Professional Documents
Culture Documents
ورغم مزايا التمثيل النيابي ،إال أن التجربة الميدانية Hفي العصر الراهن ،أثبتت إخفاقه وعجزه في تحقيق أهدافه ،لبناء نظام
حكم تتاح فيه الفرصة لكل الفاعلين ،للمشاركة في اتخاذ القرارات التنموية المتعلقة بهم ،مما دفع أغلب الدول الى تبني
نموذج ديمقراطي منفتح ،يساهم في إشراك مختلف الفاعلين من مواطنين ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ،في
إدارة وتسيير شؤونهم ،خاصة على المستوى المحلي.
وضمن هذا السياق ،خصوصا أمام تنامي أزمة الديمقراطية التمثيلية H،برزت الضرورة في إبداع نماذج جديدة لتدبير
الشؤون العامة والمحلية وتبني مقاربات جديدة لألوضاع االجتماعية ،منذ الثمانينات ،حيث بدأت التفاعالت والنقاشات حول
هذا الموضوع من أمريكا الالتينية مرورا بأروبا ،ثم انتقلت بعد ذلك لشمال إفريقيا من خالل لقاء “دكار” سنة .1998
في نفس السياق ،عرف الواقع المغربي منذ سنة ،2011رجة المست مختلف المؤسسات الفاعلة في دينامية الحقل السياسي،
أحدثت تغييرات في واقع المؤسسات الدستورية والسياسية ،خاصة بعد ثورات الدول العربية ،أثرت بشكل مباشر على
توجهاته السياساية واالقتصادية واالجتماعية ،الثقافية ،والبيئية ،..كان من أبرزها دسترة المجتمع المدني.
وذلك من خالل تبني مقاربة ،تراهن على مساهمة تنظيمات المجتمع المدني عبر القيام بدوره ،في تمثيل شرائح واسعة من
المواطنين ،وطرح انشغاالته ،والمساهمة في سن القوانين المؤطرة لحياته ،ورسم السياسات العامة ،والعمل على إرساء
مبادئ الشفافية والمساءلة والرقابة ،وفقا لمقتضيات “الديمقراطية التشاركية” ،التي تعتبر من أهم المحاور التي جاء بها
دستور .2011
ولتجسيد هذا المقترب الذي جاء به الدستور ،باعتباره آلية مثلى ،لتفعيل مساهمة المواطنين في مسلسل صنع القرار
العمومي ،وذلك على نحو يعزز الثقة والتعاون بين الدولة ومختلف مؤسساتها من جهة ،والمواطنات والمواطنين من جهة
ثانية ،إليجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة ،على مستوى مختلف القطاعات العمومية ،تصورا ،تدبيرا H،تقييما وتدقيقا،
أطلقت الحكومة سنة ،2013الحوار الوطني حول المجتمع المدني ،بهدف تقوية أدواره ،كفاعل أساسي في البناء
الديمقراطي والتنموي ،ومساهم في صناعة وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية .وذلك انسجاما مع الوثيقة الدستورية والخطب
الملكية ذات الصلة.
وفي نفس اإلطار ،تم تنزيل اآلليات الدستورية ،التي تسمح للمواطنين والمجتمع المدني ،بالمشاركة في تدبير ومراقبة
وتقويم السياسات العمومية ،من خالل مصادقة البرلمان على القوانين التنظيمية H،المتعلقة بممارسة هذا الحق ومراسيمه
التطبيقية ،سواء على المستوى الوطني أو المحلي ،ويتعلق األمر بالقوانين المتعلقة بممارسة الحق في تقديم العرائض إلى
السلطات العمومية ،والحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع ،وكذا القوانين التنظيمية Hالمتعلقة بالجماعات الترابية.
إذن ،في ضل تصاعد االهتمام عالميا بموضوع الديمقراطية التشاركية ،الناتج عن تنامي الوعي بضرورة إرساء ثقافة حسن
صياغة السياسات العمومية H،ومتابعة تفعليها عبر إشراك المواطنين والمجتمع المدني ،وترجمة المشرع المغربي بدوره هذا
االهتمام ،من خالل تبني هذه اآلليات الجديدة ،تبرز مجموعة من التساؤالت ،يمكن تجميعها في إشكالية أساسية مرتبطة
بمدى مساهمة المجتمع المدني من خالل هذه اآلليات الدستورية ،في تحسين صياغة القرارات العمومية وإرساء الحكامة في
تدبيرها ،من أجل تعزيز مسلسل الدمقرطة وتحقيق التنمية Hالشاملة ؟!
من أجل مالمسة هذا الموضوع واإلحاطة ببعض جوانبه األساسية ،سنحاول أن نعتمد Hعلى بعض الخطب المكلية في
تأسيسها لمفهوم الديمقراطية التشاركية (أوال) ،والمقتضيات المرتبطة بها المتضمنة في دستور ( 2011ثانيا) ،وفي القوانين
التنظيمية (ثالثا) ،وأخيرا االشكاالت المرتبطة بإعمالها وسبل تطويرها (رابعا).
وفي خطاب ثورة الملك والشعب المؤرخ في 20غشت سنة ،2002الذي جاءت فيه العديد Hمن التوجهات لإلدارة
واألحزاب ،وكافة الفاعلين السياسيين والمدنيين Hوالمواطن قصد المشاركة المكثفة والواعية في االنتخابات ،تم ذكر أول مرة
عبارة أو مصطلح “ديمقراطية القرب” ،حيث جاء فيه:
“كما أن االستحقاقات القادمة المعززة بالمدونة الجماعية الجديدة ستشكل تجربة إلظهار مدى إفراز نخبة تجعل من
الجماعات المحلية فاعال اقتصاديا ،وقاعدة متينة لديمقراطية القرب ،وتدبير الحاجات اليومية للمواطنين”.
وفي افتتاح الدورة األولى للسنة التشريعية الثانية للبرلمان سنة ،2003تم إعادة مفهوم الديمقراطية التشاركية بشكل صريح،
حيث جاء في الخطاب ما يلي:
“وكيفما كان تركيب المجالس المنتخبة ،فإننا لم نكف عن طرح السؤال الجوهري :هل يعد االنتخاب غاية في حد ذاته،
ونهاية المطاف؟ كال ،فإن احترام اإلرادة الشعبية يقتضي نبذ عقلية ديمقراطية المقاعد ،وااللتزام بفضيلة ديمقراطية التنمية.
وفي أفق استخالص كل العبر ،من انتخابات المجالس التمثيلية Hواستيفاء شروط عقلنتها ،فإننا نكتفي اليوم بوقفة خاصة عند
تجديد Hانتخاب الجماعات المحلية ،التي تجسد ديمقراطية القرب والمشاركة ،القاعدة الصلبة لمجلس المستشارين ،وإننا
لننتظر من الجماعات المحلية طي صفحة المنافسة االنتخابية العابرة ،وفتح األوراش الحيوية للعمل الجماعي ،دون استسالم
لصعوبة التحديات ،بوضع مخططات للتنمية المحلية ،إلنجاز أسبقيات السكن الالئق ،واالستثمار المنشود ،والتشغيل المنتجH،
والتعليم النافع ،وتوفير العيش الكريم ،وهذه هي محفزات المواطنين ،الذين يجب إشراكهم الفعلي والمتواصل ،في تحقيق
المشاريع التنموية ،المستجيبة النشغاالتهم الحقيقية .وتلكم سبيلكم إلعادة االعتبار للديمقراطية المحلية بما هي تواصل دائم
مع المواطنين ،وليست مجرد لحظة انتخابية موسمية”.
كما أن خطاب 18ماي ،2005المتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،والذي أسس لمرحلة مهمة في إقرار الديمقراطية
التشاركية ،من خالل التأسيس لها عبر مقاربتي المشاركة والمندمجة ،وفي هذا الصدد سنعرض بعض الفقرات التي تدل
على تبني الديمقراطية التشاركية:
“وتندرج هذه المبادرة ضمن رؤية شمولية ،تشكل قوام مشروعنا المجتمعي ،المرتكز على مبادئ الديمقراطية السياسية،
والفعالية االقتصادية والتماسك االجتماعي ،والعمل االجتهاد ،وتمكين كل مواطن من االستثمار األمثل لمؤهالته وقدراته”.
“تنطلق هذه المبادرة من العبر المستخلصة من تجاربنا السابقة ،ومن النماذج الموفقة لبعض البلدان في مجال محاربة الفقر
واإلقصاء ،التي تدل على أن رفع هذا التحدي رهين بالتحديد المضبوط لألهداف ،وبالتعبئة الشاملة لبلوغها .كما تدلنا تلك
التجارب على محدودية جدوى المقاربات غير المندمجة ذات الطابع القطاعي االنفرادي .إنها تجارب تؤكد على العكس من
ذلك ،مدى نجاعة األساليب التي تستهدف التحديد الدقيق للمناطق والفئات األكثر خصاصة ،وأهمية مساهمة السكان،
ونجاعة المقاربات التعاقدية والتشاركية ودينامية النسيج الجمعوي المحلي لضمان االنخراط الفاعل في مشاريع التنمية عن
قرب واستمرارها ،باعتبارها مكسبا لهم”.
أما في خطاب عيد العرش بتاريخ 30يوليوز ،2009فقد ربط رئيس الدولة الديمقراطية بالشق السياسي من خالل“ :وذلك
بترسيخ دولة الحق والقانون ،وديمقراطية المشاركة ،وانتهاج الحكامة الجيدة ،وسياسية القرب ،وكذا بإنصاف المرأة
والفئات والجهات المحرومة”.
وخطاب العرش بتاريخ 07يوليوز ،2010يجمع من خالله الملك محمد السادس خالصة سنوات حكمه السابقة ،حيث تظهر
الديمقراطية كإحدى الدعامات األساسية في منهجية حكمه ومما جاء فيه:
“أقدمنا ،منذ تولينا أمانة قيادتك H،على انتهاج تحول نوعي في مسارنا التنموي ،باعتماد اختيارات صائبة وناجعة تقوم على
دعائم أساسية:
أوالها :قيام الدولة ،تحت قيادتنا ،بدورها االستراتيجي في تحديد االختيارات األساسية ،والنهوض باألوراش الكبرى
والتحفيز والتنظيم وتشجيع المبادرة الحرة واالنفتاح االقتصادي المضبوط.
أما الدعامة الثانية :فهي توطيد الصرح الديمقراطي ،إذ ما فتئنا نعمل على ترسيخ دولة القانون ،واعتماد إصالحات حقوقية
ومؤسسية عميقة ،وتوسيع فضاء الحريات ،والممارسة السياسية الناجعة ،القائمة على القرب والمشاركة ،..والدعامة الثالثة،
قائمة على جعل المواطن في صلب عملية التنمية”.
نستنتج من كل هذا ،أن الديمقراطية التشاركية وجدت لها مكانة في العديد Hمن الخطب الملكية منذ اعتالء الملك محمد
السادس العرش ،قبل أن يتم التنصيص عليها في دستور ،2011كتحصيل حاصل .كما نالحظ أن رئيس الدولة في عدد من
المحطات ،كان وال زال يعتمد Hالديمقراطية التشاركية كثقافة مترسخة في ممارسته ،وهذا يبدوا واضحا من خالل حرصه
وإشرافه في عدد من المحطات ،على تشكيل عدد من اللجان الوطنية تكون مهمتها أساسا فتح نقاشات موسعة إلعداد
تصورات معينة حول قضايا ذات أولوية وأهمية ،ونذكر هنا على سبيل المثال ال الحصر ،اللجنة االستشارية للجهوية،
واللجنة المتعلقة بمراجعة الدستور ،واللجنة المتعقلة بإعداد تصور حول النموذج التنموي…
كما كرس الدستور مجموعة من المرتكزات واآلليات لتثبيت دولة الحق والقانون ،على أساس المشاركة والتعدديةH،
والحكامة الجيدة ،والديمقراطية التشاركية ،والتشاور بين السلطات العمومية والمواطنين .وهكذا ،فقد نص الدستور في فصله
األول على أن“ ،يقوم النظام الدستوري للمملكة ،على أساس فصل السلط ،وتوازنها وتعاونها ،والديمقراطية المواطنة
والتشاركية ،وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ،وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
كما نص الدستور في فصله السادس على أن “تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع
الفعلي لحرية المواطنين والمواطنات ،والمساواة بينهم ،ومن مشاركتهم في الحياة السياسية واالقتصادية والثقافية
واالجتماعية”.
ومن المظاهر المؤسساتية للديمقراطية التشاركية تنصيص الفصل 12من الدستور على ما يلي“ :تساهم الجمعيات المهتمة
بقضايا الشأن العام والمنظمات غير الحكومية ،في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد القرارات والمشاريع لدى
المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية H،وكذا في تفعيلها وتقييمها .وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة،
طبق شروط وكيفيات يحددها القانون”.
كما أعطت الوثيقة الدستورية ،طبقا للفصول 14و ،15الحق للمواطنين والمواطنات ،في تقديم اقتراحات في مجال
التشريع ،وفق شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي ،كما من حقهم كذلك ،تقديم عرائض إلى السلطات العمومية ضمن
شروط يحددها قانون تنظيمي.
كما تعمل السلطات العمومية حسب الفصل 18من الدستور على ضمان أوسع مشاركة ممكنة Hللمغاربة المقيمين في
الخارج ،في المؤسسات االستشارية ،وهيئات الحكامة الجيدة.
ومن أهم الفصول التي كرست الديمقراطية التشاركية ،بكل تجلياتها الفصل ،19الذي يدعوا إلى المساواة بين الرجل
والمرأة ،حقوقيا ومدنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا.
وعلى مستوى فئة الشباب ،فمن الواجب على السلطات العمومية طبقا للفصل 33اتخاذ التدابير المالئمة H،لتحقيق مساهمتهم
في توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية H،ومساعدتهم على االندماج في الحياة النشيطة والجمعوية وتيسير ولوجهم
للثقافة والرياضة والعلم والترفيه.
كما حرص المشرع الدستوري ،على الربط بين الحكامة الترابية وآليات التشاور العمومي ،ومشاركة المواطنين والفاعلين
المدنيين Hفي إعداد وتنفيذ وتقييم المشاريع العمومية ،التي تشرف الجماعات الترابية ،والمصالح الخارجية للدولة ،على
إدارتها جهويا ومحليا .فقد نص الفصل 136من الدستور على أن التنظيم الجهوي والترابي للمملكة ،يرتكز على مبادئ
التدبير الحر ،وعلى التعاون والتضامن ،ويؤمن مشاركة السكان المعنيين Hفي تدبير شؤونهم ،والرفع من مساهمتهم في
التنمية البشرية المندمجة والمستدامة.
بينما يشير الفصل 139إلى أن مجالس الجهات ،والجماعات الترابية األخرى تضع آليات تشاركية للحوار والتشاور ،لتيسير
مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها.
كما تضمن الدستور مجموعة من المؤسسات والهيئات ،التي تمثل الديمقراطية التشاركية من خالل الفصول من 161إلى
،170والتي من المفروض عليها دستوريا تقديم تقارير أعمالها مرة واحدة في السنة ،على األقل ،الذي يكون موضوع
مناقشة من قبل البرلمان ،وهذه المؤسسات تهتم بمواضيع وقضايا متنوعة ال يمكن تحقيقها إال بإعمال آليات الديمقراطية
التشاركية.
عموما ،يمكن القول ،أن دستور ،2011وضع تصورا جديدا ،من خالل هذه المقتضيات التي تالئم التوجهات العصرية
للدول الديمقراطية ،وأسس بذلك دعائم قوية للديمقراطية التشاركية ،بما يضمن إشراك واسع للمواطنات والمواطنين في
تدبير قضايا الشأن العام ،بما فيها ضمان الحقوق المتعلقة في المواكبة والرقابة والتدبير.
وبخصوص شروط تقديم هذه الملتمسات ،فقد ألزم القانون التنظيمي أن يكون الملتمس مندرجا ضمن الميادين التي يختص
القانون بالتشريع فيها طبقا ألحكام الدستور.
كما اعتبرت المادة الرابعة ،أن الملتمس غير مقبوال إذا كان يتضمن اقتراحات أو توصيات ،تمس بالثوابت الجامعة لألمة،
والمتعلقة أساسا ،بالدين اإلسالمي أو بالوحدة الوطنية أو بالنظام الملكي أو باالختيار الديمقراطي أو بالمكتسبات في مجال
الحريات والحقوق.
ويشترط لقبول الملتمس ،أن يكون الهدف منه تحقيق مصلحة عامة ،وتحريره بكيفية واضحة في شكل اقتراحات أو
توصيات ،ويكون مرفقا بمذكرة مفصلة تبين األسباب الداعية إلى تقديمه واألهداف المتوخاة منه ،وملخصا لالختيارات التي
يتضمنها ،وأن يكون مشفوعا بالئحة دعم الملتمس الموقعة على األقل من قبل 25000من مدعمي الملتمس ،ويتم إرفاقها
بنسخ من بطائقهم الوطنية للتعريف.
أما بخصوص الكيفية التي تقدم بها الملتمسات ،فأعطت الحق المادة الثامنة ،لوكيل لجنة تقديم الملتمس ،أن يودع الملتمس
مقابل وصل يسلم له فورا ،أو أن يبعث به إلى مكتب مجلس النواب عن طريق البريد ااٍل لكتروني .غير أن الملتمسات التي
تتضمن ،اقتراحات أو توصيات تهم ،بشكل أساسي ،الجماعات الترابية أو التنمية الجهوية أو القضايا االجتماعية ،ينبغي
إيداعها أو إرسالها من قبل وكيل لجنة تقديم الملتمس ،إلى مكتب مجلس المستشارين.
كما يقوم مكتب المجلس المعني بالتحقق من كون الملتمس المودع لديه مستوف للشروط المنصوص عليها قانونا .ثم يبت فيه
داخل ستين ( )60يوما ابتداء من تاريخ التوصل.
ويبلغ رئيس المجلس المعني ،كتابة وكيل لجنة تقديم الملتمس بقرار قبول الملتمس أو رفضه داخل أجل أقصاه خمسة عشر (
)15يوما من تاريخ البث فيه.
ويتعين أن يكون عدم قبول الملتمس معلال ،وال يقبل الطعن في قرار رفض الملتمس.
كما أعطت الحق المادة 11من القانون التنظيمي رقم ،64.14للجنة تقديم الملتمس أن تسحب ملتمسها في أي وقت .ما لم
ينتبه Hعضو أو أكثر من أعضاء اللجنة البرلمانية المختصة.
وتوزع نسخة من الملتمس المقبول ،على جميع أعضاء المجلس المعني ،ويحال الى اللجنة البرلمانية المختصة ،حسب
موضوع الملتمس ،لدراسته ومناقشته .كما يمكن لكل عضو أو أكثر من أعضاء اللجنة البرلمانية المعنية تبنى الملتمس
المحال إليها .واعتماده أساسا لتقديم مقترح قانون ،طبقا للمسطرة التشريعية المنصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس
المعني.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن المادة 13من القانون التنظيمي ،منعت استعمال المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة
بأصحاب الملتمس ومدعميه H،ألغراض غير تلك التي جمعت من أجلها.
ب) القانون التنظيمي رقم 44.14المتعلق بممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية
هذا القانون التنظيمي جاء تنزيال ألحكام الفصل 15من الدستور ،وبمقضاه يتم تحديد شروط وكيفيات ممارسة المواطنات
والمواطنين ،الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية.
ويقصد بالعريضة حسب المادة الثانية من هذا القانون التنظيمي ،كل طلب مكتوب يتضمن مطالب أو مقترحات أو توصيات،
يوجهه مواطنات ومواطنون مقيمون بالمغرب أو خارجه إلى السلطات العمومية المعنية H،من أجل اتخاذ التدابير التي تراها
مناسبة له في إطار القانون.
كما يقصد بالسلطات العمومية ،الجهة التي تقدم لها العريضة ،وتم تحديدها في رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو
المستشارين.
أما عن أصحاب العريضة ،فهم الذين اتخذوا المبادرة إلعداد العريضة ،يجب أن يكونوا متمتعين بحقوقهم المدنية Hوالسياسية
ومقيدين في اللوائح االنتخابية العامة.
وبخصوص شروط تقديم العريضة ،فقد حدد القانون التنظيمي ،لقبولها أن يكون الهدف منها تحقيق مصلحة عامة ،وأن
تكون المطالب أو المقترحات أو التوصيات التي تتضمنها مشروعة ،وتحرر بكيفية واضحة ،وأن تكون مرفقة بمذكرة
مفصلة تبين Hاألسباب الداعية إلى تقديمها واألهداف المتوخاة منها ،ويجب أن تكون مرفقة بالئحة دعم العريضة المحددة في
5000توقيع.
وتعتبر العرائض غير مقبولة ،إذا كانت تتضمن مطالب أو مقترحات أو توصيات ،تمس بالثوابت الجامعة لألمة ،والتي
تتعلق أساسا بالدين اإلسالمي أو الوحدة الوطنية أو بالنظام الملكي ،أو باالختيار الديمقراطي ،أو بالمكتسبات في مجال
الحريات والحقوق األساسية.
وكذلك األمر ،بالنسبة للقضايا التي تتعلق باألمن الداخلي أو بالدفاع الوطني أو باألمن الخارجي للدولة .أو يكون موضوع
العريضة قضايا معروضة أمام القضاء أو صدر حكم في شأنها .نفس الشيء ينطبق على الوقائع التي تكون موضوع تقص
من قبل اللجان النيابية لتقصي الحقائق.
كما تعتبر العرائض غير مقبولة ،إذا كانت تخل بمبدأ Hاستمرارية المرافق العمومية ومبدأ المساواة أمام المواطنين في الولوج
إليها .أو العرائض التي تكسي طابعا نقابيا أو حزبيا ضيقا أو تلك التي تكتسي طابعا تمييزيا ،والتي تتضمن قذفا أو تشهيرا
أو تضليال أو إساءة للمؤسسات واألشخاص.
وإذا تبين H،بعد دراسة العريضة ،أن موضوعها يكون النظر فيه من اختصاص مؤسسات دستورية أخرى ،ألزم القانون
التنظيمي ،الجهة المسؤولة التي تقدم إليها العريضة أن تحيلها على المؤسسة الدستورية المعنية باالختصاص ،ويخبر بذلك
وكيل لجنة تقديم العريضة ،داخل أجل عشرة أيام ابتداء من تاريخ اإلحالة.
أما عن كيفيات تقديم العرائض والبت فيها ،وحسب المادة 7من نفس القانون التنظيمي ،يمكن لوكيل لجنة تقديم العريضة أن
يودع العريضة مقابل وصل يسلم له فورا ،أو أن يبعث بها إلى السلطات العمومية المعنية عن طريق البريد اإللكتروني،
ويمكن له أن يودعها أيضا لدى السلطة اإلدارية المحلية التي يقيم في دائرة نفوذها الترابي ،مقابل وصل يسلم له فورا،
بحيث تحيلها السلطة اإلدارية داخل أجل ال يتعدى 15يوما من تاريخ إيداع العريضة ،على السلطة العمومية المعنية.
وبخصوص العرائض المقدمة إلى رئيس الحكومة ،فيحيل هذا األخير العريضة المودعة لديه إلى “لجنة العرائض” داخل
أجل ال يتعدى 15يوما ،ويناط بهذه اللجنة ،التحقق من استيفائها للشروط القانونية ،وإبداء الرأي واقتراح اإلجراءات التي
تراها مناسبة في شأن العرائض المقبولة .وتوجه رأيها واقتراحاتها إلى رئيس الحكومة داخل أجل ال يتعدى 30يوما ابتداء
من تاريخ إحالة العريضة إليها.
ويخبر رئيس الحكومة ،بقرار معلل وكيل لجنة تقديم العريضة بعدم قبول العريضة ،بعد توصله أن العريضة غير مستوفية
الشروط القانونية ،وذلك في أجل ال يتعدى ثالثين يوما ابتداء من توصله برأي لجنة العرائض.
كما يبت رئيس الحكومة ،في موضوع العريضة ،بعد Hتوصله برأي واقتراحات لجنة العرائض .ويخبر وكيل لجنة تقديم
العرائض كتابة بمآل موضوع العريضة ومختلف اإلجراءات والتدابير التي ستخصص لها.
وبخصوص العرائض المقدمة إلى رئيس أحد مجلسي البرلمان ،وبعد توصل أحدهم بالعريضة ،يحيلها إلى لجنة العرائض
داخل أجل ال يتعدى 15يوما من تاريخ توصله بها .وهذه اللجنة تحدث لدى مكتب كل مجلس ومهمتها ،التحقق من استيفاء
العريضة الشروط القانونية ،وتبدي رأيها واقتراحاتها في شأن العريضة المقبولة ،وتوجه ذلك إلى مكتب المجلس المعني
داخل أجل ال يتعدى 30يوما ابتداء من تاريخ إحالة العريضة إليها.
وإذا تبين للجنة العرائض ،أن العريضة غير مستوفية الشروط القانونية ،تخبر المجلس المعني بذلك خالل أجل ال يتعدى 30
يوم .ويخبر بذلك رئيس المجلس المعني بقرار معلل وكيل تقديم العريضة بعدم قبولها داخل أجل ال يتعدى 30يوما من
تاريخ توصل مكتب المجلس برأي لجنة العرائض.
ويبت مكتب المجلس المعني في موضوع العريضة بعد توصله برأي واقتراحات لجنة العرائض ،ويخبر رئيس المجلس
بذلك وكيل لجنة تقديم العريضة كتابة حول إجراءات مآل موضوع العريضة.
وتجدر اإلشارة في األخير أن المادة 16من نفس القانون التنظيمي ،منعت استعمال المعطيات ذات الطابع الشخصي
المتعلقة بأصحاب العريضة ومدعميها ألغراض غير تلك التي جمعت من أجلها.
ج) القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية
تطبيقا ألحكام الفصل 139من الدستور ،الذي أعطى الحق للمواطنين والجمعيات أن يقدموا عرائض إلى مجالس الجماعات
الترابية يكون الهدف منها إدارج نقطة تدخل في صالحياتها ضمن جدول أعمالها ،وإحداث آليات تشاركية للحوار
والتشاور .وهذا ما تم تنزيله في إطار القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية.
حسب المادة 117من هذا القانون التنظيمي ،إن المجالس الجهوية ملزمة باحداث 3هيئات استشارية ،هيئة متعلقة أساسا
بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع ،وهيئة استشارية مختصة بدراسة قضايا الشباب ،وهيئة تهتم بدراسة
القضايا الجهوية ذات الطابع االقتصادي.
وبخصوص النقطة المتعلقة بتقديم العرائض ،فالمادة 120من نفس القانون التنظيمي ،حددت شروط تقديم العرائض ،حيث
يجب أن يكونوا مقدموها من ساكنة الجهة أو يمارسون أنشطتهم المهنية أو التجارية بها ،وتكون لهم مصلحة مشتركة في
تقديمها ،وتم تحديد عدد التوقيعات بناء على عدد سكان الجهة ،فهناك 300توقيع بالنسبة للجهات التي يبلغ عدد سكانها أقل
من مليون نسمة ،و 400بالنسبة للجهات التي يتراوح عدد سكانها بين مليون وثالثة ماليين نسمة ،وأخيرا 500توقيع
بالنسبة للجهات التي يتجاوز عدد سكانها ثالثة ماليين نسمة .كما يتعين Hعلى الموقعين أن يكونوا موزعين بحسب مقرات
إقامتهم الفعلية على عماالت وأقاليم الجهة.
حسب المادة 111من هذا القانون التنظيمي ،إن مجلس العمالة أو اإلقليم ملزم بإحداث هيئة واحدة بشراكة مع المجتمع
المدني تختص بدراسة القضايا اإلقليمية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع.
وعن شروط تقديم العرائض لمجلس العمالة أو اإلقليم ،فالمادة 114من نفس القانون التنظيمي ،اشترطت أن يكونوا مقدموها
من ساكنة العمالة أو اإلقليم المعني أو يمارسوا به أنشطتهم التجارية أو المهنية ،وأن تتوفر فيهم شروط التسجيل في اللوائح
االنتخابية ،وأن تجمعهم مصلحة مشتركة في تقديمها ،وأال يقل عدد الموقعين عليها عن 300مواطن ومواطنة.
أما بخصوص شروط تقديم العرائض لمجلس الجماعة ،فالمادة 123من نفس القانون التنظيمي ،اشترطت أن يكونوا
مقدموها من ساكنة الجماعة المعنية أو يمارسوا بها أنشطتهم التجارية أو المهنية H،وأن تتوفر فيهم شروط التسجيل في
اللوائح االنتخابية ،وأن تجمعهم مصلحة مشتركة في تقديمها ،وأال يقل عدد الموقعين عليها عن 100مواطن ومواطنة فيما
يخص الجماعات التي يقل سكانها عن 35000نسمة ،و 200توقيع بالنسبة لغيرها من الجماعات .غير أنه ال يجب أن يقل
عدد التوقيعات عن 400بالنسبة للجماعات ذات نظام المقاطعات.
وتعود هذه االرتباكات في جزء كبير منها ،إلى اآلليات نفسها المتعلقة بتفعيل الديمراقطية التشاركية ،من خالل الشروط التي
حددتها القوانين التنظيمية Hالخاصة بممارسة هذه الحقوق ،خصوصا تلك المتعلقة بالتسجيل في اللوائح االنتخابية العامة ،مع
العلم أن الدستور لم يشترط هذا ،وتحديدها السلطات العمومية باعتبارها الجهة المقدمة إليها العرائض في رئيس الحكومة
ورؤساء مجلسي النواب والمستشارين ،ناهيك عن العدد المطلوب في الئحة دعم العريضة والملتمس الذي يبقى مرتفعا،
خصوصا مع المرحلة التأسيسية ،وعموما األمر يتعلق بصعوبة في الشروط واإلجراءات وكيفيات ممارسة هذه الحقوق.
كما أن هناك إكراهات ومعيقات مرتبطة أساسا بالمتدخلين في هذا المجال ،والمتعلقة على وجه الخصوص بالنسيج
الجمعوي ،بحيث تعرقل عمل عدد من جمعيات المجتمع المدني ،جملة من المعيقات واإلشكاالت ،التي تحول دون قيامها
بمهامها ،خصوصا في مجال تفعيل مبادئ الديمقراطية التشاركية ،ومن أبرز هذه اإلشكاالت ،مشكل عدم اإلستقاللية التامة
عن الفاعلين اآلخرين ،من دولة وأحزاب ونقابات ،وإشكالية الدعم العمومي المقدم واإلنصاف وتكافؤ الفرص بين مختلف
أصناف الجمعيات ،وإشكالية ضعف تعميم العمل التأطيري والتكويني على كافة الجمعيات الذي تقوم به الدولة ومختلف
الفاعلين اآلخرين ،خصوصا في جانب القيم التدبيرية الجديدة وفي مجال الديمقراطية التشاركية..
وفي سبيل تجاوز هذه اإلشكاالت واالختالالت ،يقتضي األمر دعم وتقوية آليتي العرائض والملتمسات ،من خالل إعطاء
الحق لمجموع المواطنات والمواطنين في ممارسة هذه الحقوق ،كما جاء في الفصلين 14و 15من الدستور ،من دون شرط
التقييد في اللوائح االنتخابية ،والتوضيح الصريح لمفهوم المصلحة العامة كشرط لقبول الملتمسات والعرائض ،وتقديم الدعم
التقني والمادي واالستشارة القانونية ألصحابها ،والتوسيع من مفهوم السلطات العمومية في إطار القانون التنظيمي المتعلق
بالعرائض ،وإعطاء الحق لمقدمي العرائض والملتمسات من اللجوء الى التظلم أو مؤسسة الوسيط أو المجلس الوطني
لحقوق اإلنسان أو القضاء المختص ،في حالة عدم قبول العريضة .هذا إضافة للتفكير في كل االجراءات واآلليات التي
يمكن من خاللها البحث في سبل تقوية وتطوير دعم قدرات الجمعيات بكل الوسائل المتاحة ،وتوفير الدعم المالي والتقني
لكل الجمعيات على قدم المساواة ،واالبتعاد Hعن كل الحسابات كيفما كان نوعها وطبيعتها ،للتفعيل األمثل لهذه الحقوق التي
جاء بها الدستور وتطبيقها تطبيقا سليما ،بما يضمن قيم المواطنة الكاملة والحكامة الجيدة والشفافية ،ويحقق التنمية العادلة
والشاملة.
على سبيل الختم ،يمكن التأكيد على أن دور المواطن لم يعد مقتصرا فقط ،على اإلدالء بصوته مع كل محطة انتخابية
الختيار ممثليه في المؤسسات المنتخبة على المستويين الوطني والمحلي ،بل أصبحت له أدوارا أخرى بموجب دستور
،2011تضمن استمراريته في اتخاذ القرارات والسياسات العمومية بشكل دائم ومستمر ،وهذا ما من شأنه تفعيل وتكريس
مبدأ السيادة الشعبية ،من خالل الديمقراطية التشاركية باعتبارها مدخال حقيقيا من بين أهم المداخل الفعالة لتحقيق المشاركة
المدنية المواطنة ،كما أن هذه األخيرة ،تعتبر المدخل األساسي لضمان االنخراط اإليجابي للمواطنين في تدبير الشأن العام،
وتشكل آلية هامة لتقييم السياسات العمومية على المستويين الوطني والمحلي.
والتجارب المتقدمة في المجال ،أثبتت أن إعمال مبادئ الديمقراطية التشاركية ،بالشكل الجيد ،يساهم في الحد من احتكار
السلطة من قبل أقلية منتخبة في المجتمع ،وهو ما من شأنه توسيع قاعدة النخب االجتماعية والمدنية وتيسير مساهمتهم في
تدبير الشأن العام ،وترسيخ قيم الحكامة الجيدة والشفافية ،والمساهمة في تفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة وتحقيق التنمية
الشاملة والعادلة.
الهوامش:
– الدستور المغربي لسنة ،2011الصادر األمر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.11.91صادر في 27من شعبان 1432ه،
الموافق ل 29يوليوز ،2011الجريدة الرسمية عدد 5964مكرر 28 ،شعبان 1432ه 30 ،يوليوز .2011
– القانون التنظيمي رقم 64.14المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع،
والصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.16.108بتاريخ 23شوال 1437الموافق ل 28يوليو ،2016الجريدة الرسمية عدد
.6492
– القانون التنظيمي رقم 44.14المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العموميةH،
الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.16.107بتاريخ 23من شوال 28 ،1437يوليو ،2016الجريدة الرسمية عدد .6492
– الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس إلى المسؤولين عن الجهات والعماالت واألقاليم ،من رجال اإلدارة
وممثلي المواطنين يوم الثالثاء 12أكتوبر 1999بالقصر الملكي بالدار البيضاء.
– الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة الثانية للوالية التشريعية السابعة بتاريخ 10أكتوبر .2003
– التقرير التركيبي للحوار الوطني حول المجتمع المدني واألدوار الدستورية الجديدة ،أبريل .2014