Professional Documents
Culture Documents
:عرض في موضوع
عرفانا بالجميل نتقدم بالشكر الجزيل الى أستاذتنا امال الناجي التي تفضلت بقبول
إشرافها على هذا العرض ،والعمل على تأطيرنا وتوجيهنا فلها منا بالغ االمتنان سائلين
هللا عز وجل أن يجازيها خير الجزاء.
1
مقدمة
يعتبر قانون األعمال من القوانين التي تهتم بتنظيم الشأن االقتصاد الوطني؛ وال//ذي لألس//ف ال
وجود له من الناحية الواقعية الصرفة على اعتبار أن هذا القانون غير مقنن؛ بمعنى أن مقتضياته ال يمكن
االطالع عليها في مدونة شاملة تجمع جميع القوانين المنظمة له.
فه//ذا الق//انون م//زيج من الق//وانين المس//تقلة بعض//ها عن بعض؛ من ق//انون تج//اري وق//انون
المقاولة؛ الشركات التجارية؛ القانون البنكي؛ البورصة...؛ مما يجعل هذا الق//انون يحت//ل مكان//ة مهم//ة في
المنظومة القانونية المغربية رغم ما يعاب علي//ه من تش//تت واتس//اع مقتض//ياته غ//ير المجتمع//ة في ق//انون
موحد ومعين.
و يطمح المغرب من وضع قانون األعمال إلى دعم التنمية االقتصادية؛ ولهذا الغرض انخ//رط
مند تسعينيات القرن الماضي؛ في سلسلة من اإلصالحات القانونية ترمي إلى تح//ديث اإلط//ار الق//انوني و
التنظيمي لألعمال؛ وتعديل و مراجعة عدد من المدونات و النصوص التشريعية؛ و التي ن//ذكر منه//ا على
الخصوص مدونة التجارة؛ حيث ثم إصالح الكتاب الخامس من القانون 15.95المتعلق بمدونة التج/ارة؛
فيم//ا يخص مس//اطر ص//عوبة المقاول//ة (أبري//ل )2018؛ أيض//ا إص//الح الق//انون رقم 17.95المتعل//ق
بشركات المساهمة سنتي ( 2015و )2019؛ باإلضافة إلى اعتماد الق/انون رقم 86.12المتعل/ق بعق/ود
1
الشراكة بين القطاعين العام و الخاص ( سنة ...)2020
وبخصوص تحديد مفهوم قانون األعمال؛ فيصعب إيجاد تعريف ش//امل يجم//ع ك//ل هات//ه
القوانين التي تشكل فروعه؛ لذلك اختلف الفقه في تعريفه؛ فهن//اك من الفقه//اء من عرف//ه بأن//ه " ف88رع
من فروع الق8انون الخ8اص؛ يحكم فئ8ة معين8ة من األعم8ال؛ تس8مى األعم8ال التجاري8ة؛ وطائف8ة من
األش88خاص ت88دعى التج88ار "؛ إال ان ه//ذا التعري//ف ال يعت//بر ش//امال وجامع//ا؛ لك//ون تنظيم األعم//ال
التجارية والتجار اختص//اص يت/واله الق/انون التج/اري ال/ذي فق/ط ج/زء من ق//انون األعم/ال؛ فق/انون
األعمال أكثر اتساعا من القانون التجاري .في حين ذهب جانب أخر من الفقه إلى تعريفه بأن//ه " ك88ل
القواعد القانونية المطبق8ة في ع8الم االعم8ال؛ وأن8ه ف8رع من ف8روع الق8انون الخ8اص؛ وه8و تقني8ة
قانونية في خدمة حياة األعمال تسرعها وتبسطها؛ يشمل جميع النصوص القانونية التي لها عالقة
بكافة انشطة المقاولة؛ على اعتبار انه ال ينظم فقط التجار واالعمال التجارية؛ وإنم88ا أيض88ا النش88اط
الصناعي؛ حوادث الشغل؛ قانون الضمان االجتم8اعي؛ االنش8طة البنكي8ة؛ ق8انون الملكي8ة الص8ناعية
والتجارية " ...وهذا ما يفسر لنا أن قانون األعمال له ارتباط بجميع نصوص القانون الخاص.
1
اللجنة الوطنية لمناخ األعمال ). (www.cnea.ma
2
وإذا كان القانون المدني يشكل الشريعة العام//ة للعالق//ات المالي//ة الخاص//ة؛ ف//إن ق//انون األعم//ال
يشكل الشريعة الخاصة لألعمال ولرجال األعمال؛ وه/ذا م/ا يع/ني اس/تناد ق//انون األعم/ال في العدي/د من
مواضعه إلى القانون المدني؛ كما هو الشأن بالنسبة للنظرية العامة لاللتزام//ات والعق/ود ال//تي يع//الج فيه//ا
القانون المدني مسألة إنشاء العقد وتنفيذه.
لكن على الرغم من التقارب بين ه/ذين الق/انونين؛ فإنن/ا نج/د ق/انون األعم/ال كث/يرا م/ا يعطي
حلوال مختلفة عن تلك التي يعطيها القانون المدني.
أهمية الموضوع:
فمن الناحية العلمية؛ فإن التطور السريع والمتالحق للقواعد القانونية المنظمة لمجال األعم//ال
وظهور اعمال جديدة لم يكن بمقدر القانون المدني اإللمام بها قد خلق مج//اال خص//با للب//احثين والدارس//ين
في العلوم القانونية ليدلو بدلوهم في هذا المجال.
أما من الناحية العملية فإن التطور الذي يعرفه المجتمع من الزاوية االقتصادية أص//بح يف//رض
على الدول تحسين تنافسية مقاولتها بما ينعكس إيجابا على األوضاع االجتماعية وهو يفرض على ال//دول
تطوير القواعد القانونية في ميدان األعمال.
إشكالية الموضوع:
إن دراسة موضوع مكانة النظرية العامة في قانون األعمال؛ يثير إشكالية محورية مفادها :م88ا هي
مكانة النظرية العامة في قانون األعمال؟ او بعبارة أخرى؛ ما مدى اس88تناد ق88انون األعم88ال على قواع88د
القانون المدني؟
المنهج المعتمد:
لمعالجة اإلش/كالية المطروح/ة؛ س/نعتمد المنهج التحليلي من خالل تحلي/ل م/دى اعتم/اد ق//انون
األعمال على قواعد قانون االلتزامات والعقود.
خطة البحث:
3
لإلحاطة بمختلف جوانب البحث في موضوع " مكانة النظرية العامة في قانون االعمال " اعتم//دنا
التقسيم التالي:
4
المبحث األول :أحكام التعاقد بين النظرية العامة وقانون األعمال
اعتاد اإلنسان منذ القدم على نسج اتفاقات مع بني جنسه التي تس/اعده على تس/يير ش/ؤون حيات/ه
وتحقق له أسباب االستمرار وتلبية حاجياته ومتطلبات الحياة ،حيث أنه ومع ظهور الدولة كمؤسسة عام//ة
تسهر على تنظيم العالقات و المعامالت بين األفراد في مختلف المج//االت ،ق//امت ه//ذه األخ//يرة بإح//داث
مجموعة من الوسائل القانونية للقيام بدورها على أكمل وجه ،ويعتبر العقد من أهم هذه الوس/ائل باعتب/اره
األكثر شيوعا بين األفراد ،إذ أن//ه وللقي//ام ب//أي عم//ل الب//د من م//روره بمؤسس//ة العق//د باعتباره//ا من أهم
مصادر االلتزامات .حيث يمكن اعتبار العق//د عب//ارة عن تواف//ق إرادتين على إح//داث أث//ر ق//انوني، 2كم//ا
عرفته بعض التشريعات على أنه اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر نحو شخص أو أكثر بإعطاء شيء
أو القيام بعمل أو االمتناع عنه .كما يقوم العق/د على مب/دأ أساس/ي يتجلى في مب/دأ س/لطان اإلرادة ،ال/ذي
يعني قدرة اإلرادة الفردية على إنشاء االلتزامات دون غيرها ،مع ما ينتج عن هذا المبدأ من نتائج أهمها
مبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ العقد شريعة المتعاقدين .
يحتل قانون االلتزامات والعقود أهمية كبرى داخ/ل الترس/انة التش/ريعية المغربي/ة ،وعلى وج/ه
التحديد نظرية العقد ،حيث راعى المشرع تنظيم مجموعة من المبادئ واألسس التي يق//وم عليه//ا االل//تزام
وتنبني عليه/ا المع/امالت كم/ا يعت/بر قانون/ا مش/تركا لتنظيم كاف//ة العالق/ات بين األف/راد .ومن خالل ه/ذا
المطلب سنقوم بدراسة األركان العامة للتعاقد في فقرة أولى ،ونتحدث عن مبدأ سلطان اإلرادة ومحدوديته
في فقرة ثانية.
لكي ينشأ العقد صحيحا فإنه يتعين فيه أن يكون مستجمعا لعناصره الجوهرية ال//تي يق//وم عليهٍ//ا،
فهو بمثابة البناء الذي ال بد له من أركان يؤسس عليه//ا ،وق//د أش//ار المش//رع المغ//ربي له//ذه األرك//ان في
الفصل الثاني من ق.ل.ع الذي جاء في//ه " األرك//ان الالزم//ة لص//حة االلتزام//ات الناش//ئة عن التعب//ير عن
3
اإلرادة هي:
.1األهلية لاللتزام
.2تعبير صحيح عن اإلرادة يقع على العناصر األساسية لاللتزام
5
.3شيء محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام
.4سبب مشروع لاللتزام
أوال :األهلية:
إلبرام أي عقد كيفما كان نوعه الب/د من ت/وافر ركن األهلي/ة ك/أول ركن ع/ام نص علي/ه ق//انون
االلتزامات والعقود المغربي في الفصل الثاني منه ،وبالرجوع للفق//رة األولى من الفص//ل الث//الث من نفس
القانون نجده ينص على أن "األهلية المدنية للفرد تخضع لق//انون أحوال//ه الشخص//ية " والمقص//ود بق//انون
أحواله الشخصية مدونة األس//رة المغربي//ة ،ه//ذه األخ//يرة ال//تي نص//ت في الم//ادة 4206على أن األهلي//ة
نوعان" :أهلية أداء وأهلية وجوب"
فأهلية الوجوب تعني صالحية الش//خص لثب//وت الحق/وق وااللتزام//ات ل//ه وعلي//ه وهي أهلي//ة ثابت//ة
للشخص منذ والدته حيا إلى وقت وفاته ،بل وتبدأ قبل ذلك للجنين في حدود معينة.
أما أهلية األداء فهي صالحية الشخص وقدرته على القيام بالتصرفات القانونية وتحمل االلتزام//ات
على الوجه المطلوب قانونا.
وباستقراء فصول قانون االلتزامات والعقود نجد أن المشرع المغربي خصص إحدى عش//ر فص//ال
للح/ديث عن ركن األهلي/ة من الفص//ل 3إلى الفص//ل ،13مم/ا يكش/ف عن أهمي/ة ه/ذا ال/ركن في إب/رام
العقد .
ثانيا :الرضا
الرضا هو تعبير ص/حيح عن اإلرادة يق/ع على العناص/ر األساس/ية لالل/تزام حس/ب م/ا ج/اء ب/ه
الفصل الث/اني من ق ل ع م وق//د عرف//ه الفق/ه أن/ه تواف//ق إرادتي المتعاق//دين على إح/داث األث/ر الق/انوني
المتوخى من العقد ،وهذا التوافق يتحقق قانونا بتبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين تكون بصدور إيجاب
متضمن لعرض موجه من شخص آلخر وصدور قبول مطابق لإليجاب صادرا من القابل الذي وجه إلي//ه
اإليجاب ،وبذلك يقترن القبول باإليجاب ويحصل التراض//ي فيتم العق//د .ومن هن//ا يمكنن//ا الق//ول أن إنش//اء
العقد يفترض فيه وجود طرفين أح/دهما م/وجب و اآلخ/ر قاب/ل ،أم/ا في حال/ة وج/ود إرادة واح/دة كافي/ة
بذاتها إلنشاء االلتزام فان مصدر هذا االلتزام في هذه الحالة هو اإلرادة المنف//ردة وال يك//ون مص//دره ه//و
العقد بالمعنى الصحيح للعقد ،5كم/ا ه/و الش/أن لعق/د الهب/ة أو الص/دقة .كم/ا يتحق/ق الرض/ا بتح/رك اإلرادة إلى
4ظهير شريف رقم 1.04.22صادر في 12من ذي الحجة 3/ 1424فبراير 2004بتنفيذ القانون رقم 70.03بمثابة مدونة األسرة
5د عبد الرحمان أسامة ،د الحاجي بناصر ،المبادئ العامة لاللتزامات ،طبعة ،2010ص.35 ،
6
شيء معين وتعلقها به ،فالشخص معدوم اإلرادة ال يمكن أن يصدر منه رضاء ك//المجنون والص//بي غ//ير
المميز وفاقد الوعي لسبب معين كالسكر والمرض. 6
ثالثا :المحل
يعتبر المحل الركن الثالث الذي نص عليه المشرع المغ//ربي في ق//انون االلتزام//ات والعق//ود في
الفصل الثاني منه ،ومحل العقد هو إنشاء التزام أو أكثر يقع على أح//د المتعاق//دين دون األخ//ر في العق//ود
غير التبادلية 7كما في الوديعة 8أو يقع على طرفي التعاقد في العقود التبادلية 9كما في عقد البيع.
ويختلف محل العقد عن مح//ل االل//تزام ،فه//ذا االخ//ير يع//ني االداء ال//ذي يجب أن يق//وم ب//ه الم//دين
لصالح الدائن وهو إما إعطاء شيء ،أو القيام بعمل ،أو االمتناع عن القيام بعمل .10
وبالرجوع للفصول المنظمة لمحل االلتزامات التعاقدية في ق ل ع م نجد أن محل العقد تشترط فيه
بعض الشروط والتي سندرجها كما يلي:
أن يك//ون المح//ل مش//روعا :ال يق//وم العق//د إال إذا ك//ان محل//ه مش//روعا ،ويك//ون المح//ل
مشروعا عندما يكون غير مخالف للنظام واآلداب العام//ة ،أي أن يك//ون ج//وهر العق//د أو الش//يء
المتعاق//د علي//ه داخال في دائ//رة التعام//ل ،إذ نص المش//رع في الفص//ل 57من ق ل ع م أن "
األش//ياء واألفع//ال والحق//وق المعنوي//ة الداخل//ة في دائ//رة التعام//ل تص//لح وح//دها أن تك//ون محال
لاللتزام ،ويدخل في دائرة التعامل جميع األشياء التي ال يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها "
أن يكون المحل ممكنا :بمعنى أن يكون ج//وهر العق//د مم//ا يمكن تحقيق//ه وه//و المض//مون
الذي نستفيده من نص الفصل 59من ق ل ع م إذ ينص " يبطل االلتزام الذي يك//ون محل//ه ش//يئا
أو عمال مستحيال ،إما بحسب الطبيعة أو بحكم القانون "
أن يكون المحل معينا أو قابل للتعيين :وقد نص على هذا الشرط الفص//ل 58من ق ل ع
م بقول//ه " الش//يء ال//ذي ه//و مح//ل لالل//تزام يجب أن يك//ون معين//ا على األق//ل بالنس//بة إلى نوع//ه
ويسوغ أن يكون مقدار الشيء غير محدد إذا كان قابال للتحديد فيما بعد"
6د عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزامات ،الكتاب االول نظرية العقد ،الطبعة الرابعة ، 2015ص .62
7العقد غير التبادلي أو العقد الملزم لجانب واحد هو الذي ينشئ التزامات في ذمة أحد المتعاقدين دون االخر بحيث يكون أحدهما مدينا غير دائن
واالخر دائنا غير مدين.
8ينص الفصل 781من ق ل ع م " الوديعة عقد بمقتضاه يسلم شخص شيئا منقوال إلى شخص آخر يلتزم بحفظه وبرده بعينه .
9العقد التبادلي أو العقد الملزم لجانبين هو الذي ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من طرفيه المتعاقدين بحيث يصبح كل واحد منهما دائنا في
ناحية ومدينا في ناحية أخرى.
10د عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق ،ص 223
7
ركن السبب هو الركن الرابع الذي نص عليه المشرع في الفصل الث//اني من ق ل ع م ويختل//ف
سبب العقد عن سبب االلتزام ،إذا يقاس سبب العقد بمعيار شخصي ذاتي ويعني الباعث والدافع الذي دف//ع
الشخص إلى التعاقد ،أما سبب االلتزام فهو الغاية والقص//د من وراء إنش//اء االل//تزام .وب//الرجوع للفص//ل
62من ق ل ع م نجده ينص على "أن االلتزام الذي ال سبب له أو المبني على س//بب غ//ير مش//روع يع//د
كأن لم يكن" ويشترط في السبب شرطين أساسيين هما:
أن يكون السبب حقيقيا :حيث يكون السبب غير حقيقي حينما يكون موهوما أو صوريا.
أن يكون السبب مش//روعا :حيث يك//ون الس//بب غ/ير مش//روع حينم//ا يتع//ارض م//ع نص
قانوني أو يكون مخالف للنظام واآلداب العامة وذلك من خالل الفق/رة الثاني//ة من الفص//ل 62من
ق ل ق م التي تنص على " يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة أو النظ//ام
العام أو القانون".
يخضع مبدأ رضائية العقود لبعض االستثناءات التي تتجلى في العقود الشكلية والعق//ود العيني//ة،
فالعقود الشكلية هي التي يشترط النعقادها توافر بعض المراسيم الشكلية ، 11فالش//ركة ال//تي يك//ون محله//ا
عقارات أو غيرها من األموال مما يمكن رهنه رهنا رسميا والتي ت//برم لتس//تمر أك//ثر من ثالث س//نوات،
أوجب المشرع أن يحرر عقدها كتابة تحت طائلة البطالن(،الفصل 987من قانون االلتزامات والعقود).
أما بخصوص ركن التسليم فهو متطلب في العقود العينية ال/تي يج/ري فيه/ا تس/ليم الش/يء المعق/ود
علي//ه ،بحيث ال يتم العق//د إال إذا تم ركن التس//ليم كعق//د الوديع//ة (الفص//ل 781من ق.ل.ع) ،وعاري//ة
االستعمال( 12الفصل 830من ق.ل.ع) ،وعارية االستهالك أو القرض( 13الفصل .)856
11د مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء األول مصادر االلتزامات ،الطبعة الثانية،1972 ،
ص194 .
12عارية االستعمال عقد بمقتضاه يسلم أحد طرفيه لآلخر شيئا ،لكي يستعمله خالل أجل معين أو في غرض محدد على أن يرده بعينه .وفي
العارية يحتفظ المعير بملكية الشيء المستعار وبحيازته القانونية ،وليس للمستعير إال مجرد استعماله.
13عارية االستهالك أو القرض عقد بمقتضاه يسلم أحد الطرفين لآلخر أشياء مما يستهلك باالستعمال أو أشياء منقولة أخرى ،الستعمالها ،بشرط أن
يرد المستعير ،عند انقضاء األجل المتفق عليه ،أشياء أخرى مثلها في المقدار والنوع والصفة.
8
يعرف هذا المبدأ أن الشخص حر في التعاقد أو عدم التعاقد ،وإذا وافق على العق//د فه//ذا يك//ون عن
اقناع وتأمين حيث عبر عنه الفقيه "كونو" في أطروحته حول مبدأ سلطان اإلرادة في القانون المدني (أن//ا
لست ملزما بأي تصرف قانوني اال أذا رغبت وفي الوقت الذي أريد ،وبالكيفية التي أحب//ذها) ،ويعت//برون
أنصار هذا المبدأ أن هذه الحرية ليست مطلقة وإنما هي مقيدة في إطار مجموع//ة من الض//وابط القانوني//ة
14
كنظام العام واآلداب العامة ،كما أنها تكون ملزمة باحترام حقوق االخرين وعدم التعسف عليهم.
نستخلص من هذا التعريف بأن العالقة التعاقدية مرتبطة بمبدأين أساسيين األول منها يؤصل للثاني
ويتعلق االمر بمبدأ سلطان اإلرادة في التعاقدات ،ومبدأ القوة الملزمة للعقد ال//ذي يعت//بر من مظ//اهر مب//دأ
سلطان اإلرادّة.
ويقص//د بمب//دأ س//لطان اإلرادة أن اإلرادة اإلنس//انية مج//ردة من ك//ل م//ا يحي//ط به//ا وق//ادرة إلنش//اء
االلتزامات التعاقدية ،ويستند هذا المبدأ الى فلسفة القانون التي ظهرت في ق//رن 18ميالدي//ة المتمثل//ة في
المذهب الليبرالي القائم على أساس الحرية الفردية ،وينظرون أنصار هذه النظرية ب//أن الف//رد ه//و مح//ور
العالقة القانونية التي تربطه بغيره ،من أجل ضمان المنفعة والمصلحة العام//ة والعدال//ة االجتماعي//ة يجب
استبعاد أي إعاقة أمام الحرية التعاقدية.
كما أن اإلرادة هي الشرط األساس//ي لتك//وين العق/د واخراج//ه الى ح//يز التط//بيق س//واء ك//انت ه//ذه
اإلرادة ع//برت بش//كل ص//ريح وهي األص//ل أو بش//كل ض//مني ،ولكي يتحق//ق ه//ذا المب//دأ يجب أن تك//ون
اإلرادة خالية من عيوب الرضا واال كان مصير العقد ه//و البطالن وه//ذا م//ا أخ//ذ ب//ه المش//رع المغ//ربي،
حيث اعتبر الرضا ركن أساسي من اركان العقد في الفصل الثاني من قانون االلتزامات والعقود.
ض//يق المش/رع المغ/ربي الم/دني من مب/دأ س/لطان اإلرادة ،وذل/ك بت/أطيره للكث/ير من التص//رفات
القانونية كعنصر الشكلية بع//د أن ك//انت الرض//ائية هي األص//ل بحيث تطلب ه//ذا العنص//ر في الكث//ير من
العقود كالعقود الرسمية التي تطلب فيها الكتابة.
كما نجد أيضا أن المشرع المغربي تدخل كذلك في المعامالت العقارية حيث تطلب رس//مية العق//ود
العقارية ،كما تطلب أيضا إجراءات التقييد في الرسم العقاري اذا كانت العقارات محفظة من أج//ل انتق//ال
الملكية من البائع للمشتري ،كما تدخل أيضا في الكثير من الحاالت لحماية الط//رف الض//عيف في العالق//ة
التعاقدية من خالل القانون المتعلق بحماية المستهلك رقم ،31-08للبلوغ العالقة التعاقدية المتوازنة ،كما
أنه اذا كان قانون االلتزامات والعقود مشبعا بمبدأ سلطان اإلرادة ،فإن هذا المبدأ اذا كان ق//د أثبت ناجعت//ه
14
عبد القادر العرعاري" :نظرية العقد-كتاب األول ،"-مكتبة دار األمان ،الرباط ،الطبعة ،2013 ،3ص54
9
بالنسبة للعالقات التعاقدية التي تتم بين األشخاص تتساوى وتتقارب مراتبهم القانونية واالقتص//ادية ،فإن//ه
لم يعد ق//ادرا على مواجه//ة ومواكب//ة التط//ور االقتص//ادي واالجتم//اعي والتكنول//وجي ،وم//ا اس//تحدث من
أساليب تعاقدية مست بالحرية التعاقدية ،وخلق الطرفين غير متوازيين اقتص//اديا وفني//ا وقانوني//ا ،ط//رف
قوي وخبير وله دراية واسعة بكل خبايا ما يتعاقد حوله ،وطرف ضعيف اقتصاديا يذعن لما يفرضه عليه
15
الطرف المهني من شروط.
باإلضافة للتراجع الذي يعرف//ه ق//انون االلتزام//ات والعق//ود نج//د بعض المف//اهيم جدي//دة أدرجت في
الدستور المغربي لسنة ،2011مثل مفهوم الحكامة وتأثره على أحد أهم وأبرز الي/ات ق//انون االلتزام/ات
والعقود في احقاق العالقة التعاقدية ،حيث أضاف بعد جديد يتمثل في ان مفهوم الجديد للتعاقد ،سواء تعلق
األم//ر بالش//أن العم//ومي او بالش//أن الخصوص//ي ،يجب أن يتم الترك//يز على مفه//وم الحكام//ة في//ه على
األخص .نظرا لكون ان الحمولة القانونية للتعاقد طالها الضعف بفعل االكتساح ال//ذي أص//بح يش//كله مب//دأ
المنافسة والذي تم على حساب مبدأ سلطان اإلرادة ،في ضل سيادة واقع العولمة.
نجد بمقتضى فصل 264من قانون االلتزامات والعقود نص على أن القاضي لم يع//د ملزم//ا بمب//دأ
سلطان اإلرادة في جميع األحوال ،وإنما أصبحت ل//ه س//لطة واس//عة يع//دل به//ا مبل//غ الش//رط الج//زئي في
حدود معين//ة ،به//دف تنظيم العالق//ة التعاقدي//ة على أس//اس من الع//دل والمس//اواة لتوطي//د حماي//ة الض//عفاء
والمعوزين.
الق//انون التج//اري ه//و مجموع//ة من القواع//د القانوني//ة ال//تي تحكم ممارس//ة األعم//ال التج//اري
والتجار وتحديد النظام القانوني المطبق فه/و يع/د أح/د ف//روع الق/انون الخ/اص وتحدي/دا ق//انون االعم/ال
حيت يقوم مبدأ القانون التجاري باألساس على تطوي//ق أش//كال التعام//ل س//واء الت//اجر م//ع الت//اجر او
التاجر مع الغير وتقنينها بما يسمح للقانون من استجالء كل ما يعرقل حري//ة التج//ارة ،فالعم//ل التج//اري
يتميز بعدة خصائص التي اقتضت اس//تقاللها بق//انون خ//اص ب//ه يختل//ف عن الش//ريعة العام//ة ،الق//انون
المدني قانون قادر على التالؤم واالستجابة لخصائص البيئة التجارية وقد كان من نتائج هذه الخصائص
أن طبع القانونية التجاري يتميز عن القانون المدني بعدة مميزات ومن أهمها السرعة واالئتمان
15
توفيق تكرومت ":تأثير القوانين االقتصادية على قانون االلتزامات والعقود" مقال منشور بمجلة القانون واالعمال ،طبعة .2019
10
على خالف األعمال المدنية التي تتسم بالبطء واالس//تقرار النس//بي .إذ ن//ادرا م//ا ج//ري المتع//املون
فيها عمليات مهمة (زواج ،طالق ،بيع ،كراء) وهم يحتاطون كثيرا في إجرائها .فإن العمل التجاري يتسم
بالسرعة والتكرار ،فكلما تكررت العمليات التجارية بسرعة كلما تحققت االرباح أكثر ،ومن ثم جاء تزايد
اعتماد التجارة على اإلشهار والدعاية للمنتجات في الوقت الحالي.
ومن مظاهر هذه السرعة أنه في كثير من األحيان تباع السلع قبل شرائها ،وعند ش//رائها تس//لم من
البائع األول إلى المشتري الثان.
وضغط السرعة هذا ه//و ال//ذي جع//ل التج//ار يعتم//دون في ال//وقت الحاض//ر على تقني//ات االتص//ال
السريعة من هاتف وتلكس وفاكس .إذ أنه في كثير من األحي//ان ت//برم الص//فقات الكب//يرة والمهم//ة بمج//رد
مكالمة تلفونية أو مراسلة عن طريق الفاكس وحاليا بواسطة البريد اإللكتروني.
لذلك واستجابة لهذه الخاصية تعمل قواعد القانون التجاري على كفال//ة الس//رعة عن طري//ق تبس//يط
اجراءات انعقاد العق/د التج/اري ال/ذي ال يش/ترط في/ه أن ي/رد كتاب/ة إذ يمكن إثبات/ه بكاف/ة الوس/ائل .وعن
طريق تبسيط تداول الحقوق الذي يمكن أن يتم بكل سهولة عن طريق التظه//ير مثال .تظه//ير الكمبيال//ة أو
الشيك .أو بمجرد التسليم األسهم لحاملها مثال .وعن طريق تبسيط إجراءات حصول الدائن الم//رتهن على
حقه بسرعة ،....وعن طريق تقصير مدد تقادم االلتزامات التجاري.16
كما أن عامل السرعة هذا كان أحد أهم العوامل وراء إرساء نظام القضاء التجاري كنظ//ام مختص
في الفصل في المنازعات التجارية ،حيث عمل المشرع على وضع مسطرة مبسطة وس//ريعة للفص//ل في
هذه المنازعات من قبل قضاة متخصصين
فاالئتمان هو عصب التجارة إذ الغالب أن العمليات التجاري//ة تعق/د ألج//ل .فالبن//ك يق/رض االم//وال
سواء للتاجر أو لغير التاجر على أن تسدد في أجل معين .وتاجر الجملة يبيع لتاجر التقسيط على أن يسدد
الثمن بأجل والمصنع يبيع منتوجه للموزع ،أو لمصنع آخ/ر وف/ق نفس المب/دأ .وهك/ذا يرب/ط التج/ار فيم/ا
بينهم بعالقات متشابكة قوامها الثقة المتبادلة فيكون كل واح//د منهم دائن//ا وم//دينا في نفس ال//وقت .وتتع//دد
وسائل وتقنيات االئتم//ان التج//اري ،وأهمه//ا الق//روض ،واإليج//ار االئتم//اني والس//ندات ،وعملي//ات ش//راء
الفاتورات والخصم والكمبيالة ،والسند ألمر ،وافتراض تض/امن الم/دينين في المي/دان التج/اري وتض/امن
المظهرين للكمبيالة ....الخ.
16
فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري الجديد الجزء األول نظرية التاجر والنشاط التجاري ص17
11
وكاف//ة أط/راف العملي/ة التجاري/ة هم في حاج/ة إلى االئتم/ان لمزاول/ة نش/اطهم .ف//المنتجون هم في
حاجة لالئتمان لتمويل استثماراتهم الصناعية .والتجار في حاجة إليه لشراء الس//لع ال//تي س//يعيدون بيعه//ا.
والمستهلكون في حاجة إليه للحصول على ما يحتاجون إلي//ه من م//واد .وإذا ك//ان النوع//ان األول والث//اني
يتميزان بأنهما من نوع االئتمان اإلنتاجي ألنه يخصص إلنتاج والتجارة وبالتالي يقوم على تس//ديد ال//دين
من األرباح التي ستحقق في المستقبل ،فإن الثالث يتميز بأنه من نوع االئتمان االس//تهالكي ألن تس/ديده
يتم عن طريق االقتطاع من المداخيل المستقبلية.17
وبالنظر ألهمية التي يكتسبها االئتمان في الميدان التجاري .إذ يخفى مدى االضطراب والخلل الذي
يحدث في السوق في حالة إخالل أحد التجار بالتزاماته من هذه الناحي//ة ،حيث أن ذل//ك ي//ؤدي إلى سلس//لة
متتابعة من االختالالت في المعامالت التجارية .فإن قانون التجارة يقرر جزاءات صارمة توق//ع على من
يخ//ل به//ذا االئتم//ان تتمث//ل في قس//وة ق//انون الص//رف على من يخ//ل بالثق//ة ال//واجب توفره//ا في الس//ند
التجاري وفي شدة نظام اإلفالس على التاجر الذي يتوقف عن أداء ديونه.
دون ان نغفل الطابع الدولي ،حيث تتسم المعامالت التجارية بطابع خاص يتمثل في كونه//ا تخض//ع
لمقتضيات القانون التجاري الذي يحكم العالقات بين التجار سواء داخل البلد أو خارجه ،خاصة من تعلق
األمر بعمليات اإلستيراد والتصدير ،خالفا لقواعد القانون المدني التي تحكم المعامالت القائمة بين األفراد
داخل المجتمع ،وال تتعداه إال استثناءا أو بنص القانون وإن اقتضى الحال ذلك.
ولعل هذا هو السبب الذي جعل أغلب القوانين التجارية المقارنة تتشابه في معظم مقتضياتها عكس
القوانين المدنية التي تختلف من بلد آلخر.18
األصل أن العق/ود التجاري/ة ال تختل/ف عن العق/ود المدني/ة فيم/ا يتعل/ق باألحك/ام الخاص/ة المتعقل/ة
بانعقادها ونفاذها وانقضائها ،فالعقود التجارية كالعقود المدني/ة تخض//ع لألحك/ام المق/ررة للعق/د في ق//انون
االلتزامات والعقود ،وهو ما نصت عليه صراحة المادة .الثانية من مدونة التجارة ،حينما حددت مص//ادر
القانون التجاري في تشريعات وأعراف وعادات التجارة وقواعد القانون المدني مالم تتعارض قواعده مع
17فؤاد معالل ,مرجع سابق ،ص18.
18
فريدة اليوموري ،شرح القانون التجاري ،االعمال التجارية و التاجر ،الجزء األول
12
المبادئ األساسية للقانون التجاري ،ومع ذلك فهناك قواعد خاصة تنطبق على القواعد التجاري//ة وتميزه//ا
عن العقود المدنية ،منها ما يتصل باإلثبات ،ومنها ما يتصل بإبرام وتنفيذ العقود التجارية.
ومن أجل الوقوف عند هذه القواعد الخاصة التي تميز العقود التجارية عن المدنية ،نقسم هذا
المبحث إلى مطل//بين المطلب األول ح//ول القواع//د الموض//وعية الخاص//ة ب//العقود التجاري//ة ،ثم المطلب
الثاني ،خصصناه للحديث عن مركز النظرية العامة للعقد ضمن قانون الشركات التجارية ومدونة الشغل.
تتطلب التجارة عادة السرعة واالئتم//ان والبس//اطة في إب//رام وتنفي//ذ التص//رفات القانوني//ة ،إذ أن
أساسها هو الربح وسرعة تداول رأس المال وتنوع المعامالت ،لذا كان البد من بل//ورة قواع//د ت//رمي إلى
تحقيق السرعة واالئتم//ان والثق//ة في المي//دان التج//اري ،وعلي//ه فمن القواع//د الخاص//ة لحماي//ة ودعم ه//ذا
االئتمان ،مبدأ حرية اإلثبات (الفقرة األولى) باإلض//افة إلى قواع//د خاص//ة تتعل//ق بتنفي//ذ العق//ود التجاري//ة
(الفقرة الثانية).
إن مبدأ حرية اإلثب//ات في الم//واد التجاري//ة من المب//ادئ ال//تي يق//وم عليه//ا الق//انون التج//اري ،وق//د
كرست مدونة التجارة هذا المبدأ كقاعدة عامة (أوال) ،وأقرت اإلثبات بالكتابة استثناء (ثانيا).
ولم/ا ك/انت القاع/دة العام/ة في العق/ود المدني/ة هي تقيي/د اإلثب/ات باش/تراط الكتاب/ة في التص//رفات
واالتفاقات القانونية التي من ش//أنها إنش//اء أو نق/ل أو تع//ديل االلتزام//ات أو الحق/وق ال//تي تتج//اوز قيمته//ا
10000درهم مع جواز إثباتها بشهادة الشهود وفق//ا للفص//ل 443من ق//انون االلتزام//ات والعق//ود ،ف//إن
اإلثبات في المادة التجارية حر وطليق من كل ضروب التقيي//د مب//دئيا ،إذ يج//وز إثب//ات التص//رفات مهم//ا
بلغت قيمتها بكل طرق اإلثبات طبقا للفص//ل 404من ق//انون االلتزام//ات والعق//ود ،بم//ا في ذل//ك ال//دفاتر
التجارية وقوائم الحساب وغيرها ،وفقا للمادتين 20و 22من مدونة التجارة ،كما يجوز أيضا إثب//ات م//ا
يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه عقد تجاري مكتوب بشهادة الشهود أو القرائن.19
19مصطفی کمال طه ،العقود التجارية وعمليات البنوك ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،2006ص
13
ويجد مبدأ حرية اإلثبات سنده في المادة 334من مدونة التجارة التي تقضي في مطلعه//ا بم//ا يلي:
" تخضع المادة التجارية لحري/ة اإلثب/ات ....وق//د حرص//ت معظم التش/ريعات على تأكي/د ه/ذا المب/دأ في
المعامالت التجارية.
كما يعتبر هذا المبدأ تكريسا لما ج/اء في الش/ريعة اإلس/المية ال/تي بع/دما فرض/ت الكتاب/ة كوس/يلة
لإلثبات الدين المؤجل سمحت بإثبات الدين التجاري ،بجميع وسائل اإلثب//ات20لقول//ه تع//الى" :يأيه//ا ال//ذين
آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه "..إلى أن قال هللا ع//ز وج//ل "إال أن تك//ون تج//ارة حاض//رة
21
تديرونها بينكم فليس عليكم جناح أال تكتبوها"
ويرجع السبب في جعل المشرع حرية اإلثبات في أصل المادة التجارية إلى أن مبدأ اإلثبات المقي//د
المعمول به في المادة المدنية ال يتالءم م/ع العم/ل التج/اري المتم/يز بالس/رعة والبس/اطة من جه/ة ،وم/ع
الحياة التجارية وما تتميز به من ثقة وائتمان من جهة ثانية فانطالقا من هذه المميزات يبدو من الص//عب،
بل ومن غير المنطقي تقييد اإلثبات بالكتابة في الميدان التجاري.22
وقد كرس القضاء المغربي مبدأ حري//ة اإلثب//ات في الم//ادة التجاري//ة ،حيث ج//اء في ق//رار للمجلس
األعلى م///ا يلي..." :في حين أن اإلثب///ات ح///ر في المي///دان التج///اري وفق///ا للم///ادة 343من مدون///ة
23
التجارة "...
" ...في حين أن اإلثبات حر في الميدان التجاري وفقا للمادة 343من مدونة التجارة"...
وفي قرار آخر صادر عن المجلس األعلى " :يخضع األمر إلثبات وجود الشركة من ع//دمها طبق//ا
للمادة 334من مدونة التجارة وليس إلثبات اتفاقي تجاوزت قيمته 250درهما". 24
وإذا ك//انت القاع//دة كم//ا س//بق الق//ول هي الحري//ة اإلثباتي//ة في الم//ادة التجاري//ة ف//إن له//ذه القاع//دة
استثناءات استوجب بموجبها المشرع (الكتابة) خروجا عن القاعدة العامة ،باإلضافة إلى الشهر.
20المرجع والصفحة نفسها.
21سورة البقرة ،اآلية 281
22بوعبيد عباسي ،العقود التجارية والتجديدات الطارئة عليها ،مقال منشور بمجلة المحامون ،العدد 1998 6مرجع سابق ،ص .11
23قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 23/07/03تحت عدد 335في الملف 269/02قرار منشور في الجريدة المغربية
24قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2004/12/01تحت عدد 1322في الف التجاري عدد 02/478منشور بمجلة المجلس األعلى عدد
،64ص .11
14
تعتبر الكتابة أهم وسيلة لإلثبات حيث توست الفقرة الثانية من المادة 334من مدون//ة التج//ارة ....
غير أنه يتعين اإلثبات بالكتابة إذا نص القانون أو االتفاق على ذلك" .إال أن المشرع المغ//ربي لم يش//ترط
توفر الكتابة في كل العقود التجارية ،بل في بعض منه/ا فق/ط ،كعق/د الوكال/ة التجاري/ة (الم/ادة )397من
مدونة التجارة ،وعقد االئتمان اإليج/اري (الم/ادة )433ورهن أدوات ومع/دات التجه/يز (الم/ادة ،)356
وكرهن بعض المنتجات والمواد (المادة )379والعقود الواردة على األصل التج//اري (الم//ادة 81و108
و )153من مدونة التجارة.
وال يجب أن يفهم من هذه الشكلية التي تتطال هذه التصرفات التقييد والتعقي//د ،ب//ل على العكس من
ذلك فهي تهدف إلى حماية مختلف الحقوق والمصالح وتقليص حجم المنازعات وتدعيم الثقة وحمايتها.
وتج//در اإلش//ارة هن//ا إلى أن قاع/دة اإلثب//ات الح//ر ليس//ت من النظ//ام وبالت//الي يج//وز االتف/اق على
مخالفتها ،وفقا للفقرة الثانية من المادة 334من مدونة التجارة ،التي أجازت بموجبها للمتعاق//دين االتف//اق
على إثبات معامالتهم كتابة ،مع اإلشارة إلى أنه في هذه الحالة ال يجوز اإلثبات بغير الكتابة.25
كما وجب التنبيه إلى أن مبدأ حرية اإلثبات ال يطرح إشكاال عندما تتحد الصفة التجارية األطراف
النزاع ،أما عندما يكون نزاع مختلط ،فإن المادة الرابعة من المدونة تنص على أنه إذا كان العمل تجاري//ا
بالنسبة ألحد المتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد اآلخر طبقت قواعد القانون التجاري في مواجه//ة الط//رف
الذي كان العمل بالنسبة إليه تجاريا وال يمكن أن يواجه بها الطرف ال//ذي ك//ان العم//ل بالنس//بة إلي//ه م//دنيا
مالم ينص مقتضى على خالف ذلك" .ومن ثم فإن الطرف الذي ك//ان العم//ل بالنس//بة إلي//ه م//دنيا يح//ق ل//ه
سلوك جميع طرق اإلثبات بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن ضد من كان العم//ل تجاري//ا من جانب//ه أي//ا
كانت قيمة التصرف ،أما من كان العمل تجاريا بالنسبة إليه فال يجوز له االحتجاج ضد خص//مه باإلثب//ات
المدني.
تتميز العقود التجارية عن باقي العقود المدنية باإلضافة إلى القواعد الموضوعية والمتمثلة في مب//دأ
حرية اإلثبات واالستثناءات الواردة عليه ،بقواعد خاصة على مستوى تنفيذ العقود التجارية ،وتشمل ه//ذه
القواعد مبدأ افتراض التضامن (أوال) ،ومبدأ الوفاء (ثانيا) ،والتقادم القصير (ثالثا).
25
محمد النخلي ،محاضرات في القانون التجاري المغربي على ضوء المقتضيات التشريعية الجديدة ،الطبعة الثانية ،1988ص.57،
15
أوال :تضامن المدينين بديون ناشئة عن العقود التجارية
من أجل دعم الثق//ة واالئتم//ان الل//ذان يطبع//ان المع//امالت التجاري//ة ،ومن أج//ل تمكين ال//دائنين من
استخالص ديونهم التجارية في تاريخ استحقاقها ،وضع المشرع لفائدتهم ض//مانة أساس/ية تكمن في قاع/دة
افتراض تضامن المدينين بديون ناشئة عن عقود تجارية وذلك بمقتضى المادة 335من مدون//ة التج//ارة،
التي جاء فيها" :يفترض التضامن في االلتزامات التجارية".
وهذا عكس األعمال المدنية التي ال يفترض فيها التضامن بين المدينين ،بل يل//زم أن ينتج ص//راحة
عن العقد المنشئ لاللتزام أو القانون أو أن يكون هو النتيج//ة الحتمي//ة الطبيع//ة المعامل//ة كم//ا نص//ت على
ذلك الفصل 164من قانون االلتزامات والعقود.26
وبالنظر إلى أهمية التضامن بين المدينين في العقود التجارية نص المشرع عليها في الكتاب الرابع
المتعلق بالعقود التجارية ،كما يضعها إلى جانب األحكام العامة الواردة في القسم األول من الكت//اب األول
الخاص بالتجار.27
وباإلضافة إلى هذا الحكم العام الواردة في الم//ادة 365من مدون//ة التج//ارة ،ف//إن التض//امن مق//رر
كذلك بين الشركاء في عقد شركة التضامن المادة الثالثة من ق//انون ( ،)5.96وبين الش//ركاء المتض//امنين
في شركة التوصية باألسهم (الم//ادة 31من ق//انون ،)5.96والش//ركاء المتض//امنين في ش//ركة التوص//ية
البس//يطة (الم//ادة 20من نفس الق//انون) وبين الم//وقعين على الورق//ة التجاري//ة (الم//ادة 196و 201من
مدون/ة التج/ارة) وبين الكفالء إذا ك/انت الكفال/ة تعت/بر عمال تجاري/ا بالنس/بة للكفالء (الفص//ل 1138من
قانون االلتزامات والعقود)
األصل في الوفاء بااللتزامات وتنفيذها أن يتم في اآلجال المحددة له سواء كانت التزامات مدنية أو
تجارية ،وال يحق للقاضي أن يعدل آجال الوفاء بااللتزامات مالم يمنحه القانون أو االتفاق ذلك.
16
وهذا األصل بالنسبة لاللتزامات المدنية نص عليه المشرع في الفصل 128من قانون االلتزام//ات
والعقود ،والذي جاء فيه " :ال يسوغ للقاضي أن يمنح أجال أو أن ينظر إلى الميسرة ،مالم يمنح هذا الحق
بمقتضى االتفاق أو القانون.
وإذا كان األج//ل مح//ددا بمقتض//ى االتف/اق أو الق/انون ،لم يس//غ للقاض//ي أن يم//دده ،م//الم يس//مح ل//ه
القانون بذبك".
وتخفيفا من حدة هذا المقتضى أورد المشرع اس//تثناء على ه//ذا الفص//ل يس//مح للقاض//ي بمنح مهل//ة
الميسرة للمدين مراعاة لمرك//زه ،م//ع تقيي//د اس//تعمال ه//ذه الس//لطة في نط//اق ض//يق كم//ا ينص على ذل//ك
الفصل 243من قانون االلتزامات والعقود.
إال أن ه//ذه القاع//دة المنص//وص عليه//ا في الفص//ل 128من ق//انون االلتزام//ات والعق//ود ال يمكن
تطبيقها على االلتزامات التجارية ،ألن طبيعة ه//ذه االلتزام//ات تختل//ف عن طبيع//ة االل//تزام الم//دني ،فهي
تقوم على السرعة واالئتمان وأن كل توقف عن ال//دفع ي//ؤدي إلى اإلخالل به//ذه الس//رعة وه//ذا االئتم//ان،
ويؤدي بالتالي إلى اضطراب المعامالت التجاري//ة وركوده//ا ،فك//ل ت//اجر ي//رتب مواعي//د وقال//ه بالتزام//ه
اعتمادا على قيام مدينيه بالوفاء له في األوقات المحددة للتنفيذ ،ف//إذا تخل//ف واح//د منهم عن تنفي//ذ التزام//ه
خالل األجل المحدد له فإنه يحدث بذلك نوعا من االضطراب في الحياة التجارية. 28
وعلى هذا األساس منع المشرع في مدونة التجارة القاضي من منح أج//ال لوف//اء ال//ديون المس//تحقة
في الكمبيالة يتجاوز الميعاد المعين لالستحقاق وفقا لنص المادة 231من مدونة التجارة التي جاء فيها" :
ال يمنح أي إس//هال ق//انوني أو قض//ائي إال في األح//وال المنص//وص عليه//ا في الم//ادتين 196و،"207
ونفس األمر في مجال التعامل بالشيك ،وفقا للمادة 304من المدونة ،ولنفس االعتبار كان المشرع قاس//يا
على التجار حيث سلط نظام التصفية القضائية على كل تاجر توقف عن دفع ديون//ه في طري//ق اس//تحقاقها
بمقتضى المادتين 568و 619من مدونة التجارة.29
يقصد بالتقادم انقضاء الحقوق المتعلقة بالذمة المالي/ة وال س/يما االلتزام/ات ،إذا توان/ا ص//احبها عن
ممارستها ،أو أهمل المطالبة بها خالل مدة معينة يحددها القانون.30
28بحار عبد الرحيم ،اإلجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الدراسات
واألبحاث ،العدد 8فبراير ،2008ص 340
29بوعبيد عباس ،مرجع سابق ،ص .20
30مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء الثاني -أوصاف االلتزام -الطبعة 516الثانية ،سنة
،1972ص.516
17
ويقضي المبدأ العام بأن جميع الدعاوى الناشئة عن االلتزام تتقادم بمضي خمسة عشر س//نة حس//ب
منطوق الفصل 387من قانون االلتزامات والعقود.
إال أن هذا األصل خرج عن//ه المش//رع المغ//ربي في الم//ادة التجاري//ة ،ونص//ت مدون//ة التج//ارة في
مادته//ا الخامس//ة على أن آج//ال التق//ادم خمس س//نوات ،وه//ذا نص الم//ادة الخامس//ة " :تتق//ادم االلتزام//ات
الناش/ئة بمناس/بة عم/ل تج/اري بين التج/ار أو بينهم وبين غيرالتج/ار بمض/ي خمس س/نوات م/ا لم توج/د
مقتضيات خاصة مخالفة"
وبناء على هذا المادة يكون المشرع قد كرس مبدأ التقادم الخمس//ي كمب//دأ ع//ام بالنس//بة لاللتزام//ات
التجارية ،وأورد على هذا المبدأ استثناءات في حالة وجود مقتضيات خاصة.
وهذه االستثناءات التي جاء بها المسرع في المادة التجارية خروج//ا على ه//ذا المب//دأ منه//ا م//ا ورد
تنظيمه في مدونة التجارة ،ومنها ما ورد في قوانين خاصة.
-الدعاوى الناشئة عن الشيك تتقادم بمضي ستة أشهر ابتداء من ت//اريخ انقض//اء أج//ل التق//ادم ،وفق//ا
للمادة 295من مدونة التجارة.
-الدعاوى الناتجة عن الكمبيالة ضد القابل بمرور ثالث سنوات ابتداء من ت//اريخ االس//تحقاق ،وفق//ا
للمادة 228من مدونة التجارة.
-نتقادم دعاوي الحامل على المظهرين والساحب بمض//ي س//نة واح//دة ابت//داء من ت//اريخ االحتج//اج
المحرر ضمن اآلجال القانوني ،أو من تاريخ االستحقاق في حالة اشتراط الرجوع بدون مصاريف.
-دعاوى المسؤولية المستمدة من عقد النقل تتقادم بمضي سنتين من تاريخ تسليم البض//اعة أو ج//زء
منها ،طبقا للمادة 20من اتفاقية هامبورغ الصادر بتاريخ 31مارس 1978والتي انضم إليه//ا المغ//رب
منذ سنة 1981/07/17المنظمة لعقد النقل البحري للبضائع.
18
-تتقادم كل الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بمرور س//نتين ابت//داء من وق//وع ح//دوث الواقع//ة ال//تي
تولدت عنها هذا الدعوى ،طبقا للمادة 36من مدونة التأمينات.31
والبد من اإلشارة هذا إلى أن الدفع بالتقادم ال يعد من النظام العام ،ومن ثم يتبغي إثارته من طرف
المتقاض//ين ذوي المص//لحة اس//تنادا للفص//ل 372من ق//انون االلتزام//ات والعق//ود ال//ذي ينص على أن:
"التقادم ال يسقط الدعوى بقوة القانون ،بل ال بد لمن له مصلحة فيه أن يحتج به.
وحماية لحق التقاضي منع المشرع المغربي بمقتضى الفصل 379من قانون االلتزام//ات والعق//ود
التنازل مقدما عن التقادم ،وأجاز التنازل عنه بعد حصوله.
كما منع الفصل 375من نفس القانون االتفاق بين المتعاقدين على تمديد آجال التقادم إلى أكثر من
15سنة التي يحددها القانون.
المطلب الثاني :مكانة النظرية العامة للعقد ضمن قانون الش88ركات التجاري88ة ومدون88ة
الشغل
عرف المغرب تحوالت اقتصادية عديدة أدت إلى الى ضرورة توفر قوانين ،لتوف//ير من//اخ ق//انوني
صحيح وهذا ما دفع المشرع إلى إصدار ق//وانين الش//ركات التجاري//ة س//نة ،1996والس//تكمال الترس//انة
التشريعية المؤطرة لقانون األعمال أصدر المشرع المغربي مدونة الشغل سنة ،2003هذا من جهة ومن
جهة أخرى فإن النظرية العامة للعقد عرفت بدورها عدة تحوالت اقتصادية حاولت مواكبتها.
من خالل هذا المطلب سنحاول أن نتطرق إلى مكانة النظرية العامة للعق/د ض/من ق/انون الش/ركات
التجارية (الفقرة األولى) ،ثم مكانة النظرية العامة للعقد ضمن قانون الشغل (الفقرة الثانية (.
الفقرة األولى :مكانة النظرية العامة للعقد ضمن قانون الشركات التجارية
تعد النظرية العامة للعقد حاليا نظرية معاصرة وذلك بطبيعة الحال راج//ع باألس//اس إلى التح//والت
التي مست المبادئ التقليدية للعقد فبرجوعنا إلى كل التحوالت والتطورات االقتص//ادية واالجتماعي//ة ال//تي
شهدها المغرب نجد أن األمر أص/بح يتطلب إص/دار ق/وانين ه/دفها ه/و العم/ل على توف/ير من/اخ ق/انوني
مناسب وصحي قصد االستثمار وسيادة القانون في مجال األعمال .32
31ظهير شريف رقم 1.2.238صادر في 25من رجب )3( 1423أكتوبر ( )2002بتنفيذ القانون رقم 17.99المتعلق بمدونة التأمينات
الجريدة الرسمية عدد 5054الصادرة بتاريخ 2رمضان )7( 1423نوفمبر ( )2002ص .351
32عبد الرحيم بحار "،دور القضاء التجاري في تشجيع االستثمار" مجلة العلوم القانونية ،العدد األول .2013،
19
حيث أن في سنة 1996قام المشرع المغربي بإص//دار مجموع//ة من الق//وانين المنظم//ة للش//ركات
التجارية ،حيث انطلق من الشريعة العامة للقانون المدني بموجب الفص//ل 982وال//ذي ورد في//ه على أن
"الشركة هي "عقد بمقتضاه يضع شخصان ،او أكثر أموالهم أو أعمالهم او هما معا لتكون مش//تركة بينهم
قصد تقسيم الربح الذي قد ينشا عنها".
غير أن هذا األمر أخذ يتراجع أمام بعض المفاهيم القانونية الحديثة التي شقت طريقها باتجاه بعض
التشريعات المعاصرة والتي اصبحت تقب//ل بإنش//اء الش//ركة من قب//ل ش//خص واح//د ،على أس//اس إمكاني//ة
إحداث تخص//يص داخ//ل الذم//ة المالي//ة للش//خص ،بحيث تع//دد ال//ذمم عن//ده ،فيخص//ص ج//زءا من أموال//ه
للش//ركة تتعل//ق به//ا وح//دها دي//ون ال//دائنين دون غيره//ا من أم//وال ص//احبها .33ثم ان//ه بفع//ل التط//ورات
االقتصادية ال//تي عرفته//ا الس//احة القانوني//ة ق//ام المش//رع بوض//ع العدي//د من الق//وانين في مي//دان األعم//ال
كالقانون 17. 95المتعلق بشركة المساهمة ،34وكذا القانون 05.96المتعلق بباقي الشركات 35ال/ذي ح/ل
محل قانون الشركات الفرنسي الصادر في سنة 1867المطبق بظهير .1922
أما فيما يخص الشركات التجارية فتؤطرها اتفاقيات األطراف ،و القانون المدني ،والق//وانين التجاري//ة أي
مدونة التجارة ،ثم قانون ش//ركات المس//اهمة (الق//انون ، 36)17.95ثم ق//انون ب//اقي الش//ركات التجاري//ة،
عالوة على ذلك القانون رقم( )53.95القاضي بإحداث محاكم تجاري/ة ،حيث إن عق/د الش/ركة التجاري/ة
شأنه شأن غيره يتطلب توفر مجموعة من األركان العامة لعل من بينها نج//د :ركن الرض//ا ،ركن األهلي//ة
التجارية ،ركن المحل والسبب ،هذا فيما يخص األرك//ان العام//ة ،أم//ا األرك//ان الخاص//ة فحس//ب الفص//ل
982من قانون االلتزامات و العقود التي جاء فيه//ا أن" الش//ركة عق/د بمقتض//اه يض//ع شخص//ان أو أك//ثر
أموالهم أو عملهم أو هما معا ،لتكون مشتركة بينهم ،بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنه//ا "نج//د عنص//ر
تعدد الشركاء والمساهمة في رأس المال ،وتحقيق الربح وتحمل الخسارة وأخيرا نية المشاركة.
فاختالل أحد الأركان المذكورة سابقا قد يجع//ل القض//اء يحكم ببطالن عق//د الش//ركة وه//ذا البطالن ي//ترتب
عليه إرجاع المتعاقدين إلى نفس الحال التي كانوا عليها وقت إنشاء االلتزام وهذا م//ا ج//اء بش//كل واض//ح
في إطار مقتضيات الفصل 316من قانون التزامات والعقود"يترتب على إبط//ال االل//تزام وج//وب إع//ادة
المتعاقدين إلى نفس ومثل الحالة التي كانا عليها وقت نشأته ،والتزام كل منهما بأن يرد لآلخر كل مأخ//ذه
منه بمقتضى أو نتيجة العقد الذي تقرر إبطاله .وتطبق بشأن الحق//وق المكتس//بة على وج//ه ص//حيح للغ//ير
33فؤاد معالل «شرح القانون التجاري الجديد (الجزء الثاني) الشركات التجارية "الطبعة الخامسة ،2016،دار االفاق المغربي//ة ،ال//دار البيض//اء،
صفحة.29
34ظهير شريف رقم 1.96.124الصادر في 14ربيع االخر 30( 1417أغسطس )1996بتنفيذ القانون رقم 17.95المتعلق بشركات
المساهمة.
35ظهير شريف رقم 1.97.49الصادر في 5ش//وال 13(1417ف//براير )1997بتنفي//ذ الق//انون رقم 5.96المتعل//ق بش//ركة التض//امن وش//ركة
التوصية البسيطة وشركة التوصية باألسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة.
36فؤاد معالل ،الشركات التجارية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،السنة الجامعية،2020/ 2021
بدون طبعة ،ص.9
20
الحسني النية األحكام الخاصة المقررة لمختلف العقود المس/ماة" .ومن طبيع/ة الح/ال ينعكس ه/ذا الوض/ع
بشكل سلبي على كال الطرفي العقد.
ففي إطار النظرية العام/ة لالل/تزام ،ف/إن العق/د ال/ذي تق/رر بطالن/ه يص/بح بال ج/دوى فيم/ا يتعل/ق
بالمستقبل ،كما أنه ينعدم بأثر رجعي ،كأن لم يكن باألساس ،37ولتفادي تطبيق ه//ذه المقتض//يات في إط//ار
قانون الشركات جاءت نظرية الشركة الواقعية التي بموجبها الشخص المعن//وي ق//د وج//د واس//تمر إلى أن
قضى ببطالن العقد وذلك ألنه بالفعل كان في الفترة السابقة .فالمشرع المغ//ربي ق//د اع//ترف بوج//ود ه//ذه
النظرية حس//ب مقتض//يات الم//ادة 346من ق//انون 17.95والم//ادة 347من نفس الق//انون ،وك//ذا الم//ادة
362من ذات القانون في فقرتها الثانية.
فهذه النظرية تقضي بعدم البطالن في حالة تخلف ركن من الأرك//ان الالزم//ة وال//تي يجب أن تق//وم
عليها الشركة هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن النظرية جاء بها المشرع من أج//ل تعطي//ل االث//ر ال//رجعي
للبطالن في بعض الحاالت.
يمكن القول بأن الشركة الفعلية هي بمثابة اع/تراف ب//الوجود الفعلي للش//ركة وليس الق/انوني منه//ا،
وذلك في الفترة التي جاءت بين تأسيسها والحكم ببطالنها ،وهذه النظرية من طبيعة الحال ق//د أقيمت على
أسس قانونية من بينها أن عقد الشركة من قبل العقود المستمرة التي تنفذ يوما بعد يوم فإذا أبطل هذا العقد
فإن البطالن يتناول المستقبل فقط فيجب حل الشركة وتصفيتها هذا من جهة ،ومن جه//ة ثاني//ة ف/إن مج//ال
تطبيق هذه النظرية يتحدد في أنه يجب أن تكون الش//ركة ق//د باش//رت نش//اطها بالفع//ل ،وذل//ك قب//ل الحكم
عليها بالبطالن ثم أنه يجب أن تكون الشركة قد باشرت نشاطها بالفعل ،وذلك قبل الحكم عليها ب//البطالن
ثم أن//ه يجب أن يك//ون بطالن الش//ركة إم//ا بس//بب نقص االهلي//ة ،أي أهلي//ة أح//د الش//ركاء في ش//ركات
الأشخاص أو بسبب عيب اعترى رضاه ،وأخيرا بسبب عدم توفر الشروط الخاصة بنوع معين من أنواع
الشركة ،ثم أن هذه الشركة يترتب عليها عدة آثار من ض//منها أن//ه ال يج//وز إثب//ات الش//ركة بكاف//ة ط//رق
الإثبات ،ثم أنها تحتفظ بالشخصية المعنوية وتخضع لضريبة الأرباح التجارية وك//ذا الص//ناعية ،وتخض//ع
تصفية الشركات الفعلية أيضا لنفس إجراءات تصفية الشركات الأخرى .38
انطالق مما سبق يتضح أن المشرع عن//دما ج//اء به//ذه النظري//ة وخ//رج عم//ا ج//اء ب//ه في النظري//ة
العام//ة لالل//تزام ،فه//ذا راج//ع ألس//باب من بينه//ا تحقي//ق التنمي//ة االقتص//ادية ال//تي ال يمكن ان تك//ون إال
باستقرار المعامالت.
37عبد الحق الصافي"،الوجيز في القانون المدني" ،الجزء االول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية -المحمدية مطبعة النجاح ،الدار
البيضاء الجديدة ،صفحة.204
https://www.startimes.com 38الشركات الفعلية في قانون الشركات المغربي،تمت زيارته يوم 23/03/2024على الساعة.23: 14
21
الفقرة الثانية :مكانة النظرية العامة للعقد في مدونة الشغل
لتأطير العالقات بين طرفي العقد الذي يربط المشغل باألجير كان البد من إصدار نصوص قانونية
تأخد بعين االعتبار خصوصية هذه العالقة .فأحيانا نجد أن المش//غل يس//تغل ض//عف األج//ير ويف//رض م//ا
شاء من الشروط ،ضمن بنود العقد بما في ذلك تشغيله في ظ//روف ص//عبة من قبي//ل ع//دم توف//ير ش//روط
الصحة واألم/ان ،وحفاظ/ا على كرام/ة األج/ير ق//ام ه/ذا األخ/ير وغ/يره من األج/راء بالتكت/ل إلى ج/انب
األجراء في شتى القطاعات في إطار نقابات من أجل الدفاع عن حقوقهم وصيانة ك//رامتهم ،مم//ا أدى إلى
تدخل الدولة كطرف ثالت عهد إليها تنظيم هذه العالقة.
لكن مع توالي صدور التنظيمات المتعلقة بقانون الشغل ب/دأ ي/تراجع مب/دأ الحري/ة التعاقدي/ة ،ومب/دأ
القوة الملزمة للعقد.
فإذا كانت الحرية التعاقدية تدل على حرية الشخص في ابرام العقد أو عدم ابرامه ،ف//إن ه//ذا المب//دأ
سيجعل رب العمل يفرض قوته على األجير ،ومن أجل حماية هذا األخير قام المش//رع بوض//ع قي//ود ت//رد
على هذه الحرية ولعل من بينها نجد :القيود الواردة على سلطة المشغل في اختيار نوع العقد ،بحيث اذ تم
إعطاء إمكانية للمشغل من أجل اختيار أي نوع من العقود التي سيبرم ،فإنه سيختار عق//ود مح//ددة الم//دة،
وهذا فيه تعسف واعتداء على األجير ،بحيث يمكن طرده بمجرد انتهاء ه//ذه الم//دة ،ل//ذلك ت//دخل المش//رع
وقام بوضع قواعد آمرة ال يمكن االتفاق على مخالفتها ،حدد بمقتضاها على سبيل الحص//ر الح/االت ال/تي
يمكن فيها للمشغل اللجوء إلى ابرام عقود الشغل محددة المدة ،وكذا تحديد مدتها .كما حدد أيضا مدة ابرام
عقد الشغل ومن جهة أخرى تم تقييد حرية المشغل أيضا في اختيار األجير المتعاقد معه ،فإذا كانت المادة
507من مدونة الشغل قد مكنت المشغل من اختيار أجرته وذلك بكل حري//ة خاص//ة فيم//ا يتعل//ق بتش//غيل
النساء.
وبخصوص القوة الملزمة للعقد ،فالرجوع للفصل 230من ق.ل.ع نجد ب//أن االلتزام//ات التعاقدي//ة
أن “االلتزامات التعاقدية المنشأة على وج//ه ص//حيح تق//وم مق//ام الق//انون بالنس//بة إلى منش//ئيها ،وال يج//وز
إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون.”39
انطالقا من الفصل المذكور سابقا ،فإنه ال يمكن تعديل العقد أو الغاءه إال برضى طرفي العقد ،غير
أنه تقضي مصلحة الشغل ادخال تعديالت على بعض العقود كإمكانية تعديل العقد فيما يتعلق بمدة الشغل،
وبرج//وع الى الم//ادة 185من مدون//ة الش//غل نج//د انه//ا تنص على أن//ه ’’ يمكن للمش//غل ،بع//د استش//ارة
من/دوبي األج/راء والممثلين النق/ابيين بالمقاول/ة عن/د وج/ودهم ،أن يقلص من م/دة الش/غل العادي/ة ولف/ترة
22
متصلة أو منفصلة ال تتجاوز ستين يوما في السنة ،وذلك عند حدوث أزم//ة اقتص//ادية ع//ابرة لمقاولت//ه أو
لظروف طارئة خارجة عن إرادته.40
انطالقا مما سبق يمكن القول بأن المشرع وضع مجموعة من القوانين ال//تي نظمت العالق//ة التعاقدي//ة بين
المشغل واألجير تفاديا ألي اعتداء من قبل الطرف القوي على الضعيف.
خاتمة
وصفوة القول؛ نخلص إلى أن هناك قواسم مشتركة بين قانون االلتزامات والعقود (القانون المدني)
وقانون األعمال (القانون التجاري)؛ تتمثل في االركان الواجب توفرها في كال العقدين أال وهي الرضا و
األهلية و المحل و السبب .لكن بالمقابل نجد هناك اختالفات بين الق//انونين نظ//را للخص//ائص ال//تي يتم//يز
بها القانون التجاري و هي السرعة و االئتمان؛ ومن هذه االختالفات؛ ندكر حرية اإلثبات في المع//امالت
التجارية حيث يجوز اإلثبات بكل الوسائل؛ عكس القانون المدني ال/ذي يف/رض اإلثب/ات كتاب/ة كلم/ا بلغت
قيمة المعامالت عش//رة االف درهم؛ أيض//ا هن//اك اختالف فيم//ا يخص التض//امن بين الم//دينين ؛ فالق//انون
التج//اري يف//ترض التض//امن في االلتزام//ات التجاري//ة و ذل//ك من أج//ل دعم الثق//ة و االئتم//ان الل//ذان
يطبعان المعامالت التجارية؛ عكس القانون المدني الذي ال يفترض التضامن بين الم//دينين و يش//رط أن
يكون منصوصا عليه في العقد أو في القانون .ومن هذه الفروق أيضا؛ تفاوت مدة التق//ادم بين الق//انونين؛
فالمعامالت المدية تتقادم بمرور 15سنة؛ في حين أن المعامالت التجارية تتقادم بمرور 5سنوات فقط.
40المادة 185من مدونة الشغل
23
وكخالص//ة؛ نش//ير إلى أن الق//انون الم//دني (ق.ل.ع) ه//و بمثاب//ة الش//ريعة العام//ة لق//انون األعم//ال
(ق.ت)؛ بمعنى أنه في حالة عدم وجود قاعدة ما في القانون التجاري فإنه يتم الرج//وع إلى قواع//د ق//انون
االلتزامات والعقود.
قائمة المراجع
الكتب:
-فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري الجديد الجزء األول نظرية التاجر والنشاط التجاري.
-عبد الرزاق السنهوري ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزام.
-فريدة اليوموري ،شرح القانون التجاري ،االعمال التجارية و التاجر ،الجزء األول.
-عبد الحق الصافي" ،الوجيز في القانون المدني" ،الجزء االول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية -المحمدية مطبعة النجاح ،الدار البيضاء الجيدة.
-عبد الرحمان أسامة ،د الحاجي بناصر ،المبادئ العامة لاللتزامات ،طبعة . 2010
-عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزامات ،الكتاب االول نظرية العقد ،الطبعة الرابعة . 2015
-مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء األول
مصادر االلتزامات ،الطبعة الثانية.19726 ،
-مصطفى کمال طه ،العقود التجارية وعمليات البنوك ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى
،2006
-أحمد شكري السباعي.
-عبد الرزاق السنهوري ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزام.
القوانين:
ظهير شريف رقم 1.96.124الصادر في 14ربيع االخر 30( 1417أغسطس )1996 -
بتنفيذ القانون رقم 17.95المتعلق بشركات المساهمة.
ظهير شريف رقم 1.2.238صادر في 25من رجب )3( 1423أكتوبر ( )2002بتنفيذ -
القانون رقم 17.99المتعلق بمدونة التأمينات الجريدة الرسمية عدد 5054الصادرة بتاريخ 2
رمضان )7( 1423نوفمبر ( )2002ص .351
24
ظهير شريف رقم 1.97.49الصادر في 5شوال 13(1417فبراير )1997بتنفيذ الق//انون رقم -
5.96المتعلق بشركة التضامن وشركة التوص//ية البس//يطة وش//ركة التوص//ية باألس//هم والش//ركة
ذات المسؤولية.
ظهير ش//ريف رقم 1.04.22ص//ادر في 12من ذي الحج//ة 3/ 1424ف//براير 2004بتنفي//ذ -
القانون رقم 70.03بمثابة مدونة األسرة.
قانون االلتزامات والعقود. -
مدونة التجارة. -
مدونة الشغل. -
مقاالت:
-عبد الرحيم بحار "دور القضاء التجاري في تشجيع االستثمار" مجلة العلوم القانونية ،العدد
األول .2013
-بوعبيد عباس ،العقود التجارية والتجديدات الطارئة عليها ،مقال منشور بمجلة المحامون ،العدد
.1998 . 6
-توفيق تكرومت ":تأثير القوانين االقتصادية على قانون االلتزامات والعقود" مقال منشور بمجلة
القانون واالعمال ،طبعة .2019
التقارير
قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2004/12/01تحت عدد 1322في الف التجاري -
عدد 02/478منشور بمجلة المجلس األعلى عدد ،64ص .11
قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 23/07/03تحت عدد 335في الملف 269/02 -
قرار منشور في الجريدة المغربية.
25
الفهرس
...........................................................................................................1كلمة شكر
............................................................................................................... 2مقدمة
...........................................5المبحث األول :أحكام التعاقد بين النظرية العامة وقانون األعمال
...............................................................................................5المطلب األول :أحكام التعاقد ومبدأ سلطان اإلرادة
...........................................................................................................5الفقرة األولى :األركان العامة للتعاقد
...............................................................................................9الفقرة الثانية :مبدأ سلطان اإلرادة ومحدوديته
..........................................................................................................10المطلب الثاني :مميزات قانون األعمال
................................................................................................11الفقرة األولى :اعتماد التجارة على السرعة
................................................................................................11الفقرة الثانية :اعتماد التجارة على االئتمان
............................................................................................................. 24خاتمة
قائمة المراجع 25................................................................................................
26
27