Professional Documents
Culture Documents
الورقة التجارية كتصرف قانوني شكلي ينبغي أن تتوفر فيه كل الشروط القانونية الالزمة
لصحة وإبرام أي تصرف قانوني ،هذه الشروط منها ما يتعلق بالقانون الصرفي وتهم شكل
الورقة وتوفرها على بيانات معينة وعلى وجه اإللزام وهي ما يعرف بالشروط الشكلية
(المطلب الثاني) ،وقبلها ضرورة توفر عدة شرط موضوعية تهم الرضا والمحل والسبب
باإلضافة إلى األهلية نتناولها في (المطلب األول).
المطلب األول :الشروط الموضوعية
سبق القول أن الكمبيالة أضحت في ظل مدونة التجارة دائما وأبدا عمال تجاريا شكليا
بغض النظر عن صفة الموقعين عليها هل تجار أم ال ،و بغض النظر عن طبيعة المعاملة
التي أنشأت من أجلها هل تجارية أم مدنية .فكل من يوقع عليها يدخل في دائرة اإللتزام
الصرفي ابتداء من توقيع الساحب ومرورا بتوقيع المسحوب عليه بالقبول وقد تتعدد
التوقيعات إلى توقيع المظهر والقابل بالتدخل والضامن االحتياطي وانتهاء بوصولها إلى يد
الحامل الشرعي لهذه الورقة ،بينما يكون السند ألمر عمال تجاريا شكليا بشروط معينة في
حين أقصى المشرع التجاري المغربي الشيك من دائرة األعمال التجارية الشكلية وظل
عمال مدنيا ،فمن عمل تجاري مطلق (الكمبيالة ) ،إلى آخر بشروط (السند ألمر) ،إلى
ثالث مدني (الشيك).
وتفترض طبيعة هذه االلتزامات المترتبة عن التوقيع توفر مجموعة من األركان
والشروط الواجب توافرها لصحة االلتزام الصرفي يمكن إجمالها في األهلية (الفرع األول)
والمحل والسبب(الفرع الثاني)،دون أن نتناول الرضا ألنه ال يثير أي إشكال في هذا اإلطار
والرجوع بشأنه وفق ما هو مقرر في القواعد العامة التي تقتضي أن يكون الرضا سليما و
خاليا من العيوب التي تشوبه كالغلط والتدليس واإلكراه والغبن .
الفرع األول :األهلية
إن التوقيع على الورقة ينشأ التزاما صرفيا يستوجب سلفا أن يكون الموقع أهال إلجراء
مثل هذه التصرفات ،أي أن يكون بالغا سن الرشد القانوني دون أن يكون مصابا بعارض
من عوارض األهلية ودون أن يكون ثمة مانع قانوني أو مهني ،فالشخص الذي لم يبلغ هذه
السن يكون ناقص األهلية وبالتالي ال يمكنه االلتزام بالورقة التجارية .
بيد أن المشرع أوجد مجموعة من المقتضات الحمائية التي تهم قواعد األهلية وهي كاآلتي:
1
ـ القاصر غير المأذون له (عديم األهلية وناقصها):
نصت المادة 164من مدونة التجارة على أن ":الكمبيالة الموقعة من طرف قصر غير
تاجر باطلة اتجاهه ،ويحتفظ األطراف بحقوقهم وفق القانون العادي".
كما نصت المادة 248أنه " :إذا كان الشيك يحمل توقيعات أشخاص ال تتوفر فيهم أهلية
االلتزام أو توقيعات مزورة أو توقيعات أشخاص وهميين أو توقيعات ليس من شأنها ألي
سبب آخر أن تلزم األشخاص الموقعين له أو األشخاص الذين وقع باسمهم ،فإن التزامات
الموقعين اآلخرين تظل مع ذلك صحيحة" .
فالقاصر غير المأذون له بممارسة التجارة ال يمكنه التوقيع على الورقة التجارية تحت
طائلة بطالنها اتجاهه ،وتمسكه بالبطالن يكون في مواجهة حتى الحامل حسن النية وذلك
خروجا عن المبدأ القاضي بعدم التمسك بالدفوع ،فقانون جنيف الموحد وتبعته التشريعات
الوطنية قررت أن حماية حقوق القاصر أولى من حماية األوراق التجارية.
فالمشرع المغربي يسمح لعديم األهلية وناقصها وحدهم التمسك بالبطالن دون غيرهم
من الموقعين على هذه الورقة الذين يظل التزامهم صحيحا وهدا ما أكدت عليه المادتين
164و 248من مدونة التجارة وذلك طبقا للمبدأ الهام الذي يطبع األوراق التجارية
والمتمثل في مبدأ استقالل التوقيعات ،حتى ال يصيب البطالن الورقة التجارية وبالتالي
يبطل التعامل بها وتفقد دورها في التداول فالهدف هو تيسير تداولها وانتقالها.
ـ القاصر المأذون له أو المرشد :
رأينا عند د راستنا لألهلية التجارية أنه يسوغ للقاصر المأذون له يكون في حكم الراشد
وذلك في حدود ما أذن له من أعمال تجارية ،ويجب أن يقيد اإلذن باإلتجار الممنوح
للقاصر في السجل التجاري طبقا للمادة 13من م.ت ،وبالتالي يظل التزام المأذون له
صحيحا وال يسوغ له إبطاله ،وكذ لك القاصر الذي تم ترشيده يعتبر كما لو كان كامل
األهلية طبقا للنصوص القانونية .
ـ المرأة المتزوجة:
المرأة البالغة سن الرشد القانوني وغير المصابة بعارض من عوارض األهلية ،فلها
األهلية الكاملة في سحب الكمبيالة وممارسة التجارة دون الحصول على إذن سابق من
زوجها ،وذلك طبقا للتعديل الذي حملته المادة 17من مدونة التجارة الجديدة.
2
ـ أهلية األجنبي:
نظم المشرع المغربي أهلية األجنبي طبقا للمادتين 15و 16من مدونة التجارة ومن
خالل هذه المقتضيات سوى بين المواطن المغربي ونظيره األجنبي حيث لم يعد هذا األخير
خاضعا ل ق.ل.ع المادة ، 3وال إلى القانون المنظم للوضعية المدنية لألجانب ،بل أصبح
يخضع لمدونة التجار ة التي خالفت مقتضياتها حتى التشريعات المقارنة التي تحدد أهلية
األجنبي طبقا لقانون الدولة التي ينتمي إليها ،وبذلك وضعت حدا لمشكلة تنازع القوانين
حينما يكون ثمة اختالف في مادة األهلية وجعلت األجنبي كامل األهلية ببلوغه سن 18سنة
ولو كان قانون جنسيته يفرض سنا أعلى مما هو منصوص عليه في القانون المغربي( المادة
)115
-منع التاجر الذي تفتح في مواجهته مسطرة التسوية أو التصفية القضائية التوقيع
على الكمبيالة ،وفي حالة مخالفة هذا المقتضى فإن الجزاء القانوني البطالن طبقا
للمادة 658من م.ت ،فكل التصرفات التي يأتيها التاجر بعد توقفه عن الدفع تكون
باطلة.
-حالة قيام شخص ممنوع من ممارسة التجارة بالتوقيع على الكمبيالة يبقى هنا توقيعه
صحيحا مع العلم أنه من الممكن أن يخضع للجزاءات القانونية المنصوص عليها في
هذا المجال.
الفرع الثاني :المحل والسبب
إن محل اإللتزام الثابت في الورقة التجارية دفع مبلغ معين من النقود ،ولذا فإنه دائما
ممكن ومشروع غير انه ال يجوز أن يكون محلها تسليم بضاعة ألنه يتنافى مع الوظائف
التي تقوم بها الورقة التجارية .ولذلك فالمحل ال يطرح أي إشكال.
أما بالنسبة للسبب في ال ورقة التجارية فينبغي ان يكون موجودا ومشروعا وإال كان
االلتزام باطال ،كذلك فالورقة التجارية ال تحمل في طيها السبب الذي أنشأت من أجله ،
وسبب التزام ساحب الورقة اهو العالقة األصلية التي نشأت بينه و بين المستفيد ،هذا وقد
جاء في إحدى قرارات المجلس األعلى ":االلتزام الذي لم يذكر له سبب في السند يفرض
أن له سببا مشروعا".
-تم تغيير المادة 15أعاله ،بمقتضى المادة الفريدة من القانون 54.17القاضي بتغيير المادة 15من القانون رقم 15.95المتعلق 1
بمدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.14بتاريخ 5جمادى اآلخرة 22( 1439فبراير ،)2018الجريدة الرسمية
عدد 6655بتاريخ 23جمادى اآلخرة 12( 1439مارس ،)2018ص .1438
3
هذا وعلى من يدعي عكس ذلك أن يقيم الدليل على انتفاء السبب أو عدم مشروعيته أو
مخالفته للنظام العام واآلداب بكافة طرق اإلثبات ،غير أنه ال يجوز التمسك في مواجهة
الحامل حسن النية ببطالن االلتزام الثابت في ا الورقة التجارية لعدم مشرعية السبب ،ألنه
يجب أن يبقى محميا من جهة وألنه أجنبي تماما على العالقة األصلية التي أدت إلى إنشائها
من جهة أخرى وذلك طبقا لمبدأ عدم التمسك بالدفوع في مواجهة الحامل حسن النية ،بينما
ينحصر االحتجاج بهذا المبدأ في العال قة بين الموقع ودائنه المباشر كالساحب والمسحوب
عليه ،أو بين المظهر والمظهر إليه.
يفترض كتابة الورقة كلما استلزم األمر إنشاءها ،تظهيرها ،قبولها أو ضمانها
االحتياطي ،لكن ال يشترط طريقة خاصة لتحريرها فقد تثبت في محرر رسمي أو عرفي
وهو األمر الغالب .
هذا وتكتب الكمبيالة في الغالب بخط اليد ،غير أنه مع تطور حياة التجارية وأساليبها
أصبحت الكمبيالة عبارة عن مطبوع في شكل دفتر يمأل باليد أو اآللة الكاتبة ،ويمكن أن
تحرر باللغة العربية أو الفرنسية أو بهما معا طالما أن المشرع لم يفرض طريقة معينة
لتحريرها ،وإذا كانت الكمبيالة إلى حدود سنة 2006ال تسلم من طرف جهاز معين بل
كانت تباع في المحالت التجارية على أشكال تختلف من حيث اللون والورق والكتابة لدرجة
أصبحت معها عدة شركات تقوم بطبع كمبياالت طبقا لما نص عليه القانون بخصوص
البيانات اإللزامية ،فإنه بصدور منشور بنك المغرب رقم 2006/G/13أصبح البنك يسلم
إلى زبونه دفتر الكمبياالت الموحدة النمط أو النموذجية ،وذلك بهدف تسهيل المعالجة اآللية
للورقة التجارية وتيسير تداولها على مستوى نظام أو نسق المقاصة اإللكترونية الرابط بين
األبناك المغربية ،وهو األمر الذي سلكه المشرع الفرنسي منذ 05نونبر ، 1982حيث تم
منع طبع الكمبياالت غير المطابقة للنموذج الخاص والموحد وعدم احترام هذا القرار ال
يؤدي إلى بطالن الورقة وإنما يعتبر مخالفة يعاقب عليها القانون بغرامة مالية .
ومن هذا المنطلق يطرح التساؤل عن القوة الملزمة لمنشور بنك المغرب بخصوص
الكمبيالة النمطية ؟ وهل هو ملزم لألبناك فقط ،أم ملزم للتجار المتعاملين مع األبناك ؟ أو
فيما بينهم ؟
في غياب نص صريح في مدونة التجارة – كما هو الشأن بالنسبة للشيك – فإن هذا
المنشور يظل ملزما لألبناك دون سواها من التجار ،وبالتالي تبقى الكمبيالة المكتوبة على
مطبوع عادي حجة ما دامت مستوفية لجميع الشروط المتطلبة قانونا ومقبولة أمام القضاء
في حالة نشوء نزاع حولها .
بخصوص السند اإلذني :
نفس األمر بالنسبة للكمبيالة يجب أن تحرر كتابة سواء كانت الكتابة عرفية أو رسمية
وتعتبر الكتابة شرط صحة وانعقاد يترتب على تخلفها البطالن .
بخصوص الشيك :
الكتابة في الشيك كتابة إنشاء كذلك ال يغني عنها ال القرائن وال الشهود وال اليمين ،
فغياب عنصر الكتابة في الشيك يجعله باطال ويحول بينه وبين التداول .
5
وإذا كان يجوز من حيث المبدأ في بعض التشريعات المقارنة وكذلك قانون جنيف
الموحد للشيك 19مارس 1934لألطراف أن يحرروا شيكات على أوراق عادية بخط اليد
أو اآللة الكاتبة ،إال أن المشرع المغربي وألسباب إدارية وتنظيمية وبناء على اتفاقات
داخلية بين األبناك عمد إلى اعتبار الشيكات المخالفة للنماذج المسلمة من المؤسسة البنكية
غير صحيحة وباطلة (الفقرة األخيرة من المادة )240قاضيا بذلك على كل جدل فقهي أو
خالف قضائي .
كما أن الساحب الذي يسحب شيكا على غير مؤسسة بنكية يعاقب بغرامة قدرها 6%
من مبلغ الشيك على أن ال يقل مبلغ الغرامة عن مائة درهم (الفقرة 1من المادة . )307
ويقصد ب "المؤسسة البنكية " في مفهوم هذا القانون كل مؤسسة قرض وكل هيئة يخول
لها القانون صالحية مسك حسابات يمكن أن تسحب عليها الشيكات (المادة .)241
.1بيانات تخص الورقة نفسها (ذكر تسمية الورقة ،تاريخ ،مكان اإلنشاء) .
.2بيانات تخص األداء (األمر بأداء مبلغ معين ،مكان الوفاء ،تاريخ االستحقاق ) .
.3بيانات تخص األطراف (الساحب ،المسحوب عليه ،المستفيد) .
وسنبحث في كل بيان على حدة في (فقرة أولى ) على أساس أن نبحث في (فقرة ثانية)
آثار تخلف أحد هذه البيانات اإللزامية .
فقرة أولى :البيانات اإللزامية في األوراق التجارية
- 1تسمية "الورقة"
6
✓ تسمية الكمبيالة :
يعتبر هذا البيان من السمات الشكلية البارزة التي تتميز بها الكمبيالة ،وشددت عليه
مدونة التجارة على غرار قانون جنيف الموحد بذكر كلمة " الكمبيالة " في صلب السند ذاته
وبنفس اللغة التي حررت بها ،وال يجوز كتابتها على ورقة مستقلة أو وصلة وذلك بذكر
مثال " :ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة ".
والهدف من إدراج كلمة كمبيالة في نص الورقة ذاتها هو تنبيه المتعاملين بها إلى
خطورة التعامل بمثل هذه الورقة وإلى خضوعهم إلى األحكام الخاصة بها .
ويترتب عن تخلف هذا المقتضى ،بطالن الكمبيالة وعدم اعتبارها ورقة تجارية
خاضعة للقانون الصرفي .
✓ السند ألمر :الفقرة 1من المادة 232
اشترطت اإلذن أو األمر تغني عن تسمية السند أنه إلذن والعكس صحيح كذلك ،فإن
تخلفت التسمية ووجد الشرط كان السند صحيحا ،وإن تخلف الشرط ووجدت التسمية كان
السند صحيحا ،كذلك خالف األمر في كمبيالة التي تبطل في األحوال التي ال تحمل اسم
كمبيالة على ذات الصك ولو وجد عليها شرط اإلذن أو األمر .
ففي هذا الشأن يختلف إذن السند ألمر عن الكمبيالة والشيك ،ألن المشرع ألزم فقط
ذكر كلمة " ألمر " للداللة على السند ألمر ألنه ال يوجد أي سند آخر يمكن أن يثير خلطا به
،هذا وال يجوز أن يدرج في السند شرط ليس ألمر أو إلذن ( الفقرة 1من المادة ) 232
في حين يجوز ذلك في الكمبيالة (الفقرة 1و 2من المادة . ) 167
✓ الشيك :
أوجبت مدونة التجارة ذكر كلمة " الشيك " في الورقة لتميزها عن باقي األوراق
التجارية األخرى ،والتي يجب أن تذكر في المتن كما هو الحال بالنسبة للسند ألمر أو
الكمبيالة .
إن إغفال ذكر كلمة الشيك سهوا في متن صيغ الشيكات المسلمة من طرف األبناك يفقد
الورقة صفة الشيك طبقا للمادة 240من مدونة التجارة .
يجب أن تتضمن الورقة التجارية أمرا بالوفاء أو تعهدا بالوفاء حسب طبيعة كل ورقة
على حدة .
7
الكمبيالــة :
فبالنسبة للكمبيالة تتضمن أمرا صادرا من الساحب إلى المسحوب عليه بأداء مبلغ من
النقود لمصلحة المستفيد ،فهذا األمر باألداء يعبر عنه بصيغة " ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة
" يجسد بعض المضامين الجوهرية والسمات المهمة للكمبيالة ويميزها عن السند ألمر الذي
يكون بصيغة التعهد ال األمر ،في حين تلتقي الكمبيالة مع الشيك من حيث أن األمر باألداء
يجسد وجود عالقة قانونية بين ثالثة أطراف ،في حين ال ينشئ السند ألمر سوى عالقة
ثنائية األطراف .
ويشترط في األمر الناجز عدم اقترانه بأي شرط سواء كان وقفا أو فاسخا ألن ذلك
يعرقل التداول الذي يعتبر أحد أهم خصائص الكمبيالة ،وغني عن البيان أنه يكون
األمر منصبا على مبلغ معين من النقود ،وأن يكون محددا بكل دقة دون غموض وأن
يكون واحدا عمال بمبدأ وحدة الدين فال يجوز أن تتضمن الكمبيالة عدة مبالغ متفرقة أم
أن تتضمن ما يفيد تقسيط المبلغ ،هذا المبلغ الذي يمكن أن يكون مكتوبا باألرقام أو
بالحروف أو هما معا ،وبخصوص هذه المسألة حسمت مدونة التجارة كل نزاع يمكن
أن ينشأ في حالة االختالف بين المبلغين بحيث يعتد حسب الفقرة 1من المادة 163
بالمبلغ المكتوب بالحروف ،وإن تصادف أن كتب المبلغ عدة مرات باألرقام وبالحروف
فإن األداء يتم وفقا للمبلغ األقل حسب الفقرة 2من المادة . 163
وباإلضافة إلى ما سلف يتعين عند تحديد مبلغ الكمبيالة ذكر العملة التي ينبغي
بواسطتها دفع ذلك المبلغ ،ألن الكمبيالة يمكن أن تسحب بعملة وطنية أو أجنبية ،وإذا
تشابهت عملة بلد اإلنشاء وبلد الوفاء وكانت مختلفة من حيث القيمة ،فإنه برجوعنا إلى
الفصل 187الفقرة األخيرة يفترض الوفاء بعملة بلد الوفاء .
أما إذا كان سحب الكمبيالة بعملة أجنبية واشترط الوفاء بها إال أنها غير متداولة في
بلد الوفاء أو مختلفة عن عملته فالوفاء سيكون مقوما بعملة بلد الوفاء نظرا لما يلحق
الحامل من هبوط في قيمة العملة.
ونشير في الختام أن المبلغ المذكور في الكمبيالة قد يكون مجردا من الفائدة وقد
يذكر معها .
وبخصوص هذه المسألة ميزت المادة 162بين الكمبيالة مستحقة األداء عند
االطالع أو بعد مدة من االطالع وبين الكمبيالة مستحقة األداء في تاريخ معين أو بعد
مدة من إنشائها ،فأجازته في األولى بشرط أن يبين سعر الفائدة وإال اعتبر الشرط كأن
8
لم يكن ،ولم تجزه في النوع الثاني لسهولة احتساب قدر الفائدة عن المدة الفاصلة بين
تاريخ إنشائها وتاريخ استحقاقها وإضافته إلى أصل المبلغ .
السنــد ألمـــــر :
يتضمن تعهدا بالوفاء وليس أمرا بالوفاء فالسند ألمر يبرئ التزام المتعهد بأداء
مبلغ معين من النقود للمستفيد أو ألمره فالسند الذي يتضمن خطأ عبارة " ادفعوا مقابل
" .....عوض " أتعهد بموجب " ....دون تعيين المسحوب عليه ال تكون له أية قيمة
صرفية النعدام التعهد بالوفاء .
هذا ويجب أن يكون السند مطلقا غير معلقا على شرط أو أجل معين ،وأن يكون
محله دفع مبلغ معين من النقود .
وعند االختالف بين مبلغ السند تطبق نفس القواعد المقررة في الكمبيالة .
الشيــك :
كذلك يجب أن يكون لألمر الناجز بدفع مبلغ من النقود ناجزا غير معلق على شرط،
وإذا كان األمر الناجز في الكمبيالة يمكن أن يصاحب بأجل استحقاق الحق ،فإن األمر
ليس كذلك في الشيك إذ أن تضمينه أجال الحقا لتاريخ إنشائه بجعله واجب األداء عند
االطالع أي عند تقديم ه لألداء نفس األمر في الكمبيالة فيما يخص االختالف الوارد بين
المبلغ المذكور بالحروف أو األرقام ( المادة 247مدونة التجارة )
كذلك أوجدت مدونة التجارة الحل إذا كان الشيك مستحق الوفاء بالمغرب وصادرا في بلد
تختلف اليومية المعمول بها فيه عن اليومية المعمول بها في المغرب ،أرجع تاريخ اإلصدار
إلى اليوم المقابل في اليومية المعمول بها في المغرب ( المادة 269مدونة التجارة ).
بخالف الكمبيالة يمنع اشتراط الفائدة في الشيك وتعليل هذا المنع يرجع إلى كون
الشيك مستحق األداء عند االطالع ( 245مدونة التجارة ) وكل اشتراط بخصوص هذه
المسألة يعتبر كأن لم يكن .
– 3اسم المسحوب عليه :
إن ذكر اسم المسحوب عليه في صلب الكمبيالة شيء ضروري على اعتبار أنه
الشخص ( طبيعيا أو اعتباريا )الذي يتقدم إليه المستفيد أو حامل الكمبيالة الستخالص
مبلغها عند حلول ميعاد االستحقاق .
لذلك يتعين أن يحدد بدقة اسم المسحوب عليه وأن يكون معروفا بمعنى أن يكون
شخصا حقيقيا ال وهميا وهو ما يصطلح عليه " كمبيالة مسحوبة في الهواء " ،فالكمبيالة
9
هنا صحيحة من الناحية الصرفية مستوفية ألحد بياناتها اإللزامية لكن إمكانية متابعة
الساحب جنائيا بجنحة النصب واالحتيال مؤسسة قانونا متى توافرت شروطها .
فالكمبيالة تختلف عن السند ألمر من حيث يلتزم ساحب السند ( المتعهد ) بأداء
قيمته للمستفيد فال وجود هنا للمسحوب عليه ،في حين تلتقي الكمبيالة من هذه الناحية
مع الشيك من كون ضرورة وجود المسحوب عليه ،إال أنه في الكمبيالة قد يكون
شخصا طبيعيا أو معنويا ،أما في الشيك فهو دائما وأبدا مؤسسة بنكية ( المادة ) 241
وتجدر اإلشارة إلى أن االلتزام الصرفي ال ينشأ اتجاه المسحوب عليه من العالقات
السابقة عند إنشاء الكمبيالة ،وإنما ينشأ بتوقيعه عليها بالقبول فهو يرتبط بهذا األخير
وجودا وعدما .
ويجوز في القانون المغربي كما هو الشأن في القانون الموحد أن تسحب الكمبيالة
على الساحب نفسه ( الفقرة 2من المادة ) 162بمعنى أن يكون ساحبا ومسحوبا عليه
في نفس الوقت ،فتكون الكمبيالة في هذه الحالة أشبه بالسند ألمر .
وإذا كان األمر كذلك في الكمبيالة فهل في الشيك تطرح إمكانية جواز أن يكون
الساحب مسحوب عليه في نفس الوقت ؟
إن األصل والمبدأ هو عدم الجواز في الشيك ألن سحب شيك يقتضي أن يكون
الس احب والمسحوب عليه شخصين منفصلين حتى يمكن توجيه األمر باألداء من أحدهما
لألخر ،كما يف ترض في الشيك وجود مؤونة للساحب لدى المسحوب عليه وال يتصور
كون الشخص دائنا لنفسه .
غير أنه ولضرورات عملية استثنى قانون جنيف الموحد من منع سحب الشيك على
الساحب نفسه ا لحالة التي يمتلك فيها البنك عدة مؤسسات وفروع تابعة إمكانية سحب
شيكات على أحد فروعه لمصلحة شخص معين ،وهو ما زكته الفقرة 3من المادة 244
من مدونة التجارة " :ال يجوز أن يسحب الشيك على الساحب نفسه إال حال سحبه بين
عدة مؤسسات لساحب واحد شرط أال يكون هذا الشيك لحامله" .
– 4تعيين اسم المستفيد :
ويجب أن يكون اسم المستفيد محددا بدقة ومكتوبا بكامله ،ويمكن لبعض الحروف
أن تعين المستفيد إذا كانت تعبر عنه بدون شك وال غموض .
ونشير في األخير أن المستفيد قد يكون شخصا واحـدا أو متعددا ،طبيعيا أو معنويا.
✓ بخصوص السند ألمر :
أوجبت المدونة ذكر اسم الشخص الذي يجب أن يقع الوفاء له أو ألمره ،وهو ما يدل
على عدم جواز تحرير السند لحامله كما هو الحال في الكمبيالة (المادة .)232
ويجوز أن يكون المستفيد شخصا طبيعيا أو معنويا ،لكن ال يجوز أن يتعدد المستفيدون ألن
ذلك يتنافى وطبيعة السند .
لكن طرح التساؤل عن إمكانية تحرير السند ألمر من طرف المحرر نفسه أو بعبارة
أخرى هل يجوز أن يصبح المتعهد هو المستفيد نفسه من السند ؟
بخصوص هذه المسألة انقسم الفقه إلى قسمين :فريق يرى جواز وفريق آخر يرى عدم
الجواز مستند ين في ذلك أنه ليس هناك في النصوص التي تقرر إحالة أحكام الكمبيالة
وتطبقيها على السند ألمر ما يفيد ذلك ،إال أننا نؤيد الفريق الثاني على اعتبار مسألة كون
المتعهد هو نفسه المستفيد أمر نادر الحدوث من الناحية العملية ،وال توجد أسباب تدعوا
لتحرير السند ألمر إال في حالة حاجة المتعهد إلى النقود فيقوم آنذاك بتحريره وخصمه لدى
البنك مع العلم أن هناك وسائل عديدة تقوم مقام السند في الوقت الحاضر بهذه العملية .
– 5تاريخ ومكان اإلنشاء :
يحظى تاريخ ومكان إنشاء الورقة التجارية بأهمية بالغة تتفاوت بحسب طبيعة كل
ورقة.
✓ فبالنسبة للكمبيالة :
ـ تعيين تاريخ اإلنشاء :
11
لم يحدد المشرع شكال خاصا لتعيين تاريخ اإلنشاء بحيث يمكن أن يكتب التاريخ
بالحروف أو باألرقام أو بهما معا ،أو أن يحدد باليوم والشهر والسنة ،والمهم أن يعين هذا
التاريخ وأن يكون واحدا وتكمن أهمية ذكر تاريخ اإلنشاء في :
معرفة ما إذا كان الساحب حين إنشاء الكمبيالة متمتعا باألهلية التجارية أم ال . -
التحقق ما إذا كان الساحب حين إنشاء الكمبيالة في فترة الريبة أو التوقف عن الدفع -
ألن كافة تصرفاته في هذه الفترة تكون غير نافذة اتجاه دائنيه .
معرفة تاريخ استحقاق الكمبيالة في حالة الكمبيالة المستحقة بعد مدة من إنشائها -
والكمبيالة المستحقة بمجرد اإلطالع أو بعد مضي مدة معينة من االطالع .
تحديد المدة الواجب مراعاتها الحتساب أمد التقادم . -
إذن نصل إلى أن تاريخ الكمبيالة يجب أن يكون حقيقيا ال وهميا وال متقدما أو متأخرا
على زمان اإلنشاء الفعلي كل هذا حماية لحقوق األغيار ،وال يؤدي خلو هذا البيان إلى
بطالن الكمبيالة ،ذلك أن تاريخ إنشائها في هذه الحالة يكون هو تاريخ تسليم الورقة إلى
المستفيد حسب الفقرة األخيرة من المادة . 160
ـ تعيين مكان اإلنشاء :
يجب ذكر مكان اإلنشاء أو السحب الذي حررت فيه الكمبيالة ،وتظهر أهمية هذا
المقتضى بالخصوص في المعامالت الدولية على اعتبار أن ذلك يفيد في حل مسألة تنازع
القوانين ،مما يفيد في معرفة القانون الواجب التطبيق والذي يكون غالبا قانون بلد اإلنشاء
أو السحب .
هذا على الصعيد الدولي أما على الصعيد الداخلي فتظهر أهميته في معرفة مكان
الساحب للرجوع عليه في حالة عدم قبول الكمبيالة أوعدم الوفاء بها من طرف المسحوب
عليه .
ونشير ختاما أنه للتخفيف من حاالت البطالن التي قد تعيب الكمبيالة فإن عدم ذكر
مكان اإلنشاء يصبح إنشائها هو المكان المذكور بجانب اسم الساحب ( الفقرة 3من المادة
، ) 160أما إذا لم يقترن اسم الساحب بمكان فإن الكمبيالة ال تبطل ويكون مكان اإلنشاء هو
مكان موطنه ( الفقرة 6من المادة . ) 160
كذلك إذا لم يعين مكان بجانب اسم المسحوب عليه اعتبرت صحيحة ،ويكون مكان
الوفاء في هذه الحالة هو المكان الذي يزاول فيه المسحوب عليه نشاطه أو موطنه طبقا
للفقرة 4من المادة . 160
13
فإن المكان المذكور بجانب اسم المتعهد هو مكان الوفاء ،وفي حالة عدم وجود هذا البيان
اعتبر مكان عمل المتعهد أو مكان إقامته مكانا للوفاء ( الفقرتين 3و 4من المادة . ) 233
وفي حالة إغفال هذا البيان ال يعتبر الشيك باطال وإنما حسب المادة 240يعتبر المكان
الموجود بجانب المسحوب عليه مكانا للوفاء ،وإذا عينت عدة أمكنة إلى جانب اسم
المسحوب عليه اعتبر الشيك مستحق الوفاء في المكان المعين أوال .
وإذا خال الشيك من هذه البيانات أو من أي بيان آخر وجب الوفاء في المكان الذي توجد
به المؤسسة الرئيسية للمسحوب عليه .
– 7تاريخ االستحقاق :
يعتبر تاريخ االستحقاق على غاية من األهمية في األوراق التجارية باستثناء الشيك
الذي ال يعد وسيلة ضمان بل وسيلة أداء مادام مستحق الوفاء بمجرد االطالع .
✓ بالنسبة للكمبيالة :
فباعتبارها أداة وفاء فإنه يجب أن يحدد بدقة األجل الذي يحل فيه أداء المبلغ الثابت فيها،
فالتنصيص على ميعاد االستحقاق أمر ضروري حتى يتمكن الحامل الشرعي لها من معرفة
التاريخ الذي يجب عليه تقديم الكمبيالة إلى المسحوب عليه قصد استخالص مبلغها من جهة
أولى ،وحتى يمكن من مراقبة مدى احترام الحامل لآلجال القانونية للتقدم بالوفاء أو إلقامة
االحتجاج (أي كونه حامال مهمال أم ال )من جهة ثانية ،وبالتالي إمكانية احتساب مدة التقادم
من جهة ثالثة .
وهنا نؤكد على وحدة تاريخ االستحقاق كأن يشار إلى أداء جزء من مبلغ الكمبيالة في
تاريخ والجزء المتبقي في تاريخ آخر .
14
غير أن عدم تعيين تاريخ االستحقاق ال يؤدي مطلقا إلى بطالن الكمبيالة ،بل تبقى هذه
الورقة صحيحة وبالتالي تكون مستحقة األداء بمجرد االطالع عليها ،فالمادة 181حددت
أربع حاالت الستحقاق الكمبيالة :
الكمبيالة المستحقة األداء بمجرد االطالع . -
الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة معينة من االطالع . -
الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة معينة من تاريخ إنشائها . -
الكمبيالة المستحقة األداء في تاريخ معلوم ومضبوط قصد استخالصها . -
وما ينبغي اإلشارة إليه أن هذه الحاالت األربع هي محددة على سبيل الحصر من قبل
القانون ،حيث أن مخالفتها أو إدراج مواعيد متعاقبة يؤدي إلى بطالنها .
✓ بالنسبة للسند ألمر :
تسري عليه أحكام المواد من 181إلى 183الخاصة بالكمبيالة بخصوص تعيين
تاريخ االستحقاق والتي تحيل عليه المادة 234في فقرتها . 2
عمل التشريع التجاري الجديد على ضرورة تضمين اسم وتوقيع الساحب على الورقة
التجارية .
✓ بالنسبة للكمبيالة :
وبخالف التشريع القديم استلزمت المادة 159في فقرتها 8على ذكر اسم الساحب على
الكمبيالة وتوقيعه عليها تحت طائلة عدم صحتها ،ألن هذا التوقيع هو الذي يدخله في دائرة
التداول الصرفي ما دام أن إنشاء الكمبيالة تصرفا إراديا ،وأن التوقيع يعني إفصاح الساحب
عن إرادته االلتزام بالوفاء في حالة امتناع المسحوب عليه عن تنفيذ األمر باألداء الموجه
إليه .
وفي حالة تعدد ساحبي الكمبيالة يجب على هؤالء جميعا التوقيع عليها ويكونون
متضامنين اتجاه الحامل بوفاء قيمتها .
فالكمبيالة بال توقيع ال قيمة لها إذ ال التزام بدون ملتزم .
لكن يطرح التساؤل عن شكل التوقيع في التشريع المغربي وهو ما ينبغي توفر شروط
معينة لصحته ؟
15
إن المشرع المغربي وخالفا لقانون جنيف الذي يجيز أشكال التوقيعات األخرى ال
يعترف إال بشكل التوقيع الخطي أي إمضاء الورقة بيد الساحب كتابة ،وبالتالي استبعاد كل
أشكال التوقيعات األخرى كبصمة اليد والختم الميكانيكي ،وفي هذا اإلطار قضت المحكمة
االبتدائية بالدرالبيضاء في قرار صادر بتاريخ 16يونيو " : 1983أن بصمة األصابع
الموضوعة على الكمبيالة من قبل المسحوب عليه ال تعتبر قبوال وفقا للقانون ،فال يمكن
للدائن أن يحتج بواسطتها على المدين للحصول على حقوقه المالية التي تترتب عن الورقة
التجارية حتى إذا اعترف المدين بوضع بصمة أصابعه عليها " .
كما أن المجلس األعلى سابقا(محكمة النقض) لم يعتبر التوقيع بالبصمة إمضاء وال
يلزم صاحبه طالما أن المشرع لم ينص عليه ال ضمن القواعد العامة ،وال في ظل القانون
التجاري ،فبناء على مقتضيات الفصل 426من ق ل ع استبعد المجلس األعلى أكثر من
مرة أساليب التوقيع األخرى من مفهوم التوقيع ،ولو أن الفصل في معرض إقصائه للوسائل
األخرى استبعد صراحة الطابع أو الختم دون البصمة .
وهكذا يظل التوقيع بالطريقة اليدوية في المغرب يطرح عدة صعوبات عملية في وقت
أصبح يعرف كثرة المعامالت التجارية وإصدار العديد من الكمبياالت من طرف التجار
والمقاوالت واستعمال الحاسب اآللي محل األفراد في طبع الكمبياالت ،مما يصعب
مأموريتهم في توقيعها بخط ا ليد مما دفع المشرع الفرنسي إلى إمكانية توقيعها آليا وبالتالي
إصدار قانون يسمح بالتوقيع بأي شكل آخر غير خط اليد ،وهو قانون 16يونيو 1966
وهو األمر نفسه في التشريعات العربية كالمصري ( المادة 548من قانون 17لسنة
،)1999غير أن القضاء المغربي وإن كان محافظا على نفس النهج التقليدي فيما يخص
التوقيع بخط اليد ،فإن هذا المسلك قد يتغير في األيام المقبلة خصوصا بعد إصدار القانون
رقم 53-05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،والذي صدر في 30نونبر
، 2007هذا القانون الذي يحدد النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تداولها
بطريقة إلكترونية ،وعلى المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق وتلك المعدة على
دعامة إلكترونية وعلى التوقيع اإللكتروني .
وبذلك يخرج هذا القانون الكتابة الورقية من النطاق الضيق إلى نطاق الكتابة
اإللكترونية ،مما يجيز التوقيع اإللكتروني وهذا ما سيجعل القضاء المغربي سيغير موقفه
بما يستجيب لمتطلبات التجارة واألعمال .
هذا ويستلزم التوقيع على الكمبيالة عدة شروط ال بد من مراعاتها وهي :
-أن يدل التوقيع على شخصية صاحبه وفي هذا السياق ذهبت محكمة استئناف الدار
البيضاء إلى أن " التوقيع المذكور الوارد في شكل "أ.و" هو توقيع غير اعتيادي وال
16
ينتج آثاره القانونية وفقا لالجتهاد القضائي طالما أن المستأنف عليها لم تبرهن
بالمكشوف أن مدير المستأنفة كان يوقع بشكل اعتيادي بالطريقة المذكورة " .
-أن يكون صادرا من منشئ االلتزام الصرفي بالذات ،بمعنى آخر أن يقوم الساحب
بالتوقيع على الكمبيالة ،أما إذا كان السحب نيابة فيجب التوقيع الشخصي للنائب .
-أن يتم التوقيع في أسفل الورقة حتى ينصرف االلتزام إلى اطالعه على جميع ما
تضمنته هذه الكمبيالة من بيانات وموافقته ورضاه عليها .
✓ بالنسبة للسند ألمر :
توجب المادة 232في فقرتها 7تضمين اسم المتعهد باعتباره المنشئ الحقيقي للسند
وملزم بقيمته اتجاه المستفيد ،وعليه يجب أن يضع توقيعه على السند حتى يعتبر ملزما
بمحتواه وذلك على عكس الكمبيالة ما دام للمتعهد صفتا الساحب والمسحوب عليه ،ويكون
هذا التوقيع باإلمضاء باليد كتابة فالمشرع المغربي استبعد األساليب األخرى كما سبق الذكر
✓ بالنسبة للشيك :
بخالف األمر في الكمبيالة والسند ألمر حيث يتولى الساحب في األولى والمتعهد في
الثانية تضمين اسمه ،فإن المادة 308ألزمت األبناك ذكر اسم الساحب على الشيك تحت
طائلة عدم صحة السند ،على أنه في حالة إغفال البنك لهذا البيان يجب على الساحب
تدارك هذا اإلغفال تحت طائلة بطالن الشيك كورقة تجارية طبقا للمادة . 240
وغالبا ما يكون اسم الساحب مطبوعا في أسفل صيغ الشيكات ومقرونا برقم حسابه
البنكي ،وبخصوص شروط صحة التوقيع على الشيك فهي نفس الشروط المتطلبة في
الكمبيالة لذلك يرجع إليها .
الفقرة الثانية :اآلثار المترتبة عن اإلخالل بالبيانات اإللزامية :
كما سبق أن أشرنا سابقا أن األوراق التجارية تعتبر تصرفات قانونية ذات طبيعة شكلية
والشكل بالنسبة إليها ركن ثابت وأصيل فهو شرط وجود ال صحة يترتب عن وجوده
الوجود وعن عدمه العدم أي البطالن .
ويعد البطالن من النظام العام يمكن أن يتمسك به كل ذي مصلحة وللمحكمة أن تثيره
من تلقاء نفسها ،فالورقة التجار ية التي ينقصها أحد البيانات اإللزامية تعتبر باطلة بقوة
القانون ،وهذا ما أكده القضاء المغربي في قرار لمحكمة االستئناف بالدار البيضاء بتاريخ
1985/07/16على اعتبار هذه الشكلية من النظام العام حيث جاء فيه " :وحيث تتجلى من
اإلطالع على الكمبيالة المدلى بها بأنها ينقصها توقيع الساحب ،وحيث تكون باطلة النعدام
بيان إلزامي " .
17
غير أن العيوب التي قد تلحق البيانات اإللزامية تتخذ صور متعددة ،فقد يعتري الورقة
التجارية نقصان أحد البيانات اإللزامية أو إهمال هذه األخيرة ( أوال ) ،وإما أن تكون
البيانات المضمنة محل تزوير أوقد تكون صورية ( ثانيا ) .
أوال :تخلف أو نقصان أحد البيانات اإللزامية :
عملت جل التشريعات التجارية على التخفيف من حاالت البطالن التي قد تصيب
الورقة التجارية ،وذلك بتكملة البيان الناقص وإدراج استثناءات تروم في مجملها الحفاظ
على صحة الورقة التجارية وتيسير تداولها ،كل ذلك حماية لالئتمان التجاري وحتى تؤدي
الوظائف االقتصادية المنوطة بها ،والمشرع المغربي كغيره من التشريعات لم يخلو من
هذه االستثناءات في جميع أنواع األوراق التجارية .
✓ فعلى مستوى الكمبيالة :
انتقلت هذه االستثناءات من ثالثة إلى أربعة مع إضافة تاريخ االستحقاق المادة 160
واستثناءين آخرين على مستوى الشيك والكمبيالة :
الحاالت المشتركة بين األوراق التجارية :
-إذا لم يذكر في الشيك والكمبيالة والسند ألمر مكان الوفاء فإن المكان المبين بجانب
المسحوب عليه هو مكان الوفاء ،وإذا لم يذكر مكان بجانب المسحوب عليه اعتبر
المكان الذي يزاول فيه المسحوب عليه نشاطه أو موطنه .
-إذا لم يعين مكان اإلنشاء تكون الورقة محررة في المكان المذكور بجانب اسم
الساحب ،وإذا لم يعين مكان بجانبه يعتبر مكان إنشائها موطن الساحب .
هذا فيما يخص الحالتين المشتركتين بين األوراق التجارية الثالث ،لكن هناك حاالت
تستقل بها الكمبيالة والسند ألمر وهي كاآلتي :
-إذا لم يعين في الكمبيالة والسند ألمر تاريخ االستحقاق تعتبر مستحقة بمجرد
االطالع.
-إذا لم يعين في الكمبيالة والسند ألمر تاريخ إنشاءهما بجعل تاريخ إنشاءهما هو
تاريخ تسليم السند إلى المستفيد ما لم يرد في السند تاريخ مخالف لذلك .
هكذا نصل إلى أن تخلف بيان واحد أو أكثر من البيانات اإللزامية يجعل الورقة التجارية
باطلة خارج الحاالت االستثنائية المنصوص عليها أعاله ،إال أن هذه الورقة يمكن أن
تتحول إلى تصرف صحيح من نوع آخر طبقا لنظرية تحول التصرف الباطل إلى تصرف
صحيح إذا توفرت به ما يصح به شروط التصرف الصحيح ( المادة 309ق ل ع ).
18
فقد قضى المجلس األعلى في قرار صادر بتاريخ " : 1985/10/16لكن حيث إن
المحكمة وعن صواب عندما اعتبرت الوثيقة المدلى بها والغير المتوفرة على شروط
الكمبيالة سندا عاديا للدين لقبوله وتوقيعه من طرف المدين تكون قد عللت قرارها تعليال
صحيحا ،وأن تسميتها كمبيالة من قبل الدائن ال يمكن أن يضفي عليها تلك الصفة إذا لم
تتوفر فيها الشروط المتطلبة قانونا " .
ثانيا :تحريف البيانات اإللزامية أو صوريتها :
– 1تحريف البيانات :
يتمثل التحريف في كل تغيير مادي يقع في بيان أو أكثر في الورقة التجارية بعد
كتابتها ،ويتم ذلك بدون رضا وال علم األطراف المعنية الشيء الذي يغير مركزهم القانوني.
فأصل عدم مشروعية التحريف أنه يكون الحقا إلنشاء الورقة ،في حين الصورية
تفترض كذب من أنشأ هذه الورقة .
وإذا كان التحريف أو التزوير ال يؤدي إلى بطالن الورقة التجارية ،فإن البيان
المحرف أو المزور ال يلزم سوى الموقعين الالحقين على الكمبيالة (المادة ،) 227والسند
ألمر (المادة ،) 234والشيك (المادة ) 294بعد إدخال التحريف ،أما أولئك الذين وقعوا
قبل ذلك فيلتزمون بالنص األصلي قبل تحريفه .
وهذا ما يشكل الشق التجاري من الجزاء القانوني على اعتبار أن للتحريف جزاءات
األول مدني وهو ما تكلمنا عنه أعاله ،والثاني جنائي وهو ما يتمثل في المقتضيات
الزجرية المنصوص عليها في المادة 357من القانون الجنائي ،ناهيك على أن المشرع
التجاري أفرد مقتضيات خاصة بالشيك وعيا منه بأهمية هذه الورقة كأداة وفاء ،حيث
تنهض المسؤولية الجنائية في الحاالت الثالث وفق ما أشارت إليه المادة 316في الفقرات
4و 5و. 6
نكون أمام الصورية عندما تتوفر الورقة التجارية على جميع البيانات اإللزامية ،إال أن
البعض منها يغاير الحقيقة كأن يوضع اسم مستعار في مكان االسم الحقيقي للساحب أو كأن
يكون مكان اإلنشاء وهميا ،وهناك من عرفها بأنها وضع وهمي يظهر بمظهر الوضع
الحقيقي .
وما ينبغي مالحظته هو أن م دونة التجارة لم تشتمل على أي مقتضى يتعلق بالصورية
وأثرها ،وهو ما يجعل الرجوع إلى القواعد العامة أمر ال مناص منه خصوصا الفصل 22
19
من ق ل ع الذي يقضي بأن " :االتفاقات السرية المعارضة أو غيرها من التصريحات ال
يكون لها أثر إال فيما بين المتعاقدين ومن يرشدها فال يحتج بها على الغير إذا لم يكن له علم
بها ،ويعتبر الخلف الخاص غيرا بالنسبة ألحكام هذا الفصل " .
فالصورية تقوم إذن بين أطراف العالقة مباشرة كالساحب والمسحوب عليه وتخضع
بالتالي لقانون مزدوج ،األول القانون الصرفي الذي يعتبرها صحيحة طبقا لمبدأ الكفاية
الذاتية للورقة التجارية حيث يستلزم أن تكون البيانات اإللزامية متوفرة دون الغوص في
معرفة حقيقتها أو صح تها ،والثاني القانون العادي المنظم للصورية الذي حددت معالمه
وأوصافه المادة 22من ق ل ع .
20
إن سبب إنشاء الكمبيالة يكمن في عالقة المديونية بين الساحب والمستفيد ،فهذا الشرط
يفترض وجود دين للمستفيد على الساحب وهو في نفس الوقت سبب التزام الساحب قبل
المستفيد ،وتكمن أهمية هذا البيان في معرفة مشروعية أو عدم مشروعية سبب إنشاء
الكمبيالة ،وقد كان القانون المغربي يعتبر هذا البيان من البيانات اإللزامية منذ صدور
ظهير 12غشت ، 1913غير أنه تخلى عن هذا البيان بعد صدور ظهير 19يناير 1939
أخذا بأحكام قانون جنيف الموحد وهو نفس األمر الذي أكدته مدونة التجارة .
هذا ويمكن أن تتضمن الكمبيالة بيانات اختيارية تؤثر فيها :
تحظى مثل هذه البيانات بأهمية بالغة ،على اعتبار أن تضمينها يؤثر على الكمبيالة
كورقة تجارية وتكمن أهم هذه البيانات في :
-بيان ليست ألمر أو بيان عدم التداول :
حينما يتم إيراد هذا الشرط فإن ذلك يجعل الكمبيالة غير قابلة للتداول أو بعبارة أخرى
غير قابلة لالنتقال عبر الطريق الصرفي إلى شخص آخر أي غير قابلة للتظهير ،وإن
كانت قابلة لالنتقال المدني عن طريق الحوالة العادية ( المادة 167م ت ) .
ويتم إيراد هذا الشرط إما من قبل الساحب أم من قبل أي مظهر آخر للكمبيالة ،غير
أنه في هذه الحالة ال يكون المظهر ضامنا اتجاه من تؤول إليه تظهيرا آخر ( المادة 169
في فقرتها . ) 2
هذا ويمكن لباقي الموقعين على الكمبيالة التحلل من عدم ضمان القبول أو الوفاء في
الحالة التي يوردون فيها هذا البيان .
21
-بيان أو شرط المحل المختار :
يتم إيراد هذا الشرط من قبل الساحب أو المسحوب عليه ،ويهدف إلى تقريب محل
الوفاء من المستفيد أو الحامل حينما يكون محل المسحوب عليه بعيدا ،ويمكن أن يكون
المحل المختار غير موطن المسحوب عليه ( المادة 161م ت ) .
وإذا تم إدراج هذا الشرط من قبل الساحب انسحب على كل الموقعين الالحقين ،أما إذا
أورد هذا الشرط أحد الموقعين الالحقين فإن آثاره ال تسري إال عليه وحده ،حيث أن
رجوع الحامل على بقية الموقعين يبقى رهينا بإقامة االحتجاج حسب الفقرة األخيرة من
المادة . 200
22
تطبق على السند ألمر أحكام المادة 162من مدونة التجارة التي عالجت أحكام الفائدة
في الكمبيالة ،وعليه يجوز اشتراط الفائدة في السند ألمر المستحق األداء عند االطالع أو
بعد مضي مدة معينة من االطالع على أساس أن يذكر سعر الفائدة ،ألن عدم ذكره يجعل
هذا البيان غير موجود وال قيمة له .
ـ بيان وصول القيمة :
يذهب هذا البيان إلى الكشف عن سبب نشوء الدين في العالقة بين المتعهد والمستفيد .
ـ بيان عدم الرجوع بدون مصاريف :
هذا البيان كما رأينا يعفي حامل السند من إقامة االحتجاج الالزم عند االمتناع عن
الوفاء ،وهذا البيان يمكن وضعه من طرف المتعهد وعندئد يسري أثره على جميع
المظهرين ،أما إذا وضعه أحد المظهرين فيسري عليه وحده وال يتم الرجوع على اآلخرين
إال بإقامة االحتجاج .
✓ بالنسبة للشيك :
إذا كان ألطراف الشيك إمكانية تضمين عدة بيانات اختيارية إال أن المشرع التجاري
عمل على تقييد هذه اإلرادة في الشيك عنه في الكمبيالة والسند ألمر ،فالمشرع منع إدراج
البيانات التي تتنافى مع طبيعة ال شيك وفي حالة ما إذا تم إدراج مثل هذا البيان فالشيك يظل
صحيحا في حين يعد البيان كأن لم يكن ،ومن بين البيانات التي ال يسوغ تضمينها في
الشيك والمنصوص عليها قانونا على اعتبار أن األصل هو اإلباحة هي :
اشتراط الفائدة يعد كأن لم يكن ( المادة . ) 245 -
اشتراط ضمان أو عدم ضمان القبول ( المادة 242ف . ) 1 -
اشتراط الساحب عدم ضمان الوفاء ( المادة . ) 250 -
اشتراط عدم الوفاء الفوري بمبلغ الشيك ألنه يحول طبيعة الشيك من الوفاء إلى -
االئتمان ،فالشيك مستحق األداء بمجرد االطالع ( المادة . ) 267
التظهير المقيد فالتظهير يجب أن يكون ناجزا وكل شرط مقيد له يعتبر كأن لم يكن ( -
المادة 254ف . ) 1
غير أنه يجوز لألطراف إضافة مجموعة من البيانات االختيارية التي ال تخالف
بطبيعتها قانون الصرف ،ومن بينها:
-شرط الرجوع بال مصاريف ( م 286ف . ) 1
23
شرط الوفاء في مكان مختار على أساس أن يكون الغير مؤسسة بنكية ،وال يفرض -
هذا الشرط على الحامل إال إذا كان الشيك مسطرا والموطن محددا في بنك المغرب
( م . ) 246
شرط ليست ألمر ( م 243و . ) 252 -
شرط الضمان االحتياطي ( م . ) 264 -
شرط عدم ضمان الوفاء من قبل المظهر ( م 257ف ، ) 1وهنا ما تجدر اإلشارة -
إليه أن الشيك ال يخضع للقبول فال يمكن الحديث عن ضمان القبول ( م . ) 242
هذه مجموعة من البيانات ال جائز إدراجها في األوراق التجارية والتي ال يؤثر وجودها
من عدمه على صحة هذه األوراق.
24
تداول الورقة التجارية
إن الورقة التجارية إذا ما نشأت صحيحة وفقا للتفصيل السابق إيضاحه وتسلمها
المستفيد ،فإنها تصبح مهيأة للتداول ألداء وظيفتها االقتصادية لذلك خصها القانون الموحد
لجنيف ومعه مدونة التجارة المغربية بمجموعة من اآلليات تهدف إلى تسهيل تداولها ،
وتمتيعها بطرق ت جارية صرفية للتداول تختلف تماما عن الطرق المدنية النتقال الحقوق
والديون تراعي السرعة والطمأنينة والفعالية في ذات اآلن .
ويعتبر التظهير ذلك اإلجراء الصرفي الذي يتم بموجبه تداول الورقة التجارية ،هذه
األخيرة تشمل الكمبيالة والسند ألمر والشيك ،وإذا كان المشرع المغربي قد أحال على
أحكام الكمبيالة لتطبق على السند ألمر ( المادة 234أحالت على المواد من 167إلى 173
الخاصة بالتظهير ) ،فإنه بخصوص تظهير الشيك أو تداوله فقد خصصت له المواد من
252إلى 263ولو أن وقوعه من الناحية العملية قليل بالمقارنة مع الكمبيالة .
ولذلك سنعرض لتداول الكمبيالة في مطلب أول بشكل معمق على أن نعرض للشيك في
شكل مختصر في مطلب ثاني في حين لن نعرض للسند ألمر ما دام أن أحكام الكمبيالة
تطبق عليه .
المطلب األول :تداول أو تظهير الكمبيالة L’endossement
يمكن التظهير من نقل الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى المظهر إليه وفق ما
نصت عليه الفقرة األولى من المادة 167التي نصت على أنه " :تنتقل الكمبيالة بطريق
التظهير ولو لم تكن مسحوبة لألمر صراحة " .
وإذا كان التظهير الطريقة الصرفية االعتيادية التي تبتدئ بها الكمبيالة مشوار التداول ،
فإن ذات الورقة قد يقتصر تداولها على الطرق المدنية في الحالة التي يشترط الساحب منع
تداول الكمبيالة بالتظهير حين يورد ضمن بياناتها شرط ليست ألمر وهذا ما نصت عليه
الفقرة 2من المادة " : 167تنتقل الكمبيالة عن طريق الحوالة العادية وتخضع آلثارها متى
أد رج الساحب فيها عبارة ليست ألمر أو أية عبارة أخرى موازية لها " ،هذا يمكن أن تنتقل
الكمبيالة إلى الغير وذلك بغير طريق التظهير عن طريق الحوالة العادية وفقا للقواعد العامة
المقررة في القانون المدني ،وال تكون الحوالة نافدة في مواجهة المدين إال إذا قبلها في
مح رر ثابت التاريخ ،أو بلغت إليه تبليغا رسميا طبقا لمقتضيات المادة 195من ق ل ع ،
25
بحيث ال يضمن المظهر ( المحيل ) إال وجود الحق المحال به وقت الحوالة فال يضمن
يسار المدين ما لم يوجد اتفاق خاص على ذلك .
كما يجوز للمدين أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها قبل
المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه من ناحية ،والدفوع الناشئة عن عقد الحوالة من ناحية
أخرى ،وبالتالي فتداول الكمبيالة عن طريق الحوالة العادية يضعف وضعية الحامل
الشرعي أي المحال له من حيث عدم إمكانية استفادته من الضمانات الصرفية التي أقرها
القانون الصرفي ومن أهمها مبدأ عدم التمسك بالدفوع .
وتنتقل الكمبيالة أيضا بطريق الوصية أو اإلرث أو اندماج الشركات ،وإذا كانت هاتين
الطريقتين هما الطريق الوحيد النتقال الحقوق بعد الوفاة ،فإن حوالة الحق هي السبيل
الطبيعي النتقال الحقوق بين األحياء ،بيد أنها تستلزم استيفاء إجراءات شكلية بطينة ومعقدة
تنوء عنها األعمال التجارية وما تتصف بها من سرعة ،لهذا استقر العرف التجاري على
طريقة التظهير منذ أواخر القرن 16بايطاليا فما هو تعريفه وأنواعه وأخيرا آثاره .
يقصد به ذلك التظهير الذي ي نقل ملكية الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى
المظهر إليه ،وهو أكثر أنواع التظهير شيوعا وانتشارا في العمل باعتباره األداة القانونية
لعمليات خصم األوراق التجارية ،ولقيامه بالدور المنوط به رتب المشرع :
26
✓ بطالن التظهير الجزئي ( ف 5م . ) 167
✓ الشرط باطل أو كان لم يكن ويظل التظهير صحيحا ( ف 4م .) 167
ال يستهدف التظهير التوكيلي نقل الحق الثابت في الورقة التجارية من المظهر إلى
المظهر إليه ،وإنما مجرد توكيل المظهر إليه عن المظهر من أجل تحصيل مبلغ الكمبيالة
وإتباع اإلجراءات القانونية لذلك ،وهذا ما نصت عليه المادة 172من م ت .
27
فالتظهير التوكيلي بمثابة عقد وكالة بين المظهر (الموكل ) والمظهر إليه ( الوكيل )
يكلف بمقتضاه المظهر إليه بالقبض والتحصيل واتخاذ اإلجراءات القانونية لذلك .
هذا ولم يحدد المشرع المغربي شكال معينا لهذا النوع من التظهير تاركا ذلك إلرادة
األطراف ما دامت الكمبيالة تتضمن ما يفيد تظهيرا للتوكيل فقط .
ويخضع هذا التظهير لباقي الشروط التي يخضع لها التظهيرالتام .
– 3التظهير التأميني : endossement pignoratif
التظهير التأميني إجراء يمكن حامل الكمبيالة من رهنها ضمانا لقرض حصل عليه من
الغير أو بعبارة أخرى فهو تظهير يتم بموجبه االقتراض من الغير مقابل رهن الكمبيالة ،
وهذا ما أشارت إليه الفقرة 4من المادة . 172
28
.2التزام المظهر اتجاه المظهر إليه بالضمان :
يلتزم المظهر تجاه المظهر إليه وبحكم القانون ودون حاجة التفاق خاص بضمان قبول
الكمبيالة ودفع قيمتها في االستحقاق وهـو ما قررته الفقــرة 1من المادة 169بنصها على
ما يلي ":يظهر المظهر القبول والوفاء ما لم يرد شرط بخالف ذلك " .
ومن هذه الناحية يختلف التظهير عن الحوالة ،حيث ال يضمن المحيل إال وجود الحق
المحال به وقت الحوالة ويتفق هذا الحكم مع خطة المشرع الذي اعتبر التظهير بمثابة إنشاء
جديد للكمبيالة ،فكما يضمن الساحب قبول الكمبيالة ووفائها فإن المظهر أيضا يضمن لمن
ظهر إليه الكمبيالة نفس الحقوق ،وبتعدد هذه التوقيعات يعطى لحامل هذه الورقة ضمانات
هامة حيث يترتب ضمان قانوني بين هؤالء الموقعين يسمى التضامن الصرفي أو الضمان
المقرر لمصلحة حاملها وبعبارة أخرى كل الموقعين على الكمبيالة يكونون مسؤولين بشكل
تضامني اتجاه الحامل الشرعي للكمبيالة وهذا ما قررته المادة 201من مدونة التجارة " :
يسأل جميع الساحبين بالكمبيالة والقابلين لها والمظهرين والضامنين االحتياطيين على
وجه التضامن نحو الحامل " .
وما ينبغي اإلشارة إليه أن القانون المغربي أجاز للمظهر إمكانية إعفاء نفسه من ضمان
القبول والوفاء ،على أنه لم يجز للساحب إال إمكانية إعفاء نفسه من ضمان القبول دون
ضمان الوفاء طبقا للمادة ، 165بيد أن التساؤل قد يثور حول مدى التزام المظهر بالضمان
إذا كانت الكمبيالة قد ظهرت إلى حامل سابق ؟
بادئ ذي بدء ليس هناك ما يمنع قانونا من تظهير الكمبيالة إلى شخص سبق له التوقيع
عليها كالساحب أو المسحوب عليه القابل أو المظهر السابق ،وفي هذه الحالة تصبح للمظهر
إليه صفتان فهو حامل للكمبيالة من ناحية ،وساحب أو قابل أو ضامن أو مظهر من ناحية
أخرى.
فبصفته حامال أوال للصك يصبح دائنا للموقعين على الورقة بسداد قيمتها في ميعاد
االستحقاق على وجه التضامن ،وبوصفه ثانيا موقعا على الكمبيالة فإنه يكون ملتزما التزاما
تضامنيا في مواجهة الحامل بأداء قيمتها في تاريخ االستحقاق ،فهل من المتصور حينئذ أن
ينقضي االلتزام الصرفي باتحاد الذمة) (La confusionالجتماع صفة الدائن والمدين في
شخص واحد ؟ .
29
يميز الفقه بين ثالث فروض :
-1إذا كان المظهر إليه هو ساحب الكمبيالة فال رجوع له إال على المسحوب عليه للقابل
الذي تلقى مقابل الوفاء ،وليس له أن يرجع على المظهرين متى امتنع المسحوب
عليه الدفع ،وبذلك ينقضي ال تزامه بالضمان في مواجهة هؤالء المظهرين باستثناء
المسحوب عليه .
-2إذا كان المظهر إليه هو أحد المظهرين السابقين للورقة التجارية انقضى التزامه
بالضمان الناشئ عن توقيعه على الكمبيالة في مواجهة المظهرين الذي يلونه في
الترتيب أي الذين يأتون بعده ،وبذلك يمتنع عليه مطالبتهم باألداء ،ولكن يجوز له
الرجوع عند امتناع المسحوب عليه على المظهرين السابقين عليه وعلى الساحب
ألن التزامهم بالضمان الوفاء لم ينقص في مواجهته .
-3إذا كان المظهر إليه هو المسحوب عليه القابل أو الذي تلقى مقابل الوفاء أي المدين
األصلي في الورقة التجارية تحقق عندئذ اتحاد الذمة وانطفأ االلتزام الصرفي
الجتماع صفة الدائن والمدين في شخص واحد .
.3عدم التمسك بالدفوع L’inopposabilité des exceptions :
يعتبر مبدأ عدم التمسك بالدفوع األثر الثالث للتظهير التام ،ويحضى هذا المبدأ بأهمية
بارزة في القانون الصرفي ،ألنه يجعل الكمبيالة تقوم بالدور االئتماني المنوط بها ويجعل
تداولها ال تعتريه المفاجأة وقد نصت على هذا المبدأ المادة " : 171ال يجوز لألشخاص
المدعى عليهم بسبب عالقتهم الشخصية بالساحب أو بحامليها السابقين ما لم يكن الحامل
قد تعمد باكتسابه الكمبيالة اإلضرار بالمدين " .
ومؤدى هذا المبدأ أن التظهير التام ينقل الحق الثابت في الكمبيالة مبرأ من الدفوع أو
أوجه الدفاع التي يمتلك المدين توجيهها إلى دائنيه المباشرين ،أو بعبارة أخرى عدم إمكانية
المدين بمبلغ الكمبيالة التمسك في مواجهة الحامل حسن النية بالدفوعات التي كان بإمكانه
إثارتها في مواجهة دائنيه المباشرين ،لكن إذا كان الحامل مدينا للملزم باألداء اتجاهه ،كان
بإمكان المدين بمبلغ الكمبيالة إثارة دفع في مواجهة الحامل مباشرة ويتحلل من أداء مبلغ
الكمبيالة .
ومن تم يتميز التظهير عن حوالة الحق ) ( cession de créanceحيث ينتقل الحق
المحال به ذاته من المحيل إلى المحال إليه وبما علق به من أوجه دفاع ،فيجوز للمدين أن
يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي ك ان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في
حقه أو عند تبليغها الفصل 207من ق ل ع ،ألن هذا المبدأ المدني مع سالمته ال ينسجم
مع طبيعة الورقة والسرعة التي تتطلبها المعامالت التجارية .
30
ويشترط لتطبيق قاعدة تطهير الدفوع شرطين :
-1أن يكون الحامل قد تلقى الورقة التجارية بطريقة التظهير التام .
-2حسن نية الحامل بحيث يستفيد من هذه القاعدة سوى الحامل حسن النية وحده ،
واألصل أن حسن النية مفترض و يقع عبأ اإلثبات على المدين الذي يدعي العكس ،
وله أن يقيم الدليل على علم الحامل بالدفع الذي تنطوي عليه الكمبيالة وقت تظهيرها
إليه بكافة طرق اإلثبات .
ويفترض القانون في سوء نية الحامل عنصرين اثنين :
-علم الحامل بوجود الدفع .
-إدراكه الضرر الذي سيلحقه بالمدين .
هذا ولم يجعل المشرع المغربي هذا المبدأ مطلقا بل أورد عليه بعض االستثناءات
بموجبها يمكن التمسك بالدفوع حتى في مواجهة الحامل حسن النية وهي كاآلتي :
الدفوع المرتبطة بالعيوب الشكلية . -
الدفوع المرتبطة بالبيانات االختيارية المؤثرة . -
الدفع بنقصان األهلية أو انعدامها ( المادة .) 164 -
الدفع بتجاوز الوكالة أو بانعدامها ( الفقرة 2المادة . ) 164 -
الدفع بتزوير التوقيع ( الفقرة 2المادة . ) 164 -
الدفع بعدم مشروعية السبب إذا ذكر على الكمبيالة . -
الدفع بالعالقة الشخصية التي تجمع المدين الصرفي بالحامل . -
يبقى التساؤل مطروح بخصوص مدى جواز الدفع باألمية في القانون الصرفي ؟
بداين ال بد أن نشير إلى تطور مفهوم األمي من خالل تتبع اجتهادات القضاء
المغربي بحيث لم يعد األمي ذاك الشخص الذي ال يحسن التوقيع بل أصبح األمي
هو الذي ال يعرف اللغة التي حرر بها العقد.
كذلك وبعد ما كانت األمية هي األصل فإنها بمقتضى آخر اجتهاد قضائي لمحكمة
النقض عدد 1/416في الملف التجاري عدد 2012/1/3/1121الصادر في
2013/10/31والذي جاء فيه ":لكن حيث إن األمية كواقعة مادية لم تعد هي
األصل حتى يعفى مدعيها من أي إثبات ،وعلى من يدفع بها إثبات أنه من
المشمولين بحماية الفصل 427من ق ل ع ،والمحكمة التي اعتبرت أنه ال يوجد
بالملف ما يفيد أن الطاعن هو شخص أمي مما يبرر التصريح بإبطال عقد ثبت أنه
مستجمع لكافة أركانه وشروطه " ،تكون قد سايرت المبدأ المذكور ،واعتمدت
كذلك أن األصل فيمن وقع ورقة أنه عالم بمضمونها ،ومن ثم وفي إطار حياد
31
المحكمة لم يكن هناك ما يدعوها للقيام بأي إجراء تحقيقي إلثبات ادعاء الطالب
بأميته ،وبذلك جاء قرارها معلال بشكل سليم والفرع من الوسيلة على غير أساس.
وبذل ك ال يمكن الدفع باألمية في إطار القانون الصرفي ألن كل موقع على الورقة
التجارية يفترض فيه أنه عالم بمضمونها وذلك طبقا لمبدأ الكفاية الذاتية للورقة
التجارية فالعبارات الواردة في السند تحدد مضمون االلتزام ومداه ونطاقه ،كما أنه
بالنظر إلى شكل الورقة فهي دالة على مضمونها ويفترض في كل من وقعها العلم
بوظيفتها ،باإلضافة إلى أن إدخال شبهة األمية من شأنه خلق البلبلة وتقويض أحد
المبادئ الهامة وهو مبدأ استقرار المعامالت التجارية.
فالمظهر إليه مجرد وكيل عن المظهر في تحصيل واستيفاء مبلغ الكمبيالة وعليه أن
يقوم بجميع اإلجراءات القانونية التي من شأنها أن توصله إلى هذا الهدف ،كما أن عليه أن
يلتزم بالتعليمات المعطاة إليه من طرف موكله تحت طائلة تحمله المسؤولية إزاء هذا
األخير ،مع مالحظة أن الوكالة ال تنتهي طبقا للفقرة الثانية من المادة 173بوفاة الموكل أو
بفقدانه األهلية ،وإنما تنقضي بموت الوكيل أو تنازله عن الوكالة أو إلغاء التوكيل أو
بانتهاء أجل الوكالة ،وذلك خالفا لما يقضي به الفصل 929من ق ل ع .
كما أنه ال يجوز للمظهر إليه أن يظهر الكمبيالة تظهيرا ناقال للملكية بل يملك تظهيرها
مجرد تظهير توكيلي ألنه ال يستطيع أن ينقل إلى الغير حقوقا ال يملكها .
أما العالقة في مواجهة الغير فتخضع للمقتضيات أو القواعد الصرفية حيث تنص المادة
172ف 2أنه " :ال يجوز للملتزمين في هذه الحالة أن يتمسكوا اتجاه الحامل ،إال
بالدفوع التي يمكن التمسك بها اتجاه المظهر " .
وبذلك ال يسوغ للملتزمين بالكمبيالة أن يتمسكوا بالدفوع الشخصية التي بينهم وبين
المظهر إليه ،ألنه مجرد وكيل ،بينما يملكون هذا الحق في مواجهة المظهر .أي التمسك
بالدفوع التي بإمكانهم إثارتها ضد المظهر الموكل .
✓ آثار التظهير التأميني :
32
يخول التظهير التأميني للمظهر إليه الحقوق الناشئة عن الكمبيالة لكونه تجتمع فيه
صفتين اثنتين ،فهو من جهة يحمل صفة دائن مرتهن عن المبلغ الذي له على المظهر
المدين ،ومن جهة ثانية له صفة الحامل الشرعي للكمبيالة المظهرة إليه ،وبذلك فهو يملك
حق استخالص مبلغ الكمبيالة باعتباره حامال لها ويمارس بذلك كل الحقوق المتفرعة عنها
من تلقي قبول المسحوب عليه وإقامة االحتجاج والدعوى الصرفية إن اقتضى األمر ذلك ،
كما ال يحق له تظهيرها تظهيرا ناقال للملكية وكل تظهير صدرعنه يعتبر مجرد تظهير
توكيلي ( ف 4م . ) 172
وصفة الدائن المرتهن تجعله يتقيد بنطاق حقوق الحامل فهو حينما يستوفي مبلغ
الكمبيالة يكون مجبرا بإرجاع ما زاد عن الدين المرهون إلى المظهر ألن المظهر إليه ال
يملك مبلغ الكمبيالة بأكملها إذا كان يزيد عن مبلغ دينه .
المطلب الثاني :تداول الشيك ( المواد من 252إلى : ) 263
لقد أ شرنا سابقا أنه نادرا ما يقع تداول الشيك إذ غالبا ما يحتفظ الساحب بالشيك تحت
يده ليقدمه إلى البنك المسحوب عليه للوفاء ،لكن ليس ثمة مانع من طرحه للتداول فيجوز
التظهير للساحب نفسه أو ألي ملتزم آخر ،كما يجوز لهؤالء تظهير الشيك من جديد (المادة
.)253
هذا وعلى غرار الكمبيالة يجب أن يكون التظهير ناجزا وكل شرط مقيد له يعتبر كأن لم
يكن ،كما أن التظهير الجزئي باطل (المادة .)254
فبعبارة أخرى :
-التظهير الجزئي باطل .
-التظهير الشرطي الشرط باطل والتظهير صحيح .
هذا وتتوقف الطريقة التي يتم بها تداول الشيك على الشكل الذي يتخذه هذا األخير .
فالشيك لحامله ينتقل بالتسليم أو بالمناولة ،والشيك ألمر ينتقل بالتظهير ،أما إذا تضمن
الشيك شرطا يجعله غير قابل للتداول أو ليس لألمر أو أي عبارة أخرى تفيد هذا المعنى فال
يجو ز تداوله إال بإتباع أحكام حوالة الحق المنصوص عليها في القانون المدني ( م ، ) 195
ويخضع تظهير الشيك سواء كان تظهيرا تاما ناقال للملكية أم توكيليا من حيث شروطه
وآثاره للقواعد نفسها التي تحكم تظهير الكمبيالة فنحيل عليها ( م 256إلى ،) 262مع
اإلشارة إلى أن التظهير التأميني ممنوع في الشيك ألنه ينافى والدور األدائي له كما أنه
يشكل جريمة معاقب عليها طبقا للمادة 316في فقرتها الثالثة .
33
على أن تظهير الشيك الحاصل بعد عمل احتجاج عدم الوفاء أو بعد انقضاء ميعاد تقديم
الشيك للوفاء ال ينتج إال آثار الحوالة المدنية المنصوص عليها في المادة 195من ق ل ع .
هذا و بخصوص شكل التظهير وشروطه وآثاره يرجع إلى الكمبيالة ومنها كذلك قاعدة
عدم التمسك بالدفوع .
34
القبــــول L’acceptation
سمح المشرع للحامل الشرعي للكمبيالة بتقديمها للقبول كي يطمئن قلبه إلى استعداد
المسحوب عليه ألداء قيمتها في تاريخ االستحقاق ،وذلك على غرار قانون جنيف الموحد
الذي تناول أحكام القبول في المواد من 21إلى ، 29ويراد بالقبول ذلك االلتزام أو التعهد
الصادر بإرادة منفردة من المسحوب عليه على الكمبيالة ألداء المبلغ الثابت فيها في تاريخ
االستحقاق إلى حاملها الشرعي أو لمجرد حائز لها .
فالقبول ليس عقدا بين القابل والحامل الذي يطلبه ،كما أنه ليس أداء لقيمة الكمبيالة ،
وإنما القبول هو التزام المسحوب عليه بإرادته المنفردة التزاما شخصيا ومباشرا أمام الحامل
بدفع قيمة الكمبيالة في تاريخ االستحقاق ،وهو التزام تحكمه قواعد قانون الصرف .
وقد نصت المادة 174من م ت على هذا المبدأ ،وقبل حصول القبول يظل المسحوب
عليه خارج نطاق العالقات الصرفية وال يلتزم بشيء في مواجهة الحامل فإذا ما وقع عليها
بالقبول دخل في دائرة قانون الصرف وخضع ألحكامه ،إال أنه ال يمكن رفض قبول
الكمبيالة سواء كان مدنيا فعليا للساحب أم ال .
أوال :تاريخ القبول أو وقت طلب القبول :
للحامل أن يختار الوقت الذي يالئمه لتقديم الكمبيالة للقبول ،فالمشرع لم يقيد حريته في
هذا الصدد بميعاد معين ،فيجوز له طلب القبول في أي وقت إلى حين حلول ميعاد
االستحقاق ،على أن هذه القاعدة ليست من النظام العام ،فقد رأينا سابقا أن الساحب أو
المظهر قد يفرض على الحامل تقديم الكمبيالة للقبول خالل فترة محددة أو بعد انقضاء أجل
متفق عليه لكن حينما نعود إلى المادة 174من م ت نالحظ أن تاريخ تقديم الكمبيالة للقبول
ليس واحدا ،ويرجع ذلك إلى أن تاريخ االستحقاق هو الذي يحدد لنا تاريخ التقديم للقبول .
هكذا فالكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع يجب أن تقدم للقبول داخل أجل سنة
من إنشاءها ( ف 6المادة ، ) 174أما الكمبيالة المستحقة األداء في تاريخ معين أو بعد مدة
من إنشاءها فتكون قابلة للتقديم للقبول من تاريخ إنشاءها حتى تاريخ استحقاقها ( ف 6
المادة . ) 174
وفيما يخص الكمبيالة المستحقة األداء عند االطالع فإنها ال تحتاج إلى تقديم للقبول
ألنها مستحقة بمجرد االطالع وبذلك فهي ال تحتاج إلى قبول .
35
وما ينبغي اإلشارة إليه أنه يمكن اإلنقاص أو الزيادة في أجل التقديم للقبول ،بحيث يملك
الساحب اإلنقاص أو الزيادة في أجل التقديم للوفاء ،بينما ال يمكن للمظهرين سوى إنقاص
هذا األجل ( ف 7و 8من المادة . ) 174
وكما قلت سابقا فمسألة التقديم للقبول ليست من النظام العام ،حيث يستطيع الساحب
وحده أن يمنع تقديم الكمبيالة للقبول طبقا للمادة 174ما لم تكن الكمبيالة مستحقة األداء بعد
مدة من االطالع أو قابلة لألداء عند الغير ،أوفي موطن غير الذي يوجد به مقر المسحوب
عليه ،إذن يمكن إيجاز حاالت المنع من التقديم للقبول في حالتين :
-1حالة الكمبيالة المستحقة األداء عند االطالع ( ف 1م . ) 182
-2حالة إيراد شرط يقضي بمنع تقديم الكمبيالة من الساحب وحده ( ف 3م . ) 174
36
رابعا :المهلة الممنوحة للمسحوب عليه :
نصت المادة 174أنه يمكن للمسحوب عليه أن يطلب تقديم الكمبيالة له غداة تقديمها
للمرة األولى ،وال يقبل من الحامل االدعاء باستحالة إعطاء الفرصة له ،فالمسحوب عليه
يسمح له القانون بأن يمتنع عن التعبير فورا عن إرادته وأن يطلب من الحامل تقديمها له
مرة ثانية في اليوم التالي من تقديمها األول ( القانون قرر حق المسحوب عليه في يوم
واحد) ،والسبب في منحه هذه المهلة هو ترك بعض الوقت للمسحوب عليه للتفكير
ومراجعة وثائقه للتحري .
خامسا :شروط القبول :
يشترط في قبول الكمبيالة من طرف المسحوب عليه باعتباره تصرفا إراديا منفردا خاضعا
للقانون الصرفي توفر نوعين من الشروط والضوابط القانونية ،األولى موضوعية والثانية
شكلية .
-بخصوص الشروط الموضوعية فقد سبق اإلشارة لها سلفا وهي المتطلبة عند
إنشاءها وكذا تظهيرها والمتمثلة خاصة في الرضا والمحل والسبب وأخيرا األهلية
التجارية .
-أما بخصوص الشروط الشكلية فقد تطرقت لها المادة 176في فقرتها األولـى
بقولهــا " :يكتب القبول على الكمبيالة ذاتها ،ويعبر عنه بلفظة "قبل" أو بأي لفظة
أخرى مرادفة لها ،ويوقع من طرف المسحوب عليه ،إن مجرد توقيع المسحوب
عليه على صدر الكمبيالة تعتبر قبوال " .
وانطالقا من هذه المادة نستخلص أهم الشروط الشكلية والتي يمكن إيجازها في اآلتي :
• الكتابة :ضرورة كتابة عبارة القبول أو ما يرادفها على ذات أو صلب الكمبيالة ،
وذلك تطبيقا لمبدأ الكفاية الذاتية للورقة التجارية ،أما الشفوي فهو مستبعد وال أثر له
في نطاق القانون الصرفي .
• صيغة القبول :يعبر عن قبول المسحوب عليه بتدوين ما يفيد ذلك كاستعمال عبارة
مقبول أو أية عبارة أخرى تفيد القبول .
• توقيع القابل :يجب أن يكون التوقيع باليد كتابة ألن المشرع المغربي استبعد أشكال
التوقيعات األخرى ،وأن يرد هذا التوقيع على وجه الكمبيالة وليس على ورقة
مستقلة،أما إذا جاء هذا التوقيع مجردا على ظهر الورقة فال يعتبر عندئذ قبوال وإنما
تظهيرا .
37
فتوقيع المسحوب عليه هو الذي ينشئ االلتزام الصرفي ويصبح بحكم توقيعه مدينا
صرفيا اتجاه كل حامل لها ،وذلك بصرف النظر عن العالقات السابقة التي أدت إلى نشوء
الكمبيالة أو قبولها ،وبالتالي يحق للحامل االدعاء مباشرة ضد المسحوب عليه القابل .
سادسا :تأريخ القبول :ال تستوجب مدونة التجارة أن يكون القبول مؤرخا ،فالقبول
يصدر مبدئيا دون تاريخ ،لكن تحديده يكون واجبا حسب الفقرة الثانية من المادة 176في
حالتين :
-الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع .
-عند اشتراط تقديم الكمبيالة للقبول في أجل معين .
وتتجلى أهمية وضع تاريخ القبول في هاتين الحالتين لمراقبة حامل الكمبيالة من حيث
احترامه لآلجال المضروبة له في المطالبة باألداء تحت طائلة اعتباره حامال مهمال ،هذا
ويأخذ القبول تاريخه من وقت تقديم الكمبيالة للقبول ال من تاريخ صدوره .
سابعا :وجوب كون القبول مطلقا :القاعدة العامة أن يكون قبول المحسوب عليه مطلقا أي
غير معلق على شرط سواء كان واقفا أو فاسخا ،أو أن يكون مقترنا بأجل غير محقق
الوقوع فتعليق القبول بهذه الشروط يجعله باطال ألنه يعرقل تداول الكمبيالة ويعتبر بمثابة
رفض للقبول ،لكن القبول الجزئي يعتد به ويعتبر صحيحا ،وهنا يجب على الحامل إما أن
يقيم احتجاجا بعدم قبول ذلك الجزء وله أن يرجع على الضامنين قبل تاريخ االستحقاق ،أو
أن ينت ظر حلول هذا التاريخ فيأخذ الجزء المقبول من المسحوب عليه ويرجع بالباقي على
الملتزمين بمبلغ الكمبيالة .
ثامنا :التشطيب على القبول :طبقا للمادة 179يحق للمسحوب عليه الذي قبل الكمبيالة أن
يش طب على توقيعه وفي ذلك إعفاء له من االلتزام الصرفي ،لكن ال يكون هذا التشطيب
منتجا آلثاره إال إذا قام به المسحوب عليه قبل إرجاع الكمبيالة إلى الحامل ،لكن متى قام
المسحوب عليه بإبالغ الحامل أو أحد الموقعين للكمبيالة عن قبوله لها كتابة أصبح طبقا
للفقرة الثانية ملتزما اتجاههم بمقتضى قبوله .
أما في فرنسا فتطبق المحاكم مبدأ عدم الرجوع في القبول ،حيث قضت محكمة
ديجون في حكم صدر في 14مارس 1967أن المسحوب عليه ال يمكن أن يرجع في
قبوله ب عدما أرسل الكمبيالة المقبولة عن طريق البريد وقام بسحب هذا القبول هاتفيا ،ولو
أن هذا الرجوع جاء قبل وصول الورقة إلى يد الحامل .
38
المطلب الثاني :آثـار القبــــول
بمجرد قبول الكمبيالة يتغير مركز كل من الساحب والمسحوب عليه ،فقبل القبول
يكون الساحب هو المدين األصلي في الكمبيالة ويبقى المسحوب عليه أجنبيا عنها ،ولكن
بعد قبوله يدخل دائرة العالقات الصرفية ويصبح مدينا أصليا بالكمبيالة ،ويصبح التزام
الساحب في المرتبة الثانية .
هكذا فإن توقيع المسحوب عليه بالقبول يرتب آثارا قانونية هامة تختلف حسب العالقات
التي تنشأ عن الكمبيالة ،ولذلك سنقف عند كل حالة على حدة .
الفقرة األولى :آثار القبول بين المسحوب عليه القابل والحامل :
يصبح المسحوب عليه بقبوله الكمبيالة ملتزما صرفيا بأداء مبلغها إلى الحامل عند
تاريخ االستحقاق ،فقبوله للكمبيالة يدخله االلتزام الصرفي وال يمكنه عندئذ مواجهة الحامل
حسن النية بالدفوع التي كان باإلمكان إثارتها في مواجهة الساحب ،ولو كان المسحوب
عليه غير مدين بالفعل بمبلغ الكمبيالة اتجاه الساحب .
فقبول الكمبيالة يفترض وجود مقابل الوفاء لديه ،ولذلك يجب الوفاء للحامل في تاريخ
االستحقاق حتى ولو لم يكن قد تلقى مقابل الوفاء من الساحب ،فالقبول يشكل قرينة قاطعة
على وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه ،وبالتالي ال تقبل إثبات العكس في عالقة
المسحو ب عليه القابل بالحامل الشرعي ،هذا ويملك المسحوب عليه القابل مواجهة الحامل
حسن النية بالدفوع الشخصية المستمدة من عالقته المباشرة بها وذلك طبقا لالستثناء الوارد
على مبدأ عدم التمسك بالدفوع .
الفقرة الثانية :آثار القبول بين المسحوب عليه القابل والساحب :
تعتبر مبدئيا العالقة القائمة بين المسحوب عليه والساحب عالقة تعاقدية من الناحية
المبدئية وليست صرفية ،وعندما يقبل المسحوب عليه فهذا يفترض كون المسحوب عليه
القابل مدينا للساحب اعتمادا على مقابل الوفاء ( المادة . ) 166
غير أن افتراض وجود مقابل الوفاء يقوم على قرينة بسيطة حيث يمكن للمسحوب عليه
أن يثبت العكس في مواجهة الساحب أي بعبارة أخرى يمكن له إثبات عدم تلقيه مقابل الوفاء
أو أنه لم يتسلم هذا المقابل ،فقبول المسحوب عليه للكمبيالة يقوم قرينة قانونية قابلة إلثبات
العكس على وجود مقابل .
39
لكن هنا ال نوافق المادة 166في فقرتها األخيرة ومعها االجتهاد القضائي المغربي في
شخص المجلس األعلى سابقا الذي أوجب على الساحب في حالة اإلنكار دون غيره أن يثبت
كون مقابل الوفاء كان موجودا عند المسحوب عليه وقت االستحقاق .
لذلك نرى بأن ما أقرته المادة 166بإلقاء عبء اإلثبات على الساحب فيه نوع من
الحيف ،فلماذا ال تعطي هذه اإلمكانية له أيضا بنقل عبئ اإلثبات ،وهو بالفعل ما تبناه
المجلس األعلى في قرار مغاير صادر في 25يونيو 1958حين ألزم المسحوب عليه القابل
في عالقته بالساحب بإتيان الدليل على عدم وجود مقابل الوفاء .
الفقرة الثالثة :عالقة الحامل بالساحب والمظهرين :
األصل أن الساحب والمظهرين ضامنوا قبول الكمبيالة من طرف المسحوب عليه ،ما
لم يكونوا قد تحللوا من ضمان القبول في حالة ما أدرج في الكمبيالـة بيان عدم ضمان
القبول ،وبمجرد قبول الكمبيالة من طرف المسحوب عليه ،تبرأ ذمة الساحب والمظهرين
من االلتزام بضمان القبول ،لكن هنا يجب اإلشارة أن االلتزام بضمان الوفاء بالكمبيالة
يبقى قائما ويترتب على ذلك أن الحامل ال يستطيع الرجوع عليهم قبل تاريخ االستحقاق .
غير أنه يرد على هذه القاعدة استثناء يتمثل في حق الحامل الرجوع قبل تاريخ
االستحقاق طبقا للمادة 196الفقرة 2على المظهرين وغيرهم من الملتزمين ويمكن إيجاز
هذه الحاالت في :
-قبل تاريخ االستحقاق في الحاالت اآلتية :
أ -إذا حصل امتناع كلي أو جزئي عن القبول .
ب -في حالة التسوية أ و التصفية القضائية للمسحوب عليه ،سواء كان قابال للكمبيالة
أو غير قابل لها ،أو في حالة توقفه عن الدفع ولو لم يثبت هذا التوقف بواسطة حكم
،أو في حالة الحجز بدون جدوى على أمواله .
ج -في حالة التسوية أو التصفية القضائية لساحب كمبيالة مشروط عدم تقديمها
للقبول .
هذا وقد ورد ذكر الحالتين ( ب ) و ( ج ) في المادة 43من قانون جنيف الموحد ،
والسبب في إعطاء المشرع للحامل الحق في الرجوع على باقي الموقعين في الحالتين
المذكورتين ولو تم قبول الكمبيالة هو ضمان حصول الحامل على مبلغ الكمبيالة كاملة .
40
المطلب الثالث :رفض القبــــول
األصل أن المسحوب عليه حر في قبول الكمبيالة حينما تعرض عليه أو رفضها حتى
وإن كان مدينا فعال للساحب ،فاألمر اختياري بالنسبة إليه وهو ما يرتب مجموعة من
اآلثار عن هذا الرفض ( فقرة أولى ) ،إال أن المسحوب عليه يكون في أحيان أخرى ملزما
على قبول الكمبيالة فما هي هذه الحالة ( فقرة ثانية )
الفقرة األولى :الموقف السلبي للمسحوب عليه من القبول واآلثارالناجمة عليه :
كما أشرنا سابقا يبقى المسحوب عليه في حل من أمره في قبول الكمبيالة من عدمه ما
دام لم يوقع عليها ،فهو يبقى مخيرا في االلتزام بالورقة التزاما صرفيا أو عدم التزامه بها
ولو كان مدينا فعليا للساحب بمبلغها ،أو بعبارة أخرى ولو كان قد تسلم مقابل الوفاء من
الساحب وينتج عن رفض القبول عدة آثار بالنسبة للمسحوب عليه من جهة وللموقعين من
جهة ثانية .
• بالنسبة للمسحوب عليه :تتمثل آثار رفض القبول في كون المسحوب عليه يبقى
خارج دائرة القانون الصرفي ما دام لم يوقع على الكمبيالة أي لم يلتزم صرفيا
بمقتضياتها .
• بالنسبة للموقعين أو الملتزمين :عند رفض القبول من طرف المسحوب عليه يسقط
أجل االستحقاق وبالتالي يحق للحامل الرجوع الفوري على جميع الموقعين دون
انتظ ار حلول تاريخ االستحقاق ،ألنهم يضمنوا له القبول والوفاء ( حق الرجوع
السابق آلوانه ) الذي يدعم حقوق ومواقف الحامل .
الفقرة الثانية :القبول اإللزامي للمسحوب عليه :
بالرغم من حرية المسحوب عليه في قبول أو عدم قبول الكمبيالة ،فإنه يبقى ملزما
بالقبول في حالة واحدة نصت عليها صراحة مدونة التجارة في المادة 174في فقرتها 9
و ، 10وهي نفس الحالة التي تبناها المشرع الفرنسي منذ 1939في الفصل 142من قانون
التجارة الفرنسي ،وقد تبنى المشرع المغربي هذه المسألة إذا توفرت شروط معينة وهي
أربعة :
.1أن يكون الساحب والمسحوب عليه تاجرين .
.2أن تسحب الكمبيالة بهدف تنفيذ اتفاق خاص بتسليم البضائع أو سلع ،أما إذا كان
موضوع العقد أداء خدمة مثال فإن المادة 174ال تطبق .
41
.3أن ينفذ الساحب التزامه الناتج عن عقد البيع وذلك بأن يقوم بتسليم البضائع موضوع
العقد المسحوب عليه ،أي بمعنى آخر أن يكون المسحوب عليه قد تسلم مقابل الوفاء
أما إذا لم يكن قد تسلعه فال يكون ملزما على قبول الكمبيالة .
.4أن يعطي للمسحوب عليه أجل معقول حسب العرف التجاري قصد الكشف
والتصرف على البضائع وللتأكد من تنفيذ الساحب اللتزاماته الناجمة عن عقد البيع .
فبتوفر هذه الشروط يصبح المسحوب عليه ملزما بقبول الكمبيالة ،لكن هنا يطرح
إشكال قانوني حول الجزاء الذي رتبه المشرع على رفض القبول هذه الحالة ؟
نصت الفقرة األخيرة من المادة 174على " :ويترتب بحكم القانون على عدم القبول ،
سقوط أجل االستحقاق وذلك على نفقة المسحوب عليه " ،وبالتالي هل يسقط األجل لفائدة
الحامل أم لفائدة الساحب ،إال أنه في الحقيقة وتمشيا مع روح النص القانوني فإن سقوط
أجل االستحقاق يجعل الدين مستحقا لفائدة الحامل ،مما يعطيه الحق في مقاضاة المسحوب
عليه بمبلغ الكمبيالة بمجرد رفضه دون انتظار حلول تاريخ االستحقاق .
42
القبــــول بالتدخــل
Le payement par intervention
أشارت مدونة التجارة إلى القبول بالتدخل في المادتين 215و 216وقد عرف الفقيه
روبلو القبول بالتدخل بأنه " :القبول المعطى لفائدة مدين صرفي لتفادي الرجوع عليه قبل
ميعاد االستحقاق " .
هكذا يتحقق القبول بالتدخل من خالل توسط أحد من الغير أو من الموقعين السابقين
على الكمبيالة عندما يتم رفض القبول من قبل المسحوب عليه وقيام الحامل بإجراءات
احتجاج عدم القبول .
وقد يتدخل المسحوب عليه الرافض للقبول في بعض األحيان بالقبول بالتدخل ،ففي
كثير من األحيان يفضل المسحوب عليه قبول الكمبيالة عن طريق التدخل بدل القبول العادي
لها ذلك لما يخوله القبول األول من حق الرجوع على الموقعين على الكمبيالة ،بينما يجد
نفسه في القبول الثاني ( العادي ) أمام مدين واحد هو الساحب وهذا ما أكدته المادة 215
في فقرتها 3التي رفض فيها القبول من قبل المسحوب عليه .
43
األهلية الالزمة لاللتزام الصرفي . -
أن يكون رضاؤه غير مشوب بعيب من عيوب اإلرادة . -
وجود سبب مشروع . -
أما المحل فيتمثل في مبلغ الكمبيالة . -
قد يكون القابل بالتدخل شخص واحد أو عدة أشخاص ،وقد يكون لمصلحة شخص -
واحد أو عدة أشخاص .
قد يكون القابل بالتدخل شخصا أجنبيا عن الكمبيالة كما يمكن أن يكون من الموقعين -
عليها ،وهنا فالتزام هذا األخير ال يضيف شيئا جديدا على قوة ضمان الكمبيالة ،
وإنما يكون تأكيدا فقط اللتزامه السابق وبذلك لم يحقق الغاية المتوخاة من القبول
بالتدخل .
ويحصل القبول بالتدخل لمصلحة أي شخص ملتزم بموجب الكمبيالة فقد يتم للساحب -
أو المظهر أو الضامن االحتياطي باستثناء المسحوب عليه الذي رفض القبول ألنه
أصال غير ملتزم بموجبها فهو أجنبي عنها وال تربطه بالحامل عالقة ناتجة عن
الكمبيالة .
ثانيا :شكل القبول بالتدخل :
القبول بالتدخل إجراء قانوني كغيره من التصرفات القانونية يتطلب الكتابة ،طبقا للفقرة
5من المادة 216من مدونة التجارة التي تحدد الشكل الواجب إتباعه لحصول القبول
بالتدخل " :يجب بيان القبول بالتدخل على الكمبيالة ويوقعه المتدخل ويبين الشخص الذي
وقع التدخل لمصلحة الساحب " .
لذلك يشترط لقبول التدخل الشروط اآلتية :
التوقيع كتابة مصحوبا بالصيغة . -
ذكر صيغة القبول بالتدخل على الكمبيالة ذاتها دون أن يتم على الوصلة أو ورقة -
مستقلة .
ذكر اسم من حصل القبول لمصلحته وإال اعتبر التدخل لفائدة الساحب (ف 5م -
)216ويستفيد منه كل الموقعين .
اعالم من تم القبول لمصلحته والحكمة من ذلك : -
✓ إذا تم لفائدة الساحب إعادة النظر في عالقته مع المسحوب عليه .
✓ إذا تم لفائدة أحد الموقعين حتى ال يفاجأ عند ما يرجع عليه القابل بالتدخل .
والفقرة 4من المادة 216لم تحدد شكل هذا اإلعالم .
44
ثالثا :آثار القبول بالتدخل :
للحامل الحرية في قبول القبول بالتدخل من عدمه في الحالة التي يقدر فيها عدم جدوى
هذا التدخل ،فالقانون أعطى للحامل إما اعتماده للقبول بالتدخل أو سلك الرجوع السابق
آلوانه حسب ما تمليه عليه مصلحته وتقديره للوضعية أمامه .
وفي حالة قبول الحامل الشرعي للقبول بالتدخل ال يجعل الكمبيالة تنتظر تاريخ
االستحقاق بالنسبة لكل الموقعين عليها ،فقد نصت الفقرة 4من المادة 216بقاعدة مفادها
أن القبول بالتدخل يوقف الرجوع السابق آلوانه بالنسبة للمتدخل لفائدته وبالنسبة للموقعين
الالحقين له ،ومعنى ذلك أن الرجوع السابق آلوانهيمكن للحامل ممارسته ضد من لم يتم
التدخل لفائدته أو لم يكن ال حقا لموقع وقع التدخل لفائدته .
وتضيف الفقرة 6من المادة 216أنه " :يكون القابل طريق التدخل ملزما اتجاه الحامل
واتجاه المظهرين الالحقين بالشخص الذي وقع التدخل لمصلحته بنفس الكيفية التي يكون
ملزما بها هذا األخير " .
فب موجب هذا النص يترتب على القبول بالتدخل التزام القابل بأداء مبلغ الكمبيالة لحاملها
والمظهرين الالحقين للشخص الذي جرى التدخل لمصلحته وال يكون مسؤوال اتجاه
المظهرين السابقين .
ويكون التزام القابل بالتدخل تابعا اللتزام من جعل التدخل لمصلحته فإذا سقط التزام هذا
األخير بسبب الحق سقط كذلك حق الحامل بالنسبة للقابل بالتدخل .
والقبول بالتدخل ال يمنع الشخص الذي جرى التدخل لمصلحته أن يقوم هو بدفع مبلغ
الكمبيالة طبقا للفقرة 7من المادة . 216
45