You are on page 1of 62

‫أراكن العقد‬

‫مقدمة‬
‫يعد مفهوم العقد مفهوما جوهراي يف احلياة الاجامتعية؛ لن لك العالقات‪،‬سواء اكنت اجامتعية‬
‫او اقتصادية أو حىت س ياس ية‪ ،‬تتجسد عن طريق هذا املفهوم‪ .‬كام أن ملفهوم العقد بعد عاملي؛فلك‬
‫اجملمتعات تتفق عىل رضورة احرتام وتنفيذ العهود ‪ .ʽʽPACTA SUNT SERVANDAʼʼ‬وهبذا حتتل‬
‫نظرية العقد مركزا مرموقا يف احلياة العملية؛ فبالإضافة اإىل كوهنا مصدر أغلب الالزتامات ا إلرادية‪ ،‬فاإهنا‬
‫تؤثر عىل مجيع جمالت القانون وليس عىل القانون املدين حفسب‪.‬‬
‫وللمتهيد لنظرية العقد سنتلكم يف ثالث نقاط‪ :‬تمتحور اإحداها يف تعريف العقد ( أول) ‪،‬‬
‫والثانية يف تقس اميت العقود ( اثنيا)‪ ،‬و الثالثة يف مبدأ سلطان ا إلرادة (اثلثا)‪.‬‬
‫أول‪ :‬تعريف العقد‬
‫تنص املادة ‪ 54‬من التقنني املدين اجلزائري عىل أن ‪ « :‬العقد اتفاق يلزتم مبوجبه خشص أو‬
‫عدة أشخاص حنو خشص أو عدة أشخاص بإعطاء يشء‪ ،‬أو القيام بعمل‪ ،‬أو الامتناع عن معل‪.».‬‬
‫يس تنتج من هذا النص أن العقد اتفاق منشئ لاللزتامات‪ ،‬فهو اتفاق‪ ،‬يقول توافق ارادة‬
‫خشصني أو أكرث‪ ،‬يطلق علهيم مصطلح أطراف بملفهوم التقين‪ ،‬ومه وحدمه من يرتبط بلإتفاق‪ ،‬فهم‬
‫من يلزتمون مبوجبه ويس تفيدون منه‪.‬‬
‫ومن هنا تظهر العنارص املمزية للعقد عن بيق الترصفات القانونية‪:‬‬
‫العقد اتفاق‪:‬‬
‫مبعىن أنه توافق إارادتني أو أكرث‪ ،‬وهو هبذا يمتزي عن الترصف إبرادة منفردة – عند بعض‬
‫الرشاح‪ -‬واذلي ينشأ عن إارادة واحدة‪ .‬غري أننا ل نتفق مع هذا الرأي؛ لن الترصف إبرادة منفردة قد‬
‫ينشأ عن التفاق؛ اإذ جيب أن منزي بني تعاون ا إلرادات)‪ (collaboration de volontés‬وتوافق‬
‫ا إلرادات (‪ ، )accord de volontés‬والترصف إبرادة منفردة قد ينتج عن تعاون ا إلرادات مادامت‬
‫تعرب عن مصلحة واحدة‪ ،‬اكلقرارات املتخذة بأغلبية الصوات‪ ،‬والترصفات املنش ئة لشخاص معنوية‪.‬‬
‫فاذلي ميزي العقد عن الترصف إبرادة منفردة هو ليس عدد ا إلرادات وإامنا تقابل املصاحل؛ فاإذا اكن‬
‫‪1‬‬
‫الترصف يعرب عن مصلحة واحدة اكن ترصفا إبرادة منفردة‪ ،‬وإاذا اكن يعرب عن توافق مصلحتني‬
‫متقابلتني اكن ترصفا ثنائيا أي عقد‪.‬‬
‫العقد منشئ لاللزتامات‪:‬‬
‫يركز التقنني املدين اجلزائري يف تعريفه للعقد عىل دوره املنشئ لاللزتامات‪ « :‬يلزتم ‪ ...‬بإعطاء‬
‫يشء أو القيام بعمل‪ ،‬أو الامتناع عن معل‪ .».‬وهو هبذا يمتزي عن التفاق بصورة عامة‪ ،‬واذلي قد‬
‫يكون حمهل نقل الزتام كحواةل احلق أو ادلين‪ ،‬أو تعديل الزتام اكإقرانه بأجل أو رشط‪ ،‬أو التفاق عىل‬
‫اإهنائه‪،‬اكإهناء الالزتام بلوفاء قبل الجل أو أية وس يةل أخرى‪.‬‬
‫فالعقد أخص من التفاق؛ لنه اتفاق منشئ لاللزتام ل غري‪ ،‬فلك عقد اتفاق غري أن ليس لك‬
‫اتفاق عقد؛ فالعقد نوع)‪ (espèce‬من نفس اجلنس)‪ (genre‬واملمتثل يف التفاق‪ .‬ومن أجل حرص ماكنة‬
‫العقد ما بني الترصفات القانونية‪ ،‬يكفي مالحظة اخملطط التايل‪:‬‬

‫الترصفات إبرادة منفردة‬


‫الترصفات القانونية‬

‫التفاقات املنش ئة للعقود‬


‫التفاقات‬
‫التفاقات الخرى‬

‫فالعقد اإذا‪ ،‬هو ترصف منشئ لاللزتامات‪ ،‬غري أن دوره يتعدى الإنشاء فامي يتعلق بللزتام‬
‫بإعطاء يشء؛ أي نقل حق امللكية أو أي حق عيين أخر‪ ،‬فهو يف الش ياء القميية ل يكتفي بإنشاء‬
‫الالزتام بقل امللكية وإامنا حيقق نقل امللكية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الزتامات قانونية‪:‬‬
‫يمتزي العقد بقوة اإلزامية أاثره‪ ،‬فالطراف يعلمون أن أاثر ترصفهم ملزمة‪ ،‬وأهنم اإذا خالفوها‬
‫سيتعرضون للقوة الردعية للقانون؛ لن العقد رشيعة املتعاقدين‪.‬‬
‫وهبذا يمتزي العقد عن التفاقات الناجتة عن اجملامةل و املالطفة‪ ،‬فاذلي يدعو صديقا للعشاء أو‬
‫اذلي ينقل مسافرا بس يارته أو اذلي يعد تلميذا جبائزة اإذا جنح يف الامتحان ل تكون نيته الالزتام‬
‫قانوان‪ ،‬فاإن اكن من الناحية الخالقية ملزتم جتاههم فاإن هذا الالزتام ل يمتتع بلقوة الإلزامية‪ ،‬و تعرف‬
‫هذه الالزتامات بللزتامات الطبيعية أو الزتامات الرشف‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬مبدأ سلطان ا إلرادة ‪Autonomie de la volonté‬‬
‫اكن واضعو التقنني املدين الفرنيس و حىت شارحيه متأثرين بلفكر الليربايل الفردي؛ فالترشيع‬
‫يف حد ذاته ل جيد قوته الإلزامية اإل يف إارادة الشخاص ( أطروحة العقد الاجامتعي) و اذلين مه‬
‫أحرار أن يرتبطوا بواسطة عقود برشط أن ل خيالفوا النظام العام والداب العامة‪ .‬كام أنه بإماكهنم أن‬
‫ينظموا الزتاماهتم كام يشاءون‪،‬مفجرد أهنم أرادوا الالزتامات الناش ئة عن العقد يكفي للزتاهمم بتنفيذها‪.‬‬
‫فأحصاب هذا الفكر يعطون ل إالرادة ادلور الرئييس يف اإنشاء الالزتامات و تربير قوهتا الإلزامية‪.‬‬
‫وسوف نتلكم يف هذا املبدأ يف ثالث نقاط‪ :‬الوىل نتناول فهيا الساس اذلي ينبين عليه مبدأ‬
‫سلطان ا إلرادة‪ ،‬والثانية أثره عىل نظرية العقد‪ ،‬أما الثالثة فنتناول فهيا تراجعه‪.‬‬
‫‪-I‬أساس مبدأ سلطان ا إلرادة‪:‬‬
‫لقد ش به واضعو تقنني انبليون أحاكم العقد بلترشيع‪ ،‬حفسب املادة ‪ 1134‬منه واليت تقابل‬
‫املادة ‪ 106‬من التقنني املدين اجلزائري‪ :‬العقد رشيعة املتعاقدين‪ ،‬مبفهوم أن العقد قانون بلنس بة‬
‫للمتعاقدين‪ .‬ول بد أنه اكنت هلم جحج قوية لسن مثل هذه القاعدة‪.‬‬
‫لقد استند واضعو تقنني انبليون عىل جحج فلسفية و س ياس ية و اقتصادية‪.‬‬
‫احلجج الس ياس ية‪:‬‬
‫يرتكز مبدأ سلطان ا إلرادة من الناحية الفلسفية عىل الاعتقاد بفكرة احلرية الطبيعية ل إالنسان‬
‫وبفكرة أن دور القاعدة القانونية هو حامية حقوق الفرد من تعسف ادلوةل‪ .‬وهو اعتقاد تكرس يف‬
‫اإعالن ‪ 1789‬اذلي نص عىل أن من واجب ادلوةل تكريس حقوق الفرد واليت ميلكها بلطبيعة وليس‬
‫مبنح مهنا‪ .‬وبلتايل ل يكون مبدأ سلطان ا إلرادة سوى وجه من أوجه هذا الطرح العام‪ .‬و ينتج عن‬
‫مبدأ حرية الفراد نتيجتان أساسيتان‪ :‬ل جيب أن خيضع الشخص اإل لاللزتامات اليت ريض هبا‪،‬‬
‫وبملقابل ل ميكنه الهترب من تنفيذ هذه الالزتامات اليت قبلها عن طريق التعاقد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫كام يرتكز مبدأ سلطان ا إلرادة عىل جحة س ياس ية أخرى‪ :‬تمتثل يف نظرية العقد الاجامتعي‪ ،‬فال‬
‫يعقل حسب واضعي التقنني املدين الفرنيس أل متنح ا إلرادة سلطة اإنشاء الزتامات عن طريق التعاقد‬
‫ويه اليت سامهت يف اإنشاء ادلوةل و الالزتامات العامة عن طريق العقد الاجامتعي‪.‬‬
‫احلجج الاقتصادية‪:‬‬
‫الليربالية مفهوم اقتصادي ظهر أول عند الفزييوقراطيني ‪ ، physiocrates‬وبعدها يف كتابت‬
‫أدم مسيث ‪ . Adam Smith‬وقد شاعت الليربالية يف اإجنلرتا مث فرنسا لتصل اإىل الولايت املتحدة‬
‫المريكية يف القرن الثامن عرش‪.‬‬
‫تأثر الثوار الفرنس يون بكتابت أدم مسيث أين يرشح أن الفراد أحرار يف تنظمي معليات تبادل‬
‫ثرواهتم وخدماهتم‪ .‬وأن خري وس يةل لتحقيق ذكل منحهم احلرية يف التعاقد إبرادهتم و رضامه؛ لن‬
‫حرية التعاقد يه اليت تضمن التبادلت العادةل‪ ،‬واليت عرب عهنا الفيلسوف ‪ FOUILLEE‬بعبارته‬
‫الشهرية ‪ « :‬من يقول تعاقد فهو بلرضورة يقول عدل‪.».‬‬
‫وقد جتسد هذا التأثر يف الترشيعات الثورية حيث نصت عىل أنه جيب عىل ادلوةل أن تدع‬
‫الفرد يعمل وأن تدعه مير ‪ .‬وخري ترمجة لهذا املبدأ عىل املس توى القانوين هو اإعطاء اس تقاللية أو‬
‫سلطان إلرادة الشخاص حىت يربموا العقود بلك حرية؛ فيتعاقد مع من يشاء وكيفام يشاء‪.‬‬

‫‪-II‬أثر مبدأ سلطان ا إلرادة عىل نظرية العقد‪:‬‬


‫يؤثر مبدأ سلطان ا إلرادة عىل تكوين العقد (‪ )1‬و أاثره (‪.)2‬‬
‫‪-1‬أثر مبدأ سلطان ا إلرادة عىل تكوين العقد‪:‬‬
‫يؤثر مبدأ سلطان ا إلرادة عىل مرحةل تكوين العقد‪ ،‬سواء اكن ذكل عند النشأة (أ) أو حتديد‬
‫املضمون (ب)‪.‬‬
‫أ‪-‬نشأة العقد‪:‬‬
‫حيمك هذه املرحةل مبدأ الرضائية و اذلي يعترب مبدأ مش تقا من مبدأ سلطان ا إلرادة‪ ،‬عىل الرمغ‬
‫من أن ظهوره سابق عن ظهور مبدأ سلطان ا إلرادة؛ فظهور مبدأ الرضائية يرجع اإىل القانون الكنيس‬
‫اذلي حيث عىل واجب الوفاء بلعهود وأنه « اإن اكنت تربط الثريان من قروهنا فالرجال من ألسنهتم‪.‬‬
‫»‪.‬‬
‫وهو مبدأ مفاده أن العقد يمت مبجرد تبادل الطراف التعبري عن رضامه‪،‬دون حاجة اإىل شلك‬
‫معني‪ ،‬بس تثناء بعض العقود واملتعلقة أساسا بلعقار‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ب‪-‬مضمون العقد‪:‬‬
‫يسمح مبدأ سلطان ا إلرادة للطراف جتديد مضمون العقد برضامه‪ ،‬مبعىن حتديد الالزتامات‬
‫اليت س يخضعون اإلهيا‪ .‬هذا ما يعرف مببدأ احلرية التعاقدية اذلي جيعل عدد أنواع العقود اليت ميكن‬
‫اإبراهما ل يعد ول حيىص‪ ،‬ويه تعرف بلعقود غري املسامة‪ .‬عكس العقود اليت نظمها املرشع و اليت‬
‫تعرف بلعقود املسامة‪ ،‬ويه عقود ميكن خمالفة أحاكهما بلتفاق مما جيعل مبدأ حرية التعاقد هو الس يد؛‬
‫لن املرشع عند تنظميها مل يكن هيدف اإىل فرضها عىل الفراد وإامنا منحهم مناذج حتقق أهداف‬
‫العمليات الاقتصادية املراد اإجنازها‪.‬‬
‫كام يرتتب أيضا عىل مبدأ حرية التعاقد وجوب حبث القايض عن النية املشرتكة للطراف عند‬
‫تفسريه للعقد‪ ،‬وقد اعمتد املرشع اجلزائري هذه النتيجة يف املادة ‪ 107‬من التقنني املدين اجلزائري‬
‫املعدل و املمتم‪.‬‬
‫‪-2‬أثر مبدأ سلطان ا إلرادة عىل أاثر العقد‪:‬‬
‫جيعل مبدأ سلطان ا إلرادة الطراف أحرارا يف حتديد مضمون العقد‪ .‬هذا ما جيعل هذا‬
‫املضمون ملزما هلم ( القوة امللزمة للعقد) (أ)‪ ،‬وهلم فقط دون سوامه (نسبية أاثر العقد) (ب)‪.‬‬
‫أ‪-‬مبدأ القوة امللزمة للعقد‪:‬‬
‫ينتج عن مبدأ سلطان ا إلرادة اإلزامية مضمون العقد عىل أطرافه‪ ،‬فهم ملزمون بتنفيذ ما قرروه‪.‬‬
‫وقد عربت املادة ‪ 106‬من التقنني املدين اجلزائري عىل هذا املبدأ «العقد رشيعة املتعاقدين‪ ،»...‬كام‬
‫عربت عن أمه نتيجة تس تنتج منه ويه أنه «‪ ...‬ل جيوز نقضه ول تعديهل اإل بتفاق الطرفني أو‬
‫الس باب اليت يقرها القانون‪ .».‬هذا ما جيعل القايض – من حيث املبدأ‪ -‬عاجزا عن تعديل أحاكم‬
‫العقد‪،‬بس تثناء حاةل الظروف الطارئة و الرشوط التعسفية و الرشوط اجلزائية‪.‬‬
‫ب‪-‬مبدأ نسبية أاثر العقد‪:‬‬
‫يعترب كذكل مبدأ نسبية أاثر العقد نتيجة من نتاجئ مبدأ سلطان ا إلرادة‪ ،‬ومفاده أن العقد ل‬
‫ينفع ول يرض سوى أطرافه؛ اإذ من املنطق أن ل جيد الغري نفسه دائنا أو مدينا من جراء عقد مل‬
‫يشارك يف وضع أحاكمه‪ .‬غري أن هذا ل يعين أن الغري غري ملزم بأحاكمه‪ ،‬فاإذا بع خشص أرضه‬
‫لشخص أخر‪ ،‬فاإن اجملمتع بأمكهل ملزم بحرتام هذا الانتقال للملكية‪ .‬هذا ما يعرف بنفاذ العقد يف‬
‫مواهجة الغري‪.‬‬
‫‪-III‬تراجع مبدأ سلطان ا إلرادة‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫يرجع ظهور مبدأ سلطان ا إلرادة اإىل عوامل أدت اإىل انتشار روح الفردية و احلرية املطلقة‬
‫للفرد يف القرنني الثامن و التاسع عرش‪ ،‬غري أن هذه الروح الفردية تراجعت مع بداية القرن العرشين‬
‫خصوصا مع ظهور و انتشار الزنعة الاشرتاكية‪ .‬هذا ما أدى اإىل تراجع مبدأ سلطان ا إلرادة؛ فقد‬
‫عرف انتقادات من قبل الفقه والقضاء الفرنيس الذلان اس تغال بعض الفراغات القانونية ليحدا من مبدأ‬
‫حرية التعاقد‪ ،‬وذكل عن طريق اللجوء اإىل مفهويم النظام العام و الداب العامة‪ ،‬الذلين مل يعرفهام‬
‫املرشع‪ ،‬وتفسريهام بطريقة تسمح مبعاجلة بعض التجاوزات الناجتة عن حرية التعاقد‪ ،‬كام اس تغال‬
‫سلطة التفسري لإضفاء بعض التوازن عىل الالزتامات الناش ئة عنه‪ .‬أما تدخل املرشع فيظهر من‬
‫خالل تقييده للمبادئ الناجتة عن مبدأ سلطان ا إلرادة‪.‬‬
‫‪-1‬تقييد مبدأ الرضائية‪:‬‬
‫مع بداية القرن العرشين بدأ املرشع – يف أغلب ادلول‪ -‬التخيل عن مبدأ الرضائية يف بعض‬
‫العقود و اشرتط الشلكية ويه ختتلف‪ :‬فقد تكون كتابة العقد‪ ،‬كام قد تكون وجوب كتابته من قبل‬
‫ضابط معويم وشهره يف جسل اإداري معني‪.‬‬
‫وجيب المتيزي بني الشلك املقرر ل إالثبات والشلك املقرر للصحة؛ فالشلك املقرر ل إالثبات‬
‫يكون العقد اذلي ختلف فيه حصيحا منتجا لاثره القانونية‪ ،‬بيامن الشلك املقرر للصحة فال يكون العقد‬
‫حصيحا منتجا لاثره اإل بس تفائه‪.‬‬
‫‪-2‬تقييد مبدأ حرية التعاقد‪:‬‬
‫يظهر هذا التقييد من جانبني‪ :‬يمتثل اجلانب الول يف تقييد حرية الفرد يف أن يتعاقد أو ل‬
‫يتعاقد‪،‬وذكل بمس املصلحة العامة‪ .‬فالقانون يلزم أحصاب الس يارات بلتأمني عىل خماطر حوادث‬
‫املرور‪ ،‬كام يلزم أحصاب الشقق بلتأمني ضد الكوارث الطبيعية قبل تأجريها‪...‬اخل‪ .‬أما اجلانب الثاين‬
‫فيمتثل يف تقييد حرية الطراف يف حتديد مضمون العقد‪ ،‬مك يف عقد العمل أين يلزم القانون الطراف‬
‫بتحديد العطةل الس نوية‪ ،‬وأايم العطل الس بوعية وحىت الجر ل جيب أن يقل عن احلد الدىن‬
‫املضمون‪ .‬ول يقترص هذا التقييد عىل عقد العمل فقط وإامنا يشمل عقودا أخرى نذكر مهنا عىل سبيل‬
‫املثال‪ :‬ل جيوز الإتفاق عىل عدم الضامن يف عقد البيع اإذا اكن نزع اليد انشئ عن فعل البائع‪ ،‬كام ل‬
‫جيوز للرشاكء يف عقد الرشكة التفاق عىل أن ل يسامه أحد الرشاكء يف أربح الرشكة ول يف‬
‫خسائرها‪ ،‬ول جيوز التفاق عىل فائدة يف القروض بني الفراد‪.‬‬
‫يطلق الفقه عىل هذا التقييد مصطلح التوجيه الترشيعي؛لن املرشع يوجه إارادة الشخاص‬
‫عىل اختاذ موقف معني‪ ،‬ول يرتك هلم حرية الاختيار‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪-3‬تقييد مبدأ القوة امللزمة‪:‬‬
‫يظهر تقييد هذا املبدأ يف نظرية الظروف الطارئة اليت جيوز فهيا للقايض تعديل العقد مبا حيقق‬
‫العداةل و التوازن يف الترشيعات و حقوق الطراف‪ ،‬ويف حق القايض يف تعديل الرشوط التعسفية و‬
‫الرشوط اجلزائية‪ .‬ويربر هذا احلق بسلطة القايض عىل رفع الظمل عىل الطرف الضعيف‪.‬‬
‫‪-4‬تقييد مبدأ نسبية أاثر العقد‪:‬‬
‫من أمه اس تثناءات مبدأ نسبية أاثر العقد جند الاشرتاط ملصلحة الغري و التعهد عن الغري‪ ،‬و‬
‫تطبيقاهتا اكلتأمني عىل احلياة ونقل البضائع البحري‪...‬اخل‪.‬‬
‫عىل الرمغ من تراجع مبدأ سلطان ا إلرادة‪ ،‬فاإنه يبقى الساس اذلي يمت الاستناد عليه يف رشح‬
‫نظرية العقد وتأسيس أحاكهما‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬تصنيف العقود‪:‬‬
‫تصنف العقود عدة تصنيفات حبسب الزاوية اليت ننظر مهنا اإلهيا‪.‬‬
‫‪-I‬تصنيف العقود من حيث النشأة‪:‬عقود رضائية و شلكية‬
‫‪-1‬أساس المتيزي‪:‬‬
‫تمتزي العقود الرضائية عن العقود الشلكية عىل أساس مدى كفاية ترايض الطراف‬
‫لنعقادها؛فالعقد الرضايئ ينعقد حصيحا منتجا لاثره القانونية مبجرد ترايض أطرافه‪ ،‬بيامن يف العقد‬
‫الشلكي و العيين فال يكفي ترايض الطراف و اإمنا جيب اإتباع شلك معني حيدده القانون‪ ،‬أو تسلمي‬
‫العني حمل العقد‪.‬‬
‫‪-2‬أمهية المتيزي‪:‬‬
‫تمتثل أمهية متيزي العقود الرضائية عن العقود الشلكية يف كون الوىل حتتاج اإىل توافر ثالث‬
‫رشوط لنعقادها‪ :‬الرىض و احملل والسبب‪ ،‬بيامن حتتاج العقود الشلكية اإىل رشط رابع يمتثل يف‬
‫الشلك‪.‬‬
‫‪-II‬تصنيف العقود من حيث تنظمي املرشع لها‪ :‬العقود املسامة و العقود غري املسامة‪.‬‬
‫‪-1‬أساس التصنيف‪:‬‬
‫تصنف العقود من زاوية تسمية املرشع لها وتنظمي أحاكهما اإىل عقود مسامة وعقود غري مسامة‪.‬‬
‫والعقود املسامة يه تكل العقود اليت خصها املرشع بتسمية و توىل تنظمي أحاكهما‪ ،‬و من أمثلهتا البيع‬
‫والإجيار و الهبة والقرض والرشكة‪...‬اخل‪ .‬كام أن املرشع مل حيرص تنظميها يف التقنني املدين فقط‪ ،‬بل‬
‫جندها كذكل يف التقنني التجاري و قوانني أخرى‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫أما العقود غري املسامة فهيي تكل اليت مل خيصها املرشع بتسمية معينة ول نظم أحاكهما‪ ،‬فقد‬
‫تركها إلرادة الطراف‪ .‬وعليه فهيي ل تعد ول حتىص؛ لن حاجهتم ل تعد و ل حتىص‪.‬‬
‫‪-2‬أمهية التصنيف‪:‬‬
‫تمكن أمهية هذا التصنيف يف سهوةل تفسري العقود املسامة بملقارنة مع العقود غري املسامة؛ فلو مل‬
‫يفصل البائع و املشرتي الزتاماهتام فاإن القايض س يكتفي بلرجوع اإىل أحاكم عقد البيع املنصوص علهيا‬
‫يف التقنني املدين و اليت تعترب ممكةل إلرادة الطراف‪ .‬بيامن لو اكن الزناع متعلقا بعقد غري مسمى فاإن‬
‫معل القايض لن يكون هبذه السهوةل؛ اإذ يتوجب عليه تكييف العقد و حماوةل مقاربته بعقد مسمى‬
‫ليقارب أحاكهمام‪ .‬وهذا العمل يبقى دامئا نس يب وصعب‪ .‬هذا ما جعل املرشع يسعى دامئا اإىل تنظمي‬
‫أكرب عدد ممكن من العقود‪ ،‬فقد نظم بيع الشقق عىل التصاممي والبيع بلإجيار وعقود كثرية أخرى حىت‬
‫يسهل من معل القضاة و يوحد أحاكهمم‪.‬‬
‫‪-III‬تصنيف العقود من حيث حملها‪ :‬العقود البس يطة والعقود املركبة‪:‬‬
‫‪-1‬أساس التصنيف‪:‬‬
‫تصنف العقود من حيث حملها اإىل عقود بس يطة يكون حملها معلية اقتصادية واحدة اكلبيع و‬
‫الإجيار‪ ،‬وعقود مركبة يكون موضوعها أكرث من معلية واحدة كعقد الفندقة اذلي هو مزجي من العقود؛‬
‫فهو اإجيار بلنس بة للسكن وبيع بلنس بة لللك و معل بلنس بة اإىل اخلدمة و وديعة بلنس بة اإىل‬
‫المتعة‪.‬‬
‫‪-2‬أمهية التصنيف‪:‬‬
‫ليس هناكل أمهية كبرية لهذا التصنيف؛ لن العقد املركب تطبق عليه أحاكم العقود اخملتلفة اليت‬
‫يتكون مهنا‪ ،‬فبالنس بة لعقد الفندقة تطبق أحاكم الإجيار بلنس بة للمسكن و البيع بلنس بة لللك و‬
‫املقاوةل بلنس بة للخدمة و الوديعة للمتعة‪.‬‬
‫‪-II‬تصنيف العقود من حيث حتمل الالزتامات‪ :‬العقود امللزمة للجانبني والعقود امللومة جلانب‬
‫واحد‬
‫‪-1‬أساس التصنيف‪:‬‬
‫تصنف العقود من حيث حتمل الالزتامات اإىل عقود ملزمة للجانبني و عقود ملزمة جلانب‬
‫واحد‬
‫العقود امللزمة للجانبني يه تكل العقود اليت تنشئ الزتامات متقابةل يف ذمة لك من املتعاقدين‪،‬‬
‫فلك مهنام دائن و مدين‪ ،‬كعقد البيع اذلي يرتب عىل عاتق املشرتي عدة الزتامات أمهها الالزتام بدفع‬
‫‪8‬‬
‫المثن‪ ،‬و يرتب عىل عاتق البائع عدة الزتامات أمهها الالزتام بلتسلمي‪ .‬أما العقود امللزمة جلانب واحد‬
‫فهيي تكل اليت تنتج الزتامات عىل عاتق طرف واحد‪ ،‬فيكون أحد الطرفني دائنا غري مدين و الطرف‬
‫الخر مدينا غري دائن‪ ،‬كعقد الوديعة بدون أجر والهبة‪.‬‬
‫و ما جتدر الإشارة اإليه هو أن العقد امللزم جلانب واحد خيتلف عن الترصف إبرادة منفردة‪ ،‬و‬
‫يمكن وجه الاختالف يف النشأة؛ اإذ أن العقد امللزم جلانب واحد ينشأ عن توافق إارادتني أو أكرث تعرب‬
‫عن مصلحتني متقابلتني‪ ،‬أما الترصف إبرادة منفردة فينشا عن إارادة أو عدة إارادات تعرب عن مصلحة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫‪-2‬أمهية التصنيف‪:‬‬
‫لهذا التصنيف أمهية معلية كبرية ترجع اإىل تقابل الالزتامات وتداخلها يف العقود امللزمة للجانبني‬
‫مما يؤدي اإىل نتاجئ هامة ل نراها يف العقود امللزمة جلانب واحد‪ ،‬واليت س نكتفي يف هذا املقام بتعداد‬
‫أمهها‪:‬‬
‫‪-‬الفسخ‪ :‬اإذا مل ينفذ أحد الطراف الزتاماته يف العقود امللزمة للجانبني حيق للطرف الخر‬
‫طلب الفسخ مع التعويض وهو أمر ل ميكن تصوره يف العقود امللزمة جلانب واحد‪.‬‬
‫‪-‬ادلفع بعدم التنفيذ‪ :‬اإذا أخل أحد أطراف العقد امللزم للجانبني بلتنفيذ وطالب الطرف الخر‬
‫بتنفيذ الزتامه جاز لهذا الطرف ادلفع بعدم التنفيذ‪ .‬وهو أمر ل ميكن تصوره يف العقود امللزمة جلانب‬
‫واحد؛ لن أحد الطرفني ل يقع عىل ذمته أي الزتام ‪.‬‬
‫‪-‬اخملاطر‪ :‬لو اس تحال عىل أحد املتعاقدين تنفيذ الزتامه نتيجة قوة قاهرة أو ظرف طارئ حتلل‬
‫الطرف الخر من الزتامه فينفسخ العقد من تلقاء نفسه و هو أمر ل حيدث يف العقود امللزمة جلانب‬
‫واحد‪.‬‬
‫‪-I‬تصنيف العقود من حيث الهدف اذلي تسعى اإليه‪ :‬عقود املعاوضة و عقود التربع‬
‫‪-1‬أساس التصنيف‪ :‬عقود املعاوضة يه تكل العقود اليت يأخذ فهيا لك متعاقد عوضا عام‬
‫أعطاه‪ ،‬ففي البيع مثال يأخذ البائع مثنا يقابل قمية اليشء اذلي أعطاه‪ .‬كام يأخذ املشرتي شيئا يقابل قمية‬
‫المثن اذلي سلمه‪ .‬أما عقود التربع فهيي تكل اليت ل يأخذ فهيا أحد املتعاقدين مقابال ملا أعطاه‪،‬اكلهبة‪،‬‬
‫فالواهب ل يأخذ مقابال من املوهوب هل‪.‬‬
‫‪-2‬أمهية التصنيف‪ :‬لهذا التصنيف أمهية معلية تؤثر عىل النظام القانوين للكى العقدين‪ ،‬نذكر‬
‫مهنا‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫‪-‬الاعتبار الشخيص‪ :‬تكون لشخص املس تفيد يف عقود التربع أمهية كبرية عكس عقود‬
‫املعاوضة؛ فاإن مل يكن همام ملن نبيع فاإنه من املهم جدا من نتربع هل‪ .‬والغلط يف خشص املتربع هل سبب‬
‫من أس باب البطالن ‪.‬‬
‫‪-‬املسؤولية‪ :‬تكون مسؤولية املتربع أخف من مسؤولية املتربع هل لنه يتلقى عوضا‪ ،‬فاملتربع ل‬
‫يلزتم بضامن التعرض و الاس تحقاق و العيوب اخلفية بس تثناء التعرض الشخيص‪ ،‬عكس البائع اذلي‬
‫يلزتم بلضامن‪.‬‬
‫‪-‬الإنقاص من اذلمة املالية‪ :‬تؤثر عقود التربع سلبا عىل ذمة املتربع‪ ،‬هذا ما جعل من اجلائز أن‬
‫يطعن فهيا دائنو املتربع بدلعوى البوليصية دون حاجة اإىل اإثبات سوء نية املتربع هل؛ لن هذه العقود‬
‫تنقص من الضامن العام دلائهنم‪.‬‬
‫‪-VI‬تصنيف العقود من حيث حمتوى الالزتامات‪ :‬العقود احملددة ‪ commutatif‬و العقود‬
‫الاحامتلية‪aléatoire‬‬
‫‪-1‬أساس التصنيف ‪ :‬يكون العقد حمددا اإذا اكنت الزتامات الطراف حمددة وقت اإنشاء‬
‫العقد‪ ،‬كبيع يشء معني‪ .‬و يكون احامتليا اإذا اكن أداء أحد الطراف يتوقف يف نشأته أو يف مداه عىل‬
‫أمر مس تقبيل غري حمقق احلصول أو غري معروف وقت حصوهل‪ ،‬كعقد التأمني ضد حوادث املرور‪.‬‬
‫فاحلادث املؤمن ضده قد حيدث وقد ل حيدث‪ ،‬كام الرضار اليت تنتج عنه غري مقدرة مما جيعل مقدار‬
‫التعويض غري ممكن حتديده اإل وقت وقوعه‪.‬‬
‫‪-2‬أمهية هذا التصنيف‪ :‬لهذا التصنيف أمهية حمددة تمتثل يف كون الغنب ل يؤثر عىل حصة‬
‫العقود الاحامتلية؛ لن الاحامتل يستبعد الغنب‪ .‬غري أن هناكل اجتاه يف الفقه يرى أن الاحامتل ل‬
‫يستبعد الغنب‪ ،‬كام أن انعدام الاحامتل )‪ ( l’aléa‬جيعل العقد بطال‪ ،‬فلو بع خشص مزنل مقابل اإيراد‬
‫يعطى لوادله مدى احلياة فميوت وادله قبل اإبرام العقد‪.‬‬
‫‪-III‬تصنيف العقود من حيث زمن تنفيذ الالزتامات‪ :‬العقود الفورية و العقود املس مترة‬
‫‪-1‬أساس التصنيف‪ :‬يكون العقد فوراي اإذا اكن تنفيذ الداءات الناجتة عنه ل تتطلب زمنا‬
‫لتنفيذها‪ ،‬ول نقصد هبذا املعىن أهنا واجبة التنفيذ فور الإبرام و اإمنا نقصد بأن تنفيذها ل يتطلب زمنا‬
‫طويال‪ ،‬حفىت لو تراىخ التنفيذ فهيي تبقى فورية‪ ،‬فالبيع يبقى عقدا فوراي و لو اتفق الطراف عىل أن‬
‫يمت التسلمي وادلفع يف وقت لحق‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ويكون العقد زمنيا اإذا تطلب تنفيذ الداءات الناجتة عنه زمنا معينا‪ ،‬كعقد الإجيار و عقد‬
‫العمل و عقد التوريد‪ .‬فالزمن يف هذه العقود عنرص جوهري حبيث يكون هو املقياس يف تقدير قمية‬
‫املقابل‪.‬‬
‫‪-2‬أمهية هذا التصنيف‪ :‬تمتثل أمهها يف الي‪:‬‬
‫‪-‬الثر الرجعي للفسخ‪ :‬يكون للفسخ يف العقود الفورية أثر رجعي أما يف العقود الزمنية فال‬
‫ميكن ذكل‪ .‬فاملس تأجر ل ميكنه أن يرد ما انتفع به‪.‬‬
‫‪-‬الظروف الطارئة‪ :‬هذه النظرية كثرية التطبيق يف العقود املس مترة و اندرة جدا يف العقود‬
‫الفورية‪.‬‬
‫اإهناء العقد إبرادة منفردة‪ :‬يرى الفقه أنه جيوز اإهناء العقود املس مترة و غري حمددة املدة إبرادة‬
‫منفردة؛ لن الالزتام للبد مناقض للحرية الفردية‪.‬‬
‫بعد أن فرغنا من الالكم يف المتهيد لنظرية العقد‪ ،‬سنتعرض لراكن العقد (املبحث الول) و‬
‫جزاء ختلفها (املبحث الثاين)‪.‬‬
‫املبحث الول‬
‫رشوط انعقاد العقد‬
‫كام س بق ورأينا‪ ،‬يس يطر مبدأ سلطان ا إلرادة عىل رشوط انعقاد العقد‪ ،‬فاملهم يف الانعقاد‬
‫هو ا إلرادة واليت ينظر اإلهيا من لك اجلوانب‪:‬‬
‫‪-‬هل أراد الطراف التعاقد؟ فيجب حبث الرىض‪.‬‬
‫‪-‬ماذا أراد الطراف؟ فيجب حبث احملل‪.‬‬
‫‪-‬ملاذا أراد الطراف التعاقد؟ فيجب حبث السبب‪.‬‬
‫‪-‬وهل تكفي إارادة الطراف لصحة التعاقد؟ فنبحث الشلك‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫املطلب الول‪ :‬الرتايض‬

‫يعرف الرتايض عىل أنه تطابق إارادتني عىل القل؛ لن العقد ميكن أن يربم من قبل عدة‬
‫أشخاص‪ ،‬غري أنه من املألوف أن يمت حتليل هذه العملية عىل أساس الفرضية الكرث بساطة و املمتثةل‬
‫يف انعقاده من قبل طرفني فقط‪.‬‬
‫واملالحظ أنه اإذا اكن وجود ا إلرادتني اكفيا لوجود العقد‪ ،‬فاإنه غري اكف لصحته‪ .‬هذا ما جعل‬
‫الترشيع صارما يف هذا اجملال‪ ،‬اإذ مل يشرتط وجود ا إلرادة فقط (فرع أول) ‪ ،‬بل اشرتط كذكل أن‬
‫تكون حرة ومدركة حىت ل يكون العقد معيبا وقابال ل إالبطال ( فرع اثين)‪.‬‬

‫الفرع الول‪ :‬وجود الرتايض‬

‫الرتايض هو تطابق إارادتني‪ .‬غري أن السؤال‪ :‬ما يه عنارص هذا التطابق وكيف يمت؟‬
‫حيلل الفقه الالكس ييك معلية الرتايض عىل أهنا معلية يمت فهيا تبادل التعابري عن ا إلرادة قصد‬
‫اإجياد جمال لالتفاق‪ .‬تعرف هذه املرحةل بلتفاوض و اليت تنهتيي بإجياب يطابقه قبول‪ .‬وإان اكنت هذه‬
‫الصورة الالكس يكية يه الكرث ش يوعا ( أول) فاإهنا ليست الوحيدة؛ اإذ أن هناكل صور أخرى ل تمت‬
‫هبذا الرتتيب( اثنيا)‪.‬‬
‫أول‪ :‬الصورة الالكس يكية للرتايض‬
‫ل ميكن التحدث عن انعقاد العقد مبجرد وجود إاراداتن ترغبان فيه؛ لنه ل ميكن أن حيدث‬
‫العمل هبام‪ ،‬فا إلرادة الباطنة ل تنشئ العقد و اإمنا جيب التعبري عهنا حىت ميكن للطرف الثاين اإدراكها‪.‬‬
‫وحبمك طبيعة الش ياء‪ ،‬يس بق تعبري عن ا إلرادة التعبري الخر‪ ،‬غري أن هذا ل يعين بلرضورة‬
‫أن التعبري اذلي يس بق هو الإجياب‪ ،‬لن التعبري الخر قد يغري فيه فيتحول هو اإىل اإجياب و التعبري‬
‫الول جمرد دعوة اإىل التعاقد‪ ،‬وهكذا حىت تس تقر المور فيكون أحد التعبريان اإجياب و الثاين قبول‬
‫فيحدث التطابق‪.‬‬
‫س نفصل لك عنرص من هذه العنارص املشلكة للرتايض‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ :I‬الإجياب‬
‫‪ :II‬القبول‬
‫‪ :III‬تطابق الإجياب بلقبول‬

‫‪ :I‬الإجياب‬
‫هو ذكل التعبري عن ا إلرادة املوجه لشخص حمدد أو غري حمدد ( امجلهور)‪ ،‬واذلي يتضمن‬
‫العنارص اجلوهرية للعقد املراد اإبرامه‪ ،‬و يعرب عن نية القامئ به يف الارتباط اإذا ما طابقه قبول‪ .‬يشمل‬
‫هذا التعريف العنارص الساس ية اليت يشرتطها الفقه لتكييف أي دعوة اإىل التعاقد عىل أهنا اإجياب‪ .‬كام‬
‫أنه أيضا ل يضع طريقة حمددة للتعبري عنه‪.‬‬
‫اإذا اكنت خصائص الإجياب(‪ )1‬و طرق التعبري عنه(‪ )2‬ل تطرح أية اإشاكلت فاإن مسأةل‬
‫حتديد قميته القانونية تطرح بعض املشالك(‪.)3‬‬
‫‪-1‬خصائص الإجياب‪:‬‬
‫ل يعترب أي عرض للتعاقد اإجياب‪ ،‬فقد اشرتط الفقه منذ القدمي رشطان لإعطاء التعبري عن‬
‫ا إلرادة هذا التكييف وهام‪ :‬أن يكون دقيقا و بات‪.‬‬
‫أ‪-‬أن يكون التعبري عن ا إلرادة دقيقا‪.‬‬
‫الإجياب هو ذكل التعبري عن ا إلرادة املوجه لإنشاء عقد مبجرد قبوهل‪ ،‬وعليه جيب أن يكون‬
‫دقيقا حىت يكفي القبول املمتثل يف عبارة «نعم» من اإحداث أثر نشأة العقد‪ ،‬غري أن هذا ل يعين‬
‫وجوب مشول الإجياب للك رشوط العقد‪ ،‬وإامنا عليه أن يشمل وجوب الرشوط أو العنارص الساس ية‬
‫للعقد املراد اإبرامه‪ ،‬فلو اكن بيعا‪ ،‬لاكن من الرضوري أن حيتوي التعبري عن ا إلرادة اليشء املبيع و‬
‫المثن‪ ،‬ولو اكن اجيارا العني و أقساط الإجيار‪...‬اخل‪.‬‬
‫وهذه اخلاصية يه اليت متزي الإجياب عن ادلعوة اإىل التعاقد‪ ،‬و اليت تمتثل يف دعوة هتدف اإىل‬
‫ادلخول يف مفاوضات فقط قد تنهتيي بإبرام عقد أو عدم اإبرامه‪ ،‬كام لو اتصل خشص مبصنع معني‬
‫لإفادته مبنتجاهتم وأمثاهنا‪،‬فاإنه لن يمت أي عقد عن اإفادته مبنتجاهتم وأمثاهنا؛ اإذ تعترب هذه املرحةل مرحةل‬
‫اس تكشافية‪ .‬هذا ما بعرب عنه العرض غري ادلقيق أي الواسع اذلي يقوم به الشخص حني اتصاهل‬
‫بملصنع‪ .‬أو كام لو عرض خشص عىل أخر رشاء س يارة دون حتديد مثهنا فيكون قبول العرض قبول‬
‫دلخول املفاوضات ل قبول منش ئا للعقد‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يكون بات‪:‬‬
‫‪13‬‬
‫يقصد بوجوب كون الإجياب بات أن تتوافر دلى املوجب نية الارتباط التعاقدي يف حاةل ما اإذا‬
‫طابق قبول إاجيابه‪ .‬وتبقى مسأةل تقدير ما اإذا اكن الإجياب بات أو ل من سلطة قايض املوضوع؛ لهنا‬
‫مسأةل حساسة قد ينكرها املوجب اإذا تعارضت مع مصلحته‪ .‬كام أن مسأةل وجوب كون الإجياب بات‬
‫تطرح اإشاكلية قميته القانونية يف حاةل ما اإذا اقرتن بتحفظ‪.‬‬
‫س ندرس مفهوم التحفظ مث القمية القانونية ل إالجياب املقرتن به‪.‬‬
‫‪-‬مفهوم التحفظ‪:‬‬
‫التحفظ هو تقييد املوجب لإجيابه‪ ،‬و قد ميس هذا التقييد معلية التعاقد يف حد ذاهتا كام لو‬
‫عرض خشص عقد معل حمدد املدة مع احتفاظه حبق استبعاد أي خشص ل يرىض به‪ .‬كام قد ميس‬
‫برشوط التعاقد و مثاهل أن يعرض خشص بيع سلعة معينة بمثن معني مع احتفاظه بإماكنية تغيري المثن‪.‬‬
‫و التحفظ قد يكون رصحيا كام قد يكون مضنيا يستشف من وقائع احلال‪ .‬فعرض سلعة معينة‬
‫قد تكون عن طريق منشورات تتضمن التحفظ «المكية حمدودة» ‪ ،‬كام قد يفهم ذكل دون أن تتضمن‬
‫املنشورات هذه العبارة‪.‬‬
‫‪-‬القمية القانونية ل إالجياب املقرتن بتحفظ‪:‬‬
‫لكون التحفظ تقييد للعرض املوجه للتعاقد‪ ،‬فاإن تكييف هذا العرض عىل أنه اإجياب مرتبط‬
‫مبدى موضوعية التحفظ حىت ل يتخلص املوجب من اإجيابه بصورة تعسفية‪ .‬فاإذا اكن التحفظ مرتبط‬
‫مبسائل موضوعية مس تقةل عن إارادة املوجب توافق التحفظ مع كون الإجياب بات و احتفظ التعبري عن‬
‫ا إلرادة املقرتن به بصفة الإجياب‪ ،‬اكلعرض بلبيع املقرتن بتحفظ حمدودية المكية‪ .‬أما اإذا اكن التحفظ‬
‫مرتبطا مبسائل خشصية حبتة؛ فاإن التعبري عن ا إلرادة املقرتن به يفقد صفة الإجياب‪.‬‬
‫‪-2‬طرق التعبري عن ا إلرادة‪:‬‬
‫ميكن التعبري عن الإجياب بطريقة رصحية و ميكن التعبري عنه بطريقة مضنية‪ .‬كام قد يوجه‬
‫لشخص حمدد أو للجمهور‪.‬‬
‫أ‪-‬التعبري الرصحي‪:‬‬
‫يكون التعبري رصحيا اإذا اكن املظهر اذلي اختذه ل يدع شاك يف دللته عن الكشف عن هذه‬
‫ا إلرادة حسب املألوف بني الناس‪.‬‬
‫اللفظ و الكتابة هام الكرث تداول بني الناس‪.‬غري أنه ميكن أن يكون عن طريق وسائل أخرى‬
‫اكختاذ ترصف أو موقف ل يدع شاك يف دللته عىل حقيقة املقصود اكلبائع اذلي يعرض سلعة علهيا‬
‫مثن‪ ،‬أو كوقوف س يارة أجرة يف حمطة نقل‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫ب‪-‬التعبري الضمين‪:‬‬
‫هو لك ترصف أو موقف يتخذه الشخص ل يكون يف ذاته موضوعا للكشف عن ا إلرادة يف‬
‫التعاقد‪ ،‬غري أنه يفرتض وجودها بلنظر اإىل الظروف احمليطة‪ .‬وهو نوع اندر يف الإجياب عكس‬
‫القبول‪،‬وميكن أن نذكر اإجياب جتديد الإجيار اذلي ميكن التعبري عنه بلبقاء يف العني املؤجرة؛ اإذ يفهم‬
‫من هذا الترصف اإجياب جتديد الإجيار بنفس الرشوط‪.‬‬
‫ج‪-‬الإجياب املوجه لشخص حمدد و الإجياب املوجه للجمهور‪:‬‬
‫قد يوجه املوجب عرضه – حسب احلاجة – اإىل خشص معني أو اإىل أشخاص غري معينني؛‬
‫أي امجلهور‪ .‬فالشخص اذلي يريد بيع شقة من عامرة قد يوجه عرضه ببيع الشقة اإىل خشص معني‬
‫بذلات اإذا اكن همامت بجلار املس تقبيل‪ ،‬كام قد يوجه هذا العرض للجمهور بإنزال اإعالن بذكل يف‬
‫جريدة معينة اإذا مل يكن همامت بشخص املشرتي‪ ،‬فيتحدد املشرتي بلشخص الول اذلي س يعرب عن‬
‫قبوهل‪ .‬أو كصاحب احملل اذلي يعرض بضاعته للبيع معلنا مثهنا‪.‬‬
‫اإن اكن الإجياب املوجه للجمهور من الناحية النظرية ل يطرح أي اإشاكل فاإنه من الناحية‬
‫العملية غالبا ما ل تتحقق فيه صفة البتة‪ ،‬فاإعالانت التشغيل تتضمن عادة حتفظات تتعلق مبسائل‬
‫خشصية‪ ،‬فليس أول من جييب عن الإعالن حيصل عىل الوظيفة و اإن اكنت تتحقق فيه مجيع‬
‫الرشوط‪ .‬هذا ما يسقط وصف الإجياب عن مثل هذه الإعالانت و جيعلها دعوة اإىل التعاقد‪.‬‬
‫‪-3‬القمية القانونية ل إالجياب‪:‬‬
‫يمت العقد مبجرد قبول الإجياب‪ .1‬غري أن السؤال اذلي يبقى مطروحا هو‪ :‬ما يه قمية الإجياب‬
‫يف الفرتة املمتدة ما بني صدوره و قبوهل ؟ مبعىن هل يكون املوجب ملزما بلبقاء عىل اإجيابه أو ميكنه‬
‫العدول عنه مىت شاء؟ و مىت يسقط الإجياب؟‬
‫أ‪-‬مسأةل الالزتام بلبقاء عىل الإجياب‪:‬‬
‫بلرجوع اإىل الفقه الالكس ييك‪ ،‬ل جمال ملناقشة مسأةل الالزتام بلبقاء عىل الإجياب؛ لن هذا‬
‫الفقه ل يعرتف لقدرة ا إلرادة املنفردة عىل اإنشاء الالزتامات‪ ،‬فاملصدر ا إلرادي الوحيد لاللزتام هو‬
‫العقد؛ أي تطابق إارادتني‪ .‬و مبا أن الإجياب هو تعبري عن إارادة واحدة فال ميكنه اإنشاء الالزتام‪.‬‬
‫أما موقف الفقه احلديث فقد تغري وأصبح يعرتف بقدرة ا إلرادة عىل اإنشاء الالزتامات‪ ،‬هذا‬
‫من هجة‪ ،‬ومن هجة أخرى تفطن للرضار اليت قد تلحق مبن وجه اإليه الإجياب يف حاةل العدول‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 59‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬


‫‪15‬‬
‫املس بق‪ ،‬خصوصا اإذا ما اكن قد قام ببعض ادلراسات امللكفة ماليا من أجل حفص مصلحته من‬
‫الصفقة‪.‬‬
‫مل يتناول املرشع الفرنيس مسأةل اإلزام املوجب بلبقاء عىل اإجيابه عكس املرشع املرصي و‬
‫اجلزائري اذلين نصا رصاحة عىل وجوب بقاء املوجب عىل اإجيابه يف حاةل ما اإذا مت تعيني ميعاد للقبول‬
‫رصاحة أو مضنيا يستشف من ظروف احلال أو طبيعة املعامةل‪.‬‬
‫وقد ذهب الس تاذ الس هنوري اإىل عدم احلاجة اإىل البحث يف الساس اذلي يقوم عليه اإلزام‬
‫املوجب بلبقاء عىل اإجيابه؛لن التقنني ينص رصاحة عىل ذكل‪.‬‬
‫ج‪-‬سقوط الإجياب‪:‬‬
‫تس تدعي دراسة سقوط الإجياب التعرض اإىل ثالث حالت‪:‬‬
‫‪-‬رفض املوجب هل الإجياب‪:‬‬
‫يسقط الإجياب اإذا مت رفضه من قبل املوجب هل يف احلني ولو اكن مقرتن مبدة‪ .‬وقد يعرب عن‬
‫الرفض رصاحة أو مضنيا اكلقبول املعدل ل إالجياب‪.‬‬
‫‪-‬انقضاء املدة املعينة لبقاء الإجياب‪:‬‬
‫يسقط يف هذه احلاةل الإجياب سقوطا اتما‪ ،‬وإاذا مل يمت تعيني مدة ل إالجياب وهذا ما ميكن‬
‫تصوره يف حاةل التعاقد ما بني حارضين؛ فاإن الإجياب يسقط اإذا عدل عنه املوجب قبل انفضاض‬
‫جملس العقد أو بنفضاضه‪.‬‬
‫‪-‬أثر موت املوجب أو فقده أهليته‪:‬‬
‫الصل يف انتاج التعبري عن ا إلرادة أثره هو أن يتصل هذا التعبري عن ا إلرادة بعمل من وجه‬
‫اإليه؛ فاإذا مات املوجب أو فقد أهليته مبارشة بعد اإصداره فاإن قبول هذا الإجياب لن يصل اإىل علمه‬
‫لوفاته أو لعدم الاعتداد إبرادته لفقده أهليته‪ ،1‬و بلتايل فاإن العقد لن يمت لعدم وصول القبول لعمل‬
‫املوجب‪.‬‬
‫‪ : II‬القبول‬
‫القبول هو التعبري عن ا إلرادة الثاين يف معلية الرتايض‪،‬وس نتناول مفهومه (‪ )1‬و طرق التعبري‬
‫عنه(‪.)2‬‬
‫‪-1‬مفهوم القبول‪:‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 62‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬


‫‪16‬‬
‫يعترب مفهوم القبول من املفاهمي القانونية الكرث بساطة‪ .‬فهو التعبري عن النية الهنائية للتعاقد‬
‫بلرشوط اليت حددها الإجياب؛ لنه جيب أن يكون القبول مطابقا هل‪ ،‬هذا املفهوم البس يط للقبول‬
‫جيعل من لكمة «نعم» اكفية للتعبري عنه‪.‬‬
‫ويشرتط يف القبول ثالث رشوط حىت يتكون العقد ويه متعلقة بزمن صدوره (أ)‬
‫ومضمونه(ب) وعمل املوجب به (ج)‪.‬‬
‫أ‪-‬زمن صدور القبول‪:‬‬
‫لقد رشحنا سابقا بأن الإجياب قد يسقط‪ .‬وعليه‪ ،‬جيب أن يصدر القبول يف زمن يكون فيه‬
‫الإجياب قامئا‪ .‬فلو صدر القبول بعد عدول املوجب عن اإجيابه (اإذا اكن الإجياب غري مقرتن بأجل) أو‬
‫صدر بعد انقضاء الجل فاإنه لن يكون العقد؛ لن العقد هو اإقرتان القبول بلإجياب‪ .‬ولن حيدث هذا‬
‫الاقرتان مادام الإجياب غري قامئ‪ .‬غري أن هذا ل مينع من اعتبار هذا القبول اإجياب جديدا‪.‬‬
‫ب‪-‬مضمون القبول‪:‬‬
‫جيب أن يطابق القبول مضمون الإجياب سواء من حيث حمل العقد أو رشوطه‪ .‬غري أن ما‬
‫يالحظ من الناحية العملية هو أن الإجياب قد حيدد الرشوط اجلوهرية فقط‪ ،‬كام قد يكون شامال‬
‫للمسائل التفصيلية‪.‬‬
‫يف حاةل ما اإذا اكن الإجياب اكمال شامال للرشوط اجلوهرية و التفصيلية فاإن العقد ينعقد‬
‫بلقبول ول يطرح اإشاكلت ل من الناحية النظرية ول من الناحية العملية‪ .‬أما اإذا اكن حمددا للرشوط‬
‫اجلوهرية فقط فاإن هذا س يطرح بعض الإشاكلت‪ :‬فالقبول قد مشل الرشوط اجلوهرية فقط دون‬
‫التفصيلية‪ ،‬فلو اكن العقد بيعا مثال فاإن ما مشهل القبول هو املبيع والمثن فقط‪ .‬أما فامي يتعلق بلتسلمي و‬
‫طرق ادلفع ‪...‬اخل فاإهنا غري مشموةل هبذا القبول‪ ،‬فنكون يف حاةل التكوين التتابعي للعقد ‪ ،‬أين سيمت‬
‫التفاق عىل املسائل التفصيلية تدرجييا‪ .‬وما يالحظ هو أنه يف حاةل عدم التفاق فاإن العقد يبقى قامئا‬
‫و تطبق الحاكم التمكيلية فامي يتعلق بملسائل التفصيلية غري املتفق علهيا‪.‬‬
‫كام تطرح أيضا فكرة مشول القبول مسأةل الواثئق التعاقدية ‪ ،‬ففي احلياة الاقتصادية حيدث ‪،‬‬
‫غالبا‪،‬أن يقوم حمرتف بتحرير واثئق التعاقد مشموةل ببنود معقدة يقوم املس هتكل بلإمضاء علهيا كام‬
‫حيدث يف معلية التأمني‪ .‬يف هذا النوع من التعاقد ل يعرتف القضاء الفرنيس بلقوة التعاقدية اإل‬
‫للرشوط العامة‪ ،‬فاملالحق و الرشوط املوجودة عىل ظهر الورقة وحىت الرشوط املكتوبة خبط قد‬
‫جيعل املس هتكل ل ينتبه اإلهيا ل متكل قوة اإلزامية أيضا‪ .‬وحبذ أن يتخذ القضاء الوطين هذا املوقف‬
‫حامية للمس هتكل من احملرتفني‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫ج‪-‬عمل املوجب بلقبول‪:‬‬
‫جيب أن يصل القبول اإىل عمل املوجب حىت يرتب أثره و يقوم العقد‪ .‬فأساس التعاقد هو العمل؛‬
‫اإذ جيب أن يعمل املوجب هل بلإجياب و يعمل املوجب بلقبول حىت ينتج لكى التعبريين عن ا إلرادة‬
‫أاثرهام‪.‬‬
‫أما فامي يتعلق بأثر موت القابل أو فقدانه لهليته فاإنه يتبني من نص املادة ‪ 62‬من التقنني‬
‫املدين اجلزائري أن موت القابل أو فقدانه لهليته ل مينع حدوث الثر و املمتثل يف انعقاد العقد برشط‬
‫أن يصل هذا القبول اإىل عمل املوجب‪،‬فيلزتم الورثة بلعقد ما مل يكن العقد ذو اعتبار خشيص‪.‬‬
‫‪-2‬طرق التعبري عن القبول‪:‬‬
‫ميكن تعريف التعبري عن ا إلرادة بأنه ‪« :‬لك سلوك اإجيايب أو سليب يسمح بس تنتاج وجود‬
‫إارادة معينة»‪ .‬وإان اكن ل ميكن تصور الإجياب اإل بسلوك اإجيايب لنه يريم اإىل اقرتاح عرض معني‪،‬‬
‫فاإن القبول ميكن أن يمت التعبري عنه بسلوك سليب أي السكوت‪.‬‬
‫أ‪-‬التعبري عن القبول بسلوك اإجيايب‪:‬‬
‫يشمل السلوك الإجيايب التعبري عن ا إلرادة الرصحي والضمين‪ .‬و يكون التعبري عن ا إلرادة‬
‫رصحيا اإذا اكن ل يس تلزم تفسريا من املوجه اإليه حىت يتعرف عىل نية القامئ به يف التعاقد‪ ،‬وإامنا جمرد‬
‫فهم‪ ،‬كام لو اكن التعبري عن طريق اللفظ أو الكتابة أو الإشارة املتداوةل عرفا‪.‬‬
‫أما التعبري الضمين فهو ذكل التعبري اذلي ل يكفي جمرد الفهم للكشف عنه‪ ،‬وإامنا يس تلزم‬
‫تفسريا خاصا من قبل املوجه اإليه حىت يمت اعتباره تعبريا عن ا إلرادة‪ ،‬واملثال الكرث جتس يدا لهذا‬
‫املفهوم هو حاةل الترصف يف العني املعروضة للبيع فيفهم مبارشة أن املترصف قد عرب عن قبوهل الرشاء‪.‬‬
‫ب‪-‬التعبري عن القبول بسلوك سليب‪ :‬السكوت‪.‬‬
‫ل يشلك السكوت من حيث املبدأ قبول‪ .‬غري أنه لهذا املبدأ اس تثناء‪.‬‬
‫‪-‬املبدأ‪:‬‬
‫اإذا اكن ل جمال لعتبار السكوت معربا عن الإجياب بعتباره تقدمي عرض للتعاقد‪ ،‬فهل ميكن‬
‫تصور السكوت وس يةل للتعبري عن القبول؟‬
‫يرى فقهاء الرشيعة الإسالمية أنه‪« :‬ل ينسب لساكت قول» ؛ لن السكوت عدم ول ميكن‬
‫للعدم أن يكون تعبريا عن ا إلرادة‪.‬‬
‫والسكوت خيتلف عن التعبري الضمين‪ ،‬فالتعبري الضمين يظهر نية اإبرام العقد‪ ،‬بيامن السكوت ل‬
‫يظهر أية نية‪ .‬وهذا ما ذهب اإليه القضاء الفرنيس منذ القدم‪ ،‬فقد جاء يف قرار حممكة النقض الفرنس ية‬
‫‪18‬‬
‫يف املواد املدنية بتارخي ‪ 25‬ماي ‪« :1870‬سكوت الشخص يف غياب ظروف مالبسة ل ميكن اعتباره‬
‫اإثباات ضده بللزتام املس ند هل‪ .».‬فالسكوت اجملرد ل ميكن أن يشلك تعبريا عن ا إلرادة؛ لنه همام مت‬
‫الاجهتاد يف اس تخالص مدلوهل‪ ،‬فال شك يف أن هذا الاجهتاد لن يصل اإىل حد أن يس تخلص من‬
‫امتناع الشخص عن الإعالن عن إارادته دلةل عن التعبري عهنا‪ ،‬فالعدم ل ينتج وجودا‪.‬‬
‫‪-‬الاس تثناء‪:‬‬
‫اإن اكن السكوت ل يصلح ‪ -‬من حيث الصل‪ -‬أن يكون تعبريا عن ا إلرادة؛ فاإنه يف بعض‬
‫احلالت اليت يكون عىل الشخص التعبري عن إارادته نتيجة ظروف معينة يعترب فهيا السكوت قبول‪،‬‬
‫و قد نصت املادة ‪ 68‬من التقنني املدين اجلزائري عىل هذه احلالت‪:‬‬
‫‪-‬اإذا اكنت طبيعة املعامةل‪ ،‬أو العرف التجاري‪ ،‬أو غري ذكل من الظروف تقيض بعتبار‬
‫السكوت قبول‪ ،‬كام لو اس تمل حمرتف يف التجارة طلبية و سكت عن الرد‪.‬‬
‫‪-‬اإذا اكن هناكل تعامل سابق بني املتعاقدين‪ ،‬كام لو اعتاد اتجر توريد سلعة اإىل معيل هل دون‬
‫أن ينتظر ردا‪ ،‬فيعترب سكوت العميل قبول‪.‬‬
‫‪-‬اإذا اكن الإجياب ملصلحة من وجه اإليه‪ :‬اكلهبة أو كعرض املؤجر ختفيض بدل الإجيار عىل‬
‫املس تأجر فيسكت‪.‬‬
‫كام يكون السكوت كذكل قبول‪ ،‬اإذا نص العقد رصاحة عىل ذكل‪ ،‬أو القانون‪ ،‬كام يف املادة‬
‫‪ 1/355‬من التقنني املدين اجلزائري‪ ،‬حفالت اعتبار السكوت قبول غري حمددة عىل سبيل احلرص‪.‬‬
‫‪ :III‬تطابق القبول بلإجياب‬
‫لقد شغلت مسأةل ماكن و زمان اقرتان القبول بلإجياب رجال القانون‪ ،‬ودلراسة هده املسأةل‬
‫جيب المتيزي بني ما اإذا اكن التعاقد بني حارضين أو ما بني غائبني‪.‬‬
‫اإذا اكن التعاقد ما بني حارضين‪ ،‬فاإن الإجياب يبقى قامئا ما مل ينفض جملس العقد‪ ،‬فاإذا انفض‬
‫اجمللس سقط الإجياب و امتنع حصول التطابق‪ .‬وما جتدر الإشارة اإليه هو أنه ل يقصد مبجلس العقد‬
‫املعىن املادي للماكن‪ ،‬وإامنا الوقت اذلي يكون فيه املتعاقدان عىل اتصال مبارش و منشغلني بعملية‬
‫التعاقد‪ ،‬فلو اكن املتعاقدين يعربان عن إارادتهيام عن طريق الهاتف أو الوسائل الإلكرتونية احلديثة اليت‬
‫تسمح بلتواصل املبارش‪ ،‬فاإن هذا يعترب جملس عقد‪ .‬فال يقصد مبجلس العقد التواجد املاكين‬
‫بلرضورة‪ .‬وينفض جملس العقد مبجرد انشغال أحد الطرفني عن معلية التعاقد وانرصافه اإىل أمر أخر‪.‬‬
‫أما اإذا اكن التعاقد ما بني غائبني‪ ،‬مبعىن أن املتعاقدين ليسا عىل اتصال مبارش‪ ،‬فاإن مسأةل‬
‫حتديد ماكن و زمان اقرتان القبول بلإجياب تتعقد‪ ،‬كام يكون يف حاةل التعاقد عن طريق املراسةل‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫سنتلكم يف أمهية حتديد زمان و ماكن حدوث التطابق(‪ )1‬و معايري حتديدهام(‪.)2‬‬
‫‪-1‬أمهية حتديد زمان و ماكن اقرتان القبول بلإجياب‪:‬‬
‫ل خيلو النقاش املتعلق بتحديد زمان و ماكن اقرتان القبول بلإجياب من المهية العملية‪:‬مفعرفة‬
‫زمان اقرتاهنام حيدد انطالق خضوع املتعاقدين لحاكم القوة امللزمة للعقد‪ ،‬فيصبحان ملزتمني بتنفيذ‬
‫أحاكم العقد املربم‪ ،‬كام مينع لك طرف من اإهناء العقد إبرادته املنفردة ‪ ،‬ويسمح ذكل أيضا بتحديد‬
‫القانون الواجب التطبيق‪ ،‬فالعقد خيضع للقانون الساري املفعول وقت انعقاده‪ ،‬فالعقود املتعلقة ببيع‬
‫العقار املربمة قبل صدور قانون وجوب اإخضاعها اإىل الشلك تبقى حصيحة منتجة لاثرها عىل الرمغ‬
‫من عدم توافر هذا الركن فهيا‪.‬‬
‫أما معرفة ماكن انعقاد العقد فقد فقدت أمهيهتا فامي يتعلق بلعقود ادلاخلية‪ .‬أما فامي يتعلق‬
‫بلعقود ادلولية اليت تكون بني أشخاص القانون اخلاص؛ فاإن معرفة ماكن الانعقاد هو اذلي حيدد‬
‫القانون الواجب التطبيق واحملامك اخملتصة حبل الزناعات املتعلقة بتنفيذه‪.‬‬
‫‪-2‬معايري حتديد زمان و ماكن اقرتان القبول بلإجياب‪:‬‬
‫سنتلكم عن املعايري اليت جاء هبا الفقه(أ) مث عن املعيار اذلي اعمتده املرشع اجلزائري([)‪.‬‬
‫أ‪-‬املعايري الفقهية‪:‬‬
‫ميكن تقس مي هذه املعايري اإىل قسمني‪ :‬قسم هيمت بوجود ا إلرادة ( نظريتا الإعالن و التصدير)‬
‫وقسم هيمت بلعمل املتبادل بوجودها ( نظريتا التسلمي والعمل)‪.‬‬
‫‪-‬وجود ا إلرادة‪ :‬نظريتا الإعالن و التصدير‪:‬‬
‫يمت العقد بلنس بة لهذا الاجتاه مبجرد تواجد التعبريان عن ا إلرادة‪ :‬الإجياب و القبول‪ ،‬ول هيم‬
‫عمل أحدهام بلخر‪ .‬مفن حيث املبدأ‪ ،‬ل يصدر قبول قبل أن يس بقه اإجياب‪ ،‬ومبجرد ظهور القبول يمت‬
‫العقد‪ .‬غري أهنم اختلفوا يف زمان انعقاده‪ ،‬مفهنم من يقول أن العقد يمت مىت أعلن الطرف الخر قبوهل‬
‫ل إالجياب‪ :‬أي مبجرد حتريره للرساةل‪ .‬ويؤخذ عىل هذا الرأي أنه يصعب اإثبات الوقت اذلي مت فيه حترير‬
‫الرساةل مما جيعل زمان انعقاد العقد غري قابل ل إالثبات‪ ،‬و مهنم من يقول بأن العقد يمت مىت مت تصدير‬
‫القبول‪ .‬ويؤخذ عىل هذا الرأي أن املوجب حر يف العدول عن اإجيابه ما مل يكن مقرتان بأجل ما دام مل‬
‫يعمل بلقبول‪.‬‬
‫‪-‬العمل املتبادل بلإجياب و القبول‪:‬‬
‫يرى أنصار هذا الاجتاه أن جمرد تواجد الإجياب و القبول دون عمل املوجب بوجود القبول ل‬
‫ميكنه أن ينشئ العقد‪ ،‬و عليه يقرتحون معيارين أخرين‪ :‬معيار العمل بلقبول و معيار تسلمي القبول‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫ل يمت العقد – حسب معيار العمل بلقبول – حىت يعمل املوجب بلقبول؛ أي حىت يقرأ‬
‫الرساةل‪ ،‬مما جيعل احامتل قراءته للرساةل و اإناكره ذلكل ممكنا‪ .‬أما حسب معيار تسلمي القبول فاإن العقد‬
‫يمت يف الوقت اذلي يصل فيه القبول اإىل املوجب ولو مل يعمل به‪ .‬و التسلمي قرينة عىل العمل‪ .‬و هو‬
‫املعيار اذلي يعمتده فقهاء العرص الالكس ييك‬
‫ب‪-‬موقف املرشع اجلزائري‪:‬‬
‫تنص املادة ‪ 67‬من التقين املدين اجلزائري‪ «:‬يعترب التعاقد ما بني املتعاقدين قد مت يف املاكن و‬
‫الزمان اذلين يعمل فهيام املوجب بلقبول ما مل يوجد اتفاق أو نص قانوين يقيض بغري ذكل‪ ،‬و يفرتض أن‬
‫املوجب قد عمل يف املاكن و الزمان الذلين وصل اإليه فهيام القبول‪.».‬‬
‫يتبني من هذا النص أنه حمك تمكييل؛ اإذ ترك تعيني ماكن و زمان انعقاد العقد فامي بني غائبني‬
‫اإىل اتفاقهام‪ .‬أما اإذا مل يتفقا ومل يوجد نص خاص حيدد زمان وماكن انعقاد العقد فاإنه يعترب قد مت يف‬
‫املاكن و الزمان الذلين عمل فهيام املوجب بلقبول‪ ،‬ويعترب التسلمي قرينة عىل ذكل‪.‬‬
‫و قد تقيض النصوص القانونية بتعيني املاكن و الزمان الذلين يمت فهيام العقد بغري الوجه اذلي مت‬
‫تقدميه‪ ،‬ومثاهل نص املادة ‪ 509‬من التقنني املدين اجلزائري‪ «:‬اإذا انهتيى عقد الإجيار و بقي املس تأجر‬
‫ينتفع بلعني املؤجرة اعترب الإجيار قد جتدد برشوطه الوىل‪.» ...‬‬
‫اثنيا‪ :‬التشوهات اليت قد تطرأ عىل اخملطط الالكس ييك لتاليق ا إلرادات‪.‬‬

‫يس بق – حبمك طبيعة الش ياء‪ -‬تعبري عن ا إلرادة التعبري عن ا إلرادة الخر‪ ،‬يعرف الول‬
‫بلإجياب‪ ،‬ول يالقيه دامئا قبول‪ ،‬فقد يصدر قبول مغاير هل‪ ،‬فيعترب مبثابة اإجياب جديد‪ ،1‬وهكذا‬
‫دواليك حىت يصدر قبول هنايئ‪ .‬تسمى هذه املرحةل مبرحةل التفاوض؛ أين يمت مناقشة لك رشوط‬
‫العقد‪.‬‬
‫يبدأ اإذا التعاقد طبقا للمخطط الالكس ييك مبرحةل تفاوض تنهتيي بصدور اإجياب يالقيه قبول‬
‫مطابق فيحدث الاقرتان اذلي يمت به العقد‪.‬‬
‫وهناكل حالت ل يمت فهيا العقد هبذا الرتتيب‪ ،‬فيتشوه هذا اخملطط الالكس ييك و نكون أمام‬
‫صورة خاصة من الرتايض؛ اإذ يمت التعبري عن ا إلرادة من خشص ل يكون طرفا يف العقد كام يف التعاقد‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 66‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫عن طريق النيابة‪ ،‬أو يمت تعليق أاثر العقد اإىل وقت لحق كام يف الوعد بلتعاقد‪ ،‬أو يكون القبول‬
‫سابق عن الإجياب كام يف التعاقد عن طريق املزايدة أو املناقصة‪ ،‬أو يكون التفاوض منعدما كام يف‬
‫عقود الإذعان‪.‬‬
‫سنتلكم يف أغلب هذه احلالت‪:‬‬
‫‪ :I‬الوعد بلتعاقد‪:‬‬
‫الوعد بلتعاقد كثري الوقوع يف احلياة العملية‪ ،‬فهو يسمح للشخص بتلبية بعض حاجياته‬
‫املس تقبلية‪ ،‬فالشخص اذلي ينوي رشاء قطعة أرض جماورة ملزنهل ومل تتوافر دليه الس يوةل بعد‪ ،‬وهو‬
‫يعمل أهنا ستتوافر دليه بعد مدة معينة‪ ،‬ميكنه اإبرام وعد بلرشاء لهذه القطعة الرضية حىت ل يفوت‬
‫فرصة رشاهئا‪.‬‬
‫والوعد بلتعاقد عقد اكمل يتوافر عىل اإجياب و قبول واقرتان هذا الخري بلإجياب‪ ،‬كام أنه‬
‫يتوجب فيه اس تفاء الشلك اإذا اكن العقد موضوع الوعد شلكيا‪ .1‬وهو أيضا ل ينعقد اإل اإذا مت تعني‬
‫مجيع املسائل اجلوهرية للعقد املراد اإبرامه و املدة اليت جيب تكريسه فهيا‪.2‬‬
‫و املسائل اجلوهرية ختتلف بختالف العقد املراد اإبرامه‪ :‬فلو اكن بيعا وجب تعيني املبيع و‬
‫المثن‪ ،3‬ولو اكن اإجيارا وجب تعيني العني و بدل الإجيار و مدته‪ ،4‬ولو اكن مقايضة وجب تعيني‬
‫العينني موضوع املقايضة‪ .5‬وإان مل يمت تعيني هذه املسائل فاإن الوعد لن يمت‪.‬‬
‫أما فامي يتعلق بملدة اليت جيب من خاللها اإبرام العقد املوعود به‪ ،‬فاإنه ليس من الرضوري‬
‫حتديدها رصاحة‪ ،‬وإامنا يكفي أن تكون قابةل للتحديد‪ .‬وإاذا اختلفا يف حتديدها فاإن القايض يتكفل‬
‫بذكل‪.‬‬
‫سنتلكم يف رشوط الوعد بلتعاقد(‪ )1‬و أاثره(‪.)2‬‬
‫‪-1‬رشوط الوعد بلتعاقد‪:‬‬

‫‪ -11‬املادة ‪2/ 71‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 1/71‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 351‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬
‫‪ -4‬املادة ‪ 467‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬
‫‪ -5‬املادة ‪ 413‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الوعد – كام سلف و أن ذكران‪ -‬عقد اكمل يس توجب لقيامه رشوط قيام أي عقد من تراض‬
‫وحمل وسبب وشلك اإن اكن العقد املوعود به شلكيا‪ ،‬غري أن ما جيب تدقيقه بشأن هذه الرشوط‬
‫مسأةل الهلية‪.‬‬
‫فاإذا اكن الوعد ملزما للجانبني‪ ،‬اكنت الهلية املطلوبة لإبرام العقد الهنايئ مطلوبة أيضا يف‬
‫الوعد‪ .‬أما اإذا اكن الوعد ملزما جلانب واحد فاإن الهلية تشرتط اكمةل بلنس بة للواعد‪ ،‬أما يف املوعود‬
‫هل فتشرتط فيه ‪،‬فقط‪ ،‬أهلية اكتساب احلقوق عن طريق اإبرام الترصفات القانونية؛ أي أهلية المتيزي‪.‬‬
‫وهذا فامي يتعلق بلوعد ل العقد الهنايئ؛ لن هذا الخري قد يكون ملزما للجانبني‪ ،‬فيشرتط يف املوعود‬
‫هل الهلية الاكمةل لإبرامه‪.‬‬
‫أما فامي يتعلق بعيوب ا إلرادة فتقدر بلنس بة للك من الواعد و املوعود هل وقت الوعد ووقت‬
‫اإبرام العقد الهنايئ؛ لن لك العقدين يكون فهيام ترايض‪.‬‬
‫‪-2‬أاثر الوعد بلتعاقد‪:‬‬
‫ختتلف أاثر الوعد بختالف املرحةل اليت نبحث فهيا هذه الاثر‪ ،‬فهيي ختتلف يف مرحةل ما قبل‬
‫حلول امليعاد أو اإبداء الرغبة عن مرحةل ما بعد حلولها‪.‬‬
‫أ‪-‬مرحةل ما قبل حلول امليعاد أو اإبداء الرغبة‪:‬‬
‫ل تنشأ عن الوعد‪ -‬يف هذه املرحةل‪ -‬سوى احلقوق الشخصية ولو اكن حمل العقد الهنايئ حقوقا‬
‫عينية‪ .‬ففي الوعد امللزم للجانبني يلزتم الطرفني بإبرام العقد الهنايئ وقت حلول الجل‪ ،‬أما يف الوعد‬
‫امللزم جلانب واحد فيلزتم الواعد بإبرام العقد املوعود مىت حل الجل و أبدى املوعود هل برغبته يف اإبرام‬
‫العقد‪ ،‬ول يكون عىل ذمة املوعود هل أي الزتام‪ .‬ويرتتب عىل هذا المر نتيجتان‪:‬‬
‫‪-‬تبقى امللكية يف ذمة الواعد‪ :‬وهل أن يترصف فهيا كام شاء قبل حلول امليعاد‪ ،‬وتكون ترصفاته‬
‫سارية يف مواهجة املوعود هل اذلي ل يكون هل سوى طلب التعويض من الواعد‪.‬‬
‫‪-‬حتمل الواعد تبعة هالك اليشء‪ :‬ذكل لنه املاكل‪ .‬غري أنه يتحلل من مسؤولية الضامن جتاه‬
‫املوعود هل يف حاةل القوة القاهرة‪.‬‬
‫ب‪-‬مرحةل ما بعد حلول امليعاد أو اإبداء الرغبة‪:‬‬
‫اإذا حل امليعاد الزتم أطراف الوعد امللزم للجانبني بإبرام العقد الهنايئ‪ ،‬وإاذا نلك احدهام فاإنه‬
‫ميكن للطرف الخر أن جيربه عىل التنفيذ قضائيا‪ ،‬ويقوم احلمك يف هذه احلاةل مقام العقد الهنايئ‪ .‬وكذكل‬
‫يف الوعد امللزم جلانب واحد‪،‬فاإذا أبدى املوعود هل رغبته يف اإبرام العقد الهنايئ خالل امليعاد املتفق عليه‬

‫‪23‬‬
‫مت العقد‪ ،‬وإاذا نلك الواعد وعده قام احلمك مقام العقد‪.‬أما اإذا مل يبد املوعود هل رغبته يف اإبرام العقد بعد‬
‫انقضاء امليعاد احنل الواعد من وعده‪.‬‬
‫يظهر مما سلف‪ ،‬أن الصورة اخلاصة للتعاقد ل تظهر يف الوعد نفسه وإامنا يف العقد موضوع‬
‫الوعد‪ ،‬أين يكون فيه اجياب و قبول وعمل لك من املوجب و املوجب هل هبام غري أن الإقرتان ل حيدث‬
‫يف احلال‪ ،‬وإامنا بعد مرور مدة معينة؛ فالتشوه اذلي حيدث يف اخملطط الالكس ييك يمتثل يف تأجيل‬
‫اقرتان الإجياب بلقبول اإىل وقت لحق‪.‬‬
‫‪ :II‬التعاقد عن طريق النيابة‬
‫النيابة يف التعاقد يه حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل يف انشاء الترصف القانوين مع‬
‫انرصاف الاثر القانونية لهذا الترصف اإىل ذمة الصيل‪ .‬و النيابة قد تكون قانونية اإذا اكن مصدرها‬
‫القانون كام يف الويل والويص‪ ،‬وقد تكون قضائية كام يف احلراسة القضائية‪ ،‬وكام قد تكون اتفاقية كام‬
‫يف الواكةل‪.‬‬
‫والنيابة ل تصح اإل برشوط معينة(‪ )1‬ولها أاثر خاصة(‪ ،)2‬كام أنه قد حيدث أن ينوب‬
‫الشخص الواحد عن الطرفني؛ فيتعاقد بصفته انئبا و أصيال‪ ،‬ويه احلاةل اليت يتعاقد فهيا الشخص مع‬
‫نفسه(‪.)3‬‬
‫‪-1‬رشوط النيابة‪:‬‬
‫تمتثل رشوط النيابة يف التعاقد فامي ييل‪:‬‬
‫أ‪-‬حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يمت التعاقد بمس الصيل ل بمس النائب‪.‬‬
‫ج‪-‬أن ل تتجاوز إارادة النائب احلدود املرسومة للنيابة‪.‬‬
‫أ‪-‬حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل‪:‬‬
‫ونقصد بذكل أن تكون العربة إبرادة النائب ونيته ل إارادة الصيل‪ ،‬وهذا ما ميزي النائب عن‬
‫الرسول اذلي يقترص دوره عىل نقل إارادة الصيل اإىل الطرف املتعاقد مع هذا الخري‪ .‬فيكون العقد‬
‫املربم عن طريق الرسول عقدا ما بني غائبني؛ لن الرسول ما هو اإل انقل لرساةل‪ .‬بيامن العقد املربم عن‬
‫طريق النيابة هو عقد مربم ما بني حارضين؛ لن للنائب سلطة اختاذ القرار يف حدود السلطات اليت‬
‫خيوهل اإايها عقد النيابة‪ .‬و يرتتب عن حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل النتاجئ التالية‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫‪-‬يمت النظر عند دراسة عيوب ا إلرادة اإىل إارادة النائب ل إارادة الصيل‪ .‬فيقع العقد بطال اإذا‬
‫وقع النائب يف غلط أو تدليس أو اإكراه حىت وإان مل يقع الصيل يف هذه العيوب‪.‬‬
‫‪-‬تلمتس معطيات مبدأ حسن النية عند النائب ل الصيل؛فاإذا اكن النائب حسن النية يف‬
‫تعامهل مع مدين معرس‪ ،‬فال جيوز دلائين الصيل الطعن يف العقد بدلعوى البوليصية حىت ل ينتج‬
‫الترصف أاثره يف مواهجهتم‪ .‬غري أنه اإذا اكن النائب يترصف وفقا لتعلاميت حمددة صادرة من قبل‬
‫الصيل‪ ،‬فاإن نية هذا الخري يه اليت تكون حمل اعتبار ل نية النائب‪.‬‬
‫أما فامي يتعلق بلهلية‪ ،‬فهيي تشرتط يف الصيل ول تشرتط يف النائب‪،‬فيجوز أن يكون‬
‫النائب قارصا ممزيا أو حمجورا عليه‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يمت التعاقد بمس الصيل ل بمس النائب‪:‬‬
‫جيب أن يكون تعامل النائب مع الغري بمس الصيل‪ ،‬ولو تعامل بمسه ملا اكنت هناكل نيابة‬
‫حىت ولو اكنت أحاكم عقد الواكةل تقيض بذكل‪ ،‬ونكون أمام التعاقد بمس مس تعار فمنزي ما ييل‪:‬‬
‫تنرصف أاثر العقد املربم اإىل النائب و يكون ملزما طبقا لحاكم الواكةل بتحويلها اإىل الصيل‪ ،‬و قد‬
‫تنرصف مبارشة اإىل ذمة الصيل اإذا اكن يس توي عند من تعاقد معه النائب أن يتعامل مع الصيل أو‬
‫النائب؛ أي ميد اعتبارا لشخص املتعاقد‪.1‬‬
‫جيب اإذن وقت أن يتعاقد النائب مع الغري أن يعلمه بأنه يتعاقد بمس الصيل و حلسابه‪ ،‬وقد‬
‫يمت الإعالم رصاحة كام قد يفهم من الظروف احمليطة بعملية التعاقد‪ ،‬كام لو قام عامل ورشة ببيع أحد‬
‫منتجاهتا يف غياب صاحاها‪ .‬و النيابة ل تقوم اإذا اكنت نية الغري تريم اإىل التعاقد مع النائب ل الصيل‪.‬‬
‫ج‪-‬أن ل تتجاوز إارادة النائب احلدود املرسومة للنيابة‪:‬‬
‫اإذا اكنت النيابة يف حد ذاهتا يه حلول إارادة النائب حمل إارادة الصيل‪ ،‬فاإنه جيب أن حتل‬
‫حملها يف احلدود اليت حيددها القانون أو احلمك أو التفاق حبسب نوع النيابة‪ ،‬وإاذا جتاوزت إارادة‬
‫النائب هذه احلدود فقد ترصفه صفة النيابة‪ ،‬وما ينشأ عن هذا الترصف ل يضاف اإىل ذمة الصيل‪.2‬‬
‫هذا ما مل يكن املتعاقد الخر حسن النية‪ ،‬أما اإذا اكن كذكل‪ ،‬فاإنه اس تثناء س تضاف هذه الاثر اإىل‬
‫الصيل؛ لن املتعاقد مل يعمل بتجاوز النائب حلدود نيابته‪ ،‬كام لو اكنت نيابة النائب قد انقضت دون‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 75‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 74‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫علمه أو عمل من تعاقد معه‪ 1‬أو يف حاةل موت املولك دون عمل الوكيل فتنرصف الاثر اإىل الورثة أو يف‬
‫حاةل تعذر اإخطار املولك بلتجاوز مع توافر ظروف يغلب معها الظن مبوافقة املولك‪.2‬‬
‫كام أن اإقرار الصيل للتجاوز بعد العمل به جيعل منه و كنه مت يف حدود الواكةل‪ ،‬و تلحق أاثر‬
‫العقد بلصيل من وقت التعاقد ل من وقت الإقرار‪.3‬‬

‫‪-2‬أاثر النيابة‪:‬‬
‫تشمل هذه الاثر ثالث عالقات‪ :‬عالقة الصيل بلنائب أ‪ )1‬وعالقته بملتعاقد (ب) و أخريا‬
‫عالقة النائب بملتعاقد (ج)‪.‬‬
‫أ‪-‬العالقة بني الصيل و النائب‪ :‬حتدد أحاكم هذه العالقة بملصدر اذلي أنشأها‪ :‬القانون أو‬
‫احلمك أو التفاق‪.‬‬
‫ب‪-‬العالقة بني الصيل و املتعاقد‪ :‬تنشأ عالقة مبارشة بني الصيل و املتعاقد مع النائب‪،‬‬
‫وخيتفي خشص هذا الخري؛ أي النائب‪ ،‬من بيهنام‪ ،‬فهام املتعاقدان الذلان ستنرصف أاثر العقد اإلهيام‪.‬‬
‫ج‪-‬العالقة بني النائب و املتعاقد‪ :‬ل تلحق أاثر العقد بلنائب و اإمنا تلحق بلصيل‪ ،‬ويرتتب‬
‫عىل ذكل أن النائب ل يس تطيع مطالبة هذا الخري بأي حق من احلقوق اليت أنشأها العقد‪ ،‬وكذكل‬
‫المر بلنس بة للمتعاقد‪ .‬غري أن النائب يكون مسؤول عن خطئه اإبن اإنشاء العقد اإما حنو املتعاقد أو‬
‫حنو الصيل حبسب املترضر‪ ،‬و هذا تطبيقا لحاكم النيابة و املبادئ العامة للمسؤولية‪.4‬‬
‫‪-3‬تعاقد الشخص مع نفسه‪:‬‬
‫تعترب مسأةل تعاقد الشخص مع نفسه من النتاجئ املنطقية لتقنية النيابة يف التعاقد اليت تقيض‬
‫جبواز أن يعرب خشص من الغري عن إارادة أحد املتعاقدين أو الكهام‪ .‬ويتحقق التعاقد مع النفس يف‬
‫صورتني‪:‬‬
‫‪-‬يتعاقد الشخص مع نفسه بصفته أصيال من هجة‪ ،‬وانئبا عن غريه من هجة أخرى‪ ،‬كام لو‬
‫اشرتى النائب اليشء اذلي ولك لبيعه‪.‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 76‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 575‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرزاق أمحد الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 124‬من التقنين المدني الجزائري المعدل و المتمم‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪-‬يتعاقد الشخص مع نفسه بعتباره انئبا عن الطرفني‪ ،‬كام لو ولك من طرف لبيع عقار وولك‬
‫‪-‬يف نفس الوقت‪ -‬من قبل خشص أخر لرشاء عقار‪ ،‬فيشرتي هل العقار اذلي ولك لبيعه‪.‬‬
‫و التعاقد مع النفس حمضور من حيث الصل يف الترشيع اجلزائري‪ ،‬فهو خيضع اإما اإىل‬
‫ترخيص أو اإجازة‪ ،‬وقد نصت املادة ‪ 77‬من التقنني املدين اجلزائري عىل ‪« :‬ل جيوز لشخص أن‬
‫يتعاقد مع نفسه بمس من ينوب عنه سواء أاكن العقد حلسابه هو أم حلساب خشص أخر‪ ،‬دون‬
‫ترخيص من الصيل عىل أنه جيوز للصيل يف هذه احلاةل أن جيزي التعاقد لك ذكل مع مراعاة ما خيالفه‬
‫مما يقيض به القانون و قواعد التجارة»‪.‬‬
‫يظهر من هذه التقنية أن تاليق ا إلرادات ل يكون وفقا للمخطط الالكس ييك و هو أن يصدر‬
‫التعبري عن ا إلرادة من أطراف العقد‪ ،‬ففي لك من النيابة و التعاقد مع النفس يصدر أحد التعبريين‬
‫عن ا إلرادة من خشص أجنيب عن العقد‪.‬‬
‫‪ :III‬التعاقد عن طريق املزايدة أو املناقصة‪:‬‬
‫تمت بعض العقود عن طريق املزايدات أو املناقصات‪ ،‬ويه تكل العقود اجلربية اليت يلزم فهيا‬
‫الشخص بلبيع مثال كام يكون احلال يف حاةل بيع أمالك املدين من أجل الوفاء بديونه‪ ،‬أو تكل البيوع‬
‫اليت هيدف القانون اإىل حامية مالكها كبيع أموال القارص اليت ختضع اإىل ترخيص من القايض‪ ،‬أو تكل‬
‫العقود الإدارية و املنصوص علهيا يف قانون الصفقات العمومية‪.‬‬
‫يكيف افتتاح املزاد عىل أنه دعوة اإىل التعاقد وأن العطاء اذلي يصدر من املزايد أو املناقص‬
‫هو الإجياب‪ ،‬وأن هذا الإجياب يسقط مىت تقدم مزايد أخر بعطاء أعىل يف املزايدة أو عطاء أقل يف‬
‫املناقصة‪ ،‬وهكذا حىت يرسو املزاد ويمت العقد‪.1‬‬
‫وما ميزي هذا النوع من التعاقد هو أن مسأةل القبول غري مرهونة إبرادة الشخص‪ ،‬فالعطاء اذلي‬
‫يرسو عليه املزاد يشلك اإجياب مقبول؛ لن الإجياب موجود قبهل‪ ،‬فافتتاح املزاد يعين اإعطاء قبول‬
‫مس بق لحسن عرض يرسو عليه املزاد‪ ،‬فالقبول يكون سابقا عن الإجياب وهذا ما يشلك الصورة‬
‫اخلاصة للرتايض يف هذا النوع من التعاقد‪.‬‬
‫‪ :II‬التعاقد بلعربون‪:‬‬
‫تنص املادة ‪ 72‬مكرر من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه ‪ « :‬مينح دفع العربون وقت اإبرام‬
‫العقد للك من املتعاقدين احلق يف العدول عنه خالل املدة املتفق علهيا‪ ،‬اإل اإذا قىض التفاق خبالف‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 69‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ذكل‪ ،‬فاإذا عدل من دفع العربون فقده‪ ،‬وإاذا عدل من قبضه رده ومثهل‪ ،‬ولو مل يرتب العدول أي‬
‫رضر‪.».‬‬
‫للعربون دللتان يف القانون‪ :‬فقد يدل عىل رغبة املتعاقدين يف حفظ احلق للك مهنام يف العدول‬
‫عن العقد مقابل أن يدفع من يريد العدول قدر هذا العربون للطرف الخر‪ ، 1‬وإاما تأكيد العقد وجعهل‬
‫بات ل رجوع فيه فيعترب العربون جزء من التنفيذ‪.2‬‬
‫ويظهر من نص املادة ‪ 72‬مكرر أن الصل يف مفهوم العربون هو املدلول اذلي يعطيه‬
‫املتعاقدان هل أثناء التعاقد «‪ ...‬اإل اإذا قىض التفاق خبالف ذكل»؛ فباإماكن الطرفان اإعطاؤه مدلول‬
‫تأكيد العقد‪ ،‬غري أنه يف غياب التفاق يأخذ مدلول احلق يف العدول خالل الفرتة املتفق علهيا‪ ،‬عىل أن‬
‫يدفع من بدر بلعدول قدر العربون اإىل الطرف الخر‪ .‬ول يعترب العربون تعويضا عن الرضر اذلي‬
‫حلق املتعاقد من حل الرابطة العقدية‪ ،‬فاملرشع يقره حىت يف غياب الرضر‪ ،‬مما جيعل منه مثنا للعدول‪.‬‬
‫‪ :I‬عقود الإذعان‪:‬‬
‫الصل يف العقد أن يربم بعد تفاوض و مناقشة لرشوطه‪ ،‬غري أنه يف بعض احلالت قد يضطر‬
‫الشخص اإىل قبول الرشوط دون مناقش هتا‪ .‬تعرف العقود اليت تربم هبذه الطريقة بعقود الإذعان‪ ،‬و‬
‫يسمهيا الفرنس يون بعقود الانضامم ‪ contrats d’adhésions‬و يه تسمية ابتدعها الفقيه سايل؛ لن‬
‫من يقبل العقد ينظم اإليه دون أن يناقش رشوطه‪ .‬بيامن تسمية عقود ا إلذعان ابتدعها الفقيه الس هنوري‬
‫ملا يشعر به املتعاقد من اإذعان جراء اضطراره قبول رشوط العقد دون مناقشة‪.‬‬
‫ويضطر الشخص لإبرام مثل هذه العقود يف حاةل ما اإذا‪:‬‬
‫‪-1‬تعلق المر بسلع أو خدمات تعترب من الرضورايت بلنس بة للشخص‪ ،‬كعقود توريد املاء و‬
‫الكهربء و الغاز‪.‬‬
‫‪-2‬تعلق المر بحتاكر سلعة أو خدمة سواء تعلق المر بحتاكر قانوين أو فعيل حبيث تاكد‬
‫تنعدم املنافسة‪.‬‬
‫‪-3‬رغبة توحيد رشوط العقد ممن يعرض السلعة أو اخلدمة‪.‬‬
‫ومن هنا يظهر معيار متيزي عقود الإذعان عن العقود الخرى‪ ،‬وهو معيار القوة الاقتصادية؛‬
‫ففي عقود الإذعان يكون أحد الطرفني متفوق اقتصاداي عىل الطرف الخر مما يسمح هل بفرض‬

‫‪ -1‬مدلول العربون يف القوانني الالتينية‪.‬‬


‫‪ -2‬مدلول العربون يف القانون اجلرماين‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫رشوطه وإامالء بنود العقد عىل الطرف الخر‪ .‬هذا ما بعث بلترشيع اإىل وضع أحاكم تسمح للقايض‬
‫بلتدخل محلاية الطرف الضعيف اقتصاداي؛ فاإذا احتوى العقد رشوطا تعسفية جاز للقايض أن يعدل‬
‫هده الرشوط أو أن يعفي مبارشة الطرف املذعن مهنا اإذا اكن هذا ما تقتضيه أحاكم العداةل‪ .‬كام يفرس‬
‫الشك دامئا ملصلحة الطرف املذعن دائنا اكن أو مدينا‪.‬‬
‫ففي عقود الإذعان ل ميكن للطرف الضعيف اقتصاداي مناقشة رشوط العقد‪ ،‬مفسأةل التفاوض‬
‫منعدمة يف هذا النوع من العقود‪ ،‬وهو ما يشوه اخملطط الالكس ييك لتاليق ا إلرادات و جيعل هذا‬
‫النوع من التعاقد صورة خاصة للرتايض‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬حصة الرتايض‬
‫يشرتط املرشع خلو ا إلرادة من العيوب حىت يصح الرتايض‪ ،‬وهو رشط متصل اتصال وثيقا‬
‫مببدأ سلطان ا إلرادة؛ فال سلطان إلرادة معيبة ل متزي ما تقيض فيه‪ .‬مفن حيث املبدأ‪ ،‬ينتج الترصف‬
‫القانوين ا إلرادي عن معلية تداولية‪ ،‬يقوم فهيا املترصف بفحص سلبيات و اجيابيات الترصف اذلي هو‬
‫مقدم عليه‪ ،‬ومن الظاهر أل يكون لهذه العملية من معىن اإذا اكنت هذه ا إلرادة غري واعية لنقص يف‬
‫الهلية‪ ،‬أو اكنت تعمتد عىل معطيات خاطئة لوقوع الشخص يف غلط عفوي أو لتعمد الطرف الخر‬
‫اإيقاعه فيه ( التدليس)‪ .‬كام ل يكون‪ ،‬كذكل‪ ،‬لعملية التداول هذه من معىن اإذا اكنت ا إلرادة مكرهة‬
‫عىل اختاذ القرار أو اكنت يف وضع يسهل اس تغاللها فيه‪.‬‬
‫وجيب المتيزي بني ا إلرادة املعيبة و ا إلرادة غري املوجودة؛ فا إلرادة املعيبة يه إارادة موجودة‬
‫صدرت من خشص مل يكن من بينة من أمره‪ ،‬أما ا إلرادة غري املوجودة فهيي تكل اليت ل يعتد القانون‬
‫بتعبريها‪ .‬وينتج عن ذكل أن يكون الترصف الصادر عن ا إلرادة املعيبة ترصفا قامئا قابال ل إالبطال‪ ،‬بيامن‬
‫ل يقوم عن ا إلرادة غري املوجودة أي ترصف‪ ،‬فهو بطل بطالان مطلقا‪.‬‬
‫سنتلكم يف هذه العيوب‪ :‬الغلط ( أول) فالتدليس (اثنيا) فالإكراه (اثلثا) فالس تغالل (رابعا)‪.‬‬
‫أول‪ :‬الغلط‪:‬‬
‫يكون للغلط اذلي يقع فيه املتعاقد أثر عىل رضاه‪ :‬فلو عمل به وقت التعاقد ملا ابرم العقد‪ .‬فال‬
‫ميكن القول أنه اكنت لهذا املتعاقد إارادة حقيقية يف اإبرام هذا العقد‪ ،‬أو عىل القل اإبرام هذا العقد هبذه‬
‫الرشوط‪.‬‬
‫والغلط هو خطأ يف تقدير احلقيقة؛ مبعىن أنه ومه يقوم بذهن املتعاقد فيصور هل المر عىل غري‬
‫حقيقته‪ ،‬بأن يتومه المر الصحيح خطأ‪ ،‬أو المر اخلاطئ حصيحا‪ .‬فأساس الغلط هو احلاةل النفس ية‬

‫‪29‬‬
‫اليت يكون فهيا املتعاقد‪ ،‬و اليت تبعث به اإىل تصور المر عىل غري حقيقته دون الاعتداد بسوء أو‬
‫حسن نية املتعاقد الخر‪.‬‬
‫و الساس يف الغلط حىت يعيب العقد هو جسامته‪ .‬هذا ما بعث بلفقه اإىل المتيزي بني الغلط‬
‫املعيب للعقد (‪ )I‬و الغلط غري املؤثر عىل العقد (‪.)II‬‬
‫‪ :I‬الغلط املعيب للعقد‪:‬‬
‫متزي النظرية الالكس يكية بني نوعني من الغلط الكهام يعيب العقد‪ :‬الول هيدم الرىض مما جيعل‬
‫العقد بطال بطالان مطلقا (‪ )1‬و الثاين يعيبه فقط مما جيعل العقد قابال لالبطال (‪.)2‬‬
‫ومل يأخذ املرشع اجلزائري بلغلط املعدم للرىض و اإمنا أخذ فقط بلغلط املعيب هل‪.1‬‬
‫‪-1‬الغلط اذلي هيدم الرىض‪:‬‬
‫وهو مفهوم فقهيي حبت مل يأخذ به حىت الترشيع يف فرنسا‪ ،2‬ويقصد به ذكل الغلط اذلي مينع‬
‫قيام الرتايض بني الطرفني‪ ،‬وهو يقع يف ماهية العقد كام لو اعتقد طرف أنه يشرتي مزنل بيامن يعتقد‬
‫الطرف الخر أنه يؤجره‪ ،‬أو يف ذاتية احملل كام لو ظن خشص أنه يشرتي شقة معينة وظن البائع أنه‬
‫يبيعه شقة أخرى‪ ،‬أو يف سبب العقد كام لو اشرتى أحد الورثة نصيب املوىص هل مث يتضح أن الوصية‬
‫بطةل‪.‬‬
‫لقد اثر نقاش حول الغلط يف سبب العقد‪ ،‬ومرد النقاش هو أن للسبب مفهومان‪ :‬مفهوم‬
‫املقابل و مفهوم الباعث اإىل التعاقد‪ ،‬ول يكون الغلط مانعا اإل اإذا اكن متعلقا بلباعث‪ .‬هذا‪ ،‬ويف لك‬
‫احلالت ل يعترب الغلط مانعا اإل اإذا منع قيام الرىض اذلي يعترب رشطا جوهراي لقيام العقد حصيحا‬
‫منش ئا لاثره القانونية‪.‬‬
‫‪-2‬الغلط اذلي يعيب الرىض دون أن هيدمه‪:‬‬
‫وهو الغلط اذلي اعمتده املرشع اجلزائري وهو يؤدي اإىل اإبطال العقد بطالان نسبيا اإذا اكن‬
‫جوهراي‪ .‬ومل حترص املادة ‪ 82‬من التقنني املدين اجلزائري الغلط اجلوهري يف الغلط يف جوهر اليشء‬
‫و ذات املتعاقد؛ اإذ أهنا مل حتدد هااتن احلالتان اإل بعد وضعها معيار الغلط اجلوهري و املمتثل يف‬
‫اجلسامة اليت ميتنع معها املتعاقد من التعاقد لو عمل غلطه وقت التعاقد‪ ،‬كام سوت املادة ‪ 83‬منه بني‬
‫الغلط يف القانون و الغلط يف الواقع اإذا ما توافر فيه معيار اجلسامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المواد من ‪ 81‬إلى ‪ 85‬من التقنين المدني الجزائري المعدل و المتمم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬راجع القرارات التي أوردها األساتذة مازو في مرجعهم دروس في القانون المدني‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.160 .‬‬

‫‪30‬‬
‫سنتعرض لنواع هذا الغلط (أ) مث اإىل رشوطه (ب)‪.‬‬
‫أ‪-‬أنواع الغلط اذلي يعيب الرىض دون أن هيدمه‪:‬‬
‫هو اإما غلط يف صفة جوهرية لليشء أو يف ذات املتعاقد أو يف القانون ‪.‬‬
‫‪-‬الغلط يف صفة جوهرية لليشء حمل العقد‪:‬‬
‫يشرتط القانون أن يكون الغلط يف صفة جوهرية لليشء حىت يشلك هذا الخري عيبا من‬
‫عيوب الرىض‪ .‬مما يس توجب حتديد معىن صفة جوهرية‪.‬‬
‫بلرجوع اإىل الفقه جند معيارين لتحديد الغلط اجلوهري‪ :‬معيار موضوعي و معيار ذاي‪ ،‬يركز‬
‫املعيار املوضوعي عىل املادة املتكون مهنا اليشء‪ ،‬بيامن يركز املعيار اذلاي عىل الصفة اليت يراها‬
‫املتعاقدان جوهرية‪.‬‬
‫ويظهر من نص املادة ‪ 82‬فقرة ‪ ...« : 2‬ويعترب الغلط جوهراي عىل الخص اإذا وقع يف صفة‬
‫لليشء يراها املتعاقدان جوهرية‪ »...‬أن املرشع قد اعمتد املعيار اذلاي؛ اإذ ربط الصفة اجلوهرية مبا يراه‬
‫املتعاقدان وليس بملادة املتكون مهنا اليشء‪ ،‬فلو اشرتى خشص قطعة أثرية واعتقد أهنا من ذهب مث‬
‫اكتشف أهنا ليست ذهبية؛ فاإن هذا الغلط ل يكون عيبا مس توجبا ل إالبطال؛ لن الصفة اجلوهرية‬
‫واليت بعثت به اإىل التعاقد يه كون القطعة أثرية‪.‬‬

‫‪-‬الغلط يف خشص املتعاقد‬


‫ل يؤثر الغلط يف خشص املتعاقد عىل حصة العقد اإل اإذا وقع يف ذات املتعاقد أو يف صفة من‬
‫صفاته‪ ،‬واكنت تكل اذلات أو الصفة يه الباعث اإىل التعاقد‪ .‬هذا ما جيعل من الغلط غلطا يقع –يف‬
‫الغالب‪ -‬يف العقود ذات الاعتبار الشخيص واندر الوقوع يف عقود املعاوضة‪ .‬ومن أمثةل العقود ذات‬
‫الاعتبار الشخيص عقود اخلدمات الفنية والتقنية والهبات وحىت الإجيار فقد يؤجر خشص مزنهل‬
‫ملس تأجر معتقدا أنه حسن السرية فيظهر هل أن هذه الصفة غري متوافرة دليه (خشص يسء السلوك‬
‫والداب)‪ .‬وتبقى مسأةل تقدير ما اإذا اكنت ذات املتعاقد أو صفته جوهرية من اختصاص قايض‬
‫املوضوع؛ لهنا ليست من مسائل القانون‪.‬‬
‫‪-‬الغلط يف القانون‬
‫رأينا أن الصل يف الغلط اذلي يبطل العقد أن يكون جوهراي فهل يس توي المر اإذا اكن‬
‫الغلط يف الواقع أو اإذا اكن يف القانون؟‬

‫‪31‬‬
‫اإن ما جيعل المر يلتبس يف مسأةل الغلط يف القانون هو قاعدة "ل عذر جبهل القانون" غري‬
‫أن جمال تطبيق هذه القاعدة ل يكون اإل اإذا تعلق المر بلنظام العام؛ اإذ ل ميكن اإرساء أي نظام‬
‫بدون مراعاهتا‪ .‬أما اإذا تعلق المر مبسأةل تكون من النظام اخلاص فيجوز للشخص أن يمتسك بغلطه‬
‫ويطالب بإبطال العقد‪.‬‬
‫فالغلط يف القانون اذلي ينصب عىل صفة جوهرية دافعة اإىل التعاقد‪ ،‬اكلزتامات الوفاء بديون‬
‫طبيعية مع اعتقاد أهنا مدنية جيوز المتسك فهيا بلغلط لإبطالها‪ .‬ونفس المر بلنس بة للغلط يف القانون‬
‫فامي يتعلق بشخص املتعاقد مكن يقبل قسمة الرتكة مع أخيه الطبيعي جاهال أن الابن الطبيعي ل‬
‫يرث‪.‬‬
‫ب‪ -‬رشوط الغلط املعيب‬
‫بلرجوع اإىل نص املادة ‪ 82‬فقرة ‪ 2‬واليت تنص‪...«:‬يعترب الغلط جوهراي ‪...‬يراها املتعاقدان‬
‫جوهرية‪ »...‬يظهر أنه ل ميكن املطالبة ببطال العقد لغلط اإل اإذا اتصل الغلط بلطرف الثاين؛ فال‬
‫يكفي أن يقع الطرف لوحده يف غلط‪ .‬فكيف حيدث هذا التصال؟ خصوصا وأن املادة ‪ 85‬من التقنني‬
‫املدين ل جتزي المتسك بلغلط عىل وجه يتعارض مع ما يقيض به مبدأ حسن النية‪.‬‬
‫يقع اتصال املتعاقد الخر بلغلط اإذا اكن عاملا به‪ ،‬أو اكن من السهل عليه أن يتبينه‪ .‬أما اإذا مل‬
‫يكن عاملا به أو مل يكن من السهل عليه تبينه ؛ فهل أن يمتسك حبسن نيته‪.‬‬

‫‪ : II‬الغلط غري املؤثر عىل العقد‪:‬‬


‫تنص املادة ‪ 84‬من التقنني املدين‪ « :‬ل يؤثر يف حصة العقد جمرد الغلط يف احلساب ول‬
‫غلطات القمل‪ ،‬ولكن جيب تصحيح الغلط‪ .)1( ».‬كام ل يؤثر أيضا يف حصة الرتايض الغلط يف قمية‬
‫اليشء(‪ )2‬و يف البواعث العرضية(‪ )3‬و الغلط يف الصفات العرضية للشخص أو اليشء(‪.)4‬‬
‫‪-1‬الغلط يف احلساب و غلطات القمل‪ :‬كام لو بع اتجر قطعة أرض و حدد سعرها عىل أساس‬
‫املرت مث تبني هل أنه وقع يف غلط يف حساب السعر الإجاميل‪ ،‬أو وقع يف غلط عند كتابة الرمق الهنايئ‪.‬‬
‫فهذا النوع من الغلط ل يؤثر عىل ا إلرادة يف التعاقد‪ ،‬غري أنه جيب تصحيحه ول جيوز للطرف‬
‫املس تفيد من الغلط المتسك به‪.‬‬
‫‪-2‬الغلط يف قمية اليشء‪ :‬ل يكون الغلط يف قمية اليشء سببا لإبطال العقد طاملا مل تكن هذه‬
‫القمية يه ادلافع اإىل التعاقد‪ ،‬ومل يكن الفارق يف القمية كبريا جدا حبيث لو علمه البائع ملا أبرم البيع‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪-3‬الغلط يف البواعث العرضية‪ :‬كام لو بع خشص أمالكه بقميهتا السوقية معتقدا أنه يف مرض‬
‫املوت مث يشفى‪.‬‬
‫‪-4‬الغلط يف صفات عرضية سواء يف اليشء أو الشخص‪ :‬وهذا النوع من الغلط ل يشلك‬
‫عيبا يف الرىض ما مل يكن جوهراي‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬التدليس‬
‫التدليس هو اس تعامل طرق احتيالية من أجل اإهيام الشخص بغري احلقيقة دلفعه اإىل التعاقد‪.‬‬
‫ويقرتب مفهوم التدليس من مفهوم الغلط من حيث وقوع املتعاقد يف غلط‪ ،‬غري أنه خيتلف عنه من‬
‫حيث أن الوقوع يف الغلط اكن بفعل املتعاقد أو من ينوب عنه؛ فالتدليس هو تغليط املتعاقد‪ .‬هذا ما‬
‫حيث عىل التساؤل‪ :‬ملاذا خص املرشع التغليط بنص ( املادة ‪ 86‬ت‪.‬م‪.‬ج‪ ).‬من أجل اإبطال العقد عىل‬
‫الرمغ من أن الغلط العفوي سبب من أس باب اإبطاهل؟‬
‫لهذا التخصيص هدفان‪ :‬الول اإجرايئ يسهل اإثبات التدليس بعتباره واقعة خارجة عن إارادة‬
‫املدلس عليه بملقارنة مع اإثبات الغلط اذلي هو حاةل نفس ية للمتعاقد‪ .‬أما الثاين فهو موضوعي؛ اإذ‬
‫يصعب اإبطال العقد يف بعض أنواع الغلط عكس ما اإذا اكن بفعل تدليس‪ ،‬اكلغلط يف القمية اذلي ل‬
‫يبطل العقد‪ ،‬غري أنه اإذا اكن هذا الغلط وقع بفعل تدليس فاإنه يبطهل‪.‬‬
‫ولتوضيح هذه الفاكر س نتناول عىل التوايل عنارص التدليس( ‪ )I‬و رشوطه (‪.)II‬‬
‫‪ : I‬عنارص التدليس‬
‫للتدليس عنرصين‪:‬‬
‫‪-1‬عنرص موضوعي‪ :‬اس تعامل طرق احتيالية تصدر اإما من أحد املتعاقدين أو من الغري‪.‬‬
‫‪-2‬عنرص نفيس‪ :‬تضليل املتعاقد و دفعه اإىل التعاقد‪.‬‬
‫‪-1‬اس تعامل طرق احتيالية‪:‬‬
‫اإن اس تعامل مصطلح “ احليل” يف املادة ‪ 86‬من التقنني املدين اجلزائري يكشف عن‬
‫الترصفات ا إلرادية اليت يقوم هبا الشخص هبدف التغليط‪ .‬وهكذا يظهر من املادة أنه يكفي يف‬
‫التدليس اس تعامل احليةل من أجل التغليط‪ ،‬ول يشرتط فهيا أن تصل من اجلسامة اإىل احلد اذلي‬
‫تس تلزمه جرمية النصب‪ ،‬مفا يه الترصفات اليت تدخل يف اإطار احليل املقصودة يف املادة ‪ 86‬من‬
‫التقنني املدين اجلزائري؟‬

‫‪33‬‬
‫يعترب‪ -‬من حيث املبدأ‪ -‬حيةل تدليس ية لك ترصف يقوم به املتعاقد هبدف تغليط املتعاقد معه‪.‬‬
‫ويدخل يف هذه ادلائرة الكذب و السكوت عن الواقع اإذا اكان هيدفان اإىل تغليط املتعاقد‪.‬‬
‫والكذب العادي ل يشلك تدليسا من حيث الصل‪ ،‬اكملبالغة يف مدح البضاعة‪ ،‬غري انه اإذا‬
‫ارتقى اإىل درجة التغليط فاإنه يعترب تدليسا‪ ،‬كام لو أدىل املؤمن مبعلومات خاطئة عن وضعه الصحي‬
‫لرشكة التأمني عىل احلياة‪.‬‬
‫كام يكون الكامتن اكفيا لعتباره حيةل تدليس ية؛ لن هناكل بعض المور اليت جيب تبياهنا يف‬
‫املعامالت املالية و جرد السكوت عهنا يعترب تدليسا‪ .‬هذا ما نصت عليه رصاحة الفقرة الثانية من‬
‫املادة ‪ 86‬من التقنني املدين اجلزائري‪...« :‬و يعترب تدليسا السكوت معدا عن واقعة أو مالبسة اإذا‬
‫ثبت أن املدلس عليه ما اكن ليربم العقد لو عمل بتكل الواقعة أو املالبسة»‪ .‬وأكرث العقود اليت يكون‬
‫فهيا السكوت تدليسا يه عقود التأمني‪.‬‬
‫‪-2‬قصد تضليل املتعاقد و دفعه اإىل التعاقد‪:‬‬
‫جيب أن يكون الهدف من احليل املس تعمةل هو دفع املتعاقد اإىل التعاقد‪ .‬و هذه املسأةل من‬
‫مسائل املوضوع اليت جيوز اإثباهتا باكفة الطرق‪ ،‬ويسرتشد قايض املوضوع من أجل البت يف هذه‬
‫املسأةل مبا تعارف عليه الناس يف تعاملهم وكذا حباةل املتعاقد من سن وذاكء وعمل‪...‬اخل‪.‬‬
‫فالصل يف التدليس نية التضليل‪ ،‬ولو حدث أن اخندع خشص مبظهر معني دون أن تكون‬
‫للطرف الخر نية يف تضليهل‪،‬فال جيوز لهذا الشخص المتسك بلتدليس‪ ،‬اكخنداع املتعاقد مبظاهر‬
‫الرثاء البادية عىل الطرف الخر‪ ،‬فقام بكفالته ضاان منه أنه مورس فتبني هل بعد ذكل أنه معرس‪.‬‬
‫‪ :II‬رشوط التدليس‪:‬‬
‫حىت يكون التدليس مبطال للعقد جيب توافر رشطني‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون دافعا اإىل التعاقد‬
‫‪-2‬اتصال التدليس بملتعاقد الخر‬
‫‪-1‬أن يكون التدليس دافعا اإىل التعاقد‪:‬‬
‫جيب أن يكون التدليس هو ادلافع اإىل التعاقد حىت يشلك عيبا من عيوب الرتايض‪ ،‬فاإذا‬
‫أثبت من صدر منه التدليس أن حيلته مل تكن يه ادلافع اإىل التعاقد فاإنه لن يكون لهذا التدليس أثرا‬
‫عىل حصة العقد‪ ،‬كام لو دخلت ظروف أخرى حثت املتعاقد الخر عىل التعاقد‪.‬‬
‫‪-2‬اتصال التدليس بملتعاقد الخر‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫حىت حيدث هذا التصال جيب أن تصدر الطرق الاحتيالية من املتعاقد أو من ينوب عنه‪،‬‬
‫بل يكفي أن يكون هذا الخري عاملا هبا أو من املفرتض أن يكون كذكل‪ .‬وبذكل‪ ،‬اإذا وقع التدليس من‬
‫الغري ومل يكن املتعاقد املس تفيد يعمل به أو من املفرتض أن يعمل به‪ ،‬ل يكون هل أثر عىل حصة العقد و‬
‫ل خيول الضحية طلب اإبطاهل‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬الإكراه‬
‫الإكراه هو ضغظ يقع عىل أحد املتعاقدين فيودل يف نفسه رهبة تدفعه اإىل التعاقد حىت يتفادى‬
‫نتاجئ الهتديد اذلي يقع عليه‪ .‬وعليه‪ ،‬اإن اكن الغلط والتدليس يعيبان الرىض يف كوهنام جيعالن املتعاقد‬
‫يتومه اليشء عىل غري حقيقته‪،‬فاإن الإكراه يعيبه يف كونه جيعل إارادة أحد املتعاقدين غري حرة؛ فاملتعاقد‬
‫ل يتومه اليشء عىل غري حقيقته‪ ،‬وهو مدرك أنه بصدد اإبرام عقد ل خيدم مصلحته‪ ،‬غري أنه مضطر‬
‫عىل ذكل من أجل تفادي رضر أكرب‪.‬‬
‫والإكراه هبذا املعىن خيتلف عن الإكراه املادي أو اجلسدي اذلي يعدم الرىض‪ ،‬كن ميسك‬
‫خشص مبسدس و يضعه عىل رأس املتعاقد ويأمره بتوقيع العقد‪ .‬فالإكراه اذلي هو حمل دراستنا هو‬
‫ذكل الإكراه اذلي ل يعدم الاختيار وإامنا يوهجه بسلطان رهبة تقع يف نفس املتعاقد‪ ،‬كن يمت هتديده‬
‫بإاثرة فضيحة أو اإفشاء أرسار أو اختطاف الولد أو اإتالف الموال‪.‬هذا ما نصت عليه املادة ‪ 88‬من‬
‫التقنني املدين اجلزائري‪« :‬جيوز اإبطال العقد ل إالكراه اإذا تعاقد خشص حتت سلطان رهبة بينة بعهثا‬
‫املتعاقد الخر يف نفسه دون حق‪.‬‬
‫وتعترب الرهبة قامئة عىل بينة اإذا اكنت ظروف احلال تصور للطرف اذلي يدعهيا أن خطرا‬
‫جس امي حمدقا هيدده هو أو أحد أقاربه‪ ،‬يف النفس أو اجلسم أو الرشف أو املال‪.‬‬
‫ويراعى يف تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه‪ ،‬وس نه‪ ،‬وحالته الاجامتعية‪ ،‬و‬
‫الصحية ومجيع الظروف الخرى اليت من شأهنا أن تؤثر يف جسامة الإكراه‪.».‬‬
‫ويشرتط لوجود الإكراه توافر الرشوط الثالث التالية‪:‬‬
‫‪ :I‬اس تعامل وسائل تودل الرهبة‬
‫لبد من وجود أس باب تؤدي اإىل توليد رهبة دلى املتعاقد جتعل إارادته غري حرة حىت يتحقق‬
‫الإكراه‪ ،‬وتعترب الرهبة قامئة اإذا توافرت أس باب جتعل املتعاقد يتصور أنه همدد خبطر جس مي حمدق‬
‫بنفسه أو جسمه أو ماهل ‪ ،‬أو أحد أقاربه‪ .‬كام أنه جيب أن يتوافر يف هذا اخلطر الرشوط التالية‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫‪-1‬أن يكون اخلطر جس امي‪ :‬ويراعى يف تقدير جسامة هذا اخلطر جنس املتعاقد وس نه وحالته‬
‫الاجامتعية والصحية‪ .‬وكذا درجة تعلميه و املاكن والزمان الذلان مت فهيام العقد‪ ،‬مفا يعترب خطرا جس امي‬
‫عىل املرأة قد ل يعترب كذكل بلنس بة للرجل‪.‬‬
‫‪-2‬أن يكون اخلطر حمدقا‪ :‬ويقصد بذكل أن يكون عىل وشك الوقوع‪ .‬والعةل من هذا الرشط‬
‫هو انعدام جمال لتفادي اخلطر؛فلو اكن هناكل متسع من الوقت بني وقوع اخلطر وإابرام العقد لتيحت‬
‫الفرصة للمتعاقد لتفادي هذا اخلطر وملا أجرب عىل اإبرام عقد حتت الإكراه‪.‬‬
‫‪-3‬أن يتعلق اخلطر بلنفس أو اجلسم أو املال أو الرشف‪ :‬ويس توي أن يتعلق هذا اخلطر‬
‫بشخص املتعاقد أو أحد أقاربه‪.‬‬
‫‪ :II‬أن تكون الرهبة يه الباعث ادلافع اإىل التعاقد‬
‫مبعىن أنه لو مل يكن املتعاقد حتت تأثري الرهبة ملا أقدم عىل اإبرام العقد‪ ،‬ويمت تقدير هذه الرهبة‬
‫من قبل قايض املوضوع اذلي يس تعني يف ذكل بلظروف اليت أحاطت بلك متعاقد عىل حدة؛ لن‬
‫هناكل ظروف قد ترهب متعاقد ول ترهب متعاقد أخر‪ .‬أما فامي يتعلق بلنفوذ الديب فهو من حيث‬
‫الصل ل يشلك عيبا من عيوب ا إلرادة‪ ،‬غري أنه اإذا المتس القايض من الظروف أنه مت اس تغالل‬
‫النفوذ الديب من أجل الوصول اإىل هدف غري مرشوع فاإنه جيوز هل اإبطال العقد ‪،‬كام لو اس تغل الب‬
‫نفوذه الديب عىل ابنه من أجل الإقرار بدين غري موجود‪.‬‬
‫‪ :III‬أن يكون الإكراه غري مرشوع‬
‫ويكون الإكراه غري مرشوع اإذا اكن يس هتدف غاية غري مرشوعة ولو اكنت الوس يةل مرشوعة‪،‬‬
‫كام لو ارتكب خشص جرمية معينة وعمل هبا أخر فهدده بأنه اإذا مل يبعه س يارته بملبلغ اذلي س يحدده هو‬
‫فاإنه سيبلغ عنه الرشطة‪ .‬فيكون هذا العقد قابال ل إالبطال لعيب الإكراه عىل الرمغ من أن وس يةل الإكراه‬
‫ذاته مرشوعة ويه الإبالغ عن جرمية؛لن الغاية غري مرشوعة‪ ،‬عكس ما اإذا اكنت الغاية مرشوعة‪،‬‬
‫كام لو هدده من أجل الإقرار بدين حقيقي رفض الإقرار به لعدم وجود الإثبات‪.‬‬
‫هذا فامي يتعلق بلرهبة اليت يودلها الشخص مبارشة عىل املتعاقد‪ ،‬مفا هو احلال بلنس بة ملن‬
‫يس تغل ظروفا خارجية تودل رهبة يف نفس الشخص حىت يضغط عليه ويربم معه عقدا ما اكن ليقبهل‬
‫لول وقوعه يف تكل الظروف‪ .‬كام لو تعطلت س يارة خشص يف الطريق الرسيع واغتمن صاحب شاحنة‬
‫نقل الس يارات املعطةل هذه الظروف ليطالب بأجر مضاعف؟‬

‫‪36‬‬
‫مل يتناول املرشع اجلزائري حاةل الرهبة اليت تودلها الظروف اخلارجة عن إارادة الشخاص‬
‫(املتعاقد أو الغري)‪ ،‬اكس تغالل مرض ابن الشخص من أجل اإكراهه عىل قبول عقد معل برشوط‬
‫تعسفية‪ .‬فهنا اس تعمل رب العمل احلاجة امللحة لهذا الشخص للامل من أجل عالج ابنه لإكراهه عىل‬
‫قبول رشوط العقد‪.‬‬
‫منيل يف هذه املسأةل اإىل ما ذهب اإليه القضاء الفرنيس من اعتبار العقد قابال ل إالبطال لعيب‬
‫الإكراه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الاس تغالل‬
‫تنص الفقرة الوىل من املادة ‪ 90‬من التقنني املدين عىل أنه‪ ..." :‬اإذا اكنت الزتامات أحد‬
‫املتعاقدين متفاوتة كثريا يف النس بة مع ما حصل عليه هذا املتعاقد من فائدة مبوجب العقد أو مع‬
‫الزتامات املتعاقد الخر‪ ،‬و تبني أن املتعاقد املغبون مل يربم العقد اإل لن املتعاقد الخر قد اس تغل فيه‬
‫طيشا بينا أو هوى جاحما‪ ،‬جاز للقايض بناء عىل طلب املتعاقد املغبون‪ ،‬أن يبطل العقد أو أن ينقص‬
‫من الزتامات هذا املتعاقد‪."...‬‬
‫يفهم من هذه الفقرة أن الاس تغالل هو عدم التعادل املادي بني الالزتامات املتقابةل و الناجت‬
‫عن اس تغالل الطيش البني أو الهوى اجلامح املتوافر يف أحد املتعاقدين من قبل املتعاقد الخر‪ .‬مفثال‬
‫لو بع خشص طائش شيئا عالية القمية بمثن زهيد فاإنه س يعترب مس تغال من املشرتي؛ لن الزتامه‬
‫بتسلمي اليشء املبيع ل يتعادل يف القمية مع حقه يف تسمل المثن‪ .‬والاس تغالل ل يتحقق اإل بتوافر‬
‫عنرصيه النفيس و املادي‪.‬‬
‫‪-I‬العنرص النفيس‪ :‬الطيش البني أو الهوى اجلامح‬
‫الطيش هو عدم تقدير عواقب الترصفات‪ ،‬وحىت يكون الطيش عنرصا نفس يا يف الاس تغالل‬
‫جيب أن يكون بينا؛ مبعىن ظاهرا لغلب الناس بأن تتسم جل ترصفاته بلطيش‪ ،‬كذكل الشاب اذلي‬
‫مييض جل وقته يف اللهو وهو مس تعد لإنفاق لك ماهل من أجل ذكل‪.‬‬
‫أما الهوى اجلامح فهو تعلق خشص بشخص أخر جيعهل ل ميزي ما قد ينفقه من أجل احلفاظ‬
‫عىل عالقته به‪ ،‬وتكون حالت الهوى اجلامح غالبا يف حالت احلب اليت تربط العجائز بلش باب‪.‬‬
‫‪-II‬العنرص املادي‪ :‬التفاوت الكبري يف قمية الداءات املتقابةل‬
‫يمتثل العنرص املادي يف الاس تغالل يف عدم التعادل الظاهر يف الالزتامات املتقابةل لطراف‬
‫العقد؛ اإذ ينعدم التوازن بني ما يدفعه أحد املتعاقدين وما يتلقاه أو ما يتنازل عنه وما يقبضه‪ .‬وتقدير‬

‫‪37‬‬
‫هذا التفاوت من اختصاص قايض املوضوع اذلي خوهل املرشع سلطة عدم احلمك بلبطالن اإذا عرض‬
‫الطرف املس تفيد من الصفقة ما يرفع به عدم التوازن يف الداءات‪.‬‬
‫وخبالف دعاوى الإبطال الخرى اليت تتقادم يف أجل مخس س نوات فاإن دعوى الاس تغالل‬
‫تسقط بعد س نة اإذا مل يمت رفعها‪.1‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫احملــل‬
‫يعترب احملل من املعطيات القانونية الرضورية يف نظرية العقد‪ .‬كام أنه مفهوم مرتبط ار ً‬
‫تباطا وثيقا‬
‫بلعقد ‪،‬وقد مت تفسريه عىل أساس أنه حمل الالزتام ( القيام بعمل‪ ،‬أو الامتناع عن معل‪ ،‬أو اإعطاء‬
‫تطور شأنه شأن املفاهمي القانونية الخرى؟‬
‫يشء) ‪ ،‬فهل هذا هو املفهوم الوحيد للمحل‪ ،‬أو أنه قد ّ‬
‫سنتلكم يف الرشوط اليت جيب أن تتوافر فيه لقيام العقد حصيحا‬
‫الفرع الثاين‪ :‬رشوط حصة احملل‬
‫بلرجوع اإىل القانون جند أن املرشع اجلزائري يشرتط يف احملل أن يكون موجودا أو ممكن‬
‫الوجود(أول) وأن يكون معينا أو قابال للتعيني (اثنيا) حىت يقوم العقد حصيحا‪.‬‬
‫أول‪ :‬أن يكون احملل موجودا أو ممكن الوجود‬
‫يشرتط الوجود اإذا اكن حمل الالزتام شيئا أما اإذا اكن حمهل معال فيشرتط الإماكن‪ ،‬وسنرشح‬
‫عىل التوايل معىن الوجود (‪ )I‬ومعىن الإماكن (‪.)II‬‬
‫‪-I‬معىن الوجود‪ :‬يقصد بلوجود أن يكون اليشء حمل الالزتام موجودا وقت نشأته ‪ ،‬فاإذا أبرم‬
‫العقد وظهر بعد ذكل أن اليشء حمل الالزتام مل يوجد أصال أو أنه وجد مث هكل قبل العقد‪ ،‬فاإن هذا‬
‫العقد ل يقوم أصال‪ ،‬مكن بع حصته يف تركة قريبه امليت مث يتضح أنه ل يرث أو مكن أجر شقته مث‬
‫تبني أهنا هدمت‪ .‬وما جيب التنبيه اإليه يف مسأةل الوجود أنه يتعلق فقط بلش ياء املعينة بذلات‪ ،‬أما‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 90‬فقرة ‪ 2‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬


‫‪38‬‬
‫فامي يتعلق بملثليات فال ميكن تصور عدم وجودها ما دامت متوافرة يف السوق اكلقمح و الشعري‬
‫واخلرض و الفواكه ‪...‬اخل‪.‬‬
‫وجيوز للطراف التعاقد عىل حمل مس تقبل و حمقق‪ ،‬و قد نصت الفقرة الوىل من املادة ‪92‬‬
‫من التقنني املدين رصاحة عىل ذكل اإذ تقول‪ «:‬جيوز أن يكون حمل الالزتام شيئا مس تقبال و حمققا‪.».‬‬
‫ويرتتب عىل ذكل جواز بيع احملصولت الزراعية املس تقبلية قبل النضج‪ ،‬أما قبل أن تنبت فال ؛لن‬
‫املادة أضافت رشط التحقق واذلي ل ميكن حتقيقه اإل بنبات احملصول؛ فيجوز بيع احملصول املس تقبيل‬
‫بعد ظهور الامثر و ليس قبل ذكل‪.‬‬
‫أما فامي يتعلق بلرتكة املس تقبلية فقد نصت الفقرة الثانية من املادة ‪ 92‬من التقنني املدين‬
‫رصاحة عىل حرض هذا التعامل ‪ ...« :‬غري أن التعامل يف تركة انسان عىل قيد احلياة بطل ولو اكن‬
‫برضاه‪ ،‬اإل يف الحوال املنصوص علهيا يف القانون‪.».‬‬
‫‪-II‬معىن الإماكن‪ :‬يقابل الإماكن الاس تحاةل من حيث الصل غري أن املرشع اجلزائري قابهل‬
‫أيضا مبخالفة النظام العام و الداب العامة أي جعل عدم املرشوعية مساوية لالس تحاةل‪ . 1‬فاإذا اكن‬
‫حمل الالزتام مس تحيال أو خمالفا للنظام العام و الداب العامة اكن العقد بطال؛ لنه ل أحد يلزتم‬
‫مبس تحيل )‪ ( nul n’est tenu à l’impossible‬وقد ش به املرشع خمالفة النظام العام و الداب العامة‬
‫بلس تحاةل لنه ل ميكن مطالبة الشخص مبخالفة النظام العام والداب ‪ .‬و قد نصت املادة ‪ 93‬من التقنني‬
‫املدين عىل ذكل ‪« :‬اإذا اكن حمل الالزتام مس تحيال يف ذاته أو خمالفا للنظام العام أو الداب العامة‪،‬‬
‫اكن بطال بطالان مطلقا‪.».‬‬
‫والاس تحاةل نوعان‪ :‬اس تحاةل مطلقة و اس تحاةل نسبية‪ ،‬ويقصد بلس تحاةل املطلقة تكل اليت‬
‫جتعل العمل مس تحيال يف ذاته حبيث ل يس تطيع أي أحد من الناس القيام به‪ ،‬و ترجع هذه‬
‫الاس تحاةل اإما اإىل الطبيعة كن يلزتم خشص برشب ماء البحر لكه أو أن يلمس الشمس أو اإىل‬
‫القانون كن يلزتم حمايم بس تئناف حمك فات ميعاد اس تئنافه أو تصحيح عقد بطل بطالان مطلقا‪،‬‬
‫وهذه الاس تحاةل ترتب بطالن العقد بطالان مطلقا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬كان شرط المشروعية مستقل منصوص عليه في المادة ‪ 96‬من التقنين المدني و الملغاة في تعديل ‪.2005‬‬

‫‪39‬‬
‫أما الاس تحاةل النسبية فهيي تكل اليت تقوم للمدين دون غريه‪ ،‬كن يلزتم خشص بإجراء معلية‬
‫جراحية وهو ليس بطبيب ‪ ،‬و يه اس تحاةل عىل متنع قيام الالزتام ما مل يكن ذو اعتبار خشيص‪ ،‬وما‬
‫عىل املدين اإل تنفيذ الالزتام عىل نفقته وذكل بلتفاق مع طبيب جراح للقيام بلعملية‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬أن يكون احملل معينا أو قابال للتعيني‪:‬‬
‫يقصد بتعيني احملل أن يكون حمددا حتديدا انفيا للجهاةل وإال تعذر تنفيذه‪ ،‬وحمل الالزتام قد‬
‫يكون معال(‪ )I‬أو شيئا(‪ )II‬أو نقودا(‪.)III‬‬
‫‪-I‬تعيني حمل الالزتام اإذا اكن معال‪ :‬اإذا الزتم خشص بأن يقوم بعمل أو أن ميتنع عن معل وجب‬
‫أن يكون ما الزتم به معينا‪ ،‬فاإذا اكن الالزتام اجيايب؛ مبعىن القيام بعمل‪ ،‬فال جيب أن يلزتم بلقيام بأي‬
‫معل دون تدقيق‪ ،‬فال يكون عقد العمل حصيحا اإذا مل يبني ما هو العمل املطلوب‪ .‬أما اإذا اكن الالزتام‬
‫سليب ؛ مبعىن الامتناع عن معل‪ ،‬فال جيب أن يكون مطلقا‪ ،‬فال جيوز الالزتام بعدم رفع دعوى ضد‬
‫خشص معني همام اكنت الظروف‪.‬‬
‫‪-II‬تعيني حمل الالزتام اإذا اكن شيئا‪ :‬وهنا خيتلف التعيني بختالف نوع اليشء‪ ،‬فاإذا اكن مثليا‬
‫فاإنه يعني عن طريق ذكر اجلنس ( القهوة مثال) و النوع ( برازييل مثال) و املقدار ( القنطار مثال) وإان‬
‫مل حتدد درجة النوعية فيؤخذ بلنوع املتوسط وهذا ما هو متعارف عليه‪ .‬أما اإذا اكن اليشء من‬
‫القمييات فيمت تعيينه طريق وصفه وصفا دقيقا مينع اجلهاةل ‪ ،‬فلو اكن اليشء من الس يارات املس تعمةل‬
‫وجب ذكر صفاهتا اجلوهرية كنوعها و صنفها و لوهنا و حالهتا و املسافة اليت قطعهتا و س نة بداية‬
‫اس تعاملها و حىت رمقها التسلسيل‪.‬‬
‫‪-III‬تعيني حمل الالزتام اإذا اكن نقودا‪ :‬اإذا اكن حمل الالزتام نقودا الزتم املدين بقدر عددها‬
‫املذكور يف العقد دون أن يكون لإخنفاض قميهتا أو إلرتفاعه وقت الوفاء أي تأثري‪.1‬‬

‫املطلب الثالث‬
‫السبــب‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 95‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم‪.‬‬


‫‪40‬‬
‫اس توىح الفقهاء فكرة السبب من واقع القانون الروماين ‪ ،‬اذلي مل يكن حيتوي عىل نظرية السبب ‪،‬‬
‫بعتباره قانون يعمتد الشلكية ‪ ،‬فالساس يف نشأة العقود‪ ،‬هو ليس ما أراده الطراف ‪ ،‬وإامنا مدى‬
‫حتقق الشلك املطلوب لإنشاهئا‪ ،‬فاإذا قام خشص بطقس معني يرتب عليه القانون الروماين أاثرا معينة‪،‬‬
‫فاإنه س يلزتم هبا بغض النظر عام اكن يريده‪ ،‬مفسأةل ما بعثه اإىل ذكل ل هتم اإطالقا رجل القانون‪.‬غري أن‬
‫ما يالحظ هو أن مصطلح )‪ )causa civilis‬اكن معروفا يف القانون الروماين‪ ،‬مفاذا اكن يقصد به ؟‬
‫اكن يقصد هبذا املصطلح سبب اإلزامية العقد أو الترصف‪ ،‬وهو اإما الطقوس أو اللكامت يف‬
‫العقود الشفوية ‪ ،‬أو الكتابة يف العقود الكتابية أما فامي يتعلق بلكيفية اليت اكن الرومان يبطلون هبا‬
‫العقود ‪ ،‬اليت تبطل حاليا لعدم وجود السبب ‪ ،‬فقد اكنوا يبطلوهنا لعدم وجود احملل ‪ ،‬فلو أخذان مثال‬
‫‪ ،‬مثال بيع مزنل احرتق وقت اإبرام العقد‪ ،‬فاإن هذا العقد يبطل يف القانون الفرنيس ‪ ،‬والقوانني‬
‫املس متدة منه ‪ ،‬لعدم وجود السبب مبفهوم املقابل‪ ،‬فاملشرتي س يدفع المثن ‪ ،‬ولن يتحصل بملقابل عىل‬
‫ملكية املزنل ‪ ،‬أما يف القانون الروماين فقد اكن يبطل لعدم وجود احملل ‪ .‬وكذكل المر بلنس بة‬
‫ل إالجيار ‪ ،‬فلو مت تأجري مزنل ملدة س نة ‪ ،‬هل س يكون املس تأجر ملزما بدفع بدل الإجيار ملدة س نة ‪،‬‬
‫لو هتدم املزنل بسبب قوة قاهرة ؟ س تكون الإجابة بال يف القانون الروماين ؛ لن الإجيار من العقود‬
‫املس مترة ؛ مبعىن أنه سيمت حتليل هذا العقد عن طريق سلسةل من عقود اإجيار مماثةل‪ ،‬تكون مدهتا أقل‪،‬‬
‫ومجموع مدة هذه العقود يساوي س نة‪ ،‬ويتوجب أن يتوافر يف لك عقد مهنا رشوط حصة الإجيار‬
‫كلك‪ ،‬ومن بيهنا احملل‪ ،‬وبذكل اإذا هكل احملل فاإن جزء من العقود املشلك للسلسةل‪ ،‬واليت مل تنفذ‬
‫تصبح بطةل لعدم وجود احملل ‪ .‬هذا ما يفرس موقف املرشع الفرنيس مؤخرا يف اإلغاء ركن السبب‪.‬‬
‫املعرب عهنا تكفي لإنشاء الالزتام‪ ،‬دون البحث يف‬ ‫يقيض مبدأ سلطان ا إلرادة أن ا إلرادة ّ‬
‫الهدف اذلي تسعى اإىل حتقيقه‪ ،‬غري أن املنطق يقيض بتقييد هذا املبدأ‪ ،‬فقد يلزتم الشخص من أجل‬
‫حتقيق هدف ل يساوي الهدف اذلي حيققه املتعاقد معه‪ ،‬أو قد يلزتم لتحقيق هدف خمالف للنظام‬
‫العام والداب العامة‪ ،‬لهذا يظهر أن رشط وجود السبب‪ ،‬وس يةل محلاية املصلحة الفردية للمتعاقدين‪،‬‬
‫مفعطيات العداةل تقيض أنه ل جيب أن يلزتم الشخص دون مقابل ‪ ،‬أ ّما رشط مرشوعية السبب فهو‬
‫وس يةل محلاية النظام العام‪ ،‬وبلتايل املصلحة العامة ‪ .‬وعليـه فاإن نظرية السبب تعترب من الثوابت‬
‫القانونية اليت ل ميكن جتاهل دراس هتا يف الوقت الراهن‪.‬‬
‫بعد التعرض للوظيفة اليت تلعاها نظرية السبب يف العقد (الفرع الول)‪ ،‬سوف حندد الرشوط‬
‫الواجب توافرها فيه (الفرع الثاين) ‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫الفرع الول‪ :‬وظيفة نظرية السبب يف العقد ‪:‬‬

‫حيقق السبب وظيفتني ‪ :‬من هجة‪ ،‬هو يسامه يف التأكد من أن لك خشص هل مقابل عن‬
‫الزتاماته (رقابة وجود السبب)‪ ،‬وهذا حتقيقا للمصلحة اخلاصة للك طرف‪ ،‬ومن هجة أخرى‪ ،‬يسمح‬
‫بتقدير مدى مطابقة العقد للترشيع‪ ،‬والنظام العام والداب العامة (رقابة مرشوعية السبب)‪ ،‬وهذا‬
‫حتقيقا للمصلحة العامة ‪ .‬هذه الازدواجية يف الوظيفة هو ما تريم اإىل حتقيقه املادة ‪ 97‬من التقنني‬
‫املدين اجلزائري(‪.)1‬‬
‫وعليـه خيتلف مضمون السبب يف الفقه حبسب الوظيفة اليت يؤدهيا‪ ،‬فيكون هل مفهومان ‪:‬‬
‫بلرتكزي عىل الوظيفة الوىل (رقابة وجود السبب)‪ ،‬يأخذ السبب مفهوما ماداي أو ما يعرف بسبب‬
‫الالزتام(‪ )2‬؛ مبعىن املقابل اذلي يتحصل عليه الشخص من الزتامه‪ ،‬وهو هبذا املعىن مادي ؛ لنه يعرب‬
‫عن القمية الاقتصادية (مال أو خدمة) اليت تزيد من أصول املدين‪ ،‬واليت تعترب تعويضا عن الزايدة‬
‫اليت عرفهتا خصومه نتيجة حتمهل الإلزتام‪ .‬وعليـه فاإن جوهر السبب هو اقتصادي ومادي‪ ،‬ففي عقد‬
‫البيع مثال‪ ،‬يكون سبب الزتام البائع بنقل امللكية‪ ،‬هو الزتام املشرتي بدفع المثن‪ ،‬ويكون سبب الزتام‬
‫املشرتي بدفع المثن‪ ،‬الزتام البائع بنقل امللكية‪.‬‬
‫أ ّما اإذا ركزان عىل الوظيفة الثانية (رقابة مرشوعية السبب)‪ ،‬فاإن السبب س يأخذ مفهوما‬
‫خشصيا(‪ ،)3‬فيقصد به الباعث ادلافع اإىل التعاقد‪ ،‬واذلي لوله ملا أقدم املتعاقد عىل اإبرام العقد‪ ،‬فهو‬
‫الباعث الرئييس اذلي حث إارادة املتعاقد عىل الارتباط عن طريق العقد‪.‬‬
‫غري أنه وإان اكن السبب املوضوعي (سبب الالزتام أو السبب مبفهوم النظرية التقليدية) واحد‬
‫يف النوع الواحد من العقود‪ ،‬ففي الإجيار مثال‪ ،‬سبب الزتام املؤجر بوضع اليشء املؤجر يف حيازة‬
‫املس تأجر‪ ،‬هو الزتام هذا الخري بدفع بدل الإجيار‪ ،‬فاإن السبب الشخيص (سبب العقد أو السبب‬

‫‪ - 1‬سقطت من املادة ‪ 97‬فقرة « دون سبب» ويه موجودة بلغة الفرنس ية ‪:‬‬
‫‪« le contrat est nul lorsqu’on s’oblige sans cause … ».‬‬
‫‪- 2‬الاصطالح يف هذا اجملال ليس اثبتا‪ ،‬فقد جند السبب اجملرد (‪ ،)cause abstraite‬السبب املقابل (‪ ،)cause contrepartie‬أو السبب‬
‫القصدي أو املبارش‪ ،‬ويه لكها مصطلحات تريم اإىل معىن واحد‪ ،‬وهو السبب بملفهوم املادي‪.‬‬
‫‪- 3‬تتعدد املصطلحات‪ ،‬فقد جند القصد غري املبارش‪ ،‬والسبب النفساين‪ ،‬والسبب ادلافع أو الباعث‪ ،‬ويه لكها مصطلحات تفيد نفس‬
‫املعىن‪ ،‬وهو سبب العقد أو السبب الشخيص‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫عقارا ميلكه حىت يتحصل‬ ‫مبفهوم النظرية احلديثة) خيتلف حىت يف النوع الواحد‪ ،‬فقد يؤجر الشخص ً‬
‫عىل املال‪ ،‬أو حىت يعفي نفسه من حراس ته ‪ ...‬اخل‪ ،‬فهو ليس واحد بلنس بة للك املؤجرين‪.‬‬
‫حاول الفقه من أجل التوفيق بني هذين املفهومني تركياهام ‪ ،‬ومن بني الرتكيبات املقرتحة حماوةل‬
‫‪ ،ʽʽ CAPITANT ʼʼ‬فبعد أن اس تعرض مجيع الفاكر الالكس يكية‪ ،‬اقرتح تعريف السبب عىل أنه‬
‫الداء املقابل( ‪ ، ) la contreprestation‬غري أنه يصعب تفسري بطالن العقد بسبب خمالفته للنظام‬
‫العام والداب العامة هبذا التعريف‪ ،‬هذا ما جعل املفرسين ينحازون اإىل احملاوةل اليت قام هبا الس تاذ‬
‫‪ʽʽ MAURY ʼʼ‬‬
‫أسس ‪ ʽʽ MAURY ʼʼ‬برهانه عىل مالحظة موقف القضاء من نظرية السبب‪ ،‬فبدأ حتليهل‬
‫بلبحث عن وظيفة السبب‪ ،‬مث ّعرفه عىل أنه ‪ « :‬ادلافع أو الباعث اذلي حيث الشخص عىل‬
‫الالزتام‪ ،‬غري أن هذا ادلافع أو الباعث يكون خمتارا (ادلوافع تتعدد) ‪ ،‬حبيث حيمل يف طياته عنرصا‬
‫أو عنارص موضوعية»‪ ،‬وهو بذكل‪ ،‬حياول التوفيق بني النظرة الشخصية (ادلافع الباعث اذلي حيث‬
‫الشخص عىل الالزتام) ‪ ،‬والنظرة املوضوعية (حيمل يف طياته عنرصا أو عنارص موضوعية)‪ ،‬وقد‬
‫اعمتد الس تاذ ‪ ʽʽ MARTIN DE LA MOUTTE ʼʼ‬هذه النظرة التوفيقية عند دراس ته لسبب‬
‫الترصف إبرادة منفردة ‪ « :‬هو ادلافع اذلي محل الشخص عىل الترصف‪ ،‬وهو يضمحل يف أحد‬
‫خصائص موضوع الترصف إبرادة منفردة»‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬رشوط السبب و اإثباته‬
‫نظم املرشع اجلزائري موضوع السبب يف املادتني ‪ 97‬و‪ 98‬من التقنني املدين؛ إاذ تناولت املادة ‪97‬‬
‫رشوطه (أول) وتناولت املادة ‪ 98‬اإثباته (اثنيا)‪.‬‬
‫أول‪ :‬رشوط حصة السبب‬
‫تنص املادة ‪ 97‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل و املمتم عىل ما ييل‪ « :‬اإذا الزتم املتعاقد لسبب غري‬
‫مرشوع أو لسبب خمالف للنظام العام أو للداب‪ ،‬اكن العقد بطال‪.».‬‬
‫يستشف بعض شاريح التقنني املدين اجلزائري من هذه املادة أن املرشع اجلزائري قد أخذ بلنظرية‬
‫احلديثة يف السبب بعتبارها هتمت بملرشوعية ل بلوجود ‪ ،‬وقد عاب أحدمه عىل نص املادة ‪ 97‬أهنا مل‬
‫تتضمن رصاحة وجوب وجود السبب يف الالزتام‪ ،‬واس تنتج أخر من نص املادة ‪ 98‬فقرة ‪ 1‬و اليت‬
‫تنص‪ « :‬لك الزتام مفرتض أن هل سببا مرشوعا‪ ،‬ما مل يقم ادلليل عىل غري ذكل ‪ »...‬وجوب وجود‬
‫السبب‪ .‬غري أن املالحظ هو أن نص املادة ‪ 97‬من التقنني املدين اجلزائري بللغة الفرنس ية تنص عىل‬
‫وجوب وجود السبب ‪ ،» le contrat est nul lorsqu’on s’oblige sans cause…« :‬وعليه‪ ،‬فاإن‬
‫‪43‬‬
‫النص بللغة العربية قد سقط منه عبارة أن العقد يكون بطال اإذا الزتم املتعاقد بدون سبب‪ ،‬وبذكل‬
‫يكون املرشع قد أخذ بلنظريتني‪ :‬التقليدية وجود السبب (‪ )I‬و احلديثة املرشوعية (‪.)II‬‬
‫‪-I‬وجود السبب‪ :‬جيب أن يكون لاللزتام سبب موجود وإال اكن بطال بطالان مطلقا‪ ،‬فلو أقر خشص‬
‫بدين وهو غري مدين اكن الزتامه خاليا من السبب وإاقراره بطال لعدم وجود السبب‪.‬‬
‫مرشوعية السبب‪ :‬يكون السبب غري مرشوع اإذا اكن خمالفا للنظام العام و الداب العامة‪ ،‬اكإجيار‬
‫مزنل ملامرسة ادلعارة أو القامر‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬اإثبات السبب‬
‫يعترب السبب املذكور يف العقد هو السبب احلقيقي ما مل يقم ادلليل عىل عكس ذكل‪،‬ويفرتض أنه‬
‫مرشوع ما مل يثبت عدهما ‪ ،‬فاإذا قام ادلليل عىل صورية السبب أو عدم مرشوعيته اكن العقد بطال‬
‫بطالان مطلقا‪.‬‬

‫املبحث الثاين‬
‫جزاء ختلف رشوط نشأة العقد‬
‫ميكن القول أن نظرية البطالن ختتص بتقدير مدى احرتام أطراف الترصف لرشوط نشأته‪،‬‬
‫ولتفصيل أحاكم هذه النظرية‪ ،‬س نتناول مفهوم البطالن (مطلب أول)‪ ،‬وأحاكم ممارس ته (مطلب اثن)‬
‫‪.‬‬

‫املطلب الول‬
‫مفهوم البطالن‬

‫نالحظ من خالل تصفح التقنني املدين اجلزائري أن املرشع اجلزائري ّيقرر جزاء القابلية‬
‫ل إالبطال لتخلف رشط من رشوط حصة الرىض ‪ ،‬فالعقد يكون قابال ل إالبطال اإذا وقع املترصف يف‬

‫‪44‬‬
‫غلط(‪ ،)1‬أو اإذا مت ممارسة اإكراه عليه(‪ ، )2‬أو اإذا اكن حضية تدليس(‪ ، )3‬أو اس تغالل(‪ . )4‬بيامن يقرر‬
‫جزاء البطالن املطلق اإذا ختلف رشط الرىض(‪ ، )5‬أو احملل(‪ ، )6‬أو السبب(‪ ، )7‬أو الشلك يف العقود‬
‫الشلكية(‪ . )8‬أ ّما فامي يتعلق بأحاكم الهلية‪ ،‬فاإن ختلفها قد يؤدي اإىل البطالن‪ ،‬كام يف ترصفات عدمي‬
‫المتيزي ‪ ،‬والترصفات الضارة رضرا حمضا للممزي‪ ،‬وقد يؤدي يف غري هذه احلالت اإىل القابلية ل إالبطال‪.‬‬
‫غري أن هذه احلالت ليست يه الوحيدة اليت قد تبطل العقد‪ ،‬فاملرشع قد أورد نصوصا‬
‫متفرقة يؤدي عدم احرتاهما اإىل البطالن(‪ ،)9‬ففي مواد التأمني يكون الترصف بطال‪ ،‬اإذا اكن خمالفا‬
‫للمواد من ‪ 619‬اإىل ‪ 624‬من التقنني املدين(‪ ،)10‬وكذكل الإجيار من الباطن اإذا مل ينص عقد الإجيار‬
‫الصيل رصاحة عىل هذا احلق(‪ ،)11‬ويكون عقد الرشكة بطال‪ ،‬اإذا مل حيرر يف شلك مكتوب(‪.)12‬‬
‫فالبطالن وإان اكن يف الساس جزاء لعدم توافر رشوط انعقاد الترصف ‪ ،‬فاإنه يف بعض احلالت‬
‫جزاء لعدم احرتام موضوع الترصف اإذ أن املرشع قد مينع بعض التفاقات ‪ ،‬اكلتفاق عىل اإسقاط‬
‫الضامن يف عقد البيع(‪ ،)13‬أو التفاق عىل أن ل يسهم أحد الرشاكء ل يف أربح الرشكة ‪ ،‬ول يف‬
‫خسائرها(‪ ... )14‬اخل‪.‬‬

‫‪- 1‬املادة ‪ 81‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬


‫‪- 2‬املادة ‪ 88‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 3‬املادة ‪ 86‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 4‬املادة ‪ 90‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 5‬املادة ‪ 59‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 6‬املادة ‪ 93‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 7‬املادة ‪ 97‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 8‬املادة ‪ 324‬مكرر ‪ 1‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪ -9‬يطلق الس تاذ ‪ ʽʽ CARBONNIER ʼʼ‬امس « مسح الرشوط» (‪ ) gommage ou carriardage de clause‬عىل هذا النوع من‬
‫‪CARBONNIER (J.), … Les obligations … , op. cit. , p. 190.‬‬ ‫البطالن‪ ،‬أنظر ‪:‬‬
‫‪- 10‬املادة ‪ 625‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 11‬املادة ‪469‬مكرر من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 12‬املادة ‪ 418‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 13‬املادة ‪ 384‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 14‬املادة ‪ 426‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫أاثر البطالن‬
‫قبل مناقشة أاثر البطالن جيب الإشارة اإىل أن المتيزي بني البطالن املطلق ‪ ،‬والبطالن‬
‫النس يب عدمي الثر فامي يتعلق بأاثر البطالن‪ ،‬فاإذا مت تقرير البطالن سواء اكن مطلقا‪ ،‬أو نسبيا ألغي‬
‫الترصف‪ ،‬وعاد الطراف اإىل احلاةل اليت اكنوا علهيا قبل اإبرامه‪.‬‬
‫اإن زوال الترصف بأثر رجعي هو القاعدة يف البطالن (أول) ‪ ،‬غري أن هذا الزوال يكون اترة‬
‫لكيا‪ ،‬واترة جزئيا‪ ،‬هذا ما يس تدعي دراسة مدى هذا الزوال (اثنيا) ‪.‬‬
‫أول – زوال الترصف بأثر رجعي ‪:‬‬
‫تقيض القاعدة الرومانية بأن أثر البطالن هو حرمان الترصف من أاثره‪ ،‬وهذا ليس فقط‬
‫بلنس بة للمس تقبل‪ ،‬وإامنا بلنس بة للاميض أيضا‪.‬‬
‫اإذ مت تقرير البطالن قبل تنفيذ الترصف‪ ،‬فاإن أاثره س تكون عىل املس تقبل ؛ اإذ ل ميكن اإلغاء‬
‫ما مل يكن‪ ،‬فيتلخص أثر البطالن عىل اإبقاء احلاةل عىل ما يه‪ ،‬أ ّما اإذا مت النطق بلبطالن بعد تنفيذ‬
‫الترصف‪ ،‬فاإن أاثره س تكون عىل املايض واملس تقبل‪ ،‬ويف هذه احلاةل يكون للثر الرجعي أساس‪،‬‬
‫وهو إازاةل الاثر اليت مت تنفيذها قبل النطق بلبطالن‪ ،‬وذكل عن طريق اإعادة الطراف اإىل احلاةل اليت‬
‫اكنوا علهيا قبل اإبرام الترصف‪.‬‬
‫ففي العالقات بني الطراف ‪ ،‬يسرتجع لك واحد مهنم ما أداه عىل أساس دفع غري‬
‫املس تحق(‪ .)1‬فاإذا اكن الترصف اعامتدا اإجياراي للصول املنقوةل يس تعيد البائع العتاد ‪ ،‬والرشكة املؤجرة‬
‫المثن اذلي دفعته ‪ ،‬واملس تفيد القساط اليت أداها‪.‬‬
‫يظهر أن هذا املبدأ بس يط‪ ،‬غري أنه اإذا حاولنا وضعه حزي التطبيق تظهر صعوبت كثرية‪،‬‬
‫فبالنس بة للبائع يعيد المثن ‪ ،‬غري أنه اإذا اكن يعمل بلعيب جيب عليه دفع التعويض ‪ ،‬والرشكة املؤجرة‬
‫تعيد العتاد ‪ ،‬غري أنه اإذا مت اس تعامهل من طرف املس تفيد ‪ ،‬فاإنه ل ميكن للبائع أن يسرتجع مهنا العتاد‬
‫يف احلاةل اليت اكن علهيا قبل اإبرام الترصف ‪ ،‬وهذه الإشاكلت ل متنع اإبطال الترصف‪ ،‬فالسرتجاع قد‬
‫يكون عينيا أو مبقابل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬املادة ‪ 143‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫أما يف العالقات مع الغري‪ ،‬فاإن الثر الرجعي للبطالن قد يودل لنا بعض الإشاكلت ‪ :‬كام لو‬
‫اشرتط املشرتط لصاحل املس تفيد مال معينا (س يارة) ‪ ،‬وترصف فيه املس تفيد بلبيع ‪ ،‬فاإذا مت اإبطال‬
‫الاشرتاط مفا هو حال البيع؟‬
‫سيتأثر املشرتي ببطالن الاشرتاط ؛ لنه يكون يف هذه احلاةل من قبيل الغري اذلي هيمه مصري‬
‫الاشرتاط ‪ ،‬واذلي يعد أساس ملكية املتنازل هل عىل اليشء‪ ،‬هذا ما جعل الفقه يكيف مركزه عىل‬
‫أساس اخللف اخلاص‪.‬‬
‫ا ّإن هذه الإشاكلت تؤكد رضورة حتديد أو تقييد مبدأ رجعية البطالن‪ ،‬سواء يف العالقات ما‬
‫بني الطراف )‪ ، (I‬أو يف العالقات مع الغري )‪. (II‬‬
‫‪ – I‬القيود الواردة عىل خاصية رجعية البطالن فامي يتعلق بلعالقات ما بني الطراف‪:‬‬
‫يرتتب عىل العقد الباطل بطالان مطلقا‪ ،‬والعقد الباطل بطالان نسبيا بعد احلمك بإبطاهل اإعادة‬
‫الطراف اإىل احلاةل اليت اكنوا علهيا قبل اإبرام الترصف؛ مبعىن اسرتجاع لك طرف ما وىف به‪،‬‬
‫ورده ما دفع اإليه بغري حق‪ ،‬غري أن هذه القاعدة ل جتد لها تطبيقا يف ثالثة حالت‪ :‬اإذا اس تحال الرد‬
‫عينا (‪ ،)1‬وإاذا اكنت حامية مصلحة أحد الطراف متنع ذكل (‪ ، )2‬أو لعتبارات املصلحة العامة (‪)3‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ – 1‬اس تحاةل رد الطراف اإىل احلاةل اليت اكن علهيا قبل الترصف لس تحاةل الرد عينا‪:‬‬
‫قد يس تحيل عىل الطرف اذلي دفع اإليه بغري حق أداء معينا ‪ ،‬أن يرده بسبب الطبيعة‬
‫اخلاصة هل ‪ ،‬كام يف الاشرتاط ملصلحة الغري اإذا اكن احلق الناشئ عنه حق اس تعامل ‪ ،‬فال ميكن ملن‬
‫اشرتط حق سكن هل أن يرد الاس تعامل ‪ ،‬وكذكل يف عقد النقل ‪ ،‬ل يس تطيع الراكب اإرجاع اخلدمة‬
‫اليت تلقاها من الناقل ‪.‬‬
‫يقدر القايض يف هذه احلالت تعويضا عادل(‪ ، )1‬يراعي فهيا قمية الداء ‪ ،‬ول يتقيد يف تقيميه‬
‫بلقمية اليت أعطاها املترصفون هل ؛ لن اتفاقهم عدمي الثر بعد البطالن ‪ ،‬غري أن هذا احلل قد يودل‬
‫حالت ل حترتم فهيا معطيات العداةل‪ ،‬ففي الاعامتد الإجياري مثال‪ ،‬يسرتد املس تأجر بدلت الإجيار‬
‫اليت قد دفعها ‪ ،‬لكنه ل يسرتد املصاريف اليت رصفها أثناء دراسة املرشوع ‪ ،‬وجتس يده ‪ ،‬وكذا‬
‫مصاريف العتاد ‪ ،‬ول يكون هذا المر خاصا بلترصفات الثالثية ‪ ،‬وإامنا هو أمر موجود يف العقود‬

‫‪ - 1‬تنص املادة ‪ 103‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم ‪ « :‬يعاد املتعاقدان اإىل احلاةل اليت اكان علهيا قبل العقد‪ ،‬يف حاةل بطالن العقد‬
‫أو اإبطاهل‪ ،‬فاإذا اكن مس تحيال جاز احلمك بتعويض عادل ‪.» ...‬‬
‫‪47‬‬
‫أيضا ‪ ،‬ففي عقد العمل مثال ‪ ،‬ل ميكن رد اجلهد املبذول للعامل ‪ ،‬فيكتفي القايض بتقدير تعويض‬
‫عادل هل ‪ ،‬لكن ما هو احلل بلنس بة لتبعات عقد العمل ‪ ،‬املمتثةل يف احلق يف العطةل املدفوعة الجر‪،‬‬
‫وضامن التقاعد ‪ ...‬اخل‪ ،‬فاإذا مت اإبطال العقد بعد ‪ 6‬أشهر ‪ ،‬هل جيب عىل القايض أن يضيف يف‬
‫التعويض حق العامل يف نصف شهر عطةل مدفوعة الجر ؟ ل يأخذ القضاء ‪-‬عادة‪ -‬بعني الاعتبار‬
‫هذه املسائل ‪ ،‬هذا ما جعل بعض املفرسين يف فرنسا يطالبون بإلغاء الثر الرجعي للبطالن يف هذه‬
‫احلالت‪ ،‬غري أن الخذ هبذا احلل يغري مسأةل أساس البطالن ‪ ،‬فاإذا اكن الساس هو احلاةل اليت نشأ‬
‫علهيا الترصف (الفقه الالكس ييك) ‪ ،‬فاإن ذكل يتعارض مع فكرة نشأة الترصف ميتا ‪ ،‬أو مريضا مل يمت‬
‫عالجه ‪ ،‬أ ّما اإذا اكن الساس هو حق تقدير الترصف ‪ ،‬فاإن قبول فكرة بقاء الاثر بلنس بة للاميض‪،‬‬
‫جيعل من حق التقدير وس يةل حتريك ألية البطالن‪ ،‬وليس أساس الإبطال‪.‬‬
‫بغض النظر عن هذا النقد فنحن نسانده ؛ لن لك مبدأ يتعارض مع مبدأ أعىل منه درجة‬
‫جيب خمالفته بس تثناء ‪ ،‬ومبا أن مبدأ رجعية البطالن يتعارض مع معطيات العداةل ‪ ،‬واليت يه أمسى‬
‫مبادئ القانون ‪ ،‬فاإنه جيب‪ -‬يف بعض احلالت‪ -‬عدم الخذ بلرجعية فهيا اس تثناء ‪ ،‬وهو اس تثناء‬
‫يتأسس عىل أمسى املبادئ القانونية ‪ ،‬واملمتثل يف «مبدأ العداةل»‪.‬‬
‫‪ – 2‬اس تحاةل الرد لعتبارات حامية مصلحة أحد الطراف ‪:‬‬
‫ل يأخذ املرشع يف بعض احلالت مببدأ رجعية البطالن ‪ ،‬وذكل حامية ملصلحة أحد أطراف‬
‫الترصف ‪ ،‬كام يف اكتساب احلائز حسن النية ملا قبضه من مثار (أ) ‪ ،‬وحق انقص الهلية يف رد ما‬
‫عاد عليه بلنفع فقط (ب) ‪.‬‬
‫أ – اكتساب احلائز حسن النية ملا قبضه من مثار‪:‬‬
‫تقيض املادة ‪ 837‬من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه ‪ « :‬يكسب احلاجز ما يقبضه من الامثر‪،‬‬
‫مادام حسن النية‪.‬‬
‫وتعترب الامثر الطبيعية أو الصناعية مقبوضة من يوم فصلها‪ .‬أما الامثر املدنية فتعترب مقبوضة يوما‬
‫فيوم » ‪.‬‬
‫متثل هذه القاعدة اس تثناء ملبدأ رجعية البطالن ؛ اإذ أن التطبيق اجلامد للقاعدة يقيض بأن يمت‬
‫رد اليشء ‪ ،‬والامثر‪ ،‬غري أن السؤال ‪ :‬ما يه رشوط متتع الطرف بصفة احلائز حسن النية ؟‬
‫احلائز هو من هل الس يطرة الفعلية عىل اليشء وكنه ماكل هل ‪ ،‬فاملشرتي حائز لليشء املبيع‪،‬‬
‫واملوهوب هل حائز لليشء املوهوب ‪ ،‬واملنتفع حائز لليشء ‪ ،‬أو احلق املشرتط لصاحله ‪ ،‬غري أنه لن‬

‫‪48‬‬
‫يكون حسن النية إا ّل اإذا اكن جيهل العيب اذلي شاب نشأة الترصف‪ ،‬وعليه اإذا مت اشرتاط يشء‬
‫ملصلحة املنتفع ‪ ،‬واكن هذا الخري جيهل أن هذا الاشرتاط بطل لعدم مرشوعية السبب مثال ‪ ،‬فاإنه‬
‫يف حاةل بطالن الترصف ‪ ،‬سريد اليشء دون الامثر؛ لنه حاز اليشء بصفته مالاك لعدم علمه بلعيب‬
‫اذلي شاب نشأة الترصف ‪.‬‬
‫ب – رد انقص الهلية ما عاد عليه بلنفع فقط ‪:‬‬
‫ل تطبق قاعدة رد الطراف اإىل احلاةل اليت اكنوا علهيا قبل الترصف حرفيا‪ ،‬اإذا اكن أحد‬
‫الطراف انقص أهلية‪ ،‬فاهدف حاميته قىض املرشع اجلزائري بأن ل يرد إا ّل ما عاد عليه مبنفعة من‬
‫جراء تنفيذ الترصف اذلي أبرمه(‪.)1‬‬
‫يظهر أن املرشع قد أورد هذا القيد عىل مبدأ رجعية البطالن هبدف حامية انقص الهلية‪،‬‬
‫ومعاقبة املتعاقدين معه‪ ،‬بدليل أنه جعل عئب اإثبات اغتناء انقص الهلية من تنفيذ الترصف عىل‬
‫املتعاقد معه ؛ مبعىن أنه اإذا مل يمتكن هذا املتعاقد من اإثبات أن أثر الترصف قد عاد مبنفعة عىل انقص‬
‫الهلية‪ ،‬فاإنه لن يرد اإليه ما وفاه مبوجب تنفيذ الترصف‪ ،‬أما فامي يتعلق حبق انقص الهلية يف‬
‫الاسرتداد‪ ،‬فاإن املتعاقد معه سريد هل لك ما دفعه‪.‬‬
‫‪ – 3‬اس تحاةل الرد لعتبارات املصلحة العامة ‪ :‬حرمان امللوث من اسرتداد الداء‪.‬‬
‫قد أرىس القانون الروماين هذه القاعدة؛ اإذ يقرر أنه ل يعتد بطلب البطالن اإذا اكن سببه‬
‫ش ناعة‪ ،‬أو فظاعة أو خساسة املدعي‪ ،‬ول جمال لرد الطراف اإىل احلاةل اليت اكنوا علهيا قبل‬
‫الترصف‪ ،‬اإذا اكنوا قد شاركوا يف هذه اخلساسة؛ مبعىن أهنم اكنوا ملوثني أيضا ‪ ،‬فالقاعدة هتدف اإىل‬
‫حرمان امللوث من اسرتداد الداء‪.‬‬
‫نرى أن القضاء اجلزائري قد أصاب يف تفسريه لحاكم البطالن‪ ،‬وعدم الخذ بملبدأ الروماين‬
‫اذلي حيرم امللوث من الاسرتداد لعدم متاش يه مع الهدف من البطالن(‪ .)2‬غري أن املرشع قد‬
‫اسقط هذا الاجهتاد مبوجب تعديل ‪ 2005‬حيث أضاف فقرة يف املادة ‪ 103‬من التقنني املدين تقيض‬
‫حبرمان من تسبب يف عدم مرشوعية العقد أو اكن عاملا به من الاسرتداد‪.‬‬
‫‪ – II‬القيود الواردة عىل خاصية الرجعية يف ما يتعلق بلعالقات مع الغري ‪:‬‬

‫‪- 1‬املادة ‪ 2/103‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬


‫‪ - 2‬راجع قرار اجمللس العىل رمق ‪ 43098‬الصادر يف ‪ ،1987/04/12‬والقرار رمق ‪ 44571‬الصادر يف ‪ ،1987/01/26‬والقرار رمق ‪30072‬‬
‫الصادر يف ‪ ،1983/12/16‬ذكرها الس تاذة بوبشري حمند أمقران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45 .‬‬
‫‪49‬‬
‫ل يتوقف أثر رجعية البطالن عىل العالقات بني أطراف الترصف الباطل فقط‪ ،‬وإامنا يشمل‬
‫حىت الغري املتعاملني مع هؤلء الطراف ‪ ،‬واذلين تكون حقوقهم متوقفة عىل هذا الترصف‪ ،‬كام لو‬
‫ترصف املنتفع يف اليشء اذلي اشرتط ملصلحته بلبيع‪ ،‬مث أبطل الاشرتاط‪ ،‬فالصل هنا‪ ،‬أن املشرتي‬
‫س يفقد اليشء‪ ،‬بعتبار أن أساس ملكية املنتفع (البائع) لهذا اليشء قد أصبح معدوما‪ ،‬تطبيقا للقاعدة‬
‫الرومانية اليت تقيض أنه ‪ :‬ل ميكن للشخص أن ينقل حقا ل ميلكه خشصيا‪.‬‬
‫هيدد هذا التسلسل يف اإلغاء العالقات القانونية أمن العالقات التجارية ؛ اإذ يكون لك ماكل‬
‫حلق همدد بزوال حقه لزوال حق مملكه ‪ ،‬مما جعل بعض املفرسين يطالبون بعدم تطبيق الرجعية فامي‬
‫يتعلق بلعالقات مع الغري ‪ ،‬واللجوء اإىل الرد مبقابل فامي يتعلق بلطراف يف هذه احلاةل ؛ مبعىن أنه ل‬
‫جيب اإبطال الترصف نتيجة بطالن الترصف اذلي احندر منه‪ ،‬غري أن الغلبية يطالبون بتوحيد‬
‫البطالن عىل لك الترصفات املتسلسةل‪ ،‬مع وضع بعض القيود لتفادي سلبيات هذه القاعدة ‪:‬‬
‫‪ – 1‬يف املواد العقارية ‪:‬‬
‫يتأثر املشرتي ‪ -‬من حيث الصل‪ -‬ببطالن الترصف اذلي امتكل به البائع العقار‪ ،‬غري أن‬
‫هناكل مؤسس تني قانونيتني تعطل الثر الرجعي بلنس بة هل ‪:‬‬
‫أ – التقادم املكسب(‪: )1‬‬
‫تقيض أحاكم التقادم املكسب بإس ناد امللكية العقارية للك من حاز عقارا ملدة ‪ 15‬س نة دون‬
‫انقطاع ‪ ،‬واملالحظ يف هذا الشأن هو أن تقادم دعوى البطالن يف مواد البطالن النس يب يكون‬
‫خبمس س نوات من يوم زوال السبب‪ ،‬عىل أن ل يتجاوز عرش س نوات من يوم اإبرام الترصف(‪،)2‬‬
‫ومخسة عرش س نة من يوم اإبرام الترصف يف مواد البطالن املطلق(‪ ،)3‬وأن التقادم املكسب ل ميكن‬
‫إااثرته اإل بعد مرور مخسة عرش س نة ‪ .‬كام نالحظ أيضا‪ ،‬أن املواعيد يف مواد البطالن يه انقصة؛‬
‫لن ادلعوى جيب أن ترفع قبل انهتاء اليوم الخري‪ ،‬بيامن يكون امليعاد يف مادة التقادم املكسب اكمال‪،‬‬
‫فال تثبت امللكية إا ّل بعد انهتاء اليوم الخري(‪.)4‬‬

‫‪- 1‬املادة ‪ 827‬من التقنني املدين اجلزائري املعدّل واملمتم‪.‬‬


‫‪- 2‬املادة ‪ 101‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 3‬املادة ‪ 102‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 4‬يف تفصيل امليعاد الاكمل وامليعاد الناقص‪ ،‬أنظر ‪ :‬بوبشري حمند أمقران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .‬ص‪.173 – 172 .‬‬
‫‪50‬‬
‫وعليه نرى أن التقادم املكسب ل يشلك قيدا عىل مبدأ رجعية البطالن ؛ لنه ل ميكن اإاثرته‬
‫إا ّل بعد تقادم هذا الخري‪ ،‬وحىت نقبل أن يشلك قيدا‪ ،‬جيب أن تكون اإاثرته مزتامنة مع البطالن‪،‬‬
‫وإارجاع الطراف اإىل احلاةل اليت اكنوا علهيا قبل الترصف ‪ ،‬وفامي يتعلق بدلفع بلبطالن ‪ ،‬فاإن هذا‬
‫ادلفع يثار يف حاةل عدم تنفيذ الداءات‪ ،‬فاإذا طالب أحد أطراف الترصف الباطل طرفا أخر بلتنفيذ‪،‬‬
‫دفع هذا الخري بلبطالن ‪ ،‬هذا ما يبني بأنه ل ميكن اإاثرته يف هذه احلاةل لن الداءات مت تنفيذها‪.‬‬
‫ب – نظرية الوضاع الظاهرة ‪:‬‬
‫يقبل الفقه أن ترصفات الإدارة اليت يربهما مشرتي العقار‪ ،‬اكلإجيار اإذا مل تتجاوز مدته تسع‬
‫س نوات تبقى حصيحة‪ ،‬حىت لو أبطل عقد البيع اذلي اكتسب امللكية من خالهل‪ ،‬تطبيقا لنظرية‬
‫الوضاع الظاهرة‪ ،‬اليت تتأسس عىل مبدأ حسن نية الغري عند اإبرامه للترصف‪ ،‬وعىل املبدأ الروماين‬
‫القائل بأن اخلطأ الشائع يودل احلق‬
‫‪ – 2‬يف مواد املنقولت ‪:‬‬
‫اإن الغري حسن النية محمي من طرف قاعدة احليازة يف املنقول س ند امللكية‪ ،‬فلو اشرتى خشص‬
‫منقول ضائعا‪ ،‬فاإن من ضاع منه املنقول لن يمتكن من اسرتداده من هذا الغري‪.‬‬
‫‪ – 3‬القيود الواردة عىل الالزتام بلضامن ‪:‬‬
‫لرشح هذا القيد نس تعني مبثال ‪ :‬اشرتى اتجر عتاد معينا‪ ،‬وبعه لرشكة اعامتد اجياري من‬
‫أجل تأجريه للمس تفيد‪ ،‬مث بعد مدّ ة رفع هذا التاجر دعوى اإبطال عقد الرشاء‪ ،‬وبلتايل اإعادة‬
‫املتعاقدين اإىل احلاةل اليت اكان علهيا قبل التعاقد‪ ،‬فهل س متتد أاثر هذا البطالن اإىل الاعامتد الإجياري‪،‬‬
‫مع العمل أن البائع ملزم بضامن الاس تحقاق؟‬
‫طبقا لقاعدة ل جيوز التعرض ممن وجب عليه الضامن‪ ،‬فاإن البائع ل ميكنه نزع ملكية العتاد من‬
‫رشكة الاعامتد الاجياري ‪ ،‬أما فامي يتعلق بلعالقة بني هذا التاجر ومن بعه العتاد‪ ،‬فاإن الرد يكون‬
‫مبقابل بعد تقرير البطالن ؛ مبعىن يرد التاجر قمية العتاد اإىل بئعه ‪ ،‬ويرد هل البائع المثن ‪ ،‬فتكون هناك‬
‫مقاصة‪ ،‬هذا ما جعل الس تاذ ‪ ʽʽ GAUDMET ʼʼ‬يطالب برفض دعوى البطالن‪ ،‬اليت يرفعها املشرتي‬
‫اذلي يكون قد ترصف يف اليشء املبيع‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫اثنيا – مدى مشولية البطالن ‪ :‬البطالن اجلزيئ‬
‫تؤدي بعض أس باب البطالن ‪ -‬خاصة تكل اليت تتعلق بلترصف لكية ‪ ،‬اكلرىض‪ ،‬والهلية ‪-‬‬
‫اإىل بطالن لك الترصف‪ ،‬فال يصح منه أي جزء‪ ،‬غري أن هناكل من الس باب ما ل تشمل الترصف‬
‫كلك‪ ،‬كام لو اكن بند‪ ،‬أو بندين من الترصف خمالفا للنظام العام ‪ .‬يف هذه احلاةل تطرح مسأةل مشولية‬
‫البطالن للترصف ‪ ،‬فهل يبطل لكية ‪ ،‬أو يبطل البند املعيب فقط ؟‬
‫تنص املادة ‪ 104‬من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه‪ « :‬اإذا اكن العقد يف شق منه بطال أو‬
‫قابال ل إالبطال‪ ،‬فهذا الشق وحده هو اذلي يبطل‪ ،‬إا ّل اإذا تبني أن العقد ما اكن ليمت بغري الشق اذلي‬
‫وقع بطال أو قابال ل إالبطال‪ ،‬فيبطل العقد لكه »‪.‬‬
‫يس تخلص من هذا النص أن العقد يظل – من حيث الصل – قامئا فامي عدى الشق اذلي‬
‫مت اإبطاهل أو بطالنه‪ ،‬إا ّل اإذا تبني للقايض أن العقد ما اكن ليمت بغري الشق اذلي وقع بطال أو قابال‬
‫ل إالبطال‪ ،‬وعىل الطرف املمتسك بلبطالن اللكي أن يثبت أن النية املشرتكة للطراف ما اكنت لتتجه‬
‫اإىل اإبرام الترصف بغري هذا الشق ‪.‬‬
‫وعليه ف إان البطالن خيضع ملبدأ النية املشرتكة للطراف ‪ ،‬واليت ل تتبني إا ّل بعد تفسري‬
‫الترصف؛ مبعىن أن البطالن متوقف عىل النية املشرتكة للطراف ؛ اإذ جيب البحث عهنا لتحديد ما‬
‫اإذا اكن الشق املبطل هو ادلافع اإىل اإبرام الترصف أم ل‪ ،‬حىت يمت تقرير البطالن النس يب‪ ،‬أو تقرير‬
‫البطالن اللكي‪.‬‬
‫غري أن هناكل حالت ل يعتد فهيا املرشع بلنية املشرتكة للطراف حىت يقرر البطالن‬
‫اجلزيئ‪ ،‬كام يف حاةل التفاق عىل اإبقاء الرشوط التعسفية(‪ ، )1‬والتفاقات املتعلقة بعدم ضامن التعرض‬
‫الشخيص يف عقود البيع(‪ ،)2‬والتفاق املتعلق بإعفاء املؤجر ( الرشكة املؤجرة) من املسؤولية املدنية‬
‫جتاه املس تأجر‪ ،‬أو جتاه طرف أخر يف احلالت اليت يقرر املرشع أن هذه املسؤولية من النظام العام‪،‬‬
‫فيبطل التفاق‪ ،‬ويبقى الاعامتد الإجياري للصول املنقوةل قامئا(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 110‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬


‫‪- 2‬املادة ‪ 378‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 3‬املادة ‪ 2/17‬من المر ‪ ،09 – 96‬السالف اذلكر‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫حتول الترصف اإذا توافرت فيه أراكن ترصف حصيح‪ ،‬واجتهت نية‬ ‫قد نص املرشع عىل حاةل ّ‬
‫الطراف اإىل هذا الترصف اجلديد(‪ .)1‬وحنن ل نرى أن هذه احلاةل تدخل يف حزي البطالن ؛ لنه لن‬
‫يمت اإبطال ترصف‪ ،‬وإانشاء ترصف جديد كام يف التقايل‪ ،‬وإامنا س يعاد تكييف الترصف قبل الفصل يف‬
‫بطالنه‪ ،‬فيكيف اإىل ترصف تكون رشوطه قامئة ‪ ،‬فيمت تفادي البطالن ‪.‬‬
‫يظهر من هذه الحاكم أن املرشع اجلزائري مل يأخذ بلنظرية الالكس يكية‪ ،‬اليت تعترب أن‬
‫البطالن غري قابل للتجزئة ‪ ،‬فاإذا اكن العيب س يؤدي اإىل وفاة الترصف‪ ،‬وجب بطالنه‪ ،‬أ ّما اإذا اكن‬
‫قابال للشفاء ‪ ،‬فهنا يكون ملن تقرر البطالن لصاحله خيارين ‪ :‬اإما اإبطاهل ‪ ،‬أو اإجازته بصفة لكية ‪،‬‬
‫تصور البطالن اجلزيئ يف هذه النظرية‪ ،‬وإامنا أخذ بلنظرية احلديثة اليت تسعى اإىل‬ ‫وعليه ل ميكن ّ‬
‫التوفيق بني املصاحل (املصلحة العامة واملصلحة اخلاصة) ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫أحاكم ممارسة البطالن‬

‫ل يتقرر البطالن إا ّل حبمك ‪ ،‬إا ّما عن طريق طلب يقدم اإىل احملمكة من قبل طرف يف‬
‫الترصف‪ ،‬أو حىت من قبل الغري اإذا اكن البطالن مطلقا‪ ،‬وإاما عن طريق ادلفع بلبطالن من قبل أحد‬
‫أطراف الترصف‪ ،‬اذلي طلب منه قضائيا تنفيذ الترصف الباطل ‪.‬‬
‫س نعرض حالت ممارسة البطالن (فرع أول) ‪ ،‬وصاحب احلق يف اإاثرته (فرع اثن) ‪ ،‬مث‬
‫أحاكم انقضائه (فرع اثلث) ‪.‬‬
‫الفرع الول ‪:‬حالت ممارسة البطالن‬
‫مل يعمتد املرشع اجلزائري معيار نوع املصلحة اليت حيمهيا البطالن‪ ،‬حىت يضفي علهيا صفة‬
‫البطالن املطلق‪ ،‬أو البطالن النس يب ؛ اإذ نالحظ أنه أضفى صفة البطالن املطلق عىل البطالن‬
‫اذلي يكون انجتا عن عدم وجود احملل ‪ ،‬أو السبب عىل الرمغ من أن املصلحة احملمية هنا يه‬
‫املصلحة اخلاصة‪ ،‬أخذا بذكل مبعيار خطورة العيب‪.‬‬

‫‪- 1‬املادة ‪ 105‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫بغض النظر عن املعيار اذلي اعمتده املرشع اجلزائري ‪ ،‬فاإن حالت البطالن النس يب يه ‪:‬‬
‫نقص الهلية‪ ،‬والغلط‪ ،‬والإكراه‪ ،‬والتدليس‪ ،‬والاس تغالل ‪ .‬بيامن حالت البطالن املطلق يه ‪ :‬غياب‬
‫الرتايض‪ ،‬واحملل‪ ،‬والسبب‪ ،‬والشلكية يف الترصفات الشلكية‪.‬‬
‫ليس نوع املصلحة احملمية هو اذلي حيدد نوع البطالن يف الترشيع اجلزائري‪ ،‬وإامنا نوع البطالن‬
‫هو اذلي حيدد نوع املصلحة احملمية ؛ اإذ ل شك يف أن بطالن الترصف لعدم وجود السبب ‪ ،‬هو‬
‫بطالن مطلق ‪ ،‬عىل الرمغ من أن املصلحة احملمية خاصة (مصلحة الطرف اذلي تعاقد بدون سبب)‪،‬‬
‫وبلنتيجة تطبق عليه الحاكم املتعلقة بلنظام العام(‪ ،)1‬وكنه بطالن مقرر محلاية املصلحة العامة‪.‬‬
‫ويقرر البطالن املطلق لغياب الرشوط الساس ية لوجود الترصف ‪ ،‬أو ما يطلق علهيا بعض‬
‫املفرسين الراكن(‪ )2‬؛ مبعىن أمعدة الترصف‪ ،‬ويه ‪ :‬الرىض ‪ ،‬واحملل ‪ ،‬والسبب ‪ ،‬والشلكية يف‬
‫الترصفات الشلكية‪.‬‬
‫يثار البطالن املطلق لغياب الرتايض يف احلالت اليت ل حيدث فهيا تطابق الإجياب‬
‫بلقبول(‪ ، )3‬كام يف حاةل عدم عمل أحد الطراف بتعبريات الطراف الخرى(‪ ،)4‬أو يف احلالت اليت‬
‫يطلق علهيا الفقه الغلط املانع‪ ،‬ويثار البطالن املطلق لغياب رشط احملل ‪ ،‬اإذا مل يكن ممكنا ‪ ،‬أو‬
‫موجودا أو قابال للوجود ‪ ،‬أو معينا أو قابال للتعيني ‪ ،‬أو اإذا مل يكن مرشوعا‪ ،‬كام يثار البطالن‬
‫املطلق لغياب رشط السبب ‪ ،‬اإذا مل يكن موجودا أو مرشوعا‪ ،‬و يثار البطالن املطلق أخريا لنعدام‬
‫الشلك‪ ،‬اإذا مل يمت احرتام الإجراءات اليت نص علهيا املرشع ‪ ،‬ويه ختتلف بختالف نوع الترصف‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪:‬صاحب احلق يف اإاثرة البطالن‬
‫تظهر أمهية أاثر المتيزي بني البطالن املطلق والبطالن النس يب بشلك وا ح فامي يتعلق مبسأةل‬
‫حتديد صاحب احلق يف اإاثرة البطالن ‪ .‬فهناك طائفة جيوز لها طلب البطالن املطلق ( أول) ‪،‬‬
‫وطائفة جيوز لها طلب البطالن النس يب ( اثنيا) ‪.‬‬
‫أول – صاحب احلق يف اإاثرة البطالن املطلق ‪:‬‬

‫‪- 1‬جيوز للك ذي مصلحة أن يطالب به‪ ،‬كام جيوز للقايض أن يتعرض هل من تلقاء نفسه‪ ،‬و ميكن اإاثرته يف أي مرحةل اكنت علهيا ادلعوى‬
‫‪...‬اخل‪.‬‬
‫‪- 2‬مل يس تعمل التقنني املدين اجلزائري مصطلح ركن وإامنا اس تعمل مصطلح رشط‪.‬‬
‫‪- 3‬املادة ‪ 59‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪- 4‬املادة ‪ 61‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫ميكن للك ذي مصلحة أن يثري البطالن املطلق (‪ ، )I‬كام ميكن لعوان السلطة العامة‬
‫اإاثرته(‪. )II‬‬
‫‪ – I‬حتديد أحصاب املصلحة ‪:‬‬
‫ل جيب أن يفهم من عدم حرص حق طلب البطالن املطلق عىل الطراف لكونه يريم محلاية‬
‫املصلحة العامة ‪ ،‬أن هذا احلق مقرر للك الشخاص ؛ اإذ يكفي تطبيق أحاكم الرشوط الإجرائية‬
‫لرفع ادلعوى « ل دعوى من غري املصلحة» ‪ ،‬لستبعاد لك الشخاص غري املعنيني بلترصف ‪،‬‬
‫فاملعنيون بلترصف مه ‪:‬‬
‫‪ – 1‬الطراف ‪:‬‬
‫اإن أول من حيق هلم اإاثرة البطالن املطلق مه الطراف‪ ،‬فالبطالن املطلق ميكن اإاثرته من قبل‬
‫لك الطراف ‪ ،‬عكس البطالن النس يب اذلي ل ميكن اإاثرته اإل من قبل الطرف اذلي حدد الإبطال‬
‫ملصلحته(‪.)1‬‬
‫وجيوز اإاثرة البطالن املطلق من الويل اإذا اكن أحد الطراف قارصا ‪ ،‬أما اإذا تويف أحدا‬
‫الطراف فاإن حق البطالن ينتقل اإىل خلفه العام ‪ ،‬ما مل يتبني من طبيعة التعامل أو من نص القانون‬
‫عكس ذكل(‪.)2‬‬
‫‪ –2‬اخللف اخلاص‪:‬‬
‫جيوز للخلف اخلاص طلب بطالن الترصف‪ ،‬برشط أن يسبب هلم الترصف رضرا ‪ ،‬مبا جيعل‬
‫مصلحهتم يف طلب البطالن قامئة ‪ ،‬وحقهم يف البطالن حق أصيل‪ ،‬فال يشرتط توافر رشوط‬
‫ادلعوى غري املبارشة حىت يبارشوا هذا احلق‪.‬‬
‫فيجوز للمس تفيد يف الاعامتد الإجياري للصول املنقوةل طلب بطالن عقد الكفاةل العينية‬
‫الباطةل ‪ ،‬اليت أبرمهتا الرشكة املؤجرة لتكفل مدينا أخر‪ ،‬اإذا اكنت العني حمل الكفاةل يه العتاد ‪.‬‬
‫‪ –3‬ادلائنون ‪:‬‬
‫جيوز لدلائنني طلب بطالن ترصف مديهنم اإذا اكنت هلم مصلحة يف ذكل ‪ ،‬كام لو لحظ‬
‫دائنو الرشكة املؤجرة بطالن الاعامتد الاجياري ‪ ،‬جاز هلم بطالنه من أجل المتكن من التنفيذ عىل مثن‬
‫العتاد اذلي ستس تعيده هذه الخرية ‪ ،‬ودعوامه دعوى أصلية ؛ أي مبارشة(‪.)1‬‬

‫‪- 1‬املادة ‪ 99‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-‬املادة ‪ 108‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫أما بلنس بة للغري بملفهوم الضيق( ‪ ) Penitus extranei‬فاإنه ل جيوز هلم المتسك ببطالن‬
‫الترصف ؛ لنه ل مصلحة هلم يف ذكل‪ ،‬فال جيوز لصاحب مصنع منافس طلب بطالن الاعامتد‬
‫الاجياري اذلي أبرمه املس تفيد من أجل جلب ألت ملصنعه ‪.‬‬
‫‪ – II‬أعوان السلطة العامة ‪:‬‬
‫‪ – 1‬النيابة ‪:‬‬
‫جيوز للنيابة رفع دعوى بطالن ترصف بطل بطالان مطلقا ‪ ،‬بعتبار أهنا ملكفة بحلرص عىل‬
‫تطبيق القانون ‪ ،‬لس امي احلفاظ عىل النظام العام‪.‬‬
‫غري أن ما جيب الإشارة اإليه‪ ،‬هو أن هذا احلق ل يتواجد يف لك أنواع البطالن املطلق‪ ،‬وإامنا‬
‫يف ذكل البطالن اذلي يتأسس عىل عدم مرشوعية احملل أو السبب‪ ،‬أو خمالفهتام للداب العامة‪.‬‬
‫‪ –2‬احملمكة ‪:‬‬
‫ّتقر أغلب الترشيعات أن للمحمكة أن حتمك من تلقاء نفسها بلبطالن املطلق؛ لنه ميس بلنظام‬
‫العام ‪ ،‬غري أن ما يالحظ هو أن ليس لك حالت البطالن املطلق متس بلنظام العام‪.‬‬
‫اثنيا – صاحب احلق يف اإاثرة البطالن النس يب ‪:‬‬
‫يتقرر حق اإبطال الترصف الباطل بطالان نسبيا للطرف اذلي جعل هل القانون حق الإبطال‪،‬‬
‫فهو ل يتقرر للك الطراف(‪ ،)2‬ولصاحب احلق يف الإبطال سلطة تقديرية يف طلبه ‪ ،‬برشط أن ل‬
‫يتقادم طلبه ‪ ،‬ول جيوز للطراف الخرين طلب الإبطال حىت وإان اكنت هذه احلاةل هتدد أمن‬
‫عالقهتم ‪ ،‬فتبقى عالقهتم معلقة اإىل غاية تقادم حق من تقرر البطالن ملصلحته ‪ ،‬أو اإجازته للترصف‪،‬‬
‫هذا هو المثن اذلي يدفعه من دلس ‪ ،‬أو أكراه ‪ ،‬أو اس تغل طيشا يف الطرف الخر ‪.‬‬
‫يتقرر حق طلب الإبطال للخلف العام‪ ،‬وحىت النائب‪ ،‬اكلويل بلنس بة لناقص الهلية ‪ .‬كام‬
‫ينتقل حق طلب الإبطال اإىل اخللف اخلاص للطرف اذلي قرر هل القانون حق الإبطال ‪ ،‬بعتبار أنه‬
‫من ممكالت اليشء اذلي تلقاه من سلفه ‪ ،‬فلو اشرتط القارص عقارا للمنتفع ‪ ،‬وعاد واشرتطه بعد‬
‫اكامتل أهليته ملنتفع أخر ‪ ،‬جاز للمنتفع الثاين المتسك بإبطال الاشرتاط الول ‪ ،‬غري أن دعوى‬
‫الإبطال ل تتقرر دلائين من تقرر الإبطال ملصلحته ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬سقوط حق المتسك بلبطالن‬

‫‪ -2‬املادة ‪ 99‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬


‫‪56‬‬
‫قد يفقد الشخص حقه يف طلب البطالن ‪ ،‬وذكل بسبب الإجازة (أول) ‪ ،‬أو التقادم (اثنيا)‪.‬‬
‫أول – الإجازة ‪:‬‬
‫يعرف الس تاذ ‪ ʼʼ‬محمد سعيد جعفور‪ ʽʽ‬الإجازة عىل أهنا‪ «:‬ترصف قانوين انفرادي يرتتب عليه‬
‫اإسقاط حق اإبطال العقد القابل ل إالبطال بلزنول عنه رصاحة أو مضنا ممن خوهل القانون ذكل‬
‫وصريورة العقد املؤيد بات بعد أن اكن همددا بلزوال »‪.‬‬
‫يظهر من هذا التعريف أن ل إالجازة ثالثة خصائص ‪:‬‬
‫‪ -1‬الإجازة ترصف قانوين انفرادي ‪:‬‬
‫الإجازة تعبري إارادي صادر من املتعاقد اذلي تقرر حق الإبطال لصاحله ‪ ،‬يزنل مبقتضاه عن‬
‫حقه يف املطالبة بلإبطال ‪ ،‬ول يكون هذا التعبري حباجة اإىل الاقرتان بقبول املتعاقد الثاين حىت ينتج‬
‫أثره‪ ،‬هذا ما جعل أغلب الفقه يكيفه عىل أساس أنه ترصف إبرادة منفردة‪.‬‬
‫‪ -2‬الإجازة تتضمن الزنول عن احلق يف الإبطال ‪:‬‬
‫ينحرص أثر الإجازة يف الزنول عن احلق يف الإبطال فقط‪ ،‬ول يتعداه ليصل اإىل تصحيح‬
‫العيب ‪ ،‬كام ذهب اإىل ذكل مفرسي الفقه الالكس ييك‪.‬‬
‫‪ -3‬الإجازة ترصف اكشف ‪ :‬يرتتب عىل الإجازة سقوط احلق يف طلب اإبطال العقد ‪،‬‬
‫أو الترصف من وقت اإبرامه ل من وقت صدورها ‪ .‬ول يرتتب عىل اإثر صدور الإجازة اإنشاء أاثر‬
‫الترصف ؛ لهنا تنشأ مبوجب هذا الخري ‪ ،‬وإامنا تتأيد مبوجاها ‪ ،‬وتصبح يف منأى من الزوال نتيجة‬
‫زوال احلق يف الإبطال‪.‬‬
‫ل يكون ل إالجازة أثر(‪ )III‬اإل اإذا صدرت يف جمال يتناول نوعا معينا من العيوب (‪،)I‬‬
‫وتوافرت فهيا رشوط معينة (‪. )II‬‬
‫‪ -I‬جمال الإجازة ‪:‬‬
‫تتالزم الإجازة‪ -‬حسب النظرية الالكس يكية‪ -‬مع نوع البطالن ‪ :‬فالبطالن املطلق ينتج عن‬
‫غياب رشط رضوري وحيوي للترصف فيودل ميتا‪ ،‬وجيعل مسأةل عالجه مس تحيال‪ ،‬وبلتايل ل جتوز‬
‫اإجازته ‪ .‬أما البطالن النس يب فينتج عن غياب رشط غري حيوي‪ ،‬فيكون الترصف مريضا قابال‬
‫للعالج ‪ ،‬مما جيعل مسأةل اإجازته جائزة ‪.‬‬
‫حتتفظ النظرية احلديثة هبذا التالزم‪ ،‬غري أهنا تؤسسه عىل معطيات املصلحة ‪ :‬فاإذا اكن‬
‫الرشط ‪ -‬اذلي مل حيرتم أثناء اإبرام العقد ‪ -‬هيدف اإىل حامية املصلحة العامة ‪ ،‬اكن البطالن مطلقا ‪ ،‬بيامن‬

‫‪57‬‬
‫اإذا اكن هيدف اإىل حامية املصلحة اخلاصة ‪ ،‬اكن البطالن نسبيا ‪ .‬وعليه فاإن الشخص ل ميكنه أن جيزي‬
‫ما يرض بملصلحة العامة‪ ،‬كام أن البطالن املطلق من النظام العام ‪ ،‬وجيوز للك ذي مصلحة أن‬
‫يمتسك به ‪ ،‬وللقايض أن يثريه من تلقاء نفسه ‪ ،‬وهذه العمومية يف جواز اإبطاهل متنع عنه اإماكنية‬
‫الإجازة‪.‬‬
‫ذهب بعض الباحثني اإىل أنه جتوز الإجازة يف بعض حالت البطالن املطلق ‪ ،‬أين ل تكون‬
‫املصلحة احملمية مصلحة عامة ‪ ،‬أو زال داعي املصلحة العامة فهيا بإلغاء النص املقرر للبطالن املطلق‪،‬‬
‫أو بتعديهل‪ ،‬فأحاكم بطالن الترصف لعدم وجود احملل أو السبب مثال ‪ ،‬ل هتدف اإىل حامية املصلحة‬
‫العامة‪ ،‬عكس أحاكم بطالنه لعدم مرشوعيهتام ‪ .‬كام أن بعض الترصفات قد تصطدم بلنظام العام‬
‫والداب العامة دون أن متس بملصلحة العامة ؛ لن النظام العام يشمل النظام العام الس يايس والنظام‬
‫العام الاقتصادي‪ ،‬ومن أحاكم النظام العام الاقتصادي رشوط العمل ‪ ،‬حفق العامل يف العطةل سواء‬
‫أاكنت أس بوعية أو س نوية من النظام العام‪ ،‬غري أهنا ل متس بملصلحة العامة‪ ،‬وإامنا متس مبصلحة‬
‫العامل اذلي أبرم عقد معل حيرمه من هذا احلق ‪ .‬وعليه فاإذا اكنت الإجازة تتأسس عىل املصلحة‬
‫اخلاصة‪ ،‬فاإنه من املنطق أن جتوز اإجازة هذه النواع من الترصفات ‪.‬‬
‫هذا هو موقف الفقه من الإجازة ‪ ،‬أما موقف املرشع اجلزائري فهو بت ‪ :‬ل يزول البطالن‬
‫املطلق بلإجازة‪.‬‬
‫‪ -II‬رشوط الإجازة ‪:‬‬
‫حىت تكون الإجازة حصيحة جيب أن تصدر ممن هل حق اإبطال الترصف(‪ ، )1‬وأن تكون‬
‫إارادته ساملة من العيوب (‪ ، )2‬كام جيب أن يعمل بلعيب (‪ ، )3‬وأن تتجه إارادته اإىل تأييد أاثر‬
‫الترصف (‪ ، )4‬اإضافة اإىل رضورة صدور الإجازة يف وقت لحق عن اإبرام الترصف (‪. )5‬‬
‫‪ -1‬أن تصدر الإجازة ممن هل احلق يف اإبطال الترصف ‪ :‬جيب أن تصدر الإجازة من الشخص‬
‫اذلي هل حق طلب اإبطال الترصف ‪ ،‬وهذا الرشط انجت عن تعريف الإجازة يف حد ذاهتا ‪ ،‬واملمتثل‬
‫يف التنازل عن حق طلب الإبطال ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن تكون إارادة اجملزي ساملة من العيوب ‪ :‬يشرتط يف اجملزي أهلية الترصف ‪ ،‬وأن ل يكون‬
‫قد ترصف نتيجة غلط ‪ ،‬أو اإكراه ‪ ،‬أو تدليس ‪ ،‬أو اس تغالل‪.‬‬
‫‪ -3‬عمل اجملزي بلعيب اذلي شاب الترصف‪ :‬يشرتط عمل اجملزي بلعيب اذلي شاب الترصف‬
‫اذلي هو بصدد اإجازته ‪ ،‬وعليه اإذا تعددت العيوب ‪ ،‬فاإن الإجازة ل تشمل سوى تكل اليت عمل هبا‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -4‬اجتاه إارادة اجملزي اإىل اإجازة الترصف ‪ :‬ويتحقق هذا الرشط بعمل اجملزي حبق الإبطال ‪ ،‬اذلي‬
‫هو بصدد التنازل عنه‪.‬‬
‫‪ -5‬صدور الإجازة يف وقت لحق عن انعقاد الترصف ‪ :‬يستشف هذا الرشط من صور‬
‫الإجازة‪ ،‬اليت ميكن أن تكون مضنية ‪ ،‬كن ينفذ اجملزي الترصف اختياراي ‪ ،‬أو أن ميارس احلقوق اليت‬
‫اكتس اها مبوجب الترصف املعيب ‪ ،‬أو أن يقوم بترصفات حتول دون اإعادة احلال اإىل ما اكن عليه قبل‬
‫الترصف اإذا مت تقرير البطالن ‪ .‬وعليه ل ميكن أن تصدر الإجازة يف وقت سابق عىل الترصف‪.‬‬
‫أما فامي يتعلق بإثبات الإجازة ‪ ،‬فاإنه جيوز اإثباهتا بلك وسائل الإثبات ؛ لهنا ل ختضع لشلك‬
‫معني‪ ،‬ولو اكن الترصف اجملاز شلكيا‪.‬‬
‫‪ -III‬أاثر الإجازة‪:‬‬
‫اإذا متت الإجازة مطابقة لرشوطها ‪ ،‬تأيد الترصف بزوال خطر املطالبة بإبطاهل ‪ ،‬فيصبح بات‬
‫فامي يتعلق بأطرافه (‪ ، )1‬دون املساس حبقوق الغري (‪. )2‬‬
‫‪-1‬أاثر الإجازة فامي بني الطراف ‪:‬‬
‫تنص املادة ‪ 100‬من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه ‪ «:‬يزول حق اإبطال العقد بلإجازة‬
‫الرصحية أو الضمنية وتستند الإجازة اإىل التارخي اذلي مت فيه العقد ‪ . » ...‬وعليه حفق طلب اإبطال‬
‫العقد يزول من اترخي اإبرام العقد ‪ ،‬ل من اترخي صدور الإجازة ؛ مبعىن أن ل إالجازة أثر رجعي‪،‬‬
‫والرجعية يه وس يةل تثبيت أاثر العقد أو الترصف القابل ل إالبطال ‪ ،‬ويف هذه املسائل منيل اإىل ما‬
‫ذهب اإليه الس تاذ ‪ʼʼ‬جعفور‪ ʽʽ‬يف أن ل فائدة ترىج من الرجعية يف هذا املقام ؛ لن الترصف القابل‬
‫ل إالبطال ترصف قامئ منتج لاثره اإىل حني إابطاهل أو اإجازته ‪ .‬وعليه فال حاجة لن يكون ل إالجازة أثر‬
‫رجعي‪ ،‬من أجل تثبيت أاثر الترصف‪.‬‬
‫وترجع عدم أمهية الرجعية لكون املرشع اجلزائري ل يقبل الإجازة اإل يف الترصفات القابةل‬
‫ل إالبطال‪ ،‬فلو اكن يقبلها يف الترصفات الباطةل بطالان مطلقا‪ ،‬واليت ل متس بملصلحة العامة‪،‬لاكن‬
‫للرجعية أمهية ؛ لن الترصف الباطل ل ينشئ أاثرا قانونية‪.‬‬
‫ل ترسي أاثر الإجازة اإل عىل اجملزي‪ ،‬وذكل حبرمانه من ممارسة حق طلب إابطال الترصف‪.‬‬
‫وعليه اإذا تعدد الشخاص اذلين يكون هلم حق طلب الإبطال ‪ ،‬كام يف الترصفات املتعددة الطراف‬
‫أين ميثل عدة أشخاص طرفا واحدا‪ ،‬كام لو بع املالكون عىل الش يوع ملكهم ‪ ،‬فاإن حق الطراف‬
‫اذلين مل جيزيوا الترصف يبقى قامئا ‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫تلزم الإجازة اخللف العام ‪ ،‬غري أهنا ل تلزم اخللف اخلاص املقصودين يف املادة ‪100‬‬
‫من التقنني املدين اجلزائري مبصطلح الغري ‪.‬‬
‫‪ -2‬أاثر الإجازة فامي يتعلق بلغري ‪:‬‬
‫تنص املادة ‪ 100‬من التقنني املدين اجلزائري عىل أنه ‪« :‬يزول حق اإبطال العقد بلإجازة‬
‫الرصحية أو الضمنية و تستند الإجازة اإىل التارخي اذلي مت فيه العقد‪ ،‬دون اإخالل حبقوق الغري‪. » .‬‬
‫مفن مه الغري اذلين قصدهتم هذه املادة ؟‬
‫ل يعترب ادلائن العادي من قبل الغري اذلين قصدهتم هذه املادة ؛ لنه مل يكسب شيئا معينا‬
‫بذلات يف ذمة املدين ‪ ،‬وإامنا حقه مضمون بلضامن العام لهذا الخري‪ ،‬وحىت اإن اكنت الإجازة تسعى‬
‫اإىل اإخراج املال من ذمة املدين من أجل حرمان ادلائن من التنفيذ علهيا ‪ ،‬فاإن الترصف املرض هو‬
‫ليس الإجازة ‪ ،‬وإامنا هو هتريب مكوانت اذلمة املالية اذلي ل يكون بلرضورة عن طريق الإجازة‪ ،‬فقد‬
‫يكون عن طريق الهبة ‪ ،‬أو التربع ‪ ...‬اإخل‪ ،‬فالغش هو املرض ‪ ،‬وليس الإجازة‬
‫يظهر مما سلف أن الغري املقصود يف هذه املادة هو اخللف اخلاص اذلي انتقلت اإليه هذه‬
‫الصفة يف مرحةل ما قبل الإجازة ‪ ،‬ولتوضيح هذه احلاةل سنسرتجع املثال الالكس ييك املمتثل يف بيع‬
‫عقار من قبل قارص لشخص « أ» ‪ ،‬مث يبيعه مرة اثنية لشخص « ب » بعد أن يصبح راشدا ‪ ،‬مث‬
‫يعود وجيزي البيع الول ‪ .‬ففي هذه احلاةل ل جيوز الاحتجاج هبذه الإجازة يف مواهجة الشخص « ب»‬
‫طبقا للامدة ‪ 100‬من التقنني املدين اجلزائري‪.‬‬
‫وحنن هنا نتساءل عن عةل وجود مثل هذا احلمك ؟ خصوصا وأن املرشع اجلزائري ل جيزي‬
‫اإجازة الترصف الباطل بطالان مطلقا ‪ ،‬فالترصف القابل ل إالبطال ‪ ،‬هو ترصف منتج لاثره اإىل غاية‬
‫اإبطاهل ‪ .‬وعليه فاإن بيع القارص بعد بلوغه سن الرشد للعقار للشخص « ب » يف هذه احلاةل‪ ،‬يعترب‬
‫مبثابة بيع مكل الغري ؛ لنه ل جيوز هل البيع اإل اإذا أبطل البيع املربم مع الشخص« أ» ‪.‬‬
‫اثنيا‪ -‬التقادم‪:‬‬
‫ميكن إااثرة التقادم عن طريق املطالبة أو ادلفع ‪ ،‬وإاذا اكنت املطالبة بلتقادم تتقادم (‪ ، )I‬فاإن‬
‫ادلفع بلتقادم ل يتقادم (‪. )II‬‬
‫‪ -I‬دعوى التقادم ‪:‬‬
‫خيتلف ميعاد تقادم دعوى البطالن النس يب (‪ ، )1‬عن ميعاد دعوى البطالن املطلق (‪)2‬‬
‫‪-1‬تقادم دعوى الإبطال ‪:‬‬

‫‪60‬‬
‫تتقادم دعوى البطالن النس يب مبرور مخس س نوات‪ ،‬مفا هو ادلافع اإىل جعل امليعاد قصريا‬
‫بملقارنة مع ميعاد التقادم يف احلقوق ‪ ،‬واملمتثل يف مخسة عرش س نة(‪ ،)1‬وما هو أساس هذا امليعاد‬
‫القصري ؟‬
‫يؤسس الفقه الالكس ييك التقادم القصري يف البطالن النس يب عىل فكرة الإجازة الضمنية أو‬
‫املفرتضة ‪ :‬فالشخص اذلي ل يرفع دعوى الإبطال خالل مخس س نوات ‪ ،‬يعترب متنازل عن حقه يف‬
‫الإبطال؛ أي أنه قد أجاز الترصف ‪ ،‬وقد دمع الفقه الالكس ييك هذه الفكرة بفكرة أن العيوب اليت‬
‫تؤدي اإىل البطالن النس يب جيوز اإجازهتا ‪.‬‬
‫أما الفقه احلايل فيؤسس التقادم القصري غىل فكرة املصلحة ‪ ،‬ويه الفكرة اليت يتأسس علهيا‬
‫البطالن عامة ؛ اإذ يتقرر البطالن النس يب اإذا اكن العيب ميس بملصلحة اخلاصة للطراف ‪ .‬وعليه‬
‫فاإن حق املطالبة به ل تثبت اإل للطرف اذلي تقرر البطالن ملصلحته ‪ ،‬ول يثبت هذا احلق‬
‫للطراف الخرين يف الترصف ‪ ،‬ول للغري ‪ ،‬فيكونون أطرافا يف ترصف همدد بلزوال‪ ،‬غري أنه ل‬
‫جيوز هلم اختاذ أي ترصف من أجل اإهناء هذه الوضعية ‪ ،‬وهبدف أل تطول قرص املرشع أجال طلب‬
‫الإبطال عكس أجال طلب البطالن املطلق ؛ لنه جيوز يف هذا الخري املطالبة به من لك ذي‬
‫مصلحة ‪ ،‬كام جيوز أيضا للقايض التدخل من تلقاء نفسه‪.‬‬
‫ل يرسي التقادم امخلايس عىل الاس تغالل اذلي تتقادم دعوى البطالن فيه بعد مرور س نة‬
‫من اترخي ابرامه(‪ ،)2‬ول نفهم ملاذا مزي املرشع هذا العيب عن بيق العيوب؟‬
‫يبدأ رساين التقادم امخلايس يف حاةل نقص الهلية من اليوم اذلي يزول فيه هذا السبب ؛ لنه‬
‫ل ميكن أن يثبت حق لشخص ‪ ،‬وهو غري قادر عىل ممارس ته ‪ ،‬فالهلية رشط لقبول دعوى البطالن‬
‫شالك‪ ،‬أما يف حاةل الإكراه مفن يوم انقطاعه ‪ ،‬ويف الغلط والتدليس من يوم اكتشافهام ‪ ،‬ويف لك‬
‫الحوال ل جيب أن يتجاوز ميعاد رفع ادلعوى عرش س نوات من يوم اإبرام الترصف(‪.)3‬‬

‫‪ -2‬تقادم دعوى البطالن املطلق ‪:‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 308‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 90‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 101‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫تتقادم دعوى البطالن املطلق مبرور مخسة عرش س نة من إابرام الترصف(‪ ،)1‬وقد مت انتقاد‬
‫فكرة تقادم دعوى البطالن املطلق ‪ ،‬بعتبار أن العيب اذلي ينشئ البطالن املطلق ‪ ،‬ل ميكن‬
‫تصحيحه؛ لن الوقت ل جيعل ما هو غري مرشوع مرشوعا ‪ ،‬فلو اكن السبب غري مرشوع ل ميكن‬
‫أن يصبح مرشوعا بعد مرور مخسة عرش س نة‪.‬‬
‫يربر متديد الجل يف البطالن املطلق بملقارنة مع البطالن النس يب‪ ،‬بأساسني ‪ :‬يمتثل الول يف‬
‫كون أن للك ذي مصلحة احلق يف طلب البطالن املطلق ‪ ،‬أما الثاين ففي رغبة املرشع يف مضاعفة‬
‫حظوظ إالغاء الترصفات الباطةل ‪ ،‬واملتعلقة بملصلحة العامة ‪ ،‬بعتبار أهنا خمالفة للنظام العام‪.‬‬
‫‪ -II‬ادلفع بلتقادم ‪:‬‬
‫ل يتقادم ادلفع بلتقادم طبقا لقاعدة أبدية ادلفوع‪ ،‬فاإذا مل يمت تنفيذ الترصف‪ ،‬ومل يمت بطالنه‪،‬‬
‫وانقىض ميعاد رفع دعوى البطالن ‪ ،‬وطالب أحد الطراف الطراف الخرين بلتنفيذ‪ ،‬فاإنه جيوز هلم‬
‫المتسك بلبطالن‪.‬‬
‫مت انتقاد هذا املبدأ بعتبار أن البطالن قد تقادم‪ ،‬غري أن الفقه مل يساند هذا املوقف ؛ لن‬
‫املبدأ يسامه يف إابقاء الوضع عىل ما هو عليه ‪ ،‬وبلتايل فاإنه حيقق أغراض وأهداف التقادم‪.‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 102‬من التقنني املدين اجلزائري املعدل واملمتم‪.‬‬


‫‪62‬‬

You might also like