You are on page 1of 17

‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫نزع الصفة املادية عن مساطر إبرام العقود اإلدارية‬


‫‪-‬مدخل لتخليق اإلدارة العمومية‪-‬‬
‫ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻃﺮ ﺇﺑﺮﺍﻡ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﻟﺘﺨﻠﻴﻖ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ‬
‫وديع الهامل‬‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻮﻏﺎﺯ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫أستاذ باحث بجامعة سيدي محمد بن‬
‫عبد هللا ‪-‬فاس‪-‬‬ ‫ﺣﻤﻴﺪ ﺍﻟﻴﺴﺴﻔﻲ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫مقدمة‬ ‫ﺍﻟﻬﺎﻣﻞ‪ ،‬ﻭﺩﻳﻊ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ‪19,20‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫أصبح موضوع الحد من التدخل البشري في الميدان اإلداري ذو راهنية‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫ملحة وورشا اصالحيا كبيرا‪ ،‬يتبلور في إطار الدينامية اإلستراتيجية التي أطلقتها‬
‫‪2022‬السياسية والسوسيو‪ -‬االقتصادية الحديثة‪ ،‬في سياق دولي‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫لمواجهة التحديات‬ ‫الدولة‬
‫‪122‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪136‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫وإقليمي معقد يطغى عليه اقتصاد المعرفة‪ ،‬وتغزوه التكنولوجيات الحديثة‪.‬‬
‫‪1328866‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫على أن المعايير التي يقاس عليها معيار تقدم الدول‬ ‫حيث يكاد يجمع الجميع‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫وحضاراتها‪ ،‬هي نظم وتقنيات المعلوميات وتطور وسائل اإلعالم‪ ،‬ألن العالم دخل‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫مرحلة متطورة ضمن افاق عصر المعلومات بغاية اإلستفادة من التقنيات المتاحة‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫في مجال نظمها وتقنياتها التي سارت على التوازي مع ثورة تكنولوجيا اإلتصاالت‪.1‬‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺭﻗﻤﻨﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ الحديثة مدخال أساسيا لتخليق الحياة العامة‪ ،‬ألنها تساهم‬
‫تشكل التكنولوجيا‬‫اذ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1328866‬نوعيا من‬
‫بشكل كبير في تطوير كافة المعامالت واألنشطة اإلدارية وتبسيطها ونقلها‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫النمطية اليدوية‪ ،‬إلى التقنية اإللكترونية المتقدمة‪ ،‬من خالل اإلستغالل األمثل والجيد‬
‫لعناصر التكنولوجا ونظم شبكات اإلتصال والربط اإللكتروني الرقمي الحديث‪،‬‬
‫وصوال الى تطبيق تقنية االنترنت وبلوغ التميز واإلرتقاء بكفاءة العمل اإلداري‬
‫وبالتي الحصول على المردودية المبتغاة قوامها الجودة والشفافية والسرعة واإلتقان‬
‫في الخدمة من جهة‪ ،‬ومحاربة البيروقراطية والبطئ والفساد اإلداري‪.‬‬

‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫العامﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫للمرفق‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫القانوني‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‬ ‫النظام ﺣﻘﻮﻕ‬
‫ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫على‬
‫ﻋﻠﻤﺎ‬‫وأثرها‬
‫اإللكترونيةﺍﻟﻨﺸﺮ‪،‬‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫العامة‬ ‫ﺍﻹﺗﻔﺎﻕاإلدارة‬
‫ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ‬ ‫الرزاق‪،‬‬
‫عبدﻋﻠﻰ‬
‫داوود ﺑﻨﺎﺀ‬
‫الباز ﻣﺘﺎﺣﺔ‬
‫ﻫﺬﻩ‪-‬ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬جامعة الكويت‪،0111 ،‬‬
‫والتعريب والنشر‪،‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬‫التأليف‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‬ ‫لجنة‬
‫العلمي‪ ،‬ﻣﻦ‬
‫ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ‬‫النشر‬
‫مجلسﺩﻭﻥ‬ ‫موظفيه‪،‬‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ(‬ ‫وأعمال ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ‬
‫ص ‪.000-010‬‬

‫‪122‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫نزع الصفة املادية عن مساطر إبرام العقود اإلدارية‬


‫‪-‬مدخل لتخليق اإلدارة العمومية‪-‬‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫وديع الهامل‬
‫أستاذ باحث بجامعة سيدي محمد بن‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫فاس‪-‬ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ‬
‫ﺇﺑﺮﺍﻡ هللا ‪-‬‬
‫ﺍﻟﻬﺎﻣﻞ‪ ،‬ﻭﺩﻳﻊ‪ .(2022) .‬ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻃﺮ عبد‬
‫ﻟﺘﺨﻠﻴﻖ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻮﻏﺎﺯ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﻉ‪، 12219,20‬‬
‫مقدمة‬
‫‪1328866/Record/com.mandumah.search//:http‬‬ ‫‪ .136 -‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫راهنية‬
‫ﻣﺪﺧﻞ‬‫ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ :‬ذو‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻮﺩاإلداري‬
‫ﺇﺑﺮﺍﻡالميدان‬
‫ﻣﺴﺎﻃﺮ في‬
‫ﻋﻦالبشري‬ ‫التدخل‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺔمن‬
‫ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ‬ ‫موضوع الحد‬
‫أصبحﻭﺩﻳﻊ‪" .‬ﻧﺰﻉ‬
‫ﺍﻟﻬﺎﻣﻞ‪،‬‬
‫ﻉ‪19,20‬‬
‫طلقتها‬ ‫ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬
‫التي أ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬
‫اإلستراتيجية‬ ‫ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬
‫الدينامية‬ ‫ﺍﻟﺒﻮﻏﺎﺯإطار‬ ‫ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ‬
‫يتبلور في‬ ‫وورشاﺍﻹﺩﺍﺭﺓ‬
‫اصالحيا كبيرا‪،‬‬ ‫ملحةﻟﺘﺨﻠﻴﻖ‬
‫)‪ .136 - 122 :(2022‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫الدولة لمواجهة التحديات السياسية والسوسيو‪ -‬االقتصادية الحديثة‪ ،‬في سياق دولي‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1328866‬‬
‫وإقليمي معقد يطغى عليه اقتصاد المعرفة‪ ،‬وتغزوه التكنولوجيات الحديثة‪.‬‬

‫حيث يكاد يجمع الجميع على أن المعايير التي يقاس عليها معيار تقدم الدول‬
‫وحضاراتها‪ ،‬هي نظم وتقنيات المعلوميات وتطور وسائل اإلعالم‪ ،‬ألن العالم دخل‬
‫مرحلة متطورة ضمن افاق عصر المعلومات بغاية اإلستفادة من التقنيات المتاحة‬
‫في مجال نظمها وتقنياتها التي سارت على التوازي مع ثورة تكنولوجيا اإلتصاالت‪.1‬‬

‫اذ تشكل التكنولوجيا الحديثة مدخال أساسيا لتخليق الحياة العامة‪ ،‬ألنها تساهم‬
‫بشكل كبير في تطوير كافة المعامالت واألنشطة اإلدارية وتبسيطها ونقلها نوعيا من‬
‫النمطية اليدوية‪ ،‬إلى التقنية اإللكترونية المتقدمة‪ ،‬من خالل اإلستغالل األمثل والجيد‬
‫لعناصر التكنولوجا ونظم شبكات اإلتصال والربط اإللكتروني الرقمي الحديث‪،‬‬
‫وصوال الى تطبيق تقنية االنترنت وبلوغ التميز واإلرتقاء بكفاءة العمل اإلداري‬
‫وبالتي الحصول على المردودية المبتغاة قوامها الجودة والشفافية والسرعة واإلتقان‬
‫في الخدمة من جهة‪ ،‬ومحاربة البيروقراطية والبطئ والفساد اإلداري‪.‬‬

‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫العامﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫للمرفق‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫القانوني‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‬ ‫النظام ﺣﻘﻮﻕ‬
‫ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫على‬
‫ﻋﻠﻤﺎ‬‫وأثرها‬
‫اإللكترونيةﺍﻟﻨﺸﺮ‪،‬‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫العامة‬ ‫ﺍﻹﺗﻔﺎﻕاإلدارة‬
‫ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ‬ ‫الرزاق‪،‬‬
‫عبدﻋﻠﻰ‬
‫داوود ﺑﻨﺎﺀ‬
‫الباز ﻣﺘﺎﺣﺔ‬
‫ﻫﺬﻩ‪-‬ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬جامعة الكويت‪،0111 ،‬‬
‫والتعريب والنشر‪،‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬‫التأليف‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‬ ‫لجنة‬
‫العلمي‪ ،‬ﻣﻦ‬
‫ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ‬‫النشر‬
‫مجلسﺩﻭﻥ‬ ‫موظفيه‪،‬‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ(‬ ‫وأعمال ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ‬
‫ص ‪.000-010‬‬

‫‪122‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫نزع الصفة املادية عن مساطر إبرام العقود اإلدارية‬


‫‪-‬مدخل لتخليق اإلدارة العمومية‪-‬‬

‫وديع الهامل‬
‫أستاذ باحث بجامعة سيدي محمد بن‬
‫عبد هللا ‪-‬فاس‪-‬‬
‫مقدمة‬
‫أصبح موضوع الحد من التدخل البشري في الميدان اإلداري ذو راهنية‬
‫ملحة وورشا اصالحيا كبيرا‪ ،‬يتبلور في إطار الدينامية اإلستراتيجية التي أطلقتها‬
‫الدولة لمواجهة التحديات السياسية والسوسيو‪ -‬االقتصادية الحديثة‪ ،‬في سياق دولي‬
‫وإقليمي معقد يطغى عليه اقتصاد المعرفة‪ ،‬وتغزوه التكنولوجيات الحديثة‪.‬‬

‫حيث يكاد يجمع الجميع على أن المعايير التي يقاس عليها معيار تقدم الدول‬
‫وحضاراتها‪ ،‬هي نظم وتقنيات المعلوميات وتطور وسائل اإلعالم‪ ،‬ألن العالم دخل‬
‫مرحلة متطورة ضمن افاق عصر المعلومات بغاية اإلستفادة من التقنيات المتاحة‬
‫في مجال نظمها وتقنياتها التي سارت على التوازي مع ثورة تكنولوجيا اإلتصاالت‪.1‬‬

‫اذ تشكل التكنولوجيا الحديثة مدخال أساسيا لتخليق الحياة العامة‪ ،‬ألنها تساهم‬
‫بشكل كبير في تطوير كافة المعامالت واألنشطة اإلدارية وتبسيطها ونقلها نوعيا من‬
‫النمطية اليدوية‪ ،‬إلى التقنية اإللكترونية المتقدمة‪ ،‬من خالل اإلستغالل األمثل والجيد‬
‫لعناصر التكنولوجا ونظم شبكات اإلتصال والربط اإللكتروني الرقمي الحديث‪،‬‬
‫وصوال الى تطبيق تقنية االنترنت وبلوغ التميز واإلرتقاء بكفاءة العمل اإلداري‬
‫وبالتي الحصول على المردودية المبتغاة قوامها الجودة والشفافية والسرعة واإلتقان‬
‫في الخدمة من جهة‪ ،‬ومحاربة البيروقراطية والبطئ والفساد اإلداري‪.‬‬

‫‪ -1‬الباز داوود عبد الرزاق‪ ،‬اإلدارة العامة اإللكترونية وأثرها على النظام القانوني للمرفق العام‬
‫وأعمال موظفيه‪ ،‬مجلس النشر العلمي‪ ،‬لجنة التأليف والتعريب والنشر‪ ،‬جامعة الكويت‪،0111 ،‬‬
‫ص ‪.000-010‬‬

‫‪122‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫إن عملية رقمنة اإلدارة تستدعي توفير بيئة مناسبة لكونها تشكل منعطفا‬
‫شامال على مستوى المفاهيم والنظريات واألساليب والتشريعات‪ ،‬ألن هذه العوامل‬
‫هي المؤشر المحدد لفشل او نجاح المشروع التحديثي الذي تصبو إليه عملية الرقمنة‪.‬‬

‫من هذه المنطلقات‪ ،‬يجد موضوع نزع الصفة المادية عن مساطر إبرام‬
‫العقود اإلدارية موقعه العلمي والمعرفي في جوابه عن إشكاالت وتساؤالت راهنة‪،‬‬
‫لكونه يسعى لبسط وعرض أهم اإلصالحات التي تسعى الدولة جاهدة فرضها في‬
‫اإلدارة العمومية لتجويد خدماتها في إطار دعم أسس دولة الحق والقانون وإنجاح‬
‫المسيرة الديمقراطية والتنموية‪.‬‬

‫تهدف هذه الدراسة الى محاولة إزالة الغموض والتعرف على مفهوم نزع‬
‫الصفة المادية‪ ،‬وكذا التعريف بالعقود اإلدارية اإللكترونية مع تبيان أهم الخروقات‬
‫التي تطالها‪ ،‬مع تبيان العالقة بين نزع الصفة المادية ومساطر ابرام العقود اإلدارية‪،‬‬
‫في محاول إلبراز مدى مساهمة ألية نزع الصفة المادية عن مساطر إبرام العقود‬
‫اإلدارية في تخليق اإلدارة العامة‪.‬‬

‫وعليه فاإلشكالية الرئيسية التي تتمحور عليها هذه الدراسة تتجلى في ما مدى‬
‫مساهمة الية نزع الصفة المادية عن مساطر ابرام العقود اإلدارية في تخليق الحياة‬
‫العامة‪ ،‬والى أي حد تم تفعيلها في محاربة الفساد اإلداري‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬ماهية نزع الصفة المادية عن مساطر ابرام العقود اإلدارية‬

‫تعد العقود اإلدارية الية من اليات ممارسة اإلدارة لنشاطها‪ ،‬وتدخل ضمن‬
‫األعمال القانونية التي تصدر من جانبين‪ ،‬اإلدارة والمتعاقد معها‪ ،‬بحيث يتولد عن‬
‫اتفاقهما عقود تحدد حقوقهما والتزاماتهما‪.‬‬

‫وتعتبر اإلدارة في هذه العالقة مالكة لزمام األمور بما تمتاز به من سلطات‬
‫وصالحيات واسعة ومتنوعة لمواجهة المتعاقدين معها‪ ،‬فبالرغم على ما يقوم عليه‬
‫العقد اإلداري شأنه شأن العقد في القانون الخاص من ضرورة توفر بعض عناصر‬

‫‪123‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫التعاقد‪ ،‬مثل عنصر الرضى من ايجاب وقبول وكذا احترام الحرية التعاقدية‪ ،1‬إال‬
‫أن ذلك ال يحد من أهمية ما تمتاز به اإلدارة من صالحيات غير مألوفة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬المتجسدة في امتياز السلطة العامة التي تبوؤها مركز المتحكم في العقد‬
‫لكونها تصهر على تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫إذن نحن في عالقة غير متكافئة بين اإلدارة المالكة المتياز السلطة العامة وبين‬
‫المتعاقد معها الذي يشكل الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية‪ ،‬ألنه شخص يسعى‬
‫لتحقيق الربح او المقابل المادي المحدد في العقد والذي يشكل أهم حقوقه على‬
‫اإلطالق‪ ،‬تلك الحقوق التي ينبغي على اإلدارة احترامها انطالقا من الرضائية‬
‫بوصفها جوهر فكرة العقد اإلداري سواء في القانون الخاص او العام‪.‬‬

‫ألجل ذلك‪ ،‬يبقى الرهان الملقى على عاتق الدولة هو توفير الحماية والضمانات‬
‫الكفيلة بحماية مصالح المقاوالت عبر ترسيخ الشفافية وضمان حرية المنافسة‪ ،‬تبسيط‬
‫مساطر اإلعداد واإلبرام‪ ،‬محاربة كل مظاهر الغش والفساد وضمان نجاعة النفقات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫وهذا األمر ال يتأتى إلى من خالل فرض اإلستعمال التكنولوجي في جميع‬


‫مناحي المعامالت اإلدارية التي تصبو إلى الحد من التدخل البشري في هاته‬
‫المعامالت أو ما يصطلح عليه بنزع الصفة المادية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬في مفهوم نزع الصفة المادية‬

‫إلى وقت قريب‪ ،‬ظلت اإلدارة تبرم عقودها بالطرق التقليدية‪ ،‬من خالل إستخدام‬
‫األدوات الكالسيكية من محررات ورقية أو مادية‪ ،‬كما أن طرفي العقد يحضران‬
‫لإلتفاق والتراضي مكانيا وزمانيا بشكل حضوري‪ .‬إال أنه مع مرور الوقت وتطور‬
‫وسائل التكنولوجيا أصبح التعاقد متاحا بين المتعاقدين حضوريا زمانيا وعن بعد‬

‫‪ -1‬يقصد بالحرية التعاقدية هنا احترام البنود األتية‪ 0 :‬اختيار أسلوب العقد‪ 0 ،‬اختيار المتعاقد معه‪،‬‬
‫‪ 1‬حرية تسطير البنود التعاقدية‪ .‬راجع بهذا الخصوص‪:‬‬
‫‪- Rabre-Magnane, Droit des obligations, contrat et engagement unilateral,‬‬
‫‪P.U.F Paris, 2008, p :55.‬‬

‫‪124‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫مكانيا‪ ،‬بحيث يكون اإليجاب من طرف المتعاقد العارض لخدمة أو سلعة معينة عبر‬
‫موقع مخصص لهذا الغرض‪ ،‬ويتم القبول من طرف اإلدارة الراغبة في إبرام العقد‪.‬‬

‫عموما يمكن القول بأن مفهوم نزع الصفة المادية‪ ،‬هو الحد من التدخل البشري‬
‫في المعامالت اإلدارية‪ ،‬وإنجاز األعمال والمعامالت التي تتم بين طرفين أو أكثر‪،‬‬
‫سواء بين الموظفين لنفس القطاع أو من خارج القطاع‪ ،‬أو بين اإلدارات العمومية‬
‫والخواص من شركات ومقاوالت وغيرهم‪ ،‬عبر استخدام وسائل التكنولوجا الحديثة‪.‬‬

‫ويهدف هذا اإلجراء إلى التقليل من تدخل العنصر البشري تفاديا لمسببات‬
‫البيروقراطية اإلدارية والتعقيدات المصاحبة لها من بطء وروتين وغيرها من مشاكل‬
‫اإلدارة العمومية من جهة‪ ،‬وتحقيق القدرة على تقديم الخدمات وتبادل المعلومات‬
‫فيما بينها وبين المواطنين وباقي المتدخلين‪ ،‬بسرعة ودقة وكلفة أقل من جهة أخرى‪.‬‬

‫من خالل ما سبق يمكن أن نستنتج أن هذه المنهجية في التدبير اإلداري الحديث‬
‫"نزع الصفة المادية"‪ ،‬ال يمكن أن نتصورها في معزل عن اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬
‫لكون هذه األخيرة تهدف إلى تحويل النظام التقليدي لإلدارة العمومية‪ ،‬إلى نظام‬
‫حديث قوامه تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬من أجل أداء فعال في أسرع وقت وبجودة عالية‬
‫للخدمات‪.1‬‬

‫هذا األمر األمر ما فتئ عاهل البالد يؤكد عليه كلما تحدث عن ميدان إصالح‬
‫اإلدارة‪ ،‬إذ أكد في رسالته التوجيهية أنه‪ " :‬سيظل إصالح اإلدارة العمومية‬
‫وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا‪ ،‬إذ يتعين أن نوفر‬
‫ألجهزت نا ما يلزم من أدوات تكنولوجا عصرية بما فيها األنترنت لتمكينها من‬
‫اإلنخراط في الشبكة العالمية وتوفير خدمات أكثر جودة لمتطلبات األفراد‬
‫والمقاوالت"‪.2‬‬

‫‪ -1‬عبد الناصر حيدر علي العمري‪ ،‬دور اإلدارة اإللكترونية في تخليق الحياة العامة ومكافحة‬
‫الفساد اإلداري‪ ،‬مطبعة دار السالم الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪،0100‬ص ‪.06‬‬
‫‪ -2‬مقتطف من الرسالة الملكية الموجهة إلى أشغال المناظرة الوطنية المنظمة من طرف كتابة‬
‫الدولة المكلفة بالبريد وتقنيات اإلتصال واإلعالم‪ ،‬الرباط‪ 01 ،‬أبريل ‪.0100‬‬

‫‪125‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬عملت الحكومات المغربية خصوصا الوزارة الوصية على‬
‫قطاع إصالح اإلدارة‪ ،‬على خلق األرضية المناسبة لتحقيق اإلنتقال الرقمي من خالل‬
‫إعداد إطار مشترك للتبادل الرقمي بين اإلدارات ومرتفقيها وهو ما يصطلح عليه‬
‫بالتنميط‪.1‬‬

‫هذا التحول واالنتقال الرقمي من شأنه المساهمة بشكل كبير في نزع الصفة‬
‫المادية عن مساطر ابرام العقود اإلدارية‪ ،‬وذلك في إطار إبرام العقود اإللكترونية‪.‬‬
‫والعقد اإللكتروني هو" اتفاق يتالقى فيه اإليجاب والقبول عبر شبكة لإلتصال عن‬
‫بعد‪ ،‬من خالل وسيلة مسموعة أو مرئية تتيح التفاعل بين الموجب والقابل"‪ .2‬من‬
‫خالل هذا التعريف نستنتج بأن العقد اإللكتروني يتميز عن غيره من العقود فقط في‬
‫مسطرة اإلبرام‪ ،‬وليس في محتواه‪ ،‬فالتعاقد اإللكتروني يعقد بين طرفي العقد (‬
‫اإلدارة والمتعاقد معها) حاضرين حكما‪ ،‬أي الحضور زماني وليس مكاني أي‬
‫اختالف في مجلس العقد‪.‬‬

‫ما يميز التعاقد اإللكتروني هو وجود وسيط إلكتروني‪ ،‬أال وهو المنصة الرقمية‬
‫التي من خاللها يتم إبرام العقد‪ ،‬مع ما تضمنه هذه التقنية من تسجيل وأرشفة‬
‫المعلومات وتوثيقها بشكل يضمن الشفافية والوضوح من جهة‪ ،‬والجودة وفي العمل‬
‫مع السرعة في إنجازه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلطار القانوني لنزع الصفة المادية‬


‫أصبح استعمال التكنولوجيا في اإلدارة العمومية يتطور شيئا فشيئا‪ ،‬ويفرض‬
‫نفسه أمام التطور الكبير الذي تعرفه تكنولوجيا االتصاالت والتواصل مع مجتمعات‬
‫متطورة رقميا وإعالميا‪ ،‬وهو األمر الذي يدفع باإلدارة العمومية إلى تبني سياسة‬
‫انفتاحية وطنية ودولية مستفيدة من ما توفره التكنولوجيات الحديثة‪.‬‬

‫‪ -1‬موالي محمد البوعزاوي‪ ،‬تحديث اإلدارة الترابية بالمغرب نحو تكريس الديمقراطية وكسب‬
‫رهان التنمية‪ ،‬منشورات مجالت العلوم القانونية‪ ،‬سلسلة البحث األكاديمي‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪،0109‬ص ‪.076‬‬
‫‪ -2‬أسامة أبو الحسن مجاهد‪ ،‬الوسيط في قانون المعامالت اإللكترونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪ ،0117 ،‬ص ‪.000‬‬

‫‪126‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫هذا األمر لن يتأتى إال عبر مالئمة الدولة لتشريعاتها مع هذا التطور‬
‫التكنولوجي‪ ،‬والنص في المقتضيات القانونية على منهجية استخدام هذه الوسائل‬
‫الحديثة وتوضيح طريقة التعامل اإلداري وفقها‪ .‬إال أن المالحظ أن التشريعات‬
‫الوطنية الزالت محتشمة في هذا الشأن‪ ،‬كما نلمس غياب نصوص قانونية تؤطر‬
‫العمل بهذه التكنولوجيات‪ ،‬عدا بعض النصوص المتفرقة بإشارات محتشمة‬
‫(الصفقات العمومية‪ ،‬بعض القطاعات الوزارية‪.)....‬‬

‫في هذا الجانب سنحاول الوقوف على أهم الميادين والنصوص القانونية التي‬
‫تؤطر هذه التقنية"نزع الصفة المادية"‪.‬‬

‫عمل المغرب منذ سنة ‪ 6115‬على وضع برنامج وطني لإلدارة اإللكترونية‬
‫"إدارتي"‪ ،‬بحيث شمل هذا البرنامج ستة برامج متمثلة في المحيط واإلشراف‬
‫اإلستراتيجي‪ ،‬التنميط‪ ،‬التعاضد‪ ،‬البنية التحتية‪ ،‬الخدمات األفقية والعمودية وأخيرا‬
‫األمن المعلوماتي‪ .1‬انطالقا من هذا البرنامج تم إحداث العديد من البوابات‬
‫اإللكترونية تعرض من خاللها الخدمات الرسمية للقطاعات الوزارية‪.‬‬

‫كما نلمس مظاهر الخدمات الرقمية من خالل البرنامج الزمني لمشروع‬


‫المغرب الرقمي الذي تم تدشينه سنة ‪ ،6104‬والمتضمن لتنوع قطاعي في الخدمات‬
‫اإللكترونية (الوثائق اإللكترونية‪ ،‬القنصلية اإللكترونية‪ ،‬الجماعات الترابية‬
‫اإللكترونية‪ .)....‬كما شكل المنتدى الثاني للحكومة اإللكترونية ‪( MGF‬المنعقد‬
‫بالرباط في ‪ 61‬يناير ‪ )6104‬مناسبة للوقوف على التطورات القطاعية في هذا‬
‫المجال‪:2‬‬

‫‪ +‬مشروع ‪e-justice‬‬

‫‪ +‬مشروع ‪e-foncier‬‬

‫‪ -1‬تقرير وزارة تحديث القطاعات العامة حول ميزانية الوزارة‪ ،‬سنة ‪ ،0115‬نونبر ‪ ،0115‬ص‬
‫‪.10‬‬
‫‪ -2‬موالي محمد البوعزاوي‪ ،‬تحديث اإلدارة الترابية بالمغرب نحو تكريس الديمقراطية وكسب‬
‫رهان التنمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.050‬‬

‫‪127‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪ +‬مشروع ‪e-transport‬‬

‫‪ +‬مشروع ‪e-wilaya‬‬

‫‪ +‬مشروع ‪e-gov DGCL‬‬

‫‪ +‬مشروع ‪e-finances‬‬

‫الى حدود هذه السنة ‪ ،6166‬عرفت هذه المشاريع إحداث العديد منها‪،‬‬
‫والبعض األخر تعثر ولم يكتمل لعدة عوامل‪ ،‬منها عدم المصاحبة‪ ،‬بحيث يتم خلق‬
‫تلك المواقع وتترك دون متابعة‪ ،‬كما أن جهل المواطنين بهذه المساطر واإلجراءات‬
‫يشكل عائقا أما هذه التكنولوجيا‪.‬‬

‫أما موضوع الصفقات العمومية فيمكن القول بأنه من القطاعات الرائدة في‬
‫تبني الية نزع الصفة المادية‪ ،‬بحيث عرف تأطيرا قانونيا واضحا ولو نسبيا‪ ،‬إذ شكل‬
‫مرسوم ‪ 6111‬منعطفا مهما في تخليق عمليات إبرام الصفقات العمومية‪ .‬فمن أهم‬
‫اإلجراءات التي جاء بها هذا المرسوم‪ ،‬إحداث البوبة الوطنية لصفقات الدولة من‬
‫اجل نشر المعلومات والوثائق‪ ،‬كما نص على إمكانية تبادل المعطيات بطريقة‬
‫إلكترونية بين صاحب المشروع والمتنافسين‪.1‬‬

‫وعقب ذلك إصدار القانون ‪ 254.15‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات‬


‫القانونية‪ ،‬الذي سعى المشرع من خالله إلى تهيئة بيئة قانونية تناسب التطور المذهل‬
‫في مجال المعامالت اإللكترونية‪ ،‬ووضع اللبنة األساسية للتبادل اإللكتروني ومعادلة‬
‫الوثائق المحررة على الورق وتلك المعدة على دعامة إلكترونية‪ ،‬تشفير البيانات‪،‬‬
‫كيفية إبرام العقود اإللكترونية وكذا التوقيع اإللكتروني‪ .‬ليتوج هذا المسار بإحداث‬

‫‪ -1‬مرسوم ‪ 0.16.155‬الصادر في ‪ 06‬من محرم ‪9(0105‬فبراير‪ )0117‬بتحديد شروط واشكال‬


‫ابرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪،9905‬‬
‫بتاريخ فاتح ربيع االخر ‪05( 0105‬ابريل‪ ،)0117‬ص ‪.0019‬‬
‫‪ 2‬ظهير شريف ‪ 0.17.005‬الصادر في ‪ 05‬من ذي القعدة ‪ 11(0105‬نونبر ‪ )0117‬المتعلق بتنفيذ‬
‫القانون ‪ 91.19‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪ 9951‬بتاريخ‬
‫‪ 09‬ذي القعدة ‪ 6( 0105‬ديسمبر ‪،)0117‬ص ‪.1575‬‬

‫‪128‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫اللجنة اإلستراتيجية ألمن نظام المعلومات في إطار حماية نظام المعلومات‪ ،1‬فيما‬
‫يعرف باألمن السيبراني الهادف لحماية األنظمة الهامة والمعلومات الحساسة من‬
‫الهجمات الرقمية (القانون ‪ 15.61‬المتعلق باألمن السبرياني)‪ .‬كما تعرف أيضا‬
‫باسم أمن تكنولوجيا‪ ،‬بحيث تم تصميم تدابير األمن السيبراني لمكافحة التهديدات‬
‫ضد األنظمة والتطبيقات المتصلة بالشبكة‪ ،‬سواء كانت تلك التهديدات تنشأ من داخل‬
‫أو خارج المنظمة‪ ،‬فاألمن السيبراني هو عملية حماية األنظمة والشبكات والبرامج‬
‫ضد الهجمات الرقمية‪ .‬تهدف هذه الهجمات السيبرانية عادة إلى الوصول إلى‬
‫المعلومات الحساسة أو تغييرها أو تدميرها؛ بغرض االستيالء على المال من‬
‫المستخدمين أو مقاطعة عمليات األعمال العادية‪.‬‬

‫في ‪ 61‬مارس ‪ 6104‬تم اصدار مرسوم ‪ 6.06.431‬المتعلق بالصفقات‬


‫العمومية‪ .2‬مكن هذا المرسوم من ادخال تغييرات عميقة تهدف الى تفعيل بعض‬
‫المقتضيات التي حملها دستور ‪ 6100‬خاصة المتعلقة بالحكامة الجيدة‪ ،‬كإرساء‬
‫المقتضيات المتعلقة بنزع الصفة المادية عن الصفقات العمومية واعتماد اإلشهار‬
‫اإللكتروني للصفقات ونشر البرامج التوقعية وتشجيع المقاوالت الوطنية وتوسيع‬
‫أنواع الصفقات العمومية‪ .‬وقد عزز صدور هذا المرسوم قرار وزير االقتصاد‬
‫والمالية سنة ‪ ،36103‬الذي حدد كيفيات مسك واستغالل قاعدة المعطيات‬
‫اإللكترونية للمقاولين والموردين والخدماتيين وكذا شروط إجراء المناقصة‬
‫اإللكترونية‪.‬‬

‫عموما يمكن القول بأن منظومة الصفقات العمومية عرفت إصالحات عدة‬
‫همت‪:‬‬

‫‪ -1‬مرسوم رقم ‪ 2.11.508‬صادر في ‪ 00‬من شوال ‪ 00( 0110‬سبتمبر‪ ) 0100‬بإحداث اللجنة‬


‫االستراتيجية ألمن نظم المعلومات‪ ،‬الجردة الرسمية عدد ‪ 9557‬بتاريخ ‪ 05‬ذو القعدة ‪07( 0110‬‬
‫أكتوبر ‪ ،)0100‬ص ‪.9010‬‬
‫‪ -2‬مرسوم ‪ 0.00.115‬الصادر في ‪ 5‬جماد األولى ‪ 01( 0111‬مارس ‪ )0101‬المتعلق بالصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪ 6011‬بتاريخ ‪ 01‬جماد األولى ‪ 01( 0111‬أبريل ‪،)0101‬ص ‪.6001‬‬
‫‪ -3‬قرار وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 01.01‬الصادر في ذي القعدة ‪1( 0119‬سبتمبر ‪)0101‬‬
‫المتعلق بتجريد مساطر ابرام الصفقات العمومية من الصفة المادية‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪6055‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 01‬ذو الحجة ‪5(0119‬اكتوبر ‪،)0101‬ص ‪.0100‬‬

‫‪129‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪ -‬نزع الصفة المادية على الطلبيات العمومية وخصوصا من خالل وضع‬


‫قاعدة معطيات الموردين في أفق نزع الصفة المادية عن الملفات اإلدارية للمتنافسين‬
‫بهدف تمكينهم من التفرغ لتحضير عروضهم؛‬

‫‪-‬التنافس االلكتروني في إطار مسار إلكتروني إليداع وتقييم العروض يمكن‬


‫من تدعيم الشفافية وتبسيط شروط تنافس المقاوالت‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬التجليات التخليقية لمسطرة نزع الصفة المادية‬


‫على‬
‫أداء اإلدارة العمومية‬
‫إن ضمان فعالية العمل اإلداري يستدعي تحديث تقنيات ووسائل اإلشتغال‪،‬‬
‫وذلك عبر إدماج التقنيات الحديثة ال سيما في مجال إبرام العقود‪ .‬حيث أصبح تطبيق‬
‫التكنولجيا الحديثة ضرورة حثمية تسعى إليها كل دولة تريد مواكبة تطورات عصر‬
‫الثورة الرقمية وركوب قطار نهضة المعلومات العالمية‪ ،‬لما لهذا النظام من إيجابيات‬
‫خاصة في مجال المرافق العامة بإعتبارها مشروعات تستهدف تحقيق النفع العام‪،‬‬
‫والدولة أصبحت تلجأ لخدمات هذه المرافق إلبرام عقودها اإلدارية التي يمكن أن‬
‫تتم بشكل إلكتروني يضمن اليسر والسرعة من جهة‪ ،‬ويضمن الشفافية والمساواة‬
‫بعيدا عن كل شبهات الفساد اإلداري من جهة أخرى‪.‬‬

‫وحتى ال يكون كالمنا مجرد أحكام أو تخمينات‪ ،‬إرتأيت أن أسوق أحد النماذج‬
‫العملية التي تبنت ألية نزع الصفة المادية عن مسطرة إبرام العقود اإلدارية اال وهي‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬وكيف ساهمت هذه االلية في تخليق وتجويد خدمات المرفق‬
‫العام‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المسطرة الرقمية إلبرام الصفقات العمومية‬

‫وعيا منه بخطورة الفساد اإلداري واعتباره افة خطيرة تزعزع ثقة المواطنين‬
‫في مؤسسات الدولة‪ ،‬عمل المغرب كغيره من نظرائه عبر العالم إلى بلورة‬

‫‪130‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫استراتيجيات جديدة للحد من هذه الظاهرة‪ ،‬من خالل مواكبة التطورات الدولية في‬
‫مجال عصرنة اإلدارة‪.‬‬

‫من بين الخطوات التي أقرها المغرب في مجال إصالح اإلدارة هو تبني جديد‬
‫هدفه الحد من التدخل البشري في العمل اإلداري "نزع الصفة المادية"‪ ،‬وتم‬
‫التنصيص على هذه األلية في ميدان الصفقات العمومية‪ ،‬لما يعرفه هذا الميدان من‬
‫إغراءات تسيل لعاب الساهرين عليه‪ .‬ووعيا من المشرع بحساسية هذا األمر‪ ،‬جاء‬
‫قرار وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ ،161.03‬بمجموعة من المستجدات التي ترمي‬
‫إلى الحد من هذه اإلختالالت والتالعبات‪ ،‬وتكرس مبادئ الشفافية والحكامة‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل مجموعة من اإلجراء والتدابير التي نص عليها القرار األنف ذكره‪:‬‬

‫بوابة الصفقات العمومية‬

‫نصت المادة الثانية من القرار المذكور أعاله وضع مقتضى يضمن حق‬
‫الولوج المقاولين والموردين والخدماتيين أو ما سماهم " بالمكلفين باألعمال"‪ ،‬إلى‬
‫البوابة بواسطة منح اسم حساب وكلمة سر‪ .‬هذا الحساب يعتبر بمثابة بطاقة تعريفية‬
‫ال تستعمل إال من طرف المقاول فقط وبصفة شخصية‪ ،‬يتم إنشاء هذا الحساب من‬
‫طرف الخزينة العامة للمملكة‪ .‬يهدف هذا المقتضى إلى حماية المتعاقد مع اإلدارة‬
‫وضمان حقوقه عبر مجموعة من األمور التي تتيحها هذه البوابة من قبيل ضبط‬
‫تواريخ اإلرسال إلكترونيا تفاديا لمشاكل فوات األجال وكذا لتقديم التظلمات‬
‫والطعون؛ حماية األظرفة من عملية القرصنة والتشفير؛ القطع مع عملية التجسس‬
‫على األظرفة المرسلة من قبل المكلفين باألعمال؛ التأكد من كون الشروط‬
‫الموضوعة في البوابة تسري على الجميع بدون خصوصيات تفضيلية؛ باإلضافة‬
‫إلى إمكانية تتبع جميع مراحل إبرام هذا العقد اإلداري المتعلق بالصفقة على هذه‬
‫البوابة‪.‬‬

‫إذن تعتبر هذه البوابة مدخال فريدا للصفقات العمومية تمكن من ضمان حرية‬
‫الولوج للطلبيات العمومية‪ ،‬والمساواة في التعامل مع المتنافسين‪ ،‬إضافة الى تعزيز‬

‫‪ -1‬قرار سبق ذكره‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫التنافسية بين المقاوالت‪ ،‬كما أنها تشكل فضاء موحدا لكل المكلفين باألعمال‪،‬‬
‫والمقاوالت الراغبة في المشاركة في صفقات الدولة‪ ،‬بحيث تمنحهم كذلك إمكانية‬
‫الوصول بسرعة إلى الخدمات التي يحتاجونها والمعلومات التي يريدونها‪ ،‬متفادين‬
‫التأخيرات الطويلة والمحبطة التي تحدث غالبا في اإلدارة العمومية‪.1‬‬

‫مسطرة المناقصة اإللكترونية‪:‬‬

‫تلجا اإلدارة الى هذه التقنية بخصوص صفقات التوريدات الجارية المتعلقة‬
‫بشراء المنتجات الموجودة في السوق والغير مطلوب فيها مواصفات خاصة‪ ،2‬من‬
‫أجل اختيار أحسن العروض المقدمة بطريقة إلكترونية‪ ،‬بحيث يكون أمام المتنافسين‬
‫فرصة مراجعة األثمان المقترحة من طرفهم طيلة سريان زمن المناقصة‪ .‬ويبين‬
‫صاحب المشروع مجموعة من البيانات المتعلقة بموضوع المناقصة (المادة ‪ 02‬من‬
‫قرار ‪ ،)61.03‬باإلضافة إلى تحديد ثمن بدء المناقصة وكذا عتبة التناقص (المبلغ‬
‫األدنى واألقصى لمراجعة العروض بالتخفيض‪.‬‬

‫بعد ذلك تجتمع اللجنة المختصة بإجراء المناقصة اإللكترونية‪ ،‬وتقوم بفحص‬
‫األظرفة ومن خاللها إقصاء المتنافسين الغير المستوفين للشروط ( مع ضرورة‬
‫اخبارهم بسبب اإلقصاء وبطريقة إلكترونية وبشكل فردي) محررة في ذلك محضر‬
‫اجتماع‪ .3‬هذا باإلضافة الى ابالغ جميع المتنافسين المقبولين للتناقص بتاريخ‬
‫المناقصة بيومين على األقل قبل بدأ المناقصة‪ .‬وفي حالة حصول صعوبات تقنية‬
‫مرتبطة ببوابة الصفقات العمومية‪ ،‬وحالت دون السير العادي للمناقصة أوقفت اللجنة‬
‫المناقصة لمدة ‪ 33‬ساعة‪ ،‬مع عدم جواز اإلفصاح عن هوية المتنافسين‪.‬‬

‫في المرحلة األخيرة‪ ،‬تستدعي اللجنة المتنافس المناقص الذي قدم العرض‬
‫األقل ثمن وتطلب منه تقديم الوثائق المنصوص عليها في المادة ‪( 65‬الفقرة ‪-6‬أ)‬

‫‪ -1‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬الحك ومة اإللكترونية في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية المعاصرة‪،‬‬
‫دار ومؤسسة أرسالن للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬سوريا‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،0101‬ص ‪.06‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 09‬من القرار ‪ ،01.01‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 01‬من القرار ‪ ،01.01‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫من مرسوم ‪ 6104‬المتعلق بالصفقات العمومية‪ .‬لتعلن بعد فحص وتمحيص الوثائق‬
‫نائل الصفقة‪ ،‬ليتم ابرام العقد بينه وبين صاحب المشروع على أساس ملف في شكل‬
‫ورقي يتضمن مجموعة من الوثائق‪.1‬‬

‫هذه اإلجراءات التي تبناها المشرع المغربي‪ ،‬ستمكن ال محالة من الـتأسيس‬


‫لقواعد المساواة والحرية في الولوج للطلبيات العمومية ‪ ،‬كما ستضمن للمتنافسين‬
‫حقوقهم‪ ،‬زد على ذلك تعزيز حركية وسرعة مساطر ابرام الصفقات العمومية مع‬
‫التقليص ما أمكن من التدخل البشري في عملية اإلبرام‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة اإللكترونية كألية تقنية لتخليق اإلدارة العمومية‬

‫تهدف الرقابة اإللكترونية إلى تجاوز الرقابة التقليدية المنصبة على الوثائق‬
‫ومراجعتها والتدقيق فيها بغية تحديد اإلختالالت واإلنحرافات في العمل اإلداري‪.‬‬
‫وتوظف الرقابة اإللكترونية تقنيات المعلوميات بأشكالها المختلفة والحديثة‪ ،‬من قبيل‬
‫الحاسوب األلي الذي يربط الوحدات التنظيمية التنفيذية مع األجهزة الرقابية في‬
‫التشكيالت التي تعمل على رقابتها لتسهيل الحصول على البيانات والمعلومات بجودة‬
‫ودقة عالية وبأسرع وقت ممكن وبأقل تكلفة‪.2‬‬

‫ويبقى التحول من العمل الرقابي التقليدي اليدوي إلى العمل اإللكتروني هو‬
‫أسلوب متطور في تنفيذ المهام الرقابية‪ ،‬إذ يبقى على عاتق المشرع والجهات‬
‫المسؤولة على تدبير الشأن العام البدء في تطبيق هذا النظام‪ ،‬وذلك لضمان نجاح‬
‫هذا األسلوب وتعميمه على المستويات اإلدارية الدنيا‪ ،‬كما يجب عليها التعريف بهذا‬
‫النظام ووضع بطاقات تقنية تحدد من خاللها طريقة اإلشتغال ونطاق التطبيق لتحقيق‬
‫الهدف الذي وضع من اجله‪.‬‬

‫كما أن الرقابة اإللكترونية ستشكل ال محالة ألية فعالة للرقابة اإلستباقية‪ ،‬أي‬
‫أنها ستحد من التدخل البشري في أطوار إبرام العقود من جهة‪ ،‬وتوجه مستخدم األلة‬

‫‪ -1‬راجع المادة ‪ 10‬من القرار ‪ ،01.01‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد الناصر حيدر علي العمري‪ ،‬دور اإلدارة اإللكترونية في تخليق الحياة العامة ومكافحة‬
‫الفساد اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.011 .‬‬

‫‪133‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫الى الخطوات الصحيحة والسديدة نحو تحقيق الغاية من العقد وخصوصا ما تعلق‬
‫منها بالصفقات التي لها حموالت مالية‪ .‬كما أن جميع الخطوات التي تم اجتيازها‬
‫تبقى مسجلة ويسهل الرجوع اليها متى اقتضى األمر ذلك‪ ،‬كما أن أي خطوة تكون‬
‫تحت أنظار المراقبة التقنية لألجهزة المتطورة في هذا الشأن‪ ،‬بحيث أن التعامل‬
‫حينما يكون إلكترونيا يصعب التفاوض فيه أو إستعمال الحيلة أو التدليس فيه‪.‬‬

‫باإلضافة الى ما تم ذكره‪ ،‬فالمعامالت اإللكترونية تجنب اإلتصال المباشر‬


‫واإلحتكاك مع موظفي اإلدارات العمومية‪ ،‬األمر الذي يحد من وقوع المساومات‬
‫ووضع العراقيل التي قد تدفع بالمقاول‪/‬أو المرتفق إلى دفع إتاوات وهدايا عينية أو‬
‫نقدية لتحقيق ماربه وحاجاته‪.‬‬

‫إن السعي نحو تعزيز الرقابة اإللكترونية في مجال إبرام العقود اإلدارية‪،‬‬
‫يقتضي بلورة توجهات ومقاربات تتوخى العمل بأليات وقائية ترسم مالمح سياسة‬
‫متكاملة للحد من التدخل البشري في مجال إبرام العقود اإلدارية‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫اإلعتماد على تكنولوجا المعلومات واالتصال‪ ،‬حيث تقوم على التفاعل اإلفتراضي‬
‫عبر مختلف شبكات اإلتصال‪ ،‬كما تعتمد على اإلستخدام األمثل واألنسب لمتخلف‬
‫البرمجيات والمعدات‪ ،‬باإلعتماد على الموارد البشرية العالية الكفاءة والمهارة‪.‬‬

‫في هذا الصدد يستوجب على الدولة أن تعد برامج للتكوين المستمر‪ ،‬تستهدف‬
‫من خالله الموظفين الذين سوف تناط بهم مهمة استعمال األجهزة التكنولوجيا‪ ،‬عبر‬
‫تحديد حاجياتهم التكوينية مسبقا والعمل على صياغتها في شكل دورات تكوينية‪ .‬كما‬
‫يجب أن ال تغيب عملية التتبع والمواكبة بعد انتهاء الدورات التكوينية‪ ،‬لتستخلص‬
‫النتائج وتقف على مدى نجاح برامجها التكوينية‪.‬‬

‫هذا دون أن نغفل اعتماد مجموعة من المعايير األخالقية في هذا المجال‪،‬‬


‫والتي تمكن من محاربة الفساد‪ ،‬على غرار تكريس قيم المساواة والشفافية‪ ،‬وتجنب‬

‫‪134‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫تضارب المصالح‪ ،‬باإلضافة إلى الحرص على تضمين أسس العدالة ومبادئها على‬
‫تكافؤ الفرص أمام الطلب العمومي‪.1‬‬

‫خاتمة‬
‫تبقى المعامالت اإللكترونية تتميز بكونها نمط جديد في ابرام العقود‬
‫اإلدارية‪ ،‬من خالل نزع الصبغة المادية عنها‪ ،‬و قد حددت اهداف التبادل اإللكتروني‬
‫ضمن هذا البرنامج في تخفيض المصاريف اإلدارية‪ ،‬والتقليل من الجهد المبذول في‬
‫التعامل مع الوثائق والمستندات‪ ،‬اضافة إلى نقل المعلومات بشكل اسرع‪.‬‬

‫إلى أن هذه الدعامات اإللكترونية تعتمد على شبكة مفتوحة للجميع األمر‬
‫الذي يزيد من احتمال تعرضها للقرصنة و التحايل واإلستالء‪ ،‬هذا ما فرض على‬
‫المشرع الوطني ايجاد وسائل تقنية حديثة تضمن الحماية اإللزامية لهذه المعامالت‪.‬‬

‫كما يتوجب الربط بين النظام اإللكتروني وبين البيئة التي سيطبق فيها‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل العمل على استخدام اللغة العربية في مختلف المكونات الرقمية‬
‫والمعلوماتية‪ ،‬حتى ال نسقط في مشكل الجهل بمحتوى ما تقدمه اإلدارة من خدمات‬
‫عبر لغة غير العربية‪.‬‬

‫هذا ويبقى على اإلدارات العمومية التزود الكافي بأجهزة الكمبيوتر والربط‬
‫بشبكات األنترنيت‪ ،‬ودعوة شركات االتصاالت إلى خفض تسعيرة الربط‪ .‬كما أن‬
‫الحكومة مطالبة بتقديم برامج دقيقة تسعى من خاللها إلى التعريف بهذا المشروع‬
‫عبر تخصيص وصالت إشهارية‪ ،‬وتقديم برامج توعوية وتكوينية ‪ ،‬باإلضافة الى‬
‫اإلنفتاح على الجامعات وبالخصوص التخصصات التقنية والقانونية‪.‬‬

‫مالءمة التشريعات الوطنية بما يخدم التأسيس لهذا المشروع‪ ،‬والسماح‬


‫للوحدات الترابية الالمركزية بإستخدامه وتقديم مقترحات بشأنه‪ .‬ألنه نظام جديد‬
‫يستحق المزيد من الدراسات والتجارب‪ .‬هذا باإلضافة إلى إعمال معايير الحكامة‬

‫‪ -1‬فؤاد الفتوحي‪ ،‬منظومة الرقابة في مجال الصفقات العمومية دراسة قانونية وقضائية‪ ،‬مطبعة‬
‫البيضاوي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،0101‬ص‪.715.‬‬

‫‪135‬‬
‫عدد مزدوج الجزء األول ‪ 02/91‬يناير ‪0200‬‬ ‫مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‬

‫الرقمية اإللكترونية عبر تشجيع حكامة المواطن في مسار اتخاد القرار‪ ،‬وتحميل‬
‫اإلدارة المسؤولية القانونية واألخالقية في تصرفاتها القانونية ومدى جودة خدماتها‬
‫المقدمة للمرتفق والمقاول‪.‬‬

‫‪136‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like