Professional Documents
Culture Documents
ت ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـهـ ـي ـ ـ ـ ـ ـد
خصص دستور 2011للجماعات الترابية حيزا كبيرا للحديث عن تنظيمها واختصاصاتها وتمويلها حيث
خصص لها 12فصل مقابل 3فصول فقط كانت مخصصة لها في الدساتير السابقة .األمر الذي يبرز
األهمية التي أصبحت تحظى بها الجماعات الترابية في التنظيم الدستوري املغربي ،كما أنه وألول مرة في
تاريخ املغرب نلحظ أن املشرع الدستوري املغربي يربط التنظيم الترابي بالجهوية املتقدمة حيث أشارت
الفقرة األخيرة من الفصل األول من الدستور بأن " التنظيم الترابي للمملكة تنظيم ال مركزي يقوم على
الجهوية التقدمة " ،وهذا يعتبر من األهمية البالغة ،إذ أصبح النظام اللمركزي مبني على أساس وجود
وقيام الجهوية املتقدمة.
فدستور 2011نص من خلل الفصل 135على أن الجماعات الترابية هي الجهات والعماالت واألقاليم
والجماعات وأنها عبارة عن أشخاص معنوية تخضع للقانون العام وتنهج الدمقراطية في تسيير شؤونها ،كما
حدد الفصل 136املبادئ التي ينبغي أن ينبني عليها التنظيم الترابي السليم وفق الشكل التالي:
مبدأ التدبير الحر؛ -
مبدأ التعاون والتضامن؛ -
مبدأ تأمين مشاركة السكان في تدبير شؤونهم؛ -
مبدأ الرفع من مساهمة السكان في التنمية البشرية املندمجة واملستدامة؛ -
املحوراألول :التنظيم الدستوري والقانوني للجماعات
إن الجماعات الترابية في ظل دستور 2011أصبحت تساهم في تفعيل السياسة العامة للدولة وفي إعداد
السياسات الترابية من خلل ممثليها في مجلس املستشارين كما أن رئيس املجلس الجماعي يتمتع بأحقية
تنفيذ مداوالت ومقررات املجلس ،علوة على أن الجماعة يمكنها وضع آليات تشاركية للحوار والتشاور
لتيسير مساهمة الساكنة والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها عبر تقديم عرائض تهدف إلى مطالبة
املجلس بإدراج نقطة تدخل ضمن اختصاصاته في جدول أعماله .
أوال :تنظيم دستور 2011للجماعات
في إطار تنظيمه للجماعات الترابية نص دستور 2011على عدة مستجدات في مجال تنظيم هذه الجماعات
الترابية ،فمن أهم املستجدات الدستورية التي قام بها املشرع الدستوري لفائدة الجماعات الترابية نجد أنه
جعل من اختصاصاتها ما هو دستوري ،ونص على ضرورة تنظيمها بموجب قانون تنظيمي بدل قانون
عادي ،حيث وألول مرة تكلم الدستور على أنواع االختصاصات التي من حق الجماعات الترابية ممارستها
عكس الدساتير السابقة التي لم تكن تتناول مسألة االختصاص ،بل كانت تترك ذلك للقوانين العادية فقط
التي لم تكن ترقى إلى مستوى الدستور .
فاختصاصاتها كانت منظمة في ظل دساتير 1962ـ 1970ـ 1972بموجب ظهير 02دجنبر 1959املتعلق
بالتقسيم اإلداري ،وظهير 12شتنبر 1963الخاص بتنظيم العماالت واألقاليم ،وظهير 30شتنبر 1976
الخاص بالتنظيم الجماعي ،وظهير 16يونيو 1971الخاص باملناطق االقتصادية.
وفي ظل دستوري 1992و 1996بموجب املرسوم املؤرخ في 30يونيو 1992الخاص بالتقسيم الجماعي
والقانون 78-00الصادر بتاريخ 03أكتوبر 2002املتعلق بالتنظيم الجماعي واملعدل بالقانون 17-08
الصادر بتاريخ 23فبراير 2009والقانون 79-00الخاص بالعماالت واألقاليم الصادر بتاريخ 03أكتوبر
2002والقانون 47-96املتعلق بتنظيم الجهات الصادر بتاريخ 02أبريل .1997
لكن مع دخول سنة 2011وما عرفته هذه السنة من أحداث إما وطنيا أو دوليا ،تم إصدار دستور جديد
يختلف عن سابقيه في التطرق للعديد من القضايا التي تهم الجماعات الترابية والتفصيل فيها .الش يء الذي
انعكس إيجابا على مسلسل اللمركزية باملغرب ،حيث فصل املشرع الدستوري في التنظيم الترابي وأشار
إلى أنواع االختصاصات الجماعية التي حددها في ثلثة أنواع :
-االختصاصات الذاتية
-االختصاصات النقولة
-االختصاصات الشتركة
وبمقارنة هذه االختصاصات التي نص عليها دستور 2011مع ما خوله القانون 78-00املتعلق بالتنظيم
الجماعي ،نلحظ بأن الجماعات الترابية ،حسب هذا القانون ،كانت تتمتع بثلث اختصاصات وهي
االختصاصات الذاتية ـ االختصاصات املنقولة ـ االختصاصات االستشارية ،ومع دستور ،2011تم االحتفاظ
للجماعات الترابية باالختصاصات الذاتية واملنقولة وتخلى لها عن االختصاص االستشاري الذي ال تمارسه
معظم الجماعات الغارقة في االختصاصات الكلسيكية العادية املرتبطة بالتسيير اليومي ومنحها باملقابل
حق ممارسة اختصاصات بصورة مشتركة مع الدولة.
إلى جانب هذه االختصاصات ،نلحظ بأن املشرع الدستوري أضاف شيئا جديدا يتمثل في تمتيع الجماعات
الترابية بالسلطة التنظيمية ملمارسة صلحياتها داخل املجال الترابي .ولدعم املمارسة الفعلية للجماعات
الترابي لهذه االختصاصات ،نص الدستور:
.1على أن الجماعات الترابية تتوفر على موارد مالية ذاتية وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة وأن كل
اختصاص تنقله الدولة إلى هاته الجماعات يكون مقترنا بتحويل املوارد املطابقة له.
.2على إحداث صندوقين خاصين بالجهات أحدهما مؤقت والثاني دائم حيث يهدف الصندوق املوقت
وهو صندوق التأهيل االجتماعي إلى سد العجز في مجاالت التنمية البشرية والبنيات التحتية
األساسية والتجهيزات .ويهدف الصندوق الثاني وهو صندوق التضامن بين الجهات إلى التوزيع املتكافئ
للموارد قصد التقليص من التفاوتات.
وتبرز فائدة هذين الصندوقين بالنسبة لباقي الجماعات الترابية في أن كل جهة تضم عددا من العماالت
واألقاليم والجماعات وأن الهدف من إحداثهما يتجلى في الحد من النقص الذي تعرفه مجاالت التنمية
البشرية والبنيات التحتية األساسية من شبكة تطهير وطرق وماء صالح للشرب وكهرباء ،على صعيد
الجماعات داخل نفس الجهة ،وذلك من أجل إحداث توازن بين مكونات الجهة.
كما يلحظ أن الدستور الجديد نص على أحقية الجماعات الترابية في تأسيس مجموعة الجماعات فيما
بينها قصد التعاون والتضامن في الوسائل والبرامج وترك لها الباب مفتوحا في اختيار كيفيات وطرق التعاون
بينها في حالة مشروع يتطلب التعاون بين عدة جماعات ترابية ،وهذا مقتض ى جديد سيمكن الجماعات من
اختيار الشكل املناسب للتعاون فيما بينها تبعا لخصوصياتها.
ولتعزيز املقتضيات الدستورية الجديدة ،نص الفصل 146من الدستور الجديد على أنه يتعين إصدار
قانون تنظيمي خاص بالجماعات الترابية.
ثانيا :التنظيم القانوني للجماعات.
تطبيقا ملقتضيات دستور 2011التي نصت على إصدار قانون تنظيمي خاص بالجماعات الترابية ،قامت
الحكومة بتاريخ 7يوليوز 2015بإصدار ثلث قوانين تنظيمية تهم الجماعات الترابية وفق الشكل التالي :
-قانون تنظيمي رقم 111-14يتعلق بالجهات ؛
-قانون تنظيمي رقم 112-14يتعلق بالعماالت واألقاليم ؛
-قانون تنظيمي رقم 113-14يتعلق بالجماعات.
حسب املادة األولى من القانون التنظيمي 113-14املتعلق بالجماعات ،فإن الجماعة تشكل أحد مستويات
التنظيم الترابي باململكة باعتبارها خاضعة للقانون العام ،وتتمتع بالشخصية املعنوية واالستقلل اإلداري
واملالي ،وأضافت املادة الثالثة من نفس القانون بأن تدبير الجماعة يرتكز على مبدأ التدبيرالحرالذي يخول
بمقتضاه لكل جماعة في حدود اختصاصاتها سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مقرراتها طبقا
ألحكام القانون .كما يرتكز التنظيم الجماعي على مبدأي التضامن والتعاون بين الجماعات من أجل بلوغ
أهدافها ،خاصة إنجاز مشاريع مشتركة وفق اآلليات املنصوص عليها في القانون التنظيمي .تناط بالجماعة
داخل دائرتها الترابية مهام تقديم خدمات القرب للمواطنين في إطار اختصاصات مسندة لها بموجب
القانون التنظيمي رقم . 113-14
املحورالثاني :اختصاصات الجماعات
تمارس الجماعة اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من طرف
الدولة .لكن قبل التطرق لهذه االختصاصات البد من العمل على الفصل بين ما يدخل في االختصاص
الوطني وما يدخل في االختصاص املحلي.
يبدو أنه رغم هذا االختلف املوجود بين الشؤون الوطنية واملحلية ،فإن هناك اتجاهين رئيسيين في تأهيل
اختصاصات الهيئات اللمركزية:
االتجاه األنجلوساكسوني :تبعا لهذا االتجاه ،نجد بأن القانون املتعلق بتنظيم الهيئات اللمركزية يحدد
اختصاصات مخولة لهذه الهيئات على سبيل الحصر وعلى مستوى كل هيئة محلية تبعا للختلف الكائن
بين هذه الهيئات على املستوى الجغرافي ،عدد السكان ،مدى توفرها على موارد بشرية ومالية مؤهلة.
إن تحديد اختصاص لكل جماعة على حدة ،يترتب عنه بالنتيجة تواجد عدة وحدات تتباين فيما بينها تبعا
لفوارق موجودة بينها.
االتجاه الفرنكفوني :حسب هذا االتجاه ،فإن السلطات العمومية تعمل على منح الهيئات اللمركزية
اختصاصات عامة وشاملة بناء على قاعدة عامة يسمح فيها لهذه الهيئات بالتدخل في كل القضايا ذات
الصبغة املحلية.
وجدير بالذكر أن رجال القانون يتفقون على أن النظام الفرنس ي قد اتخذ قاعدة تقض ي بتحديد
اختصاصات املجالس املحلية في كل املسائل ذات الطابع املحلي التي تهم الساكنة املحلية دون تدخل من
َ َ
الحكم في إعطاء املسائل التي جانب السلطة املركزية باستثناء دور مجلس الدولة الفرنس ي الذي يعتبر
تمارسها املجالس املحلية الصبغة املحلية أو الوطنية باعتباره صمام األمان ضد أي تجاوز في حدود
االختصاصات املحلية أو إساءة مفهومها.
على العموم ،فمسألة الفصل بين الشؤون املحلية والشؤون الوطنية تعود كلمة الفصل فيها للمشرع الذي
يلعب دورا مهما في هذا التمييز.
ثانيا :االختصاصات الجماعية
تشمل االختصاصات الجماعية اختصاصات ذاتية ،اختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة
إليها من طرف الدولة:
االختصاصات الذاتية :ترتكز على االختصاصات املخولة للجماعة في ميدان معين مما يمكنها من القيام،
في حدود مواردها وداخل دائرتها الترابية ،باألعمال الخاصة بهذا امليدان.
االختصاصات الشتركة مع الدولة :تشمل االختصاصات التي يتبين أن نجاعة ممارستها تكون بشكل
مشترك طبقا ملبدأي التدرج والتمايز.
االختصاصات النقولة إليها من طرف الدولة :تشمل كل االختصاصات التي يتم نقلها من طرف الدولة
للجماعة بما يسمح بتوسيع اختصاصاتها بشكل تدريجي.
وهذا يعني أن سلطة البت في الشؤون اإلدارية في الدولة ترجع إلى الحكومة املركزية التي تقوم بتوزيع هذه
الشؤون واألعمال اإلدارية بينها وبين الفروع التابعة لها في األقاليم ،ألن املركزية اإلدارية ليست كما يتصورها
البعض ،قيام السلطة التنفيذية ممثلة في الوزراء بجميع األعمال بل تقتض ي وجود ممثلين ملختلف هذه
الوزارات بالجهات واألقاليم والجماعات يتبعون لها في إطار التدرج اإلداري تحت إشراف سلطتها الرئاسية
وطبقا للقواعد التي تحددها.
تتخذ املركزية اإلدارية طريقتين في املجال التطبيقي:
-التركيزاإلداري.
-عدم التمركزاإلداري .
إن أسلوب التركيز اإلداري كنوع من املركزية اإلدارية يتجلى في حصر صلحية اتخاذ جميع القرارات املتعلقة
بالدولة في يد الحكومة املركزية بالعاصمة بحيث كان يشكل هذا النوع الصورة البدائية للمركزية اإلدارية
التي تتركز فيها السلطة كلها -في جزئياتها وعمومياتها -في يد السلطة التنفيذية ،وبالتالي لم يعد قابل للتنفيذ
حاليا ،األمر الذي أدى إلى بروز الل تمركز اإلداري.
الفقرة األولى :تعريف عدم التركيزاإلداري
يتمثل الل تمركز اإلداري في اعتراف السلطة التنفيذية لبعض ممثليها في األقاليم واملناطق ببعض
االختصاصات تسمح لهم بالبت في بعض األمور بصفة نهائية دون الرجوع إليها ال سيما في األمور التي ال
تتطلب مجهودا خاص في تنفيذها بغية التخفيف من أعباء السلطة الحكومية املركزية .
وتبعا لذلك ،يتضح أن عدم التمركز اإلداري ما هو في الحقيقة إال أسلوب تقني حديث يستهدف منه تخفيف
عبئ التركيز املطلق بحيث يقوم على توزيع املهام اإلدارية على أفضل نمط ،فاإلدارة املركزية في هذا األسلوب
-كما أشرنا إلى ذلك آنفا -تفوض ملمثليها في الجهات البعيدة عن العاصمة صلحيات معينة وتراقب
ممارستها ،وبهذا فإن عدم التمركز اإلداري ينبني على عنصرين أساسيين :
الفقرة الثانية :عناصرالل تركيزاإلداري :التفويض والر اقبة
أوال -التفويض
يتمثل التفويض في إمكانية تخلي صاحب االختصاص عن جزء من االختصاصات املوكولة إليه للغير وفق
مقتضيات قانونية وتنظيمية محددة ،ويشمل هذا التخلي نوعين من التفويض ،إما تفويض للسلطات وإما
تفويض للتوقيع.
1.1تفويض السلطات
يتمثل تفويض السلطات في إسناد السلطة صاحبة االختصاص التي تسمى السلطة املفوضة لجزء من
سلطاتها لجهة أخرى تدعى السلطة املف َّوض لها ،ومثال على هذا النوع من التفويض يمكن أن نشير إلى
مقتضيات دستور ، 2011حيث نص الفصل 48على أن للملك أن يفوض لرئيس الحكومة بناء على جدول
أعمال محدد ،رئاسة مجلس وزاري ،كما نص الفصل 53على أن امللك هو القائد األعلى للقوات املسلحة،
وله حق التعيين في الوظائف العسكرية ،كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق ،ونص الفصل 90على
أن رئيس الحكومة يمارس السلطة التنظيمية ،ويمكن له أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء،
كما يمكنه حسب الفصل 91تفويض سلطة التعيين في الوظائف املدنية في اإلدارات العمومية ،وفي
الوظائف السامية في املؤسسات واملقاوالت العمومية ،ومنح الفصل 93للوزراء إمكانية تفويض جزء من
اختصاصاتهم إلى كتاب الدولة.
يتبين مما سبق ،أن هذا النوع من التفويض ينبني على العناصر التالية:
يستمد قوته من نص قانوني صريح؛ -
يتم نشره بالجريدة الرسمية؛ -
يهم جزءا من االختصاصات وليس كل االختصاصات؛ -
يرتبط برتبة املفوض له في السلم اإلداري وبالوظيفة في حد ذاتها بقطع النظر عن السلطة صاحبة -
االختصاص التي ال يجوز لها ممارسة االختصاصات املف َّوضة أثناء فترة التفويض باستثناء إذا تم
سحب التفويض.
2.1تفويض التوقيع أو اإلمضاء
ينحصر هذا النوع من التفويض في تفويض سلطة التوقيع أو اإلمضاء فقط دون االختصاصات ،حيث
َّ
للمفوض له بتوقيع جزء من القرارات لحساب صاحب االختصاص األصلي وتحت إشرافه يسمح فيه
ومراقبته .
يرتكز تفويض التوقيع على مجموعة من املرتكزات التي تميزه عن تفويض السلطة وفق الشكل اآلتي :
يرتكز على نص قانوني؛ -
بقاء السلطة املفوضة مسؤولة عن االختصاص املف َّوض؛ -
انتهاء التفويض بصورة تلقائية حين تغيير أحد طرفي قرار التفويض نظرا لكون التفويض شخص ي؛ -
اقتصار التفويض على جزء من القرارات لوجود قرارات ال يمكن تفويض التوقيع بخصوصها. -
وترجع أسباب وسم الجهوية ،التي نص عليها دستور 2011وقام بتنزيلها القانون التنظيمي رقم ،111-14
بكلمة "التقدمة" إلى حجم التجديدات املتقدمة التي أدخلها املشرع على قانون 47-96السابق الخاص
بالجهوية ،حيث وسع املشرع من اختصاصاتها وقلص من ثقل الوصاية عليها ونوع من مصادر تمويلها ،لكن
بالرغم من هذه املستجدات الجد متقدمة فإنه ال يمكن لنا أن ننعت الجهوية الجديدة باملغرب بالجهوية
املوسعة ألنها جهوية لم تتجاوز اإلطار اإلداري الذي ينحصر في اقتسام الوظيفة اإلدارية بين الدولة
والجماعات الترابية خاصة الجهة .
تنبني الجهوية املتقدمة على اقتسام واسع للختصاصات اإلدارية بين املركز والجهات حيث تمنح
اختصاصات كبيرة للمحيط ،ويبقى دور املركز املراقبة واملواكبة فقط ،فتوزيع املسؤولية ينجم عنه تنظيم
جديد ألدوار الدولة من خلل رسم وظائف جديدة لإلدارة املركزية واإلدارات اللمركزية .
أما الجهوية املوسعة فهي تتجاوز الوظيفة اإلدارية لتسري على اقتسام الوظيفة السياسية على اعتبار أنها
نوع من أنواع اللمركزية السياسية ،وهذا ما تؤكده املقتضيات سواء الواردة في الدستور أو في القانون
التنظيمي رقم 111-14التي سايرت املنطق والواقع ولم تتكلم عن الجهوية املوسعة بل الجهوية املتقدمة .
حسب الفصل 135من دستور فاتح يوليوز 2011تعتبر الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعماالت
واألقاليم والجماعات ،بحيث تشكل الجهة أرقى هيئة ترابية دستوريا .
وأعطى الفصل 143من الدستور للجهة مكانة جد مهمة حيث مكنها من أن تتبوأ ،تحت إشراف رئيس
مجلسها ،مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية األخرى ،في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية
الجهوية ،والتصاميم الجهوية إلعداد التراب ،في نطاق احترام االختصاصات الذاتية لهذه الجماعات
الترابية .
وعرفت املادة الثالثة من القانون التنظيمي 111-14بأن الجهة جماعة ترابية خاضعة للقانون العام ،تتمتع
بالشخصية االعتبارية واالستقلل اإلداري واملالي ،وتشكل أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة ،باعتباره
تنظيما ال مركزيا يقوم على الجهوية املتقدمة.
وترجع األسباب التي جعلت املشرع يصدر القانون التنظيمي الجديد للجهوية إلى محدودية القانون رقم
47-96الصادر بتاريخ 2أبريل 1997املنظم للجهات .
وتبعا لذلك سنتطرق أوال ملحدودية القانون السابق رقم 96-47الخاص بالجهوية ،وثانيا آلفاق الجهوية
املتقدمة .
أمام هذه النواقص التي شابت قانون 47-96ارتأت السلطات العليا إحداث لجنة استشارية للجهوية سنة
،2010تعمل على إخراج مشروع متقدم للجهوية يتناسب مع خصوصيات املغرب ،ويرتكز على املرتكزات
التالية:
-التمسك بثوابت األمة من وحدة الدولة والوطن والتراب؛
-التوازن بين املركز والجهات والذي يقوم على تحديد االختصاصات الحصرية املنوطة بالدولة من
ناحية واملنوطة بالجهة من ناحية ثانية؛
-التضامن من أجل توفير املوارد املالية العامة والذاتية ملساعدة الجهة على القيام باملهام املنوطة بها؛
-تفعيل ميثاق عدم التمركز اإلداري ملواكبة تطور الجهوية املوسعة.
هذه املرتكزات ستكرسها املراجعة الدستورية لسنة 2011التي ستعطي للجهوية دفعة كبيرة ،بحيث ربط
الدستور قيام التنظيم اللمركزي باملغرب بالجهوية املتقدمة ،وحدد املبادئ التي يرتكز عليها التنظيم
الجهوي وفقا ملقتضيات الفصل 136من الدستور فيما يلي:
مبادئ التدبير الحر؛ -
التعاون والتضامن؛ -
تأمين مشاركة السكان املعنيين في تدبير شؤونهم؛ -
الرفع من مساهمة السكان في التنمية البشرية املندمجة واملستدامة . -
وبالفعل وتبعا للمقتضيات الدستورية الجديدة وملخرجات اللجنة االستشارية للجهوية ،تم بتاريخ 7يوليوز
2015إصدار القانون التنظيمي رقم 111-14املتعلق بالجهوية الذي قلص عدد الجهات من 16إلى 12
جهة فقط وجاء بعدة مستجدات تهم دعم الحكامة الجيدة داخل الجماعات الترابية أهمها :
التقطيع الجهوي
يبدو أن عدد الجهات في القانون التنظيمي رقم 111-14تم تقليصه من 16جهة حاليا إلى 12جهة وفق
الشكل التالي :
.2جهة الشرق .1جهة طنجة -تطوان -الحسيمة
.4جهة الرباط -سل -القنيطرة .3جهة فاس -مكناس
.6جهة الدار البيضاء -سطات .5جهة بني ملل -خنيفرة
.8جهة درعة -تافيللت .7جهة مراكش – أسفي
.10جهة كلميم -واد نون .9جهة سوس -ماسة
.12جهة الداخلة -وادي الذهب .11جهة العيون -الساقية الحمراء
كما أن املادة 101من نفس القانون التنظيمي للجهات منحت اختصاصات واسعة لرئيس مجلس الجهة،
حيث نصت على أن الرئيس يقوم بتنفيذ مداوالت املجلس ومقرراته ،ويتخذ جميع التدابير اللزمة لذلك،
ولهذا الغرض :
ينفذ برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي إلعداد التراب ؛ -
ينفذ امليزانية؛ -
يتخذ القرارات املتعلقة بتنظيم إدارة الجهة وتحديد اختصاصاتها ،مع مراعاة مقتضيات املادة 115 -
من هذا القانون التنظيمي ؛
يتخذ القرارات املتعلقة بإحداث أجرة عن الخدمات املقدمة وبتحديد سعرها ؛ -
يتخذ القرارات ألجل تحديد سعر الرسوم واألتاوى ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التشريعية -
والتنظيمية الجاري بها العمل ؛
يقوم ،في حدود ما يقرره مجلس الجهة ،بإبرام وتنفيذ العقود املتعلقة بالقروض؛ -
يقوم بإبرام أو مراجعة األكرية وعقود إيجار األشياء ؛ -
يدبر أملك الجهة ويحافظ عليها .ولهذه الغاية ،يسهر على مسك وتحيين سجل محتويات أملكها -
وتسوية وضعيتها القانونية ،ويقوم بجميع األعمال التحفظية املتعلقة بحقوق الجهة؛
يباشر أعمال الكراء والبيع واالقتناء واملبادلة وكل معاملة تهم ملك الجهة الخاص ؛ -
يتخذ اإلجراءات اللزمة لتدبير امللك العمومي للجهة ويمنح رخص االحتلل املؤقت للملك العمومي -
طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛
يتخذ اإلجراءات اللزمة بتدبير املرافق العمومية التابعة للجهة ؛ -
يبرم اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة طبقا ملقتضيات املادة 82من هذا القانون التنظيمي ؛ -
يعمل على حيازة الهبات والوصايا. -
ويعتبر رئيس املجلس اآلمر بقبض مداخيل الجهة وصرف نفقاتها ،ويرأس مجلسها ويمثلها بصفة رسمية في
جميع أعمال الحياة املدنية واإلدارية والقضائية ويسهر على مصالحها طبقا ألحكام هذا القانون التنظيمي
والقوانين واألنظمة الجاري بها العمل.
ب -مصادرالتمويل
تتوفر الجهة والجماعات الترابية األخرى حسب الفصل 141من الدستور ،على موارد مالية ذاتية ،وموارد
مالية مرصودة من قبل الدولة وحصيلة االقتراضات.
كما أن كل اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية األخرى يكون مقترنا بتحويل املوارد
املطابقة له.
وتطبيقا ملقتضيات املادة 188من القانون التنظيمي رقم 111-14ترصد الدولة للجهات ،بموجب قوانين
املالية ،بصفة تدريجية نسبا محددة في 5%من حصيلة الضريبة على الشركات و% 5من حصيلة الضريبة
على الدخل و% 20من حصيلة الرسم على عقود التأمين ،تضاف إليها اعتمادات مالية من امليزانية العامة
للدولة في أفق سقف 10مليير درهم سنة .2021
وفي إطار دعم مصادر تمويل التنمية الجهوية نص الفصل 142من الدستور ،على صندوقين ،األول
صندوق للتأهيل االجتماعي يحدث لفترة معينة ،يهدف إلى سد العجز في مجاالت التنمية البشرية ،والبنيات
التحتية األساسية والتجهيزات.
وقد نص القانون على أن رئيس الحكومة يعتبر آمرا بقبض مداخيل وصرف نفقات صندوق التأهيل
االجتماعي ،ويمكنه أن يعين والة الجهات كآمرين مساعدين بالصرف عوضا عنه.
والثاني صندوق للتضامن بين الجهات ،يهدف إلى تحقيق التوزيع املتكافئ للموارد ،قصد التقليص من
التفاوتات بينها ،حيث يعتبر وزير الداخلية آمرا بقبض مداخيله وصرف نفقاته.
ج -تحقيق الحكامة الترابية
تلعب الجهوية املتقدمة أدوارا طلئعية في تكريس حكامة جيدة للجماعات الترابية ،نظرا لكون الجهة تشكل
إطارا ملئما لتطبيق وتنزيل مبادئ الحكامة وذلك من خلل األسس التي توفرها لذلك:
.1األسس السياسية والديمقراطية
اعتمد القانون الجديد على تمكين املجالس الجهوية من شرعية ديمقراطية عبر تبني االنتخاب املباشر بدل
أسلوب االنتخاب الغير املباشر الذي كان سائدا في التجربة الجهوية السابقة ،حيث أصبحت هذه املجالس
تنتخب بصورة مباشرة من طرف سكان الجهة الذين مكنهم املشرع من االختيار الحر ملمثليهم في املجالس
الجهوية .
.2األسس القضائية
ألول مرة سيصبح للقضاء اإلداري كلمة الفصل في حسم الخلفات بين اإلدارة واملجالس الجهوية ،حيث ال
يمكن حل املجالس الجهوية أو عزل رؤسائها إال بتدخل قضائي كضمانة حقوقية سبق أن طالبت بها كل
الفعاليات الحزبية أو الجمعوية وذلك بتحويل الوصاية اإلدارية إلى رقابة بعدية يباشرها القضاء كجهاز
مستقل.
.3أسس التدبيرالجيد
اعتمد القانون الجديد مجموعة من املقاربات واملبادئ التي تهدف إلى تحسين طرق تدبير الجهات لشؤونها
الداخلية ،كمبدأ التدبير الحر ومبدأ التفريع ومبدأ التضامن ومبدأ التشارك والتعاون.
1.3التدبيرالحر
إن قاعدة التدبير الحر تقتض ي أن تتمتع الجماعات الترابية باالستقلل اإلداري واملالي في تدبيرها لشؤونها
وفي مباشرة اختصاصاتها وفق اختياراتها الحرة وظروفها دون تدخل الدولة ،فالجهة أو الجماعة هي التي
تقوم بتحديد أولوياتها وفقا للقانون ودون تجاوز الحدود التي يحددها القانون ،فهي التي تضع برنامج عملها
وتحدد مخططها للتنمية.
2.3مبدأ التفريع
يرتكز مبدأ التفريع على إعادة تنظيم العلقة بين اإلدارة املركزية والجماعات الترابية من ناحية ومن ناحية
أخرى العلقة بين الجهة كجماعة ترابية وباقي الجماعات الترابية من جماعات وعماالت وأقاليم ،حيث يجب
إعادة النظر في توزيع االختصاصات بين الدولة والهيئات اللمركزية وبين هذه األخيرة فيما بينها.
فمبدأ التفريع يقصد به إذن ،الفصل الواضح بين أدوار املتدخلين في الشأن الترابي وفي التوزيع الدقيق
للصلحيات بين اإلدارة املركزية والهيئات اللمركزية حتى يمكن تخويل االختصاص للجماعة الترابية األقرب
للساكنة سواء كانت جماعة أو عمالة أو جهة وتفادي تداخل في الوظائف والصلحيات.
ويلحظ بأن املشرع اعتمد على مبدأ التفريع في تحديد مجاالت االختصاصات خاصة االختصاصات املنقولة
من طرف الدولة لفائدة الجهة.