You are on page 1of 249

‫اإلدارة العلمية لمجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬

‫تقدم‪:‬‬
‫سلسلة أبحاث قانونيةة جامعية معمقة‬
‫الـعدد‬
‫‪52‬‬

‫خمصص ملوضوع‬
‫احلكامة يف قانون الشغل املغريب‬
‫إعداد الباحث‪:‬‬

‫ريضــى مــومـح‬

‫اإلشراف والتنسيق‪:‬‬ ‫المدير المسؤول‪:‬‬

‫جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الباحث وسلسلة األبحاث©‬


‫‪majalatlbahit2017@gmail.com‬‬

‫سلسلة األحباث املعمقة‬ ‫جملة الباحث‬


‫‪1‬‬
‫ردمك ‪ISBN: 978-9920-36-139-2‬‬ ‫ردمد ‪ISSN: 2550 – 603X‬‬
‫"سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا‬
‫إنك أنت العليم احلكيم"‬
‫صدق اهلل العظيم‬
‫اآلية ‪ 32‬من سورة البقرة‬

‫‪2‬‬
‫عنوان السلسلة‪ :‬سلسلة أحباث قانونية جامعية معمقة‬ ‫‪o‬‬

‫‪ O‬مسؤولي السلسلة‪ :‬ذ حممد القامسي ■ ذ جعفر القامسي‬


‫جمال االشتغال‪ :‬نشر األحباث القانونية اجلامعية املعمقة (كتب‪ ،‬أطاريح‪ ،‬رسائل)‬ ‫‪O‬‬

‫شركاء السلسلة‪ :‬جملة الباحث القانونية ■ موقع الباحث اإللكرتوني‬ ‫‪O‬‬

‫‪ O‬اإليداع القانوني‪ 2018 ■ 2017 :‬م‬


‫الرقم الدولي املعياري للمصنف‪:‬‬ ‫‪O‬‬

‫‪ O‬التواصل مع السلسلة‪:‬‬
‫جميع حقوق النشر محفوطة للناشر والسلسلة ©‬

‫‪3‬‬
‫شروط النشر يف سلسلة األحباث‪:‬‬
‫أن يكون البحث املراد نشره حبثا معمق كـــالكتب واألطاريح والرسائل‪.......................................‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ - 2‬أن يتم تنقيح البحث من كل األخطاء النحوية واملنهجية التي تـعثريه‪........................................‬‬
‫‪ - 3‬إذا كان املراد نشره يستوجب إذن من لذن جهة معينة فوجب اإلدالء به‪......................................‬‬
‫‪ - 4‬يتحمل كاتب كل حبث معمق منشور بالسلسلة املسؤولية الكاملة عن كل ما يشوبه من‬

‫سرقات أدبية ومغالطات علمية – مـع حفظ حق طاقم السلسلة يف املتابعة الــقانونية‪...............................‬‬

‫مينح لكل حبث معمق وارد على السلسلة عــدد خاص ينشر فيه بعده‪.............................................‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪ - 6‬تنشر السلسلة بشكل دوري يف آجال خمتلفة ال تتعدى يف جمملها شهر‪..............................................‬‬

‫‪ - 7‬ترسل البحوث املـــراد نشرها بصيغة الــــوورد ‪ word‬لربيد السلسلة اإللكرتوني‪..............................‬‬


‫‪Majalatlbahit2017@gmail.com‬‬

‫‪4‬‬
‫كلمة افتتاحية للعدد‪ ،‬يقدمها األستاذ محمد القاسمي‬

‫بسمما اا الكممربه نبممني نسممضلهه نبو م ني نغ م ن يف‬


‫طريقنا حىت نب غ مقام اليقهه نالصمة نالسمةم ى م‬
‫م م ابني‬ ‫خم ممى اش م م و ن م ممويو الم مموهو نا نم ممام نى م م‬
‫مجله؛ ما بل ‪:‬‬
‫إن من ها مظاهر ال م ممزكا يف الل ما ن يمضا نشمر‬
‫نتب يغممني ل لبمما ه فإميانمما منمما ب تيممة تقريممة املل ومممة‬
‫ي ممني‬ ‫القانونيممة نالق ممالية ل قمماهمي الكممرب نى م م‬
‫مشاق الب ث نالسور قص احلصوص ى يهاه تضشمر‬
‫اإل اه الل ية جمل ة الباحث ل هاسات نا حباث القانونيمة نالق مالية بم ن ت مو بمه‬
‫ي ي الوقيني نالباحث نامل اهس نالطالة نكل مهضا بالش ن القانوين نالقالي‪.‬‬
‫من الس س ة الذي هو ىباه ىن حبث مل ق جا ت بمني جلبمة حم‬ ‫فهذا الل‬
‫مما‬ ‫البمماح ه ا فممذاإه نإنممني ي ناىممي السممرنه ن نممرو ى مماع كهممذ تنشممر نيلممر‬
‫لل وم املهض ه من الوقهاء نا ساتذ نالباح ه‪.‬‬
‫فالش ممكر الزي ممل لك ممل م ممن س مماها يف إىم م ا ه ممذ ال هاس ممة نالضنس مميق ب ممه‬
‫م‬ ‫‪ 53‬تقب مموا‬ ‫ح مما‪،‬اه نالشممكر الزيممل ل قممال ه ى م نشممرهاه نيف انضظمماه اللم‬
‫ىبمماهات الضق م ير ناعحضممرام نالسممةم ى م مممن اتبممو طريممق الراممان‪....‬حره بالربمما ه‬
‫امل كة املغربيةه بضاهيخ ‪.2021/04/10‬‬

‫‪5‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫يهدف القانون إلى تنظيم المجتمع تنظيما من شأنه العمل على تحقيق الخير ألفراده‬
‫وكفالة مصالحهم وحقوقهم وصيانة حرياتهم كما يرمي إلى التوفيق بين مصالح األفراد‬
‫وحرياتهم الخاصة من جهة وبين الصالح العام للجماعة من جهة تانية‪ ،‬فالقانون هو أساس‬
‫أمن المجتمع وإطمئنانه ومرآة حضارته وتقدمه‪ ،‬به تنضبط الحقوق والواجبات وينتظم سلوك‬
‫الفرد والجماعة وهو لكي يحقق هذه الغايات جميعا البد و أن يساير ظروف العصر‬
‫ومتطلباته وأن يواكب التطورات على مختلف المستويات‪.1‬‬

‫هذا ما سعى مشرعنا بلوغه من خالل مواكبته للتطورات والتحوالت الكبرى التي‬
‫عرفها ميدان التشغيل والتي كان لها الوقع الكبير على أطراف العالقة الشغلية‪ ،‬هذه المواكبة‬
‫التي ترجمت عبر إقرار مدونة للشغل تستجيب لمتطلبات العصر‪.‬‬

‫إن مدونة الشغل كانت محل إنتظارات العديد من األطراف لما لها من إنعكاسات على‬
‫عالم الشغل اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا ألن منطلقاتها تهدف إلى تشجيع االستثمار‪ ،‬ودعم‬
‫التنمية البشرية والحقوق األساسية لألجراء وإحداث التوازن بين حقوق وواجبات أطراف‬
‫عالقات الشغل والموازنة بين الحقوق االجتماعية واإلكراهات االقتصادية‪ ،‬وبذلك يمكن‬
‫القول أن لها أهمية كبرى على عدة مستويات سواء المستوى االقتصادي أو االجتماعي أو‬
‫‪2‬‬
‫التقني‪.‬‬

‫فعلى المستوى االقتصادية تظهر أهمية مدونة الشغل من خالل تقوية تنافسية المقاولة‬
‫وتشجيع وتحفيز االستثمارات المحدثة لمناصب الشغل عبر إرساء السلم االجتماعي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى إدخال أشكال المرونة التي تحد من وقع الصعوبات االقتصادية دون هضم‬
‫حقوق األجراء‪ ،‬وتعزيز وسائل التدبير المشترك للمقاولة بين المشغل وأجرائه عبر خلق‬
‫العديد من المؤسسات التمثيلية‪.‬‬

‫‪ 11‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل الجزء األول‪ .‬عالقات الشغل الفردية المطبعة والوراقة الوطنية‪ .‬مراكش الطبعة االولى ‪2004‬‬
‫ص‪.15 :‬‬
‫‪ 2‬محمد الداودي‪ :‬قراءة نقدية لمدونة الشغل بعد عشر سنوات من صدورها‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد العدد ‪ 2015 ’14‬ص‪.120 :‬‬

‫‪6‬‬
‫أما على المستوى االجتماعي فتتمثل أهمية مدونة الشغل في أنها تعمل على استقرار‬
‫العالقات من خالل مأسسة المفاوضة الجماعية ومأسسة أنماط تسوية نزاعات الشغل‬
‫الجماعية‪ ،‬باإلضافة إلى تكريس الحقوق االساسية لألجراء تماشيا مع ما ينص عليه تصريح‬
‫منظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫أما على المستوى التقني فيمكن القول أن مدونة الشغل عملت على مالئمة التشريع‬
‫الوطني مع المعايير الدولية من جهة وتم تجميعها في كتاب واحد يتيح سهولة االضطالع‬
‫‪3‬‬
‫على النصوص القانونية المنظمة لعالقات الشغل من جهة أخرى‪.‬‬

‫إن مدونة الشغل كانت ثمرة تشاور واسع وحوار مسؤول بين الحكومة والفاعلين‬
‫االقتصاديين واالجتماعيين والتي جاءت بحلول أساسها التوافق والتراضي وهو موقف‬
‫حضاري يجسد نضج و طموح مختلف الشركاء وهكذا تم اعتماد المبادئ األربعة األساسية‬
‫ذات الصلة بحقوق العمل وهي الحرية النقابية واإلقرار الفعلي بحق المفاوضة والقضاء على‬
‫جميع أشكال العمل الجبري أو اإللزامي ومنع عمل األطفال ثم القضاء على التميز في‬
‫مزاولة المهنة ‪.‬‬

‫فهذه المبادئ التي تم إدراجها في مدونة الشغل تساهم بدون شك في تعزيز الحماية‬
‫االجتماعية لألجراء إلى جانب تقوية مناعة المقاولة المغربية في إطار ما يسمى بفكرة‬
‫المرونة ‪.‬إن تبني المدونة لهذه الطروحات دشن لعالقة من جديد داخل المقاولة عالقة تتجاوز‬
‫منطق الصراع لتجعل من هذا الفضاء منبعا للثراء في خدمة األجير والمأجور معا وخلق‬
‫‪4‬‬
‫فرص الشغل وتعبئة الشباب في مجهود التنمية‪.‬‬

‫كما جاءت قواعد ومبادئ مدونة الشغل وفية للمبادئ االساسية لدستور المملكة‬
‫ومستجيبة للمعايير الدولية كما تضمنتها االتفاقيات الدولية الصادرة عن المنظمة الدولية‬
‫للشغل‪ .‬فإيمانا من الدولة و الحكومة والبرلمان و عالم الشغل بكل مكوناته أن العمل يعد أهم‬
‫وسائل التنمية وصيانة كرامة اإلنسان والرفع من مستواه المعيشي باستقرار الشغل واألجر‬

‫‪ - 3‬محمد الداودي‪ :‬قراءة نقدية لمدونة الشغل بعد عشر سنوات من صدورها م‪.‬س‪ .‬ص ‪.121‬‬
‫‪ - 4‬إدريس جطو‪ :‬ندوة حول موضوع ‪ :‬مدونة الشغل بعد سنتين من التطبيق ’سلسلة الندوات و اللقاءات و األيام الدراسية العدد ‪ 9‬طبعة ‪2007‬‬
‫ص‪.8 :‬‬

‫‪7‬‬
‫في مناخ تسوده الحرية النقابية والمفاوضة الجماعية كحق أساسي في العمل وتوفير الحماية‬
‫لكل مكونات المقاولة وإحاطة عقد الشغل منذ إبرامه ثم تنفيذه فإنهائه بقواعد حمائية لجميع‬
‫األطراف‪ .‬وإذا كانت هذه المدونة التي قامت على أساس ثقافة التوافق وصيغت أحكامها‬
‫على أساس المقاولة المواطنة بجميع عناصرها وبالتالي قد وفرت لبالدنا قانونا حرص على‬
‫‪5‬‬
‫مالئمة قواعده مع األوفاق الدولية للشغل‪.‬‬

‫من خالل ما ذكر أعاله يالحظ على أن مدونة الشغل جاءت مرتكزة على مجموعة من‬
‫المبادئ التي تهدف إلى حماية أطراف العالقة الشغلية من خالل توفير عدة ضمانات لألجير‬
‫وتكريس آليات المرونة لفائدة المشغل‪ .‬هذه المبادئ التي شكلت في مجملها عماد الحكامة‬
‫التي يقوم ويرتكز عليها قانون الشغل والتي كثر الحديث عنها في اآلونة األخيرة‪ .‬إذ تعتبر‬
‫في هذا اإلطار قضية استراتيجية تدخل في سياق تطوير أداء الفاعلين والمؤسسات التي تعنى‬
‫بالتنمية اإلجتماعية والرفع من جودتها‪.‬‬

‫فالحكامة في قانون الشغل هو مصطلح حديث النشأة وقليل التداول لدى الفقه المهتم‬
‫بالقانون اإلجتماعي بصفة عامة وقانون الشغل بصفة خاصة على إعتبار ان مفهوم الحكامة‬
‫غالبا ما يرتبط بميادين أخرى ولم يتبادر للذهن أن يكون لهذا المصطلح إرتباط بالقانون الذي‬
‫يحكم و يضبط العمل اإلنساني‪.‬‬

‫إن غياب اإلهتمام من لدن الفقه بمصطلح الحكامة في عالقته بقانون الشغل انعكس‬
‫على عدم وجود أي تعريف يجمع بين المصطلحين‪ ،‬إال اننا سنحاول إعطاء تعريف لهذا‬
‫الموضوع من خالل ما قمنا به من دراسة وتحليل لجل مقتضيات مدونة الشغل والتي شكلت‬
‫العديد منها مجاال للتدبير الحكماتي في ميدان الشغل‪ ،‬لكن قبل ذلك يجدر بنا في البداية إعطاء‬
‫تعريف لكل مصطلح على حدة لنخلص لتعريف جامع بينهما‪.‬‬

‫فالحكامة هي مقاربة عصرية في صنع القرار والتدبير الجيد للشأن العام إذ تعتد‬
‫بتطوير المفاهيم التقليدية المستعملة في مجال التدبير وهي تعبر عن ممارسة السلطة السياسية‬

‫‪5‬طاووس مريم‪:‬دراسة تقييمية لمدونة الشغل ‪،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و االقتصادية و‬
‫االجتماعية سال جامعة محمد الخامس الرباط السنة الجامعية ‪ 2008-2007‬ص‪.8-7 :‬‬

‫‪8‬‬
‫وإدارتها لشؤون المجتمع بمستوياته (الترابية والوطنية والعالمية ) وموارده المختلفة عن‬
‫طريق منهجية للعمل المتعدد األطراف (سلطات عمومية قطاع خاص ومجتمع مدني) وعن‬
‫طريق آليات للفعل تعتمد معايير حكماتية من قبيل (المشاركة‪ ،‬المشروعية‪ ،‬الشفافية‪،‬‬
‫والمسؤولية‪....‬إلخ) وذلك لهدف عام وهو تحقيق شرط التنمية بأبعادها (السياسية االقتصادية‬
‫واالجتماعية)‪ .‬وهي بذلك عبارة عن آلية أو منهجية أو نسق‪ ،‬يتطلب التعدد في األطراف‬
‫المتدخلة‪ ،‬والتنوع في األسس والمرجعيات المعتمدة‪ ،‬والتوحد في الغاية والهدف العام وهو‬
‫‪6‬‬
‫تحقيق شرط التنمية المجتمعية الشاملة‪.‬‬

‫الحكامة مصطلح متداول بشكل كبير في الحقل التنموي منذ نهاية التسعينات‪ ،‬وقد‬
‫استعمل هذا المصطلح ألول مرة من طرف البنك الدولي سنة ‪ ،1989‬حيث اعتبر أن‬
‫الحكامة‪" :‬أسلوب ممارسة السلطة في تدبير الموارد االقتصادية واالجتماعية للبالد من‬
‫أجل التنمية "‬
‫إن الحكامة نمط تدبير يعتد بعالقة راقية بين الدولة والمجتمع‪ ،‬تنشد التغيير في المرافق‬
‫العمومية والخصوصية وكذا المجتمع المدني‪ 7.‬فالحكامة هي بناء عالقة منتجة بين كل‬
‫المتدخلين على اساس التعاقد‪ ،‬التوافق والتشارك‪ .‬وهي بصفة عامة فلسفة للتغيير‪ ،‬ورؤيا لها‬
‫‪8‬‬
‫مضمون سياسي‪ ،‬اجتماعي واقتصادي مالي‪.‬‬

‫كما أنها تعد نسق جديد من العالقات والمساطر والمؤسسات‪ ،‬التي تتمفصل بها مصالح‬
‫المجموعات واالفراد‪ ،‬وتمارس الحقوق والواجبات وتفك الخالفات والنزاعات‪ ،‬كما تقوم‬
‫على تذويب التراتبية و تشجيع التشارك بين المسيرين و المساهمين و حسن التنظيم و توزيع‬
‫المسؤوليات وصقل القدرات ودعم التواصل داخليا وخارجيا ‪.‬‬

‫‪ 6‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ :‬دور الحكامة الجيدة في تحقيق التنمية البشرية‪-‬دراسة في النموذج المغربي‪-‬مقال منشور بكتاب الحكامة الجيدة بالمغرب‬
‫مطبعة طوب بريس –الرباط الطبعة األولى ‪ 2013 ،‬ص‪. 68‬‬
‫‪ 7‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ :‬دور الحكامة الجيدة في تحقيق التنمية البشرية‪-‬دراسة في النموذج المغربي‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.69‬‬
‫‪ 8‬راجع بهذا الخصوص‪:‬‬
‫سعيد أصيل‪ :‬الحكامة الجيدة بين المتغيرات الدولية و المتطلبات الوطنية‪ .‬مقال منشور بكتاب الحكامة الجيدة بالمغرب مطبعة طوب بريس ‪-‬‬
‫الرباط الطبعة األولى ‪ 2013 ،‬ص‪. 89-88‬‬

‫‪9‬‬
‫هذا بخصوص المصطلح األول‪ ،‬أما عن المصطلح الثاني وهو قانون الشغل فيمكن‬
‫القول على أن الفقه قد أفاض واستفاض وأسال الكثير من الحبر في إعطاء عدة تعاريف لهذا‬
‫الفرع من فروع القانون إال أننا سنحاول التركيز على البعض منها ‪.‬‬

‫فقانون الشغل "هو مجموع القواعد التي تنظم عالقات الشغل الفردية والجماعية التي‬
‫تنشأ بين المشغلين الخصوصيين ومن في حكمهم‪ ،‬وبين األجراء الذين يعملون تحت‬
‫إشرافهم وتوجيههم نظير أجر"‪.9‬‬
‫إن قانون الشغل إذا هو القانون الذي يحكم عالقات الشغل التابع الخاص وما يأخذ‬
‫حكمها‪ ،‬حيث يخرج من نطاق تطبيقه تلك العالقات التي تنشا بين الدولة وموظفيها‪ ،‬كما أن‬
‫قواعد هذا القانون ال تنصرف فقط إلى عالقات الشغل الفردية‪ ،‬بل تتناول بالتنظيم كذلك‬
‫عالقات الشغل الجماعية كإحدى المستجدات التي عرفها الميدان القانوني‪.‬‬

‫بعد إعطاء تعريف لكال المصطلحين يصبح جائزا ومشروع وضع تعريف لموضوع‬
‫"الحكامة في قانون الشغل" كإجتهاد منا في ظل غياب تعريف له كما سلف الذكر‪ .‬إذ يمكن‬
‫القول على أن الحكامة في قانون الشغل هي "اآلليات والمبادئ التي إعتمدها قانون الشغل‬
‫ألجل صون وتدبير حقوق أطراف العالقة الشغلية من خالل تعزيز الضمانات الحقوقية‬
‫لفائدة األجراء وتكريس المرونة لفائدة المشغلين عبر تعزيز الرقابة والمحاسبة‪،‬و تبني‬
‫مبادئ الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص"‬
‫وانطالقا من قاعدة البدئ في القانون تاريخ على اعتبار أن فهم أي مؤسسة قانونية‬
‫يقتضي الرجوع ألصولها التاريخية‪ ،‬وبحكم غياب تطور تاريخي للموضوع الذي نحن بصدد‬
‫دراسته‪ ،‬أي غياب تطور للمفهومين معا في ارتباط بينهما‪ .‬سنحاول فقط اإلشارة إلى تطور‬
‫قانون الشغل وذلك لعدة اعتبارات‪ ،‬أوالها أن دراستنا هذه ستنصب على تحليل مختلف بنود‬
‫هذا القانون مبرزين جوانب الحكامة التي يقوم ويعتمد عليها‪ ،‬أما ثانيها فيظهر من خالل‬
‫إشارتنا السابقة لتطور مفهوم الحكامة ولو كان ذلك بصفة مقتضبة مما يقتضي تجاوزها‬
‫والتركيز فقط على التطور التاريخي لقانون الشغل‪.‬‬

‫عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل الجزء األول‪ .‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.24-23‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪10‬‬
‫وبهذا يمكن الوقوف على التطور التاريخي لعالقات الشغل بالمغرب من خالل ثالث‬
‫محطات أساسية‪:‬‬

‫املرحلة األوىل مرحلة ما قبل احلماية‪ :‬حيث كانت عالقات الشغل منظمة من جهة‬ ‫‪‬‬

‫بمقتضى الشريعة االسالمية وبقواعد الفقه المالكي ومن جهة ثانية كانت منظمه باألعراف‬
‫والعادات المحلية والقبلية وكانت منظمه من جهة باألعراف المهنية حيث كانت تطبق هذه‬
‫االعراف من طرف أمين الحرف الذي كان يبث في النزاعات المتعلقة بحرفته أو تطبق من‬
‫طرف المحتسب والذي كان مكلفا بالجباية والبث في النزاعات ان وجدت‪.‬‬

‫املرحلة الثانية مرحلة احلماية‪ :‬التي ابتدأت من تاريخ فرض الحماية على‬ ‫‪‬‬

‫المغرب بتاريخ ‪ 30‬مارس ‪ 1912‬حيث عملت السلطات الفرنسية خالل هذه المرحلة على‬
‫إصدار (ق‪.‬ا‪.‬ع) وهو أول قانون مغربي مكتوب حيث صدر بتاريخ ‪ 13‬غشت ‪ 1913‬وقد‬
‫تضمنت بعض فصوله قواعد تنظيم العمل‪ .‬غير انه مع تطور المنشئات الصناعية تطورت‬
‫الوضعية االقتصادية حيث أضحت هذه القوانين الصادرة في (ق‪.‬ا‪.‬ع) متجاوزة ال تشمل كافة‬
‫التطورات التي أضحى عليها العمل‪ .‬مما أدى إلى إعادة ضبط قواعد العمل عبر ظهائر إما‬
‫خاصة بالعطل أو حوادث الشغل غير أن هذه القواعد لم تكن تطبق على الجميع فقد كانت هذه‬
‫الترسانة القانونية تطبق فقط على األجانب والفرنسيين وال تشمل العمال المغاربة كما أنها لم‬
‫تكن تحظى بتعميم في كافة المجاالت االقتصادية فقد شملت فقط القطاع الصناعي والتجاري‬
‫‪10‬‬
‫أما القطاع الفالحي فقد ظل خارج معادلة هذه القواعد‪.‬‬

‫املرحلة الثالثة مرحلة االستقالل‪ :‬يمكن أن نتفق على أن المغرب في هذه‬ ‫‪‬‬

‫المرحلة عمل على توحيد شتات قوانينه حيث تميزت هذه الفترة بثالث مراحل‪:‬‬

‫مرحلة ما قبل اإلعداد لمدونة الشغل‪ :‬تميزت هذه المرحلة بكثرة النصوص القانونية‬
‫وذلك لسد الفراغات التي رتبتها سلطات الحماية‪ .‬كما أنها تميزت بتناقض في الترسانة‬

‫عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل الجزء األول‪ .‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س ص‪.7 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪11‬‬
‫القانونية مما دفع برجال ونساء القانون الدعوة لجمع شتات النصوص القانونية المنظمة‬
‫لقانون الشغل‪.‬‬

‫مرحلة اإلعداد لمدونة الشغل‪ :‬استمر المغرب في فترة إعداده لمدونة الشغل ما يناهز‬
‫‪ 39‬سنة كما أن الصيغة المعمول بها حاليا هي الصيغة السادسة للمدونة‪.‬‬

‫الصيغة األولى‪1965:‬‬

‫الصيغة الثانية‪1979:‬‬

‫الصيغة الثالثة‪ 1993:‬أعدتها وزارة التشغيل و عرضتها مباشرة على البرلمان حيث تم‬
‫رفضها بحجة عدم مناقشتها مع الفرقاء االجتماعيين‪.‬‬

‫الصيغة الرابعة‪ :1994‬تم إعداد مشروع جديد يعتمد الحوار االجتماعي غير أنه لم يتم‬
‫عرضه على البرلمان‪.‬‬

‫الصيغة الخامسة ‪ :1995‬أعدتها وزارة التشغيل بناء على الحوار الذي تم سنة ‪1994‬‬
‫لكن لم يتفاعل معه أي طرف‪.‬‬

‫الصيغة السادسة ‪ :1998‬عملت الحكومة على وضع مشروع جديد حيث ضم فرقاء من‬
‫ممثلي النقابات والهيئات التشغيلية وهيئات أرباب العمل ليخلصوا في األخير للمدونة الحالية‪.‬‬

‫مرحلة صدور مدونة الشغل‪ :‬بعد وضع المشروع الحكومي لسنة ‪ 1998‬استمر الحوار‬
‫مع األطراف لسنوات عديدة حيث تم إقرار مدونة الشغل رقم ‪ 99-65‬من قبل البرلمان‪،‬‬
‫وذلك رغم االختالفات الجوهرية حول بعض بنودها التي طبعت في بادئ األمر موقف‬
‫الفرقاء االجتماعيين سواء فيما بينهم‪ ،‬أو فيما بينهم و بين الجهاز الحكومي‪ ،‬وبالتالي غياب‬
‫توافق بين األطراف‪ ،‬حيث كان االمر قد وصل حد الباب المسدود على مستوى لجنة العدل‬
‫و التشريع والوظيفة العمومية وحقوق اإلنسان بمجلس المستشارين‪ ،‬وهذا رغم أن موضوع‬
‫إخراج مدونة للشغل كان احد البنود األساسية للتصريح المشترك لفاتح غشت ‪ .1996‬وقد‬
‫نتج هذا الخالف وضع صيغة جديدة لمشروع مدونة الشغل تم إصدارها في شتنبر ‪1999‬‬
‫ليعرض بعد ذلك المشروع على مجلس الحكومة الذي صادق عليه بتاريخ ‪ 30‬دجنبر ‪1999‬‬

‫‪12‬‬
‫وعلى مجلس الوزراء الذي صادق عليه بدوره بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪ 2000‬ليحال مباشرة على‬
‫مجلس المستشارين‪.‬‬

‫هذا وقد حضي مشروع مدونة الشغل بالشكل الذي وافق عليه مجلسا الحكومة‬
‫والوزراء باهتمام بالغ من طرف الشركاء االقتصاديين و االجتماعيين‪ ،‬وكذلك من طرف‬
‫مختلف شرائح المجتمع المدني وذلك لما له من أهمية فيما يخص تنظيم عالقات الشغل‬
‫وتطوير العالقات المهنية ‪ ،‬واستتباب السلم االجتماعي داخل الوحدات اإلنتاجية ‪،‬خصوصا‬
‫و أن صاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره هللا ‪ ،‬أولى عناية خاصة لهذا المشروع‪،‬‬
‫حيت كان جاللته قد أعطى تعليماته السامية من خالل خطاباته التي ألقاها سواء في إفتاح‬
‫الدورة التشريعية الخريفية ‪ ،2003‬أو في كل من الدار البيضاء أو الجرف األصفر من أجل‬
‫إقرار مدونة جديدة للشغل ‪ ،‬تراعى فيها حقوق األجراء من جهة ‪،‬و توفر الضمانات القانونية‬
‫‪11‬‬
‫للمؤسسات من جهة تانية‪.‬‬

‫أهمية املوضوع‪:‬‬

‫إن إقرار مدونة للشغل‪ ،‬تضم بين دفتيها معظم النصوص القانونية الالزمة لحكم‬
‫عالقات الشغل في بعديها الفردي والجماعي‪ ،‬يكتسي أهمية في النظام االقتصادي العالمي‬
‫الجديد‪ ،‬المطبوع بالعولمة والمنافسة الحادة ‪ ،‬ليشكل بذلك نقطة تحول في العالقات المهنية‬
‫بين أطراف اإلنتاج‪ ،‬التي سيكسبها مصداقية أكبر لدى مختلف الفاعلين االقتصاديين‬
‫واالجتماعيين‪ ،‬ليس فقط على المستوى الوطني ‪ ،‬و لكن أيضا على المستوى الخارجي ‪.‬‬

‫هذه األهمية التي تحتلها مدونة الشغل في حكم و ضبط عالقات الشغل كان لها األثر‬
‫البالغ على المبادئ و القواعد التي تقوم و تستند عليها ‪ ،‬إذ توصف الكثير من قواعدها بأنها‬
‫مبادئ حكماتية‪ ،‬ال مثيل لها سواء في إطار القواعد العامة ‪ ،‬أو في نصوص خاصة‪ .‬وهذا ما‬
‫جعل من موضوعنا يحتل أهمية خاصة سواء في شقها النظري أو العملي‪.‬‬

‫‪ 11‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل الجزء األول‪ .‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.8‬‬

‫‪13‬‬
‫فيما يخص أهمية الموضوع النظرية فتظهر من خالل عدة جوانب‪ ،‬اوالها غياب‬
‫اهتمام فقهي بهذا الموضوع على اعتبار أن للحكامة ارتباط بمجاالت أخرى و لم يكن في‬
‫الحسبان تصور وجود عالقة بين هذا المصطلح و قانون الشغل ‪ .‬كما أن غياب االهتمام من‬
‫طرف الفقه بهذا الموضوع انعكس على غياب كتابات تصب في هذا اإلطار و أملنا أن تكون‬
‫هذه الدراسة بمثابة شرارة تثير آفاق البحث في هذا المجال ‪ .‬أما ثانيها فيظهر من خالل‬
‫حرصنا المستمر و الدؤوب على امتداد هذه الدراسة في استجالء وتبيان مختلف المبادئ‬
‫التي ارتكزت عليها مدونة الشغل و التي شكلت قواعد حكماتية تصبو إلى حماية أطراف‬
‫العالقة الشغلية متجاوزة بذلك القواعد العامة التي عجزت عن توفير هذه الحماية‪.‬‬

‫أما فيما يخص األهمية العملية فتبرز من خالل الحث على تفعيل الحكامة في قانون‬
‫الشغل‪ ،‬كأسلوب جديد في التدبير سيدعم تذويب الحدود‪ ،‬ويشجع التشارك بين مختلف الفرقاء‬
‫االجتماعيين‪ ،‬كما أنه من شأنه أن يقلص من عدد القضايا والنزعات التي تثقل كاهل القضاء‬
‫االجتماعي‪ ،‬إضافة إلى كون الحكامة أداة لضبط وتوجيه وتسيير التوجهات االستراتيجية‬
‫الكبرى في مجال التشغيل‪.‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬

‫إن موضوع الحكامة في قانون الشغل من الموضوعات التي لم تنل حظا من مجال‬
‫البحث األكاديمي‪ ،‬مقارنة بالعديد من الموضوعات األخرى التي لها ارتباط بقانون الشغل‬
‫حتى أضحى الكثير منها تكرارا لما تمت دراسته والبحث فيه‪ ،‬و مع ذلك اخترنا خوض غمار‬
‫البحث و الدراسة في هذا الموضوع ‪ ،‬كمساهمة منا لفك إشكاالته و الوقوف على األسس و‬
‫المبادئ الحكماتية التي يرتكز ويرتكن عليها قانون الشغل‪ .‬كما أن أهمية الموضوع بشقيها‬
‫كانت دافعا لنا للغوص في هذه الدراسة بإثارة العديد من اإلشكاالت والتساؤالت‪ ،‬اخترنا منها‬
‫اإلشكال التالي محورا أساسيا وهو‪ :‬إلى أي حد أسهمت المقتضيات القانونية المدرجة‬
‫بمدونة الشغل من إقرار و تكريس أسس و مبادئ حكماتية تراعى فيها وضعية طرفي‬
‫العالقة الشغلية‪ ،‬من خالل تعزيز الضمانات الحقوقية لألجراء‪ ،‬وضمان استمرارية المقاولة‬
‫عبر تبني مبادئ المشاركة والشفافية و المسؤولية؟‬

‫‪14‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬

‫ال شك أن خصوصية موضوع هذا البحث‪ ،‬وبالنظر لتجليات عديدة تعزز أهميته كما‬
‫أوضحنا ذلك سابقا‪ ،‬تجعل من الصعب االطمئنان إلى منهج واحد من مناهج التحليل‬
‫القانوني ‪ ،‬إلمكانية التعاطي الجاد مع مثل هذا الموضوع ‪ .‬بل إن الوضع فرض علينا تعزيز‬
‫هذه الدراسة بالعديد من مناهج البحث القانوني‪ ،‬من قبيل المنهج الوصفي و المنهج التحليلي‬
‫فالمنهج االستنباطي و أحيانا المنهج المقارن ‪.‬‬
‫فالمنهج الوصفي التحليلي أسعفنا في تسليط الضوء على العديد من مقتضيات مدونة‬
‫الشغل وذلك بالدراسة والتحليل المعمقين ليفسحا المجال بعد ذلك للمنهج االستنباطي من أجل‬
‫رصد واستنباط مختلف تجليات الحكامة التي يرتكز عليها قانون الشغل‪ .‬أما المنهج المقارن‬
‫فقد تم استعماله ألجل مقارنة بعض بنود مدونة الشغل مع تشريعات مقارنة سواء عربية أو‬
‫غربية‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬

‫إن اإلجابة عن اإلشكالية أعاله تقتضي تقسيم هذه الدراسة إلى فصلين اثنين‪ ،‬نخصص‬
‫االول للحديث عن تجليات الحكامة‪ ،‬أما الثاني فسيكون مجاال للحديث عن آليات تعزيزها في‬
‫قانون الشغل‪ ،‬وذلك وفق الشكل اآلتي‪:‬‬
‫الفصل االول‪ :‬مظاهر الحكامة في قانون الشغل‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آليات تعزيز الحكامة وعوائق تفعيلها في قانون الشغل‬

‫‪15‬‬
‫الفصل االول‪ :‬مظاهر الحكامة في قانون الشغل‬

‫يعتبر الشغل وسيلة أساسية من وسائل تنمية البالد وصيانة كرامة اإلنسان والنهوض‬
‫بمستواه المعيشي‪ ،‬وتحقيق الشروط المناسبة الستقراره العائلي وتقدمه االجتماعي‪ ،‬لهذا‬
‫يسعى كل فرد في المجتمع إلى الحصول على عقد شغل يناسب مؤهالته المهنية وقدراته‬
‫البدنية‪ ،‬وعندما تتحقق رغبته ويحصل على عمل‪ ،‬يبذل كل ما في جهده للحفاظ على‬
‫استقرار عقده وحمايته من أي إنهاء محتمل‪.‬‬
‫واستقرار التعاقد يبقى من االنشغاالت األساسية للمشرع االجتماعي‪ ،‬فهذا األخير‬
‫يسعى إلى تحقيق استقرار أفضل لروابط الشغل‪ ،‬على اعتبار أن هذا االستقرار يشكل‬
‫غاية اجتماعية‪ ،‬تحرص الدول بكل مكوناتها على بلوغها وذلك بإيجاد الحلول الناجعة التي‬
‫تحول دون إنهاء الرابطة التعاقدية بين األجير والمشغل‪.‬‬
‫ولعل حرص المشرع على ضمان استقرار األجير في شغله من خالل عدة‬
‫مقتضيات حمائية تمثل الوجه األول للجانب الحكماتي في قانون الشغل‪ ،‬إال أن مظاهر‬
‫الحكامة في قانون الشغل لم يجعلها المشرع مقتصرة على الجانب الحمائي لألجير في‬
‫إطار عالقته بمشغله‪ ،‬بل إن المشرع االجتماعي‪ ،‬كرس من خالل عدة مقتضيات في‬
‫مدونة الشغل العديد من اآلليات القانونية لمواكبة المتغيرات االقتصادية وذلك من خالل‬
‫مراعاة أوضاع المقاولة ولو في بعض الحاالت الخاصة واالستثنائية سواء عند انطالقها‬
‫أو في مواصلة نشاطها ألجل ضمان استمرارية المقاولة وبما يحقق مرونة على مستوى‬
‫العالقة الشغلية لهو أكبر تكريس للوجه الثاني من الجانب الحكماتي في قانون الشغل‪.‬‬
‫من خالل كل ما سبق سيغدو هذا الفصل مجاال خصبا للحديث أوال على أهم مظاهر‬
‫الحماية التي أقرها المشرع لألجير والتي تشكل في عمقها نوعا من الحكامة‪ ،‬ثم سيليها‬
‫الحديث بعد ذلك على جانب المرونة التي أقرها المشرع تجاه المشغل‪ ،‬وذلك وفق الشكل‬
‫اآلتي‪ :‬الفرع األول‪ :‬حماية األجير مظهر للحكامة‪ .‬الفرع الثاني‪ :‬تكريس المرونة لفائدة‬
‫المشغل تفعيل لمبادئ الحكامة‬

‫‪16‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حماية األجير مظهر للحكامة‬

‫إيمانا من المشرع المغربي بأهمية العالقة الشغلية التي تجمع في غالب األحيان ما‬
‫بين طرفين غير متوازيين من الناحية اإلقتصادية –أجير ومشغل‪ -‬فقد تدخل المشرع‬
‫ووضع نصوصا قانونية ذات طابع حمائي‪ ،‬تتمثل أساسا في مدونة الشغل‪ ،‬متفاديا بذلك‬
‫إستمرار نفاذ المبادئ المدنية الصرفة التي كانت تحكم العالقة الشغلية‪ ،‬وهي مبدأ سلطان‬
‫اإلرادة والعقد شريعة المتعاقدين فالمشغل في هذه الفترة غالبا ما يتمسك بهذه المبادئ‬
‫لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب األجير مستغال بذلك حاجة األجير للشغل‪.‬‬
‫بل أكثر من ذلك فإن الجانب الحمائي لألجير الذي كرسته مدونة الشغل لم يكن‬
‫حبيس عالقات الشغل الفردية بل تجاوز ذلك إلى إضفاء نوع من الحماية على األجير‬
‫الذي يكون في حالة من الضعف االقتصادي حتى في إطار عالقات الشغل الجماعية‪.‬‬
‫إن هذه الحماية التي كرستها مدونة الشغل للطبقة الشغلية بشقيها الفردي والجماعي‪،‬‬
‫لتعكس ذلك البعد الحكماتي الذي تبنته المدونة لغاية واحدة ووحيدة وهو ضمان أكبر‬
‫حماية لهذه الفئة‪ ،‬وبهذا سيكون هذا الفرع محال لمناقشة مظاهر البعد الحمائي لألجير في‬
‫عالقات الشغل الفردية يليها بعد ذلك الحديث عن مظاهر البعد الحمائي في عالقات‬
‫الشغل الجماعية وذلك وفق الشكل اآلتي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مظاهر البعد الحمائي في إطار عالقات الشغل الفردية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعزيز الحماية في إطار عالقات الشغل الجماعية‬

‫‪17‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مظاهر البعد الحمائي في إطار عالقات الشغل الفردية‬

‫شكلت عالقات الشغل الفردية اإلطار األكثر تنظيما وإحكاما في ظل مقتضيات مدونة‬
‫الشغل ‪ ،‬فأمام هشاشة المركز القانوني لألجير الذي يكون في أشد الحاجة إلى عمل يلبي‬
‫حاجياته اليومية ‪ ،‬وإيمانا من المشرع بالمركز االقتصادي القوي للمشغل‪ ،‬فإنه تفطن إلى‬
‫الموسومة‬ ‫لألجراء في مثل هاته الوضعية‬ ‫المس باألهم الحقوق األساسية‬ ‫إمكانية‬
‫بالالتوازن ‪ ،‬وهو ما جعله يعمل على تسطير عدة مقتضيات معتبرا إياها من النظام العام‬
‫تهدف باألساس إلى محاربة كل شكل من أشكال االعتداء على حقوق األجراء‪.‬‬
‫كما أن هاجس الحفاظ على استقرار عالقات الشغل يعد من االنشغاالت الكبرى‬
‫للمشرع االجتماعي الذي يسعى جديا إلى إحقاق أفضل استقرار لروابط الشغل باعتباره‬
‫غاية اجتماعية تهم أكبر فئة من المجتمع هي فئة األجراء‪ ،‬ولعل ذلك ما دفع المشرع إلى‬
‫إقرار العديد من الضمانات التي من شأنها كفالة هذا االستقرار الذي يطمح إليه األجير‪.‬‬
‫وبهذا سنحاول في هذا المبحث التعرض لمعالم حماية الحقوق الشخصية لألجراء‬
‫وإنصاف بعض الفئات الخاصة (المطلب األول) على أن يكون الحديث في (المطلب‬
‫الثاني) على ضمانات االستقرار في الشغل وضمانات إنهائه‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحقوق الشخصية لألجراء وتكريس اإلنصاف لبعض الفئات الخاصة‬

‫يعد ميدان الشغل أحد الميادين الخصبة التي تكثر فيها فرص االعتداء على‬
‫الحقوق الشخصية أكثر من غيره بفعل كثرة المصالح المختلفة والمتضاربة أحيانا بين‬
‫األطراف المتداخلة في عالقة الشغل‪ ،‬هو ما يفرز إن صح التعبير حالة الالتوازن بين‬
‫قوى العالقة التعاقدية وتجعل أحد األطراف متفوقا على اآلخر‪ ،‬وبالتالي قد يفرض‬
‫شروط على الطرف اآلخر تقيد من ممارسة حقوقه الشخصية أو تعصف بها‪ 12،‬لهذا كان‬
‫حريا بالمشرع إقرار مقتضيات تضمن الحماية الكافية لمثل هذه الحقوق ومعرفة من‬
‫المشرع لضعف بعض الفئات من األجراء‪ ،‬فقد كان من الالزم بسط حماية من نوع خاص‬
‫لهؤالء الفئات‪ ،‬هكذا سنعالج في (الفقرة األولى) حماية الحقوق الشخصية لألجير على أن‬
‫نتطرق في (الفقرة الثانية) إنصاف بعض الفئات الخاصة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حماية الحقوق الشخصية لألجير‬
‫لم تكن حماية الحقوق الشخصية من االعتداءات التي قد تطالها من المسائل التي‬
‫تناقش على مستوى عالقات الشغل حتى وقت قريب‪ ،‬والسبب في ذلك يعود باألساس إلى‬
‫غياب مفهوم الحقوق الشخصية بالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن حاليا‪ .13‬مما شكل اعتداء‬
‫على هذه الحقوق لفترة لم تكن بالقصيرة إال أنه مع التطورات التي عرفتها العالقات‬
‫الشغلية وبروز ثقافة حقوق اإلنسان وإحساس الطبقة العاملة بذاتها بعد تكثلها في‬
‫تنظيمات نقابية قوية‪ ،‬ساهم في إعادة نوع من التوازن بين المشغلين واألجراء‪.‬‬
‫وبهذا سنحاول استعراض الحقوق الشخصية لألجير ذات الصلة بالحياة الخاصة (أوال)‬
‫بعدها نعالج الحقوق الشخصية ذات الصلة بظروف العمل (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -12‬أيوب العثماني‪ :‬الحقوق الشخصية لألجير أي حماية في عالقة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مكناس جامعة موالي اسماعيل‪ ،2015-2016 ،‬ص ‪.4-5‬‬
‫‪ -13‬عبد اللطيف النقاب‪ ،‬الحماية القانون ية لحقوق األجراء الشخصية في القانون المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،2011-2010 ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪19‬‬
‫أوال‪ :‬الحقوق الشخصية ذات الصلة بالحياة الخاصة لألجير‬

‫إذا كانت عالقة الشغل تفرض على األجير بأن يتنازل عن قدر معين من حريته‬
‫وذلك أمام ما يفرضه عنصر التبعية من خضوع لألجير لرقابة وإشراف وتوجيه المشغل‬
‫فإن ذلك ال يعني أن األجير يلتزم بالتخلي عن كافة حقوقه وحرياته‪ ،‬مادام األصل هو‬
‫الفصل الكامل بين ما هو مهني وماله طابع شخصي‪14‬وإيمانا من المشرع لما لبعض‬
‫الشروط من مس بهذه الحقوق فقد أقر لها حماية خاصة وبهذا سيتم التفصيل في بعض من‬
‫هذه الحقوق الشخصية الخاصة ونخص بالذكر‪ ،‬حق األجير في الزواج(ب) لكن قبل ذلك‬
‫سنعرض في (أ) لحق األجير في االحتفاظ بإسمه الشخصي واختيار مظهره‪.‬‬
‫حق األجير في االحتفاظ باسمه الشخصي واختيار مظهره‬ ‫أ‪-‬‬
‫يفرض الدخول إلى ميدان الشغل ضرورة إستفاء مجموعة من الشروط منها ما‬
‫يتعلق بالخبرة والكفاءة المهنية‪ ،‬ومنها ما ال عالقة له بذلك‪ 15‬ولعل من بين هذه الشروط‬
‫هي قبول األجير اتخاذ مظهر معين أثناء إبرام العقد(‪ )2‬أو إجبار األجير على التخلي عن‬
‫اسمه الشخصي (‪.)1‬‬
‫حق األجير في االحتفاظ بإسمه الشخصي‬ ‫‪-1‬‬
‫ينفرد اإلنسان في كونه يحمل إسما يميزه عن غيره‪ ،‬ويتكون هذا االسم عادة من اإلسم‬
‫الشخصي واالسم العائلي‪ ،‬بحيث يمنع اختالط الشخص عن غيره وإشتباهه بهم‪ 16‬ويستعمل‬
‫االسم أ حيانا للداللة على اسم صاحبه وحده‪ ،‬كما قد يستعمل اإلسم للداللة على اسم‬
‫الشخص ونسبه‪ ،‬واستعمال االسم ظهر منذ القديم للتمييز بين األشخاص والحؤول دون‬
‫اشتباههم واختالطهم ببعضهم‪ ،‬حتى أضحى اكتسابه أحد مستلزمات الشخصية االنسانية‪،‬‬
‫وبواسطته يمكن االنسان القيام بأغلب التعامالت سواء المالية أو غير المالية‪.17‬‬

‫‪-14‬عبد اللطيف النقاب‪ ،‬الحماية القانونية لحقوق األجراء الشخصية في القانون المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -15‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية ال حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مطبعة‪ ،‬تطوان‪ ،‬طبعة سلسلة دراسات معمقة األولى‪ ،2015 ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ -16‬عبد اللطيف النقاب‪ :‬الحماية القانونية لحقوق األجراء الشخصية في القانون المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -17‬تجدر اإلشارة أنه نظرا لألهمية التي يكتسي ها األسم فقد حظي بإهتمام بعض االتفاقيات الدولية التي دعت إلى ضرورة توفره لكل إنسان منذ‬
‫طفولته وعلى سبيل المثال اإلتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية التي أكدت في المادة ‪ 24‬منها في فقرتها الثانية "على تسجيل كل طفل‬
‫فو ر والدته ويكون له إسم" وهو ما تم تأكيده من خالل إتفاقية حقوق الطفل التي جاء فيها‪" :‬تتعهد الدول األطراف باحترام الطفل في الحفاظ على‬
‫هويته بما في ذلك جنسيته واسمه وصالته العائلية على النحو الذي يقرره القانون وذلك دون تدخل غير شرعي أما إذا حرم أي طفل بطريقة‬
‫غير شرعية من بعض أو كل عناصر هويته‪ ،‬نقدم الدول األطراف المساعدة والحماية المناسبتين من أجل اإلسراع بإعادة إثبات هويته‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫وقد عرف الباحث حسن كيرة اإلسم بكونه عالمة على الشخص وعلى األسرة التي‬
‫ينتمي إليها في نفس الوقت‪ ،‬كما عرفه أحد الباحثين‪ 18‬على أنه تسمية إلزامية تصلح لتعيين‬
‫اإلنسان ولتمييزه عن اآلخرين‪.‬‬
‫وإذا كان من الالزم ومن المعقول أن نغوص في البحث عن سبل حماية حق األجير‬
‫في اإلحتفاظ بإسمه ومدى كفاية هذه الحماية‪ ،‬فإن منطق األمور يفرض علينا بداية أن‬
‫نستعرض بعض التجليات أو المظاهر التي نقول معها أن حق األجير الشخصي والمتمثل‬
‫في الحق في االحتفاظ بإسمه قد تم المساس به ويجعل األجير قد ال يتأذى بشكل مادي‬
‫وملموس‪ ،‬لكن قد يكون للوضع تأثير على نفسية األجير‪.‬‬
‫هكذا إذا باتت حاالت االعتداء على الحق في اإلسم عديدة و متنوعة فقد يأتي اإلعتداء‬
‫عليه بإنتحاله او عن طريق نشره في الصحف‪ ،‬كما يمكن أن يأتي في صورة المنازعة فيه‪،‬‬
‫غير أنه وإذا كانت الحالتان األولى والثانية ال يمكن تصورها في مجال عالقات الشغل‪،19‬‬
‫بل حتى ولو وقعنا فإن سند الحماية فيهما موكول لمقتضيات القانون الجنائي والذي عاقب‬
‫على إنتحال الوظائف أو األلقاب واألسماء من خالل الفصول ‪ 380‬إلى ‪ 20390‬بينما يتصور‬
‫حدوث اإلعتداء على االسم في عالقة الشغل عن طريق المنازعة فيه‪ ،21‬والتي يقصد بها‬
‫عموما ذلك االعتراض الصادر من الغير دون مبرر على حق الشخص في التسمي باالسم‬
‫الذي يحمله وفي استعماله إياه‪.22‬‬
‫وبالرجوع إلى الواقع العملي نجده ما فتئ يخلو من عدة مظاهر يتبين معها أن حق‬
‫األجير في االحتفاظ بإسمه يتم المساس به‪ ،‬إذ تبث أن إحدى األجيرات كانت تشتغل بمركز‬
‫"تكنو بارك بالبيضاء" وثم إجبارها في بنود عقد الشغل على ضرورة تغير إسمها‬
‫الحقيقي عند تقديم نفسها للزبناء من "مريم اإلدريسي" إلى اسم جديد تمثل في كاترينا‬
‫لويالن" وذلك إليهام الزبون بأن المكالمة تجرى من فرنسا وليس الدار البيضاء‪ ،23‬في نفس‬

‫‪18‬‬
‫‪- pierre koyser, les droits de la personnalité aspects théorique et pratique, revue trimestrielles de droit civil‬‬
‫‪1991, p445-509.‬‬
‫‪-19‬أيوب العثماني‪ :‬الحقوق الشخصية لألجير – أي حماية في عالقة الشغل‪ ،-‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪ -20‬عاقب المشرع المغربي على انتحال إسم الغير بمقتضى الفصل ‪ 385‬من القانون الجنائي الذي ينص "من انتحل لنفسه بغير حق إسما غير‬
‫إسمه الحقيقي في ورقة عامة أو رسمية أو في وثيقة إدارية موجهة إلى السلطة العامة يعاقب بغرامة من مائتين إلى ألف درهم"‪.‬‬
‫‪ -21‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -22‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪-23‬عبد اللطيف النقاب‪ ،‬الحماية القانونية لحقوق األجراء الشخصية في القانون المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.82-81‬‬

‫‪21‬‬
‫السياق تطالعنا جريدة العلم الوطنية في إحدى أعدادها عن قصة خادمة إسمها فاطمة‪،‬‬
‫والتي فرضت عليها مشغلتها تغير إسمها ليصبح "رحمة" وأرجئت ذلك لكون أن فضاء‬
‫المنزل ال يحتمل وجود فاطمتين المشغلة والخادمة‪.24‬‬
‫وهو األمر الذي نلمسه كذلك في قضية أحد المستخدمين الذين كان يشتغل لحساب‬
‫شركة متخصصة في مجال االتصال والمعلوميات الموجهة إلى فرنسا حيث إن هذه‬
‫المؤسسة تلزمه بتقديم نفسه إن أراد العمل لديها بإسم "‪ "david‬عوض خالد دائما إليهام‬
‫الزبائن بأن المكالمة تجرى من فرنسا‪.25‬‬
‫وال تعد هذه الممارسات مقتصرة على الحيز الجغرافي المغربي فقط‪ ،‬بل اتسعت‬
‫فروض طلب تغيير االسم بدرجة أكبر بدول المهجر‪ ،‬خصوصا مع فئة األجراء ذوي‬
‫األصل المغربي كلما كانت أساميهم ذات داللة دينية أو وطنية وقد سبق لمحكمة‬
‫"‪"Montluçon‬في حكم صادر عنها بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪ 1974‬أن بثت وفق طلب المدعي‬
‫الهادف إلى تغيير اسمه لرغبته في إخفاء طابعه األجنبي وذلك حتى يتمكن من تعاطي‬
‫تجارة الكتب‪.26‬‬
‫هكذا إذا يالحظ أن وجه االعتداء على الحق في االحتفاظ باإلسم تتعدد تجلياتها‬
‫وتتلون أسبابها من مشغل آلخر كما أنها ال تقتصر على األجراء الذين يعملون في دول‬
‫المهجر فقط‪27‬بل إننا تعرضنا لحاالت وما أكثرها سجلت في المغرب كبلد عربي‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يجعلنا نقول أن من بين األسباب الرئيسية التي تجعل األجير يجد نفسه مضطر إلى‬
‫الرضوخ لمثل هذه الشروط هو البحث عن فرصة شغل لضمان لقمة عيش تغنيه عن هم‬
‫البطالة ونتائجها ‪،‬وهو ما يقتضي توفير أكبر قدر من الحماية في مواجهة المركز القوي‬
‫للمشغل الذي قد يفرض شروط تعصف هذه الحقوق الشخصية لألجير والتي يأتي على‬
‫رأسها الحق في االحتفاظ باسمه الشخصي‪.‬‬

‫‪ -24‬أشار إليه أيوب العثماني في رسالته الحقوق الشخصية لألجير‪ ،‬أي حماية في عالقة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ -25‬غير بعيد عن هذه الحالة التي تترجم لنا أوجه االعتداء على حق األجير في االحتفاظ باسمه تطالعنا جريدة األحداث المغربية في مقال‬
‫نشرته في إحدى أعدادها تروي فيه قصة اجير مقيم في فرنسا أجبره مشغله بضرورة تغيير إسمه الشخصي من " محمد" إلى "جون"‪ ،‬إن هو‬
‫أراد أن يتم قبوله في العمل‪ ،‬وذلك ال لشيء إال ألن إسم محمد أصبح ببعث الرعب في نفوس الزبناء خاصة مع تزامن هذه الحالة مع واقع ‪ 11‬شتنبر‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ -26‬أشار إليه أيوب العثماني في رسالته الحقوق الشخصية لألجير‪ ،‬أي حماية في عالقة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -27‬حنان أسوان‪ ،‬وضعية المرأة العاملة في ظل مدونة الشغل المغربية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪-‬الرباط ‪ ،2012-2013‬ص ‪.26‬‬

‫‪22‬‬
‫إن حماية الحقوق الشخصية‪ ،‬والحق في االحتفاظ باإلسم الشخصي نموذجا مسألة‬
‫تقتضي البحث عن سند قانوني كفيل بتحقيقها‪ ،‬هكذا وبالرجوع إلى مدونة الشغل المغربية‬
‫تقول إحدى الباحثات‪ ،28‬أنها جاءت خالية من أي مقتضى صريح قد يفيد حماية الحق في‬
‫االحتفاظ باإلسم‪ ،‬وهو ما قد يدفع ببعض المشغلين إلى الركوب على مقتضيات المادة ‪ 21‬من‬
‫م‪.‬ش‪ ،‬والقول أنه على األجير أن يمتثل ألوامر المشغل وإال اعتبر في حالة عدم االمتثال‬
‫مرتكب لخطأ جسيم قد يبرر فصله فيما بعد إذا قرر عدم االلتزام بتغيير اإلسم واالحتفاظ‬
‫بإسمه‪.‬‬
‫وأمام هذا الوضع ال يسعنا األمر إلى القول بضرورة الرجوع إلى األصل واألصل هنا‬
‫اقصد به القانون المدني وبالضبط مقتضيات المادة ‪ 109‬من ق ل ع‪ ،29‬والتي يجب تكييفها‬
‫وفق ما تم الر كون إليه في نازلة المضيفة الجوية تماشيا مع ما يفرضه النظام االجتماعي‪،‬‬
‫وذلك من أجل تمكين األجير من حماية يكون معها بإمكانه خرق الشرط القاضي بتغير‬
‫إسمه‪ ،‬دون خوف على مصير عقد الشغل الذي يبقى منتجا آلثاره‪ ،‬وإال فما الجدوى من نص‬
‫قانوني معين‪ ،‬شرعه المشرع سيؤدي تطبيقه بشكل حرفي إلى اإلضرار بأجير الحول وال‬
‫قوة له في لحظة نسج خيوط العقد والتي يرى فيها المشرع مرتعا خصبا لإلجهاز على‬
‫حقوقه‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى التشريعات المقارنة نجد المشرع المصري والمشرع الموريتاني‬
‫إختارا تبني نفس موقف مدونة الشغل المغربية أي السكوت عن مسألة حماية مثل هذه‬
‫الحقوق وعدم اإلشارة إلى هذا الحق ضمن مقتضياتها‪ ،‬بينما نجد مشرعي دول أخرى‬
‫توجهوا إلى إقرار مبدأ عام يحمي سائر الحقوق الشخصية في عالقة الشغل ومن ذلك مثال‬
‫قانون الشغل الفرنسي الذي نص في المادة ‪ L120-2‬على عدم جواز تقييد حقوق األجير‬
‫الشخصية والحريات الفردية والجماعية دون أن تكون هذه القيود مبررة بطبيعة العمل‬
‫المطلوب إنجازه أو بمناسبة الهدف الذي ينبغي تحقيقه‪.‬‬

‫‪ -28‬حنان أسوان‪ ،‬وضعية المرأة العاملة في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -29‬ينص الفصل ‪ 109‬من ق ل ع على ما يلي‪" :‬كل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابثة لكل إنسان في أن يتزوج‬
‫وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية‪ ،‬يكون باطال ويؤدي إلى بطالن اإللتزام الذي يعلق عليه ‪ ،‬وال يطبق هذا الحكم على الحالة التي يمنع فيها أحد‬
‫الطرفين نفسه من مباشرة حرفة معينة خالل وقت وفي منطقة محد دين"‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وبالرجوع إلى موقف القضاء االجتماعي بخصوص حماية الحق في االسم لمعرفة هل‬
‫تجاوز القضاء إن صح التعبير عجز مدونة الشغل عن توفير حماية صريحة لحماية هذا‬
‫الحق أم ال؟ وبالتالي يتمكن األجير من إيجاد ضالته التي سيدافع بها عن اسمه في مواجهة‬
‫شرط التغيير الذي يفرضه بعض المشغلين‪.‬‬
‫إال أن األمر يبدوا صعبا للغاية في ظل ساحة قضائية تغيب فيها أحكام من هذا القبيل‬
‫والتي تترجم االعتداء على حق األجير في االحتفاظ باسمه الشخصي‪ ،‬إال أنه في هذا الصدد‬
‫ينبغي أن نؤكد على أن هذا الغياب القضائي ال يعود إلى مؤسسة القضاء بقدر ما هو عائد‬
‫إلى األجير نفسه الذي يحجم عن منازعة المشغل أمام القضاء في شرط تعديل أو تغيير‬
‫إسمه الحقيقي بحكم الحاجة الماسة التي يكون عليها األجير في الحصول على شغل يضمن‬
‫به قوت يومه‪ ،‬هذا من جهة أما من جهة ثانية فإننا نؤكد أن غياب أحكام ذات الصلة‬
‫بموضوع شرط تغيير االسم الشخصي ليرجع كذلك إلى امتناع المشغل على إدراج مثل‬
‫هذه الشروط في عقد الشغل‪ ،‬حيث يقتصر األمر على االتفاق عليها شفاهة‪ ،‬مما يجعل‬
‫األجير في وضع يصعب معه إثبات هذا الشرط الذي يعد مسا خطير بهويته وشخصية‬
‫األجير‪.‬‬
‫أمام غياب مقتضيات قانونية تصون وتضمن أهم الحقوق الشخصية لألجير وعلى‬
‫رأسها حقه في االحتفاظ باسمه الشخصي‪ ،‬وكذلك أمام غياب موقف القضاء في مثل هذا‬
‫الوضع‪ ،‬فإننا نناشد أوال بضرورة التدخل التشريعي القوي والحاسم في إقرار هذه الحماية‬
‫للطبقة العاملة‪ ،‬كما أننا ندعو القضاء وفي غياب مقتضيات قانونية إن عرضت عليه حاالت‬
‫منها هذا القبيل التعامل معها بنوع من الرؤية الحكماتية وذاك تماشيا والفلسفة الحمائية التي‬
‫يقوم عليها قانون الشغل‪ ،‬كما نؤكد على ضرورة إقرار رقابة من خالل جهاز مفتشية‬
‫الشغل تعمل بين الفينة واالخرى على مراقبة الحقوق الشخصية لهذه الفئة‪.‬‬
‫حق االجير في اختيار مظهره‬ ‫‪-2‬‬
‫يعكس مبدأ الحرية التعاقدية قدرة المشغل وحقه في قبول أو رفض التعاقد مع من‬
‫يشاء من األجراء وإذا كان األصل أن المشغل يختار األجراء إنطالقا من كفاءاتهم وقدراتهم‬
‫المهنية‪ ،‬فإنه مع ذلك قد يشترط لقبولهم إبرام العقد شروطا تمس بمقوماتهم الشخصية ‪،‬‬

‫‪24‬‬
‫ولعل من أبرز هذه الشروط والتي تعرف إنتشارا واسعا بشكل يقلص من حق األجير في‬
‫التمتع بمقومات شخصية تلك التي تلزمه باتخاذ مظهر معين‪.30‬‬
‫إن الحق في اختيار المظهر يعد من الحقوق الشخصية‪ ،‬حيث اعتبرها البعض كيان‬
‫مستقل‪ ،‬ويعد الحق في اختيار المظهر أحد عناصرها‪ ،31‬بالرغم من أنه ال يشكل بندا من‬
‫إعالنات حقوق االنسان إال أنه يدخل في إطار الحريات التي تكفلها الدساتير‪.32‬‬
‫إن المشغل يتمتع بسلطة التوجيه واإلشراف تجاه األجير نتيجة عقد الشغل الرابط بينهما‬
‫وما ينشأ عنه من عالقة تبعية تجعل له بالتالي سلطة تأديبية على أجرائه تخول له حق‬
‫إصدار جزاءات قد تصل إلى حق الفصل إن لم يستجب لتعليماته‪ ،‬هو ما نتسائل معه‬
‫بالتالي في حالة فرض المشغل على األجير أثناء مزاولة عمله أن يظهر بمظهر معين‬
‫ورفض األجير االمتث ال لهذه األوامر وتشبته بحقه الشخصي في إختيار مظهره‪ ،‬ألن‬
‫يعتبر هذا رفضا ألوامر المشغل وبالتالي سببا لفصله؟ إن مثل هذا الوضع يفرض علينا‬
‫البحث عن الحماية التي يمكن توفيرها لألجير عندما يجد نفسه إزاء هذا الوضع (بين‬
‫الرضوخ لمطالب المشغل بخصوص المساس بحقه الشخصي إن هو أراد الحفاظ على شغله‬
‫أو رفضها وبالتالي إمكانية فصله‪.33‬‬
‫لم يعد غريبا أن نسمع بين الفينة واألخرى أن بعض المشغلين يشترطون على‬
‫األجيرات الالتي ترغبن في الشغل لديهم أن ال ترتدين الحجاب كشرط لقبول إبرام عقد‬
‫الشغل‪ ،‬بل إن بعض المؤسسات وعلى المستوى العالمي تشترط للعمل لديها أن يحافظ‬
‫األجير على توازن بين وزنه وطوله وتمنع األجراء الذكور من حمل الشارب وعدم‬
‫تجاوز أضافرهم حدود أصابعهم‪ ،34‬وهنا يالحظ مدى اإلفراط من طرف بعض المؤسسات‬
‫في التدخل في حق األجراء في اختيار مظهرهم وإن كان للمشغل الحق في تسيير مؤسسته‬

‫‪ -30‬عبد اللطيف النقاب‪ ،‬الحماية القانونية لحقوق األجراء الشخصية في القانون المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -31‬محمد بنحساين‪" :‬حق األجير في إختيار مظهره"‪ ،‬المجلة المغربية إلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ 58 -57‬ايوليوز‪ -‬اكتوبر ‪ ،2004‬ص ‪.42‬‬
‫‪32‬‬
‫‪- jean Savetier, « condition de licéité d’une licenciement pour port de voile islamique : Edition, technique et‬‬
‫‪économique, revue droit social, N4 avril 2004, p 354.‬‬
‫‪-33‬أيوب العثماني‪ :‬الحقوق الشخصية لألجير‪ ،‬أي حماية في عالقة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ -34‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.63‬‬

‫‪25‬‬
‫بما يحقق مصلحته باعتباره مالكا أو منظما لها فإنه مع ذلك يجب تقييد هذه الحرية بشكل ال‬
‫يسبب ضررا جسيما لألجير‪.35‬‬
‫وبالرجوع إلى مقتضيات مدونة الشغل نجدها لم تكلف نفسها أي عناء وتنص على نص‬
‫يحمي هذا الحق على العكس تماما بالنسبة لموقف المشرع الفرنسي حيث ضمن قانون الشغل‬
‫الفرنسي نص عام يحمي جميع الحقوق و الحريات الشخصية وذلك عبر الفصل ‪1121.1‬‬
‫الذي منع من خالله تقيد هذه الحقوق والحريات دون أن تكون القيود مبررة بطبيعة العمل‬
‫المراد إنجازه ومناسبة للهدف المراد تحقيقه‪.36‬‬
‫ففي نزاع مع شركة الطيران الدانماركية "ماركس إلير" والمضيفات الجويات بهذه‬
‫الشركة التي فرضت عليهن استعمال مساحيق التجميل أثناء أدائهن لشغلهن‪ ،‬ثم اللجوء إلى‬
‫مجلس المساواة بين الجنسين في كوبنهاغن والذي تمت استشارته في القضية‪ ،‬فإعتبر أن‬
‫فرض إستعمال مساحيق التجميل على المضيفات أمر غير قانوني بموجب البند الرابع من‬
‫قانون المساواة مع الرجال‪ ،‬وعلى مستوى الساحة الوطنية وفي ظل غياب مقتضيات‬
‫قانونية ضمن مدونة الشغل تصون وتحمي الحقوق الشخصية ذات الصلة بالحق في‬
‫بمكان الشغل‪ ،‬فإنه ال يبقى أمامنا إال التساؤل حول دور القضاء‬ ‫اختيار المظهر‬
‫االجتماعي في ضمان نوع من الحماية لهؤالء لألجراء‪ ،‬إال أنه باالطالع على مختلف‬
‫األحكام والقرارات ذات الصلة بالموضوع نجد على أنها محدودة على رأس األصابع‪ ،‬وهذا‬
‫طبعا ليس راجعا لعدم كفاءة هذا الجهاز وإنما مرده هو عدم طرق األجراء باب القضاء في‬
‫حالة المس بمثل هذه الحقوق‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار نورد قرارا لمحكمة النقض والذي كرست من خالله الحق في اختيار‬
‫المظهر وحاولت حماية هذا الحق حينما قضت في قضية المشغل الذي أجبر أجيرته بخلع‬
‫الحجاب كشرط لبقائها في الشغل‪ ،‬هو ما إعتبرته الهيئة المذكورة قرارا يمس الحق في‬
‫اختيار المظهر وقضت بتعويض لألجيرة المفصولة‪.37‬‬

‫‪ -35‬عبد اللطيف النقاب‪ ،‬الحماية القانونية للحقوق الشخصية لألجراء في القانون المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪36‬‬
‫‪- Oliver de Tissot, droit fondamental du salarié et nécessité de son emploi, colloque, C.I.J libre justice, travail‬‬
‫‪libertés et vie professionnelle du salaire, gazette du palais 1996, 2éme année, n 6, p 1423.‬‬
‫‪ -37‬وغير بعيد ال في الزمان وال في التوجه نجد محكمة النقض قد أيدت كذلك قرار صادر عن محكمة االستئناف بالدار البيضاء بمقتضى قرار‬
‫صادر عنها عدد ‪ 165‬بتاريخ ‪ 2010/02/18‬في ملف اجتماعي عدد ‪ 2009.1.5.454‬حين اعتبرت عدم السماح لألجير باإللتحاق بالشغل إلى‬
‫حين خلعه لقبعته هو إنهاء من طرف المشغل للعقد الرابط بينه وبين األجير وهو ما يجعل من هذا اإلنهاء فصال تعسفيا يرتب مسؤولية المشغل‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ودائما في نفس التوجه الذي يقضي بضرورة حماية حق األجير في اختيار مظهره‬
‫الخارجي نستحضر قرار المجلس األعلى‪ ،38‬الصادر بتاريخ ‪ 2005-06-22‬والذي يتعلق‬
‫بقضية مضيفة جوية تعرضت للفصل من طرف شركة الطيران الوطنية لنقل الجوي بسبب‬
‫ارتدائها الحجاب مباشرة‪ ،‬األمر الذي جعلها تطرق باب محكمة الدار البيضاء االبتدائية‬
‫التي أصدرت حكما بتاريخ ‪ 2002/07/23‬قضى لفائدة األجيرة بتعويض تؤديه الشركة مع‬
‫تمكينها من شهادة العمل‪ ،‬هذا الحكم الذي ثم إستئنافه من طرف األجيرة راجية من محكمة‬
‫االستئناف رفعه إلى ‪ 120.000.00‬وهو األمر الذي استجابت له محكمة االستئناف‬
‫وأيدته محكمة النقض بعدما رفضت طلب الشركة الوطنية الذي كان يرمي إلى إلغاء القرار‬
‫االستئنافي الذي قضى بتأييد الحكم اإلبتدائي وبتعديل مبلغ التعويض عن الفصل التعسفي‪.‬‬
‫يالحظ من خالل ما سبق على أن الحق في اختيار المظهر يعد من الحقوق الشخصية‬
‫لكل أجير ‪ ،‬إال أن هناك العديد من الحاالت التي يتم فيها إنتهاك هذا الحق من طرف بعض‬
‫المشغلين‪ ،‬مما يقتضي معه من مؤسسة القضاء التعرض بشكل حاسم لكل إعتداء على مثل‬
‫هذه الحقوق في ظل غياب حماية تشريعية‪ ،‬إال أن ما ينبغي التأكيد عليه أن ممارسة األجير‬
‫لحقه في اختيار المظهر الذي يناسبه يجب أن ال يتعارض مع المصالح العامة للمقاولة التي‬
‫يشتغل فيها ألن من شأ ن ذلك أن يشكل عرقلة لسير عملها وبالتالي فحق إختيار المظهر‬
‫ترد عليه عدة قيود يجب اإللتزام والتقيد بها من طرف األجير‪ ،‬ونورد في هذا اإلطار قرار‬
‫صادرا عن محكمة اإلستئناف بنانسي بتاريخ ‪ 29‬نونبر ‪ 1982‬حينما اعتبرت فصل األجيرة‬
‫في هذه النازلة مشروعا وذلك لعدم‪ ،‬إرتدائها رافعة النهدين تحت قميص شفاف إذ هو أمر‬
‫مخالف لآلداب واألخالق العامة ومؤثر على سير العمل بالمقاولة ألن ذلك |أثار ضجة‬
‫بالمؤسسة نتيجة تقاطر باقي األجراء على مكتب األجيرة بكثرة وهو ما أثر على سير‬
‫الشغل داخل المقاولة‪.39‬‬

‫‪-38‬قرار عدد ‪ 676‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 22.06.2005‬في ملف اجتماعي عدد ‪.1-2005-5-276‬‬
‫‪ -39‬أيوب العثماني‪ ،‬الحقوق الشخصية لألجير أ ي حماية في قانون الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.89‬‬

‫‪27‬‬
‫هكذا فإن احترام الحق في اختيار المظهر يجب أن ال ينعكس سلبا على المقاولة‬
‫ومصالحها‪ ،40‬ألن السير الحسن داخل المؤسسة يستلزم نوعا من التوفيق بين الحماية‬
‫المطلوبة للحق في اختيار المظهر وبين حق المشغل في عدم تضرر مؤسسته‪.41‬‬
‫حق األجير في الزواج‬ ‫ب‪-‬‬
‫ال جرم أن للزواج أهمية واضحة من الناحية الدينية واالجتماعية تلك األهمية دفعت‬
‫المشرع المغربي إلى تنظيم أحكامه في الكتاب األول من مدونة األسرة‪ ،42‬لكونه أساس كل‬
‫أسرة وصانعها ولعل ما يؤكد هذا الكالم هو التنصيص عليه في القرآن الكريم‪ ،43‬والسنة‬
‫النبوية‪ 44‬والتشجيع عليه‪ 45‬ولعل صدى هذه األ همية التي ميزته دفعت كذلك معظم الدول‬
‫إلى أن تأكد على حمايته عبر إبرام اتفاقيات دولية تهتم بحماية الحق في الزواج وتكفل‬
‫الولوج له بدون أي قيد يحول دون ذلك‪.‬‬
‫يتبين أن الحق في الزواج ضمن المجتمع اإلنساني ككل عموما يكتسي أهمية تجعله‬
‫حق من الحقوق الشخصية الذي يجب أن يبقى بعيدا عن كل الممارسات التي من شأنها‬
‫المساس به لكن وبالرجوع إلى الواقع العملي‪ ،‬فإننا نصطدم بشروط تجعلنا نقول إن الحق في‬
‫الزواج أصبح معها يتعرض لإلنتهاك وعدم االحترام وذلك لكون بعض المشغلين يضمنوا في‬
‫عقود الشغل التي يبرمونها مع أحد المرشحين للشغل ضرورة أن يكون األجير عازب وذلك‬
‫بذريعة أن طبيعة العمل تتطلب وتقتضي ذلك ولظروف إقتصادية كذلك يفضل المشغل في‬
‫ميادين معينة التعاقد مع أجير أو أجيرة عازبة بدال من المتزوجة باعتبار األخيرة ستأثر على‬
‫تنفيذ عقد الشغل بمجرد المرض أو الحمل مثال‪ ،‬إضافة إلى ظنهم أي المشغلون أن مبدأ العقد‬
‫شريعة المتعاقدين يمنحهم سلطة األمر والنهي بخصوص فرض ما يرونه مناسب لهم من‬
‫الشروط في عقد الشغل‪.‬‬

‫‪ -40‬محمد بنحساين‪ ،‬حق األجير في اختيار مظهره‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.48‬‬


‫‪ -41‬محمد بنحساين‪ ،‬حق األجير في اختيار مظهره‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -42‬راجع المادة ‪ 4‬من م‪.‬أ المغربية‬
‫‪ -43‬قال عز وجل "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون" سورة الروم‪ ،‬اآلية ‪.21‬‬
‫‪ -‬ويقول عز وجل "يأيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها ويبث منهما رجاال كثيرا ونساءا"‪ ،‬سورة النساء اآلية ‪.1‬‬
‫‪ -44‬كان الرسول عليه الصالة والسالم بدوره يحث على الزواج حيث قال‪ :‬النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني"‪.‬‬
‫‪ -45‬نوال الغرباوي " المرأة األجيرة بين مبدأ المساواة ومقتضيات الحماية الخاصة في مدونة الشغل رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‬
‫جامعة موالي اسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2011-2010‬ص ‪.38‬‬

‫‪28‬‬
‫هذا األمر هو ما نتج عنه ضرر لألجراء حيث أصبحوا كلما خرقوا شرط العزوبة‬
‫واختاروا ممارسة حقهم الشخصي في الزواج سيعتبرون معه في حكم المستقلين‪.‬‬
‫كل هذا فرض ضرورة البحث عن حل يبقى معه حق األجير في الزواج بعيدا عن‬
‫أي انتهاك وذلك بغاية المحافظة على توازن السلط بين أطراف عقد الشغل في وقت لم يكن‬
‫الواقع القانوني في بالدنا يسعف على القول بوجود مقتضيات تشريعية صريحة قادرة على‬
‫حماية مثل هذه الحقوق‪.46‬‬
‫هذا األمر هو ما فرض على القضاء بشقيه‪ ،47‬آنذاك ضرورة هجر صفة القضاء‬
‫المحافظ ليتسم بصفة الجرأة من أجل حماية الطرف الضعيف في العالقة الشغلية وذلك ما‬
‫برهن عليه في قضية المضيفة الجوية "هيليا باتيسيا"‪ 48‬حيث ذهبت المحكمة اإلبتدائية إلى‬
‫تأسيس حكمها على أسس ثالث وهي‪:‬‬
‫‪ -‬األساس األول‪ :‬أن الشركة تتمسك بدفع مخالف للنظام العام والقاضي ملزم بمراقبة‬
‫إحترام المقتضيات المتعلقة بالنظام العام‪.‬‬
‫‪ -‬األساس الثاني‪ :‬مستمد من مبادئ الشريعة اإلسالمية التي تحت على الزواج‬
‫والترغيب فيه‪.‬‬
‫‪ -‬األساس الثالث‪ :‬مستمد من ق ل ع وخاصة الفصلين ‪ 111-109‬وإذا كان األساسان‬
‫األول والثاني اللذان إعتمدتهما المحكمة لم يثيرا خالفا كبيرا فإن األساس الثالث كان محل‬
‫نقاش بي ن مجموعة من الفقهاء والباحثين فبالنسبة لألساس الثالث والمستمد من الفصل ‪109‬‬
‫من ظهير اإللتزامات والعقود والذي ينص على أن "كل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من‬
‫مباشرة الحقوق والرخص باطال يؤدي إلى بطالن االلتزام الذي علق عليه" فإن المحكمة‬
‫االبتدائية حاولت أن ت ضع قاعدة أثناء إعتمادها على مقتضيات هذا الفصل تتماشى مع روح‬

‫‪ -46‬أيوب العثماني‪ ،‬الحقوق الشخصية ألجراء أي حماية في عالقة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -47‬نقصد هنا محاكم الموضوع ومحكمة النقض كمحكة قانون‪.‬‬
‫‪ -48‬تتلخص وقائع هذه النازلة في أن أجيرة كانت تشغل لدى شركة الخطوط الجوية الملكية كمضيفة جوية والتي ينص نظامها األساسي على‬
‫شرط العزوبة في المضيفات الجويات‪ ،‬إال أن هذه المضيفة قامت بإبرام عقد زواجها فتم فصلها من الشغل بعدها تقدمت هذه األجيرة بدعوى‬
‫أمام المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء وطالبت المدعية من خاللها الشركة المذكورة بمجموعة من التعويضات على أساس أن الفصل الذي‬
‫تعرضت له يعتبر فصال تعسفيا‪.‬‬
‫غير أن شركة الخطوط الجوية المغربية تمسكت لدفع دعوى المدعية بالقرار المنصوص عليه في النظام الداخلي الذي يلزم المضيفة بالبقاء في‬
‫حالة عزوبة وإذا خرقت هذا اإللتزام تعد المضيفة في حكم المستقيلة‪ ،‬كما تمسكت كذلك بمقتضيات الفصل ‪ 230‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي يؤكد أن العقد‬
‫شريعة المتعاقدين‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫القوانين االجتماعية الصادقة إلى حماية األجير بإعتباره الطرف الضعيف في العالقة‬
‫التعاقدية ألن من شأن تطبيق هذا الفصل كما هو التأثير على حياة األجير المهنية‪.49‬‬
‫إن قضية هيلينيا لم تقف في درج إبتدائية البيضاء وإنما تجاوزته لتصل إلى محكمة‬
‫النقض والتي حافظت على اتجاه محكمة البيضاء حيث أقرت بأحقية المضيفة لتعويض‬
‫لكن لم تعتمد نفس التحليل الذي سلكته محكمة الدار البيضاء في تحليلها‪.‬‬
‫بالرجوع إلى قرار عدد ‪ 1300‬الصادر عن المجلس األعلى محكمة النقض حاليا‬
‫بتاريخ ‪ 20‬يوليوز ‪ ،501983‬جاء فيه‪ :‬لئن كان الفصل ‪ 109‬من قانون اإللتزامات والعقود‬
‫ينص عن بطالن االلتزام المقترن بشرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق‬
‫والرخص الثابتة لكل إنسان كحقه في أن يتزوج وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية فإن هذا‬
‫الشرط يكون باط ال ويؤدي إلى بطالن االلتزام الذي يعلق عليه إذا كان من شأنه االنتقاص‬
‫من حقوق األجي ر لذلك فإن المحكمة كانت على صواب عندما اعتبرت أن شرط عدم‬
‫الزواج الذي إلتزمت به المطلوبة في النقض يعتبر باطال ويبقى العقد صحيحا ورتب على‬
‫ذلك الفسخ التعسفي لعقد العمل الصادر بإرادة منفردة من جانب الطاعنة فكان بذلك قرارها‬
‫معلال تعليال كافيا وصحيحا ولم تخرق الفصول المجتمع بها مما تكون معه الوسيلة غير‬
‫مرتكزة على أساس"‪.‬‬
‫لئن كان القضاء هو من تنبه إلى وجود معاناة األجراء مع شرط العزوبة الذي يلجئ‬
‫بعض المشغلين إلى تضمينه في عقود الشغل وحاول في قضية "هيلينا" الشهيرة حماية حق‬
‫األجير في الزواج وإقرار بطالن شرط العزوبية فإن المشرع قد تأثر بهذا الحل عند‬
‫صياغته مفاصيل مدونة الشغل مضيفا بذلك مقتضيات تسعف إلى حد ما بالقول على حماية‬
‫الحق في الزواج‪ ،‬إذ بإلقاء نظرة على مقتضي ات مدونة الشغل يالحظ أنها قد راعت من‬
‫خالل بعض المواد الحالة الزوجية لألجيرة‪ ،51‬حيث أصبحت تضفي حماية على الحق في‬
‫الزواج المخول لألجير‪ ،‬وهو ما يمكن تفسيره أن المشرع قد استحضر العمل القضائي مما‬

‫‪ -49‬إدريس فجر‪ ،‬تعليق على شرط عدم الزواج في عقد العمل بين الشرعية والمشروعية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية عدد ‪ ،55‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -50‬أشار إليه محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -51‬منى سرتاني ‪ :‬الحماية القانونية لألم األجيرة في القانون االجتماعي المغربي دراسة مقارنة‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء‪ ،‬عين الشق‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص السنة الجامعية ‪،2008-2007‬‬
‫ص ‪.31‬‬

‫‪30‬‬
‫تم االستقرار عليه في قضية المضيفة الجوية "هيلينا باتيسيا" عند صياغة هذه المقتضيات‪،‬‬
‫فالمشغل وهو ينتقي من سيشتغل لديه قد يفضل وألسباب اقتصادية التعاقد مع أجيرة عازبة‬
‫وذلك نظرا لكون وضعية المرأة المتزوجة تؤثر على تنفيذ عقد الشغل‪ ،‬وهذا ما يدفع المشغل‬
‫إلى تضمين عقد الشغل بند عدم الزواج كشرط للبقاء في العمل‪.52‬‬
‫األمر الذي دفع المشرع المغربي إلى التدخل كخطوة جريئة منه لضمان حق األجيرة‬
‫في الزواج مسايرا بذلك االتفاقيات الدولية واإلعالنات العالمية التي اهتمت بهذا الموضوع‪.53‬‬
‫فإذا كانت فترة ما قبل مدونة الشغل تخلو من نص يحمي الحق في الزواج عدا نص‬
‫الفصل ‪ 109‬من ق ل ع‪ ،‬فإنه م ع مجيء مدونة الشغل كانت مناسبة لتضمينها مجموعة من‬
‫المبادئ التي سبق للقضاء أن أقرها ومن بينها الحق في الزواج حتى أثناء قيام عالقة شغل‪،‬‬
‫فقد نصت المادة ‪ 9‬من م‪.‬ش على منع أي تمييز بين األجراء قائم على أساس الحالة الزوجية‬
‫يكون من شأنه فصل األجير من شغله ولم تكتف مدونة الشغل بهذا المقتضى إذ نجدها‬
‫تؤكد عبر المادة ‪ 36‬منها من خالل البند الخامس على منع المشغل من اتخاذ عقوبات‬
‫تأديبية أو الفصل من الشغل بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الحالة الزوجية‪"...‬‬
‫وبدورها المادة ‪ 479‬من م‪.‬ش أضافت على أنه تتم معالجة البيانات الخاصة لطالبي‬
‫الشغل من قبل وكاالت التشغيل الخصوصية بكيفية تراعي احترام الحياة الخاصة للمعنيين‬
‫باألمر مع اقتصارها على المسائل التي ترتبط بمؤهالتهم وخبراتهم المهنية إلى جانب ذلك‬
‫نجد المشرع قد قيد حرية المشغل في إبرام عقود الشغل مع من يحتاج من األجراء حيث لم‬
‫يترك له المجال لفرض ما شاء من شروط بل هو ملزم بتطبيق أحكام المادة ‪ 507‬من‬
‫م‪.‬ش‪.54‬‬
‫من خالل استعراض األحكام المتعلقة بحق األجير في الزواج‪ ،‬فكما يالحظ على أن‬
‫القضاء المغربي كانت له الجرأة الكافية إلقرار الحماية لبعض الفئات من األجراء التي‬
‫يفرض عليها االمتثال لبعض الشروط المتعلقة بالعزوبة تحت طائلة فقدان الشغل‪ ،‬إال أنه‬
‫وبعد صدور مدونة الشغل أقرت حماية لألجراء الذين هم في وضعية إرتباط‪ ،‬حيث منعت‬

‫‪ -52‬أيوب العثماني‪ :‬الحقوق الشخصية لألجراء أي حماية في قانون الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -53‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في مادته ‪ 16‬تنص على مايلي‪ :‬للرجل والمرأة متى بلغ سن الزواج‪ ،‬حق التزوج وتأسيس أسرة دون قيد‪."..‬‬
‫‪ -54‬تنص المادة ‪ 507‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ " :‬يشغل كل مشغل من يحتاج إليهم من األجراء وفق الشروط المنصوص عليها في هذا الكتاب‬
‫مراعيا في ذلك فقط‪ ،‬ما يتوفر عليه طالبو الشغل من مؤهالت وما لديهم من خبرات وتزكيات مهنية"‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫كل تمييز قد يتم على أساس الحالة الزوجية‪ ،‬إال أننا نالحظ أن مدونة الشغل أقرت هذه‬
‫الحماية بعد أن تكون العالقة الشغلية في حالة سريان ولم تعطي أي اهتمام لمثل هذه الشروط‬
‫في مرحلة ما قبل العقد‪ ،‬وبذلك نؤكد على أن المقتضيات التي جاءت بها مدونة الشغل فيما‬
‫يخص الح ق في الزواج هي مقتضيات ناقصة وال توفر الحماية الكافية وأملنا في أن يتدخل‬
‫المشرع في أقرب فرصة تتاح له إلقرار هذا الحق وبشكل واضح وظاهر‪ ،‬واألكيد سيكون‬
‫سدا منيعا لمختلف هذه الممارسات الألخالقية لبعض المشغلين الذين يحاول حرمان بعض‬
‫األجراء من أهم الحقوق الشخصية و هو الحق في الزواج‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحقوق ذات الصلة بظروف العمل‬
‫إن مجال الحماية التي أقرها المشرع لألجير لم يجعلها حبيسة ذاته بل إنه تجاوز ذلك‬
‫ليقر حماية فعالة لألجير حتى داخل مكان العمل أي أثناء تنفيذ عقد الشغل وهنا نتحدث‬
‫باألساس عن حفظ صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة (أ) وكذلك الحماية التي اقرها‬
‫المشرع من خالل تحديد ساعات العمل وتكريس الحماية لألجر (ب)‪.‬‬
‫حفظ صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة‬ ‫أ‪-‬‬
‫بدخول اآللة ميدان الشغل أصبحت حياة األجير معرضة للمخاطر واآلفات أكثر من‬
‫أي وقت آخر‪ ،‬وقد تنبهت مختلف التشريعات لذلك لتعمد إلى سن عدد كبير من المقتضيات‬
‫القانونية مذيلة بعقوبات جنائية لحماية األجير أثناء ممارسته لشغله أو بسبب القيام بهذا‬
‫الشغل‪.55‬‬
‫ولم يخرج المشرع المغربي عما هو مستقر عليه في التشريعات المقارنة‪ ،‬فقد اهتم‬
‫ومنذ زمن طويل بموضوع الصحة والسالمة داخل المقاوالت‪ ،‬وهو االهتمام الذي كرسته‬
‫مدونة الشغل من خالل العديد من المقتضيات‪ ،‬هكذا سنحاول في هذه النقطة الحديث عن‬
‫مظاهر حفظ الصحة داخل المقاولة (‪ )1‬على أن تخصص الحديث في (‪ )2‬لمظاهر حفظ‬
‫سالمة األجراء‪.‬‬

‫‪ -55‬عزيز القيسومي‪ :‬الحماية الجنائية لحقوق ا ألجراء على ضوء قانون الشغل المغربي رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2011-2010‬ص ‪.29‬‬

‫‪32‬‬
‫مظاهر حفظ صحة األجراء‬ ‫‪-1‬‬
‫تضمنت مدونة الشغل مجموعة من المقتضيات القانونية المتعلقة بحفظ صحة األجراء‬
‫وهي تأخذ حيزا بارزا من الكتاب الثاني من المدونة‪ ،‬المتعلق بشروط الشغل وأجر األجير‪،‬‬
‫ليبين المشرع من خاللها مدى العناية التي يوليها لحفظ الصحة‪ ،‬علما بأن االتفاقيات الصادرة‬
‫عن منظمة العمل الدولية في هذا الصدد والعربية‪ ،56‬تطرقت إليها‪ ،‬ولهذا فإن موضوع‬
‫صحة األجراء له عدة واجهات ترتبط على الخصوص بجانب وقاية صحة األجراء‬
‫وظروف الشغل بالنسبة لألجراء في المقاولة‪ ،‬عالوة على أثر صحة األجراء على العالقة‬
‫التعاقدية بين األجير والمشغل‪.57‬‬
‫وبهذا تكون مدونة الشغل خصصت القسم الرابع من الكتاب الثاني لحفظ صحة األجراء‬
‫وسالمتهم ويقع القسم في خمسة أبواب موزعة على الفصول من ‪ 281‬إلى ‪ 344‬من م‪.‬ش‪.58‬‬
‫وفي محاولة إلبراز مخنلف معالم حفظ الصحة داخل الوسط المهني نالحظ على أنها‬
‫عديدة و متنوعة إال أننا سنقتصر على البعض منها‬
‫‪ -‬نضافة اماكن الشغل و طهارتها‬
‫و هو اإللتزام األول الذي يقع على عاتق المشغل إذ اكدت المادة‪281‬نمن مدونة الشغل‬
‫على انه يجب على المشغل أن يسهر على نظافة أماكن الشغل و أشارت المادة ‪292‬إلى‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالشغل ستتولى تحديد التدابير التطبيقية العامة و الخاصة فيما يتعلق‬
‫بالمبادئ المنصوص عليها في لمواد من ‪ 281‬إلى ‪.291‬‬

‫‪ -56‬االتفاقيات العربية رقم ‪ 7‬لعام ‪ 1977‬بشأن السالمة والصحة المهنية‪ ،‬اتفاقيات وتوصيات العمل العربية‪ ،‬منظمة العمل العربية‪ ،‬الطبعة الرابعة‬
‫‪ ،2003‬ص ‪.137‬‬
‫‪ -57‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.238‬‬
‫‪ -58‬نادية النحلي‪ ،‬الحق في الصحة بالوسط المهني في مدونة الشغل‪ ،‬مطبعة إليث‪ ،‬الحي الصناعي الزهراء‪ ،‬الولحة‪ -‬سال الطبعة األولى‪،2009 ،‬‬
‫ص ‪.84‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -‬بيئة الشغل‪:‬‬
‫إن الشغل المنفذ في إطار عقد الشغل قد يرافق بعدة أخطار مهنية من شأنها أن تلحق‬
‫الضرر بصحة األجير وسالمته‪ ،‬وهو ضرر قد ينتج عن محيط الشغل غير الصحي أو عن‬
‫اآلالت التي يضعها المشغل رهن إشارة األجير لإلشتغال بها‪.‬‬

‫فتعرض األجير ألخطار من جراء هذه األسباب أدى بالمشرع إلى وضع عدة‬
‫مقتضيات قانونية تتضمن وسائل من الالزم إحترامها وقاية من األخطار المحدقة باألجير من‬
‫جراء الشغل المنوط به‪.‬‬

‫‪ -‬الوقاية من الحرائق‬
‫لقد وضع المشرع العديد من التوجيهات الواجب احترامها من طرف المشغل وهي‬
‫تتوخى الحيطة والحذر‪ ،‬أكثر ما يمكن وتتضمن معايير علمية تصب كلها في تجنب الحرائقـ‬
‫لما لذلك من أخطار على المقاولة واألجراء واألغيار‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫‪ -‬تدفئة وإضاءة أماكن الشغل‬
‫تضمنت المادة ‪ 14‬من قرار رقم ‪ 93.08‬جدوال تقنيا بشأن االستضاءة في األماكن‬
‫المغلقة والمخصصة للشغل وملحقاتها‪ ،‬خاصة الممرات واألدرجة‪ ،‬حيث النص على إضاءة‬
‫كافية لضمان السالمة في الشغل وسالمة تنقل األجراء داخلها وتجنب العياء البصري وكذلك‬
‫علة البصر‪ ،‬عالوة على جعل اإلستضاءة منسجمة مع طبيعة دقة األشغال الواجب إنجازها‬
‫في مناطق الشغل‪.‬‬
‫‪ -‬التخفيض من الضجيج‬
‫إن للضجيج آثار سلبية على صحة األجير وسالمته السيما ما يتعلق بحاسة السمع ولقد‬
‫تمت اإلشارة في المادة ‪ 281‬من مدونة الشغل‪60‬وكذا قرار وزير التشغيل والتكوين المهني‬

‫‪ -59‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫‪ -60‬تنص المادة ‪ 281‬من م‪.‬ش على ما يلي‪ :‬يجب على المشغل‪ ،‬أن يسهر على نظافة أماكن الشغل‪ ،‬وأن يحرص على أن تتوفر فيها شروط‬
‫الوقاية الصحية‪ ،‬ومتطلبات الالزمة للحفاظ على صحة األجراء‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بأجهزة الوقاية من الحرائق واإلنارة والتدفئة والتهوية‬
‫والتخفيض من الضجيج واستعمال المراوح والماء الشروب‪ ،‬وآبار المراحيض‪ ،‬وتصريف مياه الفضالت‪ ،‬ومياه الغسيل‪ ،‬واألثرية واألبخرة‬
‫ومستودعات مالبس األجراء ومغسالتهم ومراقدهم‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على المشغل أن يضمن تزويد األوراش بالماء الشروب بكيفية عادية‪ ،‬وأن يوفر فيها لألجراء مساكن نظيفة وظروفا صحية ومالئمة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫إلى الوقاية من األخطار الناجمة عن الضجيج وذلك بإلزام المشغل باتخاذ التدابير الالزمة‬
‫لتخفيض الضجيج إلى أقل مستوى يتناسب مع الحالة الصحية لألجراء‬
‫‪ -‬منع استعمال مواد مضرة بصحة األجراء‬
‫إن صحة األجراء معرضة ألخطار المرض المهني وذلك من جراء األشغال التي‬
‫يقومون بها‪ ،‬وحماية لألجراء في هذا السياق فقد نصت المادة ‪ ،61287‬من مدونة الشغل على‬
‫المنع التام من استعمال مستحضرات أو مواد من قبل المشغل في حين أن الفقرة الثانية‬
‫تفترض شروطا محددة بنص تنظيمي وهو الذي لم يصدر بعد‪.‬‬
‫مظاهر حفظ سالمة األجراء‬ ‫‪-2‬‬
‫إن الحديث عن سالمة األجراء هو حديث عن الوقاية من حوادث الشغل واألمراض‬
‫المهنية بصفة عامة‪ ،‬ذلك أن المشرع أورد عدة مقتضيات تشريعية وتنظيمية تهدف جميعها‬
‫فهو على علم بما يقع‬ ‫‪62‬‬
‫إلى أن تكون أماكن الشغل مجهزة تجهيزا يضمن سالمة األجراء‪،‬‬
‫يوميا من وفيات وحرائق وإصابات تؤدي إلى بتر عضو أو مرض مهني‪.63‬‬
‫وقد تطرق المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 318‬من مدونة الشغل‪ ،‬للتدابير الوقائية‬
‫المرتبطة بظروف شغل األجير والتي جاء فيها " يؤدي طبيب الشغل دورا وقائيا‪...‬عند‬
‫بداية تشغيلهم وإلى تجنبهم كل ما قد يضر بصحتهم بسبب الشغل‪ ،‬ال سيما بمراقبة شروط‬
‫النظافة في مكان الشغل"‪.‬‬
‫من هنا يتعين على طبيب الشغل في إطار التدابير الوقائية المرتبطة بظروف التشغيل‬
‫أن يأخذ بعين االعتبار المخاطر الميكانيكية وما من شأنه أن يجعل جسم األجير يصطدم‬
‫بجسم صلب‪.64‬‬
‫وفي إطار إبراز معالم حفظ سالمة األجراء داخل المقاولة نستحضر هنا‬

‫‪ -61‬تنص المادة ‪ 287‬من م‪.‬ش على ما يلي‪ :‬يمنع على المشغل السماح ألجرائه باستعمال مستحضرات أو مواد أو أجهزة أو آالت ترى السلطة‬
‫المختصة بأنها قد تلحق الضرر بصحتهم أو تعرض سالمتهم للخطر‪.‬‬
‫يمنع أيضا على المشغل السماح ألجرائه بأن يستعملوا بشروط تتنافى والشروط المحددة بنص تنظيمي مستحضرات أو مواد أو أجهزة أو آالت‪ ،‬قد‬
‫تلحق الضرر بصحتهم أو تعرض سالمتهم للخطر‪.‬‬
‫‪ -62‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫‪ -63‬هذا األمر هو الذي جعل المشرع يضمن حقوق األجراء من خالل سن قانون حوادث الشغل واألمراض المهنية بمقتضى ظهير ‪ 1963‬والذي‬
‫عرف عدة تعديالت إلى جاء قانون ‪ 18.12‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪ -64‬بريان المولود‪ ،‬طبيب ا لشغل ( مهامه وحمايته)‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة موالي اسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس السنة الجامعية ‪ ،2011-2010‬ص ‪.35‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -‬المقتضيات المتعلقة بشأن االحتراس من خطر اآلالت ثم األحكام الخاصة بالحموالت‬
‫وبنقل الطرود التي يفوق وزنها طنا‪.‬‬
‫المقتضيات المتعلقة بشأن االحتراس من خطر اآلالت‪.65‬‬
‫لقد أورد المشرع مقتضيات قانونية تقتضي إطالع األجراء على األحكام القانونية‬
‫المتعلقة باإلحتراس من خطر اآلالت‪ ،‬وذلك من خالل المادة ‪ 28966‬من مدونة الشغل التي‬
‫أوجب المشرع من خاللها على المشغل أن يلصق في مكان مناسب من أماكن الشغل التي‬
‫اعتاد األجراء دخولها‪ ،‬إعالنا سهل القراءة‪ ،‬يحذر من مخاطر استعمال اآلالت ويشير فيه‬
‫إلى االحتياطات التي يجب إتخاذها في هذا الشأن‪ ،‬وذلك تحت طائلة عقوبات زجرية‪.‬‬
‫وبالتالي يالحظ على أن حق األجراء في اإلطالع على األحكام القانونية المتعلقة‬
‫باإلحتراس من خطر اآلالت يدخل في سياق أن المعلومة بهذا الشأن تعتبر عنصرا أساسيا‬
‫في مجال السالمة‪.‬‬
‫فاإلهمال الذي يتم بعدم وجود مقتضى خاص باألمن بالنسبة آللة خطرة علما بأن هذا‬
‫المقتضى ضروري‪ ،‬وعدم السهر على التنفيذ الفعلي للتعليمات المكتوبة الخاصة باألمن‬
‫يجعل الشخص المعنوي من خالل هياكله أو ممثيله مرتكبا لخطأ له عالقة بالحادثة‪.‬‬
‫‪ -‬األحكام الخاصة بالحموالت وبنقل الطرود التي يفوق وزنها طنا‬
‫لقد تطرق المشرع إلى نوعين من الحموالت‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬ويتعلق بالحموالت التي تحمل يدويا‪ ،‬إذ أبانت الفقرة األخيرة من المادة‬
‫‪ 289‬من مدونة الشغل بأنه "يمنع تكليف أي أجير بأن يحمل يدويا أي حموالت من شأنها أن‬
‫تعرض صحته أو سالمته للخطر" والمالحظ بالنسبة لهذه الفقرة أن المشرع لم يحدد الحد‬
‫األقصى للحمولة‪ ،‬وهذا ما يبرز بأن الحمولة قد تختلف بين أجير وآخر‪ ،‬إال أن ذلك ال يبقى‬
‫في الواقع خاضعا للسلطة التقديرية للمشغل وذلك لوجود مراقبة من طرف طبيب الشغل‬

‫‪ -65‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.254‬‬
‫‪ -66‬تنص المادة ‪ 289‬من مدونة الشغل على ما يلي ‪ :‬يجب على المشغل أن يطلع األجراء على األحكام القانونية المتعلقة باإلحتراس من خطر‬
‫اآلالت ويجب عليه أن يلصق في مكان مناسب من أماكن الشغل التي اعتاد األجراء دخولها إعالنا سهل القراءة يحذر من مخاطر استعمال اآلالت‬
‫ويشير في ه إلى االحتياطات التي يجب إتخاذها في هذا الشأن يمنع على أي أجير أن يستعمل آلة من غير أن تكون وسائلها الوقائية مثبتة في‬
‫مكانها المناسب ويمنع عليه أن يعطل هذه الوسائل التي حصرت بها اآللة التي يشتغل عليها‪...‬‬
‫يمنع تكليف أي أجير بان يحمل يدويا أي حموالت من شأنها أن تعرض صحته أو سالمته للخطر"‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الذي خوله المشرع بإجراء فحص طبي على األجير عند تشغيله للتأكد من مالءمة منصب‬
‫الشغل للحالة الصحية لألجير عند بداية تشغيله أو عند الشروع في العمل‪.67‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬ويتعلق بنقل الطرود التي يفوق وزنها طنا‪ ،‬حيث أورد المشرع أحكاما‬
‫خاصة بهذه الحالة‪ ،‬وهذا النوع ال يتعلق بمالءمة الحمولة للحالة الصحية لألجير‪ ،‬ولكن‬
‫بوقاية األجير من األخطار التي تهدده في صحته وسالمته من جراء جهله للوزن الذي‬
‫يواجهه‪ ،‬إذ قد ال يكون حجم التغليف يوحي بثقل الطرد وهو ما تعرضت له المادة ‪ 302‬من‬
‫م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ -‬يالحظ من خالل كل ما سبق على أن المشرع حاول قدر اإلمكان توفير الحماية‬
‫الفعالة لفئة األجراء أثناء تأدية عملهم وذلك داخل أماكن إشتغالهم من خالل السهر على‬
‫ضمان حفظ صحتهم وسالمتهم من كل ما قد يؤثر عليها‪ ،‬وال شك أن إقرار هذه‬
‫المقتضيات لهو تكريس وإتجاه نحو تفعيل الحكامة في قانون الشغل‪.‬‬
‫تحديد ساعات العمل وتكريس الحماية لألجر‬ ‫ب‪-‬‬
‫ال شك أن مدونة الشغل من خالل المقتضيات المنظمة لتنظيم الشغل لم تتوقف عند‬
‫حماية األجير في حياتهم بل سعت إلى إعطائهم مستوى يتالءم مع الكرامة اإلنسانية ‪ ،‬وهو‬
‫ما يتضح من خالل تحديد ساعات العمل (‪ )1‬وتكريس حماية فعالة ألجر ألجير(‪.)2‬‬
‫‪-2‬تحديد ساعات العمل‬
‫إن التطور الصناعي والروتين الذي أصاب األجير لعالقته باآللة لم يعد معها قادرا‬
‫على الشغل لمدة طويلة حسب رغبة المشغل‪ ،‬فعدم تحديد ساعات العمل سابقا من طرف‬
‫المشرع كان له أثره السيء على حياة األجير‪ ،‬والذي كان مضطرا إلى الشغل لساعات‬
‫متصلة قد تبلغ اإلثني عشر أو أكثر في اليوم الواحد‪ ،‬الشيء الذي تسبب في كثير من‬
‫األضرار بالنسبة لألجراء‪ ،‬وأدى بالتالي بالمشرع إلى التفكير في وضع نصوص قانونية‬
‫قصد الحد من الحرية المطلقة والتي لم تكن في صالح األجير بتاتا‪ ،‬لينتقل بعد ذلك إلى اعتبار‬

‫‪ -67‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.258‬‬

‫‪37‬‬
‫مدة الشغل والحق في العطلة السنوية المؤدى عنها يسجالن في منظور تحسين الوضع‬
‫الصحي ووصول الجميع إلى الثقافة وإلى حياة شخصية عائلية‪.68‬‬
‫إنه ونظرا ألهمية مدة الشغل في العالقات الشغلية بين المشغل واألجراء فقد نصت‬
‫من مدونة الشغل على ضرورة أن يمكن المشغل السلطات المختصة من‬ ‫‪69‬‬
‫المادة ‪279‬‬
‫مراقبة تطبيق أحكام القسم الثالث من الكتاب الثاني وذلك من خالل مسكه لجميع المستندات‬
‫المستعملة كوسائل للمراقبة واإلثبات‪.‬‬
‫إن مدة الشغل حسب بعض الفقه‪ ،70‬تندرج في إطار النظام العام اإلجتماعي وبالتالي‬
‫يمنع أي اتفاق بين المشغل واألجير يخالف ما تم تسطيره ضمن مقتضيات مدونة الشغل‬
‫فيما يخص باألساس تحديد ساعات العمل‪.‬‬
‫إن تحديد ساعات العمل يتم وفق معايير ثالثة‪.71‬‬
‫الوقت الذي يقضيه األجير تحت تصرف المشغل ألجل تنفيذ الشغل‬ ‫‪-1‬‬
‫الوقت الذي يقضيه األجير في االمتثال ألوامر المشغل‬ ‫‪-2‬‬
‫استبعاد الوقت الذي يذهب فيه األجير إلى قضاء أعماله الشخصية‪.72‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وبالرجوع إلى مدونة الشغل نجد أن المشرع المغربي لم يخرج عن موقفه السابق‬
‫الذي يميز فيه بخصوص تحديد الحد األقصى لساعات الشغل في النشاطات الفالحية من‬
‫جهة و النشاطات غير الفالحية من جهة أخرى ‪.73‬‬
‫وهكذا ففي قطاع الصناعة والتجارة فقد حددت مدونة الشغل مدة العمل العادية المقررة‬
‫لألجراء ‪ 2288‬ساعة في السنة أو ‪ 44‬ساعة في األسبوع و ‪ 8‬ساعات في اليوم‪ ،‬حيث ترك‬
‫الحرية ألطراف العالقة الشغلية لتحديد مدة ساعات اليوم على أن ال تتجاوز حدها األقصى‬
‫المقررة في ‪ 10‬ساعات في اليوم‪.‬‬

‫‪ -68‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -69‬تنص المادة ‪ 279‬من مدونة الشغل على ما يلي‪" :‬يجب على المشغل لتمكين الس لطات المختصة من مراقبة تطبيق أحكام القسم الثالث من‬
‫الكتاب الثاني أن يمسك جميع المستندات المستعملة كوسائل للمراقبة واإلثبات وفق الشكليات وتبعا للكيفيات المحددة في هذا القانون وفي‬
‫النصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقه"‪.‬‬
‫‪ -70‬محمد سعيد بناني‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫‪- bouchra nadir, l’essentiel du droit du travail marocain, editions et impression bouryry A laoujine Hassan,‬‬
‫‪rabat, premiere édition, 2012, p 154.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪- bouchra nadir, l’essertiel du droit du travail marocain, op.cit, p 154.‬‬
‫‪ -73‬عزيز القيسومي‪ :‬الحماية الجنائية لحقوق األجراء على ضوء قانون الشغل المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪38‬‬
‫أما مدة الشغل العادية في النشاطات الفالحية فقد حددت في ‪ 2496‬ساعة في السنة‪.74‬‬
‫ومن أجل ضمان إحترام المشغل لمدة العمل القانونية‪ ،‬فإن المشرع المغربي رتب على‬
‫خرق األحكام السالفة الذكر المقررة في المادة ‪75184‬من مدونة الشغل مجموعة من‬
‫العقوبات والمحددة من ‪ 300‬إلى ‪ 500‬درهم وتتكرر عقوبة الغرامة بتعدد األجراء الذين‬
‫لم يراعى في حقهم تطبيق حكم القانون على أن أال يتجاوز مجموع الغرامات ‪20.000‬‬
‫درهم حسب المادة ‪ 203‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫إن تحديد ساعات العمل تتحكم فيها ثالث اعتبارات أولها االعتبار االجتماعي حيث إن‬
‫من شأن العمل لساعات طوال في اليوم أو لشهور أو لسنوات دون األخذ بعين االعتبار‬
‫مصلحة األجير االجتماعية قد يؤدي إلى جعله سجينا للشغل وإلى سلبه الوقت الكافي لتنمية‬
‫شخصه والتمتع بالقسط الوافر من الراحة ولقد جاء ذلك نتيجة ظروف الشغل الداخلية‬
‫والخارجية‪ ،‬فاآللة تتعب األجير الشتغاله بجانبها لساعات طوال‪.‬‬
‫فالعامل االجتماعي يعتبر من األسباب المهمة التي أدت إلى التخفيض من عدد ساعات‬
‫العمل وذلك ب هدف تحسين ظروف هذا األخير‪ ،‬إال أنه كما سبق القول ال يجب أن يؤدي‬
‫التخفيض إلى التأثير على المستوى المعيشي لألجير ألن التعديل في هذه الحالة سيعمل‬
‫على التخلي عن الحسنة االجتماعية لتصبح نوعا من البطالة‪.‬‬
‫أما االعتبار الثاني المتمثل في العامل االقتصادي الذي تحكم في تخفيض ساعات‬
‫العمل فيتمثل في كون سوق الشغل يلعب دورا في تحديد مدة الشغل فكلما كان الطلب على‬
‫العمل كثيرا إال وزيد في مدة الشغل‪ ،‬وعكس ذلك فإن ارتفاع معدل البطالة يؤدي إلى النظر‬
‫في محاولة استخدام أكبر عدد ممكن من األشخاص وذلك بالتخفيض من مدة الشغل‪.76‬‬
‫أما االعتبار الثالث واألخير فهو المتعلق بمالئمة الشغل لطاقة األجير‪ ،‬حيث إن‬
‫تخفيض مدة الشغل من عشر إلى ثمان ساعات في اليوم ثم إلى أقل من ذلك في مدونة‬

‫‪ -74‬وفاء جوهر‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب‪ ،‬عقد الشغل الفردي بين النظرية والتطبيق مكتبة المعرفة‪ ،‬مراكش الطبعة األولى ‪ ،2018‬ص ‪.126‬‬
‫‪ -75‬تنص المادة ‪ 184‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ :‬تحدد في النشاطات الفالحية مدة الشغل العادية المقررة لألجراء في ‪ 2288‬ساعة في السنة‬
‫أو ‪ 44‬ساعة في األسبوع‪.‬‬
‫يمكن توزيع المدة السنوية اإلجمالية للشغل على السنة حسب حاجيات المقاولة شريطة أال تتجاوز مدة العمل العادية عشر ساعات في اليوم‬
‫مع مراعاة االستثناءات المشار إليها في المواد ‪ 189‬و ‪ 190‬و‪.192‬‬
‫تحدد مدة الشغل العادية في النشاطات الفالحية في ‪ 2496‬ساعة في السنة وتجزأ على فترات حسب المتطلبات الضرورية للمزروعات‪ ،‬وفق‬
‫مدد يومية تتولى السلطة الحكومية المختصة تحديدها‪ ،‬بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال‪."...‬‬
‫‪ -76‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪39‬‬
‫الشغل يبن وضوح تحسين مردودية الشغل المنجز في مدة محددة‪ ،‬ألن من شأن االحتفاظ‬
‫باألجير لمدة طويلة في نفس الشغل‪ ،‬قد يكون عديم الفائدة ويستحسن في هذه الحالة إصدار‬
‫مراسيم لتحديد ساعات الشغل في بعض المهن الخاصة‪ ،‬ما دام أنه ال طائل من وراء‬
‫الشغل لساعات طوال‪.‬‬
‫تكريس الحماية لألجر‬ ‫ت‪-‬‬
‫يعتبر عقد الشغل من العقود التبادلية التي ترتب التزامات في ذمة طرفي العالقة‬
‫الشغلية وإذا كان العمل المتفق عليه‪ ،‬يعتبر االلتزام الرئيسي الذي يقع على األجير فإن أداء‬
‫األجر هو إلتزام يقع على الم شغل‪ ،‬مما يعني أن سبب إلتزام األجير بأداء العمل هو إلتزام‬
‫المشغل بدفع األجر الذي يعتبر عنصرا أساسيا من عناصر عقد الشغل كما تحددها‬
‫مقتضيات المادة السادسة من مدونة الشغل‪.77‬‬
‫ومما ال شك فيه أن حياة العامل ال يمكن ان تستقيم بدون أجر‪ ،78‬فهو المحرك‬
‫الجوهري لقطار االسرة‪ ،‬ومن ثم كان على المشرع أن يقرر له حماية قانونية وواقعية‬
‫من خالل تحديده وتأمين الوفاء به‪.‬‬
‫ولذلك ال عجب أن يكون األجر من أهم الموضوعات التي تشغل بال‪ ،‬العمال‬
‫وأصحاب األعمال والحكومات‪ ،‬باإلضافة إلى الدور المعيشي الذي يضطلع به في حياة‬
‫األجير وأسرته وأثره الواضح على استقراره االجتماعي‪ ،‬وبالتالي على االستقرار السياسي‬
‫واالقتصادي للدولة‪ ،‬فأهميته أيضا تظهر من الناحية القانونية والواقعية وذلك من وجوه‬
‫مختلفة أهمها‪ :‬ماله من دور في حساب العديد من المستحقات المهمة لألجير في حياته‪ ،‬أو‬
‫لذوي حقوق بعد موته على نحو‪ :‬التعويضات واإليرادات عن حوادث الشغل‪ ،‬والتعويضات‬
‫المستحقة عن الطرد ومستحقات الزمانة والشيخوخة التي يصرفها الصندوق الوطني‬
‫‪79‬‬
‫للضمان االجتماعي‬

‫‪ -77‬دنيا مباركة‪ ،‬قضايا مدونة الشغل‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2016‬ص‪.47‬‬
‫‪ -78‬طه لعبيد‪ ،‬الحماية القانونية لألجر في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬مجلة الفقه والقانون‪ ،‬العدد الرابع‪ ،2013 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ -79‬طه لعبيد‪ ،‬الحماية القانونية لألجر في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.2-1‬‬

‫‪40‬‬
‫إنه نظرا ألهمية األجر االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فقد أقر له المشرع االجتماعي حماية‬
‫خاصة بدءا بتحديد الحد األدنى لألجر‪ ،80‬والذي يعرف بالمستوى المقدر لألجر ليكون‬
‫كافيا لسد الحاجيات الضرورية لألجير وأسرته من ملبس وتغذية وسكن الئق‪.‬‬
‫وهكذا تنص المادة ‪ 361‬من مدونة الشغل في فقرتها الثالثة والرابعة على أن عدم‬
‫إحترام الحد األدنى لألجر يعاقب بغرامة من ‪ 300‬إلى ‪ 500‬درهم‪ ،‬التي تتعدد بتعدد‬
‫األجراء الذين لم يراعي في حقهم أحكام المواد المذكورة على أن ال تتجاوز ‪ 20.000‬درهم‪.‬‬
‫وبإستقراء النصوص القانونية المنظمة للحد األدنى لألجر يتضح أن مظاهر التجريم‬
‫المرتكبة مسا بالحد األدنى لألجر ترتبط بإرتكاب ما يلي‪:81‬‬
‫‪ -‬أداء المشغل ألجر يقل عن الحد األدنى المقرر قانونا ‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار‬
‫جميع العناصر المكونة لألجر‪.‬‬
‫وقد تبنت مختلف التشريعات المقارنة‪ :‬ما يعرف بالحد األدنى لألجر‪ ،‬إال أنه ما يالحظ‬
‫أن الحد األدنى لألجر ال يتم االلتزام به من طرف فئات واسعة من المشغلين خاصة في‬
‫القطاع غير المهيكل‪ ،‬مما قد يضطر األجير إلى اإلشتغال مقابل أجر زهيد‪.82‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن األخذ بمبدأ الحد األدنى لألجر إنما تقرر لجعل هذا األخير‬
‫قادرا على احتواء جل تكاليف المعيشة اليومية‪ ،‬خصوصا بعد تكريس المفهوم االجتماعي‬
‫لألجر‪ ،‬وبما أن تكاليف الحياة ومتطلباتها تتغير باستمرار‪ ،‬فقد ربطت اتفاقيات الشغل‬
‫الدولية والعربية ومعه ا التشريعات المقارنة بين هذا التغيير ومبدأ الحد األدنى لألجر‪،‬‬
‫إيمانا منها بأن األجر هو الضمان األكيد لمواجهة كل متغيرات السوق من ازدياد في األسعار‬
‫أو انخفاضها‪.‬‬

‫‪ -80‬المرسوم رقم ‪ 343.14.2‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬يونيو ‪ 2014‬المتعلق بتحديد مبالغ الحد األدنى القانوني لألجر في الصناعة والتجارة والمهن‬
‫الحرة والفالحة ‪ ،‬و الذي جاء فيه أنه بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال‪ ،‬وبعد دراسة‬
‫المشروع في مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ ‪ 12‬يوليوز ‪ 2014‬على ما يلي‪:‬‬
‫"المادة ‪ 2‬ابتداء من فاتح ‪:2015‬‬
‫‪ -1‬يحدد في ثالثة عشر درهما وستة وأربعين سنتيما (‪ ) 13.46‬مبلغ الحد األدنى القانوني لألجر الممنوح عن ساعة شغل لألجراء في‬
‫قطاع الصناعة والتجارة والمهن الحرة‪.‬‬
‫‪ -2‬يحدد في تسعة وستين درهم وثالثة وسبعين سنتيما (‪ 69.73‬درهما) مبلغ المؤدى نقدا عن يوم شغل ألجراء القطاع الفالحي ‪.‬‬
‫‪ -81‬عزيز القيسومي‪ ،‬الحماية الجنائية لحقوق األجراء على ضوء قانون الشغل المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.16-15‬‬
‫‪ -82‬الحاج الكوري‪" :‬حماية األجور على ضوء سياسة التشغيل بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية اكدال‪ ،1986 ،‬ص ‪.8‬‬

‫‪41‬‬
‫ولم يخرج التشريع المغربي عن هذا الطرح‪ ،‬إذ عمد ومنذ سنة ‪ 1959‬إلى الربط بين‬
‫التغيرات التي تطرأ على تكاليف الحياة اليومية والحد األدنى لألجر‪ ،‬بإحداثه للسلم المتحرك‬
‫لألجور بواسطة ظهير ‪ 31‬أكتوبر ‪ ،1959‬وذلك حماية لألجور من االرتفاع المتزايد‬
‫وحفاظا على نوع من التوازن بين هذه األخيرة واألجور‪.83‬‬
‫ولكي تكتمل الحماية لألجر من أجل أداء دوره المعيشي البد من تقوية الحماية القانونية‬
‫واالقتصادية وذلك بالرفع من المستوى العام لألجور حتى تؤدي هذه األخيرة وظيفتها‬
‫المعيشية‪.84‬‬
‫ومن مظاهر تكريس الحماية لألجر نجد كذلك ضمان استمرارية األجر حيث إن كان‬
‫المبدأ أن األجر مقابل العمل الفعلي فإن هذا المبدأ ال يمكن تطبيقه على إطالقه‪ ،‬إذ أن هناك‬
‫حاالت يستمر فيها أداء األجر رغم توقف العامل عن إنجاز شغله‪ 85‬ومن هذه الحاالت‪:‬‬
‫حاالت التغيبات القانونية التي نص القانون على استحقاق األجر عنها‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حاالت العطل واألعياد والتي تصل إلى ‪ 13‬يوم في السنة‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلجازة السنوية المؤدى عنها‬ ‫‪-3‬‬
‫ضياع الوقت بسبب خارج عن إرادة األجير مع بقاء هذا األخير في مكان‬ ‫‪-4‬‬
‫الشغل‪.86‬‬
‫االنقطاع عن العمل بسبب توقف المقاولة بسبب حكم قضائي لعدم إحترامها‬ ‫‪-5‬‬
‫لمقتضيات وتدابير الصحة والسالمة‪.87‬‬
‫إذا كان ما تحدثنا عنه من أوجه الحماية جاءت عرضا من المشرع المغربي وهو في‬
‫سياق الحديث عن كيفية تحديد األجر وكيفية ادائه‪ ،‬فإننا واسترساال لمظاهر حماية األجر‬
‫التي خصص لها المشرع رصيدا من النصوص الخاصة بها‪ ،‬على غرار ما فعلت جل‬
‫التشريعات المقارنة‪ ،88‬وذلك حفاظا على المركز االقتصادي لألجير‪ ،‬وخشية أن تؤدي‬

‫‪ -83‬طه لعبيد الحماية القانونية لألجر في التشريع المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.8-7‬‬
‫‪ -84‬عبد الكريم غالي‪ ،‬في القانون االجتماعي المغربي على ضوء مدونة الشغل وأنظمة الحماية االجتماعية‪ ،‬وفي ظل المستجدات االقتصادية‬
‫والتكنولوجية الحديثة منشورات دار القلم‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،2010‬ص ‪.16‬‬
‫‪-85‬عبد العزيز العتيقي‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي وفق مدونة الشغل دون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،2011-2012 ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -86‬عبد العزيز العتيقي‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي وفق مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ -87‬المادة ‪ 300‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -88‬كالتشريع المصري الذي خصص لهذه الحماية المراد ‪40-39‬و‪ 41‬من قانون العمل‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫القواعد العامة المتعلقة بالحجوزات والمقاصة وكذا حقوق المشغل على األجير إلى‬
‫االقتطاع من األجر وبالتالي ضياعه كال أو بعضا بشكل قد يترتب عنه زعزعة الوضع‬
‫االقتصادي لألجير‪.89‬‬
‫وتتجلى هذه الحماية التي أقرها المشرع في حماية األجر من االقتطاعات التي قد‬
‫يمارسها المشغل‪ ،‬وكذلك في حمايته من دائني األجير‪.‬‬
‫بخصوص حماية األجر من اقتطاعات المشغل والتي تتعلق أساسا بالمقاصة‪ ،90‬حيث‬
‫إن من شأن السماح للمشغل الدائن بتطبيق هذه القاعدة العامة في مواجهة أجيره المدين له‪،‬‬
‫من شأنه أن يهدد األجر ويعرض األجير وأسرته للضياع‪ ،‬لذلك سعى المشرع المغربي من‬
‫واالتفاقيات‬ ‫‪91‬‬
‫خالل مدونة الشغل على غرار ما استقرت عليه جل التشريعات المقارنة‬
‫الدولية‪ 92‬إلى لجم هذه الحرية المطلقة التي تخول للمشغل الحق في اقتطاع دينه الذي على‬
‫أجيره من األجر الذي هو مدين به لنفس األجير‪.‬‬
‫وبذلك يالحظ على أن المشرع استبعد قواعد القانون المدني حتى ال يلحق الضرر‬
‫باألجراء‪ ،‬وهذا يتبين أن األجر قد طرح نفسه بصورة متميزة جعلت معظم التشريعات تسن‬
‫من أجل حمايته‪.93‬‬
‫وهكذا تنص مقتضيات الماد‪ 385‬من م‪.‬ش أنه ال يمكن للمشغلين أن يجرو لحسابهم أي‬
‫مقاصة بين ما يكون عليهم ألجرائهم من أجور وبين ما قد يكون على هؤالء األجراء من‬
‫ديون لفائدتهم مقابل مدهم بمختلف اللوازم أيا كان نوعها‪ ،‬باستثناء األدوات أو المعدات‬
‫الالزمة للشغل‪ ،‬والمواد واللوازم التي تسلمها األجير والتي توجد في عهدته والمبالغ‬
‫المدفوعة إليه مسبقا لشراء تلك األدوات والمعدات واللوازم‪.‬‬
‫أما بالنسبة للسلطات التي قدمها المشغل لألجير فال يمكن تطبق عليها المقاصة إال على‬
‫أقساط وفي حدود عشر األجر الحال أداؤه‪.94‬‬

‫‪ -89‬طه لعبيد‪ ،‬الحماية القانونية لألجر في التشريع اإلجتماعي المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -90‬ينص الفصل ‪ 357‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه "تقع المقاصة إذا كان كل من الطرفين دائنا لآلخر ومدينا له بصفة شخصية"‪.‬‬
‫‪ -91‬ينص التشريع الفرنسي في المادة ‪ L3251-1‬على عدم جواز إجراء المقاصة بين أجر األجراء ومن عليهم من ديون نتيجة لتزويدهم بلوازم‬
‫العمل‪.‬‬
‫‪ -92‬جاء في االتفاقية الدولية رقم ‪ 95‬في المادة ‪ 8‬منها "ال يجوز االقتطاع من األجور وفق ما تحد القوانين واللوائح الوطنية"‪.‬‬
‫‪ -93‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.631‬‬
‫‪ -94‬عبد العزيز العتيقي‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬وفق مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪43‬‬
‫إن الحماية التي أقرها المشرع المغربي لألجر لم تقف عند حد حماية هذا األخير من‬
‫إمكانية المقاصة التي يمارسها المشغل بل تجاوز ذلك إلى حد حمايته (أي األجر) من دائني‬
‫األجير حيث أنه يمكن طبقا للمبادئ العامة الواردة في المسطرة المدنية‪ ،95‬لدائني األجير من‬
‫إيقاع حجز ما للمدين لدى الغير وحماية لألجر فقد حددت المادة ‪ 387‬من م‪.‬ش المبالغ‬
‫التي يمكن حجزها من األجر السنوي على الشكل اآلتي‪:‬‬
‫من حصة األجرة التي ال تتجاوز أربعة أضعاف الحد األدنى القانوني‪.‬‬

‫من حصة األجرة التي تتجاوز أربعة أضعاف الحد األدنى وال تتجاوز ثمانية‬

‫أضعاف‪.‬‬
‫من حصة األجرة التي تتجاوز ثمانية أضعاف و ال تتجاوز ‪ 12‬ضعفا‪.‬‬

‫من حصة األجرة التي تتجاوز ‪ 12‬ضعفا للحد األدنى وال تتجاوز ‪ 16‬ضعفا‪.‬‬

‫حصة األجرة التي تتجاوز ‪ 16‬ضعفا للحد األدنى وال تتجاوز ‪ 20‬ضعفا‪.‬‬

‫‪ -‬كل الحصة التي تفوق ‪ 20‬ضعفا من الحد األدنى القانوني لألجر‪.‬‬


‫لكن هذه الحدود ال تطبق إذا تعلق األمر بالنفقة الواجبة للزوجة شهريا‪.96‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إنصاف بعض الفئات الخاصة في قانون الشغل‬


‫إذا ك ان قانون الشغل يقوم على أساس مبدأ المساواة بين األجراء‪ ،‬إال أننا نالحظ أن‬
‫هناك امتياز لصالح بعض الفئات‪ ،‬وهو امتياز ال نحس بأنه يخرق مبدأ عدم التمييز‪ ،97‬بقدر‬
‫ما هو إنصاف لهذه الفئات‪ ،‬وبالتالي يكون من الالزم علينا إلقاء الضوء على هذه الفئة من‬
‫األجراء من خالل التطرق إلى الحماية المنوطة بالمرأة األجيرة (أوال) ثم الحديث في‬
‫(ثانيا) عن الحماية المقررة لكل من األجير الحدث واألجير المعاق‪.‬‬

‫‪ -95‬المواد من ‪ 488‬إلى ‪ 495‬المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغي‪.‬‬


‫‪ -96‬تنص المادة ‪ 390‬من م‪.‬ش على ما يلي‪" :‬إذا كانت النفقة المستحقة للزوج طبقا لمدونة األحوال الشخصية واجبة األداء شهريا‪ ،‬لزم إقتطاع‬
‫مبلغها بأكمله كل شهر‪ ،‬من حصة األجر التي ال يمكن حجزها‪ ،‬سواء سددت هذه النفقة عن طريق حجز ما للمدين لدى الغير‪ ،‬أو عن طريق‬
‫حوالة األجر‪ ،‬يمكن عند االقتضاء أن تضاف حصة األجر القابلة للحجز على ذلك االقتطاع إما ضمانا للوفاء باإلستحقاقات المتأخرة من‬
‫النفقة مع المصاريف وإما سدادا لديون وجبت لدائنين عادبين أو معترضين"‪.‬‬
‫‪ -97‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب على ضوء مدونة الشغل عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪ ،‬ص‬
‫‪.522‬‬

‫‪44‬‬
‫أوال‪ :‬الحماية الخاصة بالمرأة األجيرة‬
‫لقد أصبحت المرأة والرجل على قدم المساواة بل حتى إنها تتفوق عليه في بعض‬
‫المجاالت التي كانت حكرا على الرجل‪ ،‬وعليه فإن المشرع المغربي ومعرفة منه للقدرة‬
‫التنافسية لمختلف فئات األجراء فقد عمل على تكريس المبادئ المتعارف عليها دوليا فيما‬
‫يخص المساواة في التشغيل واألجر (أ) وإيمانا منه ببعض الحاالت الخاصة التي تكون فيها‬
‫المرأة األجيرة فقد أقر تدابير خاصة بحماية األمومة (ب)‪.‬‬
‫حظر التمييز والمساواة في األجر‬ ‫أ‪-‬‬
‫يشكل الحق في العمل والحرية في اختياره أحد أهم مقومات الكرامة اإلنسانية‪ ،98‬لما له‬
‫من أهمية في ضمان معيشة اإلنسان وتحسين مستواه االجتماعي فالحق في العمل هو من‬
‫الحقوق التي احتلت الصدارة ‪ ،‬وشكلت إهتمام مختلف قوانين الدول وغالبية األوقاف‬
‫الدولية‪.99‬‬
‫وعلى هذا األساس وإدراكا من المجموعة الدولية لما للمعاهدات واإلتفاقيات الدولية‬
‫من أهمية في صياغة الحقوق في قالب تشريعي بغية تثبيتها وتقوية الوعي الدولي بها‪ ،‬نص‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والذي يعتبر المرجع األساس لكافة المواثيق الدولية على‬
‫العديد من الحقوق المعترف بها دوليا لكل إنسان‪ ،‬ولعل أهمها حق اإلنسان في العمل وهو ما‬
‫منه وهو نفس ما أكدته المادة السادسة من العهد الدولي الخاص‬ ‫‪100‬‬
‫ورد في المادة ‪23‬‬
‫بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫أمام هذا الوضع فقد أضحى خروج المرأة المغربية إلى العمل ومشاركتها في االنتاج‬
‫ضرورة إجتماعية‪ ،‬فقد عمل المشرع المغربي ومسايرة منه لهذا الواقع االجتماعي‪،‬‬
‫ومالءمة لمختلف المواثيق الدولية من خالل مدونة الشغل‪ ،‬وخاصة الفقرة الثانية من المادة‬

‫‪ -98‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقة الشغل الفردية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص ‪.522‬‬
‫‪ -99‬دنيا مباركة‪ :‬قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -100‬تنص المادةى ‪ 23‬من االعالن العالمي لحقو ق اإلنسان على ما يلي‪" :‬لكل شخص الحق في العمل‪ ،‬وفي حرية اختيار عمله‪ ،‬وفي شروط‬
‫عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة"‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫إلى التنصيص على أنه "كما يمنع كل تمييز بين األجراء من حيث‬ ‫‪101‬‬
‫التاسعة منها‬
‫الجنس‪."...‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 478‬على أنه " يمنع على وكاالت التشغيل الخصوصية كل تمييز‬
‫على أساس الجنس من شأنه المس بمبدأ تكافؤ الفرص والمعاملة في ميدان التشغيل" وبهذا‬
‫المقتضى التشريعي يكون تشريع الشغل المغربي قد حاول االستجابة لمعايير العمل الدولية‬
‫التي تنبذ كل تمييز أو تفرقة بين الرجل والمرأة في العمل‪ ،102‬إن الجنس ال يمكن اعتباره‬
‫معيارا لإلقصاء من ولوج حق الشغل‪ ،‬وهو نفس ما سارت عليه مختلف التشريعات‬
‫العربية‪.103‬‬
‫هكذا يالحظ على أن المغرب لم يكن في معزل عن ما شهدته الساحة الدولية من حراك‬
‫للنهوض بوضعية المرأة العاملة وتحقيق مساواة حقيقية بينهما وبين الرجل‪ ،‬حيث أقر العديد‬
‫من المقتضيات في مدونة الشغل سعى من خاللها إلى تكريس مبدأ المساواة وتكافؤ‬
‫الفرص في االستخدام والمهن‪ ،104‬وذلك من خالل مقتضيات المادة ‪ 9‬والمادة ‪ 478‬من م‪.‬ش‬
‫وفي حالة مخالفة المشغل لهذه المقتضيات يتعرض لعقوبة تتمثل في الغرامة من ‪1500‬‬
‫إلى ‪ 3000‬درهم والتي تضاعف في حالة العود طبقا للمادة ‪ 12‬من مدونة الشغل‪ ،‬ورغم‬
‫هذا المبدأ الذي أقره المشرع بين الجنسين من خالل المساواة التي أقرها في تأدية العمل إال‬
‫أننا بتفحصنا لمقتضيات مدونة الشغل‪ ،‬نجد أن هناك العديد من الحاالت التي تبنى فيها‬
‫المشرع نوعا من التمييز والذي يمكن أن نطلق عليه بالتمييز اإليجابي والذي يتماشى‬
‫ووضعية المرأة األجيرة من خالل منعه بعض األشغال أو منع تشغيل النساء ليال والتي‬
‫سنحاول التطرق إليها بشيء من التفاصيل‪.‬‬
‫‪ -‬األشغال المحظورة على النساء‪.105‬‬

‫‪ -101‬دنيا مباركة‪ :‬الوضع الحقوقي للمرأة العاملة‪ ،‬النساء ودولة الحق والقانون أشغال الملتقى الدولي المنظم يومي ‪ 19‬و‪ 20‬أبريل ‪ 2002‬بمقر‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬سلسلة الندوات رقم ‪ ،1‬طبعة ‪ ،2004‬ص ‪.89‬‬
‫‪ -102‬االتفاقية رقم ‪ 110‬الخاصة بالتمييز في مجال االستخدام والمهن والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في ‪ 25‬يونيو ‪،1958‬‬
‫ودخلت حيز التنفيذ في ‪ 15‬يونيو ‪ 1960‬وصادق عليها المغرب بتاريخ ‪.1963/03/27‬‬
‫‪ -103‬دنيا مباركة‪ ،‬قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -104‬عبد الرحمان هموش المساواة بين الجنسين في الحق في العمل واستحقاق األجر بين الطموح التشريعي وإكراهات الواقع العملي‪ ،‬مجلة‬
‫المنير القانوني عدد مزدوج ‪ ،2018 ،14-13‬ص ‪.79‬‬
‫‪105‬‬
‫‪- bouchra nadir, l’essentiel du droit de travail marocain, op.cit, p 193.‬‬

‫‪46‬‬
‫تنص التشريعات المقارنة ومعها اتفاقيات الشغل الدولية على حظر تشغيل النساء‬
‫العامالت في األعمال التي من شأنها اإلضرار بصحتهن وكذلك في األشغال الشاقة وذات‬
‫المخاطر أو التي قد يترتب عنها ما قد يخل باآلداب العامة‪.106‬‬
‫فيما يخص حظر األشغال الجوفية فيظهر ذلك من خالل االتفاقية الدولية رقم ‪45‬‬
‫لمنظمة العمل الدولية الصادرة سنة ‪ 1935‬فقد ثم حظر إستخدام النساء في العمل تحت‬
‫سطح األرض في المناجم بمختلف أنواعها وهو النهج الذي تبناه المشرع المغربي من خالل‬
‫المادة ‪ 179‬التي نصت على ما يلي‪" :‬يمنع تشغيل األحداث دون الثامنة عشر والنساء‬
‫واألجراء المعاقين في المقالع واألشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم"‪.‬‬
‫أما فيما يخص حظر األشغال الشاقة والخطرة والمخلة باآلداب فقد أكدت عليها منظمة‬
‫العمل العربية من خالل اتجاهها إلى تكريس وسيط الحماية على النساء من كل عمل شاق أو‬
‫من شأنها أن تمس باألخالق الحميدة‪ ،‬وذلك من خالل االتفاقية رقم ‪ 5‬لسنة ‪ 1976‬في مادتها‬
‫السادسة‪.107‬‬
‫وفي إطار احترامه لإلتفاقيات الدولية وكذا سيرا على النهج الحمائي الذي سلكه‬
‫المشرع المغربي من خالل مقتضيات مدونة الشغل‪ ،‬فقد عمل على تجريم تشغيل النساء في‬
‫األشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهن أو تفوق طاقتهن‪ ،‬أو قد يترتب عنها ما يخل باآلداب‬
‫العامة وذلك طبقا للمادة ‪ 181‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫وبالتالي يكون الم شرع من خالل مدونة الشغل قد تمكن من تحقيق بل وترسيخ نوع من‬
‫الحكامة في تعامله مع األشغال الممنوعة على النساء‪ ،‬ويكون بذلك قد أنصف فئة ضعيفة‬
‫بدنيا‪ ،‬قوية نفسيا ومعنويا‪.‬‬
‫‪ -‬ضوابط العمل النسوي الليلي‪:‬‬
‫لقد وضع القانون ضوابط خاصة بخصوص تشغيل المرأة األجيرة ليال‪ ،108‬وهكذا‬
‫نجد أنه إذا كانت القاعدة أنه اليمكن تشغيل المرأة األجيرة ليال‪ ،‬فإن ذلك يخضع لضوابط‬

‫‪ -106‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.554‬‬
‫‪ -107‬تنص المادة السادسة من االتفاقية العربية رقم ‪ 5‬لسنة ‪ 1976‬على ما يلي‪ :‬يحظر تشغيل النساء في األعمال الخطرة والشاقة أو الضارة‬
‫بالصحة أو األخالق التي يحددها التشريع في كل دولة"‪.‬‬
‫‪ -108‬وفاء جوهر‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب عقد الشغل الفردي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.143‬‬

‫‪47‬‬
‫وفي هذا السياق تنص االتفاقية العربية من خالل المادة السابعة المتعلقة بالمرأة‬ ‫‪109‬‬
‫خاصة‬
‫العاملة على ما يلي‪" :‬ال يجوز تشغيل النساء ليال وتحدد الجهات المختصة في كل دولة‬
‫المقصود بالليل طبقا لما يتماشى مع جو وموقع وتقاليد كل بلد‪ ،‬ويستثنى من ذلك األعمال‬
‫التي يحددها التشريع في كل دولة"‪.‬‬
‫و على مستوى التشريع الوطني فقد نصت المادة ‪ 172‬من مدونة الشغل على ما يلي‪.‬‬
‫"يمكن تشغيل النساء مع األخذ بعين االعتبار وضعهن الصحي واالجتماعي‪ ،‬في أي‬
‫شغل ليلي مع مراعاة االستثناءات التي تحدد بنص تنظيمي‪ ،‬بعد استشارة المنظمات المهنية‬
‫للمشغلين والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال‪".‬‬
‫يحدد بنص الواجب توفيرها لتسهيل تشغيل النساء في أي شغل ليلي‪.110‬‬
‫كانت هذه أهم المقتضيات التي تضمنها مدونة الشغل فيما يخص حظر التميز في‬
‫االستخدام والمهنة فماذا عن المساواة في األجر بين الجنسين التي أقرتها مدونة الشغل تبعا‬
‫للمبادئ الدولية المتعارف عليها‪.‬‬
‫حيث نصت معظم تشريعات العمل العربية على حق المرأة في أجر مساو ألجر‬
‫الرجل عند قيامها بنفس العمل‪ ،‬وهكذا فقد جاء في المادة ‪ 93‬من قانون العمل القطري "‬
‫تمنح المرأة األجر المماثل ألجر الرجل إذا كانت تقوم بذات العمل" كما نصت المادة ‪ 27‬من‬
‫قانون العمل في القطاع األهلي الكويتي على أنه " تمنح المرأة العاملة األجر المماثل ألجر‬
‫الرجل إذا كانت تقوم بنفس العمل‪.111‬‬
‫وانسجاما مع توجه هذه التشريعات كرست مدونة الشغل المغربية في المادة ‪346‬‬
‫المساواة بين ا لمرأة والرجل في األجر‪ ،‬بحيث ال يمكن منح المرأة العاملة أجرا يقل عن‬

‫‪ -109‬أحمد إد الفقيه‪ ،‬إشكالية الشغل النسوي‪ ،‬وضعية المرأة العاملة في إطار القانون اإلجتماعي‪ ،‬دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص جامعة‬
‫محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط ‪ ،1989‬ص ‪.213‬‬
‫‪ -110‬وفي هذا اإلطار فقد صدر هذا المرسوم‪ ،‬وقد قرن تشغيل المرأة ليال بإحترام الشروط المنصوص عليها في مادته األولى وذلك بتوفير وسائل‬
‫النقل من مكان إقامتها إلى مقر العمل ذهابا وإيابا مع تمتيعها بنصف ساعة بعد كل أربع ساعات من العمل المتواصل هذا مع مراعاة حسن‬
‫السلوك واألخالق الحميدة وإستباب اآلداب العامة داخل المقاولة‪.‬‬
‫‪ -111‬أنظر في نفس االتجاه‪:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 31‬من قانون العمل الليبي‬
‫المادة ‪ 32‬من قانون العمل اإلماراتي‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫األجر المدفوع للعامل ولكن بشرط أن تؤدي المرأة شغال ال يقل عن قيمة الشغل الذي يؤديه‬
‫الرجل‪.112‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 105‬من م‪.‬ش على أنه‪" :‬تتضمن إتفاقية الشغل الجماعية األحكام‬
‫المتعلقة بعالقات الشغل والسيما‪ ،‬عناصر األجر المطبق على كل فئة من الفئات المهنية وهي‬
‫‪ .‬كيفيات تطبيق الذي يعتبر أن المساواة في قيمة الشغل تقتضي المساواة في األجر‪ ،‬وذلك‬
‫فيما يخص اإلجراءات المتبعة لتسوية الصعوبات التي قد تنشأ في هذا الشأن‪."...‬‬
‫ولم تقتصر مدونة الشغل على حظر التمييز بخصوص األجر بين الجنسين‪ ،113‬إذا‬
‫تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه وذلك بمقتضى المادة ‪ 346‬وإنما عاقبت على عدم التقييد‬
‫بأحكام هذه المادة بغرامة تتراوح ما بين ‪25000‬و ‪ 30000‬درهم مع مضاعفة هذه الغرامة‬
‫في حالة العود‪.114‬‬
‫هكذا يالحظ على أن األنظمة التشريعية قد إتجهت إلى معالجة الظروف البيئية‬
‫واألوضاع القاسية لتشغيل النساء بضمان عدم التفريق بين المرأة والرجل سواء صراحة أو‬
‫ضمنا وذلك فيما يخص األجر في العمل المماثل وساعات العمل والعطلة األسبوعية‬
‫واإلجازات اإلعتيادية والمرضية وأسباب الفصل‪.115‬‬
‫والمشرع المغربي بدوره كان ضمن التشريعات التي اهتمت بعمل المرأة‪ ،‬إال أن‬
‫النساء في المغرب كما هو الحال في العديد من البلدان مازالن يعانين من التفاوتات في‬
‫األجور مقارنة مع الرجال في القطاع الخاص والقطاع غير المهيكل‪ ،‬بالرغم من قيامهن‬
‫بنفس العمل الذي يقوم به الرجال وفي نفس الظروف وبنفس الوسائل‪ ،‬إضافة إلى أنه في‬
‫أحيان كثيرة تضطر النساء تحت ضغط الحاجة إلى القيام بأعمال مرهقة في مقابل حصولهن‬
‫على أجور زهيدة‪.‬‬
‫ورغم أنه كثيرا ما تقف مفتشيات الشغل على هذه الخروقات‪ ،‬إال أنها ال تتوفر على‬
‫وسائل رادعة تمكنها من زجر المخالفين وإلزامهم بإحترام مقتضيات قانون الشغل في هذا‬

‫‪ -112‬تنص المادة ‪ 346‬من مدونة الشغل على ما يلي‪" :‬يمنع كل تمييز في األجر بين الجنسين إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه"‬
‫‪ -113‬عبد الرحمان حموش‪ :‬المساواة بين الجنسين في الحق في العمل واستحقاق األجر بين الطموح التشريعي وإكراهات الواقع العملي‪ ،‬م‪.‬س‪،‬‬
‫ص ‪.84‬‬
‫‪ -114‬الفقرتان األخيرتان من المادة ‪ 361‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -115‬نادية النحلي‪ :‬سمات التنظيم القانوني لعمل المرأة في قانون الشغل المغربي‪ ،‬مجلة القانوني المغربي‪ ،‬العدد ‪ ،2009-13‬ص ‪.184‬‬

‫‪49‬‬
‫اإلطار‪ ،116‬مما يعني أن هذا المبدأ يبقى مجرد مبدأ نظري منصوص عليه في مدونة‬
‫الشغل‪ ،‬مادام أن الواقع المعيش يؤكد على ما يشهده هذا المبدأ من خروقات واسعة دفعت‬
‫بعض الباحثين إلى إنكار وجود أي تطبيق له على أرض الواقع‪.117‬‬
‫التدابير الخاصة باألمومة‬ ‫ب‪-‬‬
‫إن المرأة كأجيرة يقتضى معها بعض الحاالت التي تكون فيها كأم‪ ،‬ألجل ذلك كان‬
‫من الالزم توفير حماية خاصة لهذه األخيرة خصوصا في هذه الفترة‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫يفرض علينا الحديث في (‪ )1‬عن الحقوق االجتماعية لألم األجيرة ثم بعد ذلك نسلط الضوء‬
‫على الضمانات الحمائية لألم األجيرة(‪.)2‬‬
‫الحقوق االجتماعية لألم األجيرة‬ ‫‪-1‬‬
‫إن أسمى الوظائف التي تضطلع بها المرأة هي وظيفة األمومة وتربية األجيال فهي‬
‫ليست مجرد عاملة‪ ،‬بل هي في غالب األحيان‪ ،‬تختزل أدوارا تمثل العمود الفقري للمجتمع‬
‫على إعتبار أنها تكون أما و زوجة‪ ،‬وربت بيت كما أنها تلعب دورا مزدوجا بين الحياة‬
‫المهنية وأعبائها األسرية والمهمات العائلية واالجتماعية‪ ،‬مما يحتم في حقيقة األمر أن‬
‫تحظى المرأة قانونا وعمال بوضعية تشريعية متميزة‪ ،118‬وهو ما ترجم على مستوى مدونة‬
‫الشغل من خالل تمتيعها بمجموعة من الحقوق االجتماعية والمتمثلة في‪:‬‬
‫‪ -‬الحق في إجازة الوضع‬
‫إذا كانت التشريعات مثفقة على منح األجيرة إجازة الوضع‪ ،119‬فإنها مختلفة في‬
‫األسلوب الذي تنهجه لمنح وحساب مدة هذه اإلجازة‪ ،120‬فبعض هذه التشريعات تمنح‬
‫األجيرة مدة معينة بكيفية إجمالية دون تمييز بين اإلجازة التي تسبق الوضع وتلك التي‬
‫تليها والبعض اآلخر ي فضل التفرقة بين اإلجازة التي تسبق الوضع وتجعلها اختيارية وبين‬
‫اإلجازة التي تلي الوضع وتجعلها إجبارية‪.121‬‬

‫‪ -116‬عمرو بنعلي‪" :‬حظر التمييز ضد المرأة في مدونة الشغل –دراسة مقارنة‪ -‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة السنة الجامعية ‪ ،2009-2008‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -117‬عبد المغيت جراز‪ ،‬حظر التمييز ضد المرأة في سوق الشغل من خالل المواثيق الدولية والقوانين الوطنية ‪-‬دراسة مقارنة‪ -‬مجلة القضاء‬
‫المدني‪ ،‬العدد ‪ ،11‬المنازعات االجتماعية‪ ،‬الجزء األول‪ ،2016 ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -118‬نوال الغرباوي‪ ،‬المرأة األجيرة بين مبدأ المساواة ومقتضيات الحماية الخاصة في مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ -119‬منى سرتاني‪ :‬الحماية القانونية لألم األجيرة في القانون االجتماعي المغربي –دراسة مقارنة‪ ،-‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -120‬مدة إجازة الوضع تتفاوت زيادة ونقصانا‪ ،‬بحسب ظروف كل بلد والسياسة االجتماعية التي ينهجها‪.‬‬
‫‪ -121‬دنيا مباركة‪ ،‬قضايا مدونة مدونة الشغل بين التشريع والقضاء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪83‬‬

‫‪50‬‬
‫ويكون مشرعنا المغربي من التشريعات التي أخذت بمبدأ التمييز في إجازة الوضع بين‬
‫الفترة التي تسبق الوضع وتلك التي تلبيه‪.122‬‬
‫إذ تنص المادة ‪ 152‬من م‪.‬ش على ما يلي‪" :‬تتمتع المرأة األجيرة التي تبث حملها‬
‫بشهادة طبية بإجازة والدة مدتها أربعة وعشرين أسبوعا ما لم تكن هناك مقتضيات أفيد في‬
‫عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي"‪.‬‬
‫إن من أبسط مظاهر الحماية التي يمكن أن تطال األم األجيرة أن تمنح لها إجازة‬
‫الوضع خالل األسا بيع األخيرة من فترة الحمل وعند الوضع وخالل األسابيع التي تليه‬
‫مباشرة‪ ،‬ألن العمل خالل هذه الفترة قد يؤدي في أحيان كثيرة إلى مرضها أو وفاتها‪.123‬‬
‫وإذا كان هذا هو الحكم المطبق في حالة الوالدة‪ ،‬فإن اإلشكال يثار في حالة تعرض‬
‫المرأة األجيرة لإلجهاض‪ ،‬إذ المشرع لم يتطرق إلى حكم هذه الحالة‪ ،‬ولبيان هذه الصورة‬
‫نورد المثال التالي من العمل القضائي‪ ،124‬حيث عرضت على القضاء حالة تتعلق بامرأة‬
‫عاملة طالبت بتعويضها عن الطرد التعسفي لكونها أجهضت وبعد شفائها التحقت بالعمل‬
‫إال أنها منعت من الدخول بعلة وجوب إتمامها للرخصة المخصصة لها للحمل والوالدة‬
‫والحال أن اإلجهاض يختلف عن الوضعيتين المشار إليهما سابقا ومن ثم ال يمكن قياسه على‬
‫حالتي الوالدة أو الحمل‪.‬‬
‫علما أن ب قاء المرأة المذكورة طوال المدة المخصصة للمرأة الحامل من شأنه أن يؤثر‬
‫على دخلها المادي حتى وإن تعلق األمر بوجود صندوق الضمان االجتماعي ألن هذه‬
‫الجهة ستمتنع عن تسليمها أي تعويض ما دامت قد أجهضت قبل المدة المخصصة لوضع‬
‫الحمل‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن إجازة الوضع هذه التي تحدثنا عنها تدخل في إجازة الوضع‬
‫العادية‪ ،‬إذ أن هناك إجازة الوضع االستثنائية‪ ،‬حيث إن المرأة قد تصاب بمرض نتيجة‬
‫الحمل أو النفاس فال تستطيع بعد ذلك استئناف عملها وقد تنبه المشرع إلى هذه الحالة‪،‬‬
‫فنص على تمديد إجازة األمومة حسب الحاالت المنصوص عليها في المواد ‪ 154‬و‪155‬و‬

‫‪ -122‬منى سرتاني‪ :‬الحماية القانونية لألم األجيرة ف القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -123‬دنيا مباركة‪ ،‬النظام الحمائي للمرأة العاملة في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬مجلة المناهج‪ ،‬العدد ‪ ،1‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -124‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1014‬بتاريخ ‪ 2014/07/17‬في الملف عدد ‪ 2013/1806‬غير منشور‪ ،‬أوردته وفاء جوهر في كتابها قانون‬
‫الشغل بالمغرب عقد الشغل الفردي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.148‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ 156‬من م‪.‬ش ‪ ،‬المغربية شريطة أن يكون تغيبها راجعا إلى مرض ثابت بواسطة شهادة‬
‫طبية وناتجا إما عن حالة الحمل أو النفاس‪.125‬‬
‫‪ -‬الحق في إرضاع المولود‬
‫وذلك باعتبار الرضاعة من‬ ‫‪126‬‬
‫من اآلثار الطبيعية للوالدة أن ترضع األم وليدها‬
‫األساسيات التي يحتاج إليها المولود الجديد لبقائه حيا وتمتعه بصحة جيدة واكتمال نموه‬
‫بصورة طبيعية وذلك يقت ضي ضرورة عدم حرمانه من هذه الحاجة الضرورية له طوال‬
‫ساعات الشغل التي تقتضيها األم األجيرة في عملها اليومي‪.127‬‬
‫من هذا المنطلق حرص المشرع المغربي على تنظيم حق األم األجيرة في االستراحة‬
‫إلرضاع وليدها بمقتضى المادتين ‪ 161‬و‪ 162‬من مدونة الشغل واللتان تنصان على ما‬
‫يلي‪ :‬المادة ‪" 161‬يحق لألم األجيرة أن تتمتع يوميا على مدى إثني عشر شهرا‪ ،‬من تاريخ‬
‫استئنافها الشغل إثر الوضع باستراحة خاصة يؤدى عنها األجر باعتبارها وقت من أوقات‬
‫الشغل مدتها نصف ساعة صباحا و نصف ساعة ظهرا لكي ترضع مولودها وتكون هذه‬
‫الساعة مستقلة عن فترات الراحة المعمول بها في المقاولة‪.‬‬
‫يمكن لألم األجيرة‪ ،‬أن تتفق مع المشغل على االستفادة من هذه الساعة المخصصة‬
‫للرضاعة في أي وقت من أيام الشغل"‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 162‬فنصت على ما يلي‪ " :‬يجب تجهيز غرفة خاصة للرضاعة داخل كل‬
‫مقاولة‪ ،‬أو على مقربة منها مباشرة‪ ،‬إذا كان يشتغل فيها ما ال يقل عن خمسين أجيرة تتجاوز‬
‫سنهن السادسة عشرة‪.‬‬
‫يمكن استعمال غرف الرضاعة روضا ألطفال األجيرات العامالت بالمقاولة‪.‬‬
‫تتولى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل‪ ،‬تحديد شروط قبول الرضع وغرف إرضاع‬
‫المواليد وشروط األمكنة وتوفير مستلزماتها الصحية"‪.‬‬

‫‪ -125‬نوال الغرباوي‪ ،‬المرأة األجيرة بين مبدأ المساواة ومقتضيات الحماية الخاصة في مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -126‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب على ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.691‬‬
‫‪ -127‬منى سرتاني‪ ،‬الحماية القانونية لألم األجيرة في القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪52‬‬
‫الضمانات الحمائية لألم األجيرة‬ ‫‪-2‬‬
‫تدخل المشرع المغربي من خالل مدونة الشغل‪ ،‬ليفرض احترام حقوق اعترف بها‬
‫لألجيرة وذلك في إطار تدعيم هذه الحقوق وحمايتها‪ ،‬نتيجة عدة ممارسات قد يلجأ إليها‬
‫المشغل بطريقة تعسفية وهو ما دفع المشرع المغربي إلى منع فصل األجيرة خالل فترة‬
‫األمومة‪ ،‬كما يقتضي من األمر الحديث عن مصير األجر خالل هذه الفترة‪.‬‬
‫فيما يخص منع فصل األجيرة خالل فترة األمومة‪.‬‬
‫فمن مميزات عقد الشغل‪ ،‬قابليته للتوقف ثم عودته للسريان من جديد لينتج أثاره‪،128‬‬
‫ومن بين األسباب المؤدية إلى توقف عقد الشغل فترة الحمل والوضع بالنسبة للمرأة‬
‫األجيرة ومما الشك فيه أن للحمل والوضع آثار بالغة الخطورة على صحة األجيرة‪ ،‬وبالتالي‬
‫حدوث انعكاسات على قدرتها االنتاجية في الشغل‪ ،‬ولعل هذا من ضمن األسباب التي تدفع‬
‫المشغلين إلى إقفال أبواب مؤسساتهم في وجه اليد العاملة النسوية بصفة عامة ‪ ،‬وبالنسبة‬
‫لألجيرات األمهات بصفة خاصة‪ ،129‬بحكم ما يرتب لهن القانون من حقوق خالل الفترات‬
‫السابقة والالحقة للوضع‪ ،‬وخالل األوقات المتقطعة التي قد نستغرقها إستراحة الرضاعة‪.‬‬
‫وأمام هذا الوضع اإلنساني‪ ،‬لم يكن المشرع المغربي ليقف مكتوف األيدي حيال هذا‬
‫الموضوع بل تدخل من أجل تعزيز اآلليات الحمائية لألم األجيرة‪ ،‬ونص صراحة على منع‬
‫المشغل من إنهاء عقد شغلها‪ ،‬وليس هذا فحسب بل ال يمكن له أيضا إنهاء عقد شغل‬
‫األجيرة أثناء فترة توقفها عن الشغل بسبب نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس‪ ،‬مثبتة‬
‫بشهادة طبية‪.130‬‬
‫وبالرغم من أن حماية المشرع المغربي لألجيرة من الفصل بسبب األمومة‪ ،‬ال تقتصر‬
‫على فترة إجازة الوضع المحدد في ‪ 14‬أسبوعا‪ ،‬بل تمتد إلى فترة توقفها عن الشغل بسبب‬
‫نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس‪ ،‬فإنها تظل على كل حال حماية قاصرة وبعيدة‬
‫كل البعد كن تحقيق الحماية المرجوة من تعسف المشغل أثناء فترة األمومة‪.131‬‬

‫‪ -128‬الحاج الكوري‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬دون ذكر المطبعة‪ ،‬الطيعة األولى ‪ ،1999‬ص ‪.154‬‬
‫‪ -129‬أحمد إدا الفقيه‪ :‬إشكالية الشغل النسوي‪ ،‬وضعية المرأة في إطار القانون االجتماعي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪ -130‬الفقرتين األولى والثانية من المادة ‪ ،159‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ -131‬منى سرتاني‪ :‬الحماية القانونية لألم األجيرة في القانون االجتماعي المغربي دراسة مقارنة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪53‬‬
‫أما فيما يخص مصير األجر خالل فترة األمومة فما يالحظ على أنه سواء في‬
‫مقتضيات تشريع الشغل الملغى أو في مدونة الشغل الحالية‪ ،‬ال توجد أي إشارة ال من قريب‬
‫وال من بعيد إلى مصير أجر المرأة خالل إجازة األمومة‪ ،132‬فمدونة الشغل المغربية لم تأت‬
‫بمقتضيات خاصة بأداء أجور على فترة الوالدة والنفاس لفائدة األجيرات الحوامل رغم‬
‫تخصيص المواد من ‪ 152‬إلى ‪ 165‬لمعالجة كيفية التغيب ومدتها واإلجراءات الموازية‬
‫لذلك‪ ،‬وهذا السكوت يجعل المشغل غير ملزم بدفع األجر خالل هذه الفترة ولعل عدم‬
‫استحقاق المرأة لألجر في هذه الحالة يرجع إلى النظرة التقليدية لألجر التي تقوم على‬
‫أساس قاعدة األجر مقابل العمل‪.133‬‬
‫وبالرغم من عدم وجود أي مقتضى تشريعي في قانون ‪ 65.99‬يلزم المشغل بدفع أجر‬
‫المرأة خالل فترة األمومة‪ ،‬فهناك من الباحثين‪ 134‬من الحظ وجود بعض المقتضيات الهادفة‬
‫إلى حماية أجر المرأة والتي يمكن حصرها في مجموعة من المزايا من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬احتفاظ األجيرة بأجرها كامال خالل نصف ساعة التي تقضيها في الصباح إلرضاع‬
‫طفلها ونصف ساعة في المساء‪.‬‬
‫‪ -‬إعفاء المشرع المغربي األجيرة الحامل بمقتضى المادة ‪ 158‬ق م‪.‬ش من التقيد بأجل‬
‫اإلخطار وذلك مراعاة لوضعيتها الصحية ‪ ،‬إذ بإمكانها ترك شغلها دون أن يطالبها المشغل‬
‫بأداء تعويض عن الفسخ القضائي‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة مقاضاة المرأة األجيرة للمشغل كمطالبتها بالتعويض عن الفصل التعسفي‪،‬‬
‫فإنها تعفى من دفع مصاريف الدعوى في إطار نظام المساعدة القضائية التي يستفيد منها كل‬
‫أجير سواء كان مدعيا أو مدعى عليه وفي كل مراحل التقاضي‪ ،‬هذا باإلضافة إلى ما‬
‫تشير إليه بعض االتفاقيات الدولية وتأتي على رأسهم اتفاقية القضاء على جميع أشكال‬
‫التمييز ضد المرأة التي حتت الدول األطراف على اتخاذ التدابير الالزمة لحماية نظام‬

‫‪ -132‬الحاج الكوري‪ :‬حماية األجور على ضوء سياسة التشغيل في المغرب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -133‬نوال الغرباوي‪ ،‬المرأة األجيرة بين مبدأ المساواة ومقتضيات الحماية الخاصة في مدونة‬
‫‪ -134‬الحاج الكوري‪ ،‬حماية األجور على ضوء سياسة التشغيل في المغرب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.122‬‬

‫‪54‬‬
‫إجازة األمومة المدفوعة األجر‪ ،‬وهو نفس الشيء الذي أكدته منظمة العمل العربية في‬
‫االتفاقية الخاصة بحماية أجر العاملة أثناء فترة المومة‪.135‬‬
‫من خالل كل ما سبق يالحظ على أن المشرع أفرد عدة مقتضيات خاصة بالمرأة‬
‫األجيرة‪ ،‬وذلك مراعاة منه للحيف والتهميش الذي طال هذه الفئة خصوصا ظاهرة التمييز‬
‫في االستخدام والمهنة‪ ،‬وبعد إقرار مدونة الشغل منعت بشكل مطلق أي تمييز قائم على‬
‫الجنس‪ ،‬كما أن المدونة ومراعاة منها لبعض الحاالت التي تكون فيها األجيرة فقد أقرت‬
‫حماية خاصة لألمومة‪ ،‬إن هذا التوجه الذي سار عليه المشرع في مجال حماية المرأة‬
‫األجيرة ليكرس ذلك البعد الحكماتي في بنود مدونة الشغل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية األجير الحدث واألجير المعاق في قانون الشغل‬
‫إلى جانب المقتضيات الحمائية الخاصة التي أقرها المشرع االجتماعي للمرأة األجيرة‪،‬‬
‫قد عمل على إنصاف بعض الفئات الخاصة والحديث هنا عن الحماية المقررة لألجير الحدث‬
‫(أ) ثم حماية األجير المعاق(ب)‪.‬‬

‫مظاهر حماية األجير الحدث‬ ‫أ‪-‬‬

‫لما كانت االتفاقيات الدولية قد عينت منذ عام ‪ 1919‬بتنظيم تشغيل األحداث تماشيا مع‬
‫االتجاه الدولي‪ ،136‬حيث حرصت معظم التشريعات الدولية منذ سنوات طويلة على حماية‬
‫األجير الحدث وذلك بإحاطته بسياج من القواعد القانونية التي يستهدف منها حمايته من كل‬
‫األضرار التي قد تؤدي بصحته وبأخالقه وكذا بإعاقة نموه الجسماني‪.‬‬

‫وفي إطار تعزيز حماية اليد العاملة الصغيرة‪ ،‬عمدت مدونة الشغل استجابة إلى نداءات‬
‫المنتظم الدولي والمجتمع المدني والمنظمات النقابية وذلك من خالل اشتراط سن أعلى‬
‫للتشغيل قياسا لتشريع الشغل السابق‪ ،137‬إذا يعتبر مبدأ وضع الحد األدنى لسن الشغل أو‬
‫العمل الذي ال يمكن للحدث أن يعمل دونه من أهم اإلجراءات الضرورية في أي برنامج‬
‫يهدف إلى القضاء على تشغيل األحداث‪ ،‬لذلك كان التدخل التشريعي لتحديد سنا أدنى للشغل‬

‫‪ -135‬تنص المادة ‪ 10‬من االتفاقية الخاصة بحماية أجر العاملة أثناء فترة األمومة الصادرة عن منظمة العمل العربية سنة ‪ 1976‬على أنه‪" :‬للمرأة‬
‫العاملة الحق في الحصول على إجازة بأجر كاملة قبل وبعد الوضع لمدة ال تقل عن ‪ 10‬أسابيع على أن ال تقل هذه اإلجازة بعد الوضع عن ‪6‬‬
‫أسابيع‪"...‬‬
‫‪ -136‬فاطمة خلوقي‪ :‬حماية األجير الحدث من خالل مدونة الشغل‪ ،‬تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة الحسن‬
‫الثاني كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء عين الشق السنة الجامعية ‪ 2009/2008‬ص‪.31 :‬‬
‫‪ -137‬فاطمة خلوقي‪ :‬حماية األجير الحدث من خالل مدونة الشغل م‪ ،‬ش‪ ،‬ص‪32 :‬‬

‫‪55‬‬
‫خطوة مهمة لبلورة وتكريس الحماية القانونية لألحداث من االستغالل وكذا حماية أساسية‬
‫للمحافظة على صحتهم على أخالقهم ونموهم الطبيعي‪.138‬‬

‫وتبعا لذلك فإن المشرع المغربي كان يحدد بداية سن التشغيل في اثنى عشر سنة‬
‫بمقتضى ظهير ‪ 2‬يوليوز ‪ 1974‬المتعلق بسن ضابط الخدمة في المجال التجاري والصناعي‬
‫والمهن الحرة‪ ،‬ونتيجة لالنتقادات التي تعرض لها هذا الظهير في تحديد سن التشغيل في ‪12‬‬
‫سنة من طرف المنظمات غير الحكومية والنقابية وأجهزة منظمة العمل الدولية على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬فقد بادر إلى المصادقة على االتفاقية الدولية‪ ،‬رقم ‪ 138‬المتعلقة بالحد األدنى‬
‫‪139‬‬
‫لتشغيل وذك بهدف مالءمة النص الوطني مع هذه االتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫واستجابة لذلك فقد تدخل المشرع المغربي بمقتضي مشروع مدونة الشغل لسنة ‪1999‬‬
‫والذي رفع من خالله سن التشغيل إلى الخامسة عشر سنة بعدما كانت أربعة عشر سنة في‬
‫مشروع ‪ 1995‬واثنى عشر في ظهير ‪ 1947‬وذلك بمقتضى المادة ‪ 143‬من‪ ،‬م‪ ،‬ش‪ ،‬التي‬
‫نصت مقتضياتها على ما يلي‪ :‬ال يمكن تشغيل األحداث وال قبولهم في المقاوالت أو لدى‬
‫المشغلين قبل بلوغهم سن خمسة عشر سنة كاملة" وبذلك يكون المشرع قد عمل على ضمان‬
‫حماية فعالة لصحة وعقلية األجير الحدث إخبارا منه أن بنية الحدث الجسمانية والنفسية تكون‬
‫غير مكتملة وغير مؤهلة قبل بلوغ هذه السن لتحمل أعباء العمل‪.‬‬

‫ولتكريس مزيد من الحماية لألجير الحدث نجد المادة ‪ 151‬من مدونة الشغل قد عاقبت‬
‫بغرامة من ‪ 25.000‬إلى ‪ 30.000‬على مخالفة أحكام المادة ‪ 143‬وفي حالة العود نص على‬
‫الغرامة والحكم بحبس تتراوح مدته بين ‪ 6‬أيام وثالثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط‪.140‬‬

‫واسترساال لتكريس مزيد من الحماية لألجراء األحداث فإن مدونة الشغل منعت قيام‬
‫األحداث بمجموعة من األشغال ‪،‬من ذلك نذكر منع تشغيل األحداث في المقالع وكذا األشغال‬
‫الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم‪ ،‬وكذا في األشغال التي تشكل مخاطر بالغة على‬
‫‪ -138‬عمار تيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل والتنمية االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني ‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية و اإلجتماعية ‪ ،‬الدار البيضاء السنة الجامعية ‪ 2007-2006‬ص‪.534 :‬‬
‫‪ -139‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء األول م س‪.534 ،‬‬
‫‪ -140‬عزيز القيسومي‪ :‬الحماية الجنائية لحقوق األجراء على ضوء قانون الشغل المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.52 :‬‬

‫‪56‬‬
‫األحداث‪ ،‬وعموما يمنع تشغيل األحداث في األشغال التي تفوق طاقتهم أو تعيق نموهم أو‬
‫تساهم في تفاقم إعاقتهم إذ كانوا معاقين‪ ،‬وكذا في كل األشغال التي يترتب عنها ما قد يخل‬
‫باآلداب العامة‪ .141‬كما أن مدونة الشغل منعت تشغيل األجير الحدث ليال‪ ،142‬وذلك من خالل‬
‫المادة ‪ 172‬التي منعت بصفة مطلقة تشغيل األحداث دون السادسة عشرة سنة أي شغل ليلي‬
‫والذي يقصد به كل شغل ينجز في الفترة التي ينص قانون الشغل عن أنها شغل ليلي‪.143‬‬

‫مظاهر حماية األجير المعا ق‬ ‫ب‪-‬‬


‫نصت مدونة الشغل وألول مرة في تاريخ قانون الشغل المغربي على أحكام خاصة‬
‫بتشغيل وحماية األجراء المعاقين‪ ،‬والتي تشبه في كثير من أحكامها تلك الخاصة باألجراء‬
‫األحداث و مع ذلك فإن هناك أحكاما خاصة بهم دون سواهم‪ ،‬تترجم إرادة المشرع في‬
‫االلتفات إلى هذه الفئة التي سنحاول الوقوف عند مظاهر الحماية المقررة لها‪.144‬‬
‫إن تشغيل األشخاص‪ ،‬ذوي االحتياجات الخاصة شغل اهتمام العديد من المواثيق‬
‫الدولية والتي توجت بصدور االتفاقية الدولية لحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة‪ ،‬والتي تم‬
‫التوقيع عليها في ‪ 30‬مارس ‪ 2007‬التي قامت بتنظيم أشغال هذه الفئة العريضة من األجراء‬
‫و كذا ظروف إشتغالهم‪ ،‬وغيرها من مظاهر الحماية ‪.‬‬
‫هذا التوجه هو الذي صار عليه المشرع المغربي من خالل تنظيمه لترسانة من‬
‫النصوص التي تتكفل بضمان حماية لحقوق هؤالء األجراء كما هو متعارف عليها دوليا‪.‬‬
‫فكما يستفاد من المادة ‪ 9‬من مدونة الشغل فإن ال يمكن أن تكون اإلعاقة سببا في التمييز‬
‫بين األجراء السيما فيما يتعلق باالستخدام وإدارة الشغل وتوزيعه والتكوين المهني واألجر‬
‫والترقية واالستفادة من االمتيازات االجتماعية والتدابير التأديبية والفصل من الشغل‪ ،‬يضاف‬
‫إلى ذلك حفاظ كل أجير أصبح معاقا لسبب من األسباب بمنصب شغله ويسند إليه شغل يالئم‬
‫نوع إعاقته بعد تأهيله لذلك ما لم يتعذر تأهيله لحدة اإلعاقة أو لطبيعة الشغل وذلك طبعا بعد‬
‫أخذ رأي طبيب الشغل أو لجنة الصحة والسالمة‪.145‬‬

‫‪ -141‬المواد ‪ 179‬و ‪ 180‬و ‪ 181‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ -142‬عمر نيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪34 :‬‬
‫‪ -143‬فاطمة خلوقي‪ ،‬حماية األجير الحدث من خالل مدونة الشغل م س‪ ،‬ص‪.77 :‬‬
‫‪ -144‬عزيز القيسومي‪ ،‬الحماية الجنائي لحقوق األجير على ضوء قانون الشغل المغربي م س‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪ -145‬المادة ‪ 166‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ولم تقف المدونة عند هذا فحسب بل قررت كذلك وجوب عرض األجير المعاق على‬
‫فحص طبي قبل تشغيله‪ ،‬لكي ال يسند إليه شغل فوق طاقته وقدراته‪ ،146‬وفي نفس سياق‬
‫حماية األجير المعاق‪ ،‬فقد تدخل تشريع الشغل المغربي ألجل حمايته من خالل منع تشغيلهم‬
‫بمجموعة من األعمال التي قد تسبب خطورة عليهم‪ ،‬حيث منعت المدونة تشغيلهم في المقالع‬
‫وفي األشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم حسب المادة ‪ 179‬وكذا في جميع‬
‫األشغال التي قد تعيق نموهم أو تساهم في تفاقم إعاقتهم‪ ،‬إذا كانوا معاقين سواء كانت هذه‬
‫األشغال على سطح األرض أو في جوفها‪ ،‬ثم المنع الذي كرسته المادة ‪ 181‬والمتعلق‬
‫باأل شغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهم أو تفوق طاقته‪ ،‬أو قد يترتب عنها ما قد يخل باألدب‬
‫العامة‪.‬‬
‫أما بخصوص العمل الليلي فإن االستثناء الذي أوردته المادة ‪ 172‬من المدونة والذي‬
‫يخول تشغيل األجراء واألحداث دون ‪ 16‬سنة في بعض الحاالت وبالتالي مخالفة أحكام‬
‫المادة ‪ 172‬القاضي بمنع تشغيل األجراء ألحداث دون ‪ 16‬سنة ليال‪ ،‬فإن هذا االستثناء ال‬
‫يسري على األجراء ذوي االحتياجات الخاصة‪.‬‬
‫يبقى لنا الحديث عن نقطة مهمة لم تغب عن ذهن المشرع المغربي والمتعلقة بالمراقبة‬
‫الصحية والفحص الطبي‪ ،‬حيث يجب على كل مشغل توفير جميع شروط الوقاية الصحية‬
‫والسالمة المهنية لألجير ذي االحتياجات الخاصة حسب المادة ‪ 169‬بل وأكثر من ذلك‬
‫ضرورة وحتمية عرض أجرائه على الفحص الطب‪ ،‬هذا الفحص الذي يسري بصفة اعتيادية‬
‫كل سنة من العمل من قبيل طبيب الشغل‪.‬‬
‫هكذا يكون المشرع المغربي من خالل مدونة الشغل قد حاول اإلحاطة بمختلف‬
‫الجوانب التي كانت تعاب عليه سابقا حول عدم استفادة األجراء ذوي االحتياجات الخاصة‬
‫من الحماية الالئقة شأنهم في ذلك شأن مختلف األجراء‪ ،‬وحسنا فعل المشرع الذي أورد في‬
‫بعض األحيان مقتضيات أكثر حمائية من تلك المقررة ألجراء األحداث‪.‬‬

‫‪ -146‬المادة ‪ 168‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ومهما يكن األمر فإن المالحظة البارزة من خالل استقراء المقتضيات المنظمة لحماية‬
‫األجراء األحداث واألجراء المعاقين‪ ،‬أن المشرع يسير في اتجاه تكريس حكامة على مستوى‬
‫قانون الشغل من خالل إقرار حماية فعالة لفئة ضعيفة عانت كل أشكال التهميش والالمساواة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضمانات االستقرار في الشغل وإنهائه‬
‫يعتبر هاجس الحفاظ على استقرار عالقات الشغل من االنشغاالت الكبرى للمشرع‬
‫االجتماعي الذي يسعى جديا إلى إحقاق أفضل استقرار لروابط الشغل باعتباره غاية‬
‫اجتماعية تهم أكبر فئة في المجتمع هي فئة األجراء‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع قد منح صاحب المقاولة سلطات واسعة ألجل إنجاح مشروعه‬
‫وضمان حسن سير العمل لتحقيق أهدافه االقتصادية‪ ،‬فإنه في المقابل أقر بعض الضمانات‬
‫التي تكفل خلق نوع من التوازن بين مصالح طرفي العالقة الشغلية السيما على مستوى إنهاء‬
‫هذه العالقة‪.‬‬
‫هكذا سنتحدث في (الفقرة األولى) عن الضمانات التي أقرها المشرع ألجل اإلستقرار‬
‫في الشغل‪ ،‬على أن يكون الحديث في (الفقرة الثانية)‪ ،‬لضمانات إنهاء عقد الشغل‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضمانات االستقرار في الشغل‪.‬‬


‫فمما ال شك فيه أن االستقرار في الشغل يشكل إحدى الضمانات التي يسعى األجراء‬
‫إلى تحقيقها إلى درجة أنهم قد يتنازلون عن بعض حقوقهم ومطالبهم إذا كان ذلك سيؤدي إلى‬
‫زعزعة هذا االستقرار والتضحية به‪ ،‬ولعل ذلك ما دفع المشرع المغربي إلى إقرار العديد‬
‫من الضمانات التي من شأنها كفالة هذا االستقرار الذي يطمح إليه األجير‪ ،‬ألجل ذلك فقد‬
‫كرس المشرع مجموعة من الضمانات لألجير في حالة تعديل شروط تنفيذ عقد الشغل (أوال)‬
‫كما كرس ضمان استمرارية العالقة الشغلية في حالة تغيير المركز القانوني للمشغل (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعديل شروط تنفيذ العقد وأثره على استقرار عقد الشغل‬
‫لما كان من شأن تعديل شروط تنفيذ العقد أن يؤدي إلى اإلضرار بمصلحة األجير‬
‫واستقراره في عمله فإن ذلك اقتضى ضرورة التدخل للتخفيف من حدة سلطة المشغل في‬
‫إجراء مثل هذه التعديالت بما من شأنه كفالة نوع من التوازن بين طرفي هذه العالقة‪ ،‬هكذا‬

‫‪59‬‬
‫سنعالج في هذا اإلطار كال من تغيير نوع الشغل وأثره على استقرار العالقة الشغلية (أ) وكذا‬
‫ضمانات تغيير مكان الشغل (ب)‪.‬‬
‫تغيير نوع الشغل وأثره على استرار العالقة الشغلية‬ ‫أ‪-‬‬
‫إن أثر تغيير نوع الشغل على االستقرار في المنصب يختلف حسب ما إذا كانت إمكانية‬
‫التغيير تعد تعديال غير جوهري أو تعديال جوهريا في العقد‪ ،147‬بالنظر إلى تقدير موقع‬
‫الرفض من طرف األجير في الحالتين‪.‬‬

‫فحرية المشغل في تغيير نوع الشغل كتعديل غير جوهري لعقد الشغل تستند إلى‬
‫السلطة التنظيمية التي تخول له إصدار األوامر والقرارات الكفيلة بإدارة مقاولته ويجب على‬
‫األجير االمتثال ألوامر قرارات المشغل في نطاق المقتضيات القانونية والتنظيمية أو عقد‬
‫ورفض األجير لتغيير نوع العمل‬ ‫‪148‬‬
‫الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية‪ ،‬أو النظام الداخلي‬
‫كتعديل غير جوهري يجعله في وضعية المشغل‪ ،‬بل المرتكب لخطأ تأديبي يحرمه من طلب‬
‫أي تعويض‪ ،‬وفي هذا الصدد ذهب قرار للمجلس األعلى إلى تأكيد حق رب العمل في تنظيم‬
‫العمل لتحسين المردودية ما دام هذا األخير قد احتفظ باألجير في منصب آخر وقد جاء في‬
‫هذا القرار ما يلي‪:‬‬

‫"وحيث صدق ما عاينته الوسيلة ذلك أن الطاعنة (المشغل) قد أكدت أنها أدخلت تدابير‬
‫تنظيمية جديدة على سير عملها بإنشاء مستودعات وأنها عينت المدعي في النقض الذي‬
‫اعتبر ذلك فسخا للعقد‪ ،‬مع أنه يحق لرب العمل اتخاذ جميع التدابير التنظيمية التي تهدف إلى‬
‫تحسين مردودية العمل‪ ،‬ومادام الطاعن لم يتضرر في مصالحه لدى الطاعنة فإن ما عللت‬
‫به المحكمة قرارها من اختالف الميول والكفاءة فهو تعليل غير كاف ويتعارض مع حق‬
‫الشركة في تنظيم العمل ويجعل القرار المطعون فيه بمثابة المنعدم التعليل المبرر للنقض‬
‫بقطع النظر عن باقي الدفوع ‪.149‬‬

‫‪ -147‬ميمون الوكيلي‪ :‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل ‪ ،‬الجزء الثالث األثار القانونية‪ ،‬إلقرار مبدأ استقرار الشغل دراسة مقارنة‬
‫مطبعة األمنية الرباط الطبعة األولى السنة ‪.161 ،2017‬‬
‫‪.-148‬المادة ‪ 21‬من م‪.‬ش‬
‫‪ -149‬قرار في الملف االجتماعي عدد ‪ 92/8415‬بتاريخ ‪ ،1995/11/28‬م مجلة اإلشعاع العدد ‪ 14‬السنة ‪ 8‬يونيو ‪ 1996‬ص‪103 :‬‬

‫‪60‬‬
‫لقد اعتمد المجلس األعلى في هذا القرار المعيار الموضوعي لتمييز التعديل الجوهري‬
‫وغير الجوهري في شروط العقد حيث اعتبر تصرف المشغل بهذا الشكل غير فاسخ لعقد‬
‫الشغل لعدم تضرر األجير في مصالحه‪ ،‬مادامت الطاعنة لم تمس بحقوقه المادية واحتفظت‬
‫‪150‬‬
‫له بكل امتيازاته السابقة‪.‬‬

‫وإذا كانت القاعدة أنه ال يحق لألجير رفض التعديل الذي يطال طبيعة عمله مادام لم‬
‫يختلف اختالفا جوهريا عن الشغل المتفق عليه‪ ،‬فإنه متى كان هذا التعديل جوهريا‪ ،‬أي أنه‬
‫يختلف اختالفا كليا عن طبيعة عمله السابق‪ ،‬فإنه يحق لألجير رفضه وال يعد مرتكبا لخطأ‬
‫ذي جسامة كافية يبرر فصله‪.‬‬

‫هكذا اعتبر القضاء الفرنسي من قبيل التعديل الجوهري وبالتالي استبعاد خطأ ذي‬
‫جسامة كافية في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬رفض تعيين بصفة حارس لدى أحد زبناء المقاولة بدل وظيفة االستقبال التي كان‬
‫يقوم بها سابقا في المركز االجتماعي للشركة‪ ،‬حتى مع عدم االلتزام بتغيير اإلقامة‬
‫‪ -‬رفض تغيير المهام المؤدية إلى تخفيض الدرجة المهنية‬
‫‪ -‬رفض توقيت العمل الذي رفع حصة العمل من ‪ 39‬إلى ‪ 43‬ساعة في األسبوع‬
‫وقلص من أيام الراحة النصف الشهرية من ‪ 4‬إلى ‪ 3‬أيام بدون تعويض مادي‪.‬‬
‫‪ -‬وبدوره القضاء المغربي لم يتوان عن وصف كل تغيير في نوع العمل بالتعديل‬
‫الجوهري كلما ت بين له أن هناك اختالفا بين العمل السابق والعمل الجديد‪ ،‬أو إذا صاحب هذا‬
‫التغيير نقض في االمتيازات أو انخفاض في الدرجة‪ ،‬وقد أكد القضاء عبر هذه القاعدة من‬
‫خالل عدة قرارات‪ ،‬من ذلك ما جاء في إحدى قرارات المجلس األعلى" حيث ثبت صحة ما‬
‫عاب ه الطاعن على القرار‪ ،‬ذلك أن العقد الرابط بين الطاعن والمطلوبة في النقض صريح في‬
‫تشغيله مديرا عاما لدى المشغلة وال يوجد في العقد بند يسمح لها بتشغيله في عمل آخر‪ ...‬وأن‬
‫نقل الطاعن من مدير عام إلى رئيس قسم اإلعالميات و إن لم يكن فيه ضرر مادي للطاعن‬
‫ففيه ضرر معنوي كبير ومخالف لمقتضيات الفصل ‪ 230‬من ق‪.‬ل‪.‬ع التي تنص على أن‬

‫‪ -150‬ميمون الوكيلي ‪ :‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل الجزء الثالث األثار القانونية إلقرار مبدأ استقرار الشغل‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.162 :‬‬

‫‪61‬‬
‫االلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئها وال يجوز‬
‫إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون‪.151‬‬
‫‪ -‬وفي قرار آخر أيد فيه المجلس األعلى (سابقا) محكمة االستئناف في هذا االتجاه لما‬
‫ثبت لديها من خالل جلسة البحث أن المدعي كان يشتغل لدى الطاعنة لمدة ‪ 10‬سنوات كلحام‬
‫ولم يسبق له أن اشتغل كصباغ وأنه عندما التحق بالشركة كان على أساس عمله وهو "‬
‫لحام" وأن شهادة الع مل وبطاقة العمل تحمل صفته في العمل "لحام" والمحكمة لما اعتبرت‬
‫أن نقله من هذه الصفة إلى صفة اإلشراف على آالت الصباغة يعتبر نقال تعسفيا وال يدخل‬
‫في اختصاصه‪ ،‬ولم تثبت المتعلقة أنه سبق أن عمل بالصفة الجديدة‪ ،‬يكون قرارها القاضي‬
‫بالتعويض مرتكزا على أساس‪.152‬‬
‫كذلك ذهبت محكمة االستئناف بالدار البيضاء في قرار لها إلى اعتبار تغيير نوعية‬
‫العمل إلى عمل أدنى حرم معه األجير من عدة امتيازات مادية ومعنوية هو بمثابة فسخ لعقد‬
‫العمل خاصة إذا لجأ إليه المشغل‪ ،‬دون مبررات تأديبية يبرر رفض األجير للعمل الجديد‬
‫ويعد فسخا لعقد العمل‪.‬‬
‫من‬ ‫‪153‬‬
‫ومما ال شك فيه أن الغاية من تبني القضاء لهذا الموقف هي حماية األجير‪،‬‬
‫استغالل المشغل لسلطتة التنظيمية في إدارة المقاولة قصد المساس بحقوق األجير المادية‬
‫وحتى المعنوية‪.‬‬
‫ضمانات تغيير مكان الشغل‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫يعتبر مكان الشغل ذي أهمية كبيرة في الوقت الحاضر‪ ،‬بالنظر إلى تزايد المقاوالت‬
‫وتوسيع نشاطها وانتشار فروعها في مناطق جغرافية متعددة‪ ،‬وقد يضطر المشغل إلى نقل‬
‫األجير من فرع إلى آخر أو من مؤسسة إلى أخرى نتيجة ألسباب اقتصادية أو لتحقيق‬
‫مصلحة‪ ،‬العمل‪ ،‬مما قد يؤثر على استقرار الشغل‪ ،‬كما أن استقرار األجير في مكان معين‬
‫يحقق له مزايا كثيرة وتغيير مكان العمل قد يجرده من بعض الحقوق والمكتسبات المترتبة‬
‫‪ -151‬قرار اجتماعي‪ :‬عدد ‪ 2554‬ملف رقم ‪ 642‬بتاريخ ‪ ،1996/26‬أشار إليه ميمون لوكيلي في كتابه المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار‬
‫الشغل ص ‪.169‬‬
‫‪ -152‬قرار عدد ‪ 974‬بتاريخ ‪ 2004/09/29‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 2005/1/4/433‬منشور في المجلة المغربية لقانون األعمال و المقاوالت‬
‫العدد ‪ 7‬يناير ‪ ،2005‬ص‪.149 :‬‬
‫‪ -153‬غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق اجراء‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية واقتصادية واالجتماعية وجده السنة الجامعية ‪ 2012-2011‬ص‪.80 :‬‬

‫‪62‬‬
‫على عقد الشغل‪ ،‬وهنا يثور السؤال عما إذا كان مكان الشغل يعد عنصرا جوهريا أم غير‬
‫جوهري في عقد الشغل حتى يجوز لألجير أن يرفضه أو يشكل رفضه خطأ ذا جسامة كافية‬
‫لفصله‪.154‬‬

‫ال شك أن مس ألة الحسم فيما إذا كان تعديل الشغل تعديال جوهريا أم ال هي مسألة صعبة‬
‫السيما أمام غياب قانون يحدد المعيار المعتمد الستجالء الموازنة المطلوبة بين سلطة المشغل‬
‫التنظيمية من جهة و الحفاظ على مصلحة األجير من جهة ثانية وهو ما ال يمكن الجزم معه‬
‫بأن كل تغيير في مكان العمل بمثابة تعديل جوهري في عقد الشغل وتحميل المشغل مسؤولية‬
‫هذا التعديل‪.155.‬‬

‫وهذا ما يفرض علينا ضرورة الوقوف على حاالت تغيير مكان الشغل كتعديل غير‬
‫جوهري في عقد الشغل لمعرفة موقف كل من التشريع والفقه والقضاء من ذلك في إثبات‬
‫الضمانات الحمائية المقررة لألجير بهذا الخصوص‪.‬‬

‫المالحظ أن المشرع المغربي لم يبين موقفه من تعديل مكان عمل األجير وإذا كان قد‬
‫من مدونة الشغل تكريسا منه لمبدأ استقرار الشغل على حق األجير‬ ‫‪156‬‬
‫نص في المادة ‪،19‬‬
‫الذي يتم نقله في إطار الحركة الداخلية في االحتفاظ بنفس الحقوق والمكاسب الناشئة عن عقد‬
‫ا لشغل غير المحدد المدة‪ ،‬ما لم تكن هناك مزايا أفضل لألجير‪ ،‬وذلك مهما كانت الوظيفة‬
‫‪157‬‬
‫التي تم تعيينه فيها‪.‬‬

‫وهذا مقتضى هام في حد ذاته ألنه يضع حدا لما يمكن أن تمتد إليه سلطة المشغل في‬
‫مجال تعديل مكان الشغل وبالتالي حماية األجير من تعسف رب العمل بحرمانه من المزايا‬
‫المكتسبة بموجب عقد الشغل‪.‬‬

‫وإلى جانب هذه الحالة يعتبر النقل التأديبي المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من‬
‫المادة ‪ 37‬من مدونة الشغل تعديال غير جوهري إذ هو جزاء أقره القانون في حق األجير‬

‫‪ -154‬ميمون الوكيلي‪ :‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل الجزء الثالث م ‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.174 :‬‬
‫‪ -155‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب على ض وء مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية الجزء الثاني‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.160 :‬‬
‫‪ -156‬راجع المادة ‪ 19‬من م س‪،‬‬
‫‪ -157‬غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق اإلجراء‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.84-83 :‬‬

‫‪63‬‬
‫المرتكب لخطأ جسيم ورفض االلتحاق بمكان العمل في هاته الحالة‪ ،‬يمكن أن يشكل خطأ ذي‬
‫جسامة كافية لتبرير فصله دون مسؤولية‪ ،‬حتى وإذا كان في هذه الحالة يلحق ضررا‬
‫‪158‬‬
‫باألجير‪.‬‬

‫وإذا كان هذا فيما يخص تعديل مكان الشغل كتعديل غير جوهري في عقد الشغل فإن‬
‫األمر على خالف ذلك بالنسبة لتغيير مكان الشغل كتعديل جوهري‪.‬‬

‫فإذا كان تغيير مكان الشغل مقرر تشريعيا كأثر إلقرار مبدأ استقرار الشغل‪ ،‬الذي تنص‬
‫عليه الفقرة الثانية من المادة ‪ 19‬من مدونة الشغل ويتطلبه حسن سير المقاولة فإنه يجب أن ال‬
‫يؤدي إلى نتائج معاكسة لهذا الهدف‪ ،‬والذي هو تحقيق مصلحة العمل وضمان استقرار‬
‫الشغل‪ ،‬وذلك باستخدام النقل المكاني كوسيلة للضغط على األجير من أجل ترك عمله أو‬
‫طرده بصفة مقنعة‪.159‬‬

‫وهذا ما حاول القضاء تقييده من خالل اعتبار تغيير مكان الشغل في مثل هذه الحاالت‬
‫تعديال جوهريا على الرغم من أن مكان الشغل ال يعتبر في األصل من العناصر الجوهرية‬
‫لعقد الشغل‪ ،‬السيما إذا لم يتضمن العقد شرط الحركية‪ ،‬حيث جاء في قرار لمحكمة النقض‬
‫" حيث تبين صحته ما نعته الوسيلة‪ ،‬ذلك أن العقد صريح في تشغيل الطاعن نائبا لمدير فندق‬
‫حسان بالرباط‪ ،‬وال يوجد ضمن العقد بند يسمح لمشغله بنقل الطاعن لمدينة أخرى وقيام‬
‫المشغلة بطرد الطاعن لعدم استجابته لقرارها بنقله إلى زاكورة‪ ،‬ودون أن يوجد بالملف ما‬
‫يفيد بعث رسالة الفصل الذي يحدد أسبابه يعتبر فصال تعسفيا"‪.160‬‬

‫وبذلك يتضح أن تغيير مكان الشغل دون أن يسمح العقد بذلك‪ ،‬يعد في نظر القضاء‬
‫تعديال جوهريا لعقد الشغل‪ ،‬وبالتالي ال يترتب على رفضه أي خطأ من جانب األجير بل‬
‫يعزى فيه اإلنهاء إلى المشغل الذي يعتبر متعسفا في استعمال حقه لتغيير مكان الشغل‪.161‬‬

‫‪ -158‬فريدة اليوموري‪ :‬إشكالية تعديل عقد الشغل بين الفقه وموقف القضاء‪ ،‬المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت عدد ‪ 18 -17‬يناير يونيو‬
‫‪ ،2011‬ص‪.20 :‬‬
‫‪ -159‬ميمون الوكيلي‪ ،‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل الجزء الثالث م س‪ ،‬ص‪.195-194 :‬‬
‫‪ -160‬قرار رقم‬
‫‪ 511‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 1990/03/05‬ملف اجتماعي عدد ‪ 8/1835‬أشار إليه محمد سعيد ‪ ....‬الطرد التعسفي لألجير بين‬
‫التشريع والقضاء بالمغرب‪ ،‬مطبعة ماتيك برانت الطبعة األولى ‪ ،2002‬ص‪.316 :‬‬
‫‪ -161‬غزالنه حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق اإلجراء ص‪.87 :‬‬

‫‪64‬‬
‫هذا وقد وضع القضاء معيار آخر إلى جانب المتعلق بشرط الحركية وهو ضرورة‬
‫استفادة األجير من الشغل وهو ما جاء في عدة قرارات منها ما جاء في قرار لمحكمة‬
‫النقض" وحيث أن نقل األجير من مدينة إلى أخرى ودون استفادة من ذلك النقل ودون أن‬
‫يكون عقد الشغل ينص على إمكانية النقل يعتبر إجراء تعسفيا من طرف المشغل وبالتالي فإن‬
‫امتناع األجير عن االلتحاق بالمقر الجديد ال يعتبر خطأ فادحا يتوجب طرده‪.162...‬‬

‫من خالل هذا القرار يتضح أن القضاء جعل من عنصر االستفادة محددا أساسيا في‬
‫اعتبار التعديل مشوبا بطابع التعسف من عدمه‪ ،‬وهو ما انتقده الباحث محمد سعيد بناني‬
‫معيب على هذا المحدد كونه فضفاضا‪ ،‬رغم االستناد إليه كمنطق‪ ،‬بحيث يحق للمشغل استنادا‬
‫إلى هذا المبدأ نقل األجير من مكان عمله األصلي إلى أي مكان آخر‪ ،‬حتى ولو كان عقد‬
‫الشغل ال ينص على حق المشغل في ذلك النقل‪ ،‬والشرط الوحيد هو تحقيق االستفادة لألجير‬
‫من هذا النقل دون تحديد مدة االستفادة أو معيار الموازنة بين االستفادة واألضرار التي تلحق‬
‫األجير من جراء النقل‪،‬‬

‫صفوة القول فإنه وإن كان للمشغل إسنادا لما له من سلطة إدارية وتنظيمية إدخال‬
‫التغي رات المناسبة من إعادة تنظيم مقاولته وتغيير نوع العمل ومكانه فإنه ملزم بالمقابل‬
‫بالحفاظ على استقرار عالقة الشغل بما يضمن رؤية حكماتية في عالقات الشغل‪ ،‬وهذا ما‬
‫يجب على القضاء أن يعمل على تكريسه في غياب مقتضيات قانونية واضحة في هذا اإلطار‬
‫برسم حدود لهذه السلطة كلما تم تجاوزها بشكل يضر باألجير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬استمرار العالقة الشغلية عند تغيير المركز القانوني للمشغل‬


‫إن من أهم القواعد القانونية اآلمرة التي تعكس روح وفلسفة قانون الشغل والمتمثلة في‬
‫‪163‬‬
‫حماية األجراء نجد قاعدة استقرار الشغل عند حدوث تغيير في المركز القانوني للمشغل‬
‫والتي تم التنصيص عليها بمقتضى المادة ‪ 19‬من م‪ ،‬ش‪ ،‬ولقد توخى المشرع االجتماعي من‬

‫‪ -162‬قرار عدد ‪ 2208‬صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 1990/09/24‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 8/9895‬منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد‬
‫‪ ،11‬يونيو ‪ -1992‬ص‪.126 :‬‬
‫‪- (J.F) LESARO. La notion du transferts d’entreprise revu de droit social N° 7/8.2005 .163‬‬

‫‪65‬‬
‫خالل إقرار هذه القاعدة ربط األجراء بالمقاولة أكثر منها بالمشغل‪ 164،‬وعليه فاألجراء لم يعد‬
‫باإلمكان االحتجاج عليهم بتغيير المركز القانوني للمشغل إلنهاء عقود تشغيلهم‪ ،‬بل تستمر‬
‫هذه العقود بين المشغل الجديد وأجراء المقاولة ‪ 165‬ورغم التنصيص التشريعي فإن بلوغ هذا‬
‫الهدف لم يكن ليتأتى لوال تكريس القضاء لهذه القاعدة‪ ،‬بهذا سنحاول تسليط الضوء على‬
‫ضمان استقرار الشغل عند تغيير المركز القانوني للمشغل (أ) ثم التكريس القضائي‬
‫الستمرارية عقود الشغل في حالة التغيير (ب)‪.‬‬

‫ضمان استقرار الشغل عند تغيير المركز القانوني للمشغل‬ ‫أ‪-‬‬

‫لقد عمل المشرع المغربي بما له من صالحيات وإمكانيات في إطار ضمان استقرار‬
‫العالقة الشغلية بصفة عامة‪ ،‬واستقرار األجير في عمله بصفة خاصة إلى إقرار قاعدة‬
‫استمرارية عقود الشغل في حالة تغيير المركز القانوني للمشغل‪ ،‬هذه القاعدة التي أصبحت‬
‫تشكل ضرورة ملحة لما لها من أثار إيجابية في تحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي‬
‫للمقاولة‪ ،‬من ثم فإن أي تغيير في صاحب المقاولة و في الوضعية القانونية لهذه األخيرة ال‬
‫يعد سببا أو مبررا الستغناء عن أجرائها‪.‬‬

‫وهذا ما تم التأكيد عليه بالفعل من خالل الفقرة السابعة من الفصل ‪ 754‬من ق‪ ،‬ل‪ ،‬ع‪،‬‬
‫والتي تقابلها الفقرة األولى من المادة ‪ 19‬من م‪ ،‬ش‪ ،‬التي نصت على أنه "إذا طرأ تغيير على‬
‫الوضعية القانونية للمشغل‪ ،‬أو على الطبيعة القانونية للمقاولة وعلى األخص بسبب اإلرث أو‬
‫البيع أو اإلدماج أو الخوصصة‪ ،‬فإن جميع العقود التي كانت سارية المفعول حتى تاريخ‬
‫التغيير‪ ،‬تظل قائمة بين األجراء وبين المشغل الذي يخلف المشغل السابق في االلتزامات‬
‫الواجبة لألجراء وخاصة فيما يتعلف بمبلغ األجور والتعويضات عن الفصل من الشغل‬
‫والعطلة المؤدى عنها‪"...‬‬

‫‪ -164‬دنيا مباركة‪ ،‬مبدأ استقرار الشغل في ظل التشريع الحالي ومدونة الشغل رقم ‪ ،99 -15‬المجلة المغربية القتصاد القانون العدد الثامن‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،2003‬ص ‪.49‬‬
‫‪ -165‬خالد بن هاشم‪ ،‬استقرار التعاقد في قانون الشغل‪ ،‬تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية ‪ ،2007-2006‬ص‪.23 :‬‬

‫‪66‬‬
‫وتجد المادة ‪ 19‬من م‪ ،‬ش‪ ،‬مصدرها في قانون الشغل الفرنسي‪ ،‬والذي سبق له أن أكد‬
‫على قاعدة استقرار الشغل وضمان استمرارية األجير في عمله عند تغيير المركز القانوني‬
‫للمشغل‪.166‬‬

‫وبذلك يكون المشغل الجديد ملزما باالحتفاظ بعقود شغل األجراء السارية وقت التغيير‬
‫سواء عن طريق اإلرث أو البيع‪ ،‬أو عن‬ ‫‪167‬‬
‫بقوة القانون‪ ،‬كيفما كان سبب انتقال المقاولة‪،‬‬
‫طريق اإلدماج‪ ،‬فحماية لحقوق األجراء في إطار عملية اإلدماج وطبقا للفقرة األولى من‬
‫المادة ‪ 19‬من م‪ ،‬ش‪ ،‬فإن أجراء الشركة المندمجة يستمرون مع الشركة الدامجة بل وتستمر‬
‫عالقة الشغل حتى في إطار الخوصصة؛ أي عندما يتم تحويل منشآت عامة إلى القطاع‬
‫الخاص وذلك بمقتضى قانون رقم‪.39.89‬‬

‫وإذا كان المشرع المغربي قد اشترط على غرار جل التشريعات المقارنة وجود عقود‬
‫شغل سارية المفعول وقت التغيير‪ ،‬فإنه بالمقابل لم يقصر الحماية االجتماعية على نوع محدد‬
‫من العقود دون سواها‪ ،168‬حيث جاءت صياغة الفقرة األولى من المادة ‪ 19‬من م‪ ،‬ش‪ ،‬عامة‬
‫وهكذا تستمر مع المشغل الجديد جميع عقود الشغل كيفما كانت طبيعتها سواء محددة المدة‪،‬‬
‫سارية أو موقوفة أو تعلق األمر بعقود التدرج المهني‪ ،‬أو عقود التدريب من أجل اإلدماج‬
‫المهني بل ويجب تطبيق هذه المقتضيات الحمائية حتى بالنسبة لألجير الذي فصل ولم تنته‬
‫مدة اخطاره بعد حيث يستمر األجير المفصول مع المشغل الجديد إلى غاية انتهاء مدة‬
‫إخطاره‪.‬‬

‫وإذا كانت الفقرة األولى من المادة ‪ 19‬من م‪ .‬ش‪ ،‬تهدف حماية مبدأ استقرار عالقة‬
‫الشغل وبالتالي تحقيق السلم االجتماعي فيمكننا الجزم في هذا اإلطار‪ ،‬بضرورة تطبيق هذه‬
‫المقتضيات الحمائية على عقود الشغل السارية المفعول عند تغيير المركز القانوني للمشغل‪،‬‬
‫كيفما كان سبب هذا التغيير‪ ،‬خاصة وكما نعلم أن الحاالت الواردة بالمادة أعاله هي على‬
‫سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬

‫‪ -166‬خالد بن هاشم استقرار التعاقد في قانون الشغل م س‪ ،‬ض‪.24 :‬‬


‫‪ -167‬ابتسام الغرار‪ ،‬وضعية األجراء عند تغيير المركز القانوني للمشغل بحث لنيل الماستر في العلوم القانونية جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط أكدال السنة الجامعية ‪ ،2009 -2008‬ص‪.9 -8 :‬‬
‫‪ -168‬ابتسام الغرار‪ ،‬وضعية األجراء عن تغيير المركز القانوني للمشغل‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.9‬‬

‫‪67‬‬
‫ولم تكتفي الفقرة األولى من المادة ‪ 19‬من م‪ ،‬ش‪ ،‬بضمان استمرارية عالقة الشغل عند‬
‫تغيير المشغل بل حملت المشغل الجديد على تنفيذ االلتزامات التي كانت على عاتق المشغل‬
‫القديم‪.169‬‬

‫وهكذا يتبين أن تغيير المركز القانوني للمشغل ال يؤثر على عقود الشغل واستمراريتها‬
‫وأن انتقال ملكية المقاولة من مالك إلى غيره بأي تصرف من التصرفات القانونية ال يؤثر‬
‫على استمرارية عقد الشغل‪ ،‬فيبقى هذا األخير قائما ومنتجا ألثاره بين األجير والمشغل بقوة‬
‫القانون ‪.170‬‬

‫وهو ما يؤكد أن المشرع يسير في إطار ضمان الشغل وديمومته رغم التقلبات‬
‫القانونية‪ ،‬كي ال يتأثر المركز القانوني لألجير بتغيير المركز القانوني للمشغل‪.171‬‬

‫التكريس القضائي الستمرارية عقود الشغل في حالة التغيير‬ ‫ب‪-‬‬


‫لقد إهتم القضاء ومند بداية القرن العشرين بحماية استقرار األجير في عمله تحقيقا‬
‫الستقرار الشغل والذي تجسد من خالل تكريسه الستمرارية عقود الشغل في حالة تغيير‬
‫المركز القانوني للمشغل‪ ،‬مع العلم أن الفضل يرجع له في ترسيخ هذه القاعدة حيث لعب‬
‫دورا هاما في تفعيل مقتضياتها مكرسا بذلك الغاية المتوخاة من النص على واقعة تغيير‬
‫المركز القانوني لرب العمل‪ ،‬والتي سبق أن نص عليها المشرع المغربي في الفصل ‪754‬‬
‫من ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪ .‬وكرستها المادة ‪ 19‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫وه و ما تجسد من خالل توسع القضاء في تفسير مقتضيات النصوص القانونية المنظمة‬
‫لحاالت تغيير الوضعية القانونية للمشغل حماية لمصلحة األجير‪ ،‬وضمانا الستقراره في‬
‫‪172‬‬
‫عمله‪.‬‬
‫وبذلك درج االجتهاد القضائي المغربي على اعتبار أن أي تغيير في المركز القانوني‬
‫للمشغل ال يؤثر في شيء على استمرارية األجير في عمله وفقا لما نص عليه التشريع ضمانا‬
‫الستقرار الشغل وديمومته ‪ ،‬وذلك مهما كان نوع التصرف الذي بموجبه انتقلت المؤسسة‬

‫‪ -169‬ابتسام الغرار‪ ،‬وضعية األجراء عند تغيير المركز القانوني للمشغل م‪ .‬س‪ .‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ -170‬غزالن حمادي‪ :‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق الجراء م‪ ،‬س ص‪.90 :‬‬
‫‪ -171‬دنيا مباركة‪ :‬مبدأ استقرار الشغل في ظل التشريع الحالي مشروع مدونة الشغل رقم ‪ ،99.65‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.43 :‬‬
‫‪ -172‬غزالن حمادي ‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان ومصالح المشغل وحماية حقوق األجراء م‪ ،‬س ص‪95 :‬‬

‫‪68‬‬
‫سواء عن طريق اإلرث أو البيع أو اإلدماج أو غيره من التصرفات وذلك ألن العالقة الشغلية‬
‫تجد سندها في ارتباط األجير بالمؤسسة ال بأشخاصها‪.‬‬
‫حيث جاء في قرار صادر عن محكمة النقض" بأن كل تغيير طرأ على المركز‬
‫القانوني لرب العمل بسبب البيع ونحوه ال يؤثر على عقود العمل الجارية إلى يوم حصول‬
‫‪173‬‬
‫هذا التغيير وتستمر بين المالك الجديد للمشروع وبين عمال هذا المشروع"‪.‬‬
‫وهذا نفس توجه المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء في حكم لها ذهبت فيه إلى أن‬
‫الحقوق والواجبات تبقى سارية بين المشغل القديم والمشغل الجديد في حالة حدوث تغيير في‬
‫‪174‬‬
‫المركز القانوني للمشغل‪.‬‬
‫وعليه يكون القضاء قد أقر من جانبه انتقال ملكية أية مقاولة من مالكها إلى غيره بأي‬
‫تصرف من التصرفات القانونية ال يؤثر على استمرار عقد الشغل‪ ،‬فيبقى هذا األخير قائما‬
‫ومنتجا لكافة آثاره بين األجير والمشغل الجديد‪ ،‬كما لو أبرم منذ البداية وينصرف إليه أثره‬
‫ويكون مسؤوال عن تنفيذ جميع االلتزامات المترتبة عليه‪ ،‬معتبرا أن ذلك يتم بطريقة‬
‫أوتوماتكية‪ ،‬إذ تستمر في انتاج آثارها وهي من القانون نفسه‪ ،‬ومن ثم فإن أي تنازل عن‬
‫الحقوق المكتسبة بمقتضاها ال يتركز على أساس‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمانات إنهاء عقد الشغل‬


‫إن التشريع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة‪ ،‬أقر مبدأ استقرار الشغل في‬
‫توجهه العام‪ ،‬سواء بشكل صريح أو بشكل ضمني وتبعا لذلك كان لزاما أن يتدخل المشرع‬
‫لوضع ضوابط وقيود على سلطة المشغل في اإلنهاء تؤمن عدم انحرافها عن المسار‬
‫الطبيعي‪ ،‬وهو ما سعى المشرع إلى ضمانه من خالل تضييق نطاق سلطة المشغل في‬
‫اإلنهاء (أوال) وإذا كان المشرع قد سمح للمشغل بإنهاء عقد الشغل تفعيال لسلطته التأديبية‪،‬‬
‫فإنه قيد ذلك بوجوب اتباع إجراءات مسطرية خاصة من خالل ما أسميناه‪ ،‬ضمانات توقيع‬
‫العقوبات التأديبية (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -173‬قرار عدد ‪ 79‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 1980/02/087‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 265/5‬أشارت إليه غزالن حمادي م س‪،‬‬
‫‪ -174‬حكم عدد ‪ 269‬الصادر عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 1981/5/11‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 77/1701‬أشارت إليه غزالن‬
‫حمادي م س‪.95 ،‬‬

‫‪69‬‬
‫أوال‪ :‬تضيق نطاق سلطة المشغل في اإلنهاء‬
‫قد تطرأ على حياة األجير‪ ،‬سواء منها الخاصة أو المهنية ظروف تجعله في وضع‬
‫يتعذر معه مواصلة تنفيذ العقد مؤقتا‪ :‬كما إذا أصابه مرض خطير أو تعرض لحادثة شغل أو‬
‫مرض مهني‪ ،‬كما قد يتوقف األجير عن مزاولة عمله لفترات محدودة لممارسة حقوقه‬
‫االجتماعية أو السياسية أو المهنية فيكون من غير الممكن الوفاء بالتزامه كامال‪ ،‬وتعزيزا‬
‫للحماية التشريعية لمبدأ استقرار األجير في عمله‪ ،‬عمل المشرع المغربي على مراعاة‬
‫الوضعية االجتماعية لألجير إلى تضييق نطاق سلطة المشغل في اإلنهاء أو يتعلق األمر‬
‫بحاالت توفق عقد الشغل والتي أوالها المشرع اهتماما ملحوظا من خالل تأطيره لمختلف‬
‫حاالت توقف عقد الشغل‪.‬‬
‫هذا ما سنحاول التطرق إليه من خالل تسليط الضوء على توقف عقد الشغل بسبب‬
‫الغياب القانوني لألجير (أ) ثم توقف عقد الشغل بسبب اإلضراب أو اإلغالق (ب)‪.‬‬
‫توقف عقد الشغل بسبب الغياب القانوني لألجير‬ ‫أ‪-‬‬
‫ال شك أن إقرار المشرع لهذه الرخصة القانونية يكون قد ضيق من نطاق سلطة‬
‫المشغل في إنها العقد‪ ،‬وهو ما يبرر أهم تجليات الحكامة التي من شأنها أن توفر نوعا من‬
‫االطمئنان لألجير سواء على مستوى توقف عقد الشغل الراجع إلى الوضعية الصحية‬
‫لألجير (‪ )1‬أو ذلك الراجع إلى ظروف حياته االجتماعية أو صفته التمثيلية (‪.)2‬‬
‫توقف عقد الشغل الراجع إلى الوضعية الصحية لألجير‬ ‫‪-1‬‬
‫لقد عمل المشرع المغربي حماية منه لألجير الذي يوجد في وضعية صحية ال تسمح له‬
‫بمزاولة عمله لفترة معينة‪ ،‬على تضييق نطاق سلطة المشغل من خالل فرض إلزامية توقف‬
‫عقد الشغل مؤقتا بسبب الغياب الراجع إلى الوضعية الصحية لألجير وذلك سواء تعلق األمر‬
‫بالغياب الناجم عن اإلصابة أو المرض غير المهني‪ ،‬أو بحالة العجز المؤقت الناتج عن‬
‫حادثة الشغل أو المرض المهني‪ 175،‬فيما يخص الحالة األولى فقد رخص المشرع لألجير أن‬
‫يتغيب بسبب مرض أو إصابة يثبتها الطبيب إثباتا قانونيا مع اعتبار عقد الشغل متوقفا خالل‬

‫‪ -175‬غزالن حمادي‪ :‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل و حماية حقوق األجراء م س‪ ،‬ص‪.01 :‬‬

‫‪70‬‬
‫تلك الفترة‪ ،176‬وكل فسخ لعقد شغل األجير في هذه الحالة من طرف المشغل يعتبر فسخا‬
‫تعسفيا أيا كانت أقدمية ذلك األجير‪.177‬‬
‫إن ترخيص المشرع المغربي لألجير أن يتغيب عن العمل بسبب مرض غير المرض‬
‫المهني أو حادثة غير حادثة الشغل ودون أن يؤدي ذلك إلى فسخ عقد الشغل مقرون بشرطين‬
‫أساسيين أولهما هو ضرورة إخطار المشرع المشغل فورا وخالل ‪ 48‬ساعة الموالية للغياب‬
‫إال إذا حالت قوة قاهرة دون ذلك أما الشرط الثاني وهو المنصوص عليه في المادة ‪ 272‬من‬
‫م ش ‪ ،‬والتي حددت مدة الغياب والتي ال يجوز لألجير أن يتجاوزها وإال اعتبر في حكم‬
‫إذ جاء فيها" يمكن للمشغل أن يعتبر األجير في حكم المستقيل إذا زاد غيابه‬ ‫‪178‬‬
‫المستقيل‬
‫لمرض غير المرض المهني أو لحادثة غير حادثة الشغل على ‪ 180‬يوما متوالية خالل‬
‫‪ 365‬يوما أو إذا فقد األجير قدرته على االستمرار في مزاولة شغله"‬

‫بهذا يكون المشرع المغربي قد حدد الحد األقصى لرخصة مرض األجير التي ال‬
‫يترتب عليها سوى توقف العقد و كل إنهاء له قبل فواتها من طرف المشغل يعتبر إنهاء‬
‫تعسفيا ال محالة‪.‬‬

‫أما إذا تجاوزت مدة المرض ‪ 180‬يوما متصلة خالل فترة ‪ 365‬يوما أو إذا تبين أن‬
‫األجير قد فقد قدرته على االستمرار في ممارسة عمله فإنه بإمكان المشغل أن يعتبره مستقال‪.‬‬
‫التوقف الراجع إلى الظروف االجتماعية أو الصفة التمثيلية لألجير‬ ‫‪-2‬‬
‫زيادة في تفعيل الحماية المرجوة لألجير من أجل ضمان استقراره في عمله لم يقف‬
‫المشرع المغربي في مراعاته لظروف األجير عند حالته الصحية بل امتدت حمايته لتشمل‬
‫الظروف االجتماعية لألجير وكذا ما يرجع إلى الصفة التمثيلية‪ ،‬حيث رخص لهذا األخير‬
‫بأن يتغيب عن الشغل لضرورات مرتبطة بممارسة حقوقه االجتماعية أو واجباته الوطنية‬

‫‪ -176‬عبد اللطيف خالفي ‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل ‪،‬الجزء األول عالقات الشغل الفردية م س‪ ،‬ص‪.468 :‬‬
‫‪ -177‬محمد الشرقاني‪ ،‬عالقات الشغل بين تشريع الشغل و مشروع مدونة الشغل مطبعة القلم الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يناير ‪ 2003‬ص‪.41 ،‬‬
‫‪ -178‬ميمون الوكيلي‪ ،‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.210 :‬‬

‫‪71‬‬
‫فضال عن ترخيصه بتوقف عقد الشغل المرتبط بالصفة التمثيلية لممارسة بعض المهام‬
‫‪179‬‬
‫المهنية والسياسية‪.‬‬
‫وهو ما سعى المشرع المغربي إلى ضمانه من خالل تقيده لحرية المشغل في اإلنهاء‬
‫عند ما يتغيب األجير بسبب حدوث عائق‪ ،‬سواء كان سارا أو آسيا (محزنا)‪ ،‬رغم االنعكاسات‬
‫السلبية على سير العمل بالمقاولة‪ ،‬ذلك أن المشرع قدر ما للحياة العائلية لألجير من حتميات‬
‫تضطره للغياب أحيانا‪ ،‬فقرر منح الرخصة له اقتفاء أو تأسيسا على الحدث العائلي‬
‫‪180‬‬
‫الطارئ‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 274‬من مدونة الشغل على استفادة األجير من رخص تغييب بسبب‬
‫أحداث عائلية حددتها في أربع أيام عند زواج األجير أو أحد أبنائه أو أحفاده أو أصوله أو‬
‫أبناء زوجته من زوج سابق وفي يومين عند وفاة أحد إخوة أو إحدى أخوات األجير أو أحد‬
‫أخوات أو إحدى أخوات زوجه أو أحد أصول زوجته وفي يومين عند الختان أو إلجراء‬
‫عملية جراحية للزوج أو ألحد مكفوليه من األبناء وثالثة أيام بمناسبة كل والدة‪.181‬‬

‫وبذلك يكون المشرع من خالل نصه على توقف عقد الشغل لالعتبارات االجتماعية‬
‫السالفة الذكر قد حاول التوفيق بين الجوانب المهنية واإلنسانية في حياة األجير‪ ،‬وبالتالي‬
‫تأمين استقراره في عمله حتى ال تكون ظروفه االجتماعية عائقا أمام استمراريته في حياته‬
‫العملية‪.‬‬

‫إال أن األمر لم يقف عند هذا الحد بل امتد ليشمل حاالت أخرى يمكن لألجير أن يستفيد‬
‫على إثرها من ميزة توقف عقد العمل كما هو الشأن بالنسبة لبعض الحاالت الخاصة التي‬
‫يحتاج فيها األجير إلى التغييب عن الشغل مدة قصيرة أو طويلة لقضاء بعض أغراضه‬
‫الشخصية‪ ،‬والتي ترتبط بحياته الخاصة أو ظروفه المهنية وحتى المصلحة الوطنية‪.‬‬

‫وتكريسا من المشرع المغربي لمبدأ استقرار الشغل تماشيا مع مبدأ الحكامة رخص‬
‫لألجراء المعنيين بالتغيب خالل فترات معينة تجنبا إلنهاء عالقات الشغل لهذا السبب نصت‬

‫‪ -179‬غزالن حمادي مرونة العالقة الشغلية في ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق األجراء م س‪ ،‬ص‪.105 :‬‬
‫‪ -180‬ميمون الوكيلي‪ :‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل الجزء الثالث ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.248 :‬‬
‫‪ -181‬المادة ‪ 269‬من م‪ .‬ش‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫المادة ‪ 275‬مدونة الشغل على أنه" يستفيد األجير من رخص التغييب الجتياز امتحان أو‬
‫لقضاء تدريب رياضي وطني أو للمشاركة في مباراة رسمية دولية أو وطنية مع اعتبار العقد‬
‫موقوفا خالل هذه الفترة"‬

‫وإذا كان األمر كذلك بالنسبة للتوقف الراجع للظروف االجتماعية لألجير‪ ،‬فما هو‬
‫موقف المشرع من التوقف الراجع إلى الصفقة التمثيلية لألجير؟‬

‫قد يكون األجير ممثال نقابيا أو مندوبا األجراء في لجنة المقاولة وقيامه بعمله إلى جانب‬
‫المهام التمثيلية المنوطة به‪ ،‬يتطلب منه بالضرورة تخصيص وقت إضافي لهذا العمل وهو ما‬
‫أ خذه المشرع المغربي بعين االعتبار بأن خص لألجير بالنظر إلى صفته التمثيلية تلك‬
‫بالغياب لوقت محدد أو لفترات معينة‪ ،‬مع منع صاحب العمل من إنهاء العقد لهذا السبب‬
‫اعتبارا الستقرار للشغل وتحقيقا للمصلحة العامة‪.182‬‬

‫هكذا نصت المادة ‪ 419‬من مدونة الشغل على حق الممثل النقابي في االستفادة من‬
‫فترات تغييب بعد اتفاق مع المشغل‪ ،‬المشاركة في دورات تكوينية أو مؤتمرات أو ندوات أو‬
‫لقاءات نقابية وطنية أو دولية‪ ،‬مع أداء األجر عن فترات التغييب في حدود ‪ 5‬أيام متصلة أو‬
‫غير متصلة في السنة ما لم يتم االتفاق على مدة أطول بين الممثل النقابي والمشغل‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 456‬من م‪ .‬ش‪ ،‬على وجوب تخصيص الوقت الالزم لممارسة‬
‫مندوبي األجراء‪ ،‬لمهامهم داخل المؤسسة وخارجها في حدود ‪ 5‬ساعة في الشهر‪.183‬‬
‫توقف عقد الشغل بسبب اإلضراب أو اإلغالق‬ ‫ب‪-‬‬
‫يعتبر اإلضراب وسيلة من وسائل الضغط على المشغل تمارسه مجموعة من العمال‬
‫لتحقيق مصالحها الجماعية وتوقف عقد الشغل بسبب اإلضراب واإلغالق له عدة جوانب‬
‫قانونية وتطبيقات عملية تناولها الفقه والقضاء بالدراسة والتحليل للكشف عن طبيعتها‬
‫وأثارها على العقد وعلى مؤسسات التشغيل‪ ،‬وهكذا عمل المشرع المغربي وتعزيزا منه‬
‫لحماية األجير بضمان استقراره في عمله على تقييد حرية المشغل في إنهاء عقد الشغل خالل‬

‫‪ -182‬ميمون لوكيلي‪ :‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشعل الجزء الثالث م س‪. 270 ،‬‬
‫‪ -183‬راجع المادة ‪ ،456‬من م‪،‬ش‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫مدة اإلضراب بإقراره لتوقف عقد الشغل خالل تلك المدة (‪ )1‬والشيء نفسه ضمنه لألجير‬
‫خالل مدة اإلغالق (‪.)2‬‬
‫أثر اإلضراب على عقد الشغل‬ ‫‪-1‬‬
‫اإلضراب ظاهرة اجتماعية معقدة يرجع سببها إلى الخالف الجماعي والنزاع بين‬
‫جماعة من األجراء أو النقابات من جهة وبين مشغل من جهة أخري حول الحقوق والمطالب‬
‫المهنية للعمال التي لم تجد طريقة إلى الحل في إطار المفاوضة الجماعية أو مؤسسة الصلح‬
‫أو التصالح‪.184‬‬
‫وبالرغم من كون اإلضراب يتم بإرادة األجراء وحدهم ويتفقون من خالله عن عدم‬
‫أداء التزاماتهم ‪ ،‬فإنه ال يكون غرضهم فسخ عقد الشغل‪ ،‬بقدر ما يكون هدفهم تحسين‬
‫مما يجعل اإلضراب يؤدي إلى توقف عقد الشغل ال إلى إنهائه‪ ،‬وهو ما كرسه‬ ‫‪185‬‬
‫ظروفهم‪.‬‬
‫المشرع المغربي في المادة ‪ 32‬من مدونة الشغل والتي تنص على أنه يتوقف عقد الشغل‬
‫أثناء‪ ،...‬مدة اإلضراب" وهو ما تم تضمينه أيضا في مشروع القانون التنظيمي حيث نص‬
‫في المادة ‪ 13‬على أنه يوقف اإلضراب عقد الشغل خالل مدة اإلضراب وال ينهيه‪"....‬‬
‫وبالتالي فإن عقد الشغل يتوقف بصورة مؤقتة خالل فترة اإلضراب تم ترجع العالقة‬
‫الشغيلة إلى ما كانت عليه‪ ،‬دون أن تقتضي ذلك إبرام عقد شغل جديد‪ ،‬وبذلك يكون المشرع‬
‫المغربي من خالل توجهه هذا يرمي إلى الحفاظ على مبدأ استقرار الشغل الذي له أهمية‬
‫بالغة في حياة األجير االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وما يعنيه ذلك أيضا من تكريس تشريعي‬
‫للمشروعية الدستورية لهذا الحق الذي ال يمكن أن تؤدي ممارسته إلى فصل األجير أو إنهاء‬
‫عقد الشغل‪.‬‬
‫إذن فمدونة الشغل من خالل تبنيها لألثر الموقف لعقد الشغل عند اإلضراب تكون قد‬
‫راعت الطاب ع الحمائي لقانون الشغل‪ ،‬الذي يرمي إلى حماية األجير باعتباره الطرف‬
‫الضعيف في العالقة الشغلية وهو ما يكرس بالفعل المرونة الحمائية المقررة لفائدة األجير‬
‫ويعكس الرؤية الحكماتية لمقتضيات مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪ -184‬ميمون الوكيلي‪ ،‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل‪ ،‬الجزء الثالث م س‪.274 ،‬‬
‫‪ -185‬محمد الشرقاني‪ :‬مدى مشروعية اإلضراب العالي بالمغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 1991-1990‬ص‪.190 :‬‬

‫‪74‬‬
‫أثر اإلغالق على عقد الشغل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫إذا كنا قد اعتبرنا أن توقف عقد الشغل بسبب اإلضراب المشروع هو أثر إلقرار مبدأ‬
‫استقرار الشغل فذلك ألن هدفه تقييد السلطة التأديبية للمشغل خالل فترة اإلضراب فال يجوز‬
‫له فصل األجير المضرب إال إذا ارتكب خطأ جسيما أو تعسف في استعمال حق اإلضراب‪،‬‬
‫غير أن ذلك ال يمنع المشغل من إغالق مقاولته في وجه العمال المضربين وغير المضربين‬
‫باالستناد إلى حقه في الرأسمال ومسؤوليته في الحفاظ على حسن تدبيرها‪ ،‬فهو في موقع‬
‫المسؤولية الذي يسمح له بمراقبة المقاولة وتسييرها بالكيفية التي يراها أنجع لتحقيق أهدافها‪،‬‬
‫وذلك كوسيلة للضغط على األجراء وحرمانهم من األجر مقابل الضغط الذي يمارس عليه‬
‫من طرف هؤالء بواسطة اإلضراب‪ ،‬وفي ظل الفراغ التشريعي الحاصل بخصوص تحديد‬
‫هذا النوع م ن اإلغالق فإننا سنقتصر على الحديث عن اإلغالق القانوني والذي نص المشرع‬
‫صراحة على توقف عقد الشغل فيه‪.‬‬
‫حيث اعتبرت مدونة الشغل صراحة مدة إغالق المؤسسة المشغلة المخالفة لقواعد‬
‫الصحة السالمة مؤقتا‪ ،‬سواء بموجب قرار أو بمقتضى حكم قضائي‪ ،‬مدة توقف لعقد الشغل‬
‫كل هذ ا مع إلزام المشغل بأن يؤدي لألجراء الذين توقفوا عن الشغل بسبب اإلغالق‬ ‫‪186‬‬

‫‪187‬‬
‫أجورهم عن مدة توقف الشغل أو عن فترة إغالق المؤسسة كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫وال شك أن في ضمان حق األجير في اقتضاء أجره من خالل مدة اإلغالق تأكيدا من‬
‫المشرع على استمرارية العالقة الشغلية‪ ،‬خالل تلك المدة‪ ،‬حيث ال يمكن للمشغل أن ينهي‬
‫عقد عمل األجير ألي سبب كان خالل مدة اإلغالق تلك‪.‬‬
‫فإذا كان هذا فيما يخص اإلغالق التأديبي‪ ،‬فإن نفس الشيء يقال عن اإلغالق بسبب‬
‫القوة القاهرة والذي يعتبر بدوره إغالقا‪ ،‬يودي إلى توقف عقد الشغل‪.‬‬
‫وقد كانت مدونة الشغل‬ ‫‪188‬‬
‫بحيث يعود العقد إلى إنتاج آثاره بزوال سبب اإلغالق‬
‫واضحة وصريحة عندما اعتبرت مدة اإلغالق بفعل القوة القاهرة مدة توقف لعقد الشغل وكذا‬

‫‪ -186‬الفقرة األخيرة من المادة ‪ 54‬من مدونة الشغل والفقرة األخيرة من المادة ‪ 352‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫‪ -187‬المادة ‪ ،544‬م س‪ ،‬ش‬
‫‪ -188‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل الجزء القاني‪ :‬عالقات الشغل الجماعية م س‪ ،‬ص‪.173 :‬‬

‫‪75‬‬
‫االنقطاع المؤقت عن الشغل بسبب توقف المقاولة كليا أو جزئيا بفعل قوة كحالة الكوارث أو‬
‫توقف تيار كهربائي أو تخفيض أو خصاص في المواد األولية ‪.‬‬
‫وبالتالي يكون المشرع قد جعل في التوقف الناجم عن القوة القاهرة حالة من حاالت‬
‫توقف عقد الشغل‪ ،‬و ما ذلك إال دليل على رغبته في تقليص مفهوم القوة القاهرة في المجال‬
‫الشغلي وفتح المجال أمام إمكانية الرجوع عند زوال المانع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضمانات توقيع العقوبات التأديبية‬


‫إذا كانت السلطة التأديبية في مجال عالقات الشغل‪ ،‬أهم وسيلة يمارس بها المشغل‬
‫رقابته على األجراء والحفاظ على السير العادي داخل المقاولة‪ ،‬فإنه كان لزاما التدخل‬
‫للتخفيف من حدة هذه السلطة حتى ال يشوبها التعسف والمغاالة‪ ،‬وذلك توفير القدر الكافي من‬
‫الضمانات لفائدة األجراء تحقيقا للتوازن بين المصالح المتعارضة‪ ،‬ولعل هذا ما دفع المشرع‬
‫المغربي في مدونة الشغل إلى فرض بعض القيود على ممارسة هذه السلطة (أ) كما أقر‬
‫رقابة قضائية في حالة مخالفتها (ب)‪.‬‬
‫الضمانات التشريعية في توقيع العقوبات التأديبية‬ ‫أ‪-‬‬
‫عملت مجموعة من التشريعات المقارنة وكذا المشرع المغربي على تقييد سلطة‬
‫المشغل التأديبية‪ 189،‬وذلك لتحقيق نوع من التوازن بين حق المؤاجر في ضمان حسن سير‬
‫مقاولته والحفاظ على مصلحة األجير في ضمان استقرار عقد شغلهم‬
‫من وهنا تظهر أهمية هذا التدخل في تحديد الضوابط التشريعية لممارسة السلطة‬
‫ا لتأديبية للمشغل‪ ،‬وهو ما يقتضي منا الوقوف عند الضوابط الموضوعية (‪ )1‬ثم الضوابط‬
‫الشكلية‪.‬‬
‫الضوابط الموضوعية للسلطة التأديبية للمشغل‬ ‫‪-1‬‬
‫نظرا لما تكتسيه العقوبات التأديبية من خطورة بالغة على حياة األجير المهنية وعلى‬
‫استقرار العالقة الشغلية‪ ،‬فقد عمل المشرع المغربي دعما منه الستقرار األجير في عمله إلى‬

‫‪ -189‬محمد التباع‪ :‬الضمانات القانونية لفصل األجراء في قانون الشغل المغربي رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعه محمد‬
‫الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط السويسي السنة الجامعية ‪ 2018-2017‬ص‪.12 :‬‬

‫‪76‬‬
‫ضبط السلطة المخولة للمشغل في توقيع العقوبات التأديبية‪ ،‬لما في ذلك من حماية األجير من‬
‫جميع أوجه التعسف التي يمكن أن تصدر من المشغل بمناسبة ممارسته لسلطته التأديبية‪.‬‬
‫وبالرغم مما قد يالحظ مبدئيا حول غياب تحديد لمفهوم الخطأ التأديبي المستوجب‬
‫لتوقيع العقوبة التأديبية سواء تعلق األمر بالفصل أو النقل أو بإحدى العقوبات األخرى ‪.‬وهذا‬
‫ما يعني بقاؤها خاضعة للسلطة القديرية للمشغل إال أن المشرع عمل في المقابل على تقييد‬
‫هذه السلطة من خالل ما تضمنته المادة ‪ 336‬من مدونة الشغل من قيود فرضت على المشغل‬
‫والتي تشكل ضمانات أساسية لألجير‪.190‬‬
‫وهكذا تضمنت هذه المادة بعض األمور التي ال تعد مبررات التخاذ العقوبات التأديبية‬
‫وهي في مجملها االنتماء النقابي أو ممارسة مهنة الممثل النقابي وكذا المساهمة في أنشطة‬
‫نقابية خارج أوقات الشغل أو أثناء تلك األوقات برضى المشغل أو عمال بمقتضيات اتفاقية‬
‫الشغل الجماعية‪.191‬‬
‫وإذا كانت مختلف التشريعات قد أتاحت للمشغل سلطة إلقاء عقوبة تأديبية على كل‬
‫أجير صدر عنه خطأ مرتبط بالشغل فإنها استوجبت بالمقابل فرض قيود وحدود لهذه السلطة‬
‫حتى ال يساء استعمالها‪ ،‬وتتمظهر هذه الحدود في التحديد القانوني لهذه العقوبات‪ ،192‬وكذا‬
‫التقيد بمبدأ التدرج في العقوبة ووحدتها‪.193‬‬
‫وإذا كانت مدونة الشغل قد منعت المشغل من إعمال سلطته التأديبية بدون مبررا فإنها‬
‫في المقابل ومحاولة منها في خلق نوع من التوازن إن صح التعبير‪ ،‬خولت للمشغل السلطة‬
‫في إنهاء عقود الشغل بمبرر عندما يقع األجير في دائرة األخطاء الجسيمة التي نصت عليها‬
‫المادة ‪ 39‬من مدونة الشغل إال أن هذا التوازن المنشود بين ضمان مصلحة المشغل في توقيع‬
‫العقوبة التأديبية والمتمثلة في الفصل في هذه الحالة أو لحماية األجير من تعسف هذا األخير‬
‫سرعان ما يتالشى بسبب إيراد المشرع ألخطاء المذكورة في المادة أعاله على سبيل المثال‬
‫ال الحصر‪.‬‬

‫‪ -190‬غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق األجراء‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.122 :‬‬
‫‪ -191‬راجع المادة ‪ 42‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -192‬راجع المادة ‪ 37‬من م ش‪،‬‬
‫‪ -193‬عبد القادر بوبكري‪ ،‬حدود السلطة التأديبية للمشغل في ضوء مدونة الشغل دراسة مقارنة ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة محمد األول‪ ،‬كلية والعلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية‪ 2013-2012 ،‬ص‪.60 :‬‬

‫‪77‬‬
‫وهذا ما من شأنه أن يزعزع استقرار األجير في شغله‪ ،‬حيث يصبح مهددا باستغالل‬
‫أي فعل يقدم عليه إلدراجه ضمن مفهوم الخطأ الجسيم من قبل مشغله‪ ،‬و بالتالي توقيع عقوبة‬
‫الفصل من العمل إال أنه يبقى الضمان الوحيد لألجير في هذه الحالة هو جهاز القضاء الذي‬
‫تبقى له حق ممارسة الرقابة على األفعال المكيفة من طرف المشغل على أنها أخطاء جسيمة‬
‫موجبة للفصل‪.‬‬
‫الضوابط الشكلية التأديبية للمشغل‬ ‫‪-2‬‬
‫إن تخويل المشغل الحق في معاقة األجير المخل بالتزاماته المهنية يقتضي فرض‬
‫ضوابط وقيود مسطرية على ممارسة هذا الحق‪ ،‬ضمانا لحماية األجراء من تعسف المشغلين‬
‫في اتخاذ عقوبات تأديبية غير مشروعة‪.194‬‬
‫وإلى حدود صدور مدونة الشغل لم تكن هناك ضوابط وقيود مسطرية تلزم المشغل‬
‫باتباع إجراءات معينة قبل توقيع العقوبات التأديبية استثناء ما تعلق بعقوبة الطرد الرتكاب‬
‫‪195‬‬
‫خطأ جسيم‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار وضعت مدونة الشغل مجموعة من اإلجراءات المسطرية الواجب‬
‫اتباعها من قبل المشغل الذي يعتزم معاقبة األجير بإحدى العقوبات التأديبية المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 37‬وعقوبة الفصل المنصوص عليها في المادتين ‪.39-38‬‬
‫وتجد هذه القيود المسطرة تأصيلها التشريعي في المواد ‪ 65 ،64 ،63 ،62‬من مدونة‬
‫الشغل والتي يمكن التمييز فيها بين القيود المسطرية السابقة على إقرار العقوبة التأديبية‬
‫والقيود المسطرية الالحقة إلقرار العقوبة التأديبية‪.‬‬
‫فيما يخص القيود المسطرية السابقة إلقرار العقوبة التأديبية فقد حددها المشرع في كل‬
‫من الجهة المختصة بإجراء مسطرة التأديب‪ ،‬إذ باستقراء المقتضيات المنظمة لمسطرة تأديب‬
‫األجراء في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬يالحظ أن المشغل أومن ينوب عنه هو وحده الذي يتابع‬
‫مسطرة التأديب‪ 196‬ويقرر العقوبة في حق األجير المخل بالتزاماته اتجاه المقاولة وهذا راجع‬

‫‪ -194‬عبد القادر بوكري‪ ،‬حدود السلطة التأديبية للشغل في ضوء مدونة الشغل دراسة مقارنة م س‪ ،‬ص‪.71 :‬‬
‫‪ -195‬خالد بن عالل‪ ،‬حدود سلطة التأديبية للمشغل رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية ‪ 2006-2005‬ص‪.45 :‬‬
‫‪ -196‬أيت فاسكي حنان‪ :‬اإلطار القانوني لسلطات المشغل رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس ‪ 2008 -2007‬ص‪.105 :‬‬

‫‪78‬‬
‫إلى تش بت مشروع مدونة الشغل بفكرة المقاولة الفردية التي يكون فيها المشغل الحكم الوحيد‬
‫وعدم مواكبة المقاولة المواطنة التي ال يكون فيها المشغل مستقال بتقرير مصيرها ومصير‬
‫أجرائها‪ ،‬بل يكون ذلك بشكل تشاوري بين مختلف الفاعلين في المقاولة‪.‬‬
‫كما يدخل كذلك في اإلجراءات المسطرية السابقة التخاذ العقوبة إجراءات االستماع‬
‫إذ يعد هذا اإلجراء من المؤسسات الجديدة التي‬ ‫‪197‬‬
‫إلى األجير وتخويله إمكانية حق الدفاع‬
‫جاءت بها مدونة الشغل‪ ،‬إذ يتمثل هذا اإلجراء الذي يتعين على المشغل القيام به إذا ما هم‬
‫حسب مضمون المادة ‪ 62‬من مدونة الشغل قبل فصل األجير‬ ‫‪198‬‬
‫بتفعيل سلطته التأديبية‪،‬‬
‫بسبب ارتكابه لخطأ يعقد جلسة استماع له واشعاره باألفعال المنسوبة إليه‪ ،‬وإتاحة الفرصة له‬
‫إلبداء أوجه دفاعه بحضور مندوب ألجراء أو الممثل النقابي باختيار من األجير داخل ثمانية‬
‫أيام من إثبات الخطأ‪.‬‬
‫وما تجدر اإلشارة إ ليه أن األجير له الحق في اتخاذ كافة الوسائل في سبيل الدفاع عن‬
‫نفسه بما في ذلك استشهاده بالشهود وأن المشغل أو من ينوب عنه عليه االستماع إلى‬
‫‪199‬‬
‫شهاداتهم‪.‬‬
‫أما اإلجراء الثالث واألخير فهو وجوب تحرير محضر االستماع والذي يحرر حسب‬
‫مقتضيات المادة ‪ 62‬من قبل إدارة المقاولة ويوقعه الطرفان ثم تسلم نسخة منه إلى‬
‫األجير‪.200‬‬
‫أما فيما يخص القيود المسطرية الالحقة إلقرار العقوبة التأديبية فإنها تتمثل في كل من‬
‫تبليغ مقرر العقوبة التأديبية حيث عمل المشرع المغربي على حماية األجراء في إطار‬
‫مسطرة الفصل التأديبي وذلك بإلزام المشغل بتسليم مقرر العقوبة التأديبية إلى األجير المعني‬
‫باألمر كما توضح ذلك الفقرة األولى من المادة ‪ 63‬من م ش‪ ،‬أما اإلجراء الثاني الواجب‬
‫القيام به فيتمثل في تحديد بعض المسائل التي يجب تضمينها في مقرر الفصل من الشغل‬
‫والمتمثلة في األسباب المبررة التخاذ عقوبة الفصل وتاريخ االستماع إلى األجير باإلضافة‬

‫‪ -197‬حسن هروش‪ ،‬الرقابة القضائية على مسطرة اإلستماع لألجير‪ -‬مجلة المحاكم المغربية العدد ‪ 62‬نونبر ‪ /‬دجنبر ‪ 2018‬ص‪.39 :‬‬
‫‪ -198‬حسن هروش‪ ،‬الرقابة القضائية على مسطرة اإلستماع لألجير م‪ ،‬ش‪ ،‬ص‪.39 :‬‬
‫‪ -199‬محمد برحيلي‪ ،‬مسطرة الفصل التأديبي على ضوء قرارات محكمة النقض مجلة المناظر‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 20/19‬شتنبر ‪ ،2017‬ص‪.62 :‬‬
‫‪ -200‬رشيد الزعيم الفصل لخطأ جسيم في ضوء مدونة الشغل‪ .‬تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء عين الشق‪ 2007-2006 ،‬ص‪.101 :‬‬

‫‪79‬‬
‫إلى إرفاقه بالمحضر المتعلق بمسطرة االستماع وهذا طبعا ألجل بسط رقابة قضائية على‬
‫مشروعية مقرر الفصل‪.‬‬
‫الرقابة القضائية على السلطة التأديبية للمشغل‬ ‫ب‪-‬‬

‫إذا كان التشريع المغربي يعترف للمشغل بسلطة وتوقيع العقوبات التأديبية في مواجهة‬
‫أج رائه لضمان حسن سير العمل داخل مؤسسة‪ ،‬إال أن سلطته هذه ليست مطلقة وإنما تمارس‬
‫تحت رقابة القضاء‪.‬‬

‫هذه الرقابة التي تبقى الضمانة األساسية والفعلية التي يمكن أن تقف في وجه سوء‬
‫استعمال المشغل لسلطته تلك والتي من شأنها ضمان حماية األجير من تعسف هذا األخير‬
‫السيما إذا تعلق األمر بالفصل من العمل باعتباره أخطر ما يمكن أن تصل إليه سلطة المشغل‬
‫التأديبية‪ ،‬وهو ما حاول القضاء ضبطه لضمان مشروعيته‪ ،‬و ذلك من خالل مراقبة مدى‬
‫التزام المشغل بالضوابط الشكلية التي وضعها المشرع والضمانات المقررة في هذا الشأن‪،‬‬
‫ذلك أن المادة ‪ 42‬من مدونة الشغل تقر في فقرتها األخيرة قاعدة عامة مفادها أن القرارات‬
‫التي يتخذها المشغل في إطار ممارسة سلطته التأديبية تخضع لمراقبة السلطة القضائية‪ ،‬وهو‬
‫ما يستشف منه أن المشرع قد أخضع جميع القرارات التي يتخذها لمراقبة السلطة القضائية‬
‫بدون تخصيص لنوع معين منها‪ ،‬إال أنه بالرغم من ذلك فإن الواقع العملي يبرهن على ندرة‬
‫الطعون في اإلجراءات التأديبية بسبب األخطاء اليسيرة وهو ما يجعل أغلب القضايا‬
‫المعروضة أمام المحاكم موضوعها الفصل باعتباره األكثر خطورة‪ ،‬إال أن هذه الرقابة‬
‫القضائية على إجراءات الفصل التأديبي تبقى غير ذات قيمة إذ لم يتم تدعيمها بوجود رقابة‬
‫الحقة لها تهم الجوهر‪201‬والتي تنصب أساسا في البحث عن مدى مشروعية الفصل من‬
‫خالل التأكد من األخطاء المنسوبة إلى األجير والبحث في مدى مالءمتها مع العقوبة المتخذة‬
‫في حقه‪ ،‬وهو ما يشكل ضمانة إضافية لألجير للحفاظ على استقراره‪ ،‬في شغله وكذا الحد من‬
‫إشهار المؤاجر لهذا السالح في وجه أي أجير متى شاء وأينما كان‪.‬‬

‫‪ -201‬محمد الدكي‪ :‬إنهاء عقد الشغل غير محد المدة في القانون المغربي‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد األول‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2006 -2005‬ض‪.173 :‬‬

‫‪80‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعزيز الحماية في إطار عالقات الشغل الجماعية‬

‫كانت عالقات الشغل في بداية األمر ينظر إليها على أنها مجرد رابطة فردية بين‬
‫مشغل وأجير‪ ،‬يحكمها عقد شغل فردي ترعرع في ظل مبدأ سلطان اإلدارة‪ ،‬لكن سرعان ما‬
‫بدأ يطغى الجانب الجماعي على عالقات الشغل‪ ،‬بعد ظهور مؤسسات ومقاوالت ضخمة‬
‫تشغل أعداد كبيرة من األجراء‪ ،‬سعت إلى توحيد شروط الشغل وظروفه‪ ،‬فكان من الطبيعي‬
‫أن يولي الفقه والقضاء عناية خاصة لعالقات الشغل الجماعية لما لها من تأثير على عالقات‬
‫الشغل الفردية‪ ،‬إذ تؤدي إلى دعم الموقف التفاوضي لألجراء عند إبرام عقود الشغل‬
‫بشكل يضمن حماية أكبر لفئة األجراء وذلك من خالل آليات الحوار االجتماعي‬ ‫‪202‬‬
‫الفردية‬
‫(المطلب األول)على أنه إذا كان كل طرف من أطراف عالقات الشغل يسعى إلى تحقيق‬
‫مصالحه الخاصة ولو كان ذلك على حساب الطرف األخر‪ ،‬فإن هذا التعارض في األهداف‬
‫والمصالح من شأنه أن ينشأ نزاعات جماعية قد تعصف باالستقرار والسلم االجتماعي‪،‬‬
‫لمثل هذه‬ ‫‪203‬‬
‫وبالتالي وحماية لهذا المبتغى تدخل المشرع وأقر وسائل الحوار السلمي‬
‫النزاعات وذلك بغاية توفير أكبر قدر من الحماية لفئة األجراء (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحوار االجتماعي آلية لتكريس الحكامة‬
‫يحتل الحوار االجتماعي مكانة هامة في تنظيم العالقات المهنية باعتباره إحدى الركائز‬
‫األساسية لتطويرها وتدليل الصعاب التي تعوق قيام عالقات مثمرة بين طرفي اإلنتاج‪ ،‬لهذا‬
‫رسخت مدو نة الشغل ثقافة الحوار بين أطراف اإلنتاج وعززت آليات التشاور بإحداث‬
‫هيئات جديدة من قبل مجلس المفاوضة الجماعية ولجنة المقاولة‪.‬‬

‫لكل هذا سن عمل على الوقوف عند مؤسسة المفاوضة الجماعية باعتبارها مظهرا من‬
‫مظاهر الحوار االجتماعي (الفقرة األولى) على أن نخصص (الفقرة الثانية) لالتفاقية‬
‫الجماعية كهدف من أهداف الحوار االجتماعي‪ ،‬موضحين مختلف جوانب الحكامة التي‬
‫أقرها المشرع في تنظيمه لهذه المؤسسات‪.‬‬

‫‪ -202‬مصطفى حتيتي ‪ :‬القانون االجتماعي‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية مطبعة سليكي طنجة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪2006‬ص‪.3‬‬
‫‪ -203‬عبد اللطيف خالقي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني عالقات الشغل الجماعية المطبعة والواقعة الوطنية مراكش الطبعة األولى ‪2006‬‬
‫ص‪.10 :‬‬

‫‪81‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المفاوضة الجماعية مظهر من مظاهر الحوار اإلجتماعي‬
‫تعد المفاوضة الجماعية عملية اختيارية تعبر عن قناعة الفرقاء االقتصاديين‬
‫واالجتماعيين في التخلي عن منطق رفض اآلخر وتهميشه‪ ،‬وذلك باعتناق المذهب التوافقي‬
‫على أساس مراعاة حقوق ومصالح جميع األطراف المعنية بتلك العملية‪ ،‬وهي بذلك تشكل‬
‫أداة لتطوير القانون االتفاقي المتميز بالمرونة والمالئمة‪ ،‬لكونها تعطي شحنة قوية وقدرة‬
‫فعالة‪ ،204‬على إدارة العالقات المهنية وحل المشاكل االجتماعية هكذا سنقتصر في هذه الفقرة‬
‫على تناول مسطرة المفاوضة الجماعية (أوال) على أن نعالج في (ثانيا) أهمية المفاوضة‬
‫الجماعية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مسطرة المفاوضة الجماعية‬

‫تعتبر المفاوضة الجماعي أداة أساسية لتنظيم العالقات المهنية بين طرفي اإلنتاج‬
‫ووسيلة إلقرار السلم االجتماعي وذلك من خالل مساهمتها في استقرار عالقات الشغل‬
‫المهنية خاصة إذا كانت النصوص التشريعية والتنظيمية التي يضعها المشرع وكذا النظام‬
‫الداخلي للمؤسسة غير كافيين لوضع حد للمشاكل الخاصة بكل نوع من أنواع النشاط‬
‫‪205‬‬
‫االقتصادي وبكل مشغل ووحدة اقتصادية‬

‫وإيمانا من المشرع بالدور البارز والهام للمفاوضة الجماعية فإنه قد أقر مسطرة خاصة‬
‫لها تبتدأ بمرحلة افتتاح المفاوضة الجماعية وتنتهي بمرحلة مباشرتها‪.‬‬

‫وهكذا ومن خالل أحكام النظام الجديد للمفاوضة الجماعية حرصت مدونة الشغل على‬
‫أن يتم فتح هذه المسطرة وفق إجراءات تصب في قالب شكلي تضفي عليها طابع الجدية الذي‬

‫‪ -204‬ليلى بل عافية‪ :‬جانب المرونة في عالقات الشغل وفق مدونة الشغل‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ -‬الرباط السنة الجامعية ‪ 2008 -2007‬ص‪.73 :‬‬
‫‪ -205‬المناظرة الوطنية المقامة تحت عنوان مدونة الشغل بعد مرور عشر سنوات من صدورها بين متطلبات التنمية االقتصادية و ضمان العمل‬
‫الالئق تقرير الورشة الرابعة المتعلقة ب" العالقات الجماعية للشغل وآليات إعمال تطبيق مدونة الشغل‪ 23.22 ،‬شتنبر ‪-2014‬ص‪.15 :‬‬

‫‪82‬‬
‫من شأنه أن يكشف عن نية األطراف وما مدى قدرتهم في تدشين تلك المفاوضات من‬
‫‪206‬‬
‫عدمها‪.‬‬

‫وتبتدئ إجراءات عقد المفاوضة الجماعية بإخطار يوجهه الطرف الراغب في‬
‫التفاوض برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتواصل‪ ،‬وبنفس الطريقة يجب على الطرف الذي‬
‫توصل باإلخطار أن يعبر عن موقفه وذلك خالل أجل السبعة أيام الموالية لتاريخ التوصل‬
‫باإلخطار‪ 207،‬كما يمكن باتفاق األطراف تحديد تاريخ بدأ المفاوضة الجماعية على أساس أال‬
‫يتعدى في جميع األحوال الخمسة عشر يوما الموالية لتاريخ توصل الطرف األول بموافقة‬
‫الطرف الثاني على التفاوض‪ 208،‬ويمكن كذلك باتفاق مشترك لألطراف تحديد تاريخ االنتهاء‬
‫من التفاوض على أساس أال يتعدى في جميع األحوال خمسة عشر يوما من تاريخ بدأ‬
‫‪209‬‬
‫المفاوضة‪.‬‬

‫أما بخصوص أطراف المفاوضة الجماعية فإنها تتحدد انطالقا من المستوى الذي‬
‫تجرى عليه‪ 210‬حسب المادة ‪ 95‬من مدونة الشغل‪ ،‬فإذا كانت المفاوضة الجماعية تجرى على‬
‫مستوى المقاولة‪ ،‬فإن طرفيها هما المشغل من جهة ونقابة األجراء األكثر تمثيال بها من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬أما إذا كانت المفاوضة الجماعية تجرى على مستوى القطاع‪ ،‬فإنها تنعقد بين المشغل‬
‫وا لمنظمات المهنية للمستغلين من ناحية وبين المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال‬
‫بالقطاع المعني بالتفاوض الجماعي من ناحية ثانية‪ ،‬أما على المستوى الوطني فإن أطرافها‬
‫تتحدد في المنظمات المهنية للمستغلين والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال على‬
‫المستوى الوطني إضافة للحكومة ‪.211‬‬

‫وتحسبا من المشرع لما يمكن أن تعرفه نتائج المفاوضة الجماعية من تجاهل وتأويل‬
‫منحرف من جانب أحد الطرفين المتعاقدين‪ ،‬حرص المشرع من خالل المادة ‪ 100‬من مدونة‬

‫‪ -206‬رشيدة أكراوي‪ ،‬مظاهر البعد الجماعي لعالقات الشغل في مدونة الشغل بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس السنة الجامعية ‪ 2012 – 2011‬ص‪.96 :‬‬
‫‪ -207‬ليلى بل عافية‪ :‬جانب المرونة في عالقات الشغل وفق مدونة الشغل م س‪ ،‬ص‪.25 :‬‬
‫‪ -208‬المادة ‪ 98‬من م ش‪،‬‬
‫‪ -209‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 98‬من م ش‪.‬‬
‫‪ -210‬محمد الشرقاني ‪ :‬النظام القانوني للمفاوضة الجماعية‪ ،‬دراسة مقارنة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية‬
‫العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية مراكش السنة الجامعية ‪2010-2009‬ص‪.86‬‬
‫‪ -211‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل " الجزء الثاني" عالقات الشغل الجماعية م س‪ ،‬ص‪.324 :‬‬

‫‪83‬‬
‫الشغل أن يشترط تدوين تلك النتائج في محضر أو اتفاق يوقعه الطرفين مع توجيه نسخة منه‬
‫إلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل‪.212‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية المفاوضة الجماعية‬
‫إن للمفاوضة الجماعية دورا بارزا في دمقرطة العالقات المهنية سواء داخل المقاولة‬
‫أو على مستوى القطاع‪ ،‬أو على الصعيد الوطني و هذا من خالل التشاور والتحاور بهدف‬
‫تقريب االتجاهات والمواقف‪ ،‬للتوترات المحتملة الوقوع وتنظيما للعالقات بين الفرقاء‬
‫االجتماعيين بعضهم البعض مع مراعاة خصوصيات الظرفية المعاشة للطرفين‪.‬‬
‫حيت يؤدي األمر في نهاية المطاف إلى تالقي إرادة الطرفين حول حل أو حلول‬
‫حيث في هذه الحالة تدون نتائجه في شكل اتفاق‬ ‫‪213‬‬
‫للموضوع‪ ،‬التي كانت محال للتفاوض‬
‫ي وقعه الطرفان وتوجه نسخة منه إلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل التي توجه نسخة منه‬
‫لتمكينه من دراسة الجزء السنوي لحصيلة المفاوضة‬ ‫‪214‬‬
‫إلى مجلس المفاوضة الجماعية‪،‬‬
‫الجماعية‪.215‬‬

‫كما تظهر أهمية المفاوضة الجماعية من خالل وضعها لقانون اتفاقي يأخذ بعين‬
‫االعتبار حاج يات كل من األجراء والمقاولة وكذلك االقتصاد الوطني الذي قد يتأثر بأي تغيير‬
‫يطرأ على أطراف العالقة اإلنتاجية‪ ،‬ألن المشرع ال يمكنه أن يتصور البعد النهائي للحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعية المقررة‪ ،‬كونها حقوق تختلف باختالف القطاعات اإلقتصادية‬
‫اإلنتاجية‪.216‬‬

‫إذن فتنظيم المهنة داخل المؤسسة اإلنتاجية وتحديد نطاق وطبيعة الحقوق اإلقتصادية ال‬
‫يم كن الوصول إليه في ظل نظام اقتصادي متطور ومتقلب وتحت تأثير نظام اجتماعي متميز‬
‫إال بواسطة المفاوضة الجماعية باإلضافة إلى ما سبق فإن المفاوضة الجماعية تعد وسليه‬
‫إلضفاء الليونة التي تم كن المقاولة عند األزمات االقتصادية العابرة من اعتماد بعض الحلول‬

‫‪ -212‬محمد الشرقاني عالقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل م س‪ ،‬ص‪.319 :‬‬
‫‪ -213‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية م س‪ ،‬ص‪.345 :‬‬
‫‪ -214‬المادة ‪ 10‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -215‬الفقرة الخيرة من المادة ‪ 101‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -216‬ليلى بل العافية‪ :‬جانب المرونة في عالقات الشغل وفق مدونة الشغل م س‪ ،‬ص‪.80 :‬‬

‫‪84‬‬
‫تجاه بعض األجراء مقابل استقرار عالقة الشغل بالنسبة للبعض اآلخر‪ ،‬كما تجنبهم أخطارا‬
‫جسيمة مستقبال‪.‬‬

‫وعموما فإن نجاح المفاوضة الجماعية تكون له انعكاسات إيجابية سواء على المستوى‬
‫االقتصادي أو االجتماعي ‪.217‬‬

‫فعلى المستوى االجتماعي تؤدي المفاوضة الجماعة إلى تحقيق سلم و أمن اجتماعي‬
‫من خالل تحسين ظروف العمال والرفع من مستواهم المعيشي وبالتالي زوال األخطاء التي‬
‫تهدد مصير عالقات الشغل الجماعية والتخفيف من حدة الصراع الطبقي عن طريق خلق‬
‫التالحم بين األجراء ومنظماتهم النقابية‪ ،‬والتي بنجاح التفاوض تكون قد برهنت على صدق‬
‫وفاعلية تمثيلها لهم‪.‬‬

‫أما على المستوى االقتصادي فقد يؤدي االستقرار االجتماعي إلى الزيادة في اإلنتاجية‬
‫ي‪ ،‬وقد يؤدي نجاح المفاوضة الجماعية إلى ارتفاع قيمة أسهم‬
‫وتحقيق انتعاش اقتصاد ّ‬
‫الشركات المعنية وا لزيادة في رأسمالها لجذب االستثمارات في ظل االستقرار الذي يسود‬
‫‪218‬‬
‫عالقات العمل‬

‫إن ما تجدر اإلشارة إليه أن المفاوضة الجماعية ليست منتجة بالضرورة التفاقيات‬
‫الشغل الجماعية‪ ،‬فقد تعزز فقط اتفاقيات الشغل لها قوة قانونية وفقا للمبادئ العامة ل ق ل‪.‬ع‪.‬‬

‫وفي أحوال أخرى ي مكن االتفاق التفاوضي أن يكون محل اتفاقية شغل جماعية وفي‬
‫هذه الحالة يجب احترام مقتضيات القسم الرابع من م ش‪ ،‬سواء من حيث شكل االتفاقية‬
‫الجماعية أو مدتها أو إنهاؤها وكذا يجب إيداعها لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة وذلك‬
‫حتى تتاح الفرصة للسلطة القضائية لالطالع على إ ش ج‪ ،‬ومراقبة بنودها ومدى تعارضها‬
‫مع مدونة الشغل أو مع السياسة العامة للتشغيل إذن يالحظ من خالل ما سبق األهمية التي‬
‫يختص بها الحوار االجتماعي من خالل المفاوضة الجماعية‪ ،‬في ضمان وتكريس حقوق‬
‫األجراء‪ ،‬بما يكرس حماية أكبر لهذه الفئة ضد بعض التجاوزات الالأخالقية من خالل إحكام‬

‫‪ -217‬رشيد أكراوي‪ :‬مظاهر البعد الجماعي لعالقات الشغل في مدونة الشغل م ش‪ ،‬ض‪.102 :‬‬
‫‪ -218‬رأفت الدسوقي‪ :‬المفاوضة الجماعية في قانون العمل‪ ،‬دار الكتب القانونية مصر‪ ،‬المجلة الكبرى ‪ -2003‬ص ‪.225‬‬

‫‪85‬‬
‫مسطرة المفاوضة الجماعية وأطرافها والنتائج التي تترتب عنها والتي يبقى أهما هو ميالد‬
‫اتفاقية الشغل الجماعية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االتفاقية الجماعية كهدف من أهداف الحوار االجتماعي‬
‫تتميز عالقة الشغل بعدم الثبات والتغيير المستمر الذي يحاول مراعاة التطورات التي‬
‫تعرفها الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وهو تغيير قد تصبح معه قواعد التشريع قاصرة على‬
‫مجاراته أو على األقل عاجزة عن ذلك بذات السرعة التي يتم بها‪.‬‬
‫لذلك اتجهت الكثير من الدول ومن بينها المغرب إلجاد الوسيلة التي تساعد على‬
‫تنظيم وحكم عالقات الشغل سواء داخل المؤسسة أو حتى داخل قطاع اقتصادي برمته‪،‬‬
‫وسيلة من خلق األطراف أنفسهم بحيث تكون القواعد المتولدة عنها نتيجة مفاوضات جماعية‬
‫تبلور نتائجها في طلب اتفاق يطلق عليه االتفاقية الجماعية للشغل‪ ،‬إذن فما هي شروط إبرام‬
‫اتفاقية الشغل الجماعية؟ وما هي اآلثار المترتبة عليها هذا ما سنحاول اإلجابة عنه وفق‬
‫الشكل اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬شروط إبرام اتفاقية الشغل الجماعية وأهميتها‬

‫ثانيا‪ :‬آثار اتفاقية الشغل الجماعية‬

‫أوال‪ :‬شروط إبرام اتفاقية الشغل الجماعية وأهميتها‪.‬‬


‫عرف المشرع المغربي نظام االتفاقية الجماعية من خالل المادة ‪ 104‬من م ش‪ ،‬بأنها‬
‫عقد جماعي‪ ،‬ينظم عالقات الشغل ويبرم بين ممثلي منظمة نقابية ألجراء األكثر ثميال أو عدة‬
‫منظمات نقابية لألجراء األكثر تمثيال أو اتحاداتها من جهة‪ ،‬أو بين مشغل واحد أو عدة‬
‫مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية‪ ،‬أو ممثلي منظمات مهنية للمشغلين أو عدة منظمات مهنية‬
‫للمشغلين من جهة أخرى‪ ،‬يجب تحت طائلة البطالن أن تكون اتفاقية الشغل الجماعية‬
‫مكتوبة‪.‬‬

‫انطالقا من مقتضيات هذه المادة يتضح أن إبرام اتفاقية الشغل الجماعية يتطلب توفر‬
‫شروط شكلية وأخرى موضوعية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ -‬الشروط الموضوعية‬

‫لقد تطلب المشرع توافر شروط موضوعية إلبرام اتفاقية الشغل الجماعية منها ما‬
‫‪219‬‬
‫يتعلق بأطراف االتفاقية ومنها ما يتعلق بمضمونها ونطاقها‪.‬‬

‫فيما يخص الشروط الواجب توفرها في أطراف االتفاقية ونبدأ باألجراء كأول طرف إذ‬
‫أن إبرام اتفاقية الشغل الجماعية من قبيل األجراء ال يتحقق إال من خالل منظمة نقابية أكثر‬
‫تمثيال أو اتحاد نقابي أكثر تمثيال‪ ،‬يتولى المفاوضات الجماعية نيابة عنهم‪ ،‬وليس هناك ما‬
‫يمنع من تعدد نقابات األجراء التي تكون طرفا في االتفاقية الجماعية شرط أن تكون من‬
‫النقابات األكثر تمثيال وممثلة لمهنة واحدة أو مرتبطة أو متشابهة‪ ،‬ألن في اختالف المهن‪ ،‬ما‬
‫يؤدي إلى اخ تالف المصالح الذي ينعكس على مضمون االتفاقية من خالل تضمينه شروطا‬
‫‪220‬‬
‫متباينة خاصة بكل مهنة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للطرف الثاني وهو المشغلون فاتفاقية الشغل الجماعية تعتبر صحيحة سواء‬
‫أبرمت من قبل مشغل واحد أو مجموعة من المشغلين كل واحد يمثل نفسه أو سواء ناب‬
‫‪221‬‬
‫عنهم في إبرامها ممثلي منظمة مهنية أو عدة منظمات مهنية للمشغلين األكر تمثيال‬

‫هذا فيما يخض الشروط الالزمة في أطراف االتفاقية الجماعية أما الشروط المتعلقة‬
‫بمضمون االتفاقية فإنها تتحدد فيما يلي‪ :‬فإن كان ظهير ‪ 17‬أبريل‪ 1957‬قد ترك األطراف‬
‫االتفاقية الجماعية حرية تحديد مضمونها ‪ ،‬فإنه في المادة ‪ 105‬من م ش‪ ،‬تطلب تضمين‬
‫اتفاقية الشغل الجماعية األحكام المتعلقة بعالقات الشغل خصوصا‪:‬‬

‫‪ -‬عناصر األجر المطبق على كل فئة من الفئات المهنية‬


‫‪ -‬العناصر األساسية التي تساعد على تحديد مستويات المؤهالت المهنية وخاصة منها‬
‫البيانات المتعلقة بالشهادات المهنية أو بغيرها من الشهادات‪.‬‬
‫‪ -‬شروط وأنماط تشغيل األجراء وفصلهم‪ ،‬على أن ال تنطوي األحكام المقررة في هذا‬
‫الشأن على ما يمس حرية األجير‪ ،‬في اختيار النقابة التي يرغب في االنتماء إليها‪.‬‬
‫‪ -219‬مصطفى حتيتي ‪ :‬القانون االجتماعي‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.54 :‬‬
‫‪ -220‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء القاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية م س‪ ،‬ض‪.60 :‬‬
‫‪ -221‬مصطفى حتيتي‪ ،‬القانون االجتماعي‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.55 :‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬األحكام المتعلقة بإجراءات مراجعة اتفاقية الشغل الجماعية وتعديلها وإلغائها كال أو‬
‫بعضا‬
‫‪ -‬اإلجراءات المتفق عليها بين الطرفين لتسوية نزاعات الشغل الفردية والجماعية‪ ،‬التي‬
‫قد تحدث بين المشغلين واألجراء المرتبطين باالتفاقية ‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم تكوين مستمر لفائدة األجراء‪.‬‬
‫‪ -‬التعويضات‬
‫‪ -‬التغطية االجتماعية‬
‫‪ -‬الصحة والسالمة المهنية‬
‫‪ -‬ظروف وشروط الشغل‬
‫‪ -‬التسهيالت النقابية‬
‫‪ -‬الشؤون االجتماعية‬
‫‪ -‬والمالحظ أن هذه الالئحة قد تضمنت موضوعان في غاية األهمية إال أنها مع ذلك‬
‫أغلقت بعضها خصوصا الجانب التأديبي ألجراء وحماية الحريات النقابية‪ ،‬وما يقتضيه من‬
‫‪222‬‬
‫تنظيم ممارسة العمل النقابي داخل المؤسسة‬
‫‪ -‬الشروط الشكلية‬
‫يجب التمييز بخصوص الشروط الشكلية بين الكتابة واإلشهار‬
‫فيما يخص الكتابة فإن المشرع اشترط طبقا للمادة ‪ 104‬من م ش‪ ،‬أن تكون اتفاقية‬
‫فإن‬ ‫‪223‬‬
‫الشغل الجماعية مكتوبة والكتابة هنا ليست شرطا إلثبات وإنما هي شرط صحة‬
‫االتفاقية الجماعية إذن هي عقد شكلي ال يكفي النعقادها مجرد تراضي الطرفين بل البد من‬
‫إبرامها بواسطة عقد مكتوب‪ ،‬سواء كان العقد رسميا أو عرفيا ومادامت الكتابة واجبة إلبرام‬
‫االتفاقية الجماعية فهي واجبة أيضا لتعديلها‪.‬‬
‫أما فيما يخص اإلشهار فيتم بطريقتين هما اإليداع والتعليق‪ ،‬إذ يجب على الراغب في‬
‫التعجيل بتنفيذ االتفاقية الجماعية أن يقوم بإبداعها في كتابة ضبط المحكمة االبتدائية التي‬

‫‪ -222‬عبد العزيز العتيقي‪ ،‬محمد الشرقاني‪ ،‬محمد الفري اليوسفي" مدونة الشغل مع تحليل ألهم المستجدات" مطبعة سجلماسة مكناس ‪-2009‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.41 :‬‬
‫‪ -223‬محمد الشرقاني‪ :‬النظام القانوني للمفاوضة الجماعية‪ ،‬دراسة مقارنة م س‪ ،‬ص‪.367 ":‬‬

‫‪88‬‬
‫تدخل ضمن دائرة نفوذها األماكن التي ستطبق فيها‪ ،‬وكذلك لدى السلطة الحكومية المكلفة‬
‫كما يتم إشهار االتفاقية في المؤسسات التي يشملها تطبيق اتفاقية الشغل‬ ‫‪224‬‬
‫بالشغل‪،‬‬
‫الجماعية‪ ،‬عن طريق إلصاق إعالن بشأنها في األماكن التي تباشر فيها الشغل وفي المحالت‬
‫التي يتم فيها التشغيل ‪،‬ويجب اإلشارة في هذا اإلعالن إلى وجود هذه االتفاقية وإلى األطراف‬
‫‪225‬‬
‫الموقعة عليها وتاريخ إيداعها والجهات التي أودعت لديها‪.‬‬
‫هذا عن شروط إبرام االتفاقية فماذا عن أهمية االتفاقية الجماعية للشغل‪.‬‬
‫هذه األهمية التي تتحدد على مستويات ثالث وهي‪ :‬المستوى القانوني واالقتصادي ثم‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫على المستوى القانوني‪:‬‬
‫تقوم االتفاقية الجماعية للشغل على المستوى القانوني بدور جد مهم باعتبارها مصدرا‬
‫أساسيا من م صادر قانون الشغل أو باعتبارها وسيلة ليبيرالية لخلق القاعدة التي تحكم‬
‫في‬ ‫‪226‬‬
‫عالقات الشغل‪ ،‬وأداة تعكس ارتقاء أو استقالل اإلدارة الجماعية لطرفي هذه العالقة‬
‫تنظيمها بعيدا عن القواعد التشريعية التي ال تجاري التطورات التي تعرفها الحياة االقتصادية‬
‫‪227‬‬
‫واالجتماعية‬
‫وفي هذا اإلطار تقوم االتفاقية الجماعية بدور مزدوج في تنظيمها لعالقات الشغل‪ ،‬فمن‬
‫ناحية يمكنها أن تتناول بالتنظيم مواضيع لم تتطرق إليها قواعد قانون الشغل‪ ،‬وبالتالي تكمل‬
‫النقص الذي قد يعتري هذه القواعد بل إنه وحتى مع وجود هذه األخيرة‪ ،‬يمكن التفاقية‬
‫الجماعية أن تتدخل وتنظم مواضيع محكومة بموجب القانون على نحو مخالف له ولما فيه‬
‫مصلحة األجير‪ ،‬تطبيقا لفكرة النظام العام االجتماعي‪ 228،‬الذي يقتضي عدم النزول عن الحد‬
‫األدنى من الحقوق والمزايا المقررة قانونا‪ ،‬ومن ناحية ثانية تقوم االتفاقية الجماعية بتطوير‬

‫‪ -224‬الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 106‬من م ش‪.‬‬


‫‪ -225‬المادة ‪ 130‬من م س‪.‬‬
‫‪226‬‬
‫‪-Jean-Luc KAEHL. Droit Du Travail Et Droit Et Social. Edition Marketing 1994. P 196.‬‬
‫‪ -227‬عبد اللطيف خالفي الوسيط _في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني عالقات الشغل الجماعية م س‪ ،‬ص‪.24 :‬‬
‫‪ -228‬راجع هذا العدد‪:‬‬
‫‪ -‬امحمد ماسي ‪ ،‬مفهوم النظام العام في قانون الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص جامعة محمد الخامس‪ ، ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط السنة الجامعية ‪1986 1985‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬إسماعيل ياسر حسني مفهوم الشرط األفضل لألجير في قانون الشغل رسالة لنيل ماستر القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية ‪2011-2010‬‬

‫‪89‬‬
‫قواعد قانون الشغل من خالل بلورتها لبعض القواعد التي يحمل المشرع على األخذ بها أو‬
‫بعضها والنص على اعتبارها من قبل الحد األدنى يجب أن تستفيد منه كل الطبقة العاملة‪.‬‬
‫‪ -‬على المستوى االقتصادي‪:‬‬

‫يترتب على إبرام االتفاقية الجماعية بلورة العديد من المزايا االقتصادية لطرفي العالقة‬
‫الشغلية وذلك من خالل قيامها بتوحيد شروط الشغل التي تطبق على اإلجراء وعلى المشغلين‬
‫الذين تسري عليهم‪ ،‬مما يؤدي إلى خلق أساس عادل للمنافسة سواء فيما بين األجراء أو فيما‬
‫بين المشغلين‪.‬‬

‫وهكذا فبالنسبة لألجراء تعمل االتفاقية الجماعية من خالل توحيدها لشروط الشغل‬
‫بالنسبة لكافة أجراء المقاولة أو الصناعة المرتبطة بها‪ ،‬من ذوي المسؤولية أو الكفاءة أو‬
‫المؤهالت أو األقدمية المتساوية على إلغاء المنافسة فيما بينهم والتي تؤدي إلى القبول‬
‫‪229‬‬
‫بأجور منخفضة ال تعادل مستوى الجهد المبذول‬

‫أما بالنسبة للمشغلين‪ ،‬فإن االتفاقية الجماعية بتوحيدها لشروط الشغل تؤدي أيضا إلى‬
‫تخفيض حدة المنافسة فيما بينهم من خالل المساواة في تحمل األعباء االجتماعية لمختلف‬
‫المشاريع‪.‬‬

‫‪ -‬على المستوى االجتماعي‬

‫إذا كان من أهم مميزات عالقات الشغل اختالف المركز االقتصادي لكل من المشغل‬
‫واألجير والذي يمكن ا ألول من فرض شروط الشغل على الثاني‪ :‬فإن االتفاقية تسمح بمعالجة‬
‫هذا الوضع الالمتكافئ من خالل إتاحة الفرصة لألجراء للتفاوض ومناقشة شروط الشغل مع‬
‫مشغلهم من موقع الند للند الذي يخلقه اتحاد هؤالء األجراء مع زمالئهم األخرين في إطار‬
‫تجمعات نقابية تتولى مناقشة شروط الشغل نيابة عنهم أو على قدم المساواة مع مشغليهم‪،‬‬
‫ومن جهة ثانية تعمل االتفاقية الجماعية إلى تحقيق السلم االجتماعي داخل المقاولة‪ ،‬من خالل‬

‫‪ -229‬عبد اللطيف الخالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية م س‪ ،‬ص‪.25 :‬‬

‫‪90‬‬
‫روح التعاون محل فكرة المواجهة والصراع بين عنصري اإلنتاج‪ ،‬من خالل تعليق اللجوء‬
‫إلى تجارب القوة من إضراب أو إغالق ‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك تعتبر االتفاقية الجماعية على المستوى االجتماعي‪ ،‬عامال من‬
‫عوامل اس تقرار األجير في عمله‪ ،‬توحي له بالثقة واالطمئنان في مركزه القانوني ألنه يعلم‬
‫أن االتفاق الذي يحكم هذا المركز كان نتيجة التفاوض بين منظمته النقابية ومشغله أو هيئة‬
‫التمثيلية‪. 230‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار اتفاقية الشغل الجماعية‬


‫يتحمل أطراف اتفاقية الشغل الجماعية عدة التزامات‪ ،‬منها تنفيذها بطريقة تتفق ومبدأ‬
‫حسن النية أو مراعاة واجب السلم االجتماعي‪ ،‬هذا إضافة إلى أثر ذا صبغة تنظيمية يتجلى‬
‫في التطبيق التلقائي التفاقية الشغل الجماعية على أشخاص لم يبرموها أو ينضموا إليها‪.‬‬

‫تنفيذ االتفاقية الجماعية وفق مبدأ حسن النية‬

‫تضع التشريعات المقارنة‪ ،‬على عاتق أطراف االتفاقية الجماعية من منظمات نقابية‬
‫لألجراء ومنظمات مهنية للمشغلين أو اتحاداتها وكذلك على عاتق أعضاء هذه المنظمات‬
‫التزام بتنفيذها وفق مبدأ حسن النية‪ ،‬ومؤدى ذلك ليس فقط التقييد بأحكام االتفاقية الجماعية‬
‫ما بقيت سارية المفعول‪ ،‬وإنما أيضا تفادي كل ما من شأنه اإلخالل بتنفيذ أحكامها‬
‫وشروطها بكل أمانة وحسن نية‪ ،‬وذلك من خالل االمتناع عن إتيان أي عمل يشكل عرقلة‬
‫في بلورة مقتضياتها على أرض الواقع‪ ،‬وذلك مثل تحريض النقابات العمالية ألعضائها على‬
‫اإلضراب أو دعوتهم إلهمال التنفيذ بمضمونها‪ ،‬أو مثل دعوة المنظمات الممثلة للمشغلين‬
‫إلى عدم مراعاة أحكامها واالكتفاء بمجرد الحد األدنى المنصوص عليها قانونا ‪.231‬‬

‫وهذا ما نصت عليه الفقرة األولى من المادة ‪ 122‬من م‪.‬ش‪" ،‬يجب على المنظمات‬
‫النقابية لألجراء‪ ،‬أو المنظمات المهنية للمشغلين‪ ،‬أو اتحاذها‪ ،‬إذا ارتبطت باتفاقية شغل‬

‫‪ -230‬المناظرة الوطنية لمقامة تحت عنوان" مدونة الشغل بعد عشر سنوات من صدورها بين متطلبات التنمية االقتصادية وضمان العمل الالئق‪:‬‬
‫تقرير الورشة الرابعة م س‪ .‬ص‪.38 ، 37 :‬‬
‫‪ -231‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.9‬‬

‫‪91‬‬
‫جماعية أن تتقيد بأحكام هذه االتفاقية ما بقيت سارية المفعول وأن تتفادى كل ما قد يخل‬
‫بتنفيذها بأمانة‪.‬‬

‫وإذا كان هذا النص يتبين أن جميع أطراف اتفاقية الشغل الجماعية يقع عليهم التزام‬
‫بتنفيذها وفق مبدأ حسن النية مادامت سارية المفعول‪ ،‬فإن مبدأ حسن النية ال يمكن حصره‬
‫في عدم إتيان أي فعل يخل بتنفيذ االتفاقية الجماعية بأمانة وإخالص وإنما يجب أن يكون‬
‫مضمونة القيام بعمل إيجابي يكون من شأنه تسهيل تنفيذ بنود االتفاقية الجماعية على أعضاء‬
‫المنظمات المهنية لألجراء والمشغلين كإعالمهم بمضمونها وحثهم على التقيد بأحكامها‬
‫وهو على نحو ال يبدو أن يكون إلتزما ببذل عناية وإنما التزاما بتحقيق نتيجة‪ ،‬وهو األمر‬
‫الذي نصت عليه المادة ‪ 123‬من مدونة الشغل‪.232‬‬

‫‪ -‬واجب السلم االجتماعي‬

‫تعتبر اإلتفاقية الجماعية وسيلة لخلق وإلستمرار السلم االجتماعي‪ ،‬داخل المؤسسة أو‬
‫المقاولة أو القطاع االقتصادي المعني بأحكامها وبشروطها ‪ ،‬وذلك من خالل مساهمتها‬
‫في استقرار عالقات الشغل وفق قواعد وأحكام نابعة من طرفي العالقة الشغلية‪ ،‬ومن‬
‫الظروف االقتصادية واالجتماعية التي ستنفذ فيها مبدئيا هذه العالقة الشغلية طوال مدة‬
‫اإلتفاقية الجماعية‪ ،‬فهذه األخيرة‪ ،‬كما سبق تضع قواعد عامة على ضوئها يتم تحديد عالقات‬
‫الشغل الفردية بكافة شروطها وأحكامها خالل فترة سريانها‪ ،‬بحيث إنه خالل هذه الفترة‬
‫يكون كل طرف على علم بما هو له وعليه‪ ،233‬فيطمئن األجير على حقوقه ومزاياه المخولة‬
‫بموجب اإلتفاقية‪ ،‬فينصرف بالتالي إلى العمل الجدي ويكون كذلك المشغل على بينة من‬
‫تكاليف اإلنتاج‪ ،‬من خالل ما تفرضه عليه اإلتفاقية الجماعية من أعباء وبالتالي تكون هذه‬
‫اإلتفاقية قد ساهمت في تكريس التوازن في العالقة الشغلية ببعديه االقتصادي واالجتماعي‪،‬‬
‫الضروريان ألية مؤسسة أو مقاولة أو قطاع اقتصادي من أجل نهوضه وتقدمه وتحقيق‬
‫أهدافه‪.‬‬

‫‪ -232‬راجع المادة ‪ 123‬من مدونة الشغل‬


‫‪ -233‬عبد ال لطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -‬تعميم اإلتفاقية الجماعية‬
‫لقد ميز المشرع بين نوعين من التعميم‪ ،‬إذ هناك التعميم اإلجباري والتعميم‬
‫االختياري‪.234‬‬
‫فيما يخص التعميم اإلجباري فيكون في الحالة التي تبرم فيها اتفاقية الشغل الجماعية‬
‫وفق الشروط القانونية‪ ،‬وتهم ما ال يقل عن ثلثي األجراء التابعين للمهنة‪ ،‬فإنه في هذه الحالة‬
‫تصب ح السلطة الحكومية المكلفة بالشغل ملزمة بإصدار قرار إداري يقضي بتمديد مقتضياتها‬
‫على مجموع المقاوالت والمؤسسات التي ينتقل فيها أجراء يمارسون المهنة ذاتها سواء‬
‫في نطاق منطقة معينة أو في جميع تراب المملكة‪.‬‬
‫أما فيما يخص التعميم اإلختياري فيكون في الحالة التي تكون في اتفاقية الشغل‬
‫الجماعية مبرمة على وجه قانوني صحيح والتي تضم ما ال يقل عن خمسين في المائة من‬
‫األجراء إلى مجموع المقاوالت والمؤسسات التي يشتغل فيها أجراء يمارسون المهنة ذاتها‬
‫سواء في نطاق منطقة معينة أو في جميع تراب المملكة‪.‬‬
‫إن قرار السلطة الحكومية المكلفة بالشغل بتعميم اإلتفاقية الجماعية ال يغير من حيث‬
‫المبدأ من حيث مضمونها‪ ،‬حيث أن جميع الحقوق وااللتزامات الناشئة عن االتفاقية‬
‫الجماعية لفائدة وعلى عاتق األطراف األصلية الموقعة عليها تصبح مطبقة على األطراف‬
‫الجدد الذين شملهم قرار التمديد‪.‬‬
‫هكذا فإن االتفاقية الجماعية تسري على أطرافها االصليين وأيضا المنظمين إليه من‬
‫مشغلين ومن منظمات نقابية ومهنية‪ ،‬وعلى األعضاء المنخرطين في هذه المنظمات حتى‬
‫ولو كانوا من المعارضين لها وقت إبرامها بل وعلى األجراء غير المنقبين‪ ،‬إذا كانوا‬
‫يعملون في ذات المؤسسة التي أبرمت إتفاقية الشغل الجماعية‪.‬‬
‫يظهر من كل ما سبق أن المشرع المغربي وفي إطار تنظميه لعالقات الشغل الجماعية‬
‫أقر قواعد هادفة باألساس إلى حماية الطرف الضعيف في العالقة الشغلية‪ ،‬من خالل إقراره‬
‫آللية الحوار االجتماعي فإن كان األجير الذي يتعاقد مع المشغل بشكل فردي في مركز‬
‫ضعف والمشغل في مركز قوة ال يجعل الطرف الضعيف يناقش ويساوم في بنود العقد بل إنه‬

‫‪ -234‬مصطفى حتيتي‪ ،‬القانون االجتماعي‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.65‬‬

‫‪93‬‬
‫يكون خاضعا إلرادة وتوجه الطرف القوي الذي قد يضمن عقود الشغل بعض البنود التي من‬
‫شأنها المساس بأهم الحقوق األساسية لألجير‪ ،‬أمام هذا الوضع كانت الضرورة ملحة من‬
‫أجل تكتل األجراء في إطار نقابات وطنية واتحادات ألجل الدفاع عن مصالحها والنهوض‬
‫باألوضاع المزرية التي كانت تعشيها والزالت تعشيها‪...‬وهو األمر الذي تحقق بالفعل من‬
‫خالل خلق وإنشاء منظمات نقابية لألجراء قوية أصبحت تناقش وتحاور المشغلين حول‬
‫ظروف التشغيل واألوضاع االجتماعية لألجير وبصفة عامة كل ما يتعلق بالعالقة الشغلية‬
‫التي تربط األجير بالمشغل وذلك عبر آلية المفاوضة الجماعية التي نظمها المشرع‬
‫بمقتضيات آمرة تجنب كل تالعب أو مساسا بها‪.‬‬
‫بل إن األمر لم يقف عند هذا الحد حيث تجاوزه إلى إبرام إتفاقيات الشغل الجماعية‬
‫والتي من شأنها أن تأتي بمكاسب ومطالب غير تلك المنصوص عليها قانونا أو إتفاقا من‬
‫خالل عقود الشغل الفردية‪ .‬وبهذا يالحظ على أن المشرع المغربي يسير في إطار توجه‬
‫حكماتي‪ ،‬يحاول من خالله بين الفينة األخرى وكلما أتحيت له الفرصة وضع مقتضيات‬
‫تضمن وتصون حقوق األجراء كمبتغى أساسي للقانون اإلجتماعي ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬فعالية الوسائل السلمية في حل نزاعات الشغل الجماعية‬


‫إن تباين مصالح طرفي عالقة الشغل‪ ،‬غالبا ما يترتب عنه نشوب خالفات بل نزاعات‬
‫جماعية تبلور الحدة التي قد يصل إليها هذا التباين في المصالح‪ ،‬حيث إننا في هذه الحال‬
‫نكون أمام طريقين لحسم هذه الخالفات أو النزاعات‪ ،‬فإما أن يلجأ الطرفان إلى وسائل‬
‫العنف‪ ،‬اإلضراب أو اإلغالق‪ -‬وإما أن يلجأ لوسائل أخرى ال عالقة لها بالعنف الذي يميز‬
‫كل من اإلضراب واإلغالق‪.‬‬
‫إذ بمجيئ مدونة الشغل‪ ،‬خصصت الكتاب السادس منها لتسوية نزاعات الشغل‬
‫الجماعية والذي تضمن جميع المراحل التي تمر منها النزاعات الجماعية‪ ،235‬من خالل‬
‫إيجاد أساليب ووسائل خاصة لتفادي ولحل هذه النزاعات‪.‬‬

‫‪ -235‬عبد الرحيم الرماح‪ ،‬آليات تدير نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬مداخلة بالندوة التي نظمتها وزارة العدل في موضوع "مدونة الشغل" بعد‬
‫سنتين من التطبيق‪ ،‬سلسلة الندوات واللقاءات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬السنة ‪ ،2007‬ص ‪129‬‬

‫‪94‬‬
‫لهذا وقبل بح ثنا لوسائل الحل السلمي لنزاعات الشغل الجماعية (الفقرة الثانية) كما‬
‫يعرفها التشريع المغربي‪ ،‬فإننا سنتطرق في (الفقرة األولى) لهيئات التسوية السلمية لنزاعات‬
‫الشغل الجماعية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬هيئات التسوية السلمية لنزاعات الشغل الجماعية‬


‫إن جل التشريعات المقارنة تتدخل بمقتضى هيئات خاصة‪ ،‬تضع من القواعد ما‬
‫ترى أن من شأنه حل النزاعات الشغلية الجماعية‪ ،‬وذلك انطالقا من التوجه االقتصادي بل‬
‫والسياسي السائد في الدولة أو بدرجة تقدمها التقني وتطورها الصناعي وهذا ما يجعل‬
‫الهيئات المتدخلة في حل نزاعات الشغل الجماعية تختلف بين هيئات رسمية أخرى اتفاقية يتم‬
‫إيجادها وتنظيمها بمعرفة طرفي أو أطراف النزاع (أوال) هذه الهيئات واألجهزة منح لها‬
‫المشرع عدة صالحيات وسلطات من أجل تسوية النزاعات في مقابل مجموعة من‬
‫االلتزامات (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تقسيم هيئات التسوية السلمية لنزاعات الشغل الجماعية‬
‫إذا كانت التشريعات المقارنة قد إهتمت بنزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬فإن هذا اإلهتمام لم‬
‫يقف عند الوسائل الخاصة بحل هذا النوع من النزاعات‪ ،‬وإنما تعدى ذلك إلى االهتمام‬
‫بالهيئات المنوط بها إعمال وتطبيق هذه الوسائل‪ ،‬هكذا سنتطرق إلى هذه الهيئات سواء من‬
‫حيث طبيعتها أو من حيث دوامها وتأقيتها أومن حيث اختياراتها أو إلزاميتها‪.236‬‬
‫تقسيم الهيئات من حيث طبيعتها‬
‫تنقسم هذه الهيئات إلى هيئات رسمية وأخرى اتفاقية‪ ،‬فهيئات التسوية اإلتفاقية لحل‬
‫نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬هي الهيئات التي تكون من خلق أطراف النزاع الجماعي أنفسهم‪،‬‬
‫ب حيث إن هؤالء األطراف هم الذين يتولون تحديد جميع القواعد التي يحل النزاع الجماعي‬
‫على ضوئها‪ ،‬سواء تلك الخاص بالهيئة ذاتها خاصة من حيث الشكل والتكوين‪ ،‬أو تلك‬
‫الخاصة باإلجراءات التي تحكم سير النزاع أمامها‪ .‬منذ أن يعرض عليها إلى حين اإلنتهاء‬
‫منه وإصدار قرارها فيه‪.‬‬

‫‪ -236‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات المشغل الجماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫‪95‬‬
‫كما أن إيجاد الحلول المناسبة لنزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬تشكل إحدى أهم اهتمامات‬
‫الدولة الحديثة‪ ،‬حيث تضع هذه األخيرة رهن إشارة األطراف المعنية بهذه النزاعات‬
‫مجموعة من الوسائل واألساليب لتفاديها أو حلها تتدرج بين المفاوضات الجماعية التي تؤدي‬
‫إلى إبرام االتفاقيات الجماعية أو بين إجراءات المصالحة والوساطة والتحكيم‪ 237‬وهي التي‬
‫تدخل في إطار الهيئات التنظيمية‪.‬‬
‫تقسيم الهيئات من حيث دوامها أو تأقيتها‬
‫الهيئات المؤقتة هي تلك التي يتوقف إنشاؤها على نشوب النزاع الجماعي أو على‬
‫وجود خطر قيامه‪ ،‬بحيث ينتهي عملها ويقع حلها بانتهائها من النظر فيه فالمشرع الذي‬
‫يختار هذا األسلوب يقتصر على تحديد القواعد واإلجراءات التي تتبع في تشكيل الهيئة التي‬
‫يناط بها نظر النزاع الجماعي‪ ،‬بحيث ال يتم هذا التشكيل فعال إال عقب قيام النزاع‪ ،‬أو بعد‬
‫حدوث ما من شأنه أن يثيره‪ ،‬حيث يراد في هذه الحالة تجنبه‪.‬‬
‫أما الهيئات الدائمة فهي التي تكون على استعداد لنظر جميع النزاعات الجماعية التي‬
‫تقوم في دائرة اختصاصها‪ ،‬وذلك بصرف النظر عن طبيعة النزاع أو خصوصياته وذلك كما‬
‫هو الحال بالنسبة للجنة اإلقليمية أو الوطنية للبحث والمصالحة في التشريع المغربي‪.‬‬
‫‪ -‬الصفة اإلختيارية أو اإللزامية إلجراء التسوية السلمية‬
‫تتجلى الصفة االختيارية إلجراءات الحل السلمي لنزاعات الشغل الجماعية في كون‬
‫طرفي أو أطراف النزاع تكون لهم الحرية الكاملة في اللجوء أو عدم اللجوء إلى هذه‬
‫اإلجراءات للحل النزاع الذي يجمعهم‪ ،‬سواء كانت الوسائل المتاحة في هذا الصدد لنظر‬
‫النزاع من خلق األطراف المعنية بالنزاع ذاتها‪ ،‬كما تتجلى هذه االختيارية أيضا في الحرية‬
‫التي يتمتع بها طرفا النزاع الجماعي في اللجوء إلى تجارب القوة‪ -‬اإلضراب أو اإلغالق‪-‬‬
‫دون أية مراعاة إلجراءات التسوية السلمية ودون أن يمس هذا اللجوء إلى تجارب القوة من‬
‫شرعيتها‪.‬‬
‫أما الطابع اإللزامي إلجراءات التسوية السلمية لنزاعات الشغل الجماعية فيكتسي‬
‫أشكاال عديدة ومختلفة‪ ،‬فالطابع اإللزامي لهذه اإلجراءات‪ ،‬وإن كان في غالب األحيان يفيد‬
‫‪ -237‬علي الصقلي‪ ،‬نزاعات الشغل الجماعية وط رق تسويتها السلمية في القانون المغربي والمقارن‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الدولة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬فاس‪ ،89-88 ،‬ص ‪.223‬‬

‫‪96‬‬
‫أن على طرفي النزاع الجماعي في أن يحاوال بمساعدة هيئة التسوية السليمة المختصة إيجاد‬
‫حل للنزاع الذي يجمعهما‪ ،‬من غير أي إلزام بالتوصل إلى هذا الحل ما لضرورة أو تنفيذه‬
‫في حالة التوصل إليه‪ ،‬فإنه على أحيان أخرى يفيد ضرورة تحريك إجراءات التسوية‬
‫السليمة‪ ،‬وأيضا ضرورة وإلزامية الوصول إلى حل وتنفيذه‪ ،‬وذلك تحت طائلة الجزاء‪ ،‬كل‬
‫هذا طبعا على إختالف فيما بين التشريعات‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬صالحيات هيئات التسوية لنزاعات الشغل الجماعية‬


‫تتوسع صالحيات وسلطات هيئات التسوية تبعا للمرحلة التي وصلها النزاع ولطبيعة‬
‫تكوينها‪ ،‬فقد تكتفي بمجرد التقريب بين وجهات نظر األطراف وبذل مجهودات للوصول‬
‫إلى ذلك وقد تشمل التقصي والبحث والتحري في أوضاع أطراف النزاع واالستعانة‬
‫بالخبراء وقد تصل إلى االعتماد على قواعد العدل واإلنصاف‪.‬‬
‫‪ -‬بذل جهود للتقريب بين وجهات نظر األطراف‬
‫يشترك في مهمة التقريب بين وجهات األطراف (مفتشية الشغل) اللجنة اإلقليمية‪/‬‬
‫الوطنية للبحث والمصالحة مستفيدة من حضور األطراف أمامها‪ ،238‬وتقديم مذكرات كتابية‬
‫تتضمن ما يت وفرون عليه من معلومات حول النزاع وإطالع الطرف اآلخر على تلك‬
‫المذكرات‪.‬‬
‫هذه المهمة تفرض توفير أجواء حميمية بين الطرفين من جهة وكفاءة وقدرة هيئة‬
‫التسوية على التجاوب مع الظروف النفسية واإلجتماعية واالقتصادية للطرفين‪.‬‬
‫التقصي والبحث والتحري واالستعانة بالخبراء‬
‫تعترف مدونة الشغل‪ ،‬شأنها في ذلك شأن جل القوانين المقارنة‪ ،‬بصالحيات واسعة‬
‫لهيئات التسوية من أجل تكوين إقتناع واف عن النزاع المعروض عليها والوصول إلى حل‬
‫نهائي يضمن السلم الجماعي المنشود‪.239‬‬
‫وفي سبيل الوصول إلى ذلك‪ ،‬تقوم بالبحث والتحقيق في ظروف ومالبسات النزاع‬
‫والتحقق من األسباب التي أدت إلى هذا الخالف‪ ،‬وذلك باالطالع على الوضعية اإلقتصادية‬

‫‪ -238‬موالي البشير الشرفي‪ ،‬النظام القانوني لنزاعات الشغل الجماعية وفق مدونة الشغل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2009-2008‬ص ‪.232‬‬
‫‪ -239‬موالي البشير الشرفي‪ ،‬النظام القانوني لنزاعات الشغل الجماعية وفق مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.234‬‬

‫‪97‬‬
‫والمالية للمؤسسة والظروف االجتماعية لألجراء واستعمال جميع الطرق التي تسمح لها‬
‫باستجالء الغموض واللبس الذي يحيط بموضوع النزاع ولها الحق في القيام بمقارنة وضعية‬
‫المؤسسة أو المقاولة محل النزاع مع نظيرتها المتواجدة بنفس المنطقة أو نفس التخصص‬
‫المهني‪ ،‬وكذلك استطالع وضعية األجراء غير المعنيين بالنزاع والمنتمين إلى مؤسسات‬
‫تعمل في نفس التخصص‪.‬‬
‫هذه الصالحيات الواسعة تشترك فيها جميع آليات التسوية سواء المصالحة أو الوساطة‬
‫أو التحكيم‪ ،‬رغم أن اآللية األولى تكتفي فقط بالتقريب بين وجهات نظر األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعتماد على قواعد العدل واإلنصاف‬
‫إنطالقا من تكوين هيئات المصالحة ومن الصالحيات الواسعة التي منحت لها‪،‬‬
‫تستشف الهاجس الذي يؤرق الشارع المغربي والمتمثل في الحفاظ على السلم االجتماعي‬
‫وتطويق جميع الخالفات التي من شأنها تهديده‪ ،‬لذلك فإن غالبية النزاعات التي تعرض‬
‫على هذه المسطرة تكون لها طبيعة إقتصادية‪ ،‬مما يجعل من استعمال هذه الصالحيات أمرا‬
‫مبرر ا للوصول إلى الحل العادل المبتغى رغم عدم تحديد مفهوم قواعد اإلنصاف المطبقة‬
‫على هذا النوع من النزاعات‪.‬‬
‫إذا كانت النزاعات الجماعية التي تعرض على هيئات التسوية‪ ،‬ال تخرج عن أن‬
‫تكون ذات طبيعة قانونية أو إقتصادية‪ ،‬فالنزاعات الجماعية القانونية المتعلقة بتفسير‬
‫القواعد القانونية أو اإلتفاقية السارية المفعول‪ ،‬أو اإلقرار بصحتها أو تنفيذها أو إلغائها يكون‬
‫لزاما على المكلف بالنظر فيها‪ -‬سواء أثناء مرحلة المصالحة أو التحكيم‪ -‬التقيد بالقواعد‬
‫العامة المتعلقة بتفسير كل نوع من أنواع القواعد القانونية‪ ،‬والتحقق من طريقة تنفيذها أو‬
‫إلغائها وعدم تطبيقها ‪ ،‬وهل يمكن تجاوزها وقت عرض النزاع وذلك على ضوء الظروف‬
‫االقتصادية واإلجتماعية لطرفي النزاع‪ ،‬وما إذا كانت هذه الظروف تسمح بإستبعاد تطبيق‬
‫مثل هذه القواعد‪.‬‬
‫بينما يتعلق النزاع الجماعي اإلقتصادي بإنشاء قواعد عامة ومجردة‪ ،‬وهو ما يفرض‬
‫على المكلف بالتسوية أن يقوم بتنظيم عالقات الشغل في حدود موضوع النزاع تنظيما منصفا‬
‫وعادال‪ ،‬وكل ذلك بإحترام تام للقواعد القانونية المنظمة لمهمته‪ ،‬سواء كانت هذه القواعد‬

‫‪98‬‬
‫تشريعية أو تعاقدية أو عرفية‪ ،‬بهدف تحقيق السلم االجتماعي والمساهمة في خلق قانون‬
‫إجتماعي من خالل الحلول المبتكرة التي ينشد فيها العدالة واإلنصاف ‪.‬‬
‫هذه العدالة وهذا اإلنصاف ال يعني البحث عن صحة إدعاءات أحد الخصمين ومدى‬
‫مطابقته للنصوص التشريعية‪ ،‬بقدر ما يعني البحث عن حل يوفق بين مصالح الطرفين بالقدر‬
‫الممكن بدون تحيز أو مجاملة ألحد الطرفين‪.‬‬
‫إن هذه الصالحيات الواسعة التي تتمتع بها هيئات التسوية مقيدة بمجموعة من‬
‫الضوابط التي تحول دون أن تستعمل في غير ما أريد لها‪ ،‬فرغم اختالف التشريعات في‬
‫محتوى هذه الضوابط‪ ،‬لكنها تشترك جميعها‪ ،‬في أن المكلف بالتسوية ملزم بالنظر في حدود‬
‫النزاع المعروض عليه وأن يلزم بالمحافظة على السر المهني لما في ذلك من مصلحة في‬
‫سيادة جو الثقة المتبادلة بين مختلف المتدخلين في عملية التسوية الودية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الوسائل السلمية لحل نزاعات الشغل الجماعية‬


‫لقد جاء القانون رقم ‪ 65.99‬المتعلق بمدونة الشغل بالكتاب السادس تحت عنوان "‬
‫تسوية النزاعات الجماعية‪ ،‬مستهدفا وضع آليات قانونية لتسوية الخالفات الجماعية بالتركيز‬
‫على المصالحة والتحكيم كآليتين سلميتين لحل الخالفات يتم اللجوء إليهما إذا لم تكن هناك‬
‫آليات إتفاقية على ما ذهبت إليه المادة ‪":582‬ال تحول أحكام هذا الكتاب دون تطبيق‬
‫إجراءات التصالح أو التحكيم المحددة بموجب اتفاقية شغل جماعية أو نظام أساسي خاص‪.‬‬
‫ورغم أن المشرع لم يعرف هاتين الوسيلتين السليمتين‪ ،‬إال أنه أضفى عليهما مجموعة‬
‫من الخصائص تساعد في إكتشاف طبيعتهما‪ ،‬هكذا سنحاول تسليط الضوء على المصالحة‬
‫كأولى آليات التسوية السلمية لنزاعات الشغل الجماعية (أوال) بعدها‪ ،‬نقف عند آلية التحكيم‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المصالحة في نزاعات الشغل الجماعية‬


‫تشكل المصالحة كوسيلة من وسائل تسوية نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬المرحلة األولى‬
‫من مراحل التسوية السلمية لهذا النوع من النزاعات‪ ،‬فال يلجأ إلى غيرها من الوسائل إال بعد‬
‫استنفاذ إجراءاتها وفشل هذه األخيرة الكلي أو الجزئي في حل النزاع‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫ويقتضي بحث المصالحة في نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬تناول مفهومها وهدفها (أ) ثم‬
‫بعد ذلك نستعرض مستويات المصالحة (ب)‪.‬‬
‫مفهوم المصالحة وهدفها‬ ‫أ‪-‬‬
‫تعرف المصالحة على أنها‪" :‬عملية يقوم بها طرف ثالث بالتقريب بين طرفين‬
‫متنازعين لحل مشاكلهما‪ ،‬وال يشارك الموفق في العمليات أو في مناقشات التسوية‪ ،‬ويتلخص‬
‫دور الموفق األساسي في جمع الطرفين سوية‪ ،‬وتخفيف حدة الكالم والتوتر‪ ،‬وفتح قنوات‬
‫االتصال وتسهيل استمرار التفاوض‪ ،‬فهو أسلوب أو إجراء يرمي إلى التقريب بين وجهات‬
‫النظر المتعارضة لكل من العمال وأصحاب العمل بقصد الوصول إلى حل وسط يقبله‬
‫الطرفان وذلك عن طريق طرف ثالث يتميز بالحياد واستقالل‪.‬‬
‫فالمصالحة إذن وسيلة لمساعدة أطراف النزاع الجماعي لحل خالفاتهما من خالل‬
‫يتميز بمجموعة من الصفات التي تسمح له بالدراية الكاملة بالعوامل النفسية‬ ‫‪240‬‬
‫طرف ثالث‬
‫والموضوعية واإلجتماعية ألطراف النزاع‪ ،‬ممن يسهل عليه عملية تذليل الصعاب والعقبات‬
‫أمام الطرفين للوصول إلى إتفاق يعتبر بمثابة إتفاق عمل جماعي ويأخذ حكمه‪ ،‬وبالتالي‬
‫إختصار الطريق وكسب الوقت والمحافظة على العالقة الودية بين العمال والمشغلين‪ ،‬فهي‬
‫أداة لتفادي النزاعات أكثر منها أداة لحلها بحكم أن اللجوء إليها يكون مع ظهور اإلرهاصات‬
‫األولى لقيام النزاع سواء تم إستعمال األشياء األكثر عنفا أم لم يتم‪ ،‬فإن الهيئة المنوط بها‬
‫التصالح تقوم بإجراءات للتقريب بين طرفي وتوضيح ظروف وأسباب كل طرف في‬
‫محاولته للخروج بإتفاق تصالحي‪ ،‬قد يأخذ طابع القوة التنفيذية إذا رضي به المتنازعون‬
‫وقبلوا بمضمونه‪.‬‬
‫وهكذا يتحدد هدف المصالحة في محاولة التقريب بين وجهات اطراف النزاع‬
‫الجماعي‪ ،‬والعمل على سيادة السلم اإلجتماعي بالحيلولة دون اللجوء على وسائل العنف في‬
‫عالقات الشغل‪ ،‬كل هذا مع الح ث على الدخول في مفاوضات جماعية‪ ،‬على اعتبار أن هذه‬
‫األخيرة هي خير وسيلة لتفادي ولحل نزاعات الشغل الجماعية‪.241‬‬

‫‪ -240‬موالي البشير الشرفي‪ ،‬النظام القانوني لنزاعات الشغل الجماعية وفق مدونة الشغل المغربية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.199-198‬‬
‫‪ -241‬عبد الطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.208‬‬

‫‪100‬‬
‫مستويات المصالحة‬ ‫ب‪-‬‬
‫لقد عملت التشريعات خاصة بالنسبة للمصالحة " أن تمر بدرجتين أو اكثر وذلك‬
‫إلعطاء طرفي النزاع الجماعي مزيدا من الفرص للتقريب بين وجهة نظر كل منهما‬
‫والوصول إلى حل يكون من خلقهما وتعبيرا عن إرادتهما‪ ،‬حيث إن من شأن هذا اإلتفاق‬
‫المتوصل إليه من خالل األطراف ذاتها‪ ،‬أن يضمن االستقرار أكثر من العالقة بينهم‪ ،‬وأن‬
‫يجعل السالم والتعاون يهيمن على هذه العالقة‪ ،‬لهذا حرصت التشريعات المقارنة على أال‬
‫تمر مرحلة المصالحة من درجة واحدة ‪ ،‬وإنما أكثر من درجة وذلك حتى تتكاثر فرص‬
‫التوصل إلى تسوية النزاع من خالل التقريب بين وجهتي نظر الطرفين‪ ،‬بدل فرض تسوية‬
‫من قبيل طرف أجنبي عنهما‪.242‬‬
‫‪ -‬المصالحة على مستوى مفتشية الشغل‬
‫إن أو ل محاولة للتصالح بين أطراف النزاع الجماعي تتم أمام مفتش الشغل بإعتباره‬
‫الفاعل األساسي في مسطرة التصالح‪ ،243‬لهذا فإن تدخله في الوقت المناسب وعبر الوسائل‬
‫القانونية المتاحة يكون له بالغ األثر في مدى نجاح مسطرة التصالح‪.244‬‬
‫إن إسناد مهمة التصالح لمفتش الشغل ينبع من كون هذا الجهاز يعد األقرب إلى كل من‬
‫العمال وأرباب العمل وهو األكثر إطالعا على ظروف العمل‪ ،‬وأسباب النزاع ووضعية‬
‫المقاولة‪ ،‬كما أن مفتش الشغل مؤهل أكثر إليجاد حل مناسب للنزاع القائم لكن السؤال‬
‫المطروح هنا متى يتدخل مفتش الشغل في النزاع؟‬
‫نصت المادة ‪ 552‬من مدونة الشغل في فقرتها الثانية على ما يلي‪ " :‬إذا كان الخالف‬
‫الجماعي‪ ،‬يهم مقاولة واحدة فإن محاولة التصالح تجرى أمام العون المكلف بتفتيش الشغل"‪.‬‬
‫يالحظ أن المعيار في تدخل مفتش الشغل هو عدد المقاوالت التي يقع فيها النزاع‬
‫بمعنى أن خالفات الشغل التي من شأنها أن تؤدي إلى نزاعات جماعية تتم أمام أعوان‬
‫التفتيش إذا كانت هذه الخالفات على مستوى مقاولة واحدة‪ ،‬كما يكون االختصاص لمفتش‬

‫‪-242‬مصطفى حثيتي‪ ،‬القانون اإلجتماعي ‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ -243‬بشرى العلوي‪ ،‬الطرق البديلة لحل نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 108‬ماي ‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -244‬يوسف حنان‪ ،‬المصالحة لفض نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬ماي‪ ،2013 ،‬ص ‪.161‬‬

‫‪101‬‬
‫الشغل إذا تعلق األمر بنزاعين مختلفين في شركتين مختلفتين‪ ،‬ونشير إلى أن نفس األمر‬
‫ينطبق على التشريع الفرنسي‪.245‬‬
‫هكذا وإنطالقا من مدونة الشغل تكون جميع خالفات الشغل التي من شأنها أن تؤدي‬
‫إلى نزاعات جماعية‪ ،‬موضوع محاولة للتصالح تتم أمام أعوان التفتيش إذا كانت هذه‬
‫الخالفات على مستوى مقاولة واحدة‪ ،‬مطبقة مهمة المصالحة إلى مهمته الخاصة بالرقابة‪.‬‬
‫المصالحة على مستوى مندوبية الشغل‪:‬‬
‫إذا كان ا لمشرع المغربي قد منح من خالل الفقرة الثانية من المادة ‪ 552‬من مدونة‬
‫الشغل العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬االختصاص بالتدخل إلجراء محاولة الصلح في خالفات‬
‫أو نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬إذا كانت هذه األخيرة ال تهم سوى مقاولة واحدة‪ ،‬فإنه ينص‬
‫من خالل الفقرة األولى من نفس المادة على أنه إذا تجاوز الخالف أو النزاع الجماعي‬
‫مستوى المقاولة الواحدة بحيث صار يهم أكثر من مقاولة‪ ،‬فإن محاولة التصالح عندئذ تجرى‬
‫أمام المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم‪.‬‬
‫وهكذا فاختصاص المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم يتحدد بالنظر صلحا‬
‫في جميع الخالفات أو النزاعات الشغلية الجماعية سواء أكانت من طبيعة قانونية أو كانت‬
‫من طبيعة اقتصادية‪ ،‬إذا جمعت أكثر من مقاولة واحدة ونشبت في دائرة المندوبية المسؤول‬
‫عنها‪ ،‬حيث أن تحمله المسؤولية في هذه المندوبية يسمح له باالطالع على ظروف وأحوال‬
‫طبق ة األجراء‪ ،‬وكذلك المقاوالت‪ ،‬كما تسمح له باإلحاطة باألعراف وبالتقاليد السائدة في‬
‫األوساط التجارية والصناعية في دائرة إختصاصه مما يساعده ويسهل مهمته في إجراء‬
‫محاولة التصالح بين أطراف خالفات أو نزاعات الشغل الجماعية والمساهمة في التقريب‬
‫بين وجهات نظر األطراف المعنية بها والمساهمة في إيجاد والحلول المالئمة لها‪.246‬‬
‫المصالحة على مستوى اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة‬
‫تنص المادة ‪ 557‬من مدونة الشغل على أنه "تحدث لدى كل عمالة أو إقليم لجنة‬
‫تسمى اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة يترأسها عامل العمالة أو اإلقليم وتتكون بالتساوي‬

‫‪ -245‬محمد المكي‪ ،‬الصلح في نز اعات الشغل بين التشريع والقضاء‪ ،‬رسالة لنيل بلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2009-2008‬ص ‪.94‬‬
‫‪ -246‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪102‬‬
‫من ممثلين عن اإلدارة والمنظمات للمهنية للمشغلين والمنظمات النقابية لألجراء األكثر‬
‫تمثيال‪.‬‬
‫يتولى كتابة اللجنة المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل‬
‫من خالل استقراء المادة المذكورة يمكن أن نستنتج أن اللجنة اإلقليمية تتكون زيادة‬
‫على المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل من ثالث طوائف مقسمة بالتساوي‪:247‬‬
‫الطائفة األولى‪ :‬ممثلين عن اإلدارة‬
‫الطائفة الثانية‪ :‬ممثلين عن المنظمات المهنية للمشغلين‬
‫الطائفة الثالثة‪ :‬ممثلين عن المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال‬
‫وتتولى اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة نظرا نزاعات الشغل الجماعية التي لم تسفر‬
‫محاولة التصالح أمام عون التفتيش‪ ،‬أو أمام المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل لدى العمالة‬
‫أو اإلقليم عن اي اتفاق يضع حدا للنزاع الجماعي‪.248‬‬
‫وبعد مثول األطراف شخصيا أو من ينوب عنهم أمام هذه اللجنة فإنها تبث في النزاع‬
‫الجماعي في أجل ال يتعدى ستة أيام من توصلها بالطلب‪ ،‬ويتم إثبات نتائج الصلح في‬
‫محضر يوقعه رئيس اللجنة وأطراف النزاع‪ ،‬ويكون لهذا المحضر قوة تنفيذية وفق القواعد‬
‫المنصوص عليها في المسطرة المدنية ‪.‬‬
‫المصالحة على مستوى اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة‬
‫تحدث هذه اللجنة لدى ال سلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل وهي تتكون من ممثلين عن‬
‫اإلدارة والمنظمات المهنية للمشغلين ونقابات األجراء األكثر تمثيال ويترأسها الوزير المكلف‬
‫بالتشغيل أو من ينوب عنه‪.249‬‬
‫وقد أناط المشرع اإلختصاص لهذه اللجنة في نظر نزاعات الشغل الجماعية في‬
‫حالتين‪:‬‬

‫‪ -247‬يوسف حنان‪ ،‬المصالحة كآلية لفض نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪ -248‬المادة ‪ 656‬من مدونة الشغل‬
‫‪ -249‬يوسف حنان‪ ،‬المصالحة كآلية لفض نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص ‪.168‬‬

‫‪103‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬هي الحالة التي يمتد فيها نزاع الشغل الجماعي ليشمل عدة عماالت أو‬
‫أقاليم أو إلى مجموع التراب الوطني‪ ،‬حيث إن هذا االمتداد ينم عن خطورة تبرر عرضه‬
‫على هذه الهيئة الوطنية ضمانا إلحتوائه وحفاظا على السلم اإلجتماعي‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬تتعلق بإخفاق اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة في حل ما قد يعرض‬
‫عليها من نزاعات جماعية سواء كان هذا اإلخفاق كليا أو جزئيا حيث في هذه الحالة يحال‬
‫النزاع الجماعي مباشرة إلى الجنة الوطنية للبحث والمصالحة وذلك داخل أجل ال يتعدى‬
‫ثالثة أيام‪.250‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية‬


‫لقد نظم المشرع المغربي التحكيم حيث إعتبره كآلية من آليات التسوية الودية لنزاعات‬
‫الشغل الجماعية‪ ،‬تهدف إلى حل النزاع أو النقاط التي بقيت محل خالف ولم تحل عن طريق‬
‫المصالحة‪ ،‬وذلك في إطار السرية والمرونة وعدم التقيد بقواعد المرافعات‪.251‬‬
‫هكذا سنحاول الوقوف حو ل اإلجراءات المسطرية للتحكيم (أ) ثم بعد ذلك نتناول‬
‫القرار التحكيمي وطرق الطعن فيه(ب)‪.‬‬
‫اإلجراءات المسطرية للتحكيم‬ ‫أ‪-‬‬
‫وفقا لمدونة الشغل إذا لم يحصل أي اتفاق أمام اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة أو‬
‫أمام اللجنة الوطنية البحث والمصالحة‪ ،‬أو إذا بقي الخالف بشأن بعض النقاط أو إذا تخلف‬
‫األطراف أو أحدهم عن الحضور يمكن للجنة المعنية إحالة النزاع الجماعي للشغل إلى‬
‫التحكيم بعد موافقة أطراف النزاع‪.252‬‬
‫وهكذا أصبح التحكيم في ظل مدونة الشغل اختياريا بحيث يجوز للألطراف اإلتجاه‬
‫للتحكيم لفض منازعاتهم الجماعي‪ ،‬مستبعدين الحديث عن التحكيم اإلجباري الذي كان‬
‫مفروضا في ظل ظهير ‪ 19‬يناير ‪ ،1946‬إذ يحيل رئيس اللجنة اإلقليمية البحث والمصالحة‬
‫أو رئيس اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة عند اإلقتضاء إلى الحكم خالل الثمانية‬

‫‪ -250‬الفقرة األخيرة من المادة ‪ 563‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ -251‬عبد هللا درميش‪ ،‬التحكيم في نزاعات الشغل‪ ،‬مجلة المحاكم‪ ،‬عدد ‪ 84‬شتنبر ‪ /‬أكتوبر ‪ 2000‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -252‬المادة ‪ 567‬من م‪.‬ش‬

‫‪104‬‬
‫واألربعين ساعة الموالية لتحرير المحضر المتعلق بموضوع النزاع الجماعي للشغل مرفقا‬
‫بالمحضر من قبلها‪.‬‬
‫وبعد إتفاق األطراف المتنازعة على اختيار الحكم من ضمن قائمة أحكام يصدرها‬
‫وزير التشغيل أو بتعيينه من قبل وزير الشغل من نفس القائمة المذكورة أعاله‪ ،‬في حالة‬
‫عدم توصل األطراف إلى إتفاق على اختيار الحكم‪.253‬‬
‫عند تعيين الحكم يقوم بإستدعاء األطراف بواسطة برقية وذلك في أجل اربعة أيام‬
‫من تاريخ تلقيه المحضر من طرف رئيس اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة أو رئيس‬
‫اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة‪ ،254‬وإذا إستدعى أي من األطراف بصفة قانونية للمثول‬
‫أمام الحكم‪ ،‬ولم يحضر من غير أن يكون لديه عذر مقبول‪ ،‬ودون أن ينيب عنه ممثال قانونيا‪،‬‬
‫فإن الحكم يحرر تقريرا في الموضوع يوجهه إلى الوزير المكلف بالشغل الذي يحليه إلى‬
‫النيابة العامة‪ ،‬حيث يتعرض المخالف لعقوبة الغرامة التي تتراوح ما بين ‪10.000‬‬
‫و‪20.000‬درهم‪.255‬‬
‫وحسب المادة ‪ 570‬من مدونة الشغل فإن الحكم يتمتع بنفس الصالحيات المخولة‬
‫لرئيس اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة وبالتالي للمحكم كافة الصالحيات واإلمكانيات‬
‫الالزمة التي تمكنه من الحصول على جميع المعلومات الضرورية بما في ذلك االستماع إلى‬
‫الشهود وكل ما يمكنه أن يفيد في توضيح معطيات ومالبسات النزاع‪ ،‬وكذا تعيين خبراء‬
‫لبحث وتحليل كل المعطيات والوضعيات المالية والقانونية والمهنية‪ ،‬وغيرها من الوسائل‬
‫العلمية والعملية األخرى التي تمكن من اإلطالع الجيد والشامل على خلفيات النزاع‪ ،‬كما‬
‫أوجبت المادة ‪ 571‬من مدونة الشغل على أطراف النزاع تقديم كل المستندات والتسهيالت‬
‫والمعلومات التي لديهم والتي قد يطلبها منهم وذلك تحت طائلة غرامة تتراوح ما بين ‪1000‬‬
‫درهم و‪ 2000‬درهم‪.256‬‬
‫ما تجدر اإلشارة إليه أنه إذا كان بإمكان األطراف أن يوكلوا للمحكم في إطار‬
‫المسطرة المدنية البث في جميع جوانب النزاع كوسيط بالتراضي‪ ،‬فإن الحكم الذي ينظر‬

‫‪ -253‬المادة ‪ 569‬من م‪.‬ش‬


‫‪ -254‬المادة ‪ 570‬من م‪.‬ش‬
‫‪-255‬المادة ‪ 580‬من م‪.‬ش‬
‫‪ -256‬المادة ‪ 585‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫في نزاعات الشغل الجماعية يفرض عليه البث فقط في المواضيع واالقتراحات المدرجة‬
‫في محضر عدم التصالح الصادر عن اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة أو عن اللجنة‬
‫الوطنية للبحث والمصالحة وفي الوقائع األخرى التي حددت بعد تحرير محضر عدم‬
‫كما يلزمه القانون بالبث وفق قواعد القانون في نزاعات‬ ‫‪257‬‬
‫التصالح والناتجة عن الخالف‬
‫الشغل الجماعية المتعلقة بتغيير أو تنفيذ األحكام التشريعية أو التنظيمية أو التعاقدية‪.258‬‬
‫القرار التحكيمي وطرق الطعن فيه‬ ‫ب‪-‬‬

‫قرار التحكيم هو تلك النتيجة التي ينتهي إليها الحكم في ختام إجراءاته والتي يضع‬
‫بها حدا لحالة النزاع بين الطرفين‪.259‬‬

‫يتعين على الجهة المنوط بها نظر النزاع تحكيما االنتهاء منه خاللها وذلك تحقيقا‬
‫لعامل السرعة الذي كما سبق‪ ،‬يقوم بدور فعال في حسم نزاعات الشغل الجماعية وحلها‬
‫قبل إستفحالها واستحكامها‪ ،‬وبالتالي صعوبة إيجاد الحل المناسب لها‪ .‬وهكذا وبلورة لما ذكر‬
‫أعاله نص المشرع على أنه يجب أن يصدر الحكم المحال عليه ملف النزاع الجماعي‪،‬‬
‫قراره التحكمي داخل أجل ال يتجاوز أربعة أيام وذلك من تاريخ مثول األطراف أمامه‬

‫ويختتم الحكم بإجراءات التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية بإصدار قراره الفاصل‬
‫في النزاع و لصحة هذا القرار‪ ،‬فإنه يجب أن يكون معلال‪ ،‬وذلك بأن يبين الحكم األساس‬
‫القانوني أو االعتبارات التي دفعت به إلى ما اتجهت إليه عقيدته في القرار الذي أصدره‪،‬‬
‫وهذا حتى ولو كان الحكم قد إعتمد كأساس لقراره قواعد العدل واإلنصاف‪ ،‬فتعليل قرار‬
‫التحكيم‪ ،‬يمكن من الثبت من كفاءة الحكم أو من صحة تكيفه للوقائع وللقواعد المطبقة على‬
‫النزاع‪ ،‬ويمنع في ذات الوقت الحكم من أن يعلل قراره بمجرد ادعاءات ال ترتكز على أي‬
‫أساس‪.‬‬

‫‪ -257‬المادة ‪ 576‬من مدونة الشغل‬


‫‪ -258‬ليلى بل العافية‪ ،‬جانب المرونة في عالقات الشغل وفق مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -259‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪106‬‬
‫والقرار الذي يصدره الحكم له قوة تنفيذية كذلك‪ ،‬ويمكن ألطراف النزاع الطعن فيه‬
‫لدى الغرفة االجتماعية بالمجلس األعلى سواء بسبب الشطط في استعمال السلطة أن بسبب‬
‫خرق القانون بإعتبارها غرفة تحكيمية‪.‬‬

‫ويجب أن يقدم الطعن في القرار التحكمي داخل أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ التوصل‬
‫بالقرار المطعون فيه إلى رئيس الغرفة التحكيمية‪ ،‬ويجب أن يتضمن تحت طائلة عدم‬
‫القبول أسباب الطعن وأن تكون مرفقة بنسخة من القرار المطعون فيه وعلى الغرفة إصدار‬
‫قرارها في أجل أقصاه ‪ 30‬يوما من تاريخ رفع الطعن إليها وأن يبلغ إلى األطراف خالل ‪24‬‬
‫ساعة من تاريخ صدوره‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تكريس المرونة لفائدة المشغل تفعيل لمبادئ الحكامة‬


‫يشكل االستقرار في الشغل غاية إجتماعية تحرص الدولة على بلوغها بإدخال الحلول‬
‫الناجعة التي تحول دون إنهاء الرابطة التعاقدية بين األجير والمشغل‪ ،‬ألجل ذلك إعتمد‬
‫المشرع مبدأ المرونة في عالقة الشغل لضبط العالقة غير المتكافئة بين طرفيها‪.‬‬

‫وال شك أن هذه المرونة التي حاول المشرع توخيها بين مصالح المشغلين وحقوق‬
‫األجراء‪ ،‬وذلك في إطار التعاون‪ ،‬بل والشركة بين األطراف المعنية لخدمة المقاولة بما من‬
‫شأنه أن ينعش التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬هي التي كانت وراء إقرار المشرع للعديد‬
‫من المقتىضيات واآلليات القانونية لمواكبة المتغيرات االقتصادية وذلك من خالل مراعاة‬
‫أوضاع المقاولة ولو في بعض الحاالت الخاصة واالستثنائية وسواء عند انطالقها أو في‬
‫مواصلة نشاطها‪ ،‬وهو األمر الذي جسدته بالفعل مرونة التنظيم التشريعي لعقود الشغل‬
‫(المبحث األول) إلى جانب آليات لضمان استمرارية المقاولة (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التنظيم التشريعي لعقود الشغل آلية لدعم المرونة‬

‫يعتبر عقد الشغل نقطة إلتقاء مصالح وقيم اجتماعية واقتصادية مختلفة‪ ،‬تقضي في‬
‫جانب المقاولة وضع حدود مدونة السلطة المشغل في تسييره وتدبيره لها وضرورة حماية‬
‫حقوق األجراء خالل جميع مراحل العقد في جانبها اآلخر المتعلق بهذه الفئة‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ونظرا ل لطبيعة الخاصة للعالقة التي ينظمها عقد الشغل‪ ،‬فقد عمل المشرع على التدخل‬
‫بمقتضى قواعد قانونية تكفل جعل هذا العقد أداة مرنة بالنسبة للمقاولة يمكن أن تتكيف مع‬
‫حاجياتها‪.‬‬

‫وهذا ما تبناه المشرع بالفعل من خالل تنظيمه للعقد المحدد المدة في مدونة الشغل‬
‫(المطلب األول) إلى جانب عقود الشغل المؤقتة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مرونة تنظيم عقود الشغل المحددة المدة‬


‫لقد سعى المشرع المغربي من خالل إستراتيجيته الداعمة إلستمرارية المقاولة إلى‬
‫تدعيم حق المشغل في التشغيل المؤقت‪ ،‬إنسجاما مع شعار المرونة في عالقة الشغل‪ ،‬الشيء‬
‫الذي كان معه عقد الشغل محدد المدة أحد أهم تجلياته‪ .‬هذا العقد الذي حظي بإهتمام كبير من‬
‫طرف المشرع والذي حاول من خالله اإلستجابة قدر اإلمكان لحاجيات المقاولة دون أن‬
‫يؤدي ذلك إلى اإلضرار بمصلحة األجير‪.‬‬

‫وبذلك كان هاجس دعم إستمرارية المقاولة الدافع الرئيسي وراء تنظيم المشرع لعقود‬
‫الشغل محددة المدة كعقود مكملة لعقود الشغل غير المحددة المدة من خالل إستجابتها‬
‫لحاجيات التشغيل‪ .‬هكذا سنحاول الوقوف عند عقود الشغل المحددة المدة كآلية لخدمة سياسة‬
‫التشغيل (الفقرة األولى)‪ ،‬على أن نعالج في (الفقرة الثانية) الحاالت الفضفاضة لعقود الشغل‬
‫محددة المدة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عقود الشغل محددة المدة آلية لخدمة سياسة التشغيل‬
‫لقد أصبحت عالقة الشغل تتسم يوما بعد آخر بالطابع المؤقت‪ ،‬فزمن الشغل الدائم قد‬
‫ولى‪ ،‬واللجوء إلى عقود الشغل غير محددة المدة أصبح نادرا‪ ،‬في مقابل ذلك أخذت عقود‬
‫الشغل محددة المدة تنتشر بشكل ال مثيل له‪ ،‬األمر الذي جعل المنظمات العمالية تبذل‬
‫قصارى الجهود لمواجهتها والحد من اللجوء إليها‪ ،‬لكن هذه المواجهة تبدو غير متكافئة‪ ،‬على‬
‫إعتبار أن المقاوالت والمشغلين أصبحوا يفضلون اإلرتباط مع أجرائهم بعقود محددة المدة‬
‫ألنها تستجيب وتتماشي مع وضعية المقاوالت المتردية خاصة خالل فترات األزمات‬
‫االقتصادية (أوال)‪ ،‬األمر الذي يجعلها أهم وسيلة من ولوج عالم الشغل (ثانيا)‬

‫‪108‬‬
‫أوال‪ :‬إستجابة عقود الشغل محددة المدة لحاجيات المقاوالت‬

‫إيمانا من المشرع المغربي بأهمية التشغيل المؤقت في اإلستجابة لحاجات المقاولة فقد‬
‫عمل على إقرار قواعد مرنة تتماشى مع هذه الحاجيات‪ ،‬والتي كان من أبرز تجلياتها تنظيمه‬
‫لعقود الشغل محددة المدة‪ ،‬هذه األخيرة التي تعود بالمنفعة ليس على المشغل فحسب‪ ،‬وإنما‬
‫على األجير أيضا‪ ،260‬فالم شغل يجد فيه أداة عملية لمواجهة بعض الضروريات أو أشغال‬
‫خاصة تفرضها طبيعة عمله‪ ،‬كما أن األجير يتوفر على إستقرار ملموس في الشغل‪ ،‬إذ أنه‬
‫يلتزم بالشغل وهو عالم ببدايته ونهايته‪.261‬‬

‫إن تقنين المشرع لعقد الشغل محدد المدة يترجم عبارة مرونة الشغل التي أصبحت‬
‫تتردد بإستمرار في العقد بين األجير وبين المشغل‪ ،‬ويقصد بها التكييف مع حاجيات المقاولة‪،‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬التوفيق بين قواعد قانون الشغل ومحيطه االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫وقد ظل المشغلون يدعون إلى ضرورة إقرار قانون شغل مرن يتماشى مع المتغيرات‬
‫التي يشهدها سوق الشغل خاصة مع توالي األزمات اإلقتصادية‪ ،‬والواضح أن العقد المحدد‬
‫المدة يبقى حال جزئيا‪ ،‬ينسجم مع النصوص ومع أعمال ال يمكن أن تكون إال مؤقتة كاألعمال‬
‫التي تشكل عمل األجراء القار بين المقاولة خاصة عند إزدياد نشاط المقاولة‪.262‬‬

‫وقد أثبت الواقع أن عقود الشغل محددة المدة تساهم في إدماج عدة أصناف من األجراء‬
‫والذين يوج دون في وضعية ال تخولهم ولوج سوق الشغل‪ ،‬بحيث تمكنهم هذه العقود من‬
‫اإلندماج في المقاوالت بصفة تسمح لهم من اإلستفادة من مقتضيات قانون الشغل حتى لو كان‬
‫ذلك كمدة مؤقت‪.‬‬

‫‪ -260‬غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق األجراء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.48-47‬‬
‫‪ -261‬عبد الجبار الشجعي‪ ،‬عقد الشغل محدد المدة‪ ،‬مجلة المرافعة‪ ،‬العدد ‪ 32‬ماي ‪ ،1993‬ص ‪.136‬‬
‫‪ -262‬خالد بنهاشم‪ ،‬إستقرار التعاقد في قانون الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.87-86‬‬

‫‪109‬‬
‫ثانيا‪ :‬عقود الشغل المحددة المدة وسيلة لولوج عالم الشغل‬
‫إن ا لعقود المحددة المدة قد وضعت لتكملة العقود غير المحددة المدة‪ ،‬فشرعية األولى‬
‫تكمن في تغطية العمل المؤقت‪ ،‬أو بعبارة أخرى فإن اللجوء إلى العقد المحدد المدة ينبغي أن‬
‫يكون مالزما للعمل المؤقت‪ ،‬وهذا ما يجبر القضاء عند النزاع إلى مراقبة العقد المحدد المدة‬
‫بصفة دقي قة‪ .‬فإذا كان العقد غير المحدد المدة هو األصل وهذا ما سنتشفه من المادة ‪ 16‬من‬
‫مدونة الشغل‪ ،‬وقبله القضاء‪ ،‬فإن ذلك يجعل العقود المكملة تنحصر في إطار العمل المؤقت‪،‬‬
‫وهي بذلك تعتبر عادة تقنيات تساهم في التشغيل‪ ،‬وال ينبغي إهمال أهميتها‪ ،‬إذ اللجوء إليها‬
‫بصفة متزاي دة قد يساعد على إمتصاص البطالة ولو بصفة جزئية‪ ،‬وينبغي أن نسعى إلى‬
‫ترجمتها إلى مدة تالئم قانونا األطراف أكثر ما يمكن الستقرار العالقة الشغلية‪ ،‬فرغم كونها‬
‫تساهم في العمل المؤقت فقط‪ ،‬فإنها توفر أحيانا مناصب شغل دائمة‪ ،‬وذلك عند تنقل األجير‬
‫من عمل مؤقت إلى آخر وهذا ما يقتضي تفهم أطراف العالقة الشغلية لمزايا هذه العقود التي‬
‫ينبغي أن تستمر بحسن نية‪.263‬‬

‫إن التشدد في اإلبتعاد عن العقود المحددة المدة‪ ،‬يعمل على عدم تشجيع المشغلين على‬
‫اإلستخدام المحدود‪ ،‬رغم إمكانية المقاولة في إستيعاب هذا النوع من العقود‪.‬‬

‫إن العقد المحدد المدة حل جزئي‪ ،‬ينسجم بالخصوص مع أعمال ال يمكن أن تكون إال‬
‫مؤقتة‪ ،‬فاللجوء إليه يعتبر حالة إستثنائية‪ ،‬ينبغي أن تلتجئ إليها المقاولة في إطار العمل‬
‫المؤقت‪ ،‬أو األعمال التي تكمل عمل األجراء القارين بالمقاولة عندما يتعلق األمر بتعويض‬
‫أجير أو إضافة وقتية ضرورية‪.‬‬

‫والواقع أن عدة أنواع من العمل في إطار العقد المحدد المدة‪ ،‬قد عرفت إنتشارا ملحوظا‬
‫داخل المقاوالت بصفة عامة‪ ،‬وال سيما الصغيرة‪ ،‬وهي تبرز أحيانا كعنصر أساسي للمرونة‬
‫التي يطالب بها بعض المشغلين من جهة‪ ،‬ويمكن أن تعتبر وسيلة إلدماج عدة أصناف من‬
‫األشخاص يوجدون في عسر أمام سوق الشغل من جهة أخرى‪ ،‬أي إمكانية إدماجهم في‬
‫المقاولة بصفة تسمح لها باإلستفادة من مقتضيات قانون الشغل ولو بصفة مؤقتة عوض‬
‫إستقاللها من قبل بعض المشغلين بصفة سرية‪ ،‬تهربا من المقتضيات القانونية بصفة عامة‬
‫‪ -263‬محمد سعيد بنلني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪110‬‬
‫ومقتضيات قانون الشغل بصفة خاصة‪ ،‬فالعمل السري يعتبر أحد األمثلة الكثيرة إلنتشار‬
‫العمل الالنموذجي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحاالت الفضفاضة لعقود الشغل محددة المدة‬


‫إذا كان المشرع قد حدد حاالت اللجوء إلى عقود الشغل محددة المدة وحاالت مقابلة منع‬
‫فيها اللجوء إلى هذا النوع من العقود‪ ،‬فإنه إذ حدد حاالت اللجوء إلى عقد الشغل المحدد المدة‬
‫على سبيل الحصر‪ ،‬فقد حصر منح اللجوء إليه في حالتين فقط هما تعويض عامل مضرب‬
‫والحالة التي ال يمكن فيها أن تكون عالقة الشغل غير محددة المدة‪.264‬‬

‫وبالرجوع إلى مدونة الشغل سنجد أن حاالت عقد الشغل المحدد المدة منها ما هو مقرر‬
‫بنص صريح‪( 265‬أوال) ومنها ما أحيل بشأنه على نص تنظيمي أو إتفاقية جماعية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حاالت عقد الشغل المحدد المدة المقررة بنص تشريعي‬


‫تنص المادة ‪ 16‬من مدونة الشغل على أنه‪ ":‬يبرم عقد الشغل لمدة محددة أو لمدة غير‬
‫محددة أو إلنجاز شغل معين‪ ،‬ويمكن إبرام عقد الشغل المحدد المدة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إ حالل أجير محل أجير آخر في حالة توقف عقد شغل هذا األجير ما لم يكن التوقف‬
‫ناتجا عن اإلضراب‪.‬‬

‫‪ -‬إزدياد نشاط المقاولة بكيفية مؤقتة‪.‬‬

‫‪ -‬إذا كان الشغل ذا طبيعة موسمية‪.‬‬

‫يمكن إبرام عقد الشغل المحدد المدة في بعض القطاعات والحاالت اإلستثنائية التي‬
‫تحدد بموجب نص تنظيمي بعد إستشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية‬
‫لألجراء األكثر تمثيال أو بمقتضى إتفاقية شغل جماعية‪.‬‬

‫من خالل هذه المادة يظهر أن حاالت إبرام عقد الشغل المحدد المدة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -264‬المادة ‪ 16‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ -265‬عمار تيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل والتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.75‬‬

‫‪111‬‬
‫أ‪ -‬إحالل أجير محل أجير آخر في حالة توقف عقد الشغل‬

‫في هذه الحالة يسوغ للمشغل إبرام عقد الشغل المحدد المدة مع األجير الذي يسجل محل‬
‫األجير الذي توقف عقد شغله بإحدى األسباب المنصوص عليها في المادة ‪ 32‬من مدونة‬
‫الشغل‪ ،266‬والحقيقة أن ما يضفى على هذا العقد صيغة التأقيت قد يستشف من صياغة المادة‬
‫‪ 32‬نفسها‪ ،‬فهي تنص على أنه " يتوقف عقد الشغل مؤقتا " وبالتالي فإنه يصبح من نافلة‬
‫القول التأكيد على أن مادام توقف العقد هنا يكون بصفة مؤقتة فإن األجير الذي سيعوض‬
‫األجير الغائب سيؤدي عمال لمدة مؤقتة تغطي فقط فترة الغياب‪ ،‬وهو يضفي على العقد‬
‫صبغة التحديد‪ ،‬غير أن ما يميز هذه الحالة هو أننا قد نكون أمام توقف لعقد الشغل لمدة تتميز‬
‫عادة بطابع النسبية ألن التغيب بسبب المرض أو حادث شغل قد ال يكون مضبوطا بصفة‬
‫مطلقة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا السياق إلى أن العديد من التشريعات المقارنة قد أوردت في‬
‫قوانينها مدة قصوى بالنسبة للتعاقد المؤقت تراوحت بين سنتين وخمس سنوات وهنا ال يمكن‬
‫القول بأن إحالل أجير محل آخر إذا تجاوزت فترة التوقف مدة سنة يجعل العقد ينقلب إلى‬
‫عقد غير محدد المدة‪ ،267‬إستنادا إلى مقتضيات الفقرة الثانية من المادة ‪ 17‬التي تنص على أن‬
‫العقد مبرم لمدة أقصاها سنة يصبح في حالة إستمرار العمل به إلى ما بعد أجله غير محدد‬
‫المدة‪.‬‬

‫ب‪ -‬إزدياد نشاط المقاولة بكيفية مؤقتة‬

‫تعد هذه الحالة إحدى الحاالت التي يمكن أن يعتمدها المشغل إلبرام عقد شغل محدد‬
‫المدة‪ ،‬ذلك أن المقاولة قد تتعاطى إحدى األنشطة التي تتميز بإزدياد فترات الطلب على‬

‫‪ -266‬تنص المادة ‪ 32‬من مدونة الشغل على أنه يتوقف عقد الشغل مؤقتا أثناء‪:‬‬
‫‪ -‬فترة الخدمة العسكرية اإلجبارية‬
‫‪ -‬تغيب األجير لمرض أو إصابة يثبتها طبيب إثباتا قانونيا‪.‬‬
‫‪ -‬فترة ما قبل وضع الحامل حملها‪ .‬وما بعده وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين ‪ 154‬و‪.156‬‬
‫‪-‬فترة العجز المؤقت الناتج عن حادثة شغل أو مرض مهني‬
‫‪ -‬فترة تغيب األجير المنصوص عليها في المواد ‪ 274‬و‪ 275‬و‪ 277‬أدناه‬
‫‪ -‬مدة اإلضراب‬
‫‪ -‬اإلغالق القانوني للمقاولة بصفة مؤقتة‬
‫‪ -267‬الطاهري فاطمة‪ ،‬عقد الشغل المحدد المدة وعقد الشغل غير محدد المدة‪ ،‬مقال منشور بالندوة التي نظمتها وزارة العدل تحت عنوان مدونة‬
‫الشغل بعد سنتين من التطبيق‪ ،‬سلسلة الندواة والقاءات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد التاسع ‪ ،2007‬ص ‪64‬‬

‫‪112‬‬
‫خدماتها أو السلع التي تروجها وقد يكون ذلك بصفة إعتيادية أو غير ذلك‪ .268‬وهنا يجب‬
‫التذكير بأنه إذا كان المشرع قد أورد هذه الحالة كمرونة منه لصالح المشغل‪ ،‬فإنه على هذا‬
‫األخير أن يستعملها بحسن نية وذلك باإلقتصار فيها فقط على المدة التي يزداد فيها نشاط‬
‫المقاولة بصفة غير إعتيادية ولمدة معقولة‪ ،‬على إعتبار أن عدم تحديد المشرع للمدة القصوى‬
‫التي يجوز فيها إبرام هذا العقد‪ ،‬قد يجرنا دائما إلى القياس على مقتضيات المادة ‪ 17‬من‬
‫مدونة الشغل خاصة الفقرة الثانية منها‪ ،‬وإعتبار بالتالي العقد يستمر العمل به إلى ما بعد فترة‬
‫إزدياد نشاط المقاولة بكيفية مؤقتة‪ ،‬بمبثابة عقد غير محدد المدة‪ ،‬ذلك أن أجل السنة ينبغي‬
‫أخذه كمبدأ عام بالنسبة للعقود المحددة المدة وكل تجاوز له يستوجب تعليال مقنعا من جانب‬
‫المشغل‪ ،‬وفي هذا حماية لمبدأ إستقرار الشغل وإنسجاما مع المبادئ التي أرستها منظمة‬
‫العمل الدولية والتي عرفت بدورها العامل العرضي بذلك الذي يستخدم بصفة مؤقتة‪.‬‬

‫ج) العمل الموسمي‬

‫العمل الموسمي هو الذي ينجز في مواسم دورية منتظمة‪ ،‬دون نظر إلى المدة التي‬
‫يستغرقها ما لم تصل إلى ستة أشهر من الشغل داخل نفس المقاولة‪ ،‬وذلك بصرف النظر عن‬
‫الطريقة التي يتقاضى بها األجير أجره وعن دورية أدائه‪.‬‬

‫والعمل الموسمي هو الذي ينجز في ظل موسم معهود‪ ،‬وإنما يتعين أن يكون من‬
‫مستلزمات ومقتضيات هذا الموسم‪ ،‬حتى ال يتخذ هذا األخير ستارا لوصف ما هو عقد غير‬
‫محدد المدة‪ ،‬سمة العقد الموسمي بحجة إبرامه في ظل موسم معين‪ ،269‬وذلك كما هو الشأن‬
‫بالنسبة إلستخدام شركات التصبير ألجراء وقت وجود المنتجات محل التصبير‪ ،‬أو كاستخدام‬
‫أجراء موسمين من قبل فنادق السياحية في وقت الصيف أو غيره من األوقات التي يشتد فيها‬
‫الطلب على السياحة وال يساعد القاضي في تحديد الموسم سوى العرف أو بواسطة الوثائق‬
‫التي سلمها المؤاجر للعامل‪.270‬‬

‫‪ -268‬سفيان قغوش‪ :‬عقد الشغل ال محدد المدة على ضوء العمل القضائي‪ ،‬مقال منشور بالندوة الجهوية من خالل إجتهادات المحلية األعلى‪،2007 ،‬‬
‫ص ‪.164‬‬
‫‪ -269‬عبد اللطيف خالقي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقة الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.380‬‬
‫‪ -270‬فريدة المحمودي‪ ،‬الضمانات الحقوقية لألجير عبر الحياة القانونية لعقد الشغل‪ ،‬مكتبة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪،2015-2014 ،‬‬
‫ص ‪.256‬‬

‫‪113‬‬
‫وعقد الشغل الموسمي يعتبر شكال من أشكال عقد الشغل‪ ،‬يستفيد األجير طرفه من‬
‫جميع الحقوق والمزايا التي تخولها المقتضيات القانونية الشغلية‪ ،‬بإستثناء تلك المرتبطة‬
‫بصفة األجراء القارين‪.‬‬

‫وإذا كان المشرع المغربي قد منح مرونة واسعة للمشغل في إبرام عقود شغل مؤقتة من‬
‫خالل تنظيمه لعقود العمل الموسمية‪ ،271‬فإننا نالحظ أنه كرس هذه المرونة بتحديده للمدة‬
‫القصوى لهذا النوع من العقود بالنسبة للمشغل‪ ،‬أما بالنسبة لألجير فإن تنظيم المشرع لهذا‬
‫العقد يكون قد كرس بذلك عدم إستقرار عالقات الشغل وعدم إستمرارها‪.‬‬

‫د‪ -‬حالة فتح مقاولة ألول مرة أو مؤسسة جديدة داخل المقاولة أو إطالق منتوج جديد‬

‫لقد راعى المشرع وضع المقاوالت المستحدثة والفتية التي ال تستطيع توقع نجاحها منذ‬
‫الوهلة األولى عند فتح المقاولة أو المؤسسة أو إطالق منتوج جديد وحتى يقيها من تحمل‬
‫تكلفة إنهاء العقود غير محددة المدة فقد سمح لها بإبرام عقود شغل محددة المدة أقصاها سنة‬
‫قابلة للتجديد مرة واحدة‪ ،‬وتعتبر هذه المبادرة من حسنات المشرع وإن كان يؤخذ عليه‬
‫إقصاؤه للقطاعات الفالحية من اإلستفادة من هذه المقتضيات على الرغم من كونها خاضعة‬
‫لقانون الشغل‪ ،272‬إسوة بباقي المقاوالت األخرى‪ ،‬وهي بدورها معرضة للمخاطر ومن‬
‫الصعب القول بأن كل المشاريع الفالحية قابلة للربح ومهيئة للنجاح منذ الوهلة األولى‪ ،‬إال‬
‫أنه رغم ذلك فالمشرع خول المشغل في القطاع الفالحي مرونة خاصة تتماشى وطبيعة‬
‫القطاع حيث قام بمنحه إمكانية إبرام عدة عقود داخل أجل السنتين تصل إلى أربعة عقود لكل‬
‫واحد منها فترة ستة أشهر المدة على يبق له الخيار بعد إنقضاء هذه المدة‪ ،‬إما أن يتخلص من‬
‫األجير وفق قواعد إنهاء العقد المحدد المدة أو أن يستمر معه على أن يتحول العقد ليصبح‬
‫غير محدد المدة‪.‬‬

‫‪ -271‬سلوى زوكاغ‪ :‬التنظيم التشريعي للعقود الشغل الفردية وتأثيره على مبدأ إستقرار الشغل رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية السنة الجامعية ‪ ،2012-2011‬ص ‪.51‬‬
‫‪ -272‬مفيد المكي‪ ،‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪114‬‬
‫ثانيا‪ :‬حاالت عقد الشغل المحدد المدة المقرر بنص تنظيمي أو إتفاقية جماعية‬
‫دائما وفي إطار المرون ة التي خولها المشرع للمشغل في إطار‪ ،‬عقود الشغل المحددة‬
‫المدة جاءت المادة ‪ 16‬من مدونة الشغل في فقرتها األخيرة بمقتضى جديد ينص على إمكانية‬
‫صدور نص تنظيمي بعد إستشارة المنظمات المهنية لألجراء األكثر تمثيال من أجل تحديد‬
‫القطاعات والحاالت اإلستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقود شغل محددة المدة‪ .273‬وهكذا تكون‬
‫المدونة في المادتين ‪ 16‬و‪ 17‬وبذلك منحت إمكانية أخرى إلستفادة المقاوالت من مرونة‬
‫أوسع بإرتباط مع الحاالت التي يمكن أن تبرزها الممارسة وتطورات المحيط اإلقتصادي‪.‬‬

‫كما يؤشر ذلك أن المرونة الفعالة للمقاولة هي تلك التي تكون مرفقة باستحضار موقف‬
‫ومشاركة كل مكونات المقاولة حتى تكون مفيدة لها وال تعرقل مسيرتها وتنمية قدراتها‬
‫اإلنتاجية‪.‬‬

‫وقد تم فعال إنجاز مشروع مرسوم يحدد القطاعات اإلقتصادية والمهن التي يمكن فيها‬
‫إبرام عقد شغل محددة المدة (أ)‪ ،‬وكذا بعض الحاالت اإلستثنائية المضافة (ب)‪.‬‬

‫الحاالت الخاصة ببعض القطاعات‬ ‫أ‪-‬‬

‫لقد جاءت هذه القطاعات محددة كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬أوراش بناء األشغال العامة المحددة المدة‪.‬‬


‫‪ -‬األنشطة السياحية وخصوصا منها الوحدات الفنذقية والمطاعم والترفيه‬
‫‪ -‬المقاوالت والمؤسسات المختصة في مختلف أنواع التعليب (السمك‪ ،‬الفواكه‪،‬‬
‫الخضر)‬
‫‪ -‬األعمال الفالحية المتعلقة بالحرث والحصاد وللجني‬
‫‪ -‬الصناعة السينمائية لتعديل األشرطة‬
‫الحاالت اإلستثنائية المضافة‬ ‫ب‪-‬‬

‫تتمثل هذه الحاالت حسب النص التنظيمي فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -273‬عمار تيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -‬فترة الخدمة العسكرية اإلجبارية‬
‫‪ -‬التفرغ المنصوص عليه في القانون الداخلي أو اإلتفاقية الجماعية‪.‬‬
‫‪ -‬إستفادة األجير من التكوين المستمر‬
‫‪ -‬المرض الطويل أو المتوسط األمد أو حادثة شغل‬
‫‪ -‬إجازة األمومة‬
‫‪ -‬اإلجازة غير المدفوعة األجر لألجيرة والممنوحة بغرض تربية مولودها‬

‫هذه إذن هي الحاالت التي يمكن فيها اللجوء إلى إبرام عقود الشغل المحددة المدة‬
‫بمقتضى مشروع النص التنظيمي‪ ،‬وهي تعبر بدون شك عن وجود مرونة واسعة ومبررة‬
‫تسمح للمقاوالت بأن تتكيف مع الشروط اإلقتصادية والتقلبات التجارية خارج ضغوط‬
‫وإكراهات التحمالت اإلجتماعية‪.‬‬

‫لكن تنظيم المدونة لهذه الحاالت يبقى مفتقر لبعض الجوانب التي تحتاج للتدارك من‬
‫أجل تأمين المقاولة من كل النزاعات التي تثور حول تكيف العقود المبرمة من طرفها‪،‬‬
‫وتتخلص هذه الجوانب المغفلة من طرف المدونة في مسألتين تحديد مدة العقد المحدد المدة‬
‫واإلثبات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عقود الشغل المؤقتة ومرونة التشغيل‬


‫إن سعي المشرع وراء تحقيق المرونة في التشغيل بإعتبارها مطلبا أساسيا لمجابهة‬
‫نظام عولمة اإلقتصاد‪ ،‬كان الدافع الرئيسي إلى شرعنته لعقود الشغل المؤقتة‪ ،‬هذه األخيرة‬
‫التي تعد نمطا جديدا من العقود إلى جانب عقود الشغل غير محددة المدة وتلك المحددة المدة‪،‬‬
‫والذي ساهم في توسيع نطاق التشغيل المؤقت‪ ،‬الذي أصبح ال يقتصر على العقود محددة‬
‫المدة‪ ،‬بل شمل هذا الصنف من العقود التي يمكن بواسطته التعاقد عن طريق اللجوء إلى‬
‫استخدام أجراء مؤقتين بواسطة مقاوالت التشغيل المؤقت‪ ،‬بغية تحقيق األهداف اإلقتصادية‬
‫للمشغل ضمان إستمرار نشاطه بما يتوافق مع متطلبات السوق‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫هكذا سنحاول الوقوف عند مالمح توسيع نطاق التشغيل المؤقت (الفقرة األولى) على‬
‫أن نعرج بعد ذلك مظاهر حماية إستقرار الشغل من خالل مقاوالت التشغيل المؤقت‬
‫(الفقرةالثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬توسيع نطاق التشغيل المؤقت‬

‫يعد التشغيل المؤقت من أكثر أنواع الشغل شيوعا وإنتشارا في سوق الشغل فإذا كان‬
‫الشغل الدائم هو ا ألصل من الناحية القانونية‪ ،‬فإن الشغل المؤقت هو األصل من الناحية‬
‫الواقعية‪.274‬‬

‫ولعل ذلك هو ما دفع المشرع المغربي إلى إختيار مقاوالت التشغيل المؤقت كإطار‬
‫لنظام التشغيل المؤقت وكقناة لجلب اليد العاملة إلى المقاوالت المحتاجة إليها‪ ،‬وهي إمكانية‬
‫مهمة تخفف على المشغلين عبئ اإلرتباط بعقود محددة المدة أو غير محددة المدة‪ ،‬وتساهم‬
‫في تحقيق المرونة في التشغيل‪ ،‬بما يسمح للمؤسسة المستفيدة من إستعمال الكفاءات المهنية‬
‫بصفة ظرفية وبحسب تطور حاجياتها‪.‬‬

‫وبهذا سنحاول الوقوف عند حاالت اللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت (أوال) ثم‬
‫نعالج في (ثانيا) اإللتزامات الملقاة على أطراف عالقة التشغيل المؤقت‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حاالت اللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت‬
‫إن فسح المجال لمقاوالت التشغيل المؤقت من أجل المساهمة في الوساطة في التشغيل‬
‫كان بهدف شرعنة العقود المؤقتة وتنظيمها‪ ،‬وتوسيع نطاقها بالدرجة األولى‪ ،‬وهو ما يبدو‬
‫واضحا عندما حدد المشرع نطاق وظيفتها في تشغيل أجراء بهدف وضعهم‪ ،‬مؤقتا رهن‬
‫إشارة شخص ثالث يسمى المستعمل‪ ،‬يحدد مهامهم ويراقب تنفيذها‪.‬‬
‫وتحقيقا من المشرع للمرونة المطلوبة في الشغل عمل على التوسيع من مجال اللجوء‬
‫إلى مقاوالت التشغيل المؤقت لتشمل جميع حاالت عقود الشغل محددة المدة المنصوص‬
‫عليها فب المادة ‪ 16‬من مدونة الشغل‪ ،‬وهو ما يؤكد على أن المشرع قد خول الخيار للمشغل‬

‫‪ -274‬غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق األجراء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪117‬‬
‫في اللجوء إما إلى مقاوالت التشغيل المؤقت إلبرام عقود مؤقتة أو إلى إبرام عقود محددة‬
‫المدة‪.‬‬
‫وبذلك نصت المادة ‪ 496‬من مدونة الشغل على حق المستعمل في اللجوء إلى أجراء‬
‫مقاوالت التشغيل المؤقت بعد إستشارة الجهات التمثيلية لألجراء داخل المقاولة من أجل القيام‬
‫بأشغال غير دائمة أو من أجل إحالل أجير محل آخر في حالة غيابه أو في حالة توقف عقد‬
‫الشغل ما لم يكن التوقف ناتجا عن اإلضراب‪ .‬كما يمكن ذلك في حالة غيابه أو في حالة‬
‫التزايد المؤقت في نشاط المقاولة أو من أجل إنجاز أشغال غير محددة المدة بسبب طبيعة‬
‫العمل‪.275‬‬
‫ومنه نجد أن المشرع قد أورد حاالت يمكن فيها اللجوء إلى أجراء مقاوالت التشغيل‬
‫المؤقت إال أنه إشترط قبل اإلستفادة من ذلك‪ ،‬أن تكون طبيعة األعمال المقصودة غير دائمة‬
‫وأن تقوم المقاولة المستعملة بإستشارة الهيئات التمثيلية لألجراء داخل المقاوالت بعزمها على‬
‫التشغيل المؤقت‪.276‬‬

‫ومن خالل إستقراء مضامين المادة ‪ 496‬يالحظ على أن حاالت اللجوء إلى مقاوالت‬
‫التشغيل المؤقت تتحدد في ثالث حاالت وهي‪ :‬حالة توقف عقد الشغل وحالة التزايد المؤقت‬
‫في نشاط المقاولة وحالة إنجاز أشغال ذات طابع موسمي‪.‬‬

‫فيما يخص الحالة األول‪ :‬فالمالحظ أن المشرع قد وسع من حاالت اللجوء إلى مقاوالت‬
‫التشغيل المؤقت بالمقارنة مع مقتضيات المادة ‪ 16‬من مدونة الشغل التي تحدد الحاالت التي‬
‫يجوز فيها اللجوء إلى عقد الشغل محدد المدة‪ ،‬ذلك أن هذه المادة إقتصرت في هذه الحالة‬
‫على سبب واحد وهو توقف عقد الشغل في حين أن المادة ‪ 496‬جمعت بين حالة التوقف‬
‫وحالة غياب األجير‪ ،‬وال نعتقد أن هناك عيبا في صياغة أحكام المادتين بل إن حالة التوقف‬
‫تختلف عن حالة الغياب فإذا كانت المادة ‪ 32‬من المدونة قد إعتبرت غياب األجير لمرض أو‬
‫إعاقة ثابتة بشهادة طبية وكذا فترات الغياب المسموح بها طبقا للمواد ‪ 275 ،274‬و‪277‬‬
‫ضمن حاالت توقف عقد الشغل فإن غياب األجير في غير هذه الحاالت يعني عدم السماح‬

‫‪ -275‬راجع المادة ‪ 496‬من م‪.‬ش‪.‬‬


‫‪ -276‬غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق األجراء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪118‬‬
‫للمقاولة باللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت لذا كان من األفضل إضافة حالة الغياب غير‬
‫المبرر أو الطارئ لألجير‪.277.‬‬
‫ولعل السبب الداعي إلى السماح باللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت في هذه الحالة‬
‫هو تجنب إضطراب الشغل داخل المقاولة بسبب الغياب أو التوقف عن الشغل ما لم يكن هذا‬
‫التوقف ناتجا عن اإلضراب‪.278‬‬
‫إلى جانب هذه الحالة فقد نصت المادة ‪ 496‬على حالة تزايد نشاط المقاولة بصفة‬
‫مؤقتة‪ ،‬حيث أن المقاولة تعرف بعض الحاالت التي يتزايد فيها الطلب على المنتجات‬
‫والخدمات التي تقدمها‪ ،‬األمر الذي يفرض عليها تلبية هذه الطلبات عبر تشغيل أجراء‬
‫مؤقتين للرفع من وثيرة اإلنتاج‪.‬‬
‫وحتى ال تبقى هذه اإلمكانية من دون تقنين فقد سمح المشرع باللجوء إلى مقاوالت‬
‫التشغيل المؤقت لتشغيل أجراء مؤقتين لمواجهة التزايد الحاصل في نشاط المقاولة‪ ،‬والذي‬
‫ينبغي أن يوصف بالمؤقت‪ ،‬إذ أنه لو لم يكن كذلك فحالة المقاولة إلى أجراء دائمين تكون‬
‫أولى‪.‬‬
‫أما الحالة الثالثة واألخيرة فهي متعلقة بإنجاز أشغال ذات طابع موسمي حيث أدمج‬
‫المشرع هذه الحالة ضمن الحاالت التي يجوز فيها اللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت‪،‬‬
‫وفي نفس الوقت سمح بإبرام عقد محدد المدة‪ ،‬إذا تعلق األمر بأشغال ذات طابع موسمي‪ ،‬وقد‬
‫يختلط األمر إذا تجاوزت هذه األشغال الموسمية فترة ستة أشهر خاصة في حالة عدم وجود‬
‫عقد كتابي‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أنه كان يتعين حصر الئحة األشغال التي تعتبر بطبيعتها‬
‫موسمية في كل قطاع على حدة‪.‬‬
‫خالصة ما سبق فإن كان المشرع قد عمل على إيراد الحاالت السابقة بهدف التوسيع‬
‫من مجال اللجوء إلى العقود المؤقتة تحقيقا لمصلحة المشغل‪ ،‬فإنه بالمقابل لم يغفل حماية‬
‫حقوق األجراء سواء الدائمين منهم أو المؤقتين‪ ،‬حيث لم يكتف المشرع بتقييد حق اللجوء إلى‬
‫مقاوالت التشغيل المؤقت بالشروط السابقة بل منع صراحة اللجوء إلى هذه المقاوالت في‬
‫بعض الحاالت الخاصة‪ ،‬منها توقف عقد الشغل بسبب اإلضراب‪ ،‬حيث يجد المشرع نفسه‬
‫‪ -277‬عمار تيزاوي‪ :‬مدونة الشغل والتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬م‪.‬س‪.43 ،‬‬
‫‪ -278‬غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية حقوق األجراء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪119‬‬
‫في هذه الحالة محروما من إمكانية االستفادة من خدمات مقاوالت التشغيل المؤقت‪ ،‬ولم‬
‫يقتصر المنع القانوني على حالة التوقف الناتج عن اإلضراب‪ ،‬بل شمل كذلك جميع األشغال‬
‫التي تكتسي خطورة خاصة حسب ما نصت عليه المادة ‪ 497‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االلتزامات الملقاة على أطراف عالقة التشغيل المؤقت‬
‫نتيجة للعالقة الثالثية التي تعرفها أحكام مقاوالت التشغيل المؤقت فإن المقاولة‬
‫المستعملة تكون مضطرة الرتباط بعقد الوضع رهن اإلشارة مع مقاولة التشغيل المؤقت من‬
‫أجل االستفادة من خدماتها المتمثلة في توريد اليد العاملة المؤقتة فيتفرع عن ذلك التزام كل‬
‫واحدة منهما اتجاه األخرى ببنود عقد الوضع رهن اإلشارة‪.‬‬
‫فمقاولة التشغيل المؤقت تلتزم بتوريد األجراء المؤقتين للمقاولة المستعملة طبقا‬
‫للمؤهالت المهنية المتفق عليها في حين تلتزم المقاولة المستعملة بأداء الثمن المتفق عليه‬
‫مقابل هذه الخدمة‪.279‬‬
‫وقد تثار بعض المشاكل بينهما سواء فيما يخص أداء مقابل توريد اليد العاملة أو نتيجة‬
‫عدم توافر المواصفات والمؤهالت المهنية المتفق عليها في األجير المؤقت أو نتيجة وقوع‬
‫ضرر يكون مصدره األجير المؤقت‪ ،‬كما يثور إشكال حول إحالل المقاولة المستعملة محل‬
‫مقاولة التشغيل المؤقت من أجل الوفاء بااللتزامات التي كانت في األصل ملقاة على عاتق‬
‫مقاولة التشغيل المؤقت‪.‬‬
‫وفي إطار تكريس حماية األجير في العقد المؤقت‪ ،‬عمد المشرع المغربي من خالل‬
‫مدونة الشغل إلى توزيع االلتزامات على عاتق كل من مقاولة التشغيل المؤقت والمقاولة‬
‫المستعملة بحيث ألقى على عاتق المقاولة األولى تحمل جميع االلتزامات التي تقع على‬
‫المشغل‪ ،‬وبالمقابل اكتفت بتحميل المقاولة المستعملة بااللتزامات المتعلقة بتدابير حفظ‬
‫الصحة والسالمة والتعويض عن حوادث الشغل واألمراض المهنية‪.280‬‬

‫‪ -279‬عمار تيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل والتنمية اإلقتصادية و اإلجتماعية ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪70‬‬
‫‪ -280‬سلوى زوكاغ‪ ،‬التنظيم التشريعي لعقود الشغل الفردية وتأثيره على مبدأ إستقرار الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪120‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مقاوالت التشغيل المؤقت ومظاهر إستقرار الشغل‬

‫إن االعتراف بالشغل المؤقت من طرف المشرع يعد تكريس لمبدأ المرونة في سوق‬
‫الشغل واستجابة إلى حاجيات القطاع الخاص والمقاوالت‪ .281‬إذ أن التشغيل المؤقت يتيح‬
‫للمقاوالت حرية كبيرة تتماشى مع قدرتها وطموحها نحو النمو واالزدحام‪ ،‬وذلك بتحديد مدة‬
‫الشغل ومدة إنتهائه والتخفيف من أعباء العقد غير محدد المدة‪ ،‬وهو ما يشكل دعما‬
‫الستمرارية المقاولة وازدهارها‪.‬‬

‫إال أن ذلك يجب أال يطغى على حساب حقوق األجراء واستقرارهم‪ ،‬حتى يتحقق‬
‫التوازن المنشود بين االعتبارات االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫ولعل ذلك هو ما دفع المشرع إلى تنظيم العالقة الثالثية الرابطة بين األطراف المهنية‬
‫من مقاولة التشغيل المؤقت واألجير والمقاولة المستفيدة بشكل يضمن إستقرار هذه العالقة‬
‫وبالتالي إستقرار الشغل فيها‪.‬‬

‫هكذا‪ ،‬سنحاول الوقوف عند كتابة عقد الشغل المؤقت (أوال)‪ ،‬ثم حصرية اللجوء إلى‬
‫عقود الشغل المؤقتة (ثانيا)‪ ،‬ثم بعد ذلك حاالت منع اللجوء إلى عقود الشغل المؤقتة (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬كتابة عقد الشغل المؤقت‬


‫إستثناء على مبدأ الرضائية في عقد الشغل فقد يتطلب المشرع في بعض األحيان الكتابة‬
‫وذلك ألسباب إجتماعية في إطار الواقعية التي يتميز بها عقد الشغل لبعض الوقت‪،‬‬
‫وبالرجوع إلى مدونة الشغل نجد أن المشرع يفرض الكتابة فيما يخص عقود الشغل التي‬
‫‪.‬يبرمها الوكيل المتجول أو الممثل أو الوسيط في التجارة أو الصناعة‪ ،‬ونفس الشيء فيما‬
‫يتعلق بعقد المقاولة من الباطن وكذلك عقود شغل األجراء األجانب وفقا للمادة ‪ 516‬من‬
‫مدونة الشغل‪ ،‬بل إن المشرع ذهب إلى أبعد من ذلك‪ ،‬حيث حدد بصفة دقيقة ما يجب تضمينه‬
‫في العقود التي تبرمها وكاالت التشغيل المؤقت سواء عقد الشغل المبرم مع األجير أو فيما‬
‫يتعلق بالعقد المبرم بين وكاالت التشغيل المؤقت والمقاولة المستعملة‪.‬‬

‫‪ -281‬محمد الشرقاني‪ ،‬عالقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪121‬‬
‫هكذا ووفقا للمادة ‪ 501‬من مدونة الشغل يجب أن يحرر كتابة عقد الشغل المؤقت الذي‬
‫يربط مقاولة التشغيل المؤقت بكل أجير من األجراء الذين تم وضعهم رهن إشارة المقاولة‬
‫المستعمل‪ ،‬ويجب أن يتضمن لزوما البيانات المذكورة في المادة ‪ 499‬من مدونة الشغل‪،‬‬
‫إضافة إلى مؤهالت األجير ومبلغ األجر وكيفيات أدائه وفترة التجربة‪ ،282‬وموصفات‬
‫المنصب الذي سيشغله األجير ورقم إنخراط مقاولة التشغيل المؤقت‪ ،‬ورقم تسجيل األجير في‬
‫الصندوق الوطني للضمان اإلجتماعي‪ ،‬وشرط إعادة األجير إلى وطنه من قبل مقاولة‬
‫التشغيل المؤقت إذا كانت المهمة تنجز خارج المغرب‪ ،‬كما هو مبين في المادة ‪ 501‬من‬
‫مدون ة الشغل‪ ،‬وأخيرا يجب أن ينص العقد على جواز تشغيل األجير من قبل المقاولة‬
‫المستعملة بعد إنتهاء المهمة‪.‬‬

‫ويتضح لنا أن المشرع إهتم بأهم التفاصيل التي يجب أن يتضمنها عقد الشغل المؤقت‬
‫والذي تعتبر فيه مقاولة التشغيل المؤقت المشغل بالنسبة لألجير المؤقت ويالحظ أن المشرع‬
‫لم يهدف باألساس‪ ،‬إثبات عالقة الشغل وإنما تشجيعه على كتابة عقد الشغل‪ ،‬وهذا ال يمكنه‬
‫إال أن يثمن هذا المقتضى على إعتبار أن للتوثيق دوره الكبير في الحفاظ على الحقوق‬
‫الخاصة باألجير ويسهل بالتالي إثبات العالقة الشغلية وكذا حماية األجير المؤقت الذي يمكن‬
‫أن يكون أميا‪ ،‬إال أنه ما يمكن أن يسجل هو أن المشرع المغربي لم ينص على كتابة عقد‬
‫الشغل باللغة العربية مما يتناقض والدور الحمائي الذي يتوخى من هذا اإللتزام‪.283‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحديد حاالت حصرية للجوء إلى عقود الشغل المؤقتة‬


‫إن المشرع حدد على سبيل الحصر حاالت اللجوء إلى عقد الشغل المؤقت التي تتطابق‬
‫إلى حد كبير مع حاالت عقد الشغل المحدد المدة‪.‬‬

‫‪ -282‬جاء في المادة ‪ 502‬من مدونة الشغل " ال يمكن أن تتعدى فترة التجربة‪:‬‬
‫‪ -‬بومين إثنين إذا كان العقد مبرما لمدة تقل عن شهر‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثة أيام إذا أبرم العقد لمدة تتراوح بين شهر وشهرين‪.‬‬
‫‪ -‬خمسة أيام إذا كانت مدة العقد تفوق شهرين‪.‬‬
‫‪ -283‬سلوى زوكاغ‪ :.‬التنظيم التشريعي لعقود الشغل الفردية وتأثيره على مبدأ إستقرار الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.54-53‬‬

‫‪122‬‬
‫وهكذا تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 496‬من مدونة الشغل على أنه "يلجأ المستعمل‬
‫إلى أجراء مقاولة التشغيل المؤقت بعد إستشارة الهيئات التمثيلية لألجراء داخل المقاولة من‬
‫أجل القيام بأشغال غير دائمة تسمى "مهام"‪ 284‬في الحاالت التالية‪.‬‬

‫‪ -‬إحالل أجير محل أجير آخر في حالة غيابه أو في حالة توقف عقد الشغل ما لم يكن‬
‫التوقف ناتجا عن اإلضراب‪.‬‬
‫‪ -‬التزايد المؤقت في نشاط المقاولة‪.‬‬
‫‪ -‬إنجاز أشغال ذات طابع موسمي‪.‬‬
‫‪ -‬إنجاز أشغال إنتظم العرف على عدم اللجوء فيها إلى عقد الشغل محدد المدة بسبب‬
‫طبيعة العمل‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حاالت منع اللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت‬
‫حفاظا على حقوق األجراء وخصوصا الدائمين منهم‪ ،‬لم يكتف المشرع بتقيد حق‬
‫اللجوء فيها إلى خدمات هذه المقاوالت سواء من حيث طبيعة العمل أو من حيث المدة‬
‫الزمنية‪ ،‬وإنما منع صراحة اللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت في بعض الحاالت‬
‫الخاصة‪ ،285‬ويتعلق األمر بحالة توقف عقد الشغل بسبب اإلضراب (‪ )1‬وحالة األشغال التي‬
‫تكتسي خطورة خاصة (‪ )2‬وحالة فصل كل أو بعض األجراء ألسباب إقتصادية (‪.)3‬‬
‫توقف عقد الشغل الناتج عن اإلضراب‬ ‫‪-1‬‬
‫إن المستعمل محروم في هذه الحالة‪ ،‬طبقا للفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 496‬من مدونة الشغل‬
‫من إستخدام أجراء مقاولة التشغيل المؤقت والمالحظ هنا أن المشرع كسر في الواقع ميزان‬
‫القوى الذي ينبع أساسا من العالقة القائمة بين قوة المشغل من جهة وقوة األجراء من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬وساهم في جعل ميزان القوى قانونا لصالح األجراء المضربين وهو ما يعاين كذلك‬
‫في المادة ‪ 16‬من مدونة الشغل‪ ،‬عندما حصرت حاالت اللجوء إلى إبرام عقد الشغل محدد‬

‫‪ -284‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مونة الشغل الجزء الثاني عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪.549 ،‬‬
‫‪ -285‬عمار تيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل والتنمية اإلقتصادية و اإلجتماعية ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪123‬‬
‫المدة في عدة حاالت من بينها إحالل أجير محل أجير آخر في حالة توقف عقد شغل هذا‬
‫األجير ما لم يكن التوقف ناتجا عن اإلضراب‪.286‬‬
‫األشغال التي تكتسي خطورة خاصة‬ ‫‪-2‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 497‬من مدونة الشغل على أنه ال يمكن اللجوء إلى أجراء مقاولة‬
‫التشغيل المؤقت من أجل أشغال تكتسي خطورة خاصة‪.‬‬
‫ويمكن القول بأن جميع الشروط قد توخى منها المشرع مصلحة خاصة لفائدة األجراء‬
‫الدائمين إال أن هذا الشرط الذي يفهم منه عكس ذلك‪ ،‬فاألشغال ذات الخطورة الخاصة تبقى‬
‫عبئا على األجراء الدائمين‪ ،‬ويعفى منها األجراء المؤقتين‪ ،‬ألنها تتطلب في الغالب معرفة‬
‫ودراية خاصة إال أن األشغال الخطيرة و األشغال ذات الخطورة الخاصة والجهة المكلفة‬
‫بتحديد نوعا تبقى في حاجة إلى توضيح بما يكفي إلزالة كل لبس أو غموض‪.‬‬
‫‪-3‬حالة فصل كل أو بعض األجراء ألسباب إقتصادية‬
‫لقد نصت على هذه الحالة المادة ‪ 498‬التي جاء فيها‪" ،‬إذا قامت مقاولة بفصل بعض أو‬
‫كل أجرائها ألسباب إقتصادية‪ ،‬فإنه ال يمكنها اللجوء إلى أجراء مقاولة‪ ،‬التشغيل المؤقت‬
‫خالل السنة الموالية لتاريخ الفصل‪ ، ،‬لمواجهة التزايد المؤقت في نشاط المقاولة مع مراعاة‬
‫مقتضيات المادة ‪ 287508‬وينطبق هذا المنع على مناصب الشغل التي شملها إجراء الفصل‪.‬‬
‫يفهم من هذا النص على األقل من ظاهره‪ ،‬أن المشرع منع إحالل أجراء مؤقتين عن‬
‫طريق مقاوالت التشغيل المؤقت محل أجراء ثم فصلهم ألسباب إقتصادية داخل أجل سنة من‬
‫تاريخ الفصل‪ ،‬إذا كان السبب أو الذريعة إلى ذلك هو التزايد المؤقت لنشاط المقاولة‪ ،‬فإن‬
‫المنع في هذه الحالة رهين بتحقق أربعة شروط‪:‬‬

‫أن تكون المقاولة المستعملة قد أقدمت على فصل بعض األجراء أو كلهم‬ ‫‪)1‬‬
‫ألسباب إقتصادية‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫‪- LAHCEN OUHMANE , « les agences privées d’emploi tempraire, une « prouesse » du nauveau code du‬‬
‫‪travail marocain, revue trinestrislle du droit commercial et des affaires. N° 2, 2006, p59‬‬
‫‪ -287‬تنص المادة ‪ 508‬من مدونة الشغل على ما يلي‪:‬‬
‫"يج ب على المشغل أن يعطي لقدماء األجراء الدائمين أو المؤقتين عند عدم وجود الدائمين أسبقية في تشغيلهم في تخصص معين‪ ،‬سواء منهم الذين‬
‫فصلو من شغلهم منذ أقل‪ ،‬من سنة بسبب تخفيض عدد المناصب التي يشملها ذلك التخصص‪ ،‬أو التوقف المؤقت في نشاط المقاولة كلها أو بعضها‬
‫أو الذين دعت الضرورة إلى تعويضهم بسبب مرضهم‪.‬‬
‫يجب على األجراء في جميع األحوال‪ ،‬أن يلتحقو بمناصب شغلهم في التاريخ الذي حدده لهم المشغل‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫أن تلجأ هذه المقاولة إلى مقاوالت التشغيل المؤقت لتغطية التزايد المؤقت‬ ‫‪)2‬‬
‫نشاط المقاولة‪.‬‬
‫أن يكون طلب تغطية التزايد المؤقت لنشاط المقاولة من أجل تعويض مناصب‬ ‫‪)3‬‬
‫شغل المفصولين ألسباب اقتصادية‪.‬‬
‫ال يسري هذا المنع إال داخل أجل ستة من تاريخ الفصل‪.‬‬ ‫‪)4‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مرونة اآلليات الداعمة الستمرارية المقاولة‬


‫إذا كان المشرع المغربي قد منح للمشغل المرونة الالزمة إلبرام عقود الشغل كما‬
‫رأينا‪ .‬فإن األمر لم يقف عند هذا الحد‪ ،‬بل مدد تلك المرونة أيضا خالل مرحلة سريان عقد‬
‫الشغل باعتبارها المرحلة األساسية في العقد مما يتطلب تنظيما محكما يؤطر العالقة التعاقدية‬
‫ويعطي لكل ذي حق حقه في إطار تكريس آلليات دعم استمرارية المقاولة‪.‬‬

‫وباعتبار عالقات الشغل سواء كانت فردية أو جماعية تتسم بطابع‪ ،‬اجتماعي‬
‫واقتصادي وتنطلق عادة من تعاقد بين مشغل وأجير يوصف عادة بعقد الشغل هذا العقد الذي‬
‫يعتبر من عقود المدة‪ ،‬فهو ليس باألبدي‪ ،‬فكما أن له بداية له نهاية‪ ،288‬وهذه مسألة بديهية‬
‫أكدتها مقتضيات الفصل ‪ 728‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫وهكذا وإنطالقا من إقرار المشرع الحق في الشغل ومنعه تأبيد عالقة الشغل بحث عن‬
‫إيجاد حلول مالئمة‪ ،‬فأجاز إنهاء هذه العالقة‪ ،‬بشكل يكرس مرونة لفائدة المشغل في مرحلة‬
‫اإلنهاء هاته‪.‬‬

‫هكذا سنحاول الوقوف عند مرونة آليات تنفيذ عقود الشغل (المطلب األول)‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫سنعرض لمرونة آليات إنهاء عقد الشغل (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ -288‬فريدة المحمودي‪ ،‬الضمانات الحقوقية لألجير عبر الحياة القانونية لعقد الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.496‬‬

‫‪125‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مرونة آليات تنفيذ عقد الشغل‬
‫لم تكتف مدونة الشغل بترميم أحكام تشريع الشغل السابق من منطلق دعم إنطالق‬
‫المقاولة من خالل عدة آليات‪ ،‬بل إنتهت إلى أن المقاولة وإن توفر لها المناخ المناسب‬
‫إلنطالقها في ظروف غير مكلفة إال أنها قد تصطدم بعقوبات عديدة خالل مواصلة نشاطها‪،‬‬
‫لذلك كان ضروريا تقرير آليات أخرى إلمكانية ضمان إستمرارية المقاولة‪.‬‬

‫ولعل من أهم هذه اآلليات السماح للمشغل بتقليص مدة الشغل العادية تحت بعض‬
‫الشروط الخاصة وكذلك اإلنتقاص من األجر‪ ،‬وهذا ما سنحاول التعرض إليه من خالل‬
‫تخصيص فقرة لكل نقطة من النقط المشار إليها أعاله‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إمكانية تقليص مدة الشغل‬
‫يقصد بمدة الشغل أو العمل‪ ،‬هو ذلك الوقت الفعلي الذي يوجد فيه األجير رهن إشارة‬
‫المشغل‪ ،‬أي تلك الفترة الزمنية اليومية واألسبوعية التي يلتزم فيها األجير بوضع خدماته‬
‫تحت إمرة المشغل‪ ،289‬أما تنظيم مدة الشغل فيقصد بها األساس اإلستثناءات التي تطال المدة‬
‫العادية للشغل من خالل تخفيضها والتقليص منها‪.‬‬
‫ففي إطار تعزيز مبدأ المرونة ال سيما بالنسبة للمقاوالت التي تعرف صعوبات‬
‫إقتصادية وأزمات مالية عابرة‪ ،‬ومن أجل الحفاظ على مناصب الشغل ولو بأجور متواضعة‪،‬‬
‫إضطر مشرع مدونة الشغل إلى إتاحة الفرصة للمشغلين في الظروف السابقة إلى التقليص‬
‫من مدة الشغل العادية لتجاوز الصعوبات المذكورة أعاله مع مراعاة مبدأ إستقرار وضمان‬
‫إستمرارية المقاولة‪.‬‬

‫هكذا سنحاول إستعراض األسباب المبررة للتقليص من مدة الشغل (أوال)بعدها نعالج‬
‫مدة التقليص (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -289‬المناظرة الوطنية " مدونة الشغل بعد مرور عشر سنوات من صدورها بين متطلبات التنمية اإلقتصادية وضمان العمل الالئق"‪ ،‬تقرير‬
‫الورشة الثالتة المتعلقة ب "مدونة الشغل والظروف العمل‪ :‬مدة العمل والصحة والسالمة في العمل"‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪126‬‬
‫أوال‪ :‬األسباب المبررة للتقليص من مدة الشغل‬
‫لقد إرتأت مدونة الشغل أن المشغل ال يمكنه اللجوء إلى التقليص من مدة الشغل العادية‬
‫إال عند حدوث أزمة إقتصادية عابرة أو ظروف طارئة خارجة عن إرادته‪.290‬‬

‫وإذا كانت األزمة اإلقتصادية يمكن ضبطها والوقوف عند معالمها وقد تسهل مراقبتها‬
‫سواء من طرف السلطة اإلدارية أو من طرف القضاء فإن معايير إعتبار تلك األزمة عابرة‬
‫أو ال من حيث الزمن يصعب ضبطها‪.‬‬

‫هذا فضال عن أن األزمة اإلقتصادية كما أصبحت تبرر التقليص من مدة الشغل العادية‬
‫قد تكون أيضا سببا للفصل الجزئي أو الجماعي لألجراء طبقا للمادة ‪ 66‬وما يليها من مدونة‬
‫الشغل‪ ،‬أما السبب الثاني المبرر للتقليص من مدة الشغل العادية المتمثل في ظروف طارئة‬
‫خارجة عن إرادة المشغل فيظل سببا غامضا قد يثير إختالف التأويل أمام القضاء والفقه‪،291‬‬
‫طالما أن مدونة الشغل قد عرفت بأحكام صريحة لبعض الحاالت التي تبرر تصرفات‬
‫المشغل التي تكون خارجة عن إرادته‪.‬‬

‫ولعل المشرع المغربي إذا لم يقرر نظرية الظروف الطارئة مثل التشريعات الحديثة‬
‫كمبدأ عام في القانون المدني‪ ،‬فكأننا به بمناسبة نصوص خاصة هنا وهناك قد شرع في بلورة‬
‫تلك النظرية العامة‪.‬‬

‫وهكذا وفي ظل األحكام العامة لتلك النظرية يكون من حق المشغل أن يعمد إلى‬
‫التقليص من المدة العادية كلما كان من الصعب عليه تجاوز تلك الظروف دون إلحاق‬
‫الخسارة به‪.292‬‬

‫هذا من حيث أن المشغل في ضوء مشروع ‪ 95‬لم يكن بإمكانه اللجوء إلى التقليص من‬
‫ساعات الشغل العادية إال إذا كانت مقاولته تعرف أوضاعا مالية "ال يمكن مواصلة‬
‫إستغاللها" وكأننا بالمشروع يحيلنا على نظرية القوة القاهرة وليس نظرية الظروف الطارئة‪.‬‬

‫‪ -290‬المادة ‪ 185‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ -291‬محمد الشرقاني‪ ،‬عالقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪ -292‬عمار تيزاوي‪ :‬مدونة الشغل والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.133-132‬‬

‫‪127‬‬
‫وهو ما يؤشر على نية واضعي المدونة في التخفيف من إلتزامات المشغل لضمان‬
‫إستمرارية المقاولة بحث يكفي توافر شروط نظرية الظروف الطارئة إلنقاص مدة الشغل‬
‫دون ضرورة توافر شروط القوة القاهرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدة التقليص‬


‫دائما في إطار هاجس مراعاة إستمرارية المقاولة نالحظ أن واضعو مدونة الشغل‪ ،‬قد‬
‫خفظوا من مدة التقليص الذي يعتزم المشغل اللجوء إليه إلى ‪ 60‬يوما بعد أن كانت ‪ 75‬يوما‬
‫في مشروع ‪.99‬‬

‫على أن تلك المدة المذكورة إنما حددت للتميز بين الحالة التي يكتفي فيها المشغل‬
‫بإستشارة ممثلي األجراء (‪ )1‬والحالة التي قد يصل به األمر إلى ضرورة اإلذن بالتقليص‬
‫من عامل العمالة أو اإلقليم (‪.)2‬‬

‫مدة التقليص التي تقتضي إستشارة ممثلي األجراء‬ ‫‪-1‬‬

‫لقد أعطى المشرع للمشغل من خالل المادة ‪ 185‬من مدونة الشغل إمكانية التقليص من‬
‫مدة الشغل العادية للمشغل في حدود الستين يوما باإلقتصار فقط على إستشارة مندوبي‬
‫األجراء والممثلين النقابين بالمقاولة عند وجودهم هذه اإلستشارة التي يجب أن تتسم بروح‬
‫المواطنة من قبل المشغل وممثلي األجراء كما أنها مجرد إستشارة ال تلزم المشغل الذي يمكن‬
‫أن يتخذ قراره بصفة أحادية‪.293‬‬

‫وقد أبرزت المادة ‪ 186‬من م‪.‬ش‪ 294‬في هذا السياق أنه يتعين على المشغل أن يبلغ نيته‬
‫بذلك إلى مندوبي ا ألجراء والممثلين النقابين بالمقاولة عند وجودهم قبل أسبوع على األقل‬
‫عن تاريخ الشروع في التقليص‪ ،‬وأن يقوم كذلك بتزويدهم بكل المعلومات حول اإلجراءات‬
‫المزمع إتخاذها واآلثار التي يمكن أن تترتب عنها‪.295‬‬

‫‪ -293‬المناظرة الوطنية‪ :‬مدونة الشغل بعد مرور عشر سنوات من صدورها بين متطلبات التنمية اإلقتصادية وضمان العمل الالئق‪ ،‬تقرير الورشة‬
‫الثالتة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -294‬راجع المادة ‪ 186‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -295‬عبد اللطيف خالقي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول عالقات الشغل الفردية‪ .‬م‪.‬س ص ‪589‬‬

‫‪128‬‬
‫ويبدو أن المشرع قد أكد على نفس المسطرة التي أقرها في حالة التسريح ألسباب‬
‫إقتصادية المنصوص عليها في المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل‪ ،‬مع تعديلها بما يتالءم وطبيعة‬
‫السبب اإلقتصادي الداعي إلى التقليص وحدد مدة أسبوع بدل شهر المنصوص عليه في‬
‫المادة ‪ 66‬السالفة الذكر‪.‬‬

‫كما نجد المشرع من خالل الفقرة األخيرة من المادة ‪ 186‬ينص على أن لجنة المقاولة‬
‫تحل محل مندوبي األجراء و الممثلين النقابين في المقاوالت التي يزيد فيها عدد لألجراء عن‬
‫‪ 50‬أجير ما دامت هذه اللجنة تتوفر على مهام إستشارية في المجاالت اإلجتماعية‬
‫واإلقتصادية بصفة عامة‪ ،‬مما يخولها أكثر من غيرها أن تكون على وعي بالحلول الممكنة‬
‫إلنقاذ المقاولة‪.‬‬

‫ودائما في إطار المرونة المخولة للمشغل فقد كان المشرع دقيقا في تحديد المدة باأليام‬
‫وليس بالشهور وإحتساب األيام في هذه الحالة ينبغي أن يؤخذ في سياق مدة الشغل العادية‬
‫الواردة في المادة ‪ 185‬من م‪.‬ش‪ ،‬فمدة الستين يوما من مدة الشغل العادية ينبغي أن تحتسب‬
‫على أساس كل األيام دون إضافة أيام الراحة األسبوعية أو األعياد‪.‬‬

‫كما نصت نفس المادة على فترة التقليص من مدة الشغل العادية والتي يمكن أن تكون‬
‫متصلة أو منفصلة‪ ،‬مما يفيد أن المشرع لم يلزم المشغل بضرورة إتصال المدة‪ ،‬بل قد تكون‬
‫منفصلة‪ ،‬أم تتعلق بأيام متباعد ة خالل السنة كأن يكون التوقف لعشرة أيام ثم إستمرار العمل‬
‫أليام ثم تتوقف مرة أخرى‪ .....296‬فاألمر هنا يقتضى إحتساب الستين يوما داخل السنة‪.297‬‬

‫وفي جميع األحوال فالمشرع كان هدفه األساسي من إنقاص مدة الشغل حماية المقاولة‬
‫عندما تتعرض ألزمة إقتصادية عابرة أو ظروف طارئة خارجة عن إرادة المشغل‪.298‬‬

‫‪ -296‬مفيد الملكي‪ ،‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.105-104‬‬
‫‪ -297‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثالث عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪ -298‬مفيد المكي‪ ،‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ :2‬مدة التقليص التي تقتضي إذن عامل العمالة أو اإلقليم‬
‫إذا كان المشرع قد وضع بقوة القانون مقتضيات تسمح للمشغل بالتقليص من عدد‬
‫ساعات العمل عند وجود أزمة إقتصادية عابرة‪ ،‬فإن هذه األزمة قد تمتد إلى مدة تتجاوز‬
‫الستين يوما في السنة كما جاء في الفقرة الرابعة من المادة ‪ 185‬من م‪.‬ش‪ ،‬وهنا ننتقل من‬
‫مبدأ فرض القانون على طرفي العالقة الشغلية إلى مبدأ اإلتفاق على مدة التمديد‪ ،‬وذلك بين‬
‫المشغل ومندوبي األجراء والممثلين النقابين بالمقاولة عند وجودهم أو لجنة المقاولة في‬
‫المقاوالت التي يزيد فيها عدد األجراء عن خمسين أجير‪.299‬‬
‫إال أن هذا اإلتفاق الذي ينص عليه المشرع ال يكون حول التقليص كمبدأ عام بل فقط‬
‫حول المدة التي سيستغرقها هذا األخير‪.‬‬

‫وفي نفس السياق نجد المشرع يوسع من هذه المرونة المخولة للمشغل حيث أتاح له في‬
‫حالة عدم التوصل إلى أي إتفاق مع ممثل األجراء اللجوء إلى عامل العمالة أو اإلقليم من‬
‫أجل الحصول على اإلذن طبقا للمسطرة المحددة في المادة ‪ 67‬من م‪.‬ش‪ 300‬المتعلقة بالفصل‬
‫الجماعي لألجراء مما يدفع األجراء وممثليهم إلى الخضوع ألمر الواقع وقبول التمديد‬
‫عوض الفصل الجماعي ألسباب إقتصادية‪.‬‬

‫أما في حالة القبول فإنه يتم اإلتفاق بين المشغل وممثلي األجراء على المدة التي‬
‫يستغرقها التقليص اإلتفاقي‪ ،‬والمالحظ هنا أن المشرع لم يحدد مدة قصوى ال ينبغي تجاوزها‬
‫في التقليص‪ ،‬بل ترك األمر بيد األطراف المعنية وخاصة المشغل الذي يعتبر المختص‬
‫الرئيسي في األزمة العابرة والمدة التي يجب تخصيصها لتخطي هذه األزمة بسالم‪.‬‬

‫‪ -299‬عبد اللطيف خالقي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.589‬‬
‫‪ -300‬يتوقف فصل األجراء العاملين في المقاوالت المشار إليها في المادة ‪ 66‬أعاله‪ ،‬كال أو بعضا‪ ،‬ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها‪ ،‬أو‬
‫ألسباب اقتصادية‪ ،‬على إذن يجب أن يسلمه عامل العمالة أو اإلقليم في أجل أقصاه شهران من تاريخ تقديم الطلب من طرف المشغل إلى المندوب‬
‫اإلقليمي المكلف بالشغل‪.‬‬
‫يكون طلب اإلذن مرفقا بجميع اإلثباتات الضرورية وبمحضر المشاورات والتفاوض مع ممثلي األجراء المنصوص عليه في المادة ‪ 66‬أعاله‪.‬‬
‫في حا لة الفصل ألسباب اقتصادية‪ ،‬يكون الطلب مرفقا‪ ،‬عالوة على الوثائق المذكورة أعاله‪ ،‬باإلثباتات التالية ‪:‬‬
‫تقرير يتضمن األسباب االقتصادية التي تستدعي تطبيق مسطرة الفصل؛‬ ‫‪-‬‬
‫بيان حول الوضعية االقتصادية والمالية للمقاولة؛‬ ‫‪-‬‬
‫تقرير يضعه خبير في المحاسبة أو مراقب في الحسابات‪....‬‬ ‫‪-‬‬

‫يجب أن يكون قرار عامل العمالة أو اإلقليم معلال ومبنيا على الخالصات واالقتراحات التي توصلت إليها اللجنة المذكورة‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫وإذا كانت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 185‬تحيل على المادة ‪ 67‬من م‪.‬ش في حالة‬
‫اللجوء إلى المسطرة اإلدارية وفي حالة عدم التوصل إلى إتفاق مع ممثلي األجراء حول مدة‬
‫التقليص مع العلم أن المادة األخيرة نقصد المقاولة التي تشغل عشرة أجراء أو أكثر مما يعني‬
‫أن المشغل الذي يشغل أقل من ذلك العدد ملزم بسلوك مسطرة مدة الستين يوما‪.‬‬

‫كما قد يواجه المشغل حالة أخرى ال تقل أهمية عن سابقتها وتتمثل في كون عدد من‬
‫األجراء يوافقون على مدة التقليص في حين البعض اآلخر يبدون عدم موافقتهم وبالتالي‬
‫فلجوء المشغ ل إلذن عامل العمالة أو اإلقليم يكون بشأن هؤالء اآلخرين دون غيرهم‪ ،‬بحيث‬
‫يكون الموافقون منهم ملزمين بإحترام التقليص اإلتفاقي‪.301‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية اإلنتقاص من األجر‬


‫إن التشريع اإلجتماعي المغربي يهدف إلى تحقيق غايتين أساسيتين هما‪:‬‬

‫المرونة الالزمة إلبقاء المقاولة بالقوة الالزمة لمسايرة التطور اإلقتصادي واإلجتماعي‬
‫من جهة والحفاظ على مبدأ إستقرار الشغل بإيجاد حلول مناسبة تقي األجراء من معضلة‬
‫البطالة في حالة التسريح الكلي أو الجزئي من جهة أخرى‪.‬‬

‫فتقرير المشرع لمبدأ تقليص مدة الشغل العادية من خالل المادة ‪ 185‬من م‪.‬ش كان‬
‫بديهيا أن يتبعه اإلنتقاص من مقدار األجر المستحق لألجير‪ ،‬خاصة وأن نفس المادة المذكورة‬
‫حددت سبب لجوء المشغل إلى هذا التقليص والمتمثل في حدوث أزمة إقتصادية عابرة أو‬
‫ظروف طارئة في المقاولة وخارجة عن إرادته وبالتالي كان من المنطقي أن يضحي‬
‫األجراء بقسط من أجرهم إلنقاذ المقاولة‪ ،‬وإال فما كان هدف المشرع من التقليص ليحقق‬
‫هدفه‪.‬‬

‫وإذا كان اإلنتقاص من األجر محدد في ‪ %50‬من األجر العادي حسب المادة ‪185‬‬
‫(أوال)‪ ،‬فيمكن أن يصل اإلنتقاص إلى ما دون الحد األدنى لألجور (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -301‬مفيد المكي‪ ،‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.107‬‬

‫‪131‬‬
‫أوال‪ :‬حاالت حصول األجير على أقل من أجره العادي‬
‫من بين إمكانيات وصيغ المرونة التي منحتها المدونة للمقاولة اللجوء إلى اإلنتقاص من‬
‫األجر تبعا لإلنقاص من ساعات العمل وذلك إلعتبارات طارئة لها صبغة إكراهية بالنسبة‬
‫للمقاولة‪.302‬لكن هذه المرونة لم تنس المدونة اإلعتبار اإلجتماعي المتمثل في حقوق األجراء‬
‫ولذلك وفي إطار منطق التوفيق والتوازن حددت المدونة مجموعة من الشروط المقيدة‬
‫إلعمال هذه اإلمكانية من طرف المشغل‪.‬‬

‫إن األجر حسب مدونة الشغل يعتبر أحد األركان األساسية في عقد الشغل‪ ،‬يستحق كل‬
‫أجير كمقابل للجهد الذي يبذله في الشغل داخل المقاولة‪.‬‬

‫ويتحدد األجر حسب المدة الزمنية التي يشتغلها األجير‪ ،‬وإذا كان المشرع قد أكد أنه‬
‫يجب أن ال يقل عن الحد األدنى المحدد قانونا فإنه نظرا لبعض الظروف الطارئة أو األزمة‬
‫اإلقتصادية العابرة التي قد تعصف بالمقاولة‪ ،‬سمح للمشغل باإلنتقاص من األجر العادي‬
‫بنسب مختلفة قد تصل إلى ‪ %30‬وذلك موازاة مع مدة التقيص من فترة الشغل العادية‪.‬‬

‫هذه النسبة من اإلنتقاص التي عرفت إرتفاعا مع مجيء قانون ‪ 65.99‬المتعلق بمدونة‬
‫الشغل وذلك بعد أن كان يشترط أال يقل أجر األجير على إثر اإلنقاص عن ربع األجر الذي‬
‫كان يتقاضاه عادة قبل اإلنقاص‪.303‬‬

‫فاألجير حسب المادة ‪ 185‬من م‪.‬ش يستحق األجرة عن مدة الشغل الفعلية التي أداها‬
‫بعد التخفيض السابق الذكر وبالتالي كلما زاد عدد أيام التقليص زادت معه نسبة اإلنتقاص من‬
‫األجر‪.‬‬

‫وإذا تم التقليص من مدة الشغل في نطاق المادة ‪ 185‬من م‪.‬ش‪ ،‬أو االتفاقية الجماعية‬
‫بحيث ال تتجاوز فترة التقليص ‪ 60‬يوما في السنة واألجر ال ينزل عن ‪ %50‬من األجر‬
‫العادي‪ ،‬فإن رفض العامل هذا التعديل وأدى ذلك إلى إنهاء عقده‪ ،‬فإن المشغل يكون قد إحترم‬
‫مسطرة التقليص من مدة الشغل‪ ،‬فمادام هذا األخير قد إحترم قواعد و شروط التقليص من‬

‫‪ -302‬عمار تيزاوي‪ :‬مدونة الشغل والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪ -303‬مفيد المكي‪ ،‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.110‬‬

‫‪132‬‬
‫مدة الشغل‪ ،‬وإقترح على األجير تعديال في العالقة الشغلية القائمة بينهما بالتخفيض من‬
‫ساعات الشغل اليومية‪ ،‬فله أن يعتبر هذا اإلقتراح حال رفض هذا األخير له بمتابة إخطار له‬
‫بإنهائها‪.304‬‬

‫ثانيا‪ :‬حاالت حصول األجير على أقل من الحد األدنى لألجر‬


‫إذا كان المشرع من خالل المادة ‪ 185‬من م‪.‬ش تسمح بالتقليص من مدة الشغل العادية‬
‫لفتر ة تزيد عن الستين يوما ولم يحدد حدها األقصى وذلك سواء باإلتفاق مع مندوبي األجراء‬
‫أو بنهج المسطرة اإلدارية والحصول على اإلذن من عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬فإن المنطق‬
‫يفرض أن تكون نسبة اإلنتقا ص من األجر موازية لمدة التقليص من مدة الشغل و بالتالي‬
‫يمكن اإلنتقاص إلى ما دون الحد األدنى لألجر‪ ،‬وذلك بدافع الحفاظ على مناصب الشغل‪،‬‬
‫خاصة وأن مدونة الشغل قد إعتمدت في عدة أحكام لها على إحتساب األجر على أساس‬
‫ساعات الشغل من جهة‪ ،‬وأن النص القانوني القاضي بضمان الحد األدنى القانوني لألجر إنما‬
‫قرر في الحاالت العادية بينما تظل أحكام التقليص من مدة الشغل إستثنائية تبررها حاالت‬
‫خاصة‪.305‬‬

‫وبإعتبار المشغل يملك سلطة التنظيم‪ ،‬فعندما تمر المقاولة بأزمة مالية أو إقتصادية‬
‫صعبة‪ ،‬قد يضطر صاحبها إلى إتخاذ التدابير الضرورية لمواجهة هذه الظروف الطارئة‪،‬‬
‫فتكون له الحرية المطلقة في إختيار الوسائل الكفيلة بحفظ مصالح مقاولته وإنصياعا‬
‫للضرورات اإلقتصادية يمكن له أن ينقص من ساعات الشغل ليقل إنتاجه أو يخفض األجور‬
‫لتخف المصروفات العامة‪ ،‬ويستند هذا الرأي إلى مرجعية إقرار مبدأ إستقرار الشغل‬
‫كمنطلق لتعديل مدة الشغل وقيمة األجر‪ ،‬فهو ينظر إلى أن التقليص من مدة الشغل له طبيعة‬
‫خاصة بالنظر إلى أسبابه وأهدافه‪ ،‬فمن جهة هو إجراء تفرضه الظروف اإلقتصادية السيئة‬
‫للمقاولة أو حدوث أزمة طارئة عارضة‪ ،‬ومن جهة أخرى يتجه إلى تجنب إنهاء عالقات‬
‫الشغل وهذا يفرض على القضاء أن يأخذ بعين اإلعتبار األفكار األساسية التي تحكم الواقع‬

‫‪ -304‬ميمون الوكيلي‪ ،‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدا إستقرار الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ -305‬عمار تيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪133‬‬
‫وظرو فه المتغيرة لضمان تحقيق التوازن بين المصالح المتنازعة المرتبطة بهذا اإلجراء‬
‫المؤقت‪.306‬‬

‫من كل ما سبق يتبين أن النظام القانوني لمدة الشغل هو نظام مرن وتدبير هذا النظام‬
‫من طرف المشغل يترك له هامشا واسعا من الحرية إلعمال سلطته التنظيمية بما يحمي‬
‫مصالحه اإلقتصادية وهذا يترجم ويكرس للبعد الحكماتي الذي يطبع مقتضيات مدونة الشغل‪،‬‬
‫لكن وبالموازاة مع ذلك ألزمه بالمحافظة على إستمرار عالقات الشغل بإتباع إجراءات‬
‫وقواعد قانونية مرنة‪ ،‬تستجيب إلقرار مبدأ إستقرار الشغل عندما تضطره الظروف‬
‫اإلقتصادية أو األزمات المالية العارضة أن يخفف من هذا العبء عن طريق التقليص من‬
‫مدة الشغل جزئيا بدون أو مع إنقاص األجر إلى المستوى الذي يراه المشغل مناسبا لحماية‬
‫مقاولته من االنهيار‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مرونة آليات إنهاء عقد الشغل‬


‫إن من أهم خصائص عقد الشغل هي خاصية المدة أو التأقيت‪ ،‬بحيث أن عقد الشغل هو‬
‫عقد كسائر العقود له بداية ونهاية‪ ،‬ومنذ والدته وأثناء مرحلة تنفيذه قد تلحقه عدة تعديالت‬
‫منها ما يوصف بالجوهري وغير الجوهري‪ ،‬إال أن هناتك حاالت ينتهي فيها عقد الشغل وال‬
‫يصبح له وجود قانوني‪.‬‬

‫وكثيرا في مرحلة إنهاء عقود الشغل يغلب الحديث عن مظاهر الحماية التي أقرها‬
‫المشرع لألجير على إعتبار أنه الطرف الضيق إقتصاديا أمام قوة و جبروت المشغل‪ ،‬إال أنه‬
‫وكما سبق الذكر فقانون الشغل لم يهتم فقط باآلليات الكفيلة لتحقيق الحماية لفائدة األجراء بل‬
‫وازى بين هذا الهدف وهذه الغاية وبين مبتغى آخر وهو ضمان أكبر قدر من المرونة لفائدة‬
‫المشغل وذلك بغاية ضمان إستمرارية المقاولة وإستمرارية تنافسيتها اإلقتصادية‪.‬‬

‫وما يالحظ على أن مظاهر المرونة هاته التي كرسها المشرع في مدونة الشغل لم‬
‫يجعلها حبيسة مرحلة تكوين عقد الشغل أو تنفيذه فقط بل تجاوز ذلك ليكرس العديد من آليات‬

‫‪ -306‬مفيد المكي مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.115‬‬

‫‪134‬‬
‫المرونة حتى في مرحل ة إنهاء هذا العقد وذلك سواء على مستوى المساطر (الفقرة األولى) أو‬
‫على مستوى التعويضات (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المرونة على مستوى مساطر اإلنهاء‬


‫إذا كان المشغل يتمتع بسلطة واسعة في تشغيل األجراء سواء بواسطة التشغيل المباشر‬
‫أو عن طريق وكاالت التشغيل الخصوصية‪ ،‬فإن المشرع خول له إمكانية ال تقل أهمية عن‬
‫سابقتها والمتمثلة في فصل كل أجير يستدعيه السير العادي للمقاولة‪.‬‬

‫لكن هذه العملية تتطلب مسطرة تختلف بإختالف أسباب ودوافع هذا الفصل وكذا بتنوع‬
‫العقود المبرمة بين الطرفين‪ ،‬بشكل يضمن نوعا من المرونة لفائدة المشغل هكذا سنحاول‬
‫الوقوف في (ثانيا) عند حق المشغل في فصل األجير المرتكب ألخطاء غير جسيمة متعاقبة‪،‬‬
‫وفتح الئحة األخطاء الجسيمة وتركها على سبيل المثال ال الحصر (ثالثا) وجعل أجل الطعن‬
‫في مقرر الفصل جد محدود (رابعا)‪ .‬أضف على ذلك إمكانية عدم تنفيذ الحكم القاضي‬
‫باإلرجاع (خامسا) لكن قبل ذلك حري بنا أن نتطرق لإلنهاء المبستر لعقد الشغل محدد المدة‬
‫(أوال)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلنهاء المبستر لعقد الشغل محدد المدة‬


‫لم تقتصر مرونة تشريع الشغل في تنظيم عقود الشغل محددة المدة بجعلها أكثر إستجابة‬
‫لحاجيات المقاولة‪ ،‬بل إمتدت إلى إقرار مرونة على مستوى إنهاءها كذلك‪.307‬‬

‫هذا اإلنهاء الذي يكتسي طابعا مبسطا على إعتبار أن حلول األجل يضع حدا للعالقة‬
‫القائمة‪ ،‬فهو يعلن مسبقا عن اللحظة الحاسمة التي يسترجع فيها الطرفان كامل حريتهما في‬
‫التصرف سواء من خالل نهاية التاريخ المحدد للعقد أو بمجرد إنجاز موضوعه‪.‬‬

‫وهكذا نصت المادة ‪ 33‬من مدونة الشغل في فقرتها األولى على أنه "ينتهي عقد الشغل‬
‫محدد المدة بحلول األجل المحدد للعقد أو بانتهاء الشغل الذي كان محال له"‪.‬‬

‫‪ -307‬غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل حماية حقوق األجراء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫‪135‬‬
‫وبذلك يتضح أنه بمجرد إنتهاء مدة عقد الشغل محدد المدة أو إنجاز الشغل المتفق عليه‬
‫ينتهي هذا العقد بداهة دون إلتزام المشغل بإخطار األجير أو تعويضه عن هذا اإلنهاء‪ ،‬طالما‬
‫كانت مدة إنتهائه معلومة لدى الطرفين بل وال يلزم بتجديد ذلك العقد أوتحويله إلى عقد شغل‬
‫غير محدد المدة‪.308‬‬

‫وهكذا يتبين حرص المشرع على دعم المرونة المخولة للمشغل في إنهاء عقود الشغل‬
‫محددة المدة بمجرد إنتهاء للعقد أو إثبات أسبابه المشروعة فحلول األجل يشكل في حد ذاته‬
‫سببا كافيا إلنهاء عالقة الشغل محددة المدة‪.309‬‬

‫هكذا وفي إطار المرونة التي أضفاها المشرع لفائدة المشغل يالحظ أنها تبدو جلية من‬
‫خالل‪ ،‬هذا النوع من العقود ليس فقط في حاالت اللجوء إليه بل كذلك إنهائه‪ ،‬حيث يحق‬
‫للمشغل إنهاء العقد المحدد المدة في أي وقت شاء ودون أن يندرج ذلك في إطار الفصل‬
‫التعسفي لألجير‪ ،‬كما يمكن إنهاء العقد قبل إنتهاء مدته أو قبل إنجاز العمل المتفق عليه في‬
‫حالة إرتكاب األجير لخطأ جسيم أو في حالة وجود قوة قاهرة تمنع من تنفيذ العقد وتجعله‬
‫مس تحيال‪ ،‬أضف إلى ذلك الحالة التي ينتهي فيها عقد الشغل محدد المدة بإتفاق الطرفين على‬
‫وضع حد للعقد الذي يكون أجله ال زال مستمرا‪.310‬‬

‫ثانيا‪ :‬حق المشغل في فصل األجير المرتكب ألخطاء غير جسيمة متعاقبة‬
‫إن نجاح المقاولة في أهدافها رهين بمجموعة من العناصر المادية والبشرية وأهمها‬
‫قيام األجراء بعملهم على أحسن وجه‪ ،‬وبالخصوص تنفيذ األوامر التي توجه إليهم من طرف‬
‫المشغل في إطار التبعية القانونية التي تربطهم به‪ .‬وحتى يكون لتعليمات المشغل صدى لدى‬
‫كل األجراء و حتى يسود النظام في المقاولة فإن المشرع أعطى المشغل في إطار سلطته‬
‫التأ ديبية حق توقيع الجزاء التأديبي على األجراء الذين يرتكبون أخطاء تأديبية خالفا لنظام‬
‫المقاولة‪.311‬‬

‫‪ -308‬عمار تيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -309‬خالد بنهاشم‪ :‬إستقرار التعاقد في قانون الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ -310‬مفيد الكي‪ :‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -311‬الزهرة أنور‪ :‬المشغل بين السلطة التأديبية والرقابة القضائية‪ ،‬المجلة المغربية للحكامة القانونية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،2018 ،4-3‬ص ‪.211‬‬

‫‪136‬‬
‫فالجزاء التأديبي هو الجزاء الذي يوقعه المشغل على األجير نتيجة مخالفة أوامره أو‬
‫مخالفة المقتضيات المتعلقة بالشغل التي من شأنها اإلخالل بنظام المقاولة فهو بذلك الوسيلة‬
‫التي يتمكن من خاللها المشغل من ممارسة وتفعيل سلطته التأديبية‪ ،‬وهو يشمل نوعين من‬
‫الجزاءات‪:‬‬

‫أوال‪ :‬جزاءات تأديبة معنوية تمس الضمير المهني لألجير وتشعره بعدم الرضا على‬
‫سلوكه في الشغل‪ ،‬والهدف منها هو تحذير األجير وتهديده بأنه سيتعرض إلى جزاء أشد في‬
‫حالة الع ود إذا ارتكاب نفس الخطأ أو غيره من األخطاء غير الجسيمة‪ ،‬فهي مقدمة التخاذ‬
‫جزاءات أشد في حالة تمادي األجير في اقترافه ألخطاء غير جسيمة وتتمثل هذه الجزاءات‬
‫في اإلنذار والتوبيخ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جزاءات تهدد إستقرار األجير في شغله وهي جزاءات تهدد األجير بعدم‬
‫االستمرار أو اإلستقرار في شغله أو مكانه أو رتبة عمله‪ ،‬وتتمثل هذه الجزاءات حسب المادة‬
‫‪ 37‬باألساس في الفصل عن العمل نتيجة الرتكاب األجير ألخطاء غير جسيمة متعاقبة‪.312‬‬

‫وفي محاولة إلبراز جانب المرونة المخولة للمشغل في تطبيق العقوبة التأديبية نؤكد أن‬
‫المشرع عمل على تحديده للعقوبات التأديبية على سبيل الحصر فقد ترك للمشغل مجاال‬
‫واسعا إلعمال سلطته التقديرية والتأديبية‪ ،‬وإذا كان المشرع قد ألزم المشغل بتطبيق‬
‫مقتضيات المادة ‪ 62‬بشأن العقوبتين الواردتين في الفقرة الثالثة والرابعة فإنه من جهة أخرى‬
‫خوله حق فصل األجير بعد استنفاذ العقوبات الواردة في المادة ‪ 37‬داخل السنة حسب‬
‫مقتضيات المادة ‪ 31338‬من م ش‪ ،‬ويكون الفصل آنذاك مبررا‪.‬‬

‫وبذلك يكون المشرع المغربي قد أحسن صنعا بتمكين المشغل من تطبيق العقوبات‬
‫التأديبية كيفما بلغت درجتها‪ ،‬وذلك لردع كل مخالف للمقتضيات القانونية والنظام الداخلي‬
‫للمؤسسة وجعل الجميع منضبطا تحت السلطة القيادية للمشغل‪.314‬‬

‫‪ -312‬الزهرة أنوار‪" :‬المشغل بين السلطة التأديبية والرقابة القضائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.213-212 :‬‬
‫‪ -313‬تنص المادة ‪ 38‬من م ش على ما يلي‪" :‬يتبع المشغل بشأن العقوبات التأديبية مبدأ التدرج في العقوبة‪ ،‬يمكن له بعد استنفاذ هذه العقوبات داخل‬
‫السن أن يقوم بفصل األجير‪ ،‬ويعتبر الفصل في هذه الحالة فصال مبررا"‪.‬‬
‫‪ -314‬مفيد المكي‪" :‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.128‬‬

‫‪137‬‬
‫ثالثا‪ :‬الالئحة المفتوحة لألخطاء الجسيمة‬
‫إن المشرع المغربي وعلى غرار التشريعات المقارنة لم يعرف الخطأ التأديبي‪ ،‬واكتفى‬
‫بإعطاء أمثلة عن بعض األخطاء كما هو الشأن بالنسبة للمادة ‪ 39‬من مدونة الشغل‪.315‬‬

‫وهكذا نجد المشرع من خالل المادة ‪ 39‬قد وضع لنا الئحة عن السلوكات والتي‬
‫اعتبرها المشرع بمثابة أخطاء جسيمة تؤدي إلى الفصل‪ ،‬وهي نفس الحاالت تقريبا التي جاء‬
‫بها تشريع الشغل السابق‪ ،316‬بإستثناء بعض الحاالت التي تغاضى عنها مشرع المدونة‬
‫وأخرى تمت إضافتها من جديد‪ ،‬هكذا نجد المشرع إستغنى عن حالة تقب بطاقة أجير آخر‬
‫كما نجده في الحالة األولى "الحكم باإلدانة الصادر عن القضاء"‪ ،‬فهذا الحكم جاء عاما عكس‬
‫ما جاء في المادة ‪ 39‬من م ش التي اقتصرت على إرتكاب جنحة ماسة بالشرف أو األمانة أو‬
‫اآلداب العامة‪.‬‬

‫أضف إلى ذلك الحالة الثالثة المتعلقة بالسكر فتشريع الشغل السابق منعه بشكل واسع‬
‫لكن المادة ‪ 39‬من م ش التي ربطته بعنصر العالنية وكأن السكر الغير مقترن بالعالنية ال‬
‫يعتبر خطأ جسيما وال يوجب بالتالي الفصل‪.‬‬

‫كما نالحظ إضافة المشرع لحالة جديدة لم ترد في القوانين السابقة وهي تعاطي األجير‬
‫لمادة مخدرة داخل المؤسسة‪.‬‬

‫وعموما فالمشرع وضع هذه الالئحة من األخطاء واعتبرها بمثابة أخطاء جسيمة‬
‫توجب الفصل بدون تعويض وذلك حماية للمقاولة من كل ما من شأنه أن يعرقل سيرها‬
‫العادي‪.‬‬

‫‪ -315‬تنص المادة ‪ 39‬من مدونة الشغل على ما يلي‪:‬‬


‫"تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدي إلى الفصل األخطاء التالية المرتكبة من طرف األجير‪:‬‬
‫"إرتكاب جنحة ماسة بالشرف أو باألمانة أو اآلداب العامة صدر بشأنها حكم نهائي وسالب للحرية‪.‬‬
‫إفشاء سر مهني نتج عن ضرر للمقاولة‪.‬‬
‫إرتكاب األفعال التالية داخل المؤسسة أو أثناء الشغل‪ ،‬السرقة‪ ،‬خيانة األمانة‪ ،‬السكر العلني‪ ،‬تعاطي مادة مخدرة‪ ،‬اإلعتداء بالضرب‪ ،‬السبب‬
‫الفادح‪ ،‬رفض إنجاز شغل من إختصاصه عمد أو بدون مبرر التغيب بدون مبرر ألكثر من أربعة أيام أو تمانية أنصاف يوم خالل اإلثني عشر‬
‫شهرا – إلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أو اآلالت أو المواد األولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح – إرتكاب خطأ نتجت عنه خسارة مادية جسيمة‬
‫للمشغل ‪_ -‬عدم مراعاة التعليمات الالزم اتباعها لحفظ السالمة في الشغل‪...‬‬
‫‪ -316‬رشيد الزعيم‪" :‬الفصل لخطأ جسيم في ضوء مدونة الشغل"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪138‬‬
‫لقد أحسن المشرع عندما أورد األخطاء المنصوص عليها في المادة ‪ 39‬من مدونة‬
‫الشغل على سبيل المثال‪ ،‬ذلك أنه يصعب حصر كل األفعال التي تعتبر أخطاء تأديبية كما أن‬
‫وصف الخطأ الجسيم أو غير الجسيم يتعلق بطبيعة النشاط الذي تزاوله المقاولة كما يختلف‬
‫من مقاولة إلى أخرى‪ :‬فما يمكن اعتباره خطأ جسيم في إطار نشاط معين قد ال يعتبر كذلك‬
‫في إطار نشاط آخر‪ ،‬فالتدخين في معمل لتكرير البترول يعتبر خطأ جسيما و قد ال يكون‬
‫كذلك في معمل لصهر الحديد‪.317‬‬
‫رابعا‪ :‬تقليص أجل الطعن في مقرر الفصل‬
‫إذا كان المشرع من خالل المادة ‪ 61‬من م ش خول للمشغل إمكانية فصل األجير دون‬
‫مراعاة أجل اإلخطار ودون تعويض عن الفصل وال تعويض عن الضرر عند إرتكابه لخطأ‬
‫جسيم‪ ،‬فإنه ألزم المشغل بإتباع مسطرة معينة حتى يكون هذا الفصل مبررا وهي المسطرة‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 62‬من م ش‪.‬‬
‫هذه األخيرة التي تتيح لألجير االستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه‬
‫بحضور مندوب األجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره األجير نفسه‪.318‬‬

‫وتحقيقا لفعالية الجزاء التأديبي من تحقيق غرضه زجرا وعقابا للمخالف بغير أن‬
‫يتجاوز ذلك أن يكون وسيلة تهديد لألجير‪ ،‬فإن المادة ‪ 62‬قيدت صحة هذه اإلجراءات‬
‫التأديبية بحصولها داخل أجل ال يتعدى ‪ 8‬أيام وذلك إبتداء من التاريخ الذي يتبين فيه إرتكاب‬
‫الفعل المنسوب لألجير‪.319‬‬

‫وبعد جلسة االستماع يتم تحرير محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة يوقعة‬
‫الطرفان وتسلم نسخة منه لألجير‪.‬‬

‫وكيفما كان المقرر التأديبي الذي يتخذه المشغل في حق األجير الذي يرتكب خطأ غير‬
‫جسيم الوارد في المادة ‪ 37‬من م ش باستنفاده العقوبات الواردة في المادة السابقة داخل أجل‬
‫‪ -317‬محمد بوعزيز ‪" :‬السلطة لتأديبية لرئيس لمؤسسة في قطاع الشغل الخاص بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1983-1984‬ص ‪.59‬‬
‫‪ -318‬رشيدة أحفوظ‪" :‬مسطرة اإلنهاء والتعويض"‪ ،‬مقال منشور بندوة مدونة الشغل بعد سنتين من التطبيق‪ ،‬سلسلة الندوات واللقاءات واأليام‬
‫الدراسية العدد ‪ ،2007 ،-‬ص‪.166 :‬‬
‫‪ -319‬محمد الكوهن‪ :‬اإلشكاالت المثارة بخصوص الفصل التأديبي"‪ ،‬مقال منسور بندوة مدونة الشغل بين سنتين من التطبيق‪ ،‬سلسلة اللقاءات‬
‫والندوات واأليام الدراسية العدد ‪،2007 ،9‬‬
‫‪ -319‬محمد بوعزيز‪" :‬السلطة لتأديبية لرئيس لمؤسسة في قطاع الشغل الخاص بالمغرب م‪.‬س ص ‪.132‬‬

‫‪139‬‬
‫سنة أو الرتكابه ألحد األخطاء الواردة في المادة ‪ 39‬من م ش يقوم المشغل بتسليم هذا‬
‫المقرر ألجير يدا بيد مقابل وصل أو بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل‪.‬‬

‫لكن قد يحدث أن يرفض األجير هذا المقرر ويبقى من حقه اللجوء إلى القضاء وما‬
‫يالحظ على أن المشرع المغربي قد حدد أجال لرفع دعوى الفصل أمام القضاء‪ ،‬فهو األمر‬
‫الذي تجسده المادة ‪ 65‬من مدونة الشغل التي حددت أجل رفع الدعوى أمام المحكمة‬
‫المختصة في تسعين يوما من تاريخ توصل األجير بمقرر الفصل تحت طائلة سقوط الحق‪،‬‬
‫وبالتالي لم يبق أمام األجير أي ذريعة سوء إحترام األجل القانوني أو سقوط حقه في دعوى‬
‫الفصل‪.‬‬

‫وبهذا التحديد الحصري والقصير ألجل رفع دعوى الفصل يكون المشرع المغربي قد‬
‫كرس حماية ومرونة خاصة لفائدة المشغل على حساب األجير‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬إمكانية عدم تنفيذ الحكم القاضي باإلرجاع‬


‫في حالة إحترام األجير ألجل التسعين يوما الواردة في المادة ‪ 65‬ورفع دعوى الفصل‬
‫أمام المحكمة وبعد نظر هذه األخيرة في أسباب الفصل وظروفه يمكن أن يتبين لديها أن هذا‬
‫الفصل كان تعسفيا في حق األجير وبالتالي الحكم له بالرجوع إلى شغله أو تعويضه من‬
‫طرف المشغل‪.‬‬

‫لكن تنفيذ الحكم القضائي بإرجاع األجير إلى العمل يعتبر من اإلشكاالت التي تضاربت‬
‫بشأنها اآلراء واختلفت التشريعات‪ ،‬فإذا كان يعتبرها بعض الفقهاء بأنها وسيلة فعالة لحماية‬
‫األجير من تعسف المؤاجر‪ ،‬فإن البعض اآلخر يعتبرها ضربا وتعسفا على السلطة التنظيمية‬
‫التي يملكها صاحب المؤسسة‪.320‬‬

‫وتجنبا من واضعي مدونة الشغل لمثل هذه الحالة أي فرض إرجاع األجير إلى شغله‬
‫في حالة ثبوت فصله فصال تعسفيا‪ ،‬أقرت ما يسمى بتقنية الخيار‪ ،‬أي خيرت المشغل بين‬
‫الحكم باإلرجاع أو الحكم بالتعويض‪.‬‬

‫‪ -320‬مفيد المكي‪ :‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.144‬‬

‫‪140‬‬
‫واألكيد أن المشرع في غالب األحيان يختار الخيار الثاني وذلك لعدة إعتبارات منها ما‬
‫هو شخصي ومنها ما هو موضوعي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المرونة على مستوى التعويضات‬


‫إذا كان جل الفقه يذهب إلى اعتبار األجير كطرف ضعيف في المعادلة يجب حمايته‬
‫من الطرف القوي وهو المشغل فإن مدونة المشغل وعلى األقل في هذا السياق المتعلق‬
‫بالتعويضات سوت بين األجير والمشغل‪ ،‬حيث جاء في الفقرة الثانية من المادة ‪ 33‬من م ش‪،‬‬
‫يستوجب قيام أحد الطرفين بإنهاء عقد الشغل محدد المدة قبل حلول أجله تعويضا للطرف‬
‫اآلخر‪ ،‬ما لم يكن االنهاء مبررا بصدور خطأ جسيم عن الطرف اآلخر أو ناشئا عن قوة‬
‫قاهرة"‪.‬‬

‫بل إن المشرع وحتى في حالة ثبوت فصل األجير فصال تعسفيا فقد أقر مجموعة من‬
‫الضمانات الحمائية للمشغل بدءا بتحديد األجر المعتمد في حساب التعويضات (أوال)‪ ،‬وإقرار‬
‫مجموعة من الضمانات للمشغل في مرحلة إستخالص التعويضات (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األجر المعتمد الحتساب التعويضات‬


‫تجدر اإلشارة إلى أن مدونة الشغل لم تأت بأي تعريف عام لألجر وإنما بمقتضيات‬
‫خاصة لكل أداء على حدة يبرز التوجه الذي ابتغاه المشرع منه‪ ،‬وهي مقتضيات تقتصر على‬
‫األداءات التي تؤدى من قبل المشغل كمقابل ألداء الشغل وقد حاول المشرع توسيع وعاء‬
‫األجور بحيث يمكن إحتسابها في كل ما له عالقة باألداءات المختلفة التي يتقاضاها األجير‬
‫بمناسبة الشغل‪.‬‬

‫إال أن المشرع لم يسلك هذا النهج أثناء إحتسابه للتعويضات في حالة الفصل بحيث لم‬
‫يعتمد األجر بمعناه العام كما سبق أن أشرنا إليه سالفا بل استثنى منه المبالغ المستردة تغطية‬
‫لمصاريف أو لنفقات سبق أن تحملها األجير بسبب شغله‪ ،‬والتعويضات عن المهام‬
‫كالتعويض المؤدى لرئيس فرقة أو لرئيس مجموعة‪ ،‬كما اسثتنى من األجر المعتمد أيضا‬
‫التعويضات عن األشغال المضنية أو الخطيرة‪ ،‬والتعويضات المدفوعة مقابل شغل أنجز في‬
‫مناطق صعبة والتعويضات المدفوعة لألجير‪ ،‬إذا حل مؤقتا محل أجير آخر ينتمي إلى فئة‬

‫‪141‬‬
‫أعلى من فئته أو عن شغل أنجزه األجير بصفة مؤقتة أو استثنائية ما عدا التعويضات عن‬
‫الساعات اإلضافية‪.321‬‬

‫وإلعطاء المشغل أكثر حماية خالل مرحلة إحتساب التعويضات فقد حدد خالل المادة‬
‫‪ 55‬من م ش أساس تقدير التعويض عن الفصل في معدل األجور المتقاضاة خالل األسابيع‬
‫اإلثنين والخمسين السابقة لتاريخ إنهاء عقد الشغل ولم يرتكز على األجر األخير الذي‬
‫يتقاضاه األجير وهذا يعتبر من المقتضيات الهامة التي يستفيد منها المشغل‪ ،‬خاصة إذا علمنا‬
‫أن األجور تزيد مع مرور الوقت ال تنقص‪ ،‬فأجر األجير يرتفع بحسب أقدميته أو كفاءته أو‬
‫سلوكه‪ ،‬وكذا بإرتفاع الحد األدنى لألجر‪.‬‬

‫وبذلك يكون المشرع قد أنصف المشغل بتحديده لمعدل أجور ثالثة عشر شهرا‬
‫إلحتساب التعويضات المستحقة لألجير‪.322‬‬

‫وفي إطار تكريس مزيد من المرونة لفائدة المشغل لم تكتف مدونة الشغل بتحديد األجر‬
‫المختص في احتساب التعويضات بل تجاوزت ذلك إلى إقرار وتحديد سقف للتعويضات ال‬
‫يمكن تجاوزه‪ ،‬فإذا كانت المحكمة في ظل التشريع السابق تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في‬
‫تحديد التعويضات المستحقة لألجير فإن التشريعات الحالية قيدت من هذه السلطة‪ ،‬وهو ما‬
‫سارت عليه مدونة الشغل من خالل تحديدها سقف التعويضات ال يمكن تجاوزه‪ ،‬وذلك سواء‬
‫كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة‪.‬‬

‫فبالنسبة للعقد األول فالمادة ‪ 33‬من م ش تنص على أن عقد الشغل محدد المدة في‬
‫الفصل ينتهي بانتهاء مدته لكن كاستثناء يمكن ألحد الطرفين إنهاء العقد بإرادته المنفردة قبل‬
‫حلول األجل المتفق عليه آنذاك سيتخذ الطرف اآلخر تعويضا يساوي مبلغ األجور المستحقة‬
‫عن الفترة المتراوحة بين تاريخ إنهاء العقد واألجل المحدد له‪.323‬‬

‫‪ -321‬راجع المادة ‪ 57‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ -322‬بالل العشري‪ :‬مستجدات مدونة الشغل في إطار إنهاء عقود الخدمة‪ ،‬مقال منشور بالندوة الجهوية التاسعة حول عقود العمل والمنازعات‬
‫االجتماعية من خالل قرارات المجلس األعلى ‪ ،2007-‬ص ‪.251-250‬‬
‫‪ -323‬راجع المادة ‪ 33‬من م ش‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫فالمشرع كان جريئا من خالل مقتضيات هذه المادة فهو أوال سوى في التعويضات بين‬
‫المشغل واألجير وثانيا حدد التعويض المستحق للطرف المتضرر من إنهاء العقد تحديدا دقيقا‬
‫ولم يترك المجال لتدخل القضاء لممارسة سلطته التقديرية‪ ،‬كما أعطى إمكانية إنهاء عقد‬
‫الشغل المحدد المدة قبل إنتهاء أجله‪.‬‬

‫أما بالنسبة للعقد غير محدد المدة فإنه يمكن أن يكون في ثالث حاالت إما مرتبط بفصل‬
‫تأديبي أو فصل ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية‪ ،‬على أنه في الحالتين األخيرتين‬
‫يستحق األجير إثر هذا الفصل تعويضا يتمثل أساسا في التعويض عن أجل اإلخطار‬
‫والتعويض عن الفصل والتعويض عن الضرر باإلضافة إلى تعويضات أخرى كالتعويض‬
‫عن فقدان الشغل وعالوة األقدمية‪ ....‬هذه التعويضات كلها لم تسلم من تدخل المشرع لتحديد‬
‫سقف لها ال يمكن للقضاء تجاوزه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الضمانات المخولة للمشغل خالل مرحلة إستخالص التعويضات‬


‫فضال عن الضمانات والحماية المخولة للمشغل خالل مراحل عقد الشغل فإن المشرع‬
‫ما فتئ يمدد هذه الحماية إلى آخر مرحلة قد تربط بين األجير والمشغل وهي مرحلة‬
‫إستخالص التعويضات في حالة ثبوتها ضد المشغل‪ ،‬ومن هذه الضمانات ما يتعلق بتقليص‬
‫أجل التقادم ومنها ما يتعلق بتضييق نطاق إمتياز األجور والتعويضات‪.‬‬

‫فيما يخص قصر أجل التقادم‪ ،‬فإذا كانت القاعدة العامة في القانون المدني تقضي بتقادم‬
‫الدعاوى الخاصة بالمسؤولية العقدية بمضيء ‪ 15‬سنة وذلك حسب ما ورد في الفصل ‪387‬‬
‫من ق ل ع وكذا ما جاء في الفصل ‪ 106‬من تقادم الدعاوى الناتجة عن المسؤولية التقصيرية‬
‫بمضي ‪ 5‬سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم المتضرر بالضرر والمسؤول عنه‬
‫وبمضي ‪ 20‬سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر‪ ،‬فإن صدور مدونة الشغل حددت معها آجال‬
‫قصيرة في تقادم الدعاوى الناشئة عن عقود الشغل الفردية وعن الخالفات الفردية التي لها‬
‫إرتباط بهذه العقود أيا كانت طبيعتها والنابعة من تنفيذ العقد أو إنهائه والتي حددته في سنتين‪.‬‬

‫إن التقادم في قانون الشغل هو تقادم عام يهم جميع الدعاوى التي ترمي إلى المطالبة‬
‫بحقوق أو تعويضات أو تأويالت في بنود العقد وغيرها من الطلبات التي لها إرتباط بالعقد أو‬

‫‪143‬‬
‫إنهائه‪ .‬كما أنه قلص من مدة التقادم المتعلقة بالمطالبة بالتعويضات إلى أجل ‪ 90‬يوما كما‬
‫رأينا سابقا‪.‬‬

‫كما أنه جعل التقادم بالنسبة للتعويضات عن الفصل التعسفي ينفرد بمجموعة من‬
‫اإلمت يازات تمييزه عن غيره وتتمثل أساسا في تقليص آجال المطالبة بالتعويض‪ ،‬وذلك‬
‫للمحافظة على إستقرار المقاولة وعدم إشتغالها بأشياء قد تؤثر على تدبيرها وسيرها العادي‪.‬‬

‫أما فيما يخص ضيق نطاق إمتياز األجور والتعويضات‪ ،‬فإنه بصدور مدونة الشغل‬
‫خاصة مقتضيات المادة ‪ 382‬جعل من خاللها المشرع ما لألجر أو من أجور وتعويضات في‬
‫ذمة المشغل من اإلمتيازات األولى‪ ،324‬أي قبل تحديد مصاريف الحيازة في حالة وفاته‪.‬‬

‫إال أنه وسواء في إطار التشريع السابق أو في مدونة الشغل فالمشرع حدد نطاق هذا‬
‫اإلمتياز في منقوالت المشغل فقط‪ ،‬وبمفهوم المخالفة فإن األجراء ال يملكون رتبة الدين‬
‫الممتاز على عقارات المشغل‪ ،‬بل يحصلون على نصيبهم كدائنين عاديين‪.‬‬

‫وهناك مقتضى آخر ال يقل أهمية عن سابقه شرعن لمصلحة المقاولة والمتمثل في كون‬
‫األجراء ال يمكنهم الحجز على ممتلكات المشغل إال في حدود ممتلكات المقاولة التي يشتغلون‬
‫فيها‪ ،‬كشخص معنوي وال يمكنهم الحجز على ممتلكاته الخاصة وذلك حسب طبيعة ونوعية‬
‫الشركات‪.325‬‬

‫‪ -324‬تنص المادة ‪ 382‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ :‬يستفيد األجراء خالفا لمقتضيات الفصل ‪ 1248‬من قانون اإللتزامات والعقود من إمتياز‬
‫الرتبة األولى المقررة في الفصل المذكور‪ ،‬قصد إستيفاء ما لهم من أجور وتعويضات في ذمة المشغل من جميع منقوالته‪.‬‬
‫‪ -325‬مفيد المكي‪ ،‬مظاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.185-182‬‬

‫‪144‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آليات تعزيز الحكامة وعوائق تفعيلها في قانون الشغل‬
‫إن التشريعات العالمية لما احتضنت مبدأ استقرار الشغل في بعض النصوص القانونية‪،‬‬
‫سواء بشكل ضمني أو صريح‪ ،‬لم تجعل أثره يقتصر على حاالت معينة‪ ،‬بل منحت له قوة‬
‫ليمتد أثره إلى أبعد من ذلك‪ ،‬كنتيجة حتمية لتراتب النصوص وبنائها‪ ،‬المتماسك المتجهة في‬
‫جوهرها نحو توفير الحماية لألجراء‪ ،‬وذلك مقابل االعتراف للمشغل بالسلطات التي يمارسها‬
‫في المقاولة بمقتضى العقد والنصوص القانونية الحمائية‪ ،‬تلك النصوص المرنة التي تحمل‬
‫في طياتها سمات مبدأ استقرار الشغل‪ ،‬كأثر إلقرارها إياه في سواها من النصوص بشكل‬
‫صريح أو ضمني‪.‬‬

‫إذ تنظيم عالقات الشغل‪ ،‬وتحقيق المساواة واإلنصاف بين فئات األجراء وضمان العمل‬
‫الالئق داخل المقاولة وكذلك توفير أكبر قدر من المرونة لفائدة المشغل من خالل عدة‬
‫نصوص قانونية تظل خطوة غير متكاملة وغير متمرة في غياب الهيئات الكفيلة بالعمل على‬
‫تعزيز الحماية وبلوغ مبادئ الحكامة كما تم التنظير لها‪ ،‬وذلك عبر تحقيق التوازن بين‬
‫أطراف عقد الشغل من أجراء ومشغلين‪.‬‬

‫إال أنه رغم الجهود المبذولة من طرف واضعي مدونة الشغل في بلورة تصورهم‬
‫المثالي المتعلق بإقرار مبادئ للحكامة تؤطر وتنظم عالقات الشغل سواء منها الفردية أو‬
‫الجماعية‪ ،‬وذلك سواء من خالل النصوص القانونية أو عبر خلق وإحداث هيئات إدارية‬
‫تسهر وتضمن تحقيق وتفعيل المكتسبات التشريعية‪ ،‬إال أن الواقع كان خالف ذلك‪ ،‬حيث‬
‫أثبتت الممارسة العملية المستمرة والدورية لنصوص مدونة الشغل‪ ،‬على مجموعة من‬
‫الثغرات والتي كانت سببا في تغيب مبادئ الحكامة وبالتالي تكريس اإلشكالية‪.‬‬

‫وهكذا سنحاول في هذا الفصل تسليط الضوء على اآلليات التي أقرتها نصوص مدونة‬
‫الشغل ألجل تعزيز الحكامة (الفرع األول)‪ ،‬على أن نعالج في (الفرع الثاني) عوائق تفعيل‬
‫الحكامة في قانون الشغل‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫الفرع األول‪ :‬آليات تعزيز الحكامة في قانون الشغل‬
‫لقد عمل المشرع المغربي من خالل مدونة الشغل إسوة بالتشريعات المقارنة على خلق‬
‫هيئات إدارية تتولى مراقبة تطبيق قانون الشغل على أرض الواقع باإلضافة إلى تقديم‬
‫اإلرشادات والمعلومات والنصائح التقنية لألجراء والمشغلين للوصول إلى أنجع الوسائل‬
‫والسبل لضمان حسن التقيد بالقواعد القانونية الكفيلة بتطور اإلنتاج لما فيه مصلحة االقتصاد‬
‫الوطني ومصلحة طرفي العالقة الشغلية‪.‬‬

‫إن إعا دة التوازن إلى العالقة بين عنصري اإلنتاج ليس باألمر الهين في ظل غياب‬
‫هيئات تكفل لهذه الضوابط القانونية الفعالية المطلوبة‪ ،‬وذلك من خالل مراقبة مدى تطبيقها‬
‫والتقييد بها عند إصدارها وفي ذات الوقت العمل على مساعدة المشرع على خلق القواعد‬
‫القانونية الشغلية‪.326‬‬

‫وانطالقا من اقتناع مشرعي معظم الدول‪ ،‬بأن خير وسيلة لتحسين األوضاع‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية لألجراء داخل المقاوالت والمؤسسات الخاضعة لقانون الشغل‬
‫وكذلك خي ر وسيلة لسيادة السلم اإلجتماعي داخل هذه المقاوالت والمؤسسات‪ ،‬هي اإلعتراف‬
‫لهم بالحق في التنظيم والتكثل داخل مؤسسات قانونية تتوخى التعبير عن مطالبهم‪ ،‬وتدافع‬
‫عن حقوقهم‪.‬‬

‫وبذلك يكون هذا الفرع مجاال للحديث عن اآلليات المؤسساتية ودورها في تعزيز‬
‫الحكامة (المبحث األول)‪ ،‬على أن يكون الحديث في النقطة الموالية عن اآلليات التمثيلية‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪ -326‬عبد اللطيف خالقي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.129‬‬

‫‪146‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اآلليات المؤسساتية‬

‫إن العالقة التي تجمع بين األجراء وأرباب العمل تظل غير متكافئة بحكم أنها عالقة‬
‫مبنية على التبعية مقابل الحصول على أجر معين‪ ،‬وبالتالي كان البد من سن قوانين تنظم‬
‫عالقات الشغل وتسعى إلى المحافظة على نوع من التوازن في الحقوق والواجبات بين‬
‫الفئتين اللتان تشكالن طرفي معادلة اإلنتاج‪.‬‬

‫ومن أجل فرض تطبيق تلك القوانين ثم خلق جهاز خاص بمراقبتها يسمى جهاز تفتيش‬
‫الشغل إلى جانب جهاز طبيب الشغل باعتبارهما آليتين تسهمان في السهر على تطبيق‬
‫مقتضيات قانون الشغل (المطلب األول) وفضال عن هاتين المؤسستين أقر المشرع مؤسسة‬
‫أخرى تتدخل في مجال قانون الشغل وتسهر بالتالي على تعزيز الحكامة وهي آلية حمائية‬
‫لحقوق طرفي العالقة الشغلية والحديث هنا عن مؤسسة القضاء االجتماعي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور مفتشية وطب الشغل في تعزيز الحكامة‬


‫تظهر أهمية القانون االجتماعي من خالل وظيفته سواء على المستوى اإلجتماعي أو‬
‫االقتصادي أو السياسي من جهة‪ ،‬وآثاره على السلم االجتماعي داخل الدولة من جهة ثانية‬
‫ولما كانت مهمة رقابة تطبيق القانون االجتماعي وفرض إحترامه تفرض توافر الحياد‬
‫واإلستقاللية في القائم بها‪ ،‬فقد أسندت مختلف التشريعات المقارنة واإلتفاقيات الدولية مهمة‬
‫مراقبة تشريع الشغل لموظفين متخصصين يطلق عليهم مفتشي الشغل‪( 327‬الفقرة األولى)‪.‬‬

‫كما أن ميدان الشغل يكون محفوفا بالكثير من المخاطر التي من شأنها أن تعرض‬
‫العامل للكثير من األضرار‪ ،‬خصوصا بعد أن أدخلت اآللة إلى كل ميادين الشغل تقريبا وكذا‬
‫بفعل التطور المستمر لوسائل اإلنتاج وتقنيات الشغل وتنظيماته‪.‬‬

‫األمر الذي جعل المشرع المغربي يهتم منذ زمن طويل بموضة الصحة والسالمة داخل‬
‫المقاوالت‪ ،‬إ ذ عمل إنطالقا من التدابير التشريعية األولى التي تم بواسطتها تنظيم ميدان‬
‫الشغل سن مجموعة من القواعد والتدابير الوقائية الواجب تطبيقها من جانب المشغلين حفاظا‬

‫‪ -327‬محمد طارق‪ ،‬الوظيفة الرقابية لمفتش الشغل‪ ،‬مجلة القانون المغربي العدد ‪ 22‬يناير ‪ ،2014‬ص ‪.83‬‬

‫‪147‬‬
‫على صحة وسالمة األجراء‪ ،‬وهو اإلهتمام الذي ترجم بإحداث وخلق مؤسسة طب الشغل‬
‫والهيئات المكلفة برقابتها‪( 328‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفتشية الشغل آلية إلقرار الحكامة‬


‫إن قانون الشغل بإعتباره القانون الذي أتى لتحقيق نوع من التوازن في العالقة الشغلية‬
‫بين عنصري اإلنتاج‪ ،‬وبإعتباره الركائز األساسية التي يعتمد عليها أي تشريع لتحقيق العدل‬
‫اإلجتماعي والسالم اإلقتصادي‪ ،‬ال يمكنه أن يبلور أهدافه إال إذا كان وراءه جهاز يسهر على‬
‫إحت رام أحكامه وعلى التأكد من تنفيذها‪ ،‬فالنصوص القانونية ال تأخذ معناها الحقيقي إال إذا‬
‫إقترنت بالتطبيق الفعلي‪.329‬‬

‫والتشريع المغربي إسوة بالعديد من التشريعات المقارنة عمد إلى إيجاد هذه الهيئة‬
‫اإلدارية‪ ،‬حيث أناط بها مجموعة من اإلختصاصات (أوال)‪ ،‬وخولها سلطات معينة (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إختصاصات مفتشية الشغل‬


‫لقد خول‪ ،‬المشرع اإلجتماعي وعلى غرار نظيره الفرنسي لجهاز تفتيش الشغل عدة‬
‫صالحيات وإختصاصات‪ ،330‬في مجال الشغل واإلستخدام وفي مراقبة مدى تطبيق قواعد‬
‫قانون الشغل وإحترامها من قبل األطراف المعنية‪ ،‬ثم العمل على تحسين ظروف وشروط‬
‫العمل داخل المؤسسات الخاضعة لقانون الشغل‪ ،‬وأخيرا تنشيط ومراقبة وتنسيق أعمال‬
‫الوزارة الوصية في ميدان اإلحتياط والضمان اإلجتماعي‪.‬‬

‫في نطاق هذه المجاالت يمكننا تصنيف اختصاصات ومهام مفتشية الشغل إلى ثالثة‬
‫أصناف‪ ،‬المهام القانونية أو التقنية (أ)‪ ،‬المهام التصالحية (ب) ثم المهام اإلدارية (ج)‪.‬‬

‫‪ -328‬بوشريط عبد الصمد‪ ،‬دور طبيب الشغل في حفظ صحة وسالمة |األجراء داخل المقاولة تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪-‬عين الشق‪ ،‬كليه العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،2009-2008‬ص ‪.2-1‬‬
‫‪ -329‬عبد اللطيف خالقي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ -330‬أحمد تويس‪ ،‬دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وجدة ‪ ،2009-2008‬ص ‪.2‬‬

‫‪148‬‬
‫المهام القانونية والتقنية‬ ‫أ‪-‬‬

‫تعتبر الرقابة القانونية من المهام األساسية التي يضطلع بها األعوان المكلفون بتفتيش‬
‫الشغل‪ ،‬ذلك أ ن المشرع أوكل لهذا الجهاز صالحية السهر على تطبيق األحكام التشريعية‬
‫والتنظيمية المتعلقة بالشغل‪ ،‬وذلك من خالل اإلطالع على مدى تطبيق كل النصوص‬
‫المختلفة والمكونة لقانون الشغل فمهمة العون المكلف بتفتيش الشغل تتجلى في كفالة تطبيق‬
‫األحكام القانونية المتعلقة بشروط العمل وحماية األجراء مثل األحكام الخاصة بساعات العمل‬
‫واألجور‪ ،‬وإستخدام األحداث والنساء‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى مدونة الشغل المغربية نجدها جاءت ببعض المقتضيات في هذا الصدد‪،‬‬
‫فيما يتعلق بظروف الشغل‪ ،331‬يسهر العون المكلف بتفتيش الشغل بمراقبة الضوابط القانونية‬
‫المتعلقة بظروف الشغل ال سيما فيما يتعلق بمدة الشغل‪ ،‬ومراقبة مدى إحترام المشغل‬
‫للمقتضيات المتعلقة بمنح العطلة السنوية المؤدى عنها‪ ،‬والراحة األسبوعية‪ ،‬وفي نفس‬
‫السياق‪ ،‬فإن مفتش الشغل يسهر على حسن تطبيق األحكام المتعلقة بإحترام الحد األدنى‬
‫لألجور والراحة األسبوعية والراحة في أيام األعياد وفي أيام العطل‪ ،‬أما دوره في حماية‬
‫بعض أصناف األجراء‪ ،‬وتتجلى في مراقبة المقتضيات القانونية المتعلقة بتشغيل األحداث‬
‫والنساء والمعاقين إلى غير ذلك من القواعد التي يضعها المشرع لتنظيم العمل‪.332‬‬

‫إضافة إلى المهام التقليدية الموكولة إلى جهاز تفتيش الشغل والمتمثلة في مهام المراقبة‬
‫القانونية‪ ،‬فإن مجال عمل مفتشي الشغل قد توسع في ظل مدونة الشغل ليتجاوز محتوى‬
‫النصوص القانونية الشغلية ومراقبة تطبيقها‪ ،‬ليصبح عمال تقنيا‪ ،‬فمجال المراقبة التقنية التي‬
‫يضطلع بها مفتش الشغل هي في معظمها نابعة من ميدان حفظ الصحة والسالمة‪ ،‬ذلك أن‬
‫النصوص التي جاءت في هذا المضمار تتعلق بتحديد تقني‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بأجهزة الوقاية‬
‫من الحرائق واإلنارة والتدفئة والتغذية والتخفيض من الضجيج ومدى موافقة المواد‬
‫المستعملة للتركيبات القانونية التي ال تضر بصحة األجراء أو تعرض سالمتهم للخطر‪.‬‬

‫‪ -331‬عبد العزيز العتيقي‪ -‬محمد الشرقاني‪ -‬محمد القري اليوسفي‪ ،‬مدونة الشغل‪ ،‬قانون رقم ‪ 65.99‬مع تحليل ألهم المستجدات‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪-332‬محمد طارق‪ ،‬الوظيفة الرقابية لمفتش الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.94-93‬‬

‫‪149‬‬
‫ألجل ذلك كان تدخل مفتش الشغل الزما لضمان سالمة صحة األجراء من خالل‬
‫السهر على مراقبة التدابير المتعلقة بقواعد الصحة والسالمة ومدى إلتزام أرباب العمل‬
‫واألجراء بمعاييرها‪.‬‬

‫المهام التصالحية والتحكيمية‬ ‫ب‪-‬‬


‫قبل إقرار مدونة الشغل‪ ،‬كان ينحصر االختصاص الرئيسي لمفتشية الشغل في وظيفة‬
‫مراقبة تطبيق مقتضيات قانون الشغل‪ ،‬وكل مخالفة لهذه المقتضيات يقوم مفتش الشغل‬
‫بإنجاز محاضر با لمخالفات بشأنها‪ ،‬إال أن جهاز تفتيش الشغل حسب المدونة الجديدة هو‬
‫المدخل األول في عملية تسوية النزاعات‪ ،‬ألن هذا الجهاز هو األقرب إلى العمال وأرباب‬
‫العمل باإلضافة إلى مؤهالتهم وخبرتهم بالوسط المهني لكونهم األكثر إطالعا على ظروف‬
‫المؤسسة أو المقاولة المشغلة‪ ،‬وعلى ظروف األجراء بل وأكثر إلماما بأسباب النزاع‬
‫ووضعية المقاولة‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 551‬من مدونة الشغل على أنه "يكون كل خالف بسبب‬
‫الشغل من شأنه أن يؤدي إلى نزاع جماعي موضوع محاولة التصالح‪ ،‬تتم أمام المندوب‬
‫المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم أو العون المكلف بتفتيش الشغل أو أمام اللجنة اإلقليمية‬
‫للبحث والمصالحة أو الجهة الوطنية للبحث والمصالحة‪ ،‬وذلك بناء على نوعية الخالف‬
‫الجماعي طبقا للمواد ‪ )...565 ،556 ،552‬ومن منطلق هذه المادة فإن مهمة مفتش الشغل ال‬
‫تنحصر فقط في النزاعات الفردية بل تشمل كذلك النزاعات الجماعية التي تكتسي طابعا‬
‫إقليميا أو قطاعيا‪.333‬‬
‫وإنطالقا من مقتضيات المادة ‪ 334552‬من م‪.‬ش فإن الخالف إذا كان جماعيا ويهم أكثر‬
‫من مقاولة واحدة فإن محاولة التصالح تمر عبر المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو‬
‫اإلقليم أما إذا كان الخالف الجماعي يهم مقاولة واحدة فإن محاولة التصالح تمر عبر العون‬
‫المكلف بتفيش الشغل‪ ،‬ومن هنا يالحظ على أن المعيار الذي يضبط مفتش الشغل هو عدد‬
‫المقاوالت التي يعنيها النزاع‪.‬‬

‫‪ -333‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانو ن الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.694‬‬
‫‪ -334‬تنص المادة ‪ 552‬من م‪.‬ش على ما يلي‪:‬‬
‫إذا كان الخالف الجماعي يهم أكثر من مقاولة فإن محاولة التصالح تجرى أمام المندوب المكلف بالشغل لهدى العمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫كما يشارك مفتش الشغل في فض الخالفات الجماعية التي قد تندلع تطبيقا للمادة ‪553‬‬
‫من مدونة الشغل‪.‬‬
‫وبالتالي يمكن القول بأن المشرع المغربي من خالل مدونة الشغل قد كرس دور اعوان‬
‫تفتيش الشغل في مجال المصالحة‪ ،‬سواء بالنسبة لنزاعات الشغل الفردية أو بالنسبة لنزاعات‬
‫الشغل الجماعية وهو تكريس لدور كان يقوم به فعال هؤالء األعوان بدون سند قانوني حيث‬
‫لم تكن مقتضيات ظهير ‪ 2‬يوليوز ‪ 1947‬وال ظهير ‪ 24‬أبريل ‪ 1973‬تشير إلى هذه المهام‬
‫التي أفرزها الواقع العملي وكرستها اآلن مدونة الشغل‪.‬‬
‫ولما كان االختصاص المذكور قد أبان‪ ،‬حتى قبل مدونة الشغل على قدرة جهاز التفتيش‬
‫على الفصل الودي وبشكل نهائي في نسبة هامة من النزاعات المتعلقة بالشغل وصلت ‪70%‬‬
‫من النزاعات التي قد تدخلت فيها مفتشية الشغل‪.335‬‬
‫ولما كان ما تقدم من شأنه أن يحد من القضايا الممكن عرضها على القضاء ويخفف‬
‫الضغط على هذا األخير خاصة أن المسطرة أمام مفتشية الشغل بسيطة وسريعة ومجانية‪.‬‬
‫وهكذا كانت الوظيفة الرقابية كثيرا ما تقود مفتش الشغل إلى محاولة التوفيق بين طرفي‬
‫العالقة الشغلية من خالل إقتراح حلول كفيلة بحسم النزاع القائم بينهما من أجل الحفاظ على‬
‫إستقرار العالقات الشغلية‪ ،‬فإن المهمة التصالحية لمفتشية الشغل لتغدو بذلك وسيلة وآلية‬
‫مباشرة للرقابة على حسن تطبيق قانون الشغل‪.336‬‬
‫ج‪ -‬المهام اإلدارية‬
‫إضافة إلى االختصاصات والمهام ذات الطبيعة الرقابية أو التي تدخل في خانة الصلح‬
‫والتحكيم‪ ،‬يمكننا القول إن المشرع المغربي من خالل مدونة الشغل وعلى غرار المقتضيات‬
‫القانونية السابقة عليها‪ ،‬أثقل عاهل أعوان التفتيش بجملة من المهام ذات الطابع اإلداري‪،337‬‬
‫نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تلقي التصريح من ط رف كل شخص طبيعي أو إعتباري يرغب في فتح مقاولة أو‬
‫مؤسسة أو ورش ‪ ،‬أو يعتزم تشغيل أجراء جدد أو إذا غيرت المقاولة نشاطها‪ ،‬أو إنتقلت إلى‬

‫‪- Mohamed tadli, la reforme de la législation sociale au Maroc, Imprimerie elmaarif eljadida-rabat 2004, p‬‬
‫‪335‬‬

‫‪418.‬‬
‫‪ -336‬أحمد تويس‪ ،‬دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.22-21‬‬
‫‪ -337‬عبد اللطيف خالقي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.138‬‬

‫‪151‬‬
‫مكان آخر وهي تشغل أجراء لديها‪ ،‬أو إذا قررت المقاولة تشغيل أجراء معاقين‪ ،‬أو إذا كانت‬
‫المقاولة تشغل أجراء عن طريق مقاولة التشغيل المؤقت‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل إتخاذه في حق مندوب األجراء أصليا‬
‫أو نائبا‪ ،‬موضوع مقرر يوافق عليه العون المكلف بتفتيش الشغل إلى آخر أو إلى توقيفه عن‬
‫شغله أو فصله عنه‪.‬‬
‫‪ -‬يوافق على كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل أو رئيس المصلحة الطبية المشتركة بين‬
‫المقاوالت إتخاذه في حق طبيب الشغل بعد أخذ رأي الطبيب مفتش الشغل‪.‬‬
‫‪ -‬التأكد من فعالية وسائل المراقبة األخرى التي يطلب رب العمل إستعمالها عوض دفتر‬
‫األداء‪.‬‬
‫‪ -‬يوقع اللوائح اإلنتخابية الخاصة بمندوبي األجراء التي يعدها المشغل‪.‬‬
‫‪ -‬يوقع بالعطف على التوصيل الذي يسلم لألجير األمي عند إنتهاء عقد الشغل وذلك‬
‫قصد تصفية كل األداءات تجاهه‪.‬‬
‫‪ -‬يسمح بأداء األجور خارج الوقت المعلن عنه في الملحق المنصوص عليه في المادة‬
‫‪ 368‬من م‪.‬ش إذا تعلق األمر بالمقاوالت المنجمية‪ ،‬أو أوراش البناء واألشغال العمومية‬
‫والمعامل التي تشغل بإستمرار والمقاوالت التي تشتغل أكثر من ‪ 100‬أجير‪.338‬‬

‫ثانيا‪ :‬سلطات أعوان التفتيش‬


‫مما ال شك فيه أن مفتشية الشغل وفي أي تشريع يناط بها دور مهم ليس فقط على‬
‫مستوى مراقبة تطبيق أحكام قانون الشغل من قبل أطراف عالقة الشغل‪ ،‬أو على مستوى‬
‫إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية‬
‫أو التنظيمية المعمول بها‪ ،‬وإعطاء أطراف اإلنتاج النصائح واإلرشادات حول السبل لمراعاة‬
‫األحكام القانونية‪ ،‬وإنما كذلك على مستوى الدور الملحوظ الذي تقوم به في عملية التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية للدولة‪.339‬‬

‫‪ -338‬فريدة المحمودي‪ :‬الضمانات الحقوقية لألجير عبر الحيازة القانونية لعقد الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.635-634‬‬
‫‪ -339‬عبد اللطيف خالقي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.142‬‬

‫‪152‬‬
‫إن السهر على إحترام تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل يعد ضمن‬
‫األولويات التي يحرص مفتش الشغل على تحقيقها وفي سبيل تسهيل أداء هذا الدور‪ ،‬فقد تم‬
‫تخويل هذا الجهاز عدة سلطات تشكل أهم اآلليات القانونية المخولة لمفتش الشغل‪.340‬‬

‫وهي القيام بزيارات التفتيش (أ) وإجراء مختلف أنواع المراقبة والبحث والتحري (ب)‬
‫وأخيرا تحرير المحاضر (ج)‪.‬‬

‫القيام بزيارات التفتيش‬ ‫أ‪-‬‬

‫أسس جهاز تفتيش الشغل لمهمة أساسية الهدف منها مراقبة مدى إلتزام المشغلين‬
‫بالمقتضيات القانونية المتعلقة بالشغل وضبط المخالفات المرتكبة خالفا لهذه المقتضيات وفي‬
‫ذلك يتمتع مفتشي الشغل بمجموعة من السلطات والحقوق المخولة لهم قانونا‪ ،‬بموجب‬
‫نصوص محددة في مدونة الشغل‪.‬‬

‫وتتجسد أهم هذه السلطات المعترف بها لمفتشي الشغل في الحق في زيارة أماكن العمل‬
‫وذلك بهدف ضبط األفعال المجرمة المرتكبة خرقا للقانون والداخلة في نطاق اختصاصهم‬
‫بالكيفية وفي األوقات المحددة قانونا‪.341‬‬

‫فالمشرع المغربي وعلى غرار القانون الفرنسي منح لمفتشي الشغل حق ولوج وبكل‬
‫حرية ودون سابق إعالم‪ ،‬سواء كان ذلك ليال أو نهارا لكل مؤسسة أو مقاولة تخضع لمراقبة‬
‫مفتشية الشغل‪ ،‬وهو تدبير يرمي أصال إلى تمكين األعوان المكلفين بالتفتيش من ضبط‬
‫المخالفات المرتبطة بالشغل‪ ،‬ويمثل هذا التدبير استحضار عاملين أولهما تشريعي يتمثل في‬
‫عدم تصور مراقبة تشغيل غير مشروع للعمال خارج الساعات العادية للعمل مثال إذا لم‬
‫يرخص لمفتش الشغل بتفقد مؤسسات التشغيل خارج أوقات العمل العادية لهذه‬
‫المؤسسات‪ .342‬وعامل آخر ي تجلى في سهولة مراقبة الحالة التي تكون عليها اآلالت‬
‫والمعدات وهي في حالة سكون‪ ،‬مما يتعين مراقبتها خارج أوقات العمل‪.‬‬

‫‪ -340‬محمد طارق‪ ،‬الوظيفة الرقابية لمفتش الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.98‬‬


‫‪ -341‬محمد الداكي‪ :‬تأمالت في نظام تفتيش الشغل‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬العدد السادس شتنبر ‪ ،2003‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -342‬سميرة كميلي‪ ،‬القانون الجنائي للشغل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية‬
‫الدار البيضاء‪ ،2001-2000 ،‬ص ‪.304‬‬

‫‪153‬‬
‫فالحق في الدخول إلى أماكن الشغل من لدن أعوان تفتيش الشغل يعد استثناء لمبدأ منع‬
‫انتهاك الملكية الخاصة‪ ،‬يمارس طبقا لشروط وضوابط يحددها القانون خصوصا فيما يتعلق‬
‫باحترام حرمة المسكن والحياة الخاصة‪ ،‬من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ‪533‬‬
‫من م‪.‬ش حيث ربطت دخول األعوان المكلفين بتفتيش الشغل لمراقبة عمل ينجز في محل‬
‫مسكون بإذن صاحبه‪ ،‬متى تعلق األمر بمؤسسة هي في نفس الوقت مقر للسكنى‪.343‬‬

‫إن قيام أعو ان الشغل بزيارة أماكن العمل تتطلب منهم إشعار المشغل بيوم وساعة‬
‫الزيارة المقرر ة‪ ،‬حيث أن هذا اإلشعار يضمن حضور رب العمل بالمؤسسة إلى جانب‬
‫المسيرين وممثلي األجراء الذين يعتبر حضورهم مهما لقيام مفتش الشغل بمهامه خاصة ما‬
‫يتعلق باإلطالع على وثائق المؤسسة‪ ،‬والتي قد يكون من الصعب الحصول عليها في غياب‬
‫المشغل‪.‬‬

‫غير أن إعالم المشغل بالزيارة المرتقبة يخضع لتقدير مفتش الشغل حيث يمكنه‬
‫التغاضي عنه متى تبين أن في إشعار المشغل ضررا على عملية المراقبة نفسها من حيث‬
‫إمكانية إخفاء معالم بعض المخالفات‪ ،‬أو قيام بإجراءات من شأنها أن تعرقل مهمة التفتيش‪.‬‬

‫القيام بمختلف أنواع األبحاث والتحريات‬ ‫ب‪-‬‬

‫للتأكد من إحترام المقتضيات القانونية وما إذا تم مراعاتها بالفعل يقوم المفتش أو العون‬
‫المكلف بالتفتيش‪ ،‬بكل رقابة أو بحث أو تحري يراه ضروريا‪ ،‬وذلك إما بصورة فردية أو‬
‫(كالطب والهندسة والكمياء) ويمكنه بصفة‬ ‫‪344‬‬
‫باإلستعانة بخبراء في المجال العلمي والتقني‬
‫خاصة‪:‬‬

‫‪ -‬إستفسار أو استجواب المشغل أو أجراء المؤسسة حول جميع الشؤون المتعلقة بتطبيق‬
‫أحكام الشغل وهذا اإلستجواب يمكن أن يتم بحضور شهود‪.‬‬
‫‪ -‬طلب اإلطالع على الدفاتر والوثائق التي يوجب التشريع المتعلق بالشغل مسكها‬
‫للتحقق من مطابقتها لألحكام القانونية كما يمكنه نسخها وأخذ ملخص منها‪.‬‬

‫‪ -343‬المصطفى طايل‪ ،‬أهمية جهاز تفتيش الشغل في القانون الجنائي للشغل‪ ،‬مجلة القضاء المدني‪ ،‬دون ذكر العدد‪ ،2016 ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -344‬فريدة المحمودي‪ :‬الضمانات الحقوقية لألجير عبر الحياة القانونية لعقد الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.636‬‬

‫‪154‬‬
‫‪ -‬األمر بإلص اق اإلعالنات التي توجب األحكام القانونية عرضها على األنظار وبوضع‬
‫ملصقاة تدل على إسم وعنوان المكلف بتفتيش الشغل لدى المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬أخذ عينات من المواد المستعملة ألجل تحليلها إذا ما كانت مضرة أم ال باألجراء وذلك‬
‫على نفقة المشغل‪.‬‬

‫ج‪ -‬إنجاز وتحرير المحاضر‬

‫إن إنجاز محاضر بمخالفات مقتضيات قانون الشغل تتوقف على اإلنذار القبلي‬
‫بالمخالفة يوجهه األعوان المكلفون بتفتيش الشغل‪ ،‬ويتخذ هذا اإلنذار في إطار القانون‬
‫الجنائي العام شكال إستجواب كتابي يجريه أحد ضباط الشرطة القضائية بناء على طلب‬
‫قانوني يهدف إلى إبالغ الشخص المعني بضرورة قيامه بما طلب منه داخل زمن محدد‬
‫قانونا وإال تعرض للمتابعة الجنائية‪.‬‬

‫ويبدو أن اإلنذار القبلي وسيلة إلشعار المخالف ألحكام القانون وبضرورة اإللتزام بها‬
‫وإال تعرض للمسؤولية الجنائية فعندما يضبط مفتش الشغل‪ ،‬عند ممارسته للمهام الموكولة‬
‫إليه في نطاق إختصاصه الترابي‪ ،‬فإنه يعمد كمرحلة إبتدائية إلى إشعار رئيس المؤسسة بنوع‬
‫المخالفة مع تنبيه ه إلى إتخاذ التدابير الكفيلة بوقفها سواء عن طريق تضمين هذا التنبيه‬
‫بالسجالت المفروضة على المشغل مسكها‪ 345‬أو عن طريق توجيه رسالة للمشغل‪.‬‬

‫فإتجاه المشرع إلى ضرورة إنذار المشغل قبل تحرير المحضر بإنتهاكات أحكام الشغل‬
‫تنطوي على سياسة تشريعية هدفها الدفع بالمشغل إلى إحترام مقتضيات تشريع الشغل أكثر‬
‫مما ترمي إلى معاقبته‪.‬‬

‫فمؤسسة اإلنذار هي وسيلة لتلين القاعدة الجنائية خصوصا وأن رؤساء المقاوالت غالبا‬
‫ما يعمدون إلى خرق المقتضيات المنظمة لتشريع الشغل أكثر مما يتجهون إلى إحترامها أمام‬
‫الحجم الكبير لإللتزامات المفروضة عليهم بالمقارنة بضعف الجزاءات الجنائية‪.346‬‬

‫‪ -345‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 536‬على ضرورة فتح سجل من لدن المشغل يخصص لتضمين مالحظات وتنبيهات العون المكلف بتفتيش‬
‫الشغل‪.‬‬
‫‪ -346‬عبد اللطيف خالقي‪ ،‬مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات المجلة المغربية لإلقتصاد والقانون المقارن‪ ،‬عدد ‪ 22‬سنة‬
‫‪ 1994‬ص ‪.219‬‬

‫‪155‬‬
‫ولذلك يفضل المشغلون أداء الغرامات المحكوم بها عوض المبالغ المالية نتيجة تطبيق‬
‫أحكام قانون الشغل من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه في حالة ضبط المخالفة وتحرير محضر‬
‫بشأنها وإحالته على القضاء وصدور الحكم بذلك يتطلب وقتا ليس بالهين‪.347‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مؤسسة طبيب الشغل وآليات رقابتها‬


‫إن عالم المقاولة مفعم بالمخاطر واألمراض المهنية‪ ،‬تلتقي فيها مصالح متباينة‬
‫ألطراف العالقة الشغلية‪ ،‬لذلك تدخل المشرع وألزم المؤسسات إيجاد مصالح طبية للشغل‪،‬‬
‫يسهر على سيرها طبيب الشغل‪ ،‬وبهذا فإن مهنة طبيب الشغل داخل المقاولة تزداد تعقيدا‬
‫بالنظر لتجاذب مصالح أطرافها‪ ،‬والتي تتجلى في حق األجير في الشغل وحقه في الرقي‬
‫بصحته وحفاظ سالمته من جهة‪ ،‬وسعي المشغل تحقيق المردودية بأقل تكلفة ممكنة من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬من هنا كانت ضرورة تمتيع مؤسسة طبيب الشغل بعدة صالحيات بغاية تحقيق‬
‫األهداف السالف ذكرها (أوال)‪ ،‬إال أن المشرع لم يقف عند هذا الحد ورغبة منه في تكريس‬
‫المزيد من الحكامة في قانون الشغل‪ ،‬فقد أقر آليات لمراقبة عمل مؤسسة طبيب الشغل ضمانا‬
‫للفعالية والنجاعة في تأدية مهامها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬صالحيات مؤسسة طبيب الشغل‬


‫شكل مفهوم المخاطر المهنية هاجسا كبيرا للسير العادي للمقاولة‪ ،‬وذلك بسبب إستحالة‬
‫تحديد المخاطر المهنية التي تشكل عائقا لمالءمة بيئة العمل والظروف والشروط‬
‫الموضوعية المرتبطة بنشاط األجير داخل المقاولة‪ ،348‬بهدف توفير الحد األدنى من شروط‬
‫الصحة والسالمة‪ ،‬وذلك عبر تفعيل مؤسسة طب الشغل وتمكينها من اآلليات والوسائل‬
‫الكفيلة بأداء مهامها الوقائية في أحسن الظروف‪.‬‬

‫ويكتسي عمل طبيب الشغل صبغة وقائية (أ) وأخرى عالجية (ب) فضال عن وظيفته‬
‫اإلستشارية (ج)‪.‬‬

‫‪ -347‬محمد الشرقاني‪ ،‬المالحظات واإلقتراحات المطروحة بشأن إصالح نظام تفتيش مؤسسات الشغل‪ ،‬المجلة المغربية لإلقتصاد والقانون عدد ‪22‬‬
‫سنة ‪ ،1994‬ص ‪.107‬‬
‫‪ -348‬بريان المولود‪ :‬طبيب الشغل (مهامه وحمايته)‪ ،‬رسالة لينيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬مكناس ‪ ،2011-2010‬ص ‪.19‬‬

‫‪156‬‬
‫الدور الوقائي لمؤسسة طب الشغل‬ ‫أ‪-‬‬
‫يعتبر الدور الوقائي لطبيب الشغل آلية من اآلليات القانونية التي وفرها المشرع‬
‫المغربي‪ ،‬لضمان المالءمة الفعالة بين الحق في العمل‪ ،‬والحق في الصحة وذلك بإيالئه‬
‫عناية كبيرة للمراقبة الطبية قبل تشغيل األجير‪ ،‬ويتوخى من خاللها تحديد ما إذا كانت‬
‫الوضعية الصحية لألجير المرشح منسجمة مع المهام الموكولة إليه بناء على فحوصات‬
‫طبية سابقة على التشغيل‪ ،‬ومراقبات طبية دقيقة تمكن طبيب الشغل من تجميع قاعدة من‬
‫المعلومات الخاصة بصحة األجير‪ ،‬يستثمرها في التكهن بإحتمال إصابة األجير بأمراض‬
‫مهنية ناجمة عن النشاط المهني الذي سيزاوله وتمكينه من الكشف عن التضاد الصحي‬
‫الذي ينطوي عليه جسم األجير ضد مزاولة بعض المهام والوظائف‪.‬‬
‫من هنا يبدو أن الدور الوقائي لطبيب الشغل ال يقتصر على مراقبة الحالة الصحية‬
‫لألجير إبان تشغيله بل يتع داه إلى مالءمة ظروف إشتغاله وفق معايير الصحة والسالمة‬
‫مع بنيته وحالته الصحية‪.349‬‬
‫وهكذا تتمثل التدابير الوقائية المرتبطة بصحة األجراء في كل من إجراء الفحوصات‬
‫الطبية قبل التشغيل‪ ،‬حيث تخول هذه الفحوصات طبيب الشغل من مالءمة صحة األجير‬
‫المقبل على التشغيل مع منصب الشغل المقترح من لدن المشغل‪ ،‬هذا فضال عن تمكن طبيب‬
‫الشغل من تقديم مدى أهلية األجير لشغل منصب الشغل المقترح‪ ،350‬حيث يشكل تقدير أو‬
‫تقييم القدرة البدنية أو بمعنى أكثر دقة األهلية الطبية لممارسة الشغل من طرف العامل أحد‬
‫المهام األساسية لطبيب الشغل‪ ،‬وتمارس هذه المهام بمناسبة إجراء الفحوص الطبية الواجبة‬
‫قانونا على األجراء كما تعطى الصيغة الشكلية إلعالم بهذا الخصوص عن نظرية إنجاز‬
‫بطاقة اللياقة أو عدم اللياقة الصحية تسلم لألجير والمشغل‪.‬‬
‫أما فيما يخص الدور الو قائي لطبيب الشغل المرتبط بظروف الشغل‪ ،‬فهو يتعلق‬
‫بمراقبة النظافة العامة والصحة والسالمة ويدخل نظريا ضمن إختصاص طبيب الشغل‬
‫الذي يجب عليه أن يبحث عن كل الوسائل الكفيلة بحذف األخطار التي يمكن أن تتعرض لها‬
‫صحة األجراء من جراء الشغل‪ ،‬وبعبارة أخرى فطبيب الشغل مدعو للمساهمة في كل‬
‫‪ -349‬بريان المولود‪ ،‬طبيب الشغل‪ ،‬مهامه وحمايته‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -350‬بوشريط عبد الصمد‪ ،‬دور طب الشغل في حفظ صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪157‬‬
‫األنشطة التي تستهدف تعديل وسط الشغل بهدف مالئمته مع المتطلبات الصحية للعمال‪ ،‬إنه‬
‫باختصار تقنى الصحة داخل المقاولة‪.‬‬
‫الدور العالجي لمؤسسة طب الشغل‬ ‫ب‪-‬‬
‫تطرق المشرع المغربي في مدونة الشغل إلى الدور العالجي لطبيب الشغل بصفة‬
‫استثنائية حيث نص في المادة ‪ 319‬منه أنه "يمكن لطبيب الشغل بصفة استثنائية تقديم‬
‫عالجات لألجراء في األحوال اإلستعجالية عند وقوع حوادث أو ظهور أمراض داخل‬
‫المقاولة"‪.‬‬
‫يتضح من هذا النص أن المشرع المغربي خول لطبيب الشغل معالجة األجير لنشاطه‬
‫المهني داخل المقاولة‪ ،‬مع تركيزه على عنصر اإلستعجال مما يفيد أن تقدير حالة اإلستعجال‬
‫عن قرب مدى خطورة إصابة‬ ‫موكولة للسلطة التقديرية لطبيب الشغل الذي يعاين‬
‫األجيرجراء حادثة أو مرض داخل المقاولة إال وتراخى دوره العالجي االستثنائي إلى دور‬
‫وقائي‪.‬‬
‫وتجدر المالحظة إلى أن المشرع المغربي تطرق من خالل المادة ‪ 319‬من م‪.‬ش‪،‬‬
‫الحوادث واألمراض التي يتعرض لها األجير داخل المقاولة دون تحديدها إذا كانت مرتبطة‬
‫بنشاطه المهني من عدمه‪ ،‬ليبقى معها مفهوما مطلقا وواسعا‪ ،‬مما يجعل نطاق هذه الحوادث‬
‫واألمراض يتسع لشمل حتى الحوادث واألمراض غير المهنية‪.‬‬
‫يتضح بجالء أنه ال يمكن لطبيب الشغل تقديم عالجات لألجراء عند وقوع حوادث أو‬
‫ظهور أمراض اللهم في حالة اإلستعجال‪ ،‬مما يجعل دور طبيب الشغل في األصل ينحصر‬
‫في الدور الوقائي واستثناءا يتعداه للدور العالجي حيث قيد المشرع المغربي حرية طبيب‬
‫الشغل في تقديم العالجات لألجراء الذين تعر ضوا لحادثة أو مرض‪ ،‬في حيز مكاني محدد‬
‫جعله داخل المقاولة‪ ،‬ليكون بذلك قد أقصى أي تدخل عالجي يباشره طبيب خارج المقاولة‬
‫حتى وإن تعرض األجير لحادثة أو مرض إستوفى عنصر الخطورة واإلستعجال في‬
‫التدخل مما يطرح معه تساؤال عن جدوى إقصاء التدخل العالجي لطبيب الشغل خارج‬

‫‪158‬‬
‫المقاولة ‪ ،‬علما أن النشاط المهني لألجير يتجاوز حدود جغرافية للمقاولة‪ ،‬فاحتمال تعرضه‬
‫لحادثة أو مرض أثناء مزاولته نشاطه المهني خارج المقاولة يبقى واردا‪.351‬‬
‫ج‪ -‬الدور اإلستشاري لمؤسسة طب الشغل‬
‫تشكل المقاولة الفضاء األكثر إجتذابا لألخطار المهنية وتأثيرا على الحالة الصحية‬
‫لألجير‪ ،‬في احتكاك مستمر مع اآللة واألدوات والمواد وطرق التشغيل لمالها من تأثير على‬
‫سالمته حيث يندرج الدور اإلستشاري لطبيب الشغل من خالل إقتراحه لمجموعة من‬
‫اإلجراءات التي تؤدي إلى توفير الحماية المهنية لألجراء والمنشأة ومحاولة منع وقوع‬
‫الحوادث أو التقليل من إحتماالت وقوعها‪ ،‬وتوفير الجو المهني السليم الذي يساعد األجراء‬
‫على الشغل من قبيل مراقبة شروط النظافة العامة للمقاولة والبنية التحتية واآلليات‬
‫المستعملة ووسائل االنتاج والمواد المستعملة والمنتجات وبتفعيل طبيب الشغل لدوره‬
‫االستشاري يساهم من موقعه في توفير فضاء سليم يفتقد إلى الشوائب وذلك بتعزيز اآلليات‬
‫الكفيلة بصحة األجراء وإبعاد العوامل المؤثرة على أداء األجير لمهامه داخل المقاولة‬
‫حتى تستجيب لشروط حفظ الصحة والسالمة‪.352‬‬

‫ثانيا‪ :‬آليات رقابة مؤسسة طب الشغل‬


‫يسهر على مراقبة تطبيق مقتضيات حفظ الصحة والسالمة لألجراء بصفة عامة‬
‫والقواعد المنظمة لطب الشغل بصفة خاصة‪ ،‬جهازين أو هيئتين أساسيتين يتعلق األمر بكل‬
‫من مفتشية الشغل (أ) والمفتشية الطبية للشغل (ب)‪.‬‬
‫مفتشية الشغل‬ ‫أ‪-‬‬
‫إن مفتشية الشغل كما سبق الذكر تعتبر إحدى الهياكل واآلليات المتدخلة والفاعلة‬
‫في مجال الوقاية الصحية والسالمة العمالية‪.‬‬
‫وكما يتضح من وثائق منظمة العمل الدولية أن هذه األخيرة قد جعلت نظام تفتيش‬
‫الشغل في قلب هدف الحفاظ على صحة وسالمة األجراء على العمل على تحسين ظروف‬

‫‪ -351‬بريان المولود‪ ،‬طبيب الشغل مهامه وحمايته‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.51-52‬‬


‫‪ -352‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.294 -293‬‬

‫‪159‬‬
‫العمل‪ ،‬ثم إن اتفاقيات المنظمة الصادرة في موضوع الصحة والسالمة ترتبط إرتباطا‬
‫وثيقا باتفاقيات الشغل‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر تبقى المهمة األساسية لجهاز تفتيش الشغل بالمغرب ككل‪ ،353‬هي‬
‫السهر على تطبيق المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل (أي مهمة المراقبة‬
‫وضبط المخالفات) باإلضافة إلى دورها االستشاري والتصالحي‪354‬وفيما يخص مقتضيات‬
‫حفظ الصحة والسالمة تتميز مهمة المراقبة وضبط المخالفات في هذا اإلطار بمسطرة‬
‫االنذار المخولة لمفتش الشغل‪ ،‬إذ ال يمكن لهذا األخير تحرير محظر ضبط في حالة اإلخالل‬
‫بالمقتضيات التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالسالمة وحفظ الصحة‪ ،‬إخالال ال يعرض‬
‫صحة أو سالمتهم لخطر حال إال بعد انصرام األجل المحدد للمشغل في تنبيه يوجهه إليه‬
‫مفتش الشغل مسبقا على أن ال يقل هذا األجل بأية حال عن أربعة أيام‪.‬‬
‫ومعلوم أن قواعد حفظ صحة وسالمة العمال تعد من أغنى ميادين الجانب التنظيمي‬
‫لع القة الشغل الفردية من حيث إمكانية إرتكاب جرائم الشغل وذلك نظرا لدقة وتعدد‬
‫المقتضيات القانونية ذات الطابع الحمائي‪ ،‬فالقانون الجنائي للشغل يعرف أوسع تطبيق له‬
‫عندما يتعلق األمر بصحة وسالمة العمال‪ ،‬وعموما فالدور الموكول لجهاز تفتيش‬
‫الشغل هو دور هام إن على المستوى اإلجتماعي أو االقتصادي وبالتالي كان ضروريا إن‬
‫لم نقل لزاما إعادة تأهيل ورفع مستوى تدخل هذا الجهاز باعتباره أهم آلية تتدخل في مجال‬
‫عالقات الشغل‪ ،‬وبالنظر للعجز الذي يعاني منه هذا الجهاز على مستوى موارده البشرية‬
‫فقد صار من المستعجل دعمه باألطر الالزمة على نحو يستطيع معه مواجهة االتساع‬
‫الكمي للمؤسسات الخاضعة للقانون االجتماعي‪.‬‬
‫المفتشية الطبية للشغل‬ ‫ب‪-‬‬
‫تم إحداث مفتشية طبية للشغل ألول مرة بموجب مرسوم ‪ 8‬فبراير ‪ 1958‬وهي‬
‫عبارة عن هيئة من األطباء المفتشين يتم تعيينهم من قبيل وزير الشغل بعد موافقة وزير‬

‫‪ -353‬راجع بهذا الخصوص‪:‬‬


‫‪ -‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪ -‬محمد الشرقاني‪ :‬المالحظات واالقتراحات المطروحة بشأن إصالح نظام مؤسسات تفتيش الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.407‬‬
‫‪ -354‬بوشريط عبد الصمد‪ :‬دور الطب الشغل في حفظ صحة ويسالمة األجراء داخل المقاولة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪160‬‬
‫الصحة العمومية‪ ،‬ويقوم هؤالء األطباء بعملهم بإتصال مع وزارة الصحة على المستوى‬
‫الطبي كما يتلقون منها التعليمات بخصوص المسائل الصحية بصفة عامة‪.355‬‬
‫وتتمثل مهام األطباء مفتشي الشغل فيما يلي‪:356‬‬
‫‪ -‬مساعدة مصالح مفتشية الشغل في مراقبة تطبيق التشريع المتعلق بالصحة المهنية‬
‫وفي المحافظة على صحة العمال‪.‬‬
‫‪ -‬دعم العمل المستمر لطبيب الشغل في حماية األجراء في وسطهم المهني‬
‫‪ -‬مراقبة تسيير وإدارة شؤون المصالح الطبية للشغل‪.‬‬
‫الواقع أن المشرع قد إضطر إلى خلق جهاز يقوم بعمل مفتش الشغل في الحاالت‬
‫العادية بإعتبار أن المراقبة تصل إلى درجة من التقنية يستحيل معها أو يصعب على مفتش‬
‫الشغل إتباع الفنية التي يتميز بها ذلك العمل‪ ،357‬وتبعا لذلك مدد كل األحكام المتعلقة‬
‫بصالحيات والتزامات األعوان المكلفين بتفتيش الشغل إلى األطباء مفتشي الشغل‪.358‬‬
‫ولضمان الوقاية من األمراض المهنية يرخص ألطباء المكلفين بتفتيش الشغل بفحص‬
‫األجراء وبأخذ عينات من المواد المستعملة أو العالقة بمكان الشغل إلجراء تحاليل عليها على‬
‫نفقة المشغل‪.‬‬
‫على المستوى العملي توجد أربع مفتشيات طبية للشغل في كل من الدار البيضاء الرباط‬
‫مكناس وفاس‪ ،‬يشتغل بها مجتمعة تسعة أطباء مفتشين وأربع تقنيين هؤالء األعوان يجب‬
‫عليهم مراقبة مجموع المصالح الطبية للشغل بالبالد باإلضافة إلى السهر على تطبيق‬
‫تدابير الصحة والسالمة ‪ ،‬وهو ما ال يتصور عمليا‪.‬‬
‫إن الطبيب مفتش الشغل يوجد في موقع جيد يمكنه من المساهمة إلى جانب مفتشي‬
‫الشغل وبفعالية في تكوين وإعالم العمال وأرباب العمل حول الوقاية من األخطار المهنية‬
‫وتحسين ظروف العمل‪ ،‬وهو األمر الذي يتطلب التأسيس الواضح الدائم والمنتظم لتعاون‬
‫مركز بين كل من مفتش الشغل والطبيب مفتش الشغل لتأطير هياكل الحوار والنهوض‬
‫‪ -355‬بوشريط عبد الصمد‪ :‬دور طبيب الشغل في حفظ صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -356‬المادة ‪ 25‬من مرسوم ‪ 8‬فبراير ‪.1958‬‬
‫‪ -357‬محمد سعيد بناني‪ :‬قان ون الشغل بالمغرب على ضوء مدونة الشغل الجزء الثالث عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪ -358‬تنص المادة ‪ 535‬من م‪.‬ش على مايلي‪....:‬‬
‫يرخص ألطباء المكلفين بتفتيش الشغل من أجل الوقاية من األمراض المهنية‪ ،‬بأن يقوموا بفحص األجراء‪ ،‬وأن يأخذوا معهم وفق الشروط‬
‫المنصوص عليها عينات من المواد األولية ومن المواد التي يستعملها األجراء أو يعالجونها باأليدي ومن المواد العالقة بمكان الشغل وبسراديب‬
‫المناجم قصد إجراء تحليالت عليها‪.....‬‬

‫‪161‬‬
‫بصحة العمال وسالمتهم داخل المؤسسة‪ .‬وأخيرا وانطالقا من كل منا سبق فإن النهوض‬
‫بالمفتشية الطبية للشغل وضمان تأطيرها‪ ،‬ومراقبتها الفعالة لطب الشغل يبقى رهينا بتعزيز‬
‫وتقوية تغطيتها الميدانية لمجموع التراب الوطني‪ ،‬وذلك يتطلب إحداث مفتشية طبية للشغل‬
‫على مستوى كل جهة اقتصادية وتعيين العدد الكافي من األطباء داخل هياكلها‪.359‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور مؤسسة القضاء االجتماعي في بلورة الحكامة‬


‫إذا كان قانون الشغل يوصف بأنه قانون ذو طبيعة حمائية ‪ ،‬يهدف إلى إعادة التوازن‬
‫للعالقة الشغلية بين عنصري اإلنتاج‪ ،‬رأس المال والعمل‪ ،‬وذلك من خالل ما يمنحه لهذا‬
‫األخي ر من حقوق وضمانات‪ ،‬فإنه ومهما بلغت درجة تقدمية قواعده فإن هذه األخيرة‬
‫ستبقى حبرا على ورق‪ ،‬إذا لم يكن هناك جهاز قضائي يكفل تطبيق ما تقرره هذه القواعد‬
‫من حقوق وضمانات على أرض الواقع‪ ،‬في ظل إجراءات مسطرية مبسطة وسريعة‬
‫هدفها تحقيق العدالة األكبر شريحة اجتماعية‪.‬‬
‫هكذا سنحاول الوقوف عند فعالية المسطرة في المادة اإلجتماعية (الفقرة األولى) على‬
‫أن تخصص الحديث في (الفقرة الثانية) عن إسهامات القضاء في حماية وضمان حقوق‬
‫األجراء من خالل الرقابة المخولة له على جميع القرارات الصادرة عن المشغل‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬فعالية المسطرة القضائية في المادة االجتماعية‬


‫قبل التطرق إلى بعض مزايا وفعالية المسطرة القضائية في المادة االجتماعية يجب‬
‫أن نشير على أنه إذا كان من مظاهر استقالل قانون الشغل عن غيره من فروع القانون‬
‫األخرى توفره على قواعد موضوعية مستقلة في حكمها وضبطها لعالقات الشغل فإن‬
‫هذه االستقاللية ال يمكن أن تتجسد بشكل واضح إال بتوفره على قواعد مسطرية خاصة به‪،‬‬
‫تنظم سبيل اقتضاء الحق أو المزية المنصوص عليها بموجب القاعدة الموضوعية ‪ ،‬ذلك‬
‫أن هناك إرتباطا وثيقا بين القواعد المسطرية المطبقة في المادة االجتماعية والقواعد‬
‫الموضوعية التي تحكم عالقات الشغل‪ ،360‬ومع ذلك فإننا ال نلمس بذلك تطبيقا في قانوننا‬
‫المغربي‪ ،‬إال أن المشرع خص المسطرة القضائية في المادة االجتماعية بعدة مزايا والتي ال‬

‫‪ -359‬بوشريط عبد الصمد‪ ،‬دور طب الشغل في حفظ صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة‪،/‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -360‬عبد اللطيف خالقي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقات الفردية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.182-181‬‬

‫‪162‬‬
‫وجود لها في المسطرة العادية للتقاضي نذكر من ذلك إجبارية إجراء محاولة الصلح‬
‫(أوال) باإلضافة إلى تمكين العامل لإلستفادة من نظام المساعدة القضائية بحكم القانون‬
‫وشمول األحكام الصادرة في المادة االجتماعية بالنفاذ المعجل (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إجبارية إجراء محاولة الصلح‬


‫يعتبر الصلح أهم الخصوصيات التي تتميز بها الدعوى االجتماعية‪ ،‬فقد ورد في الفصل‬
‫‪ 277‬من قانون المسطرة المدنية أنه "تحاول المحكمة في بداية الجلسة التصالح بين‬
‫األطراف" فالصلح إذن مسألة إجبارية يتعين على المحكمة أو القاضي بحسب األحوال أن‬
‫يقوم بها ويحترمها‪ ،‬وقد ذهبت بعض المحاوالت إلى القول بأن الصلح إختياري‪ ،‬بالنظر إلى‬
‫أن بإمكان األطرا ف إما الحضور شخصيا بالجلسة األولى أو تعيين من ينوب عنهم‪ ،‬إال أن‬
‫األمر حين عرض على محكمة النقض كأعلى هيأة قضائية ببالدنا أكدت أن ال نقاش في لزوم‬
‫القيام بمحاولة الصلح قبل الدخول في صلب الموضوع وإصدار الحكم‪ ،361‬وهكذا جاء في‬
‫إحدى حيثيات قرار له ما يلي‪" :‬وحيث إنه ال يوجد في الحكم المطعون فيه‪ ،‬وال من بين‬
‫وثائق الملف ما يفيد أن القاضي قام باإلجراء المذكور الشيء الذي يتعرض معه الحكم‬
‫المذكور إلى البطالن‪."362‬‬
‫إن الصلح يعد أمرا إجباريا بناء على ما للقضايا االجتماعية من خصوصيات لها عالقة‬
‫مباشرة بالسلم االجتماعي وباألسرة والمجتمع الذين يعد األجير إحدى القوى التي ترتكز‬
‫عليها‪ ،‬والذي يعزز ما نقوله أن الفصل ‪ 276‬من قانون المسطرة المدنية خرج عن القواعد‬
‫المألوفة في مجال التقاضي إذ لم يشترط كمال األهلية‪ ،‬كما اشترطه الفصل األول من هذا‬
‫القانون‪ ،‬وإن سمح إستثناء بقبول الدعوى وبإجراء الصلح فيها ولو من شخص قاصر لم يبلغ‬
‫بعد سن التقاضي‪.‬‬
‫وبعد حضور األطراف أو من يمثلهم جلسة الصلح‪ ،‬تقوم المحكمة بمحاولة التصالح‬
‫بينهم وقد تنجح هذه المحاولة أو تفشل‪ ،‬فإذا كتب لها النجاح وجب تثبيت ذلك في اتفاق وفق‬
‫الشروط المنصوص عليها في الفصل ‪.278‬‬

‫‪ -361‬عبد الكريم الطالب‪ :‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ -‬دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع ‪ ،-2018‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة التاسعة‪ ،‬يناير ‪ ،2019‬ص ‪.335‬‬
‫‪ -362‬القرار أشار إليه‪ ،‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.335‬‬

‫‪163‬‬
‫ويترتب عن التصالح االلتزام باالتفاق ويوضع حد للنزاعات التي كانت قائمة بين‬
‫األطراف‪ ،‬بل وينفذ بقوة القانون وال يكون محال ألي طعن‪.‬‬
‫أما إذا لم يكتب لمحاولة الصلح النجاح لسبب من األسباب المذكورة في الفصل ‪278‬‬
‫شأن االختالف بين األطراف أو عدم حضور أحدهم‪ ،‬يقوم القاضي المكلف بتحرير محضر‬
‫بعدم المصالحة ويبث في القضية حاال أو يؤجلها إلى جلسة أخرى أما إذا تعلق األمر‬
‫بنزاعات الشغل فإن على المحكمة أن تبث في الحال وليس لها أن تؤجل إلى أجل آخر‪.363‬‬

‫ثانيا‪ :‬المساعدة القضائية وشمول األحكام االجتماعية بالنفاذ المعجل‬


‫خص المشرع المغربي الدعوى العمالية بميزة ليس لها نظير في الدعوى العادية‬
‫مستهدفا في ذلك حماية األجير باعتباره الطرف ذي المركز االقتصادي الضعيف فيسر له‬
‫سبل التقاضي دون أن يتحمل مصروفات ونفقات باهظة‪ .‬لذلك كانت إرادة المشرع أن‬
‫يستفيد من المساعدة القضائية بحكم القانون العامل مدعيا أو مدعى عليه أو دوي حقوقه في‬
‫كل دعوى بما في ذلك االستئناف‪ ،‬وتسري آثار المساعدة القضائية بحكم القانون على جميع‬
‫إجراءات تنفيذ األحكام القضائية‪ ، 364‬وهذا األمر ما نص عليه الفصل ‪ 273‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫فبقراءة هذا النص يمكن تسجيل المالحظات التالية‪:‬‬
‫تشمل المساعدة القضائية كل اإلجراءات التي تمر منها الدعوى ابتدائيا‬ ‫‪-1‬‬
‫واستئنافيا انطالقا من أداء الوجيبة القضائية الخاصة بالمقال االفتتاحي للدعوى‪ ،‬مرورا‬
‫بباقي اإلجراءات التي تستدعي الرسوم القضائية كواجبات التسجيل والخبراء وصوال إلى‬
‫مرحلة التنفيذ التي يعفى المعني باألمر من أداء الرسوم المقررة في هذه المرحلة‪،‬‬
‫ورسوم التنفيذ وواجب نشر اإلعالنات القضائية وكل ما يستلزمه من رسوم ومبالغ مالية‬
‫لمباشرة اإلجراءات‪.365‬‬
‫انطالقا من الصياغة الواردة في الفصل ‪ ،273‬يمكن وبكل سهولة ويسر‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التأكيد أن المساعدة القضائية تقتصر على المرحلتين االبتدائية واالستئناف‪ ،‬أما على‬

‫‪ -363‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪ -364‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل الجزء األول‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬م‪.‬ش‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫‪ -365‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.338‬‬

‫‪164‬‬
‫مستوى محكمة النقض فال ‪،‬إذ تطبق القواعد العامة للإلستفادة من نظام المساعدة القضائية‬
‫بعد تحقق الشروط التي حددها مرسوم‪.3661966‬‬
‫ركز المشرع في الفصل ‪ 273‬على تمتيع العامل وحدة بالمساعدة القضائية‬ ‫‪-3‬‬
‫أما رب العمل أو المؤاجر فال يستفيد وما عليه إال أن يؤدي ما يفرضه القانون من رسم أو‬
‫وجيبة قضائية‪ ،‬وهذه مسألة بديهية ألن من خصائص قانون الشغل عامة والدعوى‬
‫االجتماعية بشكل خاص‪ ،‬أنه ذو طابع حمائي بقصد حماية الطرف الضعيف في عالقة‬
‫الشغل والطرف الضعيف اقتصاديا هو العامل طبعا‪.‬‬
‫هذا بخصوص نظام المساعدة القضائية فماذا عن شمول األحكام الصادرة في المادة‬
‫االجتماعية بالنفاذ المعجل؟‬
‫التنفيذ المعجل هو تنفيذ الحكم‪ ،‬قبل أن يصير حائزا لقوة الشيء المحكوم به‪ ،‬أي حتى‬
‫لو كان هناك طعن من طرف ذي المصلحة وهو على ثالثة أنواع‪.‬‬
‫‪ -‬التنفيذ المعجل االختياري بحكم يصدره القضاء ويكون بناء على طلب المدعى‬
‫المحكوم له بالنفاذ وللمحكمة أن ترفض أو تقبل تقديرا لظروف كل دعوى‪.‬‬
‫‪ -‬التنفيذ المعجل الوجوبي بحكم القضاء‪ ،‬إذا كان الحكم مبنيا على سند رسمي أوتعهد‬
‫معترف به أو إذا كان الحكم صدر تنفيذا لحكم سابق‪.‬‬
‫‪ -‬التنفيذ المعجل بقوة القانون مفاده أن النص الشرعي هو الذي يفرضه فيتقرر عمليا‬
‫ولو لم يطلبه األطراف ولو لم يشر إليه القاضي في حكمه‪.‬‬
‫وطبقا للمادة ‪ 285‬من ق‪.‬م‪.‬م يكون الحكم مشموال بالنفاذ المعجل بحكم القانون في‬
‫قضايا حوادث الشغل واألمراض وفي قضايا الضمان االجتماعي وقضايا عقود الشغل‬
‫والتدريب المهني رغم كل تعرض أو إستئناف‪.‬‬
‫ففي القضايا المشار إليها أعاله يستطيع األجير االستفادة من الحقوق والتعويضات‬
‫المحكوم له بها‪ ،‬حتى ولو تقدم الخصم بطعن في ذلك الحكم أمام الهيئة المختصة قانونا‪.367‬‬

‫‪ -366‬للتعميق بخصوص هذه النقطة انظر‪:‬‬


‫‪ -‬القرار رقم ‪ 552‬الصادر بتاريخ ‪ 9‬نونبر ‪ ،1987‬ملف اجتماعي عدد ‪ ،87/4948‬منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ ،1987/51‬ص ‪121‬‬
‫وما يليها‪.‬‬
‫‪ -367‬فريدة المحمودي‪ ،‬الضمانات الحقوقية لألجير عبر الحياة القانونية لعقد الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.650‬‬

‫‪165‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرقابة القضائية آلية حمائية‬
‫إن ا لمشرع خول للمشغل توقيع الجزاءات التأديبية بهدف زجر األجير المخل بالتزاماته‬
‫القانونية أو االتفاقية أو بقواعد االنضباط والسير الحسن داخل المؤسسة بما في ذلك من حفاظ‬
‫على النظام في المؤسسة وضمان لسير الشغل على أحسن وجه‪ ،‬بل أكثر من ذلك فإن‬
‫المشرع منح المشغل إمكانية تسريح أجرائه بشكل جماعي وذلك في حالة تحقق إحدى‬
‫األسباب المنصوص عليها قانونا إال أن سلطة التأديب والتسريح الجماعي لألجراء التي‬
‫خولها المشرع للمشغل ليست مطلقة وإنما تمارس تحت مراقبة القضاء‪ .‬مما يجعل من‬
‫مؤسسة القضاء آلية إلقرار حماية أكبر لشريحة األجراء هكذا سنحاول الوقوف عند الرقابة‬
‫القضائية على الفصل الفردي لألجراء (أوال) ثم بعد دلك نعالج مسألة الرقابة القضائية على‬
‫الفصل الجماعي (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬الرقابة القضائية على الفصل الفردي‬


‫يفرض القضاء رقابة على القرارات التي يتخذها المشغل في إطار ممارسته لسلطته‬
‫التأديبية‪ ،‬ويعتبر قرار الفصل من أخطر هذه القرارات وذلك حماية لألجراء من المشغل في‬
‫إستعم اله لهذه السلطة‪ .‬حيث يقوم القضاء بالتحقق من مدى احترام المشغل للشروط الشكلية‬
‫والموضوعية (أ) ومن مدى مالئمة العقوبة التأديبية للخطأ المرتكب (ب)‬

‫أ_ الرقابة القضائية للشروط الشكلية والموضوعية للفصل الفردي لألجراء‬

‫سنتناول الرقابة القضائية للشروط الشكلية (‪ )1‬على أن نتطرق في (‪ )2‬للرقابة على‬


‫الشروط الموضوعية‪.‬‬

‫‪ _1‬الرقابة القضائية على الشروط الشكلية‬

‫من جملة الشروط التي يتعين على المشغل مراعاتها أثناء فسخ العقد وفصل األجير‬
‫مراعاة األحكام المتعلقة باإلخطار وأجله ومدته وتبليغه‪ .‬مع العلم أن هناك حاالت يعفى فيها‬
‫المشغل من إخطار األجير كالقوة القاهرة والخطأ الجسيم‪ ،‬وهنا يتدخل القاضي االجتماعي‬
‫لمراقبة مدى احترام المشغل لهذا اإلجراء الشكلي المتعلق بمهلة اإلخطار ومدتها وطريقة‬

‫‪166‬‬
‫تبليغه في حالة وقوع اختالف بين الطرفين وهدفه من ذلك هو الوصول إلى شرعية الطرد أو‬
‫عدم شرعيته‪ .‬وقد يفاجئ القاضي بتنازل األجير عن هذا اإلخطار‪ ،‬ومع ذلك فإن القاضي‬
‫االجتماعي ال يلتفت إلى هذا التنازل‪ .‬معتمدا على مقتضيات مدونة الشغل التي تعتبر ذلك‬
‫التنازل باطال‪ .368‬ما يفيد سلوك مسطرة الرجوع وتوصيل األجير بها ولم يرجع‪ ،‬فإنها تعتبر‬
‫طردا تعسفيا وهو ما أكده المجلس األعلى في أحد قراراته‪.‬‬

‫وهناك من اإلجراءات الشكلية التي جاءت بصيغة الوجوب المشار إليها في الفصول‬
‫‪ 63_62_61‬من مدونة الشغل التي تتعلق بحقوق الدفاع المخولة لألجير عند إصدار عقوبة‬
‫تأديبية ضده‪ ،‬المشار إليها في الفصل ‪ 37‬من المدونة‪ ،‬ومن هنا يتبين أن القاضي االجتماعي‬
‫أثناء البث في النازلة وقبل إصدار حكمه يراقب الشروط الشكلية إلنهاء عقد الشغل وفصل‬
‫‪ .‬وقد ال ينظر القاضي لألخطاء المنسوبة إلى األجير لكون المشغل لم يحترم‬ ‫‪369‬‬
‫األجير‬
‫الشروط الشكلية لفصله‪.370‬‬

‫‪ _2‬الرقابة القضائية على الشروط الموضوعية‬

‫لقد اشترط المشرع المغربي لمشروعية قرار الفصل أن يستند على مبررات مقبولة وال‬
‫تكون كذلك إال إذا ارتبط الفصل بكفاءة األجير أو سلوكه داخل المقاولة‪ ،‬حيث يقوم القاضي‬
‫في إطار مهمته الرقابية بالنظر في األسباب المدرجة في مقرر الفصل الذي يستند عليها‬
‫المشغل على األخطاء المنسوبة لألجير‪ ،‬إال أن القاضي غير ملزم بالتكييف الذي يقرره‬
‫المشغل ‪ ،‬هل الخطأ جسيم أم ال ‪ ،‬إذ ذهب القضاء إلى اعتبار نوم األجير ال يرقى إلى درجة‬
‫الخطأ الجسيم ‪ ،‬أي ال يكون جسيما إال بمقدار تأثيره على أداء الشغل و مدى الخطورة التي‬
‫تترتب عن إهماله لآلالت التي كلف بتشغيلها أو بمراقبتها‪.371‬‬

‫‪ - 368‬المادة ‪ 34‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 369‬محمد شهبون‪ :‬دور القضاء االجتماعي في قضايا الطرد التعسفي‪ ،‬مجلة محاكمة‪ ،‬العدد ‪ 3‬أكتوبر‪-‬دجنبر ‪، 2007‬ص ‪. 92-91‬‬
‫‪ - 370‬محمد شهبون‪ :‬دور القضاء االجتماعي في قضايا الطرد التعسفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪. 92‬‬
‫‪ - 371‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1093‬مؤرخ بتاريخ ‪ 1999/11/1‬ملف اجتماعي عدد ‪.98/486‬‬

‫‪167‬‬
‫ب_ الرقابة القضائية على مالئمة العقوبة التأديبية للخطأ‬

‫الشك أن جميع التشريعات بما فيها التشريع المغربي‪ ،‬منحت للمشغل سلطة تأديب‬
‫أجرائه بعقوبة تتالءم مع األخطاء المرتكبة وقد نضمت مدونة الشغل هذه العقوبات التي‬
‫يمكن إلحاقها باألجير في المادة ‪ 37‬وما يليها‪.372‬‬

‫فالقضاء المغربي وهو يبت في نزاعات الشغل المتعلقة بالفصل لخطأ جسيم كثيرا ما‬
‫يجد نفسه أمام نوازل توقع فيها عقوبات تأديبية على األجراء بشكل ال يتناسب مع أهمية‬
‫األخطاء المقترفة من طر فهم مما يثير تساؤال عريضا حول ما إذا كان من حق هذا القضاء‬
‫التدخل للمالئمة بين الخطأ المقترف والعقوبة الموقعة؟‪.373‬‬

‫بالرجوع إلى األحكام الصادرة عن قضاء الموضوع في هذا الصدد نجد أن منها من‬
‫أعطى لنفسه هذه السلطة التي لم تقف عند مجرد الحكم بتعسفية العقوبة التأديبية‪ .‬بل‬
‫تجاوزتها إلى حد الحكم بإلغاء هذه العقوبة‪ ،‬حيث جاء في حكم البتدائية الرباط ما يلي" ما‬
‫دامت المدعية قد حصلت على اإلذن بالتغيب لزيارة الطبيب ‪ ...‬فإن ثقبها لبطاقة العمل أثناء‬
‫خروجها وعود تها من تلك الزيارة‪ ،‬ال يعد في نظر المحكمة خطأ مرتكبا من طرفها ‪ ...‬األمر‬
‫الذي يتعين معه التصريح بأن اإلجراء التأديبي الصادر في حق المدعية وهو عقوبة التوقيف‬
‫عن العمل لمدة ثالثة أيام‪ ،‬مع الحرمان من األجرة نفس المدة والتحذير باتخاذ قرار آخر ال‬
‫يرتكز على أساس ويتعين التصريح بإلغائه"‪. 374‬‬

‫وقد ذهبت في نفس االتجاه كل من ابتدائية فاس والقنيطرة اللتين تدخلتا لمراقبة المالئمة‬
‫بين العقوبة والخطأ‪.‬‬

‫ولم يقتصر األمر على محاكم الدرجة األولى بل إن محاكم االستئناف قد أعطت لنفسها‬
‫تلك السلطة فقد جاء في قرار لمحكمة االستئناف بالدار البيضاء ما يلي‪ " :‬إن المستأنف عليه‬

‫‪ - 372‬رشيد الشافعي‪ :‬القضاء وقصور مدونة الشغل نزاعات الشغل الفردية نموذجا‪ ،‬بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ‪ ،2017/20/5‬ص‬
‫‪. 120‬‬
‫‪ - 373‬رشيد الزعيم‪ :‬الفصل لخطأ جسيم في ضوء مدونة الشغل مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ - 374‬حكم المحكمة االبتدائية بالرباط رقم ‪ 23‬بتاريخ ‪ 10‬يناير ‪.1985‬‬

‫‪168‬‬
‫في هذه النازلة تغيب لمدة ثالثة أيام فقط وكان على المشغل أن يقتصر على إحدى العقوبات‬
‫الخفيفة التي ال ترقى إلى الطرد‪.375"...‬‬

‫وجاء في قرار ثاني صادر عن نفس المحكمة ‪.... ":‬إن ظهور عيب أو خطأ في أحد‬
‫األحذية ال يمكن أن يرقى في الواقع إلى مصاف األخطاء الفادحة‪ ،‬خصوصا وأن سوء النية‬
‫لم تتر من طرف ا لمشغل ولم يثبتها‪ ،‬الشيء الذي كان معه أن يقتصر على إنزال إحدى‬
‫العقوبات الخفيفة فقط وذلك احتراما لمبدأ مالئمة العقوبة مع الخطأ‪. 376"...‬‬

‫يظهر مما سبق أن بعض محاكم الموضوع لم تقتصر على الحكم بتعسفية العقوبة‬
‫التأديبية بل تعدته إلى الحكم بإلغائها‪.377‬‬

‫وفي مراقبة لمدى حق محاكم الموضوع في الرقابة على مالئمة العقوبة للخطأ فقد أقر‬
‫المجلس األعلى موقفا قديما يقضي بمنع هذه المحاكم من إلغاء العقوبات التأديبية على اعتبار‬
‫أن ذلك يتجاوز سلطتها‪ ،‬وبالتالي فالحق لها في مراقبة مدى تناسب العقوبة مع الخطأ‪،‬‬
‫وأقصى ما يمكن لهذه المحاكم الحكم به هو النظر في مقرر الفصل‪ ،‬هل هو مبرر أم تعسفي؟‬
‫حيث جاء في قرار للمجلس األعلى في هذا الصدد‪ ":‬وحيث إن المحكمة اعتبرت مقرر‬
‫الفصل القاضي بنقل العامل كعقوبة تأديبية قضت بإلغائه متجاوزة بذلك حدود سلطتها‪ .‬مما‬
‫يجعل حكمها معرضا للنقض‪".‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة القضائية على الفصل الجماعي‬


‫إذا كان المشرع قد حدد من خالل المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل بعض األسباب المبررة‬
‫لفصل األجراء وهي‪ :‬األسباب التكنولوجية أو الهيكلية أو ما يماثلها أو األسباب االقتصادية‪،‬‬
‫في نفس المادة والتي تليها حدد اإلجراءات التي يجب على المشغل االلتزام بتنفيذها (ب) فإن‬
‫القضاء من جهته هو اآلخر ملزم برقابة مدى مشروعية هذه األسباب وكفايتها ومدى احترام‬
‫المشغل لإلجراءات الضرورية (أ)‪.‬‬

‫‪ - 375‬قرار الغرفة االجتماعية بمحكمة االستئناف بالدار البيضاء رقم ‪ 257‬بتاريخ ‪ 28‬فبراير ‪ ،1983‬ملف عدد ‪( 80/839‬قرار غير منشور‪،‬‬
‫أشار إليه رشيد الزعيم في رسالته‪ ،‬مرجع سابق)‪.‬‬
‫‪ - 376‬قرار الغرفة االجتماعية بمحكمة االستئناف بالدار البيضاء رقم ‪ 302‬بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪ 1983‬ملف عدد ‪. 81/678‬‬
‫‪ - 377‬رشيد الزعيم‪ :‬الفصل لخطأ جسيم في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 143‬‬

‫‪169‬‬
‫أ_ الرقابة على مشروعية أسباب الفصل الجماعي‬

‫إن المشغل الذي يعتزم فصل األجراء كال أو بعضا ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو‬
‫اقتصادية ال يكفيه ادعاء هذه األسباب فقط‪ ،‬وإنما يلزمه إثبات مشروعيتها أمام الجهات‬
‫المختصة‪.378‬‬

‫فاألسباب التي يدعيها المشغل قد تكون موجودة فعال ولكنها ال تبرر فصل األجراء‬
‫ولكن ليس بنفس الحجم الذي يدعيه المشغل هذا في أحسن األحوال أو في أسوئها قد يتحايل‬
‫المشغل على القانون حينما يرغب في التخلص من بعض األجراء غير المرغوب فيهم‪،‬‬
‫فيتست ر وراء تعرض المقاولة ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية إلخفاء السبب‬
‫الحقيقي غير المشروع‪.379‬‬

‫لذلك فإنه يبقى على عاتق القضاء التأكد من مدى مشروعية األسباب التي يدعيها‬
‫المشغل‪.‬‬

‫وللتأكد من مشروعية األسباب‪ ،‬يجب أال ينظر إليها اعتمادا على الوثائق والمعطيات‬
‫التي يدفع بها المشغل أو إدارة المقاولة عموما‪ ،‬وإنما يلزم النظر كذلك إلى المحيط‬
‫االقتصادي للمقاولة واالجتماعي لألجراء‪ ،‬فقد تثبت الوثائق فعال تعثر الوضعية االقتصادية‬
‫والمالية أو تغير معطياتها التكنولوجية أو الهيكلية‪ ،‬ولكن محيطها االقتصادي ينبأ بقدرتها‬
‫على تجاوز الوضعية الطارئة أو أن الوضع االجتماعي لألجراء سيشكل خطورة أكثر على‬
‫الوضع االقتصادي الوطني في حالة الفصل‪ ،‬منه على الوضع االقتصادي للمقاولة في حالة‬
‫الحفاظ على مناصب الشغل ورغم ما يعترض المقاولة من صعوبات‪.‬‬

‫إن تحقيق التوازن بين المعطيات االقتصادية من جهة واالجتماعية من جهة أخرى‬
‫كهدف أساسي لقانون الشغل عموما ولمسطرة فصل األجراء خصوصا يحتم النظر أوال إلى‬
‫مدى مالئمة األسباب التي يدعيها المشغل للفصل كإجراء خطير سيضع حدا للعالقات‬

‫‪ - 378‬حسن صغيري‪ :‬فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ -‬أكدال‪ ،2006-2005 -‬ص‪. 70‬‬
‫‪ - 379‬حسن صغيري‪ :‬فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 71-70‬‬

‫‪170‬‬
‫الشغلية بين أطراف الشغل‪ ،‬وسيطرح مصير األجراء المفصولين وأسرهم أمام كل‬
‫الوضعيات االجتماعية المحتملة التي ستؤثر بدون شك على االقتصاد الوطني بشكل أو بآخر‪.‬‬

‫ب_الرقابة على مشروعية إجراءات الفصل‬

‫لقد فرض المشرع على المشغل ضرورة مراعاة مجموعة من اإلجراءات المسطرية‬
‫قبل الشروع في أي فصل ألسباب اقتصادية‪ ،‬تكنولوجية أو هيكلية‪، 380‬أو في حالة ما إذا لم‬
‫يتم احترامها فإن القضاء االجتماعي عندما يتم رفع النزاع أمامه أول ما يقوم به هو البحث‬
‫في مدى احترام إجراءات ترتيب الفصل (‪ )1‬وكذا ما إذا كان المشغل قد راعى مرحلة مهلة‬
‫اإلخطار قبل إقدامه على اإلعفاء(‪.)2‬‬

‫‪ _1‬مراقبة احترام مسطرة ترتيب فصل األجراء‬

‫إن حصول المشغل على اإلذن من طرف العامل بفصل األجراء ال يعفيه من احترام‬
‫القواعد اإلجرائية التي تحمي األجراء من تعسفه في اختيار األجراء الذين سيتم تسريحهم‬
‫دون غيرهم‪ .381‬وهو ما نص عليه المشرع في المادة ‪ 71‬من مدونة الشغل‪ ،‬حيث وضع‬
‫معايير لتعيين األجراء الذين سيشملهم الفصل حيث جاء فيه" يباشر الفصل المأذون به‬
‫بالنسبة إلى كل مؤسسة في المقاولة تبعا لكل فئة معينة مع مراعاة العناصر الواردة أدناه‬

‫_األقدمية‬

‫_القيمة المهنية‬

‫_األعباء العائلية‬

‫وذلك تماشيا مع المادة ‪ 23‬من التوصية الدولية رقم ‪. 166‬‬

‫‪ - 380‬أسماء بن عيسى‪ :‬إشكالية الرقابة على فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية على ضوء العمل القضائي المغربي‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية –السويسي‪-‬‬
‫‪ ،2008-2007‬ص‪. 117‬‬
‫‪ - 381‬حسن صغيري‪ :‬فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 74-73‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ _2‬مراقبة مدى احترام مهلة اإلخطار‬

‫يستفيد األجراء المفصولون ألسباب اقتصادية أو هيكلية أو تكنولوجية وإغالق‬


‫المقاوالت من مهلة اإلخطار قبل فصلهم من العمل ويعرف األستاذ عبد اللطيف خالفي مهلة‬
‫اإلخطار" بأنها الفترة الزمنية الواجب احترامها بين تاريخ اإلخطار وبين دخول الفصل حيز‬
‫التطبيق الفعلي‪ ،‬حيث يستفيد األجير خالل هذه الفترة من رخص للتغيب ألن إنهاء عقد الشغل‬
‫دون احترام مهلة اإلخطار يعطي لألجير الحق في الحصول على التعويض طبقا لما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 70‬من م‪.‬ش ‪".‬يستفيد األجراء عند فصلهم في حالة حصول المشغل على اإلذن‬
‫من عدمه طبقا للمواد ‪ 66‬و‪ 97‬و‪ 69‬من التعويض عن أجل اإلخطار"‪.‬‬

‫لهذا فاحترام مهلة اإلخطار مسألة إلزامية في حالة الفصل الجماعي ويبسلط القضاء‬
‫االجتماعي رقابته حول مدى التزام المؤاجر بهذا المقتضى‪.‬‬

‫وبالفعل تدخل القضاء وكرس الحماية القانونية المتوخاة خاصة في الفصل الجماعي‬
‫الالمشروع‪ ،‬حيث جاء في قرار للمجلس األعلى " كما ثبت لدى محكمة الموضوع أن الطرد‬
‫الجماعي تم قبل الحصول على الترخيص اإلداري بذلك استخلصت عن صواب أن الطرد‬
‫والذي صدر على هذا النحو يعتبر طردا تعسفيا كونها قد بنت قضائها على أساس سليم‪.382‬‬

‫‪ - 382‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 178‬بتاريخ ‪ ،1983/02/28‬ملف عدد ‪ 950/98‬منشور بمجلة المجلس األعلى‪ ،‬بن=تاريخ ‪ 8‬أكتوبر ‪،1983‬‬
‫ص ‪. 96‬‬

‫‪172‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اآلليات التمثيلية‬
‫إن اقتناع المشرع بأن خير وسيلة لتحسين األوضاع االقتصادية واالجتماعية لألجراء‬
‫داخل المقاوالت والمؤسسات الخاضعة لقانون الشغل‪ ،‬وكذلك خير وسيلة لسيادة السلم‬
‫االجتماعي داخل المقاوالت والمؤسسات‪ ،‬هي االعتراف لهم بالحق في التنظيم والتكتل داخل‬
‫مؤسسات قانونية تتولى التعبير عن مطالبهم وتدافع عن حقوقهم‪ ،‬مع العمل على إشراكهم في‬
‫التدبير بين االقتصادي واالجتماعي لهذه المقاوالت من خالل إيجاد مؤسسات وأنظمة‬
‫قانونية‪ ،‬تساعد على بلورة هذه الطموحات وتساعد أيضا على خلق نوع من التوازن في‬
‫العالقة الشغلية بين عنصري اإلنتاج‪ ،‬وقد عملت فعال العديد من التشريعات المقارنة وكذلك‬
‫التشريع المغربي‪ ،383‬على خلق هذه المؤسسات واألنظمة القانونية والتي تتمثل من جهة في‬
‫النقابات المهنية (المطلب األول) وتتمثل من جهة ثانية في لجنة المقاولة والممثلون النقابيون‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬النقابات المهنية آلية لتكريس السلم االجتماعي‬


‫إن العالقة بين األجراء والمشغلين كانت تجمعهم عالقة شخصية في ظل المؤسسات‬
‫والتي يستخدم فيها المشغل قلة من األجراء يعرفهم بل ويختارهم شخصيا‪ ،‬مما‬ ‫الصغيرة‬
‫كان يسهل على المشغل معرفة المشاكل التي يعانيها أجرائه والعمل على معالجتها بسرعة‪،‬‬
‫لكن مع حلول الثورة الصناعية وظهور اآلالت إلى جانب العامل البشري تقلصت هذه العالقة‬
‫وصار الهم الشاغل للمشغل هو تطوير اإلنتاج‪ ،‬بأقل تكلفة الشيء الذي كان له االنعكاسات‬
‫المباشرة على الوضعية االقتصادية واالجتماعية لألجراء‪ ،‬مما أدى إلى التضامن وتوحيد‬
‫الصفوف وجمع الضعف وتحويله إلى قوة‪ ،‬حتى تتمكن من مواجهة المشغلين واستغاللهم‬
‫لظروفها‪ .384‬وهو ما حدث فعال من خالل إحداث النقابات المهنية لألجراء التي أصبحت‬
‫بفعل قوتها طرفا في المفاوضات الجماعية (الفقرة األولى) بل وتعدت ذلك لتكون طرفا في‬
‫اتفاقيات الشغل الجماعية (الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫‪ - 383‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 131‬‬
‫‪ - 384‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪. 136 -135‬‬

‫‪173‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬النقابة المهنية كطرف في المفاوضة الجماعية‬
‫لم يعرف النظام القانوني المغربي المفاوضة الجماعية إال مع صدور مدونة الشغل‬
‫الحالية وذلك تماشيا مع االتفاقية رقم ‪ 98‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية واالتفاقية رقم‬
‫‪ 11‬لمنظمة العمل العربي‪ ،‬ومعلوم أن اقتناع المشرع المغربي بتقرير نظام المفاوضة‬
‫الجماعية يعززه موقفه العام وتعاطيه الجديد مع عالقات الشغل الجماعية عموما‪ .385‬وهكذا‬
‫نجد مدونة الشغل قد عرفت المفاوضة الجماعية ب" الحوار الذي يجري بين ممثلي‬
‫المنظمات النقابية لألجرا ء األكثر تمثيال أو االتحادات النقابية لألجراء األكثر تمثيال من جهة‬
‫و بين مشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي المنظمات المهنية للمشغلين من جهة أخرى بهدف‪:‬‬

‫_تحديد ظروف الشغل والتشغيل‬

‫_تنظيم العالقات بين المشغلين واألجراء‬

‫_تنظيم العالقات بين المشغلين أو منظماتهم من جهة وبين منظمة أو عدة منظمات‬
‫نقابية لألجراء األكثر تمثيال من جهة أخرى"‪.386‬‬

‫وبهذا حددت المدونة األطراف المؤهلة للتفاوض على المستوى الوطني بين النقابة‬
‫األكثر تمثيال_ إال أن الخالف سيظل قائما بشأن األسس المعتمدة لضبط هذه النقابة‪ ،‬هل بناء‬
‫على أسلوب التعيين الق سري لها من ضمن باقي النقابات أم أسلوب االنتخاب فيما بينها‪ ،‬أم‬
‫أسلوب التناوب والتداول بينها دوريا في كسب امتياز التمثيلية‪ _387‬وبين المنظمات المهنية‬
‫للمشغلين كما هو عليه الحال بالنسبة لمشغلو االتحاد العام لمقاوالت المغرب الذين اختاروا‬
‫إطار الجمعية على النقابة‪ ،‬ويجب التذكير‪ ...‬أن النقابة كنظام قانوني ليست حكرا على‬
‫األجراء فقط بل يمكن أيضا للمشغلين االنتظام في إطارها‪ ،388‬وبين الحكومة كطرف ثالث‬
‫وهو ما يرمز إليه بمبدأ التمثيلية الثالثية‪ .‬ويمكن تمثيل ذلك بمجلس المفاوضة الجماعية الذي‬
‫أحدثته مدونة الشغل كبديل عن المجلس األعلى لالتفاقية الجماعية والذي يرأسه وزير‬
‫التشغيل أو نائبه‪.‬‬
‫‪ - 385‬محمد الشرقاني‪ :‬النظام القانون للمفاوضة الجماعية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ - 386‬المادة ‪ 92‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 387‬محمد الشرقاني‪ :‬عالقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.309‬‬
‫‪ - 388‬محمد الشرقاني‪ :‬عالقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.310‬‬

‫‪174‬‬
‫وما يالحظ من خالل المادة ‪ 92‬من مدونة الشغل أنها وسعت من مجاالت المفاوضات‬
‫الجماعية‪ ،‬إذ يالحظ هيمنة األجور على مواضيع المفاوضات الجماعية تليها مدة الشغل‬
‫وتنظيم وتدبير وقت الشغل باإلضافة إلى وضعية التشغيل ومهما يكن فكلها مواضيع تهدف‬
‫وترمي إلى إقرار الحماية والحكامة في ميدان الشغل والتشغيل‪.‬‬

‫وإذا كان المبدأ السائد هو استقاللية وحرية األطراف في المفاوضة الجماعية‪ ،‬فقد‬
‫تدخلت التشريعات المقارنة ومن بينها المغرب للحد من هذه االستقاللية‪ ،‬فبعد تحديد مجالها‬
‫قام المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 96‬من مدونة الشغل بتحديد دوريتها‪ ،‬حيث تجرى‬
‫المفاوضة الجماعية كل سنة على مستوى المقاولة أو القطاع بينما تجرى مرة كل سنة أو‬
‫كلما دعت الضرورة إلى ذلك على المستوى الوطني للتداول في مختلف الملفات االقتصادية‬
‫واالجتماعية التي تهم عالم الشغل‪.389‬‬

‫كما تلزم النقابة إن كانت ترغب في التفاوض بتوجيه إخطار إلى الطرف اآلخر‬
‫بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل وإن كانت هي الطرف الذي وجهت إليه‬
‫اإلخطار فعليها تبليغ موقفها داخل أجل سبعة أيام من تاريخ التوصل باإلخطار‪ .390‬كما يتم‬
‫تحديد تاريخ بدء المفاوضة داخل أجل ‪ 15‬يوما الموالية لتاريخ توصل الطرف األول بموافقة‬
‫الطرف الثاني‪ ،‬كما يمكن لألطراف االتفاق على تاريخ االنتهاء من التفاوض على أال يتعدى‬
‫‪ 15‬يوما من تاريخ بدء التفاوض‪ ،‬وعلى السلطة الحكومية توفير اإلحصاءات والبيانات‬
‫االقتصادية واالجتماعية والتقنية وغيرها لتسهيل إجراء المفاوضة الجماعية بين األطراف‬
‫حسب المادة ‪ 99‬من المدونة‪ ،‬مع وجوب تدوين نتائج المفاوضة الجماعية في محضر أو‬
‫اتفاق يوقعه الطرفان وتوجه نسخة منه إلى وزارة التشغيل ونسخة أخرى إلى مجلس‬
‫المفاوضة الجماعية الذي يعمل إجماال على تقديم االقتراحات وإعطاء الرأي ودراسة الجرد‬
‫السنوي لحصيلة المفاوضة الجماعية‪.‬‬

‫‪ - 389‬راجع المادة ‪ 96‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 390‬راجع المادة ‪ 97‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫وقد أعتبر البعض أن المفاوضة الجماعية ليست وسيلة للتسيير فحسب بل أيضا وسيلة‬
‫للتدبير المشترك‪ ...‬لكنه تدبير احتمالي ألن التفاوض ال يعني التعاقد و التعاقد ال يعني‬
‫التنفيذ‪.391‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬النقابة المهنية كطرف في االتفاقيات الجماعية‬
‫إذا كانت أطراف اإلنتاج من منظمات نقابية عمالية األكثر تمثيال ومشغلين أو منظماتهم‬
‫المهنية تتحمل مشاق المفاوضات الجماعية بكل أشكالها وصورها المادية منها والمعنوية‪ ،‬من‬
‫أجل بلورة نتائجها في صلب اتفاقية جماعية‪ ،‬تكرس حالة السلم االجتماعي الذي تنشده‬
‫المقاولة أو تحسن األوضاع االقتصادية واالجتماعية التي يأملها األجراء‪ ،‬فإن هذا ال يتحقق‬
‫إال إذا وجدت هذه االتفاقية الجماعية طريقها نحو التطبيق‪.392‬‬

‫وقد عرفت مدونة الشغل االتفاقية الجماعية بأنها عقد جماعي ينظم عالقات الشغل‬
‫ويبرم بين ممثلي منظمة ن قابية لألجراء األكثر تمثيال أو عدة منظمات نقابية لألجراء األكثر‬
‫تمثيال أو اتحاداتها من جهة وبين مشغل واحد أو عدة مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية أو‬
‫ممثلي منظمة مهنية للمشغلين أو عدة منظمات مهنية للمشغلين من جهة أخرى‪ ،‬يجب تحت‬
‫طائلة البطالن أن تكون اتفاقية الشغل الجماعية مكتوبة‪. 393‬‬

‫وتتضمن االتفاقية األحكام المتعلقة بعناصر األجر والحد األدنى ألجر األجير الذي ال‬
‫يتوفر على مؤهالت قصد تحديد الحد األدنى ألجور باقي فئات األجراء حسب مؤهالتهم‬
‫المهنية‪ ،‬وكذا العمل على تطبيق مبدأ المساواة في قيمة الشغل والتي تقتضي المساواة في‬
‫األجر واإلجراءات الكفيلة بتسوية الصعوبات والعناصر التي تساعد على تحديد مستويات‬
‫المؤهالت المهنية وكذا شروط وأنماط تشغيل األجراء وفصلهم مع مراعاة عدم المساس‬
‫بحرية األجير في اختيار النقابة التي يرغب في االنضمام إليها وكذا األحكام المتعلقة بتدبير‬
‫مراجعة اتفاقية الشغل الجماعية وإلغائها أو تعديلها وتنظيم تكوين مستمر لفائدة األجراء‬
‫بهدف ترقيتهم االجتماعية والمهنية وتحسين معارفهم العامة والمهنية ومالءمتها مع‬

‫‪ - 391‬محمد الشرقاني‪ :‬النظام القانوني للمفاوضة الجماعية‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.4‬‬


‫‪ - 392‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ - 393‬راجع المادة ‪ 104‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫التطورات التكنولوجية‪ ،‬وكل ما يتعلق بالتعويضات والتغطية الصحية والصحة والسالمة‬
‫وكذا ظروف وشروط الشغل والتسهيالت النقابية وكذلك الشؤون االجتماعية‪.394‬‬

‫بل إن المشرع سمح للنقابات االنضمام الالحق إلى اتفاقية الشغل الجماعية التي لم تكن‬
‫طرفا مؤسسا فيها‪ ،‬على أن يبلغ االنضمام برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل إلى‬
‫أطراف اتفاقية الشغل الجماعية وإلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل وإلى كتابة ضبط‬
‫المحكمة االبتدائية النافذة بدائرتها االتفاقية المذكورة ويعد االنضمام إلى االتفاقية نافذا ابتداء‬
‫من اليوم الموالي لتبليغه‪.395‬‬

‫على أنه يجب على النقابات األكثر تمثيال إذا ارتبطت باتفاقية شغل جماعية أن تتقيد‬
‫بأحكام هذه االتفاقية ما بقيت سارية المفعول‪ ،‬كما اعترف لها المشرع بالحق في أن تقيم‬
‫دعوى باسمها الخاص على كل أطراف االتفاقية الجماعية لحملهم على تعويضها عما لحق‬
‫بها من ضرر جراء ما أخلو به من التزامات‪.‬‬

‫ودون تفويض خاص من المعني باألمر يمكن للنقابات المهنية األكثر تمثيال رفع‬
‫الدعاوى المرتبطة باالتفاقية لفائدة كل عضو من أعضائها‪ ،396‬وتجدر اإلشارة إلى أنه يمكن‬
‫إبرام اتفاقية الشغل الجماعية لمدة محددة التي ال يمكن أن تتجاوز ‪ 3‬سنوات أو لمدة غير‬
‫محددة أو لمدة إنجاز مشروع معين التي تظل قائمة إلى حين االنتهاء من هذا المشروع‪.‬‬

‫يمكن إنهاء اتفاقية الشغل الجماعية غير محددة المدة في أي وقت وبإرادة أحد الطرفين‪،‬‬
‫فإذا كان اإلنهاء من طرف النقابة المهنية والحال أننا أمام عدة منظمات نقابية لألجراء‬
‫واألكثر تمثيال فإن المدة ال تنتهي إال بتخلي آخر منظمة نقابية من المنظمات النقابية لألجراء‬
‫األكثر تمثيال‪.397‬وتكون أحكام اتفاقي ة الشغل الجماعية التي تكون النقابة األكثر تمثيال طرفا‬
‫فيها ملزمة لكل مقاولة أو مؤسسة يشملها مجال تطبيقها ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة‬
‫لألجراء في عقود شغلهم وهو ما يستفاد من أحكام المادة ‪ 113‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪ - 394‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.280‬‬
‫‪ - 395‬راجع المادة ‪ 110‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 396‬راجع المادة ‪ 125‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 397‬راجع المادة ‪ 117‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫وبما أن النقابات األكثر تمثيال تلعب دورا هاما في إبرام االتفاقيات الجماعية للشغل فإنه‬
‫وكلما كانت االتفاقية تهم ما ال يقل عن ثلثي األجراء التابعين للمهنة ألزمتها السلطة الحكومية‬
‫المكلفة بالشغل بتعميم االتفاقية على مجموع المقاوالت والمؤسسات التي يشتغل بها أجراء‬
‫يمارسون المهنة ذاتها في منظمة معنية أو في مجموع التراب الوطني مع احترام شرط‬
‫نصاب الثلثين‪.‬‬

‫أما إذا كانت النسبة ‪ 50%‬فسيضل التعميم إمكانية اختيار للسلطة الحكومية شرط‬
‫استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال وكذا مجلس‬
‫المفاوضة الجماعية‪.398‬‬

‫وعليه تكون المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال من خالل إبرامها التفاقيات الشغل‬
‫الجماعية واحترام شروطها وأحكامها‪ ،‬قد ألتزمت بواجب السلم االجتماعي الذي من شأنه‬
‫تكريس التوازن في العالقة الشغلية بين األجراء والمشغلين وهو ما ينتج عنه استقرار في‬
‫األوضاع االقتصادية واالجتماعية وترجمة لمبادئ الحكامة التي يقوم عليها قانون الشغل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬لجنة المقاولة والممثلون النقابيون‬


‫إن الرغبة في تقوية القدرة التنافسية للمقاولة المغربية وتوفير المناخ السليم لإلنتاج‪ ،‬دفع‬
‫بالمشرع إلى إحداث مجموعة من األجهزة الجديدة للحوار والتفاوض سواء على الصعيد‬
‫ا لوطني أو على مستوى المقاولة‪ ،‬هذا فضال عن توسيع مجال الهيئات التمثيلية لألجراء‬
‫وإشراكها في مختلف القرارات التي قد تتخذ على مستوى المقاولة‪ .‬ولو على سبيل‬
‫االستشارة‪ ،‬فكان كما قلنا من ضمن هذه األجهزة لجنة المقاولة (الفقرة األولى) والممثل‬
‫النقابي (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬لجنة المقاولة‬
‫إن ضعف االتصال والتواصل بين عنصري اإلنتاج ‪،‬العمل ورأس المال‪ ،‬وضعف‬
‫المشاركة العمالية في التدبير بين االقتصادي واالجتماعي للمقاولة يؤديان إلى ضعف التعاون‬
‫بينهما‪ ،‬وبالتالي إلى صعوبة تحقيق المشروع ألهدافه‪ ،‬بل وقد يؤديان إلى الصراع ونشوب‬

‫‪ - 398‬راجع المادة ‪ 133‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫النزاعات الجماعية داخل المقاولة أو المؤسسة‪ ،‬مما جعل التشريعات المقارنة تحاول تجاوز‬
‫هذا الوضع السلبي من خالل خلق صور مختلفة للتعاون المشترك بين مختلف أطراف‬
‫العملية اإلنتاجية‪ ،‬ومن ضمن هذه الصور لجنة المقاولة كنظام يسعى إلى إشراك األجراء في‬
‫تدبير المقاولة على المستويات االقتصادية واالجتماعية والثقافية وبلورة لدمقرطتها‪،399‬‬
‫وتحقيقا الستقرار داخلها فمما تتألف لجنة المقاولة (أوال) وما هي صالحياتها (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تكوين لجنة المقاولة‬
‫انطالقا من مقتضيات المادة ‪ 465‬من مدونة الشغل‪ ،‬فإن لجنة المقاولة تتكون تكوينا‬
‫ثالثيا يضم كال من المشغل أو من ينوب عنه ومندوبين اثنين عن األجراء‪ ،‬يتم انتخابهما من‬
‫قبل المندوبين المنتخبين وكذلك من ممثل أو ممثلين اثنين بالمقاولة عند وجودهما‪.‬‬

‫وهكذا فتكوين لجنة المقاولة وفق التشريع المغربي يتسم بتعدد أطرافه إذ باإلضافة إلى‬
‫جانب إدارة المقاولة‪ ،‬هناك كل من األجراء من خالل مندوبيهم وكذلك المنظمات النقابية‪.400‬‬

‫فيما يخص الطرف األول‪ ،‬وهو المشغل أو من ينوب عنه فحسب صياغة المادة ‪465‬‬
‫من مدونة الشغل التي نصت " تتكون لجنة المقاولة من المشغل أو من ينوب عنه‪" ...‬‬
‫فيالحظ على أنه إذا كان ممثال األجراء داخل لجنة المقاولة يتم انتخابهما من قبل المندوبين‬
‫المنتخبين فإن المشغل يعتبر عضوا في اللجنة بقوة القانون‪ ،‬بل إنه محركها األساسي‪ ،‬فهو‬
‫الذي عليه دعوة أعضائها لالجتماع مع تحديد جدول أعمالها ورئاسة وتسيير اجتماعاتها‪.401‬‬

‫ويقصد بالمشغل‪ 402‬كل شخص طبيعي أو اعتباري خاصا كان أو عاما يستأجر خدمات‬
‫شخص ذاتي واحد أو أكثر‪ ،‬فهو الشخص القانوني الذي تربطه باألجراء عالقة شغل تابع‬
‫ويلتزم تجاههم بما يولده العقد أو يرتبه القانون من التزامات‪ ،‬سواء كان شخصا طبيعيا‬
‫يمارس بصفة شخصية سلطاته أو كان شخصا اعتباريا مادام يمارس نشاطا معينا خاضعا‬
‫لمدونة الشغل‪ ،‬ويستعين في ذلك بمجهود أجرائه مقابل أجر أيا كانت صورته أو نوعه‪ ،‬كذلك‬
‫ال يتطلب في المشغل لكي يكتسب هذه الصفة أية شروط‪ ،‬فال يتطلب فيه أن يتخذ من النشاط‬

‫‪ - 399‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية م س ‪ ،‬ص ‪.357‬‬
‫‪ - 400‬عمار تيزاوي‪ :‬مدونة الشغل والتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ - 401‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.374‬‬
‫‪ - 402‬أنظر الفقرة الثانية من المادة ‪ 6‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫الذي يمارسه حرفة له‪ ،‬لكي تخضع العقود التي يبرمها مع أجرائه لمدونة الشغل‪ ،‬كما ال‬
‫يشترط فيه أ ن يكون العمل الذي يقوم به يستهدف من ورائه تحقيق الربح‪ .‬وهكذا فإبرام عقد‬
‫الشغل بما يتضمنه من تقديم العمل في إطار من التبعية لقاء أجر‪ ،‬هو الذي يخلق صفة مشغل‬
‫التي تخول عضوية لجنة المقاولة بقوة القانون‪.‬‬

‫أما فيما يخص الطرف الثاني وهم األجراء‪ ،‬فبلورة من المشرع للطابع الديمقراطي‬
‫إلدارة ولتسيير مختلف المقاوالت الخاضعة لمدونة الشغل وانطالقا من أهمية وتنوع‬
‫المجاالت التي تتدخل فيها لجنة المقاولة‪ ،‬عمل التشريع المغربي وعلى غرار العديد من‬
‫التشريعات المقارنة على إشراك عنصر العمل في عضويتها‪ ،‬وذلك من خالل مندوبين اثنين‪،‬‬
‫يتم انتخابهما من قبل المندوبين المنتخبين‪.‬‬

‫وهكذا إذا كانت المشاركة في العملية االنتخابية لمندوبي األجراء سواء بالنسبة لألجراء‬
‫الناخبين أو بالنسبة لألجراء المترشحين النتخابات مفتوحة في وجه جميع أجراء المؤسسة أو‬
‫المقاولة الذين تتوفر فيهم شروط المشاركة في هذه االنتخابات سواء كناخبين أو‬
‫فإن عضوية لجنة المقاولة جعلها المشرع المغربي مقتصرة على مندوبي‬ ‫‪403‬‬
‫كمرشحين‬
‫األجراء‪ ،‬فمن هؤالء يتم انتخاب مندوبين اثنين هما اللذين يتمتعان بعضوية لجنة المقاولة‪.404‬‬

‫إن عضوية لجنة المقاولة ال يقتصر على طرفي اإلنتاج فقط المشغل واألجراء من‬
‫خال ل مندوبيهم المنتخبين‪ ،‬وإنما مددها المشرع المغربي أيضا إلى المنظمات النقابية‬
‫المتواجدة داخل المقاولة‪ ،‬وهو ما يعكس المكانة والدور اللذين يوليهما المشرع للنقابات في‬
‫العالقة المهنية كفاعل أساسي‪ ،‬وكمخاطب مسؤول سواء من طرف السلطات العمومية أو من‬
‫طرف المشغلين وم مثليهم‪ ،‬ذلك أن بلورة الدور والمهام التي تتمتع بها لجنة المقاولة‪ ،‬يقتضي‬
‫تمتع أعضائها بالتكوين الذي يؤهلهم للنهوض بما هو منوط بها من مهام‪ ،‬وبالتمتع بروح‬
‫المسؤولية واإلدراك العميق لمفهوم المقاولة ودورها في النسيج االقتصادي الوطني‬
‫ولمسؤولية تطويرها والرفع من مردوديتها‪ ،‬لكل ذلك عمل المشرع المغربي على إشراك‬

‫‪ - 403‬راجع المادتين ‪438‬و ‪ 439‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 404‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س ‪،‬ص ‪.377‬‬

‫‪180‬‬
‫المنظمة أو المنظمات النقابية المتواجدة داخل المقاولة في عضوية لجنة المقاولة وذلك من‬
‫خالل ممثل أو ممثلين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬صالحيات لجنة المقاولة‬


‫إن مشاركة األجراء في تسيير وتدبير المقاولة التي ينتمون إليها تعتبر إحدى مظاهر‬
‫الديمقراطية المهنية‪ ،‬وهو ما حاول أن يبلوره المشرع المغربي سواء من خالل ما خوله من‬
‫مهام وصالحيات لمندوبي األجراء‪ ،‬أو من خالل خلقه ألول مرة في التشريع االجتماعي‬
‫المغربي للجنة المقاولة باعتبارها المعبر عن صوت األجراء داخل المقاولة‪ ،‬في كل ما يتعلق‬
‫بما تقدم عليه من قرارات مهمة‪ ،‬سواء على المستويين المالي واالقتصادي أو على المستوى‬
‫االجتماعي‪ ،‬أو من خالل ما عهد به موجب نص المادة ‪ 466‬من مدونة الشغل إلى لجنة‬
‫المقاولة من مهام وصالحيات استشارية تتعلق بالجانبين االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬ومن بين‬
‫هذه الصالحيات نذكر‪:‬‬

‫_االستشارة في تدبير الحصيلة االجتماعية للمقاولة عند إقرارها‪:‬‬

‫فإذا كان المشرع المغربي ينص من خالل المادة ‪ 466‬من مدونة الشغل‪ ،‬على أن يعهد‬
‫للجنة المقاولة في إطار مهامها االستشارية بتدبير ومناقشة الحصيلة االجتماعية للمقاولة‪ ،‬فإن‬
‫المالحظ أنه لم يبن ال ماهية وال مضمون هذه المهام االستشارية الخاصة بالحصيلة‬
‫االجتماعية للمقاولة‪ ،‬كما لم يتطرق إلى الجهة التي يقع عليها االلتزام بتقديمها‪ ،‬أو التي تقوم‬
‫بتمويل هذه المشاريع االجتماعية التي تقترحها‪.‬‬

‫_االستشارة في وضع برامج تأهيل الموارد البشرية‪:‬‬

‫انطالقا من مقتضيات الفقرة ما قبل األخيرة من المادة ‪ 466‬من مدونة الشغل فإنه وفي‬
‫إطار المهام االستشارية للجنة المقاولة‪ ،‬يعهد لها بالسهر على برامج التدرج والتدريب من‬
‫أجل اإلدماج المهني وكذلك محو لألمية باإلضافة إلى برامج التكوين المستمر لألجراء‪.‬‬

‫فمن المهام االستشارية المهمة للجنة المقاولة اإلشراف على برامج التدرج والتدريب‬
‫من أجل اإلدماج المهني‪ ،‬فالتدرج المهني نمط من أنماط التكوين المهني يتم بالمقاولة يهدف‬

‫‪181‬‬
‫إلى اكتساب مهارات عملية عن طريق ممارسة نشاط مهني يسمح للمتدرجين بالحصول على‬
‫تأهيل يسهل اندماجهم في الحياة العملية‪ ،‬ويشمل التكوين في إطار التدرج المهني تكوينا‬
‫تطبيقيا يتم بالمقاولة بنسبة ‪ 80%‬على األقل مدته اإلجمالية وتكوينا تكميليا عاما وتكنولوجيا‬
‫منظما بنسبة ‪ 10%‬على األقل من مدته بحيث يشمل التكوين التكميلي العام الجانب التربوي‬
‫وأخالقيات المهنة‪ ،‬وحسن االستعمال للمصطلحات السائدة في المجال محل التكوين‪.405‬‬

‫وباإلضافة إلى مهامها المتعلقة ببرامج التدرج والتدريب من أجل اإلدماج المهني‪ ،‬أناط‬
‫المشرع المغربي بموجب الفقرة ما قبل األخيرة من المادة ‪ 466‬من مدونة الشغل بلجنة‬
‫المقاولة مهمة تدبير برامج التكوين المستمر لألجراء في ميدان تخصصهم ومحو أميتهم‬
‫وتطوير مستواهم الثقافي وذلك انسجاما مع الفقرة األولى من المادة ‪ 23‬من مدونة الشغل‪،406‬‬
‫التي تنص على حق األجراء في االستفادة من برنامج محو األمية ومن تكوين مستمر يهدف‬
‫إلى تحقيق ترقيتهم االجتماعية والمهنية وإلى تحسين معارفهم العامة والمهنية ومالءمتها مع‬
‫التطورات التكنولوجية التي يعرفها عالم الشغل‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى دورها في التكوين المستمر لألجراء‪ ،‬أناط المشرع المغربي بلجنة‬
‫المقاولة دورا آخرا ال يقل أهمية عن دورها في التكوين المستمر أال وهي المساهمة في‬
‫محاربة األمية داخل المقاولة والتي تعرف مع األسف تفشيا كبيرا داخلها‪.‬‬

‫_االستشارة في التغيرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة‬

‫إن من بين المهام االستشارية التي يعهد بها إلى لجنة المقاولة على المستوى االقتصادي‬
‫استشارتها في المسائل المتعلقة بالتغيرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة‪ ،‬إال أنه يالحظ على‬
‫أن المشرع لم يحدد ماهية هذه التغيرات‪ .‬أ و مفهومها إال أننا نرى أن التغيرات التكنولوجية‬
‫يقصد بها ما قد تعرفه أدوات و آليات العمل و أساليبه من تطور نتيجة الطفرة العلمية التي‬
‫يعرفها العالم والتي قد تدخلها المقاولة في وسائل اإلنتاج فهذا التطور التكنولوجي الذي قد‬
‫تعرفه المقاولة قد يضطرها إلى اتخاذ بعض اإلجراءات في مواجهة األجراء الذين ال‬

‫‪ - 405‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.383 -382‬‬
‫‪ - 406‬راجع المادة ‪ 23‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫يستطيعون استيعابها بحكم محدودية تكوينهم العلمي‪ ،‬مما تظهر معه المقاولة إلى إعطائهم‪،‬‬
‫إال أن مثل هذا اإلجراء ال يمكن اتخاذه إال قبل استشارة لجنة المقاولة‪.‬‬

‫_االستشارة في اإلستراتيجية اإلنتاجية للمقاولة ووسائل رفع المردودية‪:‬‬

‫من المهام التي أناطها المشرع المغربي بلجنة المقاولة‪ ،‬استشارتها في اإلستراتيجية‬
‫اإلنتاجية للمقاولة وكذلك في مختلف الوسائل الكفيلة برفع مردوديتها وبتحسينها ولهذا‬
‫الغرض على المشغل إحاطة لجنة المقاولة بكل الوسائل المتعلقة بتنظيم وتدبير كل ما يتعلق‬
‫بالسير العام للمقاولة على المستويين االقتصادي والمالي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الممثلون النقابيون‬


‫لتعيين ممثلين نقابيين داخل المقاولة أيا كان نوعها‪ ،‬كمخاطبين رسميين في مواجهة‬
‫المشغل‪ ،‬ال بد من توفر شروط معينة في النقابة التي يمثلونها‪ ،‬هذا فضال عن أن المشرع‬
‫حدد عددا من الصالحيات التي يقوم بممارستها الممثل النقابي هكذا سنقف في (أوال) على‬
‫شروط تعيين الممثل النقابي وفي (ثانيا) سنتطرق لصالحيات الممثل النقابي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شروط تعيين الممثل النقابي‬


‫إذا كان المشرع المغربي وفي مستجد من مستجدات مدونة الشغل ينص على حق‬
‫النقابة في تعيين ممثلي ن نقابيين لها داخل المقاولة فإن هذا الحق ليس خاصا بكل النقابات‬
‫المهنية‪ ،‬كما أنه ليس حقا مطلقا‪ ،‬وإنما حق مقيد بتوفر شروط معينة‪ ،‬بعضها يتعلق بالنقابة‬
‫نفسها‪ ،‬والبعض اآلخر يتعلق بالعضو المعين‪.407‬‬
‫_الشروط الخاصة بالنقابة‪:‬‬

‫إذا كان المشرع المغربي يعترف صراحة بالحرية النقابية‪ ،‬سواء في مظهرها الفردي‬
‫أو في مظهرها الجماعي‪ ،‬وإذا كان هذا األخير يخول تأسيس النقابات المهنية بكل حرية‪،‬‬
‫وبغض النظر عن األجراء المشتغلين بالمقاولة أو بالمؤسسة فإن تمثيل النقابة داخل أي منها‬
‫من خالل ممثلين رسميين‪ ،‬ال يخول كحق إال للنقابة األكثر تمثيال‪ ،‬وبهذا لم تجعل مدونة‬
‫الشغل حق تعيين الممثل النقابي داخل المقاولة إمكانية متاحة أمام جميع النقابات وإنما أما‬
‫‪ - 407‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪. 399-398‬‬

‫‪183‬‬
‫النقابة األكثر تمثيال والحاصلة على أكبر عدد من األصوات في االنتخابات المهنية األخيرة‬
‫داخل المقاولة أو المؤسسة‪ .408‬فهذه النقابة هي التي لها الحق في أن تعين من بين أعضاء‬
‫المكتب النقابي بالمقاولة أو بالمؤسسة ممثال لها وذلك حسب الجدول المحدد قانونا‪.409‬‬

‫وإذا كان المشرع المغربي ينص على أن النقابة األكثر تمثيال‪ ،‬والتي تكون حصلت‬
‫على أكبر عدد من األصوات في آخر انتخابات مهنية داخل المقاولة أو المؤسسة يحق لها أن‬
‫تعين ممثل أو ممثلين لها داخلها فإنه يقرن ذلك بأن يكون هذا أو هذان الممثالن من بين‬
‫أعضاء المكتب النقابي بالمقاولة أو بالمؤسسة‪.‬‬

‫_الشروط الخاصة بالممثل النقابي‪:‬‬

‫ال يكفي لتمثيل النقابة داخل المقاولة أو المؤسسة أن تكون األكثر تمثيال داخلها‪ ،‬وأن‬
‫تحصل على أكبر عدد من األصوات في آخر انتخابات مهنية‪ ،‬وإنما يجب فضال عن ذلك أن‬
‫تتوفر في الممثل النقابي المعين الشروط التي يتطلبها المشرع المغربي‪ ،410‬إلدارة ولتسيير‬
‫النقابة فالمشرع المغربي‪ ،‬يتطلب صراحة فيه أن يكون من بين أعضاء المكتب النقابي‬
‫بالمقاولة أو بالمؤسسة أي من بين أعضاء اإلدارة والتسيير وتتحدد الشروط القانونية المتطلبة‬
‫في هؤالء التمتع بالجنسية المغربية وهو أول شرط نصت عليه المادة ‪ 416‬من مدونة الشغل‪،‬‬
‫حيث أوجبت على األعضاء المكلفين بإدارة النقابة المهنية وتسيرها أن يكونوا من جنسية‬
‫مغربية وهو ما يعكس تأثر المشرع المغربي بمجموعة من التشريعات العربية التي سارت‬
‫في هذا االتجاه الذي يقصي األجانب من إمكانية تولية منصب تسيير وإدارة النقابة‪. 411‬‬

‫باإلضافة إلى شرط الجنسية هناك شرط ثان نصت عليه هو اآلخر المادة ‪ 416‬من‬
‫مدونة الشغل وهو ضرورة تمتع الممثل النقابي بحقوقه المدنية والسياسية ولعل أهم حق‬

‫‪ - 408‬محسن أماني‪ :‬الممثل النقابي في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪، 2009 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 409‬راجع المادة ‪ 470‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ 410‬راجع المادة ‪ 416‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 411‬محسن أماني‪ :‬الممثل النقابي في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪. 51‬‬

‫‪184‬‬
‫يتعين التوفر عليه بالنسبة للحقوق السياسية هو الحق في أن يكون الشخص ناخبا و‬
‫منتخبا‪.412‬‬

‫أما الشرط الثالث واألخير وهو أال يكون محكوم عليه بعقوبة سجن أو حبس نافدة بسبب‬
‫إحدى الجرائم التالية‪ :‬السرقة‪ ،‬النصب‪ ،‬خيانة األمانة‪ ،‬الزور واالدعاء به‪ ،‬تحريض قاصرين‬
‫على الفساد‪ ،‬المساعدة على الفساد‪ ،‬االتجار في المخدرات أو استعمالها‪....‬‬

‫ثانيا‪ :‬صالحيات الممثل النقابي‬


‫لقد أعطى المشرع المغربي للممثل النقابي مجموعة من المهام داخل المقاولة‪ ،‬وتطبيقا‬
‫ألحكام المادة ‪ 396‬من مدونة الشغل باإلضافة إلى ما تنص عليه مقتضيات الفصل الثالث من‬
‫الدستور‪ ،‬على الدفاع عن المصالح االقتصادية واالجتماعية والمعنوية والمهنية الفردية منها‬
‫والجماعية للفئات التي تؤطرها وإلى دراسة وتنمية هذه المصالح وتطوير المستوى النقابي‬
‫للمنخرطين بها كما تساهم في تحضير السياسة الوطنية في الميدانين االقتصادي واالجتماعي‬
‫وتستشار في جميع الخالفات والقضايا التي لها إرتباط بمجال تخصصها‪.413‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 471‬من مدونة الشغل نجدها تتحدث عن المهام التي يجب على‬
‫الممثل النقابي القيام بها وتتمثل في تقديم الملف المطلبي للمشغل أو من ينوب عنه والدفاع‬
‫عن المطالب الجماعية وإجراء المفاوضات حولها والمساهمة الفعالة في إبرام اتفاقيات الشغل‬
‫الجماعية‪ ،‬وعموما يمكن إجمال مهام الممثل النقابي في الحاالت الآلثية‪:‬‬

‫_مؤازرة األجراء عند تأديبهم‪:‬‬

‫إن المشرع المغربي أوجب على المشغل الذي يريد توقيع أية عقوبة تأديبية عن أجرائه‬
‫مراعاة جملة من الضمانات القانونية التي رغب من خاللها حماية األجير‪ ،‬وكفالة عدالة‬
‫العقوبة التأديبية ومن جملة هذه الضمانات إتاحة الفرصة له للدفاع عن نفسه باالستماع إليه‬
‫من طرف المشغل أو من ينوب عنه وذلك بحضور مندوب األجراء أو الممثل النقابي الذي‬

‫‪ - 412‬محسن أماني‪ :‬الممثل النقابي في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ - 413‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.407‬‬

‫‪185‬‬
‫يختاره األجير بنفسه‪ ،‬وكل تأديب لألجير غير مراع لهذه القواعد واإلجراءات ومن ضمنها‬
‫حضور الممثل النقابي المختار من طرف األجير يعد باطال‪.‬‬

‫_تقديم الملف المطلبي للمشغل والدفاع عنه‪:‬‬

‫إن تقديم والدفاع عن الملف المطلبي الخاص باألجراء والمتعلق بالشروط التي ينجز‬
‫فيها الشغل أو بالزيادة في األجور أو بقواعد الصحة والسالمة وبصفة عامة كل ما يتعلق‬
‫بالدفاع عن المصالح االقتصادية واالجتماعية والمهنية بل والمعنوية لألجراء يدخل في إطار‬
‫المهام الموكولة للممثل النقابي داخل المقاولة أو المؤسسة‪.‬‬

‫_المفاوضة حول المطالب الجماعية والمساهمة في إبرام االتفاقيات الجماعية‪:‬‬

‫ل قد أناط المشرع المغربي بالممثل النقابي إجراء المفاوضات الجماعية حيث تجرى بين‬
‫المشغل أو من ينوب عنه من جهة وبين الممثلين النقابين من جهة ثانية حيث تقوم هذه‬
‫األخيرة من خالل الممثلين النقابيين بالتفاوض مع المشغل أو من ينوب عنه ليس فقط دفاعا‬
‫عن المطالب الجماعي ة‪ ،‬وإنما أيضا للوصول إلى التحديد المشترك لشروط ولظروف الشغل‬
‫أو إلى تحسين هذه الظروف وبصفة عامة إلى تنظيم العالقات بين المشغلين وأجرائهم‪.‬‬

‫وإلى جانب الدفاع عن المطالب الجماعية وإجراء المفاوضات حولها أناط المشرع‬
‫المغربي بالممثلين النقابيين كذلك المساهمة في إبرام االتفاقيات الجماعية للشغل‪.‬‬

‫_المشاركة في عضوية بعض أجهزة المقاولة‪:‬‬

‫على غرار مندوبي األجراء وفي إطار تدعيم موقع النقابة المهنية داخل المقاولة‬
‫والمؤسسة وتكريس مشاركتها في تدبيرها االقتصادي واالجتماعي ينص المشرع المغربي‬
‫على حق الممثلين النقابيين في المشارك ة في عضوية بعض أجهزة المقاولة أو المؤسسة‪،‬‬
‫وذلك مثل لجان السالمة وحفظ الصحة ولجنة المقاولة‪.414‬‬

‫_ إبداء الرأي والمشورة في بعض المجاالت‪:‬‬

‫‪ - 414‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.410‬‬

‫‪186‬‬
‫انطالقا من الدور المهم الذي تقوم به النقابة المهنية داخل المقاولة أو المؤسسة سواء في‬
‫الدفاع عن المصالح االقتصادية واالجتماعية والمعنوية الفردية منها والجماعية للفئات التي‬
‫تؤطرها أو إلى دراسة وتنمية هذه المصالح وتطوير المستوى الثقافي للمنخرطين أو في‬
‫تكوين جو السلم االجتماعي داخلها وانطالقا كذلك من رغبة في تعزيز موقعها داخل المقاولة‬
‫أو المؤسسة عمل المشرع المغربي على توسيع مجاالت استشارتها من خالل النص على‬
‫استشارة ممثليها في بعض المجاالت الشغلية المهنية‪.415‬‬

‫‪ - 415‬محسن أماني‪ :‬الممثل النقابي في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.140‬‬

‫‪187‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عوائق تفعيل الحكامة في قانون الشغل‬
‫إن قانون الشغل كإطار حمائي لفئة األجراء يهدف من خالل جل مقتضياته إلى إقرار‬
‫الحماية الفعالة لهذه الفئة الضعيفة اقتصاديا دون طبعا أن يغفل توفير قد كبير من المرونة‬
‫لفائدة المشغل ألن من شأن اإلفراط في توفير الحماية أن يتقيد أرباب العمل‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫تمظهرات المرونة التي أقراها المشرع لفائدة المشغلين‪ ،‬فإننا نؤكد أن المشرع حاول قدر‬
‫اإلمكان إقرار مبادئ حكماتية في مدونة الشغل من خالل استعراض عدة مظاهر تترجم‬
‫الجانب الحمائي لألجير سواء في مرحلة تنفيذ عقد الشغل من خالل التنصيص على معايير‬
‫الصحة والسالمة المهنية داخل أما كن العمل أو من خالل إحداث أجهزة تسهر على التطبيق‬
‫السليم لمقتضات قانون الشغل كجهاز مفتشية الشغل وطبيب الشغل‪.‬‬

‫وبلورة من المشرع للطابع الحمائي لقانون الشغل لم يجعلها قاصرة على مستوى‬
‫مرحلة تنفيذ عقد الشغل‪ ،‬بل تعدى ذلك ليقر حماية لفئة األجراء حتى في مرحلة إنهاء عقد‬
‫الشغل‪.‬‬

‫وسواء تعلق األمر بالجانب الحمائي لمقتضيات مدونة الشغل في مرحلة تنفيذ عقد‬
‫الشغل أو إنهائه فالممارسة العملية أثبتت عدة ثغرات في مدونة الشغل تحول دون تحقيق‬
‫الحماية المنشودة من قبل المشرع وبالتالي غياب تفعيل الحكامة التي تصبو إليها مقتضيات‬
‫مدونة الشغل‪ ،‬وهو ما يعكس قصور مدونة الشغل ومناداة الفقه بالتعديل الفوري والعاجل‬
‫لبعض مقتضياتها انسجاما مع االتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب وانسجاما‬
‫مع العديد من التشريعات المقارنة سواء من العربية أو الغربية‪.‬‬

‫و من خالل ما سبق سنحاول في هذا الفرع استعراض بعض مالمح عدم تفعيل الحكامة‬
‫في قانون الشغل من خالل التركيز على مرحلة تنفيذ عقد الشغل (المبحث األول) ومرحلة‬
‫إنهائه(المبحث الثاني)‬

‫‪188‬‬
‫المبحث األول‪ :‬العوائق المرتبطة بمرحلة تنفيذ عقد الشغل‬

‫ال أحد ينكر أن أهم مرحلة في العقد هي مرحلة التنفيذ وعقد الشغل كباقي العقود التي‬
‫تعتبر مرحلة تنفيذه مرحلة أساسية بالنسبة لطرفي العالقة الشغلية إذ من خالل هذه المرحلة‬
‫يتعرف المشغل على مؤهالت األجير وقدرته على العمل المنوط به أما األجير فمن خالل‬
‫هذه المرحلة يتعرف على مدى تناسب ظروف العمل له‪ ،‬حيث تعتبر معايير الصحة‬
‫والسالمة المهنية أهم مال يالزم مرحلة تنفيذ عقد الشغل‪ ،‬وهو ما حدى بالمشرع المغربي إلى‬
‫التنصيص على عدة مقتضيات في مدونة الشغل تحدد وتلزم المشغل االلتزام بها‪ ،‬إال أنها مع‬
‫ذلك ظلت قاصرة عن توفير الحماية الكافية والحكامة المنشودة (المطلب األول)‪.‬‬

‫ورغبة من المشرع في إنفاد وتطبيق أحكام مدونة الشغل عمل على إقرار وإحداث عدة‬
‫مؤسسات منها ما كلفه بمهام المراقبة والتفتيش ويتعلق األمر بجهاز تفتيش الشغل ومنها ما‬
‫كلفه برعاية صحة وسالمة األجراء والحديث هنا عن مؤسسة طبيب الشغل‪ ،‬إال أنه رغم‬
‫إحداث المشرع لهذه األجهزة إال أن دورها في ميدان الشغل لم يكن بالشيء المتوقع منه حيث‬
‫إتسم دورها في الغالب بالقصور وشبه غياب على المستوى الواقعي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قصور القواعد الضابطة ألسس ومبادئ الوقاية الصحية بالمقاولة‬

‫بقراءة مقتضيات مدونة الشغل تتبادر للذهن مجموعة من المالحظات‪ ،‬يصب مجملها‬
‫في اتجاه التأكيد على تقصير مقتضياتها القانونية في تحقيق حماية صحة وسالمة األجراء‬
‫المبتغاة‪ ،‬ومن بين هذه المالحظات يتم التركيز على عنصري تهميش التكوين في مجال‬
‫الصحة والسالمة المهنية (الفقرة األولى) وأيضا محدودية إجراءات التصدي للمخاطر‬
‫المهنية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تهميش التكوين في مجال الصحة والسالمة المهنية‬
‫مما ال شك فيه أن التقدم التقني في الصناعة الحديثة أدى إلى مضاعفة وسائل اإلنتاج‬
‫وتعددها مما نتج عنه مضاعفة مخاطر الشغل الذي ينتج عنه ارتفاع في حوادث الشغل‬
‫واألمراض المهنية حيث أصبح معه من الالزم اتخاذ تدابير لحماية صحة وسالمة األجراء‪.‬‬

‫ويقصد بالسالمة والصحة المهنية بأنها العلم الذي يهتم بالحفاظ على صحة وسالمة‬
‫اإلنسان‪ ،‬وذلك بتوفير بيئة عمل آمنة خالية من مسببات الحوادث أو اإلصابات أو األمراض‬
‫المهنية‪.‬‬

‫ولألخطار المهنية انعكاسات سلبية سواء على المستوى االجتماعي أو على المستوى‬
‫االقتصادي على حد السواء‪ ،‬حيث تتسبب حوادث الشغل في إصابة الضحايا بعاهات‬
‫مستديمة بل أحيانا مميتة‪.‬‬

‫ويترتب عن هذه اإلصابات مآسي اجتماعية تمس ذوي الحقوق وخاصة منهم أبناء‬
‫الضحية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تتسبب هذه الحوادث للمقاولة في أضرار تتقل كاهلها‪،‬‬
‫حيث تفقدها كفاءات ومهارات يصعب تعويضها وإيجاد بديل لها مما ينعكس سلبا على كلفة‬
‫اإلنتاج وعلى القدرة التنافسية للمقاولة‪.‬‬

‫ووعيا من المشرع المغربي بأهمية الحفاظ على الصحة والسالمة المهنية داخل أماكن‬
‫العمل فقد سن من خالل مدونة الشغل قواعد قانونية من أجل حماية صحة وسالمة األجراء‬
‫في مختلف األنشطة سواء ذات الطابع االقتصادي أو التجاري أو ألخدماتي وحتى الفالحي‪.‬‬

‫إن السالمة والصحة المهنية داخل الوحدات اإلنتاجية أصبحت تحتل أهمية ال مزيد‬
‫عنها حيث أصبح يحتفل باليوم العالمي للسالمة والصحة في مكان العمل في ‪ 28‬أبريل مند‬
‫‪ ، 2003‬حيث يتزامن مع اليوم العالمي للسالمة والصحة في مكان العمل في ‪ 28‬أبريل من‬
‫كل سنة وهو حملة دولية سنوية لتعزيز بيئة عمل الئقة وصحية ومن أجل الوقاية من‬
‫الحوادث واألمراض المهنية في مكان العمل‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫وقد عمل المشرع المغربي من خالل مدونة الشغل التنصيص على قواعد هامة متعلقة‬
‫بالصحة والسالمة في أماكن العمل وعلى ضرورة إحداث بعض المؤسسات داخل الوحدات‬
‫اإلنتاجية تعنى بجانب الصحة والسالمة المهنية‪.‬‬

‫فنظرا ألهمية قواعد الصحة والسالمة المهنية في أما كن العمل أكد المشرع المغربي‬
‫على المشغل بصفة عامة على ضرورة أن يتخذ جميع التدابير الالزمة لحماية سالمة‬
‫األجراء وصحتهم وكرامتهم لدى قيامهم باألشغال التي ينجزونها تحت إمرته‪ ،‬كما ألزم‬
‫المشغل على ضرورة أن يقوم بإطالع األجراء كتابة لدى تشغيلهم على المقتضيات القانونية‬
‫والتدابير المتعلقة بحفظ الصحة والسالمة وبالوقاية من خطر اآلالت وعلى الهيئة المؤمنة‬
‫ضد حوادث الشغل واألمراض المهنية‪.416‬‬

‫إن وسائل الصحة والسالمة المهنية وااللتزام بها تشكل صمام األمان لحماية العاملين‬
‫من المخاطر التي يتعرض لها‪ ،‬والتي تزداد كما ونوعا مع اضطراب حركة التقدم التقني‬
‫والتوسع في استخدامات اآللة وما تفرزه حركة البحث العلمي من اكتشافات تقنية جديدة‬
‫ورغم أهميتها في التطور الحضاري فإن لها آثار على صحة وسالمة اإلنسان الشيء الذي‬
‫يتطلب إتخاد إجراءات احتياطية إزائها‪ ،417‬من خالل تعميق وتقوية التكوين في مجال‬
‫الصحة والسالمة المهنية‪.‬‬

‫إال أنه ما يالحظ هو غياب كلي لمقتضيات التكوين في مجال الصحة والسالمة المهنية‪،‬‬
‫ومن باب البداهة القول إن التكوين المسبق من شأنه أن يمكن من تالفي جملة من األخطاء‬
‫يكون فيها غياب وعي األجير الخطر سببا من أسباب وقوعه‪.418‬‬

‫هذا علما أننا نجد من بين المكاتب التابعة لمصلحة الصحة والسالمة بالوزارة المكلفة‬
‫بالتشغيل‪ ،‬مكتبا للتوعية والتدريب‪ ،‬تحدد أهدافه في توعية العمال والمشرفين على السالمة‬
‫ولجان السالمة وكافة الجهات التي لها عالقة بها بغية رفع مستوى الوعي لديهم جميعا‬
‫وضمان تعاونهم ولتحقيق هذه األهداف يرتقب منه أن يستعمل الوسائل التالية‪:‬‬

‫‪ - 416‬راجع المادة ‪ 24‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 417‬فريدة المحمودي‪ :‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل المغربي‪ ،‬م س ص ‪.279‬‬
‫‪ - 418‬عبد العزيز العتيقي‪ -‬محمد الشرقاني‪ -‬محمد القري اليوسفي‪ ،‬دراسة تحليلية لمدونة الشغل‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪191‬‬
‫_القيام بحمالت وطنية أو جهوية حول الوقاية من حوادث الشغل واألمراض المهنية‪.‬‬

‫_تنظيم معارض للصور التوضيحية المتعلقة بالمخاطر التي تشكلها مختلف اآلالت‬
‫والمواد المشتعلة وتقديم نماذج حول األوضاع أثناء العمل‪.‬‬

‫_دراسة إمكانية إنجاز أفالم قصيرة لتبيان مشاكل السالمة والصحة المهنية‪ ،‬وبموازاة‬
‫مهمة التوعية يتكلف هذا المكتب بإعداد دروس نظرية وتطبيقية للمساهمة بما في الدورات‬
‫التدريبية المنظمة بالمعهد الوطني للشغل‪.‬‬

‫_تقديم كل المعلومات اإلرشادية أو التوجيهية أو التكتيكية بمجرد الطلب من أية جهة‬


‫طلبت ذلك من العمال أو أصحاب العمل أو أعضاء لجان السالمة بالمصانع‪.‬‬

‫وإلى أن يجد الترقب المذكور صيغته المتكاملة على أرض الواقع‪ ،‬فإن كال من الساحة‬
‫التشريعية وأيضا الواقعية يستمران في إعالن فقرهما واحتياجهما للتطور في هذا المجال‪.‬‬

‫ويستحسن لو يحدو قانون الشغل المغربي حذو نظرائه من التشريعات المتطورة في‬
‫هذا المجال بأن يؤكد بداية االنطالق في ذلك مند المراحل المتقدمة من التعليم ليستمر‬
‫باستمرار الحياة المهنية‪.419‬‬

‫وعلى خالف المشرع المغربي نجد المشرع الفرنسي أكد على أهمية التكوين الوافي‬
‫من المخاطر المهنية‪ ،‬إذ من خالل دراسة القانون الفرنسي يالحظ وجود تفاعل بين خطة‬
‫التنمية االجتماعية في مجال التعليم وبين الصحة والسالمة المهنية وثمة عالقة أخرى بين‬
‫السياسة التعليمية وبرنامج السالمة والصحة المهنية في إنشاء المعاهد والكليات الالزمة‬
‫لتخريج العاملين في مختلف مجاالت السالمة والصحة المهنية كالمهندسين واألطباء العاملين‬
‫والمشرفين والمراقبين والمعاونين الصحيين وأخصائي الترخيص وغيرهم من فئات العاملين‬
‫في مجاالت السالمة والصحة المهنية‪ .420‬وقد تتقدم الخطة التعليمية بإنشاء دراسات‬
‫تخصيصية في مختلف علوم السالمة والصحة المهنية إما في معاهد أو كليات الجامعات‬

‫‪ - 419‬فريدة المحمودي‪ :‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل المغربي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.281 -280‬‬
‫‪ - 420‬طاووس مريم‪ :‬دراسة تقييمية لمدونة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة شعبة القانون الخاص وجامعة محمد الخامس‪ -‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي‪-‬الرباط‪ -‬السنة الجامعية ‪ ،2008-2007‬ص ‪.87‬‬

‫‪192‬‬
‫وإقرار لهذا التوجه فقد عمد التشريع الفرنسي إلى تنظيم لجان للصحة والسالمة المهنية في‬
‫الثانويات حيث نص على أنه "تنشأ لجان الصحة والسالمة المكونة من ممثلي المؤسسة‪ ،‬آباء‬
‫التالميذ‪ ،‬هيئة اإلدارة‪ ،‬أو ممثل جماعات االرتباط الذي يترأسه رئيس المؤسسة في كل ثانوية‬
‫تقنية أو مهنية أو هي مكلفة بتقديم االقتراحات النافعة لمجلس اإلدارة‪ ،‬بهدف تطوير التكوين‬
‫والسالمة والمساهمة في تحسين شروط الصحة والسالمة والسيما في العمل‪.‬‬

‫وجدير ب المشرع المغربي أن يقتدي بهذا النهج ويقر فلسفة لتدعيم وقاية الصحة‬
‫والسالمة المهنية يمررها إلى الوعي الجماهيري انطالقا من مراحل التعليم األولي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬محدودية إجراءات التصدي للمخاطر المهنية‬


‫انسجاما مع مقتضيات االتفاقية الدولية رقم ‪ 151‬ومع التوجه السائد لدى معظم‬
‫التشريعات المعاصرة التي تؤكد على مبدأ إعالم األجراء بالمخاطر المهنية التي تهددهم فقد‬
‫‪ ،‬على أنه يجب على المشغل إذا كانت تركيبة‬ ‫‪421‬‬
‫نصت المادة ‪ 288‬من مدونة الشغل‬
‫المنتجات المستعملة تتضمن مواد أو مستحضرات خطرة أن يتأكد من أن غالف تعبئتها‬
‫يحمل تحذيرا مكتوبا ينبه إلى خطورة استعمال تلك المواد أو المستحضرات‪.‬‬

‫إال أن هذه النص رغم أهميته لم يتطرق إلى تحديد إجراءات إطالع وإخبار األجراء‬
‫بذلك وأيضا لكيفية الوقاية منها كما أنه لم يشر لما يجب أن تتسم به البيانات الواردة في‬
‫غالف التعبئة من وضوح وسهولة القراءة‪.‬‬

‫وفي محاولة من مدونة الشغل لإلحاطة بمبدأ إخطار األجراء بما يهدهم من أخطار‬
‫‪ ،‬التي تنص على أنه يجب على المشغل أن يطلع‬ ‫‪422‬‬
‫مهنية فقد ورد أيضا في المادة ‪289‬‬
‫األجراء على األحكام القانونية المتعلقة باالحتراس من خطر اآلالت ويجب عليه أن يلصق‬

‫‪ - 421‬تنص المادة ‪ 288‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ ":‬يجب على المشغل إذا كانت تركيبة المنتجات المستعملة تتضمن مواد أو مستحضرات‬
‫خطرة‪ ،‬أن يتأكد من أن غالف تعبئتها يحمل تحذيرا مكتوبا ينبه إلى خطورة استعمال تلك المواد أو المستحضرات"‪.‬‬
‫‪ - 422‬تنص المادة ‪ 289‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ ":‬يجب على المشغل أن يطلع األجراء على األحكام القانونية المتعلقة باالحتراس من خطر‬
‫اآلالت ويجب عليه أن يلصق في مكان مناسب من أماكن الشغل التي أعتاد األجراء دخولها إعالنا سهل القراءة‪ ،‬يحذر من مخاطر استعمال‬
‫اآلالت‪ ،‬ويشير فيه إلى االحتياطات التي يجب اتخاذها في هذا الشأن بمنع على أي أجير أن يستعمل آلة من غير أن تكون وسائلها الوقائية مثبتة في‬
‫مكانها المناسب‪ ،‬ويمنع عليه أن يعطل هذه الوسائل التي جهزت بها اآللة التي يشتغل عليها‪.‬‬
‫يمنع تكليف أي أجير باستعمال آلة من غير أن تكون وسائلها الوقاية التي جهزت بها مثبتة عليها في مكانها المناسب‪.‬‬
‫يمنع تكليف أي أجير بأن يحمل يدويا أي حموالت من شأنها أن تعرض صحته أو سالمته للخطر"‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫في مكان من أماكن العمل الت ي اعتاد األجراء دخولها إعالن سهل القراءة يحذر من مخاطر‬
‫استعمال اآلالت ويشير فيه إلى االحتياطات الواجب إتخادها في هذا الشأن‪.‬‬

‫إذ إن ما يثير االنتباه هو أن النص قد قصر عملية لصق اإلعالن الذي يحذر من‬
‫مخاطر الشغل الشيء الذي يعتبر غير كاف للقيام بوظيفة إخطار جدية تمكن األجراء من‬
‫تالفي ما يهدد حياتهم واستقرارهم في الشغل وذلك بتجنب كل ما من شأنه أن يهدد صحتهم‬
‫وسالمتهم المهنية‪.‬‬

‫و حتى إن تنبه المشرع إلى ضرورة أن يكون اإلعالن سهل القراءة فإن ذلك يصطدم‬
‫مع ال حقيقة كون أغلب المغاربة أميين الشيء الذي يحد من فعالية هذا المقتضى ولذلك كان‬
‫من األفيد تعديل تلك المواد في اتجاه إجبار المشغل بالتنبيه إلى خطورة استعمال المواد‬
‫والمستحضرات بوسائل إيضاح من شأنها أن تسهل على األجير معرفة خطورتها‪.423‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬محدودية دور األجهزة المتدخلة في سوق الشغل‬
‫تعتبر مفتشية الشغل من أهم األجهزة التي تراهن عليها الدول من أجل تفعيل مقتضيات‬
‫القانون االجتماعي قصد بلوغ النماء االقتصادي واالجتماعي إال أن فعالية عمل جهاز مفتشية‬
‫الشغل لم تكن في مستوى التطلعات التي تم التنظير لها (الفقرة األولى)‬
‫وعلى غرار جهاز تفتيش الشغل فإن طبيب الشغل كمؤسسة مستحدثة ترمي إلى حماية‬
‫صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة لم تكن هي األخرى في مستوى التطلعات المنتظرة‬
‫وذلك بفعل عدة صعوبات مما انعكس على مبادئ الحكامة التي أقرتها مقتضيات مدونة‬
‫الشغل (الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حدود تدخل جهاز مفتشية الشغل‬


‫تنيط المادة ‪ 532‬من مدونة الشغل‪ ،424‬بجهاز تفتيش الشغل عدة مهام من بينها السهر‬
‫على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل وهي نفس المهمة التي كرسها‬

‫‪ - 423‬عبد العزيز العتيقي‪ -‬محمد الشرقاني‪ -‬محمد القري اليوسفي‪ ،‬دراسة تحليلية لمدونة الشغل‪ ،‬ص‪65‬‬
‫‪ - 424‬تنص المادة ‪ 532‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ ":‬تناط باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬السهر على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل‪.‬‬
‫‪ -2‬إعطاء المشغلين واألجراء معلومات ونصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة األحكام القانونية‪.‬‬
‫‪ -3‬إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها‪.‬‬
‫‪ -4‬إجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫المرسوم المتعلق بالنظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل وجدير بالذكر أن هذه المهمة‬
‫تعتبر أهم الوظائف المسندة لجهاز تفتيش الشغل بمقتضى اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 81‬التي‬
‫نصت في مادتها الثالثة على أن "وظائف تفتيش الشغل هي تأمين إنفاذ األحكام القانونية‬
‫المتعلقة بظروف العمل وحماية العمال أثناء قيامهم بهذا العمل واألجور والسالمة والصحة‬
‫والرعاية واستخدام األطفال واألحداث وغير ذلك من األمور التي أنيطت بهذا الجهاز‪.‬‬

‫ومن أجل تفعيل هذه المهمة األساسية فقد أسندت المادة ‪ 539‬من مدونة الشغل‪ ،425‬إلى‬
‫مفتش الشغل صالحية ضبط المخالفات عن طريق معاينتها وتثبيتها في محاضر يوثق‬
‫بمضمونها إلى أن يتبن عكس ما فيها‪ ،‬حيث نصت الفقرة األولى من هذه المادة على أنه يقوم‬
‫األعوان المكلفون بتفتيش الشغل بمعاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذا القانون والمقتضيات‬
‫التنظيمية الصادرة بتطبيقه وتثبيتها في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها‪.‬‬

‫إن مفتش الشغل يشكل إحدى مكونات جهاز الشرطة القضائية طالما أنه يضطلع‬
‫بممارسة بعض مهامها أو باألحرى أحد أهم مهامها وهي تثبت المخالفات المتعلقة ألحكام‬
‫قانون الشغل ومقتضياته التنظيمية في محاضر يوثق بمضمونها‪ ،‬كما تطبق عليه نفس‬
‫المقتضيات المتعلقة بمراقبة أعمال الشرطة القضائية من طرف الغرفة الجنحية بمحكمة‬
‫االستئناف استنادا لما تنص عليه المادة ‪ 35‬من قانون المسطرة الجنائية‪.426‬‬

‫إن الغاية من هذا التذكير بالمقتضيات القانونية ليس الترف المعرفي بقدر ما هي تأكيد‬
‫على الدور الذي يضطلع به مفتش الشغل من خالل وظيفته األساسية المتمثلة في مراقبة‬
‫تطبيق وإنف اذ تشريع الشغل شأنه في ذلك شأن باقي أجهزة الضبط والمراقبة الموكول إليها‬
‫مراقبة تطبيق باقي القوانين بما فيها القانون الجنائي‪.‬‬

‫يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر بمضيه طرفا النزاع‪ ،‬يوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في‬
‫حدود المبالغ المبينة فيه"‪.‬‬

‫‪ - 425‬تنص المادة ‪ 539‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ ":‬يقوم األعوان المكلفون لتفتيش الشغل بمعاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذه القانون‬
‫والمقتضيات التنظيمية الصادرة بتطبيقه وتثبيتها في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثب عكس ما فيها‪.‬‬
‫يمكن لهؤالء األعوان‪ ،‬قبل اللجوء إلى تحرير المحاضر‪ ،‬أن يوجهوا تنبيهات أو مالحظات للمشغلين الذين يخالفون األحكام المشار إليها في الفقرة‬
‫األولى أعاله‪".‬‬
‫‪ - 426‬تنص المادة ‪ 35‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ":‬تطبق مقتضيات هذا الفرع على جميع الموظفين وأعوان اإلدارات والمرافق العمومية‪ ،‬الذين‬
‫تخولهم نصوص خاصة بعض مهام الشرطة القضائية‪ ،‬عندما يمارسون هذه المهام‪ ،‬حسب الشروط وضمن الحدود المبينة في هذه النصوص‪".‬‬

‫‪195‬‬
‫غير أن واقع الحال يبرز أن جهاز تفتيش الشغل وإن كان يعتبر أحد أقدم أجهزة‬
‫المراقبة بالمغرب‪ ،‬فإنه وعلى المستوى العملي يظهر بشكل جلي تراجع دوره في ممارسة‬
‫هذا االختصاص وذلك لحساب مهام أخرى مسندة إليه بمقتضى نصوص مدونة الشغل أو‬
‫بمقتضى نصوص تنظيمية من بينها النظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل وهو ما دفع‬
‫لجنة الخبراء التابعة لمكتب العمل الدولي إلى توجيه مالحظة إلى الحكومة المغربية سنة‬
‫‪ 2015‬بشأن وظائف جهاز تفتيش الشغل ومدى تخصيصه الوقت الكافي لمهام المراقبة‪.‬‬

‫ويظهر هذا التراجع على الخصوص من خالل األرقام والمعطيات التي تقدمها وزارة‬
‫التشغيل نفسها التي تعتبر سلطة مركزية تراقب هذا الجهاز وتشرف عليه بالمفهوم الذي‬
‫نصت عليه المادة ‪ 4‬من اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 81‬بشأن تفتيش العمل في الصناعة‬
‫والتجارة‪ ،‬حيث جاء في الحصيلة االجتماعية لوزارة التشغيل والشؤون االجتماعية برسم‬
‫سنة ‪ 2014‬أنه في الوقت الذي ارتفع عدد زيارات تفتيش الشغل بنسب مهمة ما بين سنتي‬
‫‪ 2010‬و‪ 2014‬فقد سجل عدد محاضر المخالفات والجنح المنجزة من طرف مفتشي الشغل‬
‫منحى تنازلي حاد خالل نفس الفترة الزمنية حيث عرضت سنة ‪ 2010‬تسجيل ما مجموعه‬
‫‪ 612‬محضر مخالفة وجنح في حيث سجلت سنة ‪ 2014‬فقط ‪ 248‬محضرا ومن أجل التوسع‬
‫في هذه المعطيات فقد تضمنت هذه الحصيلة أيضا رقما آخر بشأن المالحظات التي وجهها‬
‫مفتشو الشغل للمقاوالت التي يقومون بزيارتها من أجل المخالفات التي يعاينونها أثناء‬
‫زيارتهم‪ ،‬حيث ارتفع عدد هذه المالحظات بشكل ملحوظ ما بين ‪ 2010‬التي عرفت تسجيل‬
‫‪ 767151‬مالحظة وسنة ‪ 2014‬التي عرفت تسجيل ما مجموعه ‪ 877096‬مالحظة‪ .‬وهذا‬
‫ما يعني ارتفاع عدد مخالفات التشريع االجتماعي في مقابل انخفاض عدد المحاضر المثبتة‬
‫لهذه المخالفات وا لتي يفترض توجيهها إلى النيابة العامة المختصة الموكول لها أمر تحريك‬
‫المتابعات في حق المشغلين المخالفين‪ ،‬في مقابل اكتفاء مفتشي الشغل بإعمال الصالحية التي‬
‫تمنحها لهم الفقرة األخيرة من المادة ‪ 539‬من مدونة الشغل‪ ،‬والفقرة الثانية من المادة ‪ 17‬من‬
‫اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 81‬ب شأن تفتيش العمل في الصناعة والتجارة‪ ،‬وتوجيه مالحظات‬
‫إلى المشغلين المخالفين ألحكام قانون الشغل بدل تحرير محاضر مخالفات لها حجيتها‬
‫اإلثباتية‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫ومن أجل فهم أسباب هذا التراجع في إعمال مفتشي الشغل لصالحياتهم الضبطية‪ ،‬فالبد‬
‫من الرجوع إلى السياق الزمني الذي شهد هذا التراجع‪ ،‬حيث سجلت سنوات ‪2012-2011‬‬
‫و‪ 2013‬ثم ‪ 2014‬على التوالي تحريك متابعات جنائية في حق بعض مفتشي الشغل بتهم‬
‫تتعلق بالتزوير في محرر رسمي بعد أن تقدم مشغلون بطعون أمام القضاء تتعلق بحسب‬
‫المصادر اإلعالمية بتضمين محاضر مفتشي الشغل معطيات أو بيانات غير صحيحة‪ ،‬وهو‬
‫ما دفع مفتشي الشغل عبر إطارهم الجمعوي وإطاراتهم النقابية المختلفة إلى إصدار بيانات‬
‫تنديدية تضمنت دعوات إلى التوقف عن تحرير محاضر المخالفات والجنح والمطالبة بتوفير‬
‫الحماية القانونية لجهاز تفتيش الشغل باإلضافة إلى ذلك فقد عرفت هذه الفترة بداية وعي‬
‫ونقاش قانوني حاد بين مفتشي الشغل حول مختلف المهام التي يضطلعون بها وحول عالقتهم‬
‫بالنيابة العامة من جهة وأجهزة الضابطة القضائية من جهة أخرى‪ ،‬بحيث يبرز توجه عام‬
‫لدى أغلب مفتشي الشغل يتعلق برفض استدعائهم من طرف الضابطة القضائية قصد‬
‫استفسارهم حول مضام ين بعض محاضر المخالفات والجنح التي يحررونها خاصة تلك التي‬
‫يتعذر عليهم فيها تحديد هوية الشخص الذاتي المخالف لتشريع الشغل والذي تم تحرير‬
‫المحضر في حقه‪ ،‬وذلك ضمن مجموعة من حلقات النقاش والندوات والموائد المستديرة التي‬
‫قامت بتنظيمها الحركة النقابية والجمعوية المهتمة‪.‬‬

‫وإذا كانت معظم األسباب التي تمت اإلشارة إليها في الفقرة أعاله تعتبر في إجمالها‬
‫وعموميتها منطقية‪ ،‬فإنها تبقى بحاجة أكثر للتفصيل والتدقيق بحيث أنه من غير المقبول أن‬
‫يتم استدعاء مفتش الشغل قصد استفساره بشأن المحاضر التي حررها في سياق ممارسته‬
‫لمهامه ال رقابية‪ ،‬وذلك من طرف الضابطة القضائية التي تعمل تحت إشراف النيابة العامة‬
‫الموكول لها صالحية تحريك المتابعة في حق المخالفين باعتبار أن جهاز الضابطة القضائية‬
‫يبقى ذا والية عامة للبحث والتحري بشأن مختلف الجرائم أيا كان نوعها سواء مخالفات أو‬
‫جنح أو جنايات‪ ،‬بما فيها الجرائم المنصوص عليها في القوانين الخاصة وبدلك فإنه يبقى من‬
‫صالحياتها تعميق البحت بشأن المخالفات والجنح التي ضمنها مفتش الشغل في محضر‬
‫المحرر ضد المخالفين للتشريع االجتماعي وذلك بناء على طلب النيابة العامة في إطار‬
‫السلطة المخولة لها‪ ،‬غير أن هذا البحث والتحري يفترض أن يتم بشكل يراعي اعتبار‬

‫‪197‬‬
‫واستقاللية مفتش الشغل المكفولين بمقتضى االتفاقيات الدولية ذات الصلة‪ .427‬بحيث يمكن‬
‫االكتفاء بالمعلومات الواردة في المحضر الموجه إلى النيابة العامة‪ ،‬أو القيام بمهام البحث‬
‫والتحري دون إقحام مفتش الشغل من جديد عبر استدعائه لالستماع إليه أو استفساره طالما‬
‫أنه يضمن ما لديه من معلومات ومالحظات وما عاينه من مخالفات في المحضر‪.‬‬

‫يبقى أن نشير أن أزمة تفتيش الشغل ليست أزمة قانون‪ ،‬وال يستقيم ربطها في عمومها‬
‫أو اختصارها في تعديل نصوص مدونة الشغل وإن كانت هذه األخيرة تشكل في جزء منها‬
‫سبب ا من أسباب هذه األزمة لكن حقيقة أزمة هذا الجهاز ترتبط أساسا باإلرادة السياسية للدولة‬
‫وتوجهاتها‪ ،‬فكلما كانت الدولة تعتبر البعد االجتماعي ضمن أولوياتها سيكون جهاز تفتيش‬
‫الشغل بالضرورة أحد أهم األجهزة التي تستثمر فيها وتقوي مكانتها وتعطي لعملها القيمة‬
‫الالزمة لها‪ ،‬وكلما ارتفع مؤشر التوجه الليبرالي للدولة إال وتم إضعاف هذا الجهاز بالدفع‬
‫إلى انقراضه بعدم االستثمار فيه وعدم تقويته بالموارد البشرية واالجتماعية الالزمة أو‬
‫التوجه نحو تبخيس عمله من خالل حفظ محاضره الزجرية وعدم الكشف على الحجم‬
‫الحقيقي للمداخيل التي تجنيها خزينة الدولة نتيجة تدخالته سواء بشكل مباشر أو بشكل غير‬
‫مباشر‪ ،‬وال أدل على ذلك من كون سنة ‪ 2011‬التي عرفت فيها شوارع المملكة حراكا‬
‫اجتماعيا مهما قد شهدت توظيف حوالي ‪ 50‬مفتشا للشغل وهو رقم قياسي في تاريخ هذه‬
‫الوزارة‪ ،‬فيما لم تتجاوز عدد المناصب المالية المخصصة لمفتشي الشغل خالل السنوات‬
‫الالحقة أحسن الحاالت ‪ 5‬مفتشين‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تغييب دور مؤسسة طب الشغل‬
‫رغم جهود واضعي مدونة الشغل‪ ،‬ورغم تسرب المبادئ التي يرتكز عليها‪ ،‬طبيب‬
‫الشغل إلى أذهان بعض أرباب العمل واألجراء بطريقة بطيئة ولكن ملموسة ورغم الوفرة‬
‫النس بية للنصوص القانونية في هذا المجال فإن ذلك ال يمنع من القول بأن الممارسة العملية‬
‫لطبيب الشغل ليست في منأى عن العديد من الصعوبات واإلكرهات وذلك في مواجهة كل‬
‫المتدخلين بالمقاولة سواء في إطار عالقته بأرباب العمل (أوال) أو في إطار عالقته باألجراء‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪ - 427‬أحمد تويس‪ :‬دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 59-58‬‬

‫‪198‬‬
‫أوال‪ :‬عالقة طبيب الشغل بأرباب العمل‬
‫يعتبر طبيب الشغل من جانب أرباب العمل مكلفا من الناحية المادية ويحسسهم بنوع من‬
‫الضيق ألنه يراقبهم في تدبير مؤسستهم‪ ،‬بل إن المالحظات أو المقترحات أو اآلراء الصادرة‬
‫عن طبيب الشغل نحو المشغل تعتبر في نظر هذا األخير أحيانا مساس بالممارسة العادية‬
‫لسلطته داخل المقاولة‪.428‬‬

‫ومن جهة ثانية فإن المشغلين ال يتقبلون دائما بأن طبيب الشغل‪ ،‬كأجير لديهم بإمكانه‬
‫التأثير على حياة مقاولتهم‪ ،‬من خالل إصداره لقرار عدم أهلية األجير الصحية لشغل أو‬
‫باقتراحه تعديل وتنسيق منصب العمل أو تحسين ظروف الشغل بما يتطلبه ذلك من‬
‫مصاريف مرتفعة أحيانا‪.‬‬

‫ثم إن أطباء الشغل كثيرا ما يتعرضون لضغوطات غير مباشرة كالحد من وسائل العمل‬
‫المتاحة لهم أو عرقلة حرية تنظيمهم لنشاطهم داخل المقاولة أو إهمال وعدم اعتبار النصائح‬
‫المقدمة من طرفهم‪.429‬‬

‫وإذا كانت هذه المقتضيات قد تحدث نوعا من الصعوبات ألن طبيب الشغل يعتبر ضمن‬
‫األجراء الخاضعين المقتضيات العامة لقانون الشغل‪ ،‬وال يستطيع بالتالي أن يتصرف‬
‫بمحض إرادته في الوسائل المادية والمالية التي تخضع لمراقبة رب العمل سواء كان تابعا‬
‫لمؤسسة واحدة أو عدة مؤسسات‪ ،‬فإن نصائحه من الناحية العملية قد تكون عديمة الصدى‬
‫االيجابي الذي يضفي على أجراء المقاولة ضمان صحتهم مما يؤدي إلى عدم أداء واجبه‬
‫المطلوب‪.‬‬

‫‪ - 428‬بوشريط عبد الصمد‪ :‬دور طبيب الشغل في حفظ صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة‪ ،‬تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واالجتماعية‪ -‬الدارالبيضاء عين الشق‪ -‬السنة الجمعية ‪ ، 2009-2008‬ص ‪. 78‬‬
‫‪ - 429‬إن أرباب العمل ال يرون أحيانا في طبيب الشغل سوى كلفة زائدة مزعجة ومقلقة‪ ،‬وبالنسبة للبعض فال يدخل في مصلحة وال في مهمة إدارة‬
‫المقاولة العمل على تطوير طبيب شغل مالئم وفعال‪ ،‬فاالنشغال الوحيد ألغلب مديري مصالح طبيب الشغل هو الحفاظ على كلفة هذا االلتزام في‬
‫أدنى مستوياتها‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫إن طبيب الشغل داخل المقاولة قد وجد أساسا لحماية صحة األجراء كما وجد لمصلحة‬
‫المشغل الذي يمكنه االستناد على نصائحه من المحافظة على أقصى حدود صحة أجراءه‪،‬‬
‫و هكذا الزيادة كذلك في إنتاجيتهم‪ ،‬إذ أن مردودية العمال تتحسن بفعل حالتهم الصحية‬
‫الجيدة‪. 430‬‬

‫على أن طبيب الشغل باعتباره مستشارا لرب العمل في كل ما له عالقة بصحة األجراء‬
‫ووقايتهم من المخاطر المهنية‪ ،‬يمكنه أن يمارس دورا مؤثرا شرط اعتباره كشريك حقيقي‬
‫داخل المقاولة‪.‬‬

‫وخالصة القول أن طبيب الشغل ال يمكنه أن يتدخل بفعالية لمصلحة األجراء وتبعا‬
‫لذلك لمصلحة أرباب العمل‪ ،‬ما لم يشتغل بتعاون وثقة واسعين مع كل الذين يملكون سلطة‬
‫القرار داخل المقاولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عالقة طبيب الشغل باألجراء‬


‫إذا كانت نظرة أرباب العمل لطبيب الشغل في الغالب نظرة سلبية أكثر منها إيجابية‪،‬‬
‫فإن طبيب الشغل ال يلقى بالضرورة استقباال إيجابيا من جانب األجراء‪ ،‬إذ ال يجني في‬
‫الغالب سوى عدم االهتمام بل ويبعث على الرهبة ‪ ،‬ألن األجير يخشى قرار طبيب الشغل‬
‫بعدم أهليته الصحية للشغل مما يبعده عن منصبه‪.‬‬

‫ففي سياق اقتصادي مت سم بعجز سوق الشغل وارتفاع معدل البطالة فإن تدخل طبيب‬
‫الشغل قد يهدد المستقبل المهني للعامل‪ ،‬هذا من جهة أما من جهة أخرى فإن طبيب الشغل قد‬
‫يظهر في أعين األجراء بأنه طبيب رب العمل وموضوع تحت سلطته‪ .431‬سيما أنه ال يعتبر‬
‫أداة ألداء المهمة التي ينتظرها منه العمال وابتعاده عما يرونه ضروريا بالنسبة لهم في حل‬
‫مشاكلهم الصحية الشخصية عالوة على أنه ال ينظر في المخاطر التي تتفاقم عادة من جراء‬
‫الشغل‪.‬‬

‫‪ - 430‬بوشريط عبد الصمد‪ :‬دور طبيب الشغل في حفظ صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪. 79‬‬
‫‪ - 431‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب على ضوء مدونة الشغل‪ ،‬م س ‪ ،‬ص‪. 59‬‬

‫‪200‬‬
‫فعنصر التتبع قد يعتبرونه منعدما وهذا ما جعل البعض يصرح‪ :‬هل يمكن القول بأن‬
‫طبيب الشغل قد ساهم على األقل في التقليل من حوادث الشغل؟‬

‫وإذا كان عمل طبيب الشغل وقائيا‪ ،‬فكيف يمكن إقناع األجير بالمبرر القانوني الذي ال‬
‫يسمح باالستفادة من بعض العالجات الممكنة في هذا اإلطار والتي بإمكان طبيب الشغل القيام‬
‫بها عوض توجيهه إلى طبيب آخر؟‬

‫إن الفصل التام بين الوقاية والعالج في عمل طبيب الشغل قد يبدو ضد مصلحة األجراء‬
‫كما ي ؤثر في نوعية وجودة العالقة بين الجانبين‪ ،‬فثقة األجراء لن تكون كبيرة في طبيب‬
‫يتمثل دوره الوحيد في التحقق المنتظم من قدرته الصحية في الشغل‪ ،‬وعند االقتضاء توجيهه‬
‫نحو طبيب معالج‪ ،‬ومن دون أي إعالم دقيق بخصوص حالته الصحية‪. 432‬‬

‫والواقع أن طبيب الشغل في أعين الكل‪ ،‬هو طبيب في كل األحوال وقد يكون من‬
‫الصعب إقناع البعض بكونه يراقب و ال يعالج‪ ،‬كما قد يرى البعض في اقتصار النصوص‬
‫التشريعية على المقتضيات الحالية ضياع لوقت األجراء وضياع لما لهم‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر فإن الصعوبات العملية لطبيب الشغل اتجاه أطراف عالقة الشغل‬
‫هي أحد المظاهر األساسية الالزمة القائمة حاليا في طب الشغل بل وأحد األسباب السياسية‬
‫لعدم فعالية هذا النظام الطبي الوقائي‪.‬‬

‫ولتجاوز هذه الصعوبات وضمان تقريب طبيب الشغل من المشغلين واألجراء ومن تم‬
‫تعزيز مقومات نجاحه في مهمته الوقائية داخل المقاولة يلزم تحسين العالقة الثالثية بين هذه‬
‫األطراف مجتمعة‪.‬‬

‫هكذا وحتى يتم قبول طبيب الشغل في كل مكان ومن طرف الجميع بحيث أوال على‬
‫أطباء الشغل في مجموعهم الخروج من قوقعتهم الجامعية لفهم حقائق عالم الشغل‪ ،‬فال يجب‬
‫عليهم اعتبار أن طبيب الشغل يتمثل فقط في التحقق من حسن اشتغال الجسد اإلنساني‪.‬‬

‫‪ - 432‬وبشكل عام فإن المهمة الوقائية الحصرية لطبيب الشغل‪ ،‬زيادة على طابعه الخاص كمؤسسة مندمجة بالمقاولة هو ما أعطى لهذا التخصص‬
‫الطبي دورا هامشيا داخل النظام الوطني لحماية الصحة والوجه أساسا نحو توزيع واستهالك العالج ‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫ومن جهة أخرى يجب على طبيب الشغل أن يبرهن على مهاراته الدبلوماسية‪،433‬‬
‫لتعزيز مصداقية وكسب ثقة الجميع‪ ،‬بل ولمحاولة التوفيق بين مختلف المصالح المتعارضة‬
‫داخل المقاولة‪.‬‬

‫وإذا أراد لنصائحه أو تدابيره الوقائية نسبة عالية من الفعالية فتلزمه كفاءة مهنية عالية‬
‫وتميز علمي وإتقان عملي كما يلزمه التحلي بالكثير من الشجاعة للدفاع عن استقالليته‬
‫ووضع محاوريه أمام مسؤوليتهم على أن طبيب الشغل ال يمكنه بلوغ أهدافه المرسومة له‬
‫من قبل المشرع و تحقيق فعاليته إال إذا خرج عن عزلته داخل المقاولة لإلنتاج وتعزيز‬
‫عالقات التعاون مع مختلف الممارسين لفروع الطب األخرى‪ ،434‬وعلى األخص تقوية‬
‫عالقاته الضرورية بكل من األطباء المعالجين وأطباء الضمان االجتماعي وأطباء مفتشي‬
‫الشغل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العوائق المرتبطة بمرحلة إنهاء عقد الشغل‬

‫يعتبر الفصل من أخطر العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها العامل‪ ،‬بل لعله أخطرها‬
‫على اإلطالق‪ ،‬لما يترتب على ذلك من حرمان للعامل من أداء عمله واستيفاء أجره‪ ،‬إنه‬
‫يشكل تهديدا مباشرا لحق هذا األخير في االستقرار المشروع في شغله‪.‬‬

‫ووعيا بهذه الحقيقة دأبت تشريعات قوانين الشغل على إقرار ضمانات هامة أحاطت‬
‫عقود العمل بدرع حمائي غايته ضمان استمرار الممارسة وفي إطار هذا المبحث لن يتم‬
‫التطرق لهده الضمانات على اعتبار أنها استهلكت بحثا في إسهامات علمية عديدة‪ ،‬على أن‬
‫يتم حصر النظر في مظاهر قصورها التي تشكل في عمقها عائقا من عوائق تفعيل الحكامة‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق لمظاهر تعتر الدور الحمائي للمقتضيات المنظمة للفصل غير‬
‫المشروع (المطلب األول) عل أن نعالج في (المطلب الثاني) لمظاهر قصور الحماية‬
‫التشريعية في مواجهة التسريح ألسباب اقتصادية تكنولوجية أو هيكلية‪.‬‬

‫‪- Madeline AMOUROUX : les services médicausc d’entreprise Umilever,Dr.soc.N 718, juillet, aout 1987,P‬‬
‫‪433‬‬

‫‪576.‬‬
‫‪ - 434‬بوشريط عبد الصمد‪ :‬دور طبيب الشغل في حفظ صحة وسالمة األجراء داخل المقاولة‪ ،‬م س ص ‪ 81‬و‪. 82‬‬

‫‪202‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعتر الدور الحمائي للمقتضيات المنظمة للفصل غير المشروع‬
‫يمكن إثارة تقصير المشرع في حماية حق األفراد في االستمرار المشروع في شغلهم‬
‫بالتطرق إلى مسألتين‪ :‬األولى تتمثل في عدم إقرار جهاز متخصص للنظر في نزعات إنهاء‬
‫عقد الشغل (الفقرة األولى) أما الثانية فتتمثل في تكريس المدونة لعدة إشكاالت فيم يخص‬
‫إنهاء عقد الشغل (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عدم إقرار جهاز متخصص للنظر في نزاعات إنهاء عقد الشغل‬
‫على خالف المشرع السوري فإن المشرع المغربي قد أغفل هذه المسألة وذلك رغم ما‬
‫تحمله في طياتها من إيجابيات كثيرة‪ ،‬فيالحظ أن المشرع السوري أولى اهتماما بالغا‬
‫باستقرار عالقة ا لشغل‪ ،‬وبحماية حق األجراء في االستقرار في عملهم‪ ،‬وذلك بإقراره للجان‬
‫قضايا التسريح التي تنحصر مهمتها في التحقق من ظروف التسريح ومبرراته وأسبابه وال‬
‫يجوز لصاحب العمل فصل العامل دون أخد موافقة هذه اللجنة مقدما على هذا الفعل‪ ،‬وتتحقق‬
‫اللجنة من مبررات التسريح ومدى موافقته للقانون‪ .435‬ويجب أن تقدم طلبات الموافقة على‬
‫التسريح إلى مدير الشؤون االجتماعية والعمل على النظر فيها قبل شهر من التاريخ المحدد‬
‫للتسريح‪ ،‬فإن وجدت أن األخطاء المنسوبة للعامل ليست خطيرة فإنها تحاول تسوية النزاع‬
‫وديا‪ ،‬فإن فشلت أحالت الخالف إلى محكمة العمل المختصة إلبداء الرأي فيه‪.‬‬

‫والمالحظ أيضا أن المشرع العراقي كان يقضا في مسألة التعامل مع ضمانات الحق‬
‫في االستقرار في الشغل‪ ،436‬ويتجلى ذلك من خالل‪:‬‬

‫_إقرار لجنة إنهاء خدمة العمال‬

‫_تخويلها إمكانية إلزام المشغل بإعادة العامل إلى عمله‪ ،‬متى تأكدت من انتفاء سبب‬
‫مشروع للطرد‪.‬‬

‫_التركيز على سرعة البث في القضايا المعروظة على أنظارها بتحديد أثنا عشر يوما‬
‫كحد أقصى‪.‬‬

‫‪ - 435‬فريدة المحمودي‪ :‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 232‬و‪. 233‬‬
‫‪ - 436‬المادة ‪ ،42‬قانون العمل العراقي‪ ،‬رقم ‪ ،151‬سنة ‪. 1970‬‬

‫‪203‬‬
‫وينص التشريع العراقي على أنه يجب عند فصل العامل أو إنهاء العقد أخد موافقة لجنة‬
‫إنهاء خدمة العمال أيا كان نوع الفصل أو سببه‪ ،437‬تتكون هذه اللجنة من خمسة أعضاء‬
‫وت صدر رأيها في الطلب خالل أثنا عشر يوما من تاريخ وروده إليها وتدرس اللجنة الطلب‬
‫وتتخد منه أحد المواقف التالية‪:‬‬

‫_إما أن ترفضه إذا لم تجد له سببا موافقا للقانون وتلزم الجهة طالبة الفعل بإعادة‬
‫العامل إلى عمله ودفع أجره والتأمين عن مدة الفصل‪.‬‬

‫_إما أن توافق على ا لطلب في هذه الحالة ال يجوز للجهة طالبة الفصل أن تنهي خدمة‬
‫العامل قبل فوات شهر من تاريخ القرار‪.438‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تكريس قانون الشغل لعدة إشكاالت مرتبطة بإنهاء عقد الشغل‬
‫إن مدونة الشغل وعلى غرار تشريع الشغل السابق كرست مجموعة من اإلشكاالت‬
‫رغم المجهودات المبذولة من طرف واضعي هذه المدونة لتجاوزها‪.‬‬

‫وهذه اإلشكاالت منها ما هم مرحلة إبرام عقد الشغل وأخرى مرتبطة بمرحلة تنفيذه‬
‫وبعضا منها تجاوز ذلك ليصل مرحلة إنهاء عقد الشغل وهما ما سنحاول التعرض إليه في‬
‫هذه الفقرة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مسطرة الفصل والنظام العام‬


‫لقد ألزم المشرع المغربي المشغل بضرورة التقييد بالمسطرة القانونية في حالة الفصل‬
‫المنصوص عليه في الفصول ‪ 62‬وذلك بأن تتاح للألجير فرصة الدفاع عن نفسه باالستماع‬
‫إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب األجراء أو الممثل القانوني في أجل‬
‫ال يتعدى ‪ 8‬أيام إبتداءا من التاريخ الذي يتبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه وأن يسلم‬
‫مقرر العقوبات الواردة في المادة ‪ 39‬أو مقرر الفصل إلى األجير المعني باألمر يدا بيد مقابل‬
‫وصل أو بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل داخل أجل ‪ 48‬ساعة من تاريخ‬
‫اتخاذ المقرر المذكور‪.‬‬

‫‪ - 437‬المادة ‪ ،34‬قانون العمل العراقي‪ ،‬رقم ‪، 151‬سنة ‪. 1970‬‬


‫‪ - 438‬فريدة المحمودي‪ :‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل‪ ،‬م س ص‪. 233‬‬

‫‪204‬‬
‫تم توجه بعد ذلك نسخة من مقرر الفصل إلى العون المكلف بتفتيش الشغل ويجب أن‬
‫يتضمن المقرر األسباب المبررة التخاذه وتاريخ االستماع إليه مرفقا بمحضر االستماع‪.439‬‬

‫لقد أضفى المشرع على مسطرة الفصل المنصوص عليها في المواد ‪64، 63 ،62‬‬
‫صيغة إلزامية وأعتبرها قواعد آمرة يترتب على خرقها وصف الفصل بطابع التعسف‬
‫المبرر للتعويض‪.‬‬

‫فهنا يحق للمرء أن يتساءل هل القواعد المنظمة لمسطرة الفصل من النظام العام؟ أي‬
‫هل يمكن للمحكمة أن تثير خرقها من تلقاء نفسها باعتبارها قواعد آمرة أم على األجير‪-‬‬
‫صاحب المصلحة‪ -‬أن يثير هذا الدفع حتى تستجيب له المحكمة‪.440‬‬

‫يرى بعض الفقه‪ ،441‬إلى أن النظام العام يعرف مجاال واسعا في قانون الشغل وذلك‬
‫ناتج عن تدخل الدولة التشريعي ومن ضرورة الحماية االجتماعية لفئة اعتبرت ضعيفة في‬
‫العقد وهي فئة األجراء‪ ،‬عالوة على المقتضيات الزجرية الواردة في مدونة الشغل وفي‬
‫القانون الجنائي قصد هذه الحماية االجتماعية‪.‬‬

‫وذهب اتجاه آخر‪ ، 442‬إلى أن مختلف مواد المدونة ال تتضمن أية مادة تنص صراحة‬
‫على كون قواعدها من النظام العام‪ ،‬إال أن مجموعة من المؤشرات توحي بذلك انطالقا من‬
‫أن مجموعة من المواد تضمنت صيغ الوجوب و رتبت على عدم احترام بعض المقتضيات‬
‫بعض الجزاءات‪ ،‬بل إن المدونة أوردت في نهاية كل مقطع يتعلق ببعض المقتضيات أو‬
‫القواعد المنظمة إلحدى الجوانب فيها مجموعة من العقوبات الزجرية المحددة في توقيع‬
‫بعض الغرامات على المشغلين‪.‬‬

‫إال أن واقع األمور يؤكد أنه أمام عدم وجود نص صريح بخصوص كون مقتضيات‬
‫مدونة الشغل من متعلقات النظام العام‪ ،‬وبالتالي فإن هذه المقتضيات بما فيها مسطرة الفصل‬
‫ليست من النظام العام وبالتالي ال يمكن إثارتها من تلقاء نفسها‪ ،‬بل على صاحب المصلحة‬

‫‪ - 439‬صالح الدين ضضوش‪ :‬بعض اإلشكاليات التي تثيرها مدونة الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬مجلة المحامي‪ ،‬عدد ‪ ، 68‬سنة ‪،2017‬‬
‫ص‪24.‬‬
‫‪ - 440‬صالح الدين ضضوش‪ :‬بعض اإلشكاليات التي تثيرها مدونة الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬م ‪365.‬س ‪،‬ص‪. 22‬‬
‫‪ - 441‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب على ضوء مدونة الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 304‬‬

‫‪205‬‬
‫(األجير) التمسك بخرقها‪ ،‬ولو أنها قواعد آمرة ألن المسألة الدفاعية هي حق لكل أجير على‬
‫حدة‪ ،‬فيمكن للبعض أن يتمسك بها كما يمكن للبعض أن يتنازل عن هذا الحق‪ ،‬وهذا أمر‬
‫شخصي على خالف بعض المقتضيات في مدونة الشغل التي تعتبر من النظام العام ألنها تهم‬
‫جميع األجراء بدون إستتناء كمسألة الحد األدنى لألجور‪.‬‬

‫وفي هذا االتجاه ذهبت محكمة النقض في قرار لها "ال يمنع الدفع بعدم احترام‬
‫مسطرتي ‪ 62‬و‪ 271‬من مدونة الشغل إن لم تقع إثارتها سلفا أما محكمة الموضوع ومناقشتها‬
‫أمامها‪.‬‬

‫ال تعتبر مسطرة الفصل ‪ 62‬من القواعد المتعلقة بالنظام العام والتي يمكن إثارتها ألول‬
‫مرة أمام محكمة النقض"‪.443‬‬

‫إال أنها في قرار آخر اعتبرت أن مسطرة الفصل من النظام العام‪ .‬إذ جاء في قرار لها‬
‫ما يلي‪ ":‬عدم إشعار العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬خرق قاعدة مسطرية من النظام العام‬
‫طرد تعسفي"‪.444‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلشكال المتعلق ببداية احتساب أجل ‪ 8‬أيام‬


‫إن كلمة "تبين" المشار إليها في المادة ‪ 62‬من مدونة الشغل‪ ،‬محل نظر لغوي وكذا‬
‫قانوني‪ ،‬إذ قد يعتقد أن األمر يتعلق بثبوت الفعل الذي يشكل خطأ جسيما في حين قد يعتقد أن‬
‫التبين هو االتضاح واالكتشاف والعلم به‪.445‬‬

‫فإذا ذهبنا مع االتجاه الذي يعتبر تاريخ ثبوت الفعل هو المعتد به الحتساب أجل الثمانية‬
‫أيام فإن األمر قد يستغرق وقتا طويال للوقوف على حقيقة ارتكاب الفعل وقد يستعمل ذلك‬
‫كورقة ضغط ويظل الملف سيفا مسلطا على األجير ووسيلة ابتزاز عليه لتحريك المسطرة‬
‫في حقه في أي وقت‪.‬‬

‫‪ - 443‬قرارا عدد ‪ 829‬بتاريخ ‪ 2002/05/3‬في الملف الجتماعي عدد ‪ 2010/1/5/1384‬منشور في كتاب قضاء محكمة النقض للدكتور عمر‬
‫أزوكار‪ ،‬الجزء ‪ ، 4‬ص‪. 183‬‬
‫‪ - 444‬قرار منشور بنشرة قرارات محكمة النقض الغرفة االجتماعية العدد ‪ ،19‬ص‪.70‬‬
‫‪ - 445‬صالح الدين ضضوش‪ :‬بعض اإلشكاليات التي تثيرها مدونة الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬م س‪،‬ص‪.24‬‬

‫‪206‬‬
‫أما إذا ذهبنا مع االتجاه الثاني‪ ،‬تاريخ تبين الفعل والعلم به فإن المشغل وفي حاالت‬
‫كثيرة يستعصي عليه الوقوف على ذلك في أجل ‪ 8‬أيام ويمكن أن نرصد في هذا اإلطار ما‬
‫جرت عليه العادة في العمل البنكي‪ ،‬حيث تجري األبناك تفتيشا خاصا وداخليا يتم البحث فيه‬
‫مع األجير للتثبت من ارتكابه الخطأ وقد يستغرق األمر أشهرا وبالتالي فإن سلوك المسطرة‬
‫قد يجعلها تواجه بأجل الثمانية أيمام الذي استغرقته‪.‬‬

‫وقد تسرب هذا الخلط إلى ثنايا نفس القرار الصادر عن محكمة النقض إذ جاء فيه‬
‫ابتداء ما يلي‪ ":‬الثابت من القرار المطعون فيه أن محكمة االستئناف اعتبرت أن الطاعنة‬
‫كانت على علم بالخطأ المنسوب للمطلوب في النقض بتاريخ ‪ 2012/01/24‬في حين أن‬
‫المجلس التأديبي لم ينعقد إال بتاريخ ‪ 2012/02/16‬أي بعد أكثر من ثمانية أيام‪.‬‬

‫لتذهب في نفس القرار إلى أن " المحكمة وقد استندت في قرارها إلى إخالل الطاعنة‬
‫بمسطرة االستماع إلى المطلو ب في النقض بعدم التقيد بأجل ثمانية أيام بين تاريخ التثبت من‬
‫الخطأ المنسوب له وتاريخ االستماع إليه"‪.446‬‬

‫وبذلك فمحكمة النقض في هذا القرار قد استعملت في نفس الوقت المعيار الخاص بالعلم‬
‫بالخطأ من جهة ومعيار التبين من الخطأ من جهة أخرى‪. 447‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلشكال المرتبط بتطبيق الفقرة الثالثة من المادة ‪ 62‬من م‪.‬ش‬


‫قد تثور إشكالية تتعلق بالفقرة الثالثة من المادة ‪ 62‬من مدونة الشغل والتي تعتبر في‬
‫حالة رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة المنصوص عليها في الفقرة األولى‬
‫والثانية يتم اللجوء إلى مفتش الشغل إلتمام المسطرة وعن دوره في هذه المرحلة‪.‬‬

‫فهل المقصود بدور مفتش الشغل هو إجراء الصلح في إطار صالحياته التي منحه إياها‬
‫القانون قبل االستماع وهذا يجعل اللجوء إليه إلزاميا للطرفين وبالتالي فالمشغل إذا لم يلجأ‬
‫إليه أعتبر الطرد تعسفيا وأن األجي ر إذا لم يسلك المسطرة أعتبر متنازال عنها فقط؟ أم أن‬
‫المقصود بإتمام المسطرة ينحصر فقط في مسطرة االستماع؟ وهنا يطرح تساؤل حول‬

‫‪ - 446‬قرار عدد ‪ 54‬الصادر بتاريخ ‪ 2015/1/15‬في الملف عدد ‪ 2012/1/5/233‬منشور في نشرة قرارات محكمة النقض‪ ،‬العدد ‪ ،19‬ص‪.81‬‬
‫‪ - 447‬صالح الدين ضضوش‪ :‬بعض اإلشكاليات التي تثيرها مدونة الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬م س ‪،‬ص‪. 24‬‬

‫‪207‬‬
‫صالحيات مفتش الشغل في هذا االجتماع مادام أن النقاش سينصب على الخطأ المفترض‬
‫ارتكابه من قبل األجير‪ ،‬ما هو دوره في هذا االجتماع خاصة عند غياب المشغل؟ وهل من‬
‫العدل واإلنصاف أن عدم لجوء المشغل إلتمام المسطرة لدى مفتش الشغل يوصف معه‬
‫الفصل بالتعسف‪ ،‬في حين أن عدم سلوكها من قبل األجير يعد تنازال فقط فيها رغم طابع‬
‫المسطرة اإللزامي للطرفي ن كما سلف بيانه؟ ومن الملزم باللجوء إلى مفتش الشغل في حالة‬
‫رفض األجير للحضور لجلسة االستماع رغم التدخل أو رفضه التوقيع على المحضر؟‬

‫لقد استقرت محاكم الموضوع وكذا محكمة النقض على تحميل المشغل لوحده عبئ‬
‫اللجوء إلى مفتش الشغل وذلك حتى في حالة تخلف األجير عن الحضور لجلسة االستماع‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار فقد جاء في قرارا لمحكمة النقض عدد ‪ 276‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2007/03/4‬في الملف عدد ‪ 2006/01/93‬ما يلي ‪ ":‬لكن حيث إنه من استقراء مقتضات‬
‫المواد ‪ ،65 ،64 ،63 ،62‬من مدونة الشغل يتجلى بأن تطبيق مسطرة الفصل ملقاة باألساس‬
‫على كاهل المشغ ل باعتباره صاحب المبادرة في فصل األجير بإدعاء ارتكابه للخطأ الجسيم‪،‬‬
‫وبالتالي فدور المشغل في هذه المسطرة هو دور إيجابي وليس سلبي‪.‬‬

‫لكن في حقيقة األمر فإن هذا التوجه الذي يحمل المشغل لوحده عبئ اللجوء إلى مفتش‬
‫الشغل حتى في حالة رفض األجير الحضور لجلسة االستماع أو رفض التوقيع هو توجه‬
‫يضرب منطق العدل و اإلنصاف في الصميم و يحمل المشغل وزر إهمال وتقصير األجير‬
‫والحال أنه هو المطالب باللجوء إلى مفتش الشغل ألنه هو الذي فرط ابتداء في سلوك‬
‫المسطرة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬اإلشكال المتعلق بإبالغ األجير بمقرر الفصل‬


‫إن المادة ‪ 62‬من مدونة الشغل أقرت نفس القواعد الواردة في الفصل السادس من قرار‬
‫‪ 1948/10/23‬المعروف بالنظام النموذجي المتعلق بضرورة إشعار األجير برسالة الطرد‬
‫وقت التعبير عنها بمقرر الفصل‪.‬‬

‫وأصبح المشغل مخيرا في تبليغ مقرر الفصل بين إحدى الوسيلتين من ضمنهما تسليم‬
‫مقرر الفصل إلى األجير المعني يدا بيد مقابل وصل أو بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار‬

‫‪208‬‬
‫بالتوصل داخل أجل ‪ 48‬ساعة من تاريخ إتحاد مقرر الفصل عن العمل بعد ما كان الفصل‬
‫السادس يفرضهما معا‪. 448‬‬

‫لكن قد يدفع المشغل بكون األجير رفض تسلم مقرر الفصل ويدلي بإشهاد صادر عن‬
‫شاهدين عاينوا واقعة رفض تسلم األجير مقرر الفصل ويلتمس إجراء بحث واستدعاءهما‬
‫إلثبات هذه الواقعة‪ ،‬فهل المحكمة تكون على صواب حينما تستجيب لهذا الملتمس وتعتبر أن‬
‫المشغل قام بااللتزام الذي يقع عليه أم ترفض هذا الملتمس بعلة أنه في حالة رفض األجير‬
‫تسلم مقرر الفصل فإنه تبقى للمشغل إمكانية إشعاره بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار‬
‫بالتوصل داخل ‪ 48‬ساعة من تاريخ إتحاد القرار المذكور‪.449‬‬

‫كما يثور اإلشكال عندما يقوم المشغل بجميع اإلجراءات لتبليغ األجير وال يتمكن من‬
‫ذلك بسبب قصر األجل من جهة كما أنه في كثير من األحيان يتحمل عبئ التأخير في التبليغ‬
‫الراجع إلدارة البريد والذي ال يد له فيها‪.‬‬

‫إن من العدل واإلنصاف االعتداد بتأشيرة إدارة البريد أسوة بما يقع في المنازعات‬
‫إلضريبية إذ غالبا ما تتراخى إدارة البريد في التبليغ فيتحمل المشغل مسؤولية لم يكن سببا‬
‫فيها‪.450‬‬

‫وفي هذا اإلطار صدر قرار عن محكمة النقض تحت عدد‪ 698‬الملف االجتماعي عدد‬
‫‪ ،451 2012/5/248‬ينص على ما يلي‪ ":‬العبرة في احتساب أجل الثمانية واألربعين ساعة‬
‫لتبليغ مقرر الفصل لألجير وفق مقتضيات المادة ‪ 63‬من مدونة الشغل بتاريخ إيداع الرسالة‬
‫لدى مصالح البريد حيث يكفي أن يكون اإليداع قد تم داخل ثمانية وأربعين ساعة العتباره قد‬
‫وقع قانونيا واألمر نفسه ينطبق في حالة تبليغ مقرر الفصل بواسطة المفوض القضائي ذلك‬
‫أن العبرة تكون بتاريخ توجيه تعيين مفوض قضائي قصد تبليغ مقرر الفصل وتاريخ إيداع‬
‫الطلب مباشرة لدى المفوض القضائي‪."...‬‬

‫‪ - 448‬محمد الكوهن‪ :‬اإلشكاليات المثارة بخصوص الفصل التأديبي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص‪. 136‬‬
‫‪ - 449‬محمد الكوهن‪ :‬اإلشكاليات المثارة بخصوص الفصل التأديبي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص‪. 137‬‬
‫‪ - 450‬صالح الدين ضضوش‪ :‬بعض اإلشكاليات التي تثيرها مدونة الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬م س‪،‬ص‪. 27‬‬
‫‪ - 451‬قرار منشور بمجلة قضاء محكمة النقض‪ ،‬العدد ‪ ،76‬ص‪.271‬‬

‫‪209‬‬
‫خامسا‪ :‬اإلشكال المتعلق بالتوقيف االحترازي أو التحفظي لألجير‬
‫في بعض النوازل التي تعرض أمام المحاكم‪ ،‬قد يلجأ المشغل إلى إيقاف األجير‬
‫احترازيا أو تحفظيا إلى حين عرضه على المجلس التأديبي قصد اتخاذ قرار الفصل خاصة‬
‫في حالة ارتكاب هذا األخير ألخطاء جسيمة قد تصل إلى حد جرائم األموال كالسرقة وخيانة‬
‫األمانة‪ ،‬مع صرف أجرته رغم اتخاذ قرار الفصل الرتكابه للخطأ الجسيم بعد ذلك‪.‬‬

‫ومبرر المشغل في هذه الحالة أن استمرار األجير المرتكب لمثل هكذا جرائم داخل‬
‫المؤسسة وفي نفس المركز قد يترتب عنه قيامه بتبديد وسائل اإلثبات التي تدينه وإفالته من‬
‫العقاب سواء فيما يتعلق بأحد أهم أركان الجريمة أال وهو الركن المادي وهي نفس الوقائع‬
‫التي تبرر فصله تأديبيا من جهة‪ ،‬وأن الثقة التي هي مناط عقد الشغل قد باتت منعدمة بين‬
‫الطرفين من جهة ثانية‪.452‬‬

‫لقد ذهب القضاء إلى أن األجير ال يمكن أن يعاقب مرتين من أجل نفس الخطأ ألن ذلك‬
‫يتنافى مع مقتضيات المادة ‪ 37‬من مدونة الشغل وقد جاء في هذا الصدد في قرار صادر عن‬
‫محكمة النقض ما يلي‪ ":‬إيقاف األجير عن العمل لمدة غير معلومة قصد التبين من الخطأ‬
‫المنسوب إليه وإن سمي احترازيا فإنه يتنافى ومقتضيات المادة ‪ 378‬من مدونة الشغل‬
‫المتعلقة بالعقوبات التأديبية التي حددت ثمانية أيام كأقصى مدة للتوقيف"‪.453‬‬

‫وقد ذهبت محكمة االستئناف بمراكش في نفس االتجاه في قرار لها صادر بتاريخ‬
‫‪ 2016/10/8‬جاء فيه ما يلي‪ ":‬توقيف األجير لمدة ثمانية أيام فإن هذا التوقيف وطبقا لمدونة‬
‫الشغل ال يمكن تفسيره إال كعقوبة تأديبية‪ ،‬ومادام أنها إتخدت بعد انتهائها عقوبة الفصل فإنها‬
‫تكون قد عاقبت األجير على نفس الفعل مرتين‪ ،‬هذا بصرف النظر عن ثبوت الفعل من‬
‫عدمه‪ ،‬وبذلك يكون فصلها لألجير تعسفيا لمخالفة المسطرة المتبعة في ذلك مما يكون معه‬
‫الحكم واقعا في محله‪ ،‬يتعين تأييده‪".‬‬

‫‪ - 452‬صالح الدين ضضوش‪ :‬بعض اإلشكاليات التي تثيرها مدونة الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬م س ‪،‬ص ‪. 29‬‬
‫‪ - 453‬قرار عدد ‪ 884‬صادر بتاريخ ‪ 2015/4/9‬في الملف عدد ‪ 2014/1/5/1640‬منشور بنشرة قرارات محكمة النقض الغرفة االجتماعية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،19‬ص‪.11‬‬

‫‪210‬‬
‫وقد جاء في قرار آخر ما يلي‪ ":‬ال تصح معاقبة األجير على نفس الفعل مرتين‪ ،‬يعتبر‬
‫فصل األجير بعد توقيفه لمدة محددة الرتكابه خطأ جسيما بمثابة فصل تعسفي موجب‬
‫للتعويض"‪.454‬‬

‫أما في فرنسا فقد تم التنصيص على إيقاف األجير تحفضيا في المادة ‪ 1332‬من قانون‬
‫الشغل الفرنسي باعتبارها إجراء احترازيا يترتب عليه إيقاف مؤقت لعقد الشغل في انتظار‬
‫صدور العقوبة النهائية‪ ،‬وبالتالي فهي ال تعتبر عقوبة تأديبية‪ ،‬وبالتالي يتم توجيه رسالتين‬
‫لألجير األولى تبلغه باإليقاف التحفظي عن العمل‪ ،‬والثانية تستدعيه لجلسة االستماع حالة‬
‫اعتزام المشغل فصله للخطأ الجسيم‪.‬‬

‫ويتميز التوقيف التحفظي عن التوقيف التأديبي في أنه في الحالة األولى يحتفظ األجير‬
‫بأجره طيلة مدة توقيفه وأن المدة تكون فيها غير محددة على خالف الحالة الثانية‪.‬‬

‫إنه باستقراء بسيط للقرارات القضائية التي تبت في التوقيف التحفظي والذي اعتبرته‬
‫عقوبة تأديبية ثانية سنجد أن الوقائع تصب كلها في اتجاه استهداف المشغل من خالل هذا‬
‫التوقيف‪ ،‬إما منع األجير من استعمال برامج معلوماتية خاصة بالشركة أو ببعض الوثائق‬
‫الخاصة بعد ثبوت ارتكابه سرقة معينة متعلقة بمعدات الشركة وبذلك تجيده عن مواقع أو‬
‫بياناته يخشى العبث بها ولو بقي بالشركة‪.‬‬

‫أمام هذا الوضع ومع عدم التنصيص على التوقيف التحفظي وتوجه القضاء إلى‬
‫اعتباره عقوبة تأديبية مقنعة فهل بإمكان المشغل اللجوء باالستناد إلى الحجج الدافعة التي‬
‫يح وزها في مواجهة األجير إلى رئيس المحكمة االبتدائية بصفته قاضيا للمستعجالت قصد‬
‫طلب توقيفه تحفظيا ألن وجوده بمقر العمل بعد ثبوت الوقائع يعتبر خطرا داهما بالشركة‬
‫وذلك مع االلتزام بإرجاعه إلى العمل وسلوك المسطرة بعد ذلك‪.‬‬

‫إن األمر هنا يستدعي القيام بآلية خاصة في هذا الشأن تفرضها إجراءات التحري وذلك‬
‫يتمكن األجير المخالف من مكتب بالمؤسسة بعيد عن المكتب الذي يعمل فيه في العادة وذلك‬

‫‪ - 454‬قرار عدد ‪ 94‬بتاريخ ‪ 2012/10/26‬في الملف االجتماعي‪،‬عدد ‪ 2010/908‬أشار إليه صالح الدين ضضوش في مقاله " بعض اإلشكاالت‬
‫التي تثيرها مدونة الشغل"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص‪. 29‬‬

‫‪211‬‬
‫مع أداء أجره وحفظ جميع حقوقه وامتيازاته على أن ال يكون هذا الموقع يشكل في حد ذاته‬
‫مكانا معينا له يمس كرامته واعتباره أمام باقي األجراء وتنقص من رتبته المهنية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬قصور الحماية التشريعية في مواجهة التسريح ألسباب اقتصادية‬


‫تكنولوجية وهيكلية‬

‫الشك أن كل مقاولة يمكن أن تتعرض في أي لحظة ألزمة اقتصادية أو مالية‪ ،‬كما‬


‫يمكن أن تحدث تغيرات هيكلية أو تكنولوجية قصد الرفع من قدرتها التنافسية‪ ،‬كل ذلك قد‬
‫يدفعها إلى التفكير في إجراء فصل جزئي أو كلي لألجراء‪.‬‬

‫وطبعا فإن المشغل باعتباره رئيسا للمقاولة ومسيرها‪ ،‬فهو من يتولى اتخاذ هذا اإلجراء‬
‫ولما كان الفصل ألسباب اقتصادية يهدد األجراء بالسقوط في عالم البطالة‪ ،‬وفقدان أجورهم‬
‫التي هي مصدر عيشهم فإن سلطة المشغل في اتخاذ هذا اإلجراء ال ينبغي أن تكون مطلقة‪،‬‬
‫بل يتعين تقييدها بضوابط قانونية وقضائية‪ ،‬قادرة على الحيلولة دون اإلستعمال السيئ لهذه‬
‫السلطة‪.455‬‬

‫وفي هذا اإلطار نصت مدونة الشغل في المادتين ‪ 66‬و ‪ 67‬على مجموعة من‬
‫اإلجراءات الواجب اتباعها من طرف المشغل الراغب في إجراء الفصل ألسباب اقتصادية‬
‫إال أنها ظلت قاصرة عن إقرار الحماية المنشودة‪ ،‬حيث أثارت العديد من اإلشكاالت منها‬
‫ما ارتبط بال مرحلة التمهيدية للفصل (الفقرة األولى) ومنها ما واكب المرحلة اإلدارية (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قصور الحماية في المرحلة التمهيدية للفصل‬

‫لقد أوجب المشرع على المشغل الذي يعتزم تسريح أجرائه لألسباب اقتصادية‬
‫تكنولوجية وهيكلية اتباع مجموعة من اإلجراءات التي تسبق مرحلة تقديم طلب الحصول‬
‫على إذن عامل العمالة أو اإلقليم بدءا بضرورة أن تكون المقاولة مشمولة بأحكام التسريح‬

‫‪ - 455‬عبد القادر بوبكري‪ ،‬مدى كفاية مسطرة ا لفصل ألسباب اقتصادية في حماية األجراء مجلة الحقوق‪ ،‬عالقات الشغل االردية والجماعية‪ ،‬العدد‬
‫‪ 20‬السنة ‪ 2017‬ص‪.17 ،‬‬

‫‪212‬‬
‫الجماعي ثم اتباع مسطرة االستشارة والتفاوض إال أنه يالحظ على أحكام المادة ‪ 66‬أنها‬
‫ظي قت من نطاق المقاوالت المشمولة بالتسريح الجماعي (أوال) كما أن مسطرة االستشارة‬
‫والتفاوض تثير العديد من اإلشكاالت (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تضييق نطاق تطبيق المسطرة‬

‫باستقراء أحكام المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل التي نصت في فقرتها األولى على ما يلي‪:‬‬
‫يجب على المشغل في المقاوالت التجارية أو الصناعية‪ ،‬أو في اإلستغالالت الفالحية أو‬
‫الغابو ية وتوابعها أو في مقاوالت الصناعة التقليدية الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر‬
‫الذي يعتزم فصل األجراء كال أو بعضا‪ ،‬ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها أو‬
‫ألسباب اقتصادية أن يبلغ ذلك لمندوبي األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم‬
‫قبل شهر واحد على األقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل‪"...‬‬

‫فانطالقا من األحكام الواردة في هذه المادة التي تلزم المشغل صاحب المقاولة التجارية‬
‫أو الصناعية أو ي ملك مؤسسة فالحية أو غابوية أو ما يدخل في حكمها أو قد تكون المقاولة‬
‫صناعية تقليدية‪ ،‬يالحظ أن مدونة الشغل قد حددت طبيعة نشاط المقاوالت المعنية بمسطرة‬
‫فصل األجراء ألسباب اقتصادية أو ما يماثلها في الوقت الذي استثنت المدونة التعاونيات‬
‫الفالحية والجمعيات بمختلف أنواعها‪ ،‬وكذا مقاوالت أو مؤسسات أخرى كمؤسسة المهن‬
‫الحرة ما لم تكن ذات طابع تجاري‪ ،‬كما استثنت المنظمات المهنية النقابية التي تشغل‬
‫العمال‪.456‬‬

‫وهذا على خالف القانون الفرنسي الذي جعل مسطرة الفصل ألسباب اقتصادية تسري‬
‫على مختلف المقاوالت أو المؤسسات الفالحية والصناعية والتجارية سواء كانت هذه‬
‫المؤسسات عمومية أو خاصة ونفس الشيء‪ ،‬تسري هذه المسطرة كذلك على المكاتب‬
‫العمو مية والوزارية وعلى المهن الحرة و الشركات المدنية والنقابات المهنية بمختلف‬
‫أصنافها‪ ،‬كما يالحظ كذلك من خالل هذه المادة أن المشرع لم يعمل على تحديد عدد األجراء‬
‫المزمع فصلهم حتى يتسنى معرفة مسطرة الفصل الواجب احترامها في الوقت الذي عمل‬
‫‪ - 456‬فريدة المحمودي‪ :‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل المغربي م س‪ ،‬ص‪.239 :‬‬

‫‪213‬‬
‫القانون الفرنسي رقم ‪ 549-89‬الصادر بتاريخ ‪ 2/8/1989‬على وضع مسطرة خاصة‪ ،‬حيث‬
‫تختلف المسطرة باختالف عدد األجراء الذين سيشملهم قرار الفصل إذا كان قرار الفصل‬
‫يشمل عشرة أجراء خالل مدة ثالثين يوما‪ ،‬فإن المشغل ملزم عليه بإخبار مندوبي الجراء‬
‫بإجراءات والتدابير المحددة في الفصل ‪ 321-4-1‬وذلك من أجل تفادي عملية الفصل أو‬
‫‪457‬‬
‫الحد من آثاره‪.‬‬

‫باإلضافة إلى الحاالت التي استثناها المشرع من عدم خضوع مجموعة من المقاوالت‬
‫لمسطرة التسريح ألسباب اقتصادية تكنولوجية أو هيكلية‪ ،‬فإن المقاوالت التي تم ذكرها في‬
‫المادة ‪ 66‬وحتى تستفيد من هذه المسطرة يجب عليها أن تكون تتشكل من ‪ 10‬أجراء فما‬
‫فوق مما يعني استثناء المقاوالت الصغرى التي تقل عن هذاالعدد والتي ال تتقيد بهذه‬
‫المسطرة وإنما يتم إعفاء مستخدميها بعد مراعاة مسطرة الفصل التأديبي‪.458‬‬

‫ونعتقد أنه من األولى تعميم هذا الشرط على سائر المقاوالت باعتبار أن تلك التي يقل‬
‫عمالها عن عشرة ال تملك من اإلمكانيات المادية والوسائل ما يؤهلها للتقييد بهذه المسطرة‪،‬‬
‫كما أننا ال نرى مبرر لجعل هذا االمتياز قاصرا على مقاوالت الصناعة التقليدية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقم مسطرة اٌستشارة والتفاوض‬

‫نصت المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل المغربية على أنه‪" :‬يجب على المشغل في المقاوالت‬
‫التجارية‪ ...‬الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر والذي يعتزم فصل األجراء‪ ،‬كال‬
‫أ وبعضا ألسباب تكنولوجية‪ ،‬أن يبلغ ذلك لمندوبي األجراء الممثلين النقابيين بالمقاولة عند‬
‫وجودهم قبل شهر واحد على األقل من تاريخ الشروع ‪-‬في مسطرة الفصل ‪ ...‬ويجب‬
‫عليه أيضا استشارتهم والتفاوض معهم ‪...‬‬

‫تحل لجنة المقاولة محل مندوبي األجراء في المقاوالت التي يزيد عدد األجراء بها‬
‫عن خمسين أجيرا‪..‬‬

‫‪ - 457‬فريدة المحمودي‪ :‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل المغربي م س‪ ،‬ص‪.240 :‬‬
‫‪ - 458‬محمد سعيد جرندي‪ :‬الدليل العملي لمدونة الشغل‪ ،‬قراءة تحليلية نقدية لمقتضيات المدونة مدعمة بأهم اجتهادات محكمة النقض‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬مطبعة صناعة الكتاب الدار البيضاء الطبعة األولى ‪ ،2016‬ض ‪.2019/2018‬‬

‫‪214‬‬
‫من خالل أحكام هذه المادة نالحظ على أن المشرع أوجب على المشغل الذي يعتزم‬
‫سلوك مسطرة التسريح الجماعي لألجراء أن يبلغ ذلك إلى مندوبي األجراء والممثلين‬
‫النقابيين بالمقاولة إذا لم يتجاوز عدد األجراء بالمقاولة خمسين أجيرا و إلى لجنة المقاولة‬
‫كلما تجاوز عدد األجراء العاملين بالمقاولة خمسين أجيرا‪ ،‬لكن في حالة عدم تواجد ممثلي‬
‫األجراء بالمقاولة‪ ،‬فقد نجد مجموعة من المقاوالت التي ينعدم فيها تواجد مؤسسة ممثلي‬
‫األجراء سواء كانوا مندوبي األجراء أو ممثلين نقابيين أو لجنة المقاولة‪ ،‬بالرغم من أن عدد‬
‫األجراء‪ ،‬العاملين فيها بصفة اعتيادية يفوق العشرات وقد يصل حتى الخمسين أجيرا ‪ ،‬كما‬
‫مرت على تأسيس المقاولة أكثر من سنتين أو أن عملية انتخابات مندوبي األجراء قد مرت‬
‫ولم يبقى على عملية انتخابات مندوبي األجراء إال أقل من ستة أشهر‪.459‬‬

‫إذا كيف تتم عملية الفصل ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية وإغالق المقاوالت‬
‫في غياب ممثلي األجراء مع العلم أن محضر المشاورات والتفاوض مع مندوبي األجراء‬
‫من الفصل‪ ،‬يعتبر من المرفقات و إلثباتات الضرورية الموجهة إلى المندوب اإلقليمي‬
‫المكلف بالشغل‪ ،‬وهذا األخير ملزم عليه بعد التحري في الموضوع‪ ،‬أن يوجه الملف إلى‬
‫أعضاء اللجنة اإلقليمية التي يرأسها عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬وهذا األخير بدوره يجب أن‬
‫يكون قراره معلال ومبنيا على الخالصات واالقتراحات التي توصلت إليها اللجنة اإلقليمية‪،‬‬
‫وعليه يبقى قرار الفصل مشوبا بعدم المشروعية لعيب في الشكل في حالة الطعن‪.‬‬

‫ثم كيف يتعامل المندوب اّإلقليمي المكلف مع هذه النازلة‪ ،‬في الوقت الذي تناط‬
‫باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل حسب المادة ‪ 232‬من مدونة الشغل السهر على تطبيق‬
‫األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل‪ ،‬مع إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل‬
‫بكل نقض أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها‪.‬‬

‫كما أن المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل أوجبت على المشغل أيضا استشارة والتفاوض مع‬
‫الهيئات التمثيلية السابق ذكرها من أجل تدارس اإلجراءات التي من شأنها أن تحول دون‬
‫الفصل أو تخفف من آثاره السلبية‪ ،‬بما فيها إمكانية إعادة االندماج في مناصب شغل أخرى‪،‬‬

‫‪ - 459‬راجع المادة ‪ 451‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫حيث يالحظ على أن هذا اإلجراء يكتسي أهمية بالغة ‪ ،‬إذ يهدف أساسا إلى خلق حوار بين‬
‫المشغل واألجراء للبحث عن الحلول الممكنة والتي من شأنها أن تحول دون الفصل‬
‫والمحافظة على استقرار الشغل‪ ،‬كما أنه يشكل كفالة للحماية الفعلية والقانونية للعمال في‬
‫مواجهة اإلنهاء وانعكاساته االجتماعية السلبية‪.‬‬

‫هكذا ففي الحاالت التي يصبح فيها الفصل ضرورة حتمية على الهيئات التمثيلية‬
‫لألجراء أن تنتب ه إلى االنعكاسات االجتماعية الناتجة عن الفصل‪ ،460‬وكذا تقديم اقتراحات‬
‫عملية تساعد على التخفيف من اآلثار السلبية للفصل‪ ،‬من قبيل التخفيض من عدد العمال‬
‫المهددين باإلعفاء‪ ،‬وكذا إعادة إدماج األجراء المفصولين في مناصب شغل أخرى‪ ،‬غير أن‬
‫هذه االقتراحات يقتضيان حصول الهيئات التمثيلية لألجراء على معلومات دقيقة بشأن‬
‫عدد األجراء الذين سيشملهم الفصل‪.‬‬

‫كما أن إعادة االندماج قد يقتضي تكوين وتأهيل األجراء المراد إدماجهم في مناصب‬
‫شغل أخرى حتى يتالءم معها وقد جعلت مدونة الشغل هذا التكوين من بين مهام لجنة‬
‫المقاولة‪.461‬‬

‫إال أن مدونة الشغل جعلت هذه المهمة قاصرة على مرحلة السير العادي للمقاولة ولم‬
‫تمددها إلى الفترات التي تعيش فيها المقاولة صعوبات اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية‬
‫فتقتضي إعفاء جزءا أو كل أجرائها‪.462‬‬

‫وهي النقطة التي كانت من بين النواقض التي اعترت مدونة الشغل‪ ،‬حيث أغفلت ما‬
‫يسمى بالتدابير المصاحبة‪.‬‬

‫إن من بين اإلشكاالت المرتبطة كذلك بمسطرة االستشارة والتفاوض هو أن أغلب‬


‫الهيئات التمثيلية لألجراء ليست في المستوى المطلوب لتقديم اقتراحات والتفاوض من‬
‫أجلها‪ ،‬حيث يتطلب ذلك التوفر على كفاءة تواصلية ومهنية عالية من ممثل األجراء وهذا ما‬

‫‪ - 460‬عبد القادر بوبكري‪ :‬مدى كفاية مسطرة الفصل ألسباب اقتصادية في حماية األجراء م س‪ ،‬ص‪.25-24 :‬‬
‫‪ - 461‬راجع المادة ‪ 466‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 462‬عبد القادر بوبكري‪ :‬مدى كفاية مسطرة الفصل ألسباب اقتصادية في حماية األجراء م س‪ ،‬ص‪.25 :‬‬

‫‪216‬‬
‫لم تشترطه مدونة الشغل في المرشحين لشغل منصب مندوبي األجراء أو عضو في‬
‫المقاولة‪.‬‬

‫ومن ثم كان من األجدر أن يشترط المشرع على كل من يريد أن يترشح لمنصب‬


‫مندوب األجراء‪ ،‬أال يكون أميا وال بأس أن يتوفر على مستوى تعليمي معين كما ينبغي‬
‫للدولة أن تفكر بجدية في إحداث مؤسسات ومراكز خاصة لتكوين ممثلي األجراء في‬
‫تقنيات التواصل والتفاوض والتشاور مع المشغلين باإلضافة إلى تلقينهم تكوينا خاصا في‬
‫‪463‬‬
‫ميدان العالقات المهنية‪.‬‬

‫وأمام عدم دراية الهيئات االستشارية بالمعلومات المقدمة لهم من طرف المشغل‬

‫ودقتها‪ ،‬فهل يجوز لهم اإلستعانة بخبراء اقتصاديين أو إجتماعيين؟‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل‪ ،‬نجدها لم تشر إلى إمكانية االستعانة‬
‫بالخبراء أو المستشارين أثناء إجراء التشاور بين ممثلي األجراء والمشغل مما يجعل حقوق‬
‫األجر اء على المحك‪ ،‬إذ أن المساس بها يصبح واردا أمام عدم دراية وكفاءة الهيئات‬
‫التمثيلية وغياب التنصيص التشريعي على إمكانية االستعانة بخبراء اقتصاديين أو‬
‫اجتماعيين‪.‬‬
‫وبخصوص الجانب الشكلي لمسطرة االستشارة والتفاوض‪ ،‬يالحظ على أن المدونة لم‬
‫تتحدث عن شكلية معينة‪ ،‬مما يجعل التساؤل حول الطريقة التي يستدعي بها المشغل هذه‬
‫الهيئات قصد إجراء التشاور والتفاوض‪ ،‬فهل استدعائهم يتم شفويا أو كتابيا؟ وهل يلزم‬
‫بإجراء عدد محدد من جلسات الحوار والتشاور؟ وهل من طريقة معينة إلدارة الحوار‬
‫والتشاور أثناء أداء المفاوضات‪.‬؟‪ 464‬كلها أسئلة لم تجب عنها المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل و‬
‫هذا على عكس المشرع الفرنسي الذي إشترط أن يتم استدعاء لجنة المقاولة أو مندوبي‬
‫المستخدمين عن طريق كتاب مضمون الوصول‪ ،‬وبالنسبة لعدد جلسات التشاور والتفاوض‬

‫‪ - 463‬عبد القادر ا لبوبكري‪ :‬مدى كفاية مسطرة الفصل ألسباب اقتصادية في حماية األجراء م س‪ ،‬ص‪.26 :‬‬
‫‪ - 464‬نبيل الكط‪ ،‬أثر التحوالت الالحقة بالمقاولة على وضعية األجراء أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2017/2016‬ص ‪.393‬‬

‫‪217‬‬
‫فقد حددها المشرع الفرنسي في اجتماعيين يتم في االجتماع األول دراسة آراء ومقترحات‬
‫الهيئات التمثيلية‪ ،‬ويتم استشارتهم بشأن مسطرة ترتيب األجراء‪ ،‬وفي اإلجتماع الثاني يتم‬
‫تحضير البيان الختامي الذي يتم إرساله إلى السلطة اإلدارية‪.‬‬

‫إن هذه اإلستشارة التي تتم بين المشغل والهيئات التمثيلية تعتبر فقط شكلية‪ ،465‬مادام‬

‫المشغل ال يكون ملزما بآراء الجهة التي يتم التشاور معها‪ ،‬خاصة وأن المشغل يرجح في‬

‫الغالب المحافظة على مصالح مؤسسته وضمان حسن السير الناجح لنشاطها‪.‬‬

‫وقد ختم المشرع المادة ‪ 66‬بضرورة تدوين نتائج المشاورات والمفاوضات في محضر‬

‫من قبل إدارة المقاولة‪ ،‬على أن يوقعه الطرفان وتسلم نسخة منه لمندوبي األجراء‪ ،‬كما‬

‫توجه نسخة إلى المندوب اإلقليمي للشغل‪.‬‬

‫إن هذه الفقرة األخيرة من المادة ‪ 66‬بدورها أثارت العديد من اإلشكاالت‪ ،‬حيث أن‬

‫المشرع ألزم المقاولة بتتويج سلسلة المفاوضات والمشاورات المجراة بين المشغل وممثلي‬

‫األجراء بتحرير محضر تدون فيه كافة النتائج المتوصل إليها‪ ،‬وبذلك فإن الجهة المكلفة‬

‫بعملية إعداد المحضر هي إدارة المقاولة دون غيرها‪ ،‬فممثلي األجراء ليست لهم صالحية‬

‫اإلشتراك في هذه العملية رغم كونهم طرف أصلي في سلسلة المفاوضات والمشاورات‪.466‬‬

‫كما ألزم المشرع ضرورة توقيع المحضر من الطرفين معا‪ ،‬إال أن التساؤل الذي يثار‬

‫هو ما مصير المحضر الذي يرفض ممثلوا األجراء التوقيع عليه؟‬

‫‪ - 465‬محمد سعيد جرندي‪ ،‬الدليل العملي لمدونة الشغل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.420‬‬
‫‪ - 466‬عبد القادر بوبكري‪ ،‬مدى كفاية مسطرة الفصل ألسباب إقتصادية في حماية األجراء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪218‬‬
‫إن عدم توقيع المحضر من طرف ممثلي األجراء يعتبر دليال على عدم موافقتهم‬

‫على مضمونه‪ ،‬مما يجعل التساؤل واردا حول إمكانية إعتماد هذا المحضر لمتابعة مسطرة‬

‫الفصل ألسباب إقتصادية رغم خلوه من توقيع أحد األطراف أم يتعين إجراء مشاورات‬

‫ومفاوضات جديدة؟ وهي المسائل التي لم تجب عنها مدونة الشغل‪.‬‬

‫كذلك يالحظ إبعاد مدونة الشغل للممثلين النقابيين كجهة يتعين تسليمها هي األخرى‬

‫نسخة من المحضر خصوصا إذا علمنا بأنهم طرف في عملية التفاوض والتشاور‪ ،‬وفي حالة‬

‫تواجدهم بالمقاولة‪ ،‬فليس من المعقول في شيء أن يشارك الممثلون النقابيون في سلسلة‬

‫المفاوضات والمشاورات دون تسليمهم نسخة من المحضر‪.467‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تعثر الدور الحمائي في المرحلة اإلدارية للفصل‬

‫إن المشغل الذي يرغب في سلوك مسطرة التسريح ألسباب إقتصادية‪ ،‬تكنولوجية أو‬

‫هيكلية‪ ،‬يجب عليه التقيد بمجموعة من اإلجراءات والمساطر ال تقتصر على المرحلة‬

‫التمهيدية والمتمثلة في مسطرة االستشارة والتفاوض و إنما تتجاوز ذلك إلى مرحلة إدارية‬

‫من خالل تقديم طلب إلى المندوب اإلقليمي للشغل الذي يعمل على دراسة الطلب‬

‫والتحري فيه تم توجيه إلى اللجنة اإلقليمية التي تعمل هي األخرى على دراسته لتتوج هذه‬

‫اإلجراءات بالحصول على إذن عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬إال أن ما يالحظ في ظل هذه‬

‫اإلجراءات اإلدارية أن المشرع قد عمل على تقزيم دور اللجنة اإلقليمية وجعل القرار األخير‬

‫و النهائي بيد رئيسها (أوال) كما أنه عمل على تقليص أجل البث في طلب اإلذن مقارنة‬

‫بتشريع الشغل السابق (ثانيا)‪.‬‬


‫‪ - 467‬عبد القادر بوبكري‪ ،‬مدى كفاية مسطرة الفصل ألسباب إقتصادية في حماية األجراء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪219‬‬
‫أوال‪ :‬تقزيم دور اللجنة اإلقليمية‬

‫بخالف تكوين اللجنة االقليمية في إطار تشريع الشغل السابق‪ ،‬حيث كان يغلب عليها‬

‫حضور طرف اإلدارة من خالل ضمها فقط‪ ،‬باإلضافة إلى العامل‪ ،‬مفتش الشغل وممثلين‬

‫إلدارات متعددة‪ ،‬مما جعل البعض يعتبر الفصل الجماعي للعمال يوجد بين يدي السلطة‬

‫اإلدارية التابعة لوزارة الداخلية التي تعمل على رئاسة اللجنة‪ ،‬والتي يطغى على قراراتها‬

‫الهاجس األمني قد عملت المدونة أخذه بعين االعتبار اإلنتقاد الموجه لموقف تشريع الشغل‬

‫السابق‪ ،‬على ضمان تمثيلية متوازنة لألطراف المعنية حين يوجد باإلضافة إلى الممثلين عن‬

‫الجهات اإلدارية المعنية تمثيلية متوازنة لطرفي اإلنتاج‪ ،‬اللهم ما يتعلق بتغييب التمثيلية‬
‫‪468‬‬
‫المنتخبة لألجراء مندوبي األجراء‬

‫فع لى الرغم من أن اللجنة اإلقليمية المشار إليها أعاله هي المكلفة بالتداول في شأن‬
‫طلبات فصل األجراء جزئيا أو كليا ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية واإلغالق‬
‫يرى أنه سواء في ظل تشريع الشغل‬ ‫‪469‬‬
‫االضطراري إال أن؟ أستاذنا محمد الشرقاني‬
‫السابق (مرسوم ‪ 14‬غشت ‪ )1967‬أو في ظل مدونة الشغل‪ ،‬ظلت السلطة العامة على‬
‫المستوى اإلقليمي هي المختصة في التداول بشأن طلب المشغل فصل األجراء كال أو بعضا‬
‫ألسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها واإلغالق‪.‬‬

‫كما أنه يرى إضافة إلى تكوين هذه اللجنة وحتى إذا كانت المقاولة و المشاورات حول‬
‫جدية و مصداقية طلب المشغل بالفصل الكلي أو الجزئي لألسباب المذكورة تتم طبعا بين‬
‫أعضاء اللجنة اإلقليمية بعد استنفاذ االستشارة بين المشغل وممثلي األجراء بالمقاولة‪،‬‬

‫‪ - 468‬نبيل الكط‪ :‬أثر التحوالت الالحقة بالمقاولة على وضعية األجراء م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.414 :‬‬
‫‪ - 469‬محمد الشرقاني‪ :‬النظام القانوني للمفاوضة الجماعية م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.208‬‬

‫‪220‬‬
‫فالمالحظ أن القرار األخير ي ظل لرئيس اللجنة الذي تعود إليه االستجابة للطلب أو رفضه من‬
‫‪470‬‬
‫خالل قرار إداري معلل ومبني على الخالفات واالقتراحات التي توصلت إليها اللجنة‬

‫هذا إضافة إلى أن المشرع حصر اختصاص اللجنة في اإلذن بالتسريح من عدمه على‬
‫عكس المشرع التونسي الذي وسع اختصاصاتها في إمكانية اقتراح ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬رفض الطلب مع التعليل‬


‫‪ -‬إمكانية توجيه نشاط المؤسسة نحو إنتاج جديد حسب ما تقتضيه الظروف‬
‫‪ -‬إيقاف ونشاط المقاولة جزئيا أو كليا‬
‫‪ -‬مراجعة شروط العمل كالتخفيض في عدد الفرق أو ساعات العمل‬
‫‪ -‬اإلحالة على التعاقد المبكر للعمال الذين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة‬
‫‪ -‬قبول طلب الطرد أو اإليقاف عن العمل مع التعليل وتراعي اللجنة في هذه الحالة‬
‫العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ ‬االختصاص والقيمة المهنية للعملة المعنيين‬
‫‪ ‬الحالة العائلية‬
‫‪ ‬األقدمية في المؤسسة‪.471‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقليص آجال البث في الطلب‬

‫تنص المادة ‪ 67‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ " :‬يتوقف فصل األجراء العاملين في‬
‫المقاوالت المشار إليها في المادة ‪ 66‬؟أعال‪ ،‬كال أو بعضا ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما‬
‫يماثلها أو ألسباب اقتصادية على إذن يسلمه عامل العمالة أو اإلقليم في أجل أقصاه شهران‬
‫من تاريخ تقديم الطلب من طرف المشغل إلى المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل‪...‬‬

‫يجب على المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل أن يجري كل األبحاث التي يعتبرها‬
‫ضرورية وأن يوجه الملف‪ ،‬داخل أجل ال يتعدى شهرا واحدا من تاريخ توصله بالطلب‪ ،‬إلى‬

‫‪ - 470‬نبيل الكط‪ :‬أثر التحوالت الالحقة بالمقاولة على وضعية األجراء م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.414 :‬‬
‫‪ - 471‬فريدة المحمودي‪ :‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل المغربي م س‪ ،‬ص‪.242 :‬‬

‫‪221‬‬
‫أعضاء لجنة إقليمية‪ ،‬يرأسها عامل العمالة أو اإلقليم لدراستها والبث فيها في األجل المحدد‬
‫أعاله"‪...‬‬

‫من خالل دراسة أحكام هاتين الفقرتين من المادة ‪ 67‬من مدونة الشغل يالحظ على أنها‬
‫قيدت سلطة المشغل في اتخاذ قرار فصل األجراء كليا أو جزئيا للعاملين في المقاوالت‬
‫المشار إليها في المادة ‪ ،66‬وجعلته متوقفا على حصوله على إذن من قبل عامل العمالة أو‬
‫اإلقليم خالل أجل ال يتجاوز شهرين‪.‬‬

‫إذا كان الفصل األول من مرسوم ‪ 08-1967-14‬لم يكن يستوجب أن يكون اإلذن‬
‫كتابيا‪ ،‬كما أن الفصل الثاني أكد على إمكانية الحصول على اإلذن الضمني‪ ،‬حيث كان ينص‬
‫على أنه في حالة " عدم الجواب في األجل المحدد يعتبر اإلغالق مأذونا فيه‪ ،‬فإن المادة ‪67‬‬
‫من المدونة أشارت إلى أن العامل "يجب أن يسلمه" أي اإلذن‪ ،‬مما يعني أن إمكانية اعتبار‬
‫اإلذن ضمنيا أصبحت مستبعدة‪ ،‬ذلك أنه ال يمكن تصور تسليم األدن دون أن يكون كتابيا كما‬
‫أن ضرورة جعل اإلذن كتابيا تقتضي أن يكون رفض اإلذن الذي يعتبر بال شك قرار إداريا‬
‫يكون سلبيا أن يكون معلال‪ ،‬وهو ما أكدت عليه الفقرة السادسة من المادة ‪ 67‬وتبعا لذك فإنه‬
‫يمكن لهذا القرار في حالة الرفض أن يكون محل الطعن باإللغاء أمام المحكمة اإلدارية‪.‬‬

‫كما أن تعليل هذا القرار يقتضي أن يتضمن األسس أو األسباب التي بني عليها مع‬
‫سرد مختلف الوقائع والتبريرات التي أسس عليها المشغل طلبه‪ ،‬فهو بمثابة حكم أو بناء‬
‫‪472‬‬
‫قانوني مكتمل األركان‬

‫والمالحظ أن المادة‪ 67‬سوت بين اإلعفاء الجزئي للعمال مع تعويضهم بغيرهم خالل‬
‫أجل ثمانية أيام ‪ ،‬إذ استمدت هذه المؤسسة في عملها ولو بصفة جزئية‪ /‬ما لم يكن تعويض‬
‫هؤالء العمال كان بهدف تشغيلهم للقيام بعمل مؤقت أو شغل ينجز في فصل معين‪.‬‬

‫‪ - 472‬محمد سعيد جرندي ‪ :‬الدليل العملي لمدونة الشغل م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.422 :‬‬

‫‪222‬‬
‫كما أن المدة التي يتعين على العامل أن يبث فيها حول طلب اإلذن‪ ،‬تم تقليصها إلى‬
‫شهرين فقط بعد ما كانت محددة في ثالثة أشهر في ظل المرسوم السابق‪ ،‬أو من شأن ذلك أن‬
‫يعجل بالبث في طلب اإلذن والتي قد يكون معه هذا االستعجال مساس بحقوق األجراء‪.‬‬

‫وال شك أن إلزامية كتابة اإلذن و تقليص مدة البث فيه سوف يفرصان على العامل أو‬
‫من ينوب عنه أن يتعامل مع طلبات الحصول على اإلذن بما يلزم من العناية والجدية ‪.473‬‬

‫لكن وانسجاما مع تقليص المدة الذي أقرتها المدونة‪ ،‬كان من الالزم ترك تقديم طلب‬
‫اإلذن إلى العامل أو من ينوب عنه مباشرة‪ ،‬غير أن المدونة نصت في الفقرة األولى من‬
‫المادة ‪ 67‬على أنه يتعين أن يقدم طلب اإلذن إلى المندوب اإلقليمي للشغل و من شأن ذلك‬
‫أن يساهم افي تطويل وتعقيد إجراءات هذه المسطرة حيث سوف يتخطى هذا الطلب‬
‫مرحلتين‪ ،‬مع أنه كان من الحسن اختصاره في مرحلة واحدة‪ ،‬غير أن الفقرة الرابعة وضعت‬
‫الغاية من ذلك حيث ألزمت المندوب اإلقليمي للشغل بأن يجري كل األبحاث التي يعتبرها‬
‫ضرورية وأن يوجه الملف داخل أجل ال يتعدى شهرا واحدا من تاريخ توصله بالطلب‪.‬‬

‫لكن المندوب المذكور أومن يكلفه بذلك من معاونيه‪ .‬هل يملك من الوسائل للقيام بهذه‬
‫األبحاث الخاصة إذا كان األمر يتعلق بمسألة تقنية تتطلب االستعانة بخبراء‪.‬‬

‫من خالل استعراض األحكام والفصول المنظمة لفصل األجراء ألسباب اقتصادية‬
‫تكنولوجية أو هيكلية‪ ،‬يالحظ على أنها تثير العديد من اإلشكاالت والتي من شأنها المساس‬
‫بالحقوق والضمانات المخولة لألجراء في مثل هذه المرحلة‪ ،‬وهو الشيء الذي كان من بين‬
‫األسباب التي تعوق تحقيق الحكامة في صلب مقتضيات مدونة الشغل ‪ ،‬والتي نأمل أن يعمل‬
‫المشرع على تجاوزها وتنظيمها بغية تحقيق الحكامة المنشودة‪.‬‬

‫‪ - 473‬محمد سعيد جرندي ‪ :‬الدليل العملي لمدونة الشغل م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪423 :‬‬

‫‪223‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫الشك أن رحلت البحت في موضوع الحكامة في قانون الشغل قد أسعفتنا في الوقوف‬
‫على مجموعة من المبادئ و األسس التي ضمنها المشرع في صلب مقتضيات مدونة الشغل‪،‬‬
‫و التي شكلت طابعا حكماتيا ‪ ،‬إذ حاول المشرع من خاللها التوفيق بين مصالح المشغلين و‬
‫حقوق األجراء عبر تكريس حماية و ضمانات قوية لفائدة األجراء و إقرار و تفعيل مبادئ‬
‫المرونة لفائدة المشغلين و ذلك ألجل ضمان إستمرارية المقاولة ‪ ،‬و هو ما يؤكد على نية‬
‫المشرع في عدم التضحية بحقوق طرف لفائدة الطرف اآلخر ‪ ،‬حيث حاول قدر اإلمكان‬
‫أن يضمن نوعا من التوازن بين المصالح المتعارضة لطرفي العالقة الشغلية‪.‬‬

‫و في إطار معالجة المقتضيات المتعلقة بالجانب الحمائي لألجير و التي شكلت العديد‬
‫منها المظهر األول من مظاهر الحكامة التي يقوم و يرتكز عليها قانون الشغل ‪ ،‬تبين لنا‬
‫أنها لم تقتصر على مجرد عالقات الشغل الفردية بل إن األمر تعدى ذلك ليقر المشرع‬
‫آليات للحكامة حتى في إطار عال قات الشغل الجماعية ‪ ،‬فبخصوص عالقات الشغل الفردية‬
‫فيالحظ على أن المشرع عمل على تسطير مجموعة من المقتضيات معتبرا إياها من‬
‫النظام العام تهدف باألساس إلى محاربة كل شكل من أشكال اإلعتداء على حقوق‬
‫األجراء سواء منها تلك الشخصية كحقه في اإلحتفاظ بإسمه الشخصي و حقه في الزواج‬
‫و حقه في إختيار مظهره ‪،‬أو لها إرتباط بظروف العمل كحق األجير في الصحة و‬
‫السالمة المهنية من خالل الحرص على نظافة أماكن العمل و طهارتها و الوقاية من‬
‫الحرائق و تدفئة و إضاءة أماكن الشغل و التخفيض من الضجيج و غيرها من الحقوق‪.‬‬

‫كذلك من بين الحقوق التي ضمنتها مدونة الشغل لفائدة األجراء و التي تعكس الجانب‬
‫الحكماتي نجد تحديد ساعات العمل ‪،‬إذ لم يعد مسموحا للمشغل تشغيل األجراء كيف شاء‬
‫و متى شاء و المدة التي يشاء إذ عمل المشرع على تحديد عدد ساعات الشغل السنوية‬
‫سواء في ال قطاع الفالحي أو غير الفالحي و ترك أمر توزيعها بإتفاق بين المشغل و األجير‬
‫‪،‬على أن ال تتجاوز عشر ساعات في اليوم ‪ .‬كما أقر المشرع حماية خاصة لألجر نظرا‬

‫‪224‬‬
‫لوظيفته اإلجتماعية و المعيشية لألجير وذلك بتحديد نسب خاصة للمقاصة تمنع كل حجز‬
‫كلي على أجر األجير و ذلك خروجا عن المبادئ العامة‪.‬‬

‫كما أنه وفي إطار تعزيز الحماية لألجراء نالحظ على أن المدونة جاءت بمقتضيات‬
‫خاصة ببعض الفئات من األجراء و التي ظلت مهمشة لسنوات عدة‪ ،‬والحديث هنا عن‬
‫المرأة األجيرة و األجير الحدث و االجير المعاق ‪ ،‬إذ زيادة على الحماية العامة فإن‬
‫المشرع أنصف هذه الفئات من خالل تخصيص بنوذ توفر لها حماية أكبر فالمرأة مثال‬
‫أصبح لها الحق في إستحقاق أجر مساو ألجر الرجل إذ تساوت قيمة العمل حيث عملت‬
‫المدونة على نبذ كل شكل من أشكال التميز القائم على أساس العرق أو اللون أو الحالة‬
‫العائلية ‪ ....‬كما وفرت لها حماية في إطار التدابير الخاصة باألمومة‪ ،‬ومنعت تشغيلها ليال‬
‫شأنها في ذلك شأن األجير الحدث و األجير المعاق‪.‬‬

‫باإلضافة إلى الحقوق السابق ذكرها أعاله ‪ ،‬يالحظ على أن المدونة أقرت كذلك‬
‫قواعد من شأنها ضمان إستقرار األجير في عمله‪ ،‬إذ إعتبرت أن كل تعديل في نوع الشغل‬
‫أو مكانه متى كان جوهريا و رفض معه األجير اإلمثتال لتعليمات مشغله بخصوص‬
‫التعديل فإن فصله في هذه الحالة يعتبر فصال تعسفيا ‪ ،‬كما أن تغير المركز القانوني‬
‫للمشغل ليس له أي أثر على عالقات الشغل القائمة‪ ،‬إذ تستمر هذه العالقة مع المشغل‬
‫الجديد ‪ ،‬و هذا يعكس الرؤيا الحكماتية التي طبعت مدونة الشغل ‪ .‬و في حالة إنهاء عقد‬
‫الشغل فإن المشرع واكب ذلك بالعديد من الضمانات من خالل تضييقه لسلطة المشغل‬
‫في اإلنهاء ‪ ،‬و من خالل إقرار العديد من الضمانات أثناء توقيع العقوبات التأديبية‪.‬‬

‫أما في إطار عالقات الشغل الجماعية فقد شكل الحوار اإلجتماعي مكانة هامة في‬
‫تنظيم العالقات المهنية بإعتبارها إحدى الركائز األساسية لتطويرها و تذليل الصعاب‬
‫التي تعوق قيام عالقات مثمرة بين طرفي اإلنتاج ‪ ،‬لهذا رسخت مدونة الشغل تقافة الحوار‬
‫بين أط راف اإلنتاج و عززت آليات التشاور بإحداث هيئات جديدة من قبيل مجلس‬
‫المفاوضة الجماعية و لجنة المقاولة ‪ ،‬و تعزيز القدرات التعاقدية لألطراف اإلجتماعية‬
‫للنهوض باإلتفاقيات الجماعية للشغل مع تعزيز دور و مكانة الفرقاء االجتماعيين‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫أما بالنسبة لمظاهر المرونة لفائدة المشغل و التي أقرها المشرع بغاية دعم و ضمان‬
‫إستمرارية المقاولة ‪ ،‬فتظهر من خالل التنظيم التشريعي لعقود الشغل و إقرار آليات لدعم‬
‫إستمرارية المقاولة‪.‬‬

‫فيما يخص التنظيم التشريعي لعقود الشغل فيثمثل من خالل تنظيمه لعقد الشغل‬
‫محدد المدة ‪ ،‬و إقرار حاالت متعددة إلمكانية إبرام عقود شغل محددة المدة‪ .‬و كذلك‬
‫تنظيمه لعقود الشغل المؤقتة ‪ ،‬أما اآلليات الداعمة إلستمرارية المقاولة فتظهر من خالل‬
‫إمكانية تقليص مدة الشغل ‪ ،‬و إمكانية التخفيض من األجر‪.‬‬

‫و بذلك نكون من خالل الفصل األول قد أبرزنا مختلف مظاهر الحكامة التي تصبو‬
‫إليها المدونة عبر بلورة المبادئ التي تقوم عليها و األهداف التي ترمي إليها ‪ ،‬و ذلك خدمة‬
‫إلقتصادنا الوطني و مساهمة في تطوير و تنظيم عالقات الشغل على اسس متينة و‬
‫متوازنة ‪ ،‬تحقيقا إلستثباب السلم اإلجتماعي بمختلف وحداتنا اإلنتاجية تحفيزا لإلسثتمار ‪،‬‬
‫سواء الوطني أو األجنبي ‪ ،‬مما يكون من شأنه اإلنعكاس اإليجابي على سوق الشغل ‪ ،‬و‬
‫إتاحة فرص العمل ‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فقد جاء معنونا بآليات تعزيز الحكامة و عوائق تفعيلها‪ ،‬حيث قمنا‬
‫بإستعراض مختلف اآلليات التي تسهم في تعزيز الحكامة في قانون الشغل ‪ ،‬و التي تنقسم‬
‫إلى آليات مؤسساتية و أخرى تمثيلية‪ .‬فيما يخص اآلليات المؤسساتية فقد إرتأينا أنها تتشكل‬
‫من ثالث مؤسسات و يتعلق األمر بجهاز تفتيش الشغل و طب الشغل ثم مؤسسة القضاء‬
‫اإلجتماعي‪ ،‬حيث بينا من خالل هذه الدراسة األهمية التي يحتلها جهاز تفتيش الشغل في‬
‫مراقبة و تطبيق أحكام قانون الشغل ‪ ،‬من خالل المهام و السلطات العديدة و المتنوعة‬
‫الممنوحة له‪ .‬أما جهاز القضاء اإلجتماعي فهو اآلخر يلعب دورا رياديا في إقرار أكبر‬
‫حماية لطرفي العالقة الشغلية‪ ،‬و ذلك من خالل المنازعات التي تعرض عليه ‪.‬‬

‫أما اآلليات التمثيلية فقد تجلت في النقابات المهنية والممثلون النقابيون ثم لجنة‬
‫المقاولة ‪ ،‬حيث أسهمت هذه الهيئات و المؤسسات في تعزيز الحكامة في قانون الشغل من‬

‫‪226‬‬
‫خالل الدفاع عن مصالح طرفي عالقة اإلنتاج ‪ ،‬و ذلك عبر آليات الحوار و التشاور و نبذ‬
‫كل أشكال العنف من خالل السمو بالمفاوضة الجماعية و اإلتفاقيات الجماعية للشغل‪.‬‬

‫إال أنه رغم كل ما ذكر أعاله من مظاهر و مزايا تترجم البعد الحكماتي الذي طبع‬
‫مقتضيات مدونة الشغل ‪ ،‬فإن هذه المقتضيات لم تكن بالمستوى المطلوب ‪ ،‬حيث تميزت‬
‫بعدة تغرات سواء قانونية او في إرتباط بالواقع العملي ‪ ،‬إذ شكلت عراقيل تحول دون‬
‫تحقيق الحكامة المنشودة ‪ .‬و هو األمر الذي حاولنا تبيانه من خالل تخصيص الفرع‬
‫االخير من هذه الدراسة لمعالجة عوائق تفعيل الحكامة في قانون الشغل ‪ ،‬حيث أكدنا أن هذه‬
‫العوائق منها ما يرتبط بمرحلة تنفيذ عقد الشغل و منها ما تجاوز ذلك ليصل مرحلة‬
‫إنهائه‪.‬‬

‫فيما يخص العوائق المرتبطة بمرحلة تنفيذ عقد الشغل فتثمثل في قصور القواعد‬
‫الضابطة ألسس و مبادئ الوقاية الصحية بالمقاولة من خالل تهميش التكوين في مجال‬
‫الصحة و السالمة المهنية ‪ ،‬و محدودية إجراءات التصدي للمخاطر المهنية ‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫محدودية دور األجهزة المتدخلة في سوق الشغل‪.‬‬

‫أما فيما يخص مرحلة إنهاء عقد الشغل فما يزال الواقع العملي يطرح العديد من‬
‫اإلشكاالت بشأن إنهاء عقود الشغل ‪ ،‬سواء كان هذا اإلنهاء فرديا أو جماعيا ؛ أي التسريح‬
‫ألسباب إقتصادية تكنواوجية أو هيكلية‪ .‬و أملنا أن يجد المشرع الوسائل و اآلليات الكفيلة‬
‫بتجاوز هذه اإلشكاالت لما من شأنها المساس بحقوق األطراف‪.‬‬

‫و في األخير ال يسعنا إال أن نضع بعض اإلقترحات ‪ ،‬التي نأمل أن يأخد بها‬
‫مشرعنا و التي نرى أنها كفيلة إلضفاء طابع حكماتي أكبر على مقتضيات قانون الشغل و‬
‫هي كاآلتي‪:‬‬

‫التنصيص التشريعي على حماية الحقوق الشخصية لألجير‪ ،‬حيث أن حماية‬ ‫‪-1‬‬
‫هذه الحقوق جاءت بصفة عامة من خالل المادة ‪ 9‬من مدونة الشغل وكان من المفروض‬

‫‪227‬‬
‫تخصيص شق م ن المدونة لمعالجة وتنظيم كل ما من شأنه المساس بالحقوق الشخصية‬
‫لألجير‪.‬‬
‫تعزيز آليات التتبع و المراقبة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫دعم تكوين األطر النقابية‬ ‫‪-3‬‬
‫تمكين جهاز تفتيش الشغل بالوسائل واآلليات الكفيلة بضمان تنفيذ أحكام قانون‬ ‫‪-4‬‬
‫الشغل‪.‬‬
‫تجاوز الخصاص الذي يطبع جهاز تفتيش الشغل‬ ‫‪-5‬‬
‫منح جهاز تفتيش الشغل الصفة الضبطية القضائية و توفير الحماية الالزمة‬ ‫‪-6‬‬
‫لهم اثناء القيام بواجبهم أمام اإلزدياد المتواصل في المؤسسات والمقاوالت ‪.‬‬
‫الرفع من الجزاءات المترتبة على مخالفة مضامين مدونة الشغل من طرف‬ ‫‪-7‬‬
‫المشغلين‪.‬‬
‫دعم وتقوية العالقة بين طبيب الشغل و طرفي اإلنتاج أي المشغل و‬ ‫‪-8‬‬
‫األجراء ‪ ،‬من خالل تجاوز النظرة الكالسيكية حول مؤسسة طب الشغل ‪.‬‬
‫التأكيد على الدور العالجي لمؤسسة طب الشغل ‪ ،‬وتجاوز اعتباره منحصرا‬ ‫‪-9‬‬
‫في حالة اإلستعجال‪.‬‬
‫إحداث جهاز متخصص للنظر في نزاعات إنهاء عقد الشغل قبل عرضها‬ ‫‪-10‬‬
‫على القضاء‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫الكتــب‪:‬‬
‫محدد بنحساين‪ ،‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مطبعة‪ ،‬تطوان‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫طبعة سلسلة دراسات معمقة األولى‪2015 ،‬‬
‫نادية النحلي ‪ ،‬الحق في الصحة بالوسط المهني في مدونة الشغل‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪‬‬
‫المبيت‪ ،‬الحي الصناعي الزهراء‪ ،‬الولحة‪ -‬سال الطبعة األولى‪2009 ،‬‬
‫وفاء جوهر‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب‪ ،‬عقد الشغل الفردي بين النظرية‬ ‫‪‬‬
‫والتطبيقية‪ ،‬مكتبة المعرفة‪ ،‬مراكش الطبعة األولى ‪2018‬‬
‫دنيا مباركة‪ ،‬قضايا مدونة الشغل‪ ،‬مطبعة المصارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫األولى ‪2016‬‬

‫عبد الكريم غالي‪ ،‬في القانون االجتماعي المغربي على ضوء مدونة الشغل‬ ‫‪‬‬
‫وأنظمة الحماية االجتماعية‪ ،‬وفي ظل المستجدات االقتصادية والتكنولوجية الحديثة‬
‫منشورات دار القلم‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪.2010‬‬
‫‪-‬عبد العزيز العتيقي‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي وفق مدونة الشغل‬ ‫‪1‬‬
‫‪‬‬
‫دون ذكر المطبعة والطبعة‪2012-2011 ،‬‬
‫‪-‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقة الشغل‬ ‫‪o‬‬
‫الفردية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪2001 ،‬‬
‫الحاج الكوري‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬دون ذكر المطبعة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫األولى ‪ 1999‬ميمون الوكيلي‪ :‬المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل ‪ ،‬الجزء‬
‫الثالث األثار القانونية‪ ،‬إلقرار مبدأ استقرار الشغل دراسة مقارنة مطبعة األمنية الرباط‬
‫الطبعة األولى السنة ‪2017‬‬
‫محمد الشرقاني‪ ،‬عالقات الشغل بين تشريع الشغل و مشروع مدونة الشغل‬ ‫‪‬‬
‫مطبعة القلم الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يناير ‪2003‬‬

‫‪229‬‬
‫مصطفى حتيتي ‪ :‬القانون االجتماعي‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية مطبعة سليكي‬ ‫‪‬‬
‫طنجة‪ ،‬الطبعة األولى ‪2006‬‬
‫عبد اللطيف خالقي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني عالقات الشغل‬ ‫‪‬‬
‫الجماعية المطبعة والوراقة الوطنية مراكش الطبعة األولى ‪2006‬‬
‫رأفت الدسوقي‪ :‬المفاوضة الجماعية في قانون العمل‪ ،‬دار الكتب القانونية‬ ‫‪‬‬
‫مصر‪ ،‬المجلة الكبرى ‪2003‬‬
‫عبد العزيز العتيقي‪ ،‬محمد الشرقاني‪ ،‬محمد القري اليوسفي" مدونة الشغل‬ ‫‪‬‬
‫مع تحليل ألهم المستجدات" مطبعة سجلماسة مكناس ‪،2010-2009‬‬
‫عبد الكريم الطالب‪ :‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ -‬دراسة في ضوء‬ ‫‪‬‬
‫مستجدات مسودة مشروع ‪ ،-2018‬مطبعة النج اح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة التاسعة‪،‬‬
‫يناير‬
‫‪2019‬‬ ‫‪‬‬
‫محمد سعيد بناني ‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫عالقات الشغل الفردية ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المجلد األول ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬طبعة يناير‬
‫‪2007‬‬
‫محمد سعيد بناني ‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫عالقات الشغل الفردية ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬طبعة يناير‬
‫‪2007‬‬
‫محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫عالقات الشغل الفردية ‪ ،‬الجزء الثالث‪ ، ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬طبعة يناير‪2009‬‬

‫‪230‬‬
‫الرسائل و األطروحات‪:‬‬
‫األطروحات‪:‬‬

‫عبد القادر بوبكري‪ ،‬حدود السلطة التأديبية للمشغل في ضوء مدونة الشغل‬ ‫‪‬‬
‫دراسة مقارنة ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية‪2013-2012 ،‬‬
‫محمد الدكي‪ :‬إنهاء عقد الشغل غير محد المدة في القانون المغربي‪ -‬أطروحة‬ ‫‪‬‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪2006 -2005‬‬
‫علي الصقلي‪ ،‬نزاعات الشغل الجماعية وطرق تسويتها السلمية في القانون‬ ‫‪‬‬
‫المغربي والمقارن‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الدولة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد بن‬
‫عبد هللا‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬فاس ‪،1989-1988‬‬
‫موالي البشير الشرفي‪ ،‬النظام القانوني لنزاعات الشغل الجماعية وفق مدونة‬ ‫‪‬‬
‫الشغل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪2009-2008‬‬
‫سميرة كميلي‪ ،‬القانون الجنائي للشغل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬ ‫‪‬‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية الدار البيضاء‪-2000 ،‬‬
‫‪،2001‬‬
‫عمار تيزاوي‪ ،‬مدونة الشغل والتنمية االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬أطروحة لنيل‬ ‫‪‬‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االجتماعية ‪،‬‬
‫الدار البيضاء السنة الجامعية ‪2007-2006‬‬
‫محمد الشرقاني ‪ :‬النظام القانوني للمفاوضة الجماعية‪ ،‬دراسة مقارنة‬ ‫‪‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية مراكش السنة الجامعية ‪2010-2009‬‬

‫‪231‬‬
‫فريدة المحمودي‪ :‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل‬ ‫‪‬‬
‫المغربي‪ ،،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‬
‫الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪2001-2000‬‬

‫الرسائل الجامعية‪:‬‬

‫أيوب العثماني‪ :‬الحقوق الشخصية لألجير أي حماية في عالقة الشغل‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة موالي اسماعيل ‪،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مكناس ‪،2015-2016 ،‬‬
‫عبد اللطيف النقاب‪ ،‬الحماية القانونية لحقوق األجراء الشخصية في القانون‬ ‫‪‬‬
‫المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية مراكش‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪،2011-2010 ،‬‬
‫‪ .‬طاووس مريم‪ :‬دراسة تقييمية لمدونة الشغل رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬ ‫‪‬‬
‫العليا المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال جامعة‬
‫محمد الخامس الرباط السنة الجامعية ‪2008-2007‬‬
‫حنان أسوان ‪ ،‬وضعية المرأة العاملة في ظل مدونة الشغل المغربية‪ ،‬رسالة‬ ‫‪‬‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية‬ ‫لنيل دبلوم الماستر في‬
‫واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪-‬الرباط ‪2012-2013‬‬
‫‪ -‬نوال الغرباوي " المرأة األجيرة بين مبدأ المساواة ومقتضيات الحماية‬ ‫‪‬‬
‫الخاصة في مدونة الشغل رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة موالي‬
‫اسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2010‬‬
‫‪2011‬‬
‫منى سرتاني‪ :‬الحماية القانونية لألم األجيرة في القانون االجتماعي المغربي‬ ‫‪‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة‬
‫الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء‪ ،‬عين الشق‬
‫السنة الجامعية ‪2008-2007‬‬

‫‪232‬‬
‫عزيز القيسومي‪ :‬الحماية الجنائية لحقوق األجراء على ضوء قانون الشغل‬ ‫‪‬‬
‫المغربي رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬السنة الجامعية ‪2011-2010‬‬
‫بريان المولود ‪ ،‬طبيب الشغل ( مهامه وحمايته)‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬ ‫‪‬‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬جامعة موالي اسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫مكناس السنة الجامعية ‪،2011-2010‬‬
‫‪ -1‬الحاج الكوري‪" :‬حماية األجور على ضوء سياسة التشغيل بالمغرب‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية اكدال‪1986 ،‬‬
‫أحمد إد الفقيه‪ ،‬إشكالية الشغل النسوي‪ ،‬وضعية المرأة العاملة في إطار‬ ‫‪‬‬
‫القانون اإلجتماعي‪ ،‬دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط ‪،1989‬‬
‫‪ -1‬عمرو بنعلي‪" :‬حظر التمييز ضد المرأة في مدونة الشغل –دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة السنة الجامعية ‪2009-2008‬‬
‫فاطمة خلوقي‪ :‬حماية األجير الحدث من خالل مدونة الشغل‪ ،‬تقرير لنيل دبلوم‬ ‫‪‬‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء عين الشق السنة الجامعية ‪2009/2008‬‬
‫غزالن حمادي‪ ،‬مرونة العالقة الشغلية بين ضمان مصالح المشغل وحماية‬ ‫‪‬‬
‫حقوق األجراء‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول كلية‬
‫العلوم القانونية واإلقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية ‪2012-2011‬‬
‫خالد بن هاشم‪ ،‬استقرار التعاقد في قانون الشغل‪ ،‬تقرير لنيل دبلوم الدراسات‬ ‫‪‬‬
‫العليا المعمقة‪ ،‬جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار‬
‫البيضاء السنة الجامعية ‪2007-2006‬‬

‫‪233‬‬
‫ابتسام الغرار‪ ،‬وضعية األجراء عند تغيير المركز القانوني للمشغل بحث لنيل‬ ‫‪‬‬
‫الماستر في العلوم القانونية جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية الرباط أكدال السنة الجامعية ‪،2009 -2008‬‬
‫محمد الشرقاني ‪ :‬مدى مشروعية اإلضراب العمالي بالمغرب رسالة لنيل‬ ‫‪‬‬
‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪1991-1990‬‬
‫محمد التباع ‪ :‬الضمانات القانونية لفصل األجراء في قانون الشغل المغربي‬ ‫‪‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية الرباط السويسي السنة الجامعية ‪2018-2017‬‬

‫خالد بن عالل‪ ،‬حدود السلطة التأديبية للمشغل رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬ ‫‪‬‬
‫العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية وجدة السنة الجامعية ‪.2006-2005‬‬
‫أيت فاسكي حنان‪ :‬اإلطار القانوني لسلطات المشغل رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪‬‬
‫الماسترفي القانون الخاص جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية مكناس ‪2008 -2007‬‬
‫رشيد الزعيم ‪:‬الفصل لخطأ جسيم في ضوء مدونة الشغل‪ .‬تقرير لنيل دبلوم‬ ‫‪‬‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء عين الشق‪2007-2006 ،‬‬
‫ليلى بل عافية‪ :‬جانب المرونة في عالقات الشغل وفق مدونة الشغل‪ ،‬بحث‬ ‫‪‬‬
‫لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ -‬الرباط السنة الجامعية ‪2008 -2007‬‬
‫محمد بوعزيز‪" :‬السلطة التأديبية لرئيس المؤسسة في قطاع الشغل الخاص‬ ‫‪‬‬
‫بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬الرباط السنة الجامعية ‪1984-1983‬‬

‫‪234‬‬
‫بوشريط عبد الصمد‪ ،‬دور طبيب الشغل في حفظ صحة وسالمة األجراء‬ ‫‪‬‬
‫داخل المقاولة تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني‪-‬عين الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء ‪-2008‬‬
‫‪،2009‬‬
‫أحمد تويس‪ ،‬دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪‬‬
‫دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية وجدة‪ ،‬وجدة ‪2009-2008‬‬
‫رشيد أكراوي‪ ،‬مظاهر البعد الجماعي لعالقات الشغل في مدونة الشغل بحث‬ ‫‪‬‬
‫لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مكناس السنة الجامعية ‪2012 – 2011‬‬

‫امحمد ماسي ‪ ،‬مفهوم النظام العام في قانون الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪‬‬
‫الخاص جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬ ‫في القانون‬ ‫الدراسات العليا‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية أكدال الرباط ‪.1985‬‬
‫إسماعيل سايسي حسني مفهوم الشرط األفضل لألجير في قانون الشغل‬ ‫‪‬‬
‫لنيل ماستر القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬ ‫رسالة‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية ‪2010-2009‬‬
‫محمد الدكي ‪ ،‬الصلح في نزاعات الشغل بين التشريع والقضاء‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪‬‬
‫دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2009-2008‬‬
‫رشيد الشافعي‪ :‬القضاء وقصور مدونة الشغل نزاعات الشغل الفردية نموذجا‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ‪2017/20/5‬‬
‫حسن صغيري‪ :‬فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ -‬أكدال‪2006-2005 -‬‬

‫‪235‬‬
‫أسماء بن عيسى‪ :‬إشكالية الرقابة على فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو‬ ‫‪‬‬
‫هيكلية أو إقصادية على ضوء العمل القضائي المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية –السويسي‪،2007-2008 -‬‬
‫محسن أماني‪ :‬الممثل النقابي في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪‬‬
‫الماستر في القانون الخاص جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪2009-2010- ،‬‬
‫سومية السرحاني ‪ :‬الحقوق األساسية لإلجراء بين القانون الدولي و التشريع‬ ‫‪‬‬
‫المقارن‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية –سال ‪2015-2016 -‬‬
‫مفيد المكي‪ :‬مضاهر حماية المشغل في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪‬‬
‫الماستر في القانون الخاص جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪2011-2010- ،‬‬
‫بلخيري نور الدين‪ :‬مرض األجير‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬ ‫‪‬‬
‫الخاص جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪- ،‬‬
‫‪.2012-2013‬‬

‫المقاالت‪:‬‬
‫محمد الداودي‪ :‬قراءة نقدية لمدونة الشغل بعد عشر سنوات من صدورها‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مجلة القانون واإلقتصاد العدد ‪2015 ’14‬‬

‫ماء العينين الشيخ الكبير‪ :‬دور الحكامة الجيدة في تحقيق التنمية البشرية‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫دراسة في النموذج المغربي‪-‬مقال منشور بكتاب الحكامة الجيدة بالمغرب‪ ،‬مطبعة طوب‬
‫بريس –الرباط الطبعة األولى ‪ 2013 ،‬ص‪68‬‬

‫‪236‬‬
‫سعيد أصيل‪ :‬الحكامة الجيدة بين المتغيرات الدولية والمتطلبات الوطنية‪ .‬مقال‬ ‫‪‬‬
‫منشور بكتاب الحكامة الجيدة بالمغرب‪ ،‬مطبعة طوب بريس –الرباط الطبعة األولى ‪،‬‬
‫‪2013‬‬
‫محمد بنحساين‪" :‬حق األجير في إختيار مظهره"‪ ،‬المجلة المغربية إلدارة‬ ‫‪‬‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ 58 -57‬السنة يوليوز‪ -‬اكتوبر ‪2004‬‬
‫إدريس فجر‪ ،‬تعليق على شرط عدم الزواج في عقد العمل بين الشرعية‬ ‫‪‬‬
‫والمشروعية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية عدد ‪.55‬‬
‫طه لعبيد‪ ،‬الحماية القانونية لألجر في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫الفقه والقانون‪ ،‬العدد الرابع‪2013 ،‬‬
‫عبد الرحمان هموش المساواة بين الجنسين في الحق في العمل واستحقاق‬ ‫‪‬‬
‫األجر بين الطموح التشريعي وإكراهات الواقع العملي‪ ،‬مجلة المنبر القانوني عدد مزدوج‬
‫‪2018 ،13-14‬‬
‫نادية النحلي‪ :‬سمات التنظيم القانوني لعمل المرأة في قانون الشغل المغربي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مجلة القانوني المغربي‪ ،‬العدد ‪2009-13‬‬
‫عبد المغيت جراز‪ ،‬حظر التمييز ضد المرأة في سوق الشغل من خالل‬ ‫‪‬‬
‫المواثيق الدولية والقوانين الوطنية ‪-‬دراسة مقارنة‪ -‬مجلة القضاء المدني‪ ،‬العدد ‪،11‬‬
‫المنازعات االجتماعية‪ ،‬الجزء األول‪2016 ،‬‬
‫دنيا مباركة‪ ،‬النظام الحمائي للمرأة العاملة في التشريع االجتماعي المغربي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مجلة المناهج‪ ،‬العدد ‪ ،1‬سنة‪2001‬‬

‫فريدة اليوموري‪ :‬إشكالية تعديل عقد الشغل بين الفقه وموقف القضاء‪ ،‬المجلة‬ ‫‪‬‬
‫المغربية لقانون األعمال والمقاوالت عدد ‪ 18 -17‬يناير يونيو ‪،2017‬‬
‫دنيا مباركة‪ ،‬مبدأ استقرار الشغل في ظل التشريع الحالي ومدونة الشغل رقم‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،99 -15‬المجلة المغربية القتصاد القانون العدد الثامن‪ ،‬السنة ‪2003‬‬
‫حسن هروش‪ ،‬الرقابة القضائية على مسطرة اإلستماع لألجير‪ -‬مجلة المحاكم‬ ‫‪‬‬
‫المغربية العدد ‪ 62‬نونبر ‪ /‬دجنبر ‪2018‬‬

‫‪237‬‬
‫بشرى العلوي‪ ،‬الطرق البديلة لحل نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬مقال منشور‬ ‫‪‬‬
‫بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 108‬ماي ‪ /‬يونيو ‪.،2007‬‬
‫يوسف حنان ‪ ،‬المصالحة لفض نزاعات الشغل الجماعية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫العلوم القانونية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬ماي‪،2013 ،‬‬
‫محمد برحيلي ‪ ،‬مسطرة الفصل التأديبي على ضوء قرارات محكمة النقض‬ ‫‪‬‬
‫مجلة المناظر‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 20/19‬شتنبر ‪2017‬‬
‫عبد هللا درميش‪ ،‬التحكيم في نزاعات الشغل‪ ،‬مجلة المحاكم‪ ،‬عدد ‪ 84‬شتنبر ‪/‬‬ ‫‪‬‬
‫أكتوبر ‪2000‬‬
‫عبد الجبار الشجعي‪ ،‬عقد الشغل محدد المدة‪ ،‬مجلة المرافعة‪ ،‬العدد ‪ 32‬ماي‬ ‫‪‬‬
‫‪،1993‬‬
‫الزهرة أنور‪ :‬المشغل بين السلطة التأديبية والرقابة القضائية‪ ،‬المجلة المغربية‬ ‫‪‬‬
‫للحكامة القانونية‪ ،‬عدد مزدوج ‪2018 ،4-3‬‬

‫رشيدة أحفوظ‪" :‬مسطرة اإلنهاء والتعويض"‪ ،‬مقال منشور بندوة مدونة الشغل‬ ‫‪‬‬
‫بعد سنتين من التطبيق‪ ،‬سلسلة الندوات واللقاءات واأليام الدراسية العدد ‪.،2007 ،-‬‬
‫محمد الكوهن‪ :‬اإلشكاالت المثارة بخصوص الفصل التأديبي"‪ ،‬مقال منسور‬ ‫‪‬‬
‫بندوة مدونة الشغل بين سنتين من التطبيق‪ ،‬سلسلة اللقاءات والندوات واأليام الدراسية العدد‬
‫‪2007 ،9‬‬
‫بالل العشري‪ :‬مستجدات مدونة الشغل في إطار إنهاء عقود الخدمة‪ ،‬مقال‬ ‫‪‬‬
‫منشور بالندوة الجهوية التاسعة حول عقود العمل والمنازعات االجتماعية من خالل قرارات‬
‫المجلس األعلى ‪2007-‬‬
‫محمد طارق‪ ،‬الوظيفة الرقابية لمفتش الشغل‪ ،‬مجلة القانون المغربي العدد ‪22‬‬ ‫‪‬‬
‫يناير ‪2014‬‬
‫محمد الدكي‪ :‬تأمالت في نظام تفتيش الشغل‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬العدد السادس‬ ‫‪‬‬
‫شتنبر ‪2003‬‬

‫‪238‬‬
‫المصطفى طايل‪ ،‬أهمية جهاز تفتيش الشغل في القانون الجنائي للشغل‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫القضاء المدني‪ ،‬دون ذكر العدد‪2016 ،‬‬

‫عبد اللطيف خالقي‪ ،‬مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية‬ ‫‪‬‬
‫اإلمكانيات المجلة المغربية لإلقتصاد والقانون المقارن‪ ،‬عدد ‪ 22‬سنة ‪.1994‬‬
‫محمد الشرقاني‪ ،‬المالحظات واإلقتراحات المطروحة بشأن إصالح نظام‬ ‫‪‬‬
‫تفتيش مؤسسات الشغل‪ ،‬المجلة المغربية لإلقتصاد والقانون عدد ‪ 22‬سنة ‪.،1994‬‬
‫محمد شهبون‪ :‬دور القضاء االجتماعي في قضايا الطرد التعسفي‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫محاكمة‪ ،‬العدد ‪ 3‬أكتوبر‪-‬دجنبر ‪2007‬‬
‫صالح الدين ضضوش‪ :‬بعض اإلشكاليات التي تثيرها مدونة الشغل على‬ ‫‪‬‬
‫ضوء العمل القضائي‪ ،‬مجلة المحامي‪ ،‬عدد ‪ ، 68‬سنة ‪.2017‬‬
‫عبد القادر بوبكري‪ ،‬مدى كفاية مسطرة الفصل ألسباب اقتصادية في حماية‬ ‫‪‬‬
‫األجراء مجلة الحقوق‪ ،‬عالقات الشغل االردية والجماعية‪ ،‬العدد ‪ 20‬السنة ‪.2017‬‬
‫رشيدة أحفوظ‪" :‬مسطرة اإلنهاء والتعويض"‪ ،‬مقال منشور بندوة مدونة الشغل بعد ‪‬‬
‫سنتين من التطبيق‪ ،‬سلسلة الندوات واللقاءات واأليام الدراسية العدد ‪ ،2007 ،-‬ص‪:‬‬
‫‪166.‬‬
‫‪ - ‬محمد الكوهن‪ :‬اإلشكاالت المثارة بخصوص الفصل التأديبي"‪ ،‬مقال منسور بندوة‬
‫مدونة الشغل بين سنتين من التطبيق‪ ،‬سلسلة اللقاءات والندوات واأليام الدراسية العدد‬
‫‪2007 ،9‬‬

‫المراجع باللغة الفرنسة‪:‬‬


‫‪LES OUVRAGE:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪Oliver de Tissot, droit fondamental du salarié et nécessité‬‬


‫‪de son emploi, colloque, C.I.J libre justice, travail libertés et vie‬‬
‫‪professionnelle du salaire, gazette du palais 1996, 2éme année, n 6‬‬

‫‪239‬‬
 bouchra nadir, l’essentiel du droit du travail marocain,
editions et inpression bouryry A laoujine Hassan, rabat, premiere
édition, 2012
 Jean-Luc KAEHL. Droit Du Travail Et Droit Et Social.
Edition Marketing 1994
 Mohamed tadli, la réforme de la législation sociale au
Maroc, Imprimerie elmaarif El-Jadida-rabat 2000
 LES ARTICLES:
 pierre koyser, les droits de la personnalité aspects
théorique et pratique, revue trimestrielles de droit civil 1991
 jean Savetier, « condition de licéité d’une licenciement
pour port de voile islamique : Edition, technique et économique,
revue droit social, N4 avril 2004
 (J.F) LESARO. La notion du transfert d’entreprise revu de
droit social N° 7/8.2005
o LAHCEN OUHMANE « les agences privées d’emploi
tempraire, une « prouesse » du nauveau code du travail marocain,
revue trinestrislle du droit commercial et des affaires. N° 2, 2006
 Madeline AMOUROUX : les services médicausc
d’entreprise Umilever, Dr.soc. N 718, juillet, aout 1987

:‫الندوات‬
،‫ " مدونة الشغل بعد مرور عشر سنوات من صدورها‬:‫المناظرة الوطنية‬
‫ تقرير الورشة األولى المتعلقة ب‬:"‫بين متطلبات التنمية االقتصادية و ضمان العمل الالئق‬
"‫" مدونة الشغل و عالقات الشغل الفردية‬

240
‫المناظرة الوطنية‪ " :‬مدونة الشغل بعد مرور عشر سنوات من صدورها‪،‬‬
‫بين متطلبات التنمية االقتصادية و ضمان العمل الالئق"‪ :‬تقرير الورشة الثانية المتعلقة ب‬
‫" حكامة سوق الشغل"‬
‫المناظرة الوطنية‪ " :‬مدونة الشغل بعد مرور عشر سنوات من صدورها‪،‬‬
‫بين متطلبات التنمية االقتصادية و ضمان العمل الالئق"‪ :‬تقرير الورشة الثالثة المتعلقة‬
‫ب " مدونة الشغل و ظروف العمل ‪ :‬مدة العمل و الصحة و السالمة في العمل"‬
‫المناظرة الوطنية‪ " :‬مدونة الشغل بعد مرور عشر سنوات من صدورها‪،‬‬
‫بين متطلبات التنمية االقتصادية و ضمان العمل الالئق"‪ :‬تقرير الورشة الرابعة المتعلقة‬
‫ب " العالقات الجماعية للشغل و آليات إعمال و تطبيق مدونة الشغل"‪.‬‬
‫ندوة مدونة الشغل بعد سنتين من التطبيق ‪ ،‬نظمتها وزارة العدل بتعاون مع‬
‫وزارة التشغيل و التكوين المهني سنة ‪.2007‬‬

‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫مدونة الشغل المغربية ‪ ،‬القانون رقم ‪ 99-65‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬شتنبر‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،2003‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد‪ 5167‬بتاريخ ‪ 8‬دجنبر ‪.2003‬‬
‫قانون االلتزامات والعقود المغربي الصادر بتاريخ ‪ 12‬غشت ‪.1913‬‬ ‫‪‬‬
‫القانون الجنائي المغربي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪241‬‬
‫الفهـــرس‪:‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫الفصل االول‪ :‬مظاهر الحكامة في قانون الشغل ‪16..........................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حماية األجير مظهر للحكامة ‪17.............................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مظاهر البعد الحمائي في إطار عالقات الشغل الفردية ‪18.................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحقوق الشخصية لألجراء وتكريس اإلنصاف لبعض الفئات الخاصة ‪19.................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حماية الحقوق الشخصية لألجير ‪19.........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الحقوق الشخصية ذات الصلة بالحياة الخاصة لألجير ‪20............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحقوق ذات الصلة بظروف العمل ‪32..........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إنصاف بعض الفئات الخاصة في قانون الشغل ‪44..........................................‬‬
‫أوال‪ :‬الحماية الخاصة بالمرأة األجيرة ‪45....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية األجير الحدث واألجير المعاق في قانون الشغل ‪55............................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضمانات االستقرار في الشغل وإنهائه ‪59...................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضمانات االستقرار في الشغل‪59............................................................ .‬‬
‫أوال‪ :‬تعديل شروط تنفيذ العقد وأثره على استقرار عقد الشغل ‪59..........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬استمرار العالقة الشغلية عند تغيير المركز القانوني للمشغل ‪65.....................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمانات إنهاء عقد الشغل ‪69.................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تضيق نطاق سلطة المشغل في اإلنهاء ‪70.............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضمانات توقيع العقوبات التأديبية ‪76..................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعزيز الحماية في إطار عالقات الشغل الجماعية ‪81.......................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحوار االجتماعي آلية لتكريس الحكامة ‪81.................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المفاوضة الجماعية مظهر من مظاهر الحوار اإلجتماعي ‪82..............................‬‬
‫أوال‪ :‬مسطرة المفاوضة الجماعية ‪82.........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية المفاوضة الجماعية ‪84..........................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االتفاقية الجماعية كهدف من أهداف الحوار االجتماعي ‪86................................‬‬
‫أوال‪ :‬شروط إبرام اتفاقية الشغل الجماعية وأهميتها‪86.................................................... .‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار اتفاقية الشغل الجماعية ‪91........................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فعالية الوسائل السلمية في حل نزاعات الشغل الجماعية ‪94..............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬هيئات التسوية السلمية لنزاعات الشغل الجماعية ‪95.......................................‬‬

‫‪242‬‬
‫أوال‪ :‬تقسيم هيئات التسوية السلمية لنزاعات الشغل الجماعية ‪95..........................................‬‬
‫ثانيا‪ .‬صالحيات هيئات التسوية لنزاعات الشغل الجماعية ‪97...............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الوسائل السلمية لحل نزاعات الشغل الجماعية ‪99..........................................‬‬
‫أوال‪ :‬المصالحة في نزاعات الشغل الجماعية ‪99.............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية ‪104.............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تكريس المرونة لفائدة المشغل تفعيل لمبادئ الحكامة‪107..................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التنظيم التشريعي لعقود الشغل آلية لدعم المرونة ‪107....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مرونة تنظيم عقود الشغل المحددة المدة ‪108...............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عقود الشغل محددة المدة آلية لخدمة سياسة التشغيل ‪108................................‬‬
‫أوال‪ :‬إستجابة عقود الشغل محددة المدة لحاجيات المقاوالت ‪109..........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬عقود الشغل المحددة المدة وسيلة لولوج عالم الشغل ‪110..........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحاالت الفضفاضة لعقود الشغل محددة المدة ‪111.........................................‬‬
‫أوال‪ :‬حاالت عقد الشغل المحدد المدة المقررة بنص تشريعي ‪111.........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حاالت عقد الشغل المحدد المدة المقرر بنص تنظيمي أو إتفاقية جماعية ‪115......................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عقود الشغل المؤقتة ومرونة التشغيل ‪116.................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬توسيع نطاق التشغيل المؤقت ‪117...........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬حاالت اللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت ‪117.....................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإللتزامات الملقاة على أطراف عالقة التشغيل المؤقت ‪120..........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مقاوالت التشغيل المؤقت ومظاهر إستقرار الشغل ‪121....................................‬‬
‫أوال‪ :‬كتابة عقد الشغل المؤقت ‪121..........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحديد حاالت حصرية للجوء إلى عقود الشغل المؤقتة ‪122..........................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬حاالت منع اللجوء إلى مقاوالت التشغيل المؤقت ‪123................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مرونة اآلليات الداعمة إلستمرارية المقاولة ‪125..........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مرونة آليات تنفيذ عقد الشغل ‪126..........................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إمكانية تقليص مدة الشغل ‪126..............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬األسباب المبررة للتقليص من مدة الشغل ‪127.........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدة التقليص ‪128.......................................................................................‬‬
‫‪ :2‬مدة التقليص التي تقتضي إذن عامل العمالة أو اإلقليم ‪130............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية اإلنتقاص من األجر ‪131.............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬حاالت حصول األجير على أقل من أجره العادي ‪132.................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حاالت حصول األجير على أقل من الحد األدنى لألجر ‪133...........................................‬‬

‫‪243‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مرونة آليات إنهاء عقد الشغل ‪134.........................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المرونة على مستوى مساطر اإلنهاء ‪135..................................................‬‬
‫أوال‪ :‬اإلنهاء المبستر لعقد الشغل محدد المدة ‪135..........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق المشغل في فصل األجير المرتكب ألخطاء غير جسيمة متعاقبة ‪136............................‬‬
‫ثالثا‪ :‬الالئحة المفتوحة لألخطاء الجسيمة ‪138..............................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬تقليص أجل الطعن في مقرر الفصل ‪139.............................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬إمكانية عدم تنفيذ الحكم القاضي باإلرجاع ‪140....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المرونة على مستوى التعويضات ‪141......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬األجر المعتمد الحتساب التعويضات ‪141...............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الضمانات المخولة للمشغل خالل مرحلة إستخالص التعويضات ‪143................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آليات تعزيز الحكامة وعوائق تفعيلها في قانون الشغل ‪145...............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬آليات تعزيز الحكامة في قانون الشغل ‪146...................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اآلليات المؤسساتية ‪147.....................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور مفتشية وطبيب الشغل في تعزيز الحكامة ‪147.........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفتشية الشغل آلية إلقرار الحكامة ‪148.....................................................‬‬
‫أوال‪ :‬إختصاصات مفتشية الشغل ‪148........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬سلطات أعوان التفتيش ‪152............................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مؤسسة طبيب الشغل وآليات رقابتها ‪156...................................................‬‬
‫أوال‪ :‬صالحيات مؤسسة طبيب الشغل ‪156...................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬آليات رقابة مؤسسة طب الشغل ‪159..................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور مؤسسة القضاء االجتماعي في بلورة الحكامة ‪162..................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬فعالية المسطرة القضائية في المادة االجتماعية ‪162.......................................‬‬
‫أوال‪ :‬إجبارية إجراء محاولة الصلح ‪163.....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المساعدة القضائية وشمول األحكام االجتماعية بالنفاذ المعجل ‪164.................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرقابة القضائية آلية حمائيةا ‪166...........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابة القضائية على الفصل الفردي ‪166.............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرقابة القضائية على الفصل الجماعي ‪169...........................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اآلليات التمثيلية ‪173........................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النقابات المهنية آلية لتكريس السلم االجتماعي ‪173.......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬النقابة المهنية كطرف في المفاوضة الجماعية ‪174........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬النقابة المهنية كطرف في االتفاقيات الجماعية ‪176........................................‬‬

‫‪244‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬لجنة المقاولة والممثلون النقابيون ‪178....................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬لجنة المقاولة ‪178............................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تكوين لجنة المقاولة ‪179...............................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬صالحيات لجنة المقاولة ‪181...........................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الممثلون النقابيون ‪183.......................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬شروط تعيين الممثل النقابي ‪183.......................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬صالحيات الممثل النقابي ‪185..........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عوائق تفعيل الحكامة في قانون الشغل ‪188.................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬العوائق المرتبطة بمرحلة تنفيذ عقد الشغل ‪189............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬قصور القواعد الضابطة ألسس ومبادئ الوقاية الصحية بالمقاولة ‪189..................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تهميش التكوين في مجال الصحة والسالمة المهنية ‪190..................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬محدودية إجراءات التصدي للمخاطر المهنية ‪193..........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬محدودية دور األجهزة المتدخلة في سوق الشغل ‪194.....................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حدود تدخل جهاز مفتشية الشغل ‪194.......................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تغييب دور مؤسسة طب الشغل ‪198........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬عالقة طبيب الشغل بأرباب العمل ‪199.................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬عالقة طبيب الشغل باألجراء ‪200......................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العوائق المرتبطة بمرحلة إنهاء عقد الشغل ‪202..........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعتر الدور الحمائي للمقتضيات المنظمة للفصل غير المشروع ‪203......................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عدم إقرار جهاز متخصص للنظر في نزاعات إنهاء عقد الشغل ‪203......................‬‬
‫_إقرار لجنة إنهاء خدمة العمال ‪203.........................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تكريس قانون الشغل لعدة إشكاالت مرتبطة بإنهاء عقد الشغل ‪204.......................‬‬
‫أوال‪ :‬مسطرة الفصل والنظام العام ‪204......................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلشكال المتعلق ببداية احتساب أجل ‪ 8‬أيام‪206......................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلشكال المرتبط بتطبيق الفقرة الثالثة من المادة ‪ 62‬من م‪.‬ش ‪207................................‬‬
‫رابعا‪ :‬اإلشكال المتعلق بإبالغ األجير بمقرر الفصل ‪208....................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬اإلشكال المتعلق بالتوقيف االحترازي أو التحفظي لألجير ‪210....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قصور الحماية التشريعية في مواجهة التشريع ألسباب اقتصادية تكنولوجية وهيكلية‬
‫‪212............................................................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قصور الحماية في المرحلة التمهيدية للفصل ‪212..........................................‬‬
‫أوال‪ :‬تضييق نطاق تطبيق المسطرة ‪213....................................................................‬‬

‫‪245‬‬
‫ثانيا‪ :‬عقم مسطرة اٌستشارة والتفاوض ‪214.................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تعثر الدور الحمائي في المرحلة اإلدارية للفصل ‪219.......................................‬‬
‫أوال‪ :‬تقزيم دور اللجنة اإلقليمية ‪220.........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقليص آجال البث في الطلب ‪221......................................................................‬‬
‫الخاتمة‪224................................................................................................... :‬‬
‫الئحة المراجع‪229........................................................................................... :‬‬

‫‪246‬‬
‫انتهى حبمد اهلل وتوفيقه‬

‫‪247‬‬
‫ عدد) من السلسلة‬51( ‫رابط حتميل مجيع األعداد السابقة‬
https://allbahit.blogspot.com/search/label/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%
20%D8%A3%D8%A8%D8%AD%D8%A7%D8%AB%20%D9%82%D8%A7%D9%86%D9
%88%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D9%8A%D
8%A9%20%D9%85%D8%B9%D9%85%D9%82%D8%A9

248
‫سلسلة أبحاث قانونية جامعية معمقة‬

‫منشورات‪:‬‬

‫مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬


‫أصل هذا العمل – رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‬
‫تقديم‪ :‬األستاذ محمد القاسمي‬

‫‪249‬‬

You might also like