You are on page 1of 20

‫جامعة محمد األول‬

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬


‫وجـ ـدة‬

‫محاضرات في مـ ـ ـ ـ ـادة اإلدارة الـ ـ ـترابـ ـي ـ ـة‬

‫السداس ي الخامس – قانون عام‬

‫السنة الجامعية ‪2022- 2021 :‬‬

‫األستاذ ‪ :‬أحمد غزال‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الجماعات الترابية‬

‫ت ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـهـ ـي ـ ـ ـ ـ ـد‬
‫خصص دستور ‪ 2011‬للجماعات الترابية حيزا كبيرا للحديث عن تنظيمها واختصاصاتها وتمويلها حيث‬
‫خصص لها ‪ 12‬فصل مقابل ‪ 3‬فصول فقط كانت مخصصة لها في الدساتير السابقة ‪ .‬األمر الذي يبرز‬
‫األهمية التي أصبحت تحظى بها الجماعات الترابية في التنظيم الدستوري املغربي ‪ ،‬كما أنه وألول مرة في‬
‫تاريخ املغرب نلحظ أن املشرع الدستوري املغربي يربط التنظيم الترابي بالجهوية املتقدمة حيث أشارت‬
‫الفقرة األخيرة من الفصل األول من الدستور بأن " التنظيم الترابي للمملكة تنظيم ال مركزي يقوم على‬
‫الجهوية التقدمة " ‪ ،‬وهذا يعتبر من األهمية البالغة‪ ،‬إذ أصبح النظام اللمركزي مبني على أساس وجود‬
‫وقيام الجهوية املتقدمة‪.‬‬
‫فدستور ‪ 2011‬نص من خلل الفصل ‪ 135‬على أن الجماعات الترابية هي الجهات والعماالت واألقاليم‬
‫والجماعات وأنها عبارة عن أشخاص معنوية تخضع للقانون العام وتنهج الدمقراطية في تسيير شؤونها‪ ،‬كما‬
‫حدد الفصل ‪ 136‬املبادئ التي ينبغي أن ينبني عليها التنظيم الترابي السليم وفق الشكل التالي‪:‬‬
‫مبدأ التدبير الحر؛‬ ‫‪-‬‬
‫مبدأ التعاون والتضامن؛‬ ‫‪-‬‬
‫مبدأ تأمين مشاركة السكان في تدبير شؤونهم؛‬ ‫‪-‬‬
‫مبدأ الرفع من مساهمة السكان في التنمية البشرية املندمجة واملستدامة؛‬ ‫‪-‬‬
‫املحوراألول ‪ :‬التنظيم الدستوري والقانوني للجماعات‬
‫إن الجماعات الترابية في ظل دستور ‪ 2011‬أصبحت تساهم في تفعيل السياسة العامة للدولة وفي إعداد‬
‫السياسات الترابية من خلل ممثليها في مجلس املستشارين كما أن رئيس املجلس الجماعي يتمتع بأحقية‬
‫تنفيذ مداوالت ومقررات املجلس‪ ،‬علوة على أن الجماعة يمكنها وضع آليات تشاركية للحوار والتشاور‬
‫لتيسير مساهمة الساكنة والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها عبر تقديم عرائض تهدف إلى مطالبة‬
‫املجلس بإدراج نقطة تدخل ضمن اختصاصاته في جدول أعماله ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تنظيم دستور‪ 2011‬للجماعات‬
‫في إطار تنظيمه للجماعات الترابية نص دستور ‪ 2011‬على عدة مستجدات في مجال تنظيم هذه الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬فمن أهم املستجدات الدستورية التي قام بها املشرع الدستوري لفائدة الجماعات الترابية نجد أنه‬
‫جعل من اختصاصاتها ما هو دستوري‪ ،‬ونص على ضرورة تنظيمها بموجب قانون تنظيمي بدل قانون‬
‫عادي‪ ،‬حيث وألول مرة تكلم الدستور على أنواع االختصاصات التي من حق الجماعات الترابية ممارستها‬
‫عكس الدساتير السابقة التي لم تكن تتناول مسألة االختصاص‪ ،‬بل كانت تترك ذلك للقوانين العادية فقط‬
‫التي لم تكن ترقى إلى مستوى الدستور ‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫فاختصاصاتها كانت منظمة في ظل دساتير ‪ 1962‬ـ ‪ 1970‬ـ ‪ 1972‬بموجب ظهير ‪ 02‬دجنبر ‪ 1959‬املتعلق‬
‫بالتقسيم اإلداري‪ ،‬وظهير ‪ 12‬شتنبر ‪ 1963‬الخاص بتنظيم العماالت واألقاليم‪ ،‬وظهير ‪ 30‬شتنبر ‪1976‬‬
‫الخاص بالتنظيم الجماعي‪ ،‬وظهير ‪ 16‬يونيو ‪ 1971‬الخاص باملناطق االقتصادية‪.‬‬
‫وفي ظل دستوري ‪ 1992‬و ‪ 1996‬بموجب املرسوم املؤرخ في ‪ 30‬يونيو ‪ 1992‬الخاص بالتقسيم الجماعي‬
‫والقانون ‪ 78-00‬الصادر بتاريخ ‪ 03‬أكتوبر ‪ 2002‬املتعلق بالتنظيم الجماعي واملعدل بالقانون ‪17-08‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ 2009‬والقانون ‪ 79-00‬الخاص بالعماالت واألقاليم الصادر بتاريخ ‪ 03‬أكتوبر‬
‫‪ 2002‬والقانون ‪ 47-96‬املتعلق بتنظيم الجهات الصادر بتاريخ ‪ 02‬أبريل ‪.1997‬‬
‫لكن مع دخول سنة ‪ 2011‬وما عرفته هذه السنة من أحداث إما وطنيا أو دوليا‪ ،‬تم إصدار دستور جديد‬
‫يختلف عن سابقيه في التطرق للعديد من القضايا التي تهم الجماعات الترابية والتفصيل فيها ‪ .‬الش يء الذي‬
‫انعكس إيجابا على مسلسل اللمركزية باملغرب‪ ،‬حيث فصل املشرع الدستوري في التنظيم الترابي وأشار‬
‫إلى أنواع االختصاصات الجماعية التي حددها في ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ -‬االختصاصات الذاتية‬
‫‪ -‬االختصاصات النقولة‬
‫‪ -‬االختصاصات الشتركة‬
‫وبمقارنة هذه االختصاصات التي نص عليها دستور ‪ 2011‬مع ما خوله القانون ‪ 78-00‬املتعلق بالتنظيم‬
‫الجماعي‪ ،‬نلحظ بأن الجماعات الترابية‪ ،‬حسب هذا القانون‪ ،‬كانت تتمتع بثلث اختصاصات وهي‬
‫االختصاصات الذاتية ـ االختصاصات املنقولة ـ االختصاصات االستشارية‪ ،‬ومع دستور ‪ ،2011‬تم االحتفاظ‬
‫للجماعات الترابية باالختصاصات الذاتية واملنقولة وتخلى لها عن االختصاص االستشاري الذي ال تمارسه‬
‫معظم الجماعات الغارقة في االختصاصات الكلسيكية العادية املرتبطة بالتسيير اليومي ومنحها باملقابل‬
‫حق ممارسة اختصاصات بصورة مشتركة مع الدولة‪.‬‬
‫إلى جانب هذه االختصاصات‪ ،‬نلحظ بأن املشرع الدستوري أضاف شيئا جديدا يتمثل في تمتيع الجماعات‬
‫الترابية بالسلطة التنظيمية ملمارسة صلحياتها داخل املجال الترابي ‪ .‬ولدعم املمارسة الفعلية للجماعات‬
‫الترابي لهذه االختصاصات‪ ،‬نص الدستور‪:‬‬
‫‪ .1‬على أن الجماعات الترابية تتوفر على موارد مالية ذاتية وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة وأن كل‬
‫اختصاص تنقله الدولة إلى هاته الجماعات يكون مقترنا بتحويل املوارد املطابقة له‪.‬‬
‫‪ .2‬على إحداث صندوقين خاصين بالجهات أحدهما مؤقت والثاني دائم حيث يهدف الصندوق املوقت‬
‫وهو صندوق التأهيل االجتماعي إلى سد العجز في مجاالت التنمية البشرية والبنيات التحتية‬
‫األساسية والتجهيزات ‪ .‬ويهدف الصندوق الثاني وهو صندوق التضامن بين الجهات إلى التوزيع املتكافئ‬
‫للموارد قصد التقليص من التفاوتات‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫وتبرز فائدة هذين الصندوقين بالنسبة لباقي الجماعات الترابية في أن كل جهة تضم عددا من العماالت‬
‫واألقاليم والجماعات وأن الهدف من إحداثهما يتجلى في الحد من النقص الذي تعرفه مجاالت التنمية‬
‫البشرية والبنيات التحتية األساسية من شبكة تطهير وطرق وماء صالح للشرب وكهرباء‪ ،‬على صعيد‬
‫الجماعات داخل نفس الجهة‪ ،‬وذلك من أجل إحداث توازن بين مكونات الجهة‪.‬‬
‫كما يلحظ أن الدستور الجديد نص على أحقية الجماعات الترابية في تأسيس مجموعة الجماعات فيما‬
‫بينها قصد التعاون والتضامن في الوسائل والبرامج وترك لها الباب مفتوحا في اختيار كيفيات وطرق التعاون‬
‫بينها في حالة مشروع يتطلب التعاون بين عدة جماعات ترابية‪ ،‬وهذا مقتض ى جديد سيمكن الجماعات من‬
‫اختيار الشكل املناسب للتعاون فيما بينها تبعا لخصوصياتها‪.‬‬
‫ولتعزيز املقتضيات الدستورية الجديدة‪ ،‬نص الفصل ‪ 146‬من الدستور الجديد على أنه يتعين إصدار‬
‫قانون تنظيمي خاص بالجماعات الترابية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التنظيم القانوني للجماعات‪.‬‬
‫تطبيقا ملقتضيات دستور ‪ 2011‬التي نصت على إصدار قانون تنظيمي خاص بالجماعات الترابية‪ ،‬قامت‬
‫الحكومة بتاريخ ‪ 7‬يوليوز ‪ 2015‬بإصدار ثلث قوانين تنظيمية تهم الجماعات الترابية وفق الشكل التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬قانون تنظيمي رقم ‪ 111-14‬يتعلق بالجهات ؛‬
‫‪ -‬قانون تنظيمي رقم ‪ 112-14‬يتعلق بالعماالت واألقاليم ؛‬
‫‪ -‬قانون تنظيمي رقم ‪ 113-14‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫حسب املادة األولى من القانون التنظيمي ‪ 113-14‬املتعلق بالجماعات‪ ،‬فإن الجماعة تشكل أحد مستويات‬
‫التنظيم الترابي باململكة باعتبارها خاضعة للقانون العام‪ ،‬وتتمتع بالشخصية املعنوية واالستقلل اإلداري‬
‫واملالي‪ ،‬وأضافت املادة الثالثة من نفس القانون بأن تدبير الجماعة يرتكز على مبدأ التدبيرالحرالذي يخول‬
‫بمقتضاه لكل جماعة في حدود اختصاصاتها سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مقرراتها طبقا‬
‫ألحكام القانون ‪ .‬كما يرتكز التنظيم الجماعي على مبدأي التضامن والتعاون بين الجماعات من أجل بلوغ‬
‫أهدافها‪ ،‬خاصة إنجاز مشاريع مشتركة وفق اآلليات املنصوص عليها في القانون التنظيمي ‪ .‬تناط بالجماعة‬
‫داخل دائرتها الترابية مهام تقديم خدمات القرب للمواطنين في إطار اختصاصات مسندة لها بموجب‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪. 113-14‬‬
‫املحورالثاني ‪ :‬اختصاصات الجماعات‬
‫تمارس الجماعة اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من طرف‬
‫الدولة‪ .‬لكن قبل التطرق لهذه االختصاصات البد من العمل على الفصل بين ما يدخل في االختصاص‬
‫الوطني وما يدخل في االختصاص املحلي‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫أوال ‪ :‬التمييزبين ما هو محلي وما هو وطني‬


‫ينطلق هاجس التمييز بين ما هو محلي وما هو وطني من الرغبة في مقاربة أكثر للمجال الترابي واملساهمة‬
‫بالتالي في توضيح حدود االختصاص في املسائل الترابية بين الجماعات كهيئات ال مركزية والدولة كسلطة‬
‫مركزية‪.‬‬
‫إن محاولة التفريق بين الشؤون املحلية والشؤون الوطنية هو من الصعوبة بمكان‪ ،‬واألمر يتميز بالتعقيد‬
‫والنسبية في غالب األحوال ‪ .‬ومع هذا فقد حاول جانب من الفقه التفريق بين الشؤون املحلية والشؤون‬
‫الوطنية وأطلق على بعض املصالح والشؤون الصبغة املحلية وعلى البعض اآلخر الصبغة الوطنية‪.‬‬
‫وهكذا فإن وجود قضايا محلية تهم الهيئات املحلية دون الهيئات الوطنية أصبح أمرا طبيعيا ينسجم مع‬
‫االعتراف للوحدات اللمركزية بالشخصية املعنوية واالستقلل املالي واإلداري ‪ .‬فهناك بعض القضايا ال تهم‬
‫كل سكان الدولة وإنما تهم جزءا منهم أو تهم جهات أو جهة معينة بذاتها دون غيرها بفعل تباين القضايا‬
‫الوطنية عن املحلية واختلف اإلمكانيات واالحتياجات االجتماعية واالقتصادية بين الدولة والهيئات‬
‫اللمركزية‪ .‬هذه القضايا واملصالح عادة ما تكون هي الدافع الرئيس ي وراء وجود اإلدارات املحلية‪ ،‬فعندما‬
‫تكون الشؤون والقضايا محلية لدى الهيئات اللمركزية‪ ،‬فهذه األخيرة تباشر أعمالها من خلل هذه الشؤون‬
‫وهذا ما عبر عنه الفقيه الفرنس ي "أندري دولوبادير" عندما ذكر أن‪ :‬الهيئات املحلية ال تستطيع مباشرة‬
‫أعمالها إال إذا توفرت لها شؤون محلية خاصة بها وأجهزة إدارية قادرة على القيام بعبء هذه الشؤون‪.‬‬
‫ورغم الصعوبات التي تعتري طريقة التفريق بين القضايا الوطنية والقضايا املحلية‪ ،‬فإن الفقه فرق في هذا‬
‫املجال بين القضايا املتعلقة باملرافق العامة الوطنية وهي التي يستفيد من خدماتها كل األفراد وتتجاوز‬
‫وسائلها الوسائل املوضوعة رهن إشارة الهيئات املحلية‪ ،‬كمرفق الدفاع‪ ،‬األمن‪ ،‬العدالة ‪ ...‬وبين الشؤون‬
‫والقضايا التي ترتبط بتدبير مرافق ذات صبغة محلية والتي يستفيد من خدماتها بعض املواطنين وخاصة‬
‫سكان املناطق التي توجد بها هذه املرافق املحلية‪ ،‬فهذه الشؤون والقضايا يمكن طبعها بطابع املحلية‬
‫باعتبارها تساهم في خلق التضامن الجماعي بين سكان الجماعة املعنية‪ ،‬مما يؤدي إلى حسن سير املصالح‬
‫املحلية للجماعة عبر التدبير اليومي لشؤون السكان املحليين بطريقة تضمن مشاركتهم في تدبيرها‪ ،‬وبالتالي‬
‫تحقيق نوع من اإلشباع لحاجياتهم (كتوزيع املاء الصالح للشرب والكهرباء وتطهير السائل الصلب وبناء‬
‫الطرق ‪.)...‬‬
‫إذن نلحظ بصورة أوضح أن معيار التمييز بين الشؤون الوطنية والشؤون املحلية ليس باألمر السهل‪ ،‬وال‬
‫يمكننا وضع معيار قاطع للتفرقة بينهما‪ .‬ذلك أن الدولة باعتبارها تملك أدوات التشريع هي التي تختص‬
‫لوحدها‪ ،‬بواسطة القانون‪ ،‬بتحديد الشؤون العامة الوطنية فتدخلها في نطاق املرافق الوطنية‪ ،‬والشؤون‬
‫املحلية فتدخلها ضمن اختصاص الهيئات املحلية بمراعاة الظروف الجغرافية والبيئية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية والسياسية داخل املجتمع‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫يبدو أنه رغم هذا االختلف املوجود بين الشؤون الوطنية واملحلية‪ ،‬فإن هناك اتجاهين رئيسيين في تأهيل‬
‫اختصاصات الهيئات اللمركزية‪:‬‬
‫االتجاه األنجلوساكسوني‪ :‬تبعا لهذا االتجاه‪ ،‬نجد بأن القانون املتعلق بتنظيم الهيئات اللمركزية يحدد‬
‫اختصاصات مخولة لهذه الهيئات على سبيل الحصر وعلى مستوى كل هيئة محلية تبعا للختلف الكائن‬
‫بين هذه الهيئات على املستوى الجغرافي‪ ،‬عدد السكان‪ ،‬مدى توفرها على موارد بشرية ومالية مؤهلة‪.‬‬
‫إن تحديد اختصاص لكل جماعة على حدة‪ ،‬يترتب عنه بالنتيجة تواجد عدة وحدات تتباين فيما بينها تبعا‬
‫لفوارق موجودة بينها‪.‬‬
‫االتجاه الفرنكفوني‪ :‬حسب هذا االتجاه‪ ،‬فإن السلطات العمومية تعمل على منح الهيئات اللمركزية‬
‫اختصاصات عامة وشاملة بناء على قاعدة عامة يسمح فيها لهذه الهيئات بالتدخل في كل القضايا ذات‬
‫الصبغة املحلية‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن رجال القانون يتفقون على أن النظام الفرنس ي قد اتخذ قاعدة تقض ي بتحديد‬
‫اختصاصات املجالس املحلية في كل املسائل ذات الطابع املحلي التي تهم الساكنة املحلية دون تدخل من‬
‫َ َ‬
‫الحكم في إعطاء املسائل التي‬ ‫جانب السلطة املركزية باستثناء دور مجلس الدولة الفرنس ي الذي يعتبر‬
‫تمارسها املجالس املحلية الصبغة املحلية أو الوطنية باعتباره صمام األمان ضد أي تجاوز في حدود‬
‫االختصاصات املحلية أو إساءة مفهومها‪.‬‬
‫على العموم‪ ،‬فمسألة الفصل بين الشؤون املحلية والشؤون الوطنية تعود كلمة الفصل فيها للمشرع الذي‬
‫يلعب دورا مهما في هذا التمييز‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االختصاصات الجماعية‬
‫تشمل االختصاصات الجماعية اختصاصات ذاتية‪ ،‬اختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة‬
‫إليها من طرف الدولة‪:‬‬
‫االختصاصات الذاتية‪ :‬ترتكز على االختصاصات املخولة للجماعة في ميدان معين مما يمكنها من القيام‪،‬‬
‫في حدود مواردها وداخل دائرتها الترابية‪ ،‬باألعمال الخاصة بهذا امليدان‪.‬‬
‫االختصاصات الشتركة مع الدولة‪ :‬تشمل االختصاصات التي يتبين أن نجاعة ممارستها تكون بشكل‬
‫مشترك طبقا ملبدأي التدرج والتمايز‪.‬‬
‫االختصاصات النقولة إليها من طرف الدولة‪ :‬تشمل كل االختصاصات التي يتم نقلها من طرف الدولة‬
‫للجماعة بما يسمح بتوسيع اختصاصاتها بشكل تدريجي‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الجهوية التقدمة‬


‫يرتبط مفهوم اإلدارة الترابية بتطور نظرية التنظيم اإلداري عبر مراحل تاريخية وفقا للظروف السياسية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬حيث تميزت املجتمعات القديمة بظاهرة تجميع وتركيز مختلف أنواع السلطات في يد الحاكم‬
‫كما كان سائدا عند ملوك أوروبا في القرون الوسطى‪ ،‬فالدولة كانت تقوم انطلقا من العاصمة بتسيير‬
‫املناطق البعيدة‪ ،‬في حين تميزت املجتمعات الحديثة بتوزيع السلط بين املركز واملناطق املحيطة به عن طريق‬
‫التخلي عن بعض السلطات للمناطق البعيدة عن العاصمة بغية التخفيف عن السلطة باملركز ومساعدتها‬
‫في أداء مهامها‪.‬‬
‫هذا التوزيع يختلف من دولة إلى أخرى تبعا الختلف التطور الديمقراطي حيث هناك دول فضلت تقسيم‬
‫السلطة اإلدارية والسياسية بين اإلدارة املركزية وباقي األقاليم‪ ،‬في حين فضلت أخرى االحتفاظ بوحدة‬
‫السلطة السياسية وتوزيع السلطة اإلدارية بين اإلدارة في العاصمة والجماعات الترابية أو املرفقية وتمتيعها‬
‫بنوع من االستقلل اإلداري واملالي‪.‬‬
‫يرتكز التنظيم اإلداري في الدولة املعاصرة على نقطتين أساسيتين‪:‬‬
‫‪ .1‬الشخصية العنوية‬
‫الشخصية املعنوية التي تطبع قانونيا أنشطة اإلدارة والتي تميزها عن باقي أنشطة األشخاص الطبيعيين‪،‬‬
‫حيث يقصد بالشخص املعنوي أو االعتباري مجموعة من األشخاص أو األموال التي تتحد من أجل تحقيق‬
‫هدف معين من خلل تمكينه من األهلية القانونية املستقلة بغية تحقيق هدفه ‪.‬‬
‫تأسيسا على ما سبق فالشخصية املعنوية تنبني على عنصرين أساسيين ‪:‬‬
‫عنصر موضوعي يتمثل في مجموعة من األفراد أو األموال تهدف لتحقيق هدف‪ ،‬وعنصر شكلي يتجلى في‬
‫اعتراف الشرع أو الدولة بوجود الشخصية املعنوية ‪.‬‬
‫وتنقسم األشخاص املعنوية إلى عدة أنواع أبرزها األشخاص املعنوية العامة واألشخاص املعنوية الخاصة‪،‬‬
‫وتنقسم األشخاص املعنوية العامة بدورها إلى أشخاص معنوية عامة إقليمية كالدولة والجهات والجماعات‬
‫ويتحدد اختصاصها بوجود إقليم ترابي‪ ،‬وأشخاص معنوية عامة مرفقية كاملؤسسات العمومية‪ ،‬في حين‬
‫تنقسم األشخاص املعنوية الخاصة إلى أشخاص معنوية خاصة مهنية ال تستهدف تحقيق أرباح كالنقابات‬
‫املهنية من قبيل نقابة األطباء ونقابة املحامين‪...‬إلخ‪ ،‬وأشخاص معنوية خاصة تستهدف تحقيق الربح املادي‬
‫من وراء أعمالها كالشركات‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫‪ .2‬الطرق واألساليب التي تختارها اإلدارة لتنظيم هياكلها و أنشطتها‬


‫تتمثل أساليب التنظيم اإلداري بصفة عامة في أسلوبين رئيسيين ‪:‬‬
‫األسلوب األول للتنظيم اإلداري‪ ،‬يرتكز على تجميع السلط وكامل االختصاصات في يد السلطة املركزية‬
‫بالعاصمة ومندوبيها املحليين ويطلق عليه أسلوب املركزية اإلدارية ‪.‬‬
‫األسلوب الثاني ينبني على توزيع االختصاصات في تحمل أعباء تسيير الشؤون العامة ما بين الدولة وباقي‬
‫األجهزة العمومية األخرى من جهات وجماعات ترابية ومرافق عمومية‪ ،‬وينعت هذا األسلوب باللمركزية‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫وجدير بالذكر‪ ،‬أن مسألة اختيار هذا األسلوب من ذاك يرجع لعدة عوامل منها ‪:‬‬
‫العامل السياس ي‪ :‬يتجلى بوضوح في هذا االختيار‪ ،‬فالدولة التي تؤمن بمبادئ الديمقراطية وضرورة توفير‬
‫آليات إشراك السكان في تدبير شؤونهم بأنفسهم اختارت اللمركزية كنهج يسمح باملشاركة للجميع‪.‬‬
‫في حين سلكت الدول الشمولية أسلوب املركزية كنهج يساير أسلوب التخطيط املركزي املوجه للتنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية لتدبير شؤون الدولة وطنيا ومحليا طبقا لتعليمات الحكومة املركزية بالعاصمة‬
‫ولتعليمات قادة الحزب الوحيد الحاكم ‪.‬‬
‫العوامل التاريخية واالجتماعية والثقافية ‪ :‬فالخصوصيات التاريخية واالجتماعية تؤثر على قرار اختيار‬
‫نمط املركزية أو اللمركزية‪ ،‬فاملناطق التي كانت تعرف تاريخيا تسييرا شبه محلي وتمتاز بخاصيات ثقافية‬
‫واجتماعية مشتركة تنحو نحو اختيار اللمركزية كأسلوب لتدبير شؤونها املحلية ‪.‬‬
‫العامل الجغرافي‪ :‬تفرض شساعة املجال الترابي نهج أسلوب مرن في التنظيم اإلداري يسمح للمناطق‬
‫البعيدة عن مركز القرار باختصاصات محلية لتدبير شؤون هذه املناطق ‪.‬‬
‫العوامل التنموية‪ :‬والتي تعتبر من العوامل الجوهرية في نهج اللمركزية كفلسفة لتنمية املناطق املهشمة‬
‫واملناطق النائية بحيث تعتبر كحل استراتيجي للتخفيف من حدة التفاوت التنموي ما بين املناطق والجهات‬
‫وما بين الحواضر والقرى‪ ،‬واملغرب كدولة سائرة في طريق النمو ال يختلف عن باقي الدول‪ ،‬اختار منذ‬
‫السنوات األولى للستقلل أسلوب اللمركزية اإلدارية كوسيلة لتحقيق التنمية الشاملة ‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬فإننا سنتناول في املحور األول اللتمركزاإلداري كصورة من نظام املركزية اإلدارية‪ ،‬وفي املبحث‬
‫الثاني سنتطرق لنظام اللمركزية اإلدارية خصوصا نظام الجهوية‪.‬‬
‫املحوراألول‪ :‬الل تركيزاإلداري‬
‫يقصد باملركزية اإلدارية في الحقل اإلداري تركيز وتجميع مختلف أوجه السلطة اإلدارية وجميع األنشطة‬
‫اإلدارية في يد السلطة التنفيذية بالعاصمة وفي يد ممثليها باملناطق البعيدة عن العاصمة تحت إشرافها‪،‬‬
‫بحيث تنبني هذه املركزية على وحدة في تنفيذ القوانين وفي تدبير املرافق بشكل يسمح بتوحيد نمط اإلدارة‬
‫والعمل على تجانسه عبر كامل التراب الوطني وجعله ينبثق من مصدر واحد مقره العاصمة‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫وهذا يعني أن سلطة البت في الشؤون اإلدارية في الدولة ترجع إلى الحكومة املركزية التي تقوم بتوزيع هذه‬
‫الشؤون واألعمال اإلدارية بينها وبين الفروع التابعة لها في األقاليم‪ ،‬ألن املركزية اإلدارية ليست كما يتصورها‬
‫البعض‪ ،‬قيام السلطة التنفيذية ممثلة في الوزراء بجميع األعمال بل تقتض ي وجود ممثلين ملختلف هذه‬
‫الوزارات بالجهات واألقاليم والجماعات يتبعون لها في إطار التدرج اإلداري تحت إشراف سلطتها الرئاسية‬
‫وطبقا للقواعد التي تحددها‪.‬‬
‫تتخذ املركزية اإلدارية طريقتين في املجال التطبيقي‪:‬‬
‫‪ -‬التركيزاإلداري‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التمركزاإلداري ‪.‬‬
‫إن أسلوب التركيز اإلداري كنوع من املركزية اإلدارية يتجلى في حصر صلحية اتخاذ جميع القرارات املتعلقة‬
‫بالدولة في يد الحكومة املركزية بالعاصمة بحيث كان يشكل هذا النوع الصورة البدائية للمركزية اإلدارية‬
‫التي تتركز فيها السلطة كلها ‪ -‬في جزئياتها وعمومياتها ‪ -‬في يد السلطة التنفيذية‪ ،‬وبالتالي لم يعد قابل للتنفيذ‬
‫حاليا‪ ،‬األمر الذي أدى إلى بروز الل تمركز اإلداري‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف عدم التركيزاإلداري‬
‫يتمثل الل تمركز اإلداري في اعتراف السلطة التنفيذية لبعض ممثليها في األقاليم واملناطق ببعض‬
‫االختصاصات تسمح لهم بالبت في بعض األمور بصفة نهائية دون الرجوع إليها ال سيما في األمور التي ال‬
‫تتطلب مجهودا خاص في تنفيذها بغية التخفيف من أعباء السلطة الحكومية املركزية ‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬يتضح أن عدم التمركز اإلداري ما هو في الحقيقة إال أسلوب تقني حديث يستهدف منه تخفيف‬
‫عبئ التركيز املطلق بحيث يقوم على توزيع املهام اإلدارية على أفضل نمط‪ ،‬فاإلدارة املركزية في هذا األسلوب‬
‫‪ -‬كما أشرنا إلى ذلك آنفا ‪ -‬تفوض ملمثليها في الجهات البعيدة عن العاصمة صلحيات معينة وتراقب‬
‫ممارستها‪ ،‬وبهذا فإن عدم التمركز اإلداري ينبني على عنصرين أساسيين ‪:‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عناصرالل تركيزاإلداري‪ :‬التفويض والر اقبة‬
‫أوال‪ -‬التفويض‬
‫يتمثل التفويض في إمكانية تخلي صاحب االختصاص عن جزء من االختصاصات املوكولة إليه للغير وفق‬
‫مقتضيات قانونية وتنظيمية محددة‪ ،‬ويشمل هذا التخلي نوعين من التفويض‪ ،‬إما تفويض للسلطات وإما‬
‫تفويض للتوقيع‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫‪ 1.1‬تفويض السلطات‬
‫يتمثل تفويض السلطات في إسناد السلطة صاحبة االختصاص التي تسمى السلطة املفوضة لجزء من‬
‫سلطاتها لجهة أخرى تدعى السلطة املف َّوض لها‪ ،‬ومثال على هذا النوع من التفويض يمكن أن نشير إلى‬
‫مقتضيات دستور ‪، 2011‬حيث نص الفصل ‪ 48‬على أن للملك أن يفوض لرئيس الحكومة بناء على جدول‬
‫أعمال محدد‪ ،‬رئاسة مجلس وزاري‪ ،‬كما نص الفصل ‪ 53‬على أن امللك هو القائد األعلى للقوات املسلحة‪،‬‬
‫وله حق التعيين في الوظائف العسكرية‪ ،‬كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق‪ ،‬ونص الفصل ‪ 90‬على‬
‫أن رئيس الحكومة يمارس السلطة التنظيمية‪ ،‬ويمكن له أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء‪،‬‬
‫كما يمكنه حسب الفصل ‪ 91‬تفويض سلطة التعيين في الوظائف املدنية في اإلدارات العمومية‪ ،‬وفي‬
‫الوظائف السامية في املؤسسات واملقاوالت العمومية‪ ،‬ومنح الفصل ‪ 93‬للوزراء إمكانية تفويض جزء من‬
‫اختصاصاتهم إلى كتاب الدولة‪.‬‬
‫يتبين مما سبق‪ ،‬أن هذا النوع من التفويض ينبني على العناصر التالية‪:‬‬
‫يستمد قوته من نص قانوني صريح؛‬ ‫‪-‬‬
‫يتم نشره بالجريدة الرسمية؛‬ ‫‪-‬‬
‫يهم جزءا من االختصاصات وليس كل االختصاصات؛‬ ‫‪-‬‬
‫يرتبط برتبة املفوض له في السلم اإلداري وبالوظيفة في حد ذاتها بقطع النظر عن السلطة صاحبة‬ ‫‪-‬‬
‫االختصاص التي ال يجوز لها ممارسة االختصاصات املف َّوضة أثناء فترة التفويض باستثناء إذا تم‬
‫سحب التفويض‪.‬‬
‫‪ 2.1‬تفويض التوقيع أو اإلمضاء‬
‫ينحصر هذا النوع من التفويض في تفويض سلطة التوقيع أو اإلمضاء فقط دون االختصاصات‪ ،‬حيث‬
‫َّ‬
‫للمفوض له بتوقيع جزء من القرارات لحساب صاحب االختصاص األصلي وتحت إشرافه‬ ‫يسمح فيه‬
‫ومراقبته ‪.‬‬
‫يرتكز تفويض التوقيع على مجموعة من املرتكزات التي تميزه عن تفويض السلطة وفق الشكل اآلتي ‪:‬‬
‫يرتكز على نص قانوني؛‬ ‫‪-‬‬
‫بقاء السلطة املفوضة مسؤولة عن االختصاص املف َّوض؛‬ ‫‪-‬‬
‫انتهاء التفويض بصورة تلقائية حين تغيير أحد طرفي قرار التفويض نظرا لكون التفويض شخص ي؛‬ ‫‪-‬‬
‫اقتصار التفويض على جزء من القرارات لوجود قرارات ال يمكن تفويض التوقيع بخصوصها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪10‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫ثانيا‪ -‬الر اقبة‪/‬السلطة الرئاسية‬


‫ينبني تنظيم اإلدارة على قاعدة هرمية‪ ،‬إذ أن السلطة األدنى مطالبة بالخضوع لتعليمات السلطة األعلى‬
‫منها بشكل تسلسلي‪ ،‬بحيث هناك أوامر وتعليمات تصدر من الرئيس داخل اإلدارة يتعين تنفيذها من‬
‫طرف املرؤوسين الخاضعين له إداريا ‪.‬‬
‫فاملوظف يخضع لتوجيهات السلطة الرئاسية التي تندرج في أعلها بشكل تسلسلي إلى مرتبة الوزير‪،‬‬
‫فهذا األخير مطالب باحترام القوانين املعمول بها في تسيير دواليب الوزارة وأن تكون قراراته مطابقة لروح‬
‫القانون‪ ،‬وأن يعمل مساعدوه من ديوان وكتابة عامة ومديريات وأقسام ومصالح مركزية وال ممركزة‬
‫وموظفين‪ ،‬على تنفيذ توجيهات وزيرهم‪ ،‬وكل جهاز ينفذ توجيهات الجهاز األعلى منه‪.‬‬
‫إن الرئيس التسلسلي في إطار الرقابة الرئاسية يحق له إصدار التعليمات والتوجيهات‪ ،‬إما بشكل عام‬
‫تخاطب جميع املوظفين داخل الوزارة وإما تكون مسماة ومحددة تخاطب فردا أو فئة من املوظفين‪ ،‬وتكون‬
‫في غالب األحيان في شكل مناشير ودوريات تتضمن إجراءات ومساطر عملية يتبعها املوظفون في تنفيذ‬
‫التعليمات تحت مراقبة السلطة الرئاسية التي أصدرتها ضمانا ملطابقتها للقانون وملءمتها للواقع‪ ،‬بحيث‬
‫يحق للرئيس تعديل قرارات املرؤوس والحلول محله أو إلغاء هذه القرارات عند االقتضاء إذا كانت مخالفة‬
‫للقانون ومضمون املناشير والدوريات ‪.‬‬
‫كخلصة‪ ،‬فإن أسلوب عدم التركيز اإلداري يمتاز ببعض املزايا‪ ،‬منها أنه يسهل على ممثلي الحكومة اتخاذ‬
‫القرارات من عين املكان وتحقيق السرعة في تنفيذ األعمال اإلدارية مع بقائهم تحت إشراف السلطة‬
‫الرئاسية لإلدارة املركزية بحيث تتمتع هذه األخيرة في ظل هذا النظام بأحقية تعديل أو إلغاء القرارات‬
‫املتخذة من طرف ممثليها املحليين وأحقية إصدار التعليمات لهم أو الحلول محلهم إن اقتض ى األمر ذلك‪.‬‬
‫وهناك مساوئ لهذا األسلوب تتجلى في أن ممثلي اإلدارة املركزية في األقاليم من املمكن أن يكونوا غير‬
‫متوفرين على معرفة حقيقية للمشاكل والحاجيات املحلية وأيضا في كون اختيار ممثلي اإلدارة املركزية‬
‫باألقاليم يكون غالبا ال ديمقراطي ‪.‬‬
‫الفرق بين عدم التركيزاإلداري واللمركزية اإلدارية‬
‫وفي األخير‪ ،‬فإنه البد من توضيح الغموض وااللتباس املوجود بين مفهوم اللتركيز اإلداري ومفهوم‬
‫اللمركزية اإلدارية ‪.‬‬
‫إن اللمركزية تهدف إلى تقسيم السلطة بين الدولة واملجالس املحلية املنتخبة التي تتمتع بالشخصية‬
‫املعنوية واالستقلل املالي واإلداري في ممارسة شؤونها املحلية تحت املراقبة اإلدارية للدولة‪.‬‬
‫بينما نجد في عدم التركيز أن الدولة ال تقوم بتقسيم السلطة بل على تقريب املواطنين من مرافق في عين‬
‫املكان لها بعض االستقلل املحدود والغير متمتعة بالشخصية املعنوية في ممارسة عملها املبني على‬
‫التفويض تحت الرقابة الرئاسية لإلدارة املركزية باعتبار الل تمركز اإلداري أسلوبا تقنيا ليس إال‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫املحورالثاني‪ :‬نظام اللمركزية اإلدارية‪ :‬الجهوية التقدمة‬


‫تنبني اللمركزية اإلدارية على توزيع االختصاصات بين السلطات املركزية بالعاصمة وبين هيئات ترابية‬
‫إقليمية أو هيئات مرفقية تتمتع بالشخصية املعنوية وتباشر اختصاصاتها تحت الوصاية اإلدارية للسلطة‬
‫املركزية‪ ،‬وتنقسم اللمركزية اإلدارية إلى صورتين رئيسيتين ‪:‬‬
‫اللمركزية اإلقليمية ‪ :‬يرتكز هذا النوع من اللمركزية على قاعدة جغرافية عبر خلق وحدات وهيئات محلية‬
‫تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقلل املالي واإلداري‪ ،‬تباشر تدبير شؤونها املحلية تحت إشراف اإلدارة‬
‫املركزية ‪.‬‬
‫اللمركزية الرفقية أو التقنية‪ :‬تتجلى في تخويل مرافق عمومية الشخصية املعنوية واالستقلل املالي‬
‫واإلداري في تسيير شؤونها تحت رقابة الدولة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أركان اللمركزية‬
‫تنبني اللمركزية اإلدارية على ثلثة أركان أساسية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬وجود قضايا وشؤون محلية تختلف عن الشؤون الوطنية‬
‫ويقصد بذلك وجود شؤون وقضايا محلية خاصة بالجماعات الترابية تتميز عن القضايا الوطنية العامة‬
‫التي تهم اإلدارة املركزية‪ ،‬وتحديد هذه الشؤون ينطلق من معيارين رئيسيين‪ ،‬املعيار األول وهو املعيار‬
‫اإلنجليزي ويرتكز على تحديد الشؤون املحلية على سبيل الحصر انطلقا من خصوصيات كل هيئة محلية‬
‫على حدة‪ ،‬بينما يقوم املعيار الثاني‪ ،‬املعيار الفرنس ي على تحديد الشؤون واالختصاصات املحلية على قاعدة‬
‫عامة وشاملة تهم جميع الهيئات املحلية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تسييرالقضايا املحلية من طرف أجهزة منتخبة ومستقلة‬
‫هذا يعني أنه يعهد لهاته األجهزة املحلية بإدارة الشؤون املحلية عبر ممثلين ينتخبهم السكان محليا بطريقة‬
‫ديمقراطية‪ ،‬بحيث يعد االنتخاب عنصرا أساسيا في تكوين الهيئات املحلية من أجل ضمان مشاركة السكان‬
‫في تدبير الشأن املحلي مما يدعم ركائز الديمقراطية املحلية ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬خضوع الهيئات املحلية لوصاية الدولة‬
‫تتمتع الهيئات املحلية في ممارستها لشؤونها املحلية باالستقلل املالي واإلداري‪ ،‬هذا االستقلل الذي يشكل‬
‫العمود الفقري للمركزية يعتبر القاعدة بينما االستثناء هو خضوع هذه الوحدات اإلدارية إلى رقابة تمارسها‬
‫اإلدارة املركزية تسمى" الوصاية اإلدارية"‪ ،‬وتهدف إلى تمكين السلطة املركزية من التنسيق فيما بين عمل‬
‫السلطات اللمركزية وفيما بينها وبين نشاطها الخاص‪ ،‬وذلك في اإلطار القانوني لذلك ألنه "ال وصاية دون‬
‫وجود نص يقررها ‪".‬‬

‫‪12‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫وعموما فالوصاية اإلدارية املطبقة على الجماعات الترابية ترمى إلى‪:‬‬


‫‪ -‬مراقبة ممارسة صلحية املجالس الترابية لضمان عدم انحرافها عن إطارها الشرعي املحدد قانونا‪،‬‬
‫وعن أهداف خدمة الصالح العام؛‬
‫‪ -‬الحفاظ على الوحدة السياسية واإلدارية للدولة عن طريق مراقبة مداوالت الهيئات املحلية حتى ال‬
‫تتناقض مع السياسة العامة‪.‬‬
‫اللمركزية السياسية واللمركزية اإلدارية‬
‫ففيما يخص الفرق بين اللمركزية السياسية أو ما يسمى بالنظام الفيدرالي أو االتحادي واللمركزية‬
‫اإلدارية‪ ،‬فإننا نلحظ بأن غالبية الفقه ترى أن اللمركزية اإلدارية هي أسلوب من أساليب التنظيم اإلداري‬
‫يتعلق بممارسة الوظيفة اإلدارية ويمكن أن يطبق في جميع الدول سواء الدول البسيطة التي تخضع لسلطة‬
‫واحدة في العاصمة في ممارسة السيادة أو في الدول املركبة وهي الدول املكونة من عدة دويلت وواليات‬
‫كالفيدرالية األملانية واالتحاد األسترالي والواليات األمريكية املتحدة مثل حيث تتوزع فيها ممارسة السيادة‬
‫بين الدولة الفيدرالية املركزية وبين الدويلت االتحادية املكونة لها ‪.‬‬
‫في حين تعتبر اللمركزية السياسية أو الفيدرالية أسلوبا من أساليب الحكم تتعلق بممارسة الوظائف‬
‫األساسية للدولة من تشريع وقضاء وإدارة‪ ،‬فالواليات واملقاطعات في الدول املركبة تتمتع ضمن حدودها‬
‫بالسيادة القانونية الداخلية بحكم مشاركتها في شؤون سيادة الدولة االتحادية‪ ،‬أما في اللمركزية اإلدارية‬
‫فالهيئات املحلية ال تتمتع بأي نوع من السيادة القانونية ‪.‬‬
‫فالنظام الفيدرالي يتعلق أساسا بنظام دستوري يختلف عن اللمركزية البسيطة‪ ،‬حيث هناك تمييز‬
‫دستوري بين اختصاصات الدولة االتحادية وباقي الدويلت الفيدرالية‪ ،‬فالدستور هو الوحيد الذي يقوم‬
‫بعملية تحديد دور الدولة االتحادية من دور باقي الواليات كاملادة ‪ 91‬من الدستور الكندي واملادة ‪ 71‬من‬
‫الدستور األملاني لسنة ‪.1949‬‬
‫إلى جانب االختلف القائم بين النظامين‪ ،‬هناك اختلف في مضمون الرقابة التي تمارس عليهما سواء من‬
‫حيث الكيف أو الكم‪ ،‬فالرقابة املفروضة على الجماعات املحلية في النظام اللمركزي اإلداري غير محدودة‬
‫يؤطرها القانون ويمكنها أن تتسع أو تضيق كلما أرادت السلطة املركزية ذلك‪ ،‬في حين أن الرقابة املمارسة‬
‫على الهيئات الفيدرالية فهي محدودة لكونها مؤطرة بالدستور ومن الصعوبة االتساع في ممارستها وتجاوز‬
‫الحدود الدستورية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الجهوية التقدمة‬
‫شكل الخطاب امللكي بمناسبة االحتفال بذكرى املسيرة الخضراء لسنة ‪ 2008‬فرصة وضع من خللها امللك‬
‫أسس الجهوية التي يجب على املغرب تبنيها ‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫وترجع أسباب وسم الجهوية‪ ،‬التي نص عليها دستور ‪ 2011‬وقام بتنزيلها القانون التنظيمي رقم ‪،111-14‬‬
‫بكلمة "التقدمة" إلى حجم التجديدات املتقدمة التي أدخلها املشرع على قانون ‪ 47-96‬السابق الخاص‬
‫بالجهوية‪ ،‬حيث وسع املشرع من اختصاصاتها وقلص من ثقل الوصاية عليها ونوع من مصادر تمويلها‪ ،‬لكن‬
‫بالرغم من هذه املستجدات الجد متقدمة فإنه ال يمكن لنا أن ننعت الجهوية الجديدة باملغرب بالجهوية‬
‫املوسعة ألنها جهوية لم تتجاوز اإلطار اإلداري الذي ينحصر في اقتسام الوظيفة اإلدارية بين الدولة‬
‫والجماعات الترابية خاصة الجهة ‪.‬‬
‫تنبني الجهوية املتقدمة على اقتسام واسع للختصاصات اإلدارية بين املركز والجهات حيث تمنح‬
‫اختصاصات كبيرة للمحيط‪ ،‬ويبقى دور املركز املراقبة واملواكبة فقط‪ ،‬فتوزيع املسؤولية ينجم عنه تنظيم‬
‫جديد ألدوار الدولة من خلل رسم وظائف جديدة لإلدارة املركزية واإلدارات اللمركزية ‪.‬‬
‫أما الجهوية املوسعة فهي تتجاوز الوظيفة اإلدارية لتسري على اقتسام الوظيفة السياسية على اعتبار أنها‬
‫نوع من أنواع اللمركزية السياسية‪ ،‬وهذا ما تؤكده املقتضيات سواء الواردة في الدستور أو في القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 111-14‬التي سايرت املنطق والواقع ولم تتكلم عن الجهوية املوسعة بل الجهوية املتقدمة ‪.‬‬
‫حسب الفصل ‪ 135‬من دستور فاتح يوليوز ‪ 2011‬تعتبر الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعماالت‬
‫واألقاليم والجماعات‪ ،‬بحيث تشكل الجهة أرقى هيئة ترابية دستوريا ‪.‬‬
‫وأعطى الفصل ‪ 143‬من الدستور للجهة مكانة جد مهمة حيث مكنها من أن تتبوأ‪ ،‬تحت إشراف رئيس‬
‫مجلسها‪ ،‬مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية األخرى‪ ،‬في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬والتصاميم الجهوية إلعداد التراب‪ ،‬في نطاق احترام االختصاصات الذاتية لهذه الجماعات‬
‫الترابية ‪.‬‬
‫وعرفت املادة الثالثة من القانون التنظيمي ‪ 111-14‬بأن الجهة جماعة ترابية خاضعة للقانون العام‪ ،‬تتمتع‬
‫بالشخصية االعتبارية واالستقلل اإلداري واملالي‪ ،‬وتشكل أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة‪ ،‬باعتباره‬
‫تنظيما ال مركزيا يقوم على الجهوية املتقدمة‪.‬‬
‫وترجع األسباب التي جعلت املشرع يصدر القانون التنظيمي الجديد للجهوية إلى محدودية القانون رقم‬
‫‪ 47-96‬الصادر بتاريخ ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬املنظم للجهات ‪.‬‬
‫وتبعا لذلك سنتطرق أوال ملحدودية القانون السابق رقم ‪ 96-47‬الخاص بالجهوية‪ ،‬وثانيا آلفاق الجهوية‬
‫املتقدمة ‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫أوال‪ -‬محدودية القانون رقم ‪47-96‬‬


‫يعتبر القانون ‪ 47-96‬املنظم للجهات قفزة نوعية في مجال وضع اإلطار الفعلي للجهوية باملغرب عن طريق‬
‫توسيعه من قاعدة االختصاصات ومن مصادر التمويل على املستوى الجهوي‪ ،‬إال أنه رغم ذلك هناك‬
‫نواقص حدت من فاعليته ومن الدور الذي كان من املمكن أن تلعبه الجهة في مجال الحد من إشكالية‬
‫التنمية بين الجماعات داخل نفس الجهة ‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فهناك عدة حدود ترتبط بمجموعة من الجوانب منها عدم تمكين الساكنة الجهوية من االنتخاب‬
‫املباشر ملمثليهم داخل املجالس الجهوية وضعف االختصاصات املخولة لهذه املجالس وضعف مواردها‬
‫املالية إضافة إلى ثقل الوصاية املفروضة على الجهات ‪.‬‬
‫فبخصوص الوصاية املفروضة على الجهات‪ ،‬نلحظ بأن ثقل هذه الوصاية يتجلى في اتساع الرقابة اإلدارية‬
‫املطبقة على أعمال املجالس الجهوية من طرف اإلدارة املركزية‪ ،‬إذ أن أهم االختصاصات الجهوية والتي‬
‫ترتبط خصوصا بالجوانب املالية تخضع إلزاميا ملصادقة سلطة الوصاية وهي وفقا للمادة ‪ 41‬من القانون‬
‫‪ 47-96‬على الشكل التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬امليزانية الجهوية؛‬
‫‪ -‬االقتراضات املراد إبرامها والضمانات الواجب منحها؛‬
‫‪ -‬فتح حسابات خصوصية؛‬
‫‪ -‬فتح اعتمادات جديدة ورفع مبالغ بعض االعتمادات؛‬
‫‪ -‬التحويل من فصل إلى فصل؛‬
‫‪ -‬قبول الهبات والوصايا أو رفضها؛‬
‫‪ -‬تحديد كيفية وضع أساس الرسوم واألتاوى ومختلف الحقوق املحصلة لفائدة الجهة وتحديد‬
‫تعريفاتها وقواعد تحصيلها وذلك وفقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل؛‬
‫‪ -‬االمتيازات والوكالة وغيرها من أنواع تدبير شؤون املرافق العامة الجهوية واملساهمة في شركات‬
‫اقتصادية مختلطة وجميع املسائل التي لها ارتباط بمختلف هذه األعمال؛‬
‫‪ -‬الشراءات والبيوع أو املعاملت أو املعاوضات املتعلقة بعقارات امللك الخاص وأعمال تدبير امللك‬
‫العام؛‬
‫وجدير بالذكر‪ ،‬أن تنفيذ هذه االختصاصات ال يتم إال إذا تمت مصادقة وزير الداخلية عليها في ظرف ثالثين‬
‫يوما التالية لتاريخ تسلم القرار‪ ،‬األمر الذي يحد من استقللية املجالس الجهوية بشكل مباشر ويجعل‬
‫تدخلتها دون فعالية نظرا لكون هذه االختصاصات املهمة يعود تنفيذها إلى موافقة سلطة الوصاية التي‬
‫لها الكلمة الفصل بهذا الشأن ‪.‬‬

‫‪15‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫ثانيا‪ -‬تأهيل الجهة‬

‫أمام هذه النواقص التي شابت قانون ‪ 47-96‬ارتأت السلطات العليا إحداث لجنة استشارية للجهوية سنة‬
‫‪ ،2010‬تعمل على إخراج مشروع متقدم للجهوية يتناسب مع خصوصيات املغرب‪ ،‬ويرتكز على املرتكزات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التمسك بثوابت األمة من وحدة الدولة والوطن والتراب؛‬
‫‪ -‬التوازن بين املركز والجهات والذي يقوم على تحديد االختصاصات الحصرية املنوطة بالدولة من‬
‫ناحية واملنوطة بالجهة من ناحية ثانية؛‬
‫‪ -‬التضامن من أجل توفير املوارد املالية العامة والذاتية ملساعدة الجهة على القيام باملهام املنوطة بها؛‬
‫‪ -‬تفعيل ميثاق عدم التمركز اإلداري ملواكبة تطور الجهوية املوسعة‪.‬‬
‫هذه املرتكزات ستكرسها املراجعة الدستورية لسنة ‪ 2011‬التي ستعطي للجهوية دفعة كبيرة‪ ،‬بحيث ربط‬
‫الدستور قيام التنظيم اللمركزي باملغرب بالجهوية املتقدمة‪ ،‬وحدد املبادئ التي يرتكز عليها التنظيم‬
‫الجهوي وفقا ملقتضيات الفصل ‪ 136‬من الدستور فيما يلي‪:‬‬
‫مبادئ التدبير الحر؛‬ ‫‪-‬‬
‫التعاون والتضامن؛‬ ‫‪-‬‬
‫تأمين مشاركة السكان املعنيين في تدبير شؤونهم؛‬ ‫‪-‬‬
‫الرفع من مساهمة السكان في التنمية البشرية املندمجة واملستدامة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وبالفعل وتبعا للمقتضيات الدستورية الجديدة وملخرجات اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬تم بتاريخ ‪ 7‬يوليوز‬
‫‪ 2015‬إصدار القانون التنظيمي رقم ‪ 111-14‬املتعلق بالجهوية الذي قلص عدد الجهات من ‪ 16‬إلى ‪12‬‬
‫جهة فقط وجاء بعدة مستجدات تهم دعم الحكامة الجيدة داخل الجماعات الترابية أهمها ‪:‬‬
‫التقطيع الجهوي‬
‫يبدو أن عدد الجهات في القانون التنظيمي رقم ‪ 111-14‬تم تقليصه من ‪16‬جهة حاليا إلى ‪ 12‬جهة وفق‬
‫الشكل التالي ‪:‬‬
‫‪ .2‬جهة الشرق‬ ‫‪ .1‬جهة طنجة ‪ -‬تطوان ‪ -‬الحسيمة‬
‫‪ .4‬جهة الرباط ‪ -‬سل ‪ -‬القنيطرة‬ ‫‪ .3‬جهة فاس ‪ -‬مكناس‬
‫‪ .6‬جهة الدار البيضاء ‪ -‬سطات‬ ‫‪ .5‬جهة بني ملل ‪ -‬خنيفرة‬
‫‪ .8‬جهة درعة ‪ -‬تافيللت‬ ‫‪ .7‬جهة مراكش – أسفي‬
‫‪ .10‬جهة كلميم ‪ -‬واد نون‬ ‫‪ .9‬جهة سوس ‪ -‬ماسة‬
‫‪ .12‬جهة الداخلة ‪ -‬وادي الذهب‬ ‫‪ .11‬جهة العيون ‪ -‬الساقية الحمراء‬

‫‪16‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫أ‪ -‬تأهيل االختصاصات الجهوية‪:‬‬


‫يسهر على تدبير شؤون الجهة مجلس يتم انتخابه وفق االقتراع العام املباشر ويتكون من رئيس ومكتب‬
‫ولجان دائمة وكاتب للمجلس ونائبه‪ ،‬ووفقا للفصل ‪ 140‬من دستور ‪ 2011‬واملادة ‪ 80‬من القانون التنظيمي‬
‫للجهات ‪ 111-14‬فالجهة كجماعة ترابية‪ ،‬وبناء على مبدأ التفريع‪ ،‬تتمتع باختصاصات ذاتية واختصاصات‬
‫مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه األخيرة ‪.‬حيث نصت املادة ‪ 80‬من القانون التنظيمي‬
‫بأنه تناط بالجهة داخل دائرتها الترابية مهام النهوض بالتنمية املندمجة واملستدامة وذلك بتنظيمها‬
‫وتنسيقها وتتبعها‪ ،‬وال سيما فيما يتعلق بما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬تحسين جاذبية املجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته االقتصادية‪،‬‬
‫‪ -‬تحقيق االستعمال األمثل للموارد الطبيعية وتثمينها والحفاظ عليها ؛‬
‫‪ -‬اعتماد التدابير واإلجراءات املشجعة للمقاولة ومحيطها والعمل على تيسير توطين األنشطة املنتجة‬
‫للثروة والشغل ؛‬
‫‪ -‬اإلسهام في تحقيق التنمية املستدامة ؛‬
‫‪ -‬العمل على تحسين القدرات التدبيرية للموارد البشرية وتكوينها ‪.‬‬
‫تقوم الجهة بهذه املهام‪ ،‬مع مراعاة السياسات واالستراتيجيات العامة والقطاعية للدولة في هذه املجاالت‪.‬‬
‫ولهذه الغاية‪ ،‬تمارس الجهة اختصاصات ذاتية‪ ،‬واختصاصات مشتركة مع الدولة‪ ،‬واختصاصات منقولة‬
‫إليها من هذه األخيرة‪.‬‬
‫تشتمل االختصاصات الذاتية على االختصاصات املوكولة للجهة في مجال معين بما يمكنها من القيام‪ ،‬في‬
‫حدود مواردها‪ ،‬وداخل دائرتها الترابية‪ ،‬باألعمال الخاصة بهذا املجال‪ ،‬وال سيما التخطيط والبرمجة‬
‫واإلنجاز والتدبير والصيانة‪.‬‬
‫تشمل االختصاصات املشتركة بين الدولة والجهة االختصاصات التي يتبين أن نجاعة ممارستها تكون بشكل‬
‫مشترك‪ .‬ويمكن أن تتم ممارسة هذه االختصاصات املشتركة طبقا ملبدأي التدرج والتمايز‪.‬‬
‫تشمل االختصاصات املنقولة االختصاصات التي تنقل من الدولة إلى الجهة بما يسمح بتوسيع‬
‫االختصاصات الذاتية بشكل تدريجي‪.‬‬
‫كما تتوفر الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬في مجاالت اختصاصاتها‪ ،‬وداخل دائرتها الترابية‪ ،‬على سلطة‬
‫تنظيمية ملمارسة صلحياتها‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫كما أن املادة ‪ 101‬من نفس القانون التنظيمي للجهات منحت اختصاصات واسعة لرئيس مجلس الجهة‪،‬‬
‫حيث نصت على أن الرئيس يقوم بتنفيذ مداوالت املجلس ومقرراته‪ ،‬ويتخذ جميع التدابير اللزمة لذلك‪،‬‬
‫ولهذا الغرض ‪:‬‬
‫ينفذ برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي إلعداد التراب ؛‬ ‫‪-‬‬
‫ينفذ امليزانية؛‬ ‫‪-‬‬
‫يتخذ القرارات املتعلقة بتنظيم إدارة الجهة وتحديد اختصاصاتها‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات املادة ‪115‬‬ ‫‪-‬‬
‫من هذا القانون التنظيمي ؛‬
‫يتخذ القرارات املتعلقة بإحداث أجرة عن الخدمات املقدمة وبتحديد سعرها ؛‬ ‫‪-‬‬
‫يتخذ القرارات ألجل تحديد سعر الرسوم واألتاوى ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التشريعية‬ ‫‪-‬‬
‫والتنظيمية الجاري بها العمل ؛‬
‫يقوم‪ ،‬في حدود ما يقرره مجلس الجهة‪ ،‬بإبرام وتنفيذ العقود املتعلقة بالقروض؛‬ ‫‪-‬‬
‫يقوم بإبرام أو مراجعة األكرية وعقود إيجار األشياء ؛‬ ‫‪-‬‬
‫يدبر أملك الجهة ويحافظ عليها‪ .‬ولهذه الغاية‪ ،‬يسهر على مسك وتحيين سجل محتويات أملكها‬ ‫‪-‬‬
‫وتسوية وضعيتها القانونية‪ ،‬ويقوم بجميع األعمال التحفظية املتعلقة بحقوق الجهة؛‬
‫يباشر أعمال الكراء والبيع واالقتناء واملبادلة وكل معاملة تهم ملك الجهة الخاص ؛‬ ‫‪-‬‬
‫يتخذ اإلجراءات اللزمة لتدبير امللك العمومي للجهة ويمنح رخص االحتلل املؤقت للملك العمومي‬ ‫‪-‬‬
‫طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛‬
‫يتخذ اإلجراءات اللزمة بتدبير املرافق العمومية التابعة للجهة ؛‬ ‫‪-‬‬
‫يبرم اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة طبقا ملقتضيات املادة ‪ 82‬من هذا القانون التنظيمي ؛‬ ‫‪-‬‬
‫يعمل على حيازة الهبات والوصايا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويعتبر رئيس املجلس اآلمر بقبض مداخيل الجهة وصرف نفقاتها‪ ،‬ويرأس مجلسها ويمثلها بصفة رسمية في‬
‫جميع أعمال الحياة املدنية واإلدارية والقضائية ويسهر على مصالحها طبقا ألحكام هذا القانون التنظيمي‬
‫والقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫ب‪ -‬مصادرالتمويل‬
‫تتوفر الجهة والجماعات الترابية األخرى حسب الفصل ‪ 141‬من الدستور‪ ،‬على موارد مالية ذاتية‪ ،‬وموارد‬
‫مالية مرصودة من قبل الدولة وحصيلة االقتراضات‪.‬‬
‫كما أن كل اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية األخرى يكون مقترنا بتحويل املوارد‬
‫املطابقة له‪.‬‬

‫‪18‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫وتطبيقا ملقتضيات املادة ‪ 188‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 111-14‬ترصد الدولة للجهات‪ ،‬بموجب قوانين‬
‫املالية‪ ،‬بصفة تدريجية نسبا محددة في ‪ 5%‬من حصيلة الضريبة على الشركات و‪% 5‬من حصيلة الضريبة‬
‫على الدخل و‪% 20‬من حصيلة الرسم على عقود التأمين‪ ،‬تضاف إليها اعتمادات مالية من امليزانية العامة‬
‫للدولة في أفق سقف ‪ 10‬مليير درهم سنة ‪.2021‬‬
‫وفي إطار دعم مصادر تمويل التنمية الجهوية نص الفصل ‪ 142‬من الدستور‪ ،‬على صندوقين‪ ،‬األول‬
‫صندوق للتأهيل االجتماعي يحدث لفترة معينة‪ ،‬يهدف إلى سد العجز في مجاالت التنمية البشرية‪ ،‬والبنيات‬
‫التحتية األساسية والتجهيزات‪.‬‬
‫وقد نص القانون على أن رئيس الحكومة يعتبر آمرا بقبض مداخيل وصرف نفقات صندوق التأهيل‬
‫االجتماعي‪ ،‬ويمكنه أن يعين والة الجهات كآمرين مساعدين بالصرف عوضا عنه‪.‬‬
‫والثاني صندوق للتضامن بين الجهات‪ ،‬يهدف إلى تحقيق التوزيع املتكافئ للموارد‪ ،‬قصد التقليص من‬
‫التفاوتات بينها‪ ،‬حيث يعتبر وزير الداخلية آمرا بقبض مداخيله وصرف نفقاته‪.‬‬
‫ج‪ -‬تحقيق الحكامة الترابية‬
‫تلعب الجهوية املتقدمة أدوارا طلئعية في تكريس حكامة جيدة للجماعات الترابية‪ ،‬نظرا لكون الجهة تشكل‬
‫إطارا ملئما لتطبيق وتنزيل مبادئ الحكامة وذلك من خلل األسس التي توفرها لذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬األسس السياسية والديمقراطية‬
‫اعتمد القانون الجديد على تمكين املجالس الجهوية من شرعية ديمقراطية عبر تبني االنتخاب املباشر بدل‬
‫أسلوب االنتخاب الغير املباشر الذي كان سائدا في التجربة الجهوية السابقة‪ ،‬حيث أصبحت هذه املجالس‬
‫تنتخب بصورة مباشرة من طرف سكان الجهة الذين مكنهم املشرع من االختيار الحر ملمثليهم في املجالس‬
‫الجهوية ‪.‬‬
‫‪ .2‬األسس القضائية‬
‫ألول مرة سيصبح للقضاء اإلداري كلمة الفصل في حسم الخلفات بين اإلدارة واملجالس الجهوية‪ ،‬حيث ال‬
‫يمكن حل املجالس الجهوية أو عزل رؤسائها إال بتدخل قضائي كضمانة حقوقية سبق أن طالبت بها كل‬
‫الفعاليات الحزبية أو الجمعوية وذلك بتحويل الوصاية اإلدارية إلى رقابة بعدية يباشرها القضاء كجهاز‬
‫مستقل‪.‬‬
‫‪ .3‬أسس التدبيرالجيد‬
‫اعتمد القانون الجديد مجموعة من املقاربات واملبادئ التي تهدف إلى تحسين طرق تدبير الجهات لشؤونها‬
‫الداخلية‪ ،‬كمبدأ التدبير الحر ومبدأ التفريع ومبدأ التضامن ومبدأ التشارك والتعاون‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬


‫محاضرات في مادة اإلدارة الترابية ‪ -‬ذ‪ .‬أحمد غزال – السداس ي الخامس – قانون عام – ‪2022\2021‬‬

‫‪ 1.3‬التدبيرالحر‬
‫إن قاعدة التدبير الحر تقتض ي أن تتمتع الجماعات الترابية باالستقلل اإلداري واملالي في تدبيرها لشؤونها‬
‫وفي مباشرة اختصاصاتها وفق اختياراتها الحرة وظروفها دون تدخل الدولة‪ ،‬فالجهة أو الجماعة هي التي‬
‫تقوم بتحديد أولوياتها وفقا للقانون ودون تجاوز الحدود التي يحددها القانون‪ ،‬فهي التي تضع برنامج عملها‬
‫وتحدد مخططها للتنمية‪.‬‬
‫‪ 2.3‬مبدأ التفريع‬
‫يرتكز مبدأ التفريع على إعادة تنظيم العلقة بين اإلدارة املركزية والجماعات الترابية من ناحية ومن ناحية‬
‫أخرى العلقة بين الجهة كجماعة ترابية وباقي الجماعات الترابية من جماعات وعماالت وأقاليم‪ ،‬حيث يجب‬
‫إعادة النظر في توزيع االختصاصات بين الدولة والهيئات اللمركزية وبين هذه األخيرة فيما بينها‪.‬‬
‫فمبدأ التفريع يقصد به إذن‪ ،‬الفصل الواضح بين أدوار املتدخلين في الشأن الترابي وفي التوزيع الدقيق‬
‫للصلحيات بين اإلدارة املركزية والهيئات اللمركزية حتى يمكن تخويل االختصاص للجماعة الترابية األقرب‬
‫للساكنة سواء كانت جماعة أو عمالة أو جهة وتفادي تداخل في الوظائف والصلحيات‪.‬‬
‫ويلحظ بأن املشرع اعتمد على مبدأ التفريع في تحديد مجاالت االختصاصات خاصة االختصاصات املنقولة‬
‫من طرف الدولة لفائدة الجهة‪.‬‬

‫وهللا من وراء القصد وهو يهدي السبيل‬

‫‪20‬‬ ‫ج ـ ـ ـام ـ ـع ـ ـة م ـحـ ـمـ ـ ـ ـد األول ‪ -‬وج ـ ـ ـ ـدة‬

You might also like