Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
يعد مفهوم العقد مفهوما جوهراي يف احلياة الاجامتعية؛ لن لك العالقات،سواء اكنت اجامتعية
او اقتصادية أو حىت س ياس ية ،تتجسد عن طريق هذا املفهوم .كام أن ملفهوم العقد بعد عاملي؛فلك
اجملمتعات تتفق عىل رضورة احرتام وتنفيذ العهود .ʽʽPACTA SUNT SERVANDAʼʼوهبذا حتتل
نظرية العقد مركزا مرموقا يف احلياة العملية؛ فبالإضافة اإىل كوهنا مصدر أغلب الالزتامات ا إلرادية ،فاإهنا
تؤثر عىل مجيع جمالت القانون وليس عىل القانون املدين حفسب.
وللمتهيد لنظرية العقد سنتلكم يف ثالث نقاط :تمتحور اإحداها يف تعريف العقد ( أول) ،
والثانية يف تقس اميت العقود ( اثنيا) ،و الثالثة يف مبدأ سلطان ا إلرادة (اثلثا).
أول :تعريف العقد
تنص املادة 54من التقنني املدين اجلزائري عىل أن « :العقد اتفاق يلزتم مبوجبه خشص أو
عدة أشخاص حنو خشص أو عدة أشخاص بإعطاء يشء ،أو القيام بعمل ،أو الامتناع عن معل.».
يس تنتج من هذا النص أن العقد اتفاق منشئ لاللزتامات ،فهو اتفاق ،يقول توافق ارادة
خشصني أو أكرث ،يطلق علهيم مصطلح أطراف بملفهوم التقين ،ومه وحدمه من يرتبط بلإتفاق ،فهم
من يلزتمون مبوجبه ويس تفيدون منه.
ومن هنا تظهر العنارص املمزية للعقد عن بيق الترصفات القانونية:
العقد اتفاق:
مبعىن أنه توافق إارادتني أو أكرث ،وهو هبذا يمتزي عن الترصف إبرادة منفردة – عند بعض
الرشاح -واذلي ينشأ عن إارادة واحدة .غري أننا ل نتفق مع هذا الرأي؛ لن الترصف إبرادة منفردة قد
ينشأ عن التفاق؛ اإذ جيب أن منزي بني تعاون ا إلرادات) (collaboration de volontésوتوافق
ا إلرادات ( ، )accord de volontésوالترصف إبرادة منفردة قد ينتج عن تعاون ا إلرادات مادامت
تعرب عن مصلحة واحدة ،اكلقرارات املتخذة بأغلبية الصوات ،والترصفات املنش ئة لشخاص معنوية.
فاذلي ميزي العقد عن الترصف إبرادة منفردة هو ليس عدد ا إلرادات وإامنا تقابل املصاحل؛ فاإذا اكن
1
الترصف يعرب عن مصلحة واحدة اكن ترصفا إبرادة منفردة ،وإاذا اكن يعرب عن توافق مصلحتني
متقابلتني اكن ترصفا ثنائيا أي عقد.
العقد منشئ لاللزتامات:
يركز التقنني املدين اجلزائري يف تعريفه للعقد عىل دوره املنشئ لاللزتامات « :يلزتم ...بإعطاء
يشء أو القيام بعمل ،أو الامتناع عن معل .».وهو هبذا يمتزي عن التفاق بصورة عامة ،واذلي قد
يكون حمهل نقل الزتام كحواةل احلق أو ادلين ،أو تعديل الزتام اكإقرانه بأجل أو رشط ،أو التفاق عىل
اإهنائه،اكإهناء الالزتام بلوفاء قبل الجل أو أية وس يةل أخرى.
فالعقد أخص من التفاق؛ لنه اتفاق منشئ لاللزتام ل غري ،فلك عقد اتفاق غري أن ليس لك
اتفاق عقد؛ فالعقد نوع) (espèceمن نفس اجلنس) (genreواملمتثل يف التفاق .ومن أجل حرص ماكنة
العقد ما بني الترصفات القانونية ،يكفي مالحظة اخملطط التايل:
فالعقد اإذا ،هو ترصف منشئ لاللزتامات ،غري أن دوره يتعدى الإنشاء فامي يتعلق بللزتام
بإعطاء يشء؛ أي نقل حق امللكية أو أي حق عيين أخر ،فهو يف الش ياء القميية ل يكتفي بإنشاء
الالزتام بقل امللكية وإامنا حيقق نقل امللكية.
2
الزتامات قانونية:
يمتزي العقد بقوة اإلزامية أاثره ،فالطراف يعلمون أن أاثر ترصفهم ملزمة ،وأهنم اإذا خالفوها
سيتعرضون للقوة الردعية للقانون؛ لن العقد رشيعة املتعاقدين.
وهبذا يمتزي العقد عن التفاقات الناجتة عن اجملامةل و املالطفة ،فاذلي يدعو صديقا للعشاء أو
اذلي ينقل مسافرا بس يارته أو اذلي يعد تلميذا جبائزة اإذا جنح يف الامتحان ل تكون نيته الالزتام
قانوان ،فاإن اكن من الناحية الخالقية ملزتم جتاههم فاإن هذا الالزتام ل يمتتع بلقوة الإلزامية ،و تعرف
هذه الالزتامات بللزتامات الطبيعية أو الزتامات الرشف.
اثنيا :مبدأ سلطان ا إلرادة Autonomie de la volonté
اكن واضعو التقنني املدين الفرنيس و حىت شارحيه متأثرين بلفكر الليربايل الفردي؛ فالترشيع
يف حد ذاته ل جيد قوته الإلزامية اإل يف إارادة الشخاص ( أطروحة العقد الاجامتعي) و اذلين مه
أحرار أن يرتبطوا بواسطة عقود برشط أن ل خيالفوا النظام العام والداب العامة .كام أنه بإماكهنم أن
ينظموا الزتاماهتم كام يشاءون،مفجرد أهنم أرادوا الالزتامات الناش ئة عن العقد يكفي للزتاهمم بتنفيذها.
فأحصاب هذا الفكر يعطون ل إالرادة ادلور الرئييس يف اإنشاء الالزتامات و تربير قوهتا الإلزامية.
وسوف نتلكم يف هذا املبدأ يف ثالث نقاط :الوىل نتناول فهيا الساس اذلي ينبين عليه مبدأ
سلطان ا إلرادة ،والثانية أثره عىل نظرية العقد ،أما الثالثة فنتناول فهيا تراجعه.
-Iأساس مبدأ سلطان ا إلرادة:
لقد ش به واضعو تقنني انبليون أحاكم العقد بلترشيع ،حفسب املادة 1134منه واليت تقابل
املادة 106من التقنني املدين اجلزائري :العقد رشيعة املتعاقدين ،مبفهوم أن العقد قانون بلنس بة
للمتعاقدين .ول بد أنه اكنت هلم جحج قوية لسن مثل هذه القاعدة.
لقد استند واضعو تقنني انبليون عىل جحج فلسفية و س ياس ية و اقتصادية.
احلجج الس ياس ية:
يرتكز مبدأ سلطان ا إلرادة من الناحية الفلسفية عىل الاعتقاد بفكرة احلرية الطبيعية ل إالنسان
وبفكرة أن دور القاعدة القانونية هو حامية حقوق الفرد من تعسف ادلوةل .وهو اعتقاد تكرس يف
اإعالن 1789اذلي نص عىل أن من واجب ادلوةل تكريس حقوق الفرد واليت ميلكها بلطبيعة وليس
مبنح مهنا .وبلتايل ل يكون مبدأ سلطان ا إلرادة سوى وجه من أوجه هذا الطرح العام .و ينتج عن
مبدأ حرية الفراد نتيجتان أساسيتان :ل جيب أن خيضع الشخص اإل لاللزتامات اليت ريض هبا،
وبملقابل ل ميكنه الهترب من تنفيذ هذه الالزتامات اليت قبلها عن طريق التعاقد.
3
كام يرتكز مبدأ سلطان ا إلرادة عىل جحة س ياس ية أخرى :تمتثل يف نظرية العقد الاجامتعي ،فال
يعقل حسب واضعي التقنني املدين الفرنيس أل متنح ا إلرادة سلطة اإنشاء الزتامات عن طريق التعاقد
ويه اليت سامهت يف اإنشاء ادلوةل و الالزتامات العامة عن طريق العقد الاجامتعي.
احلجج الاقتصادية:
الليربالية مفهوم اقتصادي ظهر أول عند الفزييوقراطيني ، physiocratesوبعدها يف كتابت
أدم مسيث . Adam Smithوقد شاعت الليربالية يف اإجنلرتا مث فرنسا لتصل اإىل الولايت املتحدة
المريكية يف القرن الثامن عرش.
تأثر الثوار الفرنس يون بكتابت أدم مسيث أين يرشح أن الفراد أحرار يف تنظمي معليات تبادل
ثرواهتم وخدماهتم .وأن خري وس يةل لتحقيق ذكل منحهم احلرية يف التعاقد إبرادهتم و رضامه؛ لن
حرية التعاقد يه اليت تضمن التبادلت العادةل ،واليت عرب عهنا الفيلسوف FOUILLEEبعبارته
الشهرية « :من يقول تعاقد فهو بلرضورة يقول عدل.».
وقد جتسد هذا التأثر يف الترشيعات الثورية حيث نصت عىل أنه جيب عىل ادلوةل أن تدع
الفرد يعمل وأن تدعه مير .وخري ترمجة لهذا املبدأ عىل املس توى القانوين هو اإعطاء اس تقاللية أو
سلطان إلرادة الشخاص حىت يربموا العقود بلك حرية؛ فيتعاقد مع من يشاء وكيفام يشاء.
5
يرجع ظهور مبدأ سلطان ا إلرادة اإىل عوامل أدت اإىل انتشار روح الفردية و احلرية املطلقة
للفرد يف القرنني الثامن و التاسع عرش ،غري أن هذه الروح الفردية تراجعت مع بداية القرن العرشين
خصوصا مع ظهور و انتشار الزنعة الاشرتاكية .هذا ما أدى اإىل تراجع مبدأ سلطان ا إلرادة؛ فقد
عرف انتقادات من قبل الفقه والقضاء الفرنيس الذلان اس تغال بعض الفراغات القانونية ليحدا من مبدأ
حرية التعاقد ،وذكل عن طريق اللجوء اإىل مفهويم النظام العام و الداب العامة ،الذلين مل يعرفهام
املرشع ،وتفسريهام بطريقة تسمح مبعاجلة بعض التجاوزات الناجتة عن حرية التعاقد ،كام اس تغال
سلطة التفسري لإضفاء بعض التوازن عىل الالزتامات الناش ئة عنه .أما تدخل املرشع فيظهر من
خالل تقييده للمبادئ الناجتة عن مبدأ سلطان ا إلرادة.
-1تقييد مبدأ الرضائية:
مع بداية القرن العرشين بدأ املرشع – يف أغلب ادلول -التخيل عن مبدأ الرضائية يف بعض
العقود و اشرتط الشلكية ويه ختتلف :فقد تكون كتابة العقد ،كام قد تكون وجوب كتابته من قبل
ضابط معويم وشهره يف جسل اإداري معني.
وجيب المتيزي بني الشلك املقرر ل إالثبات والشلك املقرر للصحة؛ فالشلك املقرر ل إالثبات
يكون العقد اذلي ختلف فيه حصيحا منتجا لاثره القانونية ،بيامن الشلك املقرر للصحة فال يكون العقد
حصيحا منتجا لاثره اإل بس تفائه.
-2تقييد مبدأ حرية التعاقد:
يظهر هذا التقييد من جانبني :يمتثل اجلانب الول يف تقييد حرية الفرد يف أن يتعاقد أو ل
يتعاقد،وذكل بمس املصلحة العامة .فالقانون يلزم أحصاب الس يارات بلتأمني عىل خماطر حوادث
املرور ،كام يلزم أحصاب الشقق بلتأمني ضد الكوارث الطبيعية قبل تأجريها...اخل .أما اجلانب الثاين
فيمتثل يف تقييد حرية الطراف يف حتديد مضمون العقد ،مك يف عقد العمل أين يلزم القانون الطراف
بتحديد العطةل الس نوية ،وأايم العطل الس بوعية وحىت الجر ل جيب أن يقل عن احلد الدىن
املضمون .ول يقترص هذا التقييد عىل عقد العمل فقط وإامنا يشمل عقودا أخرى نذكر مهنا عىل سبيل
املثال :ل جيوز الإتفاق عىل عدم الضامن يف عقد البيع اإذا اكن نزع اليد انشئ عن فعل البائع ،كام ل
جيوز للرشاكء يف عقد الرشكة التفاق عىل أن ل يسامه أحد الرشاكء يف أربح الرشكة ول يف
خسائرها ،ول جيوز التفاق عىل فائدة يف القروض بني الفراد.
يطلق الفقه عىل هذا التقييد مصطلح التوجيه الترشيعي؛لن املرشع يوجه إارادة الشخاص
عىل اختاذ موقف معني ،ول يرتك هلم حرية الاختيار.
6
-3تقييد مبدأ القوة امللزمة:
يظهر تقييد هذا املبدأ يف نظرية الظروف الطارئة اليت جيوز فهيا للقايض تعديل العقد مبا حيقق
العداةل و التوازن يف الترشيعات و حقوق الطراف ،ويف حق القايض يف تعديل الرشوط التعسفية و
الرشوط اجلزائية .ويربر هذا احلق بسلطة القايض عىل رفع الظمل عىل الطرف الضعيف.
-4تقييد مبدأ نسبية أاثر العقد:
من أمه اس تثناءات مبدأ نسبية أاثر العقد جند الاشرتاط ملصلحة الغري و التعهد عن الغري ،و
تطبيقاهتا اكلتأمني عىل احلياة ونقل البضائع البحري...اخل.
عىل الرمغ من تراجع مبدأ سلطان ا إلرادة ،فاإنه يبقى الساس اذلي يمت الاستناد عليه يف رشح
نظرية العقد وتأسيس أحاكهما.
اثلثا :تصنيف العقود:
تصنف العقود عدة تصنيفات حبسب الزاوية اليت ننظر مهنا اإلهيا.
-Iتصنيف العقود من حيث النشأة:عقود رضائية و شلكية
-1أساس المتيزي:
تمتزي العقود الرضائية عن العقود الشلكية عىل أساس مدى كفاية ترايض الطراف
لنعقادها؛فالعقد الرضايئ ينعقد حصيحا منتجا لاثره القانونية مبجرد ترايض أطرافه ،بيامن يف العقد
الشلكي و العيين فال يكفي ترايض الطراف و اإمنا جيب اإتباع شلك معني حيدده القانون ،أو تسلمي
العني حمل العقد.
-2أمهية المتيزي:
تمتثل أمهية متيزي العقود الرضائية عن العقود الشلكية يف كون الوىل حتتاج اإىل توافر ثالث
رشوط لنعقادها :الرىض و احملل والسبب ،بيامن حتتاج العقود الشلكية اإىل رشط رابع يمتثل يف
الشلك.
-IIتصنيف العقود من حيث تنظمي املرشع لها :العقود املسامة و العقود غري املسامة.
-1أساس التصنيف:
تصنف العقود من زاوية تسمية املرشع لها وتنظمي أحاكهما اإىل عقود مسامة وعقود غري مسامة.
والعقود املسامة يه تكل العقود اليت خصها املرشع بتسمية و توىل تنظمي أحاكهما ،و من أمثلهتا البيع
والإجيار و الهبة والقرض والرشكة...اخل .كام أن املرشع مل حيرص تنظميها يف التقنني املدين فقط ،بل
جندها كذكل يف التقنني التجاري و قوانني أخرى.
7
أما العقود غري املسامة فهيي تكل اليت مل خيصها املرشع بتسمية معينة ول نظم أحاكهما ،فقد
تركها إلرادة الطراف .وعليه فهيي ل تعد ول حتىص؛ لن حاجهتم ل تعد و ل حتىص.
-2أمهية التصنيف:
تمكن أمهية هذا التصنيف يف سهوةل تفسري العقود املسامة بملقارنة مع العقود غري املسامة؛ فلو مل
يفصل البائع و املشرتي الزتاماهتام فاإن القايض س يكتفي بلرجوع اإىل أحاكم عقد البيع املنصوص علهيا
يف التقنني املدين و اليت تعترب ممكةل إلرادة الطراف .بيامن لو اكن الزناع متعلقا بعقد غري مسمى فاإن
معل القايض لن يكون هبذه السهوةل؛ اإذ يتوجب عليه تكييف العقد و حماوةل مقاربته بعقد مسمى
ليقارب أحاكهمام .وهذا العمل يبقى دامئا نس يب وصعب .هذا ما جعل املرشع يسعى دامئا اإىل تنظمي
أكرب عدد ممكن من العقود ،فقد نظم بيع الشقق عىل التصاممي والبيع بلإجيار وعقود كثرية أخرى حىت
يسهل من معل القضاة و يوحد أحاكهمم.
-IIIتصنيف العقود من حيث حملها :العقود البس يطة والعقود املركبة:
-1أساس التصنيف:
تصنف العقود من حيث حملها اإىل عقود بس يطة يكون حملها معلية اقتصادية واحدة اكلبيع و
الإجيار ،وعقود مركبة يكون موضوعها أكرث من معلية واحدة كعقد الفندقة اذلي هو مزجي من العقود؛
فهو اإجيار بلنس بة للسكن وبيع بلنس بة لللك و معل بلنس بة اإىل اخلدمة و وديعة بلنس بة اإىل
المتعة.
-2أمهية التصنيف:
ليس هناكل أمهية كبرية لهذا التصنيف؛ لن العقد املركب تطبق عليه أحاكم العقود اخملتلفة اليت
يتكون مهنا ،فبالنس بة لعقد الفندقة تطبق أحاكم الإجيار بلنس بة للمسكن و البيع بلنس بة لللك و
املقاوةل بلنس بة للخدمة و الوديعة للمتعة.
-IIتصنيف العقود من حيث حتمل الالزتامات :العقود امللزمة للجانبني والعقود امللومة جلانب
واحد
-1أساس التصنيف:
تصنف العقود من حيث حتمل الالزتامات اإىل عقود ملزمة للجانبني و عقود ملزمة جلانب
واحد
العقود امللزمة للجانبني يه تكل العقود اليت تنشئ الزتامات متقابةل يف ذمة لك من املتعاقدين،
فلك مهنام دائن و مدين ،كعقد البيع اذلي يرتب عىل عاتق املشرتي عدة الزتامات أمهها الالزتام بدفع
8
المثن ،و يرتب عىل عاتق البائع عدة الزتامات أمهها الالزتام بلتسلمي .أما العقود امللزمة جلانب واحد
فهيي تكل اليت تنتج الزتامات عىل عاتق طرف واحد ،فيكون أحد الطرفني دائنا غري مدين و الطرف
الخر مدينا غري دائن ،كعقد الوديعة بدون أجر والهبة.
و ما جتدر الإشارة اإليه هو أن العقد امللزم جلانب واحد خيتلف عن الترصف إبرادة منفردة ،و
يمكن وجه الاختالف يف النشأة؛ اإذ أن العقد امللزم جلانب واحد ينشأ عن توافق إارادتني أو أكرث تعرب
عن مصلحتني متقابلتني ،أما الترصف إبرادة منفردة فينشا عن إارادة أو عدة إارادات تعرب عن مصلحة
واحدة.
-2أمهية التصنيف:
لهذا التصنيف أمهية معلية كبرية ترجع اإىل تقابل الالزتامات وتداخلها يف العقود امللزمة للجانبني
مما يؤدي اإىل نتاجئ هامة ل نراها يف العقود امللزمة جلانب واحد ،واليت س نكتفي يف هذا املقام بتعداد
أمهها:
-الفسخ :اإذا مل ينفذ أحد الطراف الزتاماته يف العقود امللزمة للجانبني حيق للطرف الخر
طلب الفسخ مع التعويض وهو أمر ل ميكن تصوره يف العقود امللزمة جلانب واحد.
-ادلفع بعدم التنفيذ :اإذا أخل أحد أطراف العقد امللزم للجانبني بلتنفيذ وطالب الطرف الخر
بتنفيذ الزتامه جاز لهذا الطرف ادلفع بعدم التنفيذ .وهو أمر ل ميكن تصوره يف العقود امللزمة جلانب
واحد؛ لن أحد الطرفني ل يقع عىل ذمته أي الزتام .
-اخملاطر :لو اس تحال عىل أحد املتعاقدين تنفيذ الزتامه نتيجة قوة قاهرة أو ظرف طارئ حتلل
الطرف الخر من الزتامه فينفسخ العقد من تلقاء نفسه و هو أمر ل حيدث يف العقود امللزمة جلانب
واحد.
-Iتصنيف العقود من حيث الهدف اذلي تسعى اإليه :عقود املعاوضة و عقود التربع
-1أساس التصنيف :عقود املعاوضة يه تكل العقود اليت يأخذ فهيا لك متعاقد عوضا عام
أعطاه ،ففي البيع مثال يأخذ البائع مثنا يقابل قمية اليشء اذلي أعطاه .كام يأخذ املشرتي شيئا يقابل قمية
المثن اذلي سلمه .أما عقود التربع فهيي تكل اليت ل يأخذ فهيا أحد املتعاقدين مقابال ملا أعطاه،اكلهبة،
فالواهب ل يأخذ مقابال من املوهوب هل.
-2أمهية التصنيف :لهذا التصنيف أمهية معلية تؤثر عىل النظام القانوين للكى العقدين ،نذكر
مهنا:
9
-الاعتبار الشخيص :تكون لشخص املس تفيد يف عقود التربع أمهية كبرية عكس عقود
املعاوضة؛ فاإن مل يكن همام ملن نبيع فاإنه من املهم جدا من نتربع هل .والغلط يف خشص املتربع هل سبب
من أس باب البطالن .
-املسؤولية :تكون مسؤولية املتربع أخف من مسؤولية املتربع هل لنه يتلقى عوضا ،فاملتربع ل
يلزتم بضامن التعرض و الاس تحقاق و العيوب اخلفية بس تثناء التعرض الشخيص ،عكس البائع اذلي
يلزتم بلضامن.
-الإنقاص من اذلمة املالية :تؤثر عقود التربع سلبا عىل ذمة املتربع ،هذا ما جعل من اجلائز أن
يطعن فهيا دائنو املتربع بدلعوى البوليصية دون حاجة اإىل اإثبات سوء نية املتربع هل؛ لن هذه العقود
تنقص من الضامن العام دلائهنم.
-VIتصنيف العقود من حيث حمتوى الالزتامات :العقود احملددة commutatifو العقود
الاحامتليةaléatoire
-1أساس التصنيف :يكون العقد حمددا اإذا اكنت الزتامات الطراف حمددة وقت اإنشاء
العقد ،كبيع يشء معني .و يكون احامتليا اإذا اكن أداء أحد الطراف يتوقف يف نشأته أو يف مداه عىل
أمر مس تقبيل غري حمقق احلصول أو غري معروف وقت حصوهل ،كعقد التأمني ضد حوادث املرور.
فاحلادث املؤمن ضده قد حيدث وقد ل حيدث ،كام الرضار اليت تنتج عنه غري مقدرة مما جيعل مقدار
التعويض غري ممكن حتديده اإل وقت وقوعه.
-2أمهية هذا التصنيف :لهذا التصنيف أمهية حمددة تمتثل يف كون الغنب ل يؤثر عىل حصة
العقود الاحامتلية؛ لن الاحامتل يستبعد الغنب .غري أن هناكل اجتاه يف الفقه يرى أن الاحامتل ل
يستبعد الغنب ،كام أن انعدام الاحامتل ) ( l’aléaجيعل العقد بطال ،فلو بع خشص مزنل مقابل اإيراد
يعطى لوادله مدى احلياة فميوت وادله قبل اإبرام العقد.
-IIIتصنيف العقود من حيث زمن تنفيذ الالزتامات :العقود الفورية و العقود املس مترة
-1أساس التصنيف :يكون العقد فوراي اإذا اكن تنفيذ الداءات الناجتة عنه ل تتطلب زمنا
لتنفيذها ،ول نقصد هبذا املعىن أهنا واجبة التنفيذ فور الإبرام و اإمنا نقصد بأن تنفيذها ل يتطلب زمنا
طويال ،حفىت لو تراىخ التنفيذ فهيي تبقى فورية ،فالبيع يبقى عقدا فوراي و لو اتفق الطراف عىل أن
يمت التسلمي وادلفع يف وقت لحق.
10
ويكون العقد زمنيا اإذا تطلب تنفيذ الداءات الناجتة عنه زمنا معينا ،كعقد الإجيار و عقد
العمل و عقد التوريد .فالزمن يف هذه العقود عنرص جوهري حبيث يكون هو املقياس يف تقدير قمية
املقابل.
-2أمهية هذا التصنيف :تمتثل أمهها يف الي:
-الثر الرجعي للفسخ :يكون للفسخ يف العقود الفورية أثر رجعي أما يف العقود الزمنية فال
ميكن ذكل .فاملس تأجر ل ميكنه أن يرد ما انتفع به.
-الظروف الطارئة :هذه النظرية كثرية التطبيق يف العقود املس مترة و اندرة جدا يف العقود
الفورية.
اإهناء العقد إبرادة منفردة :يرى الفقه أنه جيوز اإهناء العقود املس مترة و غري حمددة املدة إبرادة
منفردة؛ لن الالزتام للبد مناقض للحرية الفردية.
بعد أن فرغنا من الالكم يف المتهيد لنظرية العقد ،سنتعرض لراكن العقد (املبحث الول) و
جزاء ختلفها (املبحث الثاين).
املبحث الول
رشوط انعقاد العقد
كام س بق ورأينا ،يس يطر مبدأ سلطان ا إلرادة عىل رشوط انعقاد العقد ،فاملهم يف الانعقاد
هو ا إلرادة واليت ينظر اإلهيا من لك اجلوانب:
-هل أراد الطراف التعاقد؟ فيجب حبث الرىض.
-ماذا أراد الطراف؟ فيجب حبث احملل.
-ملاذا أراد الطراف التعاقد؟ فيجب حبث السبب.
-وهل تكفي إارادة الطراف لصحة التعاقد؟ فنبحث الشلك.
11
املطلب الول :الرتايض
يعرف الرتايض عىل أنه تطابق إارادتني عىل القل؛ لن العقد ميكن أن يربم من قبل عدة
أشخاص ،غري أنه من املألوف أن يمت حتليل هذه العملية عىل أساس الفرضية الكرث بساطة و املمتثةل
يف انعقاده من قبل طرفني فقط.
واملالحظ أنه اإذا اكن وجود ا إلرادتني اكفيا لوجود العقد ،فاإنه غري اكف لصحته .هذا ما جعل
الترشيع صارما يف هذا اجملال ،اإذ مل يشرتط وجود ا إلرادة فقط (فرع أول) ،بل اشرتط كذكل أن
تكون حرة ومدركة حىت ل يكون العقد معيبا وقابال ل إالبطال ( فرع اثين).
الرتايض هو تطابق إارادتني .غري أن السؤال :ما يه عنارص هذا التطابق وكيف يمت؟
حيلل الفقه الالكس ييك معلية الرتايض عىل أهنا معلية يمت فهيا تبادل التعابري عن ا إلرادة قصد
اإجياد جمال لالتفاق .تعرف هذه املرحةل بلتفاوض و اليت تنهتيي بإجياب يطابقه قبول .وإان اكنت هذه
الصورة الالكس يكية يه الكرث ش يوعا ( أول) فاإهنا ليست الوحيدة؛ اإذ أن هناكل صور أخرى ل تمت
هبذا الرتتيب( اثنيا).
أول :الصورة الالكس يكية للرتايض
ل ميكن التحدث عن انعقاد العقد مبجرد وجود إاراداتن ترغبان فيه؛ لنه ل ميكن أن حيدث
العمل هبام ،فا إلرادة الباطنة ل تنشئ العقد و اإمنا جيب التعبري عهنا حىت ميكن للطرف الثاين اإدراكها.
وحبمك طبيعة الش ياء ،يس بق تعبري عن ا إلرادة التعبري الخر ،غري أن هذا ل يعين بلرضورة
أن التعبري اذلي يس بق هو الإجياب ،لن التعبري الخر قد يغري فيه فيتحول هو اإىل اإجياب و التعبري
الول جمرد دعوة اإىل التعاقد ،وهكذا حىت تس تقر المور فيكون أحد التعبريان اإجياب و الثاين قبول
فيحدث التطابق.
س نفصل لك عنرص من هذه العنارص املشلكة للرتايض:
12
:Iالإجياب
:IIالقبول
:IIIتطابق الإجياب بلقبول
:Iالإجياب
هو ذكل التعبري عن ا إلرادة املوجه لشخص حمدد أو غري حمدد ( امجلهور) ،واذلي يتضمن
العنارص اجلوهرية للعقد املراد اإبرامه ،و يعرب عن نية القامئ به يف الارتباط اإذا ما طابقه قبول .يشمل
هذا التعريف العنارص الساس ية اليت يشرتطها الفقه لتكييف أي دعوة اإىل التعاقد عىل أهنا اإجياب .كام
أنه أيضا ل يضع طريقة حمددة للتعبري عنه.
اإذا اكنت خصائص الإجياب( )1و طرق التعبري عنه( )2ل تطرح أية اإشاكلت فاإن مسأةل
حتديد قميته القانونية تطرح بعض املشالك(.)3
-1خصائص الإجياب:
ل يعترب أي عرض للتعاقد اإجياب ،فقد اشرتط الفقه منذ القدمي رشطان لإعطاء التعبري عن
ا إلرادة هذا التكييف وهام :أن يكون دقيقا و بات.
أ-أن يكون التعبري عن ا إلرادة دقيقا.
الإجياب هو ذكل التعبري عن ا إلرادة املوجه لإنشاء عقد مبجرد قبوهل ،وعليه جيب أن يكون
دقيقا حىت يكفي القبول املمتثل يف عبارة «نعم» من اإحداث أثر نشأة العقد ،غري أن هذا ل يعين
وجوب مشول الإجياب للك رشوط العقد ،وإامنا عليه أن يشمل وجوب الرشوط أو العنارص الساس ية
للعقد املراد اإبرامه ،فلو اكن بيعا ،لاكن من الرضوري أن حيتوي التعبري عن ا إلرادة اليشء املبيع و
المثن ،ولو اكن اجيارا العني و أقساط الإجيار...اخل.
وهذه اخلاصية يه اليت متزي الإجياب عن ادلعوة اإىل التعاقد ،و اليت تمتثل يف دعوة هتدف اإىل
ادلخول يف مفاوضات فقط قد تنهتيي بإبرام عقد أو عدم اإبرامه ،كام لو اتصل خشص مبصنع معني
لإفادته مبنتجاهتم وأمثاهنا،فاإنه لن يمت أي عقد عن اإفادته مبنتجاهتم وأمثاهنا؛ اإذ تعترب هذه املرحةل مرحةل
اس تكشافية .هذا ما بعرب عنه العرض غري ادلقيق أي الواسع اذلي يقوم به الشخص حني اتصاهل
بملصنع .أو كام لو عرض خشص عىل أخر رشاء س يارة دون حتديد مثهنا فيكون قبول العرض قبول
دلخول املفاوضات ل قبول منش ئا للعقد.
ب-أن يكون بات:
13
يقصد بوجوب كون الإجياب بات أن تتوافر دلى املوجب نية الارتباط التعاقدي يف حاةل ما اإذا
طابق قبول إاجيابه .وتبقى مسأةل تقدير ما اإذا اكن الإجياب بات أو ل من سلطة قايض املوضوع؛ لهنا
مسأةل حساسة قد ينكرها املوجب اإذا تعارضت مع مصلحته .كام أن مسأةل وجوب كون الإجياب بات
تطرح اإشاكلية قميته القانونية يف حاةل ما اإذا اقرتن بتحفظ.
س ندرس مفهوم التحفظ مث القمية القانونية ل إالجياب املقرتن به.
-مفهوم التحفظ:
التحفظ هو تقييد املوجب لإجيابه ،و قد ميس هذا التقييد معلية التعاقد يف حد ذاهتا كام لو
عرض خشص عقد معل حمدد املدة مع احتفاظه حبق استبعاد أي خشص ل يرىض به .كام قد ميس
برشوط التعاقد و مثاهل أن يعرض خشص بيع سلعة معينة بمثن معني مع احتفاظه بإماكنية تغيري المثن.
و التحفظ قد يكون رصحيا كام قد يكون مضنيا يستشف من وقائع احلال .فعرض سلعة معينة
قد تكون عن طريق منشورات تتضمن التحفظ «المكية حمدودة» ،كام قد يفهم ذكل دون أن تتضمن
املنشورات هذه العبارة.
-القمية القانونية ل إالجياب املقرتن بتحفظ:
لكون التحفظ تقييد للعرض املوجه للتعاقد ،فاإن تكييف هذا العرض عىل أنه اإجياب مرتبط
مبدى موضوعية التحفظ حىت ل يتخلص املوجب من اإجيابه بصورة تعسفية .فاإذا اكن التحفظ مرتبط
مبسائل موضوعية مس تقةل عن إارادة املوجب توافق التحفظ مع كون الإجياب بات و احتفظ التعبري عن
ا إلرادة املقرتن به بصفة الإجياب ،اكلعرض بلبيع املقرتن بتحفظ حمدودية المكية .أما اإذا اكن التحفظ
مرتبطا مبسائل خشصية حبتة؛ فاإن التعبري عن ا إلرادة املقرتن به يفقد صفة الإجياب.
-2طرق التعبري عن ا إلرادة:
ميكن التعبري عن الإجياب بطريقة رصحية و ميكن التعبري عنه بطريقة مضنية .كام قد يوجه
لشخص حمدد أو للجمهور.
أ-التعبري الرصحي:
يكون التعبري رصحيا اإذا اكن املظهر اذلي اختذه ل يدع شاك يف دللته عن الكشف عن هذه
ا إلرادة حسب املألوف بني الناس.
اللفظ و الكتابة هام الكرث تداول بني الناس.غري أنه ميكن أن يكون عن طريق وسائل أخرى
اكختاذ ترصف أو موقف ل يدع شاك يف دللته عىل حقيقة املقصود اكلبائع اذلي يعرض سلعة علهيا
مثن ،أو كوقوف س يارة أجرة يف حمطة نقل.
14
ب-التعبري الضمين:
هو لك ترصف أو موقف يتخذه الشخص ل يكون يف ذاته موضوعا للكشف عن ا إلرادة يف
التعاقد ،غري أنه يفرتض وجودها بلنظر اإىل الظروف احمليطة .وهو نوع اندر يف الإجياب عكس
القبول،وميكن أن نذكر اإجياب جتديد الإجيار اذلي ميكن التعبري عنه بلبقاء يف العني املؤجرة؛ اإذ يفهم
من هذا الترصف اإجياب جتديد الإجيار بنفس الرشوط.
ج-الإجياب املوجه لشخص حمدد و الإجياب املوجه للجمهور:
قد يوجه املوجب عرضه – حسب احلاجة – اإىل خشص معني أو اإىل أشخاص غري معينني؛
أي امجلهور .فالشخص اذلي يريد بيع شقة من عامرة قد يوجه عرضه ببيع الشقة اإىل خشص معني
بذلات اإذا اكن همامت بجلار املس تقبيل ،كام قد يوجه هذا العرض للجمهور بإنزال اإعالن بذكل يف
جريدة معينة اإذا مل يكن همامت بشخص املشرتي ،فيتحدد املشرتي بلشخص الول اذلي س يعرب عن
قبوهل .أو كصاحب احملل اذلي يعرض بضاعته للبيع معلنا مثهنا.
اإن اكن الإجياب املوجه للجمهور من الناحية النظرية ل يطرح أي اإشاكل فاإنه من الناحية
العملية غالبا ما ل تتحقق فيه صفة البتة ،فاإعالانت التشغيل تتضمن عادة حتفظات تتعلق مبسائل
خشصية ،فليس أول من جييب عن الإعالن حيصل عىل الوظيفة و اإن اكنت تتحقق فيه مجيع
الرشوط .هذا ما يسقط وصف الإجياب عن مثل هذه الإعالانت و جيعلها دعوة اإىل التعاقد.
-3القمية القانونية ل إالجياب:
يمت العقد مبجرد قبول الإجياب .1غري أن السؤال اذلي يبقى مطروحا هو :ما يه قمية الإجياب
يف الفرتة املمتدة ما بني صدوره و قبوهل ؟ مبعىن هل يكون املوجب ملزما بلبقاء عىل اإجيابه أو ميكنه
العدول عنه مىت شاء؟ و مىت يسقط الإجياب؟
أ-مسأةل الالزتام بلبقاء عىل الإجياب:
بلرجوع اإىل الفقه الالكس ييك ،ل جمال ملناقشة مسأةل الالزتام بلبقاء عىل الإجياب؛ لن هذا
الفقه ل يعرتف لقدرة ا إلرادة املنفردة عىل اإنشاء الالزتامات ،فاملصدر ا إلرادي الوحيد لاللزتام هو
العقد؛ أي تطابق إارادتني .و مبا أن الإجياب هو تعبري عن إارادة واحدة فال ميكنه اإنشاء الالزتام.
أما موقف الفقه احلديث فقد تغري وأصبح يعرتف بقدرة ا إلرادة عىل اإنشاء الالزتامات ،هذا
من هجة ،ومن هجة أخرى تفطن للرضار اليت قد تلحق مبن وجه اإليه الإجياب يف حاةل العدول
يس بق – حبمك طبيعة الش ياء -تعبري عن ا إلرادة التعبري عن ا إلرادة الخر ،يعرف الول
بلإجياب ،ول يالقيه دامئا قبول ،فقد يصدر قبول مغاير هل ،فيعترب مبثابة اإجياب جديد ،1وهكذا
دواليك حىت يصدر قبول هنايئ .تسمى هذه املرحةل مبرحةل التفاوض؛ أين يمت مناقشة لك رشوط
العقد.
يبدأ اإذا التعاقد طبقا للمخطط الالكس ييك مبرحةل تفاوض تنهتيي بصدور اإجياب يالقيه قبول
مطابق فيحدث الاقرتان اذلي يمت به العقد.
وهناكل حالت ل يمت فهيا العقد هبذا الرتتيب ،فيتشوه هذا اخملطط الالكس ييك و نكون أمام
صورة خاصة من الرتايض؛ اإذ يمت التعبري عن ا إلرادة من خشص ل يكون طرفا يف العقد كام يف التعاقد
21
عن طريق النيابة ،أو يمت تعليق أاثر العقد اإىل وقت لحق كام يف الوعد بلتعاقد ،أو يكون القبول
سابق عن الإجياب كام يف التعاقد عن طريق املزايدة أو املناقصة ،أو يكون التفاوض منعدما كام يف
عقود الإذعان.
سنتلكم يف أغلب هذه احلالت:
:Iالوعد بلتعاقد:
الوعد بلتعاقد كثري الوقوع يف احلياة العملية ،فهو يسمح للشخص بتلبية بعض حاجياته
املس تقبلية ،فالشخص اذلي ينوي رشاء قطعة أرض جماورة ملزنهل ومل تتوافر دليه الس يوةل بعد ،وهو
يعمل أهنا ستتوافر دليه بعد مدة معينة ،ميكنه اإبرام وعد بلرشاء لهذه القطعة الرضية حىت ل يفوت
فرصة رشاهئا.
والوعد بلتعاقد عقد اكمل يتوافر عىل اإجياب و قبول واقرتان هذا الخري بلإجياب ،كام أنه
يتوجب فيه اس تفاء الشلك اإذا اكن العقد موضوع الوعد شلكيا .1وهو أيضا ل ينعقد اإل اإذا مت تعني
مجيع املسائل اجلوهرية للعقد املراد اإبرامه و املدة اليت جيب تكريسه فهيا.2
و املسائل اجلوهرية ختتلف بختالف العقد املراد اإبرامه :فلو اكن بيعا وجب تعيني املبيع و
المثن ،3ولو اكن اإجيارا وجب تعيني العني و بدل الإجيار و مدته ،4ولو اكن مقايضة وجب تعيني
العينني موضوع املقايضة .5وإان مل يمت تعيني هذه املسائل فاإن الوعد لن يمت.
أما فامي يتعلق بملدة اليت جيب من خاللها اإبرام العقد املوعود به ،فاإنه ليس من الرضوري
حتديدها رصاحة ،وإامنا يكفي أن تكون قابةل للتحديد .وإاذا اختلفا يف حتديدها فاإن القايض يتكفل
بذكل.
سنتلكم يف رشوط الوعد بلتعاقد( )1و أاثره(.)2
-1رشوط الوعد بلتعاقد:
22
الوعد – كام سلف و أن ذكران -عقد اكمل يس توجب لقيامه رشوط قيام أي عقد من تراض
وحمل وسبب وشلك اإن اكن العقد املوعود به شلكيا ،غري أن ما جيب تدقيقه بشأن هذه الرشوط
مسأةل الهلية.
فاإذا اكن الوعد ملزما للجانبني ،اكنت الهلية املطلوبة لإبرام العقد الهنايئ مطلوبة أيضا يف
الوعد .أما اإذا اكن الوعد ملزما جلانب واحد فاإن الهلية تشرتط اكمةل بلنس بة للواعد ،أما يف املوعود
هل فتشرتط فيه ،فقط ،أهلية اكتساب احلقوق عن طريق اإبرام الترصفات القانونية؛ أي أهلية المتيزي.
وهذا فامي يتعلق بلوعد ل العقد الهنايئ؛ لن هذا الخري قد يكون ملزما للجانبني ،فيشرتط يف املوعود
هل الهلية الاكمةل لإبرامه.
أما فامي يتعلق بعيوب ا إلرادة فتقدر بلنس بة للك من الواعد و املوعود هل وقت الوعد ووقت
اإبرام العقد الهنايئ؛ لن لك العقدين يكون فهيام ترايض.
-2أاثر الوعد بلتعاقد:
ختتلف أاثر الوعد بختالف املرحةل اليت نبحث فهيا هذه الاثر ،فهيي ختتلف يف مرحةل ما قبل
حلول امليعاد أو اإبداء الرغبة عن مرحةل ما بعد حلولها.
أ-مرحةل ما قبل حلول امليعاد أو اإبداء الرغبة:
ل تنشأ عن الوعد -يف هذه املرحةل -سوى احلقوق الشخصية ولو اكن حمل العقد الهنايئ حقوقا
عينية .ففي الوعد امللزم للجانبني يلزتم الطرفني بإبرام العقد الهنايئ وقت حلول الجل ،أما يف الوعد
امللزم جلانب واحد فيلزتم الواعد بإبرام العقد املوعود مىت حل الجل و أبدى املوعود هل برغبته يف اإبرام
العقد ،ول يكون عىل ذمة املوعود هل أي الزتام .ويرتتب عىل هذا المر نتيجتان:
-تبقى امللكية يف ذمة الواعد :وهل أن يترصف فهيا كام شاء قبل حلول امليعاد ،وتكون ترصفاته
سارية يف مواهجة املوعود هل اذلي ل يكون هل سوى طلب التعويض من الواعد.
-حتمل الواعد تبعة هالك اليشء :ذكل لنه املاكل .غري أنه يتحلل من مسؤولية الضامن جتاه
املوعود هل يف حاةل القوة القاهرة.
ب-مرحةل ما بعد حلول امليعاد أو اإبداء الرغبة:
اإذا حل امليعاد الزتم أطراف الوعد امللزم للجانبني بإبرام العقد الهنايئ ،وإاذا نلك احدهام فاإنه
ميكن للطرف الخر أن جيربه عىل التنفيذ قضائيا ،ويقوم احلمك يف هذه احلاةل مقام العقد الهنايئ .وكذكل
يف الوعد امللزم جلانب واحد،فاإذا أبدى املوعود هل رغبته يف اإبرام العقد الهنايئ خالل امليعاد املتفق عليه
23
مت العقد ،وإاذا نلك الواعد وعده قام احلمك مقام العقد.أما اإذا مل يبد املوعود هل رغبته يف اإبرام العقد بعد
انقضاء امليعاد احنل الواعد من وعده.
يظهر مما سلف ،أن الصورة اخلاصة للتعاقد ل تظهر يف الوعد نفسه وإامنا يف العقد موضوع
الوعد ،أين يكون فيه اجياب و قبول وعمل لك من املوجب و املوجب هل هبام غري أن الإقرتان ل حيدث
يف احلال ،وإامنا بعد مرور مدة معينة؛ فالتشوه اذلي حيدث يف اخملطط الالكس ييك يمتثل يف تأجيل
اقرتان الإجياب بلقبول اإىل وقت لحق.
:IIالتعاقد عن طريق النيابة
النيابة يف التعاقد يه حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل يف انشاء الترصف القانوين مع
انرصاف الاثر القانونية لهذا الترصف اإىل ذمة الصيل .و النيابة قد تكون قانونية اإذا اكن مصدرها
القانون كام يف الويل والويص ،وقد تكون قضائية كام يف احلراسة القضائية ،وكام قد تكون اتفاقية كام
يف الواكةل.
والنيابة ل تصح اإل برشوط معينة( )1ولها أاثر خاصة( ،)2كام أنه قد حيدث أن ينوب
الشخص الواحد عن الطرفني؛ فيتعاقد بصفته انئبا و أصيال ،ويه احلاةل اليت يتعاقد فهيا الشخص مع
نفسه(.)3
-1رشوط النيابة:
تمتثل رشوط النيابة يف التعاقد فامي ييل:
أ-حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل.
ب-أن يمت التعاقد بمس الصيل ل بمس النائب.
ج-أن ل تتجاوز إارادة النائب احلدود املرسومة للنيابة.
أ-حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل:
ونقصد بذكل أن تكون العربة إبرادة النائب ونيته ل إارادة الصيل ،وهذا ما ميزي النائب عن
الرسول اذلي يقترص دوره عىل نقل إارادة الصيل اإىل الطرف املتعاقد مع هذا الخري .فيكون العقد
املربم عن طريق الرسول عقدا ما بني غائبني؛ لن الرسول ما هو اإل انقل لرساةل .بيامن العقد املربم عن
طريق النيابة هو عقد مربم ما بني حارضين؛ لن للنائب سلطة اختاذ القرار يف حدود السلطات اليت
خيوهل اإايها عقد النيابة .و يرتتب عن حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل النتاجئ التالية:
24
-يمت النظر عند دراسة عيوب ا إلرادة اإىل إارادة النائب ل إارادة الصيل .فيقع العقد بطال اإذا
وقع النائب يف غلط أو تدليس أو اإكراه حىت وإان مل يقع الصيل يف هذه العيوب.
-تلمتس معطيات مبدأ حسن النية عند النائب ل الصيل؛فاإذا اكن النائب حسن النية يف
تعامهل مع مدين معرس ،فال جيوز دلائين الصيل الطعن يف العقد بدلعوى البوليصية حىت ل ينتج
الترصف أاثره يف مواهجهتم .غري أنه اإذا اكن النائب يترصف وفقا لتعلاميت حمددة صادرة من قبل
الصيل ،فاإن نية هذا الخري يه اليت تكون حمل اعتبار ل نية النائب.
أما فامي يتعلق بلهلية ،فهيي تشرتط يف الصيل ول تشرتط يف النائب،فيجوز أن يكون
النائب قارصا ممزيا أو حمجورا عليه.
ب-أن يمت التعاقد بمس الصيل ل بمس النائب:
جيب أن يكون تعامل النائب مع الغري بمس الصيل ،ولو تعامل بمسه ملا اكنت هناكل نيابة
حىت ولو اكنت أحاكم عقد الواكةل تقيض بذكل ،ونكون أمام التعاقد بمس مس تعار فمنزي ما ييل:
تنرصف أاثر العقد املربم اإىل النائب و يكون ملزما طبقا لحاكم الواكةل بتحويلها اإىل الصيل ،و قد
تنرصف مبارشة اإىل ذمة الصيل اإذا اكن يس توي عند من تعاقد معه النائب أن يتعامل مع الصيل أو
النائب؛ أي ميد اعتبارا لشخص املتعاقد.1
جيب اإذن وقت أن يتعاقد النائب مع الغري أن يعلمه بأنه يتعاقد بمس الصيل و حلسابه ،وقد
يمت الإعالم رصاحة كام قد يفهم من الظروف احمليطة بعملية التعاقد ،كام لو قام عامل ورشة ببيع أحد
منتجاهتا يف غياب صاحاها .و النيابة ل تقوم اإذا اكنت نية الغري تريم اإىل التعاقد مع النائب ل الصيل.
ج-أن ل تتجاوز إارادة النائب احلدود املرسومة للنيابة:
اإذا اكنت النيابة يف حد ذاهتا يه حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل ،فاإنه جيب أن حتل
حملها يف احلدود اليت حيددها القانون أو احلمك أو التفاق حبسب نوع النيابة ،وإاذا جتاوزت إارادة
النائب هذه احلدود فقد ترصفه صفة النيابة ،وما ينشأ عن هذا الترصف ل يضاف اإىل ذمة الصيل.2
هذا ما مل يكن املتعاقد الخر حسن النية ،أما اإذا اكن كذكل ،فاإنه اس تثناء س تضاف هذه الاثر اإىل
الصيل؛ لن املتعاقد مل يعمل بتجاوز النائب حلدود نيابته ،كام لو اكنت نيابة النائب قد انقضت دون
25
علمه أو عمل من تعاقد معه 1أو يف حاةل موت املولك دون عمل الوكيل فتنرصف الاثر اإىل الورثة أو يف
حاةل تعذر اإخطار املولك بلتجاوز مع توافر ظروف يغلب معها الظن مبوافقة املولك.2
كام أن اإقرار الصيل للتجاوز بعد العمل به جيعل منه و كنه مت يف حدود الواكةل ،و تلحق أاثر
العقد بلصيل من وقت التعاقد ل من وقت الإقرار.3
-2أاثر النيابة:
تشمل هذه الاثر ثالث عالقات :عالقة الصيل بلنائب أ )1وعالقته بملتعاقد (ب) و أخريا
عالقة النائب بملتعاقد (ج).
أ-العالقة بني الصيل و النائب :حتدد أحاكم هذه العالقة بملصدر اذلي أنشأها :القانون أو
احلمك أو التفاق.
ب-العالقة بني الصيل و املتعاقد :تنشأ عالقة مبارشة بني الصيل و املتعاقد مع النائب،
وخيتفي خشص هذا الخري؛ أي النائب ،من بيهنام ،فهام املتعاقدان الذلان ستنرصف أاثر العقد اإلهيام.
ج-العالقة بني النائب و املتعاقد :ل تلحق أاثر العقد بلنائب و اإمنا تلحق بلصيل ،ويرتتب
عىل ذكل أن النائب ل يس تطيع مطالبة هذا الخري بأي حق من احلقوق اليت أنشأها العقد ،وكذكل
المر بلنس بة للمتعاقد .غري أن النائب يكون مسؤول عن خطئه اإبن اإنشاء العقد اإما حنو املتعاقد أو
حنو الصيل حبسب املترضر ،و هذا تطبيقا لحاكم النيابة و املبادئ العامة للمسؤولية.4
-3تعاقد الشخص مع نفسه:
تعترب مسأةل تعاقد الشخص مع نفسه من النتاجئ املنطقية لتقنية النيابة يف التعاقد اليت تقيض
جبواز أن يعرب خشص من الغري عن إارادة أحد املتعاقدين أو الكهام .ويتحقق التعاقد مع النفس يف
صورتني:
-يتعاقد الشخص مع نفسه بصفته أصيال من هجة ،وانئبا عن غريه من هجة أخرى ،كام لو
اشرتى النائب اليشء اذلي ولك لبيعه.
26
-يتعاقد الشخص مع نفسه بعتباره انئبا عن الطرفني ،كام لو ولك من طرف لبيع عقار وولك
-يف نفس الوقت -من قبل خشص أخر لرشاء عقار ،فيشرتي هل العقار اذلي ولك لبيعه.
و التعاقد مع النفس حمضور من حيث الصل يف الترشيع اجلزائري ،فهو خيضع اإما اإىل
ترخيص أو اإجازة ،وقد نصت املادة 77من التقنني املدين اجلزائري عىل « :ل جيوز لشخص أن
يتعاقد مع نفسه بمس من ينوب عنه سواء أاكن العقد حلسابه هو أم حلساب خشص أخر ،دون
ترخيص من الصيل عىل أنه جيوز للصيل يف هذه احلاةل أن جيزي التعاقد لك ذكل مع مراعاة ما خيالفه
مما يقيض به القانون و قواعد التجارة».
يظهر من هذه التقنية أن تاليق ا إلرادات ل يكون وفقا للمخطط الالكس ييك و هو أن يصدر
التعبري عن ا إلرادة من أطراف العقد ،ففي لك من النيابة و التعاقد مع النفس يصدر أحد التعبريين
عن ا إلرادة من خشص أجنيب عن العقد.
:IIIالتعاقد عن طريق املزايدة أو املناقصة:
تمت بعض العقود عن طريق املزايدات أو املناقصات ،ويه تكل العقود اجلربية اليت يلزم فهيا
الشخص بلبيع مثال كام يكون احلال يف حاةل بيع أمالك املدين من أجل الوفاء بديونه ،أو تكل البيوع
اليت هيدف القانون اإىل حامية مالكها كبيع أموال القارص اليت ختضع اإىل ترخيص من القايض ،أو تكل
العقود الإدارية و املنصوص علهيا يف قانون الصفقات العمومية.
يكيف افتتاح املزاد عىل أنه دعوة اإىل التعاقد وأن العطاء اذلي يصدر من املزايد أو املناقص
هو الإجياب ،وأن هذا الإجياب يسقط مىت تقدم مزايد أخر بعطاء أعىل يف املزايدة أو عطاء أقل يف
املناقصة ،وهكذا حىت يرسو املزاد ويمت العقد.1
وما ميزي هذا النوع من التعاقد هو أن مسأةل القبول غري مرهونة إبرادة الشخص ،فالعطاء اذلي
يرسو عليه املزاد يشلك اإجياب مقبول؛ لن الإجياب موجود قبهل ،فافتتاح املزاد يعين اإعطاء قبول
مس بق لحسن عرض يرسو عليه املزاد ،فالقبول يكون سابقا عن الإجياب وهذا ما يشلك الصورة
اخلاصة للرتايض يف هذا النوع من التعاقد.
:IIالتعاقد بلعربون:
تنص املادة 72مكرر من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه « :مينح دفع العربون وقت اإبرام
العقد للك من املتعاقدين احلق يف العدول عنه خالل املدة املتفق علهيا ،اإل اإذا قىض التفاق خبالف
27
ذكل ،فاإذا عدل من دفع العربون فقده ،وإاذا عدل من قبضه رده ومثهل ،ولو مل يرتب العدول أي
رضر.».
للعربون دللتان يف القانون :فقد يدل عىل رغبة املتعاقدين يف حفظ احلق للك مهنام يف العدول
عن العقد مقابل أن يدفع من يريد العدول قدر هذا العربون للطرف الخر ، 1وإاما تأكيد العقد وجعهل
بات ل رجوع فيه فيعترب العربون جزء من التنفيذ.2
ويظهر من نص املادة 72مكرر أن الصل يف مفهوم العربون هو املدلول اذلي يعطيه
املتعاقدان هل أثناء التعاقد « ...اإل اإذا قىض التفاق خبالف ذكل»؛ فباإماكن الطرفان اإعطاؤه مدلول
تأكيد العقد ،غري أنه يف غياب التفاق يأخذ مدلول احلق يف العدول خالل الفرتة املتفق علهيا ،عىل أن
يدفع من بدر بلعدول قدر العربون اإىل الطرف الخر .ول يعترب العربون تعويضا عن الرضر اذلي
حلق املتعاقد من حل الرابطة العقدية ،فاملرشع يقره حىت يف غياب الرضر ،مما جيعل منه مثنا للعدول.
:Iعقود الإذعان:
الصل يف العقد أن يربم بعد تفاوض و مناقشة لرشوطه ،غري أنه يف بعض احلالت قد يضطر
الشخص اإىل قبول الرشوط دون مناقش هتا .تعرف العقود اليت تربم هبذه الطريقة بعقود الإذعان ،و
يسمهيا الفرنس يون بعقود الانضامم contrats d’adhésionsو يه تسمية ابتدعها الفقيه سايل؛ لن
من يقبل العقد ينظم اإليه دون أن يناقش رشوطه .بيامن تسمية عقود ا إلذعان ابتدعها الفقيه الس هنوري
ملا يشعر به املتعاقد من اإذعان جراء اضطراره قبول رشوط العقد دون مناقشة.
ويضطر الشخص لإبرام مثل هذه العقود يف حاةل ما اإذا:
-1تعلق المر بسلع أو خدمات تعترب من الرضورايت بلنس بة للشخص ،كعقود توريد املاء و
الكهربء و الغاز.
-2تعلق المر بحتاكر سلعة أو خدمة سواء تعلق المر بحتاكر قانوين أو فعيل حبيث تاكد
تنعدم املنافسة.
-3رغبة توحيد رشوط العقد ممن يعرض السلعة أو اخلدمة.
ومن هنا يظهر معيار متيزي عقود الإذعان عن العقود الخرى ،وهو معيار القوة الاقتصادية؛
ففي عقود الإذعان يكون أحد الطرفني متفوق اقتصاداي عىل الطرف الخر مما يسمح هل بفرض
28
رشوطه وإامالء بنود العقد عىل الطرف الخر .هذا ما بعث بلترشيع اإىل وضع أحاكم تسمح للقايض
بلتدخل محلاية الطرف الضعيف اقتصاداي؛ فاإذا احتوى العقد رشوطا تعسفية جاز للقايض أن يعدل
هده الرشوط أو أن يعفي مبارشة الطرف املذعن مهنا اإذا اكن هذا ما تقتضيه أحاكم العداةل .كام يفرس
الشك دامئا ملصلحة الطرف املذعن دائنا اكن أو مدينا.
ففي عقود الإذعان ل ميكن للطرف الضعيف اقتصاداي مناقشة رشوط العقد ،مفسأةل التفاوض
منعدمة يف هذا النوع من العقود ،وهو ما يشوه اخملطط الالكس ييك لتاليق ا إلرادات و جيعل هذا
النوع من التعاقد صورة خاصة للرتايض.
الفرع الثاين :حصة الرتايض
يشرتط املرشع خلو ا إلرادة من العيوب حىت يصح الرتايض ،وهو رشط متصل اتصال وثيقا
مببدأ سلطان ا إلرادة؛ فال سلطان إلرادة معيبة ل متزي ما تقيض فيه .مفن حيث املبدأ ،ينتج الترصف
القانوين ا إلرادي عن معلية تداولية ،يقوم فهيا املترصف بفحص سلبيات و اجيابيات الترصف اذلي هو
مقدم عليه ،ومن الظاهر أل يكون لهذه العملية من معىن اإذا اكنت هذه ا إلرادة غري واعية لنقص يف
الهلية ،أو اكنت تعمتد عىل معطيات خاطئة لوقوع الشخص يف غلط عفوي أو لتعمد الطرف الخر
اإيقاعه فيه ( التدليس) .كام ل يكون ،كذكل ،لعملية التداول هذه من معىن اإذا اكنت ا إلرادة مكرهة
عىل اختاذ القرار أو اكنت يف وضع يسهل اس تغاللها فيه.
وجيب المتيزي بني ا إلرادة املعيبة و ا إلرادة غري املوجودة؛ فا إلرادة املعيبة يه إارادة موجودة
صدرت من خشص مل يكن من بينة من أمره ،أما ا إلرادة غري املوجودة فهيي تكل اليت ل يعتد القانون
بتعبريها .وينتج عن ذكل أن يكون الترصف الصادر عن ا إلرادة املعيبة ترصفا قامئا قابال ل إالبطال ،بيامن
ل يقوم عن ا إلرادة غري املوجودة أي ترصف ،فهو بطل بطالان مطلقا.
سنتلكم يف هذه العيوب :الغلط ( أول) فالتدليس (اثنيا) فالإكراه (اثلثا) فالس تغالل (رابعا).
أول :الغلط:
يكون للغلط اذلي يقع فيه املتعاقد أثر عىل رضاه :فلو عمل به وقت التعاقد ملا ابرم العقد .فال
ميكن القول أنه اكنت لهذا املتعاقد إارادة حقيقية يف اإبرام هذا العقد ،أو عىل القل اإبرام هذا العقد هبذه
الرشوط.
والغلط هو خطأ يف تقدير احلقيقة؛ مبعىن أنه ومه يقوم بذهن املتعاقد فيصور هل المر عىل غري
حقيقته ،بأن يتومه المر الصحيح خطأ ،أو المر اخلاطئ حصيحا .فأساس الغلط هو احلاةل النفس ية
29
اليت يكون فهيا املتعاقد ،و اليت تبعث به اإىل تصور المر عىل غري حقيقته دون الاعتداد بسوء أو
حسن نية املتعاقد الخر.
و الساس يف الغلط حىت يعيب العقد هو جسامته .هذا ما بعث بلفقه اإىل المتيزي بني الغلط
املعيب للعقد ( )Iو الغلط غري املؤثر عىل العقد (.)II
:Iالغلط املعيب للعقد:
متزي النظرية الالكس يكية بني نوعني من الغلط الكهام يعيب العقد :الول هيدم الرىض مما جيعل
العقد بطال بطالان مطلقا ( )1و الثاين يعيبه فقط مما جيعل العقد قابال لالبطال (.)2
ومل يأخذ املرشع اجلزائري بلغلط املعدم للرىض و اإمنا أخذ فقط بلغلط املعيب هل.1
-1الغلط اذلي هيدم الرىض:
وهو مفهوم فقهيي حبت مل يأخذ به حىت الترشيع يف فرنسا ،2ويقصد به ذكل الغلط اذلي مينع
قيام الرتايض بني الطرفني ،وهو يقع يف ماهية العقد كام لو اعتقد طرف أنه يشرتي مزنل بيامن يعتقد
الطرف الخر أنه يؤجره ،أو يف ذاتية احملل كام لو ظن خشص أنه يشرتي شقة معينة وظن البائع أنه
يبيعه شقة أخرى ،أو يف سبب العقد كام لو اشرتى أحد الورثة نصيب املوىص هل مث يتضح أن الوصية
بطةل.
لقد اثر نقاش حول الغلط يف سبب العقد ،ومرد النقاش هو أن للسبب مفهومان :مفهوم
املقابل و مفهوم الباعث اإىل التعاقد ،ول يكون الغلط مانعا اإل اإذا اكن متعلقا بلباعث .هذا ،ويف لك
احلالت ل يعترب الغلط مانعا اإل اإذا منع قيام الرىض اذلي يعترب رشطا جوهراي لقيام العقد حصيحا
منش ئا لاثره القانونية.
-2الغلط اذلي يعيب الرىض دون أن هيدمه:
وهو الغلط اذلي اعمتده املرشع اجلزائري وهو يؤدي اإىل اإبطال العقد بطالان نسبيا اإذا اكن
جوهراي .ومل حترص املادة 82من التقنني املدين اجلزائري الغلط اجلوهري يف الغلط يف جوهر اليشء
و ذات املتعاقد؛ اإذ أهنا مل حتدد هااتن احلالتان اإل بعد وضعها معيار الغلط اجلوهري و املمتثل يف
اجلسامة اليت ميتنع معها املتعاقد من التعاقد لو عمل غلطه وقت التعاقد ،كام سوت املادة 83منه بني
الغلط يف القانون و الغلط يف الواقع اإذا ما توافر فيه معيار اجلسامة.
1
-المواد من 81إلى 85من التقنين المدني الجزائري المعدل و المتمم.
2
-راجع القرارات التي أوردها األساتذة مازو في مرجعهم دروس في القانون المدني ،...مرجع سابق ،ص.160 .
30
سنتعرض لنواع هذا الغلط (أ) مث اإىل رشوطه (ب).
أ-أنواع الغلط اذلي يعيب الرىض دون أن هيدمه:
هو اإما غلط يف صفة جوهرية لليشء أو يف ذات املتعاقد أو يف القانون .
-الغلط يف صفة جوهرية لليشء حمل العقد:
يشرتط القانون أن يكون الغلط يف صفة جوهرية لليشء حىت يشلك هذا الخري عيبا من
عيوب الرىض .مما يس توجب حتديد معىن صفة جوهرية.
بلرجوع اإىل الفقه جند معيارين لتحديد الغلط اجلوهري :معيار موضوعي و معيار ذاي ،يركز
املعيار املوضوعي عىل املادة املتكون مهنا اليشء ،بيامن يركز املعيار اذلاي عىل الصفة اليت يراها
املتعاقدان جوهرية.
ويظهر من نص املادة 82فقرة ...« : 2ويعترب الغلط جوهراي عىل الخص اإذا وقع يف صفة
لليشء يراها املتعاقدان جوهرية »...أن املرشع قد اعمتد املعيار اذلاي؛ اإذ ربط الصفة اجلوهرية مبا يراه
املتعاقدان وليس بملادة املتكون مهنا اليشء ،فلو اشرتى خشص قطعة أثرية واعتقد أهنا من ذهب مث
اكتشف أهنا ليست ذهبية؛ فاإن هذا الغلط ل يكون عيبا مس توجبا ل إالبطال؛ لن الصفة اجلوهرية
واليت بعثت به اإىل التعاقد يه كون القطعة أثرية.
31
اإن ما جيعل المر يلتبس يف مسأةل الغلط يف القانون هو قاعدة "ل عذر جبهل القانون" غري
أن جمال تطبيق هذه القاعدة ل يكون اإل اإذا تعلق المر بلنظام العام؛ اإذ ل ميكن اإرساء أي نظام
بدون مراعاهتا .أما اإذا تعلق المر مبسأةل تكون من النظام اخلاص فيجوز للشخص أن يمتسك بغلطه
ويطالب بإبطال العقد.
فالغلط يف القانون اذلي ينصب عىل صفة جوهرية دافعة اإىل التعاقد ،اكلزتامات الوفاء بديون
طبيعية مع اعتقاد أهنا مدنية جيوز المتسك فهيا بلغلط لإبطالها .ونفس المر بلنس بة للغلط يف القانون
فامي يتعلق بشخص املتعاقد مكن يقبل قسمة الرتكة مع أخيه الطبيعي جاهال أن الابن الطبيعي ل
يرث.
ب -رشوط الغلط املعيب
بلرجوع اإىل نص املادة 82فقرة 2واليت تنص...«:يعترب الغلط جوهراي ...يراها املتعاقدان
جوهرية »...يظهر أنه ل ميكن املطالبة ببطال العقد لغلط اإل اإذا اتصل الغلط بلطرف الثاين؛ فال
يكفي أن يقع الطرف لوحده يف غلط .فكيف حيدث هذا التصال؟ خصوصا وأن املادة 85من التقنني
املدين ل جتزي المتسك بلغلط عىل وجه يتعارض مع ما يقيض به مبدأ حسن النية.
يقع اتصال املتعاقد الخر بلغلط اإذا اكن عاملا به ،أو اكن من السهل عليه أن يتبينه .أما اإذا مل
يكن عاملا به أو مل يكن من السهل عليه تبينه ؛ فهل أن يمتسك حبسن نيته.
32
-3الغلط يف البواعث العرضية :كام لو بع خشص أمالكه بقميهتا السوقية معتقدا أنه يف مرض
املوت مث يشفى.
-4الغلط يف صفات عرضية سواء يف اليشء أو الشخص :وهذا النوع من الغلط ل يشلك
عيبا يف الرىض ما مل يكن جوهراي.
اثنيا :التدليس
التدليس هو اس تعامل طرق احتيالية من أجل اإهيام الشخص بغري احلقيقة دلفعه اإىل التعاقد.
ويقرتب مفهوم التدليس من مفهوم الغلط من حيث وقوع املتعاقد يف غلط ،غري أنه خيتلف عنه من
حيث أن الوقوع يف الغلط اكن بفعل املتعاقد أو من ينوب عنه؛ فالتدليس هو تغليط املتعاقد .هذا ما
حيث عىل التساؤل :ملاذا خص املرشع التغليط بنص ( املادة 86ت.م.ج ).من أجل اإبطال العقد عىل
الرمغ من أن الغلط العفوي سبب من أس باب اإبطاهل؟
لهذا التخصيص هدفان :الول اإجرايئ يسهل اإثبات التدليس بعتباره واقعة خارجة عن إارادة
املدلس عليه بملقارنة مع اإثبات الغلط اذلي هو حاةل نفس ية للمتعاقد .أما الثاين فهو موضوعي؛ اإذ
يصعب اإبطال العقد يف بعض أنواع الغلط عكس ما اإذا اكن بفعل تدليس ،اكلغلط يف القمية اذلي ل
يبطل العقد ،غري أنه اإذا اكن هذا الغلط وقع بفعل تدليس فاإنه يبطهل.
ولتوضيح هذه الفاكر س نتناول عىل التوايل عنارص التدليس( )Iو رشوطه (.)II
: Iعنارص التدليس
للتدليس عنرصين:
-1عنرص موضوعي :اس تعامل طرق احتيالية تصدر اإما من أحد املتعاقدين أو من الغري.
-2عنرص نفيس :تضليل املتعاقد و دفعه اإىل التعاقد.
-1اس تعامل طرق احتيالية:
اإن اس تعامل مصطلح “ احليل” يف املادة 86من التقنني املدين اجلزائري يكشف عن
الترصفات ا إلرادية اليت يقوم هبا الشخص هبدف التغليط .وهكذا يظهر من املادة أنه يكفي يف
التدليس اس تعامل احليةل من أجل التغليط ،ول يشرتط فهيا أن تصل من اجلسامة اإىل احلد اذلي
تس تلزمه جرمية النصب ،مفا يه الترصفات اليت تدخل يف اإطار احليل املقصودة يف املادة 86من
التقنني املدين اجلزائري؟
33
يعترب -من حيث املبدأ -حيةل تدليس ية لك ترصف يقوم به املتعاقد هبدف تغليط املتعاقد معه.
ويدخل يف هذه ادلائرة الكذب و السكوت عن الواقع اإذا اكان هيدفان اإىل تغليط املتعاقد.
والكذب العادي ل يشلك تدليسا من حيث الصل ،اكملبالغة يف مدح البضاعة ،غري انه اإذا
ارتقى اإىل درجة التغليط فاإنه يعترب تدليسا ،كام لو أدىل املؤمن مبعلومات خاطئة عن وضعه الصحي
لرشكة التأمني عىل احلياة.
كام يكون الكامتن اكفيا لعتباره حيةل تدليس ية؛ لن هناكل بعض المور اليت جيب تبياهنا يف
املعامالت املالية و جرد السكوت عهنا يعترب تدليسا .هذا ما نصت عليه رصاحة الفقرة الثانية من
املادة 86من التقنني املدين اجلزائري...« :و يعترب تدليسا السكوت معدا عن واقعة أو مالبسة اإذا
ثبت أن املدلس عليه ما اكن ليربم العقد لو عمل بتكل الواقعة أو املالبسة» .وأكرث العقود اليت يكون
فهيا السكوت تدليسا يه عقود التأمني.
-2قصد تضليل املتعاقد و دفعه اإىل التعاقد:
جيب أن يكون الهدف من احليل املس تعمةل هو دفع املتعاقد اإىل التعاقد .و هذه املسأةل من
مسائل املوضوع اليت جيوز اإثباهتا باكفة الطرق ،ويسرتشد قايض املوضوع من أجل البت يف هذه
املسأةل مبا تعارف عليه الناس يف تعاملهم وكذا حباةل املتعاقد من سن وذاكء وعمل...اخل.
فالصل يف التدليس نية التضليل ،ولو حدث أن اخندع خشص مبظهر معني دون أن تكون
للطرف الخر نية يف تضليهل،فال جيوز لهذا الشخص المتسك بلتدليس ،اكخنداع املتعاقد مبظاهر
الرثاء البادية عىل الطرف الخر ،فقام بكفالته ضاان منه أنه مورس فتبني هل بعد ذكل أنه معرس.
:IIرشوط التدليس:
حىت يكون التدليس مبطال للعقد جيب توافر رشطني:
-1أن يكون دافعا اإىل التعاقد
-2اتصال التدليس بملتعاقد الخر
-1أن يكون التدليس دافعا اإىل التعاقد:
جيب أن يكون التدليس هو ادلافع اإىل التعاقد حىت يشلك عيبا من عيوب الرتايض ،فاإذا
أثبت من صدر منه التدليس أن حيلته مل تكن يه ادلافع اإىل التعاقد فاإنه لن يكون لهذا التدليس أثرا
عىل حصة العقد ،كام لو دخلت ظروف أخرى حثت املتعاقد الخر عىل التعاقد.
-2اتصال التدليس بملتعاقد الخر:
34
حىت حيدث هذا التصال جيب أن تصدر الطرق الاحتيالية من املتعاقد أو من ينوب عنه،
بل يكفي أن يكون هذا الخري عاملا هبا أو من املفرتض أن يكون كذكل .وبذكل ،اإذا وقع التدليس من
الغري ومل يكن املتعاقد املس تفيد يعمل به أو من املفرتض أن يعمل به ،ل يكون هل أثر عىل حصة العقد و
ل خيول الضحية طلب اإبطاهل.
اثلثا :الإكراه
الإكراه هو ضغظ يقع عىل أحد املتعاقدين فيودل يف نفسه رهبة تدفعه اإىل التعاقد حىت يتفادى
نتاجئ الهتديد اذلي يقع عليه .وعليه ،اإن اكن الغلط والتدليس يعيبان الرىض يف كوهنام جيعالن املتعاقد
يتومه اليشء عىل غري حقيقته،فاإن الإكراه يعيبه يف كونه جيعل إارادة أحد املتعاقدين غري حرة؛ فاملتعاقد
ل يتومه اليشء عىل غري حقيقته ،وهو مدرك أنه بصدد اإبرام عقد ل خيدم مصلحته ،غري أنه مضطر
عىل ذكل من أجل تفادي رضر أكرب.
والإكراه هبذا املعىن خيتلف عن الإكراه املادي أو اجلسدي اذلي يعدم الرىض ،كن ميسك
خشص مبسدس و يضعه عىل رأس املتعاقد ويأمره بتوقيع العقد .فالإكراه اذلي هو حمل دراستنا هو
ذكل الإكراه اذلي ل يعدم الاختيار وإامنا يوهجه بسلطان رهبة تقع يف نفس املتعاقد ،كن يمت هتديده
بإاثرة فضيحة أو اإفشاء أرسار أو اختطاف الولد أو اإتالف الموال.هذا ما نصت عليه املادة 88من
التقنني املدين اجلزائري« :جيوز اإبطال العقد ل إالكراه اإذا تعاقد خشص حتت سلطان رهبة بينة بعهثا
املتعاقد الخر يف نفسه دون حق.
وتعترب الرهبة قامئة عىل بينة اإذا اكنت ظروف احلال تصور للطرف اذلي يدعهيا أن خطرا
جس امي حمدقا هيدده هو أو أحد أقاربه ،يف النفس أو اجلسم أو الرشف أو املال.
ويراعى يف تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه ،وس نه ،وحالته الاجامتعية ،و
الصحية ومجيع الظروف الخرى اليت من شأهنا أن تؤثر يف جسامة الإكراه.».
ويشرتط لوجود الإكراه توافر الرشوط الثالث التالية:
:Iاس تعامل وسائل تودل الرهبة
لبد من وجود أس باب تؤدي اإىل توليد رهبة دلى املتعاقد جتعل إارادته غري حرة حىت يتحقق
الإكراه ،وتعترب الرهبة قامئة اإذا توافرت أس باب جتعل املتعاقد يتصور أنه همدد خبطر جس مي حمدق
بنفسه أو جسمه أو ماهل ،أو أحد أقاربه .كام أنه جيب أن يتوافر يف هذا اخلطر الرشوط التالية:
35
-1أن يكون اخلطر جس امي :ويراعى يف تقدير جسامة هذا اخلطر جنس املتعاقد وس نه وحالته
الاجامتعية والصحية .وكذا درجة تعلميه و املاكن والزمان الذلان مت فهيام العقد ،مفا يعترب خطرا جس امي
عىل املرأة قد ل يعترب كذكل بلنس بة للرجل.
-2أن يكون اخلطر حمدقا :ويقصد بذكل أن يكون عىل وشك الوقوع .والعةل من هذا الرشط
هو انعدام جمال لتفادي اخلطر؛فلو اكن هناكل متسع من الوقت بني وقوع اخلطر وإابرام العقد لتيحت
الفرصة للمتعاقد لتفادي هذا اخلطر وملا أجرب عىل اإبرام عقد حتت الإكراه.
-3أن يتعلق اخلطر بلنفس أو اجلسم أو املال أو الرشف :ويس توي أن يتعلق هذا اخلطر
بشخص املتعاقد أو أحد أقاربه.
:IIأن تكون الرهبة يه الباعث ادلافع اإىل التعاقد
مبعىن أنه لو مل يكن املتعاقد حتت تأثري الرهبة ملا أقدم عىل اإبرام العقد ،ويمت تقدير هذه الرهبة
من قبل قايض املوضوع اذلي يس تعني يف ذكل بلظروف اليت أحاطت بلك متعاقد عىل حدة؛ لن
هناكل ظروف قد ترهب متعاقد ول ترهب متعاقد أخر .أما فامي يتعلق بلنفوذ الديب فهو من حيث
الصل ل يشلك عيبا من عيوب ا إلرادة ،غري أنه اإذا المتس القايض من الظروف أنه مت اس تغالل
النفوذ الديب من أجل الوصول اإىل هدف غري مرشوع فاإنه جيوز هل اإبطال العقد ،كام لو اس تغل الب
نفوذه الديب عىل ابنه من أجل الإقرار بدين غري موجود.
:IIIأن يكون الإكراه غري مرشوع
ويكون الإكراه غري مرشوع اإذا اكن يس هتدف غاية غري مرشوعة ولو اكنت الوس يةل مرشوعة،
كام لو ارتكب خشص جرمية معينة وعمل هبا أخر فهدده بأنه اإذا مل يبعه س يارته بملبلغ اذلي س يحدده هو
فاإنه سيبلغ عنه الرشطة .فيكون هذا العقد قابال ل إالبطال لعيب الإكراه عىل الرمغ من أن وس يةل الإكراه
ذاته مرشوعة ويه الإبالغ عن جرمية؛لن الغاية غري مرشوعة ،عكس ما اإذا اكنت الغاية مرشوعة،
كام لو هدده من أجل الإقرار بدين حقيقي رفض الإقرار به لعدم وجود الإثبات.
هذا فامي يتعلق بلرهبة اليت يودلها الشخص مبارشة عىل املتعاقد ،مفا هو احلال بلنس بة ملن
يس تغل ظروفا خارجية تودل رهبة يف نفس الشخص حىت يضغط عليه ويربم معه عقدا ما اكن ليقبهل
لول وقوعه يف تكل الظروف .كام لو تعطلت س يارة خشص يف الطريق الرسيع واغتمن صاحب شاحنة
نقل الس يارات املعطةل هذه الظروف ليطالب بأجر مضاعف؟
36
مل يتناول املرشع اجلزائري حاةل الرهبة اليت تودلها الظروف اخلارجة عن إارادة الشخاص
(املتعاقد أو الغري) ،اكس تغالل مرض ابن الشخص من أجل اإكراهه عىل قبول عقد معل برشوط
تعسفية .فهنا اس تعمل رب العمل احلاجة امللحة لهذا الشخص للامل من أجل عالج ابنه لإكراهه عىل
قبول رشوط العقد.
منيل يف هذه املسأةل اإىل ما ذهب اإليه القضاء الفرنيس من اعتبار العقد قابال ل إالبطال لعيب
الإكراه.
رابعا :الاس تغالل
تنص الفقرة الوىل من املادة 90من التقنني املدين عىل أنه ..." :اإذا اكنت الزتامات أحد
املتعاقدين متفاوتة كثريا يف النس بة مع ما حصل عليه هذا املتعاقد من فائدة مبوجب العقد أو مع
الزتامات املتعاقد الخر ،و تبني أن املتعاقد املغبون مل يربم العقد اإل لن املتعاقد الخر قد اس تغل فيه
طيشا بينا أو هوى جاحما ،جاز للقايض بناء عىل طلب املتعاقد املغبون ،أن يبطل العقد أو أن ينقص
من الزتامات هذا املتعاقد."...
يفهم من هذه الفقرة أن الاس تغالل هو عدم التعادل املادي بني الالزتامات املتقابةل و الناجت
عن اس تغالل الطيش البني أو الهوى اجلامح املتوافر يف أحد املتعاقدين من قبل املتعاقد الخر .مفثال
لو بع خشص طائش شيئا عالية القمية بمثن زهيد فاإنه س يعترب مس تغال من املشرتي؛ لن الزتامه
بتسلمي اليشء املبيع ل يتعادل يف القمية مع حقه يف تسمل المثن .والاس تغالل ل يتحقق اإل بتوافر
عنرصيه النفيس و املادي.
-Iالعنرص النفيس :الطيش البني أو الهوى اجلامح
الطيش هو عدم تقدير عواقب الترصفات ،وحىت يكون الطيش عنرصا نفس يا يف الاس تغالل
جيب أن يكون بينا؛ مبعىن ظاهرا لغلب الناس بأن تتسم جل ترصفاته بلطيش ،كذكل الشاب اذلي
مييض جل وقته يف اللهو وهو مس تعد لإنفاق لك ماهل من أجل ذكل.
أما الهوى اجلامح فهو تعلق خشص بشخص أخر جيعهل ل ميزي ما قد ينفقه من أجل احلفاظ
عىل عالقته به ،وتكون حالت الهوى اجلامح غالبا يف حالت احلب اليت تربط العجائز بلش باب.
-IIالعنرص املادي :التفاوت الكبري يف قمية الداءات املتقابةل
يمتثل العنرص املادي يف الاس تغالل يف عدم التعادل الظاهر يف الالزتامات املتقابةل لطراف
العقد؛ اإذ ينعدم التوازن بني ما يدفعه أحد املتعاقدين وما يتلقاه أو ما يتنازل عنه وما يقبضه .وتقدير
37
هذا التفاوت من اختصاص قايض املوضوع اذلي خوهل املرشع سلطة عدم احلمك بلبطالن اإذا عرض
الطرف املس تفيد من الصفقة ما يرفع به عدم التوازن يف الداءات.
وخبالف دعاوى الإبطال الخرى اليت تتقادم يف أجل مخس س نوات فاإن دعوى الاس تغالل
تسقط بعد س نة اإذا مل يمت رفعها.1
املطلب الثاين
احملــل
يعترب احملل من املعطيات القانونية الرضورية يف نظرية العقد .كام أنه مفهوم مرتبط ار ً
تباطا وثيقا
بلعقد ،وقد مت تفسريه عىل أساس أنه حمل الالزتام ( القيام بعمل ،أو الامتناع عن معل ،أو اإعطاء
تطور شأنه شأن املفاهمي القانونية الخرى؟
يشء) ،فهل هذا هو املفهوم الوحيد للمحل ،أو أنه قد ّ
سنتلكم يف الرشوط اليت جيب أن تتوافر فيه لقيام العقد حصيحا
الفرع الثاين :رشوط حصة احملل
بلرجوع اإىل القانون جند أن املرشع اجلزائري يشرتط يف احملل أن يكون موجودا أو ممكن
الوجود(أول) وأن يكون معينا أو قابال للتعيني (اثنيا) حىت يقوم العقد حصيحا.
أول :أن يكون احملل موجودا أو ممكن الوجود
يشرتط الوجود اإذا اكن حمل الالزتام شيئا أما اإذا اكن حمهل معال فيشرتط الإماكن ،وسنرشح
عىل التوايل معىن الوجود ( )Iومعىن الإماكن (.)II
-Iمعىن الوجود :يقصد بلوجود أن يكون اليشء حمل الالزتام موجودا وقت نشأته ،فاإذا أبرم
العقد وظهر بعد ذكل أن اليشء حمل الالزتام مل يوجد أصال أو أنه وجد مث هكل قبل العقد ،فاإن هذا
العقد ل يقوم أصال ،مكن بع حصته يف تركة قريبه امليت مث يتضح أنه ل يرث أو مكن أجر شقته مث
تبني أهنا هدمت .وما جيب التنبيه اإليه يف مسأةل الوجود أنه يتعلق فقط بلش ياء املعينة بذلات ،أما
1
-كان شرط المشروعية مستقل منصوص عليه في المادة 96من التقنين المدني و الملغاة في تعديل .2005
39
أما الاس تحاةل النسبية فهيي تكل اليت تقوم للمدين دون غريه ،كن يلزتم خشص بإجراء معلية
جراحية وهو ليس بطبيب ،و يه اس تحاةل عىل متنع قيام الالزتام ما مل يكن ذو اعتبار خشيص ،وما
عىل املدين اإل تنفيذ الالزتام عىل نفقته وذكل بلتفاق مع طبيب جراح للقيام بلعملية.
اثنيا :أن يكون احملل معينا أو قابال للتعيني:
يقصد بتعيني احملل أن يكون حمددا حتديدا انفيا للجهاةل وإال تعذر تنفيذه ،وحمل الالزتام قد
يكون معال( )Iأو شيئا( )IIأو نقودا(.)III
-Iتعيني حمل الالزتام اإذا اكن معال :اإذا الزتم خشص بأن يقوم بعمل أو أن ميتنع عن معل وجب
أن يكون ما الزتم به معينا ،فاإذا اكن الالزتام اجيايب؛ مبعىن القيام بعمل ،فال جيب أن يلزتم بلقيام بأي
معل دون تدقيق ،فال يكون عقد العمل حصيحا اإذا مل يبني ما هو العمل املطلوب .أما اإذا اكن الالزتام
سليب ؛ مبعىن الامتناع عن معل ،فال جيب أن يكون مطلقا ،فال جيوز الالزتام بعدم رفع دعوى ضد
خشص معني همام اكنت الظروف.
-IIتعيني حمل الالزتام اإذا اكن شيئا :وهنا خيتلف التعيني بختالف نوع اليشء ،فاإذا اكن مثليا
فاإنه يعني عن طريق ذكر اجلنس ( القهوة مثال) و النوع ( برازييل مثال) و املقدار ( القنطار مثال) وإان
مل حتدد درجة النوعية فيؤخذ بلنوع املتوسط وهذا ما هو متعارف عليه .أما اإذا اكن اليشء من
القمييات فيمت تعيينه طريق وصفه وصفا دقيقا مينع اجلهاةل ،فلو اكن اليشء من الس يارات املس تعمةل
وجب ذكر صفاهتا اجلوهرية كنوعها و صنفها و لوهنا و حالهتا و املسافة اليت قطعهتا و س نة بداية
اس تعاملها و حىت رمقها التسلسيل.
-IIIتعيني حمل الالزتام اإذا اكن نقودا :اإذا اكن حمل الالزتام نقودا الزتم املدين بقدر عددها
املذكور يف العقد دون أن يكون لإخنفاض قميهتا أو إلرتفاعه وقت الوفاء أي تأثري.1
املطلب الثالث
السبــب
حيقق السبب وظيفتني :من هجة ،هو يسامه يف التأكد من أن لك خشص هل مقابل عن
الزتاماته (رقابة وجود السبب) ،وهذا حتقيقا للمصلحة اخلاصة للك طرف ،ومن هجة أخرى ،يسمح
بتقدير مدى مطابقة العقد للترشيع ،والنظام العام والداب العامة (رقابة مرشوعية السبب) ،وهذا
حتقيقا للمصلحة العامة .هذه الازدواجية يف الوظيفة هو ما تريم اإىل حتقيقه املادة 97من التقنني
املدين اجلزائري(.)1
وعليـه خيتلف مضمون السبب يف الفقه حبسب الوظيفة اليت يؤدهيا ،فيكون هل مفهومان :
بلرتكزي عىل الوظيفة الوىل (رقابة وجود السبب) ،يأخذ السبب مفهوما ماداي أو ما يعرف بسبب
الالزتام( )2؛ مبعىن املقابل اذلي يتحصل عليه الشخص من الزتامه ،وهو هبذا املعىن مادي ؛ لنه يعرب
عن القمية الاقتصادية (مال أو خدمة) اليت تزيد من أصول املدين ،واليت تعترب تعويضا عن الزايدة
اليت عرفهتا خصومه نتيجة حتمهل الإلزتام .وعليـه فاإن جوهر السبب هو اقتصادي ومادي ،ففي عقد
البيع مثال ،يكون سبب الزتام البائع بنقل امللكية ،هو الزتام املشرتي بدفع المثن ،ويكون سبب الزتام
املشرتي بدفع المثن ،الزتام البائع بنقل امللكية.
أ ّما اإذا ركزان عىل الوظيفة الثانية (رقابة مرشوعية السبب) ،فاإن السبب س يأخذ مفهوما
خشصيا( ،)3فيقصد به الباعث ادلافع اإىل التعاقد ،واذلي لوله ملا أقدم املتعاقد عىل اإبرام العقد ،فهو
الباعث الرئييس اذلي حث إارادة املتعاقد عىل الارتباط عن طريق العقد.
غري أنه وإان اكن السبب املوضوعي (سبب الالزتام أو السبب مبفهوم النظرية التقليدية) واحد
يف النوع الواحد من العقود ،ففي الإجيار مثال ،سبب الزتام املؤجر بوضع اليشء املؤجر يف حيازة
املس تأجر ،هو الزتام هذا الخري بدفع بدل الإجيار ،فاإن السبب الشخيص (سبب العقد أو السبب
- 1سقطت من املادة 97فقرة « دون سبب» ويه موجودة بلغة الفرنس ية :
« le contrat est nul lorsqu’on s’oblige sans cause … ».
- 2الاصطالح يف هذا اجملال ليس اثبتا ،فقد جند السبب اجملرد ( ،)cause abstraiteالسبب املقابل ( ،)cause contrepartieأو السبب
القصدي أو املبارش ،ويه لكها مصطلحات تريم اإىل معىن واحد ،وهو السبب بملفهوم املادي.
- 3تتعدد املصطلحات ،فقد جند القصد غري املبارش ،والسبب النفساين ،والسبب ادلافع أو الباعث ،ويه لكها مصطلحات تفيد نفس
املعىن ،وهو سبب العقد أو السبب الشخيص.
42
عقارا ميلكه حىت يتحصل مبفهوم النظرية احلديثة) خيتلف حىت يف النوع الواحد ،فقد يؤجر الشخص ً
عىل املال ،أو حىت يعفي نفسه من حراس ته ...اخل ،فهو ليس واحد بلنس بة للك املؤجرين.
حاول الفقه من أجل التوفيق بني هذين املفهومني تركياهام ،ومن بني الرتكيبات املقرتحة حماوةل
،ʽʽ CAPITANT ʼʼفبعد أن اس تعرض مجيع الفاكر الالكس يكية ،اقرتح تعريف السبب عىل أنه
الداء املقابل( ، ) la contreprestationغري أنه يصعب تفسري بطالن العقد بسبب خمالفته للنظام
العام والداب العامة هبذا التعريف ،هذا ما جعل املفرسين ينحازون اإىل احملاوةل اليت قام هبا الس تاذ
ʽʽ MAURY ʼʼ
أسس ʽʽ MAURY ʼʼبرهانه عىل مالحظة موقف القضاء من نظرية السبب ،فبدأ حتليهل
بلبحث عن وظيفة السبب ،مث ّعرفه عىل أنه « :ادلافع أو الباعث اذلي حيث الشخص عىل
الالزتام ،غري أن هذا ادلافع أو الباعث يكون خمتارا (ادلوافع تتعدد) ،حبيث حيمل يف طياته عنرصا
أو عنارص موضوعية» ،وهو بذكل ،حياول التوفيق بني النظرة الشخصية (ادلافع الباعث اذلي حيث
الشخص عىل الالزتام) ،والنظرة املوضوعية (حيمل يف طياته عنرصا أو عنارص موضوعية) ،وقد
اعمتد الس تاذ ʽʽ MARTIN DE LA MOUTTE ʼʼهذه النظرة التوفيقية عند دراس ته لسبب
الترصف إبرادة منفردة « :هو ادلافع اذلي محل الشخص عىل الترصف ،وهو يضمحل يف أحد
خصائص موضوع الترصف إبرادة منفردة».
الفرع الثاين :رشوط السبب و اإثباته
نظم املرشع اجلزائري موضوع السبب يف املادتني 97و 98من التقنني املدين؛ إاذ تناولت املادة 97
رشوطه (أول) وتناولت املادة 98اإثباته (اثنيا).
أول :رشوط حصة السبب
تنص املادة 97من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم عىل ما ييل « :اإذا الزتم املتعاقد لسبب غري
مرشوع أو لسبب خمالف للنظام العام أو للداب ،اكن العقد بطال.».
يستشف بعض شاريح التقنني املدين اجلزائري من هذه املادة أن املرشع اجلزائري قد أخذ بلنظرية
احلديثة يف السبب بعتبارها هتمت بملرشوعية ل بلوجود ،وقد عاب أحدمه عىل نص املادة 97أهنا مل
تتضمن رصاحة وجوب وجود السبب يف الالزتام ،واس تنتج أخر من نص املادة 98فقرة 1و اليت
تنص « :لك الزتام مفرتض أن هل سببا مرشوعا ،ما مل يقم ادلليل عىل غري ذكل »...وجوب وجود
السبب .غري أن املالحظ هو أن نص املادة 97من التقنني املدين اجلزائري بللغة الفرنس ية تنص عىل
وجوب وجود السبب ،» le contrat est nul lorsqu’on s’oblige sans cause…« :وعليه ،فاإن
43
النص بللغة العربية قد سقط منه عبارة أن العقد يكون بطال اإذا الزتم املتعاقد بدون سبب ،وبذكل
يكون املرشع قد أخذ بلنظريتني :التقليدية وجود السبب ( )Iو احلديثة املرشوعية (.)II
-Iوجود السبب :جيب أن يكون لاللزتام سبب موجود وإال اكن بطال بطالان مطلقا ،فلو أقر خشص
بدين وهو غري مدين اكن الزتامه خاليا من السبب وإاقراره بطال لعدم وجود السبب.
مرشوعية السبب :يكون السبب غري مرشوع اإذا اكن خمالفا للنظام العام و الداب العامة ،اكإجيار
مزنل ملامرسة ادلعارة أو القامر.
اثنيا :اإثبات السبب
يعترب السبب املذكور يف العقد هو السبب احلقيقي ما مل يقم ادلليل عىل عكس ذكل،ويفرتض أنه
مرشوع ما مل يثبت عدهما ،فاإذا قام ادلليل عىل صورية السبب أو عدم مرشوعيته اكن العقد بطال
بطالان مطلقا.
املبحث الثاين
جزاء ختلف رشوط نشأة العقد
ميكن القول أن نظرية البطالن ختتص بتقدير مدى احرتام أطراف الترصف لرشوط نشأته،
ولتفصيل أحاكم هذه النظرية ،س نتناول مفهوم البطالن (مطلب أول) ،وأحاكم ممارس ته (مطلب اثن)
.
املطلب الول
مفهوم البطالن
نالحظ من خالل تصفح التقنني املدين اجلزائري أن املرشع اجلزائري ّيقرر جزاء القابلية
ل إالبطال لتخلف رشط من رشوط حصة الرىض ،فالعقد يكون قابال ل إالبطال اإذا وقع املترصف يف
44
غلط( ،)1أو اإذا مت ممارسة اإكراه عليه( ، )2أو اإذا اكن حضية تدليس( ، )3أو اس تغالل( . )4بيامن يقرر
جزاء البطالن املطلق اإذا ختلف رشط الرىض( ، )5أو احملل( ، )6أو السبب( ، )7أو الشلك يف العقود
الشلكية( . )8أ ّما فامي يتعلق بأحاكم الهلية ،فاإن ختلفها قد يؤدي اإىل البطالن ،كام يف ترصفات عدمي
المتيزي ،والترصفات الضارة رضرا حمضا للممزي ،وقد يؤدي يف غري هذه احلالت اإىل القابلية ل إالبطال.
غري أن هذه احلالت ليست يه الوحيدة اليت قد تبطل العقد ،فاملرشع قد أورد نصوصا
متفرقة يؤدي عدم احرتاهما اإىل البطالن( ،)9ففي مواد التأمني يكون الترصف بطال ،اإذا اكن خمالفا
للمواد من 619اإىل 624من التقنني املدين( ،)10وكذكل الإجيار من الباطن اإذا مل ينص عقد الإجيار
الصيل رصاحة عىل هذا احلق( ،)11ويكون عقد الرشكة بطال ،اإذا مل حيرر يف شلك مكتوب(.)12
فالبطالن وإان اكن يف الساس جزاء لعدم توافر رشوط انعقاد الترصف ،فاإنه يف بعض احلالت
جزاء لعدم احرتام موضوع الترصف اإذ أن املرشع قد مينع بعض التفاقات ،اكلتفاق عىل اإسقاط
الضامن يف عقد البيع( ،)13أو التفاق عىل أن ل يسهم أحد الرشاكء ل يف أربح الرشكة ،ول يف
خسائرها( ... )14اخل.
1
-املادة 143من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم.
46
أما يف العالقات مع الغري ،فاإن الثر الرجعي للبطالن قد يودل لنا بعض الإشاكلت :كام لو
اشرتط املشرتط لصاحل املس تفيد مال معينا (س يارة) ،وترصف فيه املس تفيد بلبيع ،فاإذا مت اإبطال
الاشرتاط مفا هو حال البيع؟
سيتأثر املشرتي ببطالن الاشرتاط ؛ لنه يكون يف هذه احلاةل من قبيل الغري اذلي هيمه مصري
الاشرتاط ،واذلي يعد أساس ملكية املتنازل هل عىل اليشء ،هذا ما جعل الفقه يكيف مركزه عىل
أساس اخللف اخلاص.
ا ّإن هذه الإشاكلت تؤكد رضورة حتديد أو تقييد مبدأ رجعية البطالن ،سواء يف العالقات ما
بني الطراف ) ، (Iأو يف العالقات مع الغري ). (II
– Iالقيود الواردة عىل خاصية رجعية البطالن فامي يتعلق بلعالقات ما بني الطراف:
يرتتب عىل العقد الباطل بطالان مطلقا ،والعقد الباطل بطالان نسبيا بعد احلمك بإبطاهل اإعادة
الطراف اإىل احلاةل اليت اكنوا علهيا قبل اإبرام الترصف؛ مبعىن اسرتجاع لك طرف ما وىف به،
ورده ما دفع اإليه بغري حق ،غري أن هذه القاعدة ل جتد لها تطبيقا يف ثالثة حالت :اإذا اس تحال الرد
عينا ( ،)1وإاذا اكنت حامية مصلحة أحد الطراف متنع ذكل ( ، )2أو لعتبارات املصلحة العامة ()3
.
– 1اس تحاةل رد الطراف اإىل احلاةل اليت اكن علهيا قبل الترصف لس تحاةل الرد عينا:
قد يس تحيل عىل الطرف اذلي دفع اإليه بغري حق أداء معينا ،أن يرده بسبب الطبيعة
اخلاصة هل ،كام يف الاشرتاط ملصلحة الغري اإذا اكن احلق الناشئ عنه حق اس تعامل ،فال ميكن ملن
اشرتط حق سكن هل أن يرد الاس تعامل ،وكذكل يف عقد النقل ،ل يس تطيع الراكب اإرجاع اخلدمة
اليت تلقاها من الناقل .
يقدر القايض يف هذه احلالت تعويضا عادل( ، )1يراعي فهيا قمية الداء ،ول يتقيد يف تقيميه
بلقمية اليت أعطاها املترصفون هل ؛ لن اتفاقهم عدمي الثر بعد البطالن ،غري أن هذا احلل قد يودل
حالت ل حترتم فهيا معطيات العداةل ،ففي الاعامتد الإجياري مثال ،يسرتد املس تأجر بدلت الإجيار
اليت قد دفعها ،لكنه ل يسرتد املصاريف اليت رصفها أثناء دراسة املرشوع ،وجتس يده ،وكذا
مصاريف العتاد ،ول يكون هذا المر خاصا بلترصفات الثالثية ،وإامنا هو أمر موجود يف العقود
- 1تنص املادة 103من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم « :يعاد املتعاقدان اإىل احلاةل اليت اكان علهيا قبل العقد ،يف حاةل بطالن العقد
أو اإبطاهل ،فاإذا اكن مس تحيال جاز احلمك بتعويض عادل .» ...
47
أيضا ،ففي عقد العمل مثال ،ل ميكن رد اجلهد املبذول للعامل ،فيكتفي القايض بتقدير تعويض
عادل هل ،لكن ما هو احلل بلنس بة لتبعات عقد العمل ،املمتثةل يف احلق يف العطةل املدفوعة الجر،
وضامن التقاعد ...اخل ،فاإذا مت اإبطال العقد بعد 6أشهر ،هل جيب عىل القايض أن يضيف يف
التعويض حق العامل يف نصف شهر عطةل مدفوعة الجر ؟ ل يأخذ القضاء -عادة -بعني الاعتبار
هذه املسائل ،هذا ما جعل بعض املفرسين يف فرنسا يطالبون بإلغاء الثر الرجعي للبطالن يف هذه
احلالت ،غري أن الخذ هبذا احلل يغري مسأةل أساس البطالن ،فاإذا اكن الساس هو احلاةل اليت نشأ
علهيا الترصف (الفقه الالكس ييك) ،فاإن ذكل يتعارض مع فكرة نشأة الترصف ميتا ،أو مريضا مل يمت
عالجه ،أ ّما اإذا اكن الساس هو حق تقدير الترصف ،فاإن قبول فكرة بقاء الاثر بلنس بة للاميض،
جيعل من حق التقدير وس يةل حتريك ألية البطالن ،وليس أساس الإبطال.
بغض النظر عن هذا النقد فنحن نسانده ؛ لن لك مبدأ يتعارض مع مبدأ أعىل منه درجة
جيب خمالفته بس تثناء ،ومبا أن مبدأ رجعية البطالن يتعارض مع معطيات العداةل ،واليت يه أمسى
مبادئ القانون ،فاإنه جيب -يف بعض احلالت -عدم الخذ بلرجعية فهيا اس تثناء ،وهو اس تثناء
يتأسس عىل أمسى املبادئ القانونية ،واملمتثل يف «مبدأ العداةل».
– 2اس تحاةل الرد لعتبارات حامية مصلحة أحد الطراف :
ل يأخذ املرشع يف بعض احلالت مببدأ رجعية البطالن ،وذكل حامية ملصلحة أحد أطراف
الترصف ،كام يف اكتساب احلائز حسن النية ملا قبضه من مثار (أ) ،وحق انقص الهلية يف رد ما
عاد عليه بلنفع فقط (ب) .
أ – اكتساب احلائز حسن النية ملا قبضه من مثار:
تقيض املادة 837من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه « :يكسب احلاجز ما يقبضه من الامثر،
مادام حسن النية.
وتعترب الامثر الطبيعية أو الصناعية مقبوضة من يوم فصلها .أما الامثر املدنية فتعترب مقبوضة يوما
فيوم » .
متثل هذه القاعدة اس تثناء ملبدأ رجعية البطالن ؛ اإذ أن التطبيق اجلامد للقاعدة يقيض بأن يمت
رد اليشء ،والامثر ،غري أن السؤال :ما يه رشوط متتع الطرف بصفة احلائز حسن النية ؟
احلائز هو من هل الس يطرة الفعلية عىل اليشء وكنه ماكل هل ،فاملشرتي حائز لليشء املبيع،
واملوهوب هل حائز لليشء املوهوب ،واملنتفع حائز لليشء ،أو احلق املشرتط لصاحله ،غري أنه لن
48
يكون حسن النية إا ّل اإذا اكن جيهل العيب اذلي شاب نشأة الترصف ،وعليه اإذا مت اشرتاط يشء
ملصلحة املنتفع ،واكن هذا الخري جيهل أن هذا الاشرتاط بطل لعدم مرشوعية السبب مثال ،فاإنه
يف حاةل بطالن الترصف ،سريد اليشء دون الامثر؛ لنه حاز اليشء بصفته مالاك لعدم علمه بلعيب
اذلي شاب نشأة الترصف .
ب – رد انقص الهلية ما عاد عليه بلنفع فقط :
ل تطبق قاعدة رد الطراف اإىل احلاةل اليت اكنوا علهيا قبل الترصف حرفيا ،اإذا اكن أحد
الطراف انقص أهلية ،فاهدف حاميته قىض املرشع اجلزائري بأن ل يرد إا ّل ما عاد عليه مبنفعة من
جراء تنفيذ الترصف اذلي أبرمه(.)1
يظهر أن املرشع قد أورد هذا القيد عىل مبدأ رجعية البطالن هبدف حامية انقص الهلية،
ومعاقبة املتعاقدين معه ،بدليل أنه جعل عئب اإثبات اغتناء انقص الهلية من تنفيذ الترصف عىل
املتعاقد معه ؛ مبعىن أنه اإذا مل يمتكن هذا املتعاقد من اإثبات أن أثر الترصف قد عاد مبنفعة عىل انقص
الهلية ،فاإنه لن يرد اإليه ما وفاه مبوجب تنفيذ الترصف ،أما فامي يتعلق حبق انقص الهلية يف
الاسرتداد ،فاإن املتعاقد معه سريد هل لك ما دفعه.
– 3اس تحاةل الرد لعتبارات املصلحة العامة :حرمان امللوث من اسرتداد الداء.
قد أرىس القانون الروماين هذه القاعدة؛ اإذ يقرر أنه ل يعتد بطلب البطالن اإذا اكن سببه
ش ناعة ،أو فظاعة أو خساسة املدعي ،ول جمال لرد الطراف اإىل احلاةل اليت اكنوا علهيا قبل
الترصف ،اإذا اكنوا قد شاركوا يف هذه اخلساسة؛ مبعىن أهنم اكنوا ملوثني أيضا ،فالقاعدة هتدف اإىل
حرمان امللوث من اسرتداد الداء.
نرى أن القضاء اجلزائري قد أصاب يف تفسريه لحاكم البطالن ،وعدم الخذ بملبدأ الروماين
اذلي حيرم امللوث من الاسرتداد لعدم متاش يه مع الهدف من البطالن( .)2غري أن املرشع قد
اسقط هذا الاجهتاد مبوجب تعديل 2005حيث أضاف فقرة يف املادة 103من التقنني املدين تقيض
حبرمان من تسبب يف عدم مرشوعية العقد أو اكن عاملا به من الاسرتداد.
– IIالقيود الواردة عىل خاصية الرجعية يف ما يتعلق بلعالقات مع الغري :
51
اثنيا – مدى مشولية البطالن :البطالن اجلزيئ
تؤدي بعض أس باب البطالن -خاصة تكل اليت تتعلق بلترصف لكية ،اكلرىض ،والهلية -
اإىل بطالن لك الترصف ،فال يصح منه أي جزء ،غري أن هناكل من الس باب ما ل تشمل الترصف
كلك ،كام لو اكن بند ،أو بندين من الترصف خمالفا للنظام العام .يف هذه احلاةل تطرح مسأةل مشولية
البطالن للترصف ،فهل يبطل لكية ،أو يبطل البند املعيب فقط ؟
تنص املادة 104من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه « :اإذا اكن العقد يف شق منه بطال أو
قابال ل إالبطال ،فهذا الشق وحده هو اذلي يبطل ،إا ّل اإذا تبني أن العقد ما اكن ليمت بغري الشق اذلي
وقع بطال أو قابال ل إالبطال ،فيبطل العقد لكه ».
يس تخلص من هذا النص أن العقد يظل – من حيث الصل – قامئا فامي عدى الشق اذلي
مت اإبطاهل أو بطالنه ،إا ّل اإذا تبني للقايض أن العقد ما اكن ليمت بغري الشق اذلي وقع بطال أو قابال
ل إالبطال ،وعىل الطرف املمتسك بلبطالن اللكي أن يثبت أن النية املشرتكة للطراف ما اكنت لتتجه
اإىل اإبرام الترصف بغري هذا الشق .
وعليه ف إان البطالن خيضع ملبدأ النية املشرتكة للطراف ،واليت ل تتبني إا ّل بعد تفسري
الترصف؛ مبعىن أن البطالن متوقف عىل النية املشرتكة للطراف ؛ اإذ جيب البحث عهنا لتحديد ما
اإذا اكن الشق املبطل هو ادلافع اإىل اإبرام الترصف أم ل ،حىت يمت تقرير البطالن النس يب ،أو تقرير
البطالن اللكي.
غري أن هناكل حالت ل يعتد فهيا املرشع بلنية املشرتكة للطراف حىت يقرر البطالن
اجلزيئ ،كام يف حاةل التفاق عىل اإبقاء الرشوط التعسفية( ، )1والتفاقات املتعلقة بعدم ضامن التعرض
الشخيص يف عقود البيع( ،)2والتفاق املتعلق بإعفاء املؤجر ( الرشكة املؤجرة) من املسؤولية املدنية
جتاه املس تأجر ،أو جتاه طرف أخر يف احلالت اليت يقرر املرشع أن هذه املسؤولية من النظام العام،
فيبطل التفاق ،ويبقى الاعامتد الإجياري للصول املنقوةل قامئا(.)3
املطلب الثاين
أحاكم ممارسة البطالن
ل يتقرر البطالن إا ّل حبمك ،إا ّما عن طريق طلب يقدم اإىل احملمكة من قبل طرف يف
الترصف ،أو حىت من قبل الغري اإذا اكن البطالن مطلقا ،وإاما عن طريق ادلفع بلبطالن من قبل أحد
أطراف الترصف ،اذلي طلب منه قضائيا تنفيذ الترصف الباطل .
س نعرض حالت ممارسة البطالن (فرع أول) ،وصاحب احلق يف اإاثرته (فرع اثن) ،مث
أحاكم انقضائه (فرع اثلث) .
الفرع الول :حالت ممارسة البطالن
مل يعمتد املرشع اجلزائري معيار نوع املصلحة اليت حيمهيا البطالن ،حىت يضفي علهيا صفة
البطالن املطلق ،أو البطالن النس يب ؛ اإذ نالحظ أنه أضفى صفة البطالن املطلق عىل البطالن
اذلي يكون انجتا عن عدم وجود احملل ،أو السبب عىل الرمغ من أن املصلحة احملمية هنا يه
املصلحة اخلاصة ،أخذا بذكل مبعيار خطورة العيب.
53
بغض النظر عن املعيار اذلي اعمتده املرشع اجلزائري ،فاإن حالت البطالن النس يب يه :
نقص الهلية ،والغلط ،والإكراه ،والتدليس ،والاس تغالل .بيامن حالت البطالن املطلق يه :غياب
الرتايض ،واحملل ،والسبب ،والشلكية يف الترصفات الشلكية.
ليس نوع املصلحة احملمية هو اذلي حيدد نوع البطالن يف الترشيع اجلزائري ،وإامنا نوع البطالن
هو اذلي حيدد نوع املصلحة احملمية ؛ اإذ ل شك يف أن بطالن الترصف لعدم وجود السبب ،هو
بطالن مطلق ،عىل الرمغ من أن املصلحة احملمية خاصة (مصلحة الطرف اذلي تعاقد بدون سبب)،
وبلنتيجة تطبق عليه الحاكم املتعلقة بلنظام العام( ،)1وكنه بطالن مقرر محلاية املصلحة العامة.
ويقرر البطالن املطلق لغياب الرشوط الساس ية لوجود الترصف ،أو ما يطلق علهيا بعض
املفرسين الراكن( )2؛ مبعىن أمعدة الترصف ،ويه :الرىض ،واحملل ،والسبب ،والشلكية يف
الترصفات الشلكية.
يثار البطالن املطلق لغياب الرتايض يف احلالت اليت ل حيدث فهيا تطابق الإجياب
بلقبول( ، )3كام يف حاةل عدم عمل أحد الطراف بتعبريات الطراف الخرى( ،)4أو يف احلالت اليت
يطلق علهيا الفقه الغلط املانع ،ويثار البطالن املطلق لغياب رشط احملل ،اإذا مل يكن ممكنا ،أو
موجودا أو قابال للوجود ،أو معينا أو قابال للتعيني ،أو اإذا مل يكن مرشوعا ،كام يثار البطالن
املطلق لغياب رشط السبب ،اإذا مل يكن موجودا أو مرشوعا ،و يثار البطالن املطلق أخريا لنعدام
الشلك ،اإذا مل يمت احرتام الإجراءات اليت نص علهيا املرشع ،ويه ختتلف بختالف نوع الترصف.
الفرع الثاين :صاحب احلق يف اإاثرة البطالن
تظهر أمهية أاثر المتيزي بني البطالن املطلق والبطالن النس يب بشلك وا ح فامي يتعلق مبسأةل
حتديد صاحب احلق يف اإاثرة البطالن .فهناك طائفة جيوز لها طلب البطالن املطلق ( أول) ،
وطائفة جيوز لها طلب البطالن النس يب ( اثنيا) .
أول – صاحب احلق يف اإاثرة البطالن املطلق :
- 1جيوز للك ذي مصلحة أن يطالب به ،كام جيوز للقايض أن يتعرض هل من تلقاء نفسه ،و ميكن اإاثرته يف أي مرحةل اكنت علهيا ادلعوى
...اخل.
- 2مل يس تعمل التقنني املدين اجلزائري مصطلح ركن وإامنا اس تعمل مصطلح رشط.
- 3املادة 59من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم.
- 4املادة 61من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم.
54
ميكن للك ذي مصلحة أن يثري البطالن املطلق ( ، )Iكام ميكن لعوان السلطة العامة
اإاثرته(. )II
– Iحتديد أحصاب املصلحة :
ل جيب أن يفهم من عدم حرص حق طلب البطالن املطلق عىل الطراف لكونه يريم محلاية
املصلحة العامة ،أن هذا احلق مقرر للك الشخاص ؛ اإذ يكفي تطبيق أحاكم الرشوط الإجرائية
لرفع ادلعوى « ل دعوى من غري املصلحة» ،لستبعاد لك الشخاص غري املعنيني بلترصف ،
فاملعنيون بلترصف مه :
– 1الطراف :
اإن أول من حيق هلم اإاثرة البطالن املطلق مه الطراف ،فالبطالن املطلق ميكن اإاثرته من قبل
لك الطراف ،عكس البطالن النس يب اذلي ل ميكن اإاثرته اإل من قبل الطرف اذلي حدد الإبطال
ملصلحته(.)1
وجيوز اإاثرة البطالن املطلق من الويل اإذا اكن أحد الطراف قارصا ،أما اإذا تويف أحدا
الطراف فاإن حق البطالن ينتقل اإىل خلفه العام ،ما مل يتبني من طبيعة التعامل أو من نص القانون
عكس ذكل(.)2
–2اخللف اخلاص:
جيوز للخلف اخلاص طلب بطالن الترصف ،برشط أن يسبب هلم الترصف رضرا ،مبا جيعل
مصلحهتم يف طلب البطالن قامئة ،وحقهم يف البطالن حق أصيل ،فال يشرتط توافر رشوط
ادلعوى غري املبارشة حىت يبارشوا هذا احلق.
فيجوز للمس تفيد يف الاعامتد الإجياري للصول املنقوةل طلب بطالن عقد الكفاةل العينية
الباطةل ،اليت أبرمهتا الرشكة املؤجرة لتكفل مدينا أخر ،اإذا اكنت العني حمل الكفاةل يه العتاد .
–3ادلائنون :
جيوز لدلائنني طلب بطالن ترصف مديهنم اإذا اكنت هلم مصلحة يف ذكل ،كام لو لحظ
دائنو الرشكة املؤجرة بطالن الاعامتد الاجياري ،جاز هلم بطالنه من أجل المتكن من التنفيذ عىل مثن
العتاد اذلي ستس تعيده هذه الخرية ،ودعوامه دعوى أصلية ؛ أي مبارشة(.)1
55
أما بلنس بة للغري بملفهوم الضيق( ) Penitus extraneiفاإنه ل جيوز هلم المتسك ببطالن
الترصف ؛ لنه ل مصلحة هلم يف ذكل ،فال جيوز لصاحب مصنع منافس طلب بطالن الاعامتد
الاجياري اذلي أبرمه املس تفيد من أجل جلب ألت ملصنعه .
– IIأعوان السلطة العامة :
– 1النيابة :
جيوز للنيابة رفع دعوى بطالن ترصف بطل بطالان مطلقا ،بعتبار أهنا ملكفة بحلرص عىل
تطبيق القانون ،لس امي احلفاظ عىل النظام العام.
غري أن ما جيب الإشارة اإليه ،هو أن هذا احلق ل يتواجد يف لك أنواع البطالن املطلق ،وإامنا
يف ذكل البطالن اذلي يتأسس عىل عدم مرشوعية احملل أو السبب ،أو خمالفهتام للداب العامة.
–2احملمكة :
ّتقر أغلب الترشيعات أن للمحمكة أن حتمك من تلقاء نفسها بلبطالن املطلق؛ لنه ميس بلنظام
العام ،غري أن ما يالحظ هو أن ليس لك حالت البطالن املطلق متس بلنظام العام.
اثنيا – صاحب احلق يف اإاثرة البطالن النس يب :
يتقرر حق اإبطال الترصف الباطل بطالان نسبيا للطرف اذلي جعل هل القانون حق الإبطال،
فهو ل يتقرر للك الطراف( ،)2ولصاحب احلق يف الإبطال سلطة تقديرية يف طلبه ،برشط أن ل
يتقادم طلبه ،ول جيوز للطراف الخرين طلب الإبطال حىت وإان اكنت هذه احلاةل هتدد أمن
عالقهتم ،فتبقى عالقهتم معلقة اإىل غاية تقادم حق من تقرر البطالن ملصلحته ،أو اإجازته للترصف،
هذا هو المثن اذلي يدفعه من دلس ،أو أكراه ،أو اس تغل طيشا يف الطرف الخر .
يتقرر حق طلب الإبطال للخلف العام ،وحىت النائب ،اكلويل بلنس بة لناقص الهلية .كام
ينتقل حق طلب الإبطال اإىل اخللف اخلاص للطرف اذلي قرر هل القانون حق الإبطال ،بعتبار أنه
من ممكالت اليشء اذلي تلقاه من سلفه ،فلو اشرتط القارص عقارا للمنتفع ،وعاد واشرتطه بعد
اكامتل أهليته ملنتفع أخر ،جاز للمنتفع الثاين المتسك بإبطال الاشرتاط الول ،غري أن دعوى
الإبطال ل تتقرر دلائين من تقرر الإبطال ملصلحته .
الفرع الثالث :سقوط حق المتسك بلبطالن
57
اإذا اكن هيدف اإىل حامية املصلحة اخلاصة ،اكن البطالن نسبيا .وعليه فاإن الشخص ل ميكنه أن جيزي
ما يرض بملصلحة العامة ،كام أن البطالن املطلق من النظام العام ،وجيوز للك ذي مصلحة أن
يمتسك به ،وللقايض أن يثريه من تلقاء نفسه ،وهذه العمومية يف جواز اإبطاهل متنع عنه اإماكنية
الإجازة.
ذهب بعض الباحثني اإىل أنه جتوز الإجازة يف بعض حالت البطالن املطلق ،أين ل تكون
املصلحة احملمية مصلحة عامة ،أو زال داعي املصلحة العامة فهيا بإلغاء النص املقرر للبطالن املطلق،
أو بتعديهل ،فأحاكم بطالن الترصف لعدم وجود احملل أو السبب مثال ،ل هتدف اإىل حامية املصلحة
العامة ،عكس أحاكم بطالنه لعدم مرشوعيهتام .كام أن بعض الترصفات قد تصطدم بلنظام العام
والداب العامة دون أن متس بملصلحة العامة ؛ لن النظام العام يشمل النظام العام الس يايس والنظام
العام الاقتصادي ،ومن أحاكم النظام العام الاقتصادي رشوط العمل ،حفق العامل يف العطةل سواء
أاكنت أس بوعية أو س نوية من النظام العام ،غري أهنا ل متس بملصلحة العامة ،وإامنا متس مبصلحة
العامل اذلي أبرم عقد معل حيرمه من هذا احلق .وعليه فاإذا اكنت الإجازة تتأسس عىل املصلحة
اخلاصة ،فاإنه من املنطق أن جتوز اإجازة هذه النواع من الترصفات .
هذا هو موقف الفقه من الإجازة ،أما موقف املرشع اجلزائري فهو بت :ل يزول البطالن
املطلق بلإجازة.
-IIرشوط الإجازة :
حىت تكون الإجازة حصيحة جيب أن تصدر ممن هل حق اإبطال الترصف( ، )1وأن تكون
إارادته ساملة من العيوب ( ، )2كام جيب أن يعمل بلعيب ( ، )3وأن تتجه إارادته اإىل تأييد أاثر
الترصف ( ، )4اإضافة اإىل رضورة صدور الإجازة يف وقت لحق عن اإبرام الترصف (. )5
-1أن تصدر الإجازة ممن هل احلق يف اإبطال الترصف :جيب أن تصدر الإجازة من الشخص
اذلي هل حق طلب اإبطال الترصف ،وهذا الرشط انجت عن تعريف الإجازة يف حد ذاهتا ،واملمتثل
يف التنازل عن حق طلب الإبطال .
- 2أن تكون إارادة اجملزي ساملة من العيوب :يشرتط يف اجملزي أهلية الترصف ،وأن ل يكون
قد ترصف نتيجة غلط ،أو اإكراه ،أو تدليس ،أو اس تغالل.
-3عمل اجملزي بلعيب اذلي شاب الترصف :يشرتط عمل اجملزي بلعيب اذلي شاب الترصف
اذلي هو بصدد اإجازته ،وعليه اإذا تعددت العيوب ،فاإن الإجازة ل تشمل سوى تكل اليت عمل هبا.
58
-4اجتاه إارادة اجملزي اإىل اإجازة الترصف :ويتحقق هذا الرشط بعمل اجملزي حبق الإبطال ،اذلي
هو بصدد التنازل عنه.
-5صدور الإجازة يف وقت لحق عن انعقاد الترصف :يستشف هذا الرشط من صور
الإجازة ،اليت ميكن أن تكون مضنية ،كن ينفذ اجملزي الترصف اختياراي ،أو أن ميارس احلقوق اليت
اكتس اها مبوجب الترصف املعيب ،أو أن يقوم بترصفات حتول دون اإعادة احلال اإىل ما اكن عليه قبل
الترصف اإذا مت تقرير البطالن .وعليه ل ميكن أن تصدر الإجازة يف وقت سابق عىل الترصف.
أما فامي يتعلق بإثبات الإجازة ،فاإنه جيوز اإثباهتا بلك وسائل الإثبات ؛ لهنا ل ختضع لشلك
معني ،ولو اكن الترصف اجملاز شلكيا.
-IIIأاثر الإجازة:
اإذا متت الإجازة مطابقة لرشوطها ،تأيد الترصف بزوال خطر املطالبة بإبطاهل ،فيصبح بات
فامي يتعلق بأطرافه ( ، )1دون املساس حبقوق الغري (. )2
-1أاثر الإجازة فامي بني الطراف :
تنص املادة 100من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه «:يزول حق اإبطال العقد بلإجازة
الرصحية أو الضمنية وتستند الإجازة اإىل التارخي اذلي مت فيه العقد . » ...وعليه حفق طلب اإبطال
العقد يزول من اترخي اإبرام العقد ،ل من اترخي صدور الإجازة ؛ مبعىن أن ل إالجازة أثر رجعي،
والرجعية يه وس يةل تثبيت أاثر العقد أو الترصف القابل ل إالبطال ،ويف هذه املسائل منيل اإىل ما
ذهب اإليه الس تاذ ʼʼجعفور ʽʽيف أن ل فائدة ترىج من الرجعية يف هذا املقام ؛ لن الترصف القابل
ل إالبطال ترصف قامئ منتج لاثره اإىل حني إابطاهل أو اإجازته .وعليه فال حاجة لن يكون ل إالجازة أثر
رجعي ،من أجل تثبيت أاثر الترصف.
وترجع عدم أمهية الرجعية لكون املرشع اجلزائري ل يقبل الإجازة اإل يف الترصفات القابةل
ل إالبطال ،فلو اكن يقبلها يف الترصفات الباطةل بطالان مطلقا ،واليت ل متس بملصلحة العامة،لاكن
للرجعية أمهية ؛ لن الترصف الباطل ل ينشئ أاثرا قانونية.
ل ترسي أاثر الإجازة اإل عىل اجملزي ،وذكل حبرمانه من ممارسة حق طلب إابطال الترصف.
وعليه اإذا تعدد الشخاص اذلين يكون هلم حق طلب الإبطال ،كام يف الترصفات املتعددة الطراف
أين ميثل عدة أشخاص طرفا واحدا ،كام لو بع املالكون عىل الش يوع ملكهم ،فاإن حق الطراف
اذلين مل جيزيوا الترصف يبقى قامئا .
59
تلزم الإجازة اخللف العام ،غري أهنا ل تلزم اخللف اخلاص املقصودين يف املادة 100
من التقنني املدين اجلزائري مبصطلح الغري .
-2أاثر الإجازة فامي يتعلق بلغري :
تنص املادة 100من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه « :يزول حق اإبطال العقد بلإجازة
الرصحية أو الضمنية و تستند الإجازة اإىل التارخي اذلي مت فيه العقد ،دون اإخالل حبقوق الغري. » .
مفن مه الغري اذلين قصدهتم هذه املادة ؟
ل يعترب ادلائن العادي من قبل الغري اذلين قصدهتم هذه املادة ؛ لنه مل يكسب شيئا معينا
بذلات يف ذمة املدين ،وإامنا حقه مضمون بلضامن العام لهذا الخري ،وحىت اإن اكنت الإجازة تسعى
اإىل اإخراج املال من ذمة املدين من أجل حرمان ادلائن من التنفيذ علهيا ،فاإن الترصف املرض هو
ليس الإجازة ،وإامنا هو هتريب مكوانت اذلمة املالية اذلي ل يكون بلرضورة عن طريق الإجازة ،فقد
يكون عن طريق الهبة ،أو التربع ...اإخل ،فالغش هو املرض ،وليس الإجازة
يظهر مما سلف أن الغري املقصود يف هذه املادة هو اخللف اخلاص اذلي انتقلت اإليه هذه
الصفة يف مرحةل ما قبل الإجازة ،ولتوضيح هذه احلاةل سنسرتجع املثال الالكس ييك املمتثل يف بيع
عقار من قبل قارص لشخص « أ» ،مث يبيعه مرة اثنية لشخص « ب » بعد أن يصبح راشدا ،مث
يعود وجيزي البيع الول .ففي هذه احلاةل ل جيوز الاحتجاج هبذه الإجازة يف مواهجة الشخص « ب»
طبقا للامدة 100من التقنني املدين اجلزائري.
وحنن هنا نتساءل عن عةل وجود مثل هذا احلمك ؟ خصوصا وأن املرشع اجلزائري ل جيزي
اإجازة الترصف الباطل بطالان مطلقا ،فالترصف القابل ل إالبطال ،هو ترصف منتج لاثره اإىل غاية
اإبطاهل .وعليه فاإن بيع القارص بعد بلوغه سن الرشد للعقار للشخص « ب » يف هذه احلاةل ،يعترب
مبثابة بيع مكل الغري ؛ لنه ل جيوز هل البيع اإل اإذا أبطل البيع املربم مع الشخص« أ» .
اثنيا -التقادم:
ميكن إااثرة التقادم عن طريق املطالبة أو ادلفع ،وإاذا اكنت املطالبة بلتقادم تتقادم ( ، )Iفاإن
ادلفع بلتقادم ل يتقادم (. )II
-Iدعوى التقادم :
خيتلف ميعاد تقادم دعوى البطالن النس يب ( ، )1عن ميعاد دعوى البطالن املطلق ()2
-1تقادم دعوى الإبطال :
60
تتقادم دعوى البطالن النس يب مبرور مخس س نوات ،مفا هو ادلافع اإىل جعل امليعاد قصريا
بملقارنة مع ميعاد التقادم يف احلقوق ،واملمتثل يف مخسة عرش س نة( ،)1وما هو أساس هذا امليعاد
القصري ؟
يؤسس الفقه الالكس ييك التقادم القصري يف البطالن النس يب عىل فكرة الإجازة الضمنية أو
املفرتضة :فالشخص اذلي ل يرفع دعوى الإبطال خالل مخس س نوات ،يعترب متنازل عن حقه يف
الإبطال؛ أي أنه قد أجاز الترصف ،وقد دمع الفقه الالكس ييك هذه الفكرة بفكرة أن العيوب اليت
تؤدي اإىل البطالن النس يب جيوز اإجازهتا .
أما الفقه احلايل فيؤسس التقادم القصري غىل فكرة املصلحة ،ويه الفكرة اليت يتأسس علهيا
البطالن عامة ؛ اإذ يتقرر البطالن النس يب اإذا اكن العيب ميس بملصلحة اخلاصة للطراف .وعليه
فاإن حق املطالبة به ل تثبت اإل للطرف اذلي تقرر البطالن ملصلحته ،ول يثبت هذا احلق
للطراف الخرين يف الترصف ،ول للغري ،فيكونون أطرافا يف ترصف همدد بلزوال ،غري أنه ل
جيوز هلم اختاذ أي ترصف من أجل اإهناء هذه الوضعية ،وهبدف أل تطول قرص املرشع أجال طلب
الإبطال عكس أجال طلب البطالن املطلق ؛ لنه جيوز يف هذا الخري املطالبة به من لك ذي
مصلحة ،كام جيوز أيضا للقايض التدخل من تلقاء نفسه.
ل يرسي التقادم امخلايس عىل الاس تغالل اذلي تتقادم دعوى البطالن فيه بعد مرور س نة
من اترخي ابرامه( ،)2ول نفهم ملاذا مزي املرشع هذا العيب عن بيق العيوب؟
يبدأ رساين التقادم امخلايس يف حاةل نقص الهلية من اليوم اذلي يزول فيه هذا السبب ؛ لنه
ل ميكن أن يثبت حق لشخص ،وهو غري قادر عىل ممارس ته ،فالهلية رشط لقبول دعوى البطالن
شالك ،أما يف حاةل الإكراه مفن يوم انقطاعه ،ويف الغلط والتدليس من يوم اكتشافهام ،ويف لك
الحوال ل جيب أن يتجاوز ميعاد رفع ادلعوى عرش س نوات من يوم اإبرام الترصف(.)3