You are on page 1of 6

‫الجماعة المحلية والوصاية‬

‫‪ -1‬ماهي الجماعات المحلية وما هو اإلطار القانوني الذي ينظمها ؟‬

‫الجماعات المحلية حسب الفصل ‪ 100‬من الدستور هٍي ‪" :‬الجهات‪ ،‬العماالت واألقاليم والجماع ات الحض رية والقروي ة وك ل‬
‫جماعة أخرى تحدث بقانون" وهي وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام تتمتع بالشخص ية المعنوي ة واالس تقالل الم الي‪.‬‬
‫تتوفر الجماعة على مجموعة بشرية وتنظيم إداري وأجهزة منتخبة وأجهزة إدارية وموارد بشرية ومالية مستقلة‪.‬‬

‫فالجماعة تسير وت دير ش ؤونها من قب ل مجلس جم اعي منتخب على اعتب ار أنه ا ال دائرة األولى ال تي يتمكن فيه ا المواط نين‬
‫بواسطة من انتخبوهم في المجلس الجماعي من أن يديروا شؤونهم بحرية ويمارسوا حقوقهم المدني ة و ب أن تك ون ل ديهم إدارة‬
‫قريبة وفعالة تصغي إلى انتظار اتهم وتطلعاتهم‪.‬‬

‫وتجربة الجماعات المحلية بالمغرب هي تجسيد لخيار الالمركزية اإلداري ة ال ذي اعتم ده المغ رب من ذ االس تقالل وهي تمث ل‬
‫خيارًا ال رجعة فيه وورشًا يحظى باألولوية في السياسات العامة للمملكة‪.‬‬

‫فكرة الالمركزية اإلدارية أو اإلقليمية تقوم على أساس توزيع الوظائف اإلدارية بين الحكومة المركزية بالعاصمة وبين هيئات‬
‫محلية مستقلة‪ .‬ويشترط في ذلك توفر ثالث أركان‪:‬‬

‫‪ -‬االعتراف بوجود مصالح محلية مستقلة ومتميزة عن المصالح الوطنية‬

‫‪ -‬أن يعهد باإلشراف على هذه المصالح إلى هيئات منتخبة‬

‫‪ -‬أن تستقل هذه المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية‪.‬‬

‫لقد شهدت الالمركزية على مستوى الجماع ات إص الحًا ج ذريًا في الع ام ‪ 1976‬من خالل اعتم اد إط ار ق انوني جدي د خ ّول‬
‫الجماعات مسؤوليات واسعة فيما يتعلق بتدبير الشؤون المحلية‪ ،‬ونَقـل س لطة إج راء م داوالت المج الس من ممث ل الدول ة إلى‬
‫رئيس المجلس الجماعي باعتباره سلطة منتَخ بة‪.‬‬

‫كما تم تعزيز مسلسل الالمركزية عام ‪ 1992‬من خالل إحداث الجهة‪ ،‬باعتبارها جماعة محلية ذات اختص اص‪ ،‬تش ّك ل إط ارًا‬
‫مالئمًا لتطوير آليات ومناهج جديدة كفيلة بتثمين أمثل للموارد البشرية والطبيعية والبيئية للجهة‪.‬‬

‫فالجهة تمثل إطارًا جغرافيًا يضم أبعادًا اقتصادية واجتماعية وثقافية‪ ،‬تقوم على تعزيز أسس الديمقراطي ة المحلي ة‪ ،‬والتض امن‬
‫داخليًا وخارجيًا بين الجهات والتنسيق بين مختلف الفاعلين الذين يكّو نون الجهة بغية تحقيق تنمية محلية مندمجة ومتنوعة‪.‬‬

‫وهكذا حّد د ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬تنظيم الجهة على أساس تعزيز الممارسات الديمقراطي ة‪ ،‬من خالل تمكين مختل ف الف اعلين‬
‫االقتصاديين واالجتماعيين والسياسيين وباقي مكّو نات المجتم ع الم دني‪ ،‬من اس تثمار الجه ة باعتباره ا فض اء جدي دًا للتفك ير‬
‫والحوار والعمل‪.‬‬
‫لقد صاحبت قوانيَن الالمركزية إْن على مستوى الجماعة‪ ،‬أو العمالة أو اإلقليم أو الجهة‪ ،‬جملٌة من إج راءات المواكب ة تت وخى‬
‫تمكين الهيئات المنتَخ بة من أداء مهامها في أمثل الظروف التي تضمن الفعالية ونجاع ة األداء‪ .‬فاإلص الح الجم اعي ال ذي أتى‬
‫به ظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬وقع تعديله بمقتضى ظهير‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬القاضي بتنفي ذ الق انون رقم ‪ 78 -00‬المتعل ق ب التنظيم‬
‫الجماعي والذي تم من خالله تعدد مسؤوليات المجلس الجماعي لتشمل كل مجاالت التنمي ة المحلي ة‪ ،‬ه ذا األخ ير ب دوره ش هد‬
‫تعديال خالل هذه السنة وذلك من اجل وضع اليد على مكامن الخلل واإلش كاليات ال تي أب انت عنه ا تجرب ة الالمركزي ة وال تي‬
‫يستوجب تجاوزها إصالح ومالئمة اإلطار القانوني الذي ينظم العمل الجماعي‪ ...‬وهكذا وبمقتضى التعديل الذي جاء به ظه ير‬
‫‪ 153-08-1‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬القاضي بتنفيذ القانون رقم ‪ ،08-17‬أدخلت عدة تعديالت على الميثاق الجماعي‬
‫تتمحور عموما في تقوية آليات الحكام ة المحلي ة‪ ،‬ودعم وح دة المدين ة‪ ،‬وتحس ين آلي ات ت دبير المراف ق العمومي ة بالتجمع ات‬
‫الحضرية الكبرى‪ ،‬والحد من هشاشة مؤسسة الكاتب العام ‪...‬‬

‫إلى جانب تعديل ووضع قوانين جديدة أخرى كالتنظيم الم الي لجماع ات المحلي ة من خالل ظه ير ‪ 02-09-01‬الص ادر بنفس‬
‫التاريخ (‪ )18/02/2009‬والقاضي بتنفيذ القانون رقم ‪08-45‬‬

‫والقانون رقم ‪ 47/06‬المتعلق بتنظيم الجبايات المحلية الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير ‪2008‬‬

‫‪ - 2‬ما هي مهام واختصاصات الجماعات المحلية ؟‬

‫فحسب المادة ‪ 35‬من الميث اق الجم اعي الجدي د "يفص ل المجلس بمداوالت ه في قض ايا الجماع ة‪.‬وله ذه الغاي ة‪ ،‬يتخ ذ الت دابير‬
‫الالزمة لضمان تنميتها االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪...‬يستفيد من مساعدة الدولة واألشخاص المعنوي ة األخ رى الخاض عة‬
‫للقانون العام‪ "...‬كما ان الم ادة ‪ 36‬من نفس الميث اق تنص على‪ " :‬ي درس المجلس الجم اعي ويص وت على مش روع مخط ط‬
‫جماعي للتنمية‪ ،‬يعده رئيس المجلس الجم اعي‪...‬يح دد المخط ط الجم اعي للتنمي ة األعم ال التنموي ة المق رر انجازه ا ب تراب‬
‫الجماعة لمدة ست سنوات‪ ،‬في أفق تنمية مستدامة وفق منهج تشاركي يأخذ بعين االعتب ار على الخص وص مقارب ة الن وع‪"...‬‬
‫من خالل هاتين المادتين‪ ،‬يتضح أن المسؤولية التنموية للجماعة تتخذ ثالثة أوجه ‪:‬‬

‫مسؤولية اقتصادية‪ :‬وتبرز في البرامج االقتصادية المحلية التي يعدها المجلس بصفته ش ريكا في التنمي ة‪ ،‬إم ا كمس اعد للدول ة‬
‫بتثبيته لبنيات استقبال لمشاريع وإما كفاعل محلي يسعى إلى أهداف اقتصادية تتماشى مع خصوصياته‪ .‬فدائما حسب المادة ‪36‬‬
‫من الميثاق الجماعي‪ ،‬يضع المجلس كل التدابير التي من شانها المساهمة في الرف ع من الق درات االقتص ادية للجماع ة خاص ة‬
‫في مجاالت الفالحة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة والخدمات‪ .‬يقوم المجلس كذلك باألعمال الالزمة إلنعاش وتش جيع‬
‫االستثمارات الخاصة‪ ،‬وال سيما انج از البني ات التحتي ة والتجه يزات وإقام ة من اطق لألنش طة االقتص ادية وتحس ين ظ روف‬
‫المقاوالت‪...‬‬

‫مسؤولية اجتماعية‪ :‬بما أن المجلس الجماعي هو المعبر عن إرادة الناخبين على المستوى المحلي‪ ،‬فه و ب دلك األق رب لمعرف ة‬
‫حاجيات المواطنين و ترتيب أولوياتها ومدى تأثير االستجابة لها على نفس ية س كان الجماع ة‪ .‬ف المجلس يض ع ب رامج تجه يز‬
‫الجماعة في ح دود وس ائلها الخاص ة والوس ائل الموض وعة رهن إش ارتها‪...‬وتش مل ه ذه ال برامج مج االت الص حة‪ ،‬التربي ة‬
‫الوطنية والشبيبة والرياضة‪.‬‬
‫مسؤولية ثقافية‪ :‬تتمثل في النهوض بالشأن الثقافي على المستوى المحلي ودعم الجمعيات الثقافية من اجل الحفاظ على ال تراث‬
‫الثقافي المحلي وإنعاشه ‪...‬كما يساهم في انجاز وصيانة وتدبير المراكز االجتماعية لإلي واء ودور الش باب والمراك ز النس وية‬
‫ودور العمل الخيري ومأوى العجزة والمنتزهات ومراكز الترفيه‪...‬يساهم المجلس كذلك في انجاز وص يانة المركب ات الثقافي ة‬
‫والمت احف والمس ارح والمعاه د الفني ة والموس يقية ويش ارك في التنش يط االجتم اعي والثق افي والرياض ي بمس اعدة الهيئ ات‬
‫العمومية المختصة‪.‬‬

‫إذا ومن خالل ما تقدم‪ ،‬يمكن أن نعتبر الجماعات المحلية مؤسسات للتنمية االقتص ادية و االجتماعي ة والثقافي ة و السياس ية إذا‬
‫توفرت الشروط الدستورية و القانونية و االقتصادية التي تساعد فعال على قيام تلك الجماعات بدورها التنموي المحلي الرائ د‪،‬‬
‫و يتمثل الشرط األساسي إلفراز مجالس جماعي ة تع بر عن إرادة الس اكنة على المس توى المحلي و يعطي للجماع ات المحلي ة‬
‫سلطة القيام بالتنمية المتعددة األوجه كما سبق تفصيله‪ ،‬في توفير الضمانات الالزم ة إلج راء انتخاب ات ح رة و نزيه ة إلف راز‬
‫مسؤولين جماعيين يعبرون قوال و فعال عن إرادة الناخبين الذين اختاروهم للقي ام بالعم ل الجم اعي‪ .‬أم ا الش رط االقتص ادي‪،‬‬
‫فيتمثل في ضبط الموارد القائمة‪ ،‬و البحث عن موارد جديدة بعي دا عن إثق ال كاه ل المواط نين بالض رائب المختلف ة‪ ،‬وترش يد‬
‫صرف تلك الموارد في مشاريع تنموية تساعد على نهوض الجماع ة وتحقي ق إقالع اقتص ادي متكام ل‪...‬والتص دي ومحارب ة‬
‫المشاريع الوهمية‪ ،‬أو شبه الوهمية‪،‬ال تي ي راد به ا فق ط على نهب الم وارد الطبيعي ة للجماع ة واإلث راء الس ريع على حس اب‬
‫الساكنة المحلية وتفويت فرص التنمية على الجماعة‪...‬‬

‫‪ -3‬م''اهي ح''دود ممارس''ة أعم''ال الوص''اية على المج''الس الجماعي''ة والى أي ح''د يمكن اعتباره''ا آلي''ة لتحكم في حركي''ة‬
‫المجالس والحد من استقالليتها ؟‬

‫يقول مونتسكيو "من يملك السلطة‪ ،‬يميل إلى سوء اس تعماله" ومن خالل م ا تم ش رحه‪ ،‬يتض ح أن المش رع أعطى للجماع ات‬
‫المحلية سلطات واسعة فيما يتعلق بتسيير الشأن المحلي‪ ،‬لهذا السبب ومن اجل منع انحراف وتخ اذل وتعنت وإس اءة اس تعمال‬
‫الهيئات الالمركزية لسلطاتها‪ ،‬خول لإلدارة المركزية ممارسة الوصاية على أعمال وأشخاص اإلدارة الالمركزية‪.‬‬

‫الوصاية اذا هي مجموعة السلطات التي يمنحها المش رع لس لطة إداري ة علي ا لمراقب ة أعم ال المج الس المحلي ة بغي ة تحقي ق‬
‫مشروعية أعمالها وعدم تعارضها مع المصلحة العامة‪.‬‬

‫لقد حددت المادة ‪ 68‬من ظهير ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬الغاية من الوصاية في األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ -‬السهر على تطبيق المجلس الجماعي وجهازه التنفيذي للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬

‫‪ -‬ضمان حماية الصالح العام‬

‫‪ -‬دعم ومساندة اإلدارة‪.‬‬

‫غير أن ما تجدر اإلشارة إليه في هذا المجال‪ ،‬هو أن هذه الوصاية ليست مطلقة بل هي مقيدة‪ ،‬مشروطة ومحدودة في الح االت‬
‫المتضمنة في النص القانوني المؤطر لعمل الجماعات المحلية‪.‬‬
‫وتنقسم الوصاية اإلدارية على المجلس الجماعي إلى وصاية على األشخاص ووصاية على األعمال‪.‬‬

‫أوجه الوصاية على األشخاص هي‪:‬‬

‫‪ -‬اإلقالة التحكمية لعضو المجلس – توقيف وعزل رئيس المجلس ونوابه – الحلول محل رئيس المجلس الجماعي‬

‫أما أوجه الوصاية على األعمال فهي‪:‬‬

‫‪ -‬الوصاية على قرارات رئيس المجلس‪ ،‬فالقرارات التنظيمية لهذا األخير ال تكون قابلة للتنفيذ إال بعد أن تصادق عليه ا س لطة‬
‫الوصاية – مراقبة المش روعية‪ ،‬بحيث ان المق ررات المتخ ذة خالل م داوالت المجلس يجب أن توج ه نس خة منه ا لزوم ا إلى‬
‫السلطة المحلية قصد المصادقة عليها‪....‬وهناك أيضا مراقبة المالئمة والتي ال تتخذ اإلطار القانوني مرجعي ة له ا بق در م ا هي‬
‫سلطة تقديرية واسعة تسمح للس لطة ب رفض مق ررات المجلس أو إع ادة دراس تها بحج ة م ا ي ترتب عنه ا من أعب اء مالي ة أو‬
‫خطورة على البيئة أو تهديدا للسكينة العامة‪...‬‬

‫‪ - 4‬ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه المنتخب (مستشار‪ ،‬رئيس‪ )...،‬داخل الجماعة ؟ كيف ينكس ذل''ك ال''دور على النه''وض‬
‫بالجماعة وتحقيق التنمية االقتصادية المنشودة ؟‬

‫يتك ون المجلس الجم اعي من مستش ارين يتغ ير ع ددهم بحس ب األهمي ة الس كانية للجماع ة والمستش ارون هم أعض اء به ذه‬
‫المجالس يشاركون بقوة القانون‪ ،‬في تدبير أمور منطقتهم وهم مطالبون بالمساهمة في وضع خطط التنمية المحلية والعمل على‬
‫إنجاحها‪.‬‬

‫هناك صنفين من المستشارين الجم اعيين‪ :‬الص نف األول هم ن واب ال رئيس‪ ،‬يملك ون تفويض ا من فب ل ه ذا األخ ير من اج ل‬
‫ممارسة بعض مهامه التي تكون محددة في قرار التفويض‪ ،‬كتصحيح اإلمضاء‪ ،‬توقي ع بعض ال رخص‪...‬وهم ب ذلك يس اهمون‬
‫في التخفيف من أعباء التسيير اليومية التي يتحملها الرئيس‪.‬‬

‫أما الصنف الث اني من المستش ارين‪ ،‬فهم ال يملك ون أي تف ويض وتواج دهم بالجماع ة يس تند إلى انت دابهم من ط رف الس كان‬
‫المنتخبين الذين يمثلونهم داخل الجماعة‪ .‬فدور هذه الفئة من المستشارين في تسيير الش أن المحلي ه و في الحقيق ة ج د مح دود‬
‫وينحصر غالبا في ممارسة دور المعارضة خالل دورات المجلس وعدم التصويت على القرارات التي ي رون أنه ا ق د تنعكس‬
‫سلبا على ساكنة الجماعة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للرئيس‪ ،‬فهو في الحقيقة له اختصاصات ج د واس عة وج د هام ة‪ ،‬فه و المس ؤول األول والض امن النس جام العم ل‬
‫باإلدارة الجماعية و تنفيذ جميع خطط التنموي ة الخاص ة بالجماع ة‪ .‬ل ذلك يش ترط في ه أن يك ون ذا تك وين يؤهل ه لتحم ل ه ذه‬
‫المسؤولية بالكفاءة الالزمة‪ .‬فرئيس المجلس يجب أن تتوفر فيه‪ ،‬باإلضافة إلى المميزات األخالقية‪ ،‬أن يكون ملما بكل ما يدخل‬
‫في اختصاصه باعتباره مشرفا على مصالح مختلفة ومتنوعة(إدارية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪ )...‬فمن المف روض أن يك ون رج ل‬
‫تدبير بامتياز‪ manager‬الن مهمة القيادة ال يمكن تصورها دون وضع إستراتيجية تنموية محددة األهداف والوسائل‪.‬‬
‫لكن التجربة في وطننا العزيز‪ ،‬نادرا جدا ما تعطينا مثل هذا النوع من الرؤساء‪ ،‬فالديمقراطي ة ولألس ف له ل ثمن‪ ،‬وق د يك ون‬
‫هذا الثمن غاليا جدا ومكلفا للجماعة بحيث قد يفت عليها موعدها مع التنمية واإلقالع االقتص ادي المنش ود‪ ...‬ففي ه ذه الحال ة‪،‬‬
‫وعلى األقل من اجل الحد من الضرر‪ ،‬يجب على ال رئيس أن يف وض جمل ة من االختصاص ات المخول ة ل ه قانون ا إلى نواب ه‬
‫االكفاء وبان ينسق بشكل كبير مع الكاتب العام للجماعة ومع رؤساء األقسام والمصالح وبان ال يتردد في استش ارة ك ل من ل ه‬
‫تجربة وخبرات في التدبير‪.‬‬

‫‪ - 5‬ما هي االكراهات والمعيقات التي تواجه الجماعات المحلية وما هي الحلول المناسبة لتجاوزها ؟‬

‫االكراه ات والمعيق ات ال تي تواج ه الجماع ات المحلي ة هي في الحقيق ة كث يرة ومتنوع ة‪ ،‬وتناوله ا بالتفص يل يتطلب ش رحا‬
‫مستفيضا من خالل وضع تقييم كلي لتجربة الالمركزية بالمغرب‪ ...‬لكنني و بالنظر لضيق المجال‪ ،‬سوف اكتفي باإلشارة فق ط‬
‫إلى بعض النقط بشكل عام ومقتضب‪.‬‬

‫أول االكراهات التي تحد من حرية المجالس الجماعية‪ ،‬نجد الوصاية اإلدارية والمراقبة المالي ة ال تي تع اني منهم ا الجماع ات‬
‫وال تي وب الرغم من ن داءات المن اظرات المتعاقب ة ودع وات األح زاب السياس ية الملح ة‪ ،‬لم تع رف تط ورا ايجابي ا في اتج اه‬
‫تخفيفهما‪...‬ففي ظل سيف الوصاية المسلط على رقاب المجالس الجماعي ة‪ ،‬يص عب الح ديث عن حري ة المب ادرة أو االس تقالل‬
‫المالي لهذه المؤسسات التمثيلية لتتمكن من تحقيق تنميته ا المس تدامة‪ .‬له ذا نق ترح تق ويم االختالل الق ائم ح تى تمل ك المج الس‬
‫استقالليتها عن السلطة الوص ية في ت دبير الش أن الجم اعي على مس توى التس يير والتقري ر وعلى مس توى البحث عن م وارد‬
‫جديدة بعيدا عن إثقال كاهل المواطنين ‪ ،‬وس عيها إلى القي ام بتنمي ة اقتص ادية واجتماعي ة وثقافي ة لتوف ير ش روط حي اة أحس ن‬
‫لساكنة الجماعة‪.‬‬

‫هناك أيضا مشكل انغالق المجلس الجماعي على ذاته وعدم انفتاحه على المواطنين ومكون ات ال رأي الع ام المحلي والمجتم ع‬
‫المدني‪ ،‬مما يسقطه في فخ القطيعة مع الهيأة الناخبة ويصبح بالتالي مجرد إدارة بيروقراطية إضافية ال تمل ك أي ة تمثيلي ة و ال‬
‫أية شرعية سياسية ‪.‬‬

‫من األخطاء كذلك التي يمكن أن يسقط فيها المجلس الجماعي هو سلوك الغطرسة والعجرفة التي يق ع فيه ا بعض المستش ارين‬
‫الجماعيين المقربين من الرئيس‪ ،‬فما أن تنبثق األغلبية داخل المجلس حتى تهمش األقلية وتصبح مضايقة ومحاصرة ومش لولة‬
‫الحركة‪ ،‬الن كل ما يصدر منها‪ ،‬هو في رأي المجلس المسير مناورة لإليقاع به ونسف وحدته‪...‬فهذه السلوكات تزيد من عزلة‬
‫المجلس عن محيطه وتجعله غير قادر على تحمل االنتقاد وسماع الفكر المخالف وط بيعي أن المجلس المتص ف به ذا الس لوك‬
‫يعتقد أن كل ما يقوم به هو عين الصواب‪ ،‬ومن ثمة يص بح مس تبدا ال يت وانى في ف رض إرادت ه ويس قط في فخ البيروقراطي ة‬
‫واالنتهازية وخدمة المصلحة الخاصة ‪...‬‬

‫هناك أيضا فئة من المستشارين‪ ،‬ونضرا لجهلهم بالقانون ولحدود اختصاصاتهم‪ ،‬يضنون أن عملي ة االنتخ اب كافي ة إلخض اع‬
‫الموظف الجماعي لرغبتهم وقد يذهب به الجهل ورغبتهم في تلبية حاجيات الن اخبين أو حاجي اتهم الخاص ة إلى أن يطلب وا من‬
‫الموظف القيام بأفعال غير مشروعة قانونا‪ ...‬له ذا نحن نق ترح في ه ذا المج ال ض رورة تك وين المستش ار الجم اعي وتلقين ه‬
‫دروسا ولو شفوية من اجل معرفة حدود اختصاصاته والدور الموكول له كما يجب اشتراط الكفاءة العلمية واألدبي ة والقانوني ة‬
‫في الترشيح لشغل عضوية الجماعة حتى ال تسقط الجماعة بين أيدي مجلس يتكون من أعض اء يفتق دون الكف اءة والق درة على‬
‫تدبير الشأن الجماعي ‪.‬مما يبرر قيام السلطة الوصية‪ ،‬وفرض وصايتها على العمل الجماعي ‪.‬‬

‫من المعيقات كذلك إثقال كاهل الجماعة بالديون المقترض ة من ص ندوق الجماع ات المحلي ة‪ FEC‬للقي ام ب أمور ال عالق ة له ا‬
‫بتنمية الجماعة أو للتسيير العادي ‪ ،‬مما يدخل الجماعة في عملية خدمة الدين ‪.‬‬

‫من حيث عمل المجلس هناك مشكل غياب هيكل تنظيمي للجماعة يبين اختصاصات كل قس م أو مص لحة على ح دة‪ .‬فال يمكن‬
‫تصور عمل المصالح و تجنب تداخل االختص اص إذا لم يت وفر هيك ل إداري على ض وئه تض بط المس ؤوليات ويقس م العم ل‬
‫داخل الجماعة‪...‬كما انه يجب أن يوضع على رأس هذه األقسام موظفين في المستوى المطل وب بن اءا على الم ؤهالت العلمي ة‬
‫والتجربة وليس على اعتبار العالقة والقرابة من المستشارين‪...‬‬

‫من االكراهات كذلك غياب شروط العمل باإلدارة الجماعية‪ ،‬فالتحوالت المجتمعية والتطورات السياس ية تقتض ي ت وفر بني ات‬
‫جماعية في مستوى الدور المنوط بهذه المؤسسات الدستورية‪...‬غ ر أن واق ع الح ال بج ل الجماع ات ب المغرب ه و غ ير ذل ك‬
‫(نموذج مدينة وجدة)‪.‬‬

‫وهناك مشاكل أخرى من قبيل االختالالت التي تع تري مش اريع الت دبير المف وض‪ ،‬ونقص الم وارد البش رية المؤهل ة‪ ،‬وت دني‬
‫أجور الموظفين الصغار‪ ،‬وبطء تنفيذ المشاريع التنموية بسبب النقص في التمويل وعدم القدرة على المواكبة‪...‬‬

‫وهذه العوائق وغيرها مما لم نأت على ذك ره تجع ل ال دور التنم وي للجماع ات المحلي ة ش به منع دم و بالت الي ف إن المج الس‬
‫الجماعية ال يمكن أن تقوم إال بدور تسيير بعض شؤون المواطنين مما يمكن أن تشرف عليه السلطة الوصية نفسها‪.‬‬

‫اخيـــــرا‬

‫التنمية المحلية ال تكون إال بتوفير شروط محددة‪ ،‬من أهمها أن يك ون المجلس الجم اعي مع برا عن إرادة الن اخبين في ال دائرة‬
‫االنتخابية بصفة خاصة‪ ،‬و عن إرادة المواطنين في تراب الجماعية بصفة عامة‪ ،‬أي أن تكون هن اك ديمقراطي ة من الش عب و‬
‫إلى الشعب ديمقراطية حقيقية تحرم شراء الضمائر في االنتخابات من قبل سماسرة االنتخابات ال ذين يس تغلون جه ل الن اس و‬
‫فقرهم‪ ،‬نظرا لما لذلك من اثر في إفساد الحياة السياسية بصفة عامة وإفشال تجربة العمل الجماعي ‪.‬‬

‫كما يجب على السلطة المحلية أن تلعب دورها ك امال في الح رص على إج راء انتخاب ات ح رة و نزيه ة وتج ريم ك ل أش كال‬
‫التزوير المعروفة كالسماح بإقامة الوالئم بمناسبات مختلقة‪ ،‬أو حتى بدون مناس بة‪ ،‬أو بغض الط رف عن ش راء الض مائر‪ ،‬أو‬
‫قيام المقدمين و الشيوخ بتوجيه الناخبين‪ ...‬هذه الممارسات التي ال تتماشى أبدا مع التوجه العام للسلطات العام ة ببالدن ا وال تي‬
‫تعطي انطباعا جد سلبي وتفقد المواطن الثقة في المؤسسات التمثيلية المحلية‪.‬‬

You might also like