Professional Documents
Culture Documents
إن إدارة المؤسسة وتنظيم ظروف العمل بها هي من أنظار صاحب العمل الذي
يتمتع بسلطة واسعة في مراقبة العمال وتوزيع مراكز العمل وتحديد األصناف
المهنية للعمال بالمؤسسة وله سلطة نقل العملة من مكان إلى أخر في المؤسسة
وضبط أوقات العمل والساعات اإلضافية واألجازات وأيام الراحة األسبوعية
والترقية,ولئن مكن المشرع اللجنة االستشارية إعطاء رأيها في بعض المسائل إال
أن دورها ليس إال استشاريا وغير ملزم للمؤجر الذي يبقى المسؤول الوحيد عن
إدارة المؤسسة وتنظيم ظروف العمل بها كما أن المشرع حمل العديد من
االلتزامات< على المؤجر المطالب باحترامها والتقيد بها وهدف ذلك هو المحافظة
على كيان المؤسسة بوصفها وحدة إنتاج وتنمية وموردا للرزق.
واالنصراف عن احترام هذه االلتزامات واإلخالل بها يعتبر خطأ من جانب
المؤجر وقد يؤدي إلى تتبعه جزائيا أو مدنيا.
فالمؤجر مطالب باحترام أحكام التشغيل بحكم أنها تهم النظام العام من ذلك انه
ملزم بتهيئة محل العمل واالعتناء بنظافته وتوفير كافة وسائل الوقاية الصحية
والسالمة المهنية عند انجاز العمل (فصل 75من مجلة الشغل)كما انه مطالب
باتخاذ كافة التدابير لسالمة العامل ضد األخطار التي يمكن أن تتعرض لها
صحته في كافة المحالت< بصفة عامة وبالخصوص في المحالت< الخطرة والمخلة
بالصحة إلى جانب العديد من االلتزامات األخرى التي ال ضرورة لتعدادها في
هذا المجال.
وقد اسند المشرع إلى أعوان إداريين منتمين لتفقدية الشغل مهمة مراقبة السهر
على تطبيق األحكام القانونية والترتيبية لقانون الشغل كما اسند هذا االختصاص
إلى وزارات أخرى في مجاالت معينة كالوزارة المكلفة بالبيئة بالنسبة للمؤسسات
الخطرة والمضرة بالصحة أو وزارة الصناعة أو الصحة العمومية(األخطار
الناتجة عن مصادر اإلشعاع )وكذلك إلى أعوان الشرطة و الحرس
الوطني(الفصل< 187
من مجلة الشغل) مسندا إليهم النفوذ الضروري والالزم في الغرض من ذلك أن
المشرع خول لهم القيام بالمعاينات وإجراء البحوث و الفحوص واستنطاق
المؤجر واإلجراء وتسجيل المحاضر< عند مالحظة أي مخالفة وإحاالتها لوكاالت
الجمهورية المختصة ترابيا إلجراء التتبعات في شأنها (الفصل 177
من مجلة الشغل ) كما خول لهم اتخاذ التدابير الضرورية بصورة فورية إلزالة
1
خطر محدق بصحة العمال وسالمتهم ويمكن لهم في الغرض إيقاف نشاط
المؤسسة بصفة كلية أو جزئية.
ما يمكن مالحظته أن المشرع رتب مسؤولية جزائية على المؤجر في صورة
انصرافه عن أحكام قانون الشغل إيمانا منه بأن مفهوم مصلحة المؤسسة يجب أن
يكون خير رادع لسلطة المؤجر التنظيمية فالمؤسسة تتكون من عنصرين عنصر
مالي وعنصر إنساني بحيث يجب التوفيق بين المصلحة االقتصادية ومصلحة
العمال في إطار المحافظة على ديمومة المؤسسة
إضافة إلى الجانب الجزائي الذي يهم خاصة النظام العام االجتماعي فانه
يمكن لألجير القيام بقضية ضد المؤجر في صورة ما إذا اضر هذا األخير
بمصالحه بصورة فردية وانصراف عن احترام األحكام التعاقدية والتنظيمية التي
تربطه به.
فااللتزام بأداء األجر يعتبر من أهم الواجبات المحمولة على المؤجر لما لألجر
من دور في تغطية الحاجيات المعيشية لألجير وألفراد عائلته وبناءا عليه لم يعد
تحديد األجر متروكا التفاق األطراف بل تدخلت الدولة في تحديده بضمان اجر
أدنى ال يخضع لقانون العرض والطلب إال أن التفاوض في شأن األجور
وخضوعها لالتفاقيات< المشتركة أدى بالى تفاوت نسبها بين القطاعات واألصناف
المهنية عبر ما تقره من امتيازات ومنح مختلفة,وفي هذا السياق يمكن أن تنشأ
بمناسبة نزاعات الشغل الفردية مشاكل تتعلق بإثبات األجر ومبدئيا حمل المشرع
المؤجر إثبات أدائه لألجر عبر بطاقات الخالص التي ألزمه بتسليمها لألجير وقد
حدد المشرع مضمونها بصفة وجوبية وتعتمد عادة هذه الوثيقة كوسيلة إثبات
للعالقة الشغلية عن الفترة المحددة بها كما تثبت ما توصل به العامل من اجر
ومنح ,إال انه يجوز للعامل إذا ما ثبت أنه يستحق أكثر مما جاء ببطاقة الخالص
من منح أو امتيازات أو أجر
أساسيا ,المطالبة بها طالما لم يتم التنصيص عليها وقد اعتبر المشرع أن قبول
العامل لتلك البطاقة ال يعتبر متخليا عنها فال يعد قرينة على الدفع .كما أن عدم
تسليم بطاقة الخالص ال يمنع العامل من إثبات أجرته بكافة الوسائل الممكنة.
وقيام األجير بقضية ضد مؤجره ال يحول دون مواصلة العالقة الشغلية ويقتصر
النزاع بين الطرفين على النظر في مدى اقتراف المؤجر خطأ من عدمه ,فإذا
تبث الخطأ تم التعويض وإذا لم يتبث الخطأ في جانب المؤجر ,فإن قيام الجير
بقضية ضد مؤجره آلت إلى الحكم بالرفض ال يمكن أن يعد من باب خطا األجير
الموجب لوضع حد للعالقة الشغلية كما سنتولى بيان ذلك.
ب -خطأ األجير:
2
يتمثل مبدئيا خطأ األجير في مخالفته لألحكام التنظيمية للمؤسسة كالتغيب
ومغادرة العمل دون ترخيص وعدم االمتثال لقواعد السالمة والصحة أثناء تنفيذ
عقد الشغل ومخالفته بصورة عامة لاللتزامية التعاقدية ,وغالبا ما يكون جزاء
إخالل األجير بهذه االلتزامات< هو طرده عن العمل .إال إن ممارسة حق الطرد ال
يمكن أن تكون مطلقا فقد وضع المشرع قيودا لممارسة هذا الحق لماله من تأثير
على وضعية العامل االجتماعية وللحد من نتائجه الوخيمة خصوصا إذا كان
الطرد فجيئا وبدون مبرر وال سابق إعالم إال أن هذه القيود ال تلغي حق الطرد
وال يمكن للقضاء< إلزام المؤجر بإرجاع العامل إلى سالف عمله وإبطال مفعول
الطرد إال أنه في المقابل يمكن للقضاء< تغريم المؤجر وإلزامه للتعويض في
صورة تبوث الصبغة التعسفية للفرد.
فيجب على المؤجر تنفيذا لمقتضيات الفصل< 14ثالثا من مجلة الشغل إثبات
وجود سبب حقيقي وجدي يجعل قراره إيقاف العامل مبنيا على أسس سليمة.
ولم يوضح المشرع مفهوم السبب الجدي والحقيقي للطرد ،إال أنه وبموجب
الفصل 14رابعا اعتبر الخطأ الفادح من األسباب الحقيقية والجدية التي تبرر
الطرد عارضا قائمة من األخطاء الفادحة على سبيل الذكر التي تعتبر من الخطاء
الفادحة الموجبة لوضع حد للعالقات الشغلية والتي يتم تقديرها حسب الظروف
التي ارتكبت فيها.
وتجدر الشارة إلى أن عبارة السبب الحقيقي والجدي تنصرف في األصل إلى
المبررات القانونية إلنهاء العالقة الشغلية والخارجة عن إرادة المؤجر ويبقى
للقاضي وحده تقدير وجود الصبغة الحقيقية والجدية ألسب باب الطرد وذلك على
ضوء وسائل اإلثبات المدلى بها من قبل طرفي النزاع ومن هنا يتضح مدى أهمية
القاضي ألشغلي في مراقبة أسباب الطرد وذلك من خالل دوره في تقدير جسامة
الهفوة وتناسب العقوبة مع خطورة الهفوة وكذلك في مراقبة مدى احترام المؤجر
إلجراءات الطرد ..تقدير جسامة الخطأ:
إن تقدير جسامة الخطأ من األعمال األساسية ألتي يكون قاضي الشغل مطالبا
بالنظر للبحث فيها،باعتبارها من المساعي الواقعية التي تخرج عن مراقبة محكمة
التعقيب طالما كان التعليل مبناي على أساس سليم بما له أصل ثابت في ملف
الدعوى.
وقد اعتبرت محكمة التعقيب أن الحراسة هي ركن من أركان عقد الشغل الرابط
بين الطرفين وأن النوم أثناء ساعات العمل يعد خطأ فادحا وإخالال بالواجبات<
وفي نفس السياق أوضحت محكمة التعقيب أنه " ال خالف في أن اعتداء العامل
على رئيسه أثناء العمل بايت وسيلة من الوسائل كالسب أو الشتم أو الثلب أو
3
التهديد أو العنف كما أن اإلضرار بأمالك المؤسسة أو العمل أو التقصير المتعمد
الذي من شأنه أن ليحق ضررا بمكاسبها أو التخفيض في نوعية اإلنتاج الناجم
عن سوء استعداد ظاهر كل منها تعتبر هفوة فادحة تبرر لوحدها الطرد ".
وقد اعتبر فقه القضاء< أن التأخير للحضور بمكان العمل أو التغيب أثناء العمل
لمدة خمسة وأربعون دقيقة ال يعد من قبيل الخطأ الفادح طالما لم يكن له التأثير
على سير العمل.
وتبعا لذلك فإن مراقبة القاضي الشغلي ألسباب الطرد تقتضي البحث في كافة
األفعال المنسوبة لألجير والمؤجر في ذات الوقت فيعمل سلطته التقديرية للتثبت
في مدى توفر السبب الجدي والحقيقي إلنهاء العالقة الشغلية كما أنه يتولى مراقبة
تناسب العقوبة مع خطورة الهفوة،وقد أكدت محكمة التعقيب في العديد من
الحاالت " أنه للمحكمة حق مراجعة قرار التأديب بشأن ثبوت الهفوة وخطورتها
والعقاب المقترح ويجب أن تتماشى العقوبة مع خطورة الهفوة وإال أصبح الطرد
تعسفيا".
و يمكن القول في حالة ما ذكر الخطأ الفادح هو سلوك مخطئ إراديا يؤدي إلى
إلحاق مضرة محققة للمؤسسة و يكون معه جزاء الطرد مؤكدا لضرورة حسن
سير نشاطها ،لكن هذا األمر ال يتحقق في بعض الحاالت ففي صورة المرض
طويل المدى اقر الفصل 20من قانون الشغل شروط المرض الموجب لقطع عقد
العمل وهي طول المدة و الخطورة البالغة و مصلحة العمل التي تقتضي تعويض
العامل المريض .وقد خول هذا النص للمؤجر أثار المرض و ما يترتب عنه من
ضرر للمؤسسة كسبب جدي و حقيقي مبرر للطرد.
إال أنه و رغم ثبوت العجز فإن إنهاء عقد العمل ال يلتجأ إليه إال في صورة انعدام
مركز شاغر يمكن تكليف العامل المريض به (،بما معناه توجيه العامل نحو عمل
ثاني يكون قادرا عليه )مما ال يمكن معه الجزم بأن إنهاء عقد الشغل بسبب
مرض خطير أو عجز مسألة آلية.
كما يمكن للمؤجر إثارة ضعف العامل المهني كسبب جدي وحقيقي للطرد إال أن
االتفاقية المشتركة قد وضعت على كاهل المؤجر ضرورة ة تكوين العمال
بمؤسسته وتحسين معلوماتهم المهنية وذلك بكافة الوسائل التي يراها مجدية المر
إلي من شأنه أن ينفي الصبغة التعسفية للطرد في صورة في صورة ما إذا تبث
أن المؤجر لم يف بالتزاماته المذكورة.
كما يمكن للمؤجر أن يتمسك بفقدان ثقته في العامل واعتبار هذا المر من قبيل
السبب الحقيقي والجدي الموجب للطرد ،وقد اعتبر فقه القضاء< الفرنسي أن هذا
األمر ال يستقيم إال إذا أتبت المؤجر أن سلوك الجير أدى إلى ضرر بالمؤسسة
ويراعي في ذلك مركزه ومدى تأثير ذلك على سير عملها.
4
في حين لم يعتبر فقه القضاء خطأ فادحا قيام العامل بقضية جناحية ضد مدير
المؤسسة التي يعمل بها يتهمه فيها باطال باالعتداء عليه بالسب والشتم ختمت
بعدم سماع الدعوى ،وبرر ذلك بأن مجرد التقاضي هو حق مشروع لكافة الناس
ال يجوز أن يتخذ مبررا للفصل عن العمل وما دام ال يتعلق بعقد الشغل.
.مراقبة إجراءات الطرد:
ال يقتصر دور قاضي الشغل في النظر في فداحة الهفوة من عدمها فهو مطالب
كذلك بمراقبة سالمة اإلجراءات القانونية و الترتيبية و االتفاقيات< للطرد ،ففي
صورة انصراف المؤجر عن التقيد باإلجراءات التأديبية فإنه يكون مطالبا بأداء
غرامة يتراوح مقدارها بين اجر شهر و اجر أربعة أشهر حتى إذا ما تبين أن
الطرد وقع لوجود سبب حقيقي وجدي،ويقع تقدير الغرامة حسب طبيعة
اإلجراءات وتأثيرها على حقوق العامل.
وتبعا لذلك فإن تبوث الهفوة الفادحة ال يضفي على الطرد الصبغة الشرعية.وبعد
هذا العرض في خصوص النزاعات الفردية يمكن القول بأن قاضي الشغل يقوم
بدور فاعل في
مراقبة الطرد .وقد استقر فقه القضاء< على توسيع صالحيات القضاء< الشغلي
بخصوص تقدير مدى تبوث الهفوة الفادحة واعتمد في الغرض على تأويل واسع
ألحكام الفصل 14خامسا .وهذا األمر غير وارد في صورة النزاعات المتولدة
عن أسباب موضوعية بين األجراء والمؤجر حيث تلعب المنظمات المهنية دورا
مهما تسوية النزاع كما سنتولى التعرض إليه في الحين.
النزاعات المتولدة عن األسباب الموضوعية:
غالبا ما تسقط األسباب الموضوعية للنزاع على كامل العمال أو بعضهم ويكون
النزاع في هذه الحالة جماعيا إذ يتعلق بشروط العمل أو ظروفه أو قواعد
االستخدام .وفي غياب تعريف تشريعي لمفهوم النزاعات< الجماعية ،يمكن اعتماد
تعريف الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب والتي عرفتها بالرجوع إلى الفصل<
376وما بعده من مجلة الشغل الذي اقتضى بأنها كل صعوبة تنشأ بين مؤجر
وعملته حول تنفيذ عقد الشغل و من شأنها أن تثير نزاع شغل جماعي عادة ما
يكون موضوعه مصالح أو حقوق مشتركة بين سائر أوالئك األجراء .
يعتبر الطرد أو اإليقاف عن العمل ألسباب اقتصادية أو فنية إجراء جماعيا يشمل
ضرورة عددا من العملة إذا اقتضى الفصل 21من مجلة الشغل ":على كل
مؤجر يعتزم طرد أو إيقاف عن العمل ألسباب اقتصادية أو فنية البعض من
عملته القرين أو كاملهم أن يعلم بذاك مسبقا تفقدية الشغل المختصة تراتبيا".
و لم يوضح المشرع مفهوم األسباب الفنية و االقتصادية كما لم يبين أنواعها ،إال
5
أنه تعرض إلى إجراءات الواجب إتباعها في هذه الصورة و المتمثلة خاصة في :
تقديم مطلب إلى تفقدية الشغل المختصة ترابيا أو اإلدارة العامة لتفقدية الشغل إذا
شمل مطلب الطرد فروع مؤسسة متواجدة بعدة واليات يتضمن بيان أسباب
الطرد و يكون مشفوعا بكافة المؤيدات الالزمة المبنية لضرورة اتخاذ هذا القرار
إضافة إلى كافة العملة بالمؤسسة و اختصاصهم و العمال المعنيين بالطرد .
تتولى تفقدية الشغل و تنفيدا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 21إجراء بحث
في الغرض قصد النظر في وجاهة الطرد من عدم ولها لغاية ذلك حق اإلطالع
على كافة وثائق المؤسسة و كافة المعلومات التي تراها ضرورية للبحث من
جدية الصعوبات االقتصادية دون قيد أو شرط و المؤجر مطالب لتقديم جميع
المعلومات و الوثائق و التي يتطلبها البحث و قد وضع المشرع عقوبات جزائية
تتمثل في خطايا مالية في صورة تقديم المؤجر لتصريح خاطئ أو مخالف للواقع.
يقوم أعوان التفقد لمحاولة الصلح بين الطرفين في ظرف 15يوما من تاريخ
التعهد بالملف و في صورة عدم التوصل للصلح يعرض ملف الطرد من طرف
التفقدية الشغل على اللجنة الجهوية أو المركزية لمراقبة الطرد حسب الحالة و
ذلك خالل ثالثة أيام الموالية النتهاء المحاولة الصلحية.
يتعين على اللجنة الجهوية أو اللجنة المركزية لمراقبة الطرد أن تبدي رأيها في
ملف الطرد أو إيقاف عن العمل في ظرف 15يوما من تاريخ تعهدها و يمكن
التمديد في هذا األجل باتفاق الطرفين.و تكمن أهمية عرض الملف على لجنة
مراقبة الطرد في تركبتها إذ تتكون اللجنة من المدير العام أو الجهوي لتفقدية
الشغل و ممثال عن المنظمة النقابيين التي ينتمي إليها العامل و المنظمة النقابية
التي ينتمي إليها المؤجر و في هذا تشريك للمنضمات< المهنية في اتخاذ الحلول
المالئمة عند مرور المؤسسة بصعوبات اقتصادية و محاولة إلقرار بعض
التوازن في اتخاذ القرار بين مصلحة العملة المعنيين بالطرد و مصلحة المؤسسة.
و على ضوء هذه اإلجراءات< يتم اتخاذ قرار إما بالموافقة أو بعدم الموافقة على
الطرد.
ففي صورة عدم الموافقة على الطرد يمكن اقتراح حلول بديلة لتفادي الطرد
تتمثل أساسا في :
وضع برنامج ‘عادة تكوين أو رسكلة للعمال و على المؤجر أن يضع كل ما يلزم
لينسى تكوين العملة بمؤسسته و تحسين معلوماتهم المهنية و أن يوفر التكوين
الضروري الذي تقتضيها التحوالت التقنية أو تفرضها مراكز العمل الجديدة
المحدثة بالمؤسسة حتى تضمن استمرار العامل في عمله.
وليس للعامل مقابل ذلك أن يرفض التكوين المعروض عليه وال يمكن طرد
6
العامل في هذه الحالة إال إذا أثبت المؤجر عدم تأقلم العامل مع التطور التقني أو
مع التهيئة الجديدة للمؤسسة.
توجيه نشاط المؤسسة نحو إنتاج جديد حسبما تقتضيه الظروف.
لموافقة على اتفاق على العمل لكن بصفة جزئية كاإليقاف المؤقت لنشاط
المؤسسة كليا أو جزئيا و في هذه الصورة ال يتم طرد العملة و إنما إيقاف العمل
فحسب مع ضمان استمراره بعد مدة التوقف.
مراجعة شروط العمل كالتخفيض في ساعات العمل.
التخفيض في عدد الفرق و قد ينشأ عن هذا التخفيض تقليص نسبة العمال
بالمؤسسة مما يضطر إلى الموافقة على الطرد.
اإلحالة على التقاعد المبكر للعمال الذين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة .و في
صورة قبول الطرد تقوم اللجنة بإبداء رأيها في مكافأة نهاية الخدمة المنصوص
علبها بالتشريع الجاري به العمل وتحاول التوفيق بين الطرفين في خصوص مبلغ
المكافأة و للقيام بخالصها حاال و في صورة االتفاق بين المؤجر والعملة المعنيين
باألمر يتم تسجيل محضر اتفاق عن طريق اللجنة الجهوية أو اللجنة المركزية
لمراقبة الطرد له القوة التنفيذية بين الطرفين أما في صورة عدم االتفاق فيقع
اللجوء للقضاء< لحل النزاع .
فعبارة القوة التنفيذية الواردة بالفصل المذكور تختلف عن عبارة القوة اإللزامية و
معنى ذلك أن نية المشرع انصرفت إلى إكساء محاضر االتفاق المتعلقة بالطرد
ألسباب اقتصادية بالقوة التنفيذية بما يعني أنها قابلة للتنفيد باعتماد الوسائل
القانونية العادية للتنفيد بيد أنه و على مستوى المبادئ القانونية العامة
فإن القوة التنفيذية ال تسند إال لألحكام الصادرة عن الهيئات القضائية و هذا األمر
دفع بعدول التنقيد لالمتناع عن تنفيذ هذه المحاضر ،و أمام هذه الوضعية لجأت
بعض األطراف إلى دوائر الشغل لطلب إكساء محاضر االتفاق بالصيغة التنفيذية
و هنا وجدت دوائر الشغل نفسها أمام صعوبة قانونية إذ خول لها القانون إمكانية
مراجعة المنح المسندة عند حصول الطرد ألسباب اقتصادية ،إال أن هذا الحق ال
يمكن لها ممارسته في صورة حصول اتفاق بين الطرفين وهذا المبدأ اقره فقط
القضاء.
يبقى اإلشكال مطروحا في خصوص مدى اختصاص دائرة الشغل في النظر في
مدى توفر الصعوبة االقتصادية من عدمها وهل بإمكانها إعادة النظر في قرار
لجنة مراقبة الطرد.
لقد خص المشرع لجنة مراقبة الطرد بالنظر في مدى توفر الصعوبة االقتصادية
التي تدعيها المؤسسة وتبعا لذلك فإن تقدير قيم الصعوبة االقتصادية هو من
مشموالت لجنة مراقبة الطرد ال غير،فإذا قررت هذه اللجنة قيام الصعوبة فإن
7
ذلك يكون حجة على الطرفين و ال يجوز الطعن في ما انتهت إليه اللجنة
باالختبار أو المعاينات< سيما و أن القرارات< التي تتخذها هذه اللجنة لها طبيعة
إدارية ال يمكن لها أن تخضع لمراقبة القضاء العدلي هذا فضال على أن المشرع
قد حدد اختصاص دائرة الشغل في صورة الطرد أو اإليقاف عن العمل في
حاالت معينة عددها على سبيل الحصر منها صورة عدم االتفاق على تقدير مبلغ
مكافأة نهاية الخدمة أو صورة الطرد أو اإليقاف عن العمل دون الحصول مسبقا
على رأى
لجنة مراقبة الطرد ...
و قد تدخل المشرع من جهة أخرى لحماية اإلجراء في طور التسوية القضائية
للمؤسسة ،فدخول المؤسسة طور التسوية القضائية مرتبط بشرط توقفها عن الدفع
و هذه الحالة الواقعية تفيد بأن المدين التاجر قد إضطرب نشاطه ووصل به
االرتباك إلى حالة مادية ميئوس منها جعلته غير قادر على الوفاء بالتزاماته و
خالص الدول المترتبة عنها .و اعتبارا لما للتوقف عن الدفع من آثار على
المستوى االجتماعي فقد أرسى المشرع في نطاق قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر
بصعوبات اقتصادية نظاما قانونيا خاصا لعقود الشغل ،إذ أقر بالفقرة الثانية من
الفصل 40من هذا القانون بأن إنهاء عقد الشغل المصادق عليه ضمن برنامج
االنقاد يعتبر واقعا ألسباب اقتصادية أو فنية بقطع النظر عن كل نص قانوني
مخالف و أن المعنيين يحتفظون بكل حقوقهم المترتبة عن ذلك على أن يحتفظ
العملة بحق اللجوء إلى القضاء< لتحديد المنح المستحقة.
و بإقراره هذه القرينة هدف المشرع إلى تالفي مزيد إثقال كاهل المؤسسة بقضايا
شغلية تستغرق وقتا كبيرا و إمكانيات مادية وفيرة يكون من األجدر استغاللها في
اتجاه اإلنقاذ.
كما تكمن أهمية هذه القرينة على مستوى اآلثار القانونية للطرد ،ذلك أن إكساء
الصبغة االقتصادية أو الفنية للطرد أو اإليقاف عن العمل يحيل المؤجر و األجير
إلى اإلجراءات< السابق التعرض إليها أعاله من إعالن لتفقدية الشغل...
و في الختام يمكن القول بأنه و إن كان من الطبيعي أن تتضارب كل من مصلحة
المؤجر و األجير ،إال أن األوضاع االقتصادية اليوم تفرض وضعا جديدا لعل
أهميته هي الحد من النزاعات بين األجير و المؤجر العمل سوية على تنمية
الشركة و دفع االستثمار حتى تكون المؤسسة رابحة لضمان ديمومتها ،فمن ذلك
تكمن مصلحة الطرفين األجير والمؤجر,تستمر الوسائل البديلة لفض المنازعات
في الزحف أكثر فأكثر لالستئثار باهتمام الباحثين في مجال الدراسات القانونية
والفقهية والقضائية .ومرد ذلك كون هذه الوسائل رسمت لنفسها مكانة متميزة
داخل حقل المنظومات التشريعية للعديد من الدول الساعية لتطوير وسائل
8
تصريف عدالتها .وفي هذا اإلطار ،يمكن تعريف الحل البديل للنزاع بأنه كل
وسيلة يتم بواسطتها اللجوء إلى طرف ثالث محايد عوض اللجوء للقضاء<
الرسمي ،بهدف التوصل إلى حل ودي للنزاع المطروح .ومن بين هذه الوسائل،
هناك الوساطة التي تسعى لحل النزاع عن طريق صلح يحظى برضى الطرفين
المتنازعين ،بالكيفية التي يجد فيها كل واحد منهما بأنه غير خاسر وبأن اآلخر
غير فائز .وبذلك ،تعد الوساطة أحدث طريقة أو وسيلة بديلة لفض المنازعات
تتبناها التشريعات الحديثة في العالم المتقدم اقتصاديا وتكنولوجيا ،والتي أصبح لها
شأنٌ كبي ٌر في المنظومات القانونية لكثير من البلدان.
ومن أهم السمات المميزة للوساطة ،المرونة والليونة وما تقتضيه من
التخلي عن تشعب إجراءات< ومساطر القضاء وتعقيداته ،واعتبارها كذلك مرحلة
وسطى بين التفاوض والتقاضي ،التي تحقق حل الخالف بأيسر السبل وأق ّل
التكاليف.وهي تهدففي نفس الوقت إلى تمكين الوسيط لطرفي النزاع من التوصل
بإرادتهما إلى حل يصنعانه ويرتضيانه بصفة شخصية ومباشرة ،ويسعيان بالتالي
إلى تنفيذه .وباإلمكان القول بأن الوساطة تبتعد عن طقوس المحاكمة التقليدية أو
الرسمية التي تنتهي إلى قرار يتخذه ويفرضه القاضي ،مما يخلق نوعا من
الضغائن واألحقاد بين األطراف ،ويؤدي إلى إطالة أمد النزاع أمام المحكمة.
أما بالنسبة لمن يتولى مهام الوساطة بين المتخاصمين – الوسيط – فإن
النظم القانونية تختلف بشأنه ،حيث تعهد بعضها بهذه المهمة إلى القاضي
المختص بنظر النزاع ،إذ يجب أو يجوز له القيام بالمهمة .وفي المقابل <،فإن
بعض األنظمة األخرى تسند هذه المهمة إلى مؤسسات خاصة كمراكز الوساطة
والتحكيم ،وليس عن طريق القاضي المختص بنظر النزاع ،باعتباره غير
متخصص بالقيام بهذه المهمة التي تتطلب مؤهالت ومواصفات< خاصة .كما أن
الفرق شاسع بين شخص القاضي وقيوده ومرجعيته والضوابط التي تحكم عمله
القضائي وكيفية تصريفه للعدالة ،والشخص المكلف بمهمة حل النزاع وفق
الوسائل البديلة لحل النزاعات ،باعتباره متحررا من كل القيود.
تعد الوساطة مؤهلة لتسوية منازعات العديد من المجاالت .فرغم تنوع
مجاالت تدخل الوساطة ،هي تصب في فلسفة واحدة ،وهي التوفيق بين األطراف
وتقريب وجهات نظرهم لفض النزاع بأسرع وقت وبأقل تكلفة ،وبالكيفية التي
تحافظ على عالقات أطرافها ،وهو ما يوحي بفعاليتها من خالل النتائج المحققة
في العديد من الدول المتقدمة التي أدمجتها في أنظمتها القانونية والقضائية
وخاصة األنظمة األنجلوساكسونية كالواليات المتحدة األمريكية وإنجلترا .لكن
9
األمر يدعو لالستفسار عن سبب تقاعس العديد من الدول األخرى عن إدماجها
في حقلها القانوني ،وعن عدم تفعيلها أو مأسستها في بلدان أخرى بالرغم من
التنصيص عليها في تشريعاتها ،على اعتبار أنها قد تدخل في حل العديد من
المنازعات في مجموعة من المجاالت ،األمر الذي يدعو للوقوف بشكل جدي
على خصوصيات هذه العدالة ،كدعوة لتفعيلها وتطوير أدائها والتشجيع لإلقبال
عليها ،وذلك من خالل البحث< في التساؤل التالي ” :إلى أي حد يمكن القول
بنجاعة الوساطة في فض منازعات الشغل في إطار عدالتها القابلة للمفاوضة؟ ”.
يعد الميدان االجتماعي من أهم اهتمامات الوساطة ،لتتوسع بعد ذلك على
مجاالت أخرى وصوال إلى النزاعات ذات الطابع الدولي .غير أنه يجب التمييز
بين الوساطة لحل النزاعات في الميدان اإلجتماعي ،والصلح الذي يقوم به القضاء<
كمسطرة إجبارية منصوص عليها في مجموعة من القوانين ومنها التشريع
المغربي[.]1
10