You are on page 1of 45

‫المبحث األول ‪ :‬إنشاء الورقة التجارية‬

‫الورقة التجارية كتصرف قانوني شكلي ينبغي أن تتوفر فيه كل الشروط القانونية الالزمة‬
‫لصحة وإبرام أي تصرف قانوني ‪ ،‬هذه الشروط منها ما يتعلق بالقانون الصرفي وتهم شكل‬
‫الورقة وتوفرها على بيانات معينة وعلى وجه اإللزام وهي ما يعرف بالشروط الشكلية‬
‫(المطلب الثاني)‪ ،‬وقبلها ضرورة توفر عدة شرط موضوعية تهم الرضا والمحل والسبب‬
‫باإلضافة إلى األهلية نتناولها في (المطلب األول)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الشروط الموضوعية‬
‫سبق القول أن الكمبيالة أضحت في ظل مدونة التجارة دائما وأبدا عمال تجاريا شكليا‬
‫بغض النظر عن صفة الموقعين عليها هل تجار أم ال ‪ ،‬و بغض النظر عن طبيعة المعاملة‬
‫التي أنشأت من أجلها هل تجارية أم مدنية ‪ .‬فكل من يوقع عليها يدخل في دائرة اإللتزام‬
‫الصرفي ابتداء من توقيع الساحب ومرورا بتوقيع المسحوب عليه بالقبول وقد تتعدد‬
‫التوقيعات إلى توقيع المظهر والقابل بالتدخل والضامن االحتياطي وانتهاء بوصولها إلى يد‬
‫الحامل الشرعي لهذه الورقة‪ ،‬بينما يكون السند ألمر عمال تجاريا شكليا بشروط معينة في‬
‫حين أقصى المشرع التجاري المغربي الشيك من دائرة األعمال التجارية الشكلية وظل‬
‫عمال مدنيا ‪ ،‬فمن عمل تجاري مطلق (الكمبيالة ) ‪ ،‬إلى آخر بشروط (السند ألمر) ‪ ،‬إلى‬
‫ثالث مدني (الشيك)‪.‬‬
‫وتفترض طبيعة هذه االلتزامات المترتبة عن التوقيع توفر مجموعة من األركان‬
‫والشروط الواجب توافرها لصحة االلتزام الصرفي يمكن إجمالها في األهلية (الفرع األول)‬
‫والمحل والسبب(الفرع الثاني)‪،‬دون أن نتناول الرضا ألنه ال يثير أي إشكال في هذا اإلطار‬
‫والرجوع بشأنه وفق ما هو مقرر في القواعد العامة التي تقتضي أن يكون الرضا سليما و‬
‫خاليا من العيوب التي تشوبه كالغلط والتدليس واإلكراه والغبن ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬األهلية‬
‫إن التوقيع على الورقة ينشأ التزاما صرفيا يستوجب سلفا أن يكون الموقع أهال إلجراء‬
‫مثل هذه التصرفات ‪ ،‬أي أن يكون بالغا سن الرشد القانوني دون أن يكون مصابا بعارض‬
‫من عوارض األهلية ودون أن يكون ثمة مانع قانوني أو مهني ‪ ،‬فالشخص الذي لم يبلغ هذه‬
‫السن يكون ناقص األهلية وبالتالي ال يمكنه االلتزام بالورقة التجارية ‪.‬‬
‫بيد أن المشرع أوجد مجموعة من المقتضات الحمائية التي تهم قواعد األهلية وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ القاصر غير المأذون له (عديم األهلية وناقصها)‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 164‬من مدونة التجارة على أن ‪ ":‬الكمبيالة الموقعة من طرف قصر غير‬
‫تاجر باطلة اتجاهه‪ ،‬ويحتفظ األطراف بحقوقهم وفق القانون العادي"‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 248‬أنه ‪" :‬إذا كان الشيك يحمل توقيعات أشخاص ال تتوفر فيهم أهلية‬
‫االلتزام أو توقيعات مزورة أو توقيعات أشخاص وهميين أو توقيعات ليس من شأنها ألي‬
‫سبب آخر أن تلزم األشخاص الموقعين له أو األشخاص الذين وقع باسمهم‪ ،‬فإن التزامات‬
‫الموقعين اآلخرين تظل مع ذلك صحيحة" ‪.‬‬

‫فالقاصر غير المأذون له بممارسة التجارة ال يمكنه التوقيع على الورقة التجارية تحت‬
‫طائلة بطالنها اتجاهه‪ ،‬وتمسكه بالبطالن يكون في مواجهة حتى الحامل حسن النية وذلك‬
‫خروجا عن المبدأ القاضي بعدم التمسك بالدفوع ‪ ،‬فقانون جنيف الموحد وتبعته التشريعات‬
‫الوطنية قررت أن حماية حقوق القاصر أولى من حماية األوراق التجارية‪.‬‬
‫فالمشرع المغربي يسمح لعديم األهلية وناقصها وحدهم التمسك بالبطالن دون غيرهم‬
‫من الموقعين على هذه الورقة الذين يظل التزامهم صحيحا وهدا ما أكدت عليه المادتين‬
‫‪ 164‬و ‪ 248‬من مدونة التجارة وذلك طبقا للمبدأ الهام الذي يطبع األوراق التجارية‬
‫والمتمثل في مبدأ استقالل التوقيعات ‪،‬حتى ال يصيب البطالن الورقة التجارية وبالتالي‬
‫يبطل التعامل بها وتفقد دورها في التداول فالهدف هو تيسير تداولها وانتقالها‪.‬‬
‫ـ القاصر المأذون له أو المرشد ‪:‬‬
‫رأينا عند د راستنا لألهلية التجارية أنه يسوغ للقاصر المأذون له يكون في حكم الراشد‬
‫وذلك في حدود ما أذن له من أعمال تجارية ‪ ،‬ويجب أن يقيد اإلذن باإلتجار الممنوح‬
‫للقاصر في السجل التجاري طبقا للمادة ‪ 13‬من م‪.‬ت ‪ ،‬وبالتالي يظل التزام المأذون له‬
‫صحيحا وال يسوغ له إبطاله ‪ ،‬وكذ لك القاصر الذي تم ترشيده يعتبر كما لو كان كامل‬
‫األهلية طبقا للنصوص القانونية ‪.‬‬
‫ـ المرأة المتزوجة‪:‬‬
‫المرأة البالغة سن الرشد القانوني وغير المصابة بعارض من عوارض األهلية ‪ ،‬فلها‬
‫األهلية الكاملة في سحب الكمبيالة وممارسة التجارة دون الحصول على إذن سابق من‬
‫زوجها‪ ،‬وذلك طبقا للتعديل الذي حملته المادة ‪ 17‬من مدونة التجارة الجديدة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ـ أهلية األجنبي‪:‬‬
‫نظم المشرع المغربي أهلية األجنبي طبقا للمادتين ‪ 15‬و‪ 16‬من مدونة التجارة ومن‬
‫خالل هذه المقتضيات سوى بين المواطن المغربي ونظيره األجنبي حيث لم يعد هذا األخير‬
‫خاضعا ل ق‪.‬ل‪.‬ع المادة ‪ ، 3‬وال إلى القانون المنظم للوضعية المدنية لألجانب ‪ ،‬بل أصبح‬
‫يخضع لمدونة التجار ة التي خالفت مقتضياتها حتى التشريعات المقارنة التي تحدد أهلية‬
‫األجنبي طبقا لقانون الدولة التي ينتمي إليها ‪،‬وبذلك وضعت حدا لمشكلة تنازع القوانين‬
‫حينما يكون ثمة اختالف في مادة األهلية وجعلت األجنبي كامل األهلية ببلوغه سن ‪18‬سنة‬
‫ولو كان قانون جنسيته يفرض سنا أعلى مما هو منصوص عليه في القانون المغربي( المادة‬
‫‪)115‬‬

‫‪ -‬منع التاجر الذي تفتح في مواجهته مسطرة التسوية أو التصفية القضائية التوقيع‬
‫على الكمبيالة ‪،‬وفي حالة مخالفة هذا المقتضى فإن الجزاء القانوني البطالن طبقا‬
‫للمادة ‪ 658‬من م‪.‬ت‪ ،‬فكل التصرفات التي يأتيها التاجر بعد توقفه عن الدفع تكون‬
‫باطلة‪.‬‬
‫‪ -‬حالة قيام شخص ممنوع من ممارسة التجارة بالتوقيع على الكمبيالة يبقى هنا توقيعه‬
‫صحيحا مع العلم أنه من الممكن أن يخضع للجزاءات القانونية المنصوص عليها في‬
‫هذا المجال‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المحل والسبب‬
‫إن محل اإللتزام الثابت في الورقة التجارية دفع مبلغ معين من النقود‪ ،‬ولذا فإنه دائما‬
‫ممكن ومشروع غير انه ال يجوز أن يكون محلها تسليم بضاعة ألنه يتنافى مع الوظائف‬
‫التي تقوم بها الورقة التجارية‪ .‬ولذلك فالمحل ال يطرح أي إشكال‪.‬‬
‫أما بالنسبة للسبب في ال ورقة التجارية فينبغي ان يكون موجودا ومشروعا وإال كان‬
‫االلتزام باطال ‪ ،‬كذلك فالورقة التجارية ال تحمل في طيها السبب الذي أنشأت من أجله ‪،‬‬
‫وسبب التزام ساحب الورقة اهو العالقة األصلية التي نشأت بينه و بين المستفيد ‪ ،‬هذا وقد‬
‫جاء في إحدى قرارات المجلس األعلى ‪ ":‬االلتزام الذي لم يذكر له سبب في السند يفرض‬
‫أن له سببا مشروعا"‪.‬‬

‫‪ -‬تم تغيير المادة ‪ 15‬أعاله‪ ،‬بمقتضى المادة الفريدة من القانون ‪ 54.17‬القاضي بتغيير المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق ‪1‬‬
‫بمدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.18.14‬بتاريخ ‪ 5‬جمادى اآلخرة ‪ 22( 1439‬فبراير ‪ ،)2018‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 6655‬بتاريخ ‪ 23‬جمادى اآلخرة ‪ 12( 1439‬مارس ‪ ،)2018‬ص ‪.1438‬‬

‫‪3‬‬
‫هذا وعلى من يدعي عكس ذلك أن يقيم الدليل على انتفاء السبب أو عدم مشروعيته أو‬
‫مخالفته للنظام العام واآلداب بكافة طرق اإلثبات ‪ ،‬غير أنه ال يجوز التمسك في مواجهة‬
‫الحامل حسن النية ببطالن االلتزام الثابت في ا الورقة التجارية لعدم مشرعية السبب ‪،‬ألنه‬
‫يجب أن يبقى محميا من جهة وألنه أجنبي تماما على العالقة األصلية التي أدت إلى إنشائها‬
‫من جهة أخرى وذلك طبقا لمبدأ عدم التمسك بالدفوع في مواجهة الحامل حسن النية ‪ ،‬بينما‬
‫ينحصر االحتجاج بهذا المبدأ في العال قة بين الموقع ودائنه المباشر كالساحب والمسحوب‬
‫عليه ‪ ،‬أو بين المظهر والمظهر إليه‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الشروط الشكلية‬


‫تعتبر األوراق التجارية تصرفات قانونية ذات طبيعة شكلية والشكل بالنسبة إليها ركن‬
‫ثابت وأصيل ‪ ،‬فهو شرط وجود ال صحة يترتب عن وجوده الوجود وعن عدمه العدم ‪،‬‬
‫فالورقة التجارية كسند ذو نظام قانوني أوجب القانون احترامها الشكل القانوني حتى يعتد‬
‫بها في الميدان الص رفي بمعنى أنها ال تنشأ إال إذا كانت مكتوبة ‪ ،‬والكتابة هنا شرط‬
‫إلنشائها وليست فقط إلثباتها فإذا فقدت الورقة أحد بياناتها اإللزامية ‪ ،‬فقدت صفتها كورقة‬
‫تجارية وأصبحت مجرد سند دين عادي ‪.‬‬
‫فالمشرع فرض هذه الشكلية لتحديد االلتزام الثابت بالورقة التجارية على وجه الدقة‬
‫حتى تكون كافية بذاتها إلثبات التزام ومداه ونطاقه وأوصافه ‪.‬‬
‫والشروط الشكلية ال واجب توافرها في الورقة التجارية تتمثل في ضرورة كتابتها‬
‫(الفرع األول) وتضمينها مجموعة من البيانات اإللزامية التي نص عليها القانون (الفرع‬
‫الثاني) ‪ ،‬إال أن المرونة التي تطبع القانون الصرفي جعلت من تضمين الورقة التجارية‬
‫بيانات اختيارية أمرا ممكنا ما دامت إرادة األطراف قد وافقت على ذلك (الفرع الثالث) ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الكتابـــــة‬
‫الكتابة شرط جوهري منشئ لألوراق التجارية وقاسم مشترك بينهما سواء كانت كمبيالة‬
‫(المادة ‪ )159‬أم سند ألمر (المادة ‪ )232‬أم شيك (المادة ‪ ، )239‬وبالرجوع إلى المواد‬
‫المنظمة لألوراق التجارية أو من خالل التعاريف التي سقناها أعاله نستشف أن الورقة‬
‫التجارية تستلزم لوجودها إفراغها في محرر مكتوب ‪.‬‬
‫ولئن كان التشابه بين األوراق التجارية واضحا من ناحية وجوب شكلية الكتابة ‪ ،‬إال أن‬
‫هذا المبدأ يختلف بحسب ما إذا كنا أمام كمبيالة أو شيك أو سند ألمر حسب خصوصية كل‬
‫ورقة والتطور التاريخي الذي تنفرد به ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫فبخصوص الكمبيالة ‪:‬‬

‫يفترض كتابة الورقة كلما استلزم األمر إنشاءها ‪ ،‬تظهيرها ‪ ،‬قبولها أو ضمانها‬
‫االحتياطي‪ ،‬لكن ال يشترط طريقة خاصة لتحريرها فقد تثبت في محرر رسمي أو عرفي‬
‫وهو األمر الغالب ‪.‬‬
‫هذا وتكتب الكمبيالة في الغالب بخط اليد ‪ ،‬غير أنه مع تطور حياة التجارية وأساليبها‬
‫أصبحت الكمبيالة عبارة عن مطبوع في شكل دفتر يمأل باليد أو اآللة الكاتبة ‪ ،‬ويمكن أن‬
‫تحرر باللغة العربية أو الفرنسية أو بهما معا طالما أن المشرع لم يفرض طريقة معينة‬
‫لتحريرها ‪ ،‬وإذا كانت الكمبيالة إلى حدود سنة ‪ 2006‬ال تسلم من طرف جهاز معين بل‬
‫كانت تباع في المحالت التجارية على أشكال تختلف من حيث اللون والورق والكتابة لدرجة‬
‫أصبحت معها عدة شركات تقوم بطبع كمبياالت طبقا لما نص عليه القانون بخصوص‬
‫البيانات اإللزامية ‪ ،‬فإنه بصدور منشور بنك المغرب رقم ‪ 2006/G/13‬أصبح البنك يسلم‬
‫إلى زبونه دفتر الكمبياالت الموحدة النمط أو النموذجية ‪ ،‬وذلك بهدف تسهيل المعالجة اآللية‬
‫للورقة التجارية وتيسير تداولها على مستوى نظام أو نسق المقاصة اإللكترونية الرابط بين‬
‫األبناك المغربية ‪ ،‬وهو األمر الذي سلكه المشرع الفرنسي منذ ‪ 05‬نونبر ‪ ، 1982‬حيث تم‬
‫منع طبع الكمبياالت غير المطابقة للنموذج الخاص والموحد وعدم احترام هذا القرار ال‬
‫يؤدي إلى بطالن الورقة وإنما يعتبر مخالفة يعاقب عليها القانون بغرامة مالية ‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق يطرح التساؤل عن القوة الملزمة لمنشور بنك المغرب بخصوص‬
‫الكمبيالة النمطية ؟ وهل هو ملزم لألبناك فقط ‪ ،‬أم ملزم للتجار المتعاملين مع األبناك ؟ أو‬
‫فيما بينهم ؟‬
‫في غياب نص صريح في مدونة التجارة – كما هو الشأن بالنسبة للشيك – فإن هذا‬
‫المنشور يظل ملزما لألبناك دون سواها من التجار ‪ ،‬وبالتالي تبقى الكمبيالة المكتوبة على‬
‫مطبوع عادي حجة ما دامت مستوفية لجميع الشروط المتطلبة قانونا ومقبولة أمام القضاء‬
‫في حالة نشوء نزاع حولها ‪.‬‬
‫بخصوص السند اإلذني ‪:‬‬

‫نفس األمر بالنسبة للكمبيالة يجب أن تحرر كتابة سواء كانت الكتابة عرفية أو رسمية‬
‫وتعتبر الكتابة شرط صحة وانعقاد يترتب على تخلفها البطالن ‪.‬‬
‫بخصوص الشيك ‪:‬‬

‫الكتابة في الشيك كتابة إنشاء كذلك ال يغني عنها ال القرائن وال الشهود وال اليمين ‪،‬‬
‫فغياب عنصر الكتابة في الشيك يجعله باطال ويحول بينه وبين التداول ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وإذا كان يجوز من حيث المبدأ في بعض التشريعات المقارنة وكذلك قانون جنيف‬
‫الموحد للشيك ‪ 19‬مارس ‪ 1934‬لألطراف أن يحرروا شيكات على أوراق عادية بخط اليد‬
‫أو اآللة الكاتبة ‪ ،‬إال أن المشرع المغربي وألسباب إدارية وتنظيمية وبناء على اتفاقات‬
‫داخلية بين األبناك عمد إلى اعتبار الشيكات المخالفة للنماذج المسلمة من المؤسسة البنكية‬
‫غير صحيحة وباطلة (الفقرة األخيرة من المادة ‪ )240‬قاضيا بذلك على كل جدل فقهي أو‬
‫خالف قضائي ‪.‬‬
‫كما أن الساحب الذي يسحب شيكا على غير مؤسسة بنكية يعاقب بغرامة قدرها ‪6%‬‬
‫من مبلغ الشيك على أن ال يقل مبلغ الغرامة عن مائة درهم (الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪. )307‬‬

‫ويقصد ب "المؤسسة البنكية " في مفهوم هذا القانون كل مؤسسة قرض وكل هيئة يخول‬
‫لها القانون صالحية مسك حسابات يمكن أن تسحب عليها الشيكات (المادة ‪.)241‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬البيانات اإللزامية‬


‫إن البيانات اإللزامية الموجودة على الورقة التجارية في الوقت الحاضر لم تكن من‬
‫إبتداع المشرع المعاصر ‪ ،‬بل ترجع صياغتها إلى تحرير عقد الصرف في العصور‬
‫الوسطى وكانت بذلك من ابتداع التجار وبالتالي يمكن اعتبار هذه البيانات المقررة في‬
‫شكلها الحالي امتدادا لما كان يجري به العمل في العصور الغابرة ‪.‬‬
‫ويطلق على هذه البيانات " البيانات اإللزامية " وقد حددت المواد ‪ 159‬و‪ 132‬و‪239‬‬
‫من مدونة التجارة ما هي البيانات اإللزامية التي سنحاول التطرق إليها مع تحديد البيانات‬
‫المشتركة والخاصة بكل سند على حدة ‪.‬‬
‫ويتضح من خالل المواد المضمنة أعاله أن هذه البيانات تنقسم إلى ‪ 3‬أنواع ‪:‬‬

‫‪ .1‬بيانات تخص الورقة نفسها (ذكر تسمية الورقة ‪ ،‬تاريخ ‪ ،‬مكان اإلنشاء) ‪.‬‬
‫‪ .2‬بيانات تخص األداء (األمر بأداء مبلغ معين ‪ ،‬مكان الوفاء ‪ ،‬تاريخ االستحقاق ) ‪.‬‬
‫‪ .3‬بيانات تخص األطراف (الساحب ‪ ،‬المسحوب عليه ‪ ،‬المستفيد) ‪.‬‬
‫وسنبحث في كل بيان على حدة في (فقرة أولى ) على أساس أن نبحث في (فقرة ثانية)‬
‫آثار تخلف أحد هذه البيانات اإللزامية ‪.‬‬
‫فقرة أولى ‪ :‬البيانات اإللزامية في األوراق التجارية‬
‫‪ - 1‬تسمية "الورقة"‬

‫‪6‬‬
‫✓ تسمية الكمبيالة ‪:‬‬
‫يعتبر هذا البيان من السمات الشكلية البارزة التي تتميز بها الكمبيالة ‪،‬وشددت عليه‬
‫مدونة التجارة على غرار قانون جنيف الموحد بذكر كلمة " الكمبيالة " في صلب السند ذاته‬
‫وبنفس اللغة التي حررت بها ‪ ،‬وال يجوز كتابتها على ورقة مستقلة أو وصلة وذلك بذكر‬
‫مثال ‪ " :‬ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة "‪.‬‬
‫والهدف من إدراج كلمة كمبيالة في نص الورقة ذاتها هو تنبيه المتعاملين بها إلى‬
‫خطورة التعامل بمثل هذه الورقة وإلى خضوعهم إلى األحكام الخاصة بها ‪.‬‬
‫ويترتب عن تخلف هذا المقتضى ‪ ،‬بطالن الكمبيالة وعدم اعتبارها ورقة تجارية‬
‫خاضعة للقانون الصرفي ‪.‬‬
‫✓ السند ألمر ‪ :‬الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪232‬‬

‫اشترطت اإلذن أو األمر تغني عن تسمية السند أنه إلذن والعكس صحيح كذلك ‪ ،‬فإن‬
‫تخلفت التسمية ووجد الشرط كان السند صحيحا ‪ ،‬وإن تخلف الشرط ووجدت التسمية كان‬
‫السند صحيحا ‪ ،‬كذلك خالف األمر في كمبيالة التي تبطل في األحوال التي ال تحمل اسم‬
‫كمبيالة على ذات الصك ولو وجد عليها شرط اإلذن أو األمر ‪.‬‬
‫ففي هذا الشأن يختلف إذن السند ألمر عن الكمبيالة والشيك ‪ ،‬ألن المشرع ألزم فقط‬
‫ذكر كلمة " ألمر " للداللة على السند ألمر ألنه ال يوجد أي سند آخر يمكن أن يثير خلطا به‬
‫‪ ،‬هذا وال يجوز أن يدرج في السند شرط ليس ألمر أو إلذن ( الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪) 232‬‬
‫في حين يجوز ذلك في الكمبيالة (الفقرة ‪ 1‬و‪ 2‬من المادة ‪. ) 167‬‬

‫✓ الشيك ‪:‬‬
‫أوجبت مدونة التجارة ذكر كلمة " الشيك " في الورقة لتميزها عن باقي األوراق‬
‫التجارية األخرى‪ ،‬والتي يجب أن تذكر في المتن كما هو الحال بالنسبة للسند ألمر أو‬
‫الكمبيالة ‪.‬‬
‫إن إغفال ذكر كلمة الشيك سهوا في متن صيغ الشيكات المسلمة من طرف األبناك يفقد‬
‫الورقة صفة الشيك طبقا للمادة ‪ 240‬من مدونة التجارة ‪.‬‬

‫‪ – 2‬األمر بأداء مبلغ معين من النقود ‪:‬‬

‫يجب أن تتضمن الورقة التجارية أمرا بالوفاء أو تعهدا بالوفاء حسب طبيعة كل ورقة‬
‫على حدة ‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫الكمبيالــة ‪:‬‬
‫فبالنسبة للكمبيالة تتضمن أمرا صادرا من الساحب إلى المسحوب عليه بأداء مبلغ من‬
‫النقود لمصلحة المستفيد ‪ ،‬فهذا األمر باألداء يعبر عنه بصيغة " ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة‬
‫" يجسد بعض المضامين الجوهرية والسمات المهمة للكمبيالة ويميزها عن السند ألمر الذي‬
‫يكون بصيغة التعهد ال األمر ‪ ،‬في حين تلتقي الكمبيالة مع الشيك من حيث أن األمر باألداء‬
‫يجسد وجود عالقة قانونية بين ثالثة أطراف ‪ ،‬في حين ال ينشئ السند ألمر سوى عالقة‬
‫ثنائية األطراف ‪.‬‬
‫ويشترط في األمر الناجز عدم اقترانه بأي شرط سواء كان وقفا أو فاسخا ألن ذلك‬
‫يعرقل التداول الذي يعتبر أحد أهم خصائص الكمبيالة ‪ ،‬وغني عن البيان أنه يكون‬
‫األمر منصبا على مبلغ معين من النقود ‪ ،‬وأن يكون محددا بكل دقة دون غموض وأن‬
‫يكون واحدا عمال بمبدأ وحدة الدين فال يجوز أن تتضمن الكمبيالة عدة مبالغ متفرقة أم‬
‫أن تتضمن ما يفيد تقسيط المبلغ ‪ ،‬هذا المبلغ الذي يمكن أن يكون مكتوبا باألرقام أو‬
‫بالحروف أو هما معا ‪ ،‬وبخصوص هذه المسألة حسمت مدونة التجارة كل نزاع يمكن‬
‫أن ينشأ في حالة االختالف بين المبلغين بحيث يعتد حسب الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪163‬‬
‫بالمبلغ المكتوب بالحروف ‪ ،‬وإن تصادف أن كتب المبلغ عدة مرات باألرقام وبالحروف‬
‫فإن األداء يتم وفقا للمبلغ األقل حسب الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪. 163‬‬

‫وباإلضافة إلى ما سلف يتعين عند تحديد مبلغ الكمبيالة ذكر العملة التي ينبغي‬
‫بواسطتها دفع ذلك المبلغ ‪،‬ألن الكمبيالة يمكن أن تسحب بعملة وطنية أو أجنبية ‪ ،‬وإذا‬
‫تشابهت عملة بلد اإلنشاء وبلد الوفاء وكانت مختلفة من حيث القيمة ‪ ،‬فإنه برجوعنا إلى‬
‫الفصل ‪ 187‬الفقرة األخيرة يفترض الوفاء بعملة بلد الوفاء ‪.‬‬

‫أما إذا كان سحب الكمبيالة بعملة أجنبية واشترط الوفاء بها إال أنها غير متداولة في‬
‫بلد الوفاء أو مختلفة عن عملته فالوفاء سيكون مقوما بعملة بلد الوفاء نظرا لما يلحق‬
‫الحامل من هبوط في قيمة العملة‪.‬‬
‫ونشير في الختام أن المبلغ المذكور في الكمبيالة قد يكون مجردا من الفائدة وقد‬
‫يذكر معها ‪.‬‬
‫وبخصوص هذه المسألة ميزت المادة ‪ 162‬بين الكمبيالة مستحقة األداء عند‬
‫االطالع أو بعد مدة من االطالع وبين الكمبيالة مستحقة األداء في تاريخ معين أو بعد‬
‫مدة من إنشائها ‪ ،‬فأجازته في األولى بشرط أن يبين سعر الفائدة وإال اعتبر الشرط كأن‬

‫‪8‬‬
‫لم يكن ‪ ،‬ولم تجزه في النوع الثاني لسهولة احتساب قدر الفائدة عن المدة الفاصلة بين‬
‫تاريخ إنشائها وتاريخ استحقاقها وإضافته إلى أصل المبلغ ‪.‬‬
‫السنــد ألمـــــر ‪:‬‬
‫يتضمن تعهدا بالوفاء وليس أمرا بالوفاء فالسند ألمر يبرئ التزام المتعهد بأداء‬
‫مبلغ معين من النقود للمستفيد أو ألمره فالسند الذي يتضمن خطأ عبارة " ادفعوا مقابل‬
‫‪ " .....‬عوض " أتعهد بموجب ‪ " ....‬دون تعيين المسحوب عليه ال تكون له أية قيمة‬
‫صرفية النعدام التعهد بالوفاء ‪.‬‬
‫هذا ويجب أن يكون السند مطلقا غير معلقا على شرط أو أجل معين‪ ،‬وأن يكون‬
‫محله دفع مبلغ معين من النقود ‪.‬‬
‫وعند االختالف بين مبلغ السند تطبق نفس القواعد المقررة في الكمبيالة ‪.‬‬
‫الشيــك ‪:‬‬
‫كذلك يجب أن يكون لألمر الناجز بدفع مبلغ من النقود ناجزا غير معلق على شرط‪،‬‬
‫وإذا كان األمر الناجز في الكمبيالة يمكن أن يصاحب بأجل استحقاق الحق ‪ ،‬فإن األمر‬
‫ليس كذلك في الشيك إذ أن تضمينه أجال الحقا لتاريخ إنشائه بجعله واجب األداء عند‬
‫االطالع أي عند تقديم ه لألداء نفس األمر في الكمبيالة فيما يخص االختالف الوارد بين‬
‫المبلغ المذكور بالحروف أو األرقام ( المادة ‪ 247‬مدونة التجارة )‬

‫كذلك أوجدت مدونة التجارة الحل إذا كان الشيك مستحق الوفاء بالمغرب وصادرا في بلد‬
‫تختلف اليومية المعمول بها فيه عن اليومية المعمول بها في المغرب‪ ،‬أرجع تاريخ اإلصدار‬
‫إلى اليوم المقابل في اليومية المعمول بها في المغرب ( المادة ‪ 269‬مدونة التجارة )‪.‬‬
‫بخالف الكمبيالة يمنع اشتراط الفائدة في الشيك وتعليل هذا المنع يرجع إلى كون‬
‫الشيك مستحق األداء عند االطالع ( ‪ 245‬مدونة التجارة ) وكل اشتراط بخصوص هذه‬
‫المسألة يعتبر كأن لم يكن ‪.‬‬
‫‪ – 3‬اسم المسحوب عليه ‪:‬‬

‫إن ذكر اسم المسحوب عليه في صلب الكمبيالة شيء ضروري على اعتبار أنه‬
‫الشخص ( طبيعيا أو اعتباريا )الذي يتقدم إليه المستفيد أو حامل الكمبيالة الستخالص‬
‫مبلغها عند حلول ميعاد االستحقاق ‪.‬‬
‫لذلك يتعين أن يحدد بدقة اسم المسحوب عليه وأن يكون معروفا بمعنى أن يكون‬
‫شخصا حقيقيا ال وهميا وهو ما يصطلح عليه " كمبيالة مسحوبة في الهواء " ‪ ،‬فالكمبيالة‬
‫‪9‬‬
‫هنا صحيحة من الناحية الصرفية مستوفية ألحد بياناتها اإللزامية لكن إمكانية متابعة‬
‫الساحب جنائيا بجنحة النصب واالحتيال مؤسسة قانونا متى توافرت شروطها ‪.‬‬
‫فالكمبيالة تختلف عن السند ألمر من حيث يلتزم ساحب السند ( المتعهد ) بأداء‬
‫قيمته للمستفيد فال وجود هنا للمسحوب عليه ‪ ،‬في حين تلتقي الكمبيالة من هذه الناحية‬
‫مع الشيك من كون ضرورة وجود المسحوب عليه ‪ ،‬إال أنه في الكمبيالة قد يكون‬
‫شخصا طبيعيا أو معنويا ‪ ،‬أما في الشيك فهو دائما وأبدا مؤسسة بنكية ( المادة ‪) 241‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن االلتزام الصرفي ال ينشأ اتجاه المسحوب عليه من العالقات‬
‫السابقة عند إنشاء الكمبيالة ‪ ،‬وإنما ينشأ بتوقيعه عليها بالقبول فهو يرتبط بهذا األخير‬
‫وجودا وعدما ‪.‬‬
‫ويجوز في القانون المغربي كما هو الشأن في القانون الموحد أن تسحب الكمبيالة‬
‫على الساحب نفسه ( الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ ) 162‬بمعنى أن يكون ساحبا ومسحوبا عليه‬
‫في نفس الوقت ‪ ،‬فتكون الكمبيالة في هذه الحالة أشبه بالسند ألمر ‪.‬‬
‫وإذا كان األمر كذلك في الكمبيالة فهل في الشيك تطرح إمكانية جواز أن يكون‬
‫الساحب مسحوب عليه في نفس الوقت ؟‬
‫إن األصل والمبدأ هو عدم الجواز في الشيك ألن سحب شيك يقتضي أن يكون‬
‫الس احب والمسحوب عليه شخصين منفصلين حتى يمكن توجيه األمر باألداء من أحدهما‬
‫لألخر ‪ ،‬كما يف ترض في الشيك وجود مؤونة للساحب لدى المسحوب عليه وال يتصور‬
‫كون الشخص دائنا لنفسه ‪.‬‬
‫غير أنه ولضرورات عملية استثنى قانون جنيف الموحد من منع سحب الشيك على‬
‫الساحب نفسه ا لحالة التي يمتلك فيها البنك عدة مؤسسات وفروع تابعة إمكانية سحب‬
‫شيكات على أحد فروعه لمصلحة شخص معين ‪ ،‬وهو ما زكته الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪244‬‬
‫من مدونة التجارة ‪ " :‬ال يجوز أن يسحب الشيك على الساحب نفسه إال حال سحبه بين‬
‫عدة مؤسسات لساحب واحد شرط أال يكون هذا الشيك لحامله" ‪.‬‬
‫‪ – 4‬تعيين اسم المستفيد ‪:‬‬

‫أوجب المشرع المغربي ذكر اسم المستفيد في الورقة التجارية ‪.‬‬


‫✓ ففي الكمبيالة ‪:‬‬
‫أوجب المشرع ذكر اسم المستفيد الذي سيتم األداء له أو ألمره ‪ ،‬وخلو الكمبيالة‬
‫من هذه البيانات يجعلها باطلة ‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫وبهذا منع القانون المغربي إصدار كمبياالت لحاملها ‪ ،‬وذلك لعلة أن الكمبيالة‬
‫لحاملها تكون عرضة للضياع والسرقة دون أن تكون بيد الحامل الشرعي أي وسيلة‬
‫إلثبات حقه ‪ ،‬وأن الضمان الذي تمنحه هذه الكمبيالة يكون ضئيال وال يشجع على تداولها‬
‫‪ ،‬فالكمبيالة ال بد أن تصدر ألمر أي البد من تعيين المستفيد وإذا كان األصل أن يكون‬
‫المستفيد شخصا ثالثا في العالقة التعاقدية التي تنشئها الكمبيالة ‪ ،‬فإنه ليس هناك ما يمنع‬
‫أن يكون المستفيد هو الساحب نفسه طبقا للفقرة األولى من المادة ‪.161‬‬

‫ويجب أن يكون اسم المستفيد محددا بدقة ومكتوبا بكامله ‪ ،‬ويمكن لبعض الحروف‬
‫أن تعين المستفيد إذا كانت تعبر عنه بدون شك وال غموض ‪.‬‬
‫ونشير في األخير أن المستفيد قد يكون شخصا واحـدا أو متعددا ‪ ،‬طبيعيا أو معنويا‪.‬‬
‫✓ بخصوص السند ألمر ‪:‬‬
‫أوجبت المدونة ذكر اسم الشخص الذي يجب أن يقع الوفاء له أو ألمره ‪ ،‬وهو ما يدل‬
‫على عدم جواز تحرير السند لحامله كما هو الحال في الكمبيالة (المادة ‪.)232‬‬

‫ويجوز أن يكون المستفيد شخصا طبيعيا أو معنويا ‪ ،‬لكن ال يجوز أن يتعدد المستفيدون ألن‬
‫ذلك يتنافى وطبيعة السند ‪.‬‬
‫لكن طرح التساؤل عن إمكانية تحرير السند ألمر من طرف المحرر نفسه أو بعبارة‬
‫أخرى هل يجوز أن يصبح المتعهد هو المستفيد نفسه من السند ؟‬
‫بخصوص هذه المسألة انقسم الفقه إلى قسمين ‪ :‬فريق يرى جواز وفريق آخر يرى عدم‬
‫الجواز مستند ين في ذلك أنه ليس هناك في النصوص التي تقرر إحالة أحكام الكمبيالة‬
‫وتطبقيها على السند ألمر ما يفيد ذلك ‪ ،‬إال أننا نؤيد الفريق الثاني على اعتبار مسألة كون‬
‫المتعهد هو نفسه المستفيد أمر نادر الحدوث من الناحية العملية ‪ ،‬وال توجد أسباب تدعوا‬
‫لتحرير السند ألمر إال في حالة حاجة المتعهد إلى النقود فيقوم آنذاك بتحريره وخصمه لدى‬
‫البنك مع العلم أن هناك وسائل عديدة تقوم مقام السند في الوقت الحاضر بهذه العملية ‪.‬‬
‫‪ – 5‬تاريخ ومكان اإلنشاء ‪:‬‬

‫يحظى تاريخ ومكان إنشاء الورقة التجارية بأهمية بالغة تتفاوت بحسب طبيعة كل‬
‫ورقة‪.‬‬
‫✓ فبالنسبة للكمبيالة ‪:‬‬
‫ـ تعيين تاريخ اإلنشاء ‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫لم يحدد المشرع شكال خاصا لتعيين تاريخ اإلنشاء بحيث يمكن أن يكتب التاريخ‬
‫بالحروف أو باألرقام أو بهما معا ‪ ،‬أو أن يحدد باليوم والشهر والسنة ‪ ،‬والمهم أن يعين هذا‬
‫التاريخ وأن يكون واحدا وتكمن أهمية ذكر تاريخ اإلنشاء في ‪:‬‬
‫معرفة ما إذا كان الساحب حين إنشاء الكمبيالة متمتعا باألهلية التجارية أم ال ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التحقق ما إذا كان الساحب حين إنشاء الكمبيالة في فترة الريبة أو التوقف عن الدفع‬ ‫‪-‬‬
‫ألن كافة تصرفاته في هذه الفترة تكون غير نافذة اتجاه دائنيه ‪.‬‬
‫معرفة تاريخ استحقاق الكمبيالة في حالة الكمبيالة المستحقة بعد مدة من إنشائها‬ ‫‪-‬‬
‫والكمبيالة المستحقة بمجرد اإلطالع أو بعد مضي مدة معينة من االطالع ‪.‬‬
‫تحديد المدة الواجب مراعاتها الحتساب أمد التقادم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إذن نصل إلى أن تاريخ الكمبيالة يجب أن يكون حقيقيا ال وهميا وال متقدما أو متأخرا‬
‫على زمان اإلنشاء الفعلي كل هذا حماية لحقوق األغيار‪ ،‬وال يؤدي خلو هذا البيان إلى‬
‫بطالن الكمبيالة ‪ ،‬ذلك أن تاريخ إنشائها في هذه الحالة يكون هو تاريخ تسليم الورقة إلى‬
‫المستفيد حسب الفقرة األخيرة من المادة ‪. 160‬‬
‫ـ تعيين مكان اإلنشاء ‪:‬‬

‫يجب ذكر مكان اإلنشاء أو السحب الذي حررت فيه الكمبيالة ‪ ،‬وتظهر أهمية هذا‬
‫المقتضى بالخصوص في المعامالت الدولية على اعتبار أن ذلك يفيد في حل مسألة تنازع‬
‫القوانين ‪ ،‬مما يفيد في معرفة القانون الواجب التطبيق والذي يكون غالبا قانون بلد اإلنشاء‬
‫أو السحب ‪.‬‬
‫هذا على الصعيد الدولي أما على الصعيد الداخلي فتظهر أهميته في معرفة مكان‬
‫الساحب للرجوع عليه في حالة عدم قبول الكمبيالة أوعدم الوفاء بها من طرف المسحوب‬
‫عليه ‪.‬‬
‫ونشير ختاما أنه للتخفيف من حاالت البطالن التي قد تعيب الكمبيالة فإن عدم ذكر‬
‫مكان اإلنشاء يصبح إنشائها هو المكان المذكور بجانب اسم الساحب ( الفقرة ‪ 3‬من المادة‬
‫‪ ، ) 160‬أما إذا لم يقترن اسم الساحب بمكان فإن الكمبيالة ال تبطل ويكون مكان اإلنشاء هو‬
‫مكان موطنه ( الفقرة ‪ 6‬من المادة ‪. ) 160‬‬

‫✓ فبالنسبة للسند ‪:‬‬


‫نفس المقتضيات المنصوص عليها في الكمبيالة ( الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪. ) 233‬‬

‫✓ أما بالنسبة للشيك ‪:‬‬


‫‪12‬‬
‫أهمية ذكر تاريخ اإلنشاء تكمن في اآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬حساب المدة التي يجب تقديم الشيك فيها للوفاء والتي تسري في اليوم الموالي إلنشاء‬
‫الشيك ‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة أهلية الساحب عند إنشاءه لهذه الورقة ‪.‬‬
‫‪ -‬احتساب مدة التقادم ‪.‬‬
‫يترتب على تخلف بيان تاريخ اإلنشاء عدم صحة الشيك ( المادة ‪ ) 240‬لكن قد يعتبر‬
‫مجرد سند عادي إلثبات الدين‪ ،‬وهذا ما يميز الشيك عن الكمبيالة والسند ألمر ‪.‬‬
‫أما بالنسبة ألهمية تعيين مكان اإلنشاء فتتجلى فائدته في حالة تنازع القوانين لمعرفة‬
‫القانون الواجب التطبيق في حالة ما إذا صدر الشيك في بلد وكان مستحقا في بلد آخر ‪.‬‬
‫وبخالف تاريخ اإلنشاء لم تعتبر مدونة التجارة الشيك باطال عند عدم ذكر مكان إنشائه‬
‫واعتبرت المادة ‪ 240‬المكان المبين بجانب اسم الساحب مكانا إلنشائه ‪.‬‬

‫‪ – 6‬مكان الوفاء ‪:‬‬

‫✓ بالنسبة للكمبيالة ‪:‬‬


‫إن ذكر المكان الواجب استخالص مبلغ الكمبيالة فيه أمر ضروري حتى يتمكن‬
‫المستفيد من معرفة مكان الوفاء بصفة مسبقة ألنه يقع على عاتقه المطالبة بأداء مبلغها ‪،‬‬
‫لذلك ال ينبغي أن يكون واضحا يسهل االهتداء إليه ‪ ،‬وإذا تعددت أماكن الوفاء في الكمبيالة‬
‫فإنها ال تكون باطلة حيث يحق للمستفيد اختيار أحدها ‪.‬‬
‫ولم يجعل المشرع المغربي من غياب هذا الشرط سببا لبطالن الكمبيالة ‪ ،‬ذلك أن ذكر‬
‫موطن المسحوب عليه يغني عن تعيين مكان الوفاء طبقا للقاعدة العامة التي توجب اقتضاء‬
‫الدين في محل المدين ( المادة ‪. ) 160‬‬

‫كذلك إذا لم يعين مكان بجانب اسم المسحوب عليه اعتبرت صحيحة ‪ ،‬ويكون مكان‬
‫الوفاء في هذه الحالة هو المكان الذي يزاول فيه المسحوب عليه نشاطه أو موطنه طبقا‬
‫للفقرة ‪ 4‬من المادة ‪. 160‬‬

‫✓ بالنسبة للسند ألمر ‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 232‬الفقرة ‪ 4‬على ضرورة تعيين مكان الوفاء وإذا تم إغفاله فال يبطل‬
‫السند بل يعتبر مكان وفائه هو مكان إنشائه ‪ ،‬أما إذا كان السند خاليا من مكان اإلنشاء أيضا‬

‫‪13‬‬
‫فإن المكان المذكور بجانب اسم المتعهد هو مكان الوفاء ‪ ،‬وفي حالة عدم وجود هذا البيان‬
‫اعتبر مكان عمل المتعهد أو مكان إقامته مكانا للوفاء ( الفقرتين ‪ 3‬و ‪ 4‬من المادة ‪. ) 233‬‬

‫✓ بالنسبة للشيك ‪:‬‬


‫أكد المشرع على ضرورة تضمين هذا البيان أي مكان الوفاء حتى يتمكن الحامل من‬
‫استالم المبالغ من هذا المكان ‪ ،‬باإلضافة إلى أن تعيين مكان الوفاء يمكن من معرفة‬
‫المحكمة المختصة في حالة النزاع ‪.‬‬
‫ويجوز أن يتضمن الشيك بيان الدفع في محل مختار ‪ ،‬غير أن الشخص المختار الذي‬
‫عين ليتم الوفاء لديه ال بد أن يكون مؤسسة بنكية بخالف األمر في الكمبيالة (المادة ‪. )246‬‬

‫وفي حالة إغفال هذا البيان ال يعتبر الشيك باطال وإنما حسب المادة ‪ 240‬يعتبر المكان‬
‫الموجود بجانب المسحوب عليه مكانا للوفاء ‪ ،‬وإذا عينت عدة أمكنة إلى جانب اسم‬
‫المسحوب عليه اعتبر الشيك مستحق الوفاء في المكان المعين أوال ‪.‬‬
‫وإذا خال الشيك من هذه البيانات أو من أي بيان آخر وجب الوفاء في المكان الذي توجد‬
‫به المؤسسة الرئيسية للمسحوب عليه ‪.‬‬
‫‪ – 7‬تاريخ االستحقاق ‪:‬‬

‫يعتبر تاريخ االستحقاق على غاية من األهمية في األوراق التجارية باستثناء الشيك‬
‫الذي ال يعد وسيلة ضمان بل وسيلة أداء مادام مستحق الوفاء بمجرد االطالع ‪.‬‬
‫✓ بالنسبة للكمبيالة ‪:‬‬
‫فباعتبارها أداة وفاء فإنه يجب أن يحدد بدقة األجل الذي يحل فيه أداء المبلغ الثابت فيها‪،‬‬
‫فالتنصيص على ميعاد االستحقاق أمر ضروري حتى يتمكن الحامل الشرعي لها من معرفة‬
‫التاريخ الذي يجب عليه تقديم الكمبيالة إلى المسحوب عليه قصد استخالص مبلغها من جهة‬
‫أولى ‪ ،‬وحتى يمكن من مراقبة مدى احترام الحامل لآلجال القانونية للتقدم بالوفاء أو إلقامة‬
‫االحتجاج (أي كونه حامال مهمال أم ال )من جهة ثانية ‪ ،‬وبالتالي إمكانية احتساب مدة التقادم‬
‫من جهة ثالثة ‪.‬‬
‫وهنا نؤكد على وحدة تاريخ االستحقاق كأن يشار إلى أداء جزء من مبلغ الكمبيالة في‬
‫تاريخ والجزء المتبقي في تاريخ آخر ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫غير أن عدم تعيين تاريخ االستحقاق ال يؤدي مطلقا إلى بطالن الكمبيالة ‪ ،‬بل تبقى هذه‬
‫الورقة صحيحة وبالتالي تكون مستحقة األداء بمجرد االطالع عليها ‪ ،‬فالمادة ‪ 181‬حددت‬
‫أربع حاالت الستحقاق الكمبيالة ‪:‬‬
‫الكمبيالة المستحقة األداء بمجرد االطالع ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة معينة من االطالع ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة معينة من تاريخ إنشائها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الكمبيالة المستحقة األداء في تاريخ معلوم ومضبوط قصد استخالصها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وما ينبغي اإلشارة إليه أن هذه الحاالت األربع هي محددة على سبيل الحصر من قبل‬
‫القانون ‪ ،‬حيث أن مخالفتها أو إدراج مواعيد متعاقبة يؤدي إلى بطالنها ‪.‬‬
‫✓ بالنسبة للسند ألمر ‪:‬‬
‫تسري عليه أحكام المواد من ‪ 181‬إلى ‪ 183‬الخاصة بالكمبيالة بخصوص تعيين‬
‫تاريخ االستحقاق والتي تحيل عليه المادة ‪ 234‬في فقرتها ‪. 2‬‬

‫‪ – 8‬اسم وتوقيع الساحب ‪:‬‬

‫عمل التشريع التجاري الجديد على ضرورة تضمين اسم وتوقيع الساحب على الورقة‬
‫التجارية ‪.‬‬
‫✓ بالنسبة للكمبيالة ‪:‬‬
‫وبخالف التشريع القديم استلزمت المادة ‪ 159‬في فقرتها ‪ 8‬على ذكر اسم الساحب على‬
‫الكمبيالة وتوقيعه عليها تحت طائلة عدم صحتها ‪ ،‬ألن هذا التوقيع هو الذي يدخله في دائرة‬
‫التداول الصرفي ما دام أن إنشاء الكمبيالة تصرفا إراديا ‪ ،‬وأن التوقيع يعني إفصاح الساحب‬
‫عن إرادته االلتزام بالوفاء في حالة امتناع المسحوب عليه عن تنفيذ األمر باألداء الموجه‬
‫إليه ‪.‬‬
‫وفي حالة تعدد ساحبي الكمبيالة يجب على هؤالء جميعا التوقيع عليها ويكونون‬
‫متضامنين اتجاه الحامل بوفاء قيمتها ‪.‬‬
‫فالكمبيالة بال توقيع ال قيمة لها إذ ال التزام بدون ملتزم ‪.‬‬
‫لكن يطرح التساؤل عن شكل التوقيع في التشريع المغربي وهو ما ينبغي توفر شروط‬
‫معينة لصحته ؟‬

‫‪15‬‬
‫إن المشرع المغربي وخالفا لقانون جنيف الذي يجيز أشكال التوقيعات األخرى ال‬
‫يعترف إال بشكل التوقيع الخطي أي إمضاء الورقة بيد الساحب كتابة ‪ ،‬وبالتالي استبعاد كل‬
‫أشكال التوقيعات األخرى كبصمة اليد والختم الميكانيكي ‪ ،‬وفي هذا اإلطار قضت المحكمة‬
‫االبتدائية بالدرالبيضاء في قرار صادر بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪ " : 1983‬أن بصمة األصابع‬
‫الموضوعة على الكمبيالة من قبل المسحوب عليه ال تعتبر قبوال وفقا للقانون ‪ ،‬فال يمكن‬
‫للدائن أن يحتج بواسطتها على المدين للحصول على حقوقه المالية التي تترتب عن الورقة‬
‫التجارية حتى إذا اعترف المدين بوضع بصمة أصابعه عليها " ‪.‬‬
‫كما أن المجلس األعلى سابقا(محكمة النقض) لم يعتبر التوقيع بالبصمة إمضاء وال‬
‫يلزم صاحبه طالما أن المشرع لم ينص عليه ال ضمن القواعد العامة ‪ ،‬وال في ظل القانون‬
‫التجاري ‪ ،‬فبناء على مقتضيات الفصل ‪ 426‬من ق ل ع استبعد المجلس األعلى أكثر من‬
‫مرة أساليب التوقيع األخرى من مفهوم التوقيع ‪ ،‬ولو أن الفصل في معرض إقصائه للوسائل‬
‫األخرى استبعد صراحة الطابع أو الختم دون البصمة ‪.‬‬
‫وهكذا يظل التوقيع بالطريقة اليدوية في المغرب يطرح عدة صعوبات عملية في وقت‬
‫أصبح يعرف كثرة المعامالت التجارية وإصدار العديد من الكمبياالت من طرف التجار‬
‫والمقاوالت واستعمال الحاسب اآللي محل األفراد في طبع الكمبياالت ‪ ،‬مما يصعب‬
‫مأموريتهم في توقيعها بخط ا ليد مما دفع المشرع الفرنسي إلى إمكانية توقيعها آليا وبالتالي‬
‫إصدار قانون يسمح بالتوقيع بأي شكل آخر غير خط اليد ‪ ،‬وهو قانون ‪ 16‬يونيو ‪1966‬‬
‫وهو األمر نفسه في التشريعات العربية كالمصري ( المادة ‪ 548‬من قانون‪ 17‬لسنة‬
‫‪ ،)1999‬غير أن القضاء المغربي وإن كان محافظا على نفس النهج التقليدي فيما يخص‬
‫التوقيع بخط اليد ‪ ،‬فإن هذا المسلك قد يتغير في األيام المقبلة خصوصا بعد إصدار القانون‬
‫رقم ‪ 53-05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ‪ ،‬والذي صدر في ‪ 30‬نونبر‬
‫‪ ، 2007‬هذا القانون الذي يحدد النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تداولها‬
‫بطريقة إلكترونية ‪ ،‬وعلى المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق وتلك المعدة على‬
‫دعامة إلكترونية وعلى التوقيع اإللكتروني ‪.‬‬
‫وبذلك يخرج هذا القانون الكتابة الورقية من النطاق الضيق إلى نطاق الكتابة‬
‫اإللكترونية ‪ ،‬مما يجيز التوقيع اإللكتروني وهذا ما سيجعل القضاء المغربي سيغير موقفه‬
‫بما يستجيب لمتطلبات التجارة واألعمال ‪.‬‬
‫هذا ويستلزم التوقيع على الكمبيالة عدة شروط ال بد من مراعاتها وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يدل التوقيع على شخصية صاحبه وفي هذا السياق ذهبت محكمة استئناف الدار‬
‫البيضاء إلى أن " التوقيع المذكور الوارد في شكل "أ‪.‬و" هو توقيع غير اعتيادي وال‬
‫‪16‬‬
‫ينتج آثاره القانونية وفقا لالجتهاد القضائي طالما أن المستأنف عليها لم تبرهن‬
‫بالمكشوف أن مدير المستأنفة كان يوقع بشكل اعتيادي بالطريقة المذكورة " ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون صادرا من منشئ االلتزام الصرفي بالذات ‪ ،‬بمعنى آخر أن يقوم الساحب‬
‫بالتوقيع على الكمبيالة ‪ ،‬أما إذا كان السحب نيابة فيجب التوقيع الشخصي للنائب ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتم التوقيع في أسفل الورقة حتى ينصرف االلتزام إلى اطالعه على جميع ما‬
‫تضمنته هذه الكمبيالة من بيانات وموافقته ورضاه عليها ‪.‬‬
‫✓ بالنسبة للسند ألمر ‪:‬‬
‫توجب المادة ‪ 232‬في فقرتها ‪ 7‬تضمين اسم المتعهد باعتباره المنشئ الحقيقي للسند‬
‫وملزم بقيمته اتجاه المستفيد ‪ ،‬وعليه يجب أن يضع توقيعه على السند حتى يعتبر ملزما‬
‫بمحتواه وذلك على عكس الكمبيالة ما دام للمتعهد صفتا الساحب والمسحوب عليه ‪ ،‬ويكون‬
‫هذا التوقيع باإلمضاء باليد كتابة فالمشرع المغربي استبعد األساليب األخرى كما سبق الذكر‬
‫✓ بالنسبة للشيك ‪:‬‬
‫بخالف األمر في الكمبيالة والسند ألمر حيث يتولى الساحب في األولى والمتعهد في‬
‫الثانية تضمين اسمه ‪ ،‬فإن المادة ‪ 308‬ألزمت األبناك ذكر اسم الساحب على الشيك تحت‬
‫طائلة عدم صحة السند ‪ ،‬على أنه في حالة إغفال البنك لهذا البيان يجب على الساحب‬
‫تدارك هذا اإلغفال تحت طائلة بطالن الشيك كورقة تجارية طبقا للمادة ‪. 240‬‬

‫وغالبا ما يكون اسم الساحب مطبوعا في أسفل صيغ الشيكات ومقرونا برقم حسابه‬
‫البنكي ‪ ،‬وبخصوص شروط صحة التوقيع على الشيك فهي نفس الشروط المتطلبة في‬
‫الكمبيالة لذلك يرجع إليها ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اآلثار المترتبة عن اإلخالل بالبيانات اإللزامية ‪:‬‬

‫كما سبق أن أشرنا سابقا أن األوراق التجارية تعتبر تصرفات قانونية ذات طبيعة شكلية‬
‫والشكل بالنسبة إليها ركن ثابت وأصيل فهو شرط وجود ال صحة يترتب عن وجوده‬
‫الوجود وعن عدمه العدم أي البطالن ‪.‬‬
‫ويعد البطالن من النظام العام يمكن أن يتمسك به كل ذي مصلحة وللمحكمة أن تثيره‬
‫من تلقاء نفسها ‪ ،‬فالورقة التجار ية التي ينقصها أحد البيانات اإللزامية تعتبر باطلة بقوة‬
‫القانون ‪ ،‬وهذا ما أكده القضاء المغربي في قرار لمحكمة االستئناف بالدار البيضاء بتاريخ‬
‫‪ 1985/07/16‬على اعتبار هذه الشكلية من النظام العام حيث جاء فيه ‪ " :‬وحيث تتجلى من‬
‫اإلطالع على الكمبيالة المدلى بها بأنها ينقصها توقيع الساحب ‪ ،‬وحيث تكون باطلة النعدام‬
‫بيان إلزامي " ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫غير أن العيوب التي قد تلحق البيانات اإللزامية تتخذ صور متعددة ‪ ،‬فقد يعتري الورقة‬
‫التجارية نقصان أحد البيانات اإللزامية أو إهمال هذه األخيرة ( أوال ) ‪ ،‬وإما أن تكون‬
‫البيانات المضمنة محل تزوير أوقد تكون صورية ( ثانيا ) ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تخلف أو نقصان أحد البيانات اإللزامية ‪:‬‬
‫عملت جل التشريعات التجارية على التخفيف من حاالت البطالن التي قد تصيب‬
‫الورقة التجارية ‪ ،‬وذلك بتكملة البيان الناقص وإدراج استثناءات تروم في مجملها الحفاظ‬
‫على صحة الورقة التجارية وتيسير تداولها ‪ ،‬كل ذلك حماية لالئتمان التجاري وحتى تؤدي‬
‫الوظائف االقتصادية المنوطة بها ‪ ،‬والمشرع المغربي كغيره من التشريعات لم يخلو من‬
‫هذه االستثناءات في جميع أنواع األوراق التجارية ‪.‬‬
‫✓ فعلى مستوى الكمبيالة ‪:‬‬
‫انتقلت هذه االستثناءات من ثالثة إلى أربعة مع إضافة تاريخ االستحقاق المادة ‪160‬‬
‫واستثناءين آخرين على مستوى الشيك والكمبيالة ‪:‬‬
‫الحاالت المشتركة بين األوراق التجارية ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا لم يذكر في الشيك والكمبيالة والسند ألمر مكان الوفاء فإن المكان المبين بجانب‬
‫المسحوب عليه هو مكان الوفاء ‪ ،‬وإذا لم يذكر مكان بجانب المسحوب عليه اعتبر‬
‫المكان الذي يزاول فيه المسحوب عليه نشاطه أو موطنه ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم يعين مكان اإلنشاء تكون الورقة محررة في المكان المذكور بجانب اسم‬
‫الساحب ‪ ،‬وإذا لم يعين مكان بجانبه يعتبر مكان إنشائها موطن الساحب ‪.‬‬
‫هذا فيما يخص الحالتين المشتركتين بين األوراق التجارية الثالث ‪ ،‬لكن هناك حاالت‬
‫تستقل بها الكمبيالة والسند ألمر وهي كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا لم يعين في الكمبيالة والسند ألمر تاريخ االستحقاق تعتبر مستحقة بمجرد‬
‫االطالع‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم يعين في الكمبيالة والسند ألمر تاريخ إنشاءهما بجعل تاريخ إنشاءهما هو‬
‫تاريخ تسليم السند إلى المستفيد ما لم يرد في السند تاريخ مخالف لذلك ‪.‬‬
‫هكذا نصل إلى أن تخلف بيان واحد أو أكثر من البيانات اإللزامية يجعل الورقة التجارية‬
‫باطلة خارج الحاالت االستثنائية المنصوص عليها أعاله ‪ ،‬إال أن هذه الورقة يمكن أن‬
‫تتحول إلى تصرف صحيح من نوع آخر طبقا لنظرية تحول التصرف الباطل إلى تصرف‬
‫صحيح إذا توفرت به ما يصح به شروط التصرف الصحيح ( المادة ‪ 309‬ق ل ع )‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫فقد قضى المجلس األعلى في قرار صادر بتاريخ ‪ " : 1985/10/16‬لكن حيث إن‬
‫المحكمة وعن صواب عندما اعتبرت الوثيقة المدلى بها والغير المتوفرة على شروط‬
‫الكمبيالة سندا عاديا للدين لقبوله وتوقيعه من طرف المدين تكون قد عللت قرارها تعليال‬
‫صحيحا ‪ ،‬وأن تسميتها كمبيالة من قبل الدائن ال يمكن أن يضفي عليها تلك الصفة إذا لم‬
‫تتوفر فيها الشروط المتطلبة قانونا " ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تحريف البيانات اإللزامية أو صوريتها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬تحريف البيانات ‪:‬‬

‫يتمثل التحريف في كل تغيير مادي يقع في بيان أو أكثر في الورقة التجارية بعد‬
‫كتابتها‪ ،‬ويتم ذلك بدون رضا وال علم األطراف المعنية الشيء الذي يغير مركزهم القانوني‪.‬‬
‫فأصل عدم مشروعية التحريف أنه يكون الحقا إلنشاء الورقة ‪ ،‬في حين الصورية‬
‫تفترض كذب من أنشأ هذه الورقة ‪.‬‬
‫وإذا كان التحريف أو التزوير ال يؤدي إلى بطالن الورقة التجارية ‪ ،‬فإن البيان‬
‫المحرف أو المزور ال يلزم سوى الموقعين الالحقين على الكمبيالة (المادة ‪ ،) 227‬والسند‬
‫ألمر (المادة ‪ ،) 234‬والشيك (المادة ‪) 294‬بعد إدخال التحريف ‪ ،‬أما أولئك الذين وقعوا‬
‫قبل ذلك فيلتزمون بالنص األصلي قبل تحريفه ‪.‬‬
‫وهذا ما يشكل الشق التجاري من الجزاء القانوني على اعتبار أن للتحريف جزاءات‬
‫األول مدني وهو ما تكلمنا عنه أعاله ‪ ،‬والثاني جنائي وهو ما يتمثل في المقتضيات‬
‫الزجرية المنصوص عليها في المادة ‪ 357‬من القانون الجنائي ‪ ،‬ناهيك على أن المشرع‬
‫التجاري أفرد مقتضيات خاصة بالشيك وعيا منه بأهمية هذه الورقة كأداة وفاء ‪ ،‬حيث‬
‫تنهض المسؤولية الجنائية في الحاالت الثالث وفق ما أشارت إليه المادة ‪ 316‬في الفقرات‬
‫‪ 4‬و‪ 5‬و‪. 6‬‬

‫‪ – 2‬الصورية أو إيراد بيانات غير صحيحة ‪:‬‬

‫نكون أمام الصورية عندما تتوفر الورقة التجارية على جميع البيانات اإللزامية ‪ ،‬إال أن‬
‫البعض منها يغاير الحقيقة كأن يوضع اسم مستعار في مكان االسم الحقيقي للساحب أو كأن‬
‫يكون مكان اإلنشاء وهميا ‪ ،‬وهناك من عرفها بأنها وضع وهمي يظهر بمظهر الوضع‬
‫الحقيقي ‪.‬‬
‫وما ينبغي مالحظته هو أن م دونة التجارة لم تشتمل على أي مقتضى يتعلق بالصورية‬
‫وأثرها ‪ ،‬وهو ما يجعل الرجوع إلى القواعد العامة أمر ال مناص منه خصوصا الفصل ‪22‬‬
‫‪19‬‬
‫من ق ل ع الذي يقضي بأن ‪ " :‬االتفاقات السرية المعارضة أو غيرها من التصريحات ال‬
‫يكون لها أثر إال فيما بين المتعاقدين ومن يرشدها فال يحتج بها على الغير إذا لم يكن له علم‬
‫بها ‪ ،‬ويعتبر الخلف الخاص غيرا بالنسبة ألحكام هذا الفصل " ‪.‬‬
‫فالصورية تقوم إذن بين أطراف العالقة مباشرة كالساحب والمسحوب عليه وتخضع‬
‫بالتالي لقانون مزدوج ‪ ،‬األول القانون الصرفي الذي يعتبرها صحيحة طبقا لمبدأ الكفاية‬
‫الذاتية للورقة التجارية حيث يستلزم أن تكون البيانات اإللزامية متوفرة دون الغوص في‬
‫معرفة حقيقتها أو صح تها ‪ ،‬والثاني القانون العادي المنظم للصورية الذي حددت معالمه‬
‫وأوصافه المادة ‪ 22‬من ق ل ع ‪.‬‬

‫الفــرع الثالث ‪ :‬البيانات االختيارية ‪:‬‬


‫يجوز ألطراف الورقة التجارية تضمينها بعض البيانات االختيارية ‪ ،‬وذلك إمعانا في‬
‫إيضاح التزاماتهم ولتحقيق مصلحة أحد األطراف‪ ،‬كل هذا يبقى رهينا لعدم مخالفتها للقانون‬
‫الصرفي ‪ ،‬فتوافر بيان اختياري أو انعدامه ال يؤثر على نشوء االلتزام الصرفي وإنما يؤثر‬
‫على مداه ونطاقه ‪.‬‬
‫وإذا كانت البيانات اإللزامية واردة على سبيل الحصر فإن البيانات االختيارية ال‬
‫حصر لها ‪ ،‬سوى أنها مقيدة بوجوب كونها مالئمة لطبيعة الورقة التجارية وعدم مخالفتها‬
‫للنظام العام واآلداب الحميدة ‪.‬‬
‫هكذا تحظى البيانات االختيارية بدور هام وهو ما جعل الفقه يميز بين البيانات‬
‫االختيارية التي ال تؤثر في الورقة التجارية (‪ )1‬والبيانات التي تؤثر فيها (‪. )2‬‬

‫أوال ‪ :‬البيانات غير المؤثرة في الورقة التجارية ‪:‬‬


‫✓ بالنسبة للكمبيالة ‪:‬‬
‫يمكن أن تتضمن بيانات اختيارية ال تؤثر عليها وهي كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬بيان مقابل الوفاء ‪:‬‬
‫ويتعلق بعالقة المديونية أو الدين المفترض الذي يكون للساحب على المسحوب عليه‪،‬‬
‫وبموجبه يأمر هذا األخير بأداء قيمة هذا الدين إلى المستفيد ‪ ،‬فتضمين هذا الشرط يهدف‬
‫إلى توضيح السبب الذي أنشأت من أجله الكمبيالة ‪ ،‬ووجوده مفترض حتى ولو لم ينص‬
‫عليه في متن الورقة ‪.‬‬
‫‪ -‬بيان وصول القيمة ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫إن سبب إنشاء الكمبيالة يكمن في عالقة المديونية بين الساحب والمستفيد ‪ ،‬فهذا الشرط‬
‫يفترض وجود دين للمستفيد على الساحب وهو في نفس الوقت سبب التزام الساحب قبل‬
‫المستفيد ‪ ،‬وتكمن أهمية هذا البيان في معرفة مشروعية أو عدم مشروعية سبب إنشاء‬
‫الكمبيالة ‪ ،‬وقد كان القانون المغربي يعتبر هذا البيان من البيانات اإللزامية منذ صدور‬
‫ظهير ‪ 12‬غشت ‪ ، 1913‬غير أنه تخلى عن هذا البيان بعد صدور ظهير ‪ 19‬يناير ‪1939‬‬
‫أخذا بأحكام قانون جنيف الموحد وهو نفس األمر الذي أكدته مدونة التجارة ‪.‬‬
‫هذا ويمكن أن تتضمن الكمبيالة بيانات اختيارية تؤثر فيها ‪:‬‬
‫تحظى مثل هذه البيانات بأهمية بالغة ‪ ،‬على اعتبار أن تضمينها يؤثر على الكمبيالة‬
‫كورقة تجارية وتكمن أهم هذه البيانات في ‪:‬‬
‫‪ -‬بيان ليست ألمر أو بيان عدم التداول ‪:‬‬
‫حينما يتم إيراد هذا الشرط فإن ذلك يجعل الكمبيالة غير قابلة للتداول أو بعبارة أخرى‬
‫غير قابلة لالنتقال عبر الطريق الصرفي إلى شخص آخر أي غير قابلة للتظهير ‪ ،‬وإن‬
‫كانت قابلة لالنتقال المدني عن طريق الحوالة العادية ( المادة ‪ 167‬م ت ) ‪.‬‬

‫ويتم إيراد هذا الشرط إما من قبل الساحب أم من قبل أي مظهر آخر للكمبيالة ‪ ،‬غير‬
‫أنه في هذه الحالة ال يكون المظهر ضامنا اتجاه من تؤول إليه تظهيرا آخر ( المادة ‪169‬‬
‫في فقرتها ‪. ) 2‬‬

‫‪ -‬بيان التقديم للقبول أو عدم التقديم للقبول ‪:‬‬


‫يستطيع الساحب وحده أن يورد شرط التقديم للقبول من عدمه للمسحوب عليه قبل‬
‫التقديم للوفاء ‪ ،‬وفي هذه الحالة على الحامل أن يحترم الشرط المضمن في الكمبيالة طبقا‬
‫للمادة ‪ 174‬في فقرتها ‪ ، 2‬غير أنه يجوز للساحب أن يمنع تقديم الكمبيالة للقبول ما لم تكن‬
‫الكمبيالة ق ابلة األداء عند الغير أو في موطن غير الذي يوجد به مقر المسحوب عليه أو‬
‫كانت مستحقة بمجرد االطالع ( المادة ‪ 174‬في فقرتها ‪. ) 3‬‬

‫‪ -‬بيان أو شرط عدم الضمان ‪:‬‬


‫يمكن للساحب أن ينص في الكمبيالة على شرط عدم ضمان القبول ‪ ،‬لكن بالمقابل ال‬
‫يمكن له أن يعفي نفسه من ضمان الوفاء ألنه المدين األصلي بمبلغها (المادة ‪. ) 165‬‬

‫هذا ويمكن لباقي الموقعين على الكمبيالة التحلل من عدم ضمان القبول أو الوفاء في‬
‫الحالة التي يوردون فيها هذا البيان ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -‬بيان أو شرط المحل المختار ‪:‬‬
‫يتم إيراد هذا الشرط من قبل الساحب أو المسحوب عليه ‪ ،‬ويهدف إلى تقريب محل‬
‫الوفاء من المستفيد أو الحامل حينما يكون محل المسحوب عليه بعيدا ‪ ،‬ويمكن أن يكون‬
‫المحل المختار غير موطن المسحوب عليه ( المادة ‪ 161‬م ت ) ‪.‬‬

‫‪ -‬شرط الرجوع بدون مصاريف ‪:‬‬


‫يهدف هذا الشرط الذي يضمنه الساحب أو غير الموقعين على الكمبيالة إلى إعفاء‬
‫الحامل الشرعي لهذه الورقة من إقامة االحتجاج في حالة عدم القبول أو عدم الوفاء (المادة‬
‫‪ 200‬الفقرة ‪. ) 1‬‬

‫وإذا تم إدراج هذا الشرط من قبل الساحب انسحب على كل الموقعين الالحقين ‪ ،‬أما إذا‬
‫أورد هذا الشرط أحد الموقعين الالحقين فإن آثاره ال تسري إال عليه وحده ‪ ،‬حيث أن‬
‫رجوع الحامل على بقية الموقعين يبقى رهينا بإقامة االحتجاج حسب الفقرة األخيرة من‬
‫المادة ‪. 200‬‬

‫‪ -‬بيان أو شرط السحب بنظير واحد ‪:‬‬


‫إذا كان باإلمكان إصدار الكمبيالة في نظائر متعددة فإن إيراد هذا الشرط يجعل الحامل‬
‫الشرعي ال يطلب نظائر على الكمبيالة ( المادة ‪. ) 222‬‬

‫✓ بالنسبة للسند ألمر ‪:‬‬


‫يجوز إدراج أغلب البيانات التي ذكرناها عند حديثنا عن الكمبيالة إال ما تعارض منها‬
‫مع طبيعته ‪ ،‬وأكثر البيانات استعماال في السند ألمر هي ‪:‬‬
‫ـ بيان عدم الضمان ‪:‬‬
‫نقصد بهذا البيان في السند ألمر عدم ضمان الوفاء ‪ ،‬وليس عدم ضمان القبول ‪ ،‬ألن‬
‫السند ال يقدم للقبول فالمتعهد يكون في مركز المسحوب عليه القابل ‪ ،‬هذا ويحق لكل مظهر‬
‫أن يشترط هذا الشرط باستثناء المتعهد الذي يعتبر المدين األصلي في السند ألمر ‪ ،‬وإذا تم‬
‫وضع هذا البيان من طرف المتعهد فإنه يعتبر غير موجود والبيان المضمن من طرف‬
‫المظهر يقتصر آثره عليه فقط ‪.‬‬
‫ـ بيان الفائدة ‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫تطبق على السند ألمر أحكام المادة ‪ 162‬من مدونة التجارة التي عالجت أحكام الفائدة‬
‫في الكمبيالة ‪ ،‬وعليه يجوز اشتراط الفائدة في السند ألمر المستحق األداء عند االطالع أو‬
‫بعد مضي مدة معينة من االطالع على أساس أن يذكر سعر الفائدة ‪ ،‬ألن عدم ذكره يجعل‬
‫هذا البيان غير موجود وال قيمة له ‪.‬‬
‫ـ بيان وصول القيمة ‪:‬‬
‫يذهب هذا البيان إلى الكشف عن سبب نشوء الدين في العالقة بين المتعهد والمستفيد ‪.‬‬
‫ـ بيان عدم الرجوع بدون مصاريف ‪:‬‬
‫هذا البيان كما رأينا يعفي حامل السند من إقامة االحتجاج الالزم عند االمتناع عن‬
‫الوفاء ‪ ،‬وهذا البيان يمكن وضعه من طرف المتعهد وعندئد يسري أثره على جميع‬
‫المظهرين ‪ ،‬أما إذا وضعه أحد المظهرين فيسري عليه وحده وال يتم الرجوع على اآلخرين‬
‫إال بإقامة االحتجاج ‪.‬‬
‫✓ بالنسبة للشيك ‪:‬‬
‫إذا كان ألطراف الشيك إمكانية تضمين عدة بيانات اختيارية إال أن المشرع التجاري‬
‫عمل على تقييد هذه اإلرادة في الشيك عنه في الكمبيالة والسند ألمر ‪ ،‬فالمشرع منع إدراج‬
‫البيانات التي تتنافى مع طبيعة ال شيك وفي حالة ما إذا تم إدراج مثل هذا البيان فالشيك يظل‬
‫صحيحا في حين يعد البيان كأن لم يكن ‪ ،‬ومن بين البيانات التي ال يسوغ تضمينها في‬
‫الشيك والمنصوص عليها قانونا على اعتبار أن األصل هو اإلباحة هي ‪:‬‬
‫اشتراط الفائدة يعد كأن لم يكن ( المادة ‪. ) 245‬‬ ‫‪-‬‬
‫اشتراط ضمان أو عدم ضمان القبول ( المادة ‪ 242‬ف ‪. ) 1‬‬ ‫‪-‬‬
‫اشتراط الساحب عدم ضمان الوفاء ( المادة ‪. ) 250‬‬ ‫‪-‬‬
‫اشتراط عدم الوفاء الفوري بمبلغ الشيك ألنه يحول طبيعة الشيك من الوفاء إلى‬ ‫‪-‬‬
‫االئتمان ‪ ،‬فالشيك مستحق األداء بمجرد االطالع ( المادة ‪. ) 267‬‬
‫التظهير المقيد فالتظهير يجب أن يكون ناجزا وكل شرط مقيد له يعتبر كأن لم يكن (‬ ‫‪-‬‬
‫المادة ‪ 254‬ف ‪. ) 1‬‬

‫غير أنه يجوز لألطراف إضافة مجموعة من البيانات االختيارية التي ال تخالف‬
‫بطبيعتها قانون الصرف‪ ،‬ومن بينها‪:‬‬
‫‪ -‬شرط الرجوع بال مصاريف ( م ‪ 286‬ف ‪. ) 1‬‬

‫‪23‬‬
‫شرط الوفاء في مكان مختار على أساس أن يكون الغير مؤسسة بنكية ‪ ،‬وال يفرض‬ ‫‪-‬‬
‫هذا الشرط على الحامل إال إذا كان الشيك مسطرا والموطن محددا في بنك المغرب‬
‫( م ‪. ) 246‬‬
‫شرط ليست ألمر ( م ‪ 243‬و ‪. ) 252‬‬ ‫‪-‬‬
‫شرط الضمان االحتياطي ( م ‪. ) 264‬‬ ‫‪-‬‬
‫شرط عدم ضمان الوفاء من قبل المظهر ( م‪ 257‬ف ‪ ، ) 1‬وهنا ما تجدر اإلشارة‬ ‫‪-‬‬
‫إليه أن الشيك ال يخضع للقبول فال يمكن الحديث عن ضمان القبول ( م ‪. ) 242‬‬

‫هذه مجموعة من البيانات ال جائز إدراجها في األوراق التجارية والتي ال يؤثر وجودها‬
‫من عدمه على صحة هذه األوراق‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫تداول الورقة التجارية‬

‫إن الورقة التجارية إذا ما نشأت صحيحة وفقا للتفصيل السابق إيضاحه وتسلمها‬
‫المستفيد ‪ ،‬فإنها تصبح مهيأة للتداول ألداء وظيفتها االقتصادية لذلك خصها القانون الموحد‬
‫لجنيف ومعه مدونة التجارة المغربية بمجموعة من اآلليات تهدف إلى تسهيل تداولها ‪،‬‬
‫وتمتيعها بطرق ت جارية صرفية للتداول تختلف تماما عن الطرق المدنية النتقال الحقوق‬
‫والديون تراعي السرعة والطمأنينة والفعالية في ذات اآلن ‪.‬‬
‫ويعتبر التظهير ذلك اإلجراء الصرفي الذي يتم بموجبه تداول الورقة التجارية ‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة تشمل الكمبيالة والسند ألمر والشيك ‪ ،‬وإذا كان المشرع المغربي قد أحال على‬
‫أحكام الكمبيالة لتطبق على السند ألمر ( المادة ‪ 234‬أحالت على المواد من ‪ 167‬إلى ‪173‬‬
‫الخاصة بالتظهير ) ‪ ،‬فإنه بخصوص تظهير الشيك أو تداوله فقد خصصت له المواد من‬
‫‪ 252‬إلى ‪ 263‬ولو أن وقوعه من الناحية العملية قليل بالمقارنة مع الكمبيالة ‪.‬‬

‫ولذلك سنعرض لتداول الكمبيالة في مطلب أول بشكل معمق على أن نعرض للشيك في‬
‫شكل مختصر في مطلب ثاني في حين لن نعرض للسند ألمر ما دام أن أحكام الكمبيالة‬
‫تطبق عليه ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تداول أو تظهير الكمبيالة ‪L’endossement‬‬

‫يمكن التظهير من نقل الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى المظهر إليه وفق ما‬
‫نصت عليه الفقرة األولى من المادة ‪ 167‬التي نصت على أنه ‪ " :‬تنتقل الكمبيالة بطريق‬
‫التظهير ولو لم تكن مسحوبة لألمر صراحة " ‪.‬‬
‫وإذا كان التظهير الطريقة الصرفية االعتيادية التي تبتدئ بها الكمبيالة مشوار التداول ‪،‬‬
‫فإن ذات الورقة قد يقتصر تداولها على الطرق المدنية في الحالة التي يشترط الساحب منع‬
‫تداول الكمبيالة بالتظهير حين يورد ضمن بياناتها شرط ليست ألمر وهذا ما نصت عليه‬
‫الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ " : 167‬تنتقل الكمبيالة عن طريق الحوالة العادية وتخضع آلثارها متى‬
‫أد رج الساحب فيها عبارة ليست ألمر أو أية عبارة أخرى موازية لها " ‪ ،‬هذا يمكن أن تنتقل‬
‫الكمبيالة إلى الغير وذلك بغير طريق التظهير عن طريق الحوالة العادية وفقا للقواعد العامة‬
‫المقررة في القانون المدني ‪ ،‬وال تكون الحوالة نافدة في مواجهة المدين إال إذا قبلها في‬
‫مح رر ثابت التاريخ ‪ ،‬أو بلغت إليه تبليغا رسميا طبقا لمقتضيات المادة ‪ 195‬من ق ل ع ‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫بحيث ال يضمن المظهر ( المحيل ) إال وجود الحق المحال به وقت الحوالة فال يضمن‬
‫يسار المدين ما لم يوجد اتفاق خاص على ذلك ‪.‬‬
‫كما يجوز للمدين أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها قبل‬
‫المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه من ناحية ‪ ،‬والدفوع الناشئة عن عقد الحوالة من ناحية‬
‫أخرى ‪ ،‬وبالتالي فتداول الكمبيالة عن طريق الحوالة العادية يضعف وضعية الحامل‬
‫الشرعي أي المحال له من حيث عدم إمكانية استفادته من الضمانات الصرفية التي أقرها‬
‫القانون الصرفي ومن أهمها مبدأ عدم التمسك بالدفوع ‪.‬‬
‫وتنتقل الكمبيالة أيضا بطريق الوصية أو اإلرث أو اندماج الشركات ‪ ،‬وإذا كانت هاتين‬
‫الطريقتين هما الطريق الوحيد النتقال الحقوق بعد الوفاة ‪ ،‬فإن حوالة الحق هي السبيل‬
‫الطبيعي النتقال الحقوق بين األحياء ‪ ،‬بيد أنها تستلزم استيفاء إجراءات شكلية بطينة ومعقدة‬
‫تنوء عنها األعمال التجارية وما تتصف بها من سرعة ‪ ،‬لهذا استقر العرف التجاري على‬
‫طريقة التظهير منذ أواخر القرن ‪ 16‬بايطاليا فما هو تعريفه وأنواعه وأخيرا آثاره ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تعريف التظهير وأنواعه ‪:‬‬


‫التظهير كتابة على ظهر الكمبيالة تفيد تنازل المظهر عن الحق الثابت في الكمبيالة‬
‫إلذن شخص آخر هو المظهر إليه ‪ ،‬أو مجرد توكيل المظهر إليه في تحصيل قيمة الكمبيالة‬
‫أو رهن الحق الثابت فيها للمظهر إليه ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن التظهير على أنواع ثالثة ‪:‬‬
‫✓ تظهير ناقل للملكية أو تظهير تام ‪.‬‬
‫✓ تظهير توكيلي أو للتحصيل ‪.‬‬
‫✓ تظهير تأمين أو للرهن ‪.‬‬
‫على أن التظهير التام في مدونة التجارة الجديدة هو األصل العام ‪ ،‬فذكر التظهير يعني‬
‫الناقل للملكية ما لم يرد ما يخصصه في عبارة التظهير نفسها كأن يذكر التظهير للتوكيل أو‬
‫للرهن ‪.‬‬
‫‪ – 1‬التظهير الناقل للملكية أو التظهير التام ‪:‬‬

‫يقصد به ذلك التظهير الذي ي نقل ملكية الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى‬
‫المظهر إليه ‪ ،‬وهو أكثر أنواع التظهير شيوعا وانتشارا في العمل باعتباره األداة القانونية‬
‫لعمليات خصم األوراق التجارية ‪ ،‬ولقيامه بالدور المنوط به رتب المشرع ‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫✓ بطالن التظهير الجزئي ( ف ‪ 5‬م ‪. ) 167‬‬
‫✓ الشرط باطل أو كان لم يكن ويظل التظهير صحيحا ( ف ‪ 4‬م ‪.) 167‬‬

‫أو بعبارة أخرى ‪:‬‬


‫‪ -‬التظهير الجزئي باطل ‪.‬‬
‫‪ -‬التظهير الشرطي الشرط باطل والتظهير صحيح ‪.‬‬
‫ومن نافلة القول أن التظهير هو التزام صرفي ‪ ،‬مما يستوجب توفر كل من ظهر‬
‫الكمبيالة على الشروط الموضوعية القانونية للقيام بمثل هذا التصرف من أهلية ورضا‬
‫ومحل وسبب ‪.‬‬
‫شكل هذا التظهير ‪:‬‬
‫هذا التظهير يتم عبر التوقيع على صلب الكمبيالة أو في ورقة منفصلة عنها – الوصلة‪-‬‬
‫حسب المادة ‪ ، 167‬وبذلك لم يحدد المشرع مكانا خاصا للتوقيع كل ما أوجب أن يتم إما‬
‫على صلب الورقة أو في ورقة متصلة بها ‪ ،‬لكن يميز عادة بين التظهير االسمي وعلى‬
‫بياض وللحامل ‪.‬‬
‫‪ -‬والتظهير االسمي هو الذي يعمد فيه المظهر إلى كتابة وتعين اسم المظهر إليه سواء‬
‫كان هذا شخصا طبيعيا أو معنويا ‪ ،‬واحدا أو متعددا ‪ ،‬أجنبيا عن الكمبيالة أو أحد‬
‫الذين سبق له أن تعامل بهذه الكمبيالة وهو ما نصت عليه ف ‪ 3‬من م ‪. 167‬‬
‫‪ -‬أما التظهير على بياض فهو الذي يعمد فيه المظهر على توقيع الكمبيالة دون تحديد‬
‫اسم المظهر إليه كأن يقال ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة ويوقع ‪ ،‬ويشترط لصحة هذا‬
‫التظهير ضرورة أن يأتي على ظهر الكمبيالة أو الوصلة ‪ ،‬أما إذا جاء على وجهها‬
‫دون أن يتضمن ما يفيد التظهير فإنه يعتبر ضامنا احتياطيا ( ف األخيرة م ‪. ) 167‬‬
‫‪ -‬أما التظهير للحامل فيقوم عندما يذكر المظهر ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة لفائدة‬
‫الكمبيالة ويوقع ‪.‬‬
‫وما ينبغي اإلشارة إليه هنا هو أن المشرع التجاري إذا كان قد أجاز تظهير الكمبيالة‬
‫لحاملها ‪ ،‬إال أنه بالمقابل منع إنشاء الكمبيالة لحاملها وأوجب أن تسحب لفائدة شخص معين‪.‬‬
‫‪ – 2‬التظهير التوكيلي ‪:‬‬

‫ال يستهدف التظهير التوكيلي نقل الحق الثابت في الورقة التجارية من المظهر إلى‬
‫المظهر إليه ‪ ،‬وإنما مجرد توكيل المظهر إليه عن المظهر من أجل تحصيل مبلغ الكمبيالة‬
‫وإتباع اإلجراءات القانونية لذلك ‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 172‬من م ت ‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫فالتظهير التوكيلي بمثابة عقد وكالة بين المظهر (الموكل ) والمظهر إليه ( الوكيل )‬
‫يكلف بمقتضاه المظهر إليه بالقبض والتحصيل واتخاذ اإلجراءات القانونية لذلك ‪.‬‬
‫هذا ولم يحدد المشرع المغربي شكال معينا لهذا النوع من التظهير تاركا ذلك إلرادة‬
‫األطراف ما دامت الكمبيالة تتضمن ما يفيد تظهيرا للتوكيل فقط ‪.‬‬
‫ويخضع هذا التظهير لباقي الشروط التي يخضع لها التظهيرالتام ‪.‬‬
‫‪ – 3‬التظهير التأميني ‪: endossement pignoratif‬‬

‫التظهير التأميني إجراء يمكن حامل الكمبيالة من رهنها ضمانا لقرض حصل عليه من‬
‫الغير أو بعبارة أخرى فهو تظهير يتم بموجبه االقتراض من الغير مقابل رهن الكمبيالة ‪،‬‬
‫وهذا ما أشارت إليه الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪. 172‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار التظهيـــر ‪:‬‬


‫يترتب على التظهير آثار هامة تختلف حسب نوعية التظهير ولذلك سنعالج اآلثار‬
‫الناجمة عن كل تظهير على حدة ‪.‬‬
‫✓ آثار التظهير التام ‪:‬‬
‫ينتج عن التظهير التام مجموعة من اآلثار تهدف في مجملها إلى جعل تداول الكمبيالة‬
‫أكثر سرعة وبساطة وأمنا واتساقا مع وظيفتها االقتصادية ‪ ،‬ويمكن إيجاز هذه اآلثار في‬
‫ثالثة ‪:‬‬
‫‪ .1‬انتقال الحق الثابت في الكمبيالة ‪:‬‬
‫ينتقل بالتظهير الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى المظهر إليه ‪ ،‬ولقـد عبرت‬
‫عن ذلك الـفقـرة األولى من المادة ‪ " : 168‬ينقل التظهير جميع الحقوق الناتجة عن‬
‫الكمبيالة " ‪.‬‬
‫والحقيقة أن التظهير ينقل للمظهر إليه حقا من طبيعة خاصة يختلف عن الحوالة يخوله‬
‫المطالبة بكافة الحقوق الناشئة عن الكمبيالة سواء الحق األصلي والمجسد في مقابل الوفاء ‪،‬‬
‫وكذلك الحقوق التابعة له مثل الضمانات الشخصية والعينية المتصلة بها والتي تضمن‬
‫أداءها ‪ ،‬أي أن كافة الحقوق األصلية والتبعية تنتقل مع التظهير على الكمبيالة ‪ ،‬ناهيك كذلك‬
‫عن الشروط والبيانات االختيارية فهي كذلك تنتقل ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ .2‬التزام المظهر اتجاه المظهر إليه بالضمان ‪:‬‬
‫يلتزم المظهر تجاه المظهر إليه وبحكم القانون ودون حاجة التفاق خاص بضمان قبول‬
‫الكمبيالة ودفع قيمتها في االستحقاق وهـو ما قررته الفقــرة ‪ 1‬من المادة ‪ 169‬بنصها على‬
‫ما يلي ‪ ":‬يظهر المظهر القبول والوفاء ما لم يرد شرط بخالف ذلك " ‪.‬‬
‫ومن هذه الناحية يختلف التظهير عن الحوالة ‪ ،‬حيث ال يضمن المحيل إال وجود الحق‬
‫المحال به وقت الحوالة ويتفق هذا الحكم مع خطة المشرع الذي اعتبر التظهير بمثابة إنشاء‬
‫جديد للكمبيالة ‪ ،‬فكما يضمن الساحب قبول الكمبيالة ووفائها فإن المظهر أيضا يضمن لمن‬
‫ظهر إليه الكمبيالة نفس الحقوق ‪ ،‬وبتعدد هذه التوقيعات يعطى لحامل هذه الورقة ضمانات‬
‫هامة حيث يترتب ضمان قانوني بين هؤالء الموقعين يسمى التضامن الصرفي أو الضمان‬
‫المقرر لمصلحة حاملها وبعبارة أخرى كل الموقعين على الكمبيالة يكونون مسؤولين بشكل‬
‫تضامني اتجاه الحامل الشرعي للكمبيالة وهذا ما قررته المادة ‪ 201‬من مدونة التجارة ‪" :‬‬
‫يسأل جميع الساحبين بالكمبيالة والقابلين لها والمظهرين والضامنين االحتياطيين على‬
‫وجه التضامن نحو الحامل " ‪.‬‬
‫وما ينبغي اإلشارة إليه أن القانون المغربي أجاز للمظهر إمكانية إعفاء نفسه من ضمان‬
‫القبول والوفاء ‪ ،‬على أنه لم يجز للساحب إال إمكانية إعفاء نفسه من ضمان القبول دون‬
‫ضمان الوفاء طبقا للمادة ‪ ، 165‬بيد أن التساؤل قد يثور حول مدى التزام المظهر بالضمان‬
‫إذا كانت الكمبيالة قد ظهرت إلى حامل سابق ؟‬
‫بادئ ذي بدء ليس هناك ما يمنع قانونا من تظهير الكمبيالة إلى شخص سبق له التوقيع‬
‫عليها كالساحب أو المسحوب عليه القابل أو المظهر السابق‪ ،‬وفي هذه الحالة تصبح للمظهر‬
‫إليه صفتان فهو حامل للكمبيالة من ناحية ‪ ،‬وساحب أو قابل أو ضامن أو مظهر من ناحية‬
‫أخرى‪.‬‬
‫فبصفته حامال أوال للصك يصبح دائنا للموقعين على الورقة بسداد قيمتها في ميعاد‬
‫االستحقاق على وجه التضامن ‪ ،‬وبوصفه ثانيا موقعا على الكمبيالة فإنه يكون ملتزما التزاما‬
‫تضامنيا في مواجهة الحامل بأداء قيمتها في تاريخ االستحقاق ‪ ،‬فهل من المتصور حينئذ أن‬
‫ينقضي االلتزام الصرفي باتحاد الذمة)‪ (La confusion‬الجتماع صفة الدائن والمدين في‬
‫شخص واحد ؟ ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫يميز الفقه بين ثالث فروض ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان المظهر إليه هو ساحب الكمبيالة فال رجوع له إال على المسحوب عليه للقابل‬
‫الذي تلقى مقابل الوفاء ‪ ،‬وليس له أن يرجع على المظهرين متى امتنع المسحوب‬
‫عليه الدفع ‪ ،‬وبذلك ينقضي ال تزامه بالضمان في مواجهة هؤالء المظهرين باستثناء‬
‫المسحوب عليه ‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كان المظهر إليه هو أحد المظهرين السابقين للورقة التجارية انقضى التزامه‬
‫بالضمان الناشئ عن توقيعه على الكمبيالة في مواجهة المظهرين الذي يلونه في‬
‫الترتيب أي الذين يأتون بعده ‪ ،‬وبذلك يمتنع عليه مطالبتهم باألداء ‪ ،‬ولكن يجوز له‬
‫الرجوع عند امتناع المسحوب عليه على المظهرين السابقين عليه وعلى الساحب‬
‫ألن التزامهم بالضمان الوفاء لم ينقص في مواجهته ‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان المظهر إليه هو المسحوب عليه القابل أو الذي تلقى مقابل الوفاء أي المدين‬
‫األصلي في الورقة التجارية تحقق عندئذ اتحاد الذمة وانطفأ االلتزام الصرفي‬
‫الجتماع صفة الدائن والمدين في شخص واحد ‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم التمسك بالدفوع ‪L’inopposabilité des exceptions :‬‬

‫يعتبر مبدأ عدم التمسك بالدفوع األثر الثالث للتظهير التام ‪ ،‬ويحضى هذا المبدأ بأهمية‬
‫بارزة في القانون الصرفي ‪ ،‬ألنه يجعل الكمبيالة تقوم بالدور االئتماني المنوط بها ويجعل‬
‫تداولها ال تعتريه المفاجأة وقد نصت على هذا المبدأ المادة ‪ " : 171‬ال يجوز لألشخاص‬
‫المدعى عليهم بسبب عالقتهم الشخصية بالساحب أو بحامليها السابقين ما لم يكن الحامل‬
‫قد تعمد باكتسابه الكمبيالة اإلضرار بالمدين " ‪.‬‬
‫ومؤدى هذا المبدأ أن التظهير التام ينقل الحق الثابت في الكمبيالة مبرأ من الدفوع أو‬
‫أوجه الدفاع التي يمتلك المدين توجيهها إلى دائنيه المباشرين ‪ ،‬أو بعبارة أخرى عدم إمكانية‬
‫المدين بمبلغ الكمبيالة التمسك في مواجهة الحامل حسن النية بالدفوعات التي كان بإمكانه‬
‫إثارتها في مواجهة دائنيه المباشرين ‪ ،‬لكن إذا كان الحامل مدينا للملزم باألداء اتجاهه ‪ ،‬كان‬
‫بإمكان المدين بمبلغ الكمبيالة إثارة دفع في مواجهة الحامل مباشرة ويتحلل من أداء مبلغ‬
‫الكمبيالة ‪.‬‬
‫ومن تم يتميز التظهير عن حوالة الحق ) ‪ ( cession de créance‬حيث ينتقل الحق‬
‫المحال به ذاته من المحيل إلى المحال إليه وبما علق به من أوجه دفاع ‪ ،‬فيجوز للمدين أن‬
‫يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي ك ان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في‬
‫حقه أو عند تبليغها الفصل ‪ 207‬من ق ل ع ‪ ،‬ألن هذا المبدأ المدني مع سالمته ال ينسجم‬
‫مع طبيعة الورقة والسرعة التي تتطلبها المعامالت التجارية ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ويشترط لتطبيق قاعدة تطهير الدفوع شرطين ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الحامل قد تلقى الورقة التجارية بطريقة التظهير التام ‪.‬‬
‫‪ -2‬حسن نية الحامل بحيث يستفيد من هذه القاعدة سوى الحامل حسن النية وحده ‪،‬‬
‫واألصل أن حسن النية مفترض و يقع عبأ اإلثبات على المدين الذي يدعي العكس ‪،‬‬
‫وله أن يقيم الدليل على علم الحامل بالدفع الذي تنطوي عليه الكمبيالة وقت تظهيرها‬
‫إليه بكافة طرق اإلثبات ‪.‬‬
‫ويفترض القانون في سوء نية الحامل عنصرين اثنين ‪:‬‬
‫‪ -‬علم الحامل بوجود الدفع ‪.‬‬
‫‪ -‬إدراكه الضرر الذي سيلحقه بالمدين ‪.‬‬
‫هذا ولم يجعل المشرع المغربي هذا المبدأ مطلقا بل أورد عليه بعض االستثناءات‬
‫بموجبها يمكن التمسك بالدفوع حتى في مواجهة الحامل حسن النية وهي كاآلتي ‪:‬‬
‫الدفوع المرتبطة بالعيوب الشكلية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدفوع المرتبطة بالبيانات االختيارية المؤثرة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدفع بنقصان األهلية أو انعدامها ( المادة ‪.) 164‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدفع بتجاوز الوكالة أو بانعدامها ( الفقرة ‪ 2‬المادة ‪. ) 164‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدفع بتزوير التوقيع ( الفقرة ‪ 2‬المادة ‪. ) 164‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدفع بعدم مشروعية السبب إذا ذكر على الكمبيالة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدفع بالعالقة الشخصية التي تجمع المدين الصرفي بالحامل ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يبقى التساؤل مطروح بخصوص مدى جواز الدفع باألمية في القانون الصرفي ؟‬
‫بداين ال بد أن نشير إلى تطور مفهوم األمي من خالل تتبع اجتهادات القضاء‬
‫المغربي بحيث لم يعد األمي ذاك الشخص الذي ال يحسن التوقيع بل أصبح األمي‬
‫هو الذي ال يعرف اللغة التي حرر بها العقد‪.‬‬
‫كذلك وبعد ما كانت األمية هي األصل فإنها بمقتضى آخر اجتهاد قضائي لمحكمة‬
‫النقض عدد ‪ 1/416‬في الملف التجاري عدد ‪ 2012/1/3/1121‬الصادر في‬
‫‪ 2013/10/31‬والذي جاء فيه ‪ ":‬لكن حيث إن األمية كواقعة مادية لم تعد هي‬
‫األصل حتى يعفى مدعيها من أي إثبات ‪ ،‬وعلى من يدفع بها إثبات أنه من‬
‫المشمولين بحماية الفصل ‪ 427‬من ق ل ع ‪ ،‬والمحكمة التي اعتبرت أنه ال يوجد‬
‫بالملف ما يفيد أن الطاعن هو شخص أمي مما يبرر التصريح بإبطال عقد ثبت أنه‬
‫مستجمع لكافة أركانه وشروطه " ‪ ،‬تكون قد سايرت المبدأ المذكور ‪ ،‬واعتمدت‬
‫كذلك أن األصل فيمن وقع ورقة أنه عالم بمضمونها ‪ ،‬ومن ثم وفي إطار حياد‬
‫‪31‬‬
‫المحكمة لم يكن هناك ما يدعوها للقيام بأي إجراء تحقيقي إلثبات ادعاء الطالب‬
‫بأميته ‪ ،‬وبذلك جاء قرارها معلال بشكل سليم والفرع من الوسيلة على غير أساس‪.‬‬
‫وبذل ك ال يمكن الدفع باألمية في إطار القانون الصرفي ألن كل موقع على الورقة‬
‫التجارية يفترض فيه أنه عالم بمضمونها وذلك طبقا لمبدأ الكفاية الذاتية للورقة‬
‫التجارية فالعبارات الواردة في السند تحدد مضمون االلتزام ومداه ونطاقه ‪ ،‬كما أنه‬
‫بالنظر إلى شكل الورقة فهي دالة على مضمونها ويفترض في كل من وقعها العلم‬
‫بوظيفتها ‪ ،‬باإلضافة إلى أن إدخال شبهة األمية من شأنه خلق البلبلة وتقويض أحد‬
‫المبادئ الهامة وهو مبدأ استقرار المعامالت التجارية‪.‬‬

‫✓ آثار التظهير التوكيلي ‪:‬‬


‫تخضع آثار التظهير التوكيلي للقواعد العامة المتعلقة بالوكالة في العالقة بين المظهر‬
‫والمظهر إليه ‪ ،‬وكذا المقتضيات الصرفية في العالقة مع الغير‪.‬‬
‫فالعالقة بين المظهر والمظهر إليه في التظهير التوكيلي تخضع للقواعد المدنية المنظمة‬
‫ألحكام الوكالة المواد من ‪ 879‬إلى ‪ 942‬من ق ل ع ‪.‬‬

‫فالمظهر إليه مجرد وكيل عن المظهر في تحصيل واستيفاء مبلغ الكمبيالة وعليه أن‬
‫يقوم بجميع اإلجراءات القانونية التي من شأنها أن توصله إلى هذا الهدف ‪ ،‬كما أن عليه أن‬
‫يلتزم بالتعليمات المعطاة إليه من طرف موكله تحت طائلة تحمله المسؤولية إزاء هذا‬
‫األخير ‪ ،‬مع مالحظة أن الوكالة ال تنتهي طبقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 173‬بوفاة الموكل أو‬
‫بفقدانه األهلية ‪ ،‬وإنما تنقضي بموت الوكيل أو تنازله عن الوكالة أو إلغاء التوكيل أو‬
‫بانتهاء أجل الوكالة ‪ ،‬وذلك خالفا لما يقضي به الفصل ‪ 929‬من ق ل ع ‪.‬‬

‫كما أنه ال يجوز للمظهر إليه أن يظهر الكمبيالة تظهيرا ناقال للملكية بل يملك تظهيرها‬
‫مجرد تظهير توكيلي ألنه ال يستطيع أن ينقل إلى الغير حقوقا ال يملكها ‪.‬‬
‫أما العالقة في مواجهة الغير فتخضع للمقتضيات أو القواعد الصرفية حيث تنص المادة‬
‫‪ 172‬ف ‪ 2‬أنه ‪ " :‬ال يجوز للملتزمين في هذه الحالة أن يتمسكوا اتجاه الحامل ‪ ،‬إال‬
‫بالدفوع التي يمكن التمسك بها اتجاه المظهر " ‪.‬‬
‫وبذلك ال يسوغ للملتزمين بالكمبيالة أن يتمسكوا بالدفوع الشخصية التي بينهم وبين‬
‫المظهر إليه ‪ ،‬ألنه مجرد وكيل ‪ ،‬بينما يملكون هذا الحق في مواجهة المظهر‪ .‬أي التمسك‬
‫بالدفوع التي بإمكانهم إثارتها ضد المظهر الموكل ‪.‬‬
‫✓ آثار التظهير التأميني ‪:‬‬
‫‪32‬‬
‫يخول التظهير التأميني للمظهر إليه الحقوق الناشئة عن الكمبيالة لكونه تجتمع فيه‬
‫صفتين اثنتين ‪ ،‬فهو من جهة يحمل صفة دائن مرتهن عن المبلغ الذي له على المظهر‬
‫المدين ‪ ،‬ومن جهة ثانية له صفة الحامل الشرعي للكمبيالة المظهرة إليه ‪ ،‬وبذلك فهو يملك‬
‫حق استخالص مبلغ الكمبيالة باعتباره حامال لها ويمارس بذلك كل الحقوق المتفرعة عنها‬
‫من تلقي قبول المسحوب عليه وإقامة االحتجاج والدعوى الصرفية إن اقتضى األمر ذلك ‪،‬‬
‫كما ال يحق له تظهيرها تظهيرا ناقال للملكية وكل تظهير صدرعنه يعتبر مجرد تظهير‬
‫توكيلي ( ف ‪ 4‬م ‪. ) 172‬‬

‫وصفة الدائن المرتهن تجعله يتقيد بنطاق حقوق الحامل فهو حينما يستوفي مبلغ‬
‫الكمبيالة يكون مجبرا بإرجاع ما زاد عن الدين المرهون إلى المظهر ألن المظهر إليه ال‬
‫يملك مبلغ الكمبيالة بأكملها إذا كان يزيد عن مبلغ دينه ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تداول الشيك ( المواد من ‪ 252‬إلى ‪: ) 263‬‬

‫لقد أ شرنا سابقا أنه نادرا ما يقع تداول الشيك إذ غالبا ما يحتفظ الساحب بالشيك تحت‬
‫يده ليقدمه إلى البنك المسحوب عليه للوفاء ‪ ،‬لكن ليس ثمة مانع من طرحه للتداول فيجوز‬
‫التظهير للساحب نفسه أو ألي ملتزم آخر ‪ ،‬كما يجوز لهؤالء تظهير الشيك من جديد (المادة‬
‫‪.)253‬‬

‫هذا وعلى غرار الكمبيالة يجب أن يكون التظهير ناجزا وكل شرط مقيد له يعتبر كأن لم‬
‫يكن ‪ ،‬كما أن التظهير الجزئي باطل (المادة ‪.)254‬‬
‫فبعبارة أخرى ‪:‬‬
‫‪ -‬التظهير الجزئي باطل ‪.‬‬
‫‪ -‬التظهير الشرطي الشرط باطل والتظهير صحيح ‪.‬‬
‫هذا وتتوقف الطريقة التي يتم بها تداول الشيك على الشكل الذي يتخذه هذا األخير ‪.‬‬
‫فالشيك لحامله ينتقل بالتسليم أو بالمناولة ‪ ،‬والشيك ألمر ينتقل بالتظهير ‪ ،‬أما إذا تضمن‬
‫الشيك شرطا يجعله غير قابل للتداول أو ليس لألمر أو أي عبارة أخرى تفيد هذا المعنى فال‬
‫يجو ز تداوله إال بإتباع أحكام حوالة الحق المنصوص عليها في القانون المدني ( م ‪، ) 195‬‬
‫ويخضع تظهير الشيك سواء كان تظهيرا تاما ناقال للملكية أم توكيليا من حيث شروطه‬
‫وآثاره للقواعد نفسها التي تحكم تظهير الكمبيالة فنحيل عليها ( م ‪ 256‬إلى ‪ ،) 262‬مع‬
‫اإلشارة إلى أن التظهير التأميني ممنوع في الشيك ألنه ينافى والدور األدائي له كما أنه‬
‫يشكل جريمة معاقب عليها طبقا للمادة ‪ 316‬في فقرتها الثالثة ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫على أن تظهير الشيك الحاصل بعد عمل احتجاج عدم الوفاء أو بعد انقضاء ميعاد تقديم‬
‫الشيك للوفاء ال ينتج إال آثار الحوالة المدنية المنصوص عليها في المادة ‪ 195‬من ق ل ع ‪.‬‬

‫هذا و بخصوص شكل التظهير وشروطه وآثاره يرجع إلى الكمبيالة ومنها كذلك قاعدة‬
‫عدم التمسك بالدفوع ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫القبــــول ‪L’acceptation‬‬

‫سمح المشرع للحامل الشرعي للكمبيالة بتقديمها للقبول كي يطمئن قلبه إلى استعداد‬
‫المسحوب عليه ألداء قيمتها في تاريخ االستحقاق ‪ ،‬وذلك على غرار قانون جنيف الموحد‬
‫الذي تناول أحكام القبول في المواد من ‪ 21‬إلى ‪ ، 29‬ويراد بالقبول ذلك االلتزام أو التعهد‬
‫الصادر بإرادة منفردة من المسحوب عليه على الكمبيالة ألداء المبلغ الثابت فيها في تاريخ‬
‫االستحقاق إلى حاملها الشرعي أو لمجرد حائز لها ‪.‬‬
‫فالقبول ليس عقدا بين القابل والحامل الذي يطلبه ‪ ،‬كما أنه ليس أداء لقيمة الكمبيالة ‪،‬‬
‫وإنما القبول هو التزام المسحوب عليه بإرادته المنفردة التزاما شخصيا ومباشرا أمام الحامل‬
‫بدفع قيمة الكمبيالة في تاريخ االستحقاق ‪ ،‬وهو التزام تحكمه قواعد قانون الصرف ‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 174‬من م ت على هذا المبدأ ‪ ،‬وقبل حصول القبول يظل المسحوب‬
‫عليه خارج نطاق العالقات الصرفية وال يلتزم بشيء في مواجهة الحامل فإذا ما وقع عليها‬
‫بالقبول دخل في دائرة قانون الصرف وخضع ألحكامه ‪ ،‬إال أنه ال يمكن رفض قبول‬
‫الكمبيالة سواء كان مدنيا فعليا للساحب أم ال ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تاريخ القبول أو وقت طلب القبول ‪:‬‬
‫للحامل أن يختار الوقت الذي يالئمه لتقديم الكمبيالة للقبول ‪ ،‬فالمشرع لم يقيد حريته في‬
‫هذا الصدد بميعاد معين ‪ ،‬فيجوز له طلب القبول في أي وقت إلى حين حلول ميعاد‬
‫االستحقاق ‪ ،‬على أن هذه القاعدة ليست من النظام العام ‪ ،‬فقد رأينا سابقا أن الساحب أو‬
‫المظهر قد يفرض على الحامل تقديم الكمبيالة للقبول خالل فترة محددة أو بعد انقضاء أجل‬
‫متفق عليه لكن حينما نعود إلى المادة ‪ 174‬من م ت نالحظ أن تاريخ تقديم الكمبيالة للقبول‬
‫ليس واحدا‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن تاريخ االستحقاق هو الذي يحدد لنا تاريخ التقديم للقبول ‪.‬‬
‫هكذا فالكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع يجب أن تقدم للقبول داخل أجل سنة‬
‫من إنشاءها ( ف ‪ 6‬المادة ‪ ، ) 174‬أما الكمبيالة المستحقة األداء في تاريخ معين أو بعد مدة‬
‫من إنشاءها فتكون قابلة للتقديم للقبول من تاريخ إنشاءها حتى تاريخ استحقاقها ( ف ‪6‬‬
‫المادة ‪. ) 174‬‬

‫وفيما يخص الكمبيالة المستحقة األداء عند االطالع فإنها ال تحتاج إلى تقديم للقبول‬
‫ألنها مستحقة بمجرد االطالع وبذلك فهي ال تحتاج إلى قبول ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫وما ينبغي اإلشارة إليه أنه يمكن اإلنقاص أو الزيادة في أجل التقديم للقبول‪ ،‬بحيث يملك‬
‫الساحب اإلنقاص أو الزيادة في أجل التقديم للوفاء‪ ،‬بينما ال يمكن للمظهرين سوى إنقاص‬
‫هذا األجل ( ف ‪ 7‬و‪ 8‬من المادة ‪. ) 174‬‬

‫وكما قلت سابقا فمسألة التقديم للقبول ليست من النظام العام ‪ ،‬حيث يستطيع الساحب‬
‫وحده أن يمنع تقديم الكمبيالة للقبول طبقا للمادة ‪ 174‬ما لم تكن الكمبيالة مستحقة األداء بعد‬
‫مدة من االطالع أو قابلة لألداء عند الغير ‪ ،‬أوفي موطن غير الذي يوجد به مقر المسحوب‬
‫عليه ‪ ،‬إذن يمكن إيجاز حاالت المنع من التقديم للقبول في حالتين ‪:‬‬
‫‪ -1‬حالة الكمبيالة المستحقة األداء عند االطالع ( ف ‪ 1‬م ‪. ) 182‬‬
‫‪ -2‬حالة إيراد شرط يقضي بمنع تقديم الكمبيالة من الساحب وحده ( ف ‪ 3‬م ‪. ) 174‬‬

‫أما حاالت التقديم اإلجباري فيمكن إجمالها في اآلتي ‪:‬‬


‫حالة الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع ( ف ‪ 6‬و ‪ 8‬م ‪. ) 174‬‬ ‫‪-‬‬
‫حالة الكمبيالة التي ستؤدى لدى غير المسحوب عليه ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حالة الكمبيالة التي ستؤدى في غير موطن المسحوب عليه ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حالة وجود شرط اتفاقي يورده الساحب أو المظهر ( ف ‪ 2‬و ‪ 5‬م ‪. ) 174‬‬ ‫‪-‬‬

‫ثانيا ‪ :‬من له حق طلب القبول ؟‬


‫أكدت الفقرة األولى من المادة ‪ 174‬على " أنه يجوز لحامل الكمبيالة أو لمجرد الحائز‬
‫لها أن يقدمها حتى تاريخ االستحقاق إلى المسحوب عليه في موطنه لقبولها " ‪ ،‬وبناء على‬
‫هذا النص ال يعتبر مالك الكمبيالة الشخص الوحيد الذي له حق تقديمها إلى المسحوب عليه‪،‬‬
‫بل يجو ز أن يتم التقديم ممن يتمتع بحيازة الكمبيالة وهنا ال يحق للمسحوب عليه أن يسأله‬
‫كيف وصلت إليه أو أن يطلب منه إثبات مشروعية حيازته لها ‪ ،‬والسبب في ذلك أن‬
‫المسحوب عليه عندما يقبل الكمبيالة ال يعني ذلك البتة أنه سيؤدي آنذاك بل الكمبيالة تنتظر‬
‫حلول ميعاد استحقاقها وحينذاك له الحق آنذاك من التأكد من الحامل الشرعي للكمبيالة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مكان طلب القبول ؟‬
‫طبقا للمادة ‪ 174‬الفقرة ‪ 1‬فإن الكمبيالة تقدم إلى المسحوب عليه في محل إقامته ‪،‬‬
‫والمحل الذي تقدم فيه للقبول هو المكان الذي يوجد فيه المحل التجاري للمسحوب عليه‬
‫التاجر ‪ ،‬حتى يتمكن من مراجعة دفاتره التجارية ووثائقه المحاسبية والتي تفيده في تقريره‬
‫بدفع الكمب يالة أو االمتناع عن ذلك ‪ ،‬أما إذا لم يوجد محل تجاري فتقديم الكمبيالة يكون في‬
‫محل سكناه ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫رابعا ‪ :‬المهلة الممنوحة للمسحوب عليه ‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 174‬أنه يمكن للمسحوب عليه أن يطلب تقديم الكمبيالة له غداة تقديمها‬
‫للمرة األولى ‪ ،‬وال يقبل من الحامل االدعاء باستحالة إعطاء الفرصة له ‪ ،‬فالمسحوب عليه‬
‫يسمح له القانون بأن يمتنع عن التعبير فورا عن إرادته وأن يطلب من الحامل تقديمها له‬
‫مرة ثانية في اليوم التالي من تقديمها األول ( القانون قرر حق المسحوب عليه في يوم‬
‫واحد) ‪ ،‬والسبب في منحه هذه المهلة هو ترك بعض الوقت للمسحوب عليه للتفكير‬
‫ومراجعة وثائقه للتحري ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬شروط القبول ‪:‬‬
‫يشترط في قبول الكمبيالة من طرف المسحوب عليه باعتباره تصرفا إراديا منفردا خاضعا‬
‫للقانون الصرفي توفر نوعين من الشروط والضوابط القانونية ‪ ،‬األولى موضوعية والثانية‬
‫شكلية ‪.‬‬
‫‪ -‬بخصوص الشروط الموضوعية فقد سبق اإلشارة لها سلفا وهي المتطلبة عند‬
‫إنشاءها وكذا تظهيرها والمتمثلة خاصة في الرضا والمحل والسبب وأخيرا األهلية‬
‫التجارية ‪.‬‬
‫‪ -‬أما بخصوص الشروط الشكلية فقد تطرقت لها المادة ‪ 176‬في فقرتها األولـى‬
‫بقولهــا ‪ " :‬يكتب القبول على الكمبيالة ذاتها ‪ ،‬ويعبر عنه بلفظة "قبل" أو بأي لفظة‬
‫أخرى مرادفة لها ‪ ،‬ويوقع من طرف المسحوب عليه ‪ ،‬إن مجرد توقيع المسحوب‬
‫عليه على صدر الكمبيالة تعتبر قبوال " ‪.‬‬
‫وانطالقا من هذه المادة نستخلص أهم الشروط الشكلية والتي يمكن إيجازها في اآلتي ‪:‬‬

‫• الكتابة ‪ :‬ضرورة كتابة عبارة القبول أو ما يرادفها على ذات أو صلب الكمبيالة ‪،‬‬
‫وذلك تطبيقا لمبدأ الكفاية الذاتية للورقة التجارية ‪ ،‬أما الشفوي فهو مستبعد وال أثر له‬
‫في نطاق القانون الصرفي ‪.‬‬
‫• صيغة القبول ‪ :‬يعبر عن قبول المسحوب عليه بتدوين ما يفيد ذلك كاستعمال عبارة‬
‫مقبول أو أية عبارة أخرى تفيد القبول ‪.‬‬
‫• توقيع القابل ‪ :‬يجب أن يكون التوقيع باليد كتابة ألن المشرع المغربي استبعد أشكال‬
‫التوقيعات األخرى ‪ ،‬وأن يرد هذا التوقيع على وجه الكمبيالة وليس على ورقة‬
‫مستقلة‪،‬أما إذا جاء هذا التوقيع مجردا على ظهر الورقة فال يعتبر عندئذ قبوال وإنما‬
‫تظهيرا ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فتوقيع المسحوب عليه هو الذي ينشئ االلتزام الصرفي ويصبح بحكم توقيعه مدينا‬
‫صرفيا اتجاه كل حامل لها ‪ ،‬وذلك بصرف النظر عن العالقات السابقة التي أدت إلى نشوء‬
‫الكمبيالة أو قبولها ‪ ،‬وبالتالي يحق للحامل االدعاء مباشرة ضد المسحوب عليه القابل ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬تأريخ القبول ‪ :‬ال تستوجب مدونة التجارة أن يكون القبول مؤرخا ‪ ،‬فالقبول‬
‫يصدر مبدئيا دون تاريخ ‪ ،‬لكن تحديده يكون واجبا حسب الفقرة الثانية من المادة ‪ 176‬في‬
‫حالتين ‪:‬‬
‫‪ -‬الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع ‪.‬‬
‫‪ -‬عند اشتراط تقديم الكمبيالة للقبول في أجل معين ‪.‬‬
‫وتتجلى أهمية وضع تاريخ القبول في هاتين الحالتين لمراقبة حامل الكمبيالة من حيث‬
‫احترامه لآلجال المضروبة له في المطالبة باألداء تحت طائلة اعتباره حامال مهمال ‪ ،‬هذا‬
‫ويأخذ القبول تاريخه من وقت تقديم الكمبيالة للقبول ال من تاريخ صدوره ‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬وجوب كون القبول مطلقا ‪ :‬القاعدة العامة أن يكون قبول المحسوب عليه مطلقا أي‬
‫غير معلق على شرط سواء كان واقفا أو فاسخا ‪ ،‬أو أن يكون مقترنا بأجل غير محقق‬
‫الوقوع فتعليق القبول بهذه الشروط يجعله باطال ألنه يعرقل تداول الكمبيالة ويعتبر بمثابة‬
‫رفض للقبول ‪ ،‬لكن القبول الجزئي يعتد به ويعتبر صحيحا ‪ ،‬وهنا يجب على الحامل إما أن‬
‫يقيم احتجاجا بعدم قبول ذلك الجزء وله أن يرجع على الضامنين قبل تاريخ االستحقاق ‪ ،‬أو‬
‫أن ينت ظر حلول هذا التاريخ فيأخذ الجزء المقبول من المسحوب عليه ويرجع بالباقي على‬
‫الملتزمين بمبلغ الكمبيالة ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ :‬التشطيب على القبول ‪ :‬طبقا للمادة ‪ 179‬يحق للمسحوب عليه الذي قبل الكمبيالة أن‬
‫يش طب على توقيعه وفي ذلك إعفاء له من االلتزام الصرفي ‪ ،‬لكن ال يكون هذا التشطيب‬
‫منتجا آلثاره إال إذا قام به المسحوب عليه قبل إرجاع الكمبيالة إلى الحامل ‪ ،‬لكن متى قام‬
‫المسحوب عليه بإبالغ الحامل أو أحد الموقعين للكمبيالة عن قبوله لها كتابة أصبح طبقا‬
‫للفقرة الثانية ملتزما اتجاههم بمقتضى قبوله ‪.‬‬
‫أما في فرنسا فتطبق المحاكم مبدأ عدم الرجوع في القبول ‪ ،‬حيث قضت محكمة‬
‫ديجون في حكم صدر في ‪ 14‬مارس ‪ 1967‬أن المسحوب عليه ال يمكن أن يرجع في‬
‫قبوله ب عدما أرسل الكمبيالة المقبولة عن طريق البريد وقام بسحب هذا القبول هاتفيا ‪ ،‬ولو‬
‫أن هذا الرجوع جاء قبل وصول الورقة إلى يد الحامل ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬آثـار القبــــول‬
‫بمجرد قبول الكمبيالة يتغير مركز كل من الساحب والمسحوب عليه ‪ ،‬فقبل القبول‬
‫يكون الساحب هو المدين األصلي في الكمبيالة ويبقى المسحوب عليه أجنبيا عنها ‪ ،‬ولكن‬
‫بعد قبوله يدخل دائرة العالقات الصرفية ويصبح مدينا أصليا بالكمبيالة ‪ ،‬ويصبح التزام‬
‫الساحب في المرتبة الثانية ‪.‬‬
‫هكذا فإن توقيع المسحوب عليه بالقبول يرتب آثارا قانونية هامة تختلف حسب العالقات‬
‫التي تنشأ عن الكمبيالة ‪ ،‬ولذلك سنقف عند كل حالة على حدة ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬آثار القبول بين المسحوب عليه القابل والحامل ‪:‬‬
‫يصبح المسحوب عليه بقبوله الكمبيالة ملتزما صرفيا بأداء مبلغها إلى الحامل عند‬
‫تاريخ االستحقاق ‪ ،‬فقبوله للكمبيالة يدخله االلتزام الصرفي وال يمكنه عندئذ مواجهة الحامل‬
‫حسن النية بالدفوع التي كان باإلمكان إثارتها في مواجهة الساحب ‪ ،‬ولو كان المسحوب‬
‫عليه غير مدين بالفعل بمبلغ الكمبيالة اتجاه الساحب ‪.‬‬
‫فقبول الكمبيالة يفترض وجود مقابل الوفاء لديه ‪ ،‬ولذلك يجب الوفاء للحامل في تاريخ‬
‫االستحقاق حتى ولو لم يكن قد تلقى مقابل الوفاء من الساحب ‪ ،‬فالقبول يشكل قرينة قاطعة‬
‫على وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه ‪ ،‬وبالتالي ال تقبل إثبات العكس في عالقة‬
‫المسحو ب عليه القابل بالحامل الشرعي ‪ ،‬هذا ويملك المسحوب عليه القابل مواجهة الحامل‬
‫حسن النية بالدفوع الشخصية المستمدة من عالقته المباشرة بها وذلك طبقا لالستثناء الوارد‬
‫على مبدأ عدم التمسك بالدفوع ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار القبول بين المسحوب عليه القابل والساحب ‪:‬‬
‫تعتبر مبدئيا العالقة القائمة بين المسحوب عليه والساحب عالقة تعاقدية من الناحية‬
‫المبدئية وليست صرفية ‪ ،‬وعندما يقبل المسحوب عليه فهذا يفترض كون المسحوب عليه‬
‫القابل مدينا للساحب اعتمادا على مقابل الوفاء ( المادة ‪. ) 166‬‬

‫غير أن افتراض وجود مقابل الوفاء يقوم على قرينة بسيطة حيث يمكن للمسحوب عليه‬
‫أن يثبت العكس في مواجهة الساحب أي بعبارة أخرى يمكن له إثبات عدم تلقيه مقابل الوفاء‬
‫أو أنه لم يتسلم هذا المقابل ‪ ،‬فقبول المسحوب عليه للكمبيالة يقوم قرينة قانونية قابلة إلثبات‬
‫العكس على وجود مقابل ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫لكن هنا ال نوافق المادة ‪ 166‬في فقرتها األخيرة ومعها االجتهاد القضائي المغربي في‬
‫شخص المجلس األعلى سابقا الذي أوجب على الساحب في حالة اإلنكار دون غيره أن يثبت‬
‫كون مقابل الوفاء كان موجودا عند المسحوب عليه وقت االستحقاق ‪.‬‬
‫لذلك نرى بأن ما أقرته المادة ‪ 166‬بإلقاء عبء اإلثبات على الساحب فيه نوع من‬
‫الحيف ‪ ،‬فلماذا ال تعطي هذه اإلمكانية له أيضا بنقل عبئ اإلثبات ‪،‬وهو بالفعل ما تبناه‬
‫المجلس األعلى في قرار مغاير صادر في ‪ 25‬يونيو ‪ 1958‬حين ألزم المسحوب عليه القابل‬
‫في عالقته بالساحب بإتيان الدليل على عدم وجود مقابل الوفاء ‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬عالقة الحامل بالساحب والمظهرين ‪:‬‬
‫األصل أن الساحب والمظهرين ضامنوا قبول الكمبيالة من طرف المسحوب عليه ‪ ،‬ما‬
‫لم يكونوا قد تحللوا من ضمان القبول في حالة ما أدرج في الكمبيالـة بيان عدم ضمان‬
‫القبول ‪ ،‬وبمجرد قبول الكمبيالة من طرف المسحوب عليه ‪ ،‬تبرأ ذمة الساحب والمظهرين‬
‫من االلتزام بضمان القبول ‪ ،‬لكن هنا يجب اإلشارة أن االلتزام بضمان الوفاء بالكمبيالة‬
‫يبقى قائما ويترتب على ذلك أن الحامل ال يستطيع الرجوع عليهم قبل تاريخ االستحقاق ‪.‬‬
‫غير أنه يرد على هذه القاعدة استثناء يتمثل في حق الحامل الرجوع قبل تاريخ‬
‫االستحقاق طبقا للمادة ‪ 196‬الفقرة ‪ 2‬على المظهرين وغيرهم من الملتزمين ويمكن إيجاز‬
‫هذه الحاالت في ‪:‬‬
‫‪ -‬قبل تاريخ االستحقاق في الحاالت اآلتية ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬إذا حصل امتناع كلي أو جزئي عن القبول ‪.‬‬
‫ب‪ -‬في حالة التسوية أ و التصفية القضائية للمسحوب عليه ‪ ،‬سواء كان قابال للكمبيالة‬
‫أو غير قابل لها ‪ ،‬أو في حالة توقفه عن الدفع ولو لم يثبت هذا التوقف بواسطة حكم‬
‫‪ ،‬أو في حالة الحجز بدون جدوى على أمواله ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬في حالة التسوية أو التصفية القضائية لساحب كمبيالة مشروط عدم تقديمها‬
‫للقبول ‪.‬‬
‫هذا وقد ورد ذكر الحالتين ( ب ) و ( ج ) في المادة ‪ 43‬من قانون جنيف الموحد ‪،‬‬
‫والسبب في إعطاء المشرع للحامل الحق في الرجوع على باقي الموقعين في الحالتين‬
‫المذكورتين ولو تم قبول الكمبيالة هو ضمان حصول الحامل على مبلغ الكمبيالة كاملة ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬رفض القبــــول‬
‫األصل أن المسحوب عليه حر في قبول الكمبيالة حينما تعرض عليه أو رفضها حتى‬
‫وإن كان مدينا فعال للساحب ‪ ،‬فاألمر اختياري بالنسبة إليه وهو ما يرتب مجموعة من‬
‫اآلثار عن هذا الرفض ( فقرة أولى ) ‪ ،‬إال أن المسحوب عليه يكون في أحيان أخرى ملزما‬
‫على قبول الكمبيالة فما هي هذه الحالة ( فقرة ثانية )‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الموقف السلبي للمسحوب عليه من القبول واآلثارالناجمة عليه ‪:‬‬
‫كما أشرنا سابقا يبقى المسحوب عليه في حل من أمره في قبول الكمبيالة من عدمه ما‬
‫دام لم يوقع عليها ‪ ،‬فهو يبقى مخيرا في االلتزام بالورقة التزاما صرفيا أو عدم التزامه بها‬
‫ولو كان مدينا فعليا للساحب بمبلغها ‪ ،‬أو بعبارة أخرى ولو كان قد تسلم مقابل الوفاء من‬
‫الساحب وينتج عن رفض القبول عدة آثار بالنسبة للمسحوب عليه من جهة وللموقعين من‬
‫جهة ثانية ‪.‬‬

‫• بالنسبة للمسحوب عليه ‪ :‬تتمثل آثار رفض القبول في كون المسحوب عليه يبقى‬
‫خارج دائرة القانون الصرفي ما دام لم يوقع على الكمبيالة أي لم يلتزم صرفيا‬
‫بمقتضياتها ‪.‬‬
‫• بالنسبة للموقعين أو الملتزمين ‪ :‬عند رفض القبول من طرف المسحوب عليه يسقط‬
‫أجل االستحقاق وبالتالي يحق للحامل الرجوع الفوري على جميع الموقعين دون‬
‫انتظ ار حلول تاريخ االستحقاق ‪ ،‬ألنهم يضمنوا له القبول والوفاء ( حق الرجوع‬
‫السابق آلوانه ) الذي يدعم حقوق ومواقف الحامل ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬القبول اإللزامي للمسحوب عليه ‪:‬‬
‫بالرغم من حرية المسحوب عليه في قبول أو عدم قبول الكمبيالة ‪ ،‬فإنه يبقى ملزما‬
‫بالقبول في حالة واحدة نصت عليها صراحة مدونة التجارة في المادة ‪ 174‬في فقرتها ‪9‬‬
‫و‪ ، 10‬وهي نفس الحالة التي تبناها المشرع الفرنسي منذ ‪ 1939‬في الفصل ‪ 142‬من قانون‬
‫التجارة الفرنسي ‪ ،‬وقد تبنى المشرع المغربي هذه المسألة إذا توفرت شروط معينة وهي‬
‫أربعة ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون الساحب والمسحوب عليه تاجرين ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تسحب الكمبيالة بهدف تنفيذ اتفاق خاص بتسليم البضائع أو سلع ‪ ،‬أما إذا كان‬
‫موضوع العقد أداء خدمة مثال فإن المادة ‪ 174‬ال تطبق ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ .3‬أن ينفذ الساحب التزامه الناتج عن عقد البيع وذلك بأن يقوم بتسليم البضائع موضوع‬
‫العقد المسحوب عليه ‪ ،‬أي بمعنى آخر أن يكون المسحوب عليه قد تسلم مقابل الوفاء‬
‫أما إذا لم يكن قد تسلعه فال يكون ملزما على قبول الكمبيالة ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يعطي للمسحوب عليه أجل معقول حسب العرف التجاري قصد الكشف‬
‫والتصرف على البضائع وللتأكد من تنفيذ الساحب اللتزاماته الناجمة عن عقد البيع ‪.‬‬
‫فبتوفر هذه الشروط يصبح المسحوب عليه ملزما بقبول الكمبيالة ‪ ،‬لكن هنا يطرح‬
‫إشكال قانوني حول الجزاء الذي رتبه المشرع على رفض القبول هذه الحالة ؟‬
‫نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 174‬على ‪ " :‬ويترتب بحكم القانون على عدم القبول ‪،‬‬
‫سقوط أجل االستحقاق وذلك على نفقة المسحوب عليه " ‪ ،‬وبالتالي هل يسقط األجل لفائدة‬
‫الحامل أم لفائدة الساحب ‪ ،‬إال أنه في الحقيقة وتمشيا مع روح النص القانوني فإن سقوط‬
‫أجل االستحقاق يجعل الدين مستحقا لفائدة الحامل ‪ ،‬مما يعطيه الحق في مقاضاة المسحوب‬
‫عليه بمبلغ الكمبيالة بمجرد رفضه دون انتظار حلول تاريخ االستحقاق ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫القبــــول بالتدخــل‬
‫‪Le payement par intervention‬‬

‫أشارت مدونة التجارة إلى القبول بالتدخل في المادتين ‪ 215‬و ‪ 216‬وقد عرف الفقيه‬
‫روبلو القبول بالتدخل بأنه ‪ " :‬القبول المعطى لفائدة مدين صرفي لتفادي الرجوع عليه قبل‬
‫ميعاد االستحقاق " ‪.‬‬
‫هكذا يتحقق القبول بالتدخل من خالل توسط أحد من الغير أو من الموقعين السابقين‬
‫على الكمبيالة عندما يتم رفض القبول من قبل المسحوب عليه وقيام الحامل بإجراءات‬
‫احتجاج عدم القبول ‪.‬‬
‫وقد يتدخل المسحوب عليه الرافض للقبول في بعض األحيان بالقبول بالتدخل ‪ ،‬ففي‬
‫كثير من األحيان يفضل المسحوب عليه قبول الكمبيالة عن طريق التدخل بدل القبول العادي‬
‫لها ذلك لما يخوله القبول األول من حق الرجوع على الموقعين على الكمبيالة ‪ ،‬بينما يجد‬
‫نفسه في القبول الثاني ( العادي ) أمام مدين واحد هو الساحب وهذا ما أكدته المادة ‪215‬‬
‫في فقرتها ‪ 3‬التي رفض فيها القبول من قبل المسحوب عليه ‪.‬‬

‫ويظهر من نص الفقرة األولى من المادة ‪ 216‬أن القبول بالتدخل ال يجوز أو ال يصلح‬


‫إال إذا كانت الكمبيالة مشروط تقديمها للقبول أو عندما يجب قبولها بحكم القانون ‪ ،‬أما إذا‬
‫تضمنت ‪:‬‬
‫‪ -‬بيان عدم التقديم للقبول ‪.‬‬
‫‪ -‬الكمبيالة المستحقة األداء عند االطالع ‪.‬‬
‫ألن القبول بالتدخل ال يجوز إال في الكمبيالة ممكنة القبول أي صالحة للقبول ‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت الكمبيالة غير ممكنة القبول فإن الحامل يحرم من ضمانة القبول فيها حيث ال يتصور‬
‫تعويضه عن ضمانة لم يترتب له حق فيها ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬شروط القبول بالتدخل ‪:‬‬


‫يشترط في قابل الكمبيالة بالتدخل أن تتوفر فيه ‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫األهلية الالزمة لاللتزام الصرفي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن يكون رضاؤه غير مشوب بعيب من عيوب اإلرادة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وجود سبب مشروع ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أما المحل فيتمثل في مبلغ الكمبيالة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قد يكون القابل بالتدخل شخص واحد أو عدة أشخاص ‪ ،‬وقد يكون لمصلحة شخص‬ ‫‪-‬‬
‫واحد أو عدة أشخاص ‪.‬‬
‫قد يكون القابل بالتدخل شخصا أجنبيا عن الكمبيالة كما يمكن أن يكون من الموقعين‬ ‫‪-‬‬
‫عليها ‪ ،‬وهنا فالتزام هذا األخير ال يضيف شيئا جديدا على قوة ضمان الكمبيالة ‪،‬‬
‫وإنما يكون تأكيدا فقط اللتزامه السابق وبذلك لم يحقق الغاية المتوخاة من القبول‬
‫بالتدخل ‪.‬‬
‫ويحصل القبول بالتدخل لمصلحة أي شخص ملتزم بموجب الكمبيالة فقد يتم للساحب‬ ‫‪-‬‬
‫أو المظهر أو الضامن االحتياطي باستثناء المسحوب عليه الذي رفض القبول ألنه‬
‫أصال غير ملتزم بموجبها فهو أجنبي عنها وال تربطه بالحامل عالقة ناتجة عن‬
‫الكمبيالة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شكل القبول بالتدخل ‪:‬‬
‫القبول بالتدخل إجراء قانوني كغيره من التصرفات القانونية يتطلب الكتابة ‪ ،‬طبقا للفقرة‬
‫‪ 5‬من المادة ‪ 216‬من مدونة التجارة التي تحدد الشكل الواجب إتباعه لحصول القبول‬
‫بالتدخل ‪ " :‬يجب بيان القبول بالتدخل على الكمبيالة ويوقعه المتدخل ويبين الشخص الذي‬
‫وقع التدخل لمصلحة الساحب " ‪.‬‬
‫لذلك يشترط لقبول التدخل الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫التوقيع كتابة مصحوبا بالصيغة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ذكر صيغة القبول بالتدخل على الكمبيالة ذاتها دون أن يتم على الوصلة أو ورقة‬ ‫‪-‬‬
‫مستقلة ‪.‬‬
‫ذكر اسم من حصل القبول لمصلحته وإال اعتبر التدخل لفائدة الساحب (ف ‪ 5‬م‬ ‫‪-‬‬
‫‪ )216‬ويستفيد منه كل الموقعين ‪.‬‬
‫اعالم من تم القبول لمصلحته والحكمة من ذلك ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫✓ إذا تم لفائدة الساحب إعادة النظر في عالقته مع المسحوب عليه ‪.‬‬
‫✓ إذا تم لفائدة أحد الموقعين حتى ال يفاجأ عند ما يرجع عليه القابل بالتدخل ‪.‬‬
‫والفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 216‬لم تحدد شكل هذا اإلعالم ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ثالثا ‪ :‬آثار القبول بالتدخل ‪:‬‬
‫للحامل الحرية في قبول القبول بالتدخل من عدمه في الحالة التي يقدر فيها عدم جدوى‬
‫هذا التدخل ‪ ،‬فالقانون أعطى للحامل إما اعتماده للقبول بالتدخل أو سلك الرجوع السابق‬
‫آلوانه حسب ما تمليه عليه مصلحته وتقديره للوضعية أمامه ‪.‬‬
‫وفي حالة قبول الحامل الشرعي للقبول بالتدخل ال يجعل الكمبيالة تنتظر تاريخ‬
‫االستحقاق بالنسبة لكل الموقعين عليها ‪ ،‬فقد نصت الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 216‬بقاعدة مفادها‬
‫أن القبول بالتدخل يوقف الرجوع السابق آلوانه بالنسبة للمتدخل لفائدته وبالنسبة للموقعين‬
‫الالحقين له ‪ ،‬ومعنى ذلك أن الرجوع السابق آلوانهيمكن للحامل ممارسته ضد من لم يتم‬
‫التدخل لفائدته أو لم يكن ال حقا لموقع وقع التدخل لفائدته ‪.‬‬
‫وتضيف الفقرة ‪ 6‬من المادة ‪ 216‬أنه ‪ " :‬يكون القابل طريق التدخل ملزما اتجاه الحامل‬
‫واتجاه المظهرين الالحقين بالشخص الذي وقع التدخل لمصلحته بنفس الكيفية التي يكون‬
‫ملزما بها هذا األخير " ‪.‬‬
‫فب موجب هذا النص يترتب على القبول بالتدخل التزام القابل بأداء مبلغ الكمبيالة لحاملها‬
‫والمظهرين الالحقين للشخص الذي جرى التدخل لمصلحته وال يكون مسؤوال اتجاه‬
‫المظهرين السابقين ‪.‬‬
‫ويكون التزام القابل بالتدخل تابعا اللتزام من جعل التدخل لمصلحته فإذا سقط التزام هذا‬
‫األخير بسبب الحق سقط كذلك حق الحامل بالنسبة للقابل بالتدخل ‪.‬‬
‫والقبول بالتدخل ال يمنع الشخص الذي جرى التدخل لمصلحته أن يقوم هو بدفع مبلغ‬
‫الكمبيالة طبقا للفقرة ‪ 7‬من المادة ‪. 216‬‬

‫‪45‬‬

You might also like