Professional Documents
Culture Documents
عرض في موضوع
وعليه فإن أحكام هذا القانون تسري على األشخاص املرتبطين بعقد الشغل ،أيا كانت طرق تنفيذه،
وطبيعة األجر املقرر فيه ،وكيفية أدائه ،وأيا كان نوع املقاولة التي ينفذ العقد داخلها.3
لذلك فعالقة الشغل كغيرها من الروابط القانونية التي تترتب أو تنشأ عنها نزاعات شغلية ،سواء
كانت فردية أو جماعية ،نتيجة لخالف قد يقع بين األجير واملشغل ،وإما أثناء تنفيذ وسريان العقد ،أو
انتهائه ،وإما حول بند من بنود عقد الشغل املبرم بينهما ،حيث نكون في هذه الحالة أمام ادعاءين قانونيين
متعارضين ،إذ أن كل طرف من طرفيه يدعي أنه على حق.4
لذلك فإن الشخص عند املنازعة ،يلجأ إلى القضاء طالبا إياه حماية الحق الذي يدعيه ،مرفوق
بإثبات يفيد بوجود الواقعة التي يرتب عليها القانون وجود الحق ،الذي ال يمكن للقضاء أن يقض ي له به
إال بوجود ما يثبت ذلك ،ومنه فاإلثبات يحتل مكانة متميزة في النزاعات القضائية ،بحيث ال يكفي
للشخص أن يدعي حقا حتى يستفيد منه ،بل يجب أن يكون قادرا على إثبات وجوده ،سواء كان ناتجا عن
عقد أو واقعة قانونية.
ويعد اإلثبات في معناه العام تأكيد وجود أو صحة أمر معين بأي دليل أو برهان ،أما اإلثبات بمعناه
القانوني ،وهو ما يطلق عليه اإلثبات القضائي ،فيقصد به إقامة الدليل أمام القضاء ،بطريقة من الطرق
التي يحددها القانون على وجود أو صحة واقعة متنازع فيها ،ومنه فإن قواعد اإلثبات متفرقة بين قانون
.1القانون رقم ،65.99الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ،1.03.194صادر في 14من رجب 11( ،1424سبتمبر ،)2003الجريدة الرسمية
عدد ،5167بتاريخ 13شوال 8( ،1424ديسمبر ،)2003الصفحة .3969
.2ياسين شادي ،القانون االجتماعي وسؤال التوازن بين األجير واملشغل "مدونة الشغل املغربية نموذجا" ،مقال منشور في مجلة مغرب
القانون ،على املوقع اإللكتروني ، www.maroclaw.com ،أطلع عليه بتاريخ 28فبراير ،2024على الساعة 20مساء و 30دقيقة.
.3املادة األولى من مدونة الشغل.
.4بوبكر توفيق ،اإلثبات في عقود الشغل الفردية على ضوء قانون الشغل املغربي ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،السويس ي الرباط ،السنة الجامعية ،2012-2011الصفحة .2
2
املوضوع وبين قانون الشكل في التشريع املغربي ،باإلضافة إلى كون اإلثبات من املسائل التي تحدد مجال
كل من األجير واملشغل.5
وقد مر قانون الشغل باملغرب في صيرورته التاريخية عبر محطات متعددة ،تتمثل أساسا في مرحلة
ما قبل االستعمار ثم مرحلة االحتالل وبعدها مرحلة االستقالل وصوال إلى إقرار مدونة الشغل.6
-مرحلة ما قبل االحتالل :املغرب خالل هذه املرحلة لم يعرف أي تنظيم قانوني للشغل باملفهوم
السائد حاليا ،إنما كانت عالقات الشغل آنذاك منظمة بموجب قواعد الفقه اإلسالمي ،كعقد اإلجارة في
اإلسالم إلى جانب بعض العادات واألعراف املحلية.
-مرحلة االحتالل :مع دخول االحتالل للمغرب بدأت قواعد الفقه اإلسالمي ومعها نظام الطوائف
الذي كان ينظم عالقات الشغل آنذاك بالتراجع ،خاصة بعد صدور ظهير االلتزامات والعقود الذي نظم
عقد إجارة الخدمة في الفصل 7204من ظهير االلتزامات والعقود ،لكن مع تطور وازدياد أفراد الطبقة
العاملة سواء من املغاربة أو الوافدين مع االحتالل الفرنس ي في املغرب ،وازدهار املشاريع الصناعية واتساع
دائرة العمال ،كان لزاما على مشرع آنذاك التدخل عن طريق إصدار مجموعة من القوانين التي تحكم
وتنظم العالقات الشغلية .منها ظهير 27شتنبر 19218املنظم ملكاتب الشغل ،ظهير 25يونيو 19279
املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.
-مرحلة االستقالل :كان االهتمام آنذاك منصب على سد الثغرات التي تعرفها القواعد القانونية
املنظمة لعالقات الشغل آنذاك ،والتي أصدرتها سلطات االحتالل حماية لحقوق رعاياها لذلك عمل
املشرع املغربي على إصدار مجموعة من النصوص التشريعية ،وذلك من خالل إحداث اإلطار التفاوض ي
لتطوير االتفاقيات أي عن طريق القانون االتفاقي ،وفي هذا السياق جاء ظهير 17أبريل 195710حول
االتفاقيات الجماعية قبل قانون النقابات ل 16يوليوز ،195711ثم املجلس األعلى لالتفاقيات الجماعية
املنظم واملؤسس للظهير الصادر في 29نونبر 196012الذي أشير إليه في ظهير .1957وعليه فإن مدونة
.5عبد اإلله شني ،نظام اإلثبات في نزاعات الشغل الفردية في ضوء القانون املغربي ،مجلة الحقوق ،سلسلة "املعارف القانونية والقضائية"،
العدد ،88سنة ،2023الصفحة .9
.6مصطفى مالكي ،قراءة تحليلية ملدونة الشغل ،منشور في املوقع اإللكتروني ، www.lakome2.com ،اطلع عليه بتاريخ 1مارس ،2024على
الساعة 10صباحا.
.7ينص الفصل 204من ظهير االلتزامات والعقود على ما يلي " :عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم لآلخر خدماته الشخصية ألجل
محدد أو من أجل أداء عمل معين ،في نظير أجر يلتزم هذا األخير بدفعه له".
.8الظهير الشريف الصادر في 24من محرم 27( ،1340سبتمبر ،)1921املتعلق بمكاتب تشغيل العمال.
.9الظهير الشريف الصادر في 25ذي الحجة 26( 1345يونيو )1927املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.
.10الظهير الشريف رقم ،1-57-067الصادر في 16رمضان 17( ،1376أبريل ،)1957املتعلق باتفاقية الشغل الجماعية.
.11ظهير شريف رقم ،1.57.119الصادر في 18ذي الحجة 16( ،1376يوليوز ،)1956املتعلق بالنقابات املهنية.
.12ظهير رقم ،1.58.145الصادر في 10جمادى اآلخرة 29( ،1380نوفمبر ،)1960املتعلق بإحداث املجلس أعلى لالتفاقيات الجماعية.
3
الشغل في شكلها الحالي قد مرت بمرحلة عسيرة قبل خروجها حيث أنه تم االنتظار من سنة 1965إلى
2004أي 49سنة لصدورها.
إضافة إلى أن موضوع اإلثبات يحض ى بأهمية كبيرة لذلك تولى املشرع املغربي تنظيمه سواء على
املستوى املوضوعي أو اإلجرائي وعلى الرغم من أهمية نصوص قانون الشغل بالنسبة للطبقة العاملة،
فإنها لم تكن تتوفر على أحكام خاصة تبين كيفية إثبات عقد الشغل ،وما يترتب عنه من حقوق والتزامات
أمام القضاء ،لذلك خول املشرع اللجوء إلى األحكام العامة في اإلثبات كما هي منظمة في ظهير االلتزامات
والعقود ،إ ال أن إخضاع املادة االجتماعية في اإلثبات للقواعد العامة يعتبر من العوائق التي تحول دون
بلورة قانون مستقل بقواعده ومبادئه الخاصة ،لذلك أقر املشرع املغربي مدونة كرست مبدأ االستقرار،
من خالل تنظيم بعض الوسائل الخاصة لإلثبات التي تتمتع بحجية قوية في إثبات عالقة الشغل.
-الجانب املوضوعي ،وتجلى في تحديد الهدف األساس ي من تنظيم املشرع ملسألة اإلثبات في إطار
نزاعات الشغل ،واملتمثل في حماية الطرف الضعيف الذي هو األجير كمبدأ عام أثناء قيام نزاع بينه وبين
مشغله وذلك من أجل استقرار الوضعية االجتماعية لهذا الطرف األخير.
-الجانب العملي ،يحظى موضوع اإلثبات بأهمية بالغة في كونه يعتبر أهم الوسائل التي تمكن املدعي
من الوقوف أمام القضاء واملطالبة بحقوقه ،ذلك أن وقوع نزاع بين األجير واملشغل ال يمكن أن يترتب عنه
حقوق إال باالعتماد على الوسائل املحددة قانونا في اإلثبات مما يخول للقاض ي دورا إيجابيا في تحقيق
التوازن بين طرفي العالقة.
-الجانب االقتصادي ،لكون طبيعة العالقة التي تجمع بين األجير واملشغل لها مزايا اقتصادية تعود
بالنفع على األفراد واملجتمع وذلك من خالل العمل املقدم من األجير وأداء األجر من قبل املشغل.
وبناء على ما سبق يمكننا طرح إشكالية أساسية مفادها :إلى أي حد استطاع املشرع املغربي من خالل
تنظيمه ملسألة اإلثبات في نزاعات الشغل تكريس طابع حمائي يضمن استقرار العالقات الشغلية؟
لإلجابة عن اإلشكالية املطروحة وعن باقي األسئلة التي قد ترد في غمار البحث ،وملقاربة املوضوع من
الناحية الشمولية ،ارتئينا اعتماد املنهج التحليلي ،وذلك بتحليل مجموعة من النصوص القانونية املؤطرة
لإلثبات في كل من مدونة الشغل وظهير االلتزامات والعقود.
4
عموما فاملوضوع املاثل أمامنا ،يقتض ي اعتماد تقسيم ثنائي يضم محورين رئيسين كما يلي:
5
المطلب األول:
القواعد المنظمة لإلثبات يف العالقات الشغلية
يرتكز اإلثبات على إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق املحددة في القانون ،وعلى بيان وجود حق
متنازع عليه ،مما يترتب عليه نتائج قانونية .وبالتالي فإن اإلثبات في جوهره يسعى إلى إقناع املحكمة بادعاء
أو دحض ادعاء الخصم ،ألن القاعدة العامة في مجال اإلثبات حسب الفصل ،13399من ظهير االلتزامات
والعقود والتي تقتض ي بأن البينة على املدعي.14
واإلثبات بمعناه العام هو :إقامة الدليل على الحق أو واقعة من الوقائع .وبمعناه الخاص هو إقامة
الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على حق أو على واقعة معينة تترتب عليها آثار ،وعليه
فاملشرع املغربي قد حدد وسائل اإلثبات في أغلب القوانين ،حيث ال يجوز اإلثبات بغيرها ،إال أنه في بعض
القوانين كالقانونين التجاري واالجتماعي جعل األصل هو حرية اإلثبات ،وهذا ما يستشف من خالل املادة
18من مدونة الشغل ،والتي نصت على أنه "يمكن إثبات عقد الشغل بجميع وسائل اإلثبات".15
واملشرع بعدم حصره وسائل اإلثبات في هذه املادة ،يكون قد سخر جميع وسائل اإلثبات املتاحة
عندما يتعلق األمر بقانون الشغل ،وبذلك يمكن اعتماد جميع وسائل اإلثبات املنصوص عليها في القانون
املدني باعتباره األصل الذي تفرع منه قانون الشغل (الفقرة األولى) ،وهذا ال ينفي أن هناك وسائل إثبات
خاصة ينفرد بها هذا القانون (الفقرة الثانية).
.13ينص الفصل 399من ظهير االلتزامات والعقود على ما يلي " :إثبات االلتزام على مدعيه".
.14عائشة برشان ،اإلثبات في املادة االجتماعية ،مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية ،العدد ،40مارس ،2022الصفحة
.12
.15أمينة رضوان ،مقال بعنوان" :حرية اإلثبات في املادة الشغيلة" ،منشور في املوقع االلكتروني املعلومة القانونية:
،www.alkanounia.info.maاطلع عليه بتاريخ 16فبراير ،2024على الساعة 11صباحا و 40دقيقة.
.16تنص املادة 18من مدونة الشغل على ما يلي" :يمكن إثبات عقد الشغل بجميع وسائل اإلثبات.
إذا كان عقد الشغل ثابتا بالكتابة أعفي من رسوم التسجيل".
.17تراجع املادة 516من مدونة الشغل.
6
املستعمل ....18كما يمكن أن يبرم عقد الشغل بصورة شفهية ،وبه إذا كان العقد شفويا أو مكتوبا ماهي
وسائل إثباته؟ فحسب املادة 18املشار إليها فإن عقد الشغل يمكن إثباته بكافة وسائل اإلثبات ،19وهو
ما سنحاول معالجته في موضوعنا هذا ،وسائل اإلثبات املوضوعية (أوال) ،عل أن نتطرق إلى وسائل اإلثبات
اإلجرائية (ثانيا).
فاإلقرار أو االعتراف من الناحية القانونية هو إقرار للخصم في الدعوى بحق للغير على نفسه فتكون
ذمته مشغولة بهذا الحق ملصلحة الغير .22وعليه فإن اإلقرار ليس له شكل محدد فقد يكون صريحا أو
ضمنيا ،كعدم منازعة املشغل في عالقة الشغل التي تربطه بأجيره والجواب مباشرة بأنه غادر العمل من
تلقاء نفسه ،واإلقرار الصريح قد يكون مكتوبا أو شفويا ،كما أن اإلقرار قد يكون في جميع األحوال إقرارا
قضائيا أو غير قضائي.23
7
فاإلقرار القضائي هو االعتراف الذي يقوم به الخصم أو نائبه املأذون له في ذلك إذنا خاصا أمام
املحكمة ،كما أن اإلقرار الحاصل أمام قاض غير مختص أو الصادر في دعوى أخرى ،يكون له نفس أثر
اإلقرار القضائي ،باإلضافة الى الفصل 40624من ظهير االلتزامات والعقود والذي ينص في مضمونه على
أن اإلقرار يمكن أن ينتج عن سكوت الخصم عندما يوجه إليه القاض ي أمر لإلجابة عن الدعوى املوجهة
إليه فيلوذ بالصمت وال يطلب أجال لإلجابة عنها،
وقد يكون شفويا كما أنه قد يكون كتابيا ،من خالل مذكرة موقعة من الخصم وموجهة إلى املحكمة،
وهو ما جاء في قرار ملحكمة النقض ما يلي:
"حيث أن الثابت من واقع امللف أن محكمة الدرجة أخدت بمقال الدعوى حين قضت على املطلوبة
التي تخلفت رغم التوصل بمبلغ الدين املدعى به من قبل الطالبة ،واملحكمة مصدرة القرار املطعون فيه
التي نازعت املطلوبة أمامها ضمن أسباب استئنافها في مقدار املديونية ،فأمرت في إطار تحقيق الدعوى
بإجراء خبرة حسابية وأخدت بنتيجتها لم يكن لها إعمال مقتضيات الفصلين 405و 406من ظهير
االلتزامات والعقود ،أو الجواب على تمسك الطالبة بهما لعدم تأثير ذلك على وجه قضائها ،وبخصوص
الدفع بإقرار املطلوبة باملديونية ،فإنه بالرجوع إلى مقال االستئناف املقدم من طرفها – كما كام معروضا
على قضاة املوضوع ،-يلفى أنها لم تقر باملديونية املدعى بها وإنما نازعت فيها ،حين ذكرت بأنها عجزت عن
أداء الدين لكن ليس بالقدر الوارد في املقال االفتتاحي ،وهو ما يعتبر إقرارا مركبا ال يجوز تجزئته ضد
صاحبه عمال بالفصل 414من ظهير االلتزامات والعقود ،عالوة على ذلك ،فالطالبة لم تبين الدفوع
العديدة التي أتارتها ولم تتناولها املحكمة باملناقشة والتسبيب والفرع من الوسيلة على غير أساس فيما
عدا هو غير مبين فهو غير مقبول" .25
أما اإلقرار غير القضائي فهو الذي نص عليه الفصل 40726من ظهير االلتزامات والعقود واملقصود
به هو الذي يحصل خارج مجلس القضاء ،وهو واقعة يعود تقديرها للقاض ي وفقا لظروف الدعوى
ومالبستها ،حيث يمكن له أن يجعل منه حجة قاطعة أو يجرده من هذه الحجية ،وال تخضع هذه السلطة
التقديرية في ذلك إلى رقابة محكمة النقض.
-2شهادة الشهود
إن شهادة الشهود من أهم وسائل اإلثبات املنصوص عليها في ظهير االلتزامات والعقود وذلك في
الفصل 404منه وتعد األكثر استعماال في امليدان االجتماعي واألكثر انتشارا في الساحة القانونية فيما
8
يتعلق في نزاعات الشغل ال سيما في إثبات العالقة بين األجير واملشغل وذلك بالنظر للطابع الحمائي الذي
يقره املشرع للطرف األجير ،وتعرف شهادة الشهود حسب أحد الباحثين أنها " :إخبار اإلنسان في مجلس
القضاء بواقعة صدرت من غيره يترتب عليها حق لغيره ،ويجب أن يكون الشاهد قد أدرك شخصيا بحواسه
الواقعة التي يشهد بها".27
إال أنه بالرجوع إلى الفصل 28443من ظهير االلتزامات والعقود قد منع قبول شهادة الشهود كوسيلة
إلثبات االتفاقيات التي يتجاوز مبلغها أو قيمتها 10.000درهم .لكن املشرع أورد استثناء في الفصل 448
من نفس القانون والذي ينص على ما يلي:
أ) كل يفقد فيها الخصم املحرر الذي يتضمن الدليل الكتابي اللتزام له أو لتحلل من التزم عليه ،نتيجة
حادث فجائي أو قوة قاهرة أو سرقة .وتخضع األوراق النقدية والسندات لحاملها ألحكام خاصة،
أ) إذا تعذر على الدائن الحصول على دليل كتابي إلثبات االلتزام كالحالة التي تكون فيها االلتزامات
ناشئة عن أشباه العقود وعن الجرائم وأشباه الجرائم والحالة التي يراد فيها إثبات وقوع غلط مادي في
كتابة الحجة أو حالة الوقائع املكونة لإلكراه أو الصورية أو االحتيال أو التدليس التي تعيب الفعل القانوني
وكذلك األمر بين التجار فيما يخص الصفقات التي لم تجر العادة بتطلب الدليل الكتابي إلثباتها.
تقدير الحاالت التي يتعذر فيها على الدائن الحصول على الدليل الكتابي موكول ملحكمة القاض ي".
فالقضاء االجتماعي غالبا ما يركز على الشهادة كوسيلة إلثبات عقد الشغل أو نفيه وله في ذلك كامل
السلطة التقديرية ،29كما أنها تعتبر الوسيلة األكثر استعماال في مجال نزاعات الشغل الفردية ،والسبب
في ذلك أن معظم املقاوالت واملؤسسات التي تشغل األجراء هي ذات طابع غير مهيكل ،أي أنها ال تتوفر على
سجالت خاصة باألجراء ،مما يصعب معه حصولهم على وثائق كتابية تحدد وضعيتهم املهنية وتضبط
عالقتهم بمشغلهم ،مما يجعل أغلب عقود الشغل شفوية ،وهو ما يخلق نوع من الصعوبة في إثبات
العالقة الشغلية.30
.27إدريس العلوي ،وسائل اإلثبات في التشريع املغربي ،مطبعة النجاح ،الدار البيضاء ،الصفحة .96
.28يراجع الفصل 443من ظهير االلتزامات والعقود.
.29دنيا امباركة ،حسن النية في تنفيذ عقد العمل ،مجلة طنجيس للقانون واالقتصاد ،العدد األول ،سنة ،2001الصفحة .103
.30أمينة رضوان ،املنتقى في املنازعات الشغلية على ضوء الفقه والعمل القضائي ،مرجع سابق ،الصفحة .72
9
-3الكتابة
فالكتابة تحظى بمكانة متميزة في اإلثبات وخاصة التصرفات القانونية دون الوقائع املادية التي يجوز
إثباتها بكافة الوسائل ،فمن حيث املبدأ نجد أن املشرع املغربي لم يشترط الكتابة إلبرام عقد الشغل ،إال
أننا نجد في الفقرة الثانية من املادة 15من مدونة الشغل والتي تنص على " في حالة إبرام عقد الشغل
كتابة ،وجب تحريره في نظيرين موقع عليهما من طرف األجير واملشغل ،ومصادق على صحة إمضائها من
قبل الجهة املختصة ،ويحتفظ األجير بأحد النظيرين" .وهنا يطرح تساؤل هل الكتابة املنصوص عليها في
هذه املادة هل هي شرط انعقاد أم شرط إثبات؟
في هذا الصدد ،انقسم الفقه بين رأيين ،رأي يعتبر الكتابة ركنا شكليا في إبرام بعض عقود الشغل،
وبين رأي آخر يعتبرها مجرد وسيلة من وسائل اإلثبات ،وذلك بمنطلق أن العقد الكتابي ليس إال أداة
تسمح لألجير بمعرفة األحكام التي تؤطر عمله وأجره ،31وبالرجوع إلى مدونة الشغل نجد أن هدف املشرع
هو حماية النظام العام االجتماعي ،من خالل حماية الحقوق وااللتزامات املترتبة عن عقود الشغل ،وذلك
ملا لها من آثار مهمة على فئة من األجراء التي قد تتالش ى حقوقها في حالة نشوب نزاع حول إثبات عقود
شغلها ،الش يء الذي يستنتج معه أن الكتابة هي وسيلة من وسائل اإلثبات وليس ركنا شكليا من األركان
الجوهرية لعقود الشغل .32لكن ما يثار في هذا الصدد ما مصير عقد الشغل الكتابي في حالة عدم
املصادقة على توقيعي األجير واملشغل لدى السلطة املحلية ،هل يعتبر عقد باطل وال يرتب أي آثار النعدام
شكلية املصادقة؟
الفرضية األولى :إن العقد في هذه الحالة يعتبر باطال بالرغم من كون األصل في عقد الشغل شفوي
واالستثناء كتابة استنادا إلى مضمون الفصل 40من ظهير االلتزامات والعقود ،والذي ينص على أنه" :إذا
لم يكن العقد خاضعا لشكل خاص واتفق عاقداه صراحة على أنهما ال يعتبرانه تاما إال إذا وقع في شكل
معين ،فإن االلتزام ال يكون موجودا إال إذا حصل في الشكل الذي اتفق عليه العاقدان".
الفرضية الثانية :إن املبدأ الذي يسود اإلثبات في املادة الشغلية هو حرية اإلثبات أي أن عقد الشغل
شأنه شأن أي مقتض ى في قانون الشغل يمكن إثباته بجميع وسائل اإلثبات املتاحة سواء تلك املقررة في
املادة املدنية أو املضمنة في مدونة الشغل ذاتها .وعليه فإذا أغفل املتعاقدان على املصادقة فإنه يمكن
اثبات عقد الشغل بكافة وسائل اإلثبات املنصوص عليها في ظهير االلتزامات والعقود.
.31أشرف جنوي ،املدخل لدراسة قانون الشغل املغربي ،مكتبة املعرفة-مراكش ،-الطبعة األولى ،سنة ،2018الصفحة .179
.32أشرف جنوي ،املرجع أعاله ،نفس الصفحة.
.33أمينة رضوان ،املنتقى في املنازعات الشغلية على ضوء الفقه والعمل القضائي ،مرجع سابق ،الصفحة .71
10
وفي هذا الشأن تنص املادة 30من قانون العمل املصري رقم 137الذي يعود لسنة 1981على ما يلي:
"يجب أن يكون عقد العمل ثابتا بالكتابة ومحررا باللغة العربية من ثالث نسخ لكل من الطرفين
نسخة والثالثة ملكتب التأمينات االجتماعية املختص .ويجب أن يتضمن على األخص البيانات اآلتية:
-2اسم العامل ومؤهله ومهنته ومحل إقامته وما يلزم إلثبات شخصيته.
-3األجر املتفق عليه وطريقة موعد أدائه وكذلك سائر املزايا النقدية والعينية املتفق عليها.
فإذا لم يوجد عقد مكتوب على العامل وحده إثبات حقوقه بجميع طرق اإلثبات ويعطي العامل
إيصاال بما يكون قد أودعه لدى صاحب العمل من أوراق وشهادات" .34وهو ما يؤكد بأن املشرع املصري
أيضا اعتبر في هذا الصدد أن الكتابة هي وسيلة إثبات وليس انعقاد.
-4القرائن
عرفها املشرع املغربي في إطار الفصل 35499من ظهير االلتزامات والعقود بأنها دالئل يستخلص منها
القانون أو القاض ي وجود وقائع مجهولة.
كما نجد املشرع الفرنس ي عرفها في إطار الفصل 1449من القانون املدني الفرنس ي بأنها استنتاج
واقعة مجهولة من واقعة معلومة.
لذلك فالقرائن هي إما قانونية وفقا للفصل ،449من ظهير االلتزامات والعقود ،وإما قرائن قضائية
وهي موكولة لحكمة القاض ي ويشترط فيها أن تكون خالية من اللبس أو أن تكون متعددة ومتوافقة فيما
بينها نص عليها املشرع في الفصل ،36454من ظهير االلتزامات والعقود.
ومن أمثلة القرائن التي تعد بمثابة إثبات عقد الشغل ،حيازة األجير لدراجة نارية ينتقل بها والتي
توجد في ملكية املشغل ،قرينة أولية على وجود عالقة شغل بين الطرفين ،وكذلك حيازة بعض أدوات
العمل األخرى مثل حيازة العامل لبدلة العمل التي كتب عليها اسم الشركة التي يشتغل بها العامل واسم
.34الحاج الكوري ،مدونة الشغل الجديدة القانون رقم 65.99أحكام عقد الشغل مرجع سابق ،الصفحة .84
.35تنص املادة 449من ظهير االلتزامات والعقود على ما يلي " :القرائن دالئل يستخلص منها القانون او القاض ي وجود وقائع مجهولة".
.36ينص الفصل 454من ظهير االلتزامات والعقود على ما يلي" :القرائن التي لم يقررها القانون موكولة لحكمة القاض ي ،وليس للقاض ي أن
يقبل إال القرائن القوية الخالية من اللبس أو القرائن املتعددة التي حصل التوافق بينها ،وإثبات العكس سائغ ،ويمكن حصوله بكافة الطرق".
11
البضاعة التي تنتجها وكذلك إذا كان األجير يسكن في محل تابع للشركة (السكن الوظيفي) ،فهذه قرائن
من حق العامل أن يثبت بها وجود عقد شغل.37
وفي نفس السياق ذهبت محكمة االستئناف بتازة في عدة قرارات صادرة عنها بحيث اعتبرت تسجيل
األجير من قبل مشغله لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي يعد قرينة قوية على ارتباطهما بعالقة
الشغل.38
-1اليمي
أقر املشرع املغربي اليمين كوسيلة من وسائل اإلثبات في الفصل 46039من ظهير االلتزامات والعقود
والذي أحال نصوص قانون املسطرة املدنية ،40وذلك في الفصل 85إلى الفصل 88منه ،ويقصد باليمين
إشهاد هللا تعالى على صدق ما يخبر به الحالف .41وتؤدى بالصيغة الواردة في الفقرة األخيرة من الفصل 85
من قانون املسطرة املدنية " أقسم باهلل العلي العظيم".
12
-اليمين املتممة :متى الحظت املحكمة أن وسيلة اإلثبات املعروضة عليها غير كافية في اقتناعها واطمئنانها،
فإن لها أن تزكيها بيمين يحلفها صاحب الحجة ،وهذا ما أقره الفصل 87من قانون املسطرة املدنية الذي
نص على " إذا اعتبرت املحكمة أن أحد األطراف لم يعزز ادعاءاته بالحجة الكافية أمكن لها تلقائيا أن
توجه اليمين إلى هذا الطرف بحكم يبين الوقائع التي ستتلقى اليمين بشأنها ،وبمقتض ى هذا الفصل يتضح
أن خصائص اليمين هي ثالث :أوال هي وسيلة إثبات ،ثانيا أن املحكمة تأمر بها بإرادتها وتلقائيا ،ثالثا تصدر
بمقتض ى حكم قضائي .وعموما فإن هذه اليمين ال تخول الحق للطرف الذي أمرته املحكمة بإدائها أن
يقلبها على خصمه ليؤديها بدال منه.42
-اليمين الحاسمة :هي وسيلة يوجهها أحد الخصمين لآلخر إلثبات حق أو إنكاره وتؤدى في الجلسة
بحضور الطرف الذي طلبها أو بعد استدعائه بصفة قانونية ،وهو ما أشار إليه املشرع املغربي في الفقرة
األولى من الفصل 85من قانون املسطرة املدنية حيث نص على أنه " إذا وجه أحد الـأطراف اليمين إلى
خصمه إلثبات ادعاء أورده هذا األخير لحسم النزاع نهائيا فإن الخصم يؤدي اليمين في الجلسة بحضور
الطرف اآلخر أو بعد استدعائه بصفة قانونية" .وفي حالة ما إذا أمرت املحكمة بها من تلقاء نفسها تكون
قد خرقت مقتضيات الفصل 85من القانون املذكور ،مما يعرض قرارها للنقض ،كذلك تعتبر هذه اليمين
متى أديت فإن أداءها يحسم في النزاع القضائي .إال أنه ال يمكن اعتبارها يمين حاسمة إال في الحاالت التي
يجوز استعمالها دون الحاالت التي ال يجوز توجيهها.43
-2المعاينة
عالج املشرع املغربي املعاينة كإجراء من إجراءات التحقيق في الدعوى بمقتض ى الفصل 67الى الفصل
70من قانون املسطرة املدنية ،بحيث يمكن للقاض ي من خاللها أن يأمر تلقائيا أو بناء على طلب األطراف
بالوقوف على املكان ملشاهدة موضوع النزاع وذلك بعد تحديده لليوم والساعة التي ستتم فيها املعاينة
وذلك بحضور األطراف الذين يتم استدعائهم بصفة قانونية وذلك طبقا للفصل 4467من القانون
املذكور ،كما يمكنه اشعار النيابة العامة إذا كان وجودها ضروريا في الجلسة طبقا للفصل 645من القانون
نفسه .وبعد ذلك يتم تحرير محضر املعاينة ويوقع عليه رئيس الهيئة التي قامت به وكاتب الضبط ،أو من
طرف القاض ي املقرر أو القاض ي املكلف بالقضية وكاتب الضبط ويودع رهن إشارة األطراف بكتابة الضبط
.42الطاهر الكركري ،الشرح الوجيز لقانون املسطرة املدنية باملغرب وفق التعديل والتحيين ،الطبعة األولى ،مطبعة وراقة بالل ،سنة ،2014
الصفحة .60
.43الطاهر الكركري ،املرجع أعاله ،الصفحة .59
.44ينص الفصل 67من قانون املسطرة املدنية عل ما يلي " :إذا أمر القاض ي تلقائيا أو بناء على طلب األطراف بالوقوف على عين املكان فإنه
يحدد في حكمه اليوم والساعة التي تتم فيها بحضور األطراف الذين يقع استدعاؤهم بصفة قانونية فإذا كان األطراف حاضرين وقت النطق
بالحكم أمكن للقاض ي أن يقرر حاال االنتقال إلى عين املكان".
.45ينص الفصل 6من قانون املسطرة املدنية على ما يلي " :يمكن للنيابة العامة أن تكون طرفا رئيسيا أو أن تتدخل كطرف منضم وتمثل
األغيار في الحالة التي ينص عليها القانون".
13
طبقا للفصل 7046من قانون املسطرة املدنية .وترتبط املعاينة في النزاعات االجتماعية ،مثال بمعاينة
األضرار التي لحقت آالت وإنتاج املقاولة بسبب أعمال شغب املضربين عن العمل ،أو معاينة األضرار التي
لحقت األجير جراء حادثة شغل مثال ،والغاية من املعاينة هو تمكين القاض ي من على معرفة شخصية
بوقائع النزاع 47لذلك يمكن لألجير االعتماد على هذا املحضر إلثبات عقد الشغل ،طاملا أن اإلثبات غير
مقيد بأي شرط ويتم بأي وسيلة تفي بالغرض.
الخبة
-3ر
تعد الخبرة من بين أهم إجراءات التحقيق التي يلتجأ إليها قضاة املوضوع وأكثرها تطبيقا في العمل
القضائي وقد نظمها املشرع املغربي بمقتض ى الفصل 59إلى الفصل 66من قانون املسطرة املدنية ،وأمام
غياب تعريف محدد للخبرة إال أنه قد عرفها أحد الفقهاء بأنها " إجراء يعهد به القاض ي إلى شخص مختص
ينعت بالخبير للقيام بمهمة محددة تتعلق بواقعة أو وقائع مادية يستلزم البحث فيها أو على العموم إبداء
رأي يتعلق بها علما أو فنا ال يتوفر في الشخص العادي ليقدم له بيانا أو رأي ال يستطيع القاض ي الوصول
إليه وحده" .48وما يمكن التأكيد عليه في هذا الصدد أن الخبرة هي من األمور الغير امللزمة ملحاكم املوضوع
فهي تدخل ضمن السلطة التقديرية ملحاكم املوضوع مالم يفرضها املشرع في حاالت محددة.49
وعليه فإن الخبرة ال تلجأ إليها املحكمة إال إذا تعلق األمر بالتحقيق في واقعة تقنية أو فنية ال عالقة
لها بالقانون ،مثل ذلك االستعانة على دفاتر املشغل حول األجور املدفوعة لألجير ،تحديد املسافة
الفاصلة بين مقر العمل األصلي لألجير ومقر العمل الذي تم تنقيله إليه من طرف املشغل ،ومعرفة تأثير
هذا التغير على عالقة الشغل.50
وهو ما أكده القضاء في العديد من قرارته نذكر منها ما جاء في ابتدائية الفقيه بن صالح إذ انتدبت
خبيرا في امللف االجتماعي الصادر حكمه في تاريخ 2005/3/19حيث قض ى بالتعويض لفائدة األجير وكانت
املهمة املنوطة بالسيد الخبير االطالع على سجالت األجور املمسوكة من قبل املدعي عليه وتحديد وضعيته
.46ينص الفصل 70من قانون املسطرة املدنية على ما يلي " :يحرر محضر االنتقال على عين املكان ويوقع حسب األحوال من طرف رئيس
الهيئة التي قامت به ،وكاتب الضبط أو من طرف القاض ي املقرر ،أو القاض ي املكلف بالقضية ،وكاتب الضبط ،ويودع هذا املحضر رهن إشارة
األطراف بكتابة الضبط".
.47كريم أبو طالب ،اإلثبات بين مدونتي التجارة والشغل ،رسالة لنيل دبلوم املاستر ،جامعة موالي إسماعيل ،كلية القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،مكناس ،السنة الجامعة ،2013-2012الصفحة .177
.48محمد جمال الدين زكي ،الخبرة في املواد املدنية والتجارية ،أشارت إليه دنيا امباركة ،مرجع سابق ،الصفحة .106
.49الخبرة القضائية في ضوء القانون املغربي ،منشور في املجلة اإللكترونية مجلة الفقه والقانون ،www.majalah.new.ma ،اطلع عليه
بتاريخ 20فبراير ،2024على الساعة 14بعد الزوال و 20دقيقة.
.50كريم أبو طالب ،اإلثبات بين مدونتي التجارة والشغل ،مرجع سابق ،الصفحة .179
14
من حيث مبلغ األجرة التي يتقاضاه والعناصر املكونة لها وآخر فترة تقاض ى عنها أجرته وتحديد الفرق بين
ما كان يتقضاه والحد األدنى لألجور ابتداء من 1990/11/21إلى 02/3/30وآخر عطلة استفاد منها.51
-االسم الشخص ي والعائلي لألجير وتاريخ ازدياده وتاريخ دخوله الى العمل ووظيفته ومبلغ أجرته ،ورقم
تسجليه ب53الصندوق الوطني للضمان االجتماعي.
.51حكم ابتدائية الفقيه بن صالح ،ملف عدد ،04/132الصادر بتاريخ ،05/3/19أشار إليه كريم أبو طالب ،مرجع سابق ،الصفحة .180
.52املرسوم رقم ،2.04.422الصادر في ذو القعدة 29(1425ديسمبر ،)2004بتحديد البيانات التي يجب أن تتضمنها بطاقة الشغل ،الجريدة
الرسمية عدد 21 5279،ذو القعدة 3(1425ياناير ،)2005الصفحة .4
.53أمنية رضوان املنتقى في املنازعات الشغلية على ضوء الفقه والعمل القضائي ،مرجع سابق ،الصفحة .65/63
15
وتحض ى هذه البيانات السابق ذكرها بأهمية بالغة نظرا للدور الذي تقوم به في حل الكثير من
اإلشكاالت التي تقع فيها املحاكم ،فهذه البيانات تساعد القاض ي على أخذ جميع العناصر من عالقة شغل
ومدة عمل وطبيعة األجرة ،وكل هذا يجعل من بطاقة الشغل أهم وسيلة إثبات في نزاعات الشغل.54
حيث جاء في حكم صادر عن ابتدائية مكناس" ...حيث إن عالقة الشغل بين الطرفين ثابتة استنادا
إلى بطاقة الشغل.55"...
ب) شهادة العمل
شهادة العمل تم إيرادها في نص املادة 72من مدونة الشغل والتي جاء فيها" يجب على املشغل عند
انتهاء عقد الشغل ،تحت طائلة أداء تعويض ،أن يسلم األجير شهادة شغل داخل أجل أقصاه ثمانية أيام".
والواضح من املادة أعاله ،أن شهادة العمل تعتبر من أبرز االلتزامات امللقاة على عاتق املشغل ،والذي
يكون ملزما بتسليمها لألجير عند انتهاء العمل أو عندما يحتاجها ،وهي تعتبر وسيلة إثبات وجود عالقة
شغل بين األجير واملشغل.56
واألبعد من ذلك أن املشرع وضع جزاءات في حق املشغل الذي يرفض تسليم شهادة العمل ،وذلك
ما جاءت به املادة 7857من مدونة الشغل حيث تم فرض عقوبة على املشغل تتراوح ما بين 300و500
درهم ونفس العقوبة في حالة عدم تجديده لشهادة العمل.
ونظرا لألهمية التي تحض ى بها شهادة العمل ضمن وسائل اإلثبات في املادة االجتماعية ،فإن املشرع
جعلها غير خاضعة لرسوم التسجيل حتى ولو اشتملت على بيانات أخرى غير البيانات الواردة في الفقرة
الثانية من املادة 72من مدونة الشغل.58
أما بخصوص البيانات التي يجب ان تتضمنها شهادة العمل فإنها تقتصر على اإلشارة إلى تاريخ التحاق
األجير باملقاولة ،ثم تاريخ املغادرة وكذا مناصب الشغل التي تقلدها ،وقد يتفقان على تضمينها ببيانات
تتعلق بمؤهالت األجير املهنية.
.54املهدي املرابط ،االثبات في نزاعات الشغل الفردية ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في العلوم القانونية ،جامعة محمد الخامس كلية الحقوق
أكدال ،سنة ،2010الصفحة .42
.55حكم صادر عن املحكمة االبتدائية بمكناس بتاريخ 2013/08/27في امللف االجتماعي رقم .2011/1501/44
.56مصطفى املاركاني ،اإلثبات في عقود الشغل الفردية بين مصالح املقاولة وحماية حقوق األفراد ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في املقاولة
والقانون ،كلية الحقوق ،جامعة ابن زهر بأكادير السنة الجامعية ،2015/2014الص.34
.57تراجع املادة 78من مدونة الشغل.
.58أمنية رضوان ،مرجع سابق ،الصفحة .94
16
ج) ورقة الأداء
جاء في املادة 370من مدونة الشغل " يجب على كل مشغل أن يسلم أجراءه عند أداء أجورهم ،وثيقة
تسمى ورقة األداء" .وأن يضمنها وجوبا البيانات التي تحددها السلطة الحكومية املكلفة بالشغل ،وقد صدر
في قرار عن وزير الشغل يحدد البيانات الواجب تضمينها في ورقة األداء.59
وبذلك فورقة أداء األجر ،تثبت تأدية األجر املسجل فيها وتبرؤ ذمة املشغل ،وقبول األجير لهذه الورقة
ومصادقته عليها ال يعني ذلك أنه تنازل عن حقه في األجر وتوابعه ،فهو دائما يبقى له الحق في االحتجاج
عل كل أجره وتوابعه ،وهذا األمر واضح من مضمون الفقرة الثانية من نص املادة 60370من مدونة
الشغل.
وفي حالة عدم توفر األجير على ورقة أداء األجر فإن ذلك يفيد عدم توصله باألجرة ،واألبعد من ذلك
أن القانون عاقب املشغل بغرامة تتراوح بين 300و 5000درهم في حالة عدم تسليمه ألجرائه هذه الورقة.61
وقد اعتبر القضاء أن ورقة أداء األجر حجة كافية إلثبات عالقة الشغل ،إذا ما أدلى بها األجير ،و أن
كل استبعاد لها من قبل املحكمة يجعل قرارها مجانبا للصواب ،و هذا ما كرسته محكمة النقض في قرار
صادر عنها بتاريخ 02دجنبر 2009جاء فيه " ...حيث تبين صحة ما نعته الوسيلة على القرار ذلك أن
إثبات عقد الشغل متيسر بكافة وسائل اإلثبات طبقا ألحكام املادة 18من مدونة الشغل ،و الثابت من
وثائق امللف إدالء الطاعنة بأوراق أداء األجر عن شهر أكتوبر و نونبر ودجنبر...و هي وثائق لم تكن محل أي
طعن و تعود آلخر فترة عمل قبل انتهاء العالقة ،و القرار باستبعاده أوراق األداء بعلة أنها مطبوع ال يحمل
توقيع املشغلة...يكون قدر خرق مقتضيات املادة 370من مدونة الشغل التي لم تحدد ألوراق أداء األجر
شكال معينا و لم تجعل التوقيع شركة لصحتها".62
د) دفتر الأداء
يعتبر دفتر األداء أهم وسيلة إثبات لدى املشغل ،حيث جاء في نص املادة 371من مدونة الشغل
"يجب على كل مشغل أو من ينوب عنه أن يمسك في كل مؤسسة أو جزء منها أو في كل ورشة دفترا يسمى
دفتر األداء تحدد نموذجه السلطة الحكومية املكلفة بالشغل."...
.59قرار صادر عن وزير الشغل والتكوين املنهي رقم ،364.05الصادر في 29ذي القعدة 9( ،1425فبراير ،)2005بتحديد البيانات التي يجب
أن تتضمنها ورقة األداء ،منشور بالجريدة الرسمية عدد ،17/5300مارس ،2005الصفحة .990
.60تراجع املادة 370من مدونة الشغل.
.61تراجع املادة 375من مدونة الشغل.
.62القرار عدد 1336ملف عدد ،2008/1/5/1501أوردته أمنية رضوان ،مرجع سابق ،الصفحة .87
17
وإذ ا كانت ورقة األداء تظل في حوزة األجير ،فإن دفتر األداء يبقى لدى املشغل ،و إن كان دفتر األداء
و ورقة أداء األجر يعتبران في األصل وسيلتي إثبات الوفاء باألجر ،فإنه ليس هناك ما يمنع من اعتمادهما
كوسيلة إلثبات العالقات الشغيلة بين األجير و املشغل ،ما دام أن املشرع أقر مبدأ حرية اإلثبات في هذا
اإلطار. 63
هـ) توصيل تصفية كل حساب
يقصد بتوصيل تصفية كل حساب ،ذلك التوصيل الذي يسلمه األجير للمشغل عند انتهاء العقد ألي
سبب كان ،وذلك قصد تصفية كل األداءات تجاهه .64وتعتبر وسيلة وحجة إلثبات وجود العالقة الشغيلة
التي تربط بين األجير واملشغل ،فإذا أنكر املشغل هذه العالقة أمكن لألجير اإلدالء بالتوصيل املتعلق
بتصفية كل حساب بينه وبين املشغل.65
ولعل ما يؤكد حجية بطاقة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي كوسيلة إثبات هو ما ذهبت إليه
محكمة النقض في قرار لها حيث جاء فيه "...و لكن خالفا ملا جاء بالوسيلة فإن الثابت من عقد التسيير
الحر الرابط بين الطاعنة و شركة شال املغرب مالكة األصل التجاري الذي يسير به محطة لبيع الوقود،
خلوه مما يفيد تبعية املطلوب (األجير) للشركة املطلوبة ،اذ ما ورد بالعقد يؤكد تحمل املسير أجور
مستخدميه و توابعها و ضمانه كافة االمتيازات املخولة لهم بمقتض ى التشريع ،و هو ما تؤكده أوراق أداء
األجور الصادرة عنه و كذا التصاريح املفض ي بها للصندوق الوطني للضمان االجتماعي التي تشير إليه
18
كمشغل خالفا ملا يدعيه ،مما يستفاد أنه املشغل الفعلي وأن وضعه حدا لعقد التسيير الحر بأي طريقة
كانت ال يعفيه من املسؤولية تجاه أجراءه".67
وفي حكم آخر صادر عن ابتدائية مكناس جاء فيه"...حيث أدلى املدعي إلثبات استمراريته في العمل
بصورة لشهادة التصريح باألجور لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي68"...
وهو التوجه نفسه الذي عبرت عنه املحكمة االبتدائية بإنزكان في حكم صادر عنها بصدد إثبات
نزاعات الشغل69
والواضح من توجه القضاء املغربي في قراراته أنه أضفى الحجة الثبوتية للشهادة الصادرة عن
مؤسسة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي.
ب) شهادة مفتش الشغل
إسوة بالتشريعات املقارنة عمل املشرع املغربي على إحداث هيئة مفتشية الشغل والتي خصها في
الكتاب الخامس من مدونة الشغل وأطرها باملواد من 530الى 548من نفس املدونة ،وقد حدد لها جملة
من االختصاصات بموجب املادة 532من مدونة الشغل والتي جاء فيها " تناط باألعوان املكلفين بالشغل
املهام التالية:
وهذا اإلجراء يخول املفتشية االطالع على سجالت املشغلين قد تكون املندوبية التي يشتغلون فيها هي
التي عملت على تشغيل أحد األجراء لدى مشغل معين ،وبالتالي يساعدهم على تسليم شواهد موقعة من
قبلهم يشهدون فيها على قيام عالقة شغل 70وفي سبيل قيام هذه الهيئة بمهامها على أحسن وجه خول لها
املشرع عدة سلطات بمقتض ى املادة 533من مدونة الشغل.
ثانيا :االستثناءات الواردة عىل مبدأ حرية اإلثبات وبعض الوسائل الحديثة يف إثبات
نزاعات الشغل
بعدما تطرقنا لبعض الوسائل املعتمدة في إثبات نزاعات الشغل ،باختالف مصادرها وتبيان لبعض
قرارات القضاء في األخذ بها من عدمه تكريسا ملبدأ حرية اإلثبات التي تطبع العالقات الشغلية ،غير أن
.67القرار عدد 72صادر عن الغرفة االجتماعية ،بمحكمة النقض ،املؤرخ في ،2012/01/19ملف اجتماعي عدد ،2010/1/5/902أورده
مصطفى املاركاني ،مرجع سابق ،الصفحة .20
.68حكم صادر عن املحكمة االبتدائية بمكناس ،ب تاريخ ،2014/07/31في ملف عدد .1501/1170
.69حكم ابتدائية انزكان بتاريخ ،2012/04/26ملف رقم ،2009/96أورده رشيد بامو في بحث نهاية التكوين باملعهد العالي للقضاء،
،2017/2015الصفحة .16
.70أمنية رضوان ،مرجع سابق ،الصفحة .101
19
هذه الحرية ترد عليها بعض االستثناءات الواردة في مدونة الشغل (أ) ثم في ظل التطورات التكنولوجية التي
يعرفها العالم أقر املشرع املغربي وسائل حديثة لها نفس حجية اإلثبات املقررة للوسائل التقليدية (ب).
-1الاستثناءات الواردة على مبدأ حرية الإثبات في عقود الش غل
اشترط املشرع املغربي الكتابة إلثبات بعض العقود منها:
-عقود الشغل للعمل بالخارج املبرمة من قبل وكاالت التشغيل الخصوصية ،والتي يجب أن تعرض
وجوبا على التأشير املسبق من لدن السلطات الحكومية املكلفة بالشغل.71
-عقود األجراء املغاربة بالخارج ،والتي يجب أن تكون مؤشرا عليها من قبل السلطة الحكومية املكلفة
بالشغل.72
-عقود تشغيل األجراء األجانب في املغرب ،حيث يجب على كل مشغل الحصول على رخصة من قبل
السلطة الحكومية املكلفة بالشغل.73
إن تقييد املشرع لهذا النوع من العقود بالشكلية ،يجد مبرره األساس ي في حماية األجير الذي
يكون جاهال بتشريع الدولة املضيفة ،مما يصعب معه إثبات حقوقه في حالة نشوب نزاع ،لذلك تم
فرض الكتابة لتسهيل إثبات هذا النوع من العقود التي تكون فيها حقوق األجراء مهددة.74
وإذا كان املشرع في الحاالت السابقة اشترط الشكلية لالنعقاد فإنه في حاالت أخرى اشترط
الشكلية لإلثبات ،ومن هذه الحاالت نجد:
_ اتفاقيات الشغل الجماعية ،حيث جاء في الفقرة األخيرة من املادة 104من مدونة الشغل ما
يلي "يجب تحت طائلة البطالن أن تكون اتفاقية الشغل الجماعية مكتوبة ".مما يعني أن شرط
الكتابة هو شرط صحة وإثبات في نفس الوقت .75وتبقى الغاية األساسية من كتابة اتفاقية الشغل
الجماعية هي حماية حقوق األجراء لكونها تخاطب عدد كبير من األجراء واملشغلين.
20
_ االتفاقات الجماعية للشغل :هي بدورها حرص املشرع على ضرورة تضمينها في محضر بغض
النظر عن نتائج املفاوضات سواء كانت إيجابية أو سلبية ،وهذا ما اتضح من الفقرة األخيرة من نص
املادة 66من مدونة الشغل 76والتي أكدت على ضرورة إفراغ نتائج املفاوضات في محضر خاص.
ب) الوسائل الحديثة في إثبات نزاعات الشغل
في ظل التحوالت االقتصادية والتطورات التكنولوجية التي يعرفها العالم ،أصبحت بعض
املفاهيم القانونية التقليدية عاجزة عن مسايرة هذه البيئة املتسارعة للحياة ،األمر الذي حتم على
املشرع التدخل من أجل العمل على مواكبة هذه الطفرة خاصة التكنولوجية ومحاولة وضع قواعد
قانونية تساير هذه التحوالت العاملية ،وكانت املحاولة األولى مع وضع الكتابة اإللكترونية ،ثم العمل
على إقرار وسائل إثبات تناسب التحوالت االقتصادية وتساير مجتمع املعلوميات .وقد كان عقد
الشغل في قلب هذه التطورات وأصبحت وسائل التكنولوجيا من أهم الوسائل التي يلجأ إليها املشغل
لعرض حاجاته من األجراء ،واألبعد من ذلك أنه أصبح ممكنا إبرام عقود الشغل بواسطة آليات
إلكترونية فقط في ظل هذه العوملة.77
وقد أقر املشرع املغربي حجية الكتابة اإللكترونية وقننها بموجب كل من القانون رقم 7853.05
املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية .والقانون رقم 7943.20املتعلق بخدمات الثقة
بشأن املعامالت اإللكترونية.
وإعماال لهذه الوسائل في إثبات نزاعات الشغل نجد لها صور في العمل القضائي في بعض
القرارات الصادرة عن املحاكم املغربية حيث جاء في قرار صادر عن محكمة النقض " التعبير عن
اإليجاب من خالل شبكة عاملية لالتصاالت عن بعد وقبول عنه بوسيلة إلكترونية له أثر يلزم طرفي
العقد ،فمطالبة األجير بالعمولة املحددة بالعقد اإللكتروني دليل على قبوله ما دام العقد اإللكتروني
ال يعدو أن يكون عقد عاديا ال يختلف عنه إال في الطريقة التي انعقد بها. 80"...
21
والواضح من القرار أعاله أن اإليجاب الذي يتم التعبير عنه عن طريق وسائل إلكترونية يوازي
اإليجاب التقليدي وال يختلفان إال في طريقة صدورهما فقط.81
كما يمكن اعتماد الوسائل اإللكترونية من أجل إثبات األخطاء الجسيمة املرتكبة أثناء العمل،
حيث جاء في قرار ملحكمة النقض" ،رفض األجير إرجاع مفاتيح املعلوميات القن السري بمثابة خطأ
جسيم ،ألنه من املقرر أن األجير ملزم برد أدوات العمل بعد انتهاء الشغل الذي كلف به وملا كان األجير
يتوفر على مفاتيح املعلوميات "القن السري" الذي هو من أدوات العمل ،فإن رفضه إرجاعها للمشغل
بعد انتهاء األشغال املكلف بها وتسببه في توقيف العمل بها ،يعتبر خطأ جسيما موجبا للفصل".82
باإلضافة إلى الوسائل اإللكترونية التي أشرنا إليها أعاله املمكن اعتمادها في إثبات نزاعات الشغل
ما دام أن املشرع أقر مبدأ حرية اإلثبات في العالقات الشغلية ،فإنه يمكن كذلك اعتماد أجهزة أخرى
متطورة من أجل إثبات أي نزاع بين املشغل واألجير والتي من بينها كاميرات املراقبة وكذا املخاطبات
الهاتفية بين األطراف.
22
الثان:
ي المطلب
إثبات نزاعات الشغل
استنادا ملقتضيات الفصل 83399من ظهير االلتزامات والعقود ،فإن إثبات االلتزام يكون على
عاتق مدعيه ،بمعنى أن رفع األجير لدعوى الفصل التعسفي مثال يفرض عليه أن يثبت ذلك وكذا
حقه في التعويضات التي يخولها له القانون ،ومن حقه اعتماد أي وسيلة من وسائل اإلثبات يكفي أن
تكون مشروعة .وفي املقابل يقع على املشغل عبء إثبات مشروعية الفصل املتخذ في حق األجير ،أي
بإثبات عكس ما يدعيه األجير وبالتالي االنقياد بمضمون الفصل 84400من ظهير االلتزامات والعقود
من أجل تبرئة ذمته تجاه األجير
وبناء على ذلك سنعالج اإلثبات الواقع على عاتق األجير (الفقرة األولى) ،على أن نتناول اإلثبات
الواقع على عاتق املشغل في (الفقرة الثانية).
األجي
ر الفقرة األوىل :اإلثبات الواقع عىل عاتق
إن تعرض األجير للفصل التعسفي يخول له املطالبة بمجموعة من التعويضات ،ولكي يكون
ً
طلبه مشروعا ومقبوال وجب عليه أن يثبت أنه طرد بشكل تعسفي من العمل (أوال) ثم يقع عليه أن
يثبت أنه مستحق للتعويضات املخولة له قانونا(ثانيا).
التعسف
ي أوال :إثبات الفصل
إن الفصل التعسفي قد يأخذ عدة أشكال وعدة طرق فقد يكون الطرد في شكل فعل إيجابي
كإشعار األجير شفويا أو كتابيا كتوجيه رسالة الطرد إما بالبريد املضمون أو في إطار األوامر املبنية
على طلب الذي يبث فيها رئيس املحكمة االبتدائية أو عن طريق إنذار مباشر عن طريق مفوض
قضائي .وقد يكون في شكل سلبي كأن يمنع املشغل األجير من االلتحاق بعمله .ولذلك يفترض في الطرد
تدخل إرادة املشغل أو من يقوم مقامه في أحد الشكلين السابقين.
فالطرد يكون مباشر أو صريح والتعبير عنه يكون من قبل املشغل أو من يكلفه بذلك إما بشكل
إيجابي أو سلبي ،حيث يستعمل املشغل عبارات تدل على الفصل.85
23
وقد يكون ضمني أو مقنع ويكون عبارة عن تصرف يفهم منه أن املشغل قد اتخذ قرارا في حق
األجير بفصله كما هو الشأن في حالة إقدام املشغل على إغالق محل العمل أو تخفيض ساعات
العمل وما يترتب عنه من تخفيض لألجرة مما يدفع األجير للتخلي عن عمله .كما يدخل في سياق
الفصل الضمني لألجير بعض التصرفات االستفزازية التي يمارسها املشغل على األجير وكذلك تغيير
بعض بــنود العقد وإرغامه على قبوله بالشروط الجديد.
كما هو معلوم أنه في إطار قيام األجير باألعمال امللقاة على عاتقه في إطار العالقة الشغيلة التي
تربطه بمشغله ،قد يحدث أن يرتكب خطأ يجعله معرضا للفصل أو على األقل لعقوبات تأديبية
وذلك حسب جسامة الخطأ املرتكب .ولكن قد يصل به األمر أحيانا إلى الطرد من العمل بشكل
تعسفي ،مما يستوجب عليه أن يثبت مدى تعسف املشغل في طرده .وبما أن مدونة الشغل أقرت
حرية اإلثبات كقاعدة عامة في نزاعات الشغل ،فإن األجير يحق له أن يعتمد أي وسيلة ممكنة من
أجل أن يثبت أنه طرد بشكل تعسفي .وبالرجوع إلى املادة 8640من مدونة الشغل نجدها حددت
األخطاء الجسيمة التي قد يرتكبها املشغل في حق األجير والتي يعتبر مغادرة األجير للعمل بسببها طرد
تعسفي في حقه .وهذا ما اتضح من الفقرة األخيرة منها حيث جاء فيها" وتعتبر مغادرة األجير لشغله
بسبب أحد األخطاء الواردة في هذه املادة في حالة ثبوت ارتكاب املشغل إلحداها ،بمثابة فصل
تعسفي".
ونظرا لكون الفصل التعسفي يكتس ي خطورة كبيرة فإن املشرع املغربي منع املشغل من التعسف
في فصل األجير بدون مبرر قانوني يسمح بذلك ،مع العلم أن املشرع حدد األخطاء التي يحق فيها
للمشغل فصل األجير والتي أوردها في املادة 8739من مدونة الشغل88
فاألجير من أجل أن يثبت أنه تم فصله بشكل تعسفي يمكنه أن يلجأ ألي وسيلة من وسائل
ا إلثبات املمكنة فقد يستعين بإجراء الخبرة من أجل تحديد جسامة األضرار الالحقة باألدوات
ومعدات املقاولة ،89غير أن هذه الخبرة قد تكون بطلب من األجير كما قد تكون بناء على السلطة
التقديرية للمحكمة كما جاء في أحد قرارات محكمة النقض" ...لكن حيث أن الخبرة التي أمرت بها
املحكمة ،كان موضوعها البحث عن األجرة والتعويضات املؤدى عنها التي يكون املدعي محقا فيها90"...
24
والواضح من هذا القرار أن املحكمة لجأت إلى إجراء خبرة من أجل التأكد من صحة مطالب
األجير املطرود بشكل تعسفي.
باإلضافة إلجراءات الخبرة فإنه يمكن لألجير أن يستعين بالشهود من أجل أن يثبت ما يدعيه،
باعتبار أن الشهادة تعتبر من أهم وسائل اإلثبات املمكن االستعانة بها .حيث جاء في أحد قرارات
محكمة النقض 91ما يلي " ...الثابت أن شهود الطالب اثبتوا تخصصه فقط في السياقة دون باقي
األعمال ،وأن شهود املشغل املستمع إليهم استئنافيا ولئن أكدوا أنه يقوم أحيانا وبشكل عرض ي
بشحن السلع وإفراغها من الشاحنة ،فإن ذلك ال يعني أنه يقوم بذلك بشكل مستمر ومن تم يبقى
تكليفه بأعمال الشحن والتفريغ وهي أعمال شاقة تختلف مع عمله األصلي ،فيكون رفضه ذلك
ومغادرته على إثر ذلك هي مغادرة اضطرارية وليست تلك املنصوص عليها في املادة 63من مدونة
الشغل"...
وعالوة على إجراء الخبرة وشهادة الشهود فإنه يمكن لألجير أن يثبت ما يدعيه بواسطة الشواهد
الطبية املعتبرة قانونا ،وهي عبارة عن تقرير بسيط يعطى من طرف الطبيب املختص إلى املريض يبين
فيه نوع املرض أو العاهة التي أصابت األجير وكذا تحديد مدة العالج املمكنة .ويترتب عن وضع األجير
شهادة طبية لدى إدارة املقاولة املشغلة له غل يد هذه األخيرة عن اتخاذ أي إجراء في حقه كالفصل
عن العمل مثال .92وهذا ما يتضح من القرار الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ،2009/01/14عندما
اعتبرت أن األجير تقيد بما يوجبه الفصل 114من املرسوم 1998/02/24حينما سلم ملشغله شهادة
طبية ملدة ستة أشهر التي أكد صحتها املجلس الصحي وجعل عزله من الشغل قبل انتهاء الرخصة
املرضية متصفا بالطابع التعسفي. 93
بعدما عرضنا بعض وسائل اإلثبات التقليدية التي قد يعتمدها األجير في إثبات فصله التعسفي،
وأمام التحوالت التي يعرفها العالم خاصة التطورات التكنولوجية فإنه أصبح أمام إمكانية اعتماد
الوسائل التقنية واملعلوماتية في مجال اإلثبات ،مثل اعتماد تسجيالت كاميرات املراقبة التي قد
يضعها املشغل داخل مقاولته. 94
وقد أخذ القضاء بالتسجيالت املحصل عليها عن طريق كاميرات املراقبة ،حيث ذهبت محكمة
النقض في قرار لها "...من املقرر أن للوسائل اإللكترونية تعتبر وسيلة إثبات أمام القضاء ما لم يثبت
.91قرار صادر عن محكمة النقض ،رقم 429في امللف االجتماعي رقم ،2021/1/5/1727بتاريخ 22مارس ،2022منشور في البوابة
اإللكترونية ملحكمة النقض.
.92أمنية رضوان ،مرجع سابق ،الصفحة .100
.93أوردته أمنية رضوان ،مرجع سابق ،الصفحة .100
.94أشرف محمد اسماعيل ،أثر املراقبة اإللكترونية على حق العامل في الخصوصية ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،2018مركز الدراسات
العربية النشر والتوزيع ،مصر ،الصفحة .95
25
عكسها ،واملحكمة ملا ردت تسجيالت الصوت والصورة املدلى بها من طرف املشغلة واعتبرت أن
الفصل الذي تعرضت له األجيرة متسما بالتعسف تستحق عنه التعويض".95
حيث سنعمل على تسليط الضوء على التعويضات الثالثية بش يء في حين سنتطرق للتعويض
عن فقدان الشغل بشكل نظري مادام لم يصدر نص تنظيمي يحدد كيفية احتسابه.
-1التعويض عن الإخطار
مهلة اإلخطار هي إلتزام يقع على الطرف الذي عمد على إنهاء عقد الشغل غير محدد املدة سواء
كان مشغال أو أجيرا .ويوصف الفصل الذي لم يحترم مهلة اإلخطار بالفجائي حيث رتب عليه املشرع
املغربي التعويض في حالة عدم احترامه ،96ومهلة اإلخطار أو اإلشعار أو التنبيه عبارة عن أجل يتعين
احترامه وتختلف مدته باختالف الفئة التي ينتمي إليها األجير.97
وتعتبر مهلة اإلخطار من اإلجراءات الشكلية في حالة الفصل ألسباب غير الخطأ الجسيم التي
يتعين احترامها تحت طائلة اعتبار الفصل تعسفيا في حق األجير
إال أن املشرع املغربي لم يعرف مهلة اإلخطار تاركا للفقه املجال حيث عرفها أحد
الباحثين "اإلخطار تصرف قانوني انفرادي بمقتضاه يعبر أحد املتعاقدين – املشغل أو األجير – عن
إرادته في إنهاء عقد الشغل الرابط بينهما ."98
وبالرجوع ملدونة الشغل نجد أن املشرع املغربي قد خص مهلة اإلخطار باملواد من 43الى .51
.95القرار عدد ،521بتاريخ ،2017/05/09في امللف االجتماعي عدد ،2016/1/5/2390منشور بمجلة قضاء محكمة النقض ،العدد 84،
سنة ،2019الصفحة .200
. 96محمد الكشبور ،إنهاء عقد الشغل ،مرجع سابق ،الصفحة .288
.98حمد احمد الفكاك ،الفسخ االرادي املنفرد في عقد العمل الفردي ،دراسة مقارنة ،مكتبة الوحدة العربية ،طبعة ،1966الصفحة .145
26
" يكون انهاء عقد الشغل غير محدد املدة بإرادة منفردة مبنيا على احترام أجل اإلخطار ،ما لم
يصدر خطأ جسيم من الطرف األجير.
ينظم أجل اإلخطار ومدته بمقتض ى النصوص التشريعية أو التنظيمية أو عقد الشغل أو
اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي أو العرف.
يكون باطال بقوة القانون كل شرط في عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام
الداخلي أو العرف يحدد أجل اإلخطار في مدة تقل عما حددته النصوص التشريعية أو التنظيمية.
يكون باطال في جميع األحوال كل شرط يحدد داخل اإلخطار في أقل من ثمانية أيام .يعفى املشغل
واألجير من وجوب التقيد بمهلة اإلخطار في حالة القوة القاهرة".
يتبين إذن من خالل الفقرة األولى من املادة 43من مدونة الشغل القانون رقم 99-65أن مهلة
اإلخطار le délai de préavisمن صميم النظام العام .وأن املدونة قد حددت مدة دنيا لإلخطار ال
يمكن النزول عنها حسب الفقرة الثالثة من نفس املادة .ومن املؤكد أن الفقرة الرابعة من نفس املادة
قد رسخت ما جاءت به الفقرة الثامنة من املادة 754من ظهير االلتزامات والعقود والذي ينص على
أن " :توقف املشروع لسبب آخر غير القوة القاهرة ال يعفي صاحبه من االلتزام باحترام ميعاد
التنبيه".
كما أكدت املدونة أيضا من خالل املادة 51على هذا الحق وذلك بمنح تعويض لألجير كمقابل
عن املدة التي تسمح له بالبحث عن عمل جديد بعد تعرضه للفصل ،حيث يفقد جراء هذا القرار
الخطير عمله99.
وكما ال يخفى فإن أجل اإلخطار ينظمه مرسوم 29دجنبر 2004واملتعلق " بأجل اإلخطار إلنهاء
عقد الشغل غير محدد املدة بإرادة منفردة " .وقد ميز املرسوم بين فئة األطر وما شابههم وفئة
املستخدمين والعمال كما تم التمييز بين الفئتين اعتمادا على معيار األقدمية بالنسبة لكل فئة.
-2التعويض عن الفصل
نظرا للمزايا االجتماعية واالقتصادية التي يحققها التعويض عن الفصل فقد خصص
املشرع املغربي املواد من 52إلى 60من مدونة الشغل لهذا النوع من التعويض.
فبالرجوع إلى املادة 52من املدونة نجدها اشترطت الستحقاق هذا التعويض قضاء األجير
ملدة ستة أشهر من الشغل داخل نفس املقاولة في إطار عقد شغل غير محدد املدة.
99سنعالج التعويض عن فقدان الشغل الحقا االشارة الى االشكاالت التي يطرحها.
27
ويمكن إجمال الشروط فيما يلي:
)1أن يكون األجير مرتبطا باملؤسسة بعقد شغل غير محدد املدة.
مبلغ التعويض املستحق تشريعيا هو ما نصت عليه املادة 53من مدونة الشغل على أن
التعويض عن الفصل يعادل سنة أو جزء من السنة من الشغل الفعلي.
ونصت املادة 54من املدونة على أنه " تدخل ضمن مدة الشغل الفعلي ما يلي:
ٌ
السنوية املؤدى عنها؛ - 1-فترات العطلة
ٌ ً
-2 -فترات استراحة النوافس املنصوص عليها في املادتين 153و154أدناه ،وفترات توقف عقد
ٌ ً
الشغل املنصوص عليها في املادة 156أدناه.
- 3مدة عجز األجير عن الشغل عجزا مؤقتا ،بسبب حادثة شغل ،أو مرض منهي.
- 4مدة توقف عقد الشغل ،وال سيما أثناء التغيب املؤذون به ،أو بسبب املرض غير الناتج عن حادثة
الشغل أو املرض املنهي ،أو بسبب إغالق املقاولة مؤقتا بموجب قرار إداري ،أو بفعل قوة قاهرة.
-3التعويض عن الضرر
لقد كرست مدونة الشغل توجه االجتهاد القضائي املغربي الذي اعتبر أن أساس منح هذا التعويض
يرجع إلى كون املشغل قد تعسف في فصل األجير من عمله بدون مبرر الش يء الذي ترتب عنه حصول مبرر
استحق على إثره الحصول على تعويض من أجل جبر الضرر الذي لحقه جراء هذا السلوك ،ذلك أنه
بالرجوع للمادة 41من مدونة الشغل والتي جاء فيها أنه " يحق للطرف املتضرر في حالة إنهاء الطرف اآلخر
28
للعقد تعسفيا مطالبته بالتعويض عن الضرر" وهو ما أكدته املادة 59من نفس القانون "يستفيد األجير
عند فصله تعسفيا من التعويض عن الضرر"100.
وجاء في مضمون الفقرة األخيرة من املادة 41من نفس القانون املذكور على أنه يحدد التعويض عن
الضرر على أساس أجرة شهر ونصف عن كل سنة عمل أو جزء من السنة على أال يتعدى سقف 36
شهرا.101
ومن املعلوم أن أجرة الشهر تعني أجرة العمل الفعلي لألجير أي 26يوما من أيام العمل وأجرة شهر
ونصف الشهر تعني 39يوما من أيام العمل الفعلي عند احتساب التعويض.
غير أن ما يالحظ في هذا الباب أن املشرع لم ينصص صراحة على املقصود بالشهر هل يراد منه أيام
الشغل الفعلي لألجير أي 26يوما أم أنه يراد به عدد أيام الشهر أي 30يوما.
و هل املقصود باألجر الذي يتقاضاه األجير من األجر اإلجمالي أي بما يشمله من تعويضات أم
املقصود منه األجر الصافي بعد خصم جميع االقتطاعات التي يخضع لها األجر اإلجمالي؟
و في هدا الصدد ،أصدرت املحكمة االبتدائية بمكناس102حكما يخص موضوع الدراسة وتتلخص
وقائع النازلة أنه بناء على املقال االفتتاحي للدعوى ،املقدم من طرف املدعي بواسطة نائبه ،و املؤشر
عليه بكتابة هذه املحكمة بتاريخ 2010/03/16يعرض من خالله أنه كان يشغل لدى املرحوم إدريس
بوزكري منذ 29سنة و أن هذا األخير توفي بتاريخ ،2009/12/23و استمر في عمله مع الورثة إلى أن تم
إغالق املحل و تعرض للطرد بتاريخ 2010/01/25لدى املدعى عليه ،مقابل أجرة شهرية قيمتها 2000درهم
،إلى أن فوجئ بطرده من العمل بتاريخ 2010/01/25بدون سبب مشروع و حيث أنه بثبوت العالقة
الشغلية ،وإقدام املدعى عليهم على فسخ عقد الشغل دون إثبات وجود مبرر قانوني يسمح لهم بذلك ،
يجعل تصرفهم هذا مشوبا بالتعسف و يعطي الحق للمدعي للمطالبة بالتعويضات القانونية و حيث
األجرة املعتمدة هي الحد األدنى لألجر وحيث أنه يستحق تعويض عن الضرر قدره 368541درهما طبقا
للمادة 41من مدونة الشغل.
100التعويضات عن الفصل التعسفي مجلة قانونك االلكترونية ،/https://www.9anonak.comتم االطالع بتاريخ 1مارس 2024على
الساعة 19مساءا و 5دقائق.
29
-4التعويض عن فقدان الشغل
يعتبر التعويض عن فقدان الشغل من املستجدات التي أتت بها مدونة الشغل ويمكن القول إن
فقدان الشغل يشكل أحد أوجه البطالة التي تشمل الباحثين عن شغل من جهة واألجراء الذين فقدوا
العمل من جهة ثانية.
ويالحظ أن املدونة وإن كانت قد أقرت هذا النوع من التعويض بمقتض ى املادتين 58و 59من مدونة
الشغل إال أنه وأمام عدم وجود نص تنظيمي يحدد شروط تطبيقه والجهة التي ستتولى أداء هذا النوع من
التعويض في حال املطالبة به.
وما يؤكد ذلك هو ما جاء في حيثيات أحد القرارات الصادرة عن املجلس األعلى:103
"لكن لئن كانت املادتان 58و 59من مدونة الشغل تنصان على حق األجير في حالة فصله عن عمله
في الحصول على تعويض عن فقدان الشغل ،إال أنه ونظرا لكون مدونة الشغل لم ترد فيها أي تفاصيل
حول طريقة تقدير هذا التعويض على غرار باقي التعويضات الواردة واملدونة والجهة التي سيعهد إليها
بأدائه ،فإن الحكم بهذا التعويض يبقى سابقا ألوانه إلى حين صدور قانون تنظيمي بشأنه".
فاملادة 59من مدونة الشغل أعطت الحق لألجير الذي فصل فصال تعسفيا تعويضات عن مهلة
اإلخطار والفصل والضرر حسب التسمية بمدونة الشغل وهذا النوع األخير يطرح إشكاال يتجلى في هل
التعويض عن فقدان الشغل هو مضاف إلى التعويضات الثالثة وهي اإلخطار والفصل والضرر وبالتالي
يصبح لدينا أربع تعويضات ،أم أنه يقصد به التعويض عن الفصل ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو
اقتصادية أو إغالق املقاوالت.
لكن اذا ما رجعنا إلى الفقرة األخيرة من املادة 53من مدونة الشغل ،نجدها تنص على ما يلي" :يحق
لألجير أن يستفيد أيضا وفق القوانين واألنظمة الجاري بها العمل من التعويض عن فقدان الشغل
لألسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية" ،ومن هنا يتبين أن املادة 53هي سابقة للمادة ،59فاألولى
توضح أن هذا التعويض يقصد به املشرع حاالت الفصل لألسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية
واغالق املقاوالت ،فهذا النوع من التعويض هو جديد باملدونة إال أن هذه األخيرة لم تحدد كيفية احتسابه
و ال طريقة التعامل معه و ربما سيكون تحديده عن طريق مرسوم يبين الجهة التي سوف تؤدي هذا
التعويض ومسطرته وطريقه أداءه. 104
103قرار املجلس األعلى ،عدد ،351الصادر بتاريخ 25مارس ،2009في امللف عدد .2008/1/5/648املنشور بمجلة قضاء املجلس األعلى،
عدد ،72الصفحة 273وما بعدها.
30
بالتالي فإن التعويض عن فقدان الشغل يتعلق أساسا بحالة فصل األجير لألسباب اقتصادية أو
هيكلية أو تكنولوجية ،وال يمكن ضم هذا التعويض للتعويضات الثالثية الناتجة عن فصل االجير فصال
تعسفيا وهو ما أكده حكم 105املحكمة االبتدائية بسيدي سليمان حيث طلب األجير بعد فصله فصال
تعسفيا الحكم له بتعويض عن اإلخطار واإلعفاء والفصل وفقدان الشغل ،فأجابت املحكمة عن رفضها
لهذا الطلب األخير في إحدى حيثياتها على الشكل التالي:
"حيث إنه و لئن نصت املادة 59من مدونة الشغل على استفادة األجير عن فصله التعسفي من
التعويض عن فقدان الشغل فإنه بالرجوع الى املادة 61من مدونة الشغل نجدها تنص على أنه إذا فصل
األجير الرتكابه خطأ جسيما ،فإنه ال تراعى آجال اإلخطار و ال يستحق ال تعويض عن الفصل وال عن
الضرر ،وبالتالي واعتبارا لكون الفصول تكمل بعضها البعض ،و بمفهوم املخالفة لهذه املادة فإن األجير
يكون محقا في حالة فصله تعسفيا فقط في التعويضات الثالثة دون التعويض عن فقدان الشغل هذا
فضال عن املادة 53من مدونة الشغل قد حصرت حاالت استحقاق األجير لهذا التعويض في األسباب
االقتصادية أو التكنولوجية أو الهيكلية دون غيره و حيث إنه للعلل أعاله و اعتبارا لكون الضرر ال يعوض
مرتين فإن طلب التعويض عن فقدان الشغل يبقى غير مؤسس قانونا و يتعين رفضه".
وفي نفس االتجاه سارت عليه محكمة االستئناف بالدار البيضاء ،في قرارها" ،106حيث أبانت عن
الدفع املتعلق بعدم استجابة املحكمة االبتدائية لطلب التعويض عن فقدان الشغل فإن هذا النوع من
التعويض يخص الفصل ألسباب اقتصادية أو هيكلية أو إغالق املقاولة طبقا للمادة 66من مدونة الشغل
وال ينطبق على النازلة الحال"...
.105املحكمة االبتدائية بسيدي سليمان رقم 2005 2005/28وارد على مجلة قانونك االلكترونية /https://www.9anonak.comاطلع عليه
بتاريخ 1مارس ،2024على الساعة 19مساءا و 15دقيقة.
.106قرار محكمة االستئناف بتاريخ 2006/5/25في امللف االجتماعي نزاعات الشغل 2005/5051وارد على مجلة قانونك االلكترونية
،/https://www.9anonak.comاطلع عليه بتاريخ 1مارس ،2024على الساعة 19مساءا و 20دقيقة.
31
التأديب أوال :ر
احيام الفصل
ي
يخول املشرع للمشغل سلطة قانونية موضوعها فرض قاعدة سلوكية على األجراء الذين يشتغلون
في مشروعه ،وذلك من أجل ضبط النظام العام ،وحفظ حسن سير العمل،107وتتمثل في توقيع عقوبات
تأديبية نظمتها املادة 37من مدونة الشغل في حالة ارتكاب األجير خطأ جسيم أو في شكل طرد من العمل
عبرت عنه مدونة الشغل بالفصل التأديبي والذي يرتبط وجودا وعدما بارتكاب األجير لخطأ جسيم.108
وبالرجوع إلى أحكام املدونة وبالخصوص املواد من 61إلى 65نجد على أن املشغل ملزم بالتقييد
بمجموعة من اإلجراءات عند اتخاذه قرار فصل األجير واملتمثلة في االستماع لهذا األخير قبل فصله ()1
وتبليغ مقرر الفصل (.)2
-1الاستماع للمعني بالأمر
انطالقا من كون صحة توقيع الجزاء التأديبي ،رهين باحترام إجراءات وقواعد االتهام والتحقيق من
طرف املشغل ،فإن أول إجراء على املشغل احترامه هو إبالغ األجير املتهم لإلخالل بالتزاماته كتابة ملا هو
منسوب إليه وذلك حتى يتمكن من إعداد دفاعه ،قبل االستماع إليه.
فحسب مقتضيات املادة 62من مدونة الشغل فإن مسطرة االستماع هي مسطرة تقنية يتم إجرائها
من قبل املشغل أو من ينوب عنه مع األجير الذي يرتكب خطأ جسيم أو استنفذ في حقه داخل أجل سنة
العقوبات التأديبية ،وفق التدرج املنصوص عليه في الفصل 37من مدونة الشغل.
ويتضمن في جوهرها مجموعة من اإلجراءات تتمثل االستماع إلى األجير املرتكب للخطأ الجسيم
باستثناء اإلنذار والتوبيخ األول ،لتمكينه من الدفاع عن نفسه بخصوص األفعال املنسوبة إليه من خالل
اإلدالء بحجة في مواجهة هذه األفعال وتقديم اإلثباتات الضرورية التي يستعين بها لتوضيح األسباب أو
الظروف التي أدت به إلى ارتكاب الخطأ التأديبي .109وفي هذا اإلطار جاء قرار محكمة النقض 110أنه ":يجب
ق بل فصل األجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه باالستماع له من طرف املشغل أو من ينوب عنه"،
كما يجب أن يتم االستماع إلى األجير بحضور املشغل أو من ينوب عنه ومندوب األجراء أو املمثل النقابي
إذ يلعب دور الشاهد على ما راج ومؤازرا لألجير الذي يعتبر في مركز ضعيف.
.107عبد الطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء األول ،الطبعة األولى ،مطبعة الوراق الوطنية مراكش ،2004 ،الصفحة .446
.108املادة 39من مدونة الشغل.
.109دنيا أمباركة ،مسطرة االستماع إلى األجير وفق مدونة الشغل ،مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص ،2019 ،الصفحة
.16
110قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ،15/11/2006عدد 983في امللف االجتماعي عدد 968/06منشور في مجل قضاء املجلس األعلى
عدد ،67الصفحة .347
32
وبعد االنتهاء من جلسة االستماع إلى األجير وإتاحة الفرصة له للدفاع عن نفسه ،يجب أن يحرر
محضر بما راج في لقاء االستماع ويتم توقيعه من املشغل واألجير ،مع تسليم نسخة لألجير مما يفيد أن
النسخة األصلية تبقى بين يدي املشغل كحجة على احترام اإلجراءات الواجب القيام بها ،111وتجدر
اإلشارة إلى أنه يتعين على املشغل أن يحرر داخل هذا املحضر إلى توصل األجير وطريقة تبليغه ،والسؤال
يثار هل املحضر الذي يحرر من قبل املشغل يمكن أن يرتقي إلى محضر وأن تكون له القوة الثبوتية ،
نظرا للقواعد األمر التي تطبعها حيث أنه جاء في قرار ملحكمة النقض 112أن املطلوبة طعنت بعدم تحرير
محضر االستماع واكتفت فقط بحضور املفوض القضائي وقضت على أن هذا اإلجراء صحيح ويقوم مقام
محضر االستماع والفصل التأديبي كان سليما ،مما يعني كل وسيلة إثبات لها الحق في املعاينة ومقبولة في
نظر القانون تكون صالحة للقيام بتحرير هذا املحضر.
-2إثبات تبليغ مقرر الفصل
مقرر الفصل هو الرسالة املوجهة إلى األجير من طرف مشغله ليبلغه بمقتضاه فصل األجير وعليه
إثبات تبليغه ليضمن مقرر سالمة إجراءات الفصل ،113فحسب مقتضيات املادة 63من مدونة الشغل
يلتزم املشغل بتبليغ مقرر الفصل لألجير حتى يكون على بينة من أمره إما يدا بيد مقابل وصل أو بواسطة
رسالة مضمونة مع إشعار بالتواصل داخل أجل ثمانية وأربعون ساعة من اتخاذ املقرر املذكور ،114وهذا
ما أكدته حتى محكمة النقض في نفس السياق حيث أكدت في إحدى قراراتها ..." 115املستأجر الذي يريد
طرد أحد مستخدميه بسبب خطأ يعتبر خطر يجب عليه أن يخبر بذلك في ظرف ثمانية وأربعين ساعة
متى تم إثباته برسالة مضمونة الوصول" ،وحسب ما قرره املشرع تعتبر الرسالة مضمونة التوصل أكثر
قوة من التسليم مقابل وصل.
إضافة إلى ذلك يقع على عاتق املشغل توجيه نسخة من مقرر الفصل إلى العون املكلف بتفتيش
الشغل وإثبات توصله به تحت اعتبار الفصل فصال تعسفيا ال تأديبيا ،وتطبيقا لهذا جاء في قرار ملحكمة
.111ياسر الزيتوني ،املنهجية في قانون الشغل ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،2019 ،الصفحة .248
.112قرار محكمة النقض رقم 499الصادر بتاريخ 12أبريل ،2022في امللف االجتماعي رقم 159/5/05/2020منشور باملنصة الرقمية ملحكمة
النقض.
.113أمينة رضوان ،املنتقى في املنازعات الشغلية على ضوء الفقه والعمل القضائي ،الجزء األول ،دون ذكر الطبعة ،مطبع األمنية ،الرباط،
الصفحة .95
.114فريدة املحمودي ،ضمانات الحق في الشغل على ضوء القانون االجتماعي ،الجزء األول ،دون ذكر الطبعة ،مطبعة سجلماسة ،مكناس،
الصفحة .571
.115قرار محكمة النقض عدد 291في امللف االجتماعي عدد 431/1/99بتاريخ ،2001/09/10منشور بأعمال املائدة املستديرة الرابعة حول
مدونة الشغل وتطبيقاتها العملية ،العدد الرابع ،سنة ،2011الصفحة .118
33
النقض ... " 116الوثائق املدلى بها ابتدائيا وجواب الطالبة املرفقة بنسخة من سجل التداول الكامل
لطابع مفتشية الشغل يفيد تبليغها بمقررالفصل وتوصلت به مفتشية الشغل"
وفي نهاية املطاف ألزم املشرع املشغل أيضا بإثبات الخطأ الجسيم حتى يكون له كامل الصالحية في
توقيع الفصل التأديبي طبقا لقاعدة من إدعى ش يء فعليه إثباته.117
واملشرع جعل هذه الوثيقة حجة قائمة إلثبات الوفاء باألجر ،ورغم هذا فإن هذه الورقة تبقى قرينة
بسيطة إلى أن يثبت العكس ولو ذكر األجير أنه قد تم األداء فإنه ال يسري إذا ثبت عكسها.119
.116قرار محكمة النقض رقم 177الصادر بتاريخ 8فبراير ،2023في امللف االجتماعي رقم 873/5/05/2020منشور باملنصة الرقمية ملحكمة
النقض.
.117عبد اللطيف خالفي ،مرجع .سابق ،الصفحة .456
.118محمد سعيد بناتي :قانون الشغل باملغرب على ضوء مدونة الشغل ،عالقات الشغل الفردية الجزء الثالث ،دون ذكر الطبعة ،دون ذكر
املطبع ،الصفحة .234
.119عبد اللطيف خالفي ،مرجع سابق ،الصفحة .331
34
دفتراألداء :يعتبر دفتر األداء أيضا من وسائل اإلثبات التي يعتمد عليها املشغل في تنظيم وضبط أداء
األجر ،120حيث املادة 371من مدونة الشغل على أنه" :كل مشغل أو من ينوب عنه ،أن يمسك في كل
مؤسسة أو جزء منها أو كل ورشة دفترا يسمى دفتراألداء" ،وبذلك فاملشرع ألزم على أن دفتر األداء يجب
أن يكون في مؤسسة مهيكلة أو في إطار ورشة منظمة ،وتأكيدا على أنه دليل يكون من طرف املشغل فإن
يجب أن يحتفظ بدفتر األداء من كل ضياع قد يصيبه داخل أجل سنتين من تاريخ قفله حسب مقتضيات
املادة 373من مدونة الشغل.
وإذا كان دفتر األداء يعتبر وسيلة من وسائل اإلثبات املعتمدة من قبل املشغل فإنه على املستوى
الواقع العملي لم يعد املشرع يأخذ بها ،121وهذا ما وضحه املشرع من خالل مقتضيات املادة 372أنه يمكن
التخلي عن دفتر األداء وتعويضه مقابل هذا وإعتاد أساليب املحاسبة امليكانوغرافية أو املعلوماتية أو أي
وسيلة أخرى يراها مفتش الشغل مناسبة لذلك ،وعلى غرار دفتر األداء فإن املشرع ألزم أيضا حسب
مقتضيات املاد 373من املدونة أن يحتفظ بهذه األساليب التعويضية نفس مدة دفتر األداء تحت طائلة
العقوبات املنصوص عليها في املادة .375
هذا اإلثبات يتعلق أثناء سريان عقد الشغل أما بعد إنهائه املشرع قد انتبه ونظم إثبات أداء األجر
حتى بعد انتهاء العالقة الشغلية.
-2إثبات عقد الشغل بعد إنهاء عقد الشغل
إن عالقة الشغل عالقة غير أبدية فهي دائما قابلة للفسخ واالنتهاء ،122وبذلك فاملشرع قد نص على
إبراء يكون من طرف األجير يسلمه للمشغل ليبقى حجة وإثبات حسب املادة 73من مدونة الشغل
التوصيل عن تصفية كل حساب هو التوصيل الذي يسلمه األجير للمشغل عند انهاء العقد بأي سبب
كان ،وذلك قصد تصفية كل األداءات تجاهه .ويعتبر باطال كل إبراء أو صلح ،طبقا للفصل 1098من
قانون االلتزامات والعقود.123
ومن خالل التعريف السابق الذي جاء به املشرع قد وضع التوصيل عن تصفية كل الحساب بمثابة
إبراء للذمة دون اإلشارة إلى السبب سواء كان اإلنهاء فرديا أو جماعيا أو نتيجة فصل مبرر أو تعسفي،124
ولحماية األجير ومنح قوة ثبوتية لهذا التوصيل فقد منح املشرع أجل 60يوم إلمكانية التراجع عنها من
35
قبله ،وذلك لتفادي أي ضغط أو استغالل ضعف األجير بقبوله التنازل عن حقوقه أو تعويضاته،125
وبذلك فهذه الوثيقة تحمل في طياتها ميكانيزمات حمائية سواء لصالح األجير أو املشغل فاألول له الحق
في الحصول على ما يستحقه من مبالغ بقيت في ذمة املشغل وجعلها بمثابة قاعدة أمرة كون أنه ال يمكن
التنازل عن هذه املبالغ أو الصلح بينهم ،وكذلك بمثابة شهادة تثبت على أن املخالصة وقعت بين األجير
واملشغل وأن القوة الثبوتية ال تكتسبها إال لعد مرور األجل املحدد في ستين يوما.
ونظرا ألهمية توصيل تصفية كل الحساب فإن املشرع قد حدد بيانات محددة سلفا البد من احترام
شكليتها حسب مقتضيات املادة 74من مدونة الشغل:
-املبلغ املدفوع بكامله قصد التصفية النهائية للحساب ،مع بيان مفصل األداءات.
-أجل سقوط الحق املحدد في ستين يوما ،مكتوبا بخط واضح تسهل قراءته.
كما يجب أن يكون توقيع األجير على التوصيل مسبوقا بعبارة " قرأت ووافقت « ،وإذا كان األجير أميا
وقع التوصيل بالعطف العون املكلف بتفتيش الشغل في إطار الصلح املنصوص عليه في املادة 354من
مدونة الشغل.
فضال عن هذا فإنه يمكن االحتجاج بوسائل جديدة سيما أمام التطورات التي عرفها العالم بصفة
عامة واملغرب في إطار ما يعرف ببنكرة المجتمع ،حيث يمكن االعتماد كحجة جديدة وذلك بإبراز
الكشوفات املحاسبية والذي يكون من خالل التحويالت التي تكون من قبل رب العمل إلى األجير حيث
أقرت محكمة االستئناف التجارية بفاس " 126بمنح القوة الثبوتية للكشوفات املحاسبية على ما تتضمنه
من مديونية إلى حين أن يثبت عكسها"
36
خاتمة
إملاما بكل ما سبق يمكن القول إن إقرار مبدأ حرية اإلثبات في املادة االجتماعية وإن كان يوفر الحماية
الالزمة لألجير واملشغل في نفس الوقت ،وبصفة أكثر لألجير فإنه يؤكد من جهة أخرى على تشتت قواعد
اإلثبات بين مختلف فروع القانون املدني والقانون االجتماعي.
وقد مكننا بحث مختلف هذه الجوانب الخروج بمجموعة من األفكار يمكن صياغتها في شكل
استنتاجات ،كما يلي:
-جعل املشرع املغربي إثبات عقد الشغل حرا أخذا بعين االعتبار الواقع العملي الذي يستند في
غالبيته إلى إبرام عقود شغل شفوية.
-بالرغم من استقاللية عقد الشغل بمبادئه وقواعده املنصوص عليها في مدونة الشغل ،إال أنه الزال
لم يحقق استقالليته الكاملة عن القانون املدني ،باعتباره الشريعة العامة لقوانين املوضوع ،ومن تم
يجب في كل وقت وحين الرجوع إليه في عدة نقط على رأسها وسائل اإلثبات وبعض القواعد القانونية
املتعلقة بعقد إجارة الخدمة.
-يتبين من خالل االجتهاد القضائي املغربي السيما اجتهاد محكمة النقض أن إثبات صفة األجير يقع
على عاتقه ،وإثبات نفيها يقع على املشغل ،كما أنه ال يمكن إثبات عكس صفة األجير املوقت الواردة في
عقد الشغل بالتصريحات املقدمة للصندوق الوطني للضمان االجتماعي ،وانه ال عبرة بمدة العمل التي
قضاها األخير في العمل مادام عقد الشغل املبرم بينه وبين املشغل محدد املدة.
-القضاء املغربي أكد على إمكانية اعتماد األجراء الذين ال زالوا في عالقة تبعية مع املشغل في اإلثبات،
سواء لفائدة األجير أو ضده .بل أكثر من ذلك فإن االجتهاد القضائي استقر على إمكانية األخذ بشهادة
أجير واحد.
-إن التسليم بإمكانية اعتماد شهادة األجراء في اإلثبات على النحو املذكور أعاله ،قد يؤدي إلى نتائج
معكوسة ،وبالتالي قلب الحقائق وإضاعة الحقوق ،ذلك أن شهادة األجير في هذه الحالة قد تكون مشوبة
بعيب اإلكراه أو التهديد بفقدان الشغل ،كما أن إرادة الشاهد الذي يستمع إليه لفائدة األجير ،من جانب
اخر تكون مشحونة لجانب اخر بالعاطفة نظرا النتمائهم إلى نفس الفئة.
-إن من اإلشكاالت العويصة التي يطرحها عقد الشغل ،أحيانا ،هي تحديد التكييف القانوني السليم
الذي ينطبق عليه ،لذلك فسلطة القضاء هي الفيصل في هذا التكيف ،من خالل التأكد من مدى توفر
37
عناصر عقد الشغل من عدمها من جهة ،ومن خالل تحديد طبيعة هذا العقد في حالة توافر تلك العناصر
من جهة أخرى.
-األصل أن عقد الشغل يبرم ملدة غير محددة ،واالستثناء يبرم ملدة محددة اعماال ملقتضيات املاديين
16و 17من مدونة الشغل.
-يتعين على محكمة النقض أن تضطلع بدورها األساس ي املتمثل في توحيد الجتهاد القضائي على أكمل
وجه ،إذ املالحظ أن مجموعة من اإلشكاليات التي تثيرها املادة االجتماعية لسنوات عدة الزالت محل
تضارب ،األمر الذي يضر بمبدأ األمن القضائي في العمق ،وبالتبعية يفقد األفراد ثقتهم بمؤسسة القضاء.
-يتعين إعادة النظر في املادة 16من مدونة الشغل ،خاصة في العقد املحدد املدة أو إنجاز شغل
معين ،مع تفعيل النص التنظيمي بخصوص القطاعات التي يمكنها استثناء إبرام عقد الشغل محدد املدة
في غير الحاالت املذكورة في نفس املادة
-نناشد املشرع املغربي بالتدخل للتنصيص على أن منح األجير شهادة الشغل محمولة وليست
مطلوبة.
-يتعين أيضا تقييد حدود وسيلة االثبات بشهادة الشهود دون استبعادها ،نظرا ملا ينتج عنها من
قلب الحقوق وهضم الواجبات ودلك في حالة الشهادات الخاطئة.
-نأمل من املشرع املغربي مسايرة التشريعات املقارنة بالنص على إلزامية كتابة عقد الشغل تكريسا
للطابع الحمائي للطرف الضعيف في العقود الشكلية وتجاوزا للصعوبات التي تطرحها العالقات الشغلية
ذات الطابع الشفوي وما يمكن أن تسبب فيه من صعوبات اتجاه االجير خاصة في الدعاوى التي يكون
طرفا فيها .لهذا نقترح أن يتم تفعيل الدور الرقابي ملفتشية الشغل في مجال إخضاع العقود الشغلية
لشكلية الكتابة.
38
الئحة المراجع
.1الكتب العامة
¬ عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني ،الجزء الثاني ،القاهرة ،دار
النهضة العربية ،1965 ،الصفحة .451
¬ عبد الكريم الطالب ،الشرح العلمي لقانون املسطرة املدنية ،الطبعة الثامنة،
مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،-مكتبة املعرفة ،سنة ،2017الصفحة
.175
¬ الطاهر الكركري ،الشرح الوجيز لقانون املسطرة املدنية باملغرب وفق التعديل
والتحيين ،الطبعة األولى ،مطبعة وراقة بالل ،سنة ،2014الصفحة .60
.2الكتب املتخصصة
¬ الحاج الكوري ،مدونة الشغل الجديدة القانون رقم 65-99أحكام عقد الشغل،
مطبعة األمنية الرباط ،سنة ،2004الصفحة .83
¬ أمينة رضوان ،املنتقى في املنازعات الشغلية على ضوء الفقه والعمل القضائي،
الجزء األول ،مطبعة األمنية الرباط ،سنة ،2019الصفحة .67
¬ إدريس العلوي ،وسائل اإلثبات في التشريع املغربي ،مطبعة النجاح ،الدار البيضاء،
الصفحة .96
¬ حمد احمد الفكاك ،الفسخ االرادي املنفرد في عقد العمل الفردي ،دراسة مقارنة،
مكتبة الوحدة العربية ،طبعة ،1966الصفحة .145
¬ عبد الطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء األول ،الطبعة األولى ،مطبعة
الوراق الوطنية مراكش ،2004 ،الصفحة .446
39
¬ ياسر الزيتوني ،املنهجية في قانون الشغل ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة
الدار البيضاء ،2019 ،الصفحة .248
¬ أمينة رضوان ،املنتقى في املنازعات الشغلية على ضوء الفقه والعمل القضائي،
الجزء األول ،دون ذكر الطبعة ،مطبع األمنية ،الرباط ،الصفحة .95
¬ فريدة املحمودي ،ضمانات الحق في الشغل على ضوء القانون االجتماعي ،الجزء
األول ،دون ذكر الطبعة ،مطبعة سجلماسة ،مكناس ،الصفحة .571
¬ محمد سعيد بناتي ،قانون الشغل باملغرب على ضوء مدونة الشغل ،عالقات الشغل
الفردية الجزء الثالث ،دون ذكر الطبعة ،دون ذكر املطبع ،الصفحة .234
¬ كريم أبوطالب ،اإلثبات بين مدونتي التجارة والشغل ،رسالة لنيل دبلوم املاستر،
جامعة موالي إسماعيل ،كلية القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مكناس،
السنة الجامعة ،2013-2012الصفحة .177
¬ املهدي املرابط ،االثبات في نزاعات الشغل الفردية ،رسالة لنيل دبلوم املاستر
في العلوم القانونية ،جامعة محمد الخامس كلية الحقوق أكدال ،سنة ،2010
الصفحة .42
¬ مصطفى املاركاني ،اإلثبات في عقود الشغل الفردية بين مصالح املقاولة وحماية
حقوق األفراد ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في املقاولة والقانون ،كلية الحقوق،
جامعة ابن زهر بأكادير السنة الجامعية ،2015/2014الصفحة .34
¬ بوبكر توفيق ،اإلثبات في عقود الشغل الفردية على ضوء قانون الشغل املغربي،
رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،السويس ي الرباط ،السنة الجامعية -2011
،2012الصفحة .2
40
¬ فاطمة الزهراء الجعفري ،خصوصيات اإلثبات في نزاعات الشغل الفردية ،بحث
لنهاية التدريب في املعهد العالي للقضاء ،سنة ،2010/2011الصفحة .19
¬ مصطفى أكنطو ،حماية األجير في مدونة الشغل عند انتهاء عقد الشغل ،بحث نهاية
التدريب امللحقين القضائيين .2011/2009 ،الصفحة .66
¬ ياسين شادي ،القانون االجتماعي وسؤال التوازن بين األجير واملشغل "مدونة الشغل
املغربية نموذجا" ،مقال منشور في مجلة مغرب القانون.
¬ عبد اإلله شني ،نظام اإلثبات في نزاعات الشغل الفردية في ضوء القانون املغربي،
مجلة الحقوق ،سلسلة "املعارف القانونية والقضائية" ،العدد ،88سنة ،2023
الصفحة .9
¬ دنيا امباركة ،حسن النية في تنفيذ عقد العمل ،مجلة طنجيس للقانون واالقتصاد،
العدد األول ،سنة ،2001الصفحة .103
¬ عبد السالم أبو الربيع ،إثبات عقد الشغل بالوسائل الحديثة ،مقال منشور بمجلة
ابن خلدون للدراسات القانونية واالقتصادية واالجتماعية العدد 6نونبر ،2023
الصفحة .55
¬ دنيا أمباركة ،مسطرة االستماع إلى األجير وفق مدونة الشغل ،مجلة املنارة
للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص ،2019 ،الصفحة .16
41
الفهرس
مقدمة 2 ..........................................................................................................................................................
املطلب األول :القواعد املنظمة لإلثبات في العالقات الشغلية 6 ...................................................................
الفقرة األولى :وسائل اإلثبات وفق القواعد العامة 6 .................................................................................
أوال :وسائل االثبات املوضوعية7 ...........................................................................................................
-1إقرار الخصم 7 ..................................................................................................................................
-2شهادة الشهود8 .................................................................................................................................
ثانيا :وسائل اإلثبات اإلجرائية 12...........................................................................................................
الفقرة الثانية :خصوصيات اإلثبات في نزاعات الشغل 15........................................................................
أوال :الوسائل الخاصة في إثبات نزاعات الشغل 15................................................................................
أ) بطاقة الشغل 15.................................................................................................................................
ب) شهادة العمل 16...............................................................................................................................
ج) ورقة األداء 17....................................................................................................................................
د) دفتر األداء 17.....................................................................................................................................
هـ) توصيل تصفية كل حساب 18...........................................................................................................
-2وسائل االثبات الصادة عن جهات خارجية 18..................................................................................
أ) بطاقة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي 18................................................................................
ب) شهادة مفتش الشغل 19..................................................................................................................
ثانيا :االستثناءات الواردة على مبدأ حرية اإلثبات وبعض الوسائل الحديثة في إثبات نزاعات الشغل
19...........................................................................................................................................................
-1االستثناءات الواردة على مبدأ حرية اإلثبات في عقود الشغل 20.....................................................
ب) الوسائل الحديثة في إثبات نزاعات الشغل 21.................................................................................
املطلب الثاني :إثبات نزاعات الشغل 23.........................................................................................................
الفقرة األولى :اإلثبات الواقع على عاتق األجير 23......................................................................................
42
أوال :إثبات الفصل التعسفي 23.............................................................................................................
ثانيا :إثبات الحق في التعويضات 26.......................................................................................................
-1التعويض عن اإلخطار 26..................................................................................................................
-2التعويض عن الفصل 27...................................................................................................................
-3التعويض عن الضرر 28....................................................................................................................
-4التعويض عن فقدان الشغل 30.......................................................................................................
الفقرة الثانية :اإلثبات الواقع على املشغل 31...........................................................................................
أوال :احترام الفصل التأديبي 32..............................................................................................................
-1االستماع للمعني باألمر 32.................................................................................................................
-2إثبات تبليغ مقرر الفصل 33..............................................................................................................
ثانيا :إثبات املشغل أداء األجر 34...........................................................................................................
-1إثبات أداء األجر أثناء فترة الشغل 34................................................................................................
-2إثبات عقد الشغل بعد إنهاء عقد الشغل 35....................................................................................
خاتمة 37.........................................................................................................................................................
الئحة املراجع 39..............................................................................................................................................
الفهرس 42......................................................................................................................................................
43