Professional Documents
Culture Documents
➢ مادة:النشاط اإلداري
➢ السداسية:الثالثة
➢ الفوج :جميع األفواج
"العقود اإلدارية"
يعتمد نشاط اإلدارة على مجموعة من الوسائل القانونية التي تستخدمها للقيام بنشاطها وأداء
واجباتها المختلفة ومن بين هذه الوسائل العقود اإلدارية ،ويتم استعمالها حينما يتراءى لإلدارة
أن العمل التعاقدي سوف يساهم في تحقيق أهدافها الرامية إلى تسيير المرافق العامة وبالتالي
نحو تحقيق المصلحة.
والعقود التي ت برمها اإلدارة التخضع لنظام قانوني واحد وإنما يمكن التمييز داخلها بين عقود
اإلدارة التي تخضع لنظام القانون الخاص ،وعقود اإلدارة التي تخضع لنظام القانون العام
والقانون اإلداري ،وتسمى بالعقود اإلدارية.
وتختلف العقود اإلدارية اختالفا جوهريا عن عقود القانون الخاص التي تبرمها اإلدارة ،فهذا
النوع األخير تحكمه قواعد القانون الخاص ،ويسري عليها ـ كقاعدة عامةـ مايسري على
العقود التي يبرمه ا األفراد فيما بينهم ،أما العقود اإلدارية فهي عقود تتجلى فيها امتيازات
السلطة العامة (.نقصد بأعمال السلطة العامة هي تلك التي تباشرها اإلدارة إعماال
الختصاصاتها باعتبارها سلطة آمرة عن طريق إصدار أوامر واتخاذ قرارات من جانب
واحد ،وهي أعمال المقابل لها في القانون الخاص)
وتتميز العقود اإلدارية عن باقي العقود االخرى التي تبرمها اإلدارة من حيث النظام القانوني
الذي تخضع له ،وعلى ضوء معيار النظام القانوني يمكن تحديد القانون الواجب التطبيق ،
وكذلك المحكمة المختصة للنظر في المنازعات التي قد تنتج بسبب تطبيق هذه األنواع من
العقود.
1
ووفقا لإلتجاه الغالب في الفقه والقضاء يمكن تعريف العقد اإلداري بأنه " كل اتفاق يبرم بين
اإلدارة كسلطة عامة أو كشخص معنوي عام ،بهدف تدبير مرفق عام أو تنظيمه ،وتظهر
فيه نية اإلدارة في األخذ بأحكام القانون العام.
هذا المعيار يرتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم السلطة ،ومعيار تمييزه يكون واضحا،حيث يقوم
المشرع في هذه الحالة بتحديد طبيعة العقد الذي تكون اإلدارة طرفا فيه ،إما بطريقة مباشرة
بتحديدها طبيعتها بنص قانوني ،أو بطريقة غير مباشرة عندما يسند المشرع مهمة االختصاص
للبث في المنازعات المرتبطة بالعقد لجهة قضائية معينة.
ومن العقود التي أعطاها المشرع صفة العقود اإلدارية من خالل هذا المعيار ،نجد عقود
الصفقات العمومية ،صفقات األشغال والتوريدات عقود التدبير المفوض...،الخ ،وفي هذا
السياق ذهبت الغرفة اإلدارية بالمغرب في (قرار لها بتاريخ 14نوفمبر 1996قرار عدد
)788إلى أن الصفقة تعتبر عقدا إداريا بنص القانون ،وبالتالي الحاجة للبحث عن وجود
شروط غير مالوفة في العقد المتعلق بالصفقات المبرمة لصالح اإلدارة للقول بأن األمر اليتعلق
بعقد في مجال القانون الخاص".
وقد ذه ب قضاء مجلس الدولة الفرنسي في أن تسمية العقود اإلدارية هي تلك التي يبرمها
شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام ،وتظهر فيه نية اإلدارة في األخذ بأحكام القانون
العام ،ويتجلى ذلك إما بتضمين تلك العقود شروطا غير مألوفة في القانون الخاص ،أو
بالسماح للمتعاقد مع اإلدارة باالشتراك مباشرة في تسيير المرفق العام.
ومن خالل هذا التعريف يمكن اإلستخالص أن المعيار القضائي لتمييز العقود اإلدارية يقوم
على ثالثة شروط:
2
ــ ان يكون العقد متصال بالمرفق العام
تقتضي صفة العقد اإلداري أن يكون أحد أطرافه على األقل شخصا من أشخاص القانون العام
،سواء تعلق األمر بالدولة ذاتها أو بأحد األشخاص اإلقليمية أو المرفقية (عماالت ـ أقاليم ـ
جهات ـ مؤسسات عامة وطنية أو محلية).
غير أن القضاء الفرنسي أجاز اعتبار بعض العقود التي يبرمها طرفان ينتميان كالمهما إلى
األشخاص الخاصة (أفراد أو شركات) عقودا إدارية ،إذا كان أحدهما على األقل متعاقدا باسم
و لحساب اإلدارة ،وليس لحسابه الخاص ،شريطة أن يكون العقد قد أبرم بقصد تسيير مرفق
عام ،واتبعت فيه وسائل القانون العام.
ففي حكم لمحكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 8يوليوز 1963اعتبرت في أحد أحكامها:
يعتبر عقدا إداريا ،العقد الذي أبرم بين شركة اقتصاد مختلط صاحبة امتياز (وهي شخص
معنوي خاص) .وبين أحد المقاولين ،متعلقا بمساءل تدخل في نطاق األشغال العمومية،
رغم أن طرفي العقد هما من أشخاص القانون الخاص ،وذلك اعتبارا لكون شركة االقتصاد
المختلط تعمل لحساب اإلدارة" .
ومما تجدر اإلشارة إليه ،إذا كان وجود اإلدارة طرفا ضروريا في العقد العتباره عقدا إداريا،
فإن ذلك اليحول دون اعتباره في بعض األحيان عقدا عاديا يخضع ألحكام القانون الخاص،
كأن يتم التنصيص في العقد نفسه على خضوعه لهذا القانون أو كأن يتضمنه نص تنظيمي
صريح ،يقتضي بخضوعه ألحكام القانون الخاص.
طبعا إذا كانت نية اإلدارة التظهر دائما بشكل صريح أثناء إبرامها للعقود ،فإن اإلجتهاد
القضائي يبحث عن هذه النية التي من شأنها الكشف عن إرادتها ،من خالل بعض المظاهر ،
3
ومنها اتصال العقد بالمرفق العام ،ويعتبر هذا الشرط أحد نتائج نظرية المرفق العام التي
أقامها القضاء اإلداري في كل من فرنسا ،مصر والمغرب.
وقد وردت فكرة المرفق العام في العديد من أحكام مجلس الدولة الفرنسي ،إلى درجة اعتبرها
معيارا كافيا لتمييز العقد اإلداري عن عقود القانون الخاص ،والقضاء اإلداري المغربي سرى
بدوره في نفس المنحى ،ففي أحد قرارات الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى بتاريخ 9يوليوز
" ،1959اعتبر المعيار المميز للعقود اإلدارية عما عداها ليس هو صفة المتعاقد بل هو
موضوع العقد واتصاله بالمرفق العام".
غير أن شرط اتصال العقد بالمرفق العام اليكفي وحده لتحديد طبيعته اإلدارية ،ألنه قد يكون
العقد التربطه عال قة مباشرة بالمرفق العام ،ومع ذلك يعتبر عقدا إداريا ،إذا تعلق بأشغال
عمومية من جهة أخرى ليست كافية لمنح صفة العقد اإلداري ،ألن اإلدارة وهي تسعى لتنظيم
وتسيير المرافق العامة ،ليست ملزمة دائما باتباع أساليب القانون العام ،بل قد تلجأ إلى وسائل
القانون الخاص ،فيكون العقد عاديا رغم ارتباطه بالمرفق العام.
لذلك فالقضاء لجأ إلى استعمال معيارا آخر ،وهو شرط أن يتضمن العقد شروطا استثنائية
غير مألوفة في القانون الخاص ،بمعنى البد أن تتبع اإلدارة أساليب القانون العام.
يتحقق هذا الشرط إذا تضمن العقد شروطا من شأنها أن تمنح أحد المتعاقدين أو كالهما حقوقا
،أو تلقي عليهم التزامات ،تختلف عن الشروط التي يمكن أن يقبل بها المتعاقدان في نطاق
القانون الخاص.
والشروط الغير مألوفة كما ظهرت في اجتهادات القضاء اإلداري الفرنسي ،كثيرة ،غير أنه
نظرا لعدم وجود نظرية قضائية أو فقهية متماسكة لتحديد طبيعة تلك الشروط فقد درج الفقه
على اإلشارة إلى صور منها كما يلي:
4
1ــ شروط تعطي امتيازات لإلدارة في مواجهة المتعاقد معها ،وبمقتضاها تستطيع تحميل
المتعاقد التزامات تجعله في مركز غير متكافئ ،وغير متساو معها ،وقد تحتفظ اإلدارة
لنفسها بالحق في التعديل.
2ــ شروط غير مألوفة ،ت ظهر عند منح المتعاقد مع اإلدارة سلطات استثنائية في مواجهة
الغير ،ومن خالل حقه في ممارسة السلطة العامة في تنفيذ العقد اإلداري.
3ــ اإلحالة على دفتر الشروط اإلدارية العامة ودفاتر الشروط الخاصة ،وهذه الدفاتر تعتبر
جزء من العقد وتلزم المتعاقد بما ورد فيا من شروط وقيود وهي بمثابة شرط استثنائي يضفي
الصفة اإلدارية على العقد.
4ــ شرط جعل اإلختصاص للقضاء اإلداري ،وهذا الشرط يكشف عن الطبيعة اإلدارية للعقد،
ألن القضاء اإلداري الينظر إال في العقود ذات الطبيعة اإلدارية للعقد .
5ــ اشتراك المتعاقد مع اإلدارة مباشرة في تسيير المرفق العام ،ويكون في هذه الحالة ملتزما
بتسيير المرفق العام ،والعقد الذي يربطه مع اإلدارة هو عقد امتياز.
وتضمين العقد شروطا استثنائية غير مألوفة يعتبر دليال على اتجاه نية اإلدارة باألخذ بأسلوب
القانون العام ،واتجاهها إلى إضفاء طابع السلطة العامة في العقد ،ومن تم رغبتها في خضوع
هذا العقد للقانون والقضاء اإلداريين ،وقد استقر القضاء اإلداري على أن المعيار المميز
للعقد اإلداري يكمن في تضمين هذا العقد أسلوب القانون العام وماينطوي عليه من شروط
غير مألوفة في نطاق القانون الخاص ،سواء ضمن العقد تلك الشروط أو كانت مقررة
بمقتضى القوانين .وهذا ماذهبت اليه الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى( محكمة النقض
حاليا) ": ،وحيث أن إذا كان شرط المؤسسة العمومية قائما بالنسبة للطرفين وإدارة المرفق
العام ،وتوفر عناصر المنفعة العامة ماثل ة ،فإن األمر يتعلق على شرط أساسي آخر اليمكن
إغفاله وهو أن تكون هناك شروط غير مألوفة تخول أحد الطرفين اللجوء الى جزاء معين في
حالة إخالل الطرف اآلخر بالتزاماته التعاقدية".
5
" .خالصة اليكفي أن تكون اإلدارة طرفا في العقد وأن يتصل العقد بالمرفق العام ،بل البد من
استخدام اإلدارة ألسلوب القانون العام بما يتضمنه من وسائل استثنائية في نطاق القانون
الخاص.
والقضاء اإلداري المغربي استقر في أحكامه الى األخذ بالمعيار الثالثي في تمييز العقد
اإلداري حيث أكدت المحكمة االدارية بوجدة على مايلي ":إن العقد يعتبر إداريا إذا كان أحد
طرفيه شخصا معنويا عاما ومتصال بمرفق عام ومتضمنا شروطا غير مألوفة في نطاق
القانون الخاص ،فإذا تضمن عقد هذه الشروط الثالثة مجتمعة كان عقدا إداريا يختص به
القضاء اإلداري
6