You are on page 1of 35

‫محاضرات العقود الخاصة موجهة إلى طلبة السنة الثالثة قانون خاص‬

‫من إعداد األساتذة قماز ليلى‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫يعد العقد من أهم المصادر اإلرادية المنشئة لإللتزام باعتباره وسيلة لتبادل الثروات وتطور النشاط‬
‫اإلقتصادي و القانوني على السواء‪.‬لذا نجد العقود في تجدد و تطور مستمر‪ .‬و توفي ار لألمن القانوني ‪،‬‬
‫يتدخل المشرع ليحدد الطريقة التي تبرم و تنفذ بموجبها أكثر هذه العقود أهمية‪ .‬ومن ثم يضاف إلى‬
‫القواعد العامة المطبقة على سائر العقود‪ ،‬أنظمة خاصة تتكيف كل منها مع عقد بذاته‪.‬لذلك تعنون‬
‫الدراسة لمختلف هذه األنظمة بالعقود الخاصة أو المسماة‪ .‬و سيتم من خالل المحاضرات تناول الرئيسية‬
‫منها ‪ ،‬من خالل التطرق إلى أهم عقد ينتمي إلى طائفة معينة طبقا للتقسيمات الواردة في القانون المدني‬
‫الجزائري‪ .‬عقد البيع "طائفة العقود الناقلة للملكية" في باب أول‪ ،‬اإليجار "طائفة العقود الواردة على‬
‫اإلنتفاع" في باب ثاني‪ ،‬و عقد الوكالة "طائفة العقود الواردة على العمل" في باب ثالث‪.‬‬

‫تمهيد‪:‬العقود المسماة و غير المسماة‬

‫العقد حسب المادة ‪ 54‬من القانون المدني الجزائري‪ 1‬هو" كل اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة‬
‫أشخاص نحو شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما"‪.‬‬

‫و تتعدد تقسيمات العقود بتعدد النواحي التي ينظر من خاللها إلى العقد و األساس الذي يقوم عليه‬
‫التقسيم" اإلنشاء‪ ،‬األثار‪."...‬و تقسم من حيث وجود تنظيم تشريعي خاص بها من عدمه تقسم إلى عقود‬
‫مسماة و عقود غير مسماة‪.‬‬

‫‪-‬األمر ‪ 58-75‬المؤرخ في ‪ 1975/09/26‬والمعدل و المتمم بالقانون ‪ 05-10‬المؤرخ في ‪ 2005/06/20‬و‬ ‫‪1‬‬

‫المعدل و المتمم بالقانون ‪ 05/07‬المؤرخ في ‪ 1975/05/ 13‬المتضمن القانون المدني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أوالً‪ :‬العقود المسماة‪.‬‬

‫تسمى كذلك ألن المشرع سماها باسم خاص‪ ،‬وأفرد لها تنظيماً خاصاً إضافة إلى القواعد العامة‬
‫المطبقة على العقود بوجه عام‪ .‬و ذلك لكثرة تداولها و استقرار قواعدها ‪ ،‬و ذلك بغية تسهيل مهمة األفراد‬
‫في التعاقد باالتفاق فقط على المسائل الجوهرية تاركين التفاصيل للتنظيم‪ ،‬و ذلك دون يصادر إرادتهم‬
‫بحيث تكون األحكام في معظم الحاالت في صورة قواعد مكملة ال تنطبق إذا اتفق المتعاقدان على‬
‫استبعادها‪ .1‬و كذا تسهيل مهمة القاضي من خالل ضبط طريقة تطبيق القواعد العامة بنص خاص‪ ،‬مما‬
‫أدى إلى تفوق األحكام الخاصة على النظرية العامة للعقد‪.‬‬

‫و قد يهدف المشرع من خالل تنظيم خاص الخروج في شأن عقد من العقود عن المبادئ العامة و دون‬
‫مراعاة لما هو وارد فيها‪ ،‬و هذا لغاية تتفق مع السياسة التشريعية‪ ،‬وهو ما نجده في بيع ملك الغير و بيع‬
‫الحقوق المتنازع فيها‪.‬‬

‫و قد نظم المشرع الجزائري العقود المسماة في القانون المدني بطريقة أخذ فيها بعين اإلعتبار محل العقد‬
‫و ذلك ضمن ‪ 5‬مجموعات‪:‬‬

‫‪-1‬العقود التي تقع على الملكية في الباب السابع من المواد ‪ 351‬الى ‪ :466‬و هي البيع‪،‬المقايضة ‪،‬‬
‫الشركة‪ ،‬القرض و الصلح‪.‬‬
‫‪ -2‬العقود المتعلقة باالنتفاع في الباب الثامن من المواد ‪ 467‬إلى ‪ 548‬و هي االيجار‪ ،‬العارية‪.‬‬
‫‪-3‬العقود الواردة على العمل في الباب التاسع من المواد‪ 549‬الى ‪ 611‬و هي عقد المقاولة‪ ،‬عقد‬
‫التسيير‪ ،‬الوكالة‪ ،‬الوديعة‪ ،‬الحراسة‪.‬‬
‫‪-4‬عقود الغرر في الباب العاشر من المواد ‪ 612‬إلى ‪ 625‬و هي القمار و الرهان المرتب مدى الحياة‪،‬‬
‫عقد التأمين‪.‬‬
‫‪-5‬عقد الكفالة الذي أفرد له المشرع الباب الحادي عشر لما يتميز به عن سائر العقود كونه عقد تأمين‬
‫شخصي من ‪ 644‬إلى ‪.673‬‬

‫‪- 1‬و قد تكون هذه القواعد آمرة ال يجوز اإلتفاق على مخالفتها‪ ،‬كالقيد المنصب على الشراء لتوافر صفة الحظر الواردة في‬
‫المادة ‪ 402‬و التي تعتبر باطال بطالنا مطلقا شراء الحقوق المتنازع عليها من قبل عمال القضاء و المحامين إذا كان‬
‫الحق يدخل في دائرة اختصاص الجهة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها‪.‬كما أن ظهور تصنيفات فرعية ألصناف كبرى‬
‫للعقود‪ ،‬مثل عقد النقل المتفرع إلى نقل بحري‪ ،‬بري‪ ،‬جوي‪،‬نقل لألشخاص‪ ،‬و نقل للبضائع‪ ،‬أدى إلى إضفاء الطابع اآلمر‬
‫على بعض أحكامها و منح الطرف الضعيف منها حقوقا غير قابلة للتنازل‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إال أن القصد من تنظيم هذه العقود ليس عدم اإلعتراف بغيرها‪.‬إذ تبقى حرية األفراد في التعاقد ‪-‬تطبيقا‬
‫لمبدإ سلطان اإلرادة في حدود النظام العام و اآلداب العامة‪ -‬فكرة أساسية في القانون المدني‪ .‬حيث تكون‬
‫اإلرادة قادرة على خلق أنواع غير معروفة من العقود‪ ،‬دون أن يكون لذلك حدود‪ .‬و من ثم يستحيل على‬
‫المشرع أن يستعرض جميع صور العقود‪ ،‬لذا هناك دائما طائفة من العقود غير مسماة‪ ،‬تكون خارج إطار‬
‫التنظيم التشريعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقود غير المسماة‪.‬‬

‫إن مدلول العقد غير المسمى في القانون الحديث يختلف عما كان في القانون الروماني‪ .‬و الذي‬
‫كان يقصد به ذلك العقد الذي ال ينعقد إال إذا قام أحد طرفيه بالتنفيذ‪ ،‬فهي عقود ال تحميها دعوى‪،‬‬
‫فاإلتفاق لم يكن مرادفا للعقد‪ .‬وقد ظهرت كاستثناء عن مبدأ الشكلية في العقود ‪ ،‬إذ كانت القاعدة في‬
‫القانون الروماني‪ ،‬أن مجرد توافق اإلرادتين ال ينتج أي إلتزام إال إذا أفرغ في الشكل المقرر‪ .‬أما في‬
‫القانون الحالي فالعقود غير المسماة‪ ،‬هي تلك لم يخصها المشرع بتنظيم خاص لعدم أهميتها مقارنة‬
‫بالعقود المسماة‪ ،‬حتى ولو كان لها اسم دارج بين الناس ‪ ،‬تاركاً األمر بشأنها للقواعد العامة في نظرية‬
‫تعين القياس على العقود المسماة و إال تم الرجوع إلى المصادر األخرى‬
‫العقد فإذا لم يجد فيها حكماً ّ‬
‫للقانون‪.‬‬

‫و كلما تعاظم شأن عقد من العقود‪-‬و التي تكون في غالبيتها عقودا مركبة‪ -‬تدخل المشرع ليتناوله‬
‫بالتنظيم‪.‬فنجد المشرع الجزائري قد جاء ببعض النصوص التشريعية المنظمة لمثل هذه العقود في قوانين‬
‫خاصة مثالً ‪ :‬عقد الفندقة هو عقد مركب من عدة عقود (إيجار ‪،‬وديعة‪،‬عمل) كان من العقود غير‬
‫المسماة و لما كثر التعامل به‪ ،‬تدخل المشرع الجزائري‪ ،‬و صدر القانون ‪ 01-99‬المؤرخ في ‪6‬‬
‫يناير‪ 1999‬يحدد القواعد المتعلقة بالفندقة‪ ،1‬الذي تضمن انعقاد العقد و ّبين حقوق و التزامات الفندقي و‬
‫الزبون‪.‬كذلك األمر بالنسبة لعقد السياحة و السفر و هو أيضاً من العقود المركبة إذ يعتبر مزيجاً من‬
‫العقود الخاصة‪،‬تبرمها وكاالت السياحة و السفر من أجل تنفيذ الرحلة‪،‬فعندما تقوم بحجز تذاكر السفر و‬
‫أماكن اإلقامة تبرم عقد وكالة و تبرم عقد نقل عندما تستعمل وسائل نقل مملوكة لها أو تقوم باستئجارها‬

‫‪-‬ج‪.‬ر عدد‪ 2‬لـ‪.1999/01/10‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬
‫‪،‬و تبرم عقد مقاولة عندما تقوم بتنظيم رحالت شاملة فتقدم مختلف الخدمات السياحية للعميل‪ ،‬و قد تدخل‬
‫المشرع بموجب القانون ‪ 06-99‬المؤرخ في ‪1999/04/04‬يحدد القواعد التي تحكم نشاط وكاالت‬
‫السياحة و السفر‪ 1‬ونظمه‪ .‬األمر ذاته بالنسبة لعقد البيع اإليجاري و عقد البيع على التصاميم‪ ،‬كما سيتم‬
‫تبيانه الحقا‪.‬‬

‫و تبرز أهمية تقسيم العقود إلى مسماة وغير مسماة بشكل خاص في مجال تحديد األحكام التي تسري‬
‫على العقود المسماة ‪ ،‬فقاعدة الخاص يقيد العام تقتضي أن يطبق على العقود المسماة النصوص الخاصة‬
‫التي وافردها لها المشرع ‪ ،‬فإذا لم يكن هناك أحكام خاصة تنظم المسألة المعروضة ‪ ،‬وجب عندئذ تطبيق‬
‫القواعد القانونية المتعلقة بأحكام النظرية العامة للعقد‪ .‬أما العقود غير المسماة فيطبق عليها نوع واحد من‬
‫القواعد القانونية المتمثلة بالقواعد العامة لنظرية العقد والتي تسري على جميع العقود المسماة وغير‬
‫المسماة‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬التكييف القانوني للعقود‪.‬‬

‫إن الطريقة التي يحدد بها القاضي في حالة عرض نزاع عليه بشأن عقد ما فيما إذا كان العقد مسمى‬
‫أو غير مسمى فإنه يحدد ذلك عن طريق التكييف‪ .‬و هو إضفاء وصف قانوني للعقد من قبل القاضي‬
‫للتعرف على القواعد القانونية التي يخضع لها ‪ ،‬فيكون وصفا سليما يتفق مع ماهية العقد ومع النتيجة‬
‫التي ارتضاها المتعاقدان كأثر له‪،‬دون أن يتقيد بتكييف المتعاقدين‪ ،‬إذ ال عبرة لأللفاظ التي يستخدمها‬
‫المتعاقدان إذا اتضح أنهما اتفقا على عقد غير العقد الذي أطلقا عليه اسما ال ينسجم مع ماهيته‪ .‬لذا فإن‬
‫القاضي ال يمكنه تكييف العقد قبل تفسيره للتعرف على اإلرادة المشتركة للمتعاقدين من أجل القيام‬
‫بمطابقة هذه المقاصد على النظام القانوني للعقود المعروفة‪ .‬وبذلك يكون التكييف عمال قانونيا‬
‫اجتهاديا‪،‬لتطبيق القانون على الواقع‪ ،‬تتولى المحكمة القيام به من تلقاء نفسها‪ ،‬و هو مسألة قانونية‬
‫تخضع لرقابة المحكمة العليا‪.‬‬

‫‪-‬ج‪.‬ر عدد ‪ 24‬لـ‪.1999/04/07‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫الباب األول‪ :‬العقود الناقلة للملكية‪:‬عقد البيع‬

‫يعد عقد البيع من أهم العقود‪ ،‬بحيث يتصدر الئحة العقود المسماة عموما و العقود الناقلة للملكية‬
‫على وجه الخصوص‪ ،‬باعتبار األداة الرئيسية لتبادل األموال بين األفراد‪ .‬لذلك كان للبيع على وجه‬
‫الخصوص مكانة رئيسية في القانون المدني‪،‬و قانون حماية المستهلك إذ أفردت له غالبية التشريعات‬
‫أحكاما خاصة تتالءم مع أهميته‪،‬بهدف إقامة التوازن بين األطراف‪.‬من خالل تطبيق القواعد العامة على‬
‫هذا العقد ‪ ،‬و سن قواعد خاصة تتناسب مع األوضاع القانونية اللصيقة بعقد البيع‪.‬‬

‫والبيع هو موضوع الفصل األول من الباب السابع من القانون المدني المعنون ب"العقود المتعلقة‬
‫بالملكية"‪ ،‬فخصص القسم األول لألحكام العامة لعقد البيع‪،‬و خصص القسم الثاني لبعض أنواع البيوع و‬
‫هي‪ :‬بيع ملك الغير‪،‬بيع الحقوق المتنازع فيها‪،‬بيع الشركة‪،‬البيع في مرض الموت و بيع النائب لنفسه ‪.‬لذا‬
‫سيتم من خالل دراسة هذا العقد التطرق إلى أركان البيع في فصل أول‪ ،‬ثم ما يترتب عليه من آثار في‬
‫فصل ثاني‪.‬إال أنه و قبل التطرق إلى تنظيم عقد البيع‪ ،‬وجب الوقوف على ماهيته من أجل تحديد‬
‫مفهومه‪ ،‬خصائصه و مايميزه عن العقود التي قد تتداخل معه نتيجة التشابه القائم‪ .‬ضمن فصل تمهيدي‪.‬‬

‫الفصل التمهيدي‪:‬ماهية عقد البيع‬

‫البيع هو أول تصرف قانوني عرفه اإلنسان ‪ ،‬و لكن في صورة مقايضة‪،1‬و التي كانت الصفة األولى‬
‫و الوسيلة المعتادة للمبادلة قبل ظهور النقود‪.‬و بعدما أصبحت تنطوي على مشكلة صعوبة التوافق بين‬
‫الرغبات المتقابلة‪ ،‬لم تعد وسيلة عادلة‪ .‬مما دفع المجتمعات إلى اللجوء إلى سلع قياسية مثل الحبوب و‬
‫الملح ‪ ،‬كي تكون مقياسا للقيمة‪ .‬و مع حاجة الناس للتنقل السلع‪ ،‬ظهرت صعوبات في التعامل بهذه‬
‫السلع‪ ،‬فهي تتطلب نفقات للتخزين و تكون عرضة للتلف و السرقة‪.‬لذا حلت محلها المعادن النفيسة من‬

‫‪- 1‬الزال عقد المقايضة قائما في الوقت الحاضر‪ ،‬و على درجة من األهمية على المستوى الدولي"استبدال ثروات باطنية‬
‫بمواد غذائية"‪ ،‬و لكل من المقايضة و البيع خصائص تميزه‪ .‬إال أن وحدة األثر اإلقتصادي جعل المشرع الجزائري‪-‬على‬
‫غرار تشريعات أ خرى‪ -‬ينص على سريان أحكام البيع على المقايضة بالقدر الذي تسمح به طبيعة المقايضة‪ ،‬مثل اإللتزام‬
‫بالتسليم‪ ،‬و اإللتزام بالضمان‪ .‬المادة ‪ 415‬قا‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ذهب و فضة و نحاس ‪ ،‬إلى أن ظهرت النقود في مرحلة أخرى و أصبحت مقياسا مستعمال في‬
‫المبادالت في صورة بيع و شراء‪ .‬و بغية اإلحاطة بمفهوم عقد البيع‪ ،‬وجب تعريفه‪ ،‬و بيان خصائصه‬
‫"المبحث األول" للوصول إلى مايميزه عن باقي العقود المشابهة له "المبحث الثاني"‪.‬‬

‫المبجث األول‪:‬تعريف عقد البيع و تحديد خصائصه‪.‬‬

‫يستدعي اإللمام بمفهوم عقد البيع التطرق إلى مختلف التعريفات التي وردت بشأن هذا العقد تبعا‬
‫للتطور الذي عرفه "المطلب األول"‪ ،‬انتهاء باستنباط الخصائص المميزة له وفق تعريفه في القانون المدني‬
‫الجزائري ‪ ،‬تفريدا له "المطلب الثاني"‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف عقد البيع‪.‬‬

‫إن طبيعة عقد البيع قد تطوت عبر العصور لذا فإنه للتعريف به ‪ ،‬البد من متابعة تطوره في القانون‬
‫الروماني‪ ،‬القانون الفرنسي القديم و الفقه اإلسالمي "فرع أول"‪ ،‬وصوال إلى القانون المدني الحالي "فرع‬
‫ثاني"‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬تطور عقد البيع‪.‬‬

‫لم يكن البيع أول ظهوره ينقل الملكية‪ .‬ففي المجتمع الروماني‪ ،‬كان البيع يسمى الشراء و البيع مراعاة‬
‫لتركيبه المزدوج‪ ،‬و يتم اختصاره في لفظ الشراء ال البيع‪ .‬و قد كان يتميز بكونه ال يصلح سببا الكتساب‬
‫الملكية‪ ،‬و ال يرتب حتى التزاما بنقلها‪.‬كل ماكان يقع على عاتق البائع التزام بنقل حيازة هادئة تمكن‬
‫المشتري من اإلنتفاع بالمبيع‪ ،‬و ال تنتقل الملكية إال بطرق أخرى مثل اإلشهاد‪ ،‬التنازل القضائي‪،‬‬
‫التسليم‪ .‬و إن كان يستطيع المشتري أن يشترط على البائع نقل ملكية المبيع‪ ،‬و عندها يكون عل البائع‬
‫أن ينقل الملكية للمشتري و ال يقتصر على الحيازة الهادئة‪.‬‬

‫أما في القانون الفرنسي القديم‪ ،‬فقد انتقل النظام السائد في القانون الروماني في هذا الصدد‪ ،‬إذ كان‬
‫التسليم أهم الوسائل المادية لنقل الملكية‪ .‬و في تطور آخر أصبح البيع طريقا غير مباشر لنقل الملكية‬
‫بعدما أصبح القبض أم ار صورا‪ ،‬إذ كان المتعاقدان يكتتبان في العقد أن القبض قد تم‪ ،‬و كانت الملكية‬

‫‪6‬‬
‫تنتقل بذكر حصول القبض في العقد‪ ،‬إلى أن أصبح ذكر حصول القبض هو اآلخر شرطا مألوفا في‬
‫العقد‪.‬‬

‫في حين نجد الفقه اإلسالمي سباقا في اعتبار البيع ناقال للملكية‪،‬حيث أن الحكم المباشر للعقد هو تبادل‬
‫الملكية في المبيع و الثمن‪ ،‬حتى قبل القبض‪ .‬و هو ما يتضح من خالل التعريفات الواردة بشأن العقد‬
‫أهمها ‪ :‬عقد البيع هو تمليك البائع ماال للمشتري بمال يكون ثمنا للمبيع‪ .‬كما أن التعريفات ال تفرق بين‬
‫البيع و المقايضة‪ ،‬فالبيع في الفقه اإلسالمي إما أن يكون بيع العين بالنقد ‪ ،‬و هو البيع المطلق ‪ .‬أو بيع‬
‫العين بالعين و هو المقايضة أو بيع النقد بالنقد و هو الصرف‪ ،‬أو بيع مال آجل بثمن عاجل و هو‬
‫السلم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف البيع في القانون الجزائري و القوانين المقارنة‪.‬‬

‫تعرف المادة ‪ 351‬من القانون المدني الجزائري البيع بأنه" عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل‬
‫للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي"‪.‬يتضح من خالل التعريف أن ا لمشرع‬
‫الجزائري أكد على خاصية المقابل النقدي على غرار القانون المدني المصري‪ ،1‬حيث عرفه هو اآلخر‬
‫في المادة ‪ 418‬كاآلتي‪ " :‬البيع عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر‬
‫في مقابل ثمن نقدي"‪ .‬كما أن تعريف العقد –سواء في القانون المدني الجزائري أو المصري‪ -‬يجعل البيع‬
‫ال يقتصر على نقل حق ملكية األشياء ‪ ،‬و إنما على كل حق مالي‪ .‬هذا األمر يجعل العنوان الذي يندرج‬
‫تحته عقد البيع في القانون الجزائري‪ ،‬العقود المتعلقة بالملكية" غير دقيق‪ .‬ذلك أن الملكية هي حق‬
‫التمتع و التصرف في األشياء‪.2‬‬

‫في حين يعرف التشريع المدني الفرنسي في المادة ‪ 1582‬البيع أنه" اتفاق يلتزم بموجبه أحد طرفيه‬
‫بتسليم شيئ و يلتزم الطرف اآلخر بدفع ثمنه‪3".‬فجدده بصفة عامة دون ذكر صفة البائع و المشتري ‪،‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 131‬لسنة ‪ 1948‬الصادر في ‪ 1948/07/29‬المتضمن القانون المدني المصري‪ ،‬و النافذ ابتداء من‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 15‬أكتوبر ‪.1949‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 674‬قا‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- l’article 1582 du Code civil , loi 1804-01-30 promulguée Le 9 février 1804 : « La vente est‬‬
‫‪une convention par laquelle l'un s'oblige à livrer une chose, et l'autre à la payer. Elle peut être‬‬
‫‪faite par acte authentique ou sous seing privé ».‬‬

‫‪7‬‬
‫كما جعل البيع يقتصر على حق الملكية‪ ،‬أي على األشياء ‪.‬لذلك يصعب القول في القانون الفرنسي بأن‬
‫البيع يشمل الخدمات‪ ،‬إذا أخذنا بالمفهوم اللفظي للقانون‪ .1‬و إن كان الفقيه ‪ SAVATIER‬لم يستبعد‬
‫فكرة بيع الخدمات‪ ،‬و اعتبر الخدمات مثل أي حق مالي يمكن أن يكون محال لعقد البيع‪.‬و بالتالي‬
‫يمكن بيع الرحالت السياحية‪ .‬و قد نص المشرع الفرنسي صراحة على إضفاء وصف البيع على الرحالت‬
‫السياحية‪.2‬ضف إلى ذلك أن المادة ‪ 1582‬أكدت على التزام البائع بالتسليم‪ ،‬و المراد من ذلك جعل البيع‬
‫ناقال للملكية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص عقد البيع‬

‫يتضح من تعريف البيع أن للعقد خصائص ‪ ،‬هي بمثابة عناصر جوهرية يتولى القاضي‬
‫تحديدها‪،‬إلضفاء وصف البيع على المعاملة‪،‬فمنها ما ينفرد به البيع و يميزة عن غيره من العقود و‬
‫التصرفات ‪ ،‬و هو ما سنبينه في الفرعين التاليين‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬عقد معاوضة ملزم لجانبين محدد القيمة‬

‫أوالً‪ :‬البيع ملزم لجانبين‪ :‬أي أنه يرتب التزامات متقابلة في ذمة طرفيه( البائع و المشتري)‪ ،‬تجعله عقدا‬
‫تبادليا‪ .‬و طرفاه دائن و مدين في الوقت نفسه‪ ،‬فالبائع يلتزم بنقل ملكية شيء أو حق مالي آخر‪ ،‬و‬
‫المشتري يلتزم بدفع الثمن‪3‬؛ فمفهوم الترابط بين االلتزامات المتقابلة في االصطالح القانوني ‪ ،‬يجعل تنفيذ‬

‫‪ -‬في حين أن اإلشكال غير مطروح في القانون المدني الجزائري ‪ ،‬فنص المادة ‪ 351‬صريح في اعتبار محل عقد البيع‬ ‫‪1‬‬

‫أي حق مالي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- le code du tourisme français ,*Article L211-1,Modifié par Ordonnance n°2016-131 du 10‬‬
‫‪février 2016 portant réforme du droit des contrats, du régime général et de la preuve des‬‬
‫‪obligations, art. 6 : « -Le présent chapitre s'applique aux personnes physiques ou morales qui‬‬
‫‪se livrent ou apportent leur concours, quelles que soient les modalités de leur rémunération,‬‬
‫‪aux opérations consistant en l'organisation ou la vente : a) De voyages ou de séjours‬‬
‫» … ‪individuels ou collectifs‬‬

‫‪ -‬طبقا للمادة ‪ 160‬من القانون المدني الجزائري‪":‬المدين ملزم بتنفيذ ما تعهد به"‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫التزام أحد الطرفين مرتبطا بتنفيذ التزام االخر‪ ،‬مما يمكن البائع أو المشتري من اإلمتناع عن التنفيذ بسبب‬
‫‪2‬‬
‫عدم تنفيذ الطرف اآلخر اللتزامه‪ .1‬كما يجوز له التمسك بفسخ العقد‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أن عقد البيع هو عقد معاوضة حيث أن البائع يحصل على مقابل لما ينقله إلى المشتري‪،‬و‬
‫المشتري يحصل على مقابل لما يدفعه من ثمن للبائع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬البيع عقد محدد القيمة ‪،‬حيث يعلم كل طرف مقدار العوض الذي يحصل عليه كمقابل لما أعطاه‪.‬‬
‫إال أنه قد يكون احتماليا‪ ،‬إذا اتخذ الثمن شكل إيراد مرتب مدى الحياة طبقا للمادة ‪ 613‬من القانون‬
‫المدني الجزائري‪،‬على أساس ارتباط مقدار الثمن بمدة حياة البائع‪.‬و حينئذ‪-‬أي متى كان احتماليا‪-‬ال‬
‫تطبق أحكام الغبن تطبيقا لقاعدة الغرر يطرد الغبن‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬عقد رضائي ناقل للملكية محله الحقوق المالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬هو عقد رضائي إذ يكفي النعقاده تطابق إرادة البائع مع إرادة المشتري دون اشتراط إفراغه في شكل‬
‫معين إذا تعلق األمر بالمنقوالت‪،‬أما بالنسبة للعقارات فقد اشترط المشرع الجزائري كتابة عقد بيع العقارات‬
‫و توثيقه و إال كان باطالً بطالناً مطلق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬هو عقد يرد على األشياء و على الحقوق المالية األخرى‪ ،‬فال يقتصر على حق الملكية و إنما يرد‬

‫كذلك على سائر الحقوق المالية العينية‪،‬الشخصية و الذهنية‪ ،‬و من ثم يصح أن يكون محله حقاً شخصياً‬
‫كما في حوالة الحق التي تعتبر بيعاً كلما توافرت فيها بقية مقوماته‪،‬و قد يكون محله بالحقوق الذهنية‬
‫كالملكية الصناعية و األدبية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬البيع ناقل للملكية ‪ ،‬فينقل السلطات المحولة للمال قانونا بصفة نهائية‪ .‬فإن تضمن العقد التزاما‬
‫تعهد بموجبه المشتري برد المبيع‪،‬إذا استرد الثمن‪ ،‬انتفى هذه الخاصية‪.‬و هو ما يسمى ببيع الوفاء‪.‬و هو‬
‫بيع باطل ال يحمل مقومات العقد بموجب المادة ‪ 396‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬

‫و يعد البيع ناقال للملكية من البائع إلى المشتري بصورة آلية و تلقائية‪ ،‬في حالة ما إذا كان محله منقوالً‬
‫معيناً بالذات‪،1‬أما إذا كان شيء معين بالنوع فإن دور عقد البيع يقتصر على إنشاء التزام في ذمة البائع‬

‫‪-‬المادة ‪ 123‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬المادة ‪ 119‬من القانون المدني الجزائري‬ ‫‪2‬‬

‫‪9‬‬
‫بنقل الملكية‪ .‬أما الملكية فتترتب على عمل مادي و هو اإلفراز‪،‬كذلك األمر إذا كان محل العقد عقا اًر أو‬
‫إحدى الحقوق العينية األصلية الواردة على العقار فإن العقد ال ينقل الملكية و إنما تنتقل بموجب الشهر‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬تمييز عقد البيع عن العقود المشابهة له‪.‬‬

‫قد يؤدي إبرام األفراد لما شاءوا من العقود ضمن حدود النظام العام و اآلداب العامة إلى ظهور عقود‬
‫تشترك مع البيع في بعض الخصائص‪ ،‬خاصة و أن القاعدة في العقود هو األخذ بما اتجهت إليه ّنية‬
‫األفراد في تحديد نوع العقد و ليس باأللفاظ(العبرة في العقود بالمقاصد و المعاني ال باأللفاظ و المباني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬البيع و العمليات القانونية التي تتضمن نقل الملكية‪.‬‬

‫يعد العوض و طبيعته النقدية معيا ار للتمييز بين البيع و غيره من التصرفات الناقلة للملكية سواء بصورة‬
‫نهائية أو بغرض االنتفاع مدة معينة مع االلتزام بالرد‪ .‬و هو ما سنبينه تبعا في الفروع التالية‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬البيع و الهبة‪.‬‬

‫الهبة هي عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في ماله دون عوض ‪،‬أي أن الهبة تقوم على نية التبرع أما البيع‬
‫فيلزم توافر المقابل النقدي ‪،‬لذا قد يقوم التشابه بين البيع و الهبة إذا كانت الهبة تتضمن إلزام الموهوب له‬
‫بتكليف يتمثل في دفع مبلغ من النقود للمتبرع أو لشخص غير المتبرع‪،‬هنا العبرة بقصد المتعاقد ناقل‬
‫الملكية‪ :‬فإذا كان يقصد التبرع كان عقد هبة‪،‬أما إذا كان قصده هو المبادلة كان العقد بيعاًإذا كان التكليف‬

‫قيمة نقدية تعادل حق الملكية الذي ينقله الواهب للموهوب له‪ ،‬و القضاء الفرنسي يتجه إلى اعتباره بيعاً‬
‫في حقيقته خاص ًة إذا كان التكليف لمصلحة الواهب‪ ،‬و تبقى نية التبرع من المسائل الواقعية التي يستقل‬
‫قاضي الموضوع بتقديرها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬البيع و الوصية‪.‬‬

‫الوصية هي تصرف بإرادة منفردة مضاف إلى ما بعد الموت و هي من أعمال التبرع بينما البيع يكون‬
‫بمقابل مادي و يرتب أثره العيني‪ -‬انتقال الملكية‪-‬في الحياة‪ ،‬فإذا قام األفراد بصياغة وصيتهم في صورة‬

‫‪-‬بالنسبة لبيع السيارات فإن العقد يخضع للتصريح بالبيع أمام مصالح البلدية كإجراء لنقل الملكية و اإلحتجاج بالبيع‬ ‫‪1‬‬

‫في مواجهة الغير‪،‬طبقا للمادة ‪ 52‬من القانون ‪ 14/01‬المؤرخ في ‪ 19‬أوت ‪ 2001‬يتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق‬
‫و سالمتها و أمنها ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫عقد بيع قام القاضي بالتعرف على حقيقة قصدهما إذا ما كان بيعاً أو وصية معتمداً في ذلك على عدة‬
‫قرائن‪ ،‬مثالً ‪ :‬بقاء المبيع في حوزة البائع و انتفاعه به‪،‬التنازل عن الثمن‪،‬صدور تصرف في مرض‬
‫الموت‪ ،‬اتفاق البائع و المشتري على أن تعود الملكية للبائع إذا توفي المشتري قبله‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬المقايضة و البيع‪.‬‬

‫كل من البيع و المقايضة هي عملية مبادلة‪،‬غير أن البيع هو مبادلة حق ملكية بمقابل مادي‪،‬أما‬
‫المقايضة فهي مبادلة حق ملكية بحق ملكية آخر‪،‬أي أن العبرة في المقابل بالطبيعة و لو تمكنا من معرفة‬
‫سعر المقابل وقت عرضه في األسواق‪،‬مثالً ‪ :‬نقل ملكية منزل مقابل سبائك ذهبية هو مقايضة‪ ،‬فإذا كان‬
‫المقابل جزءاً منه نقود و الجزء اآلخر حق ملكية هنا العبرة بالجزء الغالب إذا كانت نقوداً كان بيعاً‪،‬أما إذا‬
‫كان حق الملكية هو الغالب كان عقد مقايضة‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬البيع و القرض‪.‬‬

‫يعتبر كل من البيع و القرض من العقود الواردة على الملكية مع الفارق المتمثل في أن نقل الملكية إلى‬
‫المشتري في عقد البيع يكون بصفة نهائية‪ ،‬بينما القرض هو تمكين المقترض من اإلنتفاع بمحل القرض‬
‫مدة معينة‪ ،‬فالمقترض ليس مالكاً بصفة دائمة و إنما عليه التزام برد الشيء المقترض‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪:‬البيع و الوفاء بمقابل‪.‬‬

‫الوفاء بمقابل هو إحدى طرق انقضاء الدين و ذلك بتقديم مقابل يعوض على الشيء المستحق للدائن‪،‬‬
‫طبقا للمادة ‪ 285‬من القانون المدني‪ ،‬و هنا وجب تطبيق أحكام عقد البيع طبقاً للمادة ‪ 286‬من القانون‬
‫المدني‪،‬و مع ذلك يختلف البيع عن الوفاء بمقابل في أن البيع قائم بذاته في حين أن الوفاء بمقابل‬
‫يفترض وجود التزام في ذمة المدين ناقل الملكية‪ ،‬و يكون المقابل انقضاء الدين‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‪:‬أركان عقد البيع‬

‫لعقد البيع ثالثة أركان طبقاً للقواعد العامة و هي‪ :‬الرضا‪،‬و المحل و السبب ‪،‬فإذا انعدم ركن من هذه‬
‫األركان كان البيع باطالً بطالناً مطلقاً‪ ،‬و إذا كان البيع وارداً على عقار أو حقوق عقارية أضيف إلى هذه‬
‫األركان ركن الشكل الرسمي‪ ،‬لذلك فإن عدم إتباع الشكل الواجب يرتب أيضاً البطالن المطلق‪.‬‬

‫وقد وضع المشرع الجزائري قواعد خاصة تنظم أركان البيع الدراسة تكملة للقواعد العامة أو خروجاً عليها‪،‬‬
‫باستثناء ركن السبب الذي لم يرد بشأنه حكم خاص‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الرضائية في عقد البيع‪.‬‬

‫ال يعتبر العقد تاماً و الزماً إال إذا تالقت إرادتي البائع و المشتري ‪،‬أي تالقي اإليجاب و القبول‪ ،‬و‬
‫اإليجاب هو التعبير البات عن اإلرادة المقترن بقصد االرتباط الذي ينصب عليه إذا لحقه قبول مطابق‬
‫له‪ ،‬و هناك ما يسمى باإليجاب الموجه للجمهور و يكون عن طريق اإلعالن في الصحف أو عرض‬
‫البضائع في المتاجر إال أنه يشترط لكي يعتبر إيجاباً في عقد البيع ‪:‬‬

‫‪-1‬أن يتضمن بياناً مفصالً عن السلعة بما في ذلك الثمن و إال اعتبر دعوة إلى التعاقد ‪،‬و هي ليست‬
‫ملزمة لمن وجهها فيجوز له أن يرفض إتمام هذه الدعوة‪.‬‬

‫‪-2‬هذا اإليجاب يبقى مرهوناً بتوافر السلع المعلن عنها فإذا نفذت السلعة و طلب أحد األفراد بعد ذلك هذه‬
‫السلعة اعتبر نفاذها سقوطاً لإليجاب‪.‬‬

‫‪-3‬أن يبقى اإليجاب قائماً ‪،‬فإذا صدر قبول من شخص لشراء أي سلعة بعد سقوط اإليجاب‪ ،‬فال التزام‬
‫على الموجب ‪،‬‬

‫أما القبول فهو تعبير عن إرادة من وجه إليه اإليجاب بالموافقة عليه فينعقد العقد‪،‬شرط أن يكون مطابقاً‬
‫لإليجاب و قبل سقوطه و إال اعتبر إيجاباً جديداً‪.‬‬

‫في إطار عقد البيع ينصب التراضي على مسائل معينة حتى ينعقد البيع صحيحاو تبقى األمور‬
‫التفصيلية خاضعة للقواعد المنظمة لعقد البيع في حالة عدم االتفاق على خالفها‪.‬و هو ما يثير مسألة‬
‫‪12‬‬
‫تفسيره و إثباته‪(.‬المطلب األول)‪ .‬كما أن للرضا في عقد البيع صو ار مختلفة ‪:‬يبين فيها المشرع زمن‬
‫تحقق الركن و انعقاد البيع تبعا لذلك ( المطلب الثاني)‪.‬و تعزي از لسالمة الرضا أقر المشرع في إطار‬
‫األحكام الخاصة بالبيع شرط علم المشتري بالمبيع علما كافيا كشرط للصحة‪ .‬ضف إلى ذلك أن‬
‫مقتضيات حماية مصالح الطرف اآلخر أو الغير قد تقيد حرية الشخص في التعاقد (المطلب الثالث) ‪.‬و‬
‫يبقى البيع رضائيا مادام المبيع منقوال‪ ،‬فإن كان المحل عقا ار أو حقا عقاريا ‪ ،‬استوجب القانون إفراغ البيع‬
‫في قالب شكلي رسمي(المطلب الرابع)‬

‫المطلب األول‪:‬موضوع التراضي‪ ،‬إثباته و تفسيره‪.‬‬

‫تعد ماهية العقد و محله‪ ،‬مسائل جوهرية يجب توافق اإلرادتين عليها لتحقق ركن الرضا في البيع و‬
‫انعقاد البيع دون الحاجة إلفراغه في شكل عرفي أو رسمي – في األصل‪ (-‬الفرع األول) كما قد يتم‬
‫التراضي بواسطة رسالة بيانات إلكترونية فيكون البيع إلكترونيا‪ (.‬الفرع الثاني)‪.‬وقد يثير العقد الذي ال يتم‬
‫في محرر كتابي صعوبات لتفسيره و إثباته (الفرع الثاني)‬

‫الفرع األول‪ :‬موضوعات التراضي‪.‬‬

‫يجب أن ينصب التراضي في عقد البيع على‪:‬‬

‫أوال‪ -‬طبيعة العقد‪ :‬إذ يجب أن تتجه إرادة البائع إلى البيع و إرادة المشتري إلى الشراء‪ ،‬و بالتالي ال يكون‬
‫هناك توافق على ماهية العقد إذا اتجهت إرادة أحد المتعاقدين إلى البيع و اتجهت إرادة المتعاقد اآلخر‬
‫إلى عقد آخر بأن يقصد الرهن مثالً‪ ،‬فإن اإليجاب و القبول لم يتطابقا ال على الرهن و ال على البيع‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬االتفاق على المبيع‪ :‬و يعد ذلك من المسائل الجوهرية‪ ،‬مثالً ‪:‬إذا طلب شخص من دار للنشر أن‬
‫تبيعه كتاباً معيناً و تقبل أن تبيعه كتاباً آخر فإن العقد ال ينعقد ال على الكتاب المطلوب و ال على‬
‫الكتاب الذي قبلت الدار ببيعه‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬االتفاق على الثمن‪ :‬إذ ال ينعقد العقد إذا عرض أحد المتعاقدين البيع بثمن معين و قبل اآلخر‬
‫الشراء بثمن آخر‪،‬لكن إذا كان الفرض عكسياً بأن يعرض البائع البيع بثمن معين و يقبل المشتري الشراء‬
‫بثمن أعلى انعقد العقد على الثمن األقل باعتبار أن المشتري الذي قبل الشراء بالثمن األعلى قد تضمنت‬

‫‪13‬‬
‫إرادته الشراء بالثمن األقل‪ ،‬فإذا كان طالب الشراء هو البادئ فعرض الشراء بثمن أعلى مما رضي به‬
‫البائع كانت إجابة البائع إيجاباً جديداً ال يحتاج إلى قبول ألنه في مصلحة المشتري‪.‬‬

‫و ما دام المتبايعان اتفقا على البيع و المبيع و الثمن‪،‬فقد تم البيع حتى و إن سكتا عن تحديد األمور‬
‫التفصيلية (مكان التسليم ‪ ،‬زمان التسليم و على عاتق من تقع المصاريف‪،)...‬و عدم االتفاق على هذه‬
‫األمور يدل على انصراف إرادة المتعاقدين إلى تطبيق القواعد المكملة التي نص عليها القانون في عقد‬
‫البيع مما يجعل العقد تاماً‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬التراضي في عقد البيع االلكتروني‪.‬‬

‫البيع االلكتروني هو العقد الذي يتم إبرامه بين طرفين بوسيلة اتصال عن بعد و يتم تنفيذه مادياً أو بوسيلة‬
‫اتصال عن بعد أيضاً‪ ،‬حيث يتم التعبير عن اإلرادة بالخطابات االلكترونية عن طريق رسالة البيانات التي‬
‫يتم إنشاؤها أو إرسالها أو استالمها بوسائل الكترونية أو ضوئية‪،‬كالفاكس‪،‬التلكس‪،‬الهاتف‪...‬الخ‪.‬‬

‫حيث يعتبر التعاقد في الهاتف بين حاضرين من حيث الزمان نظ اًر لوجود مجلس عقد حكمي و تعاقد‬
‫بين غائبين من حيث المكان‪،‬فإذا تم االتصال بين المتعاقدين بإرسال رسالة قصيرة (‪ ،)sms‬فإنه تمر فترة‬
‫زمنية بين إرسال الرسالة و الرد عليها لذلك فهو تعاقداً بين غائبين‪.‬‬

‫أو عن طريق التلفاز و فيه يقوم مقدم البرنامج بعرض السلعة التي يريد بيعها مع تحديد كامل أوصاف‬
‫المبيع و سعره و أرقام الهاتف‪،‬ليتصل المشاهد الذي يرغب في الشراء فتصله السلعة إلى مكان إقامته و‬
‫يتم الوفاء بعدة طرق‪ :‬الشيك‪،‬بطاقة الدفع‪...‬إلخ‪.‬‬

‫قد يتم التعاقد أيضا عن طريق االنترنت إذ يمكن أن يتم البيع عن طريق المراسلة من خالل البريد‬
‫االلكتروني‪،‬و يكون التعاقد فيها غير مرئي( أي تعاقد بين غائبين)‪ ،‬كما يمكن أن يكون البيع عبر مواقع‬
‫الشبكة حيث تعرض الشركات التجارية موقعاً على االنترنت لبيع السلع و الخدمات‪ ،‬فتكون لغة العرض‬
‫مثالً تفيد أن الشركة تريد منه أن يكون إيجاباً ينعقد العقد بقبوله من المتعاقد اآلخر‪،‬فإذا اختار المتعاقد‬
‫السلعة ظهر له عقد نموذجي فيضغط على زر الموافقة لينعقد العقد لحظياً‪ ،‬كما يكون التعاقد عبر غرف‬
‫المحادثات فيجتمع المتحادثان في نفس الوقت إلجراء محادثات فورية دون فاصل زمني و قد تكون‬
‫المحادثات مزودة بكامي ار فيتالشى البعد الجغرافي فنكون أمام مجلس عقد حقيقي زماناً و مكاناً‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬تفسير عقد البيع و إثباته‪:‬‬

‫نص المشرع الجزائري على بعض القواعد العامة التي يخضع لها تفسيرعقد البيع‪،‬فإذا كانت عبارات‬
‫العقد واضحة ال يجوز للقاضي االنحراف عنها عن طريق تفسيرها‪،‬أما إذا كانت عبارات العقد غير‬
‫واضحة وجب على القاضي البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عن المعنى الحرفي‬
‫لأللفاظ‪،‬و يمكن للقاضي في سبيل الكشف عن النية المشتركة أن يستهدي بطبيعة التعامل و بما ينبغي‬
‫أن يتوافر من أمانة و ثقة بين البائع و المشتري وفقاً للعرف الجاري‪،‬و إذا وجد هناك شك وجب تفسيره‬
‫لمصلحة المدين‪:‬المادتان ‪ 111‬و‪ 112‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬

‫أما إثبات البيع فيتم طبقاً للقواعد العامة لإلثبات المنصوص عليها في المادة ‪ 333‬من القانون المدني‪،‬‬
‫أي ال يجوز إثبات البيع إذا كان الثمن يزيد عن مئة ألف دينار جزائري (‪100.000‬د ج) إال بالكتابة‪،‬أما‬
‫إذا كانت أقل من ذلك فيجوز إثباته بالبينة أو القرائن‪ ،‬كل ذلك ما لم يتفق المتعاقدان بأن يكون اإلثبات‬
‫بالكتابة مهما بلغت قيمة المبيع أو كان العقد رسمياً (أي بيع العقار أو الحقوق العينية)‪.‬‬

‫و قد نص المشرع الجزائري بموجب تعديل القانون المدني ‪ 10-05‬على اإلثبات بالكتابة في الشكل‬
‫االلكتروني و ذلك ضمن المادتين ‪ 323‬مكرر و ‪ 323‬مكرر‪ 1‬معتب ار اإلثبات بالكتابة في الشكل‬
‫اإللكتروني كاإلثبات بالكتابة على الورق‪،1‬و اشترط في الكتابة االلكترونية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أن تكون ذات داللة تعبيرية واضحة و مفهومة‪.‬‬

‫‪-‬و قد اعتمدت اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات اإللكترونية في العقود الدولية لـ‪ ،2005/11/21‬مبدأ‬ ‫‪1‬‬

‫عدم التمييز بين العقود الورقية و العقود اإللكترونية‪ ،‬و عدم إنكار صحة الخطاب من الناحية القانونية لمجرد كونه في‬
‫شكل إلكتروني‪".‬المادة‪."8‬متاح على العنوان اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://uncitral.un.org/sites/uncitral.un.org/files/media-documents/uncitral/ar/06-57450_ebook.pdf‬‬

‫‪15‬‬
‫ثانياً‪ :‬التوقيع االلكتروني‪ 1‬الذي قد يكون توقيع مشفر (المفتاح)‪ ،‬و هو ما يوضع على محرر الكتروني و‬
‫يتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز و يكون له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص صاحب التوقيع و يميزه‬
‫عن غيره ‪،‬و هناك التوقيع االلكتروني (البيومتري) الذي يتم بواسطة القلم االلكتروني ‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬إمكانية الحفظ و االسترجاع أي االحتفاظ برسالة البيانات بالشكل الذي أنشئت أو أرسلت أو‬
‫استلمت به‪،‬أما شرط االسترجاع يقصد به إمكانية اإلطالع على المعلومات الواردة في رسالة البيانات على‬
‫‪2‬‬
‫نحو يتيح استخدامها عند الحاجة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬صور الرضائية في عقد البيع‪.‬‬

‫إن تعيين اللحظة التي يتم فيها تبادل التعبير عن اإلرادتين يحتاج إلى التحديد في بعض الصور‪.‬فقد‬
‫يكون الرضا فوريا و البيع باتا و قد يكون موصوفا بحيث يصبح اإللتزام غير منجز‪ ،‬كما قد يسبق البيع‬
‫اتفاق على إبرامه مستقال في صورة وعد بالتعاقد كمرحلة تمهيدية للبيع‪.‬و هو ما سيتم التطرق إليه من‬
‫خالل الفروع التالية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬البيع بشرط التجربة‪.‬‬

‫هو البيع الذي يحتفظ فيه المشتري بحق تجربة المبيع لقبوله أو رفضه و يكون له أن يلزم البائع بتمكينه‬
‫من تجربة المبيع خالل المدة المتفق عليها‪،‬و الغرض من اشتراط المشتري تجربة المبيع هو التأكد من أن‬

‫‪ -1‬طبقا للمادة ‪ / 2‬أ من قانون لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لـ ‪ 2001‬الخاص بالقانون النموذجي للتوقيعات‬
‫االلكترونية ‪،‬فإن التوقيع االلكتروني هو بيانات في شكل الكتروني مدرجة في رسالة البيانات أو مضافة إليها أو مرتبطة بها‬
‫منطقيا والتي جوز أن تستخدم للتحقق من شخصية الموقع بالنسبة الى رسالة البيانات ولبيان موافقة الموقع على المعلومات‬
‫الواردة في رسالة البيانات‪-".‬متاح على العنوان اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://uncitral.un.org/sites/uncitral.un.org/files/media-documents/uncitral/ar/ml-elecsig-a.pdf‬‬

‫‪-‬و هي ذات الشروط الواردة في المادة ‪ 6‬و ‪ 7‬من قانون لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي النموذجي بشأن‬ ‫‪2‬‬

‫التجارة اإللكترونية لـ ‪ . 1996/12/16‬اإلتفاقية متاحة على العنوان اإللكتروني‪:‬‬


‫‪https://uncitral.un.org/sites/uncitral.un.org/files/media-documents/uncitral/ar/ml-ecomm-‬‬
‫‪a_ebook_1.pdf‬‬

‫‪16‬‬
‫المبيع يلبي حاجاته الشخصية و يتفق مع ذوقه الخاص و يتبين من مدى صالحيته للغرض المقصود‬
‫منه‪.‬‬

‫و إذا كان مصدر الحق في التجربة هو االتفاق أو العادات الجارية فإنه في إطار حماية المستهلك أصبح‬
‫مصدرها القانون‪ ،‬و ذلك بمقتضى القانون ‪ 03-09‬المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش المؤرخ في‬
‫‪ 25‬فيفري ‪ 2009‬المادة ‪ 15‬منه‪ ،‬المتمم القانون ‪ 09-18‬لـ ‪.20181/06/10‬‬

‫‪2‬‬
‫و عن الطبيعة القانونية للبيع بشرط التجربة فإن األصل أن البيع بشرط التجربة بيع معلق على شرط‬
‫واقف‪،3‬فإذا تحقق الشرط‪-‬بتمام التجربة و قبول المشتري بنتيجتها‪ -‬فإن هذا األخير يعتبر أنه قد تملك‬
‫الشيء المبيع منذ البيع أي بأثر رجعي و ليس فقط منذ قبول التجربة ‪،‬مع زوال كل الحقوق العينية التي‬
‫تترتب على المبيع من جهة البائع خالل فترة التجربة‪ ،‬و ثبوت تلك المترتبة من جهة المشتري‪ .4‬أما إذا لم‬
‫يتحقق الشرط سواء بعدم قبول المشتري للنتيجة أو الستحالة إجرائها حينئذ فإن البيع ال ينتج أي أثر أي‬
‫يعتبر كأن لم يكن مما يستلزم أن تبعة الهالك في فترة التجربة تقع على البائع‪،‬ألن الملكية تبقى للبائع في‬
‫هذه الفترة و مازال لم يحدث البيع أثره ‪ ،‬المادة‪ 355‬ف‪ 1‬من القانون المدني‪.‬‬

‫و طبقاً للمادة ‪ 355‬فقرة‪ 2‬قد يتفق المتعاقدان على إحداث البيع آلثاره فور انعقاده بحيث تنتقل الملكية و‬
‫تبعة الهالك إلى المشتري فور االنعقاد و للمشتري الحق في رفض المبيع إذا لم ترضه نتيجة التجربة‪،‬هنا‬
‫يكون البيع معلقاً على شرط فاسخ فإذا أعلن المشتري رفضه للمبيع انفسخ العقد بأثر رجعي‪،‬و يكون إجراء‬
‫التجربة خالل المدة المتفق عليها أو خالل مدة معقولة إذا لم يتم االتفاق على المدة و على المشتري أن‬
‫يقوم بالتجربة خاللها و إال كان للبائع أن ينذره للقيام بها ‪،‬فإذا لم يقم بها بالرغم من تمكنه من ذلك زال‬
‫التعليق و أصبح العقد نهائي‪،‬كما يكون للبائع أن يطلب الفسخ لعدم التنفيذ‪.‬‬

‫‪-‬ج ر عدد‪ 35‬ل ‪.2018/06/13‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬الشرط هو أمر مستقبلي غير محقق الوقوع‪ ،‬يترتب على تحققه و جود اإللتزام –شرط واقف‪-‬أو زواله‪-‬شرط فاسخ‪-‬على‬ ‫‪2‬‬

‫أن يكون الشرط ممكنا‪ ،‬مشروعا و أال يتوقف على محض إرادة المدين‪ ،‬فإذا كان على محض إرادة الدائن كان صحيحا‪ ،‬و‬
‫يكون صحيحا إذا كان على محض إرادة المدين إذا كان فاسخا‪.‬‬
‫‪- 3‬وهو شرط إرادي متوقف على محض إرادة الدائن بنقل الملكية ال المدين‪ ،‬فهو شرط صحيح‪.‬‬
‫‪ - 4‬حسني محمد أحمد جاد الرب‪-‬تجربة المبيع و أثرها على التزامات الطرفين في عقد البيع‪ -‬دراسة مقارنة في الفقه‬
‫اإلسالمي ز القانون الوضعي‪-‬دار الكتب القانونية‪-2010-‬مصر‪-‬ص‪85‬‬

‫‪17‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬البيع بشرط المذاق‪.‬‬

‫و هو البيع الذي يشترط فيه المشتري أال يتم البيع إال إذا تذوق الشيء المبيع و قبله‪،‬و هنا قد يرد شرط‬
‫المذاق صراحة و قد يرد ضمناً ألن هناك أشياء ال ِ‬
‫يكف فيها لعلم المشتري بالمبيع مجرد التعيين و‬
‫المشاهدة حتى يتأكد من مدى مالءمتها لذوقه الشخصي‪،‬أما عن الطبيعة القانونية للبيع بشرط المذاق فقد‬
‫اعتبره المشرع الجزائري بمقتضى المادة ‪ 354‬من القانون المدني بأنه ال ينعقد إال من الوقت الذي يتم فيه‬
‫إعالن قبول المبيع‪ ،‬في حين أن البيع بشرط التجربة يكون له أثر رجعي‪،‬لذلك فإذا قبل المشتري المبيع‬
‫بعد المذاق تنتقل له الملكية من تاريخ القبول و ليس من تاريخ االتفاق‪ ،‬أي أنه ْقبل اإلعالن ال يوجد عقد‬
‫بيع لكن يتم ذلك بعد التذوق‪،‬و عليه فالتكييف الذي يتفق مع المادة ‪ 354‬هو اعتبار البيع بشرط المذاق‬
‫نوعاً من الوعد بالبيع أي أنه وعد صادر من البائع و لكن المشتري لم يقبل الشيء المبيع و إنما ترك ذلك‬
‫بعد تذوق المبيع و إعالن رغبته للواعد بأنه قرر الشراء‪،‬فينعقد البيع من تاريخ صدور الرغبة‪،‬و بما أنه‬
‫وعد بالبيع فإنه إذا مضت المدة المحددة للقبول و سكت الموعود له تحلل الواعد من وعده‪،‬معناه أن‬
‫السكوت رفض‪.‬‬

‫و يلتزم المشتري بالتذوق شخصياً في المدة المتفق عليها أو المدة التي يحددها العرف و في المكان‬
‫حر في القبول أو الرفض و ال يستطيع البائع إجباره بتذوق‬
‫المتفق عليه أو المحدد عرفاً‪،‬و المشتري ٌ‬
‫صنف آخر‪،‬كذلك ال يجوز للمشتري إجبار البائع تقديم صنف آخر لتذوقه‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬البيع بالعينة‪.‬‬

‫العينة هي جزء صغير أو صورة مصغرة من الشيء المبيع يسلمه البائع للمشتري قبل إبرام العقد ليسمح‬
‫له بالتحقق من أوصاف المبيع و االستناد إليه لمعرفة مدى مطابقته وقت التسليم‪،‬و طبقاً للمادة ‪ 353‬من‬
‫القانون المدني فالبيع بالعينة هو بيع يشترط فيه أن يكون الشيء مطابقاً للعينة المتفق عليها سلفاً بين‬
‫البائع و المشتري‪،‬تشترط إلجراء المطابقة عليها بين الشيء الذي يقدمه البائع و الذي يطلبه المشتري‪،‬و‬
‫على البائع أن يسلم للمشتري مبيعاً مطابقاً للعينة حتى يكون البائع قد نفذ التزامه و على المشتري قبول‬
‫هذا المبيع؛ أما إذا وجد المشتري أن المبيع غير مطابق للعينة فله الحق في‪:‬‬

‫‪-1‬إما المطالبة بالفسخ لعدم تنفيذ البائع اللتزامه مع التعويض عن الضرر؛‬

‫‪18‬‬
‫‪-2‬له أن يطالب البائع بالتنفيذ العيني‪،‬بل له أن يحصل على شيء مطابق للعينة على نفقة البائع بعد‬
‫استئذان القاضي أو دون استئذانه في حالة االستعجال؛‬

‫‪-3‬كما له أن يقبل المبيع غير المطابق مع المطالبة بإنقاص الثمن إذا كانت قيمة الشيء الذي قبله أقل‬
‫من قيمة العينة‪.‬‬

‫بات نهائي منذ الوقت الذي اتفق فيه‬


‫لذلك فإن التكييف القانوني للبيع بالعينة فإن الرأي الغالب أنه بيع ٌ‬
‫المتعاقدان على العينة‪،‬و شرط المطابقة حينئذ سيكون شرطاً لصحة التسليم و ليس شرطاً لترتيب البيع‬
‫آلثاره‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬بيع العربون‪.‬‬

‫نص المشرع الجزائري على أحكام العربون في المادة ‪ 72‬مكرر من القانون المدني بموجب التعديل ‪-05‬‬
‫‪ 10‬للقانون المدني‪،‬و العربون هو المبلغ الذي يدفعه أحد المتعاقدين إلى اآلخر وقت إبرام العقد ‪،‬و يكون‬
‫الغرض منه ‪:‬إما جعل العقد نهائياً و إما إعطاء الحق لكل واحد منهما في العدول عن العقد و ذلك‬
‫بالرجوع إلى نية المتعاقدين‪.‬‬

‫و يستفاد من المادة ‪ 72‬مكرر أن العربون متروك التفاق الطرفين‪،‬فإذا ُدفع العربون وقت إبرام العقد و لم‬
‫يتم االتفاق صراحة أو ضمناً أن العربون إنما دفع لتأكيد العقد كان دفعه يفيد احتفاظ المتعاقدين بحق‬
‫العدول لكل منهما في مقابل خسارة ما يعادل العربون‪،‬وتعتبر هذه الخسارة بمثابة ثمن الستعمال الحق في‬
‫العدول فيصبح مستحقاً في ذمة العادل لمجرد عدوله بغض النظر عن حصول ضرر للطرف اآلخر أم‬
‫ال‪،‬بخالف التعويض االتفاقي أو الشرط الجزائي المتفق عليه مقدماً بين الدائن و المدين الذي ال يحكم به‬
‫إال إذا ترتب ضرر‪.‬‬

‫فإذا كان العادل هو من قبض العربون فإنه يرده و يرد مثله‪،‬و إذا كان العادل هو من دفع العربون فال‬
‫يجوز له استرداده‪،‬و إذا قصد المتعاقدان بالعربون اعتبار البيع نهائي و بات فال يجوز للبائع و ال‬
‫للمشتري الرجوع في البيع و يعتبر العربون حينئذ كجزء من الثمن فيلتزم كل طرف بتنفيذ التزاماته‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫و تنص المادة أنه لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه في المدة المتفق عليها‪،‬و عليه يمكنهما‬
‫االتفاق على المدة التي يجوز خاللها العدول صراحة أو ضمناً‪ ،‬إذا انقضت هذه المدة اعتبر العقد باتاً و‬
‫وجب استكمال التنفيذ‪،‬و إذا لم يعين للعدول مدة في العقد جاز للمتعاقد أن ينذر الطرف اآلخر باستعماله‬
‫حق العدول‪.‬‬

‫بالنسبة للطبيعة القانونية للبيع بالعربون هناك من اعتبره عقد معلق على شرط واقف‪،‬هذا الشرط الواقف‬
‫هو أال يعدل أحد المتعاقدين عن البيع‪،‬فإذا انقضت المدة دون عدول تحقق الشرط و أنتج البيع أثره من‬
‫وقت االتفاق‪،‬و إذا تخلف الشرط‪ -‬عدل احدهما‪ -‬لم ينتج البيع أي أثر‪.‬‬

‫أما الرأي الثاني فقد اعتبره أنه عقد معلق على شرط فاسخ ‪-‬عدول أحد الطرفين‪،-‬فإذا تخلف الشرط اعتبر‬
‫العقد منشئاً آلثاره منذ انعقاده‪،‬أما إذا تحقق الشرط ترتب على ذلك زوال العقد بأثر رجعي‪.‬‬

‫لكن الرأي الراجح هو اعتباره ينطوي على التزام بدلي ‪-‬االلتزام البدلي هو وصف لاللتزام و هو أن يكون‬
‫محل االلتزام شيئاً واحداً و لكن تب أر ذمة المدين إذا أدى بدالً منه شيئاً آخر‪،-‬أي أن العربون هو البدل في‬
‫التزام أصلي‪ ،‬يكون المدين ملتزماً أصالً بااللتزام الوارد في عقد البيع و لكن تب أر ذمته من هذا االلتزام إذا‬
‫هو أدى مبلغ العربون‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪:‬المرحلة التمهيدية إلبرام عقد البيع‪.‬‬

‫أ‪-‬الوعد بإرادة منفردة‪.‬‬

‫طرف واحد بأن يبيع أو يشتري ماالً معيناً في حين يحتفظ الطرف اآلخر بخيار‬
‫ٌ‬ ‫هو عقد يتعهد بمقتضاه‬
‫إبرام العقد من عدمه‪ ،‬فال ينعقد البيع إال عندما يقرر الموعود له حق الخيار‪.‬‬

‫و ما يميز الوعد بإرادة منفردة هو أن الواعد يعبر عن إرادته في البيع أو الشراء فو ارً‪،‬و ال يمكنه التراجع‬
‫عن إرادته أثناء المدة التي يستغرقها الوعد‪،‬أما الموعود له فإنه ال يعبر له عن إرادته في البيع أو الشراء‬
‫إال إذا استعمل حق الخيار‪،‬لذلك فإن الواعد يشترط أن تتوافر فيه أهلية البيع وقت إبرام عقد الوعد‪،‬أما‬
‫الموعود له فيكفي فيه التمييز وقت الوعد و يجب أن تتوافر فيه األهلية الكاملة وقت إبداء الرغبة في‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫قضت المحكمة العليا بأن الوعد بالتعاقد هو عقد‪ ،‬إذا اشتملت صيغته على طبيعة العقد الموعود به‪،‬‬
‫والعناصر األساسية أو الجوهرية التي ال ينعقد العقد بغير التراضي عليها‪ ،‬والمدة التي يلتزم الواعد بإبرام‬
‫العقد الموعود به خاللها‪ 1.‬فإذا كان الوعد بإبرام عقد شكلي‪ ،‬وجب أن يتم الوعد بالتعاقد في الشكل الذي‬
‫يتطلبه القانون لقيام العقد الموعود به ‪.‬من ثم يجب أن يتم تعيين المبيع و الثمن و المدة التي يجب إبرام‬
‫العقد فيها طبقاً للمادة ‪ 71‬من القانون المدني‪،‬و كذلك الرسمية بالنسبة للوعد المتعلق بالعقارات و الحقوق‬
‫العينية العقارية حسب المادة‪ 71‬ف‪ 2‬قانون مدني‪.‬و تنص المادة ‪ 1/2-353‬من قانون التسجيل المعدل‬
‫بموجب القانون ‪ 22-03‬لـ‪ 2003//12/25‬المتضمن قانون المالية‪ 2‬على رسم شهر عقود الوعد بالبيع‪،‬‬
‫في حين ذهبت المحكمة العليا إلى أنه ال يترتب أي بطالن على عدم شهر الوعد بالبيع و األثر الوحيد‬
‫عد المتصرف إليه حسن النية‪ ،‬إلى حين إثبات سوء نيته‪ ،‬فإن‬
‫هو أنه في حالة تصرف الواعد في العين‪ّ ،‬‬
‫‪3‬‬
‫تم شهره اعتبر المتصرف إليه سيئ النية في كل األحوال‪.‬‬

‫‪)1‬الوعد بالشراء ‪ :‬أي أن الواعد هو المشتري‪،‬و هو الذي يتعهد بشراء المال إذا قرر المالك الموعود له‬
‫بيعه‪،‬لذلك فقبل إبداء الموعود له لرغبته في البيع يمكن للمشتري (الواعد بالشراء) شراء أموال مماثلة من‬
‫الغير‪،‬المهم أنه ملزم بشراء المال محل الوعد عند إبداء الموعود له رغبته في البيع‪.‬‬

‫إذا لم يعلن المالك عن خياره في الميعاد المحدد تحلل المشتري من وعده‪،‬أما إذا أعلن المالك عن قبوله و‬
‫قرر البيع أصبح البيع تاماً في لحظة التحاق إرادة البائع بإرادة المشتري‪،‬و إذا رفض الواعد إتمام البيع بعد‬
‫إعالن الموعود له لرغبته في البيع في الميعاد المتفق عليه كان للمالك أن يستصدر حكماً من القاضي‬
‫يقوم مقام البيع إذا كان رضائياً‪،‬أما إذا كان شكلياً و كان الوعد مفرغاً في شكل رسمي حكم القاضي بإلزام‬
‫الواعد بتنفيذ الشراء‪،‬و إذا لم يكن مفرغاً في شكل رسمي ليس للقاضي إال الحكم بالتعويض على الواعد‬
‫المتراجع في وعده (المادة ‪ 72‬قانون مدني)‪ .‬وهو ما سار عليه إجتهاد المحكمة العليا الجزائرية‪ ،‬من أنه‬
‫عند انعدام وجود وعد رسمي لبيع العقار‪ ،‬فليس أمام المطعون ضدها إال المطالبة بالتعويض‪ ،‬كأثر‬
‫قانوني لعدم تنفيذ إلتزام قانوني‪ ،‬ال تتوفر فيه الشكلية القانونية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن إستجابة قضاة الموضوع‬

‫‪ -1‬المحكمة العليا‪،‬غ‪.‬م‪ ،1990/03/26 ،‬ملف رقم ‪ ،56500‬م‪.‬ق‪ ،1992،‬العدد ‪ ،3‬ص ‪ ،112‬ال يكون للوعد بالتعاقد‬
‫أي اثر إال إذا عينت جميع العناصر األساسية للعقد المراد إبرامه‪.‬‬
‫‪- 2‬ج‪.‬ر عدد‪ 83‬لـ‪.2003/12/29‬‬
‫‪-‬قرار المحكمة العليا بتاريخ ‪،2013/12/12‬مجلة المحكمة العليا‪،‬عدد ‪ ،2013 ،2‬ص‪337‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪21‬‬
‫لمطلبها وإصدار حكم يقوم مقام العقد العرفي‪ ،‬أساءوا تطبيق القانون وفهم إجتهادات المحكمة العليا‪ ،‬مما‬
‫‪1‬‬
‫يستوجب نقص قرارهم‪.‬‬

‫ٍ‬
‫حينئذ ملزماً‬ ‫‪)2‬الوعد بالبيع‪ :‬و هنا يتعهد البائع بالبيع إذا أبدى الموعود له رغبته في الشراء فيكون الوعد‬
‫للبائع و يستفيد الموعود له من حق الخيار‪،‬فالموعود له هنا حر‪ ،‬و حق الخيار هو الذي يضفي على‬
‫الوعد بالبيع خاصية العقد الملزم لجانب واحد‪،‬وإن تم االتفاق على "تعويض التجميد" الذي يدفعه الموعود‬
‫له للمالك‪،‬إذ سيكون تعويضاً عن تجميد المال في ذمة المالك أثناء فترة الوعد دون أن يتمكن من‬
‫التصرف فيه‪،‬دون أن يتحول الوعد إلى عقد ملزم لجانبين‪.‬‬

‫و يلتزم حينئذ المتعاقدان على االتفاق على المسائل الجوهرية و إال كان الوعد بالبيع باطالً و المتمثلة‬
‫في المبيع‪،‬الثمن و مدة الوعد‪،‬كما يقع على الواعد بالبيع في فترة االنتظار التزام باالمتناع عن عمل و‬
‫المتمثل في االمتناع عن كل ما يعطل البيع‪،‬إذا استعمل الموعود له حق الخيار فال يستطيع أن يبيع للغير‬
‫و إال قامت مسؤوليته العقدية‪،‬و للموعود له المطالبة بالتعويض نتيجة اإلخالل بالوعد‪ .‬وإذا كان الغير‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يكون البيع غير نافذ في حق الموعود له و يحق له الرجوع بدعوى "عدم نفاذ‬ ‫عالماً بالوعد‬
‫التصرفات"‪ ،‬حيث يعتبر القضاء الج ازئري ‪ 2‬أن العقد صحيح و ليس للموعود له المطالبة بإبطاله‪ .‬في‬
‫حين قرر المشرع الفرنسي في إطار إصالح قانون العقود بموجب األمر ‪ 131-2016‬لـ‪2016/12/10‬‬
‫بطالن العقد الذي يبرمه الواعد مع الغير بالمخالفة للوعد متى ثبت علم الغير بوجود الوعد وهذا بمقتضى‬
‫المادة ‪.33/1124‬‬

‫إذا لم يعلن الموعود له رغبته للشراء في المدة المتفق عليها يكون قد مارس حقاً له و ال مسؤولية عليه‪،‬و‬
‫ال يلتزم إال بدفع تعويض التجميد إذا اتفقا عليه‪.‬‬

‫‪- 1‬قرار المحكمة العليا‪-‬غ‪.‬م‪ ،1996/04/17 -‬المجلة القضائية‪ -‬العدد‪ -1996-1‬ص ‪.99‬‬
‫‪-‬قرار المحكمة العليا‪-‬الغرفة المدنية لـ ‪":2009/11/22‬ال يترتب على الدعوى البوليصية إبطال التصرف"‪ ،‬مجلة‬ ‫‪2‬‬

‫المحكمة العليا‪ ،‬عدد‪ ،2009، 2‬ص‪.147‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- Ordonnance n° 2016-131 ،10 févr. 2016 ،portant réforme du droit des contrats du régime‬‬
‫‪général et de la preuve des obligations: JO. 11 févr. 2016. Art. 1124, al. 3 : «Le contrat conclu‬‬
‫‪en violation de la promesse unilatérale avec un tiers qui en connaissait l’existence est nul ».‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ )3‬البيع بالتفضيل‪.‬‬

‫عرف المشرع الفرنسي بموجب المادة‪ 1-1123‬من األمر ‪ 131 -2016‬البيع بالتفضيل‪ 1‬أنه العقد الذي‬
‫يلتزم بموجبه أحد األطراف بأن يعطي األفضلية للمستفيد من الوعد في أن يتعامل معه في حال قرر‬
‫الواعد التعاقد‪.‬فهو إذن كصورة للوعد بالبيع ‪ ،‬عقد بمقتضاه يتعهد الواعد المالك إذا أراد أن يبيع شيئاً من‬
‫ٍ‬
‫شخص آخر‪،‬فإذا أعلن الموعود له عن رغبته في الشراء‬ ‫أمواله أن يعرضه أوالً على الموعود له قبل أي‬
‫انعقد البيع النهائي‪،‬و عليه فإن الوعد بالتفضيل يولد التزاماً على المالك معلقاً على شرط واقف‪ 2‬حيث أن‬
‫التزام الواعد بعرض الشيء على الموعود له لشرائه متوقف على رغبة الواعد بالبيع‪ ،‬و يرتب حقا شخصيا‬
‫للمستفيد في مواجهة الواعد‪ ،‬معلقا على ذات الشرط الواقف ‪،‬ويظل الواعد مالكا للمال محل مشارطه‬
‫التفضيل‪ .3‬لذلك فليس من الضروري تحديد الثمن عند االتفاق على المسائل الجوهرية كما هو الشأن في‬
‫الوعد بالبيع حيث يترك تحديد الثمن في الوقت الذي يقرر في المالك البيع‪.‬‬

‫ب‪-‬الوعد الملزم لجانبين‪ :‬هو الذي يتعهد فيه الطرفان أحدهما بالبيع و اآلخر بالشراء (المادة ‪ 71‬قانون‬
‫ٍ‬
‫طرف يعد الطرف اآلخر بإبرام عقد البيع ‪،‬و مع ذلك يبقى هذا العقد وعداً بالبيع و ليس بيعاً‬ ‫مدني)‪،‬فكل‬

‫‪1‬‬
‫‪- « Art. 1123.-Le pacte de préférence est le contrat par lequel une partie s'engage à proposer‬‬
‫‪prioritairement à son bénéficiaire de traiter avec lui pour le cas où elle déciderait de‬‬
‫‪contracter.‬‬
‫‪« Lorsqu'un contrat est conclu avec un tiers en violation d'un pacte de préférence, le‬‬
‫‪bénéficiaire peut obtenir la réparation du préjudice subi. Lorsque le tiers connaissait‬‬
‫‪l'existence du pacte et l'intention du bénéficiaire de s'en prévaloir, ce dernier peut également‬‬
‫‪agir en nullité ou demander au juge de le substituer au tiers dans le contrat conclu.‬‬
‫‪Le tiers peut demander par écrit au bénéficiaire de confirmer dans un délai qu'il fixe et qui‬‬
‫‪doit être raisonnable, l'existence d'un pacte de préférence et s'il entend s'en prévaloir.‬‬
‫‪L'écrit mentionne qu'à défaut de réponse dans ce délai, le bénéficiaire du pacte ne pourra plus‬‬
‫"‪solliciter sa substitution au contrat conclu avec le tiers ou la nullité du contrat.‬‬

‫‪ -‬فالشرط هنا صحيح قانونا‪ ،‬وال يتوقف على محض إرادة الواعد وفقا للمادة ‪ 205‬من القانون المدني‪ ،‬بل هو شرط‬ ‫‪2‬‬

‫مختلط‪ ،‬متصل بظروف خارجية قد تدفعه أن يمتنع عن التعاقد مع شده رغبته في ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬بلحاج العربي ‪-‬اإلطار القانوني للمرحلة السابقة على إبرام العقد في ضوء القانون المدني الجزائري‪-‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫المرجع السابق‪-‬ص‪.144‬‬

‫‪23‬‬
‫ألن الطرفان يعدان بإبرام البيع مستقبالً و ليس في الحال‪،‬و من ثَ َّم ُيشترط في الوعد الملزم لجانبين‬

‫االتفاق على المسائل الجوهرية (المبيع‪،‬الثمن و الشكل‪...‬إلخ‪ .).‬والوعد الملزم للجانبين غير ما‬
‫يسمى البيع اإلبتدائي‪ ،‬فهذا األخير هو عقد تمهيدي تترتب عليه كافة أثاره القانونية من‬
‫وقت إبرام العقد‪ ،‬غير أن انتقال الملكية يكون بعد إتمام التسجيل‪ .‬أما الوعد الملزم للجانبين‬
‫فهو مجرد وعد بإبرام عقد في المستقبل‪ ،‬ومن تم تقتصر أثاره على إلزام كل من المتعاقدين‬
‫بإبرام العقد الموعود بناء على رغبة الطرف األخر‪ ،‬وإال سقط الوعد ولم يعد له أي أثر‬
‫قانوني‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬صحة الرضا و القيود المنصبة على الحق في البيع و الشراء‪.‬‬

‫حتى يكون الرضا منتجاً آلثاره القانونية في عقد البيع يجب أن يكون صحيحاً طبقاً للقواعد العامة ‪،‬فتكون‬
‫إرادة المتعاقدين سليمة من العيوب‪ ،‬و ستقتصر الدراسة على عيب الغلط التصاله بحق العلم‬
‫بالمبيع‪(.‬الفرع األول)‪.‬من ناحية أخرى‪ ،‬قيدت األحكام الخاصة بعقد البيع في القانون المدني و القوانين‬
‫المكملة المتعاقد في عقد البيع حماية لغيره‪ ،‬تنصرف بعضها للبائع و أخرى للمشتري و هذا إعادة للتوازن‬
‫و مراعاة للمساواة ( الفرع الثاني)‬

‫الفرع األول‪:‬صحة الرضا في عقد البيع‪.‬‬

‫أضاف المشرع الجزائري إلى القواعد العامة المتعلقة بصحة الرضا حكماً خاصاً بعيب الغلط الذي‬
‫يشوب اإلرادة يقضي بضرورة علم المشتري بالمبيع ليصح عقد البيع ‪،‬و هو ما نصت عليه المادة ‪352‬‬
‫من القانون المدني التي استمدها المشرع من أحكام خيار الرؤية في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فمن اشترى شيئا‬
‫لم يره‪ ،‬له الخيار عند الرؤية و المقصود بها هو أن يكون للمتعاقد الحق في فسخ العقد أو في إمضائه‬
‫عند رؤية محله إذا لم يكن قد رآه عند إنشاء العقد أو رآه قبله و لكن مضت مدة يحتمل تغيره فيها‪.‬‬

‫أما المشرع الجزائري فأجاز للمشتري إبطال العقد إذا وقع في غلط في صفة جوهرية للمبيع و أضاف‬
‫حكما خاصاً يقضي بضرورة علم المشتري بالمبيع علماً كافياً‪،‬فاعتبرت المادة ‪ 352‬من القانون المدني‬
‫العلم محققاً في إحدى الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫‪-1‬رؤية المبيع أو معاينته؛‬

‫يمكن من التعرف عليه و تمييزه عن األشياء‬


‫‪-2‬اشتمال العقد على بيان المبيع و أوصافه األساسية بياناً ّ‬
‫األخرى‪،‬فيكون الوصف بطريقة تقوم مقام الرؤيا االمادية؛‬

‫‪-3‬إقرار المشتري في العقد بأنه ٌ‬


‫عالم بالمبيع ‪،‬فإق ارره ُيغني عن الوصف و الرؤيا‪،‬و يترتب على عدم علم‬
‫المشتري بالمبيع حقه في طلب اإلبطال برفع دعوى عدم العلم‪ ،‬و البطالن هنا نسبي لمصلحته دون‬
‫البائع‪.‬‬

‫و يسقط حق المشتري في خيار الرؤيا بمقتضى الشريعة اإلسالمية‪:‬‬

‫أ‪ /‬برؤية المبيع و إجازة البيع‪.‬فال يملك المشتري اإلجازة إال بالرؤية‪،‬سواء بالنظر أو بأي حاسة يطلع بها‬

‫ب‪/‬موت المشتري قبل الرؤيا حيث يستقر البيع بوفاته‪.‬‬

‫ج‪/‬تصرف المشتري بالشيء المبيع قبل أن يراه‪.‬‬

‫د‪/‬هالك الشيء المبيع أو تعييبه أو فقدانه قبل رؤية المشتري له‪.‬‬

‫أما في القانون المدني فيسقط حق المشتري في طلب اإلبطال على أساس عدم العلم علماً كافياً‪:‬‬

‫‪-1‬بإقرار المشتري بأنه عالم بالمبيع؛‬

‫‪-2‬ينقضي طلب المشتري في اإلبطال بالتقادم طبقاً للمادة ‪ 101‬من القانون المدني حيث تنص على رفع‬
‫دعوى اإلبطال خالل ‪ 5‬سنوات من يوم علمه بالبيع أو ‪ 10‬سنوات من وقت التعاقد؛‬

‫‪-3‬يسقط أيضاً بتصرف المشتري في المبيع؛‬

‫‪-4‬يسقط حق المشتري في حالة هالك المبيع في يده‪.‬‬

‫فالغلط كعيب من عيوب اإلرادة في األحكام العامة ال ُيفترض‪ ،‬بل على المشتري أن يقيم الدليل على‬
‫وقوعه بغلط في مسألة جوهرية‪،‬لكن عدم العلم مفترض في المشتري و على البائع أن يثبت علمه ألجل‬
‫رفض دعوى المشتري بإبطال العقد‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬قيود البيع و الشراء‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫أوالً‪ :‬القيود المنصبة على الحق في البيع‪.‬‬

‫تكون هذه القيود نتيجة عوارض األهلية أو موانعها أو نتيجة اتفاقات‪.‬‬

‫‪-‬األهلية‪ :‬باعتبار أن البيع هو عقد من عقود التصرف فيتطلب إبرامه بلوغ الشخص سن الرشد أي تسعة‬
‫عشر (‪ )19‬سنة كاملة على أساس أن عقد البيع من التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر‪،‬فإذا أبرمه‬
‫شخص مميز فإن التصرف يتوقف على إجازة الولي أو الوصي ‪،‬و إذا بقي التصرف قائماً فمن ٍ‬
‫باب أولى‬
‫أن يجيزه المميز بعد بلوغه سن الرشد‪.‬‬

‫‪-‬منع البائع من البيع حماية للمالك‪:‬فإن أبرم البيع بصفته نائبا شرعيا‪ :‬اشترط المشرع الجزائري بموجب‬
‫المادة ‪ 88‬من قانون األسرة ‪ ،‬حماية للقاصر‪ ،‬استئذان القاضي في حالة بيع المنقوالت ذات األهمية‬
‫الخاصة و العقارات‪ ،‬و أن يتم البيع بالمزاد العلني‪.‬و إن كانت النيابة اتفاقية‪ ،‬فإن بيع الوكيل يقتضي‬
‫وكالة خاصة للبيع ‪ ،‬و التي تصح و لو لم يعين محل البيع‪:‬المادة‪ 1/574‬من القانون المدني‪.‬‬

‫‪-‬اإلفالس‪ :‬حيث ُيمنع التاجر ال ُـمفلس من إدارة و التصرف في أمواله بما في ذلك عقد البيع‪ ،‬و هذا‬
‫كأثر عن صدور حكم بشهر إفالسه‪.‬المادة ‪ 1/244‬من القانون التجاري‪.‬‬

‫‪-‬األموال المحجوز عليها‪ :‬حيث يمنع المدين المحجوز على أمواله بوضعها تحت تصرف القضاء‬
‫ضماناً للدائنين من بيع هذه األموال المادة ‪ 646‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،1‬حيث يكون‬
‫البيع حينئذ غير نافذ في مواجهة الدائنين المستفيدين من إجراءات الحجز حماية لهم طبقا للمادة ‪661‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬

‫‪-‬الحجر القانوني‪، :‬فال يجوز إبرام عقد البيع أثناء تنفيذ عقوبة جنائية و هذا كعقوبة تكميلية طبقا للمادة‬
‫‪ 9‬مكرر من قانون العقوبات‪ 2‬و إال كان باطالً بطالناً مطلقاً‪.‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 09 08‬المؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ 2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬األمر رقم ‪ 156 - 66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو سنة ‪ ،1966‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬المعدل والمتمم‪.‬المادة ‪ 9‬مكرر‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫أضيفت بمقتضى القانون رقم ‪ 23-06‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪": 2006‬في حالة الحكم بعقوبة جنائية‪ ،‬تأمر المحكمة‬

‫وجوبا بالحجر القانوني الذي يتمثل فيحرمان المحكوم عليه من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة األصلية‪".‬‬

‫‪26‬‬
‫‪-‬شرط المنع من التصرف‪ :‬بإمكان البائع أن يشترط عدم التصرف في المال المبيع على أن يكون هذا‬
‫الشرط مؤقتاً و مبر اًر بمصلحة جدية و مشروعة‪،‬فإذا زالت المصلحة المبررة لهذا الشرط ُرفع القيد من ِقبل‬
‫المحكمة‪.‬فيكون الشرط صحيحا في البيع مؤجل الثمن لمشروعية الباعث المتمثل في ضمان استيفاء‬
‫الثمن‪.‬فإن تم البيع مخالفة للشرط‪ ،‬كان التصرف باطال لعدم صالحية التعامل في المحل بموجب‬
‫اإلتفاق‪.‬وقد جعل المشرع من شرط المنع من التصرف مفروضا بقوة القانون‪ ،‬فمنع المستفيدين من‬
‫السكنات اإلجتماعية الممولة من طرف الدولة من التنازل عنها و ذلك بنقل ملكيتها إلى شخص آخر مدة‬
‫‪ 5‬سنوات من تاريخ إبرام عقود التنازل لصالحهم و هذا بموجب قانون المالية لـ ‪.12012‬كما المشرع‬
‫موجب المرسوم التنفيذي ‪ 153-18‬المتعلق بشروط التنازل عن األمالك العقارية التابعة للدولة و المسيرة‬
‫من ديوان الترقية و التسيير العقاري في المادة ‪ 9‬على ضرورة إدراج شرط المنع من التصرف في حالة‬
‫اختيار صيغة الدفع بالتقسيط لحين دفع الثمن كامال‪ .2‬و يتمثل الباعث المشروع الذي فرض المشرع من‬
‫أجله الشرط حرص الدولة على اقتصار اإلستفادة من هذه السكنات و االمتيازات الممنوحة على األفراد‬
‫الذين ال تسمح قدرتهم الشرائية الحصول على السكن و منعا للمضاربة بهذه السكنات‪.‬‬

‫‪-‬منع المريض مرض الموت من البيع‪ :‬طبقا للمادة‪ 408‬من القانون المدني‪ ،‬فال يمكنه البيع سواء بنفسه‬
‫أو بواسطة وكيل‪ ،‬سواء كان المشتري وارثا أو من الغير‪.‬فإن تم البيع لوارث فال يكون نافذا في حق‬
‫الورثة‪-‬باعتبارهم من الغير‪ -‬إال إذا أقروا البيع‪ ،‬و إال اعتبر المبيع جزء من التركة‪.‬أما إذا تم البيع لغير‬
‫الوارث كان البيع قابال لإلبطال لمصلحة الورثة الذين لهم حق اإلجازة‪ ،‬إذ اعتبر المشرع الورثة طرفا في‬
‫هذه الحالة‪.‬‬

‫‪-‬المادة ‪ 58‬من القانون ‪ 16-11‬المؤرخ في ‪ 2011/12/28‬المتضمن قانون المالية لـ‪.2012‬ج رعدد ‪72‬‬ ‫‪1‬‬

‫لـ‪" :2011/12/29‬تـعـدل المادة ‪ 57‬من الـقـانون رقم ‪ 12 - 07‬المـؤرخ ‪ 30‬ديـسمـبر سـنـة ‪ 2007‬والم ـتـضـمـن قـانــون‬
‫المـال ـيـة ل ـسـنـة ‪ 2008‬المـعــدلـة بــالمـادة ‪ 22‬مـن الـقــانـون رقم ‪ 11 - 11‬المـؤرخ في ‪ 18‬يوليو سنة ‪ 2011‬والمتضمن قانون‬
‫المالية التكميلي لسنة ‪ 2011‬وتحرر كما يأتي" ‪ :‬المادة ‪ : 57‬تعد غير قابلة للـتنازل من طرف ا‪J‬ستفيدين مـنها‪ ،‬السكنات‬
‫االجتماعـية التساهمية المسماة حالـيا السكـنات الترقـوية المدعمـة وكل السكنـات التي استفـادت من دعم الدولة‪ ،‬وذلك لمدة ‪5‬‬
‫سـنوات ابتداء من تاريخ إعداد عقود التنازل لصالحهم باستثناء انتقال ا‪J‬لكية بسبب الوفاة"‪.‬‬
‫‪ -‬المرسوم تنفيذي رقــم ‪ 153-18‬مؤرخ في ‪ 4‬جوان ‪، 2018‬يحدد شروط وكيفيات التـنازل عـن األمــالك العقـارية التـابعـة‬ ‫‪2‬‬

‫للدولة و األمالك المسيـرة من طرف دواوين الترقية والتسيير العقاري‪ .‬ج ر عدد ‪ 33‬لـ‪ 6‬جوان ‪.2018‬‬

‫‪27‬‬
‫ثانياً‪ :‬القيود المنصبة على الحق في الشراء في القانون الجزائري‪ .‬حيث يحرم بعض األشخاص بسبب‬
‫صفتهم من شراء بعض الحقوق ‪ ،‬اتقاء الستغالل نفوذهم‪.‬‬

‫‪-)1‬منع أعوان القضاء و المحامين من شراء الحقوق المتنازع عليها طبقاً للمادة ‪ 402‬من القانون‬
‫المدني‪:‬حظر المشرع هذا الشراء شرط أن يكون الحق المتنازع فيه مطروحاً على الجهة القضائية التابعة‬
‫الختصاص أعوان القضاء أو المحامين (محكمة‪،‬مجلس قضائي‪،‬المحكمة عليا و مجلس الدولة‪،)...‬وشرط‬
‫أن يكون هذا الشراء قد تم أثناء ممارسة هذه الفئات لمهامها في تلك الجهات القضائية المختصة بالنزاع‬
‫سواء اشتروا بأسمائهم أو بأسماء مستعارة و الفئات التي وردت على سبيل الحصر في المادة ‪ 402‬من‬
‫القانون المدني و هي‪:‬‬

‫أ‪-‬القضاة‪ :‬سواء كانوا قضاة حكم أو نيابة أو تحقيق؛‬

‫ب‪-‬المدافعون القضائيون‪ :‬و يشمل المنع الحقوق المتنازع فيها التي تدخل في اختصاص الهيئة القضائية‬
‫التي يباشرون في دائرة اختصاصها عملهم‪،‬سواء قد وكلوا بالحق المتنازع فيه أم ال؛‬

‫ج‪-‬المحامون‪ :‬و بما أن المحامي ال يرتبط بمحكمة أو مجلس قضائي فإن المنع يشمل جميع الحقوق‬
‫المتنازع فيها على المستوى الوطني؛سواء كان المحامي وكيل أحد الخصوم أم ال لصراحة النص‪.‬‬

‫د‪-‬الموثق‪ :‬يحظر عليه شراء الحقوق المتنازع عليها على المستوى الوطني ألن اختصاصه اإلقليمي يمتد‬
‫إلى كامل التراب الوطني (المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 02-06‬المتعلق بتنظيم مهنة الموثق)؛‬

‫ه‪ُ -‬ك ّتاب الضبط‪ :‬ال يجوز لكاتب الضبط شراء الحق المتنازع فيه إذا كان داخل اختصاص المحكمة أو‬
‫المجلس الذي يمارس فيه مهامه‪.‬‬

‫و البطالن بالنسبة لهذه الفئات هو بطالن مطلق أي هو من النظام العام‪.‬‬

‫‪-)2‬منع تعامل المحامين و المدافعين القضائيين مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها طبقاً للمادة‬
‫‪ 403‬من القانون المدني‪:‬فيكون الجزاء البطالن المطلق لكل تعامل يقوم به المحامي مع موكله‬
‫بخصوص الحق المتنازع فيه(شراء‪،‬هبة‪،‬مقايضة‪،‬إيجار‪...‬إلخ)‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪-)3‬منع النائب من شراء ما كلف ببيعه بحسب المادة ‪ 410‬من القانون المدني‪ :‬و هنا النائب ملزم‬
‫بالمحافظة على مال من وكله للقيام بشؤونه فيحظر عليه شراء ما ُكلف ببيعه‪ ،‬إال أن الجزاء هنا هو‬
‫البطالن النسبي إذ يمكن لمن تم البيع لحسابه أن يجيزه ‪،‬المادة ‪ 412‬من القانون المدني‪.‬‬

‫‪-)4‬منع السماسرة و الخبراء من شراء األموال المعهودة إليهم ببيعها أو تقديم قيمتها حسب المادة‬
‫‪ 411‬من القانون المدني‪ :‬و الجزاء هنا هو أيضاً هو البطالن النسبي المقرر لمصلحة من تم البيع‬
‫لحسابه وله إجازة العقد طبقاً للمادة ‪ 412‬من القانون المدني‪.‬‬

‫‪-)5‬منع الوكيل المتصرف القضائي من امتالك أموال المدين المفلس‪ :‬طبقا للمادة ‪ 19‬من األمر ‪-96‬‬
‫‪ 23‬المؤخر في ‪ 1996/07/09‬المتعلق بالوكيل المتصرف القضائي‪ :‬ال يجوز للوكيل المتصرف‬
‫القضائي أن يمتلك شيئاً من أموال المدين فيمنع عنه الشراء أو كل أنواع التصرفات و هذا تحت طائلة‬
‫البطالن المطلق‪.‬‬

‫‪-)6‬منع المحضرين القضائيين من االنتفاع من أية عملية يساهمون فيها‪ :‬حيث نصت المادة ‪ 24‬من‬
‫القانون ‪ 03-06‬لـ‪ 20‬فبراير ‪ 2006‬المتضمن تنظيم مهنة المحضرين القضائيين على أنه ُيمنع على‬
‫المحضر االنتفاع من أية عملية يساهم فيها و ذلك بأي نوع من أنواع المعامالت بما فيها الشراء‪،‬تحت‬
‫طائلة البطالن المطلق‪.‬‬

‫‪-)7‬منع محافظي البيع بالمزاد العلني من االنتفاع الشخصي من أية عملية كلفوا بها تحت طائلة‬
‫البطالن المطلق‪ :‬و هذا طبقاً للمادة ‪ 34‬من القانون ‪ 07-16‬المؤرخ في ‪ 3‬أوت ‪ 2016‬المتضمن تنظيم‬
‫مهنة محافظي البيع بالمزاد العلني‪.1‬‬

‫ثالثاً‪ :‬القيود المنصبة على عدم البيع‪.‬‬

‫إذا كان من حق المالك عدم بيع ملكه من أجل المحافظة عليه فإنه في الميدان التجاري يعتبر رفض البيع‬
‫دون مبرر شرعي مقيداً للمنافسة و معاقباً عليه بغرامة مالية‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 11‬من األمر ‪ 03-03‬المؤرخ في ‪ 19‬جوان ‪ 2003‬المتعلق بالمنافسة ( المعدل بموجب‬
‫القانون ‪ 02-08‬لـ‪ 25‬جوان ‪ 2008‬و المعدل بالقانون ‪ 05-10‬مؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ 2005‬الجريدة‬

‫‪-‬ج ر عدد‪ 46‬لـ‪ 3‬أوت ‪.2016‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫)‪"،‬يحظر على كل مؤسسة التعسف في استغالل وضعية التبعية‬
‫الرسمية عدد ‪ 46‬لـ‪ 18‬أوت ‪ُ 2010‬‬
‫لمؤسسة أخرى بصفتها زبوناً أو مموالً إذا كان يخل بقواعد المنافسة‪،‬و يتمثل هذا التعسف بالخصوص في‬
‫رفض البيع بدون مبرر شرعي‪،‬البيع التمييزي‪،‬البيع المشروط باقتناء كمية دنيا‪،‬اإللزام بإعادة البيع بسعر‬
‫أدنى‪...‬إلخ"‪.‬‬

‫كما يتراجع مبدأ حرية عدم البيع في حالة نزع الملكية للمنفعة العامة ‪،‬و في حالة الحجز المنصب على‬
‫أموال المدين المتوقف على الدفع حيث ُيباع المال جب اًر عنه ضماناً لديونه‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬القيود الواردة على شروط البيع‪.‬‬

‫‪-‬قد ترد قيود تنصب على الثمن‪ ،‬فيتعرض حق البائع في تحديد الثمن لمساسات ذات مصدر تعاقدي‪،‬‬
‫فيتعهد البيع بثمن معين‪ .‬لكن في مجال التجارة يحظر التعهد بإعادة البيع بثمن أدنى ألن في ذلك تقييد‬
‫للمنافسة فمثل هذا االتفاق باطل بطالناً مطلق‪،‬كما يحظر البيع بأقل من قيمة التكلفة طبقاً للمادة ‪ 12‬من‬
‫ٍ‬
‫بشكل تعسفي‬ ‫القانون ‪ 03-03‬و نصها" يحظر عرض األسعار أو ممارسة أسعار بيع منخفضة‬
‫للمستهلكين مقارنة بتكاليف اإلنتاج و التحويل و التسويق إذا كانت تهدف إلى إبعاد مؤسسة‪،"...‬و‬
‫استثناءاً هناك حاالت يمكن فيها البيع بأقل من سعر التكلفة في حالة تغيير النشاط أو التصفية أو إذا‬
‫كانت السلعة مهددة بالتلف السريع‪.‬‬

‫‪-‬الثمن مفروض أيضاً في حالة البيع بالمزاد العلني حيث يحدد الثمن بما يرسو عليه المزاد‪،‬و كذا في‬
‫حالة نزع الملكية للمنفعة العامة‪،‬فإن الثمن تحدده اإلدارة أو الخبراء المنتدبون من قبل المحكمة‪،‬أيضاً في‬
‫حالة األسعار الجبرية التي تضعها الدولة بالنسبة لبعض السلع بحيث ال يجوز للمتعاقدين تخطيها و إال‬
‫كان االتفاق باطالً (المادة ‪ 5‬من القانون‪ 03-03‬المعدلة بموجب القانون ‪.)05-10‬‬

‫‪-‬القيود أيضاً تنصب على طرق البيع‪ :‬و المتمثلة في‪:‬‬

‫‪-03‬‬ ‫‪)1‬البيع المشروط باقتناء كمية معينة‪:‬حيث يمنع على البائع ذلك طبقاً للمادة ‪ 11‬من القانون‬
‫‪، 03‬و المادة ‪ 17‬من القانون ‪ 02-04‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية لـ‪ 23‬جوان‬
‫‪ 2004‬و المعدل بموجب القانون ‪ 06-10‬لـ‪ 15‬أوت ‪– 2010‬ج‪.‬ر عدد ‪11‬لـ‪ 18‬أوت ‪.2010‬‬

‫‪30‬‬
‫‪)2‬البيع بالمكافأة المجانية أو البيع بهدايا‪ :‬فطبقاً للمادة ‪ 59‬من قانون المنافسة و المادة ‪ 16‬من القانون‬
‫‪ 02-04‬يمنع كل بيع أو عرض بيع لسلع مشروطة بمكافأة مجانية إال إذا كانت من نفس السلعة‪،‬و‬
‫تضيف المادة ‪ 16‬من القانون ‪ 02-04‬و كانت قيمتها ال تتجاوز( ‪)%10‬من ثمن المبلغ اإلجمالي للسلع‬
‫أو الخدمات و ال يطبق هذا الحكم على األشياء الزهيدة أو الخدمات الضئيلة القيمة و كذا العينات‪.‬‬

‫‪)3‬البيع المتالزم ‪:‬حيث يمنع بيع المنتجات أو أداء الخدمات التي تقترن ببيع آخر أو خدمة أخرى إجبارياً‬
‫( المادة ‪ 11‬من القانون ‪ 03-03‬و المادة‪ 17‬من القانون ‪.)02-04‬‬

‫‪)4‬البيع التمييزي‪:‬و هو البيع الذي تمنح بموجبه المؤسسة الممونة ألحد زبائنها جملة من االمتيازات دون‬
‫غيره من الزبائن‪،‬فتجعله في وضعية أفضل و قد بينت المادة ‪ 18‬من القانون ‪ 02-04‬صور هذه‬
‫الممارسات التمييزية على سبيل المثال‪،‬و المتمثلة في‪ :‬تخفيض السعر‪،‬االستفادة من أسلوب بيع‬
‫تمييزي‪،‬أجل الدفع‪...‬إلخ‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬القيود الواردة على الحرية في اختيار المتعاقد اآلخر‪.‬‬

‫قد يجد البائع أحياناً المتعاقد اآلخر مفروضاً عليه ألنه‪:‬‬

‫‪-1‬إما حدده مسبقاً بموجب االتفاق و هو ما نجده في الوعد بالتفضيل‪،‬حيث تعهد المالك في مواجهة‬
‫المملوك له أنه إذا أراد أن يبيع ماالً من أمالكه أن يعرضه باألولوية على شخص معين‪.‬‬

‫‪-2‬في حالة الشخص اآلخر المستبدل و المقصود أن يكون البائع تعاقد مع شخص يريده لكن بمقدور‬
‫شخص من الغير أن يحل محل المشتري األول و هو ما يسمى بالحلول‪،‬و أبرز صوره في القانون‬
‫الجزائري هو الشفعة‪ .‬و هي‪ -‬وفقا لمقتضيات المادة ‪ 794‬قا‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬رخصة قانونية تجعل الشفيع في مركز‬
‫قانوني‪ ،‬يعطيه أفضلية على المشتري‪ ،‬بحيث يكون له استبعاده و الحلول محله في بيع العقار جب ار عنه‪،‬‬
‫فكانت مصد ار من مصادر الحقوق العينية العقارية‪ ،‬و بالتالي ال تكون إال في العقارات‪ .‬وذلك بدافع‪ ،‬دفع‬
‫ضرر المجاورة أو اإلشتراك في ملكية العقار‪،‬و كذا منع تجزئة العقار حتى تجتمع سلطات الملكية الثالث‬
‫في يد واحدة‪ .‬لذلك يثبت حق الشفعة بموجب المادة ‪ 795‬من القانون المدني‪ ،‬لمالك الرقبة إذا بيع حق‬

‫‪31‬‬
‫االنتفاع‪ .‬للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى أجنبي‪ ،‬فتخلص الملكية لشخص واحد و‬
‫تنتهي حالة الشيوع ‪ ،‬أو يتم التقليص من عدد الشركاء‪.1‬‬

‫و لصاحب حق االنتفاع إذا بيعت الرقبة‪ ،‬فينقضي حق اإلنتفاع‪ .‬و يعد الترتيب الوارد في المادة ‪795‬‬
‫ملزم‪ ،‬فإن تزاحم الشركاء من طبقة واحدة‪ ،‬استحق كل منهم الشفعة بقدر نصيبه و ال أفضلية ألحد على‬
‫اآلخر حسب المادة ‪ 2/796‬من القانون المدني‪.‬‬

‫و يجب على الشفيع إعالن رغبته في الشفعة المحررة بموجب عقد رسمي إلى البائع و المشتري عن‬
‫طريق كتابة الضبط في أجل ‪ 30‬يوم من تاريخ اإلنذار الذي يوجهه إليهما‪ .‬مع ضرورة إيداع الثمن و‬
‫‪2‬‬
‫المصاريف بين يدي الموثق خالل ‪ 30‬يوم من تاريخ التصريح بالرغبة‪ ،‬تحت طائلة سقوط الحق‪.‬‬

‫كما أن هناك صورة أخرى للحلول في حالة ملكية المنقول الشائع ‪،‬المادة ‪ 721‬قانون مدني‪،‬حيث يجوز‬
‫للشريك أن يحل محل المشتري إذا بيع المال لفائدة أجنبي‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪:‬اإلستثناء عن الرضائية في عقد البيع (البيوع الشكلية)‪.‬‬

‫طبقاً للمادة ‪ 324‬مكرر‪ 1‬من القانون المدني فإن عقد بيع العقار و الحقوق العقارية ال ينعقد إال إذا توافر‬

‫الشكل الرسمي كركن آخر في العقد إضافة إلى الرضا‪،‬المحل و السبب‪،‬فإذا تخلف الشكل كان البيع باطالً‬
‫بطالناً مطلق‪،‬و بيع العقار العرفي هو باطل حتى لو ثبت صحة العقد العرفي الذي حرر فيه‪،‬و ال يمكن‬
‫للقاضي أن يحكم بتصحيح العقد بتوثيقه و هو ما قضت به المحكمة العليا في قرارها لـ‪ 18‬فيفري ‪1997‬‬
‫و الذي قضى بـ " حيث أن الشكل الرسمي في عقد بيع القاعدة التجارية شرط ضروري لصحته‪،‬و أن‬
‫تحرير عقد البيع في شكل آخر يخالف القانون و يؤدي إلى بطالن ذلك العقد‪...‬و ال يمكن للقاضي أن‬
‫يصححها بالحكم على األطراف بالتوجه إلى الموثق للقيام بإجراءات البيع‪ ،‬و ضمن هذه الظروف يتعين‬
‫على قضاة الموضوع أن يقضوا ببطالن العقد العرفي المتعلق ببيع القاعدة التجارية و يأمر بإرجاع‬
‫األطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد"‪.‬‬

‫لذا سيتم التعرف على المقصود بالعقد الرسمي ووظيفته من خالل الفرعين التاليين‪.‬‬

‫‪ -‬قرار المحكمة العليا‪-‬الغرفة العقارية‪-‬بتاريخ‪-2011/10/13‬مجلة المحكمة العليا‪-‬العدد األول ‪-2012-‬ص ‪:193‬‬ ‫‪1‬‬

‫"يترتب على الشفعة حلول الشفيع محل المشتري‪ ،‬و ليس بطالن عقد بيع الجزء المشاع‪".‬‬
‫‪-‬المزاد ‪ 801 ،800 ،799‬من القانون المدني الجزائري‬ ‫‪2‬‬

‫‪32‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الشكل الرسمي‪.‬‬

‫يقصد بالشكل الرسمي (م ‪ 324‬و ما بعدها من القانون المدني)‪،‬العقود التي يصدرها موظف عام و‬
‫تحمل توقيعه ‪:‬عقود الحالة المدنية‪،‬النسخ التنفيذية لألحكام التي يحررها كاتب الضبط‪،‬و كذلك العقود التي‬
‫يحررها ضابط عمومي كالعقد الذي يحرره الموثق‪،‬و التي يحررها المحضر القضائي طبقاً للمادة ‪324‬‬
‫من القانون المدني‪.‬‬

‫الموثق هو ضابط عمومي يقوم بتحرير عقود البيع من أجل إعطائها الصبغة الرسمية و القانون المنظم‬
‫للتوثيق هو القانون ‪ 27-88‬المؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ 1988‬و المعدل بالقانون ‪ 02-06‬المؤرخ في ‪20‬‬
‫فيفري ‪ 2006‬المتضمن تنظيم مهنة التوثيق‪،‬و لكي يكون العقد صحيحاً منتجاً آلثاره يجب أن يحرره‬
‫الموثق في شكل خاص و باحترام الشروط التالية‪:‬‬

‫‪-1‬يجب أن يكون الموثق مختصاً ‪،‬و يكون كذلك إذا توافرت الشروط المنصوص عليها في قانون‬
‫التوثيق‪ :‬إذ ال يكون مختصاً حسب المادة ‪ 19‬من القانون ‪ 02-06‬في تحرير العقود التي تكون له فيها‬
‫مصلحة مباشرة‪،‬و ال يحرر العقود المتعلقة بأحد أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الرابعة (المادة‪ 16‬من‬
‫نفس القانون ‪)02-06‬؛‬

‫‪-2‬يجب على الموثق حسب المادة ‪ 26‬من القانون ‪ 02-06‬أن يحرر العقد باللغة العربية في نص‬
‫واضح دون ترك أي بياض أو كتابة بين األسطر‪،‬و تكتب المبالغ و السنة و الشهر و يوم التوقيع‬
‫باألحرف‪،‬فإذا كان هناك أي شطب وجب أن يصادق عليها كل من الموثق ‪ ،‬األطراف و الشهود؛‬

‫‪-3‬البيانات التي يجب أن يتضمنها العقد الموثق هي‪:‬‬

‫أ‪-‬بيانات تتعلق بأشخاص العقد‪:‬فيذكر الموثق‪ :‬اسمه و لقبه و مقر إقامته أي الموطن حسب‬
‫(المادة ‪ 26‬من القانون ‪،)02-06‬كذلك األطراف‪:‬االسم‪،‬اللقب‪ ،‬الصفة‪،‬تاريخ و محل والدة ٍ‬
‫كل‬
‫منهم‪،‬المسكن و كذلك األمر بالنسبة للشهود و إن كان الشهود في عقد البيع هم شهود تأكيد يضمنون‬
‫هوية المتعاقدين و حضورهما في عقد البيع ليس إجبارياً‪،‬إال إذا كان الموثق يجهل هوية األطراف حسب‬
‫المادة ‪ 324‬مكرر‪ 2‬ف‪ 3‬من القانون المدني‪،‬لذلك قضت المحكمة العليا في قرار لها بتاريخ ‪ 22‬أفريل‬

‫‪33‬‬
‫‪ 2010‬أن " العقود الرسمية التي يتلقاها الموثق بحضور شاهدين هي العقود االحتفائية و ال يشترط‬
‫القانون لصحة عقد البيع إبرامه بحضور شاهدين‪".‬‬
‫‪1‬‬

‫ب‪-‬بيانات خاصة بموضوع عقد البيع العقاري‪ :‬فيجب تحديد تاريخ إبرام العقد و مكان إبرامه‪،‬ذكر طبيعة‬
‫موقع‪،‬رقم‪،‬مساحة و حدود العقار‪،‬و ذكر أصل ملكية العقار بتبيان أسماء المالكين السابقين تفادياً للوقوع‬
‫في التصرف في ملك الغير‪،‬أما إذا تم إبرام عقد بيع عقار دون ذكر أصل الملكية فإنه يعتبر عقداً لفيفاً‪،‬و‬
‫هو عقد عرفي يحرر أمام الموثق يثبت فيه فقط تصريحات األطراف و الشهود (المادة ‪ 326‬مكرر‪.)2‬‬

‫كما يذكر الحصة المقررة من ثمن المبيع و التي تدفع بين يدي الموثق‪،2‬و طبقاً للمادة ‪ 256‬ف‪ 1‬من‬
‫قانون التسجيل المعدلة بموجب قانون رقم ‪ 14-19‬المؤرخ في ‪ 11‬ديسمبر سنة ‪ 2019‬المتضمن قانون‬
‫المالية لسنة‪.20203‬فإنه‪ ،‬يتم دفع لزوماً ُخمس (‪ )5/1‬من ثمن نقل الملكية‪.‬فإن كان الثمن مؤجال‪ ،‬فإنه‬
‫الخمس حسب الفقرة ‪ 2‬من المادة‪.256‬‬
‫يتم عند كل أجل الدفع بين يدي الموثق إلى غاية بلوغ ُ‬

‫بعد ذكر البيانات وجب على الموثق قبل توقيع ذوي الشأن في العقد أن يتلو عليهم األحكام التشريعية‬
‫الخاصة بالضرائب ‪،‬و يقوم أيضاً بقراءة النص الكامل للعقد ليكونوا بدراية تامة بمحتواه ليتم بعد ذلك توقيع‬
‫الموثق و األطراف‪.‬‬

‫و بما أن عقد بيع العقار ال ينعقد إال بتوافر هذا الشكل الخاص فإن تخلف الشروط يؤدي إلى بطالن‬
‫التصرف بطالناً مطلقاً‪.‬‬

‫‪ - 1‬القرار منشور في مجلة المحكمة العليا‪،‬العدد‪ 1‬لسنة ‪ ،2011‬ص‪86‬‬


‫‪- 2‬و في قرارها الصدر بتاريخ ‪ 2011/05/19‬قضت المحكمة العليا‪" :‬ال يترتب على عدم دفع الحصة المقررة من ثمن‬
‫البيع بين يدي الموثق بطالن العقد التوثيقي الموقع بين الطرفين‪ ......‬حيث أن المادة ‪ 324‬مكرر‪ 1/‬تقضي بأن األموال‬
‫الناجمة عن العقود المتضمنة نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية تودع لدى الضابط العمومي المحرر للعقد‪ ،‬و بناء عليه‬
‫فإن الضابط العمومي و قبل التوقيع على العقد من الطرفين‪ ،‬يتعين أن يأمرهما بإيداع النسبة التي يحددها القانون من ثمن‬
‫البيع بين يديه‪ ،‬فإذا قام األطراف بالتوقيع الذي حرر العقد بإيداع تلك النسبة‪ ،‬فإن ذلك ال يترتب عليه أي بطالن فكل ما‬
‫في األمر أن الموثق هو الذي يتحمل المسؤولية خاصة فيما يتعلق بدفع الرسوم و الضرائب لفائدة الدولة التي تقع على‬
‫عاتقه إذا امتنع المشتري عن دفعها‪ .‬لذلك فما انتهى إليه قضاء المجلس جاء مخالفا للقانون ‪-"...‬مجلة عدد‪ 2‬لسنة‬
‫‪-2011‬ص ‪ .135‬ع‬
‫‪- 3‬ج ر عدد ‪ 81‬لـ ‪2019/12/30‬‬

‫‪34‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬وظيفة التوثيق في عقد البيع‬

‫تتمثل وظيفة التوثيق في عقد بيع العقارات و الحقوق العقارية في ‪:‬‬

‫‪-‬إتمام الركن الرابع من أركان بيع العقار و هو إفراغه في قالب توثيقي رسمي تطيقا للمادة ‪ 324‬مكرر‪1‬‬
‫من القانون المدني؛‬

‫‪-‬تمكين المتعاقدين من سند تنفيذي ألن العقد الرسمي عنوان للحقيقة فيما ورد أمام الموثق؛‬

‫‪-‬يعتبر ما ورد في العقد الموثق حجة على الكافة حتى يثبت تزويره و يعتبر نافذاً في كامل التراب‬
‫الوطني ‪،‬المادة ‪ 324‬مكرر ‪5‬؛‬

‫‪-‬تنبيه المتعاقدين إلى خطورة التصرف و االستفادة من نصائح الموثق و تأكده من صحة العقد الذي‬
‫يحرره؛‬

‫‪-‬أحكام عقد البيع ترتب بمجرد توثيق العقد ما عدا األثر العيني‪،‬فعقد البيع الموثق و قبل شهره في‬
‫المحافظة العقارية و إن كان ال ينقل الملكية إلى المشتري إال أنه ينشىء التزامات في ذمة طرفيه ‪.‬‬

‫‪35‬‬

You might also like