You are on page 1of 12

‫درا�سـات‬

‫ﺻﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻓﻰ ﻇﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫(((‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔالتنظيمية‬
‫القوانين‬ ‫ﻟﻺﺩﺍﺭﺓ ظل‬
‫ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ‬ ‫الترابية في‬
‫الجماعاتﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪�:‬صفقات‬
‫ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻮﻋﺸﻴﻖ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ذ‪ .‬عبد الرحيم �أ�ضاوي‬
‫ﺃﺿﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫�أ�ستاذ زائر بالكلية المتعددة التخ�ص�صات‪ ،‬بني مالل‬
‫المجلة المغربية للحكامة القانونية والق�ضائية‬
‫مديرﻉ‪137‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2017‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫تخت��ار ك��ل دولة من ال��دول �أ�سلوبها في التنظيم الإداري بم��ا يتوافق وظروفه��ا االقت�صادية واالجتماعية‬
‫ﺩﺟﻨﺒﺮ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫وال�سيا�سي��ة‪ .‬فتلج���أ في بداية ن�ش�أتها �إلى تبني �أ�سلوب التنظيم المركزي‪ ،‬باعتباره ي�ساعد الكثير من هذه الدول‬
‫‪183 - 193‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫على �ضمان وحدة �إقليمها‪ ،‬غير �أنه في ظل التغييرات ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية‪� ،‬أ�صبحت هذه الدول‬
‫‪870902‬‬
‫برامجها وم�شاريعها المركزية (((‪ ،‬مما فر�ض عليها توزيع اخت�صا�صاتها مع‬ ‫‪:MD‬على النجاح في تنفيذ‬ ‫ﺭﻗﻢق��ادرة‬
‫غي��ر‬
‫التوزيع لجوء هذه الأخيرة �إلى �آلية ال�صفقات العمومية‪ .‬والتي يق�صد‬
‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﺑﺤﻮﺙهذا‬
‫الترابي��ة (((‪ ،‬ومن نتائج‬
‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬‫الجماع��ات‬
‫ﻧﻮﻉ‬
‫م�شروع من جهة و�شخ�ص ذاتي �أو اعتباري من جهة �أخرى‪ ،‬يدعى مقاوال ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬بين �صاحب‬
‫‪EcoLink‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪبعو�ض‪ ،‬تبرم‬‫بها عقود‬
‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬خدماتيا وتهدف �إلى تنفيذ �أ�شغال �أو ت�سليم توريدات �أو القيام بخدمات‪.‬‬
‫ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺻﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ‬
‫�أو موردا �أو‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬
‫والتي نظمها مركز‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬هذه المقالة مداخلة بندوة‪« :‬الجهوية المتقدمة‪� :‬أي فاعلين لأية موارد اجتماعية واقت�صادية؟»‪،‬‬
‫‪https://search.mandumah.com/Record/870902‬‬ ‫((( �أ�صل‬
‫تكامل للدرا�سات والأبحاث والمركز الجامعي قلعة ال�سراغنة وم�ؤ�س�سة هان�س �سايدل‪ ،‬بقاعة الندوات بمنتزه المربوح قلعة‬
‫ال�سراغنة‪ ،‬بتاريخ ‪ 12‬و‪� 13‬أبريل ‪.2017‬‬
‫((( �سميرة جيادي‪ ،‬الحكامة الجيدة وتدبير ال�ش�أن العام المحلي‪� ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة موالي‬
‫�إ�سماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية مكنا�س‪ ،‬ال�سنة الجامعية ‪� ،2014-2013‬ص‪.1 .‬‬
‫((( لقد ا�ستعمل �أهل اللغة كلمة «التراب»‪ ،‬والترباء للداللة على الأر�ض نف�سها‪ ،‬وفي اال�صطالح يق�صد به‪ ،‬الم�ساحة من‬
‫الأر�ض التي يعي�ش عليها مجموعة من النا�س‪ ،‬وفي المعنى االقت�صادي‪ ،‬ي�أخذ معنى التراب؛ العمل على توزيع الأن�شطة‬
‫االقت�صادية وفق مخطط جهوي‪ .‬و�إذا كان ‪ Bertrand Badie‬قد ت�ساءل عن �إمكانية الحديث عن نهاية للمقاربة الترابية‪ ،‬ف�إن‬
‫التجربة القانونية الفرن�سية ما زالت مت�شبثة بالمفهوم الترابي في توزيع الإمكانات والكفاءات والموارد‪ ،‬وقد ا�ستعمل‬
‫الم�شرع المغربي مفهوم الجماعات الترابية بدل الجماعات المحلية‪ ،‬بد�ستور ‪ ،2011‬فهذا يحتمل �أن يكون الم�شرع‬
‫المغربي قد �أخذ بمفهوم التنمية الترابية والمجالية‪ ،‬واعتبار المرجعية الترابية كقاعدة لفهم وا�ستيعاب الق�ضايا المحلية‪ ،‬كما‬
‫«الترابي» يتقاطع مع مفهوم الالمركزية‪� .‬صالح الن�شاط‪ ،‬التدبير المالي الترابي‬ ‫�أن مفهوم «المحلي» يحيل على القرب‪ ،‬بينما‬
‫© ‪ 2020‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫واالقت�صادية‬ ‫القانونية‬ ‫العلوم‬ ‫كلية‬ ‫أول‪،‬‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫الح�سن‬ ‫جامعة‬ ‫الترابية‪،‬‬ ‫بالجماعات‬
‫ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫المالية‬ ‫االختالفات‬ ‫ومعالجة‬
‫ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ‬ ‫الحكامةﻣﺘﺎﺣﺔ‬
‫بالمغرب ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫ﻫﺬﻩ‬
‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ و‪.10‬‬
‫‪� ،2013‬ص‪9 .‬‬ ‫الجامعية ‪-2012‬‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬ ‫ال�سنة ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬ ‫واالجتماعيةﺃﻭ�سطات‪،‬‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ‬ ‫ﺗﺤﻤﻴﻞ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫درا�سـات‬

‫(((‬ ‫�صفقات الجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية‬


‫ذ‪ .‬عبد الرحيم �أ�ضاوي‬
‫�أ�ستاذ زائر بالكلية المتعددة التخ�ص�صات‪ ،‬بني مالل‬
‫مدير المجلة المغربية للحكامة القانونية والق�ضائية‬

‫تخت��ار ك��ل دولة من ال��دول �أ�سلوبها في التنظيم الإداري بم��ا يتوافق وظروفه��ا االقت�صادية واالجتماعية‬
‫وال�سيا�سي��ة‪ .‬فتلج���أ في بداية ن�ش�أتها �إلى تبني �أ�سلوب التنظيم المركزي‪ ،‬باعتباره ي�ساعد الكثير من هذه الدول‬
‫على �ضمان وحدة �إقليمها‪ ،‬غير �أنه في ظل التغييرات ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية‪� ،‬أ�صبحت هذه الدول‬
‫غي��ر ق��ادرة على النجاح في تنفيذ برامجها وم�شاريعها المركزية (((‪ ،‬مما فر�ض عليها توزيع اخت�صا�صاتها مع‬
‫الجماع��ات الترابي��ة (((‪ ،‬ومن نتائج هذا التوزيع لجوء هذه الأخيرة �إلى �آلية ال�صفقات العمومية‪ .‬والتي يق�صد‬
‫بها عقود بعو�ض‪ ،‬تبرم بين �صاحب م�شروع من جهة و�شخ�ص ذاتي �أو اعتباري من جهة �أخرى‪ ،‬يدعى مقاوال ‬
‫�أو موردا �أو خدماتيا وتهدف �إلى تنفيذ �أ�شغال �أو ت�سليم توريدات �أو القيام بخدمات‪.‬‬

‫((( �أ�صل هذه المقالة مداخلة بندوة‪« :‬الجهوية المتقدمة‪� :‬أي فاعلين لأية موارد اجتماعية واقت�صادية؟»‪ ،‬والتي نظمها مركز‬
‫تكامل للدرا�سات والأبحاث والمركز الجامعي قلعة ال�سراغنة وم�ؤ�س�سة هان�س �سايدل‪ ،‬بقاعة الندوات بمنتزه المربوح قلعة‬
‫ال�سراغنة‪ ،‬بتاريخ ‪ 12‬و‪� 13‬أبريل ‪.2017‬‬
‫((( �سميرة جيادي‪ ،‬الحكامة الجيدة وتدبير ال�ش�أن العام المحلي‪� ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة موالي‬
‫�إ�سماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية مكنا�س‪ ،‬ال�سنة الجامعية ‪� ،2014-2013‬ص‪.1 .‬‬
‫((( لقد ا�ستعمل �أهل اللغة كلمة «التراب»‪ ،‬والترباء للداللة على الأر�ض نف�سها‪ ،‬وفي اال�صطالح يق�صد به‪ ،‬الم�ساحة من‬
‫الأر�ض التي يعي�ش عليها مجموعة من النا�س‪ ،‬وفي المعنى االقت�صادي‪ ،‬ي�أخذ معنى التراب؛ العمل على توزيع الأن�شطة‬
‫االقت�صادية وفق مخطط جهوي‪ .‬و�إذا كان ‪ Bertrand Badie‬قد ت�ساءل عن �إمكانية الحديث عن نهاية للمقاربة الترابية‪ ،‬ف�إن‬
‫التجربة القانونية الفرن�سية ما زالت مت�شبثة بالمفهوم الترابي في توزيع الإمكانات والكفاءات والموارد‪ ،‬وقد ا�ستعمل‬
‫الم�شرع المغربي مفهوم الجماعات الترابية بدل الجماعات المحلية‪ ،‬بد�ستور ‪ ،2011‬فهذا يحتمل �أن يكون الم�شرع‬
‫المغربي قد �أخذ بمفهوم التنمية الترابية والمجالية‪ ،‬واعتبار المرجعية الترابية كقاعدة لفهم وا�ستيعاب الق�ضايا المحلية‪ ،‬كما‬
‫�أن مفهوم «المحلي» يحيل على القرب‪ ،‬بينما «الترابي» يتقاطع مع مفهوم الالمركزية‪� .‬صالح الن�شاط‪ ،‬التدبير المالي الترابي‬
‫بالمغرب الحكامة ومعالجة االختالفات المالية بالجماعات الترابية‪ ،‬جامعة الح�سن الأول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية �سطات‪ ،‬ال�سنة الجامعية ‪� ،2013-2012‬ص‪ 9 .‬و‪.10‬‬
‫عبد الرحيم �أ�ضاوي‬ ‫‪184‬‬

‫وتخ�ض��ع �صفق��ات الجماع��ات الترابية ح�س��ب المادة الثانية م��ن مر�سوم ال�صفق��ات العمومية‪ ،‬لهذا‬
‫الأخير (((‪ ،‬وذلك في انتظار دخول القانون التنظيمي المحدد للنظام المالي للجهات والجماعات الترابية‬
‫الأخرى المن�صو�ص عليه في الف�صل ‪ 146‬من الد�ستور والن�صو�ص المتخذة لتطبيقه حيز التنفيذ‪.‬‬
‫وف��ي هذا الإطار �صدرت ث�لاث قوانين تنظيمية (((‪ ،‬جاءت بمجموعة من الم�ستجدات (((‪ ،‬من قبيل‬
‫انتق��ال اخت�صا�ص الم�صادقة على �صفقات الجماعات الترابية من �سلطة الو�صاية �إلى ر�ؤ�ساءها‪ ،‬كما �أ�صبح‬
‫ك��ل من ر�ؤ�ساء مجال���س الجهات‪ ،‬وكذا ر�ؤ�س��اء مجال�س العم��االت والأقاليم‪� ،‬آمري��ن بال�صرف بالن�سبة‬
‫لجماعته��م الترابية على غرار ر�ؤ�س��اء الجماعات (((‪ ،‬هذا بالإ�ضافة �إلى مجموع��ة من الم�ستجدات التي‬
‫م�ست المراقبة على �صفقات الجماعات الترابية‪.‬‬
‫وه��و ما يجعلنا نت�ساءل‪ ،‬هل يمك��ن الحديث عن حكامة �صفقات الجماعات الترابية في ظل القوانين‬
‫التنظيمية؟‬
‫لمقاربة هذا المو�ضوع �سيتم تق�سيمه وفق الت�صميم التالي‪:‬‬
‫– المحور الأول‪ :‬الوافد الجديد في مجال �صفقات الجماعات الترابية ومطلب الحكامة؛‬
‫– المحور الثاني‪ :‬المراقبة والتدقيق ك�آليتين لعقلنة �صفقات الجماعات الترابية‪.‬‬

‫المحور الأول‬
‫الوافد الجديد في مجال �صفقات الجماعات الترابية ومطلب الحكامة‬
‫لق��د عرفت م�ؤ�س�سة رئي���س المجل�س الجماعي تطورات هامة على م��ر مختلف التجارب الجماعية‪،‬‬
‫تجلت في احتكاره لأغلب ال�سلطات التي جعلته بمثابة الم�س�ؤول الأول وقطب الرحى في الحياة اليومية‬
‫داخل الحدود الترابية‪ ،‬و�إذا كان المغرب قد قطع �أ�شواط كبيرة في جعل هذه الم�ؤ�س�سة تطلع بهذه المهام‪،‬‬

‫((( مر�سوم رقم ‪� 2.12.349‬صادر في ‪ 8‬جمادى الأولى ‪ 20( 1434‬مار�س ‪ )2013‬يتعلق بال�صفقات العمومية‪ ،‬ال�صادر بالجريدة‬
‫الر�سمية عدد ‪ 6140‬ال�صادرة بتاريخ ‪ 23‬جمادى الأولى ‪� 4( 1434‬أبريل ‪� ،)2013‬ص‪.3023 .‬‬
‫((( ظهير �شريف رقم ‪� 1.15.83‬صادر في ‪ 20‬من رم�ضان ‪ 7( 1436‬يوليو ‪ ،)2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪111.14‬‬
‫المتعلق بالجهات‪ .‬والظهير ال�شريف رقم ‪� 1.15.84‬صادر في ‪ 20‬من رم�ضان ‪ 7( 1436‬يوليو ‪ ،)2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت والأقاليم‪ .‬والظهير ال�شريف رقم ‪� 1.15.85‬صادر في ‪ 20‬من رم�ضان ‪ 7( 1436‬يوليو ‪،)2015‬‬
‫بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪ .‬وقد �صدرت هذه الظهائر بالجريدة الر�سمية عدد ‪،6380‬‬
‫‪� 6‬شوال ‪ 23( 1436‬يوليو ‪ ،)2015‬على التوالي الأول �ص‪ ،6585 .‬الثاني �ص‪ ،6625 .‬والأخير المتعلق بالجماعات �ص‪.6660 .‬‬
‫((( للإطالع على الأ�سباب التي كانت وراء �صدور هذه القوانين التنظيمية و�أهميتها وخ�صائ�صها‪� ،‬أنظر عبد الكريم‬
‫جالم‪�« ،‬أهمية وخ�صائ�ص القوانين التنظيمية للجماعات الترابية»‪ ،‬المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪،128‬‬
‫ماي‪-‬يونيو ‪.2016‬‬
‫((( ن�صت المادة ‪ 283‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات على �أنه‪« :‬تحل عبارة “الجماعة” محل “الجماعة الح�ضرية”‬
‫و“الجماعة القروية” في الن�صو�ص ال�صادرة قبل دخول هذا القانون التنظيمي حيز التطبيق»‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫‪185‬‬ ‫�صفقات الجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية‬

‫ف�إن��ه بالمقابل لم يك�سب الرهان كله في جع��ل الجماعات الترابية الخلية الأولى في تحقيق التنمية‪ ،‬حيث‬
‫�أبان��ت الط��رق التقليدية للت�سيير عن ق�صورها في بلوغ �أهداف التنمية المن�شودة‪ ،‬وهو ما �أدى �إلى �ضرورة‬
‫�إع��ادة النظر ف��ي احتكار ال�سلطة المركزية لتدبي��ر ال�ش�أن العام المحلي‪ ،‬وفي ه��ذا الإطار جاءت القوانين‬
‫التنظيمي��ة الم�شار �إليها �أعاله‪ ،‬ونقلت لر�ؤ�ساء الجماعات الترابية اخت�صا�ص الم�صادقة على ال�صفقات التي‬
‫يبرمونها (ثانيا)‪ ،‬وكذا اخت�صا�ص «الأمر بال�صرف» بالن�سبة لميزانيات جماعاتهم الترابية (�أوال)‪.‬‬

‫�أوال‪ :‬الآمرين بال�صرف للجماعات الترابية‬


‫الآم��ر بال�صرف ه��و ال�شخ�ص الم�ؤهل ليق��وم با�سم الجماع��ة الترابية �أو مجموعتها بر�ص��د �أو �إثبات‬
‫الدخول وااللتزام بالنفقات وت�صفيتها و�إ�صدار الأمر ب�أدائها �أو ا�ستخال�صها (((‪.‬‬
‫لق��د �أ�سن��دت القواني��ن التنظيمية الخا�ص��ة بالجماع��ات الترابية اخت�صا���ص الأمر بال�ص��رف بالن�سبة‬
‫لميزانيات الجماعات الترابية لر�ؤ�ساء مجال�سها ((( وفق الكيفيات التالية‪:‬‬
‫تتمث��ل ه��ذه المهمة �أ�سا�سا في تنفيذ بنود الميزانية في �شقيه��ا المتعلقين بالمداخيل والنفقات‪ .‬وتتركز‬
‫مهم��ة الآم��ر بال�صرف ح�صريا بين يدي الرئي�س ال��ذي يمكنه �أن يفو�ض‪ ،‬تح��ت م�س�ؤوليته ومراقبته‪� ،‬إلى‬
‫المدير العام للم�صالح �أو مدير الم�صالح (‪ ((1‬الإم�ضاء‪ ،‬نيابة عنه (‪ ،((1‬على الوثائق المتعلقة بقب�ض مداخيل‬
‫الجماع��ة الترابي��ة و�صرف نفقاتها‪ .‬ويتعين �أن يبقى دور الآم��ر بال�صرف منح�صرا في �إطار االخت�صا�صات‬

‫((( الم�صطفى معمر‪« ،‬نظام م�س�ؤولية الآمر بال�صرف في الإدارة المالية المحلية»‪ ،‬المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫عدد ‪ ،114‬يناير‪-‬فبراير ‪� ،2014‬ص‪.24 .‬‬
‫((( �أنظر المادة ‪ 101‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬المادة من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت والأقاليم‪،‬‬
‫‪95‬‬
‫والمادة ‪ 94‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫(‪ ((1‬لقد حلت بموجب القوانين التنظيمية‪ ،‬م�ؤ�س�سة المدير العام للم�صالح �أو مدير الم�صالح ‪ -‬بح�سب الحال ‪ -‬محل الكاتب‬
‫العام بالجماعات‪ ،‬و�أحدثت م�ؤ�س�سة المدير العام للم�صالح بالن�سبة للجهات ومجال�س العماالت والأقاليم‪.‬‬
‫يعد المدير العام للم�صالح �أو مدير الم�صالح ع�ضوا �إلزاميا بلجنة طلب العرو�ض �أو المباراة بموجب قرار وزير الداخلية‬
‫رقم ‪ 3( 218‬نونبر ‪ )2015‬الذي يق�ضي بتحديد كيفيات ت�أليف لجان طلب العرو�ض المفتوح �أو طلب العرو�ض المحدود �أو‬
‫باالنتقاء الم�سبق وكذا لجنة المباراة الخا�صة بالجماعات الترابية‪.‬‬
‫(‪ ((1‬يجوز لرئي�س المجل�س‪ ،‬تحت م�س�ؤوليته ومراقبته‪� ،‬أن يفو�ض �إم�ضاءه بقرار �إلى نوابه با�ستثناء الت�سيير الإداري والأمر‬
‫بال�صرف‪.‬‬
‫ويجوز له �أي�ضا �أن يفو�ض لنوابه بقرار بع�ض �صالحياته �شريطة �أن ينح�صر التفوي�ض في قطاع محدد لكل نائب‪.‬‬
‫‪ -‬كما يجوز لرئي�س المجل�س‪ ،‬تحت م�س�ؤوليته ومراقبته‪� ،‬أن يفو�ض �إم�ضاءه بقرار في مجال التدبير الإداري للمدير العام‬
‫للم�صالح �أو مدير الم�صالح ح�سب الحالة‪ ،‬كما يجوز له‪ ،‬باقتراح من المدير العام للم�صالح �أو المدير‪� ،‬أن يفو�ض بقرار �إم�ضاءه‬
‫�إلى ر�ؤ�ساء �أق�سام وم�صالح �إدارة الجماعة الترابية المعنية‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن للرئي�س �أي�ضا‪� ،‬أن ي�سند‪ ،‬تحت م�س�ؤوليته ومراقبته‪� ،‬إلى المدير العام للم�صالح �أو مدير الم�صالح ح�سب الحالة تفوي�ضا‬
‫في الإم�ضاء‪ ،‬نيابة عنه‪ ،‬على الوثائق المتعلقة بقب�ض مداخيل الجهة و�صرف نفقاتها‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫عبد الرحيم �أ�ضاوي‬ ‫‪186‬‬

‫الموكول��ة �إلي��ه بموجب القان��ون‪ ،‬والتي تتمثل بالأ�سا�س ف��ي تنفيذ مقررات المجل���س المتعلقة بالجانب‬
‫المالي‪.‬‬
‫لق��د خول اخت�صا�ص «الأمر بال�صرف» بالن�سبة لر�ؤ�ساء الجهات ومجال�س العماالت والأقاليم‪ ،‬رئا�سة‬
‫لجن��ة فتح الأظ��رف وذلك طبقا لقرار وزير الداخلية رقم ‪ 218‬ال�صادر ف��ي ‪ 03‬نونبر ‪ .2015‬كما �أ�صبح من‬
‫اخت�صا�صهم؛ �إبرام �صفقات جماعاتهم الترابية (‪.((1‬‬
‫وفي �إطار حكامة �صفقات الجماعات الترابية‪ ،‬ن�صت القوانين التنظيمية الخا�صة بالجهات‪ ،‬العماالت‬
‫والأقالي��م والجماع��ات‪ ،‬عل��ى التوالي المادة ‪ ،68‬الم��ادة ‪ 66‬والمادة ‪ ،65‬يمنع على ك��ل ع�ضو من �أع�ضاء‬
‫المجل���س الجماع��ي‪� ،‬أن يربط م�صالح خا�ص��ة مع الجماعة الترابية �أو مجموع��ات الجهات �أو العماالت‬
‫�أو الأقالي��م �أو الجماعات ح�سب الحالة‪� ،‬أو مع مجموع��ة الجماعات الترابية التي تكون الجماعة الترابية‬
‫الت��ي ينتم��ي �إليها ع�ضوا فيه‪� ،‬أو مع الم�ؤ�س�سات العمومية �أو مع �شركات التنمية التابعة لها‪� ،‬أو �أن يبرم معها‬
‫�صفقات الأ�شغال �أو التوريدات �أو الخدمات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الم�صادقة على �صفقات الجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية‬


‫تم��ر �صفقات الجماعات الترابية بعدة مراحل‪� ،‬أهمها مرحلة الم�صادقة على ال�صفقة التي تعد المرحلة‬
‫الفا�صل��ة بي��ن الإبرام والتنفي��ذ‪ ،‬والم�صادقة هي �إف�صاح ال�سلط��ة المخت�صة عن نيتها في �إتم��ام التعاقد مع‬
‫م��ن ر�ست عليه ال�صفق��ة‪ ،‬لهذا �أولى لها الم�شرع المغربي �أهمية خا�صة م��ن خالل المادة ‪ 152‬من مر�سوم‬
‫ال�صفق��ات العمومي��ة ال�صادر �سنة ‪ .2013‬فال تعتبر �صفقات الأ�شغ��ال �أو التوريدات �أو الخدمات �صحيحة‬
‫ونهائي��ة �إال بع��د الم�صادقة عليها من طرف ال�سلطة المخت�صة‪ ،‬ويجب �أن تتم الم�صادقة قبل �أي �شروع في‬
‫تنفي��ذ الأعم��ال مو�ضوع ال�صفقات المذكورة با�ستثناء الحالة المقررة في البند (ب) من المادة ‪( 87‬خا�صة‬
‫بالن�سبة للأعمال الم�ستعجلة) (‪.((1‬‬
‫لق��د كان��ت الم�صادقة على �صفق��ات الجماعات الترابية تت��م من قبل �سلطة مختلفة ع��ن ال�سلطة التي‬
‫�أبرمته��ا (�سلط��ة الو�صاية)‪� .‬إذ ن�ص الف�صل ‪ 144‬من مر�سوم ال�صفقات العمومي��ة ال�صادر �سنة ‪ 2013‬على �أنه‬
‫�سيح��دد وزي��ر الداخلية بقرار؛ ال�سلط��ات الم�ؤهلة للم�صادقة على �صفقات الجماع��ات الترابية‪ .‬وبالفعل‬
‫�صدر هذا القرار‪ ،‬و�أعطى اخت�صا�ص الم�صادقة ل�سلطة الو�صاية (‪.((1‬‬

‫(‪� ((1‬أنظر المادة ‪ 105‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬المادة ‪ 99‬من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت والأقاليم‪،‬‬
‫والمادة ‪ 98‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫(‪ ((1‬عبد الرحيم �أ�ضاوي‪« ،‬الم�صادقة على �صفقات الجماعات الترابية وق�ضاء الإلغاء»‪ ،‬مجلة الق�ضاء الإداري‪ ،‬العدد ‪،7‬‬
‫�صيف‪-‬خريف ‪� ،2015‬ص‪.73 .‬‬
‫(‪ ((1‬قرار لوزير الداخلية رقم ‪ 361.0.13‬ال�صادر بالجريدة الر�سمية عدد ‪ ،6214‬بتاريخ ‪� 15‬صفر ‪ ،1435‬الموافق لـ ‪ 19‬دجنبر ‪،2013‬‬
‫�ص‪.7762 .‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫‪187‬‬ ‫�صفقات الجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية‬

‫�إال �أن تطبي��ق مقت�ضي��ات القرار رقم ‪ 361.0.13‬كان ب�شك��ل م�ؤقت‪ ،‬في انتظار دخول القانون التنظيمي‬
‫المح��دد للنظ��ام المال��ي للجهات والجماع��ات الترابي��ة الأخرى المن�صو���ص عليه في الف�ص��ل ‪ 146‬من‬
‫د�ستور ‪ 2011‬والن�صو�ص المتخذة لتطبيقه حيز التنفيذ (‪.((1‬‬
‫ف��ي هذا الإطار �ص��درت القوانين التنظيمية المتعلق��ة بالجماعات الترابية التي �سبق��ت الإ�شارة �إليها‪.‬‬
‫خول��ت لر�ؤ�س��اء هذه الأخيرة اخت�صا�ص الم�صادق��ة على ال�صفقات التي يبرمونه��ا‪ ،‬ون�صت بنف�س العبارة‬
‫عل��ى �أن��ه‪« :‬ي�ص��ادق رئي�س المجل���س �أو من يفو�ض �إلي��ه ذلك على �صفق��ات الأ�شغ��ال �أو التوريدات �أو‬
‫الخدمات (‪».((1‬‬
‫يهدف هذا المقت�ضى �إلى �إقرار مرونة في الم�ساطر والإجراءات وتو�سيع هام�ش حرية ر�ؤ�ساء الجماعات‬
‫الترابي��ة‪ ،‬وجع��ل م�س�ؤوليتهم �أو�سع في تدبير �ش�ؤون جماعاته��م الترابية دون االختباء وراء �سلطة الو�صاية‪.‬‬
‫والحد من كلفة الرقابة القبلية وتعوي�ضها بمراقبة تتوخى دعم الإنجازات والفعالية والمرونة (‪.((1‬‬
‫تج��در الإ�ش��ارة‪� ،‬إلى �أنه وخالفا لما كان عليه الأمر �سابقا من خ�لال مقت�ضيات المادة ‪ 28‬من الميثاق‬
‫الجماع��ي ل��ـ ‪� 3‬أكتوبر ‪ ،2002‬والمادة ‪ 29‬من القانون المنظم للعماالت والأقاليم ال�صادر في نف�س التاريخ‪،‬‬
‫م��ن ا�شتراط م�ستوى نهاي��ة الدرو�س االبتدائية لتول��ي مهمة رئي�س المجل�س الجماع��ي �أو رئي�س مجل�سي‬
‫العمال��ة �أو الإقليم‪ ،‬ل��م ي�شترط الم�شرع المغربي من خالل القوانين التنظيمية الثالث الخا�صة بالجماعات‬
‫الترابية �أي م�ستوى ثقافي �أو تعليمي للتر�شح‪� ،‬سواء لع�ضوية �أو لرئا�سة مجال�س الجماعات الترابية‪ .‬ويرجع‬
‫�سب��ب التراجع‪ ،‬ح�س��ب وزارة الداخلية التي �أعدت م�شاريع هذه القواني��ن التنظيمية‪� ،‬إلى �ضرورة احترام‬
‫المقت�ضيات الد�ستورية‪ ،‬وال�سيما ما ن�ص عليه الف�صل ‪( 30‬الفقرة الأولى)‪« :‬لكل مواطنة ومواطن الحق في‬
‫الت�صويت‪ ،‬وفي التر�شح لالنتخابات‪� ،‬شرط بلوغ �سن الر�شد القانونية والتمتع بالحقوق المدنية وال�سيا�سية‪.‬‬
‫وين���ص القانون عل��ى مقت�ضيات من �ش�أنها ت�شجيع تكاف�ؤ الفر�ص بي��ن الن�ساء والرجال في ولوج الوظائف‬
‫االنتخابي��ة‪ ».‬وذل��ك خالفا لما كان ين�ص عليه الد�ستور المراجع ل�سنة ‪ ،1996‬الذي اقت�صر من خالل ف�صله‬
‫الثامن (الفقرة الأخيرة)‪ ،‬بالتن�صي�ص على حق كل مواطن ذكرا �أو �أنثى في �أن يكون ناخبا‪.‬‬
‫�إن �أول مالحظة يمكن �إثارتها‪ ،‬هي �أنه �إذا كانت الوظائف ال�سيا�سية للمنتخب قد ال تطرح في حاالت‬
‫معينة ومحدودة جدا‪� ،‬أي م�شكل �إذا كان المنتخب ال يتوفر على �أي م�ستوى تعليمي �أو ثقافي‪ ،‬ف�إن التدبير‬
‫الإداري لل�ش�ؤون العامة المحلية �أو الوطنية يتطلب‪ ،‬ال محالة‪ ،‬التوفر على ر�صيد مهم من المعارف العامة‬
‫التقني��ة والقانوني��ة بالإ�ضافة �إلى الت�أهيل ال�سيا�سي‪ .‬لذل��ك‪ ،‬وعلى �ضوء ما �سبق ذكره‪ ،‬كيف يمكن االرتقاء‬

‫(‪ ((1‬المادة ‪ 2‬من مر�سوم ال�صفقات العمومية‪.‬‬


‫(‪ ((1‬المادة ‪ 106‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬المادة ‪ 100‬من القانون التنظيمي الخا�ص بالعماالت والأقاليم‪،‬‬
‫والمادة ‪ 99‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫(‪ ((1‬عبد الرحيم �أ�ضاوي‪« ،‬الم�صادقة على �صفقات الجماعات الترابية وق�ضاء الإلغاء»‪ ،‬مجلة الق�ضاء الإداري‪ ،‬م‪�.‬س‪،.‬‬
‫�ص‪.75 .‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫عبد الرحيم �أ�ضاوي‬ ‫‪188‬‬

‫بالجماع��ات الترابية م��ن و�ضعية الت�سيير �إلى و�ضعية التدبير وتحقيق حكام��ة �سيا�سية و�إدارية كما �شددت‬
‫على ذلك القوانين التنظيمية الثالث الم�شار �إليها �أعاله و�أملته المادة ‪ 146‬من د�ستور ‪� ،2011‬إذا كان رئي�س ‬
‫الجماعة ال يتوفر على �أي م�ستوى تعليمي؟ هذا مع العلم ب�أن ر�ؤ�ساء الجماعات الترابية يتحملون لوحدهم‬
‫كافة الم�س�ؤوليات التنفيذية المنوطة بوحداتهم الترابية ويجمعون بين التقرير والتدبير‪ ،‬حيث تبقى الإدارة‪،‬‬
‫ال�سيم��ا بالجماع��ات‪ ،‬ذات وجود هالمي فح�سب‪ ،‬وال تتوفر بعد على �أي هيكل تنظيمي �أو اخت�صا�صات‬
‫وا�ضحة و�أ�صيلة‪ .‬في حين تظل المهام التي يمكن �أن ينه�ض بها نواب الرئي�س تمار�س فقط �إذا جاد عليهم‬
‫هذا الأخير بتفوي�ض توقيعه �أو تفوي�ض بع�ض �صالحياته والتي ي�ستثنى منها الت�سيير الإداري والمالي‪ .‬كيف‬
‫يمك��ن �أن توك��ل للمنتخب المحلي م�س�ؤولية التدبير في ظل غياب �شرط الم�ستوى التعليمي وفي وقت لم‬
‫ي�صل الحقل ال�سيا�سي بعد �إلى م�ستوى الت�أهيل (‪((1‬؟‬
‫�أ�ض��ف �إل��ى ذلك‪ ،‬فمن �أجل تو�سيع طرق �إيداع �أظرفة المتناف�سي��ن و�سحبها وفتح العرو�ض وتقييمها‪،‬‬
‫وم��ن �أجل تنويع و�سائل تبادل المعلوم��ات بين الإدارة والمتناف�سين‪� ،‬أعطى قرار ‪ 20.14‬من خالل المادة ‪4‬‬
‫من ف�صله الأول للإدارة والمتناف�سين الحق في �إبرام ال�صفقات العمومية بطريقة الكترونية‪ ،‬والتي تهم جميع‬
‫ال�صفقات (�أ�شغال – توريدات – خدمات)‪ ،‬وفي المادة ‪ 15‬من ف�صله الثالث �سمح للإدارة ب�إمكانية اللجوء‬
‫�إل��ى المناق�صة الإلكترونية والتي تخ�ص �صفقات التوريدات الجارية فقط‪ .‬فهل لر�ؤ�ساء الجماعات الترابية‬
‫– باعتبارهم ر�ؤ�ساء للجنة طلب العرو�ض �أو المباراة – القدرة على ا�ستيعاب هذه الطريقة (‪((1‬؟‬
‫ت�أ�سي�سا على ما �سبق‪ ،‬ف�إن رئي�س المجل�س الجماعي يعد المحور الأ�سا�سي للعمل الجماعي‪ ،‬وال�شخ�ص ‬
‫الرئي�س��ي ف��ي هيكل النظ��ام الجماعي‪ ،‬والم�س�ؤول عن ت�سيي��ر �ش�ؤون جماعته الترابي��ة في ظل مقت�ضيات‬
‫قانوني��ة جعلته ي�ستحوذ على معظم ال�سلطات االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬فهو الم�س�ؤول والمخطط والمقرر‬
‫في �ش�ؤونها وم�شاريعها وبرامجها والمنفذ لها‪ ،‬ولذلك ف�إن نجاح المجل�س الجماعي يرتبط �إلى حد كبير‬
‫بنجاح الرئي�س في مهامه‪ ،‬ونجاح الرئي�س في مهامه رهين بالإمكانيات الذاتية والب�شرية والمادية‪..‬المتاحة‬
‫له وللمجل�س ككل‪.‬‬

‫المحور الثاني‬
‫المراقبة والتدقيق ك�آليتين لعقلنة �صفقات الجماعات الترابية‬
‫لق��د �أولت القوانين التنظيمية اهتماما خا�صة للمراقب��ة الإدارية‪ ،‬لكونها ت�شكل تح�صينا لعمل مجال�س ‬
‫الجماع��ات الترابية من �أي ان��زالق �أو انحراف عن الم�سار ال�صحيح للديمقراطي��ة المحلية التي ت�ستدعي‬

‫(‪� ((1‬سعيد بـجـو‪�« ،‬أ�ضواء نقدية حول طريقة انتخاب مكاتب الجماعات الترابية»‪ ،‬المجلة المغربية للحكامة القانونية‬
‫والق�ضائية‪ ،‬العدد الأول ‪� ،2016‬ص‪.164-163 .‬‬
‫(‪ ((1‬عبد الرحيم �أ�ضاوي‪« ،‬قراءة في القرار رقم ‪ 20.14‬المتعلق بتجريد م�ساطر �إبرام ال�صفقات العمومية من ال�صفة المادية»‪،‬‬
‫المجلة المغربية للحكامة القانونية والق�ضائية‪ ،‬العدد الأول‪� ،2016 ،‬ص‪.197 .‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫‪189‬‬ ‫�صفقات الجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية‬

‫توفي��ر ال�ضواب��ط والأخالقيات‪ ،‬وان�سجاما مع مب��د أ� التدبير الحر المن�صو�ص عليه ف��ي الد�ستور‪ .‬هكذا تم‬
‫ح��ذف مفه��وم الو�صاي��ة وتعوي�ضها بالمراقب��ة الإدارية (�أوال)‪ ،‬وتعزي��ز المراقبة البعدي��ة للق�ضاء الإداري‬
‫والمالي بالإ�ضافة �إلى عقلنة التدقيق(ثانيا)‪.‬‬

‫�أوال‪ :‬االنتقال من و�صاية المالءمة �إلى المراقبة الإدارية‬


‫�إن �إق��رار مب��د�أ التدبير الحر (‪ ((2‬في ت�سيير �ش�ؤون الجماع��ات الترابية (‪ ((2‬ال يعني منح الإدارة الترابية‬
‫اال�ستق�لال المطل��ق‪ ،‬ذل��ك �أن الف�صل ‪ 145‬م��ن الد�ستور �أكد عل��ى �أن الوالة والعمال يمار�س��ون المراقبة‬
‫الإداري��ة‪ ،‬وي�ساع��دون ر�ؤ�ساء الجماعات الترابية عل��ى تنفيذ المخططات والبرام��ج التنموية‪ ،‬وهذا يعني‬
‫االنتق��ال من و�صاي��ة المالءمة التي تبنتها قوانين الالمركزية‪ ،‬والتي تعط��ي ل�سلطة الو�صاية مجاال كبيرا في‬
‫مراقبة الجماعات الترابية‪� ،‬إلى المراقبة الإدارية‪.‬‬
‫وتنح�ص��ر المراقب��ة الإداري��ة على مالية الجماع��ات الترابية ف��ي مراقبة �شرعية المق��ررات والقرارات‬
‫المتخ��ذة واالقت�ص��ار‪ ،‬عند الت�أ�شيرة على الميزانية‪ ،‬على الت�أكد م��ن احترامها للقوانين والن�صو�ص الجاري‬
‫بها العمل وتوفرها على �شرط التوازن الحقيقي وت�ضمينها للنفقات الإجبارية‪.‬‬
‫�إال �أن المراقب��ة الإدارية التي ن�صت عليها القوانين التنظيمي��ة المتعلقة بالجماعات الترابية‪ ،‬والتي تقوم‬
‫به��ا �سلط��ة الو�صاية على �شرعية قرارات ر�ؤ�ساء المجال�س الجهوية ومقررات مجال�س الجهة وباقي ر�ؤ�ساء‬
‫الجماع��ات الترابي��ة الأخرى ومجال�سها‪ ،‬قد تفرغ كل الم�ستجدات من فحواها �إن ا�ستعملت ك�آلية لعرقلة‬
‫ه�ؤالء‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراقبة الق�ضائية والتدقيق‬


‫قبل التطرق �إلى التدقيق (ب) ي�ستح�سن بنا ت�سليط ال�ضوء �أوال على المراقبة الق�ضائية (�أ)‪.‬‬

‫(‪ ((2‬ن�صت القوانين التنظيمية على �أن تدبير الجماعات الترابية يرتكز على مبد�أ التدبير الحر‪( ،‬المادة ‪ 4‬من القانون التنظيمي‬
‫الخا�ص بالجهات‪ ،‬المادة ‪ 3‬من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت والأقاليم‪ ،‬المادة ‪ 3‬من القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجماعات)‪ .‬وخ�ص�صت هذه القوانين التنظيمية ق�سم خا�ص بـ «قواعد الحكامة المتعلقة بح�سن تطبيق مبد�أ التدبير الحر»‪،‬‬
‫وو�ضعت مجموعة من المقت�ضيات التي يتعين على المجل�س والرئي�س القيام بها‪ ،‬من �ضمنها اتخاذ الإجراءات الالزمة من‬
‫�أجل �ضمان احترام المقت�ضيات المنظمة لل�صفقات‪.‬‬
‫(‪ ((2‬ينبغي الإ�شارة �إلى �أن مبد�أ التدبير الحر للجماعات الترابية قد �سبق التن�صي�ص عليه بفرن�سا من خالل د�ستور ‪1946‬‬
‫(الف�صل ‪ ،)87‬ود�ستور الجمهورية الخام�سة ‪( 1958‬الف�صل ‪ 34‬والف�صل ‪ ،)72‬بعبارة مبد�أ حرية �إدارة الجماعات المحلية‪،‬‬
‫والذي منح للجماعات المحلية حرية �إدارة مجال�سها وفق ال�شروط المحددة في القانون‪ ،‬وقد كان الجتهادات الق�ضاء‬
‫الد�ستوري الفرن�سي �أهمية بارزة في و�ضع الأ�س�س الأولية والنظرية للمبد�أ‪ ،‬وكذا تحديد م�ضمونه وتو�ضيح مجاله و�ضمان‬
‫االلتزام بتطبيقه وحمايته من تدخل الم�شرع‪� ،‬أحمد بو�سيدي‪« ،‬التدبير الحر للجماعات الترابية»‪ ،‬المنبر القانوني‪،‬‬
‫عدد مزدوج ‪ 2‬و‪� ،3‬أبريل‪�/‬أكتوبر‪� ،2012 ،‬ص‪.197 .‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫عبد الرحيم �أ�ضاوي‬ ‫‪190‬‬

‫�أ – المراقبة الق�ضائية‬


‫ال ي�ستقيم تدبير الأموال العامة في �أي مجتمع‪ ،‬دون وجود رقابة فعالة على جني و�إنفاق هذه الأموال‪.‬‬
‫فقد كتب الفيل�سوف الفرن�سي �آالن (‪ )Alain‬في كتابه ال�سيا�سة �أن «الرقابة هي التي تجعل الفكر عادال ‬
‫ومتوازنا وكل �سلطة دون رقابة ت�ؤدي �إلى حماقة»‪.‬‬
‫وقبل��ه جاء في كتاب مونتي�سكيو (‪ )Montesquieu‬روح القوانين‪� ،‬أن مالك ال�سلطة‪ ،‬مهما كانت درجة‬
‫ت�شبع��ه بالمثل والقيم الديمقراطية‪ ،‬ف�إنه يميل ميال طبيعي��ا �إلى التع�سف والجور في ا�ستعمالها‪ ،‬وال يتوقف‬
‫�إال عند �شعوره بوجود �سلطة م�ضادة تقيده وتحد من تع�سفه وتراقب �أعماله‪.‬‬
‫ينطب��ق هذا على �سلط��ة تدبير المال العام؛ فال يمكن ت�صور ا�ستقام��ة ونجاعة تح�صيل و�إنفاق الأموال‬
‫العامة‪ ،‬دون وجود �سلطة م�ستقلة وفعالة توكل �إليها مهمة �إجراء رقابة على ذلك‪.‬‬
‫والمغ��رب‪ ،‬كغي��ره من ال��دول‪ ،‬تن�ص ت�شريعاته على مجموع��ة من الأنظمة الرقابية عل��ى المال العام‪،‬‬
‫تختلف باختالف الأجهزة المكلفة بها‪.‬‬
‫هك��ذا ال يمك��ن تحقيق تدبير جيد بدون تح�صين المال العام بالرقابة‪ ،‬وال يمكن الحديث عن حكامة‬
‫�صفقات الجماعات الترابية دون ا�ستح�ضار دور الق�ضاء المالي والإداري فيها‪.‬‬
‫فالرقابة المالية ممثلة بالمجال�س الجهوية للح�سابات‪ ،‬ت�شكل مكت�سبا تاريخيا لالمركزية والديمقراطية‬
‫المحلية‪ ،‬بعدما قام الم�شرع المغربي بالمركزية الرقابة العليا على الأموال العمومية‪ ،‬وقرب الق�ضاء المالي‬
‫جغرافي��ا من الأجهزة العمومية المحلية بعد تجربة محدودة للمجل���س الأعلى للح�سابات على الم�ستوى‬
‫المحل��ي‪ ،‬مقت�ضيا بذلك ببع�ض الت�شريعات المقارنة م��ن �ضمنها الت�شريع الفرن�سي الذي �أن�ش�أ غرفا جهوية‬
‫للح�ساب��ات بموجب القان��ون ‪ 2‬مار�س ‪ 1982‬المتعلق بحقوق وحريات الجماع��ات المحلية‪ ،‬الذي �أ�سند‬
‫لهذه الغرف اخت�صا�صات تتوزع بين مراقبة تدبير الجماعات المحلية وهيئاتها ومراقبة الميزانية ف�ضال عن‬
‫مراقبة الح�سابات (‪.((2‬‬
‫ف��ي هذا الإط��ار‪ ،‬ن�صت القوانين التنظيمية المتعل��ق بالجماعات الترابية على �أن��ه فيما يخ�ص المراقبة‬
‫المالي��ة البعدي��ة للجماعات الترابي��ة‪ ،‬ف�إنها تخ�ضع لمراقب��ة المجال�س الجهوية للح�ساب��ات طبقا للت�شريع‬
‫المتعلق بالمحاكم المالية (‪.((2‬‬
‫وم��ن الم�ستج��دات الهامة الت��ي �أتت بها القوانين التنظيمي��ة المتعلقة بالجماع��ات الترابية تفعيل دور‬
‫الق�ضاء الإداري وجعله يقوم بدور �أ�سا�سي لف�ض النزاعات بين الجماعات الترابية وباقي الم�ؤ�س�سات‪ ،‬وقد‬

‫(‪ ((2‬حنان القادري‪�« ،‬أي دور للق�ضاء المالي في تر�سيخ حكامة محلية؟»‪ ،‬مجلة المنارة للدرا�سات القانونية والإدارية‪،‬‬
‫العدد التا�سع ‪� ،2015‬ص‪.82 .‬‬
‫(‪� ((2‬أنظر القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات (المادة ‪ ،)224‬والعماالت والأقاليم (المادة ‪ ،)205‬والجماعات (المادة ‪.)214‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫‪191‬‬ ‫�صفقات الجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية‬

‫�أ�سن��د للق�ض��اء �سلطة عزل �أع�ضاء المجل�س والت�صريح ببطالن م��داوالت المجل�س ووقف تنفيذ المقررات‬
‫التي قد ت�شوبها عيوب قانونية‪.‬‬
‫وف��ي �إط��ار عقلنة منازعات �صفقات الجماعات الترابية‪ ،‬يعين بقرار لوزير الداخلية وكيل ق�ضائي لهذه‬
‫الأخيرة‪ ،‬يتولى تقديم الم�ساعدة القانونية لها‪ ،‬وي�ؤهل للترافع �أمام المحكمة المحال �إليها الأمر‪.‬‬
‫يج��ب �إدخال الوكيل الق�ضائي للجماعات الترابية‪ ،‬تحت طائلة عدم القبول‪ ،‬في جميع الدعاوى التي‬
‫ت�ستهدف مطالبة الجماعات الترابية ب�أداء دين �أو تعوي�ض‪ ،‬ويخول له بناء على ذلك‪� ،‬إمكانية مبا�شرة الدفاع‬
‫عن الجماعات الترابية في مختلف مراحل الدعوى‪.‬‬
‫ع�لاوة على ذلك‪ ،‬ي�ؤهل الوكيل الق�ضائي للجماع��ات الترابية للنيابة عن الجماعات الترابية في جميع‬
‫الدع��اوي الأخ��رى بتكلي��ف منها‪ ،‬ويمك��ن �أن تكون خدماته مو�ض��وع اتفاقيات بين��ه وبين الجماعات‬
‫الترابية (‪.((2‬‬
‫لك��ن ما يعاب على الرقابة التي تق��وم بها المجال�س الجهوية للح�سابات والمحاكم الإدارية‪� ،‬أن عالقة‬
‫التع��اون والتن�سي��ق بين القا�ض��ي المالي والقا�ض��ي الإداري‪ ،‬تتميز بالقطيع��ة وغياب التن�سي��ق‪� ،‬إذ �أ�صبح‬
‫بالإمك��ان اعتبار ظاهرة غي��اب التن�سيق‪� ،‬سيما �أ�سا�سية من �سمات عمل �أجهزة منظومة االفتحا�ص والرقابة‬
‫المالية‪-‬الإدارية‪-‬الق�ضائي��ة‪ ،‬وتب��رز هذه الظاهرة من خالل �ضعف الإطار القانون��ي الذي يعمل على �إيجاد‬
‫مجال للتعاون والتكامل وتبادل المعلومات بين مختلف الأجهزة االفتحا�صية والرقابية‪ .‬كما تتميز بتنوع‬
‫وتع��دد م�ستويات التداخل والتقاطع في ممار�س��ة االخت�صا�صات والمهام ما بين المحاكم المالية الجهوية‬
‫والمحاكم الإدارية‪.‬‬
‫لذلك بات من ال�ضروري والحتمي و�ضع و�إر�ساء �آليات للتعاون والتن�سيق ما بين النوعين من الأجهزة‬
‫المكلفة بحماية و�صيانة الأموال العمومية (‪.((2‬‬

‫ب – التدقيق ك�آلية لعقلنة �صفقات الجماعات الترابية‬


‫تخ�ضع العمليات المالية والمحا�سباتية طبقا للقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية لتدقيق �سنوي‪:‬‬
‫بالن�سبة للجهات ولمجال�س العماالت والأقاليم تنجزه ب�شكل م�شترك المفت�شية العامة للمالية والمفت�شية‬
‫العامة للإدارة الترابية؛ ويتم �إجراء هذا التدقيق في عين المكان وبناء على الوثائق المالية والمحا�سباتية‪.‬‬

‫(‪ ((2‬المادة ‪ 242‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬المادة ‪ 212‬من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت والأقاليم‪،‬‬
‫المادة ‪ 268‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫(‪ ((2‬ه�شام الح�سكة‪« ،‬المحاكم المالية الجهوية و�أنماط الم�ستويات العالقة بالمحيط الرقابي الق�ضائي المغربي»‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪� ،124‬شتنبر‪�-‬أكتوبر ‪� ،2015‬ص‪ 281 .‬و‪.282‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫عبد الرحيم �أ�ضاوي‬ ‫‪192‬‬

‫وبالن�سبة للجماعات يتم �إنجاز هذا التقرير �إما من طرف المفت�شية العامة للمالية �أو من طرف المفت�شية‬
‫العام��ة ل�ل�إدارة الترابية‪� ،‬أو ب�صفة م�شتركة بينهما‪� ،‬أو من قبل هيئة للتدقيق يتم انتداب �أحد �أع�ضائها وتحدد‬
‫�صالحيتها بقرار م�شترك لل�سلطة الحكومية المكلفة بالداخلية وال�سلطة الحكومية المكلفة بالمالية‪.‬‬
‫و�س��واء تعلق التدقي��ق بالجهة �أو باقي الجماعات الترابية الأخرى‪ ،‬ينجز له��ذه الغاية تقرير تبلغ ن�سخة‬
‫من��ه �إلى رئي�س مجل���س الجهة و�إلى والي الجهة و�إل��ى ال�سلطة الحكومية المكلف��ة بالداخلية هذا بالن�سبة‬
‫للجه��ات‪� ،‬أم��ا بالن�سبة لباقي الجماعات الترابية الأخرى فتبلغ ن�سخة من��ه �إلى رئي�س المجل�س و�إلى عامل‬
‫العمالة �أو الإقليم‪.‬‬
‫كما يبلغ هذا التقرير �سواء تعلق الأمر بالجهة �أو باقي الجماعات الترابية الأخرى �إلى المجل�س الجهوي‬
‫للح�سابات المعني‪ .‬ويتعين على رئي�س المجل�س تبليغ ن�سخة منه �إلى مجل�س الجماعة الترابية الذي يمكن‬
‫له التداول في �ش�أنه دون اتخاذ مقرر‪.‬‬
‫وتج��ب الإ�ش��ارة كذلك‪� ،‬إلى �أن��ه يمكن للجماعات الترابي��ة ودون الإخالل بالمقت�ضي��ات الت�شريعية‬
‫والتنظيمي��ة الجاري بها العمل في ميدان المراقبة‪� ،‬إخ�ضاع تدبير الجهة وباقي الجماعات الترابية الأخرى‬
‫والهيئ��ات التابع��ة لها �أو التي ت�ساهم فيها لعمليات الدقيق‪ ،‬بما في ذلك عمليات التدقيق المالي (‪ ،((2‬وقد‬
‫�أعطيت �إمكانية �إخ�ضاع الجماعة الترابية لهذا التدقيق‪:‬‬
‫– بالن�سبة للجهة‪ :‬للمجل�س �أو رئي�سه بعد �إخبار والي الجهة �أو بمبادرة هذا الأخير؛‬
‫– بالن�سبة لمجال�س العماالت والأقاليم‪ :‬للمجل�س �أو رئي�سه �أو عامل العمالة �أو الإقليم؛‬
‫– بالن�سب��ة للجماع��ات‪ :‬للمجل���س �أو رئي�سه بعد �إخبار عام��ل العمالة �أو الإقليم �أو م��ن ينوب عنه �أو‬
‫بمبادرة من هذا الأخير‪.‬‬
‫تتول��ى مهم��ة القيام به��ذا التدقيق الهيئات الم�ؤهل��ة قانونا لذلك‪ ،‬وتوجه وجوبا تقري��را �إلى الوالي �أو‬
‫العام��ل ح�سب الحال‪ ،‬بالإ�ضاف��ة �إلى ذلك توجه مجال�س العماالت والأقاليم هذا التقرير لرئي�س المجل�س ‬
‫الجهوي للح�سابات‪.‬‬
‫تبلغ ن�سخة من تقرير هذا التدقيق �إلى �أع�ضاء المجل�س المعني ورئي�سه‪.‬‬
‫ويجب على رئي�س المجل�س عر�ض تقارير التدقيق على المجل�س بمنا�سبة انعقاد الدورة الموالية لتاريخ‬
‫التو�صل بتقرير التدقيق (‪.((2‬‬

‫(‪ ((2‬يهتم التدقيق المالي كنوع من �أنواع التدقيق بمدى كون الم�ستندات المالية للمنظمة تعك�س ب�صدق ووفاء و�ضعيتها‬
‫المالية‪ ،‬وذلك في �إطار احترام المبادئ المحا�سبية والمالية المتعارف عليها‪ ،‬ويهدف المدقق المالي في �إطار تقريره �إما �إلى‬
‫قبول �أو رف�ض الك�شوف الح�سابية المعرو�ضة عليه من �أجل مراقبتها و�إعطاء ر�أيه الوا�ضح وال�صريح حول مدى م�صداقيتها‬
‫و�شفافيتها‪ .‬محمد �سكلى‪ ،‬التدبير المالي العمومي ومتطلبات الحكامة المالية‪� ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة محمد الخام�س‪�-‬أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ال�سنة الجامعية ‪� ،2012-2011‬ص‪.378 .‬‬
‫(‪ ((2‬المادة ‪ 248‬من القانون التنظيمي الخا�ص بالجهات‪ ،‬المادة ‪ 218‬من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت والأقاليم‪،‬‬
‫المادة ‪ 274‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬


‫‪193‬‬ ‫�صفقات الجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية‬

‫نافل��ة القول تج��در الإ�شارة �إلى �أن وزارة الداخلية‪ ،‬ا�ستنادا لتو�صي��ات مناظرات الجماعات المحلية‪،‬‬
‫و�إلى ما كانت ت�ستخل�صه من خالل �أعمال المراقبة قد هي�أت‪ ،‬بمنا�سبة الإعداد لمر�سوم ال�صفقات العمومية‬
‫ال�صادر في ‪ ،2013‬مر�سوما خا�صة بالجماعات الترابية‪ ،‬وكانت تفكر في �إحداث بوابة خا�صة بالجماعات‬
‫الترابي��ة نظ��را لخ�صو�صياتها من حيث �ضعف القدرة على التدبير‪ ،‬و�ضع��ف القدرة على الت�أطير‪ ،‬ومراعاة‬
‫لحج��م ميزاني��ات بع���ض الجماعات الترابي��ة وللم�ستوى التعليم��ي للمنتخبين المحليين‪ .‬غي��ر �أن معدي‬
‫مر�س��وم ‪ 2013‬المتعل��ق بال�صفق��ات العمومية ف�ضلوا – عل��ى الأقل وفي مرحلة انتقالي��ة – توحيد الأحكام‬
‫المنظم��ة لل�صفقات العمومية م��ع مراعاة خ�صو�صية الجهات وباقي الجماع��ات الترابية الأخرى‪ ،‬وذلك‬
‫بتخ�صي���ص ب��اب �ضمن هذا المر�سوم يتعلق ب�صفقات هذه الوحدات الترابية ويجيب عن الإ�شكاليات التي‬
‫�أفرزته��ا الممار�سة العملية للجماعات الترابية وال�صعوبات الت��ي واجهتها في ظل تطبيق المرا�سيم ال�سابقة‬
‫المنظمة لل�صفقات العمومية (‪.((2‬‬
‫ه��ذا بالإ�ضاف��ة �إلى تن�صي�ص المادة الثانية م��ن مر�سوم ال�صفقات العمومية الم�ش��ار �إليه �أعاله على �أنه‪:‬‬
‫«وب�صفة انتقالية وفي انتظار دخول القانون التنظيمي المحدد للنظام المالي للجهات والجماعات الترابية‬
‫الأخرى المن�صو�ص عليه في الف�صل ‪ 146‬من الد�ستور والن�صو�ص المتخذة لتطبيقه حيز التنفيذ‪ ،‬يحدد هذا‬
‫المر�س��وم �أي�ضا ال�ش��روط والأ�شكال التي تبرم وفقها �صفقات الأ�شغ��ال والتوريدات والخدمات لح�ساب‬
‫الجهات والعماالت والأقاليم والجماعات»‪.‬‬
‫وف��ي ه��ذا الإطار �صدرت ثالث قوانين تنظيمية مت�شابهة ف��ي �أغلب محتوياتها‪ ،‬بل تجد �أغلب المواد‬
‫تم نقلها حرفيا‪ ،‬وذلك بدل قانوني واحد كما ن�ص الف�صل ‪ 146‬من الد�ستور وت�أكيده بالمادة الثانية �أعاله‪.‬‬
‫كما قامت بالتن�صي�ص على بع�ض المقت�ضيات المنظمة ل�صفقات الجماعات الترابية ثم �أحالت هي بدورها‬
‫على منظومة ال�صفقات العمومية‪ ،‬هكذا فقد ن�صت‪ ...« :‬في �إطار احترام المبادئ التالية‪:‬‬
‫– حرية الولوج �إلى الطلبية العمومية؛‬
‫– الم�ساواة في التعامل مع المتناف�سين؛‬
‫– �ضمان حقوق المتناف�سين؛‬
‫– ال�شفافية في اختيارات �صاحب الم�شروع؛‬
‫– قواعد الحكامة الجيدة‪.‬‬
‫وتبرم ال�صفقات المذكورة وفق ال�شروط وال�شكليات المن�صو�ص عليها في الن�صو�ص التنظيمية المتعلقة‬
‫بال�صفقات العمومية (‪».((2‬‬

‫(‪ ((2‬محمد باهي‪ ،‬منازعات ال�صفقات العمومية للجماعات الترابية �أمام المحاكم الإدارية‪ ،‬الجزء الأول‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة الدار البي�ضاء‪ ،‬طبعة ‪� ،2015‬ص‪.12 .‬‬
‫(‪ ((2‬المادة ‪ 223‬من القانون التنظيمي الخا�ص بالجهات‪ ،‬المادة ‪ 201‬من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت والأقاليم‪،‬‬
‫المادة ‪ 210‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،137‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪2017‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like