Professional Documents
Culture Documents
الجهوية المتقدمة بي إشكالية توزيع الاختصاصات ورهان التوازن
الجهوية المتقدمة بي إشكالية توزيع الاختصاصات ورهان التوازن
�إن الجه��ة باعتباره��ا جماعة ترابية وف�ضاء يعم��ل على �إعادة توزيع ال�سلط في �إط��ار الدولة الموحدة،
معني��ة بالدرجة الأولى بم�س�ألة االخت�صا�ص��ات وكيفية تحديدها وتوزيعها ،وذلك لعدة اعتبارات من بينها
ما �أ�ضحت تمثله الجهوية من اختيار ا�ستراتيجي ت�أخذ به الدول الديمقراطية الحديثة ،بغية تخفيف العبء
عل��ى المركز عب��ر نقل جزء من �صالحيات واخت�صا�صات الحكومة المركزي��ة �إلى الجهة ،في �إطار عالقة
تتح��دد وترتبط بم�ستوى تط��ور الالمركزية في كل بلد وبمدى ما تود ال�سلط��ة المركزية منحه للجهة من
ا�ستقاللية في تدبير �ش�ؤونها.
و�أم��ام ما يعرفه الواقع ال�سيا�س��ي المغربي في الآونة الأخيرة من تحدي��ات و�إكراهات� ،أبرزها م�شكل
ال�صح��راء ال��ذي يه��دد الوحدة الترابية للوطن� ،إل��ى جانب رهان تحقيق التنمية ف��ي �سائر مختلف مناطق
المملك��ة والق�ضاء على الفوارق واالختالالت االقت�صادية واالجتماعي��ة بين الجهات .دفع ذلك المغرب
�إلى التعامل مع الجهوية باهتمام ووعي كبيرين وتغيير نظرته �إلى الجهة من مجرد كونها �إطار ترابي �إداري،
�إل��ى جه��ة كف�ضاء قادر على تحقيق الرهانات الكبرى للدولة .وهذا م��ا بلورته الخطابات الملكية لجاللة
المل��ك محمد ال�ساد�س في عزمه على �إطالق جهوية متقدم��ة ذات اخت�صا�صات و�صالحيات تمكنها من
تفعي��ل التنمية الجهوية المندمجة وتر�سيخ الحكام��ة المحلية الجيدة ،على �أ�سا�س مبادئ الوحدة والتوازن
والت�ضامن.
�إن �إع��ادة توزيع ال�سل��ط بين الجهة والدولة ،كفيل بجعل الجهة قن��اة للتوا�صل بين الدولة والمجتمع،
وال يت�أت��ى ذلك �إال بتزويد الجهات ب�سلطات و�صالحيات مح��ددة ودقيقة ،ووعيا ب�أهمية التحديد الدقيق
والح�ص��ري لل�صالحيات ،وما يمكن �أن يحققه ذلك من توازن في االخت�صا�صات بين الجهة والدولة فقد
عادل تميم 98
ت��م التركي��ز عليه في الت�صور الملكي حيث ربط تحقيق التوازن بعملية التحديد الح�صري لالخت�صا�صات،
�إذ ج��اء ف��ي خطاب المل��ك محمد ال�ساد���س بمنا�سبة الذك��رى الثالثة والثالثي��ن للم�سي��رة الخ�ضراء يوم
6نونب��ر 2008عل��ى �أن...« :الت��وازن ،فينبغ��ي �أن يقوم على تحدي��د االخت�صا�ص��ات الح�صرية المنوطة
بالدولة ،مع تمكين الم�ؤ�س�سات الجهوية من ال�صالحيات ال�ضرورية للنهو�ض بمهامها التنموية ،في مراعاة
لم�ستلزمات العقلنة واالن�سجام والتكامل.»...
غي��ر �أن تحقيق التوازن بين الجهة المتقدمة وما يفتر�ض فيها من تمتعها باخت�صا�صات و�أجهزة تقريرية
ذاتي��ة مهم��ة ،وبي��ن الدولة وما تمثله من مركزي��ة وتجميع لل�سلط يقت�ضي ذلك تحدي��د العالقة بين الدولة
والجهة بطريقة ت�سمح ب�إبراز ا�ستقاللية هذه الأخيرة.
وم��ن هنا تبرز الإ�شكالية الرئي�سية حول م��دى �إمكانية تحقيق التوازن في الأدوار واالخت�صا�صات بين
الجه��ة والدول��ة ؟ ف�إذا كانت هذه الإ�شكالية تبلور في عمقها عوائ��ق و�إكراهات تنتظر الجهوية المتقدمة،
ف���إن ه��ذه الأخيرة تجعل الت�سا�ؤل قائم حول� :إلى �أي حد هذه الجهوية هي متقدمة ؟ وما هي حدود و�أفق
اخت�صا�صاتها ؟ وما هي �ضوابط وتوزيع هذه االخت�صا�صات؟
المطلب الأول :تقييم العالقة بين الجهة والدولة على �ضوء القانون ((( 47-96
�إن الق��راءة الأولي��ة للد�ست��ور وللقانون المنظ��م للجهات تظهر بج�لاء هيمنة ال�سلط��ة المركزية على
المج��االت ال�سيا�سي��ة واالقت�صادي��ة واالجتماعية ،ويتجلى ذلك ف��ي كون العمال يتول��ون تنفيذ قرارات
العماالت والأقاليم والجهات طبق �شروط يحددها القانون ،كما �أنهم يمثلون ال�سلطة المركزية في الجهات
والعم��االت والأقاليم ،وي�سهرون على تنفيذ القوانين وه��م م�س�ؤولون على تطبيق قرارات الحكومة ،كما
�أنهم م�س�ؤولون لهذه الغاية عن تدبير الم�صالح المحلية التابعة للإدارات المركزية.
وعليه فالمقارنة الب�سيطة بين نوع وحجم ما يتمتع به والي الجهة من �صالحيات باعتباره �سلطة معينة،
�أم��ام ما يتوفر عليه رئي�س المجل�س الجه��وي والذي يعد �سلطة منتخبة ،تخل�ص -المقارنة� -إلى عالقة غير
متوازنة تتميز باختالالت كبيرة على م�ستوى توزيع ال�سلطة بين الجهة والدولة.
ويزي��د من اختالل ت��وازن االخت�صا�صات بين الجه��ة والدولة �أ�سلوب توزي��ع االخت�صا�صات وطريقة
تحدي��ده وتن�صي�ص��ه لل�صالحي��ات ،وتتعمق ه��ذه الظاهرة ا�ستفح��اال بفعل الواق��ع والممار�س��ة الإدارية
والمالية.
((( ظهير �شريف رقم � 1.97.84صادر في 23من ذي القعدة � 2( 1417أبريل )1997بتنفيذ القانون رقم 47.96المتعلق بتنظيم
الجهات ،ال�صادر بالجريدة الر�سمية عدد 4470بتاريخ 24ذي القعدة � 3( 1417أبريل � ،)1997ص.556 .
((( عبد الواحد مبعوث« ،التنمية الجهوية بين عدم التركيز الإداري والالمركزية»� ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،
جامعة محمد الخام�س ،كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية ،الرباط � -أكدال� ،2000-1999 ،ص.343 .
((( �سارة الخمال�« ،آفاق الجهة بالمغرب» ،ر�سالة لنيل دبلوم الدرا�سات العليا في القانون العام ،جامعة عبد المالك ال�سعدي،
كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية ،طنجة� ،ص.15 .
((( �أنظر الف�صل الخام�س من ظهير رقم 1-71-77ال�صادر في 16يونيو 1971والمتعلق بالجهات االقت�صادية.
يمار�س اخت�صا�صاته على ثالث م�ستويات :اخت�صا�صات خا�صة ((( ،واخت�صا�صات تنقلها الدولة �إليه (((،
واخت�صا�ص��ات ا�ست�شاري��ة ((( .كم��ا مك��ن القانون المذكور الجه��ة ب�أجهزة منتخبة تتمث��ل في المجل�س
الجه��وي المنتخب باالقتراع الع��ام غير المبا�شر ،والمكتب المكون من رئي���س ونواب منتخبين من قبل
المجل�س ،ولجان منتخبة تتولى الق�ضايا الجهوية قبل البث فيها من قبل الجهاز التداولي (((.
غي��ر �أن��ه ،وبالنظر �إلى طبيعة االخت�صا�ص��ات الموكولة لرئي�س المجل�س الجه��وي ،ف�إنه يحتل المرتبة
الثاني��ة بع��د الوالي ،الذي تع��ززت مكانته على م�ستوى الجه��ة ب�شكل كبير مع الف�ص��ل 145من الد�ستور
الجدي��د ل�سن��ة ،2011حي��ث �أ�صبح يعتب��ر ممثال لل�سلط��ة الحكومية عل��ى الم�ستوى الجه��وي ،ومنفذا
لق��رارات المجال���س المنتخب��ة ،وتم تقوي��ة دوره �أكثر من خ�لال القانون المنظم للجه��ة ( )47-96الذي
ح��دد اخت�صا�صات حيوي��ة بالن�سبة للوالي ،ف�أ�صبح يقوم ب�إعداد الح�س��اب الإداري ،وينفذ الميزانية ويبرم
ال�صفقات ويمثل الجهة �أمام الق�ضاء (((.
فتوزيع ال�سلط بين الجهة والدولة ظل محكوم بهاج�س �أمني يهدف �إلى ت�أمين و�سمو المركزية بعيدا عن
�أي �ش��كل من �أ�شكال المناف�سة ،بحيث احتفظت ال�سلطة المركزية لنف�سها في هذا النظام بمكان محوري
�سمح لها باحتكار ال�سلطة التقريرية في مجاالت تعد من المجاالت الطبيعية للممار�سة المجل�س الجهوي
مهام��ه فيها ( .((1هذا م��ن جهة ومن جهة �أخرى ،فالم�شرع كما �سبق الذك��ر �أعطى اخت�صا�صات للجهة
تمار�سه��ا في المي��دان االقت�صادي واالجتماعي والثقاف��ي ،دون �أن ي�صل �إلى الم�ست��وى ال�سيا�سي بحكم
م��ا ن�ص��ت عليه المادة الأولى ف��ي فقرتها الأخيرة من من��ع الجهات من التداول ف��ي الق�ضايا ذات الطابع
ال�سيا�سي (.((1
�إال �أن هذه المادة ي�سودها الغمو�ض والتناق�ض في نف�س الوقت ،فالم�شرع منع الجهات من التداول في
الق�ضاي��ا ذات الطاب��ع ال�سيا�سي وا�ستثنى من ذلك الق�ضايا التي تهم م�صلحة الجهة ،وهنا قد تكون م�صلحة
الجهة في الق�ضايا ذات طابع �سيا�سي كعقد اتفاقيات مع دولة �أجنبية تهم الميدان االقت�صادي واالجتماعي
وبالتال��ي وم��ع اال�ستناد �إلى تلك المادة المذكورة تمنع مثل هذه الق�ضايا .فهذا الغمو�ض والتناق�ض يرد �إلى
ا�ستعمال الم�شرع عبارة «ذات طابع �سيا�سي» دون �أن يحدد ماذا يق�صد بهذه العبارة في �إطار بع�ض الأمثلة
�أو تحديد ب�شكل ح�صري الق�ضايا التي يراها ذات طابع �سيا�سي .فللخروج من هذا الإ�شكال على الم�شرع
ا�ستعمال عبارة «ق�ضايا ذات عالقة ب�سيادة الدولة» عو�ض العبارة المذكورة �سابقا.
بالإ�ضاف��ة �إلى ذل��ك وفي �إطار الحديث عن �ضع��ف اخت�صا�صات الجهة ،ف�إن ه��ذه الأخيرة لم تمنح
له��ا �صالحية البث في مج��ال القطاع الفالحي والعالم القروي الذي يعتبر م��ن الميادين الأ�سا�سية للتنمية
الجهوية ( .((1حيث يتم تبرير ذلك ب�أن هذه المجاالت �إ�ستراتيجية في االقت�صاد الوطني ،من ال�سابق لأوانه
من��ح �صالحي��ة البث فيها للجه��ة ،نظرا لقلة تجربتها وعدم توفرها على �أجه��زة خا�صة قادرة على الت�سيير
والتدبير ب�شكل عقالني (.((1
وفي نف�س ال�سياق نجد �أن بع�ض االخت�صا�صات التي يمكن �أن تنقلها الدولة �إلى المجل�س الجهوي ك�إقامة
و�صيان��ة الم�ست�شفي��ات والثانويات والم�ؤ�س�س��ات الجامعية وتوزيع المنح الدرا�سي��ة وتكوين موظفي و�أطر
الجماعات الترابية ،ثم نقلها بدون تحويل الموارد لذلك االخت�صا�ص ،رغم �أن المادة 8مـن القانون 47-96
في فقرتها ما قبل الأخيرة تن�ص على �ضرورة وجوب اقتران نقل كل اخت�صا�ص بتحويل موارد له.
زي��ادة عل��ى �أنه حتى في المجال المال��ي للجهة نجد �أن بع�ض االخت�صا�ص��ات المتعلقة بتحديد كيفية
و�ض��ع الر�س��وم �أو الأت��اوى وقواعد تح�صيلها وه��ي اخت�صا�صات جهوي��ة قد تم تقلي�صه��ا ب�شكل كبير.
كذل��ك ينطب��ق الأمر على دور الجهة في �إعداد مخطط التنمية االقت�صادية واالجتماعية ،حيث نجد دورها
اال�ست�شاري بدون جدوى نظرا لل�ضعف الحا�صل على م�ستوى م�صالح الإح�صاء الجهوي ،ثم غياب الأطر
المتخ�ص�صة في التخطيط (.((1
�أم��ا مج��ال العالقات الدولية الذي ال يبرز فيه �ضعف االخت�صا�ص��ات و�إنما انعدامها ،حيث �أنه لم يتم
التن�صي���ص على �إمكانية التعاون الخارج��ي بين جهات مغربية و�أخرى �أجنبية �أو مع هيئات ومنظمات غير
حكومية خارجية �سواء تعلق الأمر ب�إبرام عقود �أو اتفاقيات �أو بروتوكوالت �أو تو�أمات (.((1
ويطال �ضعف اخت�صا�صات الجهة دور رئي�س المجل�س الجهوي حتى في �أب�سط الأمور ،كاال�ضطالع
بانتظ��ام عل��ى تنفيذ ق��رارات مجل�سه ،حيث ي�صعب �إطالع��ه با�ستمرار وجمع المكت��ب لإخباره من قبل
العام��ل ( ،((1نظرا للحجم الذي �سيتخ��ذه العمل التنفيذي الذي �سيقوم به ممثل الدولة من جهة وال�سرعة
التي قد تتطلبها بع�ض الظروف من جهة �أخرى.
( ((1محمد التكراني« ،التنظيم الجهوي» ر�سالة لنيل دبلوم الدرا�سات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة محمد الخام�س
كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية ،الرباط�-أكدال� ،2001-2000 ،ص.79 .
( ((1بنعي�سى �شاكور« ،ال�سيا�سة الجهوية بالمغرب» ،ر�سالة لنيل دبلوم الدرا�سات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة
محمد الخام�س الرباط�-أكدال� ،1999 ،ص.61.
( ((1عبد اهلل الطالبي« ،ال�سيا�سة الجهوية بالمغرب نموذج :جهة العيون بوجدور» بحث لنيل دبلوم الدرا�سات العليا المعمقة
جامعة محمد الخام�س كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية ،الرباط�-أكدال� ،2006-2005 ،ص.65 .
( ((1محمد بوجيدة ،التنظيم الجهوي الالمركزي بالمغرب ،مرجع �سابق� ،ص.35 .
( ((1المادة 45من قانون .47-96
ثانيا :مكانة الوالي مظهر لعدم توازن االخت�صا�صات بين الجهة والدولة
تتمي��ز «م�ؤ�س�سة الوالي» بمكانة متميزة حيث نال��ت اهتمام د�ستوري بينما تُرك تنظيم الجهة للم�شرع
العادي رغم �أهميتها ،وذلك ما يظهر من خالل:
�أ -ثقل ح�ضور الوالي في الجهة
�إذا كان المجل�س الجهوي يملك �سلطات تقريرية ،ف�إنه يجب الت�أكيد على �أن ممار�سة هذه ال�صالحيات
تت��م تحت �إ�شراف مبا�شر وتدخل قوي من طرف �سلطة الو�صاية تمار�س ب�أدوات و�أ�ساليب متعددة ،ت�ؤدي
�إلى �إ�ضعاف قدرة المجل�س الجهوي ،والإبقاء عليه في تبعية دائمة لل�سلطة الإدارية (.((1
ف�ضال عن ذلك فالم�شرع تجنب مبد�أ اال�ستقاللية الذي يجب �أن تتمتع به الجهات على م�ستوى الهيئة
التنفيذي��ة ،واختار بذال من ذلك مب��د�أ «ثنائية الر�أ�س» ((1( Bicéphalismeحيث �أنه جعل الجهاز التنفيذي
للجهة يتقا�سمه رئي�س الجهة والوالي ( ((1ف�إقرار االزدواجية التنفيذية للجهة ب�إ�شراك الوالي (ممثل ال�سلطة
المركزية) في العمل التنفيذي لالخت�صا�صات الجهة �إلى جانب رئي�س المجل�س الجهوي ( ،((2يطرح عدة
�إ�شكاليات كبرى ،خ�صو�صا فيما يتعلق بتنفيذ القرارات ال�صادرة عن المجل�س الجهوي بعد الموافقة عليها
من طرف �سلطة الو�صاية� ،إذ ال يتوفر المجل�س على و�سائل ي�ستعملها من �أجل ال�ضغط على الوالي لت�سريع
من تنفيذ تلك المداوالت الم�صادق عليها ( .((2ويزداد نفوذ الوالي في عدة مجاالت حيوية في ظل افتقار
الإدارة الجهوية �إلى �آليات و�إمكانيات تحد من ذلك النفوذ.
كم��ا منح القانون الوالي رئا�س��ة اللجنة الم�شتركة بين الجهات ب�صفة الآم��ر بال�صرف بالن�سبة لميزانية
ه��ذه الهيئ��ة ،مع �أن من الطبيع��ي �أن يكون رئي�س مجل�س جه��وي هو الرئي�س لتلك الهيئ��ة ،ف�ضال عن �أن
الق��رارات الت��ي يخول �أمر الت�صويت عليه��ا �إلى الإدارة الجهوية المنتخبة �إنم��ا يجري �إعدادها من طرف
�سلطة الوالي.
وي��زداد و�ض��وح هذا الالتكاف�ؤ والالتوازن في هذه العالقة عن��د مقارنتها حتى بدول يتم اعتبارها غير
متقدم��ة ف��ي ال�ش�أن الجهوي كفرن�سا مثال حيث تتميز فيها طبيعة تواجد الدولة داخل الجهـة ب�سمو تنظيـم
هذه الأخيرة ،عبر ما قامت به حكومة Rocardلإعطاء نف�س جديد لالمركزية ،حيث تمت الم�صادقة على
قانون 6فبراير 1992الذي بموجبه تم ح�صر وظائف ممثل الدولة Le Préfetفي :
-تطبيق ال�سيا�سة الوطنية الأوربية على ال�صعيد الجهوي.
� -إنعا�ش �سيا�سة التن�شيط والتن�سيق مع باقي الفاعلين في المجال البيئي والثقافي.
-قرارات ممثل الدولة Le Préfetيجب �أن تكون متطابقة مع التوجهات الجهوية (.((2
فالعالقة في المغرب بين الوالي ب�صفته ممثل الدولة والجهة ،ما زالت تعرف اختالال في توزيع ال�سلطة
ل�صالح الوالي ،وتزداد هذه العالقة اختالال بممار�سة و�صاية �صارمة على الجهات.
ب � -صرامة الو�صاية
�إن الهدف الأ�سا�سي والحقيقي من رقابة ال�سلطة المركزية على الجماعات الترابية في نظام الالمركزية،
�إنم��ا هو �ضمان ح�سن �إدارة المرافق والم�شروع��ات العامة والمحلية والعمل على وحدة االتجاه الإداري
للدول��ة .و�أما حماي��ة الوحدة ال�سيا�سية للدولة فلي���س �إال تبريرا من الحكومة المركزي��ة لتو�سيع ال�سلطات
الرقابي��ة ،وزي��ادة تدخلها في ال�ش�ؤون المحلي��ة وت�ضييق ا�ستقالل الهيئات المحلي��ة ،وبالتالي يفقد النظام
الالمركزي الجهوي معناه الحقيقي وغر�ض وجوده (.((2
فالإ�شكالي��ة ال تنح�ص��ر في وج��ود الو�صاية في حد ذاتها ك�أداة للمراقب��ة والتتبع ،بل تتعداها �إلى مدى
وكيفي��ة تطبي��ق ه��ذه الو�صاية التي تتجلى ف��ي مظهرين بارزي��ن ،المظهر الأول يمار�س عل��ى الأ�شخا�ص
والأجه��زة م��ن حيث الع��زل والتوقيف� ،أما المظهر الثان��ي فيمار�س على الأعمال ال�ص��ادرة عن الأجهزة
الالمركزية (.((2
وبالتال��ي تك��ون الو�صاي��ة على الأعمال تن�ص��ب �أوال على م�شروعي��ة التدبير المتخ��ذ على الم�ستوى
المحل��ي ومطابقتها للقواني��ن التنظيمية ،وثانيا على مالءمة هذه التدابي��ر ال�سيا�سة المركزية ،وهو ما يمنح
لممثلي الدولة �سلطة تقديرية وا�سعة تقلل من ا�ستقاللية الجماعات الترابية.
( ((2خالد الغازي« ،التنظيم الجهوي بفرن�سا» ،المجلة المغربية للأنظمة القانونية وال�سيا�سية ،عدد خا�ص ،ال�سنة الرابعة،
يونيو � ،2005ص.8 .
( ((2محمد الهماوندي ،الحكم الذاتي والنظم الالمركزية الإدارية وال�سيا�سية :درا�سة مقارنة ،مطبعة دار الم�ستقبل العربي،
الطبعة الأولى� ،ص.134 .
( ((2مليكة ال�صروخ ،القانون الإداري :درا�سة مقارنة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البي�ضاء ،الطبعة الثانية �سنة ،1996
�ص.183 .
وبخ�صو���ص الجه��ة وبموجب المادة 41م��ن قانون ( )47-96فكل �أعمال ومق��ررات المجل�س ذات
الطابع المالي ال تقبل التنفيذ �إال بعد الم�صادقة ال�صريحة عليها من طرف �سلطة الو�صاية ( ،((2داخل �أجل
30يوم��ا من تاريخ �إحالتها عليه��ا ،وفي حالة الرف�ض يحيل المجل�س الجهوي داخل �أجل � 8أيام من تاريخ
التبليغ الأمر �إلى المحكمة الإدارية (.((2
فم��ن خالل هذه المادة ُي�ست�شف مدى ثق��ل الو�صاية على المجل�س الجهوي ،زيادة على عدم التوازن
حتى في مدة الرد على� /أو الطعن في المقررات المالية الجهوية� ،إذ المدة المخولة ل�سلطة الو�صاية في الرد
على تلك المقررات تفوق المدة القانونية للمجل�س الجهوي في الطعن فيها.
كم��ا �أن ل�سلطة الو�صاية الحق في �أن تعتر�ض عل��ى تطبيق مقررات المجل�س الجهوي وت�ؤخر دخولها
حي��ز التنفي��ذ ،وذلك باللجوء �إلى م�سطرة القراءة الثانية ( ((2التي يتم اللجوء �إليها غالبا في المجال المالي،
خا�ص��ة فيم��ا يتعلق بالم�صادقة على الح�ساب ،حيث يترتب عن الرف�ض الثاني عقب القراءة الجديدة �إحالة
الح�ساب على المجل�س الجهوي للح�سابات .وهذا ما ي�شكل امتيازا �إ�ضافيا تتمتع به �سلطة الو�صاية خا�صة
و�أن �سلطتها التقديرية وا�سعة في هذا المجال.
وتتجل��ى �أق�ص��ى �صورة للو�صاية المركزية في حالة �إجراء الحلول والتي بموجبها يحق ل�سلطة الو�صاية
القي��ام ب�أعمال ومهام المجل���س الجهوي ،كما ويزيد من ثقل الو�صاية الغمو�ض الذي يكتنف المقت�ضيات
المتعلقة بها على الأ�شخا�ص في قانون الجهة ،ذلك �أنه لم يو�ضح �أ�سباب �أو �ضوابط ممار�سة �سلطة التوقيف
�س��واء بالن�سبة لأع�ضاء المكتب �أو الم�ست�شارين �أو المجل���س ككل .ونف�س ال�شيء بالن�سبة لحل المجل�س،
مم��ا يت��رك �سلطة تقديرية وا�سع��ة ل�سلطة الو�صاية لتحدي��د الأفعال التي يمكن �أن تب��رر كل �إجراء و�صائي
ت�أديب��ي ( ،((2فالو�صاي��ة بال�شكل المعمول به حالي��ا تطرح الت�سا�ؤل عن الجدوى م��ن الإقرار الد�ستوري
بالف�صل 135على التدبير الديمقراطي لل�ش�ؤون المحلية من قبل مجال�س منتخبة (.((2
ه��ذا الت�سا�ؤل يطرح ت�سا�ؤال �أعمق منه وهو ،ه��ل �آن الأوان فعال لال�ستغناء عن نظام الو�صاية واالرتقاء
�إلى م�ستوى ا�ستبداله بالرقابة الق�ضائية ال�صرفة؟
ففي فرن�سا وكما تمت الإ�شارة �إلى رغم �أن الجهوية فيها ال ترقى �إلى الجهوية ال�سيا�سية كما هو ال�ش�أن
ب�إ�سبانيا و�إيطاليا قد �ألغت نظام الو�صاية الإدارية بعد م�سيرة تاريخية ،حيث تم اعتبار الرقابة الق�ضائية رقابة
محكمة ودقيقة (.((3
فالم�ش��رع الفرن�س��ي عمل على �إلغ��اء الو�صاية القبلية على مق��ررات المجال�س الجهوي��ة ،وتعوي�ضها
بالرقاب��ة البعدي��ة المتمثلة في الرقابة الق�ضائية .وبذلك تك��ون فرن�سا قد خطت خطوات مهمة نحو تحرير
الجهة من القيود القانونية (.((3
�إال �أن عالق��ة الدول��ة بالجهة في المغرب ات�سمت ومازالت تت�سم بالمبالغة في �أ�شكال الرقابة والو�صاية
وتع��دد �أنماطها وط��رق ممار�ستها وكثرة المتدخلين ف��ي القيام بها ورجاحة الرقاب��ة ذات الطابع القبلي،
ال�شيء الذي يجعل من اخت�صا�صات المجال�س الجهوية اخت�صا�صات �شكلية و�صورية ،خ�صو�صا و�أن هذه
االخت�صا�صات تتميز بالغمو�ض وال�ضبابية ،الأمر الذي ي�ؤدي �إلى تنازع وتداخل تلك االخت�صا�صات ،مما
يزيد من اختالل العالقة بين الجهة والدولة.
( ((3خالد الغازي ،التنظيم الجهوي بفرن�سا ،مرجع �سابق� ،ص.88 .
( ((3عبد الواحد مبعوث ،مرجع �سابق� ،ص.351.
( ((3محمد بوجيدة« ،تداخل االخت�صا�صات بين الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممار�سة» ،من�شورات المجلة
المغربية للإدارة المحلية والتنمية� ،سل�سلة “م�ؤلفات و�أعمال جامعية” ،عدد � ،78ص.23 .
( ((3عبد اهلل الطالبي ،مرجع �سابق� ،ص.67 .
تدخ��ل الوح��دات الترابية في كل مجاالت ه��ذه التنمية ،و�إنما ي�صبح عائقا عند ع��دم تن�سيق وتكامل في
الر�ؤى والتدخالت (.((3
والخال�ص��ة �أن المقت�ض��ى الع��ام لالخت�صا���ص م�ؤ�س���س على فكرة الق�ضاي��ا المحلية الت��ي تقوم عليها
الالمركزي��ة الإداري��ة الترابية ،وهي فكرة ف�ضفا�ضة وعامة ي�صعب تحدي��د مدلولها بالن�سبة لكل �صنف من
الجماعات الترابية.
ف�ضال عن عمومية االخت�صا�صات هناك عامل تق�صير الم�شرع الذي لم يقم ب�إ�صدار القوانين التي تو�ضح
بج�لاء ح��دود تدخل وم�س�ؤوليات كل طرف وذلك للحد من �سلطة الو�صاية في تف�سيراتها الخت�صا�صات
الهيئات الجهوية لفائدة ممثلي الدولة.
كم��ا �أن ال�سلط��ة التنظيمي��ة بدورها لم تنه���ض بما عليها ب�إ�ص��دار الن�صو�ص التنظيمي��ة الالزمة� ،سواء
المتعلق��ة بتنفيذ القوانين �أو غيرها ،بالإ�ضافة �إلى عدم �إلم��ام المنتخب بالن�صو�ص القانونية الخا�صة بتدبير
ال�ش�ؤون المحلية نظرا ل�ضعف تكوينه من جهة وت�شتت تلك الن�صو�ص القانونية من جهة �أخرى.
�إن هذه الأ�سباب مجتمعة ت�ؤدي �إلى ت�أثيرات �سلبية على عدة مجاالت مرتبطة بعالقة الجهة بالدولة مما
ي�شكل عائقا �أمام توازن هذه العالقة.
( ((3دورية من وزير الداخلية �إلى والة الجهات وعمال العماالت و�أقاليم المملكة حول تو�ضيح وتدقيق االخت�صا�صات الذاتية
المخولة للجماعات المحلية بتاريخ � 18أكتوبر ،2004رقم .134م.
ملكية التجهيزات والعقارات .ويترتب عن ذلك �ضياع ممتلكات كثيرة وترك عقارات وغيرها في و�ضعية
مبهمة غير م�صنفة في دائرة �أمالك �أي طرف.
�إال �أن��ه تبقى �أكبر الت�أثيرات لم�س�ألة تداخ��ل وت�ضارب االخت�صا�صات تلك التي تعك�س �سلبا على تنمية
قطاعات معين��ة ،وبالتالي على التنمية االقت�صادية واالجتماعية عامة .فعدم و�ضوح االخت�صا�صات يت�سبب
في هدر الطاقات المادية والمالية ومعاودة �إنجاز نف�س الم�شاريع من قبل الجماعات الترابية والم�ؤ�س�سات
العمومية المختلفة.
فالتنمية ت�ستلزم تو�ضيح كافة االخت�صا�صات والإمكانيات المر�صودة لها وعالقات التعاون بين الجهة
والدولة ،لأنه في غياب تو�ضيح االخت�صا�صات ي�صعب بل ي�ستحيل تقييم مجهودات الجهة (.((3
بالإ�ضاف��ة �إل��ى ذلك ي���ؤدي الغمو�ض والإبهام ف��ي بع�ض الن�صو���ص القانونية �إلى �إ�شكالي��ات قانونية
كالمادة 15من قانون الجهة ( ((4والتي تعرف تناق�ضا� ،إذ تلزم هذه المادة رئي�س المجل�س ونوابه بموا�صلة
مزاولة مهامهم حتى بعد قبول ا�ستقالتهم االختيارية �إلى �أن يتم تن�صيب خلفهم .والنتيجة لذلك �أن القرارات
التي �سيتخذونها بعد ذلك غير �شرعية لإخاللها بقاعدة االخت�صا�ص الزمني (.((4
ف�ض�لا ع��ن �أن ممار�س��ة الو�صاية على �أعم��ال الهيئات المنتخب��ة وخا�صة البطالن والحل��ول تعد �شبه
م�ستحيل��ة ويظه��ر ذلك جليا من خ�لال المادتين 45و 47من القانون المنظم للجه��ة� ،إذ �أن المادة 45من
القان��ون المنظ��م للجهة تعتب��ر �أن القرارات المتعلق��ة بمو�ضوع خارج عن نط��اق اخت�صا�صات المجل�س
الجهوي �أو المتخذة خالفا للن�صو�ص الت�شريعية �أو التنظيمية الجاري بها العمل ،تعد باطلة بحكم القانون
وبالتال��ي في ظل عدم و�ضوح الح��دود الفا�صلة والمبررة الخت�صا�صات الجهة ي�صعب تطبيق المقت�ضيات
ال�سالفة ذكرها.
نف�س الأمر بالن�سبة لو�صاية الحلول (� ،((4إذ ي�صعب ممار�ستها في الوقت الذي تتميز فيه اخت�صا�صات
رئي�س الجهة بعدم التحديد الدقيق والو�ضوح الكافي.
وعلي��ه ،ف���إن الجهة تعاني من �ضعف في االخت�صا�صات التي تزداد حدتها نتيجة عدة معيقات في �إطار
عالقاتها بالدولة ،حيث تمتلك هذه الأخيرة من الو�سائل الرقابية والتدخلية �سواء الت�أثير على �أع�ضاء �أجهزتها
�أو مقرراته��ا ،ما يجعل الجهة في و�ضعية تبعية واختالل دائم لتوازن االخت�صا�صات بينهما .اختالل يعمقه
غمو�ض و�ضبابية االخت�صا�صات الناتجة عن �أ�سلوب التوزيع الذي يعتمد العمومية في التن�صي�ص.
ف�إلى متى �سي�ستمر هذا الالتوازن والالتكاف ؤ� بين الجهة والدولة؟ خ�صو�صا و�أن المغرب دخل في ور�ش
تحديث وتطوير الجهوية.
وال�سيا�س��ي المغرب��ي واالرتقاء بها �إلى �أق�صى درجة ممكنة من الالمركزية ( .((4عبر توزيع االخت�صا�صات
عل��ى �أ�سا�س مبادئ محددة ي�ساهم اعتماده��ا في تجلية الغمو�ض عن كثير من جوانبها والحد من التداخل
الذي ينتاب كل من الدولة والجهة.
وتتمث��ل تلك المبادئ في البحث عن الم�ستوى المالئم لممار�سة اخت�صا�صات معينة بحيث ال يتدخل
الم�ست��وى الأعل��ى �إال في الحاالت التي ال ت�ستطي��ع فيها الم�ستويات الدنيا ممار�س��ة تلك االخت�صا�صات
بنف�سه��ا ،وهو ما يعني �أن الدولة يج��ب �أن تتخلى للجماعات الترابية عن كل االخت�صا�صات التي ت�ستطيع
اال�ضطالع بها ،ونف�س ال�شئ فيما بين �أ�صناف الجماعات الترابية الأخرى.
ب – الأ�سلوب الح�صري ك�أ�سلوب لتوزيع االخت�صا�صات بين الجهة والدولة
بن��اء عل��ى الإ�شكاالت التي تنجم عن تحدي��د وتوزيع االخت�صا�صات في بين الجه��ة والدولة ،والذي
�ساهم فيها �أ�سلوب التوزيع الذي يرتكز على ال�صيغ العامة لالخت�صا�صات ب�شكل مبا�شر ،يتعين العدول عن
اعتم��اد هذا الأ�سلوب ،وح��ل محله الأ�سلوب الح�صري الذي يو�ضح بدقة قائمة االخت�صا�صات الم�سندة
للدولة وتلك المخولة للجهة وباقي الجماعات الترابية الأخرى.
فبالرغ��م م��ن ت�سليط ال�ضوء على الم�ضمون الحقيقي الخت�صا�ص��ات الجهة والتو�ضيحات والت�أويالت
الت��ي �أعطته��ا �سلطة الو�صاية ،ف�إن اخت�صا�صات الهيئات الالمركزية �ضلت غام�ضة ب�سبب اعتماد المقت�ضى
الع��ام وال�صي��غ العامة له��ا ،وعدم تحديد محت��وى كاف��ة اخت�صا�صاتها من طرف تل��ك الن�صو�ص ،لذلك
يج��ب �إزال��ة الإبهام الذي يكتنف تلك االخت�صا�صات الجهوية والذي يعت��ري �أي�ضا اخت�صا�صات الدولة،
والبحث عن معايير جديدة لتوزيع االخت�صا�صات بين الجهة والدولة ،وتحديد المدلول الحقيقي للق�ضايا
الوطنية والق�ضايا الجهوية لتفادي الغمو�ض ال�سائد والت�أويالت المت�ضاربة وم�شكلة تداخل االخت�صا�صات
وت�شابكها ،وما ينتج عنها من �آثار �سلبية على �أكثر من م�ستوى.
فوظيف��ة توزيع االخت�صا�صات اتخذت في التجارب التي �أخذت بالالمركزية ال�سيا�سية �أبعادا د�ستورية
�ضمن��ت بذل��ك من جهة ا�ستقاللي��ة الوحدات الترابية ،ومن جهة �أخرى تحدي��د �صالحيات هذه الأخيرة
ب�شكل دقيق يزيل الغمو�ض الذي غالبا ما ي�شوب �إ�شكالية تحديد ال�ش�ؤون المحلية ونظيرتها الوطنية (.((4
�إال �أن ذلك لم يحد من م�شاكل توزيع االخت�صا�صات بين الجهة والدولة .ففي �إ�سبانيا التي اعتمدت التوزيع
الح�ص��ري لالخت�صا�ص��ات ،عبر ما يت�ضمنه الد�ستور من مادت��ه 148و 149نوعين من القوائم ،تظم الأولى
االخت�صا�ص��ات المحفوظة للدولة ،والثانية لما يمك��ن �أن ت�ضطلع به المجموعات الم�ستقلة ،ف�إن ذلك لم
يقف �أمام �إ�شكالية �ضبط وتدقيق محتوى تلك االخت�صا�صات.
نف���س الأم��ر بالن�سب��ة لإيطالي��ا ،حيث لج�أ الم�ش��رع االيطالي �إلى ع��دة و�سائل لحل م�ش��كل ت�شابك
االخت�صا�صات بين الدولة والمجال�س الجهوية من جهة ،وبين هذه الأخيرة والمجال�س المحلية الأدنى من
جهة �أخرى ،والحر�ص على منح ممثلي الدولة �سلطة التن�سيق بين هذه االخت�صا�صات .فالبرغم من ذلك،
فق��د لج���أت المجال�س الجهوية تحت �ستار الإعالنات التي تمنحه��ا للمجال�س الإقليمية ،والبلدية ،تحت
ذريع��ة الرقاب��ة التي يخولها لها الد�ستور عليها� ،إلى �سن الت�شريع��ات الم�سماة بت�شريعات التدخل الجهوي
لت�ضطل��ع بالم�سائل التي تندرج �ضم��ن اخت�صا�صات تلك المجال�س كالحلول محلها لإدارة بع�ض المرافق
العامة المحلية ،التي تمول عن طريق الم�ساعدات ،مما ا�ضطر الحكومة في بع�ض الأحيان �إلى منع �صدور
تلك الت�شريعات (.((4
وعلي��ه فتجاوز �إ�شكاالت التوزي��ع يقت�ضي اعتماد الأ�سلوب الح�صري لالخت�صا�صات وذلك لما يوفره
م��ن و�ض��وح وتدقيق في ال�صي��غ القانونية لالخت�صا�صات ،فرغم �أن هذا الأ�سل��وب لم يف�ضي �إلى حل جل
م�ش��اكل التوزيع في الدولة الت��ي اعتمدته� ،إال �أنه يبقى الأن�سب مقارنة مع الأ�سلوب الذي يعتمد المقت�ضى
العام لالخت�صا�ص وما ي�شكله من غمو�ض و�إبهام في االخت�صا�صات.
ورغ��م �أهمي��ة الأ�سلوب الح�صري لتوزيع االخت�صا�صات ف�إن الد�ستور الجديد لم يتطرق �إليه بل اكتفى
�إل��ى �إحالة م�س�أل��ة االخت�صا�صات �إلى القانون التنظيمي دون توجيهه �إل��ى اعتماد هذا اال�سلوب في توزيع
ال�صالحي��ات ،فبالإ�ضاف��ة �إل��ى ذلك فالد�ست��ور المغربي 2011عمل عل��ى �إبقاء نوعين م��ن اخت�صا�صات
الجماع��ات الترابي��ة والمتمثلة ف��ي اخت�صا�صات ذاتية واخت�صا�ص��ات منقولة �إليها م��ن الدولة ،وا�ستبدال
االخت�صا�صات اال�ست�شارية والتي هي مدرجة حاليا في القانون المنظم للجهات باالخت�صا�صات الم�شتركة
مع الدولة.
غير �أن الأمر يتطلب المزيد من التقنيات في تحديد �أنواع االخت�صا�صات ،فبالرجوع �إلى ا�سبانيا مثال،
يمكن ت�صنيف االخت�صا�صات من خالل قائمتيها في الد�ستور �إلى خم�سة �أنواع وهي:
-االخت�صا�صات المحتكرة من قبل الدولة.
-االخت�صا�صات الخا�صة بالمجموعات الم�ستقلة.
-االخت�صا�صات الم�شتركة (�أو الموزعة) بين الدولة والمجموعات الم�ستقلة.
-االخت�صا�صات المتناف�س عليها من قبل الدولة والمجموعات الم�ستقلة.
-االخت�صا�صات التي يمكن للدولة تفوي�ضها للمجموعات الم�ستقلة.
و�إل��ى جان��ب ه��ذا التوزيع ،فالم�ش��رع �أقر ميكانيزم��ات تزيد م��ن مرونته ك�أن �سم��ح للمجموعات
الم�ستقل��ة �أن تتفادى اال�ضطالع ببع�ض االخت�صا�صات في حالة وجود �صعوبة بالنهو�ض بها ( .((4فتوزيع
( ((4محمد بوجيدة« ،تداخل االخت�صا�صات بين الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممار�سة» ،مرجع �سابق،
�ص.385 .
( ((4محمد بوجيدة ،نف�س المرجع ال�سابق� ،ص.408 .
االخت�صا�صات على عدة م�ستويات ي�ساهم من تفادي تنازع وتداخل االخت�صا�صات ،وذلك للمرونة التي
يت�سم بها الأ�سلوب� ،إذ ت�صنف المجاالت التي ي�صعب تموقعها بين الجهة والدولة في �إطار االخت�صا�صات
الم�شتركة �أو المتناف�س عليها.
وبذل��ك فالت�صنيف الذي يعتمده الم�شرع المغربي ف��ي االخت�صا�صات بالتمييز في االخت�صا�صات بين
االخت�صا�صات الخا�صة والمنقولة واال�ست�شارية� ،أو الذي �سيتم اعتماده من خالل القوانين التنظيمية للجهة
م��ع ا�ستب��دال االخت�صا�صات اال�ست�شاري��ة بالم�شتركة مع الدولة ،ال ي�ستطي��ع �أن يواكب ما تتطلبه الجهوية
المتقدمة� ،إذ يتعين اعتماد مقاربة جديدة وذلك بت�صنيف االخت�صا�صات �إلى اخت�صا�صات ح�صرية للدولة،
وتتعل��ق بالمجاالت التي لها عالقة بال�سيادة كالدفاع والأمن والدبلوما�سية ،واخت�صا�صات خا�صة بالجهة
ف��ي المج��ال التنموي ،واخت�صا�صات متناف�س عليها والم�شتركة بي��ن الجهة والدولة في �إطار لوائح تحدد
ال�صالحيات ب�شكل ح�صري ودقيق.
(50) Driss Basri, La Décentralisation au Maroc, de la commune à la région, Editions Nathan, Paris, 1994, p. 250.
( ((5رجاء التازي« ،المراكز الجهوية بالمغرب :درا�سات ووثائق مختارة» ،من�شورات المجلة المغربية للإدارة المحلية
والتنمية� ،سل�سلة «موا�ضيع ال�ساعة» ،الطبعة الأولى ،عدد � ،2006 ،52ص.57.
والنتيج��ة �أن��ه رغم تحقيق العديد من المنج��زات الهامة االقت�صادية واالجتماعي��ة ،ف�إن الفوارق مابين
الجه��ات في مجال النم��و االقت�صادي والتنمية الب�شرية واال�ستفادة من الخدم��ات التزال قائمة �إلى اليوم،
وتظه��ر الم�ؤ�ش��رات تباينا في النمو ما بين الجهات وتمركز للث��روة الوطنية على ال�شريط ال�ساحلي الممتد
من طنجة �إلى �أكادير.
فغي��اب توزي��ع عادل لال�ستثمارات االقت�صادية �ساهم في خلق و�ضعية الالتوازن على عدة �أ�صعدة ،ف�إذا
ت��م �أخذ بع�ض الم�ؤ�شرات االقت�صادية واالجتماعية كمع��دل توزيع الم�ؤ�س�سات االقت�صادية ،توزيع البنيات
التحتية ،االرتباط ب�شبكة الماء والكهرباء )...يالحظ وجود فوارق واختالالت بين الجهات بل وفي �إطار
الجهة الواحدة بين المجالين القروي والح�ضري.
وم��ا يبرز عمق و�إ�شكالية الإخت�لاالت المجالية والتفاوتات التنموية تواجده��ا في كل الجهات �سواء
تل��ك الت��ي ا�ستفادت اقت�صاديا� ،أو تلك الت��ي لم تنل نف�س الأهمية ،وهذا ما يجع��ل ح�صيلة بع�ض المراكز
والم�ؤ�س�سات التنموية واال�ستثمارية ال تعك�س بالفعل �إمكانيات وم�ؤهالت الجهة ،مما يت�أكد معه �أن فل�سفة
البعد الجهوي في تدبير التنمية االقت�صادية واالجتماعية لم تتج�سد فعال على �أر�ض الواقع.
�أما في مجال الديمقراطية ف�إن للجهة القدرة في التعبير عن االختالف والتعددية بجميع �أنواعها ،بف�ضل
تمكنه��ا من تحوي��ل المنظومة المحلية من مجال يت�سم بالت�شتت على م�ست��وى المجهودات والمبادرات
�إلى وحدة متكاملة ومن�سجمة �أ�سا�سها الحوار والم�شاركة بين جميع الفاعلين ،وتر�سيخ الفعل الديمقراطي
ال�شيء الذي ي�ؤدي �إلى تحويل م�صدر الحكم �إلى ال�ساكنة المحلية.
وبالتال��ي ،فم��ن االعتبارات التي تحدد دور الجهة وتوجه لها ،ه��و �أن ت�صبح الجهة نواة للديمقراطية
المحلية من جهة ،و�أ�سا�سا للديمقراطية الوطنية من جهة �أخرى ،على اعتبار �أن البوادر الأولى للديمقراطية
تت�شكل مع الم�ؤ�س�سات المحلية التي تن�ضوي تحت لواء الالمركزية (.((5
�إال �أن تر�سي��خ ه��ذه الديمقراطي��ة وتعزيزها ال يمكن �أن يتج�س��د �إال في ح�ضور الأح��زاب ال�سيا�سية،
فح�ض��ور الأحزاب ال�سيا�سي��ة هو في المقابل ح�ضور للديمقراطية في �أ�سمى تجلياتها ،فهناك عالقة جدلية
بين المفهومين (الحزب /الديمقراطية) (.((5
فا�ستمرار هذه العالقة وا�ستمرار عمق الديمقراطية من الم�ستوى الوطني �إلى الم�ستوى الجهوي (،((5
ال ب��د للأح��زاب ال�سيا�سي��ة �أن تجدد نف�سها من خالل التخل��ي عن مركزيتها وفتح المج��ال �أمام ال�شباب
(52) Michel Rousset, « Politique et développement au Maroc : 1956-2004», publication de Revue Marocaine d’Administration
local et de Développement, n° 56، mai-juin 2004, p. 151.
( ((5محمد زين الدين« ،الفعل الحزبي بالمغرب و�س�ؤال الديمقراطية» ،مجلة م�سالك الفكر وال�سيا�سة واالقت�صاد ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البي�ضاء ،عدد � ،2005 ،3ص.49 .
(54) Aboulmajid Abdeljalil, « La décentralisation et déconcentration au Maroc : quelle complemntarité? », Revue Marocaine des
Régimes Juridiques et Politiques, n° double 3-4 octobre 2003, p. 9.
وان�شغاالته ( ((5هذا من جهة� ،أما من جهة �أخرى ،فالبد من �إعادة النظر في قانون الأحزاب لي�سمح بقيام
�أحزاب على �أ�سا�س جهوي وذلك ما من �ش�أنه �أن يخلق وعي �سيا�سي جهوي لدى المواطنين.
ولتقوية التمثيلية والم�شروعية الديمقراطية للمجال�س الجهوية �أ�صبح الزما انتخاب هذه المجال�س عن
طري��ق االقتراع العام المبا�شر ( ،((5فكون المغرب يعتم��د على االنتخاب الغير المبا�شر للهيئات الجهوية
ف�إن ذلك ال يخلق ذلك التوا�صل بين المنتخب الجهوي وانتمائه الحقيقي للجهة التي يمثلها في ظل غياب
ال�شرعية ال�سيا�سية الم�ستمدة من الناخب الجهوي (.((5
ف�ض�لا عن ذل��ك ،فاالقتراع الغير المبا�شر ال يوفر �أية و�سيلة من و�سائل المراقبة المبا�شرة للمواطن على
المنتخب ،فالجزاء الديمقراطي الوحيد والفعال المو�ضوع رهن �إ�شارة المواطنين هو �إمكانية عدم انتخاب
الم�ست�شاري��ن ،وما يزي��د من �إفراغ هذا الجزاء الديموقراطي هو طول الم��دة النتداب المجال�س المنتخبة
وهي � 6سنوات (.((5
فانبث��اق نخ��ب جهوية ع��ن �صناديق االقتراع� ،سيمكن م��ن تحقيق تطبيق �صحي��ح لمفهوم الجهوية،
ويعم��ل على �إنتاج الفكر الديمقراطي على الم�ستوى الجهوي ،يحفز على ممار�سة �إدارة ال�ش�أن العام على
م�ستوى الجهة ويدعم تطور وا�ستمرار الدولة (.((5
وي�ؤكد الفقيه كارلو الفانيا « »Carlo Lavagnaفي هذا الإطار على الترابط بين الحكم الذاتي والديمقراطية
بقوله�«:إن الحكم الذاتي في الواقع هو مظهر و�أداة من �أدوات الديمقراطية ،ويجب �أن يكون كذلك ،وهو
يكم��ل ويعمل على تنفيذ مهام القنوات الديمقراطية» .ويقرر الأ�ستاذ ماهان «� »Mahajanأن «ديمقراطيتنا
ت�ؤدي ب�صدق وجزم �إلى تنمية الحكم الذاتي» .كما يقول في نف�س الإطار الأ�ستاذ «دين�سوف» «»Densov
�إن «الحكم الذاتي ينبع مبا�شرة من مبد�أ الحكومة المركزية الديمقراطية» (.((6
فبداية التجربة باالقتراع العام المبا�شر للمجال�س الجهوية في المغرب �سيعمل على تقريب ال�سيا�سة من
الجمهور وتر�سخ في ذاكرة العمل الجهوي مفاهيم حديثة من قبيل الم�ساواة والتكاف ؤ� وروح الديمقراطية
وتعك�سه��ا عل��ى �أر�ض الواقع ،كما �أنها �ستوفق بين الم�صال��ح المحلية والموارد الحكومية وتزيد من قدرة
( ((5المهدي المنجرة ،انتفا�ضات في زمن الذلقراطية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البي�ضاء ،الطبعة الثالثة،2006 ،
�ص.208 .
على �أن مجال�س الجهات تنتخب باالقتراع 135 وذلك بت�أكيده في الف�صل 2011 ( ((5وهو ما جاء به الد�ستور الجديد ل�سنة
العام المبا�شر.
( ((5عبد الواحد مبعوث ،مرجع �سابق� ،ص.362 .
( ((5محمد اليعكوبي« ،الديمقراطية الإدارية بالمغرب» ،المجلة المغربية للأنظمة القانونية وال�سيا�سية ،العدد ،5دجنبر .2004
�ص.79 .
( ((5عبد الواحد مبعوث ،مرجع �سابق� ،ص.362 .
( ((6محمد الهماوندي ،مرجع �سابق� ،ص.101 .
الت�ش��اور وتحديد االختي��ارات المحلية الكبرى �ضمن ا�ستراتيجيات وطني��ة ( ،((6على اعتبار �أن ت�سيي�س
المجتم��ع وم�س�أل��ة تطلعات��ه في تنظيم��ات منتخبة كتنظي��م الم�ؤ�س�س��ة الجهوية ،هو في ح��د ذاته م�صدر
لتما�سكه .وهذا هو المطلوب حاليا وم�ستقبال ( ،((6من �أجل احتواء الم�شاكل الوطنية وم�شاكل المجتمع
المحلية والحد من التدمرات االجتماعية وتجنب �أي انتكا�سة وطنية ،خ�صو�صا ما يعرفه العالم العربي من
انتفا�ضات �شعبية عرفت با�سم الربيع العربي.
(� ((6أحمد درداري« ،دواعي و�أبعاد النظام الجهوي في المغرب» ،المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد ،27
�أبريل-يونيو � ،1999ص.105 .
(� ((6أحمد العي�ساوي ،تطور نظام الجهوية بالمغرب :درا�سة قانونية �سو�سيو�سيا�سية :درا�سة مقارنة» ،ر�سالة لنيل دبلوم
الدرا�سات العليا في القانون العام ،جامعة عبد المالك ال�سعدي ،كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية ،طنجة،
� ،2007-2006ص.111 .
�إذا تعثر �أحدهما تعثر الآخر .فهذه العنا�صر يتعين تحديدها بناء على االخت�صا�صات وال�صالحيات المتوفرة
للجهة المعنية (.((6
فالو�ضعية الحالية التي توجد عليها الهيكلة الإدارية للجهة ونظامها المالي ،ت�ستدعي �إعادة النظر فيها،
بتقوي��ة هذه الم��وارد والإمكانيات لتحقيق �أه��داف الجهة المتقدمة بالمغرب .لذل��ك يجب �إقرار �سلطة
جبائية للجهات ،في �إطار نظام مالي متطور ب�شكل يالئم متطلبات العمل الجهوي وطبيعة االخت�صا�صات
المخولة للجهات ،حيث بموجب هذه ال�سلطة الجبائية �ستتمكن من تعزيز وتقوية مواردها.
وف��ي م�س�أل��ة �إعادة توزيع الموارد الجبائية والم�ساعدات يمكنن��ا اال�ستئنا�س بالتجربة اال�سبانية في هذا
المج��ال ،فالد�ست��ور اال�سباني ي�ضمن مبد أ� اال�ستقالل المالي للمجموعات الم�ستقلة ،لكن في �إطار احترام
الت�ضامن بين كل الإ�سبانيين.
وف��ي ه��ذا الإطار ن�صت الفق��رة الثانية للمادة 158من د�ستور 1978على �إح��داث �صندوق للتعوي�ض،
لت�صحيح الالتوازن االقت�صادي وتفعيل مبد أ� الت�ضامن .فهذا ال�صندوق خ�ص�ص لتمويل النفقات اال�ستثمارية
وتقلي���ص الف��وارق الجهوية ،حيث حدد القان��ون التنظيمي ل�سنة 1980مداخيله ف��ي %30من اعتمادات
الميزاني��ة العام��ة الم�ص��ادق عليها والمخ�ص�صة لال�ستثم��ارات العمومية .وقد عرفت ح�صت��ه نموا متزايدا
بـ� %25 سنة 1992مع الزيادة في م�ساهمة الدولة �إلى %35على الأقل من ا�ستثمارات الجديدة لدولة ،خالل
مدة مابين .1996-1992
�أما بخ�صو�ص توزيع اعتمادات هذا ال�صندوق فتقوم بها ال�سلطة المركزية وفق بع�ض المعايير بحيث �أن
كل ن�سبة مئوية من اعتماداته توزع على معيار محدد على ال�شكل التالي:
% 70 -من االعتمادات توزع بناءا على الدخل الفردي داخل المجموعة الم�ستقلة.
% 20 -من االعتمادات توزع بناءا على معدل البطالة.
% 5 -من االعتمادات توزع بناءا على معدل الهجرة.
% 5 -من االعتمادات توزع بناءا على الم�ساحة (.((6
كما يقوم ال�صندوق �أي�ضا بتمويل اال�ستثمارات الجديدة ،المرتبطة بالمرافق المخولة من الدولة.
ونظ��را ل�ض��رورة تطوير النظام المال��ي المحلي بالمغرب ،ف���إن المناظرة ال�سابع��ة للجماعات الترابية
�أو�ص��ت بالحد من تعقي��دات الم�شاكل التي ترتبط بالقرو�ض وم�ساطرها وتحول دون ا�ستفادة الجماعات
المحلية من هذه التمويالت لتغطية ا�ستثماراتها ،وذلك عبر:
( ((6محمد بوجيدة« ،تداخل االخت�صا�صات بين الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممار�سة» ،مرجع �سابق،
�ص.421.
( ((6عبد الحق المرجاني ،الجهوية ونظام تمويلها ،ر�سالة لنيل دبلوم ال�سلك العالي ،المدر�سة الوطنية للإدارة ،الرباط،1993 ،
�ص.175 .
-تب�سيط الإجراءات الم�سطرية المتعلقة بطلب القرو�ض من �صندوق التجهيز الجماعي ،والإفراج عن
الأموال في حينها ،والتخفي�ض من �سعر الفائدة ومراجعة �سقف المديونية ال�سيما بالن�سبة للجماعات
القروية.
�-إتاح��ة �إمكانية انفتاح الجماعات الترابية على ال�سوق المالي ،حتى تتمكن من اال�ستفادة من قرو�ض
الم�ؤ�س�سات البنكية الوطنية والدولية.
-دعم موارد �صندوق التجهيز الجماعي ق�صد تمكينه من تخفي�ض ن�سبة الفائدة المطبقة على القرو�ض
التي يمنحها.
-اعتماد �أ�سلوب ال�شراكة ما بين الجماعات والقطاعين العام والخا�ص ،والم�ؤ�س�سات البنكية من �أجل
تمويل م�شاريع تنموية محلية.
-اعتم��اد نظام خا�ص لدف��ع التجهيز المحلي ،ي�ستند على الجمع بين الإم��دادات والقرو�ض ،وتعزيز
القدرة على التمويل وتوجيه اال�ستثمارات نحو القطاعات الحيوية والمنتجة.
وبن��اء على ذلك ،تتطلب الجه��ة في �أفق الجهوية المتقدمة ،تعبئة الموارد المالية والحر�ص على و�ضع
�إدارة جبائي��ة م�ستقل��ة ،قادرة على ا�ستخال�ص مداخيل و�إي��رادات ال�ضرائب والر�سوم الجهوية ،وذلك عبر
ع��دة �إ�صالحات� ،أولها �إعادة النظر في توزيع ح�ص��ة ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة ،وذلك بجعلها تحتكم
لمعايير قانونية ت�ضعها ال�سلطة الت�شريعية ،حيث يتم من خاللها مراعاة نوع وحجم االخت�صا�صات المخولة
للجهة ،ولي�س توزيعها ب�شكل اعتباطي ،وتوجيه ق�سط هام منها لتمويل م�شاريع و�أعمال الدولة (.((6
�أما بالن�سبة لالقترا�ض ،فيجب على البنوك �إقرا�ض الجهات لتمويل م�شاريعها التنموية ،و�أن ال ت�أخذ القدرة
الت�سديدي��ة للجه��ة كمعيار لمنح القرو�ض ،بل يجب �أن ت�أخذ الإمكانيات المتاحة للجهة فيما يتعلق بمجاالت
اال�ستثمار ،والتي تعد و�سائل لإنتاج الثروة ف�ضال عن دورها اال�ستراتيجي في التنمية االقت�صادية الحديثة (.((6
ولتحقي��ق الت�ضام��ن المالي بين الجهات يتعين الت�سري��ع ب�إ�صدار الن�صو�ص المتعلق��ة ب�إحداث وتنظيم
�صن��دوق الت�أهي��ل االجتماع��ي و�صندوق الت�ضام��ن بين الجه��ات المن�صو�ص عليها ف��ي الف�صل 142من
د�ستور .2011
غي��ر �أن الممار�س��ة الجهوية ال تتطل��ب فقط موارد مالية ،و�إنما �إلى العن�ص��ر الب�شري الديناميكي الذي
يع��د مكم�لا رئي�سيا للإمكانات المالية الجهوية ،بحيث يعمل عل��ى ح�سن تدبير وعقلنة هذه الإمكانات.
وال يت�أتى ذلك �إال بتكوين هاته الموار الب�شرية.
غي��ر �أنه ورغم الوع��ي ب�أهمية التكوين بالن�سبة للعن�صر الب�شري �س��واء المنتخبين �أوموظفي الجماعات
الترابي��ة ،ف�إن الم�ش��رع المغربي لم يج�سد ذلك عبر قوانينه ،رغم تكرار التو�صيات في المناظرات الوطنية
( ((6محمد بوجيدة ،تداخل االخت�صا�صات بين الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممار�سة ،مرجع �سابق،
�ص.428 .
( ((6علي �أمجد ،مرجع �سابق� ،ص.113 .
للجماع��ات الترابي��ة ب�ش���أن �ضرورة م�أ�س�س��ة وتقنيين التكوين لفائ��دة المنتخبين المحليي��ن ( ،((6خا�صة
المناظ��رة الوطنية ال�ساد�سة للجماع��ات الترابية بتطوان المنعقدة تحت �شعار «�إعالم وتكوين المنتخبين»،
حي��ث ن�ص��ت عبر لجنة الإعالم وتكوي��ن المنتخبين -المنبثقة عن المناظرة ال�سالف��ة الذكر -على �إ�صدار
قان��ون ينظ��م تكوين المنتخبي��ن ويحدد م�ضامين��ه و�أهدافه» ( .((6كم��ا �أو�صت كذلك بفر���ض �إجبارية
التكوي��ن لفائدة المنتخبين المحليين ،يتمرن من خالله على الت�سيير الإداري والمالي ،وكذا على الحقوق
والواجبات التي �أناطها الم�شرع للم�ست�شارين ،لتدبير ال�ش�ؤون المحلية (.((6
و�إل��ى جانب م�س�ألة التكوين وهي م�س�ؤولي��ة م�شتركة بين الدولة والمنتخب والأحزاب والإعالم ،ف�إن
التحفي��ز �أ�صبح �آلية مهمة بالدفع بالمنتخبين لتدبير ال�ش�أن العام المحلي ب�شكل جيد ،حيث �أنه كلما زادت
درجة تحفيز المنتخب ليتقن عمله زادت قدرته وفعاليته وذلك الرتباط التحفيز بالعمل.
(� ((6شاكر الم�ساوي« ،الإدارة المحلية المغربية وتحديات الحكامة (قراءة نقدية)» ،بحث لنيل دبلوم الدرا�سات المعمقة في
القانون العام ،جامعة عبد المالك ال�سعدي ،كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية ،طنجة� ،2005-2004 ،ص.48.
( ((6محمد بوجيدة وميلود بوخال« ،نظام المنتخب الجماعي» ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البي�ضاء ،الطبعة الأولى،
� ،1999ص.96 .
( ((6زكرياء �أوميمون« ،الأداء ال�سيا�سي والإداري للمنتخب الجماعي بالمغرب» ،ر�سالة لنيل دبلوم الدرا�سات العليا في
القانون العام ،جامعة محمد الخام�س ،كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية الرباط� ،2008-2007 ،ص.20 .
( ((7محمد اليعكوبي« ،دور المحاكم الإدارية في التنمية المحلية» ،ت�أمالت حول الديمقراطية المحلية بالمغرب ،مرجع
�سابق� ،ص.136-135 .
( ((7عبد اهلل حداد« ،تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي» ،من�شورات عكاظ ،الرباط� ،2005 ،ص.3.
وانطالقا من هذا الخطاب تم ت�أ�سي�س محاكم �إدارية في الجهات المغربية ،و�صدور القانون رقم 41-90
المتعل��ق ب�إح��داث المحاكم الإدارية ( ،((7وبذلك يكون المغرب قد قطع �أ�شواطا في مجال تكري�س دولة
القان��ون .فه��ذا الإ�صالح الق�ضائي عمل على المركزية الق�ض��اء الإداري عبر �إحداث �سبعة محاكم �إدارية،
حيث كانت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى تخت�ص بالنظر في جميع دعاوى الإلغاء على �صعيد مجموع
المملك��ة ( .((7فتم بذلك تكري�س مبد�أ المركزية المنازع��ات الإدارية بموازاة التطور الحا�صل في مجال
الالمركزية.
فالمحاك��م الإداري��ة له��ا دور مهم عل��ى م�ستوى الجهة ف��ي مراقبة العمل الجه��وي ( ،((7حيث �سن
الم�ش��رع مجموعة من ال�ضمانات م��ن �أجل �إنجاح الجهة كجماعة ترابية ،فخول للقا�ضي الإداري الت�أكد
من احترام هذه ال�ضمانات .وهو ما يمكن اعتباره م�ؤ�شرا نحو تقوية و�ضمان ا�ستقاللية الجهة (.((7
�إن القا�ض��ي الإداري يمك��ن له �أن يعمل على التخفيف ثق��ل و�صاية المالءمة ،ذلك �أن �إقحام المحاكم
الإدارية في العالقات الو�صائية من طرف الم�شرع ،م�ؤ�شر ذو داللة على �ضرورة موازنة �سلطة الدولة (.((7
خا�ص��ة ،م��ا ينطوي عليه قانون الجهة م��ن �إ�شكالية تتج�سد في الطبيعة المزدوج��ة لالخت�صا�صات ،حيث
�أنه��ا اخت�صا�صات محلية واخت�صا�صات �شبه وطني��ة في نف�س الوقت .لذا فالمطلوب من القا�ضي الإداري
�أن يعم��ل على تو�ضيح وتدقيق معايير التميي��ز بين م�ستوى تدخل الدولة وتدخل الجهة .و�إال �ست�صبح هذه
الأخيرة مجرد عن�صر ملحق �أو على الأرجح �شخ�ص متعاون مع الدولة (.((7
�إن الق�ض��اء الإداري ف��ي الدول المتقدم��ة يلعب دور كبيرا وحا�سما في الف�صل بي��ن �أدوار وم�ستويات
الجماع��ات الترابي��ة ،والوقوف �إلى جانب الجماعات الترابية منه �إلى الدولة .وذلك رغم تطور الن�صو�ص
القانونية والتنظيمية والو�ضوح الكبير الخت�صا�صات كل من الدولة والجماعات الترابية.
ف��ي �إ�سباني��ا يعمل الق�ض��اء على تحديد تو�ضي��ح اخت�صا�ص��ات المجموعات الم�ستقل��ة و�ضبط معنى
ا�ستقاللها واالعتراف لها بمجموعة من ال�صالحيات في مختلف المجاالت (.((7
( ((7الظهير ال�شريف رقم 1-91-225ال�صادر في ربيع الأول 1414موافق �شتنبر 1993بتنفيذ القانون رقم 41-90المحدث
بموجبه محاكم �إدارية ،الجريدة الر�سمية ،عدد 4229بتاريخ 17نوفمبر .1993
(� ((7إدري�س بن ال�ساهل« ،تطور و�آفاق الجهة بالمغرب» ،ر�سالة لنيل دبلوم الدرا�سات العليا في القانون العام ،جامعة محمد
الخام�س كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية ،الرباط�-أكدال� ،1996-1995 ،ص.269 .
( ((7ر�شيد ال�سعيد« ،دور الالمركزية والالتمركز في دعم الجهوية بالمغرب»� ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام,
جامعة محمد الخام�س ,كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية ,الرباط �أكدال� ،2000 ،ص.178 .
( ((7امحمد العي�ساوي« ،تطور نظام الجهوية بالمغرب :درا�سة قانونية �سو�سيو�سيا�سية (درا�سة مقارنة)» ،مرجع �سابق،
�ص.95 .
( ((7محمد اليعكوبي« ،دور المحاكم الإدارية في التنمية المحلية» ،مرجع �سابق� ،ص.136 .
( ((7نف�س المرجع ال�سابق� ،ص.141 .
( ((7محمد بوجيدة« ،تداخل االخت�صا�صات بين الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممار�سة» ،مرجع �سابق،
�ص.158 .
نف���س ال��دور يلعبه الق�ضاء ف��ي فرن�سا ،حيث كان له دور كبير في تحدي��د اخت�صا�صات كل من الدولة
والجماع��ات الترابية بمختلف �أ�صنافها (الجهات -المحافظ��ات -الجماعات) كاجتهاد مجل�س الدولة
بتاريخ 26دجنبر 1908و 19يوليوز 1929القا�ضيان بعدم ال�سماح للجماعات بالتطاول على اخت�صا�صات
الم�ؤ�س�س��ات العمومية ،واجتهاده بمنعها من التدخ��ل في المجالين ال�صناعي والتجاري� ،إال �إذا كان هناك
نق�ص �أو عجز في المبادرة الخا�صة وذلك تطبيقا لمبد�أ حرية التجارة وال�صناعة ،واعتباره بع�ض الأمور غير
مكت�سبة �صبغة الم�صلحة العامة المحلية.
�إال �أن الق�ضاء الإداري المغربي يت�سم محدودية تدخله وترجع غالبية الأ�سباب �إلى عدم �إلمام المنتخبين
ب�ش�ؤونه��م وم�س�ؤولياته��م� ،إذ �أن �ضع��ف تكوينه��م و�ض�آل��ة م�ؤهالته��م العلمي��ة وقلة تجربته��م العلمية،
تجعله��م غير قادرين على �ضبط حاالت تن��ازع وتداخل االخت�صا�صات .ف�ضال عن ذلك هناك التراكمات
ال�سو�سيولوجية التي تجعل المنتخب يت�سم بعدم الجر�أة على الوقوف �أمام وجه الدولة ومقا�ضاتها ،وبذلك
تبقى ثقافة الطعن في القرارات الإدارية غير منت�شرة في المغرب.
�إن ع��زم المغرب على بلورة جهوية متقدم��ة ومو�سعة ي�ستدعي تظافر الجهود من طرف كل الفاعلين،
وخا�صة الق�ضاء لحل الإ�شكاالت الناجمة عن ما يثيره تطبيق االخت�صا�صات من غمو�ض ( .((7وللقيام بهذا
الدور على �أح�سن وجه ،يتعين فتح الآفاق لتحتل الم�ؤ�س�سة الق�ضائية مكانتها بين نماذج الق�ضاء عبر العالم،
وت�ستفيد من المناهج واالجتهادات ( ((8التي كر�ستها هذه الم�ؤ�س�سات في البالد الديمقراطية العريقة ،غير
�أن ع��بء ه��ذا التطور ال يقع على هذه الم�ؤ�س�سة بمفردها ،فهو رهين بن�ضج كافة الفاعلين ال�سيا�سيين �سواء
على م�ستوى الدولة �أو على م�ستوى المجتمع ال�سيا�سي (.((8
وكتجمي��ع لم��ا �سبق ،ف�إن م�س�ألة الت��وازن في االخت�صا�صات بين الجهة والدول��ة عملية �صعبة ومعقدة
لك��ن غي��ر م�ستحيلة تفر�ض اعتماد نظرة �شمولية وعميقة للأم��ور .فتحقيق التوازن في االخت�صا�صات بين
الجهة والدولة يقت�ضي تمتيع الجهة باالخت�صا�صات وال�صالحيات المهمة� ،ضمن �إ�ستراتيجية وا�ضحة ذات
حلقات مت�سل�سلة ،تبتدئ كل حلقة فيها ،من ما انتهت �إليه �سابقتها.
وعلي��ه فمنح ه��ذه ال�صالحيات يكون بناء على ال��دور الذي يجب �أن تلعبه الجه��ة ،وهو دور يتحدد
انطالق��ا من ع��دة اعتبارات ومح��ددات� ،أهمها �ض��رورة تر�سي��خ الديمقراطية المحلية وتحقي��ق التنمية
االقت�صادية واالجتماعية ،وبناء على ذلك يتم منح الجهة اخت�صا�صات مو�سعة ومحددة ب�شكل دقيق تمار�س
( ((7محمد يحيا« ،الوجيز في القانون الد�ستوري للمملكة المغربية» ،مطبعة ا�سبارطيل ،طنجة ,الطبعة الثالثة،2004-2003 ،
�ص .66
( ((8محمد حركات« ،الو�صايا الع�شر الكفيلة ب�ضمان نجاح تجربة المحاكم المالية بالمغرب» ،من�شورات المجلة المغربية
للتدقيق والتنمية� ،سل�سلة «التدبير اال�ستراتيجي» ،عدد � ،2002 ،3ص.10 .
( ((8عبد العزيز النوي�ضي« ،المجل�س الد�ستوري بالمغرب» ،من�شورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية� ،سل�سلة
«م�ؤلفات و�أعمال جامعية» ،عدد � ،2001 ،29ص.41.
عب��ر �أجهزة م�ستقل��ة ومنتخبة من طرف ال�ساكنة المحلي��ة باالقتراع العام المبا�ش��ر ،وذلك لما يوفره هذا
الأ�سلوب من تمثيل ديمقراطي و�شرعية مبا�شرة من القاعدة.
ول�ضم��ان فاعلي��ة ه��ذه االخت�صا�صات ،يتعي��ن �إعادة توزيع الم��وارد بين الجهة والدول��ة ،ويهم ذلك
بالدرجة الأولى ،العن�صر الب�شري الذي يعد رافعة لكل رهان تنموي كبير ف�ضال عن الموارد المالية ومدى
�أهميتهما في تج�سيد ذلك على �أر�ض الواقع.
بالإ�ضافة �إلى �آليات ال�شراكة والتخطيط وما ت�شكله من دعائم في تحقيق التكامل الوظيفي والم�ؤ�س�ساتي
بين الجهة والدولة.