You are on page 1of 27

‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫اإلدااة اإللكرت نية اهان التنمية (اإلدااة القضائية من روذجا)‬

‫العنصري‬
‫ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ‬‫السالم‬ ‫الدكتور عبد‬
‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﻭﺭﻫﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ‪ :‬ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬مقدمة‪:‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻠﺤﺎﺝ ﺍﻟﻔﺤﺼﻲ‬
‫ساهمت الوسائل التكنولوجية الحديثة في تحقيق تغيير جذري لجميع إجراءات‬
‫ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻯ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﺴﻼﻡ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫املحاكم بشكل عام‪ ،‬واستطاعت تحويل املحاكم التقليدية إلى محاكم إلكترونية عن طريق‬
‫ﻉ‪2‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫إدخال وسائل رقمية متقدمة‪ ،‬كنشر املعلومات والقرارات القضائية للجميع‪ ،‬والاطالع على‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫الوثائق واملستندات عبر شبكة الانترنت من خالل بوابات إلكترونية تفاعلية‪ ،‬لذا ينبغي لكل‬
‫‪2016‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫إصالح إداري منشود أن يعمل على تطوير أساليب العمل وتبسيط مساطره‪ ،‬والتخفيف من‬
‫ﺩﺟﻨﺒﺮ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫الشكليات وآلاجال‪ 1‬والقيود باالستعانة بمختلف وأحدث وسائل النجاعة والفعالية في‬
‫‪503 - 528‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫التسيير إلاداري واعتماد املعلوميات والتي تمكن من ربح الوقت والتحكم بدقة في العمل‬
‫‪822402‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫وضبط التخطيط والبرمجة‪ ،‬وبالتالي دمقرطة ألانشطة إلادارية‪ ،‬لذا عرف العالم في العقود‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫ألاخيرة خاصة في ألالفية الثالثة ثورة هائلة في جل املجاالت العلمية والتكنولوجية‪ ،‬التي‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫اليومية لإلنسان وأصبحت من الركائز الجوهرية واملعول عليها في‬ ‫أحدثت تغيير في الحياة‬
‫‪IslamicInfo‬‬
‫والاجتماعية‪ ،‬هذا ما انعكس على إلادارة العمومية التي تعتبر هي‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬الاقتصادية‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ‬
‫إحداث التنمية‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪،‬‬
‫البرمجة‬ ‫ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ إدراج‬
‫وبذلك تم‬‫ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ‪،‬‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓاملواطنين‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ‪،‬وتخدم‬ ‫ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ‬
‫التنمية في الدولة‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪ :‬التي تحرك عجلة‬
‫آلالية‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬
‫املعلوماتية داخل نسق عمل إلادارة‪ ،‬وإن إدماج املعلوميات في القضاء لفرصة كبيرة تمكن‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/822402‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫أطر العدالة من التدرب على املعلوميات ومعالجة القضايا املعلوماتية بما يضمن إصالحا‬
‫حقيقيا للقضاء‪ ،‬فهناك العديد من الدول النامية التي حاولـت استخدام هذه التكنولوجيا –‬
‫لكنها واجهت صعوبات‪ -‬وأمور متعلقة بضعف الاستثمارات‪ ،‬وهنا نتحدث عن انعدام الصلة‬

‫‪ 1‬لقد حث صاحب الجاللة محمد السادس في خطاب الدار البيضاء أمام مسؤولي الواليات والجهات والعماالت‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬أمام املستثمرين من خالل قراره بإنشاء لجنة خبراء تحت رئاسته‬ ‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕاملصادقة‬
‫الصعاب‪،‬‬ ‫وألاقاليم على تدليل‬
‫© ‪ 2020‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ‬
‫مناسبةﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫لالستثمار‪ ،‬وقرر‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ في‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫املعيقة‬
‫ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ‬ ‫الحواجز‬
‫الةﺍﻟﻨﺸﺮ‪،‬‬
‫اءات وإز‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫ﻣﻊ إلاجر‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‬ ‫وتبسيط‬
‫الخلل ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ‬
‫مواقعﺍﻹﺗﻔﺎﻕ‬
‫معرفة ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ على‬
‫ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ‬ ‫ﻫﺬﻩ تنكب‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬تبث فيها إلادارة‪.‬‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮفيﺃﻭالﺩﺍﺭحالة التي ال‬
‫ﺣﻘﻮﻕضمنيا‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏمقبولة‬
‫ﺧﻄﻲإلىﻣﻦإلادارة‬
‫املقدمة‬ ‫الاستثمارية‬
‫ﺗﺼﺮﻳﺢ‬ ‫ى ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ‬
‫اعتبار امللفات‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ‬ ‫أخرﺃﻭ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ‬

‫‪503‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫اإلدااة اإللكرت نية اهان التنمية (اإلدااة القضائية من روذجا)‬

‫الدكتور عبد السالم العنصري‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ساهمت الوسائل التكنولوجية الحديثة في تحقيق تغيير جذري لجميع إجراءات‬
‫املحاكم بشكل عام‪ ،‬واستطاعت تحويل املحاكم التقليدية إلى محاكم إلكترونية عن طريق‬
‫إدخال وسائل رقمية متقدمة‪ ،‬كنشر املعلومات والقرارات القضائية للجميع‪ ،‬والاطالع على‬
‫الوثائق واملستندات عبر شبكة الانترنت من خالل بوابات إلكترونية تفاعلية‪ ،‬لذا ينبغي لكل‬
‫إصالح إداري منشود أن يعمل على تطوير أساليب العمل وتبسيط مساطره‪ ،‬والتخفيف من‬
‫الشكليات وآلاجال‪ 1‬والقيود باالستعانة بمختلف وأحدث وسائل النجاعة والفعالية في‬
‫التسيير إلاداري واعتماد املعلوميات والتي تمكن من ربح الوقت والتحكم بدقة في العمل‬
‫وضبط التخطيط والبرمجة‪ ،‬وبالتالي دمقرطة ألانشطة إلادارية‪ ،‬لذا عرف العالم في العقود‬
‫ألاخيرة خاصة في ألالفية الثالثة ثورة هائلة في جل املجاالت العلمية والتكنولوجية‪ ،‬التي‬
‫أحدثت تغيير في الحياة اليومية لإلنسان وأصبحت من الركائز الجوهرية واملعول عليها في‬
‫إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬هذا ما انعكس على إلادارة العمومية التي تعتبر هي‬
‫آلالية التي تحرك عجلة التنمية في الدولة وتخدم املواطنين‪ ،‬وبذلك تم إدراج البرمجة‬
‫املعلوماتية داخل نسق عمل إلادارة‪ ،‬وإن إدماج املعلوميات في القضاء لفرصة كبيرة تمكن‬
‫أطر العدالة من التدرب على املعلوميات ومعالجة القضايا املعلوماتية بما يضمن إصالحا‬
‫حقيقيا للقضاء‪ ،‬فهناك العديد من الدول النامية التي حاولـت استخدام هذه التكنولوجيا –‬
‫لكنها واجهت صعوبات‪ -‬وأمور متعلقة بضعف الاستثمارات‪ ،‬وهنا نتحدث عن انعدام الصلة‬

‫‪ 1‬لقد حث صاحب الجاللة محمد السادس في خطاب الدار البيضاء أمام مسؤولي الواليات والجهات والعماالت‬
‫وألاقاليم على تدليل الصعاب‪ ،‬املصادقة أمام املستثمرين من خالل قراره بإنشاء لجنة خبراء تحت رئاسته‬
‫تنكب على معرفة مواقع الخلل وتبسيط إلاجراءات وإزالة الحواجز املعيقة لالستثمار‪ ،‬وقرر في مناسبة‬
‫أخرى اعتبار امللفات الاستثمارية املقدمة إلى إلادارة مقبولة ضمنيا في الحالة التي ال تبث فيها إلادارة‪.‬‬

‫‪503‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫في مجال املعلوميات وبين إصالح القضاء‪ .‬ومن بين الصعوبات كذلك نجد الاستثمارات‬
‫املوجهة للعدالة‪ ،‬وهي استثمارات ضعيفة ومرتجلة قد تأتي بنتائج عكسية وتأتي استجابة‬
‫للرغبة الخاصة وليس هدفها إصالح قطاع العدالة والدليل هو قلة التدريب وعدم استعمال‬
‫الحاسوب من طرف القضاة رغم وجوده‪ ،‬وقد ساهمت التطبيقات التكنولوجية الحديثة‪ 1‬في‬
‫تحقيق تغيير لدى املحاكم واستطاعت تحويلها من تقليدية إلى إلكترونية عن طريق إدخال‬
‫وسائل رقمية متقدمة‪ ،‬كنشر املعلومات والقرارات القضائية للجميع‪ ،‬والاطالع على الوثائق‬
‫واملستندات عبر شبكة الانترنت من خالل بوابات إلكترونية تفاعلية‪ ،‬ألامر الذي يستدعي‬
‫تأهيل القيادات القضائية من الناحية التكنولوجية‪ ،‬وعقد دورات مكثفة لهم لكي تكون لهم‬
‫دارية كبيرة وكاملة بالتطور التكنولوجي الذي يحدث في العالم ويجيدون التعامل مع‬
‫التقنيات الحديثة ألن الثقافة الشخصية ملنصب القضاة‪ ،‬الوكالء‪ ،‬املحامون تتطلب إملامهم‬
‫بكل ما هو جديد وحديث في تطبيق نظام القضاء إلالكتروني الذي يساعدنا في التخلص من‬
‫ألاوراق وتأجيل القضايا التي ترهق الاقتصاد الوطني والارتقاء بالعمل القضائي وتحقيق‬
‫العدالة ومنظومة قضائية متكاملة وعلى أعلى املستويات من العمل املؤسس ي (املبحث‬
‫ألاول)‪ ،‬ويعد إصالح القضاء وتعزيز أسس الحكامة الجيدة والتي تعد من أبرز ألاوراش‬
‫إلاصالحية باملغرب خالل سنة ‪ ،2111‬والتي توطدت بعد مصادقة الشعب املغربي على‬
‫الدستور الجديد في فاتح يوليوز ‪ 2111‬تكريسا لدولة الحق وتخليق الحياة العامة وتحقيق‬
‫التنمية في مختلف تجلياتها‪ ،‬وقد عرف قطاع العدالة إصالحات جزئية اعتبرت لبنة أساسية‬
‫لبناء الصرح الديمقراطي انطالقا من مبدأ العدل أساس امللك لكن رغم ذلك‪ ،‬وحيث إن‬
‫القضاء يمثل رافدا أساسيا من الشروط املتداخلة التي يتوقف عليها املض ي نحو التنمية في‬
‫عهد العوملة‪ .‬فقد دعا جاللة امللك محمد السادس في خطاب ألامة بمناسبة الذكرى ألـ‪56‬‬
‫لثورة امللك والشعب إلى ضرورة إصالح القضاء وتأهيله ليكون في خدمة املواطن‪ ،‬وحدد‬
‫جاللته في خطابه السامي املحاور ألاساسية لهذا إلاصالح‪ ،‬متمثلة في تعزيز ضمانات استقالل‬
‫القضاء‪ ،‬وتحديث املنظومة القانونية‪ ،‬وتأهيل الهياكل واملوارد البشرية‪ ،‬والرفع من النجاعة‬
‫القضائية‪ ،‬وترسيخ التخليق (املبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الشرقاوي عبد الرحمان ‪" :‬التنظيم القضائي بين العدالة املؤسساتية والعدالة املكملة أو البديلة"‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ ،2113 ،‬ص ‪.43 :‬‬

‫‪504‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫املبحث األول‪ :‬احلكومة اإللكرتونية وأهدافها‬


‫إن الجانب املعلوماتي الحديث ينفرد بخصوصية مميزة عن الثروات التقنية ألاخرى‪،‬‬
‫إذ أن رأسماليها هو العقل البشري والثروة البشرية داخل الدولة‪ 1،‬فاإلدارة إلالكترونية هي‬
‫تحويل كافة ألاعمال والخدمات إلادارية التقليدية من طول إلاجراءات واستخدام ألاوراق‪،‬‬
‫إلى أعمال وخدمات إلكترونية تنفذ بسرعة عالية ودقة متناهية‪ ،‬باستخدام تقنيات إلادارة‪،‬‬
‫وهو ما يطلق عليه إدارة بال أوراق‪ .‬فهي وسيلة لرفع مستوى أداء إلادارة لتحقيق الكفاءة‬
‫والفعالية‪ ،‬وليست بديال عنها‪ 2،‬وال تهدف إلى إنهاء دورها‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق‪ ،‬فإنه ال يمكن أن نتصور تقديم خدمات إلكترونية متاحة عبر‬
‫الشبكة العاملية "الانترنت" دون اللجوء إلى تبسيط املساطر وإدخال بعض الحركة واملرونة في‬
‫إجراءاتها حيث يعتبر آلان مشروع إلادارة أو الحكومة إلالكترونية نتيجة حتمية لتفاعالت‬
‫مجاالت تكنولوجيا املعلومات والاتصال‪ 3‬وتبسيط املساطر وتحسين وتسهيل العالقة مع‬
‫املواطن وإلادارة‪ .‬ومما سبق فإن أهم تحدي يواجه املحاكم املغربية لكي ترتقي بعملها من‬
‫عمل تقليدي إلى عمل حديث‪ ،‬هو استعمالها لتكنولوجيا املعلومات والاتصال‪ ،‬لذلك فهي‬
‫تعمل جاهدة لتوظيف إمكانياتها املادية والبشرية لالستفادة من هذا املجال الحيوي مبكرا‪.‬‬
‫ومن هنا يتضح أن التعامل مع تكنولوجيا املعلوميات والاتصال في ترشيد وتطوير‬
‫‪4‬‬
‫العمل إلاداري‪ ،‬أصبح اختيارا ال يخضع للرفض‪ ،‬وإنما أصبح ضرورة تحدد بقاء املنظمات‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد غزالي ‪" :‬دور املعلوميات في تحديث إلادارة العمومية باملغرب‪ ،‬نظام التدبير املندمج ملوظفي الدولة‬
‫نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية الحقوق أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2111-2111‬ص ‪.37-36 :‬‬
‫‪ 2‬عبد املغيث فهيم ‪" :‬إقحام إلاعالميات في إلادارة املغربية"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم السلك العالي‪ ،‬املدرسة‬
‫الوطنية لإلدارة‪ ،‬الرباط‪ ،‬دجنبر ‪ ،1989‬ص ‪.72 :‬‬
‫‪ 3‬طه أنماس ‪" :‬دور النظام التواصلي في تحقيق إدارة فعالة ومنتجة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫املعمقة في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1999-1998‬ص ‪:‬‬
‫‪.81‬‬
‫‪ 4‬املناظرة الوطنية ألاولى حول إلاصالح إلاداري باملغرب تحت شعار "إلادارة املغربية وتحديات ‪ ،2111‬وزارة‬
‫الوظيفة العمومية وإلاصالح إلاداري"‪ 8-7 ،‬ماي ‪ ،2112‬ص ‪.13 :‬‬

‫‪505‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫وهذا ما يدفعنا إلى مزج مجموعة من التساؤالت تتمحور حول توفر املؤسسات‪ 1‬على الوسائل‬
‫البشرية والتقنية الضرورية انطالقا من مفهوم الحكومة إلالكترونية‪( ،‬املطلب ألاول)‬
‫وأهميتها (املطلب الثاني)‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم الحكومة اإللكترونية‬
‫يعد موضوع الحكومة إلالكترونية من أبرز التطبيقات إلادارية الحديثة‪ ،‬التي ظهرت‬
‫خالل السنوات القليلة املاضية‪ ،‬حيث يشكل حيزا كبيرا في مستقبل إلادارة خالل السنوات‬
‫القادمة‪ .‬ولهذا أصبح هذا املوضوع موضوعا حيويا ويحض ى بأهمية بالغة في مختلف دول‬
‫العالم‪ 2،‬والحكومة إلالكترونية تمثل أسلوبا جديدا لتقديم الخدمات للمواطن بهدف رفع كفاءة‬
‫ألاداء الحكومي وخفض إلاجراءات الروتينية التي يعاني منها املواطنون وتوفير املعلومات والبيانات‬
‫بطريقة سهلة لالستفادة من الثورة الرقمية الهائلة‪ 3،‬وبناء على ذلك تتعدد التعاريف املستخدمة‬
‫للحكومة إلالكترونية نظرا لشمولها العديد من املجاالت وفيما يلي بعض التعاريف للحكومة‬
‫إلالكترونية‪ 4.‬إن مفهوم الحكومة إلالكترونية ‪ gouvernement‬هي في الواقع أسلوب جديد‬
‫ومتطور‪ ،‬بل هي ثورة تقنية معلوماتية قادت إلى نقلة نوعية في تقديم ألاجهزة الحكومية وأجهزة‬
‫القطاع الخاص وغيره من القطاعات للمعلومات والخدمات وتسويق املنتجات للمستفيدين عن‬
‫طريق شبكة الانترنت والكمبيوتر بدال من ألاسلوب التقليدي الورقي البيروقراطي‪.‬‬
‫وهي "قدرة القطاعات على تبادل املعلومات وتقديم الخدمات فيما بينها وبين‬
‫املواطن وقطاع ألاعمال وبدقة عالية وبأقل تكلفة ممكنة‪ 5‬مع ضمان السرية وأمن‬
‫املعلومات املتداولة في أي وقت ومكان"‪ .‬فالحكومة إلالكترونية تقوم على مفهوم جديد‬

‫‪ 1‬محمد نور برهان ‪" :‬استخدام الحاسبات إلالكترونية في إلادارة العامة في الدول العربية"‪ ،‬نظرة تحليلية‬
‫ومستقبلية‪ ،‬املنظمة العربية للعلوم إلادارية‪ ،‬إدارة البحوث والدراسات ‪ ،2111‬ص ‪.31 :‬‬
‫‪ 2‬بسام بن عبد العزيز الحمادي ‪" :‬الحكومة إلالكترونية ‪ :‬الواقع واملعوقات وسبل التطبيق بدول مجلس‬
‫التعاون لدول الخليج العربية"‪ ،‬الرياض‪ ،‬معهد إلادارة العامة‪2114 ،‬م‪ ،‬ص ‪ 27 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 3‬علي لطفي ‪" :‬الحكومة إلالكترونية بين النظرية والتطبيق العملي ‪ :‬إلادارة العامة الجديدة والحكومة‬
‫إلالكترونية"‪ ،‬املنظمة العربية للتنمية إلادارية‪ ،‬دبي ‪ 12-9‬ديسمبر ‪ ،2117‬ص ‪ 45 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 4‬بسام بن عبد العزيز الحمادي ‪" :‬الحكومة إلالكترونية ‪ :‬الواقع واملعوقات وسبل التطبيق بدول مجلس‬
‫التعاون لدول الخليج العربية"‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28 :‬‬
‫‪ 5‬محمود صبري خميس أبو حبيب ‪" :‬إلادارة إلالكترونية بين الواقع والتطبيق‪ ،‬الفوائد والسلبيات"‪ ،‬كلية‬
‫تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬الجامعة إلاسالمية‪ ،‬بدون ذكر دار الطبع‪ ،‬أبريل ‪ ،2119‬ص ‪.22 :‬‬

‫‪506‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫ومتطور يتعدى املفهوم الحديث "اتصل وال تنتقل" وينقله خطوة إلى ألامام بحيث يصبح‬
‫ادخل على الخط وال تدخل في الخط‪ .‬وقد عرفتها منظمة التعاون والتنمية استخدام‬
‫تكنولوجيا املعلومات والاتصاالت‪ ،‬والسيما الانترنت من أجل تحسين إدارة املرافق العامة‬
‫‪ OCED‬بأنها ‪ :‬توظيف لتكنولوجيا املعلومات والاتصال لتحدث العمل الحكومي باإلضافة إلى‬
‫‪1‬‬
‫جعل العمل الحكومي أكثر كفاءة وأكثر شفافية ويتجه نحو تحقيق احتياجات املواطن‪،‬‬
‫واستخدام الانترنت إلرسال معلومات وتقديم خدمات حكومية للمواطنين بحيث يستطع‬
‫املواطن الحصول على الخدمة في أي وقت‪.‬‬
‫والحكومة إلالكترونية هي استخدام تكنولوجيا املعلومات والاتصاالت لتحسين‬
‫أسلوب أداء الخدمات الحكومية‪ ،‬وقد رأى الدكتور عبد الفتاح بيومي أن تعبير إلادارة‬
‫إلالكترونية هو املصطلح ألاقرب لتحقيق ذلك التوافق‪ 2،‬على أساس أن املراد ليس ممارسة‬
‫سلطة الحكم بطريقة إلكترونية‪ ،‬وإنما املقصود‪ ،‬إدارة ألامور بطريقة إلكترونية سواء على‬
‫املستوى الحكومي أو ألاهلي‪ ،‬وتعني إلادارة إلالكترونية من وجهة نظره تحول املصالح‬
‫الحكومية وجهات القطاع الخاص نحو قضاء وظائفها ومهامها فيما يتصل بتقديم الخدمات‬
‫لجمهور املتعاملين معها‪ ،‬أو فيما بينها بطريقة سهلة ميسرة من خالل استخدام تقنية‬
‫املعلومات وتطور الاتصاالت في أداء مهام كل منها‪ 3.‬ويبدو من مطالعة رأي الدكتور عبد‬
‫الفتاح بيومي‪ ،‬تسليمه بعدم التطابق بين مفهوم إلادارة إلالكترونية واملعنى الدستوري‬
‫والقانوني للحكومة‪ ،‬وهو ما يبدو واضحا فيما أردفه من تسويغ اختياره ملفهوم إلادارة‬
‫إلالكترونية بأنه مفهوم يتسع ليشمل كل عمل إلكتروني سواء قامت به الحكومة أو القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬ويدعو إلى التخلي عن املفاهيم التقليدية‪ 4،‬ومن بينها مفهوم الحكومة حسب النص‬
‫الدستوري أو القانون بدعوى أن ضرورات التقدم العلمي وثورة الاتصاالت هي التي تفرض‬

‫‪ 1‬أحمد خضراني ‪" :‬محاضرات تكميلية في إلادارة املحلية"‪ ،‬مطبعة الوراقة سجلماسة‪ ،‬محاضرات ألقيت‬
‫على طلبة القانون العام سنة ‪ ،2111‬ص ‪.15 :‬‬
‫‪ 2‬عبد الفتاح بيومي ‪" :‬الحكومة إلالكترونية ونظامها القانوني"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،2116 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.55‬‬
‫‪ 3‬رأفت رضوان ‪" :‬عالم التجارة إلالكترونية"‪ ،‬املنظمة العربية للتنمية إلادارية‪ ،‬بدون ذكر دار الطبع‪،1999 ،‬‬
‫ص ‪.65 :‬‬
‫‪ 4‬عبد الفتاح بيومي ‪" :‬الحكومة إلالكترونية ونظامها القانوني"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71 :‬‬

‫‪507‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫ذلك‪ 1،‬وتعرف كذلك على أنها استخدام تكنولوجيا املعلومات لتقديم معلومات وخدمات‬
‫الحكومة وما يلزم املواطنين في العملية الديمقراطية وصناعة القرار الحكومي‪.‬‬
‫حيث أن الحكومة إلالكترونية تستخدم تقنية املعلومات في عالقاتها باألفراد وقطاع‬
‫ألاعمال وألاجهزة الحكومية ألاخرى وهذا يؤدي إلى سرعة إنجاز املعامالت ورفع مستوى الكفاءة‬
‫في إلانجاز وانخفاض التكاليف كذلك تعطي املواطن الاختيار متى وأين يدخل إلى املعومات‬
‫والخدمات الحكومية‪ .‬وبناء على ما سبق يمكن تعريف الحكومة إلالكترونية بأنها ‪" :‬استخدام‬
‫تكنولوجيا املعلومات والاتصاالت لتغيير أسلوب العمل وأداء الخدمات سواء داخل املؤسسات‬
‫الحكومية ذاتها أو في تعامالتها مع املواطنين بما يمكن من تيسير إجراءات تقديم الخدمة بحيث‬
‫تصبح أكثر كفاءة‪ ،‬باإلضافة إلى تقديم كافة الاحتياجات من املعلومات للمواطنين عن‬
‫الخدمات والقوانين واللوائح والتشريعات عبر شبكة الانترنت‪ .‬وانطالقا مما سبق يمكن أن‬
‫نعرف الحكومة أو إلادارة إلالكترونية بأنها استعمال تكنولوجيا املعلومات والاتصال وخاصة‬
‫الانترنت والبرامج املعلوماتية من طرف إلادارات واملؤسسات العمومية وحتى الجماعات الترابية‪،‬‬
‫بهدف تطوير أدائها الداخلي وتقديم خدمات ذات جودة عالية للمستفيدين سواء كانوا‬
‫‪3‬‬
‫أشخاصا عامة أو ذاتية‪ .‬وبالتالي تشتمل الحكومة إلالكترونية‪ 2‬على ثالثة أبعاد‪:‬‬
‫ألاول ‪ :‬الخدمات إلالكترونية‬
‫حيث يتم تقديم خدمات حكومية للمواطنين عن طريق شبكة الانترنت‪.‬‬

‫‪ 1‬سعيد محمد الحضر وآخرون ‪" :‬الحكومة إلالكترونية وتأثيرها على صنع وتنفيذ السياسة املحلية‪ ،‬دراسة‬
‫تطبيقية"‪ ،‬جامعة قناة السويس كلية التجارة‪ ،‬مصر‪ ،2115 ،‬ص ‪.87 :‬‬
‫‪ 2‬كريم لحرش ‪" :‬الحكامة املحلية"‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬الرباط‪ ،2119 ،‬ص ‪.13 :‬‬
‫‪ 3‬يجب أن نعي أوال أن الحكومة إلالكترونية عبارة عن عملية تحول وأن التقنية هي أداتها ملساعدة املواطنين‬
‫واملؤسسات وهي جزء من برنامج إصالح عام ملا هو متعارف عليه في العالم إلاداري والاقتصادي الحالي‪،‬‬
‫فهي إعادة صياغة طريقة عمل الحكومة‪ ،‬وإدارة املعلومات وخدمة املواطنين ولكنها عملية ليست سهلة‬
‫وليست قليلة التكلفة‪ ،‬فقبل تخصيص املوارد والوقت لتحقيقها يجب أن تتوفر الرغبة الكاملة لدى‬
‫أصحاب املسؤوليات إلادارية العليا في الدولة‪ ،‬كما أنها تتطلب تغيير طريقة تفكير وعمل املوظفين‬
‫إلاداريين وكيف يتشاركون في املعلومات بين الدوائر املختلفة ‪ G2G‬واملؤسسات التجارية غير الحكومية‬
‫‪ G2B‬وكذلك املواطنون ألافراد ‪ ،G2C‬لذا فهي تستلزم إعادة هندسة أسلوب العمل الحكومي سواء‬
‫داخل املؤسسة الواحدة أو فيما بين املؤسسات الحكومية املتعددة‪.‬‬

‫‪508‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪1‬‬
‫الااني ‪ :‬إلادارة إلالكترونية‬
‫باستخدام برامج وتطبيقات الحاسب ذات التقنية العالية لرفع كفاءة مستوى ألاداء‬
‫بما يمكن من تبسيط إجراءات سير العمل داخل الهيئات الحكومية بصورة تنعكس على‬
‫سرعة وكفاءة الخدمة املؤداة‪.‬‬
‫ثالاا ‪ :‬التجارة إلالكترونية‬
‫وهي عملية سداد مقابل الخدمات التي يحصل عليها املواطن مثل سداد فواتير‬
‫التليفون‪ ،‬سداد مقابل الحصول على مستخرج شهادة ميالد‪ ،‬سداد مخالفات املرور‪ ،‬إجراء‬
‫مزايدات حكومية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أهداف الحكومة اإللكترونية‬
‫إن املعطيات التكنولوجية والتطورات الكمية والنوعية التي شهدها العالم مؤخرا في‬
‫مجال الاتصاالت إلالكترونية والخدمات إلالكترونية املختلفة أدى إلى إقبال إلادارات‬
‫املختلفة عليها‪ ،‬حيث أصبحت عملية استخدام التكنولوجيا املشار إليها‪ ،‬وخاصة املعلوميات‬
‫ممكنة كبنية للشروع بتطبيق إلادارة إلالكترونية في القطاع الحكومي وغيره‪ 2.‬ويالحظ تعدد‬
‫ألاهداف من وراء الحكومة إلالكترونية‪ ،‬فاألهداف العامة املسطرة في مجال استعمال‬
‫تكنولوجيا املعلومات والاتصال ترمي على العموم إلى تزويد املواطن املغربي بإدارة فاعلة‬
‫وسريعة وخدمات ذات مستوى عال وتمكينه من الحصول على طلباته إلادارية بصفة‬
‫شفافة ومنتظمة‪ ،‬أما ألاهداف الخاصة بهذا املجال‪ 3‬فهي خفض حدة البيروقراطية في أداء‬
‫ألاعمال‪ ،‬والعمل على تجميع كافة الخدمات واملعلومات ذات ألاهمية للمواطنين بما يمكن‬
‫من الاستفادة منها بطريقة سهلة‪ ،‬ويمكن توضيح وتلخيص أهم ألاهداف التي تسعى الحكومة‬

‫‪1‬‬
‫يشير مفهوم إلادارة إلالكترونية إلى منهجية جديدة تقوم على أساس الاستيعاب الشامل والاستخدام‬
‫الواعي والاستثمار إلايجابي لتقنيات املعلومات والاتصاالت في ممارسة الوظائف ألاساسية لإلدارة على‬
‫مختلف املستويات التنظيمية في املنظمات املعاصرة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد سعيد أحمد ‪" :‬التنظيم وتطوير أساليب العمل‪ ،‬النظريات والاتجاهات املدنية"‪ ،‬مطبعة املعارف‬
‫إلاسكندرية‪ ،1977 ،‬ص ‪.49 :‬‬
‫‪3‬‬
‫عال الخواجه ‪" :‬الفرص والتحديات أمام تطبيق نموذج الحكومة إلالكترونية في مصر"‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫املالية والاقتصادية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬يونيو ‪ ،2115‬ص ‪.67 :‬‬

‫‪509‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪1‬‬
‫إلالكترونية إلى تحقيقها فيما يلي‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم أسس الشفافية (الفقرة الاولى)‬
‫‪ -‬الرفع من الكفاءة (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة ألاولى ‪ :‬تدعيم أسس الشفافية‬
‫الشك أن املعلوميات مست معظم ألانشطة إلانسانية عندما انشقت أول مرة عن‬
‫الحاجيات العسكرية في الخمسينيات‪ ،‬وأصبحت بعد ذلك مؤشرا للعصرنة والتحديث‬
‫إلاداري ملختلف املؤسسات‪ ،‬سيما تلك املنتمية منها لدول العالم النامي‪ ،‬إال أن ما تشهده‬
‫إلادارة العمومية من تطور تكنولوجي ضخم‪ ،‬يحمل بشائر مذهلة يكون لها تأثير على مفهوم‬
‫املرفق العام وطبيعة الخدمة التي يقدمها للجمهور‪ ،‬وإن تردي مستوى خدمات كثير من تلك‬
‫إلادارات وتعقيده إلى الدرجة التي تستدعي الحاجة إلى تبسيط إجراءاتها‪ ،‬وجعلها أكثر سالسة‬
‫‪2‬‬
‫ومرونة‪ ،‬وتسهيل تقديمها للمواطنين‪.‬‬
‫إن حاجة إلادارة الحكومية إلى مزيد من الثقة املتبادلة بينها وبين املراجعين لها‪،‬‬
‫ورغبتها في تهيئة أجواء من الشفافية في دوائر العمل الحكومي‪ ،‬يدعو تلك إلادارات إلى‬
‫التوجه إلى إلادارة إلالكترونية بوصفها نمطا جديدا‪ ،‬فيه من الحياد واملوضوعية والانضباط‬
‫ما يعين على تغيير وجهة النظر السائدة لدى املواطن‪ ،‬وتعديل الصورة القديمة لإلدارة‬
‫الحكومية في عقله‪ ،‬إلى تحويل كافة ألاعمال والخدمات إلادارية التقليدية من طول إلاجراءات‬
‫واستخدام ألاوراق إلى أعمال وخدمات إلكترونية تنفذ بسرعة عالية ودقة متناهية‪ ،‬وهذا‬
‫كله يهدف إلى تزويد املواطن بإدارة فعالة وسريعة وخدمات ذات مستوى عال وتمكنه من‬
‫الحصول على طلباته إلادارية بصفة شفافة ومنتظمة‪ ،‬وذلك ملا تتوفر عليه املعلوميات من‬
‫إمكانية تدبير جيد للوقت إلاداري‪ ،‬واختزال مراحل عديدة‪ ،‬وجمع وتصنيف املعلومات بشكل‬
‫يجعل أمر مراجعتها سهال وسريعا‪ ،‬الش يء الذي سينعكس ال محالة على ألاداء واملردودية‪ ،‬ثم‬
‫حرص الجهات الحكومية على تنمية كوادرها الوطنية‪ ،‬وتأهيلها بعلوم التقنية الحديثة‬

‫‪ 1‬محمد الصيرفي ‪" :‬إلادارة إلالكترونية"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،2116 ،‬ص ‪.81 :‬‬
‫‪ 2‬بيتر دراكر ‪" :‬إلادارة للمستقبل ‪ :‬التسعينات وما بعدها"‪ ،‬ترجمة صليب بطرس‪ ،‬الدار الدولية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،1994 ،‬ص ‪.164 :‬‬

‫‪510‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫لالعتماد عليها‪ 1‬في إدارة برامج التنمية وخططها املستقبلية للدولة التي ينبغي أن تقف على‬
‫قدم املساواة مع خطط التنمية وبرامجها في دول العالم‪ ،‬ولن يتم ذلك إال بتوفير البنية‬
‫ألاساسية التقنية لتلك الكوادر الوطنية من شبكات وقواعد معلومات‪ 2،‬ودعم كل ما يدفع‬
‫في خط الاستثمار في التقنية‪ ،‬مما يتيح الفرص أمام املشروعات التقنية التي ينبغي أن تكون‬
‫في بيئة مناسبة تنشأ فيها تلك الكوادر‪.‬‬
‫فاملوظف العمومي في إطار إلادارة إلالكترونية تكون له خصوصيات معينة تميزه عن‬
‫املوظف في إلادارة التقليدية‪ ،‬ذلك أن ثورة املعلومات والاتصال والتوسع في استخدام‬
‫الحاسب آلالي فرض على املوظف أن يتوفر على حد أدنى من املعرفة في مجال املعلوميات‬
‫لكي يكون فاعال في منظومة إلادارة إلالكترونية‪ ،‬وباإلضافة إلى املوظف العادي املتخصص في‬
‫القانون أو الطب أو الهندسة‪ 3...‬فإن إلادارة إلالكترونية تستوجب التوفر على موظفين‬
‫متخصصين في مجال املعلوميات‪ ،‬فهناك فئة املبرمجين الذين يختصون بوضع برامج‬
‫املعلوماتية التي تسير نشاط الحاسب آلالي في مجال عمل إلادارة إلالكترونية‪ ،‬وهناك موظفي‬
‫الشبكات وهؤالء مختصين بصيانة شبكات الحاسب آلالي وإصالح ألاعطال الخاصة بهذه‬
‫الشبكات إلالكترونية التي تعتمد عليها إلادارة إلالكترونية‪ ،‬وضمن موظفي الشبكات‪ ،‬هناك‬
‫فئة تختص بتأمين وحماية نظم ضد محاوالت السرقة وإلاتالف والتدمير‪ ،‬ومن أجل التوفر‬
‫على املوارد البشرية املؤهلة السالفة الذكر‪ ،‬فيتعين القيام ببرامج التكوين املستمر للموظفين‬
‫في مجال املعلوميات كإجراء بعدي وأيضا القيام بتعميم دراسة مادة املعلوميات في املدارس‬
‫والجامعات كإجراء قبلي باعتبار أن طالب اليوم هو موظف الغد‪ 4،‬وبالتالي تحسين عالقة‬
‫إلادارة بجمهورها‪ ،‬وتماشيا مع النهج الرامي إلى تدعيم أسس الشفافية بين إلادارة‬

‫‪ 1‬صالح محمد عبد هللا العيطوي ‪" :‬تقنية املعلومات قائد ملواجهات التغيير في منظمات ألاعمال في هذا‬
‫العصر"‪ ،‬امللتقى إلاداري الثالث ‪ :‬إدارة التطوير ومتطلبات التطوير في العمل إلاداري‪ ،‬نحو إدارة متغيرة‬
‫فاعلة‪ ،‬جدة ‪ ،2115‬ص ‪.76 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Andreas MITRAKAS, secure E-government web services (electronic resource), Hershey PA : Idea‬‬
‫‪group pub, e2007, p : 32.‬‬
‫‪ 3‬سامي عطا هللا ‪" :‬الحكومة إلالكترونية ‪ :‬برنامج ألامم املتحدة إلانمائي"‪ ،2111 ،‬ص ‪.44 :‬‬
‫‪ 4‬عبد هللا بن راجع البقمي ‪" :‬مبادئ إلادارة والتوجه نحو إدارة ألاعمال الحكومية"‪ ،‬بدون ذكر تاريخ الطبعة‬
‫وال املطبعة‪ ،‬ص ‪.43 :‬‬

‫‪511‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫واملتعاملين معها‪ ،‬قامت العديد من املؤسسات العمومية كالخطوط امللكية املغربية‪ ،‬املكتب‬
‫الوطني للسكك الحديدية‪ ،‬وإدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة ووزارة العدل والحريات‪،‬‬
‫إضافة إلى العديد من املؤسسات العمومية وشبه العمومية والجماعات الترابية بتبسيط‬
‫املساطر بشكل جيد مستفيدة في ذلك من أساليب التسيير املستخدمة في القطاع الخاص‪،‬‬
‫الش يء الذي أثر إيجابيا على نوعية الخدمة وطبيعة العالقة مع الجمهور‪ ،‬فاملعلوميات تعتبر‬
‫آلان من أنجع الوسائل التكنولوجية الحديثة التي بإمكانها تدعيم أسس الشفافية بين إلادارة‬
‫واملتعاملين معها‪ 1.‬وإن قدرة املجتمع على التفاعل مع الثورة املعلوماتية ومدى قدرته على‬
‫استخدامها بشكل سليم شرط أساس ي لنجاح مشروع إلادارة إلالكترونية‪ ،‬فاألمر يرتبط‬
‫بمجموعة من املؤشرات منها ‪ :‬كدرجة تأهيل املواطن القادر على استخدام الحاسب آلالي‬
‫مدى الثقة التي يعطيها املواطن لتنفيذ أعماله من خالل الحاسب‪ ،‬حجم التكلفة املتوقع أن‬
‫يدفعها املواطن في مقابل الحصول على الخدمة إلالكترونية ثم يزداد املشكل تفاقما عندما‬
‫تتوفر دولة ما على نسبة مرتفعة من ألامية بين أفراد شعبها‪ ،‬فالحديث هنا عن إلادارة‬
‫إلالكترونية فيه نوع املبالغة والصعوبة إلى حين أن يتم القضاء على ألامية الورقية‪...2‬؟؟‬
‫الفقرة الاانية ‪ :‬الرفع من كفاءة عمل إلادارة‬
‫تعتبر التنمية الهاجس الرئيس ي ألي دولة وهو ما لم يتم تحقيقه إال بإدارة فعالة كفئة‬
‫محترفة تستطيع تنفيذ املقررات السياسية وإنجاز املطلوب منها بسرعة وفعالية وهذا يتطلب‬
‫تحديثها على مستوى مناهج وطرق التسيير وتزويدها بالوسائل الضرورية لعملها وعلى رأس‬
‫ذلك تأتي املعدات املعلوماتية‪ ،‬فبحساب بسيط يتضح أن هذه التكنولوجية يمكنها الرفع‬
‫من كفاءة عمل إلادارة‪ .‬لذلك فاملعلوميات تعتبر وسيلة حديثة ومتقدمة للعمل تلجأ إليها‬
‫إلادارات عندما يصبح العمل لديها كثير يتعذر معها معالجة القضايا بالوسائل اليدوية‬
‫التقليدية املعتمدة‪ 3،‬فال يمكن تصور قيام نظام إلادارة إلالكترونية بدون هذه البنية‬
‫‪1‬‬
‫‪Mariagrazia Fugini, Mario mezzanzanica, An application within the plfanfore government‬‬
‫‪(electronic resourc) : the workfair portal, Hershey, PA : I dea group pub e2004, p : 71.‬‬
‫‪ 2‬عبد الفتاح بيومي حجازي ‪" :‬الحكومة إلالكترونية ونظامها القانوني"‪ ،‬شركة جالل للطباعة‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ ،2114 ،‬ص ‪.49 :‬‬
‫‪ 3‬يوسف نصير ‪" :‬الحاسوب"‪ ،‬منشورات قسم الثقافة العلمية‪ ،‬الجمعية العلمية امللكية‪ ،‬بدون ذكر تاريخ‬
‫ومكان النشر‪ ،‬ص ‪.33 :‬‬

‫‪512‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫التحتية الالزمة‪ ،‬ويدخل في إطار توفير الوسائل املادية الالزمة الشتغال إلادارة إلالكترونية‬
‫باعتبارها شرطا أساسيا في قيام التواصل بين إلادارة إلالكترونية وبين املرتفقين‪ ،‬وتدور أهم‬
‫القضايا املرتبطة بهذا العنصر حول النقط التالية ‪ :‬درجة توفر قنوات الاتصال كالحواسيب‬
‫والهواتف وشبكات الاتصال وألاقمار الصناعية القادرة على نقل البيانات بشكل متبادل بين‬
‫الحكومة واملواطن‪ ،‬درجة أمان هذه الوسائل والقدرة على تأمين املعلومات بها وحمايتها من‬
‫الاختراق‪ ،‬التكلفة املادية املرتبطة‪ 1‬بإنشاء قواعد البيانات وشبكات الاتصال‪...‬إلخ‪.‬‬
‫ومن هنا بدأت معظم إلادارات تعتمد على املعلوميات في تنظيم إدارة أعمالها‬
‫ونشاطاتها بالرغم من ألاعباء املالية والحاجة إلى عناصر بشرية متخصصة‪ .‬فقبل إدخال هذه‬
‫التقنية كانت إلادارات تعتمد على املستندات الورقية في إنجاز ألاعمال‪ ،‬وكثرة التسجيل‪،‬‬
‫ألامر الذي يؤدي إلى كثرة ألاخطاء وإلى البطء في إنجاز ألاعمال‪ ،‬باإلضافة إلى ضياع الوثائق‬
‫واملستندات من كثرة تداولها واستعمالها‪ ،‬ولكن باستخدام الحاسبات إلالكترونية‪ ،‬يتم‬
‫تجميع البيانات وإجراء عمليات حسابية وإعطاء تحاليل ومقارنات‪ 2‬وإن إلادارة إلالكترونية‬
‫أداة مرنة يمكنها بفعل التقنية وفعل إمكاناتها ‪:‬‬
‫الاستجابة السريعة لألحداث والتجاوب معها‪ ،‬متعدية بذلك حدود الزمان واملكان‬
‫وصعوبة الاتصال‪ ،‬مما يعين إلادارة على تقديم كثير من الخدمات التي لم تكن متاحة أبدا‬
‫بفعل تلك العوائق في ظل إلادارات التقليدية‪ .‬ومن هنا يمكننا القول بأن الحاسبات‬
‫إلالكترونية تساعد في القضاء على مشكلة تكدس املستندات الورقية‪ ،‬التي تعتبر أحد‬
‫العيوب الرئيسية في ألاساليب التقليدية لتكنولوجيا املعلومات ورمز الحداثة والتغيير‪ ،‬وذلك‬
‫‪3‬‬
‫ما تتميز به من خصائص وهي كالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬في حين ألانظمة إلادارية القديمة ترتكز مبدئيا على امللفات ‪ Fichers‬أنظمة‬
‫املعلوميات ترتكز على الحدادات‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Wayne Huang, Keng Siau and Kwok Kee Wei, Electronic government strategies and‬‬
‫‪implementation (electronic resource) : Hershey PA : Idea group, e2005, p : 11.‬‬
‫‪ 2‬محي الدين ألازهري ‪" :‬إلادارة ودور املديرية أساسيات وسلوكيات"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،1993 ،‬‬
‫ص ‪.98 :‬‬
‫‪ 3‬سعد غالب ياسين ‪" :‬إلادارة إلالكترونية وآفاق تطبيقاتها العربية"‪ ،‬معهد إلادارة العامة‪ ،‬الرياض‪،2115 ،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29 :‬‬

‫‪513‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪ -‬أنظمة املعلوميات تعمل على الرفع من كفاءة إلادارة وذلك الرتكازها على النظام‬
‫والتنظيم‪ ،‬وهذا ما يغيب العمل في الفوض ى أو سوء التنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬ارتكاز أنظمة املعلوميات على مناهج التدبير الحديثة والرشيدة‪.‬‬
‫إذا كان الرفع من كفاءة إلادارة من العوامل التي دفعت باإلدارة إلى إدخال املعلوميات‬
‫إلى مصالحها فإنه يجب الحرص على استخدامها الاستخدام ألامثل بما لها من إمكانيات‬
‫‪1‬‬
‫وقدرات هائلة وذلك من أجل تلبية الحاجيات إلادارية‪.‬‬

‫املبحث الثاني ‪:‬استعمال املعلوميات يف القطاع العمومي‬


‫إن استعمال تكنولوجيا املعلوميات والاتصال باإلدارة جعل إلادارة تخطو خطوة‬
‫كبيرة نحو تجسيد حياة إدارية أفضل من تلك التي كانت من قبل‪ ،‬كما أن تحسين ألاداء في‬
‫إلادارة لن يتم بدون الثورة إلالكترونية‪ 2،‬وإن إلادارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات‬
‫الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا (إذ يتعين أن نوفر ألجهزتنا إلادارية ما يلزم من أدوات‬
‫تكنولوجية عصرية بما فيها الانترنت‪ ،‬لتمكينها من الانخراط في الشبكة العاملية وتوفير‬
‫خدمات أكثر جودة ملتطلبات ألافراد واملقاوالت‪ .‬ولذا عرف العالم في العقود ألاخيرة خاصة في‬
‫ألالفية الثالثة ثورة هائلة في جل املجاالت العلمية والتكنولوجية‪ ،‬التي أحدثت تغيير في‬
‫الحياة اليومية لإلنسان وأصبحت من الركائز الجوهرية واملعول عليها في إحداث التنمية‬
‫‪3‬‬
‫الاقتصادية والاجتماعية)‪.‬‬
‫هذا ما انعكس على إلادارة العمومية التي تعتبر هي آلالية التي تحرك عجلة التنمية‬
‫في الدولة وتخدم املواطنين‪ ،‬بذلك تم إدراج البرمجة املعلوماتية داخل نسق عمل إلادارة‬

‫‪1‬‬
‫برنوس ي سعيدة ‪" :‬علم إلادارة ودور املعلومات في رفع املردودية سنة ‪ ،"2111/1999‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا املعمقة في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط أكدال‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2113-2112‬ص ‪.25 :‬‬
‫‪2‬‬
‫صالح محمد حسن ‪" :‬ألاساليب الكمية في اتخاذ القرارات إلادارية"‪ ،‬املنظمة العربية للعلوم إلادارية‪،‬‬
‫ألاردن‪ ،1983 ،‬ص ‪.18 :‬‬
‫‪3‬‬
‫ناجي كمال ‪" :‬استعمال تكنولوجيا املعلومات والاتصال باإلدارة العمومية املغربية واقع وآفاق"‪ ،‬دبلوم‬
‫الدراسات العليا املعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2113-2112‬‬
‫ص‪88 :‬‬

‫‪514‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫واملحاكم والقيام بالعديد من إلاجراءات العملية من أجل إنجاح مشروع الحكومة‬


‫إلالكترونية (املطلب ألاولى)‪ ،‬ورغم اهمية املجهوذات التي بذلت في مجال الادارة العمومية‬
‫توجد معيقات تحد من فعاليتها (املطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب الاول‪ :‬استعمال املعلوميات في نظام العمل القضائي‬
‫هناك تجربة رائدة وحديثة في هذا املجال وألامر يتعلق باملجهود الكبير الذي ما فتئت‬
‫تقوم به وزارة العدل والحريات في هذا املجال وذلك بغية الحصول على قضاء عصري‬
‫وحداثي يواكب مختلف التطورات الحاصلة في هذا امليدان والهدف بطبيعة الحال هو جلب‬
‫رؤوس ألاموال ألاجنبية لتحقيق التنمية املحلية الشاملة واملستدامة‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك واصلت وزارة العدل والحريات تطوير بوابتها القانونية والقضائية‬
‫"عدالة" لتسهيل الولوج إلى النصوص القانونية املرتبطة بمنظومة العدالة سواء باللغة‬
‫العربية أو الفرنسية‪ .‬ومن أجل تسهيل الولوج إلى املعلومة واستغاللها‪ ،‬سواء من طرف‬
‫املغاربة أو ألاجانب وخاصة في مجال املال وألاعمال والاستثمار (املحاكم إلادارية والتجارية)‬
‫وضعت جميع القوانين املنشورة بصيغة ‪ WORD‬و‪ .PDF‬وباملوازاة مع ذلك تمت مواصلة‬
‫إغناء قاعدة البيانات بالنصوص القانونية واملناشير والاجتهادات القضائية والاتفاقيات‬
‫والدراسات واملؤلفات‪.‬‬
‫ويجري إلاعداد لنشر اجتهادات محكمة النقض في هذه البوابة‪ ،‬وكذا مجموعة من‬
‫النصوص القانونية املحينة واملشتملة على آخر التعديالت في جميع املجاالت وامليادين‬
‫القانونية وذلك من أجل إفادة وجواب الراغبين من املستثمرين والوافدين على هذه‬
‫الخدمات املتنوعة‪.‬‬
‫إن ما تشهده ألالفية الثالثة من نمو متسارع في املعطيات املعرفية والتقنية‬
‫واملعلوماتية وانتشار شبكة الانترنت وغيرها على نحو متسارع‪ ،‬أدى إلى تغير جدري في ممارسة‬
‫املهام إلادارية‪ ،‬إذ أصبحنا نسمع مصطلحات مثل إلادارة إلالكترونية والحكومة إلالكترونية‬
‫والتعليم إلالكتروني‪ ،‬وغيره من املفاهيم الحديثة‪ ،‬ولنجاح مشروع الحكومة إلالكترونية البد‬
‫من توافر الشروط التالية‪:‬‬

‫‪515‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪ .1‬البنية التحتية‪ ،‬إذ أن إلادارة إلالكترونية‪ 1‬تتطلب وجود مستوى مناب إن لم‬
‫نقل عال من البنية التحتية التي تتضمن شبكة حديثة لالتصاالت والبيانات وبنية تحتية‬
‫متطورة لالتصاالت السلكية والالسلكية تكون قادرة على تأمين التواصل ونقل املعلومات بين‬
‫‪2‬‬
‫املؤسسات إلادارية نفسها من جهة وبين املؤسسات واملواطن من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ .2‬إعداد مخطط مديري عام ووضع إطار منهجي لتطوير وتتبع استعمال تكنولوجيا‬
‫املعلومات والاتصال باإلدارات العمومية في مجال التسيير إلاداري‪.‬‬
‫‪ .3‬إحداث ميزانية خاصة لتطوير هذا املجال في إلادارة املغربية وذلك من خالل‬
‫إنشاء صندوق أو ميزانية خاصة باسم "إدارتي"‪ 3‬تمول من طرف الدولة والقطاع الخاص‬
‫وتتميز بمرونة التسيير والصرف وتدبر من طرف الجهاز املركزي‪.‬‬
‫‪ .4‬إعداد مخطط إعالمي للتعريف بدور وأهمية تكنولوجيا املعلومات‪ 4‬والاتصال في‬
‫تأهيل إلادارة وذلك بالقيام بدورات تحسيسية في هذا املجال لفائدة املسؤولين وألاطر‬
‫الساهرة على التسيير إلاداري بمختلف الوزارات‪.‬‬
‫‪ .5‬توافر مستوى مناسب من التمويل‪ ،‬بحيث يمكن التمويل الحكومة من إجراء‬
‫صيانة دورية وتدريب للكوادر واملوظفين والحفاظ على مستوى عال من تقديم الخدمات‬
‫ومواكبة أي تطور يحصل في إطار التكنولوجيا و"إلادارة إلالكترونية"‪ 5‬على مستوى العالم‪.‬‬
‫إن قدرة إلادارة إلالكترونية على التكيف والاستجابة للتغيرات التقنية ستكون املحك‬
‫للقدرة على مواجهة تحديات املستقبل والتغلب عليها بنجاح‪ ،‬لذلك يتعين على الحكومات أن‬

‫‪ 1‬محمود صبري خميس أبو حبيب ‪" :‬إلادارة إلالكترونية بين الواقع والتطبيق‪ ،‬الفوائد والسلبيات"‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.28 :‬‬
‫‪ 2‬ثابت عبد الرحمان إدريس ‪" :‬نظم املعلومات إلادارية في املنظمات املعاصرة"‪ ،‬الدار الجامعية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،2119 ،‬ص ‪.35 :‬‬
‫‪ 3‬عالء عبد الرزاق السالمي وخالد إبراهيم السليطي ‪" :‬إلادارة إلالكترونية"‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫ألاردن‪ ،2118 ،‬ص ‪.21 :‬‬
‫‪ 4‬هيئة تقنية املعلومات‪ ،‬إلادارة إلالكترونية‪ ،‬مسقط عمان‪ ،2111 ،‬مقال منشور على موقع‬
‫‪ www.mor.gov.com‬اطلع عليه على الساعة ‪15:11‬‬
‫‪ 5‬عالء عبد الرزاق محمد السالمي وحسين عالء عبد الرزاق السالمي ‪" :‬شبكات إلادارة إلالكترونية"‪ ،‬دار‬
‫وائل للنشر والتوزيع عمان‪ ،‬ط‪ ،2115 ،1‬ص ‪.53 :‬‬

‫‪516‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫تلعب دورا قياديا من خالل هذا املجال وذلك بالتخطيط لهذه التقنية ووضع السياسات‬
‫الهادفة إلى نشرها واستخدامها من خالل تحفيز وتسهيل دخولها وإتاحة الوصول إليها‬
‫والتعامل معها بشكل واسع باإلضافة إلى تحديث الطرق وإلاجراءات إلادارية‪.‬‬
‫فضال عن ذلك إن تكنولوجيا املعلومات والاتصال ليست مجموعة من آلاالت‬
‫وألاسالك فقط‪ ،‬يمكن الحصول عليها في أي وقت وبأي ثمن‪ ،‬بل ألامر يتعلق بالدرجة ألاولى‪،‬‬
‫بكيفية استعمالها وترشيدها وصيانتها‪ .‬الش يء الذي يتطلب تغييرا في السلوكيات والعقليات‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ألن ذلك أساس نجاح التنمية إلادارية‪ .‬والتزام إلادارة العليا بموضوع إلادارة إلالكترونية‬
‫ورعايتها وتوفير كافة السبل والوسائل‪ ،‬ونظام الحوافز واملكافآت ذو ارتباط رئيس ي بالتشجيع‬
‫‪2‬‬
‫على املشاركة والهدف البعيد هو خلق ثقافة عامة من التشارك إلنجاح إلادارة إلالكترونية‬
‫بوسائل مختلفة‪ ،‬والركن ألاهم الذي تشير إليه الرؤيا املستقبلية لإلدارة إلالكترونية هو‬
‫املشاركة مع املجتمع املحيط تأسيسا ملجتمع املعلوماتية من خالل وضع السياسات الفعالة‬
‫والناجعة في هذا املجال‪.‬‬
‫كما أن هناك اقتناع كبير بأهمية محو أمية الحـاسوب لجميع املستويــات إلاداريــة‬
‫‪3‬‬
‫ودراسة منهج الحاسوب والتكنولوجيا كمواد أساسية في املدارس والجامعات‪.‬‬
‫والقيام بتجسيد إلادارة وإحداث بوابة إلكترونية لإلدارة املغربية‪ ،‬وبالنسبة لتدابير‬
‫القوانين املقترحة ‪ :‬تنكب هذه التدابير حول مدى صالحية القوانين والنصوص إلادارية‬
‫الحالية مع استعمال التكنولوجيا الحديثة‪ 4‬للمعلومات والاتصال باإلدارة املغربية وكيفية‬
‫تحيينها وإدماج التعديالت الالزمة لذلك أو إصدار قوانين جديدة ملالئمة القانون والواقع‬
‫الذي فرضته وتفرضه هذه التقنيات‪ ،‬بحيث تضمن النصوص الجديدة شروطا لتوفر‬

‫‪ 1‬نائل عبد الحافظ العوامله ‪" :‬توعية إلادارة والحكومة إلالكترونية في العالم الرقمي"‪ ،‬دراسة استطالعية‪،‬‬
‫مجلة امللك سعود‪ ،‬العدد ‪ ،2113 ،15‬ص ‪6.1 :‬‬
‫‪ 2‬أحمد محمد غنيم ‪" :‬إلادارة إلالكترونية آفاق الحاضر وتطلعات املستقبل"‪ ،‬املكتبة العصرية‪ ،‬املنصورة‪،‬‬
‫مصر‪ ،2114 ،‬ص ‪.19 :‬‬
‫‪ 3‬محمود أبو حبيب ‪" :‬كلية تكنولوجيا املعلومات"‪ ،‬الجامعة إلاسالمية بغزة‬
‫‪15:11 59946467000972-mhabib@iugaza.edu.ps‬‬
‫‪ 4‬مفهوم إلادارة إلالكترونية‪ ،‬مفهوم جديد من مفاهيم إلادارة الحديثة‪ ،‬مقال منشور في املنتدى التربوي‪،‬‬
‫البوابة التعليمية‪ ،‬مسقط عمان‪www.mor.gov.com ،21:11 ،‬‬

‫‪517‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫للمواطن وللمقاولة محيطا آمنا وبيئة حرة ومحمية‪ .‬ومن هنا أصبح لزاما على الحكومة تغيير‬
‫إلاطار القانوني والتنظيمي إلدماج هذه الاحتياجات وذلك من خالل إخراج عدة قوانين إلى‬
‫حيز الوجود مثل ‪ :‬قانون حول التأشيرة إلالكترونية‪ ،‬قانون حول تبادل املعطيات إلاسمية‬
‫الخاصة‪ ،‬قانون حول الجناية والتزوير أو الاحتيال إلالكتروني قانون املعادلة الوظيفية‬
‫للوثائق إلالكترونية وقيمتهم القانونية وقانون حول ألامن القانوني لالتصاالت إلالكترونية‬
‫ويجب العمل على التدريب املكثف واملستمر بنوعيه (الداخلي والخارجي) للموظفين على‬
‫استخدام الحاسب لنجاح تطبيق إلادارة إلالكترونية وبناء شبكة داخلية في املنظمة تربط‬
‫مختلف ألاقسام والفروع مع بعضها وتوفير نظام بريد إلكتروني في املنظمة وإيصال املوظفين‬
‫باالنترنت حتى يعتادوا على استخدامها وفهمها وبناء صفحة إلكترونية للمنظمة‪ 1،‬والاهتمام‬
‫بتحديث مواقع املنظمة على الانترنت بشكل مستمر‪ ،‬وإعادة هندسة بعض إلاجراءات حتى‬
‫يتم تطبيقها إلكترونيا‪ 2،‬وتطوير ألانظمة داخل املنظمة لتناقل املعلومات مع الاهتمام أن‬
‫تكون جميعا تستخدم تقنيات الانترنت‪ .‬والبد من التركيز على مرحلة نشر الوعي وإعطائها‬
‫الوقت الكافي والتنوع في ألاساليب املستخدمة وذلك لكسب أكبر ما يمكن من الدعم املبني‬
‫على الفهم والاستيعاب ومن الضروري إشراك أكبر ما يمكن من املوظفين‪ 3‬والعاملين في‬
‫عمليات إلادارة إلالكترونية وعدم اقتصار ألامر على فريق محدد توكل إليه‪ .‬فالنجاح فيها‬
‫يرتكز باألساس على املشاركة الجماعية‪ ،‬وتوفير ألامن إلالكتروني والسرية إلالكترونية على‬
‫مستوى عال لحماية املعلومات الوطنية والشخصية لصون ألارشيف إلالكتروني من أي‬
‫عبث والتركيز على هذه النقطة ملا لها من أهمية وخطورة على ألامن القومي والشخص ي‬
‫للدولة أو ألافراد‪ .‬وخطة تسويقية دعائية شاملة للترويج الستخدام إلادارة إلالكترونية‪ 4‬وإبراز‬
‫محاسنها وضرورة مشاركة جميع املواطنين فيها والتفاعل معها‪ ،‬ويشارك في هذه الحملة‬

‫‪ 1‬محمد نور برمان ‪" :‬استخدام الحاسبات إلالكترونية في إلادارة العامة في الدول العربية نظرة تحليلية‬
‫مستقبلية"‪ ،‬املنظمة العربية للعلوم‪ ،‬بدون ذكر تاريخ النشر‪ ،‬ص ‪.34 :‬‬
‫‪ 2‬عبد الرزاق السالمي وخالد إبراهيم السليطي ‪" :‬إلادارة إلالكترونية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.83 :‬‬
‫‪ 3‬نجم عبود نجم ‪" :‬إلادارة إلالكترونية إلاستراتيجية والوظائف واملشكالت"‪ ،‬دار املريخ للنشر‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫اململكة العربية السعودية‪ ،2118 ،‬ص ‪.21 :‬‬
‫‪ 4‬سعد غالب ياسين ‪" :‬إلادارة إلالكترونية وآفاق تطبيقاتها العربية"‪ ،‬معهد إلادارة العامة الرياض‪ ،‬اململكة‬
‫العربية السعودية‪ ،2115 ،‬ص ‪.79 :‬‬

‫‪518‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫جميع وسائل إلاعالم الوطنية من إذاعة وتلفزيون وصحف والحرص على الجانب الدعائي‬
‫وإقامة الندوات واملؤتمرات واستضافة املسؤولين والوزراء واملوظفين في حلقات نقاش حول‬
‫املوضوع لتهيئة مناخ شعبي قادر على التعامل مع مفهوم إلادارة إلالكترونية‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى هذه العناصر يجب توفير بعض العناصر الفنية والتقنية التي تساعد‬
‫على تبسيط وتسهيل استخدام إلادارة إلالكترونية‪ 1‬بما يتناسب مع ثقافة جميع املواطنين‬
‫ومنها ‪ :‬توحيد أشكال املواقع الحكومية وإلادارية وتوحيد طرق استخدامها وإنشاء موقع‬
‫شامل كدليل لعناوين جميع املراكز الحكومية إلادارية في البالد‪ .‬وأخيرا يجب أن ترافق خطط‬
‫استخدام تقنية املعلومات والاتصال خطط مماثلة لتنمية القوى العاملة وتطوير التعليم‬
‫وإدخال الحاسوب في املدارس ونشر الثقافة التقنية ودعم البحوث العلمية في هذا املجال‪.‬‬
‫وهكذا فإن هناك مجموعة مطالب يجب أخذها بعين الاعتبار حتى تبنى إدارة إلكترونية‬
‫سليمة وفعالة ويمكن إجمال أهمها على الشكل التالي ‪:‬‬
‫‪ .1‬حل املشكالت القائمة على أرض الواقع قبل الانتقال إلى البيئة إلالكترونية‪ ،‬إذ‬
‫يجب على الحكومات أن تقوم بتوفير املعلومات‪ 2‬الالزمة ملواطنيها عبر الانترنت‪.‬‬
‫‪ .2‬حل املشكالت القانونية للتبادالت التجارية وتوفير وسائلها التقنية والتنظيمية‪،‬‬
‫ذلك أن جميع املبادالت التي تتعامل باألموال يجب وضعها على الانترنت مثل إمكانية دفع‬
‫الفواتير والرسوم الحكومية املختلفة مباشرة عبر الانترنت‪.‬‬
‫‪ .3‬توفير البنى والاستراتيجيات املناسبة الكفيلة ببناء املجتمعات‪ ،‬فبناء املجتمعات‬
‫يتطلب إنشاء وسيط تفاعلي على الانترنت يقوم بتفعيل التواصل بين املؤسسات الحكومية‬
‫وبينها وبين املواطنين وبينها بين مزوديها‪ .‬بحيث يتم توفير املعلومات بشكل مباشر عن حالة‬
‫أية عملية تجارية ثم تأديتها في وقت سابق إضافة إلى استخدام مؤتمرات الفيديو لتسهيل‬
‫الاتصال بين املواطن واملوظف الحكومي‪.‬‬
‫وخالصة القول ملا سبق الحديث عنه حول تقنية املعلومات والاتصال‪ ،‬يمكن القول‬

‫‪1‬‬
‫علي حسين باكير ‪" :‬املفهوم الشامل لإلدارة إلالكترونية"‪ ،‬مقال منشور في مجلة املركز الخليجي العربي‬
‫لألبحاث‪ ،‬العدد ‪ ،23‬لسنة ‪ ،2116‬إلامارات العربية املتحدة‪ ،‬ص ‪.14 :‬‬
‫‪2‬‬
‫عامر إبراهيم قنديلجي وإيمان فاضل السامرائي ‪" :‬تكنولوجيا املعلومات وتطبيقاتها"‪ ،‬مؤسسة الوراق‬
‫للنشر‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،2112 ،‬ص ‪.63 :‬‬

‫‪519‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫إن قدرة إلادارة املغربية على التكيف والاستجابة للتغيرات التقنية ستكون على املحك بالنظر‬
‫لقدرتها على مواجهة تحديات املستقبل‪ 1‬والتغلب عيها بنجاح‪ ،‬لذلك يتعين على الحكومة أن‬
‫تلعب دورا قياديا من خالل املجال وذلك بالتخطيط لهذه التقنية ووضع السياسات الهادفة‬
‫إلى نشرها واستخدامها من خالل تحفيز وتسهيل دخولها وإتاحة الوصول إليها والتعامل معها‬
‫بشكل واسع‪ .‬باإلضافة إلى تحديث الطرق وإلاجراءات إلادارية‪ ،‬فهذا الشعور انعكس بوضوح‬
‫في كل مراحل إعداد املخططات الوطنية‪.‬‬
‫إن مفهوم الحكومة إلالكترونية‪ 2‬يعكس سعي الحكومات إلى إعادة ابتكار نفسها لكي‬
‫تؤدي مهامها بشكل فعال في الاقتصاد العالمي املتصل ببعضه البعض عبر الشبكة‪.‬‬
‫وإلادارات إلالكترونية ليست سوى تحول جذري في الطريق التي تتعبها الحكومات ملباشرة‬
‫أعمالها‪ ،‬وذلك على نطاق لم نشهده منذ بداية العصر الصناعي‪ .‬إذ أن أحد أهم ألاجزاء في‬
‫الحكومة إلالكترونية هو ذلك املتعلق بعمليات الشراء والتزويد‪ ،‬وهو الجزء الذي تظهر فيه‬
‫الفائدة الحقيقية الستخدام الانترنت في عمليات الشراء من حيث زيادة كفاءة وفعالية عمل‬
‫الحكومات إضافة إلى تحسين عالقة العمل بين املؤسسات الحكومية املختلفة وألافراد‬
‫الذين يعملون ضمن هذا املجتمع ويستفيدون من الخدمة الحكومية‪.‬‬
‫فضال عن ذلك إن تكنولوجيا املعلومات‪ 3‬والاتصال ليست مجموعة من آلاالت‬
‫وألاسالك فقط‪ ،‬يمكن الحصول عليها في أي وقت وبأي ثمن‪ ،‬بل ألامر يتعلق بالدرجة ألاولى‬
‫بكيفية استعمالها وترشيدها وصيانتها‪ .‬الش يء الذي يتطلب تغييرا في السلوكيات والعقليات‬
‫ألن ذلك أساس نجاح التنمية إلادارية‪ 4‬وأخيرا يجب أن توافق خطط استخدام تقنية‬
‫املعلومات والاتصال خطط مماثلة لتنمية القوى العاملة وتطوير التعليم وإدخال الحاسوب‬
‫في املدارس ونشر الثقافة التقنية ودعم البحوث العلمية في هذا املجال‪.‬‬

‫‪ 1‬سعد غالب ياسين ‪" :‬إلادارة إلالكترونية وآفاق تطبيقاتها العربية"‪ ،‬معهد إلادارة العامة‪ ،‬الرياض‪ ،‬اململكة‬
‫العربية السعودية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،2115 ،‬ص ‪.23 :‬‬
‫‪ 2‬محمد الصيرفي ‪" :‬إلادارة إلالكترونية"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2116 ،‬ص ‪.93 :‬‬
‫‪ 3‬محمد عبد حسين آل فرج الطائي ‪" :‬املوسوعة الكاملة في نظم املعلومات إلادارية الحاسوبية"‪ ،‬دار زهران‬
‫للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،2112 ،‬ص ‪.35 :‬‬
‫‪ 4‬حسن طاهر داود ‪" :‬أمن شبكات املعلومات"‪ ،‬معهد إلادارة العامة‪ ،‬الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪،‬‬
‫‪ ،2114‬ص ‪.45 :‬‬

‫‪520‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫ويتضح مما سبق أهمية الدور الذي تعلبه الحكومة إلالكترونية في تيسير أداء‬
‫الخدمات املختلفة التي يحتاجها ألافراد واملستثمرين مما يهيء املناخ الاستثماري‪ 1‬املالئم‬
‫ويرفع كفاءة ألاداء الحكومي ويرشد النفقات الحكومية في ظل إطار من الشفافية‪ ،‬ورغم‬
‫الجهود املبذولة في برنامج الحكومة إلالكترونية والتي أثبتت نجاحها إال أن ألامر يتطلب بذل‬
‫املزيد من الجهد لنشر خدمات الحكومية إلالكترونية بحيث تصبح في متناول غالبية‬
‫املواطنين‪ 2،‬باإلضافة إلى العمل على تقديم خدمات أخرى جديدة وذلك لتصبح الحكومة‬
‫إلالكترونية أداة لتحقيق التنمية املحلية‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬معيقات تطبيق اإلدارة اإللكترونية‬
‫إن توظيف التكنولوجيا الحديثة لإلعالم والتواصل في إلادارات املغربية عموما ووزارة‬
‫العدل والحريات على وجه الخصوص الزال يتسم بالضعف على مستوى الشبكة واملعدات‬
‫وكذا على مستوى العنصر البشري الذي يعد املحرك ألاساس ي فأية محاولة تحديثية‬
‫تصطدم بمشاكل وعراقيل عديدة تعمل على التشويش عليها وعدم اكتمالها‪ ،‬وهكذا يتعرض‬
‫إدخال تكنولوجيا املعلومات لإلدارة املغربية صعوبات أهمها ‪ :‬غياب دراسة دقيقة في‬
‫املوضوع قد يالحظ البعض أنه بالرغم من صرف أموال طائلة في اقتناء املعدات املعلوماتية‬
‫والبرمجيات على مدى سنوات عدة‪ 3،‬فلم تؤثر إيجابيا على املردودية وتحسين جودة‬
‫الخدمات املقدمة من طرف إلادارة‪ ،‬حيث يقال أن الحواسيب ال تستغل آلان إال ألغراض‬
‫الطباعة فقط‪ .‬فالبرنامج املتبع حتى آلان في مجال استعمال تكنولوجيا املعلومات والاتصال‬
‫باإلدارة املغربية يتميز باألساس بعدم التنسيق بين إلادارات في شتى مكونات املعلومات من‬
‫معدات وبرمجيات ودراسات‪ ،‬وإتباع كل وزارة أو إدارة منهجية وخطة عمل حرة غير مرتبطة‬

‫‪ 1‬بيتر دركر‪ ،‬ترجمة إبراهيم علي امللحم ‪" :‬تحديات إلادارة في القرن الواحد والعشرين"‪ ،‬معهد إلادارة العامة‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،2118 ،‬ص ‪.51 :‬‬
‫‪ 2‬عبود نجم عبود ‪" :‬إلادارة إلالكترونية ‪ :‬إلاستراتيجية الوظائف واملشكالت"‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.81:‬‬
‫‪ 3‬ناجي كمال ‪" :‬استعمال تكنولوجيا املعلومات والاتصال باإلدارة العمومية املغربية واقع وآفاق"‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2113-2112‬ص ‪.98 :‬‬

‫‪521‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪1‬‬
‫باألهداف والتوجهات العامة للحكومة‪.‬‬
‫ولقد أثبتت بعض الدراسات العامة على مستوى استعمال تكنولوجيا املعلومات‬
‫والاتصال باألجهزة إلادارية مفارقات مهمة يمكن أن نلخص بعضها على مستوى ضعف الشبكة‬
‫(الفقرة ألاولى)‪ ،‬وكذا ضعف املعدات وكذا امليزانية املرصودة لهذا املجال‪( 2‬الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة ألاولى ‪ :‬ضعف الشبكة‬
‫لقد تزامنت الثورة املعلوماتية التي يشهدها العالم مع تكريس مفاهيم ومقومات جديدة‬
‫فرضتها العوملة واملنافسة‪ ،‬وأصبح معها توظيف إلامكانيات التكنولوجيا الحديثة إحدى‬
‫امليكانيزمات الالزمة لولوج عالم التحديث والعصرنة ومواكبة روح العصر‪ ،‬وهذا ما دفع باإلدارة‬
‫العمومية إلى الاستفادة من إلامكانيات التي توفرها شبكات الاتصال العاملية واملحلية على حد‬
‫سواء وذلك لتحديث أدوات اشتغالها وتحسين نوعية الخدمة التي تقدمها للجمهور‪.‬‬
‫لكن إذا تمعنا في الدراسة التي قامت بها كتابة الدولة املكلفة بالبريد وتقنيات‬
‫الاتصال وإلاعالم أو وزارة إلاعالم والاتصال ملدى استعمال املعلوميات في إلادارة املغربية‪،‬‬
‫فقد بينت هذه الدراسة مفارقات مهمة يمكن أن نلخص بعضها في ‪:‬‬
‫‪ -‬عدم توفر إمكانية استعمالها من طرف الجمهور‪ ،‬فما فائدة وضع املساطر عن بعد‬
‫‪ les téleprocédures‬أو الشبابيك عن بعد ‪ les téléguichets‬إن لم يكن متاحا للمواطن الدخول‬
‫إلى عالم املعلوميات بسهولة وبكلفة معقولة‪ ،‬لذلك إن تجهيز إلادارة معلوماتيا البد وأن تكون‬
‫متزامنة مع توسيع قاعدة املستفيدين من هذه التقنية وذلك بتخفيض الضرائب الجمركية‬
‫والضريبية على القيمة املضافة املطبقة على العداد املعلوماتي وكذا النظر في التعريفة الهاتفية‬
‫‪3‬‬
‫التي تجعل الارتباط بشبكة الانترنيت ضربا من الصرف والتبذير حتى عند امليسورين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬أغلبية إلادارات تتوفر على شبكة داخلية على الصعيد املركزي‪.‬‬

‫‪ 1‬استطالع رأي املواطنين حول خدمات الحكومة إلالكترونية‪ ،‬تقرير مقارن‪ ،‬مركز املعلومات ودعم اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬مجلس الوزراء‪ ،‬مارس ‪.2117‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Dennis W. Johnson, Congress online : bridging the gapbetuween citizens and their‬‬
‫‪representatives, New York : London : Rout ledge, e2004, p : 59.‬‬
‫‪ 3‬محمد نور برمان ‪" :‬استخدام الحاسبات إلالكترونية في إلادارة العامة في الدول العربية"‪ ،‬نظرة تحليلية‬
‫مستقبلية‪ ،‬املنظمة العربية للعلوم‪ ،‬بدون ذكر تاريخ ودار النشر‪ ،‬ص ‪.71 :‬‬
‫‪ 4‬املنهجية الشاملة لتطوير أداء املؤسسات الحكومية املصرية‪ ،‬وزارية الدولة للتنمية إلادارية‪.2117 ،‬‬

‫‪522‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪ -‬أقل من ‪ %21‬من الحواسيب مرتبطة بالشبكة املعلوماتية‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ -‬ضعف في مجال الربط إلالكتروني الخاص بين الوزارات وجميع إلادارات‬


‫‪2‬‬
‫واملؤسسات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬غياب إطار قانوني يضمن سالمة املراسالت إلالكترونية ويحدد قواعد التوقيع‬
‫إلالكتروني‪.‬‬
‫‪ -‬قلة املواقع إلالكترونية للوزارات‪ 3‬على الانترنت‪.‬‬
‫‪ -‬انعدام قانون حول ألامن القانوني لالتصال إلالكتروني‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف نقط الاتصال بالشبكة كمراكز الانترنيت أو غيرها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تعميم النظم املعلوماتية املحلية ‪ :‬شبكة الانترنيت والانترنيت على‬
‫الجماعات الترابية وألاقاليم والعماالت‪ ،‬واملحاكم املختلفة‪.‬‬
‫إن هذه الدراسة وإلاحصائيات الواردة تبين بجالء التأخر املسجل للمغرب في السباق‬
‫املحموم في مجال استعمال إلاعالميات وتقنياتها لتكييف أنماط العمل مع تطوير تكنولوجيا‬
‫إلاعالم والتواصل‪ ،‬على خالف بعض الدول التي قطعت أشواطا هامة من أجل الدخول في‬
‫مجتمع إعالمي قوي كفرنسا‪ .‬إضافة إلى ألامية ألابجدية التي تجعل من املستحيل الحديث‬
‫عن مجتمع إلاعالم وعن استعمال املعلومات وهي أمية تمس ‪ %66‬من ساكنة املغرب‪ ،‬أما‬
‫ألامية فتمس نسبا هامة هي ‪ %34‬املتعلقة باملعلوميات وهم مواطنين يفترض فيهم أنهم غير‬
‫أميين‪ .‬فالبد أن يكون املتعامل مع هذه التقنية يعرف على ألاقل كيف يرسل رسالة‬
‫إلكترونية ‪ E-Mail‬وكيف يفتح نافذة على الانترنت‪ 4.‬أضف إلى ذلك أن تنامي ظاهرة هجرة‬

‫‪ 1‬سميرة مطر املسعودي ‪" :‬معوقات تطبيق إلادارة إلالكترونية في إدارة املوارد البشرية بالقطاع الصحفي"‪،‬‬
‫مدينة مكة املكرمة من وجهة نظر مديري وموظفي املوارد البشرية‪ ،‬ص ‪.31 :‬‬
‫‪ 2‬بشير عباس العالق ‪" :‬إلادارة الرقمية واملجاالت والتطبيق"‪ ،‬مركز إلامارات للدراسات والبحوث الاستشارية‪،‬‬
‫أبو ظبي‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪ ،‬ط‪ ،2115 ،1‬ص ‪.96 :‬‬
‫‪ 3‬وزارة الوظيفة العمومية وإلاصالح إلاداري "إلادارة املغربية وتحديات ‪ ،"2111‬املناظرة الوطنية ألاولى حول‬
‫إلاصالح إلاداري باملغرب‪ ،‬ص ‪ 198 :‬إلى ‪.212‬‬
‫‪ 4‬غالي عبد الكريم ‪" :‬قانون املعلوميات‪ ،‬الحماية القانونية لإلنسان من مخاطر املعلوميات"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫دكتوراه الدولة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال الرباط‪ ،‬بدون ذكر السنة الجامعية‪،‬‬
‫ص ‪.95-49 :‬‬

‫‪523‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫العقول تخص باألساس التقنيين وذلك ألسباب كثيرة‪ ،‬لعل من أهمها تباين الحوافز املادية‬
‫بين املغرب والبلدان املعنية بهذه الظاهرة‪ 1،‬وكذا ظروف ومحيط الشغل وإهدار بعض‬
‫الحقوق‪ .‬والذي يلفت الانتباه هو بالرغم من تفش ي هذه الهجرة فما زالت الحكومة لم تقف‬
‫على ألاسباب الجوهرية للمشكلة ولم تتدارك بعد حقيقة الخطر على مستقبل املغرب‬
‫وأجياله في هدر هذه الثروة البشرية املهمة‪ ،‬فاإلدارة تعاني حاليا من هذه املشكلة وتترك‬
‫آثارها على جودة الخدمات املعلوماتية‪ 2.‬وكذا قلة عدد التقنيين في تكنولوجيا املعلوميات ‪:‬‬
‫‪ 1211‬موظف متخصص في املعلومات موزعة بين املهندسين والتقنيين أي ما يقارب ‪%1,3‬‬
‫من عدد املوظفين‪ ،‬زيادة على أن التكوين املستمر في ميدان تكنولوجيا املعلوميات بالنسبة‬
‫ملوظفي الدولة شبه منعدم على مستوى امليزانية املرصودة‪.‬‬
‫الفقرة الاانية ‪ :‬ضعف املعدات وامليزانية املرصودة‬
‫إن عصرنة العمل الداخلي لإلدارة وتبني مفهوم إلادارة إلالكترونية يتطلب توفير‬
‫ميزانية هامة في مجال تكنولوجيا املعلوميات والاتصال‪ ،‬وهذا ما ال يتحقق في إدارتنا‪ ،‬حيث‬
‫تخصص هذه ألاخيرة ميزانية جد ضعيفة لهذا القطاع‪.‬‬
‫ناهيك عن التباين الواضح والغير املنظم في التجهيزات بين إلادارات‪ ،‬حيث أن بعض‬
‫الوزارات (املالية‪ ،‬ألاشغال العمومية‪ ،‬الداخلية‪ )...‬قد تجهزت أكثر من الوزارات ألاخرى‬
‫وخاصة (وزارة التربية الوطنية والصحة العمومية‪ ،‬الجماعات الترابية) وبتعبير آخر فإن‬
‫بعض هذه إلادارات بقيت ضعيفة التجهيز عكس إدارات أخرى تجهزت بشكل واسع‪ .‬في حين‬
‫نجد بعض الدول كفرنسا على سبيل املقارنة قد أنشئت خصيصا مجلسا بتقليص الفوارق‬
‫الترابية في استعمال تكنولوجيا إلاعالم والتواصل وهو املجلس املشترك بين الوزارات إلعداد‬
‫وتطوير التراب بتاريخ ‪ 9‬يوليوز ‪ ،2111‬ثم هناك املخاطر املترتبة عن ألاخطار التقنية والتي‬
‫تحدث نتيجة خلل فني أو عيب في اشتغال ألاجهزة املعلوماتية أو في مصادر التغذية‬
‫الكهربائية بحيث يمكن أن يترتب عن خلل في التيار الكهربائي اندثار املعطيات واملعلومات‬

‫‪1‬‬
‫أحمد قالط الحربي وخالد عوض الرويلي ‪":‬ألارشفة إلالكترونية‪ ،‬ألاهداف واملعوقات"‪ ،‬الكتاب التوثيقي‬
‫لندوة الحاسب آلالي في ‪ ،2113/13/23‬معهد إلادارة الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ص ‪.51 :‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد علي غنيم ‪" :‬دور إلادارة إلالكترونية في تطوير العلم إلاداري ومعقوقات استخدامها في مدارس‬
‫التعليم العالي في املدينة املنورة"‪ ،‬املجلة التربوية‪ ،‬العدد ‪ ،81‬مجلد ‪ ،2116 ،21‬ص ‪.143 :‬‬

‫‪524‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫املخزنة في الحاسوب‪ ،‬كما يمكن أن يكون هذا الخطأ عبارة عن "دمج املعطيات املخزنة في‬
‫الحاسوب أو اختالل تصنيفها أو محو وإضافة بعض املعلومات ألشخاص ال تعبر في الحقيقة‬
‫عن حالتهم الاجتماعية‪ ،‬السياسية أو املالية أو الصحية‪ 1،‬وبالتالي إعطاء نتائج غير صحيحة‬
‫عن العمليات التي تقوم بها إلادارة أو املؤسسة الحائزة للجذاذات إلاسمية"‪.‬‬
‫إذن وبالرغم من املجهودات املتخذة ملكننة إلادارة‪ ،‬فإن غالبية املساطر إلادارية‬
‫الزالت تعتمد على الورق‪ ،‬وهذا يؤكد لنا أن هناك مشاكل وعوائق تقف أمام إدخال‬
‫املعلومات لإلدارة املغربية‪ ،‬فما هي هذه املشاكل ؟ إن أي محاولة تحديثية تصطدم بمشاكل‬
‫وعراقيل عديدة تعمل على التشويش عليها وعدم اكتمالها‪ ،‬وهكذا يتعرض إدخال تكنولوجيا‬
‫املعلومات لإلدارة املغربية عدة صعوبات أهمها ‪:‬‬
‫‪-‬عدم توفر إمكانية استعمالها من طرف الجمهور‪ ،‬فما فائدة وضع املساطر عن بعد‬
‫(‪ )les téleproce les teleprodédures‬أو الشبابيك عن بعد (‪ )les téléguichets‬إن لم يكن‬
‫‪2‬‬
‫متاحا للمواطن الدخول إلى عالم املعلوميات بسهولة وبكلفة معقولة‪.‬‬
‫‪-‬ضعف الاهتمام بصيانة املعدات إلاعالمية والتي تبقى بعد أول عطب عرضة‬
‫للضياع والصدأ دون أن تتم صيانتها وإعادة تشغيلها‪ 3.‬لهذا من املألوف أن يصدم املرتفق‬
‫بعبارة "الحاسوب معطل" أو "الشبكة ال تعمل" فتصبح بهذا ألاداة إلاعالمية عامال معطال‬
‫ومؤخرا ملصالح املواطنين بدل أن تكون عامل تسريع وخدمة لهم‪.‬‬
‫‪-‬تفاوت تجهيز إلادارات العمومية للمغرب باملعلوميات‪ ،‬ففي الوقت الذي نجد فيه‬
‫وزارة املالية رائدة في هذا املجال‪ ،‬هناك وزارات أخرى الزالت إلى آلان تشتغل بوسائل جد‬
‫قديمة‪ ،‬وهو ما يعكس غياب إستراتيجية وطنية واضحة في هذا املجال‪ ،‬وهناك وزارات أخرى‬
‫الزالت إلى آلان تشتغل بوسائل جد قديمة وهو ما يعكس غياب إستراتيجية وطنية واضحة في‬
‫هذا الباب تكون موجهة لشراءات الوزارات للعتاد إلاعالمي وذلك للحيلولة دون تكريس‬
‫‪1‬‬
‫‪Mendes, Manuelj : Suomi, REIMA, PASSOS, CARLOS, Digital communitien a networked society :‬‬
‫‪E-commerce, e-Business and e-government Kluwer Academic publishers-Boston, 2004, p : 98.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪World public sector report 2003 : E-government at the crossroads, New York, united nations,‬‬
‫‪2003, p : 40.‬‬
‫‪ 3‬مبادرة مجتمع املعلومات املصري لتوصيل الخدمات الحكومية إلكترونيا‪ ،‬برنامج الحكومة إلالكترونية‪،‬‬
‫وزارة الاتصاالت وتكنولوجيا املعلومات ‪.2114‬‬

‫‪525‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫التفاوت املوجود أصال بينها وهو تفاوت كان موضع انتقاد البنك الدولي لإلدارة العمومية‬
‫باملغرب في تقريره الشهير املنشور سنة ‪ .1996‬في مقابل الفوائد التي يمكن أن يجنيا املواطن‬
‫من إدخال املعلوميات لإلدارة من سرعة وكفاءة في الخدمات املقدمة إليه ليكون عرضة‬
‫ألخطاء متنوعة فاملعلومات أصبحت تشكل‪ 1‬وسيلة لضبط ألاشخاص واستبعادهم بشكل‬
‫جيد في الوقت الذي أخذت فيه املعطيات إلاسمية للمعالجة تتمحور حول رقم معين خاص‬
‫بالهوية‪ ،‬وتحصر النشاط إلانساني أو جزء منه في آليات محددة‪ ،‬فقد مكنت املعلوميات من‬
‫ضبط كل املعلومات والتي تكاد تكون كاملة عن كل مظاهر حياة الفرد الاقتصادية‬
‫والاجتماعية والسياسية الش يء الذي نجم عنه الحد من استغالل الفرد وتقييد حريته‪.‬‬
‫ومن أشكال ألاخطار التي يمكن أن تمس املواطن‪ 2،‬قيام عمل عمدي يستهدف‬
‫استعمال املعلومات املتعلقة بماضيه أو باتجاهاته أو غيرها من املعلومات املخزنة بالحاسوب‬
‫للضغط عليه أو توريطه أو ابتزازه‪ ،‬كما أن تلك املعلومات (املعطيات إلاسمية) تساعد على‬
‫‪3‬‬
‫تركيز السلطة وضبط ألافراد‪.‬‬
‫ثم هناك املخاطر املترتبة عن ألاخطاء التقنية والتي تحدث نتيجة خلل فني أو عيب في‬
‫اشتغال ألاجهزة املعلوماتية أو في مصادر التغذية الكهربائية‪ ،‬بحيث يمكن أن يترتب عن خلل‬
‫في التيار الكهربائي اندثار املعطيات واملعلومات املخزنة في الحاسوب‪ ،‬كما يمكن أن يكون هذا‬
‫الخطأ عبارة عن "دمج املعطيات املخزنة في الحاسوب أو اختالل تصنيفها أو محو وإضافة‬
‫بعض املعلومات ألشخاص ال تعتبر في الحقيقة عن حالتهم الاجتماعية‪ ،‬السياسية أو املالية‬
‫أو الصحية‪ ،‬وبالتالي إعطاء نتائج غير صحيحة عن العمليات التي تقوم بها إلادارة أو املؤسسة‬
‫الحائزة للجذاذات إلاسمية"‪ 4‬وقد أورد ألاستاذ أسامة عبد هللا في كتابه الحماية الجنائية‬
‫وبنوك املعلومات حكم املحكمة العليا في منيا بوليس في حكم لها أقرت فيه مبدأ املسؤولية‬

‫‪ 1‬ديفيد براون ‪" :‬الحكومة إلالكترونية وإلادارة العامة"‪ ،‬املجلة الدولية للعلوم إلادارية مجلد ‪ ،11‬العدد‪،1‬‬
‫ص ‪.111-87 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Heeks, Richard, Building e-governance for developement : A framework for national and donor‬‬
‫‪action, Manchester, Mancheste Institute for development policy And Management, 2001, p : 33.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Heeks, Richard, Understanding e-governance for development Manchester Institute for‬‬
‫‪Development policy And Management, 2001, p : 66.‬‬
‫‪ 4‬عبد الفتاح بيومي حجازي ‪" :‬النظام القانوني لحماية الحكومة إلالكترونية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.45 :‬‬

‫‪526‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫عن هذا النوع من ألاخطاء‪ ،‬حيث حكمت بتعويض مستخدمي الحاسوب املتضررين من‬
‫خطأ تقني بسبب عيب في صنع الجهاز‪ ،‬ألاخطاء الناتجة عن التعامل البشري مع املعلوميات‬
‫وهي أخطاء قد تتم بشكل عمدي أو بدون عمد‪ ،‬ومهما يكن نوع الخطأ فإن املتضرر ألاكبر‬
‫من ذلك هو املواطن العادي الذي ال يملك أحيانا كيف يحصل على دليل الخطأ الناتج عن‬
‫املوظف مستعمل أداة إعالمية وهو ما يضيع عليه حقوقه أو يعمل على سلب حريته‪ ،‬إذن‬
‫فأمام هذه املشاكل والعوائق التي تحول دون مسايرة إلادارة املغربية لتقنية املعلومات‪،‬‬
‫أصبحت لزاما على الدولة البحث عن إستراتيجية جديدة تساعد هذه إلادارة على تحسين‬
‫وتوسيع مجال املعلوميات‪ ،‬وبالتالي مواجهة مختلف التغيرات املستقبلية‪ .‬والسياسة‬
‫الحكومية في مجال تقنية املعلومات والاتصال‪ .‬ونظرا لكون تقنية املعلوميات‪ ،‬قد أصبحت‬
‫أكثر من مجرد أداة لتطوير ألاداء وتحسين إلانتاجية وضعف التكاليف‪ ،‬بل تجاوزت ذلك‬
‫بكونها موردا هاما وعامال أساسيا لتمكين إلادارة من مواجهة التحديات املتمثلة في التغيرات‬
‫البيئية املختلفة‪ ،‬من خالل تعزيز إمكانية وقدرة إلادارة على التكيف والاستجابة لهذه‬
‫التغيرات‪ ،‬فإن تقنية املعلوميات تكون أداة إلادارة الرئيسية‪ 1‬ملواجهة التحديات املستقبلية‬
‫ولكي تتمكن إلادارة املغربية من تحقيق ذلك‪ ،‬أي امتالك هذه ألاداة الهامة واستخدامها في‬
‫مواجهة هذه التحديات‪ ،‬يجب على الجهاز املكون بجميع مؤسساته وأجهزته أن يقوم بدور‬
‫رئيس ي وهام في رسم وتنفيذ السياسات تخطيطا دقيقا وإدارة مسؤولة تستطيع مواكبة‬
‫املستقبل وتطوراته‪ ،‬وتحديد أين ومتى وكيف وإلى أي مدى يجب توظيف تقنية املعلوميات‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد صدام جبر ‪" :‬املوجة إلالكترونية القادمة الحكومة إلالكترونية"‪ ،‬مجلة إلادارة السنة ‪ ،24‬العدد‪،91‬‬
‫‪ ،2111‬ص ‪.51 :‬‬

‫‪527‬‬
‫العدد الثاني‬ ‫جملة املتوسط للدراسات القانونية والقضائية‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫وتجدر إلاشارة‪ ،‬أنه ما يزيد الطين بلة في إدارتنا نحن هو رغم وجود مبادرات جادة‬
‫لبعض الوزارات في اقتناء عدد ال يستهان به من هذه التكنولوجيا الحديثة ملواكبة الركب‬
‫الحضاري التكنولوجي في العالم‪ ،‬إال أنها ال تشغل أغلبها إال ألغراض الطباعة فقط‪ ،‬وهذا‬
‫راجع لعدم وجود برنامج طموح لتأهيل موظفي إلادارات العمومية‪ 1‬في هذا املجال‪ ،‬وضعف‬
‫تكوين ألاطر التقنية املكلفة بإنجاز الخدمات الحكومية في املجاالت الحديثة لتكنولوجيا‬
‫املعلوميات والاتصال‪ .‬وإن معوقات تطبيق إلادارة إلالكترونية ال تبرر البقاء على الوضع‬
‫التقليدي وعدم التغيير‪ ،‬فمن النادر أن نجد حالة تغيير ال تواجهها عوائق بل ومخاطر كبيرة‬
‫في بعض ألاحيان‪ ،‬لذلك البد من ألاخذ باالعتبار العوامل املساهمة في نجاح مشروع إلادارة‬
‫إلالكترونية‪ ،‬وإذ لم يتم استيعاب وفهم وتطبيق مبادرات إلادارة إلالكترونية جيدا‪ ،‬فقد‬
‫يكون ذلك سببا في إهدار املوارد والفشل في تقديم الخدمات املفيدة مما يؤدي إلى عدم رضاء‬
‫العمالء‪ ،‬كما ينبغي أن تراعي إلادارة إلالكترونية في املنظمة بعض الظروف الاستثنائية وأن‬
‫تستوعب الاحتياجات والعوائق‪ ،‬مثل العادات وألاعراف السائدة‪ ،‬وعدم توافر البنية‬
‫التحتية‪ ،‬النظام املالي وإلاداري والاتجاهات نحو املعامالت إلالكترونية‪ ،‬والخلفية املتعلقة‬
‫بالحاسب آلالي‪...‬إلخ‪ ،‬وتهتم الشبكة إلادارية بشكل أساس ي في تقديم خدماتها عبر شبكة‬
‫املعلومات العاملية (الانترنيت) كوسيلة رئيسية في تبادل املعلومات والاتصال والتواصل‪،‬‬
‫وتقدم حلولها واستشاراتها إلادارية في أفضل آلاليات والطرق لتحويل ألاعمال التقليدية إلى‬
‫أعمال إلكترونية بما يحقق تطلعات العمالء وأهدافهم ويتوافق مع إمكانياتهم‪ ،‬يحتاج أي‬
‫مشروع للحكومة إلالكترونية إلى عدة حلول حتى يكتب له النجاح‪ ،‬والهدف بطبيعة الحال‬
‫هو جلب أكبر قدر ممكن من املستثمرين الوطنيين وألاجانب على وجه الخصوص وذلك بغية‬
‫تحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬

‫‪ 1‬عامر إبراهيم قنديلجي ‪" :‬املعجم املوسوعي لتكنولوجيا املعلومات والانترنت"‪ ،‬دار املسيرة للنشر‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ ،‬عمان‪ ،2113 ،‬ص ‪.28 :‬‬

‫‪528‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like