You are on page 1of 23

‫جذع مشترك‬

‫ماستر التدبير اإلداري و المالي للجماعات‬


‫الترابية‬
‫ماستر اإلدارة و القانون‬
‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫العدالة المجالية‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من انجاز الطلبة‪:‬‬

‫عالل البصراوي‬ ‫‪ −‬رشدية عمر‬ ‫‪ −‬الكسمي إيمان‬


‫‪ −‬سقراط اناس‬ ‫‪ −‬وعندة محماد‬
‫‪ −‬مودني رضوان‬ ‫‪−‬الناصري محمد‬
‫‪−‬الزهري عبد الرزاق ‪ −‬عاٸشة الربيعي‬

‫السنة الجامعية ‪2020/2019 :‬‬


‫مقدمة‪꞉‬‬
‫أصبحت العدالة المجالية اطارا متداوال في السنين األخيرة حيث طالت المجاالت‬
‫السياسية واالقتصاد واالجتماع البشري وداخل التنظيم اإلداري كحديثنا في هذا‬
‫العرض‪ ،‬وتعني العدالة المجالية التوزيع المتوازن و المتكافئ للتقسيم الترابي‪،‬‬
‫واالستثمار و االستفادة المتوازنة مما يختزن في ثروات طبيعية و طاقات بشرية‪،‬‬
‫والواقع ان ضعف العدالة المجالية الناجم عن االختالالت الترابية‪ ،‬يكاد يكون سمة‬
‫عامة في العديد من البلدان‪ .‬فالطبيعة خلقت مجاالت غير متكافئة من حيث‬
‫االوزان واقامت تلقائيا تمايزات بين الشمال والجنوب والشرق والغرب‪ ،‬حيث‬
‫نجد هذا في كل بلدان العالم‪ .‬ومقارنة بين المغرب مثال و الدول االوربية فان‬
‫تجارب التنمية عندهم تمكنت الى حد بعيد في ردم الفجوات االقتصادية‬
‫واالجتماعية والمالية وذلك من خالل إعادة صياغة عالقة جديدة بين المناطق و‬
‫الجهات ابتداء من وضع التشريعات و القوانين ذات العالقة بتنظيم المجال و‬
‫التقسيم الترابي مرورا بصناعة سياسات عمومية مؤسسة على المشاركة المواطنة‬
‫بواسطة مؤسسات حقيقية و فعالة و عبر التفعيل الجدي ألليات المتابعة و‬
‫المساءلة و المحاسبة‪ ،‬و مع ذلك ظلت حركات احتجاجية قائمة ويقظة من حيث‬
‫النقد و االعتراض و المطالبة بعدالة مجالية أوسع و اعمق مثال» احتجاج‬
‫أصحاب السترات الصفراء في فرنسا « ‪ ،‬بالنسبة للمغرب يعتبر تقرير الخمسيني‬
‫لسنة ‪ 2006‬وثيقة مرجعية ذات قيمة عالية عند التفكير في إعادة بناء المجال‬
‫الترابي‪ .‬فهو تقرير من صنع كفاءات مغربية ذات افاق و مشاريع متنوعة ‪،‬‬
‫وتجدر اإلشارة الى ان اإلرادة الملكية الى جانب اإلرادة السياسية كانتا السبب‬
‫وراء اعتبار الجهوية خيار مستقبلي بامتياز ومن خالل الرقي بالمغرب الى‬
‫نموذج تنموي يكون اكثر فعالية و نجاعة و عدالة بين أبناءه ‪ .‬شريطة تحويل‬
‫الجهة الى فضاء للتعبير و التمثيلية السياسية و الديمقراطية التشاركية في محيط‬
‫مؤهل و مجهزلقيادة سياسات عمومية منسقة و مندمجة ‪ ،‬كما ان التقرير أشار‬
‫الى ضرورة تجاوز اعطاب ‪ 50‬سنة‪ ،‬التي ساهمت في اختالالت جهوية الزال‬
‫المغرب يعاني منها الى يومنا هذا وهو ما سنتناوله بالدرس و التحليل في عرضنا‬
‫هذا من خالل طرحنا لإلشكالية الرئيسية التي نتوخى من خاللها اإلحاطة‬
‫بموضوع العدالة المجالية نظرا ألهميته في التقدم و االستقرار وفي خلق توازن‬
‫اجتماعي داخل المجتمع ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلشكالية‪:‬‬
‫ما مدى قدرة اإلطار القانوني والمؤسساتي للجهوية المتقدمة لتحقيق عدالة‬
‫مجالية بين الجهات وداخل الجهة نفسها ؟‬

‫األسئلة الفرعية ‪:‬‬


‫‪ )1‬هل االطار القانوني و المؤسساتي للجهوية المتقدمة ساهما في تقليص‬
‫الفوارق المجالية بين الجهات ؟‬
‫‪ )2‬ما هي االختالالت التي كانت تشكل حاجزا في نماذج الجهوية السابقة ؟‬
‫‪ )3‬هل ساهمت العدالة المجالية في تكريس بعد جهوي منسجم ؟‬
‫‪ )4‬هل للعدالة المجالية تاثيرات على المستوى اإلقليمي و المحلي ؟‬

‫لمالمسة موضوع العرض و تفكيك مكونات اإلشكالية مستعينين باألسئلة‬


‫الفرعية فقد اعتمدنا التصميم التالي ‪:‬‬
‫❖ المطلب األول ‪:‬كرنولوجيا تطور الجهوية بالمغرب ‪.‬‬

‫✓ الفقرة األولى ‪ :‬قبل تبني الجهوية المتقدمة ‪.‬‬


‫✓ الفقرة الثانية ‪:‬بعد تبني الجهوية المتقدمة ‪.‬‬

‫❖ المطلب الثاني ‪ :‬االختالالت المجالية الجهوية وفق التقسيم الجهوي‬


‫بالمغرب ‪.‬‬
‫✓ الفقرة األولى ‪ :‬االختالالت المجالية بين الجهات ‪.‬‬
‫✓ الفقرة الثانية ‪ :‬االختالالت المجالية في الجهة نفسها ‪ -‬بني مالل ‪-‬‬
‫خنيفرة نموذجا ‪-‬‬

‫‪3‬‬
‫أهمية الموضوع ‪:‬‬
‫تتجلى أهمية الموضوع في االختالالت الناتجة عن نهج الجهوية المتقدمة من‬
‫خالل تأثيراتها ‪.‬‬

‫لتأطير هذه اإلشكالية تم اعتماد المناهج التالية ‪:‬‬

‫➢ المنهج التحليلي ‪ :‬تم من خالله تحليل المعطيات الخاصة بالجهات‬

‫بصفة عامة و جهة بني مالل خنيفرة على وجه الخصوص ‪.‬‬

‫➢ المنهج التاريخي ‪ :‬من خالله تمت مواكبة المراحل التاريخية لتطور‬

‫العدالة المجالية في اطار الجهوية المتقدمة ‪.‬‬

‫➢ المنهج الوصفي ‪ :‬تم وصف االختالالت و اإلمكانيات الطبيعية و‬

‫البشرية بكل جهة ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المطلب االول‪ ꞉‬كرنولوجيا تطور الجهوية بالمغرب ‪.‬‬
‫الجهوية اليوم ليست ترفا فكريا ‪ ،‬وال موضوعا قانونيا صرفا ‪،‬وانما رهان من‬
‫اهم رهانات التنمية الترابية ‪ ،‬وارقى صور الالمركزية ‪ ،‬كما تشكل اطارا انسبا‬
‫بالشأن الترابي في افق تحقيق التنمية الترابية ‪ ،‬التي تشكل غاية الفاعل السياسي‬
‫أينما وجد ‪،‬حيث احتلت مكانة مهمة في الخطاب السياسي ‪،‬وأثارت اهتمام جميع‬
‫القوى الوطنية التي هدفت الى تحقيق الديمقراطية المحلية من خالل دعم السياسة‬
‫الجهوية التي نشأتها اإلصالحات الدستورية و السياسية ‪. 1‬‬
‫لقد اعتبر ظهير ‪ ، 21959‬اللبنة األولى للتنظيم الترابي للمملكة ‪،‬حيث قسم إقليم‬
‫‪3‬‬
‫الدولة المغربية الى ‪ 16‬إقليم وواليتين ‪ ،‬وهو الذي وقع تتميمه بظهير ‪1960‬‬
‫المتعلق بالتنظيم الجماعي و الذي سمى هذه الوحدات اإلدارية بالجماعات المحلية‬
‫الحضرية و القروية ‪ ،‬مما شكل بذلك بداية ظهور إطارات جديدة لتدبير الشأن‬
‫المحلي ‪ ،‬واعتراف مبكر بخصوصية الشأن المحلي ‪ ،‬والتمييزبينه و بين الشأن‬
‫العام الوطني‪ ،‬وهو توجه تم تكريسه بواسطة دستور ‪، 4 1962‬والذي اضفى‬
‫شرعية دستورية على الواليات واالقاليم و الجماعات واصفا إياها بالجماعات‬
‫المحلية ‪.‬‬
‫ان كل هذه الخطوات و المبادرات السابقة ‪ ،‬لم تكن في واقع االمر وفق تقديرنا‬
‫اال محاوالت صغيرة إلرساء الالمركزية محتشمة بدون اختصاصات اصلية‬
‫مهمة ‪ ،‬ترقى لمستوى التطلعات في تدبير الشأن العام المحلي و تحقيق التنمية‪.‬‬
‫وذلك عبر تقسيم هذا المطلب الى فقرتين (الفقرة األولى قبل تبني الجهوية‬
‫المتقدمة) و(الفقرة الثانية بعد تبني الجهوية المتقدمة)‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيد السعيد "مدى مساهمة الالمركزية و الالتمركز اإلداري في دعم الجهوية "أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ‪،‬جامعة محمد‬
‫الخامس ‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬الرباط اكدال ‪ ،2002 -2001 ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ - 2‬الظهير الشريف رقم ‪ 161 . 59 . 1‬الصادر في ‪ 27‬صفر ‪ 01 /1379‬شتنبر ‪.1959‬‬
‫‪ - 3‬الظهير الشريف رقم ‪ 273 . 63 . 1‬بشان تنظيم العماالت و األقاليم ومجالسها‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2655‬بتاريخ‬
‫‪ .13/09/1963‬ص ‪.2151‬‬
‫‪ - 4‬الفصول ‪95 94 93‬من دستور المملكة ‪.1962‬‬

‫‪5‬‬
‫الفقرة األولى ‪ ꞉‬قبل تبني الجهوية المتقدمة‪.‬‬
‫ان الجهة كمفهوم و شكل للتنظيم اإلداري ‪ ،‬لم تر النور اال مع صدور ظهير ‪16‬‬
‫يونيو ‪ ، 5 1971‬الذي عرف هذه الوحدة اإلدارية الجديدة كاطار اقتصادي يسمح‬
‫للقيام باألعمال ‪ ،‬و كذا الدراسات ذات الصلة بتنمية مختلف مناطق المغرب ال ‪7‬‬
‫جهات ‪ ،‬ترتبط جغرافيا و اقتصاديا بمجموعة من العالقات القادرة على تحقيق‬
‫التنمية ‪ ،‬ويمكن تلخيص هذا التقسيم الى ثالثة عوامل ‪:‬‬
‫‪ .1‬العوامل االقتصادية ‪ :‬املتها متطلبات التنمية بعد العجز المسجل في‬
‫تقليص الفوارق المجالية ‪.‬‬
‫‪ .2‬العوامل السياسية ‪ :‬تهدف الى دمقرطة المؤسسات الجهوية‪ ،‬وتفعيل‬
‫الالمركزية لتخفيف العبء على السلطات المركزية ‪.‬‬
‫‪ .3‬العوامل االجتماعية ‪ :‬تهدف الى تجاوز رواسب االختالالت العميقة‬
‫التي كرسها المستعمر بين المغرب النافع و المغرب غير النافع ‪.‬‬
‫ولكن يبقى التطور النسبي الذي عرفه التنظيم الجهوي بالمغرب ؛ مع دستوري‬
‫‪ 1992‬و ‪ ، 1996‬اللذان وضعا الركائز الدستورية ‪ ،‬و منحا للجهوية دفعة‬
‫قوية‪ ،‬باعتبارها في الوقت نفسه جماعة محلية ‪ ،‬ووحدة إدارية متمتعة بالشخصية‬
‫المعنوية لها استقالل إداري و مالي شانها في ذلك شان الجماعات المحلية ‪.‬‬
‫ان إرادة الفاعل السياسي ‪ ،‬واصراره على جعل الجهوية تتبوا مكانة مهمة في‬
‫التنظيم اإلداري المغربي ‪ ،‬ترجمه قانونيا صدور ظهير ‪ ، 61997‬المتعلق‬
‫بنتظيم الجهات الذي لم يكن وليد الصدفة وانما جاء نتيجة رؤية اصالحية تروم‬
‫تجاوز اعطاب التنمية المتوقعة ‪ ،‬و هكذا تم تقسيم التراب الوطني الى ‪ 16‬جهة‪،‬‬
‫حيث اصبح لكل جهة كيان مستقل متمتع بالشخصية المعنوية ‪ ،‬و االستقالل‬
‫المالي و اإلداري ‪ ،‬لكن تحت وصاية العامل حيث اعتبر الوالي االمر بالصرف‬
‫نظرا لهيمنة وزارة الداخلية عليها ‪ ،‬فضال عن إعطاءها مجموعة من‬
‫االختصاصات التقريرية و أخرى استشارية ‪.‬‬
‫‪- 5‬عرف ظهير ‪16‬يونيو ‪1971‬الجهة في فصله الثاني على انها " مجموعة من األقاليم التي تربط او يحتمل ان تربط بينها على‬
‫الصعيد الجغرافي و االقتصادي عالقات كفيلة لتقوية نموها و التي تقتدي من جراء دالك القيام بتهيئة عامة فيها و تؤلف الجهة اطار‬
‫عمل اقتصادي يباشر داخله اجراء دراسات وإنجاز برامج قصد تحقيق تنمية منسجمة ومتوازنة بمختلف أجزاء المملكة‬

‫‪ - 6‬الظهير الشريف رقم ‪ 84 . 97 . 1‬الصادر في ‪ 23‬دي القعدة ‪ 02 " 1417‬ابريل ‪ "1997‬بتنفيذ القانون ‪.47‬‬
‫‪96‬المتعلق بتنفيذ الجهات‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫لقد ظهرت رغبة اشراك أوسع الفئات االجتماعية في تدبير الشأن المحلي‬
‫واضحة من خالل دراسة المعطيات القانونية لظهير ‪ 1997‬الذي جعل من‬
‫الجهة فضاء جدير للتداول و التشاور و اإلنجاز ‪.‬‬
‫وهكذا أصبحت الجهة ايضا اطارا لممارسة الديمقراطية المحلية ‪ ،‬واداة‬
‫للتنمية االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬حيث ان الهدف من اشراك أوسع قاعدة‬
‫ممكنة في تدبير الشؤون المحلية وتحقيق التنمية المجالية ‪ ،‬يعكس في حقيقة‬
‫االمر نضج التجربة المغربية كممارسة ‪ ،‬وليس كنتائج ‪ ،‬ألنه على هذا‬
‫المستوى تحديدا ‪ -‬أي مستوى النتائج ‪ -‬لم تحقق بعد التجربة الجهوية‬
‫التنمية المنشودة و المتمثلة في خلق جهوية تراعي التكافؤ الترابي و عدالة‬
‫مجالية مناسبة ‪.‬‬
‫فالمالحظ من خالل تتبع كرونولوجيا تطور البناء الجهوي في المغرب ‪ ،‬هو‬
‫تبني مقاربة تدريجية ‪ ،‬مما مكن الدولة من تقييم تجاربها السابقة ‪ ،‬و التصدي‬
‫للهفوات و تدارك األخطاء التي شابت الممارسات السابقة ‪ ،‬و كذلك تحصين‬
‫و تقوية المكاسب سواء على مستوى النخب المحلية او على مستوى‬
‫اإلطارات القانونية السالفة الذكر‪.‬‬
‫والتدرج في تطبيق الالمركزية ‪ ،‬املته أيضا ظروف المغرب السياسية ‪ ،‬و‬
‫التحول العميق الذي عرفه دور الدولة ‪ ،‬بحيث انتقلنا من مفهوم الدولة الحامية‬
‫الى الدولة المتدخلة في كل دروب الحياة ‪ ،‬و امام تعاظم حجم المسؤوليات‬
‫كان من المفروض التخلي الجزئي عن مجموعة من االختصاصات لصالح‬
‫الوحدات المركزية ‪ .‬كما ال ينبغي بأي حال من األحوال ان نغفل ذكر تاثير‬
‫هبوب رياح الحرية ‪ ،‬و حقوق االنسان و دواعي االنتقال الديمقراطي في‬
‫تبني مغرب الالمركزية {الربيع العربي ‪،‬حركة ‪20‬فبراير }‪.‬‬
‫ولقد كان لسؤال الحكامة الترابية ‪ ،‬وما افرزه من قواعد و ضوابط بغية‬
‫الوصول الى اشباع الرغبات العامة ‪ ،‬تاثير واضح في تبني الجهوية كأسلوب‬
‫لتدبير الحاجات المتزايدة و المعقدة للجمهور ‪ ،‬فهذه التحوالت المتسارعة و‬
‫الرغبة في تجاوز مشاكل التنمية ‪ ،‬و صعوبة معالجتها مركزيا‪ ،‬فرض تبني‬

‫‪7‬‬
‫إصالحات قوية للنموذج الجهوي المغربي ‪ ،‬لتعطى للتنمية المجالية األدوات‬
‫الكفيلة لتحقيقها ‪.‬‬
‫لقد اثبتت الجهوية كنموذج للحكامة الترابية نجاعتها في الدول المتقدمة ‪ ،‬مما‬
‫جعل الدول السائرة في طور النمو تتبناها باعتبارها االطار األمثل لتدبير‬
‫الموارد وتنفيد المشاريع التنموية لتجاوز معظلة التخلف و الفقر ‪ ،‬وتقليص‬
‫الفوارق المجالية ‪ ،‬بين جميع المناطق ‪.‬‬
‫هذه الرغبة هي التي عبر عنها الخطاب الملكي يوم ‪ 3‬يناير ‪ ، 2010‬بمناسبة‬
‫تشكيل اللجنة االستشارية للتقسيم الجهوي ‪ ،7‬حين اعتبر هذه األخيرة أداة‬
‫لتجديد و عصرنة هياكل الدولة ‪ ،‬وتقوية التنمية المندمجة بين جميع‬
‫القطاعات‪.‬‬
‫حيث اصدر جاللته أوامره للجنة المذكورة ‪ ،‬باستحداث نموذج جهوية متقدمة‬
‫ال تستنسخ االخرين وانما تأخذ بعين االعتبار الخصوصية المغربية‪.8‬‬
‫وقد انتهت اشغال هذه اللجنة الى اقتراح جهوية متقدمة ترتكز الى تقليص عدد‬
‫الجهات الى ‪ 12‬جهة عوض ‪ 16‬التي كان معموال بها في السابق ‪.‬‬
‫وجاء في التقرير الذي أعدته هذه اللجنة التي استندت في تقسيمها للجهات‬
‫على معايير محددة وفق دراسة دقيقة قام بها مختصون في جميع المجاالت‬
‫الخاصة بالجهات ‪ ،‬كما ان اللجنة ابرزت في تقريرها اإلمكانيات المتوفرة‬
‫لكل جهة سواء كانت طبيعية ام بشرية و كذا الخصوصيات كل جهة على حدا‬
‫حيث ان التقسيم الجهوي تم اعتماده على التوازن في عدد السكان في كل جهة‬
‫‪،‬من اجل تغطية قسطا اوفر من التراب اإلقليمي ‪ ،‬و رغم ان التقطيع الجهوي‬
‫ينطلق أساسا من الشبكة اإلدارية اإلقليمية السابقة اال انه يخضع لمعايير‬
‫جديدة تعتمد قاعدتي الوظيفة و التجانس و سهولة االتصال و القرب ‪ ،‬و‬
‫التناسب و التوازن ‪.9‬‬
‫‪ - 7‬اللجنة االستشارية للجهوية " تقرير حول الجهوية المتقدمة " ‪2011 ،‬منشور على الموقع‬
‫‪. www .regionalisationavance .ma‬‬
‫‪ - 8‬المصطفى قريشي "الجهوية المتقدمة ورش مفتوح للحكامة الترابية ‪،‬منشور بمجلة مسالك الفكر والسياسة واالقتصاد‬
‫العدد ‪. 30 /29‬ص ‪50‬‬

‫‪ - 9‬العباسي الوردي "الجهوية المتقدمة ودستور ‪ ،2011‬مقال منشور بمجلة هيسبريس ‪50 .2015‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪8‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ ꞉‬بعد تبني الجهوية المتقدمة‪.‬‬
‫ان ورش الجهوية المتقدمة سيمكن المغرب من جهوية ديمقراطية الجوهر تعمل‬
‫من اجل التنمية المستدامة و المندمجة اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا و بينيا ‪،‬‬
‫وستكون مدخال الصالح عميق إلدارة الدولة ‪ . 10‬كما ان التوجه نحو الجهوية‬
‫المتقدمة يعني بداية انتقال المغرب من عهد الى عهد اخر ‪ ،‬وان الجهوية الموسعة‬
‫هي استراتيجية شاملة وورش مفتوح للحكامة الترابية في المغرب تتحكم فيه‬
‫مستلزمات التنمية الوطنية و الجهوية المندمجة ‪.11‬‬
‫بالنظر لما تتيحه من إمكانيات التنسيق بين مختلف البرامج المحلية و المخططات‬
‫الوطنية ‪ .‬حيث شكلت مرجعية في الخطابات الملكية ‪ ،‬ففي خطاب العرش لسنة‬
‫‪ 2011‬يقول جاللة الملك " مولين عناية قصوى في هذا المجال للجهة و الجهوية‬
‫التي نعتبرها خيارا استراتيجيا و ليس مجرد بناء اداري ‪ ،‬وننظر اليها انها صرح‬
‫ديمقراطي أساسي لتحقيق التنمية االقتصادية و االجتماعية "‪.‬‬
‫هذا التوجه الذي تم تكريسه من خالل دسترة الجهوية ضمن دستور ‪.12 2011‬‬
‫الذي أضحت الجهوية من خالل انطالقته لورش من االوراش الكبرى ‪،‬‬
‫واستراتيجية للنهوض بالتنمية االقتصادية ‪ ،‬و لالقالع السوسيو اقتصادي ‪ ،‬في‬
‫افق تحقيق التنمية الشاملة التي ال يمكن ادراكها اال من خالل توفر مجال ترابي‬
‫واسع ‪ ،‬يكفل ادماج العوامل التنموية في مسلسل اإلقالع االقتصادي ‪.13‬‬
‫فقد بوٲ دستور ‪ 2011‬الجهة مركز الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية األخرى‬
‫في عملية اعداد و تتبع برامج التنمية الجهوية ‪ ،‬و التصاميم الجهوية إلعداد‬
‫التراب ‪ ،‬و من بين جميع المستجدات التي تشكل نقاط قوة في الدستور الجديد ‪،‬‬
‫يبقى مبدا الجهوية المتقدمة الذي بات الدعامة األساسية لإلدارة ‪ ،‬وحجر الزاوية‬
‫في تكريس المركزية متقدمة و تنمية ترابية ‪ ،‬و التي أضحت في صلب انشغاالت‬
‫و اهداف مغرب اليوم‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ 10‬كريم الشكاري "الجهوية المتقدمة بين مقتضيات الدستور المغربي الجديد وافاق الوضع الجديد " مقال منشور بموقع العلوم القانونية ‪.‬‬
‫‪ - 11‬المصطفى القاسيمي "الجهوية بين متطلبات التنمية ومستلزمات الحكامة " مجلة مسالك الفكر والسياسة واالقتصاد عدد مزدوج‬
‫‪ ،16.15 /2011‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -12‬دستور المملكة المغربية ‪2011‬‬
‫‪ -13‬عبد الحق عقلة "القانون اإلداري الجزء األول ‪ ،‬مطبعة دار القلم ‪،‬الرباط طبعة ‪ ، 2002‬ص ‪.227‬‬

‫‪9‬‬
‫لقد خصص دستور ‪ 2011‬في بابه التاسع ما ال يقل عن ‪ 12‬فصال دستوريا في‬
‫الجماعات الترابية ‪ ،‬من جهة و عمالة و إقليم و جماعة ‪ ،‬باعتبارها هيئات‬
‫المركزية ‪ ،‬تتوفر على اليات و أدوات و وسائل قانونية و مالية ‪ ،‬لتمكينها من‬
‫االطالع بالدور المنوط بها كمحرك أساسي للتنمية ‪.‬‬
‫وفقا ألحكام الدستور الجديد ‪ ،‬يرتكز التنظيم الجهوي الذي يعد االطار العام الذي‬
‫سيحكم تنظيم و اختصاصات الجهات‪ .‬و نظامها المالي ‪ ،‬على مجموعة من‬
‫المبادئ ‪ ،‬ويمكن تلخيصها فيما يلي ‪:‬‬
‫مبدا التدبير الحر؛‬ ‫‪-‬‬
‫التعاون و التضامن بين الجهات و فيما بينها وبين الجماعات‬ ‫‪-‬‬
‫األخرى ؛‬
‫اشراك السكان في تدبير شؤونهم ؛‬ ‫‪-‬‬
‫الرفع من مساهمة المواطنين في التنمية المندمجة المستدامة ؛‬ ‫‪-‬‬
‫مساهمة الجهة في تفعيل السياسات العامة للدولة ؛‬ ‫‪-‬‬
‫مساهمة الجهة في اعداد سياسات ترابية من خالل ممثليها في‬ ‫‪-‬‬
‫مجلس المستشارين ؛‬
‫تيسير مساهمة المواطنين و المواطنات من خالل وضع اليات‬ ‫‪-‬‬
‫تشاركية للحوار و التشاور ؛‬
‫تمكين المواطنين من تقديم عرائض و جمعيات المجتمع المدني من‬ ‫‪-‬‬
‫تقديم ملتمسات في مجال التشريع ؛‬

‫كما تمت دسترة صندوق التضامن بين الجهات ‪ ،‬بهدف خلق توازن بين الجهات‬
‫و تجاوز التوزيع غير المتكافئ للموارد‪ ،‬قصد تقليص الفوارق االجتماعية و كذا‬
‫التفاوت بينها الفصل ‪.14 142‬‬

‫بتنفيد القانون ‪ 2007‬بتنفيد القانون رقم ‪ .47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ‪،‬‬ ‫‪ - 14‬الظهير الشريف رقم ‪ 195 . 07 . 1‬الصادر في ‪ 30‬نونبر‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 55 83‬بتاريخ ‪ 03‬ديسمبر ‪.2007‬‬

‫‪10‬‬
‫لقد راكم المغرب تجربة كبيرة على مستوى المركزية وخاصة اإلدارية منها لكن‬
‫ذلك لم يصاحبه تطور و فعالية على المستوى المالي ‪ ،‬فاذا كانت الجهات تستفيد‬
‫من حصيلة ثالث رسوم بموجب قانون ‪ ( 15 47.06‬الرسم على رخص الصيد ـ‬
‫الرسم على استغالل المناجم ـ الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ ) ‪ ،‬ومن‬
‫حصيلة ‪ 5 %‬من عائد الرسم على الخدمات الجماعية ‪ 10 %‬من عائد الرسم‬
‫على استخراج مواد المقالع ‪.‬فإنها تستفيد بموجب القانون التنظيمي‬
‫للجهات‪ 16111.14‬من حصيلة ‪:‬‬
‫✓ ‪ 5 %‬من حصيلة الضريبة على الدخل ‪.‬‬
‫✓ ‪ 5 %‬من حصيلة الضريبة على الشركات ‪.‬‬
‫✓ ‪ 20 %‬من حصيلة الرسم على عقود التامين ‪.‬‬

‫إضافة الى اعتمادات مالية من الميزانية العامة للدولة في افق بلوغ سقف ‪10‬‬
‫ماليير درهم سنة ‪ . 2021‬كما ستستفيذ الجهات من حصيلة الموارد المنصوص‬
‫عليها في اطار المادة ‪ 189‬من القانون التنظيمي للجهات‪. 111. 14‬‬
‫ومن خالل ما سبق يتضح ان الجهوية المتقدمة خيار استراتيجي لتفعيل العدالة‬
‫المجالية التي تلعب دورا أساسيا في التدويب الالتوازن و التفاوت الحاصل بين‬
‫الجهات مما يدفعنا الى التطرق لالختالالت المجالية التي تعرفها الجهات فيما‬
‫بينها وكدا االختالالت ‪ ،‬الحاصلة داخل الجهة نفسها‪ ،‬و هو ما سنتطرق اليه في‬
‫المطلب الثاني ‪ .‬والذي قسمناه الى فقرتين األولى االختالالت المجالية بين‬
‫الجهات والفقرة الثانية االختالالت بين الجهة نفسها ‪،‬جهة بني مالل خنيفرة‬
‫نموذجا ‪.‬‬

‫بتنفيد القانون التنظيمي ‪ .111.14‬المتعلق‬ ‫‪ - 15‬الظهير الشريف رقم ‪ 83 . 15 . 1‬الصادر في ‪ 20‬رمضان ‪1436‬هجرية" ‪ 07‬يوليو ‪ 2015‬م "‬
‫بالجهات ‪ .‬منشور‪،‬بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 06‬شوال ‪1436‬ه‬
‫ص ‪. 6624 - 6585‬‬
‫‪ -16‬تقرير المجلس االعلى للحسابات حول الجبايات المحلية ‪ ،2015 ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االختالالت المجالية الجهوية وفق التقسيم الجهوي بالمغرب‬

‫يعود التباين المجالي بين الجهات في المغرب ‪ ،‬بحسب مجموعة من الباحثين‪ ،‬إلى‬
‫مرحلة ما قبل االستعمار‪ ،‬عندما كان المغرب مقس ًما بين مجالين ‪ :‬مجال تحت‬
‫سيطرة المخزن‪ ،‬وهي المناطق التي يبسط فيها السلطان سلطته السياسية والمالية‬
‫والدينية كاملة ‪ ،‬بواسطة قادته وخدمه ‪ ،‬و«مجال سمي ببالد السيبا»‪ ،‬وهي‬
‫المناطق المهمشة ‪ ،‬التي كانت تدير شؤونها بنفسها بواسطة القبيلة‪.‬‬
‫واستمر هذا الفصل المجالي الذي أصبح خالل مرحلة االستعمار‪ ،‬حيث أصبح‬
‫هناك «المغرب النافع» ‪ ،‬وهي المناطق الغنية بالثروات الطبيعية والمعدنية ‪،‬‬
‫ومن ثمة عمل المستعمر على احتوائها و تشييد المؤسسات اإلدارية والطرق‬
‫والسكك الحديدية إضافة إلى المباني السكنية بها ‪ ،‬و«المغرب غير النافع» ‪ ،‬الذي‬
‫يحيل إلى المناطق القروية النائية التي قاومت و رفضت دخول المستعمر‪،‬حيث‬
‫بالرغم من قحالة أراضيها و قلة ثرواتها وغياب بنيات تحتية أساسية ‪. 17‬‬

‫ثم جاءت بعد ذلك مرحلة ما بعد االستقالل‪ ،‬ليتم تكريس التفاوت المجالي في‬
‫المغرب بشكل أعمق‪ ،‬لتصبح المناطق الساحلية محل تركيز السلطة‪ ،‬سياسيًا‬
‫مستمرا‪ ،‬والسيما‬
‫ً‬ ‫واقتصاديا وخدماتيا‪ ،‬فيما بقيت تعيش مناطق الداخل تهميشا‬
‫المناطق القروية والجبلية ‪ ،‬التي ال يزال بعضها يفتقد لحد الساعة إلى الماء‬
‫والكهرباء والمستشفى والطرق المعبدة مما يكرس التفاوت المجالي بين الجهات و‬
‫حتى بين الجهة نفسها ‪18‬و هو ما سنتناوله بالدرس و التحليل من خالل فقرتين‬
‫سنتناول في األولى منها االختالالت بين الجهات وفق التقسيم الجديد و الثانية‬
‫سنتاول من خاللها التفاوت المجالي بين الجهة نفسها حيث سنتناول من خاللها‬
‫جهة بني مالل – خنيفرة كنمودج هذا األخير أملته انتماء المجموعة التي أنجزت‬
‫هذا العرض ألقاليم الجهة ∙ ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االختالالت المجالية بين الجهات‬

‫أ ‪ -‬مظاهر هذا التفاوت الجهوي‬


‫تعتبر مكافحة الفقر و تقليص الفوارق االجتماعية و المجالية ضرورة للحفاظ على‬
‫التماسك االجتماعي و االستقرار السياسي الالزمين لتحقيق التنمية االجتماعية و‬

‫‪7 1‬الدكتورة السعيدي مزروع فاطمة ‪ ،‬اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪،‬‬
‫الطبعة االولى ‪ ، 2003‬ص ‪. 22‬‬
‫‪ 18‬اللجنة االستشارية للجهوية ‪ " ،‬تقرير حول الجهوية المتقدمة " ∙‬
‫‪12‬‬
‫االقتصادية مما يبعث على إدراجها و برمجتها ضمن ورش الجهوية المتقدمة‬
‫باعتبارها المدخل األساسي لكل تنمية اقتصادية و اجتماعية من خالل تعزيز‬
‫أدوار الجهات و تمكينها من بناء نموذجها التنموي وفق خصوصية كل جهة على‬
‫حدى استنادا على مؤهالتها ‪ ،‬معالجة هذه االختالالت أملته ما جاء في تقرير‬
‫المندوبية السامية للتخطيط ‪ ،19‬المنشور سنة ‪ ،2015‬حيث أشار إلى حجم‬
‫الفوارق الراسخة بين الجهات على مستوى العدالة المجالية ‪ ،‬حيث أشار تقرير‬
‫هذه المؤسسة الرسمية أن جهتين من بين ‪ 12‬جهة في المغرب‪ ،‬يساهمان وحدهما‬
‫بـ‪ 48%‬من الناتج اإلجمالي المحلي ‪ ،‬ويتعلق الشأن بجهة الدار البيضاء‪ -‬سطات‪،‬‬
‫وجهة « الرباط‪ ،‬سال ‪ ،‬القنيطرة » ‪ .‬في حين ال تتعدى مساهمة خمس جهات‬
‫مجتمعة ‪ 11.1%‬من الناتج الداخلي الخام ‪.‬‬

‫و في المقابل تستحوذ خمس جهات على ‪ 70%‬من اإلنفاق اإلجمالي لألسر‬


‫المغربية ‪ ،‬حيث تشكل جهة الدار البيضاء‪ -‬سطات ‪ 22.3 %‬من حجم اإلنفاق‬
‫بالمغرب ‪ ،‬متبوعة بالرباط سال القنيطـــــرة ‪ ،‬بـ ‪ ، 12.9 %‬في حيـــن ال‬
‫تتجاوز جهات أخرى ‪ 3%‬من حجم اإلنفاق الكلي للمواطنين المغاربة‪.‬‬
‫كما يصل متوسط حصة الفرد من الناتج اإلجمالي المحلي بجهة الدار البيضاء‪،‬‬
‫سطات إلى ‪ 4500‬دوالر‪ ،‬بينما يقل المتوسط عن ألفي دوالر في جهات أخرى‪.‬‬
‫في السياق نفسه‪ ،‬يتلقى المواطنون بالجهات الغنية خدمات أفضل‪ ،‬وفرص شغل‬
‫أوفر‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تحظى باهتمام أكبر من قبل مؤسسات الدولة ‪ ،‬في حين‬
‫ظا في دائرة التهميش ‪ ،‬واإلهمال من حيث خدمات الدولة‪.‬‬ ‫تبقى الجهات األقل ح ً‬
‫عا في التنمية بين المدن والقرى‪ ،‬ليصل األمر في القرى‬ ‫ويزداد هذا التفاوت اتسا ً‬
‫إلى درجة الحرمان من بعض الخدمات األساسية كالصحة والماء الصالح للشرب‬
‫وخدمات التعليم و الكهرباء وتعبيد الطرق لفك العزلة عن المناطق المعزولة و‬
‫النائية خصوصا في الجبال ومن تم نطرح السؤال هل ساهم التقسيم الجهوي في‬
‫تصحيح هذه االختالالت المجالية ؟ أم انه ساهم في تكريس الهوة بين الجهات و‬
‫إحقاق العدالة المجالية ‪ ،‬و هو ما سنتناول فيما يلي ‪꞉‬‬

‫ب ‪ :‬الحلول لتجاوز االختالالت المجالية الجهوية ‪:‬‬

‫وجاءت المبادرة الملكية من خالل اللجنة االستشارية للتقسيم الجهوي‬


‫سنة‪ 201520‬بتصور حول تقسيم جديد اعتمد الجهوية الموسعة مدخال لتجاوز‬
‫‪ 19‬حجيبة زيتوني ‪ ،‬الجهة و اإلصالح الجهوي بالمغرب ‪ ،‬ص ‪. 140‬‬
‫‪ 20‬مصطفى منصور ( تفاصيل توزيع سكان المغرب ) أسبوعية االيام ‪ ،‬العدد ‪ 658‬من ‪ 26‬مارس الى ‪ 01‬أبريل ‪ ، 2015‬ص ‪. 15‬‬

‫‪13‬‬
‫االختالالت و التفاوتات المجالية الشاسعة بين الجهات فيما بينها وبين الجهات‬
‫نفسها ‪ ،‬وبموجب هذه المبادرة أعيد تقسيم جهات المغرب إلى ‪ 12‬جهة بدل ‪16‬‬
‫جهة حيث أصبحت تتمتع المجالس الجهوية المنتخبة تحظى بصالحية سياسية‬
‫وإدارية و قانونية تحكمت فيها مجموعة من المبادئ التي تؤسس لفضاء جهوي‬
‫أرحب و أوسع يسهم في تصحيح كل االختالالت السالفة و التي جاء بها القانون‬
‫التنظيمـــــــي ‪ 111-14‬كمبدأ التدبير الحر و مبدأ التفريع اللذين عززا تطوير‬
‫الموارد الذاتية للجهة ‪ 21‬و كذا العمل على التأهيل االجتماعي فاألرقام المسجلة‬
‫على مستوى هذا المؤشر يجعلنا أمام رهانات كبرى خصوصا أمام التفاوتات‬
‫المجالية على المستوى الديمغرافي ‪ ، 22‬الى جانب خلق آليات للموازنة المالية و‬
‫ذلك باعتماد نظام التحويل المالي لضمان موازنة مالية اكبر ‪ ، 23‬باالضافة الى‬
‫ذلك فاحداث صندوق عمومي للتضامن بين الجهات من المداخل االساسية لتجاوز‬
‫االختالالت المجالية و تحقيق موازنة عادلة و فعالة بين الجهات ‪ ،24‬كما تعزز‬
‫هذا التوجه بالتحكم بميزانية الجهة و االستفادة من مواردها بغض النظر عن‬
‫الموارد المنقولة من المركز ‪ ،‬واختار أيضا هذا التوجه الذي يعمل وفق منظور‬
‫قانوني و إداري و بمساهمة السياسي لتأسيس صندوق خاص لدعم الجهات الفقيرة‬
‫من حيث الموارد سمي بصندوق التضامن بين الجهات ‪ ،‬بحيث تساهم فيه الجهات‬
‫األخرى ذات الناتج المحلي األوفر لتخفيف التفاوت المجالي على جميع‬
‫المستويات االقتصادية و االجتماعية و غيرها‪. 25‬‬

‫ومن بين الحلول التي جاءت بها الحكومة لتجاوز االختالالت الجهوية و من اجل‬
‫تجاوزها اتخذت مجموعة من التدابير يمكن إجمالها ‪:26‬‬

‫• برنامج تقليص الفوارق المجالية بالوسط القروي خالل الفترة الممتدة‬


‫مابين ‪ 2017/2023‬و الذي جاء تنفيذا للتوجهات الملكية السامية و‬
‫الذي يهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمناطق الجبلية من خالل‬

‫‪ 21‬اللجنة االستشارية للجهوية ( تقرير حول الجهوية المتقدمة ) الكتاب الثاني ‪ ،‬ص ‪. 135‬‬
‫‪ 22‬اللجنة االستشارية للجهوية ( تقرير الجهوية المتقدمة ) الكتاب الثالث ‪ ،‬ص ‪. 62 ،‬‬
‫‪ 23‬محمد غنايم ‪ " ،‬تجربة الجهة بالمغرب ورهانات الالمركزية المحلية " منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية و‬
‫التنمية ‪ ،‬سلسلة " مواضيع الساعة " العدد ‪ ، 16‬السنة ‪ ، 1998‬ص ‪. 25‬‬
‫‪ 24‬الموقع الرسمي لرئاسة الحكومة ‪. www.cg.gov.ma‬‬
‫‪25‬إدريس بن الساهل ( تطور و أفاق الجهة بالمغرب ) رسالة لنيل ديبلوم الدراسات العليا في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس الرباط ‪ ، 1996-1995 ،‬ص ‪. 258 .‬‬
‫‪26‬اللجنة االستشارية للجهوية ( تقرير حول الجهوية المتقدمة ) الكتاب االول " التصور العام " ص ‪13-7.‬‬

‫‪14‬‬
‫تلبية االحتياجات من البنيات األساسية و المرافق االجتماعية للقرب و‬
‫قد سطرت لهذا البرنامج ثالثة أهداف إستراتيجية تتمثل في ‪:‬‬
‫فك العزلة عن السكان في المناطق القروية و الجبلية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحسين ولوج الساكنة إلى الخدمات األساسية المتعلقة بالكهرباء و الماء‬ ‫‪-‬‬
‫الصالح للشرب و الصحة و التعليم و الخدمات ‪.‬‬
‫توفير و تنويع القدرات االقتصادية للمناطق القروية و الجبلية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحسين مؤشرات التنمية البشرية في هذه المناطق ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وبالرغم من كل الجهود التي بدلت على جميع المستويات ابتداء من اإلداري‬


‫مرورا بالقانوني فان صعوبات االنتقال من المركزية إلى الالمركزية في ظل‬
‫الجهوية الموسعة التي انخرط فيها المغرب لتذييل الصعوبات و االختالالت‬
‫المجالية ‪ ،‬تمثلت في غياب آليات واضحة في تدبير شؤون الجهات على نحو أفقي‬
‫وغياب النخب القادرة على مسايرة الحكم التشاركي الذي يمثل صلب الجهوية‬
‫المتقدمة‪.‬‬
‫وبالرغم من كل اآلليات و البرامج التي تم تبنيها على مستوى التوجه لبناء‬
‫الجهوية الموسعة بخصوصية مغربية متفردة فإن التباينات الجهوية بالمغرب‬
‫على مستوى التنمية في أبعادها المجالية ساهمت في تكثيف الهجرات من القرى‬
‫والمناطق المهمشة نحو المدن ومن مدن الهامش االقتصادي للجهة إلى مدن‬
‫أخرى أكثر جاذبية و من إقليم إلى إقليم أكثر موارد و أكثر فرصا ‪ ،27‬مما يزيد‬
‫الضغط على مناطق دون أخرى فتتحول هذه األخيرة بدورها إلى مناطق تغوص‬
‫في تناقضات اجتماعية واقتصادية كما هو الحال بالنسبة لجهة بني مالل –‬
‫خنيفرة التي سنتناولها في الفقرة الثانية من هذا المطلب و التي سنسلط من خاللها‬
‫الضوء على االختالالت التي تعاني منها هذه الجهات داخل مجالها الترابي بما‬
‫فيه األقاليم المشكلة لها ‪ ،‬وهو ما أفرز ظواهر الالمساواة واإلقصاء وأحزمة الفقر‬
‫و اختالالت مجالية متباينة بين مدن و بين أقاليم المشكلة لجهة بني مالل خنيفرة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االختالالت المجالية في الجهة نفسها – جهة بني مالل‪ -‬خنيفرة‬
‫‪ -‬نموذجا‬

‫أ – جهة بني مالل خنيفرة االمكانيات و المجال ∙‬

‫ا‪27‬مصطفى منصور " تفاصيل توزيع سكان المغرب " أسبوعية االيام ‪ ،‬العدد ‪ 658‬من ‪ 26‬مارس الى ‪ 01‬أبريل ‪2015‬‬
‫‪ ،‬ص ‪. 13 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫جهة بني مالل خنيفرة هي إحدى الجهات اإلدارية في التقسيم الجهوي الجديد‬
‫للمملكة المغربية منذ ‪. 2015‬أحدثت الجهة بعد التعديالت التي شملت جهات‬
‫المغرب بفعل دستور ‪ 2011‬في إطار الجهوية الموسعة التي تبناها المغرب ‪،‬‬
‫لتفعيل الالمركزية‪ ،‬حيث تغيرت عدد الجهات من ‪ 16‬إلى ‪ 12‬حملت الجهات‬
‫تغييرا في األسماء السابقة حيث ضمت جهة بني مالل – خنيفرة كل من أقاليم‬
‫خنيفرة وخريبكة بني مالل و ازيالل و لفقيه بن صالح ‪ ،‬حيث تجدر اإلشارة‬
‫الى ان إقليم خنيفرة كان سابقا ينتمي ترابيا لجهة مكناس تافياللت وإقليم خريبكة‬
‫ينتمي لجهة الشاوية ورديغة بينما كانت بني مالل و ازيالل و لفقيه بن صالح‬
‫الذي احدث مؤخرا ضمن جهة تادلة أزيالل‪. 28‬‬
‫عرفت جهة بني مالل – خنيفرة تغييرات داخلية وخارجية مع التقسيم الجديد‬
‫الذي اتخذ من مدينة بني مالل عاصمة للجهة و مقرا اداريا لها ‪ .‬فعلى المستوى‬
‫الجغرافي تحد الجهة من جهة الشمال كل من جهة فاس مكناس وجهة الرباط سال‬
‫القنيطرة أما من جهة الغرب فتحدها جهة الدار البيضاء سطات وجهة مراكش‬
‫أسفي وتحدها جهة درعا تافياللت شرقا وجنوبا ‪ ،‬وتقدر مساحتها بحوالي‬
‫‪ 36.258‬كم‪ ، 2‬وعدد سكانها ‪ 2.520.776‬نسمة حسب آخر إحصاء لسنة‬
‫‪ ، ،29 2014‬يرمز لها برقم ‪ 5‬حسب التصنيف الجديد للجهات‪.‬‬
‫و تزخر جهة بني مالل – خنيفرة بمؤهالت طبيعية و فالحية و معدنية مهمة قد‬
‫تجعل منها قاطرة للتنمية االقتصادية و االجتماعية حيث تتميز الجهة بفرشة مائية‬
‫مهمة ( ‪ 10‬سدود ‪ 70 /‬عين ) و تساهم هذه الثروات المائية من تغطية حاجيات‬
‫الساكنة ‪ ،‬في حين تشكل الفالحة المورد الرئيسي لغالبية سكان الجهة باعتمادهم‬
‫على مجموعة من الزراعات كالزيتون ( مليون يوم عمل يومي – ‪ %15‬من‬
‫إنتاج زيت الزيتون وطنيا إلى جانب الشمندر السكري وزراعة الحوامض حيث‬
‫يشكل ‪ 12%‬من مجموع صادرات المغرب من الحوامض ) بالرغم من أن جهة‬
‫بني مالل خنيفرة تتوفر على منتوج فالحي يساهم بشكل كبير في الناتج الوطني‬

‫‪ 26‬اللجنة االستشارية للجهوية ( تقرير حول الجهوية المتقدمة ) الكتاب االول " التصور العام " ص ‪13-7.‬‬
‫‪ 28‬اللجنة االستشارية للجهوية ( تقرير حول الجهوية المتقدمة ) الكتاب االول " التصور العام " ص ‪13-7.‬‬
‫‪29‬مصطفى منصور " تفاصيل توزيع سكان المغرب " أسبوعية االيام ‪ ،‬العدد ‪ 658‬من ‪ 26‬مارس الى ‪ 01‬أبريل ‪، 2015‬‬
‫ص ‪. 13 ،‬‬

‫‪16‬‬
‫الداخلي إال أن الصناعات التحويلية المرتبطة بها توجد خارج الجهة كما تشكل‬
‫الغابة نسبة تفوق ‪ 50%‬من مجالها الجغرافي ‪. 30‬‬
‫كما أن الجهة تحتضن أكبر احتياطي من الفوسفاط باعتباره الثروة الوطنية األولى‬
‫إلى جانب مجموعة من المعادن و المقالع للرخام و األحجار التي بدورها يتم‬
‫تحويلها صناعيا خارج الجهة ‪.‬‬
‫كما أن الجهة تعرف غياب األنشطة وموارد كفيلة بضمان فرص شغل قارة‬
‫باستثناء النشاطين الفالحي و المعدني الذي ال تستفيد منهما كما هو منتظر كما أن‬
‫المساهمة االقتصادية لجهة بني مالل خنيفرة تبقى دون إمكانياتها الحقيقية بالنظر‬
‫لما تزخر به من مؤهالت طبيعية و بشرية ‪.‬‬
‫ب – االختالالت المجالية بين األقاليم المشكلة لجهة بني مالل ‪ -‬خنيفرة‬
‫شهد المغرب خالل السنوات األخيرة تحوالت اقتصادية و اجتماعية عميقة ‪،‬‬
‫سواء على المستوى الوطني أو المستوى الجهوي ‪ ،‬و تعكس مؤشرات التنمية‬
‫الجهود المبدولة من طرف الدولة ‪ ،‬إال أن المغرب الزال يعاني من تفاوتات‬
‫حقيقية بين الجهات من جهة و بين األقاليم المشكلة للجهة نفسها و هو ما سنتناوله‬
‫بالدرس و التحليل من خالل تناول االختالالت المجالية و التفاوتات بين األقاليم‬
‫المشكلة لجهة بني مالل خنيفرة كنموذج حي و صارخ لهذه االختالالت هذه‬
‫الدراسة املتها انتماء جل أعضاء المجموعة لهذه الجهة التي تعتبر غنية من حيث‬
‫مواردها و فقيرة على مستوى الدخل الفردي لجل ساكنتها مما يطرح التساؤل هل‬
‫جهة بني مالل خنيفرة تعتبر وحدة ترابية مجالية منسجمة ؟ أم أنها تعاني من‬
‫اختالالت مجالية بين أقاليمها ؟‬
‫لإلجابة على هذه التساؤالت البد من استجالء الفوارق بين األقاليم المشكلة لجهة‬
‫بني مالل خنيفرة على جميع المستويات ابتداء من تمركز الموارد في اقليم دون‬
‫األخر وهو ما نستشف من تمركز الثروة الفوسفاطية في إقليم خريبكة مم يجعل‬
‫منها إقليما منجميا بامتياز مما خلق نوعا من االستقرار االجتماعي و االقتصادي‬
‫بين ساكنته و تمركزها على امتداد شريط خريبكة بوجنيبة حطان و بولنوار‬
‫‪ 30‬الشريف الغيوبي ‪ " ،‬الجهة المجال االنسب لالتركيز و تشجيع االستثمار " منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية ‪،‬‬
‫سلسلة " مواضيع الساعة " ‪ ،‬العدد ‪ ، 52‬السنة ‪ 2006‬ص ‪. 28‬‬

‫‪17‬‬
‫ووادي زم وصوال الى منطقة سيدي شنان التي تنتمي ترابيا إلقليم لفقيه بن صالح‬
‫هذه الثروة ساهمت بشكل كبير في تأهيل هذه المدن على مستوى البنيات التحية‬
‫و بنيات االستقبال و غيرها من المرافق العمومية المحلية الثقافية و االجتماعية و‬
‫الرياضية إضافة إلى ارتفاع الدخل الفردي داخل هذه المدن بالمقارنة مع المدن‬
‫األخرى التي تنتمي حتى لنفس اإلقليم المنجمي نفسه كمدينة أبي الجعد ‪.‬‬
‫كما تحتل أيضا الموارد الفالحية حيزا مهما داخل الجهة حيث يعتبر إقليم بني‬
‫مالل و إقليم لفقيه بن صالح من األقاليم الفالحية التي تساهم في خلق فرص شغل‬
‫موسمية و قارة بالنظر إلى المؤهالت التي تزخر بها هذه األقاليم منا على سبيل‬
‫المثال زراعة الشمندر و زراعة الزيتون و الحوامض و السمسم و الفلفل مما‬
‫يخلق معه نوعا من التوازن الديمغرافي و استقرارا لمعدالت الدخل الفردي‬
‫بالرغم من عدم مالئمة االستثمارات مع إمكانيات هذه المناطق مما تغيب معه‬
‫وحدات صناعية تحويلية لهذه المواد الفالحية مما تضيع معه كثير من الجهود و‬
‫الطاقات‪.‬في حين يعاني إقليمي خنيفرة و أزيالل من غياب الموارد الكافية بل‬
‫يمكن أن نقول ندرتها ‪ ،‬مما يخلق معه الالتوازن للمجال بين األقاليم المشكلة‬
‫لجهة بني مالل – خنيفرة على جميع المستويات باإلضافة إلى شساعة مجال هذه‬
‫األقاليم خصوصا إقليم ازيالل الذي صنف ضمن األقاليم األكثر هشاشة و فقرا‬
‫مما حدا بالمتداخلين في التدبير الجهوي إلى إعطائه أولوية في استثمارات الجهة‬
‫خاصة في الشق المرتبط بتأهيل البنية التحتية كما ساهمت في هذا الوضع‬
‫صعوبة تضاريس هذين اإلقليمين مما ساهم بشكل كبير في ظهور مجموعة من‬
‫المشاكل االجتماعية و االقتصادية كالهجرة و السياسية من خالل مجموعة من‬
‫القالقل و االحتجاجات خصوصا في الفترات المرتبطة بصعوبة األمطار و‬
‫تهاطل الثلوج مما يجعل منهما مناطق منكوبة تعاني خصاصا على جميع‬
‫المستويات‪.‬‬
‫هذه االختالالت المجالية داخل األقاليم المشكلة لجهة بني مالل – خنيفرة جعلت‬
‫منها الرقم ‪ 5‬في ترتيبها على المستوى الوطني وبالرغم من محدودية اإلمكانيات‬
‫وغياب رؤية مندمجة لدى الشركاء و المتداخلين التي تحكمهم النظرة السياسية و‬
‫االنتخابية فإن العمل على الخروج من بوثقة هذه الوضعية أصبح ضرورة ملحة‬
‫إلعادة التوازن االقتصادي واالجتماعي و كذا التوزيع العادل للثروة بين األقاليم‬
‫المشكلة للجهة و كذا بين المدن المشكلة إلقليم نفسه ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫ان الجهوية المتقدمة تفرض إعادة النظر في الدعم الدي توفره الدولة للجهات‬
‫من خالل الزيادة في الموارد المحولة من قبل الدولة لصالح الجهات ‪ ،‬حتى تتمكن‬
‫من انجاز االختصاصات المنوطة بها في مجال التنمية االقتصادية و االجتماعية‬
‫مع اعتماد مبدا التوزيع الجبائي على تحقيق نوع من الموازنة او المعادلة الجبائية‬
‫على مستوى اإلمكانيات المتاحة للجماعات الترابية ‪ ،‬و العمل على تصحيح‬
‫الفوارق بين الجهات عن طريق االمدادات التي ترصدها الدولة بشكل متفاوت لها‬
‫‪،‬حسب معايير تأخذ بعين االعتبار مواردها و تحمالتها و اكراهات الخاصة ‪،‬‬
‫مع الحد من الفوارق بينها باقتطاع جزء من الموارد الجبائية ‪ ،‬ودفعها الى‬
‫الجهات الضعيفة اإلمكانيات و الموارد‪.‬‬
‫ننتهي مما سبق و نؤكد على أن العدالة المجالية تعتبر مدخال أساسيا إلحقاق‬
‫العدالة االجتماعية لما تضمنه من توزيع متوازن ومتكافئ للتقسيم الترابي من‬
‫جهة ‪ ،‬واالستثمار واالستفادة المتوازنة مما يختزن في بلد من البلدان من ثروات‬
‫طبيعية وطاقات بشرية من جهة أخرى ‪ .‬بل تعتبر مدخال لترسيخ الديمقراطية‬
‫وتأسيس دولة الحق والقانون الواجبات لتحقيق األمن واالستقرار واالطمئنان‪،‬‬
‫كما تؤكد كل التجارب الديمقراطية الناجحة التي جعلت من تحقيق العدالة‬
‫االجتماعية والمجالية أساسا حاسما في توطيد المسار الديمقراطي وتحقيق التنمية‬
‫المستدامة‪.‬‬

‫إن اإلقرار بمحدودية الجهوية في تدبيرها لالختالالت المجالية وعجزها ليس وليد‬
‫اللحظة الحالية بل وقفت عند العديد من التشخيصات والدراسات والتقارير الوطنية‬
‫من قبيل تقرير الخمسينية وتقارير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪،‬‬
‫وتقارير المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والمندوبية السامية‬
‫للتخطيط وغيرها‪ ،...‬والتي شكلت كلها مدخال أساسيا إلعادة بناء نموذج جديد‬
‫للجهوية المتقدمة يمكن البالد من إنتاج الثروة وتجاوز محدودية واالختالالت و‬
‫خصوصا المجالية منها ‪ .‬مما يقتضي فحص وتحليل وتقييم وتحيين مجمل‬
‫التوصيات والمقترحات التي جاءت في تقارير المؤسسات الدستورية والهيئات‬
‫‪19‬‬
‫الوطنية ومنها تفعيل الصندوق العمومي للتضامن بين الجهات لما له من دور‬
‫كبير في تقليص مختلف الفوارق و االعطاب ‪ ،‬ومما الشك فيه ان التنمية المجالية‬
‫تشكل نقطة تالقي بين جميع السياسات القطاعية في سياق نظرة شمولية تهدف‬
‫الى الحد من التفاوتات الجهوية‪ ،‬ورغم المجهودات المبذولة من قبل الدولة من‬
‫اجل إنجاح التجربة الجهوية المتقدمة فال زالت لم تلبي طموحات وال اآلمال‬
‫المعقودة عليها من طرف المواطن ‪ ،‬حيت ان االختالالت الحاصلة في المجال‬
‫الجهوي تبقى عائقا نحو تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية متكافئة ومنسجمة ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫الكتب‬
‫الدكتورة السعيدي مزروع فاطمة ‪،‬االدارة المحلية الالمركزية بالمغرب‪.‬‬ ‫•‬
‫محمد غنايم تجربة الجهة بالمغرب و رهانات الالمركزية المحلية ‪،‬‬ ‫•‬
‫منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية‬
‫ادريس جرذان‪" :‬النظام القانوني للجهة بالمغرب "‪ ،‬دار السليكي اخوان‬ ‫•‬
‫‪،‬طنجة الطبعة االولى ‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫حجيبة الزيتوني ‪،‬الجهة و االصالح الجهوي بالمغرب‬ ‫•‬
‫لمصطفى قريشي ‪ :‬الجهوية المتقدمة ورش مفتوح للحكامة الترابية"‬ ‫•‬

‫االطروحات و الرسائل‬
‫➢ ‪ -‬رشيد السعيد " مدى مساهمة الالمركزية و الالتمركز االداري في‬
‫دعم الجهوية " أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬الرباط‬
‫اكدال ‪. 2001 - 2002 ،‬‬
‫➢ ادريس بن الساهل (تطور و افاق الجهة بالمغرب ) رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا في القانون العام ‪،‬جامعة محمد الخامس الرباط‬
‫‪1996- 1995،‬‬

‫القوانين‬
‫✓ ‪ -‬دستور المغربي ل ‪ 01‬شتنبر ‪.1959‬‬
‫✓ ‪ -‬دستور المملكة ‪ - 1962‬الفصول ‪. 95 ، 94 ، 93‬‬
‫✓ دستور المغربي‪1963‬‬
‫✓ ‪ .‬دستور المملكة ‪2011‬‬
‫✓ قانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.59.161‬الصادر في ‪ 27‬صفر ‪1379‬‬
‫‪01/‬شتنبر ‪1959‬‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.63.273‬المتعلق بشان تنظيم العماالت و‬
‫االقاليم و مجالسها الجريدة الرسمية عدد ‪ 2655‬بتاريخ‬
‫‪1963/09/13‬‬

‫‪21‬‬
‫االحصائيات والتقارير‬
‫▪ المندوبية السامية للتخطيط ‪،‬االحصاء العام للسكان و السكنى‬
‫‪2014،‬‬
‫▪ تقرير المجلس االعلى للحسابات حول الجبايات المحلية ‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص ‪.21‬‬
‫المواقع الرسمية‬
‫الموقع الرسمي لرئاسة الحكومة ‪: Www.cg.gov.ma‬‬

‫‪22‬‬
‫الفهرس‪:‬‬
‫مقدمة‪2..................................................................................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬كرونولوجيا تطور الجهوية بالمغرب‪5 .............................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬قبل تبني الجهوية المتقدمة‪6.........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬بعد تبني الجهوية المتقدمة‪9........................................‬‬
‫الجهوي‬ ‫التقسيم‬ ‫وفق‬ ‫الجهوية‬ ‫االختالالت‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫بالمغرب‪12..........................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االختالالت المجالية بين الجهات‪12.................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬االختالالت المجالية في الجهة نفسها‪ -‬بني مالل‪ -‬خنيفرة نموذجا ‪15‬‬
‫خاتمة‪19.......................................................................... :‬‬
‫الئحة المراجع‪21............................................................. :‬‬

‫‪23‬‬

You might also like