Professional Documents
Culture Documents
الرقابة على الجماعات الترابية-1
الرقابة على الجماعات الترابية-1
Ministère de l’Education Nationale, de la وزارج انترتيح انىطىيح وانتكىيه انمهىي و انتعهيم
Formation Professionnelle, de انعاني و انثحث انعهمي
l’Enseignement Supérieur et de la
Recherche Scientifique جامعت سيدي محمد بن عبد هللا
كليت العلوم القانونيت واالقتصاديت واالجتماعيت-
Université Sidi Mohamed Ben Abdellah فــاس
Faculté des Sciences Juridiques Economiques
et Sociales-Fès
السنت الجامعيت
2020-2019
1
الممخص التنفيذي
أمام التحوالت الكبرى االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي ميزت السنوات األخيرة ،وامام
حجم التحديات والرهانات الجديدة التي يعرفها المغرب ،وجدت الدولة نفسها مدعوة ليس فقط لمتابعة
جهودها في مجال التنمية وتطوير التجهيزات األساسية ،1بل أيضا لمقيام بمهام أخرى ذات أهمية
خاصة وفي تشجيع وتقوية اإلدارة المحمية بشقيها المعنية في إطار الالتمركز " والمنتخبة في إطار
المركزية ،ولتحقيق التنمية الشمولية المستدامة والمنشودة أصبحت مراهنة أكثر من أي وقت مضى
بعدما أثبتت المقاربة المركزية فشمها وعدم قدرتها عمى تحقيق متطمبات التنمية الحقيقية ،دأبت
الدولة المغربية القيام بمجموعة من اإلصالحات المحمية وسن العديد من االستراتيجيات عمى جميع
األصعدة والمستويات اإلدارية ،االقتصادية ،السياسية ،االجتماعية و الثقافية لتجاوز هذا الفشل ومن
أهم هاته االصالحات تبني المغرب نظام الالمركزية اإلدارية ،فهذا النظام ليس جديد عمى المغرب فقد
أخد به منذ سنوات االستعمار وقذ عرف انمغرب في فترج ما قثم انحمايح وىع مه انالمركسيح انىاقعيح
حيث كان انتىظيم انسياسي نفترج ما قثم انحمايح يتميس تمركسيح مفىضح وانتي جسذها جهاز انمخسن
انمتمثم في انسهطان وانىزراء ،2كما يىثغي اإلشارج نكىن أن عهذ انحمايح كان نه انفضم في رسم اإلطار
انضروري وتمهيذ انطريق إلقامح ال مركسيح محهيح وفق األسس انحذيثح في مغرب ما تعذ االستقالل.3
إذن نظام الالمركزٌة االدارٌة مر بجملة من المراحل ابتدأت من ما قبل الحماٌة وصوال إلى الدستور
الحالً للمملكة وهو دستور ،4 3122الذي جاء بمجموعة من المستجدات فً تدبٌر الشأن المحلً،
بحٌث تم استبدال تسمٌة الجماعات المحلٌة بالجماعات الترابٌة ،إضافة إلى دسترة الجهوٌة المتقدمة،
1
علي السيد جاري :الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث ،دار المناهل للطبع والنشر ،الرباط ،4991 ،ص .41
2السعدي مزروع فاطمت "اإلدارة المحليت الالمركزيت بالمغرب" ،مطبعت النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ص.24 :
محمد بوجٌدة " :وصاٌة الدولة على الجماعات الحضرٌة والقروٌة بعد مٌثاق 30شتنبر "1976رسالة لنٌل دبلوم السلك العالً فً المدرسة
3
الوطنٌة لإلدارة ،سنة ،1985ص.19:
4
الظهٌر الشرٌف رقم ،1111191الصادر بتارٌخ ٌ 29ولٌوز ،2011الجرٌدة الرسمٌة عدد ،5964ص.3600:
2
وقد خصص الباب التاسع كامال من الوثٌقة الدستورٌة للتنظٌم الالمركزي ،بحٌث نجده قد نص فً
الفقرة األخٌرة من الفصل األول من الدستور على أنه " التنظٌم الترابً للملكة تنظٌم ال مركزي ٌقوم
على الجهوٌة المتقدمة" .كما نصت الفقرة االخٌرة من الفصل 246على أن " الجماعات الترابٌة
للملكة هً الجهات والعماالت واألقالٌم والجماعات".
من خالل كل هذا ٌنبٌن أن المغرب قد أرسى طٌلة هذه المدة الزمنٌة الممتدة من ستٌنٌات القرن
الماضً حتى ٌومنا هذا قواعد مؤسساتٌة وقانونٌة جعلت من تجربة الالمركزٌة فاعال رئٌسٌا فً
تحقٌق التنمٌة وعامال أساسٌا لتوسٌع دائرة المشاركة السٌاسٌة ،إن تطور هذه القوانٌن التً جاءت
لتؤسس لحكم محلً ٌقوم عللً التمثٌلٌة االنتخابٌة ،جعلت التجربة المغربٌة على مستوى الالمركزٌة
5
اإلدارٌة تعرف العدٌد من التحوالت.
والعلمٌة وذلك تبعا لألساس الفلسفً والفكري الذي بنٌت علٌه .فمصطلح الرقابة لغوٌا
ٌحٌل على المحافظة و االنتظار فالرقٌب هو الحافظ الذي ال ٌغٌب عنه شًء ٌرقبه أو
6
ٌحرسه.
وقد عرفت األستاذة ملٌكة الصاروخ على أن " الوصاٌة أو الرقابة االدارٌة على أنها
مجموعة من السلطات المحددة ،التً ٌخولها القانون لجهة معٌنة لإلشراف على أشخاص
7
وأعمال الهٌئات المحلٌة بقصد تحقٌق وحماٌة المصلحة العام".
الجماعات الترابٌة :تتألف الجماعات الترابٌة للمملكة من الجهات والعماالت واألقالٌم و
الجماعات ،وتحدث كل جماعة ترابٌة أخرى بمقتضى قانون ،وهً أشخاص اعتبارٌة
خاضعة للقانون العام ،كما تسٌر شؤونها بشكل دٌموقراطً .8وتتكون الجماعات الترابٌة
من 23جهة و 73إقلٌم و 24عمالة ،وتتكون الجماعات الترابٌة من 23جهة و 73إقلٌم
و 24عمالة ،باإلضافة ل 2614جماعة ،واستنادا للقوانٌن التنظٌمٌة المتعلقة بالجماعات
الجماعات الترابٌة فإن:
5
عبد اللطٌف بكور" :المٌثاق الجدٌد وآلٌات التدبٌر التشاركً للشأن المحلً" المجلة العربٌة للدراسات القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة العدد
الدولً ،20172ص.65 :
6
محمد بوجٌدة " :وصاٌة الدولة على الجماعات الحضرٌة والقروٌة" ،مرجع سابق ،ص.22-21:
7
ملٌكة صروخ " :القانون االداري دراسة مقارنة" الطبعة ،6الشركة المغربٌة لتوزٌع الكتاب الدار البٌضاء ،سنة ،2006:ي.94:
8
الفصل 135من دستور .2011
3
الجهة :هً جماعة ترابٌة خاضعة للقانون العام ،تتمتع بالشخصٌة االعتبارٌة واالستقالل
االداري والمالً ،وتشكل أحد مستوٌات التنظٌم الترابً للمملكة ،باعتباره تنظٌما ال مركزٌا
9
ٌقوم على الجهوٌة المتقدمة.
العمالة أو اإلقلٌم :العمالة أو اإلقلٌم جماعة ترابٌة خاضعة للقانون العام .تتمتع بالشخصٌة
10
االعتبارٌة واالستقالل االداري المالً ،وتشكل أحد مستوٌات التنظٌم الترابً للملكة.
الجماعة :تشكل الجماعة أحد مستوٌات التنظٌم الترابً للمملكة .وهً جماعة ترابٌة خاضعة
للقانون العام ،وتتمتع باالستقالل االداري والمالً.11
مشكلة الدراسة:
تنٌنً هذه الدراسة على مسألة أساسٌة تتعلق بالمراقبة التً تخضع لها الجماعات الترابٌة أثناء قٌامها
بالمهام المنوطة بها دستورٌا ،أو بمقتضى القوانٌن التنظٌمٌة للجماعات الترابٌة.
أهمٌة الدراسة:
الجانب األول :الوقوف عند النصوص القانونٌة والوسائل الوصائٌة المتوفرة لدى السلطات
المركزٌة ،والجهات التً تمارس هذه الرقابة على الجماعات الترابٌة.
الجانب الثانً :االهتمام المتزاٌد بأنظمة المرقابة على الجماعات الترابٌة لما لها من دور هام فً
حسن التدبٌر المالً واالداري للجماعات الترابٌة.
فرضٌة الدراسة:
-الرقابة التً تمارسها السلطة المركزٌة على الجماعات الترابٌة كفٌلة بضمان تحسٌن و نجاعة
أداء الجماعات الترابٌة.
منهجٌة البحث:
سنحاول معالجة موضوع الدراسة وفق التصمٌم اآلتً ،بحٌث نتطرق فً المحور األول إلى الرقابة
اإلدارٌة التً تمارسها السلطة المركزٌة على الجماعات الترابٌة ثم االنتقال لدراسة الرقابة السٌاسٌة
فً الحور الثانً على أن نخلص فً األخٌر للحدٌث عن الرقابة القضائٌة فً المحور الثالث.
9
المادة ،3من الظهٌر الشرٌف رقم 1115183الصادر بتارٌخ ٌ7ونٌو 2015بتنفٌذ القانون التنظٌمً رقم .111114
10
المادة ،2من الظهٌر الشرٌف رقم 1115184الصادر بتارٌخ ٌ7ونٌو 2015بتنفٌذ القانون التنظٌمً رقم .112114
11
المادة ،2من الظهٌر الشرٌف رقم 1115185الصادر بتارٌخ ٌ7ونٌو 2015بتنفٌذ القانون التنظٌمً رقم .113.1.
4
مقدمة:
الالمركزٌة الترابٌة كأسلوب للتنظٌم اإلداري هً ترك جزء من االختصاصات االدارٌة لهٌئات إدارٌة
تتمتع باالستقالل المالً واالداري و محدثة بموجب الدستور ،12وفً النظام المغربً نجد أن لهذا
النظام جدورا قبل االستقالل تجسد باألساس فً نظام الجماعة ،غٌر أن التجسٌد الحقٌق لنظام
الالمركزٌة الترابٌة بالمغرب ،بدأ مع سن المشرع المغربً لظهٌر ٌنظم التنظٌم الجماعً ،وقد تبنى
المغرب هذا النظام منذ السنوات األولى الستقالله ،13حٌث صدرت عدة نصوص قانونٌة نظمت سٌر
الجماعات المحلٌة ابتداء من سنة ،142:71وصوال لسنة 3126بصدور القوانٌن التنظٌمٌة للجماعات
الترابٌة المتعلقة بكل من الجهات والعماالت واألقالٌم والجماعات .15
ع رفت اإلدارة المغربٌة فً السنٌن األخٌرة ،تحوالت مهمة تطورت معها مهامها وظائفها ،وذلك
كانعكاس طبٌعً لتطور وظٌفة الدولة .ولما كان النشاط االداري ٌمتد لٌشمل أجزاء التراب الوطنً
كافة ،فإن اإلدارة المركزٌة ال ٌمكنها لوحدها ،مهما بلغت كفاءتها وإمكانٌتها اللوجٌستٌكٌة أن تضطلع
16
،خاصة بعد التطور الكبٌر الذي عرفته الجماعات بمهمة تأطٌر فعال لمختلف الجماعات الترابٌة
الترابٌة باإلضافة إلى حجم االختصاصات التً أصبحت منوطة بٌها ،بعد صدور دستور ،3122الذي
حدد أنواع الجماعات الترابٌة فً الجهات والتً أوالها الصدارة باإلضافة للعماالت واألقالٌم
والجماعات ،17فهاته االختصاصات حتا تكون دو فعالٌة كان البد من مراقبتها ،وقد عرفت الرقابة على
الجماعات الترابٌة تطورا مهما ،حٌث انتقل المغرب من الوصاٌة التقلٌدٌة التً كانت مفروضة على
الجماعات الترابٌة إلى تدخل الرقابة القضائٌة فً الوصاٌة اإلدارٌة ،محتذٌا فً ذلك بعدد من قوانٌن
الدول المتقدمة فً مجال التدبٌر الترابً ( القانون الفرنسً).
إذن الجماعات الترابٌة أثناء قٌامها بمهامها وصالحٌاتها ،تكون خاضعة لمراقبة السلطة المركزٌة
وذلك من خالل الرقابة االدارٌة (أوال)،ثم الرقابة السٌاسٌة (ثانٌا) ،بالضافة إلى الرقابة القضائٌة
(ثالثا).
12
عبد الواحد القرٌشً ":الالمركزٌة الترابٌة ومسار بناء دولة الحق والقانون" ،منشورات مجلة اضاءات فً الدراسات القانونٌة ،ص7
13
عبد الواحد القرٌشً ،مرجع سابق ،ص.7:
14
الظهٌر الشرٌف لرقم ،11591315بتارٌخ ٌ 23ونٌو ،1960المتعلق بتنظٌم المجالس الجماعة ،منشور بالجرٌد الرسمٌة عدد 2445بتارٌخ
ٌ 24ونٌو .1960
15
القوانٌن التنظٌمٌة للجماعات الترابٌة رقم 111114و 112114و.113114
16
عبد القادر هرهاري" :رقابة القضاء اإلداري على الجماعات الترابٌة" ،بحث لمٌل دبلوم الماستر ،السنة الجامعٌة ،2017/2016جامعة موالي
اسماعٌل ،ص.1:
17
الفصل 135من دستور 2011
5
المحور األول :المراقبة اإلدارٌة
نظم المشرع المغربً الرقابة اإلدارٌة فً القوانٌن التنظٌمٌة للجماعات الترابٌة ضمن المواد من 223
إلى 226من القانون التنظٌمً 222125المتعلق بالجهات ،والمواد من 21:إلى 227من القانون
التنظٌمً 223125المتعلق بالعماالت واألقالٌم ،أما بخصوص القانون التنظٌمً المنظم للجماعات رقم
224125فقدد خصص لهذه المراقبة المواد من 226إلى .229
باستقراء مقتضٌات هاته المواد من القوانٌن التنظٌمٌة للجماعات الترابٌة إضافة إلى الفصل 257من
الدستور ،نجد أن المشرع المغربً لم ٌكلف نفسه عناء إعطاء تعرٌف للرقابة اإلدارٌة بل حدد فقط
شروط ممارسة المراقبة اإلدارٌة وآلٌاتها وكذا مساطرها .كما أن هاته المواد المشار إلٌها سلفا ٌتضح
انها انصبت على مجال مطابقة القانون بالنسبة للقرارات التً ٌتخذها رئٌس المجلس فً إطار
السلطات المخولة له.
إن المراقبة على الجماعات الترابٌة كحق للدولة ،تتمثل فً تلك الرقابة الوصائٌة الممارسة على
الشؤون االدارٌة ،بهدف حماٌة الصالح العام والحفاظ على وحدة الدولة ،والتأكد من أن الجماعة
تحترم مجال اختصاصها ،18لذلك فالرقابة على الشؤون االدارٌة للجماعات الترابٌة تعد من األركان
األساسٌة التً تمٌز الالمركزٌة االدارٌة عن األسالٌب التنظٌمٌة األخرى ،فالوصاٌة ال تتعارض مع
االستقالل المالً واالداري للجماعات الترابٌة ،وال تستهدف عرقلة عمل المجالس المنتخبة ،بل هدفها
األساس المبدئً هو ترشٌد التدبٌر الترابً و تعزٌز مبدأ المشروعٌة ،أو على األقل ها ما ٌنبغً أن
تسعى إلٌه. 19
إن ممثل الدولة (والة الجهات وعمال العماالت واألقالٌم) بخصوص هاته المراقبةٌ ،كتفً فقط بمراقبة
مشروعٌة القرارات الصادرة عن الجماعات الترابٌة ومطابقتها للقانون وال ٌتمتع بسلطة المصادقة،
كما أنه ال ٌمكن له إلغاء قرارات أو مداوالت الجماعات الترابٌة ،فكل ما تخوله له هذه اآللٌة هو
إمكانٌة اللجوء إلى القاضً اإلداري من أجل البث فً القرارات المشكوك فً مشروعٌتها .20فهاته
الرقابة تشكل العمود الفقري للمراقبة االدارٌة ،وبموجب القانون 224125المتعلق بالجماعات تمارس
السلطة المحلٌة الممثلة فً عامل العمالة أو اإلقلٌم صالحٌات مهمة فً مٌدان المراقبة اإلدارٌة ،على
أعمال مجلس الجماعة ،هدفها الحٌلولة دون وقوع تلك األعمال فً حلة دون الشرعٌة ،وذلك حرصا
18
المراقبة االدارٌة على الجماعات الترابٌة ومطلب التنمٌة ،مرجع سابق ص .24
19
MOHAMMED EL YAAGOUBI : « décentralisation communal et tutelle de l’opportinuté : complémentaire ou
opposition » : publication REMALD, n18 janvier-mars, 1997,pp : 61-62
20
المراقبة اإلدارٌة على الجماعات الترابٌة و مطلب التنمٌة ،مرجع سابق ،ص.25 :
6
على التزام أعضاء مجلس الجماعة بأهداف المصلحة العامة .21فالمراقبة اإلدارٌة تشمل أٌضا المراقبة
على المٌزانٌة التً نظمتها المواد من 298إلى .29:
ٌعتبر نظام الالمركزٌة اختٌارا دٌموقراطٌا ،فإلى جانب كونه ٌسمح بمشاركة موسعة للمواطنٌن
فً تدبٌر شؤونهم المحلٌة فهو ٌرمً من حٌث أبعاده وفلسفته إلى إرساء قواعد الحكامة المحلٌة
كوسٌلة لتحقٌق التنمٌة الترابٌة ،وذلك من خالل إشراك الهٌئات المنتخبة فً األوراش والمشارٌع
الكبرى من خال إٌجاد أرضٌة تسمح بوجود نوع من الممارسة الرقابٌة السٌاسٌة الذاتٌة بالجماعات
المنتخبة.22
وتتمثل الرقابة السٌاسٌة على الجماعات الترابٌة فً الرقابة السٌاسٌة الذاتٌة على األشخاص(أوال) ،ثم
الرقابة السٌاسٌة على مالٌة الجماعات الترابٌة (ثانٌا).
ارتقى المشرع المغربً فً إطار الجهوٌة المتقدمة برؤساء المجالس المنتخبة إلى أجهزة تنفٌذٌة
للجهات والعماالت واألقالٌم ،23وهذا االمر الذي كرسته القوانٌن التنظٌمٌة للجماعات الترابٌة وبذلك
احتل الرؤساء بالجهات والعماالت واألقالٌم مكانة تضاهً موقع رؤساء الجماعات من حٌث تنفٌذ
مقررات المجلس ،ومن حٌث ممارسة بعض السلطات و االختصاصات ،24وال شك أن ها األمر سٌكون
لها انعكاسات اٌجابٌة على الرقابة السٌاسٌة المتبادلة بٌن الرؤساء كأجهزة تنفٌذٌة ،والمجالس
المنتخبة كأجهزة تداولٌة للجهات وللعماالت واألقالٌم .ومن األمور اإلٌجابٌة أٌضا التً جاءت فً هذا
الصدد هً مسألة انتخاب أعضاء المجالس بالنسبة للجها والجماعات باالقتراع العام المباشر ،25إال فً
26
،بحٌث ٌتم انتخاب أعضائها المقابل لم ٌأتً القانون التنظٌمً للعماالت واألقالٌم بنفس المقتضى
بطرٌقة أخرى غٌر مباشرة ولعلها تكون عن طرٌق االقتراع بالالئحة وبالتمثٌل النسبً على أساس
قاعدة أكبر بقٌة ،وهو األمر الذي سٌجعلها ال محالة دون المستوى المطلوب من حٌث الرقابة
السٌاسٌة الداخلٌة المتبادلة بٌن أجهزتها ومن حٌث مكانتها فً السلم الدٌموقراطً.27
21
المواد ،118 ،117والمواد من 265إلى 268من القانون .113114
22
المراقبة اإلدارٌة على الجماعات الترابٌة و مطلب التنمٌة ،مرجع سابق ،ص.47:
23
الفصل 138من دستور .2011
24
المادة 101من القانون ،111114والمادة 109من القانون .112114
25
المادة 9من القانون 111114و المادة 7من القانون .113114
26
المادة 8من القانون 111114
27
"المراقبة االدارٌة على الجماعات الترابٌة ومطلب التنمٌة" ،مرجع سابق ،ص.49 :
7
إال أنه ٌمكن القول أن المشرع المغربً قد أحسن صنعا عنما نص على أن رؤساء مجالس الجهات
ومجالس الجماعات الترابٌة االخرى ملتزمٌن بتنفٌذ مداوالت هه المجالس ومقرراتها ،28وهذا من
شأنه أن ٌقوي وٌشجع الرقابة السٌاسٌة على الجماعات الترابٌة.
تعد مالٌة الجماعات الترابٌة المجال األمثل لتعرف على السٌاسات التنموٌة الحقٌقٌة التً تقودها النخبة
المحلٌة المنتخبة ،كما تعد كٌفٌة تدبٌرها والقٌام بشؤونها فً المٌدان السٌاس هو األداة المثلى للوقوف
على مدى التزام المجالس المنتخبة بالقواعد و الضوابط المؤطرة للشؤون المالٌة المحلٌة.29
نصت القوانٌن التنظٌمٌة للجماعات الترابٌة على أن المٌزانٌة هً الوثٌقة التً ٌحق وٌأذن بموجبها
بالنسبة لكل سنة مالٌة ،مجموع موارد وتكالٌف الجماعات الترابٌة المعنٌة وتقدم المٌزانٌة بشكل
صادق مجموع مواردها وتكالٌفها التً ٌمكن أن تنتج عنها ،30وتعتبر عملٌة تحضٌر المٌزانٌة من
اختصاصات رئٌس مجلس الجماعة بالنسبة للجماعة سواء قروٌة أو حضرٌة ،و اآلمر بالصرف
بالنسبة للجهات والعماالت واألقالٌم ،فبعد االنتهاء من عملٌة تحضٌر المٌزانٌةٌ ،تولى اآلمر بالصرف
عرضها على اللجنة المختصة ،قصد دراستها وإبداء المالحظات بشأنها داخل أجل 21أٌام على األقل،
ولك قبل تارٌخ افتتاح الدورة المتعلقة بالمصادقة على المٌزانٌة من طرف المجلس ،31بالرجوع إلى
القوانٌن التنظٌمٌة المتعلقة بالجماعات الترابٌة فقد نص كل واحد منهم تحت عنوان المالٌة والجباٌات
واألمالك على أن ٌتداول مجلس الجماعة الترابٌة المعنٌة فً عدة قضاٌا و فً مقدمتهم المٌزانٌة.32
هاته الرقابة التً تمارسها المجالس المنتخبة ،تمكنهم بشكل مسبق باالطالع على المٌزانٌة ،كما تقدم
لهم الشروحات والتفسٌرات الالزمة ،التً تساعدهم على دراسة مشارٌع المٌزانٌة وفهم توجهاتها
ومختلف مكوناتها وأحكامها .بعد مرحلة التحضٌر االعداد تأتً مرحلة التصوٌت على المٌزانٌة من قبل
المجلس التداولً ،فإذا صوت المجلس لصالح المشروع أخدت المٌزانٌة طرٌقها للمصادقة علٌها أو
التأشٌر علٌها ،فإذا لم تتم الموافقة فً التارٌخ المحدد فإن ذلك ٌدعو الجتماع المجلس مرة أخري فً
دورة استثنائٌة داخل أجل ٌ 26وم ،وٌدرس المجلس االقتراحات المتعلقة بتعدٌل المٌزانٌة التً كان
سببا فً رفضها.33
28
الفصل 138من دستور .2011
29
المراقبة االدارٌة على الجماعات الترابٌة ومطلب التنمٌة ،مرجع سابق ،ص.51:
30
المادة 165من القانون 111114و المادة 144من القانون 112114و المادة 169من القانون .113114
31
المادة 16من القانون .45108
32
المادة 98من القانون 111114والمادة 93من القانون 112114والمادة 92من القانون .113114
33
المادة 17من القانون ، 111114والمادة 18من القانون ،112114والمادة 19من القانون .113114
8
إلى جانب ال رقابة السٌاسٌة التً تمارسها المجالس المنتخبة على تنفٌذ المٌزانٌة هناك ،هناك رقابة
أخرى تكون مواكبة لهذا التنفٌذ ،وٌتعلق األمر هنا بتعدٌل المٌزانٌة ،وهاته الرقابة نظمتها نصوص
القوانٌن المنظمة للجماعات الترابٌة ،والتً أتاحت اإلمكانٌة للمجالس المنتخبة لتعدٌل المٌزانٌة خالل
السنة الجارٌة بوضع مٌزانٌة معدلة وفقا للشكلٌات والشروط المتبعة فً إعداد المٌزانٌة والتأشٌر
34
علٌها.
إجماال تعتبر الرقابة السٌاسٌة على إعداد وتنفٌذ مٌزانٌة الجماعات الترابٌة من الناحٌة المبدئٌة،
35
وسٌلة حقٌقٌة لضبط العمل المالً المحلً سٌاسٌا و الحرص على سالمة إنفاقه
كما تجب اإلشارة إلى أن القوانٌن التنظٌمٌة للجماعات الترابٌة قد تجاهلت ،الرقابة السٌاسٌة البعدٌة
التً تمارسها المجالس المنتخبة على الحسابات اإلدارٌة فهذا الحساب كان ٌعتبر بمثابة فرصة
لمحاسبة رئٌس المجلس على تدبٌره المالً والجبائً طٌلة السنة المالٌة المختتمة ،فهذه القوانٌن
التنظٌمٌة ألغت بالمرة انعقاد هاته الجلسات على الحسابات اإلدارٌة لتحرر بذلك الرؤساء من المراقبة
36
والمحاسبة الداخلٌة من طرف المجالس المنتخبة
تعتبر الرقابة القضائٌة الضمانة األساسٌة لسٌادة القانون و الدفع نحو خلق الجماعة الترابٌة
المواطنة ،بل إن الرقابة القضائٌة بما ٌفترض فٌها من االستقاللٌة و الموضوعٌة ،هً من أكثر
المكونات الرقابٌة التً ٌمكن أن تجعل األفراد ٌتقون فً القانون ،و فً العالقات بٌنهم و بٌن الجماعات
بناء على أحكامه و سٌادته ،37كما تعتبر الرقابة القضائٌة على الجماعات الترابٌة أهم ضمانة الحترام
حقوق اإلنسان وحماٌة مصالح األفراد والجماعات فً الوقت نفسه ،فالرقابة القضائٌة بصفة عامة هً
مفتاح االلتزام سٌادة القانون.38
إن الرقابة القضائٌة على الجماعات الترابٌة بالمغرب من اختصاص كل من القضاء المالً و القضاء
االداري حٌث لكل منهما مجاله و إطاره الخاص ،وكذا ممٌزاته و خصائصه المتعلقة به التً ٌتسم و
ٌتمٌز بها عن غٌره .39والقضاء اإلداري باعتباره أحد المكونات األساسٌة لسلطة القضائٌة بالمغرب
إلى جانب القضاء العادي فهو ٌمارس المراقبة بقوة المبادئ العامة للقانون –إذا وجد مبدأ المنازعة –
34
المادة 214من القانون 111114والمادة 192من القانون 112114والمادة 218من القانون 113114
35
الرقابة االدارٌة على الجماعات الترابٌة ومطلب التنمٌة ،مرجع سابق ،ص .56
36
الرقابة االدارٌة على الجماعات الترابٌة ومطلب التنمٌة ،مرجع سابق ،ص .58
37
علً الحنودي " :األمن القانونً مفهومه وأبعاده " منشورات م،م،إ،م،ت ،العدد ٌ 96ناٌر-فبراٌر ،2011ص.31 :
38
حجٌبة الزٌتونً " :الجهة واالصالح الجهوي بالمغرب" مطبعة طوب بالرٌس الرباط ،منشورات السلسلة المغربٌة لبحوث اإلدارة واالقتصاد
والمال ،العدد ،3الطبعة األولى ،2011ص133:
39
الرقابة االدارٌة على الجماعات الترابٌة ومطلب التنمٌة ،مرجع سابق ص.26 :
9
وقد نص المشرع المغربً على رقابة القضاء االداري على بعض قرارات المجالس الجهوٌة ،40فهذا
المقتضى من شأنه أن ٌشكل ضمانة لحماٌة المشروعٌة والحقوق والحرٌات العامة والتً ٌمكن
للجماعة أن تضر بها.
إن رقابة القضاء االداري للجماعات الترابٌة تختلف عن باقً المراقبات األخرى ،بحكم أنها ال تتحرك
من تلقاء نفسها ،وإنما البد من وجود مبدأ المنازعة ،بحٌث ترفع دعوى المتضرر أمام المحكمة
اإلدارٌة المختصة التً تمارس لرقابتها على الجماعات الترابٌة المتنازع حولها ،وذلك لفحص مدى
مشروعٌته ،ومالئمته أومن إمكانٌة التعوٌض عنه.41
ففً إطار الجهوٌة الموسعة التً نهجها المشرع المغربً فً دستور ،3122فقد أنٌط بالقضاء
االداري اختصاصات البث فً النزاعات التً تثور بٌن السلطة المركزٌة من خالل ممثلٌها فً
الجماعات الترابٌة ،والمجالس المنتخبة فً إطار الرقابة على الجماعات الترابٌة .وذلك طبقا لمقتضٌات
القانون التنظٌمً المتعلق بالجهات رقم 222125الذي نص على أن " ٌختص القضاء وحده بعزل
أعضاء المجلس وكذلك التصرٌح ببطالن مداوالت مجلس الجهة ،وكذا إٌقاف تنفٌذ المقررات و
42
،ونفس المقتضى القرارات التً ٌشوبها عٌوب قانونٌةٌ ،...ختص القضاء وحده بحل المجلس "
تضمنه كل من القانون التنظٌمً للعماالت واألقالٌم ،43والقانون التنظٌمً المتعلق بالجماعات.44
هاته المعطٌات تشكل نقلة نوعٌة فً رقابة القضاء اإلداري على الجماعات الترابٌة ،إذ أصبح ٌختص
بإنزال العقوبات التأدٌبٌة على أعضاء المجالس المنتخبة ،وحل هاته المجالس أصبح أٌضا من
اختصاص المحاكم االدارٌة باإلضافة إلى لرقابة المشروعٌة ،وهذا ما ٌأكد رغبة المشرع المغربً فً
تقوٌة دور القضاء االداري فً تعزٌزي الجهوٌة المتقدمة والرقً بها وضمان المشروعٌة من خالل
تحقٌق التوازن بٌن ممثلً السلطة المركزٌة والمجالس المنتخبة.45
باإلضافة إلى الدور الهام الذي ٌؤدٌه القضاء اإلداري فً مجال الرقابة على تدبٌر الجماعات الترابٌة ،
ٌنبغً اإلشارة أٌضا إلى دور األجهزة الرقابٌة األخرى التً تكتسً أهمٌة بالغة ،مثل المجالس الجهوٌة
للحسابات والمفتشٌة العامة للمالٌة و المفتشٌة العامة لإلدارة الترابٌة .فالرقابة التً تمارسها
المجالس الجهوٌة للحسابات رقابة الحقة ،وهً قضائٌة وإدارٌة ،تتجلى فً الفحص والتحقق من
40
المادة 1182من القانون ،111114والمادة 106من القانون ،112114والمادة 119من القانون .113114
41
الرقابة االدارٌة على الجماعات الترابٌة ومطلب التنمٌة ،مرجع سابق ص.27:
42
المادة 66من القانون .111114
43
المادة 64من القانون .112114
44
المادة 63من القانون .113114
45
الرقابة االدارٌة على الجماعات الترابٌة ومطلب التنمٌة ،مرجع سابق ص.27:
10
العملٌات المالٌة للجماعات المحلٌة .كما تتولى وزارة الداخلٌة مهامها الرقابٌة على المالٌة المحلٌة
عامة وعلى تنفٌذ مٌزانٌتها خصوصا ،من خالل جهاز المفتشٌة العامة لإلدارة الترابٌة التً تناط بها
مهمة المراقبة والتحقق من التسٌٌر اإلداري والتقنً والمحاسبً للمصالح التابعة لوزارة الداخلٌة
والجماعات المحلٌة وهٌئاتها .أما وزارة المالٌة فتمارس سلطتها الرقابٌة على مالٌة الجماعات
الترابٌة من خالل جهاز المفتشٌة العامة للمالٌة.
11
استنتاجات
نخلص فً ختام دراستنا لموضوع المراقبة التً تخضع لها الجماعات الترابٌة ،إلى االستنتاجات
التالٌة:
المنتخبون المحلٌون ٌحسون إلى حد ما ،أنه ٌتم التعامل معهم خالل المراقبة كأنهم أطفاال
ٌرتكبون األخطاء ،ولهذا السبب فمن المستحب منحهم إمكانٌة طلب رأي المحكمة اإلدارٌة،46
والمحكمة الجهوٌة للحسابات قبل اتخاذ بعض القرارات المهمة جدا لحٌاة هذه الجماعات.
إن التجارب السابقة لالمركزٌة أبانت أن القضاء االداري المحلً ال ٌشكل مركز اهتمامات
المنتخبٌن المحلٌٌن ،فٌبدو أن المحاكم اإلدارٌة ال تخٌف المتدخلٌن المحلٌٌن .فالمتابعات
القضائٌة وتقارٌر المحاكم الجهوٌة للحسابات هً التً تثٌر أكثر ردود أفعالهم ،47أما القاضً
االداري ال ٌثٌر أي اهتمام وال أي قلق بفعل الطابع المجرد للتقٌٌمات المتعلقة بشرعٌة
القرارات اإلدارٌة وال شخصٌة المسؤولٌة االدارٌة.
وأخٌرا ال ٌجب أن نغفل أن المراقبة التً تمارس على الجماعات الترابٌة هً مراقبة على
أعمال منتخبٌن محلٌٌن ،ولٌس موظفٌن أو أعوان عمومٌٌن مندرجٌن فً السلم اإلداري أو فً
مسار مهنً بل منتخبٌن باالقتراع العام المباشر.48
46
محمد الٌعكوبً ":الجماعات المحلٌة بٌن الرقابة القضائٌة والتنمٌة المحلٌة" ،المجلة المغربٌة لإلدارة المحلٌة والتنمٌة ،عدد ،2017 ،132
ص.35:
47
محمد الٌعكوبً ":الجماعات المحلٌة بٌن الرقابة القضائٌة والتنمٌة المحلٌة" ،المجلة المغربٌة لإلدارة المحلٌة والتنمٌة ،عدد ،2011 ،101ص:
.119
48
محمد الٌعكوبً ":الجماعات المحلٌة بٌن الرقابة القضائٌة والتنمٌة المحلٌة" ،المجلة المغربٌة لإلدارة المحلٌة والتنمٌة ،عدد ٌ ،139-138ناٌر-
أبرٌل ،2018ص.35:
12