You are on page 1of 19

‫مذكرة‬

‫فعلية المشاركة المواطنة الترابية في المغرب‬


‫من أجل هيئات استشارية مؤثرة‬

‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬


‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫فبراير ‪2024‬‬

‫إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬الحبيب استاتي زين الدين‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫فعلية المشاركة المواطنة الترابية في المغرب‬


‫من أجل هيئات استشارية مؤثرة‬

‫مذكرة املدرسة املواطنة للدراسات السياسية حول الهيئات االستشارية املحدثة لدى الجماعات الترابية‬
‫إعداد‪ :‬الحبيب استاتي زين الدين‪.‬‬
‫تنسيق‪ :‬يوسف لعرج‪.‬‬
‫فبراير ‪.2024‬‬
‫© جميع الحقوق محفوظة للمدرسة املواطنة للدراسات السياسية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫شكر‬
‫نشكر عضوات وأعضاء مختلف الهيئات االستشارية بجماعات وأقاليم وجهات املغرب‪،‬‬
‫املشاركات واملشاركون في البرنامج التكويني للمدرسة املواطنة للدراسات السياسية ملوسم ‪،2023-2022‬‬
‫في موضوع‪" :‬دعم التزام الشباب الرائد من أجل الديمقراطية املحلية في املغرب"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫المحتويات‬
‫‪4‬‬ ‫……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‪………………………..‬‬ ‫أوال‪ -‬السياق‬
‫‪5‬‬
‫……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‪…………………………...‬‬ ‫ثانيا‪ -‬االعتبارات‬
‫‪7‬‬ ‫……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‪………………………………..‬‬ ‫ثالثا‪ -‬اإلطار المرجعي إلعداد المذكرة‬
‫‪7‬‬ ‫…………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‪…………………………………………………………………….‬‬ ‫‪ .1‬منهجية إعداد المذكرة‬
‫‪8‬‬ ‫…………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‬ ‫‪ .2‬المرجعيات المعتمدة‬
‫‪10‬‬ ‫……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‬ ‫رابعا‪ -‬الجانب التشخيصي للمذكرة‬
‫‪13‬‬ ‫…………………………………………………………………………………………………………………………‬ ‫خامسا‪ -‬مقترحات لمقاربة مواطنة مبنية على التشاور الفعلي‬
‫‪13‬‬ ‫………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‬ ‫‪ .1‬مقترحات مرتبطة بالنصوص القانونية‬
‫‪15‬‬ ‫……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‬ ‫‪ .2‬مقترحات ذات طبيعة مؤسسية‬
‫‪16‬‬ ‫…………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‬ ‫‪ .3‬مقترحات متعلقة بالتنظيم الذاتي‬
‫‪16‬‬ ‫……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………‬ ‫‪ .4‬مقترحات مرتبطة بالجانب التواصلي‬

‫‪3‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫أوال‪ -‬السياق‬

‫بهدف متابعة توطيد عملية تطوير قدرات الفئات الشابة في عمليات مسلسل اتخاذ القرار في الفترة‬
‫الممتدة من شتنبر إلى دجنبر ‪ ،2022‬نظمت المدرسة المواطنة للدراسات السياسية سلسلة من اللقاءات‬
‫التفاعلية والورشات التكوينية حول الهيئات االستشارية بالجماعات الترابية لتمكين عضواتها وأعضائها من‬
‫العمل بشكل أفضل في الرفع من قدرات المجالس المنتخبة‪ ،‬وتعزيز التزامهم بثقافة المشاركة المواطنة في‬
‫إعداد السياسات العمومية الترابية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها‪.‬‬
‫ضمن هذا األفق‪ ،‬تندرج هذه المذكرة في إطار سياقين متداخلين‪:‬‬
‫‪ -‬يرتبط األول بترجمة استراتيجية المدرسة القائمة على فعلية الحقوق وما يرتبط بها من‬
‫اختصاصات ومسؤوليات متبادلة‪ ،‬وهي بذلك تسعى‪ ،‬من جهة‪ ،‬إلى تقديم تصور حول فرص‬
‫وتحديات ممارسة الهيئات االستشارية ألدوارها الكاملة في تحديد األولويات والحلول لتحسين‬
‫العرض المقدم من طرف مجالس الجهات أو العماالت واألقاليم أو الجماعات؛ ومن جهة ثانية‪،‬‬
‫اقتراح مداخل عملية لمعالجتها وتجاوزها‪ ،‬انطالقا من مقاربة شمولية ال تقف عند النصوص‬
‫القانونية التي قد تضمن الحق في المشاركة المواطنة فحسب‪ ،‬بل كذلك‪ ،‬وباألساس‪ ،‬تمدد نظرها‬
‫إلى البحث في الحدود المرتبطة بالجوانب السوسيولوجية والسياسية والثقافية والنفسية التي تحد‬
‫من هذه الضمانات الواقعة أو المتوقعة‪ ،‬في أفق اقتراح بدائل تسعف في تعزيز أدوار الهيئات‬
‫االستشارية ومكانتها‪ ،‬انسجاما مع الدستور الذي نص في‪:‬‬
‫▪ فصله الثاني عشر على أن الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام‪ ،‬والمنظمات‬
‫غير الحكومية‪ ،‬تساهم‪ ،‬في إطار الديمقراطية التشاركية‪ ،‬في "إعداد ق اررات‬
‫ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية‪ ،‬وكذا في تفعيلها‬
‫وتقييمها‪ .‬وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة"‪.‬‬
‫▪ الفقرة األولى من الفصل التاسع والثالثين بعد المئة على وضع مجالس الجهات‪،‬‬
‫والجماعات الترابية األخرى‪" ،‬آليات تشاركية للحوار والتشاور‪ ،‬لتيسير مساهمة‬
‫المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها"‪.‬‬
‫‪ -‬ويتعلق السياق الثاني بالنقاش الذي يعرفه المغرب حول ضرورة تفعيل المقتضيات الدستورية‬
‫والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية (بمستوياتها الثالث) والجهوية المتقدمة‪ ،‬على ن ٍ‬
‫حو‬

‫‪4‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫يعزز طموح االنتقال إلى الديمقراطية‪ ،‬ويوسع نطاق الممارسة التشاركية بما يناسب الحكامة‬
‫الجيدة ويغذي روح المسؤولية‪ ،‬ويسرع تفعيل مخرجات النموذج التنموي الجديد المستندة إلى‬
‫توجه جديد يتمثل في ضرورة الجمع بين "دولة قوية مع مجتمع قوي"‪ .‬توجه ينتظر أن يعبئ‬
‫كافة القوى ضمن توازن يخلق المزيد من فرص التقدم‪ .‬دولة استراتيجية‪ ،‬دولة حامية‪ ،‬دولة‬
‫ضابطة تحرر طاقات مختلف الفاعلين وتضمن لهم االستقاللية في التصرف وتحملهم‬
‫المسؤولية‪ ،‬وتتيح اإلطار المناسب لتعبئة كل الطاقات في خدمة تنمية البالد والمنفعة المشتركة‬
‫والصالح العام‪ ،‬يقابلها مجتمع يحشد كل طاقاته ويستغل فرص المشاركة الواسعة بروح من‬
‫المسؤولية‪ ،‬وال سيما مع مستقبل مطبوع بالغموض‪ ،‬إذ ال تملك الدولة الوسائل والقدرات الكافية‬
‫لتحمل جميع أوراش التنمية لوحدها‪ ،‬والتي تزداد تعقيدا سواء على المستوى المالي أو اإلجرائي‬
‫أو على صعيد الخبرات المطلوبة‪ .‬ويمكن لفاعلين آخرين‪ ،‬في هذا السياق‪ ،‬وضمنهم المجتمع‬
‫المدني‪ ،‬إذا تمت مواكبته بشكل مناسب‪ ،‬المساهمة والمشاركة بكيفية فعالة في استعمال أمثل‬
‫للموارد العمومية وتعزيز فعالية الفعل العمومي‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬االعتبارات‬

‫‪ -‬باستحضار أن دستور ‪ 2011‬شكل منعطفا مهما في مسار اإلصالحات السياسية بالمملكة حيث‬
‫أقر‪ ،‬إلى جانب الديموقراطية التمثيلية‪ ،‬الديموقراطية التشاركية كآلية مكملة لها وكأحد الثوابت األساسية‬
‫في بلورة السياسات العمومية‪ ،‬مما يؤسس لنموذج ينبني على مشاركة ومساهمة كل الفاعلين من دولة‬
‫ومؤسسات عمومية وجماعات ترابية ومواطنين ومنظمات المجتمع المدني وجميع القوى الحية‬
‫للمجتمع؛‬
‫‪ -‬وإدراكا منها بأن الديمقراطية التشاركية تمثل‪ ،‬في العمق‪" ،‬مدرسة" لتعلم ممارسة مواطنة كاملة ونشيطة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بشكل يقوي الثقة بين الدولة‬ ‫وفضاء أمثل لتفعيل مساهمة المواطنين في مسلسل صنع القرار العمومي‬
‫ومختلف مؤسساتها من جهة‪ ،‬والمواطنات والمواطنين من جهة ثانية‪ ،‬وذلك على أساس التعاون‬
‫والتواصل والتشاور الذي يرمي إلى إيجاد الحلول المناسبة للحاجيات األساسية وللمشاكل المطروحة‬
‫على مستوى مختلف المرافق العامة تصو ار وتدبي ار وتقييما وتدقيقا؛‬
‫‪ -‬وبالنظر إلى أن معرفة الجمعيات بالساكنة والمجال الترابي الذي تعمل فيه‪ ،‬زيادة على مرونة هياكلها‬
‫وطرق عملها يجعل الجمعيات صلة وصل هامة مع الفاعلين المؤسساتيين في مجال التنمية المحلية؛‬

‫‪5‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫‪ -‬واعتبا ار لكون استقراء مختلف النصوص القانونية المؤطرة للمشاركة المواطنة‪ ،‬وال سيما فصول الوثيقة‬
‫الدستورية بعد أزيد من اثنتي عشرة سنة على نفاذها‪ ،‬ومواد القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات‬
‫الترابية (الجهات‪ ،‬والعماالت واألقاليم‪ ،‬والجماعات) التي صدرت قبل سبع سنوات‪ ،‬ومضامين بعض‬
‫األنظمة الداخلية لهذه الجماعات ذات الصلة بطرق إحداث الهيئات االستشارية واختصاصاتها‪ ،‬كشف‬
‫عن وجود معطيين متناقضين على الرغم من الجهد القانوني والمؤسساتي المبذول؛ إذ بقدر ما يوحي‬
‫المجال التشريعي والتنظيمي بوجود تراكم وتقدم مهم على مستوى توسيع قاعدة المشاركة المدنية في‬
‫الشأن العام‪ ،‬يعكس الجانب اإلجرائي والعملي وجود تحديات وصعوبات تؤثر سلبا في تعزيز طموح‬
‫التأثير في مسلسل اتخاذ القرار تشاركيا؛‬
‫وباستحضار أن السياق الداخلي والخارجي يفرض تحسين نوعي في العالقة بين المواطن والمجتمع‬ ‫‪-‬‬
‫المدني ومؤسسات الدولة عبر تقوية فعالية ونجاعة السياسات العمومية‪ ،‬والعمل بأسلوب مبني على‬
‫الحوار‪ ،‬والوفاء بااللتزامات‪ ،‬واإلنصات والقرب والتعبئة الدائمة والشاملة؛‬
‫‪ -‬ووعيا بأن تكريس مسألة فعلية المشاركة يحتاج إلى عمل واجتهاد مستمرين إلزاحة مختلف اإلكراهات‬
‫التي تحول دون التطبيق األمثل للقوانين وتحد من تأثيرها في وضعية الهيئات االستشارية وقدرتها‬
‫على االستفادة القصوى من حقها في التأثير في القرار العمومي تشاركيا وإن كانت هذه المسألة قابلة‬
‫للقياس عبر مؤشرات دقيقة وواضحة؛‬
‫‪ -‬فإن المدرسة المواطنة للدراسات السياسية تقدم هذه المذكرة الخاصة بالهيئات االستشارية قصد‪:‬‬
‫▪ نشر ثقافة المشاركة المواطنة من خالل مساهمة جمعيات المجتمع المدني النشيطة في االرتقاء بسياسة‬
‫جماعاتهأ عبر دورها االستشاري لدى المجالس المنتخبة بمستوياتها الثالثة‪ ،‬انسجاما مع الدستور‬
‫والقوانين التنظيمية ذات الصلة؛‬
‫▪ تعزيز اليقظة ومواكبة ودعم مجهودات الهيئات االستشارية والمجالس المنتخبة لتأمين دينامية‬
‫مشتركة ومتكاملة بين قرار الفاعل السياسي وتأثير الفاعل المدني ودفعهما للتفكير معا في تمكين‬
‫الساكنة المحلية من الولوج للخدمات األساسية ولمكاسب التنمية؛‬
‫▪ تفعيل آليات التشاور والحوار لدى المجالس المنتخبة على اعتبار أن المجتمع المدني يفترض فيه‬
‫معرفة إشكاالت وأولويات الساكنة المحلية وقربها منها؛‬
‫▪ جعل الهيئات االستشارية ‪-‬باعتبارها بنيات تنظيمية وإدارية محدثة لدى الجماعات الترابية بشراكة مع‬
‫جمعيات المجتمع المدني أو الفاعلين االجتماعيين‪ -‬قيمة مضافة وقوة اقتراحية في مختلف مراحل‬
‫إعداد وتنفيذ وتقييم وتتبع برنامج عمل الجماعات الترابية من أجل استحضار المساواة وتكافؤ الفرص‬

‫‪6‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫ومقاربة النوع داخل الجماعات‪ ،‬أو العماالت واألقاليم‪ ،‬أو بغرض إدماج القضايا الشبابية واالقتصادية‬
‫في سياسة الجهات‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬اإلطار المرجعي إلعداد المذكرة‬

‫يرتكز تصور المذكرة على الدستور والقوانين التنظيمية واألنظمة الداخلية للجماعات الترابية كأطر‬
‫مرجعية‪ ،‬وكذلك على مقاربة تشاركية إدماجية تأخذ في الحسبان وجهات نظر الفاعالت والفاعلين‪ ،‬عضوات‬
‫وأعضاء الهيئات االستشارية‪ ،‬وتطلعاتهم فيما يخص حياتهم اليومية‪ ،‬ويعني جماعتهم وإقليمهم وجهتهم‬
‫ووطنهم‪.‬‬

‫‪ .1‬منهجية إعداد المذكرة‬

‫انسجاما مع التقليد الذي عملت على تكريسه في المذكرات واللقاءات الفكرية والورشات التكوينية السابقة‪،‬‬
‫اعتمدت المدرسة في إعداد هذه المذكرة مقاربة صاعدة وتشاركية وإدماجية قائمة على التشاور واإلصغاء‬
‫للمشاركات والمشاركين في برنامجها التكويني لموسم ‪ ،2023-2022‬في موضوع‪" :‬دعم التزام الشباب‬
‫الرائد من أجل الديمقراطية المحلية في المغرب"‪.‬‬
‫وتعد هذه المذكرة تتويجا لمجموعة من الخطوات التي قامت بها المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫قبل التفكير في الصياغة النهائية للمذكرة‪ ،‬أبرزها‪:‬‬
‫‪ -‬مرحلة تعزيز القدرات النظرية شهر شتنبر‪ ،‬تميزت بتنظيم ورشات عن بعد مع خمسين فاعال‬
‫وفاعلة‪ ،‬عضوات وأعضاء مختلف الهيئات االستشارية بجماعات وأقاليم وجهات المغرب‪ ،‬إلغناء معارفهم‬
‫حول آليات المشاركة المواطنة على المستوى الوطني والترابي‪ ،‬وتحليل مراحل صنع القرار‪ ،‬وعمليات تقييم‬
‫السياسات العمومية الوطنية والترابية ومتابعتها‪.‬‬
‫حضوريا نهاية شهر أكتوبر بمراكش‪ ،‬تضمنت ندوة‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬مرحلة تقوية دينامية الهيئات االستشارية‬
‫تفاعلية وورشة تكوينية لتحقيق هدفين متداخلين‪ :‬تعميق الفهم‪ ،‬أوال‪ ،‬بالعالقة الوثيقة بين التفعيل الحقيقي‬
‫لآلليات التشاركية واإلدماجي وجودة بلورة وتنفيذ اإلصالحات السياسية والقانونية على المدى القريب‬
‫والمتوسط‪ ،‬والتملك‪ ،‬ثانيا‪ ،‬لإلجراءات الواجب اتباعها في كل مراحل المشاركة‪ ،‬بما فيها لحظة ما بعد إيداع‬
‫العرائض أو الملتمسات أو اآلراء االستشارية التي كانت الموضوع الرئيس لورشة اليوم الثاني من هذه‬
‫المرحلة للتعرف على مدولولها وشروطها وكيفية صياغتها وطرق التعريف بها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫‪ -‬مرحلة ترجمة عضوات وأعضاء الهيئات االستشارية بالجماعات الترابية للمعارف والتجارب‬
‫المكتسبة في صياغة الخطوط العريضة للمذكرة‪ .‬وقد مكنت هذه المقاربة التشاركية اإلدماجية القائمة على‬
‫التشاور واإلصغاء من الكشف عن الفرص والتراكمات اإليجابية‪ ،‬وفي نفس الوقت سمحت بتحديد اإلكراهات‬
‫الرئيسية التي تحد من فعلية الهيئات االستشارية‪ ،‬وساعدت على بناء تصور أولي للمداخل الممكنة‬
‫لمعالجتها‪.‬‬
‫‪ -‬أما في المرحلة الرابعة‪ ،‬سعت المدرسة المواطنة للدراسات السياسية إلى إشراك طيف واسع من‬
‫الفاعلين الترابيين من أجل توسيع المشاركة في أفق اختبار صحة المقترحات وتدقيقها‪ .‬وقد سمحت هذه‬
‫المرحلة بإنجاز تشخيص دقيق متعدد األبعاد وبرؤى متقاطعة ألبرز العوائق التي تحول دون نجاعة الفعل‬
‫االستشاري لهذه الهيئات قبل بدء الصياغة النهائية‪.‬‬

‫‪ .2‬المرجعيات المعتمدة‬

‫تستلهم هذه المذكرة مجموعة من الممارسات الفضلى التي تبلورت في سياق تجارب دولية لبناء‬
‫استراتيجيات تنموية دامجة مبنية على حقوق اإلنسان‪ ،‬كما ستستند‪ ،‬في ترافعها على مدى فعلية المشاركة‬
‫المواطنة من خالل الهيئات االستشارية‪ ،‬على مجموعة من المحددات الواردة في الوثائق الوطنية‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬جاء دستور ‪ ،2011‬الذي أنجز في خضم الحراك الذي شهده المغرب ومحيطه اإلقليمي‪ ،‬معز از‬
‫ألدوار المجتمع المدني ومترجما لمطالب مختلف مكوناته‪ ،‬وذلك بالتنصيص على مبدأ الديموقراطية‬
‫التشاركية والتأسيس لمقاربة شاملة ومندمجة للحقوق المرتبطة بالمجتمع المدني والجمعيات كما هي‬
‫متعارف عليها عالميا‪ .‬تجلى ذلك في كل من تصدير الدستور‪ ،‬وأيضا في باب األحكام العامة‬
‫والحريات والحقوق األساسية‪ ،‬وبصفة خاصة في الفصول اآلتية‪ 1 :‬و‪ 6‬و‪ 12‬و‪ 13‬و‪ 14‬و‪15‬‬
‫و‪ 33‬و‪ 37‬و‪ 139‬ثم ‪ .170‬في هذا اإلطار‪ ،‬يبدو أن الدستور يتطلع إلى تكريس "االختيار الذي‬
‫ال رجعة فيه في بناء دولة ديموقراطية يسودها الحق والقانون" و"التشبث بحقوق اإلنسان"‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫فإن المساواة واإلنصاف والعدالة االجتماعية والحريات واالستدامة والمشاركة وربط الحقوق بالواجبات‬
‫تشكل مرتكزات هذه المذكرة‪.‬‬
‫‪ -‬وفي انسجام مع تصدير الدستور‪ ،‬فإن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية سارت على نفس‬
‫المنحى؛ إذ جاء في‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫الباب الخامس من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات الصادر‬


‫بتنفيذه الـ ـظه ـ ـير الشريف رقم ‪( 1.15.85‬الصـ ـادر في ‪ 7‬يوليوز ‪ )2015‬ما يـ ـلي‪:‬‬

‫الباب الرابع من القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‬


‫الصادر ب ـت ـنف ـ ـي ـذه رقـ ـ ـم ‪( 1.15.84‬الصـ ـادر في ‪ 7‬يوليوز ‪ )2015‬ما يـ ـ ـل ـي‪:‬‬

‫الباب الرابع من القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعـــلق بالجــهات‬


‫الصادر بتنفيذه رقم ‪( 1.15.83‬الصادر في ‪ 7‬يوليوز )‪ 2015‬ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬كما تجدر اإلشارة إلى ما أوصت به اللجنة االستشارية للجهوية في تقريرها العام (الكتاب األول)‬
‫أو التقارير الموضوعاتية (الكتاب الثاني) على ضرورة وضع المجالس الجهوية آليات استشارية‬
‫وفق ما يحدده القانون من أجل تيسير المشاركة المنظمة والمسؤولة في إعداد المخططات‬

‫‪9‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫الجهوية للتنمية والمشاريع الكبيرة‪ ،‬سواء عبر المشاركة المباشرة للمواطنات والمواطنين‪ ،‬أو‬
‫مشاركة النسيج الجمعوي‪.‬‬
‫‪ -‬عالوة على أهداف األمم المتحدة للتنمية المستدامة ‪( 2030‬وتحديدا الهدف السادس عشر)‬
‫التي تمس عديد المقاصد‪ ،‬منها‪ ،‬في ارتباط بالهدف المشار إليه‪ ،‬الحد بدرجة كبيرة من الفساد‬
‫والرشوة بجميع أشكالهما‪ ،‬وإنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات‪،‬‬
‫وضمان اتخاذ الق اررات على نحو مستجيب لالحتياجات وشامل للجميع وتشاركي وتمثيلي على جميع‬
‫المستويات‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬الجانب التشخيصي للمذكرة‬

‫لقد أظهرت‪ ،‬في هذا الشأن‪ ،‬مختلف النقاشات والحوارات المتعلقة بواقع الهيئات االستشارية وكيفية‬
‫تأسيسها وتدبيرها‪ ،‬وجود فارق كبير بين الفرص والمنجز‪ ،‬وال سيما فيما يرتبط بفكرة الحوار والتشاور مع‬
‫الجمعيات المؤهلة واألشخاص ذوي الخبرة وفق معايير موضوعية من جهة‪ ،‬ودمقرطة المجالس المنتخبة‬
‫من جهة ثانية‪.‬‬
‫وللتذكير‪ ،‬فقد تم تنظيم لقاءات تشخيصية ميدانية‪ ،‬حيث استهدفت أزيد من خمسين فاعال وفاعلة من‬
‫عضوات وأعضاء الهيئات االستشارية‪ ،‬يمثلون كل جهات المغرب‪ ،‬وكذا تنظيم ورشات عمل خصصت‬
‫لتحليل النتائج المتوصل إليها‪ .‬وقد سمح هذا التشخيص‪ ،‬الذي تم إنجازه وفق مقاربة تشاركية‪ ،‬من تجميع‬
‫معطيات ومعلومات نوعية متعلقة بحصيلة وبفرص الفعل التشاركي التي تتمثل‪ ،‬عموما‪ ،‬في‪:‬‬
‫▪ السياق الدولي‪:‬‬
‫‪ -‬طبيعة الدينامية التشاركية التي تعرفها التجارب المقارنة والممارسات الفضلى بتعزيز أدوار‬
‫المجتمع المدني وجعله شريكا أساسيا في بناء السياسات والبرامج والمخططات التنموية؛‬
‫‪ -‬مبادرة الحكومة المنفتحة وما يتيحه ذلك للجماعات الترابية من تحقيق لاللتزام رقم ‪ 21‬من‬
‫خالل تعزيز الولوج للمعلومات ودعم المشاركة المواطنة على صعيد الجماعات الترابية؛‬
‫‪ -‬أهداف منظمة األمم المتحدة والحكومات المحلية‪ ،‬وال سيما دعم هذه األخيرة في أن تصبح‬
‫حكومات محلية ديمقراطية وفعالة ومبتكرة قريبة من المواطن‪ ،‬عبر تقوية أدوار الهيئات‬
‫االستشارية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫المكتسبات الدستورية والقانونية والتوجيهية‬ ‫▪‬


‫‪ -‬دستور المملكة لسنة ‪ ،2011‬وخصوصا مقتضيات الفصول ‪ 12‬و‪ 13‬و‪139‬؛‬
‫‪ -‬القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (الجهات‪ ،‬والعماالت واألقاليم‪ ،‬والجماعات)؛‬
‫‪ -‬األنظمة الداخلية للجماعات الترابية (الجهات‪ ،‬والعماالت واألقاليم‪ ،‬والجماعات)؛‬
‫‪ -‬دالئل مساطر إحداث وتفعيل واشتغال وتتبع الهيئات االستشارية بالجماعات الترابية‪.‬‬
‫تراكم الفعل المدني الجمعوي‬ ‫▪‬
‫‪ -‬االستفادة من رصيد تراكم الفعل المدني الجمعوي وال سيما ما قدمه الفاعل المدني من تصورات‬
‫ومذكرات حول السياسات والبرامج والمشاريع والنصوص التنظيمية؛‬
‫‪ -‬االستفادة من رصيد التجربة المدنية من أجل تشخيص اختالالت وإشكاالت تنزيل النصوص‬
‫القانونية أو تطبيقها فيما يخص الهيئات االستشارية الترابية بالمغرب‪.‬‬
‫‪ -‬االستفادة من تجارب بعض الممارسات الفضلى لبعض الهيئات االستشارية السابقة على مستوى‬
‫التنظيم واالستشارة في تفعيل البرامج التنموية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫أما بخصوص اإلكراهات‪ ،‬فقد وزعت من خالل جلسات الحوار واإلنصات إلى أربعة مستويات‪ ،‬نوردها‬
‫على النحو اآلتي‪:‬‬
‫▪ اإلكراهات القانونية‬
‫‪ -‬غموض النصوص القانونية المؤطرة للجماعات الترابية المتعلقة الهيئات االستشارية وبخاصة‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫• القوانين التنظيمية ال تحدد بشكل واضح طريقة تشكيل الهيئات وكيفيات وشروط اشتغالها‬
‫واختصاصاتها‪ ،‬وتكتفي فقط بالتنصيص على اإلحداث؛‬
‫َّ‬
‫ينظم حاليا عمل الهيئات االستشارية بموجب نظام داخلي تضعه وتصادق عليه المجالس‬ ‫•‬
‫المنتخبة‪ ،‬وهو ما أنتج‪ ،‬في حاالت عدة‪ ،‬هيئات تابعة لهذه المجالس وفاقدة للحد األدنى‬
‫من االستقاللية‪ .‬وهو ما يفرض ضرورة مراجعة القوانين التنظيمية وتحديد شروط تشكيل‬
‫هذه الهيئات وطرق اشتغالها والقواعد العامة لتنظيمها بموجب نص تنظيمي على أن يحدد‬
‫النظام الداخلي لمجالس الجماعات الترابية عالقته بالهيئات والتقارير واآلراء التي تصدر‬
‫عنها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫▪ اإلكراهات المؤسساتية‬
‫‪ -‬غياب الصالحيات التقريرية الذاتية للهيئات االستشارية فيما يخص توسيع دائرة تشاورها مع‬
‫الخبراء والمهتمين وأصحاب المصالح‪ ،‬ودعوتهم من أجل البناء التشاركي بخصوص المواضيع‬
‫المتعلقة بمجال اشتغالها دون الموافقة القبلية لرؤساء المجالس الترابية؛‬
‫‪ -‬ضعف مأسسة العالقة بين الهيئات االستشارية والمجالس المنتخبة على مستوى التشخيص‬
‫التشاركي‪ ،‬عبر تحديد صيغة واضحة لتفاعل المجالس المنتخبة مع تقارير وآراء الهيئات‬
‫االستشارية‪ ،‬وضرورة تسبيب المجالس لق اررتها فيما يخص التعامل السلبي مع هذه األخيرة؛‬
‫‪ -‬غياب قنوات مؤسساتية أخرى غير قناة المجلس بتحديد عالقة الهيئات بالمصالح الخارجية‬
‫للقطاعات‪.‬‬

‫▪ اإلكراهات التنظيمية‬
‫‪ -‬ارتباط تنظيم الهيئات االستشارية بالنظام الداخلي للمجالس الجماعية الذي يتم إعداده حسب‬
‫تقدير وتأويل كل وحدة ترابية على حدة؛‬
‫‪ -‬غياب وحدة التنظيم الداخلي على مستوى الهياكل واألجهزة الخاصة بالهيئات االستشارية حسب‬
‫الوحدات الترابية؛‬
‫‪ -‬تدخل الفاعل السياسي (المنتخب) وعضويته بأجهزة الهيئات االستشارية يحد من فعاليتها وتأثير‬
‫ق ارراتها‪.‬‬
‫▪ اإلكراهات التواصلية‬
‫‪ -‬ضعف الوصول إلى المعلومات من قبل الهيئات االستشارية؛‬
‫‪ -‬غياب آلية تنظيمية للتواصل الخارجي على مستوى مجالس الجماعات تمكن من تثمين عمل‬

‫الهيئات االستشارية وحفظ رصيدها ومنجزاتها االستشارية ووضعها رهن إشارة العموم‪.‬‬
‫‪ -‬غياب أرشيف يوثق آلراء وأنشطة الهيئات االستشارية السابقة‪.‬‬

‫إن اإلكراهات التي تم تحديدها أعاله تغذيها‪ ،‬في مجملها‪ ،‬تمثالت سائدة وكابحة تصعب معها قيادة‬
‫التغيير وتسهم بذلك في اإلبقاء على الوضع القائم‪ .‬هذه التمثالت تحول‪ ،‬بحكم العراقيل التي تفرضها‪ ،‬دون‬
‫تعبئة الذكاء الجماعي وال تشجع على اعتماد أنماط عمل متجددة أو استغالل الفرص المتاحة باعتبارها‬
‫مصد ار لتقوية الثقة في الفعل العمومي والدفع بعجلة التقدم‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫فيما يتعلق بواقع المشاركة المواطنة الترابية في الشأن العام‪ ،‬وأخذا في الحسبان المعيقات التي سبقت‬
‫اإلشارة إليها‪ ،‬يبدو أنها ما تزال محدودة على الرغم من الضمانات التي أقرها الدستور لصالح آليات‬
‫الديمقراطية التشاركية‪ .‬فسبل المشاركة كثي ار ما تظل غير مفعلة أو يصعب الولوج إليها‪ ،‬مما يتسبب في‬
‫خلق نوع من تنازع الشرعية بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني وال يشجع على تطوير ثقافة التعاون‬
‫وانخراط المجتمع المدني في التنمية‪.‬‬
‫إن محدودية النقاش العمومي‪ ،‬في سياق ضعف الولوج إلى المعطيات والمعلومات‪ ،‬وضعف جودة‬
‫العرض اإلعالمي ال يشجعان على التملك الجماعي لرهانات التنمية‪ .‬ويؤدي ضعف تفعيل اآلليات التشاركية‬
‫واإلدماجية إلى إضعاف جودة بلورة وتنفيذ اإلصالحات والسياسات العمومية وال يساهم في كبح مظاهر‬
‫مقاومة التغيير في بداياتها‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬مقترحات لمقاربة مواطنة مبنية على التشاور الفعلي والناجع‬

‫‪ .1‬مقترحات ذات طبيعة قانونية‬


‫من أجل االستجابة لمتطلبات التشارك والحوار‪ ،‬يجب إعادة النظر في أدوار واختصاصات الهيئات‬
‫االستشارية وباألخص في طرق تشكيلها وعضوية رؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة داخل هذه الهيئات‪.‬‬
‫دوره وصالحياته‪.‬‬
‫▪ اختصاصات الهيئات االستشارية‬
‫في الوضعية الحالية‪ ،‬ليس للهيئات االستشارية اختصاصات تداولية‪ ،‬وتنحصر وظيفتها‪ ،‬أساسا‪ ،‬في‬
‫تقديم االستشارة في القضايا المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع داخل الجماعات والعماالت‬
‫واألقاليم‪ ،‬أو باهتمامات الشباب والوضع االقتصادي بالنسبة للجهات‪ ،‬حيث يحق لها إبداء آراء وتقديم‬
‫توصيات وملتمسات لمجالس الجماعات الترابية‪ ،‬مع العلم أن هذا الرأي يجب أن يحظى بموافقة أعضاء‬
‫الهيئة أو التصويت في حالة عدم حصول هذا التوافق قبل إحالته على رئيس المجلس الجماعي الذي‬
‫يعرضها بدوره على أنظار أعضاء المجلس‪.‬‬
‫فيما يخص هذه المسألة‪ ،‬يقتضي األمر‪ ،‬في غياب أي إجراء يلزم المكاتب المسيرة للجماعات الترابية‬
‫باألخذ بآرائها االستشارية‪ ،‬إيجاد مساطر قانونية من شأنها‪ ،‬من زاوية‪ ،‬أن ترفع في جو ديمقراطي من مكانة‬
‫هذه اآلراء‪ ،‬ومن زاوية ثانية‪ ،‬تلزم المجالس المنتخبة بتبرير سبب أو أسباب رفض اآلراء والمقترحات‬
‫المقدمة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫▪ العضوية في الهيئات االستشارية‬


‫تطبيقا ألحكام الفقرة األولى من الفصل ‪ 139‬من الدستور‪ ،‬تحدث‪ ،‬وفقا للمواد أعاله‪ ،‬مجالس الجماعات‬
‫والعماالت واألقاليم والجهات آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين‬
‫والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها طبق الكيفيات المحددة في النظام الداخلي لهذه الجماعات‬
‫الترابية‪ .‬لكن بخالف روح الدستور وغاياته‪ ،‬والتوضيحات التي وردت بناء على الممارسة‪ ،‬تكشف عديد‬
‫األنظمة الداخلية وباألخص فيما يتعلق بإحداث الهيئات االستشارية أنها تفتقر للحس التشاركي‪ .‬ألجل ذلك‪،‬‬
‫يقترح‪:‬‬
‫‪ -‬إضافة إلى المادة ‪ 120‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات الصادر‬
‫بتنفيذه الـ ـظه ـ ـير الشريف رقم ‪( 1.15.85‬الصـ ـادر في ‪ 7‬يوليوز ‪ ،)2015‬والمادة ‪ 111‬من‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت واألقاليم الصادر ب ـت ـنف ـ ـي ـذه رقـ ـ ـم ‪1.15.84‬‬
‫(الصـ ـادر في ‪ 7‬يوليوز ‪ ،)2015‬والمادة ‪ 117‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعـ ـلق‬
‫بالج ـهات الصادر بتنفيذه رقم ‪( 1.15.83‬في ‪ 7‬يوليوز ‪ ،)2015‬يقترح أن يقلص النص‬
‫التنظيمي ما أمكن من تأويالت النظام الداخلي لصالحية المجلس في تأليف الهيئات االستشارية‬
‫واإلشراف عليها؛ ويستحسن أن يأتي التعديل على النحو اآلتي‪ ،‬مثال‪ ،‬في القانونين التنظيمين‬
‫للجماعات والعماالت واألقاليم‪ " :‬تحدث لدى مجلس‪ …….‬بعدد أعضاء المجلس كحد أقصى‪،‬‬
‫وتتنافى عضوية المجلس مع عضوية الهيئة التي تضم فقط الجمعيات النشيطة والمنظمة‬
‫والمتوفرة على وثائق أنشطتها في السنتين األخيرتين على إحداثها"‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتضمن األنظمة الداخلية شروطا دقيقة وواضحة بخصوص‪:‬‬
‫▪ الشخصيات والفاعالت والفاعلون النشطاء على مستوى منظمات المجتمع المدني‬
‫والتعاونيات والشبكات المحلية‪ ....‬التي ستوجه لها الدعوة لتشكيل الهيئة‪ ،‬وحبذا لو‬
‫تتقيد بمعايير اختيار أعضاء هذه الهيئات الواردة بدالئل مساطر إحداثها وتفعيلها‬
‫واشتغالها وتتبعها الصادرة عن المديرية العامة للجماعات الترابية؛‬
‫▪ التركيز على معياري الفاعلية وااللتزام (السمعة والحركية) والتطابق بين مجاالت تدخل‬
‫المجتمع المدني النشيط وميادين التدخل االستراتيجية ذات األولوية بالنسبة للجماعة‬
‫الترابية‪ ،‬من خالل توثيق وجمع المعلومات والبيانات حول النسيج الجمعوي‬

‫‪14‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫والشخصيات الفاعلة المدنية واالقتصادية التي تنشط في محيطها إلشاعة ثقافة‬


‫االستحقاق والتميز‪.‬‬
‫‪ -‬التفكير مستقبال في تجميع النصوص القانونية المرتبطة بالديمقراطية التشاركية في ميثاق‬
‫قانوني جامع‪.‬‬

‫‪ .2‬مقترحات ذات طبيعة مؤسسية‬

‫من أجل تعزيز الثقة بين الهيئات االستشارية ومؤسسات الدولة أثناء إعداد برامج التنمية الجهوية‪ ،‬وكذا‬
‫عند إعداد وتقييم برامج عمل الجماعات قصد االستجابة بشكل أفضل النتظارات الساكنة‪ ،‬توصي المذكرة‬
‫بـ‪:‬‬
‫‪ -‬ربط نقل جزء من موارد الدولة إلى الجماعات الترابية بمدى احترامها لبعض معايير الحكامة الجيدة‬
‫في كل مراحل هندسة السياسات العمومية الترابية (اللجوء بشكل ممنهج إلى المشاركة على جميع‬
‫المستويات‪ ،‬اعتماد اآلراء االستشارية البناء وتبرير عدم تبني باقي اآلراء‪ ،‬احترام المناصفة‪ ،‬وإدماج‬
‫مختلف فئات النوع االجتماعي وفق النسبة المتفق عليها‪ ،‬احترام البيئة‪ ،‬تسهيل الولوج إلى المعلومات‬
‫والنفاذ إليها)؛‬
‫‪ -‬وبما أن الهيئات االستشارية تعتبر آليات استشارية موضوعة رهن إشارة الجماعات الترابية وفق‬
‫القوانين التنظيمية الثالث‪ ،‬فال يجب أن تنشغل هذه الجماعات بهيكلتها وتنظيمها فحسب‪ ،‬وإنما‬
‫أيضا بتوفير الظروف والوسائل المناسبة لها لتسهيل عملها ألن ذلك يعتبر شرطا أساسيا لنجاعة‬
‫هذه الهيئات في القيام بدورها االستشاري‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير وتنويع وسائل االتصال والمعلومات لصالح الهيئات االستشارية‪ ،‬وتسهيل حصولها على‬
‫المعلومات التي تحتاجها لتجويد عملها؛‬
‫‪ -‬إضفاء الطابع المؤسساتي لميزة "الجماعة المواطنة" وتعمميها والتعريف بها على نطاق واسع‪ ،‬أي‬
‫جعلها مناسبة سنوية تتوج فيها المديرية العامة للجماعات الترابية (و ازرة الداخلية) الهيئات‬
‫االستشارية والجماعات الترابية والمصالح الخارجية الترابية التي كرست مبادئ وآليات الحكامة‬
‫الترابية الجيدة أحدثت أو ساعدت على إحداث تغيير مهم في المجاالت المعنية باآلراء االستشارية‪.‬‬
‫قدم للهيئات االستشارية التي تكون له مبادرات وإسهامات استشارية ملموسة‬
‫‪ -‬إحداث جائزة وطنية ت َّ‬
‫وفعلية في مجال التنمية االجتماعية واالقتصادية على مستوى الجماعات التربية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫‪ .3‬مقترحات تتعلق بالتنظيم الذاتي للهيئات االستشارية‬

‫ألنه ما يزال ينظر للمجتمع المدني‪ ،‬وبخاصة النسيج الجمعوي للقرب‪ ،‬على كونه انتهازيا وغير منظم‪،‬‬
‫ويستغل العمل االجتماعي كأداة للتوظيف السياسي أو للظفر بالمساعدات المالية‪ ،‬حبذا لو توجه العناية‬
‫إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬نشر ثقافة االنخراط الطوعي واالشتغال بصفة دورية ومنتظمة داخل الهيئة‪ ،‬وتعزيز القدرة على‬
‫االشتغال في إطار فريق منسجم حريص على المصلحة العامة للساكنة؛‬
‫‪ -‬تعزيز ثقافة االستحقاق والمردودية والتجربة اإليجابية في اختيار عضوات وأعضاء الهيئات‬
‫االستشارية؛‬
‫‪ -‬وبما أن نقطة االنطالقة بالنسبة لكل جماعة ترابية ترغب في تشكيل الهيئات االستشارية هو تحديد‬
‫الفاعلين االجتماعيين ورصد الجمعيات النشيطة التي تنشط بترابها وإن كانت عملية غير يسيرة‪،‬‬
‫طالما أن هناك‪ ،‬مثال‪ ،‬أشكال متعددة من الجمعيات تختلف باختالف أهدافها ومجاالت تدخالتها‪،‬‬
‫سيكون من المفيد االنطالق من المعايير السالفة الذكر إلحداث هيئات ديمقراطية الجوهر قادرة‬
‫على ضمان االنسجام بين مكوناتها واستم ارريتهم في االنخراط الطوعي دفاعا عن مصالح الساكنة‬
‫بالدرجة األولى‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية قدرات الفاعلين بالهيئات االستشارية والمنتخبين بالتكوين السنوي والمتواصل من قبل‬
‫المنظمات التي ينتمون إليها‪ ،‬ومن خالل إشراف رشيد ومعقلن من طرف أجهزة الدولة المختصة‬
‫قانونا‪.‬‬
‫‪ -‬توحيد الفهم والمفاهيم بخصوص اختصاصات الهيئات االستشارية وطبيعة عالقتها بالمجالس‬
‫المنتخبة ذات المهام التقريرية‪.‬‬
‫‪ .4‬مقترحات مرتبطة بالجانب التواصلي‬
‫في ظل سياق موسوم بتراجع الثقة ‪-‬وإن بنسب متباينة‪ -‬في مختلف التدخالت العمومية‪ ،‬والمبادرات‬
‫المؤسساتية والسياسية والنقابية‪ ،‬وأيضا المدنية‪ ،‬بسبب استمرار مؤشرات الهشاشة االجتماعية وتدهور جودة‬
‫الخدمات العمومية‪ ،‬ووجود هوة ما بين بعض القوانين التي تتخللها مناطق رمادية والواقع االجتماعي‪ ،‬يشهد‬
‫الفضاء العام‪ ،‬بين الفينة واألخرى‪ ،‬توترات اجتماعية في المدن الكبرى‪ ،‬وبالقدر نفسه في المدن الصغرى‬
‫والمتوسطة التي تعرف تراجعا كبي ار لوساطة القرب‪ .‬وبقدر ما أسهمت الجرائد اإللكترونية وشبكات التواصل‬

‫‪16‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫ا الجتماعي التي انتشرت بقوة في هذه الظروف في تحرير النقاش وساعدت على توفير آلية إضافية لنشر‬
‫المعلومة وكشف الوضعية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وأيضا قياس مدى قدرة الهيئات االستشارية على إحداث‬
‫األثر المنشود في مجاالت اشتغالها‪ ،‬يبدو أن انتشارها أوجد خطر التأثير السلبي في الرأي أو المخيال‬
‫العامين من خالل بث أخبار زائفة أو مضللة قائمة على حسابات غير متصلة دائما بما يخدم خير الساكنة‬
‫والوطن‪ .‬من ثمة‪ ،‬بهدف مواكبة عمل الهيئات االستشارية بتواصل عمومي شفاف ومفتوح ورفيع المستوى‬
‫لتنمية الوعي بقيمة المشاركة الجماعية والتعريف بإمكاناتها‪ ،‬ترى المذكرة أن االخذ في الحسبان بعض‬
‫المقترحات أسفله قد يخفف من سوء الفهم الذي يحيط بعمل الهيئات االستشارية‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة تطوير وتنويع طرق تواصل أعضاء الهيئات االستشارية واألعضاء المكونين لها إلضفاء‬
‫فهم أكبر ألدوارها من طرف الساكنة المستفيدة وعموم الرأي العام قبل إعداد الرأي وأثناءه وبعد‬
‫تبينه أو رفضه‪ ،‬ألن التواصل الدائم يعد فرصة لتحسيس وتعبئة العموم بشأن القضايا التي تشتغل‬
‫عليها؛‬
‫‪ -‬إحداث منصة رقمية خاصة بتسجيل اآلراء االستشارية المقدمة من قبل الهيئات االستشارية‬
‫بالجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬توسيع مجال التشاور‪ ،‬بتعاون وتفاهم مع رؤساء الجماعات الترابية‪ ،‬مع المصالح الخارجية لإلدارات‬
‫المركزية ومختلف المجالس المنتخبة؛‬
‫‪ -‬تيسير الولوج إلى المعلومات الموجودة بحوزة المؤسسات العمومية من طرف الهيئات االستشارية‬
‫لتوسيع مجال الممكن؛‬
‫‪ -‬في جميع مراحل بلورة اآلراء الذاتية أو بناء على طلب رؤساء الجماعات الترابية في المجاالت‬
‫التي تدخل ضمن اختصاصات الهيئات االستشارية‪ ،‬يفترض االعتماد على نظام دقيق للتواصل‬
‫والتتبع والتقييم‪ ،‬وعلى مقاربة مبنية على معرفة الخصوصيات المحلية والجهوية‪ ،‬وعلى مواقف‬
‫مختلف الفاعلين‪ ،‬ووعي تام بأشكال المقاومة والممانعة واختالف الرؤى‪ ،‬وعلى إحساس عال بأهمية‬
‫اإلنصات والتشاور والتواصل الداخلي مع األعضاء فيما بينهم‪ ،‬ومع مجلس الجماعة وأطرها التقنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬والخارجي مع باقي المؤسسات العمومية؛‬
‫‪ -‬على الجماعات الترابية والهيئات االستشارية أن تمارس اختصاصاتها في تمام الشفافية والوضوح‬
‫من خالل نشر وتقديم حصيلة األنشطة المنجزة أو المستقبلية‪ .‬لذلك‪ ،‬يتعين اعتماد مخطط هادف‬

‫‪17‬‬
‫مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية‬
‫حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية‬

‫واستباقي للتوثيق والتواصل وتقاسم المعلومة مع المواطنات والمواطنين‪ ،‬وجمعيات المجتمع المدني‪،‬‬
‫واألحزاب السياسية‪ ،‬والنقابات‪ ،‬والمقاوالت‪ ،‬ووسائل اإلعالم‪ ،‬إلخ‪.‬‬

‫‪18‬‬

You might also like