You are on page 1of 6

‫الجهوية بإيطاليا ‪:‬‬ ‫❖‬

‫أقرت ايطاليا الجهوية في دستور ‪ 1948‬وتعتبر من الدول التي‬


‫تطبق ما يسمى بنظام الجهوية السياسية التي تعتبر أقصى درجات‬
‫الالمركزية في إطار الدولة الموحدة دون الوصول إلى مستوى‬
‫الدولة الفيدرالية‪ ،‬وبالتالي فهي وسيلة لتحديث الدولة دون تجزئة‬
‫سيادتها مما دفع الفقه الدستوري إلى االصطالح على هذا النوع‬
‫من الدول بـ ” الدولة الجهوية” و يستجيب هذا الشكل من الجهوية‬
‫لهدفين رئيسيين هما‪ :‬تعميق التعددية السياسية والثقافية من جهة ‪،‬‬
‫و الحرص على االندماج االجتماعي والتضامن المجتمعي من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬لذلك فال غرابة أن نجد الدول التي كانت تعاني من‬
‫المركزية الشديدة و من اضطهاد األقليات هي التي ذهبت بعيدا في‬
‫مجال هذا النوع من الجهوية‪ .‬ويمكن االستدالل على ذلك بما‬
‫ذهبت إليه الحكومة اإليطالية في شهر نونبر ‪ 2005‬عندما منحت‬
‫الجهات صالحيات تشريعية استثنائية في مجال الصحة والتعليم‬
‫والشرطة المحلية للوصول إلى دولة فيدرالية‪.‬‬
‫يمكن تحديد األسباب و المبررات التي دفعت إيطاليا إلى تبني هذا‬
‫النظام في‪:‬‬
‫*اضطرار إيطاليا بعد انهزامها في الحرب العالمية الثانية للتخفيف‬
‫من المركزية الشديدة التي كانت تعاني منها في ظل النظام‬
‫الديكتاتوري الذي انتصر قادته لنظرية الدولة الشمولية‪.‬‬
‫* الخيار الجهوي جاء كذلك استجابة لمطلب تحديث الدولة التي لم‬
‫تكن أبدا متجذرة في المجتمع اإليطالي ‪ ،‬فقد لجأ اإليطاليون إلى‬
‫هذا الخيار لتقوية الدولة دون تجزئة سيادتها وأيضا لتعميق‬
‫التعددية السياسية والثقافية‪.‬‬
‫* تالقي االصطدام مع الجنوب اإليطالي ذي المطالب االنفصالية‪،‬‬
‫كما أنه جاء لمعالجة مشكلة هذا الجنوب الذي عانى كثيرا من‬
‫التهميش مقارنة مع الشمال‪.‬‬
‫توزيع االختصاصات بين الدولة والجهات‪:‬‬
‫لعل من بين العناصر األساسية لتحويل نظام الصالحيات الترابية‬
‫بإيطاليا هو‬
‫هذا النظام الجديد الذي جاء به قانون رقم ‪ 59‬سنة ‪ 1997‬والمتعلق‬
‫بتوزيع‬
‫االختصاصات اإلدارية بين الدولة والجمعات الترابية‪ .‬هذا القانون‬
‫يبلور فكرة‬
‫الفيدرالية اإلدارية لكن دون أن يذكر الفيدرالية باالسم‪.‬‬
‫في واقع األمر تارس الدولة بطبيعة الحال السلطة التشريعية إال أن‬
‫الجهات‬
‫تتمتع ببعض الصالحيات في هذا المضمر‪ ،‬كم حددها الفصل ‪117‬‬
‫من الدستور‪.‬‬
‫غير أن وضع القواعد التنظيمية يبقى من اختصاص الدولة في‬
‫الميادين التي تتمتع فيه بسلطات تشريعية حصرية وبناء عليه فإن‬
‫الدولة ال‬
‫تفوض هذه االختصاصات للجهات‪.‬‬
‫بالنسبة للجهات نجد أنها تتمتع بصالحيات تشريعية بصفة حصرية‬
‫في كل‬
‫الميادين التي ال تدخل بصفة واضحة وقطعية في إطار امتيازات‬
‫الدولة‪ .‬لكن تجدر‬
‫قاسمة والتي ال تقوم الدولة بتحديد مبادئها‬
‫اإلشارة إلى أن هنالك مجاالت‬
‫األساسية ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة الجهات مع االتحاد األوربي‪،‬‬
‫‪ -‬التجارة الخارجية‪،‬‬
‫‪ -‬الوقاية والسالمة في أماكن العمل‪،‬‬
‫‪ -‬التعليم ما عدا التعليم الثانوي والتكوين المهني‪،‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي والتكنولوجي ومساندة االبتكار في المجاالت‬
‫المنتجة‪،‬‬
‫‪ -‬الوقاية الصحية‪،‬‬
‫التغذية‪،‬‬
‫‪ -‬الرياضة‪،‬‬
‫‪ -‬الوقاية المدنية‪،‬‬
‫‪ -‬تهيئة التراب الحضري‪،‬‬
‫‪ -‬الموانئ والمطارات المدنية‪،‬‬
‫‪ -‬النقل وخطوط المالحة البحرية‪،‬‬
‫‪ -Communications،‬المواصالت‬
‫‪ -‬انتاج ونقل وتوزيع الطاقة‪،‬‬
‫‪ -‬التأمين االجتماعي اإلضافي‪،‬‬
‫‪ -‬تنمية الموارد الثقافية والبيئية‪،‬‬
‫‪ -‬صندوق التوفير الجهوي‪ ،‬ففي المجال القروي ووكاالت‬
‫القروض‪،‬‬
‫‪ -‬المؤسسات الجهوية والقرض العقاري والفالحي‪.‬‬
‫‪ -‬وعليه فإن تبني اللوائح التنظيمية يعود للجهات في كل الميادين‬
‫التي ال‬
‫يعود االختصاص فيها بصفة حصرية للدولة‪.‬‬
‫مسؤولية الجهات ‪:‬‬
‫يتعلق األمر بوضع المسؤولية على عاتق الجهات فيما يخص‬
‫مسلسل الالمركزية‬
‫الموسعة‪ .‬ذلك أن القانون رقم ‪ 95‬الصادر سنة ‪ 1997‬كان قد عهد‬
‫إلى الجهات‬
‫القيام بجزء كبي من مسطرة توزيع االختصاصات‪.‬‬
‫ففي المرحلة األولى قامت الحكومة بإصدار مراسيم تطبيقية حددت‬
‫بواسطتها االختصاصات التي يجب أن توزع مباشرة بي الجهة‬
‫والجمعات الترابية‬
‫عندما يتعلق األمر بمجاالت التي يشملها الفصل ‪ 117‬من الدستور‬
‫ثم بعد ذلك‬
‫االختصاصات التي يتعين إسنادها بصفة إجماليه إلى الجهات‬
‫والجمعات الترابية‬
‫األخرى عندما يتعلق األمر بالمجاالت التي عدها وأحصاها الفصل‬
‫‪.117‬‬
‫في مرحلة ثانية تم إشراك الجهة في عملية توزيع االختصاصات‬
‫إذ نتج عن‬
‫هذه اإلجراءات االلتزام من طرف الجهات القيام بنفسها‪ ،‬خالل‬
‫فترة ال تتجاوز‬
‫ستة أشهر‪ ،‬توزيع االختصاصات بي الجمعات الترابية‪.‬‬
‫أصبحت الجهة‪ ،‬على األقل فيما يخص االختصاصات الممرس‬
‫على نطاق‬
‫تراب الجهة‪ ،‬فاعال فيم يتعلق بتوزيع االختصاصات‪ .‬وهو ما‬
‫يعتبر سابقة في هذا‬
‫المجال ألن النظام القانون الدستوري اإليطالي يتميز بكون الدولة‬
‫تحتفظ بسلطة‬
‫تحديد اختصاصات الجمعات الترابية‪ .‬ولهذا فإن االعتراف بهذا‬
‫الدور للجهات‬
‫يعطيها اإلمكانية لتوزيع االختصاصات حسب طبيعة وخصوصية‬
‫كل منها‪.‬‬
‫باإلضافة الى دالك فإن اصالح الباب الخامس من الدستور جاء‬
‫ليؤكد التوزيع الجديد‬
‫ذ ِكر بأن الجمعات هي الممرس الشرعي والطبيعي‬
‫لالختصاصات حيث أنه ي‬
‫لالختصاصات اإلدارية ما عدا تلك التي تارس بناء على مبدأ‬
‫التفريع من طرف‬
‫المستويات األخرى للجمعات الترابية األخرى‪.‬‬

You might also like