Professional Documents
Culture Documents
في الجزائر
أسماء سالمي
إشراف أ.د .رياض بوريش
كلية العلوم السياسية /جامعة قسنطينة 3
المخلص:
يعرف العامل اهتماما بالغا وواسعا بالتنمية املستدامة وأمام هذا التطور اهلائل
للحياة البشرية الذي مس مجيع اجملاالت وكنتيجة حتمية لتطور وظائف الدولة اليت
كانت منحسرة يف الدفاع واألمن إىل وظائف جديدة عجزت الدولة عن تلبيتها
وحدها مما أدى هبا إىل إحداث سبل جديدة لالستجابة ملختلف متطلبات املواطنني،
ومن هذه السبل إحداث النظم احمللية للتسيري وهو ما يعرف باجلماعات احمللية هذه
الوحدات اليت أخذت على عاتقها مسؤولية حتقيق التنمية املستدامة جنبا جلنب مع
الدولة من خالل خمتلف املخططات والربامج والوظائف اليت ختص الرتبية ،التعليم،
الصحة واالقتصاد ،الثقافة والبيئة ...وهي اجملاالت اليت حتقق من خالهلا التنمية احمللية
وبتايل التنمية الوطنية باعتبار هذه الوحدات جزء ال يتجزأ من الدولة.
Résumé:
Face au développement massif qui a touché tous les domaines
de la vie humaine et à la faillite de l’Etat de répondre aux
nouvelles fonctions, l’Etat a créé des nouveaux moyens pour
répondre aux diverses exigences des citoyens.
Parmi ces moyens les systèmes territoriaux ou les collectivités
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
804
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
عرف العامل نظم التسيري احمللية منذ القدم فمنذ وجود اإلنسان وهو يعيش
ويعمل يف إطار مجاعات حملية خمتلفة العشائر ،القبائل ،القرى ...لكن مل تكن
بطابعها الرمسي القانوين كما هي عليه اآلن....وبتطور البشرية والتغريات اليت
طرأت علىمختلف النشاطات اإلنسانية فالحة ،صناعة ،جتارة ...زاد ذلك
متطلبات األفراد يف خمتلف اجملتمعات وتنوعها ،ويف ظل تلك املتغريات اجلديدة
باتت الدولة احلديثة غري قادرة على تسيري خمتلف مرافقها وتلبية متطلبات
مجاهريها يف كل أقاليمها ،مما أدى هبا إىل التوجه حنو ختفيف مركزيتها وإنشاء
مرافق المركزية ومنحها سلطات ووظائف مبوجب قوانني حتكمها وتنظم عملها
وإعطائها هامش من االستقاللية املالية ،اإلدارية واملرفقية ...للقيام مبختلف
الوظائف اليت حيتاجها األفراد يف خمتلف أقاليمها وختتلف تسميتها من بلد ألخر
فهناك من يطلق عليها إسم الوحدات احمللية ،اإلدارة احمللية...بينما يف اجلزائر فقد
أعطاها املشرع اجلزائري مصطلح اجلماعات احمللية كما نص عليها الدستور
اجلزائري وتتمثل يف البلدية والوالية.
حيث جتمع خمتلف الدراسات أن نظام اإلدارة احمللية مل يعرف كتنظيم
باملعىن احلقيقي وبالصورة اليت نراها اآلن واملتمثلة يف استقالليته كمنظمة إدارية إال
يف هناية القرن 84خاصة بعد أن تبلورت األفكار الداعية إىل تطبيق الدميقراطية
ومد أسسها وأحكامها للوسط اإلداري ،وإذا كانت النظم القانونية قد اختلفت
فيما سبق بشأن األساس الفلسفي الذي تعتمد عليه إلقرار حق الشعب يف
تسيري شؤونه بنفسه عن طريق منتخبيه يف اجملالس احمللية ،فإهنا أمجعت على
االستعانة باإلدارة احمللية.1
1عمار بوضياف ،التنظيم اإلداري في الجزائر بين النظرية والتطبيق ،الجزائر ،جسور للنشر والتوزيعع،
804
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
سنتطرق فيما يلي إىل جمموعة من التعاريف اليت تطرقت لتعريف اجلماعات
احمللية.
- 0تعريف الجماعات الحلية :تعترب اجلماعات اإلقليمية مبثابة اهليئات األساسية
للتنظيم اإلداري للدولة كما أن اهلدف من وجودها هو إشباع احلاجات العامة اليت
يف الغالب يعجز أو ميتنع القطاع اخلاص عن تلبيتها لقلة مرد وديتها أو طول
أجاهلا ،من هذا املنظور فاجلماعات احمللية هي تعبري جغرايف حمدد إقليميا ،جتمع
سكاين حمدد عدديا ووحدة إدارية مصغرة عن الدولة سيد األمثل لألهداف املركزية
أوكلت هلا مجلة من الصالحيات تأخذ يف احلسبان امتداد واتساع املهام املركزية على
املستوى احمللي من جهة وتزايد حجم احلاجات العامة احمللية لإلقليم من جهة
أخرى.1
عرفت كذلك اجلماعات احمللية على أهنا وحدات أهلية مستقلة هلا مصدرها
وإيراداهتا الذاتية ومتثل حلقة الوصل بني احلكومة واملواطن وتلعب الدور األبرز
واألهم يف اجملاالت التنموية وتقدم خدمات البنية التحتية للمجتمعات احمللية.2
أما األمم املتحدة واالحتاد الدويل للسلطات احمللية فقد استقر هبما الرأي على
تعريف اإلدارة احمللية باالرتكاز على ما يلي:3
،0080ص.830
نصر الدين بن شعيب وشريف مصطفى ،الجماعات المحلية ومفارقات التنمية المحلية في 1
المحلية ،األردن :دار اليازوين العلمية للنشر والتوزيع ،0088 ،ص .08
3شراف عقون ،سياسات تسير الموارد البشرية بالجماعات المحلية ،دراسة حالة بوالية ميلة ،مذكرة
مقدمة لنيل شهادة املاجستري يف علوم التسيري ،جامعة منتوري قسنطينة ،كلية العلوم االقتصادية
880
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
-تقسيم جغرايف سياسي لدولة موحدة بسيطة ودون مستوى الوالية أو
اجلمهورية أو املقاطعة يف الفيدرالية املركبة.
-وجود هيئات منتخبة من أهل الوحدة احمللية ،إما بانتخاب يشمل مجيع
أعضائها أو حيتوي على أكثر منهم ،وإما خمتارة حمليا من قبل اإلدارة املركزية
هبدف إدارة كل أو بعض املرافق والشؤون احمللية وتكون هلا شخصية معنوية
وذمة مالية مستقلة وأجهزهتا احمللية اخلاصة هبا.
-رقابة أو وصاية من السلطة املركزية اليت تتوىل اإلشراف على هذه اهليئات
احمللية
-أسلوب من أساليب التنظيم اإلداري للدولة تقوم على فكرة توزيع السلطات
والواجبات بني األجهزة املركزية واحمللية ،وذلك بغرض أن تتفرغ األوىل لرسم
السياسات العامة للدولة وإدارة املرافق القومية وأن تتمكن األجهزة احمللية من
تسيري املرافق احمللية بكفاءة لتحقيق األهداف املشروعة.
تعد اجلماعات احمللية وحدات جغرافية مقسمة من إقليم الدولة ،وهي عبارة
عن هيئات مستقلة يف الواليات واملدن والقرى ،وتتوىل شؤون هذه الوحدات
بالطرق املناسبة هلا ،وتتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل املايل.1
الجماعات المحلية هي الوحدات الالمركزية للدولة لها الصفة الشرعية
تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي واإلداري ،تقوم بالعديد من
الوظائف والمهام التي يحتاجها المواطنوهي بمثابة الخط الرابط أو الوسيط
880
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
الشيء بالنسبة للقبيلة والعديد من التنظيمات احمللية األخرى ولكن هذا دائما
يكون وفق قانون العادات ،األعراف والتقاليد...ولكن التشكيل الرمسي والقانوين
للجماعات احمللية يف اجلزائر كان يف العهد العثماين حيث قسمت اجلزائر إىل
دار مقاطعات عرفت ببايلك حيث قسمت آنذاك إىل أربعة مقاطعات
السلطان -بايلك لتيطري -بايلك الغرب -بايلك الشرق" هذا فيما خيص
العهد الرتكي أما فيما خيص املرحلة االستعمارية فقد عرفت اجلزائر نظام اإلدارة
احمللية حيث مت إنشاء بلديات متثلت فيما يلي البلديات كاملة االختصاص
والبلديات المختلطة أو األهلية ويف عام 8488مت إنشاء املكاتب العربية
وذلك لالقرتاب أكثر من املواطن والوصول إىل كافة املناطق اجلزائرية ويف عام
8496مت إلغاء هذه البلديات وتطبيق القانون الفرنسي الصادر يف فرنسا عام
844س ودائما كان السبب الرئيسي وراء انتهاج هنج النظم احمللية هو حتقيق
املصاحل الفرنسية واستغالل الثروات اجلزائرية حىت ولو كانت يف أصغر وأبعد رقعة
جغرافية.
وخبروج املستدمر من اجلزائر ورثت اجلزائر نظام حملي غري متوازن حيث
خرجت اجلزائر بعدد كبري من البلديات العاجزة وهو ما وضع اجلزائر أمام وضع
صعب وال ننسى الوضع اليت عرفته اجلزائر آنذاك الفقر – األمية – هشاشة
البنية االقتصادية – أجهزة إدارية شبه ميتة ...وهو ما جعل اجلزائر تلجأ إىل
ختفيض عدد البلديات وذلك وفقا للمرسوم املتعلق بإعادة تنظيم احلدود اإلقليمية
للبلديات عام 8463كل هذا اإلجراء كان اهلدف منه هو القضاء على
البلديات العاجزة واإلبقاء على البلديات اليت هلا ضرورة البقاء واالستمرار ويف عام
8462كان أول قانون للبلدية وعام 8464كان أول قانون للوالية ومن مث
توالت القوانني والتشريعات اليت خصت اجلماعات احمللية يف اجلزائر.
888
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
حيث أخذت اجلزائر مببدأ الالمركزية اإلدارية يف إدارة الشأن العمومي احمللي
مستلهمة هذا األسلوب من النظام اإلداري الفرنسي املتجذر يف الفكر القانوين
والفلسفي لرواد اإلدارة اجلزائرية غداة االستقالل وطعم هذا النمط نسبيا بالتجربة
اليوغسالفية يف أول قانون عرفته اجلزائر 8462من خالل املنطلقات
األيديولوجية واالشرتاكية.1
وقد كان أول تشريع خاص باجلماعات احمللية بعد االستقالل اخلاص
باجلماعات احمللية عام 8462املتعلق بالبلدية ،وعام 8464كان القانون املتعلق
بالوالية والذي كانا متأثران جدا بالنظام الفرنسي ،لتعيد اجلزائر من جديد تنظيم
البلدية والوالية عام 8440من أجل حتديث النصوص التشريعية القدمية وسد
الثغرات التنظيمية والتسيريية اليت ظهرت يف تطبيق القوانني القدمية ،ويف عام
0088مت وضع قانون جديد للبلدية وعام 0080قانون للوالية اللذان تضمنا
يف طياهتما مبادئ الدميقراطية واحلكم الراشد ،وكل هذا االجتهاد القانون يدل
على مكانة اجلماعات احمللية للدولة اجلزائرية.
- 4الموارد المالية للجماعات المحلية :للجماعات احمللية يف اجلزائر نوعني
من املوارد ،موارد مالية ذاتية وهي ختتلف من إقليم إىل آخر فلكل منطقة جغرافية
خصوصية متيزها عن غريها ،وتتمثل عموما يف الضرائب والرسوم املباشرة مثل الرسوم
على القيمة املضافة ...وموارد خارجية ختتلف باختالف الدوافع والظهور ومتثل يف
اإلعانات ،القروض ،التربعات واهلبات والوصايا. ...
1بش ععري فري ععك ،منتخب ووو البل ووديات مفس وودون أو ض ووحايا ،ط ،8اجلزائ ععر ،مرك ععز الش ععروق لإلنت ععاج والنش ععر
اإلعالمي ،0088 ،ص .9
889
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
كثر احلديث يف القرون املاضية على ضرورة اخلروج من بؤرة التخلف وحتقيق
نقلة يف مجيع اجملاالت ولكن بصفة دائمة أي التحرر من الربامج ذات الطابع
اآلين احملدود بفرتة حالية معينة وبتايل احلديث عن مصطلحات عديدة كالتنمية
املستدامة ،الرشادة ،احلاكمية أو احلوكمة ،هذه املصطلحات اليت تنادي خمتلف
املنظمات العاملية واإلقليمية وحىت الوطنية من انتهاجها لتحقيق التنمية الدائمة
وحتقيق التقدم.
-8تعريف التنمية :لطاملا ركزت التعاريف اليت تناولت مفهوم التنمية على اجلانب
االقتصادي وذلك ألن مفهوم التنمية ظهر يف بادئ األمر يف اجملال االقتصادي
ولكن ومبرور الوقت ومازامنه من تغريات وتطورات انتقل مفهوم التنمية إىل
ميادين أخرى بشرية ،بيئية ،ثقافية واجتماعية.
مر مفهوم التنمية بأربعة مراحل متثلت املرحلة األوىل يف الرتكيز على النمو
االقتصادي ويف املرحلة الثانية على التنمية البشرية والثالثة على التنمية املستدامة ويف
املرحلة الرابعة على التنمية االنسانية مبعناها الشامل واقرتن هذا التطور بإدخال مفهوم
احلكامة يف أدبيات األمم املتحدة ومؤسسات برتن وودز ويعترب مفهوم التنمية البشرية
املستدامة األكثر قبوال يف الوقت احلايل ،إذ مل يعد النمو االقتصادي غاية يف حد ذاته
وإمنا وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة ،كما أن التنمية االقتصادية مل تعد كافية كذلك
حىت وإن اقرتنت جبان بسياسي يدعمه ويكملها،ولكن الضروري إدخال اجلوانب
االجتماعية والثقافية كما أصبح من الضروري إدخال ضرورة تواصل التنمية بني
األجيال واشرتاط ربط العالقة بينها وبني احلرية.1
مليكة فرميش ،دور الدولة في التنمية دراسة حالة الجزائر ،حبث مقدم لنيل شهادة دكتوراه علوم يف 1
العلوم السياسية والعالقات الدولية ختصص تنظيم سياسي وإداري (جامعة اإلخوة منتوري
886
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
مفهوم التنمية ليس ثابتا ومتفقا عليه بني املختصني فكل يتناوله من زاويته وينظر
إليه انطالقا من الثقافة واخلربة احلاكمة لفكره واختصاصه ففي حني رآه االقتصاديون
الرأمساليون واالشرتاكيون ازديادا يف الناتج الوطين وزيادة يف دخل الفرد وإن اختلفت
سبل اإلمناء االقتصادي والقانون احلاكم له ،يف حني ذهب االجتماعيون إىل أنه
وسيلة لتمكني اإلنسان من حتقيق منوه وحتقيق قدر أكرب من الرفاهية وتأمني مستوى
أرفع لنمط حياته.1
والتنمية ال تعين جمرد تنمية املوارد البشرية وال حىت تنمية بشرية حسب أي تلبية
احلاجات األساسية لكنها تنمية إنسانية شاملة يف البشر واملؤسسات اجملتمعية لتحقيق
احلرية والعدالة والكرامة اإلنسانية واملفهوم الواسع للتنمية اإلنسانية يضيف إىل
احلريات املدنية والسياسية مبعىن التحرر من القهر ومن مجيع أشكال احلط من الكرامة
اإلنسانية مثل اجلوع والفقر واملرض واخلوف واحلقوق االجتماعية واالقتصادية
والثقافية ليصل إىل قاعدة عريضة تعتمد على مبادئ حقوق اإلنسان.2
رغم اختالف وجهات النظر يف تعريف التنمية إال أهنا جتتمع يف جمملها على أهنا
عملية هتدف إىل إحداث تغيري حسن ينقل اجملتمع من حالة إىل حالة أفضل.
التنمية هي عملية موجهة ،منظمة ،جمتمعية هتدف إىل نقل اجملتمع من وضع إىل
وضع أحسن منه ،وذلك باالستغالل األمثل والرشيد للموارد املتاحة.
قسنطينة :كلية احلقوق والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية).84 ،0080-0088 ،
عابدين ع .املصري ،الفكر التنموي في مقدمة ابن خلدون دراسة تحليلية مقارنة لالتجاهات 1
النظرية المفسرة لعملية التنمية الحضرية ولدراسة مؤشر تطور التنمية مع الزمن ،جملة جامعة
دمشق للعلوم اهلندسية ،اجمللد اخلامس والعشرون ،العدد ،0004ص .80
2حممد بوبوش ،اجمللة الدولية العدد الثالث ،0002 ،ص .80
882
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
-0مفهوم التنمية المستدامة :احنصر مفهوم التنمية يف بدايات ظهوره على اجلانب
االقتصادي فقط ،ليتطور فيما بعد ليشمل اجلانب وبعد ذلك أدرج اإلنسان
كعنصر أساسي يف التنمية لتصل إىل الرتكيز على اجلانب البيئي وبتايل احلديث
عن التنمية املستدامة والشاملة.
التنمية املستدامة ليست فكرة جديدة ،فقد حدث تطور سريع يف أطرها وسبل
تنفيذها منذ القرن املاضي نتيجة لبداية اصطدام مطالب محاية البيئة مبطالب التنمية
االقتصادية اليت مل تأخذ بعني االعتبار حاجات األجيال املستقبلية والعتبارات البيئة
ظهر مفهوم التنمية املستدامة كمفهوم جديد محل على عاتقه مهمة حتقيق تنمية
اقتصادية ورفع مستوى معيشة األفراد يف إطار بيئة نظيفة.1
للتنمية املستدامة جذور فكرية متتد إىل السبعينات من القرن املاضي ،حيث جاء
يف تقرير نادي روما املعنون حدود النمو عام 8420أن احلدود البيئية للنمو
2
االقتصادي عامل هام يف التنمية االقتصادية
لكن الظهور الرمسي ملفهوم التنمية املستدامة كان يف بداية األمر من خالل
مؤتمر أستكهولم املنعقد عام 8420والذي ركز بالضرورة على إعطاء أمهية وأولوية
بالغة لعنصر البيئة هذا العنصر اجلوهري الذي يؤثر تأثري بالغ على اإلنسان فالعالقة
بينهما هي عالقة تبادلية يؤثر كل منهما على اآلخر ،فقد زاد االهتمام هبذا العنصر
من وقت آلخر وقد اقرتن مفهوم التنمية بالبيئة وذلك للحفاظ على البيئة من جهة
1عبععد احللععيم أوص عاحل ،دور االتفاقي ووات البي ي ووة الدوليووة ف ووي حمايووة األنظم ووة البي ي ووة الهشووة ف ووي ظ و
ضوابط التنمية المستدامة " دراسة حالة الدول العربية التابعة لمنظمة األسكوا ،جملعة ملفعات
األحباث يف االقتصاد العدد الرابع ،ج ،0089 ،8ص.848
حممد غريب ،أي تنمية مستدامة في العالم العربي اإلسالمي؟ جملة أكادمييا ،العدد األول جانفي 2
،0083ص .68
884
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
وحياة اإلنسان من جهة أخرى وبالتايل االرتقاء باحلياة اإلنسانية إىل وضع أحسن
وأفضل .وتعزز مفهوم التنمية املستدامة أكثر من خالل املؤمتر الذي عقد يف
ريوديجانيرو بالربازيل 88جوان .8440
مبادئ التنمية المستدامة:
تقوم التنمية املستدامة على جمموعة من املبادئ تتمثل عموما فيما يلي:1
-االندماج بين الجوانب البي ية االقتصادية واالجتماعية :إن احملافظة على
البيئة والتفاعل السليم معها ،فيتماشى وأهداف التنمية االقتصادية املتمثلة
يف رفع مستوى املعيشة الذي ال ميكن حتقيقه إال عرب االستغالل املنظم
الرشيد ملصادر الثروة واملوارد املتاحة ،ويستند العنصر االقتصادي إىل املبدأ
الذي يقتضي بزيادة رفاه اجملتمع إىل أقصى حد ،والقضاء على الفقر من
خالل استغالل املوارد الطبيعية بشكل عقالين.
-حماية التنوع البيولوجي والحفاظ على الموارد الطبيعية :يتمثل هذا املبدأ
يف محاية الكائنات احلية النباتية واحليوانية من األمراض باإلضافة إىل منع
استنزاف املوارد الطبيعية وتشجيع استخدام الطاقة املتجددة النظيفة.
-الحذر والوقاية والتخطيط :قبل بداية أي مشروع تقوم املؤسسات بدراسة
أثاره على البيئة وعلى املدى الطويل فإذا ترقبت أثار سلبية فتحاول تعديله
أو إلغائه هنائيا إذا كان من الصعب التخلص منها.
-الشراكة والمشاركة :تكون الشراكة عن طريق توقيع وتطبيق االتفاقيات
العاملية والربوتوكوالت اخلاصة حبماية البيئة يف ظل التنمية املستدامةوجيب
800
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
مؤشرات التنمية
المستدامة
المؤشرات االقتصادية المؤشرات البي ية المؤشرات االجتماعية
وهو و و و و ووو أول مؤشو و و و و وور حظو و و و و ووي وهووو موون أهووم المؤش ورات التووي تتمث في توفير ك ما له بعد
باالهتموام الواسوع ،ويتمثو هوذا نص و و و و و عليهو و و و ووا المنظمو و و و ووات اجتماعي:
المؤش و وور عموم و ووا ف و ووي تحقي و ووق اإلقليميو و ووة والدوليو و ووة الرسو و وومية -الصحة وذلك من خالل
التط و و ووور ال و و ووالزم ف و و ووي ال و و وودخ والغي و وور رس و وومية وتتمثو و و ه و ووذه توفير الرعاية الصحية الالزمة
القو و و ووومي والفو و و ووردي وبالت و و و ووالي المؤش وورات أهلبه ووا ف ووي احتو ورام والضرورية والعم على تطوير
تحسين مستوى معيشة األفوراد البي ووة وعوودم المسووا بهووا ،مووع هذا القطاع مع مراعاة تحقيق
ومحارب ووة الفق وور باإلض ووافة إل ووى مراعاة توفير بي ة مالئمة يمكون العدالة دوما في تقديم هذه
النه وووض وتحس ووين كو و م ووا ل ووه ألي ف وورد الع وويش فيه ووا دون أن الخدمات باإلضافة إلى
عالقة بالجانب االقتصادي من تخلووف أي ضوورر علووى اإلنسووان الحرص على توفير بي ة صحية
صناعة ،تجارة ،...وتقوية البنية كمووا تركووز علووى ضوورورة ترشوويد ومالئمة للعيش.
االقتصادية. التعام مع الموارد البي يوة التوي -التربية والتعليم والثقافة:
وفي هذا المجوال كوذلك ال بود تمكننو و ووا مو و وون الحفو و وواظ عليهو و ووا وذلك من خالل االهتمام
موون تحقيووق العدالووة والمسوواواة حاضرا ومستقبال. بالجانب التعليمي ومحاربة
فو ووي تحسو ووين مسو ووتوى معيشو ووة ه ووذا الجان ووب يض وومن الحماي ووة الجه واألمية وزيادة مستوى
المواطنين... الالزمو و ووة لك و و و مو و ووا هو و ووو بي و و ووي التعليم لدى األفراد وتحسين
الغ و و و ووالف الج و و و وووي ،البح و و و وور، المناهج التربوية والتعليمية...
األرض ،الحي و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و وووان، االجتماعية العدالة -
النبات...إلخ والمساواة
808
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
1رشاد أمحد عبد اللطيف ،أساليب التخطيط للتنمية ،املكتبة اجلامعية ،0000 ،ص .08
800
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
مستوى املعيشة لكل أفراد الوحدة احمللية ودمج مجيع الوحدات يف الدولة. 1
التنمية احمللية عموما هي استغالل املوارد احمللية إلقليم معني من خالل مشاركة
مجيع األطراف املعنية بصناعة القرار على املستوى احمللي إبتداءا من املواطن ،القطاع
اخلاص ،السلطات الالمركزية ،اجملتمع املدين ،كل ذلك من أجل االستجابة ملختلف
متطلبات اجلماهري احمللية بطريقة رشيدة ،والعمل على النهوض مبختلف القطاعات
وفق خصوصية كل إقليم يف إطار سياسة حملية خاصة ،ومدى انعكاس ذلك على
التنمية الشاملة.
مميزات وخصائص التنمية المحلية:
تتميز التنمية احمللية بالعديد من املميزات واخلصائص نذكر منها:
-املشاركة اجملتمعية للمجتمع احمللي يف عملية التنمية احمللية.
-عملية منظمة ومقصودة.
-االعتماد على القدرات واإلمكانيات احمللية.
-هي عملية جوهرها اخلصوصية احمللية.
مبادئ ومرتكزات تنمية محلية:
تقوم التنمية احمللية على العديد من املبادئ واملرتكزات تتمثل فيما يلي:
-االعتماد على االستغالل العقالين للموارد احمللية.
-املشاركة كرهان إسرتاتيجي لتحقيق التنمية احمللية.
-التخطيط الفعال.
1أمين عوده املعاين ،اإلدارة المحلية ،األردن ،دار وائل للنشر ،0080 ،ص .886
803
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
808
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
عن موارد إضافية ،وترشيد النفقات بشكل يبعدها عن شبح العجز املايل لذا تعترب
برامج التنمية احمللية وسيلة أساسية يف تطبيق السياسة التنموية احمللية املنتهجة يف
ميدان التجهيز وتلبية االحتياجات االجتماعية املختلفة لسكان الوالية وهذا على
ضوء األهداف الوطنية الكربى املسطرة.1
ويتم تفعيل دور اجلماعات احمللية يف حتقيق التنمية احمللية من خالل تطبيق
مبادئ احلكم الراشد وذلك كما يلي:
-8المشاركة :يعترب جوهر العملية التنموية هو املشاركة الشعبية لألفراد
احملليني يف صنع القرار احمللي باعتبارهم األدرى مبتطلبات األفراد
واحتياجاهتم ،وكذا األدرى مبوارد املنطقة وخصوصيتها.
-0الفعالية :تعترب الفعالية ركن أساسي لنجاح أي عملية مهما كانت
بسيطة ،لذافإنه ال بد فعالية أداء األفراد واملوظفني احمللني واملنظمات
احمللية.
-3الشراكة :مبعىن تشارك مجيع األطراف واملنظمات املركزية والالمركزية،
الرمسية وغري الرمسية حبيث جيب أن يكون تشارك وتعاون بني القطاع
اخلاص ،احلكومة واجملتمع املدين ،وجيب أن يتسم ذلك التشارك
بالفعالية.
-8الرؤية اإلستراتيجية :حبيث جيب أن تكون لدى صناع القرار احملليني
رؤى بعيدة األجل وعدم االكتفاء باخلطط والربامج اإلسرتاتيجية طويلة
املدى.
1سرير عبد اهلل رابح ،المجالس المنتخبة كأداة التنمية المحلية ،جملة املفكر ،العدد السابع ،ص .46
809
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
806
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
804
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
دور الجماع ووات المحلي ووة ف ووي تحقي ووق التنمي ووة المحلي ووة
المستدامة
خاتمة:
تلعب اجلماعات احمللية دورا بارزا يف حتقيق التنمية املستدامة واملسامهة يف
تطور الشعوب والدول وهو األمر الذي أثبتته العديد من الوحدات احمللية يف
العديد من الدول اليت تعترب منوذجا ناجحا يف هذا اجملال ،وذلك العتبار
اجلماعات احمللية اخللية الالمركزية للدولة واليت تكون على قرب كايف من املواطن
من السلطة املركزية وبتايل فهي متلك القدرة الكافية على معرفة متطلبات املواطنني،
انشغاالهتم واحتياجاهتم هذا من جهة ،ومن جهة أخرى معرفة خصوصيات
ومميزات املقاطعات احمللية وبتايل معرفة كيفية استغالل والتعامل مع هذه املناطق
كل حسب خصوصيته وهو ما ينتج عن القدرة على االستجابة ملتطلبات
املواطنني وتوفري اخلدمات الضرورية ومن مت حتقيق التنمية احمللية اليت ستنعكس
حتما على املستوى الوطين وتكون عامال يف حتقيق التنمية املستدامة الشاملة.
838
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
830
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
-4عبد الرمحن اهلييت نوزاد وإبراهيم املهندي حسن ،التنمية المستدامة في دولة
قطر اإلنجازات والتحديات ،ط ،8قطر ،اللجنة الدائمة للسكان .0004،
-4علي حممد الصغري ،اإلدارة المحلية الجزائرية ،اجلزائر :دار العلوم للنشر
والتوزيع.0083 ،
والثا :المقاالت
أوصاحل عبد احلليم ،دور االتفاقيات البي ية الدولية في حماية األنظمة -8
البي ية الهشة في ظ ضوابط التنمية المستدامة " دراسة حالة الدول العربية
التابعة لمنظمة األسكوا ،جملة ملفات األحباث يف االقتصاد العدد الرابع ،ج،8
،0089
- 0بن شعيب نصر الدين مصطفى شريف ،الجماعات المحلية ومفارقات التنمية
المحلية في الجزائر ،جملة الباحث :العدد .0080 ،80
– 3بوبوش حممد ،اجمللة الدولية العدد الثالث.0002 ،
- 8عبد النور ناجي ،نحو تفعي دور اإلدارة المحلية الجزائرية لتحقيق التنمية
الشاملة ،جملة أكادمييا ،العدد األول جانفي .0083
- 9عابدين ع.املصري ،الفكر التنموي في مقدمة ابن خلدون دراسة تحليلية
مقارنة لالتجاهات النظرية المفسرة لعملية التنمية الحضرية ولدراسة
مؤشر تطور التنمية مع الزمن ،جملة جامعة دمشق للعلوم اهلندسية ،اجمللد
اخلامس والعشرون ،العدد .0004
- 6عبد اهلل رابح سرير ،المجالس المنتخبة كأداة التنمية المحلية ،جملة املفكر،
العدد السابع
833
مجلة الشريعة والاقتصاد ..العدد ---------------------------------------------------- 01
- 2غريب حممد ،أي تنمية مستدامة في العالم العربي اإلسالمي؟ ،جملة أكادمييا،
العدد األول جانفي .0083
- 8التنمية المستدامة في الوطن العربي بين الواقع والمأمول ،اإلصدار احلادي
عشر ملركز اإلنتاج العاملي جلامعة امللك عبد العزيز ،جامعة امللك عبد العزيز،
وكالة اجلامعة للدراسات العليا والبحث العلمي 8806 ،ه.
رابع ا :المذكرات
- 8عقون شراف ،سياسات تسير الموارد البشرية بالجماعات المحلية ،دراسة
حالة بوالية ميلة ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستري يف علوم التسيري،
جامعة منتوري قسنطينة :كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري-0006 ،
.000
- 0فالح أمينة ،دور النيباد في تفعي الحكم الراشد والتنمية المستدامة في
إفريقيا ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستري يف العلوم السياسية والعالقات
الدولية جامعة منتوري قسنطينة ،فرع دميقراطية ورشادة.0088 ،_0080 ،
-8فرميش مليكة ،دور الدولة في التنمية دراسة حالة الجزائر :حبث مقدم لنيل
شهادة دكتوراه علوم يف العلوم السياسية والعالقات الدولية ختصص تنظيم
سياسي وإداري ،كلية احلقوق والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية،
.0080-0088
خامسا :التقارير :تقرير التنمية اإلنسانية العربية لعام .0000
838