You are on page 1of 10

‫أخطاء المؤجر‪:‬‬

‫إن إدارة المؤسسة وتنظيم ظروف العمل بها هي من أنظار صاحب العمل الذي‬
‫يتمتع بسلطة واسعة في مراقبة العمال وتوزيع مراكز العمل وتحديد األصناف‬
‫المهنية للعمال بالمؤسسة وله سلطة نقل العملة من مكان إلى أخر في المؤسسة‬
‫وضبط أوقات العمل والساعات اإلضافية واألجازات وأيام الراحة األسبوعية‬
‫والترقية‪,‬ولئن مكن المشرع اللجنة االستشارية إعطاء رأيها في بعض المسائل إال‬
‫أن دورها ليس إال استشاريا وغير ملزم للمؤجر الذي يبقى المسؤول الوحيد عن‬
‫إدارة المؤسسة وتنظيم ظروف العمل بها كما أن المشرع حمل العديد من‬
‫االلتزامات< على المؤجر المطالب باحترامها والتقيد بها وهدف ذلك هو المحافظة‬
‫على كيان المؤسسة بوصفها وحدة إنتاج وتنمية وموردا للرزق‪.‬‬
‫واالنصراف عن احترام هذه االلتزامات واإلخالل بها يعتبر خطأ من جانب‬
‫المؤجر وقد يؤدي إلى تتبعه جزائيا أو مدنيا‪.‬‬
‫فالمؤجر مطالب باحترام أحكام التشغيل بحكم أنها تهم النظام العام من ذلك انه‬
‫ملزم بتهيئة محل العمل واالعتناء بنظافته وتوفير كافة وسائل الوقاية الصحية‬
‫والسالمة المهنية عند انجاز العمل (فصل ‪ 75‬من مجلة الشغل)كما انه مطالب‬
‫باتخاذ كافة التدابير لسالمة العامل ضد األخطار التي يمكن أن تتعرض لها‬
‫صحته في كافة المحالت< بصفة عامة وبالخصوص في المحالت< الخطرة والمخلة‬
‫بالصحة إلى جانب العديد من االلتزامات األخرى التي ال ضرورة لتعدادها في‬
‫هذا المجال‪.‬‬
‫وقد اسند المشرع إلى أعوان إداريين منتمين لتفقدية الشغل مهمة مراقبة السهر‬
‫على تطبيق األحكام القانونية والترتيبية لقانون الشغل كما اسند هذا االختصاص‬
‫إلى وزارات أخرى في مجاالت معينة كالوزارة المكلفة بالبيئة بالنسبة للمؤسسات‬
‫الخطرة والمضرة بالصحة أو وزارة الصناعة أو الصحة العمومية(األخطار‬
‫الناتجة عن مصادر اإلشعاع )وكذلك إلى أعوان الشرطة و الحرس‬
‫الوطني(الفصل< ‪187‬‬
‫من مجلة الشغل) مسندا إليهم النفوذ الضروري والالزم في الغرض من ذلك أن‬
‫المشرع خول لهم القيام بالمعاينات وإجراء البحوث و الفحوص واستنطاق‬
‫المؤجر واإلجراء وتسجيل المحاضر< عند مالحظة أي مخالفة وإحاالتها لوكاالت‬
‫الجمهورية المختصة ترابيا إلجراء التتبعات في شأنها (الفصل ‪177‬‬
‫من مجلة الشغل ) كما خول لهم اتخاذ التدابير الضرورية بصورة فورية إلزالة‬

‫‪1‬‬
‫خطر محدق بصحة العمال وسالمتهم ويمكن لهم في الغرض إيقاف نشاط‬
‫المؤسسة بصفة كلية أو جزئية‪.‬‬
‫ما يمكن مالحظته أن المشرع رتب مسؤولية جزائية على المؤجر في صورة‬
‫انصرافه عن أحكام قانون الشغل إيمانا منه بأن مفهوم مصلحة المؤسسة يجب أن‬
‫يكون خير رادع لسلطة المؤجر التنظيمية فالمؤسسة تتكون من عنصرين عنصر‬
‫مالي وعنصر إنساني بحيث يجب التوفيق بين المصلحة االقتصادية ومصلحة‬
‫العمال في إطار المحافظة على ديمومة المؤسسة‬
‫إضافة إلى الجانب الجزائي الذي يهم خاصة النظام العام االجتماعي فانه‬
‫يمكن لألجير القيام بقضية ضد المؤجر في صورة ما إذا اضر هذا األخير‬
‫بمصالحه بصورة فردية وانصراف عن احترام األحكام التعاقدية والتنظيمية التي‬
‫تربطه به‪.‬‬
‫فااللتزام بأداء األجر يعتبر من أهم الواجبات المحمولة على المؤجر لما لألجر‬
‫من دور في تغطية الحاجيات المعيشية لألجير وألفراد عائلته وبناءا عليه لم يعد‬
‫تحديد األجر متروكا التفاق األطراف بل تدخلت الدولة في تحديده بضمان اجر‬
‫أدنى ال يخضع لقانون العرض والطلب إال أن التفاوض في شأن األجور‬
‫وخضوعها لالتفاقيات< المشتركة أدى بالى تفاوت نسبها بين القطاعات واألصناف‬
‫المهنية عبر ما تقره من امتيازات ومنح مختلفة‪,‬وفي هذا السياق يمكن أن تنشأ‬
‫بمناسبة نزاعات الشغل الفردية مشاكل تتعلق بإثبات األجر ومبدئيا حمل المشرع‬
‫المؤجر إثبات أدائه لألجر عبر بطاقات الخالص التي ألزمه بتسليمها لألجير وقد‬
‫حدد المشرع مضمونها بصفة وجوبية وتعتمد عادة هذه الوثيقة كوسيلة إثبات‬
‫للعالقة الشغلية عن الفترة المحددة بها كما تثبت ما توصل به العامل من اجر‬
‫ومنح‪ ,‬إال انه يجوز للعامل إذا ما ثبت أنه يستحق أكثر مما جاء ببطاقة الخالص‬
‫من منح أو امتيازات أو أجر‬
‫أساسيا‪ ,‬المطالبة بها طالما لم يتم التنصيص عليها وقد اعتبر المشرع أن قبول‬
‫العامل لتلك البطاقة ال يعتبر متخليا عنها فال يعد قرينة على الدفع ‪.‬كما أن عدم‬
‫تسليم بطاقة الخالص ال يمنع العامل من إثبات أجرته بكافة الوسائل الممكنة‪.‬‬
‫وقيام األجير بقضية ضد مؤجره ال يحول دون مواصلة العالقة الشغلية ويقتصر‬
‫النزاع بين الطرفين على النظر في مدى اقتراف المؤجر خطأ من عدمه‪ ,‬فإذا‬
‫تبث الخطأ تم التعويض وإذا لم يتبث الخطأ في جانب المؤجر‪ ,‬فإن قيام الجير‬
‫بقضية ضد مؤجره آلت إلى الحكم بالرفض ال يمكن أن يعد من باب خطا األجير‬
‫الموجب لوضع حد للعالقة الشغلية كما سنتولى بيان ذلك‪.‬‬
‫ب‪ -‬خطأ األجير‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫يتمثل مبدئيا خطأ األجير في مخالفته لألحكام التنظيمية للمؤسسة كالتغيب‬
‫ومغادرة العمل دون ترخيص وعدم االمتثال لقواعد السالمة والصحة أثناء تنفيذ‬
‫عقد الشغل ومخالفته بصورة عامة لاللتزامية التعاقدية‪ ,‬وغالبا ما يكون جزاء‬
‫إخالل األجير بهذه االلتزامات< هو طرده عن العمل ‪.‬إال إن ممارسة حق الطرد ال‬
‫يمكن أن تكون مطلقا فقد وضع المشرع قيودا لممارسة هذا الحق لماله من تأثير‬
‫على وضعية العامل االجتماعية وللحد من نتائجه الوخيمة خصوصا إذا كان‬
‫الطرد فجيئا وبدون مبرر وال سابق إعالم إال أن هذه القيود ال تلغي حق الطرد‬
‫وال يمكن للقضاء< إلزام المؤجر بإرجاع العامل إلى سالف عمله وإبطال مفعول‬
‫الطرد إال أنه في المقابل يمكن للقضاء< تغريم المؤجر وإلزامه للتعويض في‬
‫صورة تبوث الصبغة التعسفية للفرد‪.‬‬

‫فيجب على المؤجر تنفيذا لمقتضيات الفصل< ‪ 14‬ثالثا من مجلة الشغل إثبات‬
‫وجود سبب حقيقي وجدي يجعل قراره إيقاف العامل مبنيا على أسس سليمة‪.‬‬
‫ولم يوضح المشرع مفهوم السبب الجدي والحقيقي للطرد‪ ،‬إال أنه وبموجب‬
‫الفصل ‪ 14‬رابعا اعتبر الخطأ الفادح من األسباب الحقيقية والجدية التي تبرر‬
‫الطرد عارضا قائمة من األخطاء الفادحة على سبيل الذكر التي تعتبر من الخطاء‬
‫الفادحة الموجبة لوضع حد للعالقات الشغلية والتي يتم تقديرها حسب الظروف‬
‫التي ارتكبت فيها‪.‬‬
‫وتجدر الشارة إلى أن عبارة السبب الحقيقي والجدي تنصرف في األصل إلى‬
‫المبررات القانونية إلنهاء العالقة الشغلية والخارجة عن إرادة المؤجر ويبقى‬
‫للقاضي وحده تقدير وجود الصبغة الحقيقية والجدية ألسب باب الطرد وذلك على‬
‫ضوء وسائل اإلثبات المدلى بها من قبل طرفي النزاع ومن هنا يتضح مدى أهمية‬
‫القاضي ألشغلي في مراقبة أسباب الطرد وذلك من خالل دوره في تقدير جسامة‬
‫الهفوة وتناسب العقوبة مع خطورة الهفوة وكذلك في مراقبة مدى احترام المؤجر‬
‫إلجراءات الطرد‪ ..‬تقدير جسامة الخطأ‪:‬‬
‫إن تقدير جسامة الخطأ من األعمال األساسية ألتي يكون قاضي الشغل مطالبا‬
‫بالنظر للبحث فيها‪،‬باعتبارها من المساعي الواقعية التي تخرج عن مراقبة محكمة‬
‫التعقيب طالما كان التعليل مبناي على أساس سليم بما له أصل ثابت في ملف‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫وقد اعتبرت محكمة التعقيب أن الحراسة هي ركن من أركان عقد الشغل الرابط‬
‫بين الطرفين وأن النوم أثناء ساعات العمل يعد خطأ فادحا وإخالال بالواجبات<‬
‫وفي نفس السياق أوضحت محكمة التعقيب أنه " ال خالف في أن اعتداء العامل‬
‫على رئيسه أثناء العمل بايت وسيلة من الوسائل كالسب أو الشتم أو الثلب أو‬

‫‪3‬‬
‫التهديد أو العنف كما أن اإلضرار بأمالك المؤسسة أو العمل أو التقصير المتعمد‬
‫الذي من شأنه أن ليحق ضررا بمكاسبها أو التخفيض في نوعية اإلنتاج الناجم‬
‫عن سوء استعداد ظاهر كل منها تعتبر هفوة فادحة تبرر لوحدها الطرد "‪.‬‬
‫وقد اعتبر فقه القضاء< أن التأخير للحضور بمكان العمل أو التغيب أثناء العمل‬
‫لمدة خمسة وأربعون دقيقة ال يعد من قبيل الخطأ الفادح طالما لم يكن له التأثير‬
‫على سير العمل‪.‬‬
‫وتبعا لذلك فإن مراقبة القاضي الشغلي ألسباب الطرد تقتضي البحث في كافة‬
‫األفعال المنسوبة لألجير والمؤجر في ذات الوقت فيعمل سلطته التقديرية للتثبت‬
‫في مدى توفر السبب الجدي والحقيقي إلنهاء العالقة الشغلية كما أنه يتولى مراقبة‬
‫تناسب العقوبة مع خطورة الهفوة‪،‬وقد أكدت محكمة التعقيب في العديد من‬
‫الحاالت " أنه للمحكمة حق مراجعة قرار التأديب بشأن ثبوت الهفوة وخطورتها‬
‫والعقاب المقترح ويجب أن تتماشى العقوبة مع خطورة الهفوة وإال أصبح الطرد‬
‫تعسفيا"‪.‬‬
‫و يمكن القول في حالة ما ذكر الخطأ الفادح هو سلوك مخطئ إراديا يؤدي إلى‬
‫إلحاق مضرة محققة للمؤسسة و يكون معه جزاء الطرد مؤكدا لضرورة حسن‬
‫سير نشاطها‪ ،‬لكن هذا األمر ال يتحقق في بعض الحاالت ففي صورة المرض‬
‫طويل المدى اقر الفصل ‪ 20‬من قانون الشغل شروط المرض الموجب لقطع عقد‬
‫العمل وهي طول المدة و الخطورة البالغة و مصلحة العمل التي تقتضي تعويض‬
‫العامل المريض ‪ .‬وقد خول هذا النص للمؤجر أثار المرض و ما يترتب عنه من‬
‫ضرر للمؤسسة كسبب جدي و حقيقي مبرر للطرد‪.‬‬
‫إال أنه و رغم ثبوت العجز فإن إنهاء عقد العمل ال يلتجأ إليه إال في صورة انعدام‬
‫مركز شاغر يمكن تكليف العامل المريض به ‪(،‬بما معناه توجيه العامل نحو عمل‬
‫ثاني يكون قادرا عليه )مما ال يمكن معه الجزم بأن إنهاء عقد الشغل بسبب‬
‫مرض خطير أو عجز مسألة آلية‪.‬‬
‫كما يمكن للمؤجر إثارة ضعف العامل المهني كسبب جدي وحقيقي للطرد إال أن‬
‫االتفاقية المشتركة قد وضعت على كاهل المؤجر ضرورة ة تكوين العمال‬
‫بمؤسسته وتحسين معلوماتهم المهنية وذلك بكافة الوسائل التي يراها مجدية المر‬
‫إلي من شأنه أن ينفي الصبغة التعسفية للطرد في صورة في صورة ما إذا تبث‬
‫أن المؤجر لم يف بالتزاماته المذكورة‪.‬‬
‫كما يمكن للمؤجر أن يتمسك بفقدان ثقته في العامل واعتبار هذا المر من قبيل‬
‫السبب الحقيقي والجدي الموجب للطرد‪ ،‬وقد اعتبر فقه القضاء< الفرنسي أن هذا‬
‫األمر ال يستقيم إال إذا أتبت المؤجر أن سلوك الجير أدى إلى ضرر بالمؤسسة‬
‫ويراعي في ذلك مركزه ومدى تأثير ذلك على سير عملها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫في حين لم يعتبر فقه القضاء خطأ فادحا قيام العامل بقضية جناحية ضد مدير‬
‫المؤسسة التي يعمل بها يتهمه فيها باطال باالعتداء عليه بالسب والشتم ختمت‬
‫بعدم سماع الدعوى ‪ ،‬وبرر ذلك بأن مجرد التقاضي هو حق مشروع لكافة الناس‬
‫ال يجوز أن يتخذ مبررا للفصل عن العمل وما دام ال يتعلق بعقد الشغل‪.‬‬
‫‪.‬مراقبة إجراءات الطرد‪:‬‬
‫ال يقتصر دور قاضي الشغل في النظر في فداحة الهفوة من عدمها فهو مطالب‬
‫كذلك بمراقبة سالمة اإلجراءات القانونية و الترتيبية و االتفاقيات< للطرد‪ ،‬ففي‬
‫صورة انصراف المؤجر عن التقيد باإلجراءات التأديبية فإنه يكون مطالبا بأداء‬
‫غرامة يتراوح مقدارها بين اجر شهر و اجر أربعة أشهر حتى إذا ما تبين أن‬
‫الطرد وقع لوجود سبب حقيقي وجدي‪،‬ويقع تقدير الغرامة حسب طبيعة‬
‫اإلجراءات وتأثيرها على حقوق العامل‪.‬‬

‫وتبعا لذلك فإن تبوث الهفوة الفادحة ال يضفي على الطرد الصبغة الشرعية‪.‬وبعد‬
‫هذا العرض في خصوص النزاعات الفردية يمكن القول بأن قاضي الشغل يقوم‬
‫بدور فاعل في‬
‫مراقبة الطرد‪ .‬وقد استقر فقه القضاء< على توسيع صالحيات القضاء< الشغلي‬
‫بخصوص تقدير مدى تبوث الهفوة الفادحة واعتمد في الغرض على تأويل واسع‬
‫ألحكام الفصل ‪ 14‬خامسا‪ .‬وهذا األمر غير وارد في صورة النزاعات المتولدة‬
‫عن أسباب موضوعية بين األجراء والمؤجر حيث تلعب المنظمات المهنية دورا‬
‫مهما تسوية النزاع كما سنتولى التعرض إليه في الحين‪.‬‬
‫النزاعات المتولدة عن األسباب الموضوعية‪:‬‬
‫غالبا ما تسقط األسباب الموضوعية للنزاع على كامل العمال أو بعضهم ويكون‬
‫النزاع في هذه الحالة جماعيا إذ يتعلق بشروط العمل أو ظروفه أو قواعد‬
‫االستخدام‪ .‬وفي غياب تعريف تشريعي لمفهوم النزاعات< الجماعية‪ ،‬يمكن اعتماد‬
‫تعريف الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب والتي عرفتها بالرجوع إلى الفصل<‬
‫‪ 376‬وما بعده من مجلة الشغل الذي اقتضى بأنها كل صعوبة تنشأ بين مؤجر‬
‫وعملته حول تنفيذ عقد الشغل و من شأنها أن تثير نزاع شغل جماعي عادة ما‬
‫يكون موضوعه مصالح أو حقوق مشتركة بين سائر أوالئك األجراء ‪.‬‬
‫يعتبر الطرد أو اإليقاف عن العمل ألسباب اقتصادية أو فنية إجراء جماعيا يشمل‬
‫ضرورة عددا من العملة إذا اقتضى الفصل ‪ 21‬من مجلة الشغل ‪ ":‬على كل‬
‫مؤجر يعتزم طرد أو إيقاف عن العمل ألسباب اقتصادية أو فنية البعض من‬
‫عملته القرين أو كاملهم أن يعلم بذاك مسبقا تفقدية الشغل المختصة تراتبيا"‪.‬‬
‫و لم يوضح المشرع مفهوم األسباب الفنية و االقتصادية كما لم يبين أنواعها‪ ،‬إال‬

‫‪5‬‬
‫أنه تعرض إلى إجراءات الواجب إتباعها في هذه الصورة و المتمثلة خاصة في ‪:‬‬
‫تقديم مطلب إلى تفقدية الشغل المختصة ترابيا أو اإلدارة العامة لتفقدية الشغل إذا‬
‫شمل مطلب الطرد فروع مؤسسة متواجدة بعدة واليات يتضمن بيان أسباب‬
‫الطرد و يكون مشفوعا بكافة المؤيدات الالزمة المبنية لضرورة اتخاذ هذا القرار‬
‫إضافة إلى كافة العملة بالمؤسسة و اختصاصهم و العمال المعنيين بالطرد ‪.‬‬
‫تتولى تفقدية الشغل و تنفيدا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 21‬إجراء بحث‬
‫في الغرض قصد النظر في وجاهة الطرد من عدم ولها لغاية ذلك حق اإلطالع‬
‫على كافة وثائق المؤسسة و كافة المعلومات التي تراها ضرورية للبحث من‬
‫جدية الصعوبات االقتصادية دون قيد أو شرط و المؤجر مطالب لتقديم جميع‬
‫المعلومات و الوثائق و التي يتطلبها البحث و قد وضع المشرع عقوبات جزائية‬
‫تتمثل في خطايا مالية في صورة تقديم المؤجر لتصريح خاطئ أو مخالف للواقع‪.‬‬

‫يقوم أعوان التفقد لمحاولة الصلح بين الطرفين في ظرف ‪ 15‬يوما من تاريخ‬
‫التعهد بالملف و في صورة عدم التوصل للصلح يعرض ملف الطرد من طرف‬
‫التفقدية الشغل على اللجنة الجهوية أو المركزية لمراقبة الطرد حسب الحالة و‬
‫ذلك خالل ثالثة أيام الموالية النتهاء المحاولة الصلحية‪.‬‬
‫يتعين على اللجنة الجهوية أو اللجنة المركزية لمراقبة الطرد أن تبدي رأيها في‬
‫ملف الطرد أو إيقاف عن العمل في ظرف ‪ 15‬يوما من تاريخ تعهدها و يمكن‬
‫التمديد في هذا األجل باتفاق الطرفين‪.‬و تكمن أهمية عرض الملف على لجنة‬
‫مراقبة الطرد في تركبتها إذ تتكون اللجنة من المدير العام أو الجهوي لتفقدية‬
‫الشغل و ممثال عن المنظمة النقابيين التي ينتمي إليها العامل و المنظمة النقابية‬
‫التي ينتمي إليها المؤجر و في هذا تشريك للمنضمات< المهنية في اتخاذ الحلول‬
‫المالئمة عند مرور المؤسسة بصعوبات اقتصادية و محاولة إلقرار بعض‬
‫التوازن في اتخاذ القرار بين مصلحة العملة المعنيين بالطرد و مصلحة المؤسسة‪.‬‬
‫و على ضوء هذه اإلجراءات< يتم اتخاذ قرار إما بالموافقة أو بعدم الموافقة على‬
‫الطرد‪.‬‬
‫ففي صورة عدم الموافقة على الطرد يمكن اقتراح حلول بديلة لتفادي الطرد‬
‫تتمثل أساسا في ‪:‬‬
‫وضع برنامج ‘عادة تكوين أو رسكلة للعمال و على المؤجر أن يضع كل ما يلزم‬
‫لينسى تكوين العملة بمؤسسته و تحسين معلوماتهم المهنية و أن يوفر التكوين‬
‫الضروري الذي تقتضيها التحوالت التقنية أو تفرضها مراكز العمل الجديدة‬
‫المحدثة بالمؤسسة حتى تضمن استمرار العامل في عمله‪.‬‬
‫وليس للعامل مقابل ذلك أن يرفض التكوين المعروض عليه وال يمكن طرد‬

‫‪6‬‬
‫العامل في هذه الحالة إال إذا أثبت المؤجر عدم تأقلم العامل مع التطور التقني أو‬
‫مع التهيئة الجديدة للمؤسسة‪.‬‬
‫توجيه نشاط المؤسسة نحو إنتاج جديد حسبما تقتضيه الظروف‪.‬‬
‫لموافقة على اتفاق على العمل لكن بصفة جزئية كاإليقاف المؤقت لنشاط‬
‫المؤسسة كليا أو جزئيا و في هذه الصورة ال يتم طرد العملة و إنما إيقاف العمل‬
‫فحسب مع ضمان استمراره بعد مدة التوقف‪.‬‬
‫مراجعة شروط العمل كالتخفيض في ساعات العمل‪.‬‬
‫التخفيض في عدد الفرق و قد ينشأ عن هذا التخفيض تقليص نسبة العمال‬
‫بالمؤسسة مما يضطر إلى الموافقة على الطرد‪.‬‬
‫اإلحالة على التقاعد المبكر للعمال الذين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة‪ .‬و في‬
‫صورة قبول الطرد تقوم اللجنة بإبداء رأيها في مكافأة نهاية الخدمة المنصوص‬
‫علبها بالتشريع الجاري به العمل وتحاول التوفيق بين الطرفين في خصوص مبلغ‬
‫المكافأة و للقيام بخالصها حاال و في صورة االتفاق بين المؤجر والعملة المعنيين‬
‫باألمر يتم تسجيل محضر اتفاق عن طريق اللجنة الجهوية أو اللجنة المركزية‬
‫لمراقبة الطرد له القوة التنفيذية بين الطرفين أما في صورة عدم االتفاق فيقع‬
‫اللجوء للقضاء< لحل النزاع ‪.‬‬
‫فعبارة القوة التنفيذية الواردة بالفصل المذكور تختلف عن عبارة القوة اإللزامية و‬
‫معنى ذلك أن نية المشرع انصرفت إلى إكساء محاضر االتفاق المتعلقة بالطرد‬
‫ألسباب اقتصادية بالقوة التنفيذية بما يعني أنها قابلة للتنفيد باعتماد الوسائل‬
‫القانونية العادية للتنفيد بيد أنه و على مستوى المبادئ القانونية العامة‬
‫فإن القوة التنفيذية ال تسند إال لألحكام الصادرة عن الهيئات القضائية و هذا األمر‬
‫دفع بعدول التنقيد لالمتناع عن تنفيذ هذه المحاضر‪ ،‬و أمام هذه الوضعية لجأت‬
‫بعض األطراف إلى دوائر الشغل لطلب إكساء محاضر االتفاق بالصيغة التنفيذية‬
‫و هنا وجدت دوائر الشغل نفسها أمام صعوبة قانونية إذ خول لها القانون إمكانية‬
‫مراجعة المنح المسندة عند حصول الطرد ألسباب اقتصادية‪ ،‬إال أن هذا الحق ال‬
‫يمكن لها ممارسته في صورة حصول اتفاق بين الطرفين وهذا المبدأ اقره فقط‬
‫القضاء‪.‬‬
‫يبقى اإلشكال مطروحا في خصوص مدى اختصاص دائرة الشغل في النظر في‬
‫مدى توفر الصعوبة االقتصادية من عدمها وهل بإمكانها إعادة النظر في قرار‬
‫لجنة مراقبة الطرد‪.‬‬
‫لقد خص المشرع لجنة مراقبة الطرد بالنظر في مدى توفر الصعوبة االقتصادية‬
‫التي تدعيها المؤسسة وتبعا لذلك فإن تقدير قيم الصعوبة االقتصادية هو من‬
‫مشموالت لجنة مراقبة الطرد ال غير‪،‬فإذا قررت هذه اللجنة قيام الصعوبة فإن‬

‫‪7‬‬
‫ذلك يكون حجة على الطرفين و ال يجوز الطعن في ما انتهت إليه اللجنة‬
‫باالختبار أو المعاينات< سيما و أن القرارات< التي تتخذها هذه اللجنة لها طبيعة‬
‫إدارية ال يمكن لها أن تخضع لمراقبة القضاء العدلي هذا فضال على أن المشرع‬
‫قد حدد اختصاص دائرة الشغل في صورة الطرد أو اإليقاف عن العمل في‬
‫حاالت معينة عددها على سبيل الحصر منها صورة عدم االتفاق على تقدير مبلغ‬
‫مكافأة نهاية الخدمة أو صورة الطرد أو اإليقاف عن العمل دون الحصول مسبقا‬
‫على رأى‬
‫لجنة مراقبة الطرد ‪...‬‬
‫و قد تدخل المشرع من جهة أخرى لحماية اإلجراء في طور التسوية القضائية‬
‫للمؤسسة‪ ،‬فدخول المؤسسة طور التسوية القضائية مرتبط بشرط توقفها عن الدفع‬
‫و هذه الحالة الواقعية تفيد بأن المدين التاجر قد إضطرب نشاطه ووصل به‬
‫االرتباك إلى حالة مادية ميئوس منها جعلته غير قادر على الوفاء بالتزاماته و‬
‫خالص الدول المترتبة عنها‪ .‬و اعتبارا لما للتوقف عن الدفع من آثار على‬
‫المستوى االجتماعي فقد أرسى المشرع في نطاق قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر‬
‫بصعوبات اقتصادية نظاما قانونيا خاصا لعقود الشغل ‪ ،‬إذ أقر بالفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 40‬من هذا القانون بأن إنهاء عقد الشغل المصادق عليه ضمن برنامج‬
‫االنقاد يعتبر واقعا ألسباب اقتصادية أو فنية بقطع النظر عن كل نص قانوني‬
‫مخالف و أن المعنيين يحتفظون بكل حقوقهم المترتبة عن ذلك على أن يحتفظ‬
‫العملة بحق اللجوء إلى القضاء< لتحديد المنح المستحقة‪.‬‬
‫و بإقراره هذه القرينة هدف المشرع إلى تالفي مزيد إثقال كاهل المؤسسة بقضايا‬
‫شغلية تستغرق وقتا كبيرا و إمكانيات مادية وفيرة يكون من األجدر استغاللها في‬
‫اتجاه اإلنقاذ‪.‬‬
‫كما تكمن أهمية هذه القرينة على مستوى اآلثار القانونية للطرد‪ ،‬ذلك أن إكساء‬
‫الصبغة االقتصادية أو الفنية للطرد أو اإليقاف عن العمل يحيل المؤجر و األجير‬
‫إلى اإلجراءات< السابق التعرض إليها أعاله من إعالن لتفقدية الشغل‪...‬‬
‫و في الختام يمكن القول بأنه و إن كان من الطبيعي أن تتضارب كل من مصلحة‬
‫المؤجر و األجير‪ ،‬إال أن األوضاع االقتصادية اليوم تفرض وضعا جديدا لعل‬
‫أهميته هي الحد من النزاعات بين األجير و المؤجر العمل سوية على تنمية‬
‫الشركة و دفع االستثمار حتى تكون المؤسسة رابحة لضمان ديمومتها ‪ ،‬فمن ذلك‬
‫تكمن مصلحة الطرفين األجير والمؤجر‪,‬تستمر الوسائل البديلة لفض المنازعات‬
‫في الزحف أكثر فأكثر لالستئثار باهتمام الباحثين في مجال الدراسات القانونية‬
‫والفقهية والقضائية‪ .‬ومرد ذلك كون هذه الوسائل رسمت لنفسها مكانة متميزة‬
‫داخل حقل المنظومات التشريعية للعديد من الدول الساعية لتطوير وسائل‬

‫‪8‬‬
‫تصريف عدالتها‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يمكن تعريف الحل البديل للنزاع بأنه كل‬
‫وسيلة يتم بواسطتها اللجوء إلى طرف ثالث محايد عوض اللجوء للقضاء<‬
‫الرسمي‪ ،‬بهدف التوصل إلى حل ودي للنزاع المطروح‪ .‬ومن بين هذه الوسائل‪،‬‬
‫هناك الوساطة التي تسعى لحل النزاع عن طريق صلح يحظى برضى الطرفين‬
‫المتنازعين‪ ،‬بالكيفية التي يجد فيها كل واحد منهما بأنه غير خاسر وبأن اآلخر‬
‫غير فائز‪ .‬وبذلك‪ ،‬تعد الوساطة أحدث طريقة أو وسيلة بديلة لفض المنازعات‬
‫تتبناها التشريعات الحديثة في العالم المتقدم اقتصاديا وتكنولوجيا‪ ،‬والتي أصبح لها‬
‫شأنٌ كبي ٌر في المنظومات القانونية لكثير من البلدان‪.‬‬
‫ومن أهم السمات المميزة للوساطة‪ ،‬المرونة والليونة وما تقتضيه من‬
‫التخلي عن تشعب إجراءات< ومساطر القضاء وتعقيداته‪ ،‬واعتبارها كذلك مرحلة‬
‫وسطى بين التفاوض والتقاضي‪ ،‬التي تحقق حل الخالف بأيسر السبل وأق ّل‬
‫التكاليف‪.‬وهي تهدففي نفس الوقت إلى تمكين الوسيط لطرفي النزاع من التوصل‬
‫بإرادتهما إلى حل يصنعانه ويرتضيانه بصفة شخصية ومباشرة‪ ،‬ويسعيان بالتالي‬
‫إلى تنفيذه‪ .‬وباإلمكان القول بأن الوساطة تبتعد عن طقوس المحاكمة التقليدية أو‬
‫الرسمية التي تنتهي إلى قرار يتخذه ويفرضه القاضي‪ ،‬مما يخلق نوعا من‬
‫الضغائن واألحقاد بين األطراف‪ ،‬ويؤدي إلى إطالة أمد النزاع أمام المحكمة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمن يتولى مهام الوساطة بين المتخاصمين – الوسيط – فإن‬
‫النظم القانونية تختلف بشأنه‪ ،‬حيث تعهد بعضها بهذه المهمة إلى القاضي‬
‫المختص بنظر النزاع‪ ،‬إذ يجب أو يجوز له القيام بالمهمة‪ .‬وفي المقابل‪ <،‬فإن‬
‫بعض األنظمة األخرى تسند هذه المهمة إلى مؤسسات خاصة كمراكز الوساطة‬
‫والتحكيم‪ ،‬وليس عن طريق القاضي المختص بنظر النزاع‪ ،‬باعتباره غير‬
‫متخصص بالقيام بهذه المهمة التي تتطلب مؤهالت ومواصفات< خاصة‪ .‬كما أن‬
‫الفرق شاسع بين شخص القاضي وقيوده ومرجعيته والضوابط التي تحكم عمله‬
‫القضائي وكيفية تصريفه للعدالة‪ ،‬والشخص المكلف بمهمة حل النزاع وفق‬
‫الوسائل البديلة لحل النزاعات‪ ،‬باعتباره متحررا من كل القيود‪.‬‬
‫تعد الوساطة مؤهلة لتسوية منازعات العديد من المجاالت‪ .‬فرغم تنوع‬
‫مجاالت تدخل الوساطة‪ ،‬هي تصب في فلسفة واحدة‪ ،‬وهي التوفيق بين األطراف‬
‫وتقريب وجهات نظرهم لفض النزاع بأسرع وقت وبأقل تكلفة‪ ،‬وبالكيفية التي‬
‫تحافظ على عالقات أطرافها‪ ،‬وهو ما يوحي بفعاليتها من خالل النتائج المحققة‬
‫في العديد من الدول المتقدمة التي أدمجتها في أنظمتها القانونية والقضائية‬
‫وخاصة األنظمة األنجلوساكسونية كالواليات المتحدة األمريكية وإنجلترا‪ .‬لكن‬

‫‪9‬‬
‫األمر يدعو لالستفسار عن سبب تقاعس العديد من الدول األخرى عن إدماجها‬
‫في حقلها القانوني‪ ،‬وعن عدم تفعيلها أو مأسستها في بلدان أخرى بالرغم من‬
‫التنصيص عليها في تشريعاتها‪ ،‬على اعتبار أنها قد تدخل في حل العديد من‬
‫المنازعات في مجموعة من المجاالت‪ ،‬األمر الذي يدعو للوقوف بشكل جدي‬
‫على خصوصيات هذه العدالة‪ ،‬كدعوة لتفعيلها وتطوير أدائها والتشجيع لإلقبال‬
‫عليها‪ ،‬وذلك من خالل البحث< في التساؤل التالي‪ ” :‬إلى أي حد يمكن القول‬
‫بنجاعة الوساطة في فض منازعات الشغل في إطار عدالتها القابلة للمفاوضة؟ ”‪.‬‬
‫يعد الميدان االجتماعي من أهم اهتمامات الوساطة‪ ،‬لتتوسع بعد ذلك على‬
‫مجاالت أخرى وصوال إلى النزاعات ذات الطابع الدولي‪ .‬غير أنه يجب التمييز‬
‫بين الوساطة لحل النزاعات في الميدان اإلجتماعي‪ ،‬والصلح الذي يقوم به القضاء<‬
‫كمسطرة إجبارية منصوص عليها في مجموعة من القوانين ومنها التشريع‬
‫المغربي[‪.]1‬‬

‫‪10‬‬

You might also like