You are on page 1of 28

‫جامعة محمد األول‬

‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية بوجدة‬

‫ماستر السياسات المالية والجبائية‬


‫الفوج األول‬
‫الفصل الثاني‬
‫وحدة القانون التجاري المعمق‬

‫‪:‬عرض في موضوع‬

‫مكانة النظرية العامة في قانون األعمال‬

‫‪:‬إشراف الدكتورة‬ ‫‪:‬من إعداد الطلبة‬


‫عمر كنوح‬
‫أمال الناجي‬ ‫محمد بنشيش‬
‫محمد رحوا‬
‫محمد برشان‬
‫فاطمة الزهراء الميموني‬
‫فاطمة الزهراء حرار‬
‫نور الهدى البخيث‬
‫رشيدة زنوتي‬

‫السنة الجامعية‪2023/2024 :‬‬


‫كلمة شكر‬

‫عرفانا بالجميل نتقدم بالشكر الجزيل الى أستاذتنا امال الناجي التي تفضلت بقبول‬
‫إشرافها على هذا العرض‪ ،‬والعمل على تأطيرنا وتوجيهنا فلها منا بالغ االمتنان سائلين‬
‫هللا عز وجل أن يجازيها خير الجزاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫يعتبر قانون األعمال من القوانين التي تهتم بتنظيم الشأن االقتصاد الوطني؛ وال‪//‬ذي لألس‪//‬ف ال‬
‫وجود له من الناحية الواقعية الصرفة على اعتبار أن هذا القانون غير مقنن؛ بمعنى أن مقتضياته ال يمكن‬
‫االطالع عليها في مدونة شاملة تجمع جميع القوانين المنظمة له‪.‬‬

‫فه‪//‬ذا الق‪//‬انون م‪//‬زيج من الق‪//‬وانين المس‪//‬تقلة بعض‪//‬ها عن بعض؛ من ق‪//‬انون تج‪//‬اري وق‪//‬انون‬
‫المقاولة؛ الشركات التجارية؛ القانون البنكي؛ البورصة‪...‬؛ مما يجعل هذا الق‪//‬انون يحت‪//‬ل مكان‪//‬ة مهم‪//‬ة في‬
‫المنظومة القانونية المغربية رغم ما يعاب علي‪//‬ه من تش‪//‬تت واتس‪//‬اع مقتض‪//‬ياته غ‪//‬ير المجتمع‪//‬ة في ق‪//‬انون‬
‫موحد ومعين‪.‬‬

‫و يطمح المغرب من وضع قانون األعمال إلى دعم التنمية االقتصادية؛ ولهذا الغرض انخ‪//‬رط‬
‫مند تسعينيات القرن الماضي؛ في سلسلة من اإلصالحات القانونية ترمي إلى تح‪//‬ديث اإلط‪//‬ار الق‪//‬انوني و‬
‫التنظيمي لألعمال؛ وتعديل و مراجعة عدد من المدونات و النصوص التشريعية؛ و التي ن‪//‬ذكر منه‪//‬ا على‬
‫الخصوص مدونة التجارة؛ حيث ثم إصالح الكتاب الخامس من القانون ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التج‪/‬ارة؛‬
‫فيم‪//‬ا يخص مس‪//‬اطر ص‪//‬عوبة المقاول‪//‬ة (أبري‪//‬ل ‪)2018‬؛ أيض‪//‬ا إص‪//‬الح الق‪//‬انون رقم ‪ 17.95‬المتعل‪//‬ق‬
‫بشركات المساهمة سنتي (‪ 2015‬و ‪)2019‬؛ باإلضافة إلى اعتماد الق‪/‬انون رقم ‪ 86.12‬المتعل‪/‬ق بعق‪/‬ود‬
‫‪1‬‬
‫الشراكة بين القطاعين العام و الخاص ( سنة ‪...)2020‬‬

‫وبخصوص تحديد مفهوم قانون األعمال؛ فيصعب إيجاد تعريف ش‪//‬امل يجم‪//‬ع ك‪//‬ل هات‪//‬ه‬
‫القوانين التي تشكل فروعه؛ لذلك اختلف الفقه في تعريفه؛ فهن‪//‬اك من الفقه‪//‬اء من عرف‪//‬ه بأن‪//‬ه " ف‪88‬رع‬
‫من فروع الق‪8‬انون الخ‪8‬اص؛ يحكم فئ‪8‬ة معين‪8‬ة من األعم‪8‬ال؛ تس‪8‬مى األعم‪8‬ال التجاري‪8‬ة؛ وطائف‪8‬ة من‬
‫األش‪88‬خاص ت‪88‬دعى التج‪88‬ار "؛ إال ان ه‪//‬ذا التعري‪//‬ف ال يعت‪//‬بر ش‪//‬امال وجامع‪//‬ا؛ لك‪//‬ون تنظيم األعم‪//‬ال‬
‫التجارية والتجار اختص‪//‬اص يت‪/‬واله الق‪/‬انون التج‪/‬اري ال‪/‬ذي فق‪/‬ط ج‪/‬زء من ق‪//‬انون األعم‪/‬ال؛ فق‪/‬انون‬
‫األعمال أكثر اتساعا من القانون التجاري‪ .‬في حين ذهب جانب أخر من الفقه إلى تعريفه بأن‪//‬ه " ك‪88‬ل‬
‫القواعد القانونية المطبق‪8‬ة في ع‪8‬الم االعم‪8‬ال؛ وأن‪8‬ه ف‪8‬رع من ف‪8‬روع الق‪8‬انون الخ‪8‬اص؛ وه‪8‬و تقني‪8‬ة‬
‫قانونية في خدمة حياة األعمال تسرعها وتبسطها؛ يشمل جميع النصوص القانونية التي لها عالقة‬
‫بكافة انشطة المقاولة؛ على اعتبار انه ال ينظم فقط التجار واالعمال التجارية؛ وإنم‪88‬ا أيض‪88‬ا النش‪88‬اط‬
‫الصناعي؛ حوادث الشغل؛ قانون الضمان االجتم‪8‬اعي؛ االنش‪8‬طة البنكي‪8‬ة؛ ق‪8‬انون الملكي‪8‬ة الص‪8‬ناعية‬
‫والتجارية‪ " ...‬وهذا ما يفسر لنا أن قانون األعمال له ارتباط بجميع نصوص القانون الخاص‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اللجنة الوطنية لمناخ األعمال )‪. (www.cnea.ma‬‬
‫‪2‬‬
‫وإذا كان القانون المدني يشكل الشريعة العام‪//‬ة للعالق‪//‬ات المالي‪//‬ة الخاص‪//‬ة؛ ف‪//‬إن ق‪//‬انون األعم‪//‬ال‬
‫يشكل الشريعة الخاصة لألعمال ولرجال األعمال؛ وه‪/‬ذا م‪/‬ا يع‪/‬ني اس‪/‬تناد ق‪//‬انون األعم‪/‬ال في العدي‪/‬د من‬
‫مواضعه إلى القانون المدني؛ كما هو الشأن بالنسبة للنظرية العامة لاللتزام‪//‬ات والعق‪/‬ود ال‪//‬تي يع‪//‬الج فيه‪//‬ا‬
‫القانون المدني مسألة إنشاء العقد وتنفيذه‪.‬‬

‫لكن على الرغم من التقارب بين ه‪/‬ذين الق‪/‬انونين؛ فإنن‪/‬ا نج‪/‬د ق‪/‬انون األعم‪/‬ال كث‪/‬يرا م‪/‬ا يعطي‬
‫حلوال مختلفة عن تلك التي يعطيها القانون المدني‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫تظهر أهمية الموضوع من الناحيتين العلمية والعملية‪:‬‬

‫فمن الناحية العلمية؛ فإن التطور السريع والمتالحق للقواعد القانونية المنظمة لمجال األعم‪//‬ال‬
‫وظهور اعمال جديدة لم يكن بمقدر القانون المدني اإللمام بها قد خلق مج‪//‬اال خص‪//‬با للب‪//‬احثين والدارس‪//‬ين‬
‫في العلوم القانونية ليدلو بدلوهم في هذا المجال‪.‬‬

‫أما من الناحية العملية فإن التطور الذي يعرفه المجتمع من الزاوية االقتصادية أص‪//‬بح يف‪//‬رض‬
‫على الدول تحسين تنافسية مقاولتها بما ينعكس إيجابا على األوضاع االجتماعية وهو يفرض على ال‪//‬دول‬
‫تطوير القواعد القانونية في ميدان األعمال‪.‬‬

‫إشكالية الموضوع‪:‬‬

‫إن دراسة موضوع مكانة النظرية العامة في قانون األعمال؛ يثير إشكالية محورية مفادها‪ :‬م‪88‬ا هي‬
‫مكانة النظرية العامة في قانون األعمال؟ او بعبارة أخرى؛ ما مدى اس‪88‬تناد ق‪88‬انون األعم‪88‬ال على قواع‪88‬د‬
‫القانون المدني؟‬

‫المنهج المعتمد‪:‬‬

‫لمعالجة اإلش‪/‬كالية المطروح‪/‬ة؛ س‪/‬نعتمد المنهج التحليلي من خالل تحلي‪/‬ل م‪/‬دى اعتم‪/‬اد ق‪//‬انون‬
‫األعمال على قواعد قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫لإلحاطة بمختلف جوانب البحث في موضوع " مكانة النظرية العامة في قانون االعمال " اعتم‪//‬دنا‬
‫التقسيم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام التعاقد بين النظرية العامة وقانون األعمال‬

‫المبحث الثاني‪ :‬القواعد الخاصة في مجال األعمال‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أحكام التعاقد بين النظرية العامة وقانون األعمال‬

‫اعتاد اإلنسان منذ القدم على نسج اتفاقات مع بني جنسه التي تس‪/‬اعده على تس‪/‬يير ش‪/‬ؤون حيات‪/‬ه‬
‫وتحقق له أسباب االستمرار وتلبية حاجياته ومتطلبات الحياة‪ ،‬حيث أنه ومع ظهور الدولة كمؤسسة عام‪//‬ة‬
‫تسهر على تنظيم العالقات و المعامالت بين األفراد في مختلف المج‪//‬االت‪ ،‬ق‪//‬امت ه‪//‬ذه األخ‪//‬يرة بإح‪//‬داث‬
‫مجموعة من الوسائل القانونية للقيام بدورها على أكمل وجه ‪،‬ويعتبر العقد من أهم هذه الوس‪/‬ائل باعتب‪/‬اره‬
‫األكثر شيوعا بين األفراد ‪،‬إذ أن‪//‬ه وللقي‪//‬ام ب‪//‬أي عم‪//‬ل الب‪//‬د من م‪//‬روره بمؤسس‪//‬ة العق‪//‬د باعتباره‪//‬ا من أهم‬
‫مصادر االلتزامات ‪.‬حيث يمكن اعتبار العق‪//‬د عب‪//‬ارة عن تواف‪//‬ق إرادتين على إح‪//‬داث أث‪//‬ر ق‪//‬انوني‪، 2‬كم‪//‬ا‬
‫عرفته بعض التشريعات على أنه اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر نحو شخص أو أكثر بإعطاء شيء‬
‫أو القيام بعمل أو االمتناع عنه ‪.‬كما يقوم العق‪/‬د على مب‪/‬دأ أساس‪/‬ي يتجلى في مب‪/‬دأ س‪/‬لطان اإلرادة ‪ ،‬ال‪/‬ذي‬
‫يعني قدرة اإلرادة الفردية على إنشاء االلتزامات دون غيرها ‪ ،‬مع ما ينتج عن هذا المبدأ من نتائج أهمها‬
‫مبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ العقد شريعة المتعاقدين ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أحكام التعاقد ومبدأ سلطان اإلرادة‬

‫يحتل قانون االلتزامات والعقود أهمية كبرى داخ‪/‬ل الترس‪/‬انة التش‪/‬ريعية المغربي‪/‬ة‪ ،‬وعلى وج‪/‬ه‬
‫التحديد نظرية العقد‪ ،‬حيث راعى المشرع تنظيم مجموعة من المبادئ واألسس التي يق‪//‬وم عليه‪//‬ا االل‪//‬تزام‬
‫وتنبني عليه‪/‬ا المع‪/‬امالت كم‪/‬ا يعت‪/‬بر قانون‪/‬ا مش‪/‬تركا لتنظيم كاف‪//‬ة العالق‪/‬ات بين األف‪/‬راد‪ .‬ومن خالل ه‪/‬ذا‬
‫المطلب سنقوم بدراسة األركان العامة للتعاقد في فقرة أولى‪ ،‬ونتحدث عن مبدأ سلطان اإلرادة ومحدوديته‬
‫في فقرة ثانية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األركان العامة للتعاقد‬

‫لكي ينشأ العقد صحيحا فإنه يتعين فيه أن يكون مستجمعا لعناصره الجوهرية ال‪//‬تي يق‪//‬وم عليه‪ٍ//‬ا‪،‬‬
‫فهو بمثابة البناء الذي ال بد له من أركان يؤسس عليه‪//‬ا‪ ،‬وق‪//‬د أش‪//‬ار المش‪//‬رع المغ‪//‬ربي له‪//‬ذه األرك‪//‬ان في‬
‫الفصل الثاني من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي جاء في‪//‬ه " األرك‪//‬ان الالزم‪//‬ة لص‪//‬حة االلتزام‪//‬ات الناش‪//‬ئة عن التعب‪//‬ير عن‬
‫‪3‬‬
‫اإلرادة هي‪:‬‬

‫‪ .1‬األهلية لاللتزام‬
‫‪ .2‬تعبير صحيح عن اإلرادة يقع على العناصر األساسية لاللتزام‬

‫‪ 2‬د عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬ص‪24،‬‬


‫‪ 3‬ظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪)1913‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ .3‬شيء محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام‬
‫‪ .4‬سبب مشروع لاللتزام‬

‫أوال‪ :‬األهلية‪:‬‬

‫إلبرام أي عقد كيفما كان نوعه الب‪/‬د من ت‪/‬وافر ركن األهلي‪/‬ة ك‪/‬أول ركن ع‪/‬ام نص علي‪/‬ه ق‪//‬انون‬
‫االلتزامات والعقود المغربي في الفصل الثاني منه‪ ،‬وبالرجوع للفق‪//‬رة األولى من الفص‪//‬ل الث‪//‬الث من نفس‬
‫القانون نجده ينص على أن "األهلية المدنية للفرد تخضع لق‪//‬انون أحوال‪//‬ه الشخص‪//‬ية " والمقص‪//‬ود بق‪//‬انون‬
‫أحواله الشخصية مدونة األس‪//‬رة المغربي‪//‬ة‪ ،‬ه‪//‬ذه األخ‪//‬يرة ال‪//‬تي نص‪//‬ت في الم‪//‬ادة ‪ 4206‬على أن األهلي‪//‬ة‬
‫نوعان‪" :‬أهلية أداء وأهلية وجوب"‬

‫فأهلية الوجوب تعني صالحية الش‪//‬خص لثب‪//‬وت الحق‪/‬وق وااللتزام‪//‬ات ل‪//‬ه وعلي‪//‬ه وهي أهلي‪//‬ة ثابت‪//‬ة‬
‫للشخص منذ والدته حيا إلى وقت وفاته‪ ،‬بل وتبدأ قبل ذلك للجنين في حدود معينة‪.‬‬

‫أما أهلية األداء فهي صالحية الشخص وقدرته على القيام بالتصرفات القانونية وتحمل االلتزام‪//‬ات‬
‫على الوجه المطلوب قانونا‪.‬‬

‫وباستقراء فصول قانون االلتزامات والعقود نجد أن المشرع المغربي خصص إحدى عش‪//‬ر فص‪//‬ال‬
‫للح‪/‬ديث عن ركن األهلي‪/‬ة من الفص‪//‬ل ‪ 3‬إلى الفص‪//‬ل ‪ ،13‬مم‪/‬ا يكش‪/‬ف عن أهمي‪/‬ة ه‪/‬ذا ال‪/‬ركن في إب‪/‬رام‬
‫العقد ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الرضا‬

‫الرضا هو تعبير ص‪/‬حيح عن اإلرادة يق‪/‬ع على العناص‪/‬ر األساس‪/‬ية لالل‪/‬تزام حس‪/‬ب م‪/‬ا ج‪/‬اء ب‪/‬ه‬
‫الفصل الث‪/‬اني من ق ل ع م وق‪//‬د عرف‪//‬ه الفق‪/‬ه أن‪/‬ه تواف‪//‬ق إرادتي المتعاق‪//‬دين على إح‪/‬داث األث‪/‬ر الق‪/‬انوني‬
‫المتوخى من العقد‪ ،‬وهذا التوافق يتحقق قانونا بتبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين تكون بصدور إيجاب‬
‫متضمن لعرض موجه من شخص آلخر وصدور قبول مطابق لإليجاب صادرا من القابل الذي وجه إلي‪//‬ه‬
‫اإليجاب‪ ،‬وبذلك يقترن القبول باإليجاب ويحصل التراض‪//‬ي فيتم العق‪//‬د‪ .‬ومن هن‪//‬ا يمكنن‪//‬ا الق‪//‬ول أن إنش‪//‬اء‬
‫العقد يفترض فيه وجود طرفين أح‪/‬دهما م‪/‬وجب و اآلخ‪/‬ر قاب‪/‬ل‪ ،‬أم‪/‬ا في حال‪/‬ة وج‪/‬ود إرادة واح‪/‬دة كافي‪/‬ة‬
‫بذاتها إلنشاء االلتزام فان مصدر هذا االلتزام في هذه الحالة هو اإلرادة المنف‪//‬ردة وال يك‪//‬ون مص‪//‬دره ه‪//‬و‬
‫العقد بالمعنى الصحيح للعقد‪ ،5‬كم‪/‬ا ه‪/‬و الش‪/‬أن لعق‪/‬د الهب‪/‬ة أو الص‪/‬دقة‪ .‬كم‪/‬ا يتحق‪/‬ق الرض‪/‬ا بتح‪/‬رك اإلرادة إلى‬

‫‪ 4‬ظهير شريف رقم ‪ 1.04.22‬صادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3/ 1424‬فبراير ‪ 2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 70.03‬بمثابة مدونة األسرة‬
‫‪ 5‬د عبد الرحمان أسامة‪ ،‬د الحاجي بناصر‪ ،‬المبادئ العامة لاللتزامات‪ ،‬طبعة ‪ ،2010‬ص‪.35 ،‬‬

‫‪6‬‬
‫شيء معين وتعلقها به‪ ،‬فالشخص معدوم اإلرادة ال يمكن أن يصدر منه رضاء ك‪//‬المجنون والص‪//‬بي غ‪//‬ير‬
‫المميز وفاقد الوعي لسبب معين كالسكر والمرض‪. 6‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المحل‬

‫يعتبر المحل الركن الثالث الذي نص عليه المشرع المغ‪//‬ربي في ق‪//‬انون االلتزام‪//‬ات والعق‪//‬ود في‬
‫الفصل الثاني منه‪ ،‬ومحل العقد هو إنشاء التزام أو أكثر يقع على أح‪//‬د المتعاق‪//‬دين دون األخ‪//‬ر في العق‪//‬ود‬
‫غير التبادلية‪ 7‬كما في الوديعة‪ 8‬أو يقع على طرفي التعاقد في العقود التبادلية‪ 9‬كما في عقد البيع‪.‬‬

‫ويختلف محل العقد عن مح‪//‬ل االل‪//‬تزام‪ ،‬فه‪//‬ذا االخ‪//‬ير يع‪//‬ني االداء ال‪//‬ذي يجب أن يق‪//‬وم ب‪//‬ه الم‪//‬دين‬
‫لصالح الدائن وهو إما إعطاء شيء‪ ،‬أو القيام بعمل‪ ،‬أو االمتناع عن القيام بعمل ‪.10‬‬

‫وبالرجوع للفصول المنظمة لمحل االلتزامات التعاقدية في ق ل ع م نجد أن محل العقد تشترط فيه‬
‫بعض الشروط والتي سندرجها كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬أن يك‪//‬ون المح‪//‬ل مش‪//‬روعا‪ :‬ال يق‪//‬وم العق‪//‬د إال إذا ك‪//‬ان محل‪//‬ه مش‪//‬روعا‪ ،‬ويك‪//‬ون المح‪//‬ل‬
‫مشروعا عندما يكون غير مخالف للنظام واآلداب العام‪//‬ة‪ ،‬أي أن يك‪//‬ون ج‪//‬وهر العق‪//‬د أو الش‪//‬يء‬
‫المتعاق‪//‬د علي‪//‬ه داخال في دائ‪//‬رة التعام‪//‬ل‪ ،‬إذ نص المش‪//‬رع في الفص‪//‬ل ‪ 57‬من ق ل ع م أن "‬
‫األش‪//‬ياء واألفع‪//‬ال والحق‪//‬وق المعنوي‪//‬ة الداخل‪//‬ة في دائ‪//‬رة التعام‪//‬ل تص‪//‬لح وح‪//‬دها أن تك‪//‬ون محال‬
‫لاللتزام‪ ،‬ويدخل في دائرة التعامل جميع األشياء التي ال يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها "‬
‫‪ ‬أن يكون المحل ممكنا‪ :‬بمعنى أن يكون ج‪//‬وهر العق‪//‬د مم‪//‬ا يمكن تحقيق‪//‬ه وه‪//‬و المض‪//‬مون‬
‫الذي نستفيده من نص الفصل ‪ 59‬من ق ل ع م إذ ينص " يبطل االلتزام الذي يك‪//‬ون محل‪//‬ه ش‪//‬يئا‬
‫أو عمال مستحيال‪ ،‬إما بحسب الطبيعة أو بحكم القانون "‬
‫‪ ‬أن يكون المحل معينا أو قابل للتعيين‪ :‬وقد نص على هذا الشرط الفص‪//‬ل ‪ 58‬من ق ل ع‬
‫م بقول‪//‬ه " الش‪//‬يء ال‪//‬ذي ه‪//‬و مح‪//‬ل لالل‪//‬تزام يجب أن يك‪//‬ون معين‪//‬ا على األق‪//‬ل بالنس‪//‬بة إلى نوع‪//‬ه‬
‫ويسوغ أن يكون مقدار الشيء غير محدد إذا كان قابال للتحديد فيما بعد"‬

‫رابعا ‪ :‬السبب ‪:‬‬

‫‪ 6‬د عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر االلتزامات‪ ،‬الكتاب االول نظرية العقد ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ، 2015‬ص ‪.62‬‬
‫‪ 7‬العقد غير التبادلي أو العقد الملزم لجانب واحد هو الذي ينشئ التزامات في ذمة أحد المتعاقدين دون االخر بحيث يكون أحدهما مدينا غير دائن‬
‫واالخر دائنا غير مدين‪.‬‬
‫‪ 8‬ينص الفصل ‪ 781‬من ق ل ع م " الوديعة عقد بمقتضاه يسلم شخص شيئا منقوال إلى شخص آخر يلتزم بحفظه وبرده بعينه ‪.‬‬
‫‪ 9‬العقد التبادلي أو العقد الملزم لجانبين هو الذي ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من طرفيه المتعاقدين بحيث يصبح كل واحد منهما دائنا في‬
‫ناحية ومدينا في ناحية أخرى‪.‬‬
‫‪ 10‬د عبد القادر العرعاري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪223‬‬

‫‪7‬‬
‫ركن السبب هو الركن الرابع الذي نص عليه المشرع في الفصل الث‪//‬اني من ق ل ع م ويختل‪//‬ف‬
‫سبب العقد عن سبب االلتزام‪ ،‬إذا يقاس سبب العقد بمعيار شخصي ذاتي ويعني الباعث والدافع الذي دف‪//‬ع‬
‫الشخص إلى التعاقد‪ ،‬أما سبب االلتزام فهو الغاية والقص‪//‬د من وراء إنش‪//‬اء االل‪//‬تزام ‪ .‬وب‪//‬الرجوع للفص‪//‬ل‬
‫‪ 62‬من ق ل ع م نجده ينص على "أن االلتزام الذي ال سبب له أو المبني على س‪//‬بب غ‪//‬ير مش‪//‬روع يع‪//‬د‬
‫كأن لم يكن" ويشترط في السبب شرطين أساسيين هما‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون السبب حقيقيا‪ :‬حيث يكون السبب غير حقيقي حينما يكون موهوما أو صوريا‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون السبب مش‪//‬روعا‪ :‬حيث يك‪//‬ون الس‪//‬بب غ‪/‬ير مش‪//‬روع حينم‪//‬ا يتع‪//‬ارض م‪//‬ع نص‬
‫قانوني أو يكون مخالف للنظام واآلداب العامة وذلك من خالل الفق‪/‬رة الثاني‪//‬ة من الفص‪//‬ل ‪ 62‬من‬
‫ق ل ق م التي تنص على " يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة أو النظ‪//‬ام‬
‫العام أو القانون"‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬ركن الشكلية وركن التسليم‬

‫يخضع مبدأ رضائية العقود لبعض االستثناءات التي تتجلى في العقود الشكلية والعق‪//‬ود العيني‪//‬ة‪،‬‬
‫فالعقود الشكلية هي التي يشترط النعقادها توافر بعض المراسيم الشكلية‪ ، 11‬فالش‪//‬ركة ال‪//‬تي يك‪//‬ون محله‪//‬ا‬
‫عقارات أو غيرها من األموال مما يمكن رهنه رهنا رسميا والتي ت‪//‬برم لتس‪//‬تمر أك‪//‬ثر من ثالث س‪//‬نوات‪،‬‬
‫أوجب المشرع أن يحرر عقدها كتابة تحت طائلة البطالن‪(،‬الفصل ‪ 987‬من قانون االلتزامات والعقود)‪.‬‬

‫أما بخصوص ركن التسليم فهو متطلب في العقود العينية ال‪/‬تي يج‪/‬ري فيه‪/‬ا تس‪/‬ليم الش‪/‬يء المعق‪/‬ود‬
‫علي‪//‬ه‪ ،‬بحيث ال يتم العق‪//‬د إال إذا تم ركن التس‪//‬ليم كعق‪//‬د الوديع‪//‬ة (الفص‪//‬ل ‪ 781‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ ،‬وعاري‪//‬ة‬
‫االستعمال‪( 12‬الفصل ‪ 830‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ ،‬وعارية االستهالك أو القرض‪( 13‬الفصل ‪.)856‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة ومحدوديته‬

‫أوال‪ :‬ماهية مبدأ سلطان اإلرادة‬

‫‪ 11‬د مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء األول مصادر االلتزامات‪ ،‬الطبعة الثانية‪،1972 ،‬‬
‫ص‪194 .‬‬
‫‪ 12‬عارية االستعمال عقد بمقتضاه يسلم أحد طرفيه لآلخر شيئا‪ ،‬لكي يستعمله خالل أجل معين أو في غرض محدد على أن يرده بعينه‪ .‬وفي‬
‫العارية يحتفظ المعير بملكية الشيء المستعار وبحيازته القانونية‪ ،‬وليس للمستعير إال مجرد استعماله‪.‬‬
‫‪ 13‬عارية االستهالك أو القرض عقد بمقتضاه يسلم أحد الطرفين لآلخر أشياء مما يستهلك باالستعمال أو أشياء منقولة أخرى‪ ،‬الستعمالها‪ ،‬بشرط أن‬
‫يرد المستعير‪ ،‬عند انقضاء األجل المتفق عليه‪ ،‬أشياء أخرى مثلها في المقدار والنوع والصفة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫يعرف هذا المبدأ أن الشخص حر في التعاقد أو عدم التعاقد‪ ،‬وإذا وافق على العق‪//‬د فه‪//‬ذا يك‪//‬ون عن‬
‫اقناع وتأمين حيث عبر عنه الفقيه "كونو" في أطروحته حول مبدأ سلطان اإلرادة في القانون المدني (أن‪//‬ا‬
‫لست ملزما بأي تصرف قانوني اال أذا رغبت وفي الوقت الذي أريد‪ ،‬وبالكيفية التي أحب‪//‬ذها)‪ ،‬ويعت‪//‬برون‬
‫أنصار هذا المبدأ أن هذه الحرية ليست مطلقة وإنما هي مقيدة في إطار مجموع‪//‬ة من الض‪//‬وابط القانوني‪//‬ة‬
‫‪14‬‬
‫كنظام العام واآلداب العامة‪ ،‬كما أنها تكون ملزمة باحترام حقوق االخرين وعدم التعسف عليهم‪.‬‬

‫نستخلص من هذا التعريف بأن العالقة التعاقدية مرتبطة بمبدأين أساسيين األول منها يؤصل للثاني‬
‫ويتعلق االمر بمبدأ سلطان اإلرادة في التعاقدات‪ ،‬ومبدأ القوة الملزمة للعقد ال‪//‬ذي يعت‪//‬بر من مظ‪//‬اهر مب‪//‬دأ‬
‫سلطان اإلرادّة‪.‬‬

‫ويقص‪//‬د بمب‪//‬دأ س‪//‬لطان اإلرادة أن اإلرادة اإلنس‪//‬انية مج‪//‬ردة من ك‪//‬ل م‪//‬ا يحي‪//‬ط به‪//‬ا وق‪//‬ادرة إلنش‪//‬اء‬
‫االلتزامات التعاقدية‪ ،‬ويستند هذا المبدأ الى فلسفة القانون التي ظهرت في ق‪//‬رن ‪ 18‬ميالدي‪//‬ة المتمثل‪//‬ة في‬
‫المذهب الليبرالي القائم على أساس الحرية الفردية‪ ،‬وينظرون أنصار هذه النظرية ب‪//‬أن الف‪//‬رد ه‪//‬و مح‪//‬ور‬
‫العالقة القانونية التي تربطه بغيره‪ ،‬من أجل ضمان المنفعة والمصلحة العام‪//‬ة والعدال‪//‬ة االجتماعي‪//‬ة يجب‬
‫استبعاد أي إعاقة أمام الحرية التعاقدية‪.‬‬

‫كما أن اإلرادة هي الشرط األساس‪//‬ي لتك‪//‬وين العق‪/‬د واخراج‪//‬ه الى ح‪//‬يز التط‪//‬بيق س‪//‬واء ك‪//‬انت ه‪//‬ذه‬
‫اإلرادة ع‪//‬برت بش‪//‬كل ص‪//‬ريح وهي األص‪//‬ل أو بش‪//‬كل ض‪//‬مني‪ ،‬ولكي يتحق‪//‬ق ه‪//‬ذا المب‪//‬دأ يجب أن تك‪//‬ون‬
‫اإلرادة خالية من عيوب الرضا واال كان مصير العقد ه‪//‬و البطالن وه‪//‬ذا م‪//‬ا أخ‪//‬ذ ب‪//‬ه المش‪//‬رع المغ‪//‬ربي‪،‬‬
‫حيث اعتبر الرضا ركن أساسي من اركان العقد في الفصل الثاني من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حدود مبدأ سلطان اإلرادة‬

‫ض‪//‬يق المش‪/‬رع المغ‪/‬ربي الم‪/‬دني من مب‪/‬دأ س‪/‬لطان اإلرادة‪ ،‬وذل‪/‬ك بت‪/‬أطيره للكث‪/‬ير من التص‪//‬رفات‬
‫القانونية كعنصر الشكلية بع‪//‬د أن ك‪//‬انت الرض‪//‬ائية هي األص‪//‬ل بحيث تطلب ه‪//‬ذا العنص‪//‬ر في الكث‪//‬ير من‬
‫العقود كالعقود الرسمية التي تطلب فيها الكتابة‪.‬‬

‫كما نجد أيضا أن المشرع المغربي تدخل كذلك في المعامالت العقارية حيث تطلب رس‪//‬مية العق‪//‬ود‬
‫العقارية‪ ،‬كما تطلب أيضا إجراءات التقييد في الرسم العقاري اذا كانت العقارات محفظة من أج‪//‬ل انتق‪//‬ال‬
‫الملكية من البائع للمشتري‪ ،‬كما تدخل أيضا في الكثير من الحاالت لحماية الط‪//‬رف الض‪//‬عيف في العالق‪//‬ة‬
‫التعاقدية من خالل القانون المتعلق بحماية المستهلك رقم ‪ ،31-08‬للبلوغ العالقة التعاقدية المتوازنة‪ ،‬كما‬
‫أنه اذا كان قانون االلتزامات والعقود مشبعا بمبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬فإن هذا المبدأ اذا كان ق‪//‬د أثبت ناجعت‪//‬ه‬
‫‪14‬‬
‫عبد القادر العرعاري‪" :‬نظرية العقد‪-‬كتاب األول‪ ،"-‬مكتبة دار األمان‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ‪ ،2013 ،3‬ص‪54‬‬

‫‪9‬‬
‫بالنسبة للعالقات التعاقدية التي تتم بين األشخاص تتساوى وتتقارب مراتبهم القانونية واالقتص‪//‬ادية‪ ،‬فإن‪//‬ه‬
‫لم يعد ق‪//‬ادرا على مواجه‪//‬ة ومواكب‪//‬ة التط‪//‬ور االقتص‪//‬ادي واالجتم‪//‬اعي والتكنول‪//‬وجي‪ ،‬وم‪//‬ا اس‪//‬تحدث من‬
‫أساليب تعاقدية مست بالحرية التعاقدية ‪ ،‬وخلق الطرفين غير متوازيين اقتص‪//‬اديا وفني‪//‬ا وقانوني‪//‬ا‪ ،‬ط‪//‬رف‬
‫قوي وخبير وله دراية واسعة بكل خبايا ما يتعاقد حوله‪ ،‬وطرف ضعيف اقتصاديا يذعن لما يفرضه عليه‬
‫‪15‬‬
‫الطرف المهني من شروط‪.‬‬

‫باإلضافة للتراجع الذي يعرف‪//‬ه ق‪//‬انون االلتزام‪//‬ات والعق‪//‬ود نج‪//‬د بعض المف‪//‬اهيم جدي‪//‬دة أدرجت في‬
‫الدستور المغربي لسنة ‪ ،2011‬مثل مفهوم الحكامة وتأثره على أحد أهم وأبرز الي‪/‬ات ق‪//‬انون االلتزام‪/‬ات‬
‫والعقود في احقاق العالقة التعاقدية‪ ،‬حيث أضاف بعد جديد يتمثل في ان مفهوم الجديد للتعاقد‪ ،‬سواء تعلق‬
‫األم‪//‬ر بالش‪//‬أن العم‪//‬ومي او بالش‪//‬أن الخصوص‪//‬ي‪ ،‬يجب أن يتم الترك‪//‬يز على مفه‪//‬وم الحكام‪//‬ة في‪//‬ه على‬
‫األخص‪ .‬نظرا لكون ان الحمولة القانونية للتعاقد طالها الضعف بفعل االكتساح ال‪//‬ذي أص‪//‬بح يش‪//‬كله مب‪//‬دأ‬
‫المنافسة والذي تم على حساب مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬في ضل سيادة واقع العولمة‪.‬‬

‫نجد بمقتضى فصل ‪ 264‬من قانون االلتزامات والعقود نص على أن القاضي لم يع‪//‬د ملزم‪//‬ا بمب‪//‬دأ‬
‫سلطان اإلرادة في جميع األحوال‪ ،‬وإنما أصبحت ل‪//‬ه س‪//‬لطة واس‪//‬عة يع‪//‬دل به‪//‬ا مبل‪//‬غ الش‪//‬رط الج‪//‬زئي في‬
‫حدود معين‪//‬ة‪ ،‬به‪//‬دف تنظيم العالق‪//‬ة التعاقدي‪//‬ة على أس‪//‬اس من الع‪//‬دل والمس‪//‬اواة لتوطي‪//‬د حماي‪//‬ة الض‪//‬عفاء‬
‫والمعوزين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مميزات قانون األعمال‬

‫الق‪//‬انون التج‪//‬اري ه‪//‬و مجموع‪//‬ة من القواع‪//‬د القانوني‪//‬ة ال‪//‬تي تحكم ممارس‪//‬ة األعم‪//‬ال التج‪//‬اري‬
‫والتجار وتحديد النظام القانوني المطبق فه‪/‬و يع‪/‬د أح‪/‬د ف‪//‬روع الق‪/‬انون الخ‪/‬اص وتحدي‪/‬دا ق‪//‬انون االعم‪/‬ال‬
‫حيت يقوم مبدأ القانون التجاري باألساس على تطوي‪//‬ق أش‪//‬كال التعام‪//‬ل س‪//‬واء الت‪//‬اجر م‪//‬ع الت‪//‬اجر او‬
‫التاجر مع الغير وتقنينها بما يسمح للقانون من استجالء كل ما يعرقل حري‪//‬ة التج‪//‬ارة‪ ،‬فالعم‪//‬ل التج‪//‬اري‬
‫يتميز بعدة خصائص التي اقتضت اس‪//‬تقاللها بق‪//‬انون خ‪//‬اص ب‪//‬ه يختل‪//‬ف عن الش‪//‬ريعة العام‪//‬ة‪ ،‬الق‪//‬انون‬
‫المدني قانون قادر على التالؤم واالستجابة لخصائص البيئة التجارية وقد كان من نتائج هذه الخصائص‬
‫أن طبع القانونية التجاري يتميز عن القانون المدني بعدة مميزات ومن أهمها السرعة واالئتمان‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اعتماد التجارة على السرعة‬

‫‪15‬‬
‫توفيق تكرومت‪ ":‬تأثير القوانين االقتصادية على قانون االلتزامات والعقود" مقال منشور بمجلة القانون واالعمال‪ ،‬طبعة ‪.2019‬‬

‫‪10‬‬
‫على خالف األعمال المدنية التي تتسم بالبطء واالس‪//‬تقرار النس‪//‬بي‪ .‬إذ ن‪//‬ادرا م‪//‬ا ج‪//‬ري المتع‪//‬املون‬
‫فيها عمليات مهمة (زواج‪ ،‬طالق‪ ،‬بيع‪ ،‬كراء) وهم يحتاطون كثيرا في إجرائها‪ .‬فإن العمل التجاري يتسم‬
‫بالسرعة والتكرار‪ ،‬فكلما تكررت العمليات التجارية بسرعة كلما تحققت االرباح أكثر‪ ،‬ومن ثم جاء تزايد‬
‫اعتماد التجارة على اإلشهار والدعاية للمنتجات في الوقت الحالي‪.‬‬

‫ومن مظاهر هذه السرعة أنه في كثير من األحيان تباع السلع قبل شرائها‪ ،‬وعند ش‪//‬رائها تس‪//‬لم من‬
‫البائع األول إلى المشتري الثان‪.‬‬

‫وضغط السرعة هذا ه‪//‬و ال‪//‬ذي جع‪//‬ل التج‪//‬ار يعتم‪//‬دون في ال‪//‬وقت الحاض‪//‬ر على تقني‪//‬ات االتص‪//‬ال‬
‫السريعة من هاتف وتلكس وفاكس‪ .‬إذ أنه في كثير من األحي‪//‬ان ت‪//‬برم الص‪//‬فقات الكب‪//‬يرة والمهم‪//‬ة بمج‪//‬رد‬
‫مكالمة تلفونية أو مراسلة عن طريق الفاكس وحاليا بواسطة البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫لذلك واستجابة لهذه الخاصية تعمل قواعد القانون التجاري على كفال‪//‬ة الس‪//‬رعة عن طري‪//‬ق تبس‪//‬يط‬
‫اجراءات انعقاد العق‪/‬د التج‪/‬اري ال‪/‬ذي ال يش‪/‬ترط في‪/‬ه أن ي‪/‬رد كتاب‪/‬ة إذ يمكن إثبات‪/‬ه بكاف‪/‬ة الوس‪/‬ائل‪ .‬وعن‬
‫طريق تبسيط تداول الحقوق الذي يمكن أن يتم بكل سهولة عن طريق التظه‪//‬ير مثال‪ .‬تظه‪//‬ير الكمبيال‪//‬ة أو‬
‫الشيك‪ .‬أو بمجرد التسليم األسهم لحاملها مثال‪ .‬وعن طريق تبسيط إجراءات حصول الدائن الم‪//‬رتهن على‬
‫حقه بسرعة ‪ ،....‬وعن طريق تقصير مدد تقادم االلتزامات التجاري‪.16‬‬

‫كما أن عامل السرعة هذا كان أحد أهم العوامل وراء إرساء نظام القضاء التجاري كنظ‪//‬ام مختص‬
‫في الفصل في المنازعات التجارية‪ ،‬حيث عمل المشرع على وضع مسطرة مبسطة وس‪//‬ريعة للفص‪//‬ل في‬
‫هذه المنازعات من قبل قضاة متخصصين‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اعتماد التجارة على االئتمان‬

‫فاالئتمان هو عصب التجارة إذ الغالب أن العمليات التجاري‪//‬ة تعق‪/‬د ألج‪//‬ل‪ .‬فالبن‪//‬ك يق‪/‬رض االم‪//‬وال‬
‫سواء للتاجر أو لغير التاجر على أن تسدد في أجل معين‪ .‬وتاجر الجملة يبيع لتاجر التقسيط على أن يسدد‬
‫الثمن بأجل والمصنع يبيع منتوجه للموزع‪ ،‬أو لمصنع آخ‪/‬ر وف‪/‬ق نفس المب‪/‬دأ‪ .‬وهك‪/‬ذا يرب‪/‬ط التج‪/‬ار فيم‪/‬ا‬
‫بينهم بعالقات متشابكة قوامها الثقة المتبادلة فيكون كل واح‪//‬د منهم دائن‪//‬ا وم‪//‬دينا في نفس ال‪//‬وقت‪ .‬وتتع‪//‬دد‬
‫وسائل وتقنيات االئتم‪//‬ان التج‪//‬اري‪ ،‬وأهمه‪//‬ا الق‪//‬روض‪ ،‬واإليج‪//‬ار االئتم‪//‬اني والس‪//‬ندات‪ ،‬وعملي‪//‬ات ش‪//‬راء‬
‫الفاتورات والخصم والكمبيالة‪ ،‬والسند ألمر‪ ،‬وافتراض تض‪/‬امن الم‪/‬دينين في المي‪/‬دان التج‪/‬اري وتض‪/‬امن‬
‫المظهرين للكمبيالة‪ ....‬الخ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد الجزء األول نظرية التاجر والنشاط التجاري ص‪17‬‬

‫‪11‬‬
‫وكاف‪//‬ة أط‪/‬راف العملي‪/‬ة التجاري‪/‬ة هم في حاج‪/‬ة إلى االئتم‪/‬ان لمزاول‪/‬ة نش‪/‬اطهم‪ .‬ف‪//‬المنتجون هم في‬
‫حاجة لالئتمان لتمويل استثماراتهم الصناعية‪ .‬والتجار في حاجة إليه لشراء الس‪//‬لع ال‪//‬تي س‪//‬يعيدون بيعه‪//‬ا‪.‬‬
‫والمستهلكون في حاجة إليه للحصول على ما يحتاجون إلي‪//‬ه من م‪//‬واد‪ .‬وإذا ك‪//‬ان النوع‪//‬ان األول والث‪//‬اني‬
‫يتميزان بأنهما من نوع االئتمان اإلنتاجي ألنه يخصص إلنتاج والتجارة وبالتالي يقوم على تس‪//‬ديد ال‪//‬دين‬
‫من األرباح التي ستحقق في المستقبل ‪ ،‬فإن الثالث يتميز بأنه من نوع االئتمان االس‪//‬تهالكي ألن تس‪/‬ديده‬
‫يتم عن طريق االقتطاع من المداخيل المستقبلية‪.17‬‬

‫وبالنظر ألهمية التي يكتسبها االئتمان في الميدان التجاري‪ .‬إذ يخفى مدى االضطراب والخلل الذي‬
‫يحدث في السوق في حالة إخالل أحد التجار بالتزاماته من هذه الناحي‪//‬ة‪ ،‬حيث أن ذل‪//‬ك ي‪//‬ؤدي إلى سلس‪//‬لة‬
‫متتابعة من االختالالت في المعامالت التجارية‪ .‬فإن قانون التجارة يقرر جزاءات صارمة توق‪//‬ع على من‬
‫يخ‪//‬ل به‪//‬ذا االئتم‪//‬ان تتمث‪//‬ل في قس‪//‬وة ق‪//‬انون الص‪//‬رف على من يخ‪//‬ل بالثق‪//‬ة ال‪//‬واجب توفره‪//‬ا في الس‪//‬ند‬
‫التجاري وفي شدة نظام اإلفالس على التاجر الذي يتوقف عن أداء ديونه‪.‬‬

‫دون ان نغفل الطابع الدولي‪ ،‬حيث تتسم المعامالت التجارية بطابع خاص يتمثل في كونه‪//‬ا تخض‪//‬ع‬
‫لمقتضيات القانون التجاري الذي يحكم العالقات بين التجار سواء داخل البلد أو خارجه‪ ،‬خاصة من تعلق‬
‫األمر بعمليات اإلستيراد والتصدير‪ ،‬خالفا لقواعد القانون المدني التي تحكم المعامالت القائمة بين األفراد‬
‫داخل المجتمع‪ ،‬وال تتعداه إال استثناءا أو بنص القانون وإن اقتضى الحال ذلك‪.‬‬

‫ولعل هذا هو السبب الذي جعل أغلب القوانين التجارية المقارنة تتشابه في معظم مقتضياتها عكس‬
‫القوانين المدنية التي تختلف من بلد آلخر‪.18‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬القواعد الخاصة في مجال األعمال‬

‫األصل أن العق‪/‬ود التجاري‪/‬ة ال تختل‪/‬ف عن العق‪/‬ود المدني‪/‬ة فيم‪/‬ا يتعل‪/‬ق باألحك‪/‬ام الخاص‪/‬ة المتعقل‪/‬ة‬
‫بانعقادها ونفاذها وانقضائها‪ ،‬فالعقود التجارية كالعقود المدني‪/‬ة تخض‪//‬ع لألحك‪/‬ام المق‪/‬ررة للعق‪/‬د في ق‪//‬انون‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬وهو ما نصت عليه صراحة المادة‪ .‬الثانية من مدونة التجارة‪ ،‬حينما حددت مص‪//‬ادر‬
‫القانون التجاري في تشريعات وأعراف وعادات التجارة وقواعد القانون المدني مالم تتعارض قواعده مع‬
‫‪ 17‬فؤاد معالل‪ ,‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪18.‬‬
‫‪18‬‬
‫فريدة اليوموري‪ ،‬شرح القانون التجاري ‪ ،‬االعمال التجارية و التاجر ‪ ،‬الجزء األول‬

‫‪12‬‬
‫المبادئ األساسية للقانون التجاري‪ ،‬ومع ذلك فهناك قواعد خاصة تنطبق على القواعد التجاري‪//‬ة وتميزه‪//‬ا‬
‫عن العقود المدنية‪ ،‬منها ما يتصل باإلثبات‪ ،‬ومنها ما يتصل بإبرام وتنفيذ العقود التجارية‪.‬‬

‫ومن أجل الوقوف عند هذه القواعد الخاصة التي تميز العقود التجارية عن المدنية‪ ،‬نقسم هذا‬
‫المبحث إلى مطل‪//‬بين المطلب األول ح‪//‬ول القواع‪//‬د الموض‪//‬وعية الخاص‪//‬ة ب‪//‬العقود التجاري‪//‬ة‪ ،‬ثم المطلب‬
‫الثاني‪ ،‬خصصناه للحديث عن مركز النظرية العامة للعقد ضمن قانون الشركات التجارية ومدونة الشغل‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬القواعد الموضوعية الخاصة بالعقود التجارية‬

‫تتطلب التجارة عادة السرعة واالئتم‪//‬ان والبس‪//‬اطة في إب‪//‬رام وتنفي‪//‬ذ التص‪//‬رفات القانوني‪//‬ة‪ ،‬إذ أن‬
‫أساسها هو الربح وسرعة تداول رأس المال وتنوع المعامالت‪ ،‬لذا كان البد من بل‪//‬ورة قواع‪//‬د ت‪//‬رمي إلى‬
‫تحقيق السرعة واالئتم‪//‬ان والثق‪//‬ة في المي‪//‬دان التج‪//‬اري‪ ،‬وعلي‪//‬ه فمن القواع‪//‬د الخاص‪//‬ة لحماي‪//‬ة ودعم ه‪//‬ذا‬
‫االئتمان‪ ،‬مبدأ حرية اإلثبات (الفقرة األولى) باإلض‪//‬افة إلى قواع‪//‬د خاص‪//‬ة تتعل‪//‬ق بتنفي‪//‬ذ العق‪//‬ود التجاري‪//‬ة‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ حرية اإلثبات في المعامالت التجارية‬

‫إن مبدأ حرية اإلثب‪//‬ات في الم‪//‬واد التجاري‪//‬ة من المب‪//‬ادئ ال‪//‬تي يق‪//‬وم عليه‪//‬ا الق‪//‬انون التج‪//‬اري‪ ،‬وق‪//‬د‬
‫كرست مدونة التجارة هذا المبدأ كقاعدة عامة (أوال)‪ ،‬وأقرت اإلثبات بالكتابة استثناء (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حرية اإلثبات في العقود التجارية كقاعدة عامة‬

‫ولم‪/‬ا ك‪/‬انت القاع‪/‬دة العام‪/‬ة في العق‪/‬ود المدني‪/‬ة هي تقيي‪/‬د اإلثب‪/‬ات باش‪/‬تراط الكتاب‪/‬ة في التص‪//‬رفات‬
‫واالتفاقات القانونية التي من ش‪//‬أنها إنش‪//‬اء أو نق‪/‬ل أو تع‪//‬ديل االلتزام‪//‬ات أو الحق‪/‬وق ال‪//‬تي تتج‪//‬اوز قيمته‪//‬ا‬
‫‪ 10000‬درهم مع جواز إثباتها بشهادة الشهود وفق‪//‬ا للفص‪//‬ل ‪ 443‬من ق‪//‬انون االلتزام‪//‬ات والعق‪//‬ود‪ ،‬ف‪//‬إن‬
‫اإلثبات في المادة التجارية حر وطليق من كل ضروب التقيي‪//‬د مب‪//‬دئيا‪ ،‬إذ يج‪//‬وز إثب‪//‬ات التص‪//‬رفات مهم‪//‬ا‬
‫بلغت قيمتها بكل طرق اإلثبات طبقا للفص‪//‬ل ‪ 404‬من ق‪//‬انون االلتزام‪//‬ات والعق‪//‬ود‪ ،‬بم‪//‬ا في ذل‪//‬ك ال‪//‬دفاتر‬
‫التجارية وقوائم الحساب وغيرها‪ ،‬وفقا للمادتين ‪ 20‬و ‪ 22‬من مدونة التجارة‪ ،‬كما يجوز أيضا إثب‪//‬ات م‪//‬ا‬
‫يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه عقد تجاري مكتوب بشهادة الشهود أو القرائن‪.19‬‬

‫‪19‬مصطفی کمال طه‪ ،‬العقود التجارية وعمليات البنوك‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2006‬ص‬

‫‪13‬‬
‫ويجد مبدأ حرية اإلثبات سنده في المادة ‪ 334‬من مدونة التجارة التي تقضي في مطلعه‪//‬ا بم‪//‬ا يلي‪:‬‬
‫" تخضع المادة التجارية لحري‪/‬ة اإلثب‪/‬ات ‪ ....‬وق‪//‬د حرص‪//‬ت معظم التش‪/‬ريعات على تأكي‪/‬د ه‪/‬ذا المب‪/‬دأ في‬
‫المعامالت التجارية‪.‬‬

‫كما يعتبر هذا المبدأ تكريسا لما ج‪/‬اء في الش‪/‬ريعة اإلس‪/‬المية ال‪/‬تي بع‪/‬دما فرض‪/‬ت الكتاب‪/‬ة كوس‪/‬يلة‬
‫لإلثبات الدين المؤجل سمحت بإثبات الدين التجاري‪ ،‬بجميع وسائل اإلثب‪//‬ات‪20‬لقول‪//‬ه تع‪//‬الى‪" :‬يأيه‪//‬ا ال‪//‬ذين‬
‫آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه‪ "..‬إلى أن قال هللا ع‪//‬ز وج‪//‬ل "إال أن تك‪//‬ون تج‪//‬ارة حاض‪//‬رة‬
‫‪21‬‬
‫تديرونها بينكم فليس عليكم جناح أال تكتبوها"‬

‫ويرجع السبب في جعل المشرع حرية اإلثبات في أصل المادة التجارية إلى أن مبدأ اإلثبات المقي‪//‬د‬
‫المعمول به في المادة المدنية ال يتالءم م‪/‬ع العم‪/‬ل التج‪/‬اري المتم‪/‬يز بالس‪/‬رعة والبس‪/‬اطة من جه‪/‬ة‪ ،‬وم‪/‬ع‬
‫الحياة التجارية وما تتميز به من ثقة وائتمان من جهة ثانية فانطالقا من هذه المميزات يبدو من الص‪//‬عب‪،‬‬
‫بل ومن غير المنطقي تقييد اإلثبات بالكتابة في الميدان التجاري‪.22‬‬

‫وقد كرس القضاء المغربي مبدأ حري‪//‬ة اإلثب‪//‬ات في الم‪//‬ادة التجاري‪//‬ة‪ ،‬حيث ج‪//‬اء في ق‪//‬رار للمجلس‬
‫األعلى م‪///‬ا يلي‪..." :‬في حين أن اإلثب‪///‬ات ح‪///‬ر في المي‪///‬دان التج‪///‬اري وفق‪///‬ا للم‪///‬ادة ‪ 343‬من مدون‪///‬ة‬
‫‪23‬‬
‫التجارة ‪"...‬‬

‫" ‪ ...‬في حين أن اإلثبات حر في الميدان التجاري وفقا للمادة ‪ 343‬من مدونة التجارة‪"...‬‬

‫وفي قرار آخر صادر عن المجلس األعلى‪ " :‬يخضع األمر إلثبات وجود الشركة من ع‪//‬دمها طبق‪//‬ا‬
‫للمادة ‪ 334‬من مدونة التجارة وليس إلثبات اتفاقي تجاوزت قيمته ‪ 250‬درهما"‪. 24‬‬

‫ثانيا‪ :‬االستثناءات الواردة على مبدأ حرية اإلثبات‬

‫وإذا ك‪//‬انت القاع‪//‬دة كم‪//‬ا س‪//‬بق الق‪//‬ول هي الحري‪//‬ة اإلثباتي‪//‬ة في الم‪//‬ادة التجاري‪//‬ة ف‪//‬إن له‪//‬ذه القاع‪//‬دة‬
‫استثناءات استوجب بموجبها المشرع (الكتابة) خروجا عن القاعدة العامة‪ ،‬باإلضافة إلى الشهر‪.‬‬
‫‪ 20‬المرجع والصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ 21‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪281‬‬
‫‪ 22‬بوعبيد عباسي‪ ،‬العقود التجارية والتجديدات الطارئة عليها‪ ،‬مقال منشور بمجلة المحامون‪ ،‬العدد ‪ 1998 6‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 23‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 23/07/03‬تحت عدد ‪ 335‬في الملف ‪ 269/02‬قرار منشور في الجريدة المغربية‬
‫‪ 24‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2004/12/01‬تحت عدد ‪ 1322‬في الف التجاري عدد ‪ 02/478‬منشور بمجلة المجلس األعلى عدد‬
‫‪ ،64‬ص ‪.11‬‬

‫‪14‬‬
‫تعتبر الكتابة أهم وسيلة لإلثبات حيث توست الفقرة الثانية من المادة ‪ 334‬من مدون‪//‬ة التج‪//‬ارة ‪....‬‬
‫غير أنه يتعين اإلثبات بالكتابة إذا نص القانون أو االتفاق على ذلك"‪ .‬إال أن المشرع المغ‪//‬ربي لم يش‪//‬ترط‬
‫توفر الكتابة في كل العقود التجارية‪ ،‬بل في بعض منه‪/‬ا فق‪/‬ط‪ ،‬كعق‪/‬د الوكال‪/‬ة التجاري‪/‬ة (الم‪/‬ادة ‪ )397‬من‬
‫مدونة التجارة‪ ،‬وعقد االئتمان اإليج‪/‬اري (الم‪/‬ادة ‪ )433‬ورهن أدوات ومع‪/‬دات التجه‪/‬يز (الم‪/‬ادة ‪،)356‬‬
‫وكرهن بعض المنتجات والمواد (المادة‪ )379‬والعقود الواردة على األصل التج‪//‬اري (الم‪//‬ادة ‪ 81‬و‪108‬‬
‫و ‪ )153‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫وال يجب أن يفهم من هذه الشكلية التي تتطال هذه التصرفات التقييد والتعقي‪//‬د‪ ،‬ب‪//‬ل على العكس من‬
‫ذلك فهي تهدف إلى حماية مختلف الحقوق والمصالح وتقليص حجم المنازعات وتدعيم الثقة وحمايتها‪.‬‬

‫وتج‪//‬در اإلش‪//‬ارة هن‪//‬ا إلى أن قاع‪/‬دة اإلثب‪//‬ات الح‪//‬ر ليس‪//‬ت من النظ‪//‬ام وبالت‪//‬الي يج‪//‬وز االتف‪/‬اق على‬
‫مخالفتها‪ ،‬وفقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 334‬من مدونة التجارة‪ ،‬التي أجازت بموجبها للمتعاق‪//‬دين االتف‪//‬اق‬
‫على إثبات معامالتهم كتابة‪ ،‬مع اإلشارة إلى أنه في هذه الحالة ال يجوز اإلثبات بغير الكتابة‪.25‬‬

‫كما وجب التنبيه إلى أن مبدأ حرية اإلثبات ال يطرح إشكاال عندما تتحد الصفة التجارية األطراف‬
‫النزاع‪ ،‬أما عندما يكون نزاع مختلط‪ ،‬فإن المادة الرابعة من المدونة تنص على أنه إذا كان العمل تجاري‪//‬ا‬
‫بالنسبة ألحد المتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد اآلخر طبقت قواعد القانون التجاري في مواجه‪//‬ة الط‪//‬رف‬
‫الذي كان العمل بالنسبة إليه تجاريا وال يمكن أن يواجه بها الطرف ال‪//‬ذي ك‪//‬ان العم‪//‬ل بالنس‪//‬بة إلي‪//‬ه م‪//‬دنيا‬
‫مالم ينص مقتضى على خالف ذلك"‪ .‬ومن ثم فإن الطرف الذي ك‪//‬ان العم‪//‬ل بالنس‪//‬بة إلي‪//‬ه م‪//‬دنيا يح‪//‬ق ل‪//‬ه‬
‫سلوك جميع طرق اإلثبات بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن ضد من كان العم‪//‬ل تجاري‪//‬ا من جانب‪//‬ه أي‪//‬ا‬
‫كانت قيمة التصرف‪ ،‬أما من كان العمل تجاريا بالنسبة إليه فال يجوز له االحتجاج ضد خص‪//‬مه باإلثب‪//‬ات‬
‫المدني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القواعد الخاصة بتنفيذ العقود التجارية‬

‫تتميز العقود التجارية عن باقي العقود المدنية باإلضافة إلى القواعد الموضوعية والمتمثلة في مب‪//‬دأ‬
‫حرية اإلثبات واالستثناءات الواردة عليه‪ ،‬بقواعد خاصة على مستوى تنفيذ العقود التجارية‪ ،‬وتشمل ه‪//‬ذه‬
‫القواعد مبدأ افتراض التضامن (أوال)‪ ،‬ومبدأ الوفاء (ثانيا)‪ ،‬والتقادم القصير (ثالثا)‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫محمد النخلي‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري المغربي على ضوء المقتضيات التشريعية الجديدة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،1988‬ص‪.57،‬‬

‫‪15‬‬
‫أوال‪ :‬تضامن المدينين بديون ناشئة عن العقود التجارية‬

‫من أجل دعم الثق‪//‬ة واالئتم‪//‬ان الل‪//‬ذان يطبع‪//‬ان المع‪//‬امالت التجاري‪//‬ة‪ ،‬ومن أج‪//‬ل تمكين ال‪//‬دائنين من‬
‫استخالص ديونهم التجارية في تاريخ استحقاقها‪ ،‬وضع المشرع لفائدتهم ض‪//‬مانة أساس‪/‬ية تكمن في قاع‪/‬دة‬
‫افتراض تضامن المدينين بديون ناشئة عن عقود تجارية وذلك بمقتضى المادة ‪ 335‬من مدون‪//‬ة التج‪//‬ارة‪،‬‬
‫التي جاء فيها‪" :‬يفترض التضامن في االلتزامات التجارية"‪.‬‬

‫وهذا عكس األعمال المدنية التي ال يفترض فيها التضامن بين المدينين‪ ،‬بل يل‪//‬زم أن ينتج ص‪//‬راحة‬
‫عن العقد المنشئ لاللتزام أو القانون أو أن يكون هو النتيج‪//‬ة الحتمي‪//‬ة الطبيع‪//‬ة المعامل‪//‬ة كم‪//‬ا نص‪//‬ت على‬
‫ذلك الفصل ‪ 164‬من قانون االلتزامات والعقود‪.26‬‬

‫وبالنظر إلى أهمية التضامن بين المدينين في العقود التجارية نص المشرع عليها في الكتاب الرابع‬
‫المتعلق بالعقود التجارية‪ ،‬كما يضعها إلى جانب األحكام العامة الواردة في القسم األول من الكت‪//‬اب األول‬
‫الخاص بالتجار‪.27‬‬

‫وباإلضافة إلى هذا الحكم العام الواردة في الم‪//‬ادة ‪ 365‬من مدون‪//‬ة التج‪//‬ارة‪ ،‬ف‪//‬إن التض‪//‬امن مق‪//‬رر‬
‫كذلك بين الشركاء في عقد شركة التضامن المادة الثالثة من ق‪//‬انون (‪ ،)5.96‬وبين الش‪//‬ركاء المتض‪//‬امنين‬
‫في شركة التوصية باألسهم (الم‪//‬ادة ‪ 31‬من ق‪//‬انون ‪ ،)5.96‬والش‪//‬ركاء المتض‪//‬امنين في ش‪//‬ركة التوص‪//‬ية‬
‫البس‪//‬يطة (الم‪//‬ادة ‪ 20‬من نفس الق‪//‬انون) وبين الم‪//‬وقعين على الورق‪//‬ة التجاري‪//‬ة (الم‪//‬ادة ‪ 196‬و‪ 201‬من‬
‫مدون‪/‬ة التج‪/‬ارة) وبين الكفالء إذا ك‪/‬انت الكفال‪/‬ة تعت‪/‬بر عمال تجاري‪/‬ا بالنس‪/‬بة للكفالء (الفص‪//‬ل ‪ 1138‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود)‬

‫ثانيا‪ :‬تضييق آجال الوفاء التشدد في نظرة الميسرة‬

‫األصل في الوفاء بااللتزامات وتنفيذها أن يتم في اآلجال المحددة له سواء كانت التزامات مدنية أو‬
‫تجارية‪ ،‬وال يحق للقاضي أن يعدل آجال الوفاء بااللتزامات مالم يمنحه القانون أو االتفاق ذلك‪.‬‬

‫‪ 26‬بوعبيد عباس‪ ،‬العقود التجارية ص‪17.‬‬


‫‪ 27‬بحار عبد الرحيم‪ ،‬اإلجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الدراسات واألبحاث‬
‫العدد ‪ 8‬فبراير ‪ ،2008‬ص ‪338‬‬

‫‪16‬‬
‫وهذا األصل بالنسبة لاللتزامات المدنية نص عليه المشرع في الفصل ‪ 128‬من قانون االلتزام‪//‬ات‬
‫والعقود‪ ،‬والذي جاء فيه‪ " :‬ال يسوغ للقاضي أن يمنح أجال أو أن ينظر إلى الميسرة‪ ،‬مالم يمنح هذا الحق‬
‫بمقتضى االتفاق أو القانون‪.‬‬

‫وإذا كان األج‪//‬ل مح‪//‬ددا بمقتض‪//‬ى االتف‪/‬اق أو الق‪/‬انون‪ ،‬لم يس‪//‬غ للقاض‪//‬ي أن يم‪//‬دده‪ ،‬م‪//‬الم يس‪//‬مح ل‪//‬ه‬
‫القانون بذبك"‪.‬‬

‫وتخفيفا من حدة هذا المقتضى أورد المشرع اس‪//‬تثناء على ه‪//‬ذا الفص‪//‬ل يس‪//‬مح للقاض‪//‬ي بمنح مهل‪//‬ة‬
‫الميسرة للمدين مراعاة لمرك‪//‬زه‪ ،‬م‪//‬ع تقيي‪//‬د اس‪//‬تعمال ه‪//‬ذه الس‪//‬لطة في نط‪//‬اق ض‪//‬يق كم‪//‬ا ينص على ذل‪//‬ك‬
‫الفصل ‪ 243‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫إال أن ه‪//‬ذه القاع‪//‬دة المنص‪//‬وص عليه‪//‬ا في الفص‪//‬ل ‪ 128‬من ق‪//‬انون االلتزام‪//‬ات والعق‪//‬ود ال يمكن‬
‫تطبيقها على االلتزامات التجارية‪ ،‬ألن طبيعة ه‪//‬ذه االلتزام‪//‬ات تختل‪//‬ف عن طبيع‪//‬ة االل‪//‬تزام الم‪//‬دني‪ ،‬فهي‬
‫تقوم على السرعة واالئتمان وأن كل توقف عن ال‪//‬دفع ي‪//‬ؤدي إلى اإلخالل به‪//‬ذه الس‪//‬رعة وه‪//‬ذا االئتم‪//‬ان‪،‬‬
‫ويؤدي بالتالي إلى اضطراب المعامالت التجاري‪//‬ة وركوده‪//‬ا‪ ،‬فك‪//‬ل ت‪//‬اجر ي‪//‬رتب مواعي‪//‬د وقال‪//‬ه بالتزام‪//‬ه‬
‫اعتمادا على قيام مدينيه بالوفاء له في األوقات المحددة للتنفيذ‪ ،‬ف‪//‬إذا تخل‪//‬ف واح‪//‬د منهم عن تنفي‪//‬ذ التزام‪//‬ه‬
‫خالل األجل المحدد له فإنه يحدث بذلك نوعا من االضطراب في الحياة التجارية‪. 28‬‬

‫وعلى هذا األساس منع المشرع في مدونة التجارة القاضي من منح أج‪//‬ال لوف‪//‬اء ال‪//‬ديون المس‪//‬تحقة‬
‫في الكمبيالة يتجاوز الميعاد المعين لالستحقاق وفقا لنص المادة ‪ 231‬من مدونة التجارة التي جاء فيها‪" :‬‬
‫ال يمنح أي إس‪//‬هال ق‪//‬انوني أو قض‪//‬ائي إال في األح‪//‬وال المنص‪//‬وص عليه‪//‬ا في الم‪//‬ادتين ‪ 196‬و‪،"207‬‬
‫ونفس األمر في مجال التعامل بالشيك‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 304‬من المدونة‪ ،‬ولنفس االعتبار كان المشرع قاس‪//‬يا‬
‫على التجار حيث سلط نظام التصفية القضائية على كل تاجر توقف عن دفع ديون‪//‬ه في طري‪//‬ق اس‪//‬تحقاقها‬
‫بمقتضى المادتين ‪ 568‬و‪ 619‬من مدونة التجارة‪.29‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقصير آجال التقادم في االلتزامات التجارية‬

‫يقصد بالتقادم انقضاء الحقوق المتعلقة بالذمة المالي‪/‬ة وال س‪/‬يما االلتزام‪/‬ات‪ ،‬إذا توان‪/‬ا ص‪//‬احبها عن‬
‫ممارستها‪ ،‬أو أهمل المطالبة بها خالل مدة معينة يحددها القانون‪.30‬‬

‫‪ 28‬بحار عبد الرحيم‪ ،‬اإلجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الدراسات‬
‫واألبحاث‪ ،‬العدد ‪ 8‬فبراير ‪ ،2008‬ص ‪340‬‬
‫‪ 29‬بوعبيد عباس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 30‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء الثاني ‪ -‬أوصاف االلتزام ‪ -‬الطبعة ‪ 516‬الثانية‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،1972‬ص‪.516‬‬

‫‪17‬‬
‫ويقضي المبدأ العام بأن جميع الدعاوى الناشئة عن االلتزام تتقادم بمضي خمسة عشر س‪//‬نة حس‪//‬ب‬
‫منطوق الفصل ‪ 387‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫إال أن هذا األصل خرج عن‪//‬ه المش‪//‬رع المغ‪//‬ربي في الم‪//‬ادة التجاري‪//‬ة‪ ،‬ونص‪//‬ت مدون‪//‬ة التج‪//‬ارة في‬
‫مادته‪//‬ا الخامس‪//‬ة على أن آج‪//‬ال التق‪//‬ادم خمس س‪//‬نوات‪ ،‬وه‪//‬ذا نص الم‪//‬ادة الخامس‪//‬ة‪ " :‬تتق‪//‬ادم االلتزام‪//‬ات‬
‫الناش‪/‬ئة بمناس‪/‬بة عم‪/‬ل تج‪/‬اري بين التج‪/‬ار أو بينهم وبين غيرالتج‪/‬ار بمض‪/‬ي خمس س‪/‬نوات م‪/‬ا لم توج‪/‬د‬
‫مقتضيات خاصة مخالفة"‬

‫وبناء على هذا المادة يكون المشرع قد كرس مبدأ التقادم الخمس‪//‬ي كمب‪//‬دأ ع‪//‬ام بالنس‪//‬بة لاللتزام‪//‬ات‬
‫التجارية‪ ،‬وأورد على هذا المبدأ استثناءات في حالة وجود مقتضيات خاصة‪.‬‬

‫وهذه االستثناءات التي جاء بها المسرع في المادة التجارية خروج‪//‬ا على ه‪//‬ذا المب‪//‬دأ منه‪//‬ا م‪//‬ا ورد‬
‫تنظيمه في مدونة التجارة‪ ،‬ومنها ما ورد في قوانين خاصة‪.‬‬

‫ومن بين االستثناءات الواردة في مدونة التجارة‪:‬‬

‫‪-‬الدعاوى الناشئة عن الشيك تتقادم بمضي ستة أشهر ابتداء من ت‪//‬اريخ انقض‪//‬اء أج‪//‬ل التق‪//‬ادم‪ ،‬وفق‪//‬ا‬
‫للمادة ‪ 295‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫‪-‬الدعاوى الناتجة عن الكمبيالة ضد القابل بمرور ثالث سنوات ابتداء من ت‪//‬اريخ االس‪//‬تحقاق‪ ،‬وفق‪//‬ا‬
‫للمادة ‪ 228‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫‪-‬نتقادم دعاوي الحامل على المظهرين والساحب بمض‪//‬ي س‪//‬نة واح‪//‬دة ابت‪//‬داء من ت‪//‬اريخ االحتج‪//‬اج‬
‫المحرر ضمن اآلجال القانوني‪ ،‬أو من تاريخ االستحقاق في حالة اشتراط الرجوع بدون مصاريف‪.‬‬

‫ومن االستثناءات الواردة في قوانين خاصة‪:‬‬

‫‪-‬دعاوى المسؤولية المستمدة من عقد النقل تتقادم بمضي سنتين من تاريخ تسليم البض‪//‬اعة أو ج‪//‬زء‬
‫منها‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 20‬من اتفاقية هامبورغ الصادر بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪ 1978‬والتي انضم إليه‪//‬ا المغ‪//‬رب‬
‫منذ سنة ‪ 1981/07/17‬المنظمة لعقد النقل البحري للبضائع‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪-‬تتقادم كل الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بمرور س‪//‬نتين ابت‪//‬داء من وق‪//‬وع ح‪//‬دوث الواقع‪//‬ة ال‪//‬تي‬
‫تولدت عنها هذا الدعوى‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 36‬من مدونة التأمينات‪.31‬‬

‫والبد من اإلشارة هذا إلى أن الدفع بالتقادم ال يعد من النظام العام‪ ،‬ومن ثم يتبغي إثارته من طرف‬
‫المتقاض‪//‬ين ذوي المص‪//‬لحة اس‪//‬تنادا للفص‪//‬ل ‪ 372‬من ق‪//‬انون االلتزام‪//‬ات والعق‪//‬ود ال‪//‬ذي ينص على أن‪:‬‬
‫"التقادم ال يسقط الدعوى بقوة القانون‪ ،‬بل ال بد لمن له مصلحة فيه أن يحتج به‪.‬‬

‫وليس للقاضي أن يستند به من تلقاء نفسه"‪.‬‬

‫وحماية لحق التقاضي منع المشرع المغربي بمقتضى الفصل ‪ 379‬من قانون االلتزام‪//‬ات والعق‪//‬ود‬
‫التنازل مقدما عن التقادم‪ ،‬وأجاز التنازل عنه بعد حصوله‪.‬‬

‫كما منع الفصل ‪ 375‬من نفس القانون االتفاق بين المتعاقدين على تمديد آجال التقادم إلى أكثر من‬
‫‪ 15‬سنة التي يحددها القانون‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مكانة النظرية العامة للعقد ضمن قانون الش‪88‬ركات التجاري‪88‬ة ومدون‪88‬ة‬
‫الشغل‬

‫عرف المغرب تحوالت اقتصادية عديدة أدت إلى الى ضرورة توفر قوانين‪ ،‬لتوف‪//‬ير من‪//‬اخ ق‪//‬انوني‬
‫صحيح وهذا ما دفع المشرع إلى إصدار ق‪//‬وانين الش‪//‬ركات التجاري‪//‬ة س‪//‬نة ‪ ،1996‬والس‪//‬تكمال الترس‪//‬انة‬
‫التشريعية المؤطرة لقانون األعمال أصدر المشرع المغربي مدونة الشغل سنة ‪ ،2003‬هذا من جهة ومن‬
‫جهة أخرى فإن النظرية العامة للعقد عرفت بدورها عدة تحوالت اقتصادية حاولت مواكبتها‪.‬‬

‫من خالل هذا المطلب سنحاول أن نتطرق إلى مكانة النظرية العامة للعق‪/‬د ض‪/‬من ق‪/‬انون الش‪/‬ركات‬
‫التجارية (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم مكانة النظرية العامة للعقد ضمن قانون الشغل (الفقرة الثانية (‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مكانة النظرية العامة للعقد ضمن قانون الشركات التجارية‬

‫تعد النظرية العامة للعقد حاليا نظرية معاصرة وذلك بطبيعة الحال راج‪//‬ع باألس‪//‬اس إلى التح‪//‬والت‬
‫التي مست المبادئ التقليدية للعقد فبرجوعنا إلى كل التحوالت والتطورات االقتص‪//‬ادية واالجتماعي‪//‬ة ال‪//‬تي‬
‫شهدها المغرب نجد أن األمر أص‪/‬بح يتطلب إص‪/‬دار ق‪/‬وانين ه‪/‬دفها ه‪/‬و العم‪/‬ل على توف‪/‬ير من‪/‬اخ ق‪/‬انوني‬
‫مناسب وصحي قصد االستثمار وسيادة القانون في مجال األعمال ‪.32‬‬

‫‪ 31‬ظهير شريف رقم ‪ 1.2.238‬صادر في ‪ 25‬من رجب ‪ )3( 1423‬أكتوبر (‪ )2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 17.99‬المتعلق بمدونة التأمينات‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5054‬الصادرة بتاريخ ‪ 2‬رمضان ‪ )7( 1423‬نوفمبر (‪ )2002‬ص ‪.351‬‬
‫‪ 32‬عبد الرحيم بحار ‪"،‬دور القضاء التجاري في تشجيع االستثمار" مجلة العلوم القانونية‪ ،‬العدد األول ‪.2013،‬‬

‫‪19‬‬
‫حيث أن في سنة ‪ 1996‬قام المشرع المغربي بإص‪//‬دار مجموع‪//‬ة من الق‪//‬وانين المنظم‪//‬ة للش‪//‬ركات‬
‫التجارية‪ ،‬حيث انطلق من الشريعة العامة للقانون المدني بموجب الفص‪//‬ل ‪ 982‬وال‪//‬ذي ورد في‪//‬ه على أن‬
‫"الشركة هي "عقد بمقتضاه يضع شخصان‪ ،‬او أكثر أموالهم أو أعمالهم او هما معا لتكون مش‪//‬تركة بينهم‬
‫قصد تقسيم الربح الذي قد ينشا عنها‪".‬‬

‫غير أن هذا األمر أخذ يتراجع أمام بعض المفاهيم القانونية الحديثة التي شقت طريقها باتجاه بعض‬
‫التشريعات المعاصرة والتي اصبحت تقب‪//‬ل بإنش‪//‬اء الش‪//‬ركة من قب‪//‬ل ش‪//‬خص واح‪//‬د‪ ،‬على أس‪//‬اس إمكاني‪//‬ة‬
‫إحداث تخص‪//‬يص داخ‪//‬ل الذم‪//‬ة المالي‪//‬ة للش‪//‬خص‪ ،‬بحيث تع‪//‬دد ال‪//‬ذمم عن‪//‬ده‪ ،‬فيخص‪//‬ص ج‪//‬زءا من أموال‪//‬ه‬
‫للش‪//‬ركة تتعل‪//‬ق به‪//‬ا وح‪//‬دها دي‪//‬ون ال‪//‬دائنين دون غيره‪//‬ا من أم‪//‬وال ص‪//‬احبها‪ .33‬ثم ان‪//‬ه بفع‪//‬ل التط‪//‬ورات‬
‫االقتصادية ال‪//‬تي عرفته‪//‬ا الس‪//‬احة القانوني‪//‬ة ق‪//‬ام المش‪//‬رع بوض‪//‬ع العدي‪//‬د من الق‪//‬وانين في مي‪//‬دان األعم‪//‬ال‬
‫كالقانون ‪ 17. 95‬المتعلق بشركة المساهمة‪ ،34‬وكذا القانون ‪ 05.96‬المتعلق بباقي الشركات‪ 35‬ال‪/‬ذي ح‪/‬ل‬
‫محل قانون الشركات الفرنسي الصادر في سنة ‪ 1867‬المطبق بظهير ‪.1922‬‬

‫أما فيما يخص الشركات التجارية فتؤطرها اتفاقيات األطراف‪ ،‬و القانون المدني‪ ،‬والق‪//‬وانين التجاري‪//‬ة أي‬
‫مدونة التجارة‪ ،‬ثم قانون ش‪//‬ركات المس‪//‬اهمة (الق‪//‬انون ‪ ، 36)17.95‬ثم ق‪//‬انون ب‪//‬اقي الش‪//‬ركات التجاري‪//‬ة‪،‬‬
‫عالوة على ذلك القانون رقم(‪ )53.95‬القاضي بإحداث محاكم تجاري‪/‬ة ‪ ،‬حيث إن عق‪/‬د الش‪/‬ركة التجاري‪/‬ة‬
‫شأنه شأن غيره يتطلب توفر مجموعة من األركان العامة لعل من بينها نج‪//‬د‪ :‬ركن الرض‪//‬ا‪ ،‬ركن األهلي‪//‬ة‬
‫التجارية‪ ،‬ركن المحل والسبب‪ ،‬هذا فيما يخص األرك‪//‬ان العام‪//‬ة‪ ،‬أم‪//‬ا األرك‪//‬ان الخاص‪//‬ة فحس‪//‬ب الفص‪//‬ل‬
‫‪ 982‬من قانون االلتزامات و العقود التي جاء فيه‪//‬ا أن" الش‪//‬ركة عق‪/‬د بمقتض‪//‬اه يض‪//‬ع شخص‪//‬ان أو أك‪//‬ثر‬
‫أموالهم أو عملهم أو هما معا‪ ،‬لتكون مشتركة بينهم‪ ،‬بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنه‪//‬ا "نج‪//‬د عنص‪//‬ر‬
‫تعدد الشركاء والمساهمة في رأس المال‪ ،‬وتحقيق الربح وتحمل الخسارة وأخيرا نية المشاركة‪.‬‬

‫فاختالل أحد الأركان المذكورة سابقا قد يجع‪//‬ل القض‪//‬اء يحكم ببطالن عق‪//‬د الش‪//‬ركة وه‪//‬ذا البطالن ي‪//‬ترتب‬
‫عليه إرجاع المتعاقدين إلى نفس الحال التي كانوا عليها وقت إنشاء االلتزام وهذا م‪//‬ا ج‪//‬اء بش‪//‬كل واض‪//‬ح‬
‫في إطار مقتضيات الفصل ‪ 316‬من قانون التزامات والعقود"يترتب على إبط‪//‬ال االل‪//‬تزام وج‪//‬وب إع‪//‬ادة‬
‫المتعاقدين إلى نفس ومثل الحالة التي كانا عليها وقت نشأته‪ ،‬والتزام كل منهما بأن يرد لآلخر كل مأخ‪//‬ذه‬
‫منه بمقتضى أو نتيجة العقد الذي تقرر إبطاله‪ .‬وتطبق بشأن الحق‪//‬وق المكتس‪//‬بة على وج‪//‬ه ص‪//‬حيح للغ‪//‬ير‬
‫‪ 33‬فؤاد معالل «شرح القانون التجاري الجديد (الجزء الثاني) الشركات التجارية "الطبعة الخامسة‪ ،2016،‬دار االفاق المغربي‪//‬ة‪ ،‬ال‪//‬دار البيض‪//‬اء‪،‬‬
‫صفحة‪.29‬‬
‫‪ 34‬ظهير شريف رقم ‪ 1.96.124‬الصادر في ‪ 14‬ربيع االخر ‪ 30( 1417‬أغسطس ‪ )1996‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركات‬
‫المساهمة‪.‬‬
‫‪ 35‬ظهير شريف رقم ‪ 1.97.49‬الصادر في ‪ 5‬ش‪//‬وال ‪13(1417‬ف‪//‬براير‪ )1997‬بتنفي‪//‬ذ الق‪//‬انون رقم ‪ 5.96‬المتعل‪//‬ق بش‪//‬ركة التض‪//‬امن وش‪//‬ركة‬
‫التوصية البسيطة وشركة التوصية باألسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة‪.‬‬
‫‪ 36‬فؤاد معالل‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬السنة الجامعية‪،2020/ 2021‬‬
‫بدون طبعة‪ ،‬ص‪.9‬‬

‫‪20‬‬
‫الحسني النية األحكام الخاصة المقررة لمختلف العقود المس‪/‬ماة"‪ .‬ومن طبيع‪/‬ة الح‪/‬ال ينعكس ه‪/‬ذا الوض‪/‬ع‬
‫بشكل سلبي على كال الطرفي العقد‪.‬‬

‫ففي إطار النظرية العام‪/‬ة لالل‪/‬تزام‪ ،‬ف‪/‬إن العق‪/‬د ال‪/‬ذي تق‪/‬رر بطالن‪/‬ه يص‪/‬بح بال ج‪/‬دوى فيم‪/‬ا يتعل‪/‬ق‬
‫بالمستقبل‪ ،‬كما أنه ينعدم بأثر رجعي‪ ،‬كأن لم يكن باألساس‪ ،37‬ولتفادي تطبيق ه‪//‬ذه المقتض‪//‬يات في إط‪//‬ار‬
‫قانون الشركات جاءت نظرية الشركة الواقعية التي بموجبها الشخص المعن‪//‬وي ق‪//‬د وج‪//‬د واس‪//‬تمر إلى أن‬
‫قضى ببطالن العقد وذلك ألنه بالفعل كان في الفترة السابقة‪ .‬فالمشرع المغ‪//‬ربي ق‪//‬د اع‪//‬ترف بوج‪//‬ود ه‪//‬ذه‬
‫النظرية حس‪//‬ب مقتض‪//‬يات الم‪//‬ادة ‪ 346‬من ق‪//‬انون ‪17.95‬والم‪//‬ادة ‪ 347‬من نفس الق‪//‬انون‪ ،‬وك‪//‬ذا الم‪//‬ادة‬
‫‪ 362‬من ذات القانون في فقرتها الثانية‪.‬‬

‫فهذه النظرية تقضي بعدم البطالن في حالة تخلف ركن من الأرك‪//‬ان الالزم‪//‬ة وال‪//‬تي يجب أن تق‪//‬وم‬
‫عليها الشركة هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن النظرية جاء بها المشرع من أج‪//‬ل تعطي‪//‬ل االث‪//‬ر ال‪//‬رجعي‬
‫للبطالن في بعض الحاالت‪.‬‬

‫يمكن القول بأن الشركة الفعلية هي بمثابة اع‪/‬تراف ب‪//‬الوجود الفعلي للش‪//‬ركة وليس الق‪/‬انوني منه‪//‬ا‪،‬‬
‫وذلك في الفترة التي جاءت بين تأسيسها والحكم ببطالنها‪ ،‬وهذه النظرية من طبيعة الحال ق‪//‬د أقيمت على‬
‫أسس قانونية من بينها أن عقد الشركة من قبل العقود المستمرة التي تنفذ يوما بعد يوم فإذا أبطل هذا العقد‬
‫فإن البطالن يتناول المستقبل فقط فيجب حل الشركة وتصفيتها هذا من جهة‪ ،‬ومن جه‪//‬ة ثاني‪//‬ة ف‪/‬إن مج‪//‬ال‬
‫تطبيق هذه النظرية يتحدد في أنه يجب أن تكون الش‪//‬ركة ق‪//‬د باش‪//‬رت نش‪//‬اطها بالفع‪//‬ل‪ ،‬وذل‪//‬ك قب‪//‬ل الحكم‬
‫عليها بالبطالن ثم أنه يجب أن تكون الشركة قد باشرت نشاطها بالفعل‪ ،‬وذلك قبل الحكم عليها ب‪//‬البطالن‬
‫ثم أن‪//‬ه يجب أن يك‪//‬ون بطالن الش‪//‬ركة إم‪//‬ا بس‪//‬بب نقص االهلي‪//‬ة‪ ،‬أي أهلي‪//‬ة أح‪//‬د الش‪//‬ركاء في ش‪//‬ركات‬
‫الأشخاص أو بسبب عيب اعترى رضاه‪ ،‬وأخيرا بسبب عدم توفر الشروط الخاصة بنوع معين من أنواع‬
‫الشركة‪ ،‬ثم أن هذه الشركة يترتب عليها عدة آثار من ض‪//‬منها أن‪//‬ه ال يج‪//‬وز إثب‪//‬ات الش‪//‬ركة بكاف‪//‬ة ط‪//‬رق‬
‫الإثبات‪ ،‬ثم أنها تحتفظ بالشخصية المعنوية وتخضع لضريبة الأرباح التجارية وك‪//‬ذا الص‪//‬ناعية‪ ،‬وتخض‪//‬ع‬
‫تصفية الشركات الفعلية أيضا لنفس إجراءات تصفية الشركات الأخرى ‪.38‬‬

‫انطالق مما سبق يتضح أن المشرع عن‪//‬دما ج‪//‬اء به‪//‬ذه النظري‪//‬ة وخ‪//‬رج عم‪//‬ا ج‪//‬اء ب‪//‬ه في النظري‪//‬ة‬
‫العام‪//‬ة لالل‪//‬تزام‪ ،‬فه‪//‬ذا راج‪//‬ع ألس‪//‬باب من بينه‪//‬ا تحقي‪//‬ق التنمي‪//‬ة االقتص‪//‬ادية ال‪//‬تي ال يمكن ان تك‪//‬ون إال‬
‫باستقرار المعامالت‪.‬‬

‫‪ 37‬عبد الحق الصافي‪"،‬الوجيز في القانون المدني"‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪-‬المحمدية مطبعة النجاح‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء الجديدة‪ ،‬صفحة‪.204‬‬
‫‪ https://www.startimes.com 38‬الشركات الفعلية في قانون الشركات المغربي‪،‬تمت زيارته يوم ‪23/03/2024‬على الساعة‪.23: 14‬‬

‫‪21‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مكانة النظرية العامة للعقد في مدونة الشغل‬

‫لتأطير العالقات بين طرفي العقد الذي يربط المشغل باألجير كان البد من إصدار نصوص قانونية‬
‫تأخد بعين االعتبار خصوصية هذه العالقة‪ .‬فأحيانا نجد أن المش‪//‬غل يس‪//‬تغل ض‪//‬عف األج‪//‬ير ويف‪//‬رض م‪//‬ا‬
‫شاء من الشروط‪ ،‬ضمن بنود العقد بما في ذلك تشغيله في ظ‪//‬روف ص‪//‬عبة من قبي‪//‬ل ع‪//‬دم توف‪//‬ير ش‪//‬روط‬
‫الصحة واألم‪/‬ان‪ ،‬وحفاظ‪/‬ا على كرام‪/‬ة األج‪/‬ير ق‪//‬ام ه‪/‬ذا األخ‪/‬ير وغ‪/‬يره من األج‪/‬راء بالتكت‪/‬ل إلى ج‪/‬انب‬
‫األجراء في شتى القطاعات في إطار نقابات من أجل الدفاع عن حقوقهم وصيانة ك‪//‬رامتهم‪ ،‬مم‪//‬ا أدى إلى‬
‫تدخل الدولة كطرف ثالت عهد إليها تنظيم هذه العالقة‪.‬‬

‫لكن مع توالي صدور التنظيمات المتعلقة بقانون الشغل ب‪/‬دأ ي‪/‬تراجع مب‪/‬دأ الحري‪/‬ة التعاقدي‪/‬ة‪ ،‬ومب‪/‬دأ‬
‫القوة الملزمة للعقد‪.‬‬

‫فإذا كانت الحرية التعاقدية تدل على حرية الشخص في ابرام العقد أو عدم ابرامه‪ ،‬ف‪//‬إن ه‪//‬ذا المب‪//‬دأ‬
‫سيجعل رب العمل يفرض قوته على األجير‪ ،‬ومن أجل حماية هذا األخير قام المش‪//‬رع بوض‪//‬ع قي‪//‬ود ت‪//‬رد‬
‫على هذه الحرية ولعل من بينها نجد ‪:‬القيود الواردة على سلطة المشغل في اختيار نوع العقد‪ ،‬بحيث اذ تم‬
‫إعطاء إمكانية للمشغل من أجل اختيار أي نوع من العقود التي سيبرم‪ ،‬فإنه سيختار عق‪//‬ود مح‪//‬ددة الم‪//‬دة‪،‬‬
‫وهذا فيه تعسف واعتداء على األجير‪ ،‬بحيث يمكن طرده بمجرد انتهاء ه‪//‬ذه الم‪//‬دة‪ ،‬ل‪//‬ذلك ت‪//‬دخل المش‪//‬رع‬
‫وقام بوضع قواعد آمرة ال يمكن االتفاق على مخالفتها‪ ،‬حدد بمقتضاها على سبيل الحص‪//‬ر الح‪/‬االت ال‪/‬تي‬
‫يمكن فيها للمشغل اللجوء إلى ابرام عقود الشغل محددة المدة‪ ،‬وكذا تحديد مدتها‪ .‬كما حدد أيضا مدة ابرام‬
‫عقد الشغل ومن جهة أخرى تم تقييد حرية المشغل أيضا في اختيار األجير المتعاقد معه‪ ،‬فإذا كانت المادة‬
‫‪ 507‬من مدونة الشغل قد مكنت المشغل من اختيار أجرته وذلك بكل حري‪//‬ة خاص‪//‬ة فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق بتش‪//‬غيل‬
‫النساء‪.‬‬

‫وبخصوص القوة الملزمة للعقد‪ ،‬فالرجوع للفصل ‪ 230‬من ق‪.‬ل‪.‬ع نجد ب‪//‬أن االلتزام‪//‬ات التعاقدي‪//‬ة‬
‫أن “االلتزامات التعاقدية المنشأة على وج‪//‬ه ص‪//‬حيح تق‪//‬وم مق‪//‬ام الق‪//‬انون بالنس‪//‬بة إلى منش‪//‬ئيها‪ ،‬وال يج‪//‬وز‬
‫إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون‪.”39‬‬

‫انطالقا من الفصل المذكور سابقا‪ ،‬فإنه ال يمكن تعديل العقد أو الغاءه إال برضى طرفي العقد‪ ،‬غير‬
‫أنه تقضي مصلحة الشغل ادخال تعديالت على بعض العقود كإمكانية تعديل العقد فيما يتعلق بمدة الشغل‪،‬‬
‫وبرج‪//‬وع الى الم‪//‬ادة ‪ 185‬من مدون‪//‬ة الش‪//‬غل نج‪//‬د انه‪//‬ا تنص على أن‪//‬ه ’’ يمكن للمش‪//‬غل‪ ،‬بع‪//‬د استش‪//‬ارة‬
‫من‪/‬دوبي األج‪/‬راء والممثلين النق‪/‬ابيين بالمقاول‪/‬ة عن‪/‬د وج‪/‬ودهم‪ ،‬أن يقلص من م‪/‬دة الش‪/‬غل العادي‪/‬ة ولف‪/‬ترة‬

‫‪ 39‬الفصل ‪ 230‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬

‫‪22‬‬
‫متصلة أو منفصلة ال تتجاوز ستين يوما في السنة‪ ،‬وذلك عند حدوث أزم‪//‬ة اقتص‪//‬ادية ع‪//‬ابرة لمقاولت‪//‬ه أو‬
‫لظروف طارئة خارجة عن إرادته‪.40‬‬

‫انطالقا مما سبق يمكن القول بأن المشرع وضع مجموعة من القوانين ال‪//‬تي نظمت العالق‪//‬ة التعاقدي‪//‬ة بين‬
‫المشغل واألجير تفاديا ألي اعتداء من قبل الطرف القوي على الضعيف‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫وصفوة القول؛ نخلص إلى أن هناك قواسم مشتركة بين قانون االلتزامات والعقود (القانون المدني)‬
‫وقانون األعمال (القانون التجاري)؛ تتمثل في االركان الواجب توفرها في كال العقدين أال وهي الرضا و‬
‫األهلية و المحل و السبب‪ .‬لكن بالمقابل نجد هناك اختالفات بين الق‪//‬انونين نظ‪//‬را للخص‪//‬ائص ال‪//‬تي يتم‪//‬يز‬
‫بها القانون التجاري و هي السرعة و االئتمان؛ ومن هذه االختالفات؛ ندكر حرية اإلثبات في المع‪//‬امالت‬
‫التجارية حيث يجوز اإلثبات بكل الوسائل؛ عكس القانون المدني ال‪/‬ذي يف‪/‬رض اإلثب‪/‬ات كتاب‪/‬ة كلم‪/‬ا بلغت‬
‫قيمة المعامالت عش‪//‬رة االف درهم؛ أيض‪//‬ا هن‪//‬اك اختالف فيم‪//‬ا يخص التض‪//‬امن بين الم‪//‬دينين ؛ فالق‪//‬انون‬
‫التج‪//‬اري يف‪//‬ترض التض‪//‬امن في االلتزام‪//‬ات التجاري‪//‬ة و ذل‪//‬ك من أج‪//‬ل دعم الثق‪//‬ة و االئتم‪//‬ان الل‪//‬ذان‬
‫يطبعان المعامالت التجارية؛ عكس القانون المدني الذي ال يفترض التضامن بين الم‪//‬دينين و يش‪//‬رط أن‬
‫يكون منصوصا عليه في العقد أو في القانون ‪ .‬ومن هذه الفروق أيضا؛ تفاوت مدة التق‪//‬ادم بين الق‪//‬انونين؛‬
‫فالمعامالت المدية تتقادم بمرور ‪ 15‬سنة؛ في حين أن المعامالت التجارية تتقادم بمرور ‪ 5‬سنوات فقط‪.‬‬
‫‪ 40‬المادة ‪ 185‬من مدونة الشغل‬

‫‪23‬‬
‫وكخالص‪//‬ة؛ نش‪//‬ير إلى أن الق‪//‬انون الم‪//‬دني (ق‪.‬ل‪.‬ع) ه‪//‬و بمثاب‪//‬ة الش‪//‬ريعة العام‪//‬ة لق‪//‬انون األعم‪//‬ال‬
‫(ق‪.‬ت)؛ بمعنى أنه في حالة عدم وجود قاعدة ما في القانون التجاري فإنه يتم الرج‪//‬وع إلى قواع‪//‬د ق‪//‬انون‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬

‫الكتب‪:‬‬

‫‪ -‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد الجزء األول نظرية التاجر والنشاط التجاري‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪.‬‬
‫‪ -‬فريدة اليوموري ‪ ،‬شرح القانون التجاري ‪ ،‬االعمال التجارية و التاجر ‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الحق الصافي‪" ،‬الوجيز في القانون المدني"‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪-‬المحمدية مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء الجيدة‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمان أسامة‪ ،‬د الحاجي بناصر‪ ،‬المبادئ العامة لاللتزامات‪ ،‬طبعة ‪. 2010‬‬
‫‪ -‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر االلتزامات‪ ،‬الكتاب االول نظرية العقد‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪. 2015‬‬
‫‪ -‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء األول‬
‫مصادر االلتزامات‪ ،‬الطبعة الثانية‪.19726 ،‬‬
‫‪ -‬مصطفى کمال طه‪ ،‬العقود التجارية وعمليات البنوك‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪،2006‬‬
‫‪ -‬أحمد شكري السباعي‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪.‬‬
‫القوانين‪:‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.96.124‬الصادر في ‪ 14‬ربيع االخر ‪ 30( 1417‬أغسطس ‪)1996‬‬ ‫‪-‬‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركات المساهمة‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.2.238‬صادر في ‪ 25‬من رجب ‪ )3( 1423‬أكتوبر (‪ )2002‬بتنفيذ‬ ‫‪-‬‬
‫القانون رقم ‪ 17.99‬المتعلق بمدونة التأمينات الجريدة الرسمية عدد ‪ 5054‬الصادرة بتاريخ ‪2‬‬
‫رمضان ‪ )7( 1423‬نوفمبر (‪ )2002‬ص ‪.351‬‬

‫‪24‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.97.49‬الصادر في ‪ 5‬شوال ‪13(1417‬فبراير‪ )1997‬بتنفيذ الق‪//‬انون رقم‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 5.96‬المتعلق بشركة التضامن وشركة التوص‪//‬ية البس‪//‬يطة وش‪//‬ركة التوص‪//‬ية باألس‪//‬هم والش‪//‬ركة‬
‫ذات المسؤولية‪.‬‬
‫ظهير ش‪//‬ريف رقم ‪ 1.04.22‬ص‪//‬ادر في ‪ 12‬من ذي الحج‪//‬ة ‪ 3/ 1424‬ف‪//‬براير ‪ 2004‬بتنفي‪//‬ذ‬ ‫‪-‬‬
‫القانون رقم ‪ 70.03‬بمثابة مدونة األسرة‪.‬‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مدونة الشغل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم بحار "دور القضاء التجاري في تشجيع االستثمار" مجلة العلوم القانونية‪ ،‬العدد‬
‫األول ‪.2013‬‬
‫‪ -‬بوعبيد عباس‪ ،‬العقود التجارية والتجديدات الطارئة عليها‪ ،‬مقال منشور بمجلة المحامون‪ ،‬العدد‬
‫‪.1998 . 6‬‬
‫‪ -‬توفيق تكرومت‪ ":‬تأثير القوانين االقتصادية على قانون االلتزامات والعقود" مقال منشور بمجلة‬
‫القانون واالعمال‪ ،‬طبعة ‪.2019‬‬

‫التقارير‬

‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2004/12/01‬تحت عدد ‪ 1322‬في الف التجاري‬ ‫‪-‬‬
‫عدد ‪ 02/478‬منشور بمجلة المجلس األعلى عدد ‪ ،64‬ص ‪.11‬‬
‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 23/07/03‬تحت عدد ‪ 335‬في الملف ‪269/02‬‬ ‫‪-‬‬
‫قرار منشور في الجريدة المغربية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الفهرس‬

‫‪...........................................................................................................1‬كلمة شكر‬
‫‪............................................................................................................... 2‬مقدمة‬
‫‪...........................................5‬المبحث األول‪ :‬أحكام التعاقد بين النظرية العامة وقانون األعمال‬
‫‪...............................................................................................5‬المطلب األول‪ :‬أحكام التعاقد ومبدأ سلطان اإلرادة‬
‫‪...........................................................................................................5‬الفقرة األولى‪ :‬األركان العامة للتعاقد‬
‫‪...............................................................................................9‬الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة ومحدوديته‬
‫‪..........................................................................................................10‬المطلب الثاني‪ :‬مميزات قانون األعمال‬
‫‪................................................................................................11‬الفقرة األولى‪ :‬اعتماد التجارة على السرعة‬
‫‪................................................................................................11‬الفقرة الثانية‪ :‬اعتماد التجارة على االئتمان‬

‫‪..........................................................13‬المبحث الثاني‪ :‬القواعد الخاصة في مجال األعمال‬


‫‪..............................................................................13‬المطلب األول‪ :‬القواعد الموضوعية الخاصة بالعقود التجارية‬
‫‪................................................................................13‬الفقرة األولى‪ :‬مبدأ حرية اإلثبات في المعامالت التجارية‬
‫‪...................................................................................16‬الفقرة الثانية‪ :‬القواعد الخاصة بتنفيذ العقود التجارية‬
‫‪...........................................19‬المطلب الثاني‪ :‬مكانة النظرية العامة للعقد ضمن قانون الشركات التجارية ومدونة الشغل‬
‫‪.............................................................................22‬الفقرة الثانية‪ :‬مكانة النظرية العامة للعقد في مدونة الشغل‬

‫‪............................................................................................................. 24‬خاتمة‬
‫قائمة المراجع ‪25................................................................................................‬‬

‫‪26‬‬
27

You might also like