Professional Documents
Culture Documents
نظرية الالتزامات صيغة محينة عرض المرحلة القبلية للتعاقد 3
نظرية الالتزامات صيغة محينة عرض المرحلة القبلية للتعاقد 3
عبدالرحيم الصافي
ادريس محاميد
السنة الجامعية0200/0202ꓽ
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
مقدمة
تعود اإلنسان من قديم الزمن أن يبحث عن مصلحته وما يعود عليه بالنفع ،وهذا يهم
عدة جوانب في الحياة ،ومن أبرز األوقات التي يتجند فيها األفراد لجلب املنفعة ألنفسهم هي
املرحلة السابقة إلبرام العقود واالتفاقات سواء كانت بمقابل أو بال مقابل ،فال يكاد يغفل
الشخص عن مناقشة ماله وما عليه في الخطوة التي سيتقدم إليها ويضع فيها جهده وماله
وسمعته ،فكانت املفاوضات هي قارب النجاة والوسيلة التي يبني عليها األطراف تصوراتهم
ويعرفون حقوقهم والتزاماتهم فيها ليصلوا بذلك إلى مرحلة اتخاذ القرار إما بمتابعة التقدم
وإبرام تلك العقود ،أو العدول والتراجع والبحث في جهة أخرى عن مصلحة أنفع وأكثر أمنا
واستقرارا.
والعقود تختلف بأنواعها وطرق إبرامها ،واملفاوضات أيضا ،فمن األفراد من يتعاقد لنفسه
ومنهم من يتعاقد لغيره ،ومن املتفاوضين من يتفاوض لنفسه ومنهم من يتفاوض لغيره ،وهذه
العقود واملفاوضات محكومة بقواعد يجب مراعاتها لكي تتم بطريقة صحيحة وآمنة ورضائية
لتصل إلى املبتغى املنشود أال وهو إبرام عقد نهائي فيه فائدة لجميع األطراف.
فإذا لم تراعى هذه املبادئ وما يتفرع عنها فإن العالقة تتوتر بين األطراف وتفقد املفاوضات
قيمتها ،فتظهر بعدها املسؤولية التي تعتبر عقابا رادعا ملن أخل بالتزاماته ومبادئ حسن النية
وما يتفرع عنها .هذه املسؤولية التي تختلف حسب نوع االتفاقات والشكل الذي اتخذته عند
مباشرتها ،وتختلف بحسب كل تشريع وفقه وقضاء وما رأوه مناسبا لها.
و بناء على هذا نطرح اإلشكالية التالية :
● إلى أي حد استطاع المشرع المغربي خلق ترسانة قانونية منظمة ومؤطرة
للمرحلة السابقة للتعاقد؟
2
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
3
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
لكن اختلفت التعريفات الفقهية ملفهوم املرحلة القبلية للتعاقد ،حيث نجد ان الفقه
الفرنس ي عرفها على ″تلك املرحلة التي تضم مجموعة من العمليات التمهيدية التي تتمثل في
املباحثات واملساعي واملشاورات وتبادل وجهات النظر ،بهدف التوصل الى اتفاق 1‶.وعرفت ايضا
على انها ″املرحلة التي يتم فيها تبادل االقتراحات واملساومات والتقارير والدراسات الفنية بل
واالستشارات القانونية التي يتم تبادلها من قبل أطراف املرحلة السابقة على العقد ليكون كل
منهم على بينة وهي من أفضل الطرق القانونية تحقق مصلحة االطراف وللتعرف على ما يسفر
عنه االتفاق من حقوق والتزامات على عاتق االطراف‶2
رجب كريم عبد الالة ،التفاوض على العقد-دراسة مقارنة .رسالة دكتوراه نوقشت بجامعة القاهرة ،0222ص36
-2حسام كامل االهواني∙ا ملفاوضات في فترة ما قبل التعاقدية ،ومراحل اعداد العقد الدولي ،ورقة بحث قدمت امام ندوة األنظمة التعاقدية
للقانون املدني ومقتضيات التجارة الدولية .القاهرة ،3996ص .0
4
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
من خالل هذين التعريفين الفقهيين ،نخلص الى ان مفهوم املرحلة القبلية للتعاقد
(املفاوضات) عبارة عن مجموعة من االقتراحات ،واملشاورات ،وتبادل لألفكار من اجل الوصول
الى اتفاق مشترك إلبرام عقد نهائي.
ب -اهمية المرحلة القبلية للتعاقد وخصائصها
تعمل هذه املرحلة على انجاح االعمال ،لكونها تقدم فيها جميع املكونات التي سيتعاقد
عليها االطراف ،لتجنب الوقوع في املشاكل والصراعات التي قد تفسد العقد اثناء االنعقاد او
بعد االنعقاد ،من بين هذه املشاكل التي قد تنشأ ،نجد عيوب االرادة مثال ″الغلط والتدليس‶.3
فمن بين األمور القبلية التي يمكن تحديدها نذكر التزامات وحقوق الطرفين املتعاقدين،
كتحديد الثمن ،مواصفات الش يء محل العقد والى غير ذلك ...اذ ان هذه املرحلة تسمح بتبادل
االفكار ووجهات النظر بين الطرفين قبل انعقاد العقد.
تتميز املرحلة القبلية للتعاقد بخصائص معينة من شأنها ان تجعل منها فكرة قانونية
ً ً
مستقلة وقائمة بذاتها بحيث تستطيع هذه املرحلة ان تأخذ مكانا خاصا بجوار االفكار القانونية
االخرى دون ان تلتبس بها ،وهذه الخصائص هيꓽ
●التصرف الذي يصدر في المرحلة القبلية على التعاقد هو تصرف ارادي
ان التصرف الذي يصدر في املرحلة السابقة على التعاقد هو تصرف ارادي بالضرورة فهو
ً
يحدث دائما برضا الطرفين ،ودون أي اجبار او اكراه فالتصرف في هذه املرحلة ال يصدر اال
عندما تتجه االرادة الى الدخول فيها بهدف ابرام عقد معين ،اذ ان كل طرف تتكون لديه ارادة
حقيقية عازمة على التعاقد يبدأ بهذه املرحلة ،وبالتالي فان الشخص الذي يتعمد البدء باملرحلة
السابقة على التعاقد بغية الحصول على معلومات سرية او ألعاقته ابرام صفقة مع الغير ال
تعتبر نيته هنا حقيقية وجادة في ابرام العقد ،وهذا يقودنا الى االعتراف بان االرادة صاحبة
السلطان في هذه املرحلة فتلك االرادة التي تتقبل املسألة وااللزام طاملا انها تكون قادرة على
-3نظم املشرع املغربي عيوب الرضا في الفرع الثاني من الباب األول من القسم األول من الكتاب األول من ظ.ل.ع في الفصول من 69الى 63
5
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
تحديد مضمون االثار القانونية للتصرف الذي ترتبط به والذي يتفق مع القصد او الغاية التي
قصدت اليها .4
●ان المرحلة القبلية للتعاقد تقوم على التبادل واالخذ والعطاء
تتميز هذه املرحلة بكونها تقوم على التبادل واالخذ والعطاء ،ففيها يتعاون للتقريب بين
وجهات النظر املختلفة ،وذلك عن طريق تبادل العروض واملقترحات ،بشأن وضع شروط العقد
او تعديلها ،االمر الذي يقتض ي بعض االحيان تقديم تنازالت من قبل احد الطرفين ،حتى يتحقق
نوع من التوازن بين مصالح الطرفين املتعارضة.5
●المرحلة القبلية للتعاقد ثنائية الجانب على االقل
ً
ال جدال ان املرحلة السابقة على التعاقد تكون دائما ثنائية الجانب ،بمعنى انها تتم بين
طرفين او أكثر ،اذ ان هذه املرحلة ال تبدأ اال بحدوث نوع من االتصال بين شخصين او أكثر،
ً
وذلك اما بالنقاش والحوار وجها لوجه واما بطريق املراسلة بوسائل االتصال الحديثة 6اذن البد
ان يكون هناك شخصان على االقل.
●المرحلة القبلية للتعاقد مرحلة تمهد إلبرام العقد
تعتبر هذه املرحلة مرحلة تمهيدية في الطريق الى العقد ،ففي هذه املرحلة يتم االعداد
والتحضير إلبرام العقد النهائي ،وإذا كانت هذه املرحلة تخلو من إلزام الطرفين على ابرام العقد،
اال انها تهدف في النهاية الى تحقيق هذا االبرام ،اذ لم يدخل الطرفان في هذه املرحلة التي تسبق
ابرام العقد بكل مراحلها من تفاوض وصدور ايجاب وقبول اال بهدف التوصل الى اتفاق يبرم على
اساسه العقد النهائي.7
-4االستاذ يزيد انيس نصير ،مرحلة ماقبل ابرام العقد ،مجلة املنار ،جامعة آل البيت ،العدد الثالث ،عمان ،االردن ،0223 ،ص.022
-د.جالل علي العدوي ،االجبار القانوني على املفاوضة ،اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق ،جامعة االسكندرية ،3932 ،ص06
- 5د.عبد املجيد الحكيم ،الوسيط في نظرية العقد مع املقارنة واملوازنة بين نظريات الفقه الغربي وما يقابلها في الفقه االسالمي والقانون
املدني العراقي ،الجزء االول ،في مصادر العقد (اركان العقد) ،بغداد ،شركة الطبع والنشر االهلي ،3932 ،ص361؛
-د.عبد الناصر توفيق العطار ،نظرية االلتزام في الشريعة االسالمية والتشريعات العربية ،الكتاب االول ،في مصادر االلتزام (العقود
والعهود) ،اسيوط ،3992 ،ص60
-6د.صالح الدين زكي ،تكوين الروابط العقدية فيما بين الغائبين في قانون الجمهورية العربية املتحدة املقارن ،رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية
الحقوق ،جامعة عين شمس ،3996 ،ص02؛
-7د.جمال فاخر النكاس ،العقود واالتفاقات املمهدة للتعاقد واهمية التفرقة بين العقد واالتفاق في املرحلة السابقة على التعاقد ،مجلة
الحقوق ،جامعة الكويت ،السنة العشرون ،العدد االول ،3993 ،ص366؛
6
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
-د .فيصل عبد الزكي واحد ،املسؤولية املدنية في اطار االسرة العقدية ،بال مكان طبع ،دار الثقافة الجامعية ،3990 ،ص011؛
-د .علي قاسم ،الجوانب القانونية لاليجار التمويلي ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،3992 ،ص.301
-8ذ.مصطفى ابو مندور موس ى ،دور العلم بالبيانات عند تكوين العالقة العقدية ،رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق ،جامعة حلوان،
،0222ص633؛
-د .محمد حسام محمود لطفي ،املسؤولية املدنية في مرحلة التفاوض ،دراسة في القانونين املصري والفرنس ي ،القاهرة ،بال اسم مطبعة،
،3996ص72
- 9عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني لجزء االول مصار اااللتزام بدون ذكر الطبعة .سنة غ.م ص122
7
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
غير ان الوعد بالبيع ومرحلة السابقة للتعاقد لهما نفس التوجه وهو ابرام عقد نهائي اال ان
-10صبري حمد خاطر ،قطع المفاوضات العقدية ،بحث منشور في مجلة كلية الحقوق ،جامعة النهرين ،المجلد األول ،العدد الثالث ،2991 ،ص:
231
-11صباح بنقدورمحاضرات في العقود املسماة املوسم الدراس ي 0239/0202جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء .
8
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
الوعد بالتفضيل
يجب اال شارة إلى أن الفقه لم يتفق على مدلول واحد بالتفضيل ،14إذ أن غالبية الفقه
ضيقوا من مدلوله ،حيث يرون أن الوعد بالتفضيل ما هو اال صورة من صور البيع امللزم لجانب
واحد ،وهو اتفاق يتعهد بموجبه مالك الش يء بتفضيل شخص على غيره إذا عرض الش يء
للبيع15
اما بالنسبة للمرحلة القبلية للتعاقد تسبق كل العقود ليس كالوعد بالتفضيل الذي يتخذ
صورة من صور عقد البيع
تمييز مرحلة التفاوض عن مرحلة إبرام العقد:
مرحلة املفاوضات مرحلة تنتهي عند صدور اإليجاب ،بحيث تكون املفاوضات آنذاك قد
حققت الغاية منها بتوصيل األطراف املفاوضين إلى االتفاق على املسائل الجوهرية في العقد،
فاإليجاب هو الخيط الفاصل بين مرحلة املفاوضات ومرحلة التعاقد ،ويبقى اإلشكال في
الصعوبات العملية للتمييز بين اإليجاب امللزم وبين مجرد الدعوة إلى التفاوض16.
-12نصت املادة 3609من القانون املدني الفرنس ي على ان الوعد بالبيع يقوم مقام البيع عندما يقع التراض ي املتبادل على الش يء املبيع والثمن
- -13حمدي محمود بارود ،نحو إرساء تكييف قانوني جديد لمفاوضات العقد "الطبيعة العقدية وآثارها" ،كلية الحقوق ،جامعة االزهر ،مجلة جامعة
29االزهر بغزة ،سلسلة العلوم اإلنسانية ، 1121المجلد ، 21العدد ، 2ص 113
-14عبد الرحمان الشرقاوي .قانون العقود املسماة .الكتاب األول العقود الناقلة للملكية .عقد البيع الطبعة السابعة سنة الطبع 0203دار
اآلفاق املغربية للنشر و التوزيع ص313
15 - MARINO MOCHEZ LAURENCE.DROIT DES CONTRATS SPECIEUX .LIBRARIE VUBRET.PARIS OCTOBRE 1999 .P 12
16حليس لخضر ،أستاذ بكلية الحقوق جامعة المدية الجزائر ،مقال بعنوان مرحلة المفاوضات التعاقدية ،منشور بمجلة المنار للبحوث والدراسات
القانونية والسياسية ،العدد األول جوان 1121تاريخ زيارة موقع المجلة 12دجنبر ،1112الساعة ،21:21رابط الموقع :
https://www.google.com
9
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
17القانون رقم 19.99المتعلق لمدونة الشغل ط ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 2.13.291بتاريخ 22ديسمبر ،1113الجريدة الرسمية
عدد ،9211بتاريخ 2ديسمبر ،3113ص .3919
18منصف لمياء ،التنظيم القانوني للمفاوضات الجماعية ،الواقع واآلفاق ،مقال منشور بمجلة القانون واألعمال الدولية ،بتاريخ 29يونيو ،1129
زمان االطالع 1يناير 1111م الساعة 29:19رابط المجلةHttps://www.maroclaw.com :
19عبد الحق الصافي .الوجيز في القانون املدني ،.الجزء األول .طبعة . 0233مطبعة النجاح الدار البيضاء
10
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
وعموما فخطابات النوايا من مظاهر اإلعالن عن اإلرادة كدليل على حسن النوايا ،وقد صنفته
اللجنة العلمية للتجارة الدولية سنة 3922م على أنه ضمن عقود التفاوض ،وإن كان أغلب
الفقهاء يرون أنه ليس إال مجرد إعالن عن النوايا قصد التفاوض.
20مجاجي سعاد ،خطابات النوايا كوسيلة قانونية لتأمين تنفيذ االلتزامات ،دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في
القانون الخاص ،كلية الحقوق وعلوم السياسة ،جامعة أبوبكر بلقايد الجزائر ،السنة الجامعية ،1121/1122ص 23و .21
11
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
ثانيا :البروتوكول االتفاقي :هذا املصطلح في أصله من فصيلة األعراف التعاقدية املرتبطة
بالتقاليد الدبلوماسية ،وانتقل منه إلى مجال التعامالت املدنية والتجارية كأساس للتفاوض
والتعاقد ،وقد حاول البعض تمييز البروتوكول االتفاقي عن خطابات النوايا وذلك بمايلي:
_اتجاه فقهي قديم :يرى أن البروتوكول االتفاقي يتضمن عادة عناصر االتفاق النهائي واليبقى
الستكمال العقد غير االتفاق على الشروط املتعلقة بتنفيذ العقد النهائي.
_اتجاه ثان :يرى بأن البروتوكول االتفاقي غالبا يتضمن بنود خطابات النوايا ،وبالتالي ما هو إال
صورة من صور خطابات النوايا.
لكن بالنظر إلى طريقة إعداد كل منهما فالشك أنهما مختلفان ،حيث نجد البروتوكول االتفاقي
يتم إعداده وتحضير بنوده بحضور األطراف معا ثم يطرح كأرضية للنقاش ،أما خطابات النوايا
فيتم إعدادها من قبل أحد األطراف املعنية وبشكل أحادي ثم تطرح على الطرق اآلخر
ملناقشتها21.
ثالثا :االلتزام بالشرف :عرفه بعض الفقه بأنه بمثابة تصريح إرادي يتوقف تنفيذ مفعوله على
إرادة امللتزم املصرح بشرفه دون أن يكون ذلك مشموال بأي متابعة قضائية او شبه قضائية
كالتحكيم.
وإذا كان االلتزام بالشرف غير ملزم من الناحية القانونية إال أن هناك حاالت يتضمن فيها
االلتزام بالشرف عناصر العقد التمهيدي ،والعقود التمهيدي يستوجب سريان بعض اآلثار من
الناحية القانونية ،واألمر متروك للسلطة التقديرية للمحكمة لكي تحدد هل هو مجرد التزام
بالشرف أم أنه متضمن لعناصر العقد التمهيدي.22
21عبد القادر العرعاري الطبيعة القانونية االتفاقات التمهيدية التي تسبق إيران العقود النهائية مقال منشور بمجلة مغرب القانون 12اكتوبر
21:11 ،1122م تم االطالع عليه بتاريخ 11دجنبر .11:11 ،1112رابط المجلةHttps://.www.maroclaw.com :
22عبد القادر العرعاري ،نفس المرجع أعاله.
12
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
من التعريف أعاله نستنتج أن حسن النية يلزم أطراف التفاوض معا ،إضافة إلى الرغبة
الصادقة في الوصول إلى التعاقد ،غير أنه ال يفهم منه أنه ال يحق للطرفين إنهاء املفاوضة إال
بإبرام العقد ،فاملفاوضات ال تتوج بالتعاقد دائما ،ولكن مراعاة حسن النية ملزم بين األطراف
سواء في حالة االستمرار ،أو في كيفية إنهاء التفاوض.
ب -التنظيم القانوني لمبدأ حسن النية في مرحلة التفاوض وما ينبثق عنه من
التزامات:
فيما يخص املشرع املغربي لم يتطرق ملبدأ حسن النية إال في مرحلة تنفيذ العقد ،فالفصل
063من ق.ل.ع 24يؤكد على وجوب تنفيذ العقد عن حسن نية ،أما في مرحلة املفاوضات فليست
23د .محمد حميداني ،مقال بعنوان مبدأ حسن النية في مرحلة التفاوض وفقا األحكام األمر 363/0233املعدل للقانون املدني الفرنس ي،
مجلة حوليات جامعة قاملة للعلوم االجتماعية واالنسانية الجزائر ،تاريخ نشر املقال ،0239/1/00العدد ،03تاريخ االطالع ،0203/33/01
الساعة .03:66رابط املجلة https://www.asjp.cerist.dz/en/article/91818
-24الفصل 063من ق.ل.ع :كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية ،وهو ال يلزم بما وقع التصريح به فحسب بل أيضا بكل ملحقات االلتزام التي
يقررها القانون أو العرف أو اإلنصاف وفقا ملا تقتضيه طبيعته.
13
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
هنالك إال نصوص متفرقة في قوانين خاصة ،كاملادة 6225من مدونة التأمينات التي تنص على
بطالن عقد التامين في حالة كتمان أو تصريح كاذب من طرف املؤمن له ،إذا كان ذلك يغير أو
ينقص من أهمية الخطر في نظر املؤمن ،وعلى هذا فمرحلة التفاوض في عقد التأمين توجب على
األطراف التفاوض عن حسن نية ونزاهة تامة ،أما التشريعات املقارنة فإننا نجد املشرع
الفرنس ي قد تفطن ألهمية املرحلة ،وخاصه بنصوص قانونية في القانون املدني الفرنس ي
الجديد الصادر سنة ،0233ففي املادة 263321أوجب على األطراف التفاوض فيما يخص
العقود بحسن نية ،بل عد هذا الحكم من النظام العام ،و بالعودة إلى الفقه االسالمي،
كمصدر من مصادر القانون املغربي فإننا نجده سبق إلى تنظيم هذه املرحلة القبلية للتعاقد،
يقول النبي صلى هللا عليه وسلم في حديث عبد هللا ابن عمر :إذا بايعت فقل ال خالبة27.
قال النووي رحمه هللا :الخالبة أي الخديعة ،أي التحل لك خديعتي أو ال يلزمني خديعتك28.
●االلتزام باإلعالم:
لم يعرف املشرع املغربي مفهوم االلتزام باإلعالم ،وعرفه بعض الفقه بأنه إحاطة املتعاقد
األخر باملعلومات الهامة واملؤثرة في إقدامه أو إحجامه على التعاقد ،كما عرفه البعض اآلخر
بأنه االلتزام باإلدالء املعاصر لتكوين العقد ،والسابق على ابرامه بكافة املعلومات والبيانات
الجوهرية واملؤثرة املتعلقة بالسلعة أو الخدمة محل التعاقد ،والتي يجهلها الدائن ويتعذر
حصوله عليها عن غير طريق املدين ،وذلك بهدف تكوين رضا سليم لديه حال إقباله على
التعاقد.
-25القانون 32.99املتعلق ملدونة التأمينات ،املادة : 62بصرف النظر عن األسباب العادية البطالن ومع مراعاة أحكام املادة 91بعده يكون
عقد التأمين باطال في حالة كتمان أو تصريح كاذب من طرف املؤمن له إذا كان هذا الكتمان او التصريح يغير موضوع الخطر أو ينقص من
أهميته في نظر املؤمن ولو لم يكن للخطر الذي أغفله املؤمن له أو غير طبيعته تأثير على الحادث ........
-26قانون العقود الفرنس ي الجديد بالغة العربية املواد من 3322إلى 2_3063من القانون املدني الفرنس ي ،ترجمة الدكتور محمد قاسم،
بيروت 0230/32/3ص .61
-27محمد بن اسماعيل البخاري ،الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول هللا صلل هللا عليه وسلوم وسننه ج ،3دار طوق
النجاة ،الطبعة األولى 3100ه ،رقم الحديث ،0122ص .،302
-28محيي الدين يحي النووي ،كتاب املنهاج شرح صحيح مسلم بن ج 32،دار إحياء التراث العربي ،بيروت الطبعة الثانية 3690ه ،ص. ،322
14
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
أما النصوص القانونية املنظمة له فقد اكتفى املشرع املغربي بما ورد في قوانين خاصة على
غرار املادة 36129من القانون 326.30التي تجبر مؤسسات االئتمان والهيئات املعتبرة في حكمها
بإعالم الجمهور بجميع الشروط التي تطبقها على عملياتها.
أما املشرع الفرنس ي فقد نص عليها في جميع العقود انطالقا من املادة 330_3330من قانون
العقود الجديد التي تجيب على كل من يعرف من األطراف معلومة مهمة وحاسمة إلرضاء الطرف
األخر فعليه أن يعلمه بها ،وتالفيا ألي غموض في نوع املعلومة ومدى أهميتها ،بين املشرع
الفرنس ي في نفس املادة أن املعلومة املقصودة هي كل معلومة لها صلة مباشرة وضرورية
بمضمون العقد أو صفة األطراف.
●االلتزام بالسرية:
الغاية من هذا االلتزام الكتمان والحفاظ على مجموعة من املعلومات السرية التي قد
يطلع عليها أحد األطراف أثناء التفاوض ،ألن من شأنها إلحاق الضرر باملتفاوض معه ،وبالعودة
إلى القانون املغربي فليس هناك ما يلزم املتفاوض في هذه املرحلة ،باستثناء ما ورد في قوانين
خاصة كاملادة 302من القانون 326.3031التي الزم فيها كل من اطلع بأي وجه من الوجوه على
معلومات متعلقة بمؤسسات االئتمان والهيئات املعتبرة في حكمها أن يلتزم بالسرية ،والبد
للمشرع من االنتباه إلى هذا األمر ،السيما وأنه ليس هناك ما يلزم املتفاوض من عدم استغالل
هذه األسرار او إفشائها ،وقد يصل األمر إلى استفزاز والضغط على املتفاوض معه ،وهو أمر
حسمه املشرع الفرنس ي في املادة 320_3330في القانون املدني ،عندما حمل املسؤولية لكل من
أفش ى أو استخدم دون إذن ،معلومات سرية حصل عليها بمناسبة التفاوض.
-29املادة 361من القانون البنكي : 326.30يجب ان يخبر الجمهور وفق الكيفيات املحددة بمنشور يصدره والي بنك املغرب بعد استطالع راي
لجنة مؤسسات االئتمان بالشروط التي تطبقها مؤسسات االئتمان على عملياتها وال سيما فيما يتعلق بسعر الفوائد املدينة والدائنة والعمولة
تواريخ القيمة .
-30قانون العقود الفرنس ي ،مصدر سابق ،املادة 3_3330ص61
-31املادة 302من القانون : 326.30يلزم كتمان السر املنهي ......بوجه عام كل شخص يدعى بوجه من الوجوه لالطالع على املعلومات املتعلقة
باملؤسسات املذكورة........
-32قانون العقود الفرنس ي ،مرجع سابق ،ص 63
15
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
16
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
عدم و جود أي تنظيم قانوني للمحطة السابقة للتعاقد في العقود التقليدية ،فإن املشرع املغربي
أشار ملرحلة في العقود اإللكترونية بمقتض ى القانون 66.26املتعلق بالتبادل اإللكتروني
للمعطيات القانونية ،33و قد جاء في الفصل 36-6أنه " يمكن استخدام الوسائل اإللكترونية
لوضع عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم من أجل إبرام
عقد من العقود .يمكن توجيه املعلومات املطلوبة من أجل إبرام عقد أو املعلومات املوجهة أثناء
تنفيذه عن طريق البريد اإللكتروني إذا وافق املرسل إليه صراحة على استخدام الوسيلة
املذكورة .يمكن إرسال املعلومات إلى املهنيين عن طريق البريد اإللكتروني ابتداء من الوقت الذي
يدلون فيه بعنوانهم اإللكتروني".
ويالحظ من هذا الفصل أعاله أن املشرع املغربي لم يحصر وسائل التفاوض اإللكتروني في
وسيلة وحيدة بل جاء في النص " يمكن إستخدام الوسائل اإللكترونية " و هذا يفيد أنه يمكن
إستعمال وسائل أخرى كالهاتف أو الفاكس أو البريد اإللكتروني ،فالتعريف جاء شامال لكل
الوسائط اإللكترونية و هذا تحسبا لكل تقدم تكنولوجي مستقبلي.
وعليه فسنحاول أوال التطرق إلى بعض املفاهيم املشابهة للتفاوض اإللكتروني مع بيان
الفرق ،ثم ثانيا سنتعرض إلى بعض طرق التفاوض في العقود اإللكتروني .
ا-هل الدعوة للتفاوض في العقود اإللكترونية تعد إيجابا إلكترونيا أو مجرد
إعالنات إلكترونية؟
يعد اإليجاب اإللكتروني تعبيرا باتا عن اإلرادة األولى التي تظهر في العقد عارضة على شخص
آخر إمكانية التعاقد معه ضمن شروط معينة ،بحيث إذا اقترن به قبول مطابق له انعقاد
العقد.
- 33ظهير شريف رقم 3.22.309صادر في 39من ذي القعدة 62 ( 3100نوفمبر ) 0222بتنفيذ القانون رقم 66.26املتعلق بالتبادل
اإللكتروني للمعطيات القانونية
17
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
أما اإلعالن اإللكتروني فهو أحد أشكال االتصال في سياق تجاري أو صناعي أو فني ،بغية
الدعاية إل توريد أشياء أو خدمات 34.
وقد تباين رأي الفقه بخصوص تعيين الحد الفاصل بين اإليجاب اإللكتروني واإلعالن
اإللكتروني ،فذهب البعض إلى أن اإلعالن ال يشكل إيجابا بل هو مجرد دعوة للتعاقد نظرا لعدم
تعيين الشخص املخاطب به ،عالوة على أن اإلعالن يشكل ضغط معنوي على املستهلك يدفعه
إلى شراء السلع ،بينما ال يتحقق هذا الضغط في اإليجاب.
أما املوقف الثاني فيعتقد أن اإلعالنات اإللكترونية املوجهة للجمهور عبر الوسائط
اإللكترونية (تقنيات االتصال عن بعد) يشكل إيجابا موجها إلى الجمهور إذا اشتمل على
العناصر األساسية للعقد املراد إبرامه ،أما إذا لم يشمل اإلعالن ذلك فيعد مجرد دعوة
للتعاقد35.
ويستشف من هذا أن اإلعالن اإللكتروني ال يدخل ضمن خانة املفاوضات اإللكترونية بل
هو مجرد وسيلة تسويقية للمنتج ،يراد به عرض السلع على الجمهور ويعد فقط دعوة للتعاقد
ألنه ال يشمل العناصر األساسية املنصوص عليها في الفصل 36-1من القانون ،66-26وال يعد
اإليجاب اإللكتروني تفاوضا ألنه مرحلة الحقة للمفاوضات
ب-بعض طرق التفاوض في العقود اإللكترونية :
يتم التفاوض في العقد اإللكتروني بعدة طرق نذكر منها :
● التفاوض عبرالبريد اإللكتروني :
و هي طريقة يتم من خاللها التفاوض بين األطراف عبر تبادل الرسائل اإللكترونية ا ،خاصة
و أنه يمكن تبادل الصور و الرسومات و التصاميم و غيرهم ،وهذا ما نصت عليه الفقرة الثالثة
من الفصل 36-6من القانون 66-26حيث جاء فيها أنه " يمكن توجيه املعلومات املطلوبة من
- 34عبد الحق صافي ،الوجيز في القانون املدني ،الجزء األول ،مطبعة النجاح الجديدة ،طبعة ، 0233الدار البيضاء62 ،
- 35موالي حفيظ علوي قادري ،إشكاالت التعاقد في التجارة اإللكترونية ،الشركة املغربية لتوزيع الكتاب ،الدارالبيضاء ،الطبعة األولى،
الصفحة 02
18
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
أجل إبرام عقد أو املعلومات املوجهة أثناء تنفيذه عن طريق البريد اإللكتروني " ،مما يجعل من
البريد اإللكتروني وسيلة فعالة للتفاوض بين األطراف ،36و جاء أيضا في الفصل أنه "يمكن
إرسال املعلومات إلى املهنيين عن طريق البريد اإللكتروني " وبالتالي فهذه الوسيلة في التفاوض
تشمل املدنيين أو املهنيين في تعامالتهم ،لهذا يعتبر من أهم طرق التفاوض التفاوض
اإللكتروني.
● التفاوض عبرالهاتف :
يعد الهاتف من أكثر وسائل اإلتصال الفوري فاعلية و إنتشارا ،و يكون التفاوض عن
طريقه مباشرا و فوريا ،37حيث يمكن مناقشة العرض بين أطرافه دون عناء التنقل ،فإذا كان
املشرع املغربي في الفصل 06من ق.ل.ع يعطي إمكانية تصدير اإليجاب عبر الهاتف ،فيمكننا
أيضا إعتبار أن ذلك يسري أيضا على مرحلة املفاوضات لعدم وجود نص يمنع ذلك .
● التفاوض عن طريق تقنية الفيديو :
حيث تتم هذه الطريقة من خالل ربط الجهاز بوسائل اإلتصال الصوتية و املرئية ،مثبتة
على جهاز كل متفاوض دون الحضور املادي لألطراف في ذات الوقت ،ويتاح فكالهما تبادل
البيانات املكتوبة فورا و التفاوض حول العقد بالصوت و الصورة .
ومن خالل ما سبق نستنتج أن التفاوض في العقود اإللكترونية يتميز بالوسيلة التي يتم بها ،
حيث يتم بوسائل إلكترونية حديثة و التي ذكرنا أهمها ،و هذا ما يجعله مميز عن التفاوض في
العقود التقليدية .
الفقرة الثانية :التفاوض لحساب الغير:
أجاز و نظم املشرع النيابة في العقود معتبرا أنها حلول إرادة شخص معين يسمى النائب
محل إرادة شخص آخر و هو األصيل ،بغرض إنشاء تصرف قانوني تنصرف آثاره إلى ذمة األصيل
- 36مسعودي يوسف ،رحاب أرحيلوس ،مقال تحت عنوان " اإلطار القانوني للتفاوض في العقد اإللكتروني " ،مجلة معالم للدراسات القانونية
و السياسية ،العدد الثالث ،مارس ، 0230الصفحة 62
- 37ماجد محمد سليمان أبا الخيل ،العقد اإللكتروني ،مكتبة الرشد ،الطبعة األولى ،الرياض ،الصفحة 02
19
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
ال إلى ذمة النائب ،فالنائب يكون طرف في التصرف و لكنه ال يكون طرفا في العالقة التي تنشأ
عن هذا التصرف ،فآثرت التصرف (العقد مثال) تنصرف إل ذمة األصيل كما لو كان هو الذي
أبرم التصرف بنفسه ،38و لهذا و إنطالقا من هذه التوطئة هل يمكن تصور حلول النائب مكان
األصيل في املفاوضات املبدئية التي تسبق التعاقد ؟
لكن أوال وجب علينا التطرق لبعض املفاهيم املشابهة ،فهل يعتبر اإلشتراك ملصلحة الغير
والتعهد عن الغير في حكم املفاوضات لحساب الغير؟
إختلفت صيغ تعريف اإلشتراط ملصلحة الغير لكن املتفق عليه ،إعتباره الحالة التي يجري
فيها التعاقد بين شخصين ،األول يدعى املشترط و الثاني يدعى املتعهد ،و ذلك بغية إنشاء حق
لفائدة شخص ثالث يدعى املستفيد من اإلشتراط ،ومثاله عقد املقاولة كأن يتفق صاحب
العمل مع مقاول على عمل معين ويشترط عليه في العقد شروطا ملصلحة العمال ،39و املالحظ
أن اإلشتراط ملصلحة الغير عقد و يتكون من ثالث أطراف تسري آثاره على الطرف الثالث فيه
على خالف التفاوض لحساب الغير الذي يعتبر مرحلة سابقة للعقد ،رغم أن آثار املفاوضات
تسري على األصيل.
التعهد عن الغير يفيد بمعناه العام أن يلتزم شخص إزاء شخص آخر على أن يقنع
شخصا ثالثا بإبرام عقد ما ،من ثم يقتض ي التعهد عن الغير وجود عقدين بين ثالثة أطراف :
األول هو العقد الرئيس ي و يربط بين املتعهد و املتعهد له ،أما الثاني فيجمع بين املتعهد له و
املتعهد عنه و ذلك عند إقراره من طرف الغير ،و هو نظام شبيه بنظام الوكالة في التعاقد ألن
املتعهد يبرم العقد باسم املتعهد عنه و لفائدة شخص يدعى املتعهد له ، 40و هو ما جاء في
الفصل 63من ق.ل.ع ،و عليه فإن التعهد عن الغير يختلف عن التفاوض لحساب الغير رغم
- 38عبد الواحد شعير ،النظرية العامة لإللتزام ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ،الدارالبيضاء ،الصفحة 23و .20
-39عبد الحق صافي ،مرجع سابق ،ص 006
20
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
أن العالقة في كالهما مكونة من ثالثة أطراف ،في كون األول إلتزام بإسم الغير أي أنه يقوم
بالتعاقد شريطة أن يقر هذا الغير باإللتزام الذي أبرم بإسمه ، 41بخالف التفاوض الذي يبقى
مرحلة قبلية للتعاقد و في هذه الحالة (التفاوض لحساب الغير) ال تعد ضرورية موافقة األصيل
ألنه هو من أعطى صالحية التفاوض بإسمه.
و لقد ضرب املشرع أمثلة للتفاوض لحساب الغير في العقود لكن في قوانين أخرى ،كالقانون
التجاري فنجد أن املادة 696في مدونة التجارة ،املتعلقة بالوكالة التجارية أعطت بشكل صريح
إمكانية التفاوض لحساب الغير و جاء فيها " الوكالة التجارية عقد يلتزم بمقتضاه شخص و دون
أن يكون مرتبطا بعقد عمل ،بالتفاوض أو التعاقد بصفة معتادة ،بشأن عمليات تهم أشرية أو
بيوعات " و نستشف من املادة أعاله أنه يمكن للوكيل أن يتفاوض بشأن العقد لحساب موكله
في كل األمور التي تخص معامالته من بيوع و أشرية.
و في املادة اإلجتماعية يمكنا أن نضع " املفاوضات الجماعية" في خانة التفاوض لحساب
الغير ،حيث أن العملية التفاوضية تكون بين ممثلي املنظمات 42النقابية لألجراء األكثر تمثيال
أو اإلتحادات النقابية األكثر تمثيال من جهة ،و بين مشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي املنظمات
املهنية من جهة أخرى ،و عليه يقوم كل طرف بتعيين من يمثله في هذه املفاوضات (كتابة) 43و
تنطوي هذه املرحلة على عملية صناعة القرار املشترك التي تساعد على بناء الثقة بين األطراف
و تعزيز نوعية عالقة العمل ،و تشمل هذه املرحلة التشاور و تبادل املعلومات باإلستماع إلى آراء
األطراف بشأن املسائل ذات اإلهتمام املشترك كتحسين ظروف الشغل و التشغيل و تنظيم
العالقات بين املشغلين و األجراء و الزيادة في األجور ،...و الهدف من املفاوضات الجماعية أن
تتوج في النهاية بإبرام "عقد جماعي" أو "إتفاقية شغل جماعية" 44تسري آثاره على جميع
األطراف ،و هذا نموذج حي عن التفاوض لحساب الغير.
21
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
22
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
فيها ال يرتب التزامات على عاتق املتفاوضين مادام ان العقد لم يبرم بعد .45وكل طرف له الحق
في إيقاف املفاوضات متى شاء بطريقة شرعية دون اعتبار انسحابه خطأ يستوجب التعويض
إال ما كان من قواعد املسؤولية التقصيرية الواجبة التطبيق متى توافرت شروطها حسب املادة
3600و 3606من القانون املدني الفرنس ي ,وليست املسؤولية العقدية بعلة عدم وجود العقد
.وهذا ما كرسته املحكمة الفرنسية بمدينة رين في الثامن من يوليو 3909وقضية أخرى ملحكمة
النقض الفرنسية في 02مارس 3920حيث جاء في قرارها "....وبهذا فإن املسؤولية في مرحلة
املفاوضات الغير مصحوبة باتفاق صريح ال تكون إال تقصيرية ألن قواعدها املنصوص عليها في
املادتين 3600و 3606هي وحدها الواجبة التطبيق على املسؤولية قبل التعاقدية على قطع
املفاوضات". 46
وبالتعديل األخير التي لحق القانون املدني الفرنس ي سنة 0233نجده في املادتين 3321و
3330حث على إلزامية اعتماد مبدأ حسن النية في سائر مراحل العقد بما فيها مرحلة
املفاوضات بعدما كانت مشترطة فقط أثناء تنفيذ العقد بنص املادة 3361من القانون املدني
املعدل بمرسوم 32فبراير , 0233وعليه فإذا تم اإلخالل بمبادئ املفاوضات فإن املسؤولية تقوم
بتوفر الشروط املتطلبة فيها ,لكن املسؤولية تبقى تقصيرية باعتبار عدم وجود عقد لقيام
املسؤولية العقدية .
ويمكن أن يتجسد الخطأ في صورة قطع املفاوضات بدون سبب شرعي أو في صورة سرقة
األفكار أو األسرار واستغاللها ألغراض شخصية مما يسبب ضررا للغير يوجب قيام املسؤولية
كما قد يتجسد في صورة إهدار وتضييع وقت أحد األطراف مما يفوت عليه فرصا أخرى للتعاقد
وإبرام عقود أو صفقات.
-⁴⁴أمية حسن علوان "مالحظات حول القانون الواجب التطبيق عن املسؤولية التعاقدية عن قطع املفاوضات في العقود الدولية بحث مقدم
لندوة املنظمة التعاقدية للقانون املدني ومقتضيات التجارة الدولية .معهد قانون االعمال الدولي جامعة القاهرة 3996
-علي أحمد صالح "املفاوضات في العقود التجارية الدولية دار هومه الجزائر ، 0230،ص 111
23
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
لم ينظم أيضا املشرع األملاني املرحلة القبلية للتعاقد ،بل ترك مهمة الفصل للقضاء
والفقه إليجاد الحلول ,وهذين األخيرين تأثروا بنظرية " الخطأ عند إبرام العقد " لصاحبها الفقيه
األملاني"إهرنغ" حيث تقوم النظرية على أن هناك عقدا ضمنيا ينشأ عند قبول الدخول في
املفاوضات مما يستوجب مراعاة الحرص واألمانة وحسن النية التي تعتبر من أهم مبادئ إبرام
العقود ،وأن كل شخص أقدم على التعاقد يتعهد ضمنا أال يقوم من جانبه سبب يوجب بطالن
العقد ،فيكون بذلك عقد ضمان بإيجاب وقبول ضمنيين ،وأي إخالل بمبدأ حسن النية وما
يتفرع عنها يقيم املسؤولية القبل عقدية ،وهي مسؤولية خاصة يسمونها املسؤولية "شبه
العقدية" ,ألنها من نوع خاص وصدرت خالل مرحلة خاصة ,فال هي تقصيرية وال عقدية ،لكن
تنطبق عليها قواعد املسؤولية العقدية بتوفر أربعة شروط بزيادة وجود التزام بين الطرفين
إضافة إلى الخطأ والضرر والعالقة السببية .47واملشرع األملاني قد نص على مبدا حسن النية في
سائر مراحل العقد بما فيها مرحلة املفاوضات وذلك في املادتين 013و 633من القانون املدني
ااالملاني املعدل سنة .48 0220
-47رجب كريم عبد هللا ,التفاوض على العقد "دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة "دار النهضة العربية القاهرة 0222ص 033و 032
-48عرض بعنوان مبدأ حسن النية في العقود "ماستراألمن القانوني للمقاوالت والعقود" نقال عن روزان طالب محمود السويطي
49-Art 41* Celui qui cause d’une manière illicite ,un dommage à autrui ,soit intentionnellement ,soit par négligence ou
24
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
لكن الرأي الغالب من الفقه السويسري يرى أن املسؤولية هنا شبه عقدية ،50وتندرج
ضمن أحكام املادة 90من قانون االلتزامات السويسري ،ألن الواجبات في املفاوضات هي
التزامات قانونية يعد اإلخالل بها خطأ تطبق عليها قواعد املسؤولية العقدية .
25
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
بذلك املسؤولية الواجبة التطبيق هي املسؤولية التقصيرية بتوافر جميع شروطها .وكما هو
متعارف عليه ،يقع على املضرور إثبات الضرر الذي أصابه من عدم تنفيذ الطرف اآلخر
اللتزاماته .
الفقرة الثانية :المسؤولية في المفاوضات المصحوبة بإتفاق :
املفاوضات املصحوبة باتفاق تفاوض هي املفاوضات املبنية على عقد تفاوض صريح يتفق
بموجبه األطراف على الدخول في املفاوضات من اجل إبرام عقد ،وينظم ذلك العقد العالقة بين
األطراف خالل فترة املفاوضات والتزاماتهم وصوال إلى نهايتها دون التزامهم بإبرام العقد النهائي،
مع ما يمكن أن ينشا عن هذا االتفاق من مسؤوليات خاصة بهذه املرحلة.
وسنعرف نوع املسؤولية الناشئة عن هذه املرحلة املصحوبة بوجود اتفاق ،باستقراء رأي
الفقه والقضاء في بعض التشريعات املقارنة كما تقدم.
-52علي أحمد صالح "املفاوضات في العقود التجارية الدولية ,دار هومه الجزائر 0230ص233
26
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
األطراف ليسمى تصرفا قانونيا وعقدا ملزما ،فال يكفي عندهم اإليجاب والقبول لينشأ العقد،
وهو تماما عكس باقي التشريعات املقارنة .والعلة في ذلك أن االتفاق يجب أن يجلب فائدة
اقتصادية للمجتمع ،وهذا هو الفرق عندهم بين العقد امللزم والغير ملزم .53
وعقد التفاوض بالنسبة للقانون االنجليزي هو مجرد تعهد ال يقوم على مقابل مادي وهو
أيضا غير ظاهر املعالم ويصعب تقدير التعويض الذي ينشأ عن اإلخالل به من طرف املحاكم.
لكن مؤخرا بدأ القضاء االنجليزي واألمريكي يعترف شيئا فشيئا بهذا العقد وبدأ أيضا يقيم
املسؤولية العقدية على من تسبب بضرر لآلخر بناء على هذا االتفاق التفاوض ي.
27
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
-56املادة 6ق م م "يجب على كل متقاض ممارسة حقوقه طبقا لقواعد حسن النية " املادة 62م التأمين "...يكون عقد التأمين باطال في
حال كتمان أو تصريح كاذب من طرف املؤمن له ...
28
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
العقد ووجود العقد الضمني ال تستند إلى أساس معقول وال يمكن تطبيق املسؤولية العقدية
بدون وجود عقد تقوم عليه .أما املسؤولية عن املفاوضات املنظمة بعقد فهي أيضا ال تطبق
عليها إال قواعد املسؤولية العقدية ما دام مستندة على عقد غالبا ما يكون مكتوبا يحدد التزامات
أطراف التفاوض.
29
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
خاتمة
يتبين لنا مما سبق ،أن املرحلة القبلية للتعاقد ،لها أهمية كبيرة في توصل األطراف إلى
إنشاء العقود ،والتوازن العقدي ،إذ يدافع كل طرف عن مصالحه ،وكل ذلك مع احترام مبادئ
حسن النية ،وااللتزامات املتفرعة عنه ،سواء في العقود التقليدية أو العقود الحديثة ،والبد من
املخل بااللتزامات التي يقتضيها مبدأ حسن النية ،من مسؤولية قانونية تطاله ،حفاظا على
استقرار املعامالت ،سواء كانت تقصيرية او عقدية.
و بالتالي أصبح لزاما و ضرورتا أن ينظم املشرع املغربي هذه املرحلة قصد تحديد طبيعة
املسؤولية واجبة التطبيق عند وقوع نزاع ،وكذا نوع االلتزامات التي تقع على عاتق الطرفين في
هذه املرحلة و هذا راجع في املقام االول إلى حالة إنعدام األخالق في املعامالت التي أصبحنا
نعيشها .
30
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
قائمة املراجع
أوال :الكتب :
● عبدالرزاق السنهوري ،الوسيط في نظرية العقد ،الجزء األول مصادر اإللتزام بدون
ذكر املطبعة ،سنة الطبع غ.م
● عبد الحق صافي ،الوجيز في القانون املدني ،الجزء األول ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدارالبيضاء0233 ،
● موالي حفيظ علوي قادري ،إشكاالت التعاقد في التجارة اإللكترونية ،الشركة املغربية
لتوزيع الكتاب ،الطبعة األولى
● عبد الواحد شعير ،النظرية العامة لإللتزام ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ،
الدارالبيضاء
● ماجد محمد سليمان أبا الخيل ،العقد اإللكتروني مكتبة الرشد ،الطبعة األولى،
الرياض
● مأمون الكزبري ،أوصاف اإللتزام و إنتقاله و إنقضاؤه :الجزء الثاني ،بدون ذكر اسم
املطبعة ،سنة غ.م
● عبد الرحمان الشرقاوي .قانون العقود املسماة .الكتاب األول العقود الناقلة
للملكية.عقد البيع الطبعة السابعة سنة الطبع 0203دار اآلفاق املغربية للنشر و
التوزيع .
● علي أحمد صالح ،املفاوضات في العقود التجارية الدولية ،دار هو من للطباعة و
النشر و التوزيع .0230 ،
● رجب كريم عبد هللا ،التفاوض على العقد :دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة ،دار
النهضة العربية ،القاهرة 0222 ،
● أحمد عبد الكريم سالمة ،قانون العقد الدولي "مفاوضات العقود الدولية -قانون
اإلدارة و أزمته " ،دار النهضة العربية للنشر والتوزيع 0220 ،
31
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
● محمد حسين منصور ،املسؤولية اإللكترونية ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية 0223 ،
● محمد قاسم ،قانون العقود الفرنس ي الجديد ،منشورات الجبلي الحقوقية ،بيروت ،
0230
● عبد املجيد الحكيم ،الوسيط في نظرية العقد ،الطبعة األولى3932 ،
● عبد الناصر توفيق العطار ،نظرية اإللتزام في الشريعة اإلسالمية و التشريعات العربية
،مطبعة السعادة ،الطبعة األولى3926 ،
● البخاري ،كتاب الجامع الصحيح املسند املختصر من أمور النبي صلى هللا عليه وسلم،
دار ابن كثير ،لبنان 0222 ،
● محيي الدين أبي زكريا ،صحيح مسلم بشرح اإلمام محيي الدين النووي املسمى املنهاج ،
دار الفيحاء للطباعة و النشر و التوزيع 0232 ،
32
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
●حسام االهواني "املفاوضات ماقبل التعاقدية ومراحل العقد ورقة بحث األنظمة التعاقدية
للقانون املدني ومقتضيات التجارة الدولية
33
نظرية االلتزامات –املرحلة القبلية للتعاقد
الفهرس
مقدمة0............................................................................................................................................
املبحث األول :ماهية املرحلة القبلية للتعاقد وأهم مبادئه6.........................................................
املطلب األول ꓽماهية املرحلة القبلية للتعاقد (املفاوضات)6........................................................
الفقرة الثانية ꓽالطبيعة القانونية للمرحلة القبلية للتعاقد وتميزها عن باقي العقود املشابهة
لها3...................................................................................................................................................
ا-الطبيعة القانونية ملرحلة القبلية للتعاقد (املفاوضات)2...........................................................
الفهرس66.......................................................................................................................................
35