‬

‫مقاالت ولقاءات‬

‫‪ o‬محمد الربيعي‪ :‬التزام الموثق بإرشاد الزبون ونصحه مقال منشور بمجلة اإلشعاع عدد ‪ 32‬يونيو‬
‫‪2007‬‬
‫‪ o‬افتتاحية الصفحة االلكترونية لجريدة بيان اليوم في مقال بعنوان "في لقاء وطني حول آفاق ومستقبل‬
‫مهنة التوثيق العصري بالمغرب" بتاريخ ‪ 12‬نونبر ‪2012‬‬
‫‪ o‬اللقاء الوطني األول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب‪ ،‬المنظم تحت‬
‫شعار‪« :‬آفاق مهنة التوثيق على ضوء قانون ‪ 32.09‬والعمل القضائي‬
‫‪ o‬حسن حلحول‪ ،‬مقال بعنوان‪ ،‬أخالقيات مهنة المحاماة‪ ،‬وتحديات الثابت والمتغير منشور بموقع‬
‫‪ https://www.danapress.ma‬بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪ 2020‬اطلع عليه بتاريخ ‪12‬أبريل ‪2022‬‬

‫‪ o‬عبد الصمد الكباص‪ ،‬مقال منشور بجريدة االتحاد االشتراكي بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪2019‬‬
‫‪ o‬عبد العزيز بنزاكور‪ ،‬قيم وأخالقيات المهن القضائية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،150‬يناير‬
‫‪ ،2016‬ص ‪20‬‬
‫‪ o‬عبد اللطيف العلكي‪ ،‬دور الرقابة على أعمال الموثق في تعزيز األمن العقاري‪ ،‬مجلة المتوسط‬
‫للدراسات القانونية والقضائية‪،‬ع ‪ ،4‬شتنبر ‪،2017‬‬

‫قوانين ومراسيم تطبيقية‪:‬‬

‫‪ o‬ظهير شريف رقم ‪ 1-06-56‬صادر في ‪ 15‬من محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪ )2006‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 16-03‬المتعلق بخطة العدالة‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ o‬القانون التنظيمي رقم ‪ ،100 – 13‬المتعلق بالمجس األعلى للسلطة القضائية الصادر تنفيذه بمقتضى‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1-16-40‬الصادر في ‪ 14‬من جمادى اآلخرة ‪ 24( 1437‬مارس ‪)2016‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ - 1455‬تا رجب ‪ 14( 1437‬أبريل ‪2015‬‬
‫‪ o‬ظهير شريف رقم ‪ 1.16.41‬صادر في ‪ 14‬من جمادى اآلخرة ‪ 24( 1437‬مارس ‪ )2016‬تنفيذ‬
‫القانون التنظيمي رقم‪ 106.13 :‬المتعلق بالنظام األساسي للقضاة‬
‫‪ o‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.179‬صادر في ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 22( 1432‬نوفمبر ‪ )2011‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق الجريدة الرسمية عدد ‪ 5989‬مكرر بتاريخ ‪ 28‬ذو‬
‫القعدة ‪ 26( 1432‬اکتوبر ‪ )2011‬ص ‪5228‬‬
‫‪ o‬ظهير شريف رقم ‪ 1.08.101‬صادر في ‪ 20‬من شوال ‪ 20( 1429‬أكتوبر ‪ )2008‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 28.08‬المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة الجريدة الرسمية ‪ 5680 -‬بتاريخ ‪ 7‬ذو‬
‫القعدة ‪ 6( 1429‬نوفمبر ‪ ،)2008‬ص ‪4044‬‬

‫‪32‬‬
‫الفهرس‬

‫م ـ ـق ــدم ـ ــة‪2 ...................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األساس القانوني وأهم أخالقيات مهنيي التوثيق ‪3 ...........................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األساس القانوني ألخالقيات مهنيي التوثيق ‪3 ...........................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهم أخالقيات مهنيي التوثيق‪5 .........................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أخالقيات العدل والموثق ‪5...........................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أخالقيات المحامي‪10 ...............................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬واقع أخالقيات مهن التوثيق وتأثيره على األمن التوثيقي والعقاري وسبل تخليقها‬
‫‪13 .....................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬واقع أخالقيات مهن التوثيق‪13 ........................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬واقع أخالقيات مهن التوثيق‪14 ......................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تأثير أخالقيات المهن التوثيقية على األمن العقاري ‪17 ................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آليات تخليق مهن التوثيق ‪19 .........................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم وأهداف تخليق مهن التوثيق ‪19 ...............................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات ترسيخ تخليق المهن التوثيقية‪20 ...............................‬‬

‫خاتمة ‪28 ...................................................................................‬‬

‫الئحة المصادر والمراجع ‪29 .............................................................‬‬

‫‪33‬‬

You might also like