You are on page 1of 26

‫ماستر المهن القانونية‬

‫والقضائية‬
‫وحدة‪ :‬قانون المسطرة المدنية‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫الوسائل البديلة لحل النزاعات‬

‫تحت اشراف الدكتور‪:‬‬ ‫من اعداد‪:‬‬


‫ياسين امساعف‬ ‫أسية المرواني‬ ‫‪-‬‬
‫منال الهاشمي‬ ‫‪-‬‬
‫محمد البرنوصي‬ ‫‪-‬‬
‫فؤاد بلهيس‬ ‫‪-‬‬
‫رجاء العموري‬ ‫‪-‬‬

‫‪2022/2021‬‬
‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫اصبح اللجوء للوسائل البديلة لحل النزاعات في وقتنا الحالي أمرا ملحا ‪ ،‬وذلك‬
‫لتلبية متطلبات األعمال الحديثة ‪ ،‬و التي لم تعد المحاكم قادرة على التصدي لها‬
‫بشكل منفرد‪ .‬فمع التطور المستمر في التجارة و الخدمات ‪ ،‬وما نتج عن ذلك من‬
‫تعقيد في المعامالت ‪ ،‬وحاجة الى السرعة و الفعالية في بث الخالفات ‪ ،‬و‬
‫تخصصية من قبل من ينظر بهذه الخالفات او يسهم في حلها ‪ ،‬نشأت الحاجة‬
‫لوجود اليات قانونية يمكن لألطراف من خاللها حل خالفاتهم بشكل سريع و‬
‫عادل وفعال ‪ ،‬مع منحهم مرونة و حرية ال تتوفر عادة في المحاكم‪1.‬‬

‫فال غرو اذن ان تعرف الوسائل البديلة لحل النزاعات اهتماما متزايدا على صعيد‬
‫مختلف األنظمة القانونية و القضائية ‪ ،‬وذلك لما توفره هذه األخيرة من مرونة و‬
‫سرعة في البت و الحفاظ على السرية وما تضمنه من مشاركة األطراف في‬
‫ايجاد الحلول لمنازعاتهم‪.‬‬
‫ونظرا لما تحتله الوسائل البديلة لحل النزاعات من مكانة بارزة في الفكر القانوني‬
‫و االقتصادي على المستوى العالمي‪ ،‬وما شهده العالم منذ نصف قرن ويزيد من‬
‫حركة فقهية و تشريعية لتنظيم الوسائل البديلة ‪ ،‬وما تمثله في الحاضر من فعل‬
‫مؤثر على صعيد التقاضي كان من الطبيعي أن تعمل الدول جاهدة أليجاد اطار‬
‫مالئم يضمن لهذه الوسائل تقنينها ثم تطبيقها لتكون بذلك أداة فاعلة لتحقيق و‬
‫تثبيت العدالة و صيانة الحقوق‪.‬‬
‫وكل هذا يجعلنا نتساءل عن مدى فعالية آلية الوساطة والتحكيم كوسيلتين بديلتين‬
‫لحل النزاعات في تخفيف العبء عن القضاء؟‬
‫و لمعالجة هذه االشكالية ارتأينا التصميم التالي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التحكيم كوسيلة بديلة لفض النزاعات‪.‬‬
‫البحث الثاني‪ :‬الوساطة االتفاقية كوسيلة بديلة لفض النزاعات‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التحكيم كوسيلة بديلة لفض النزاعات‪.‬‬
‫‪ 1‬أحمد أنوار ناجي‪ ،‬مدى فعالية الوسائل البديلة لحل المنازعات و عالقتها بالقضاء‪ /‬مقال منشور عبر الموقع االلكتروني‬
‫‪www.droitetentreprise.com‬‬

‫‪2‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التحكيم و شروطه‬
‫الفقرة االولى‪ :‬مفهوم التحكيم‪.‬‬
‫لقد عرف البعض اتفاق التحكيم بأنه " عقد خاص يتم باتفاق الطرفين‪ ،‬ويعتبر‬
‫مظهرا لسلطان ارادتهم‪ ،‬كما عرفه البعض اآلخر بأنه "اتفاق الطرفين على‬
‫االلتجاء الى التحكيم دون قضاء الدولة لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت‬
‫أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية‪. 2‬‬
‫وقد عرفه البعض األخر بأنه " وثيقة يتفق األطراف بموجبها على عرض النزاع‬
‫الذي قد ينشأ بصدد تنفيذ هذا العقد أو تفسيره على المحكمين‪ ،‬وعندئذ يرد التحكيم‬
‫على أي نزاع يحدث في المستقبل"‪ ،‬وكذلك عرفه البعض األخر من الفقه بأنه "‬
‫االتفاق الذي يتم بين الطرفين بعد قيام النزاع بينهما لعرض هذا النزاع على‬
‫التحكيم"‪3.‬‬

‫كما يكون االتفاق على التحكيم قبل نشوء الخالف ويكون منصوصا عليه ابتداء‬
‫تحسبا لوقوع الخالف‪ ،‬ويسمى االتفاق في هذه الحالة بشرط التحكيم‪clause la‬‬
‫‪،compromissoire‬واما أن يكون طارئا بعد حدوث الخالف بين المتنازعين‬
‫ويسمى مشارطة أو وثيقة التحكيم ‪ compromis le‬وفي الحالتين يتم عقد التحكيم‬
‫بتراضي الطرفين‪.4‬‬
‫كما جاءت بعض القوانين الوطنية بتعريف اتفاق التحكيم‪ ،‬بحيث عرفه المشرع‬
‫المصري بأنه " اتفاق الطرفين على االلتحاق الى التحكيم لتسوية كل أو بعض‬
‫المنازعات التي نشأت بينهما بمناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير‬
‫‪5‬‬
‫عقدية"‬
‫‪ ،‬وعرفه كذلك المشرع الجزائري في قانون اإلجراءات المدنية الجديد في‬
‫‪ 2‬رمضان ابراهيم عالم " اتفاق التحكيم دراسة مقارنة في الفقه االسالمي والقانون ا لوضعي" كلية الشريعة و القانون بجامعة االزهر مقال منشور‬
‫السجل العلمي للمؤثمر الدولي للقضاء‪.‬‬
‫‪ 3‬نوال الكرتي " شرط التحكيم في المادة التجارية دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ‪ ،‬ماستر‬
‫قانون المقاولة التجارية‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول ‪-‬سطات‪ -‬سنة ‪، 2012/2011‬ص‬
‫‪.4‬‬
‫‪ 4‬رمضان ابراهيم عالم " اتفاق التحكيم دراسة مقارنة في الفقه االسالمي والقانون الوضعي" مرجع سابق‪ ،‬ص ‪342‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 10‬من قانون التحكيم المصري‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 1011‬كما يلي" اتفاق التحكيم هو االتفاق الذي يقبل األطراف بموجبه‬
‫عرض نزاع سبق نشوؤه على التحكيم "‪.‬‬
‫وعلى غرار التشريعات المقارنة‪ ،‬فان المشرع المغربي استقر على تعريف اتفاق‬
‫التحكيم في الفصل ‪ 307‬من قانون المسطرة المدنية والذي ورد فيه أن "اتفاق‬
‫التحكيم هو التزام األطراف باللجوء الى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ‬
‫عن عالقة قانونية معينة‪ ،‬تعاقدية أو غير تعاقدية‪ ،‬ويكتسي اتفاق التحكيم شكال أال‬
‫وهما عقد التحكيم وشرط تحكيم "‪.‬‬
‫وعالقة بما سبق فتعريفات الخاصة بالتحكيم هي عديدة وجميعها ال تخرج عن‬
‫اعتباره اتفاقا بين األطراف على حل النزاع القائم أو الذي سيقوم من قبل شخص‬
‫أو أشخاص يتم اختياره أو اختيارهم لهذا الغرض ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط التحكيم‬
‫عموما ال يمكن لتحكيم أن يكون وسيلة لفض النزاعات التي تنشأ بين األفراد إال‬
‫بتوفر عدة شروط لعل أهمها ما يتعلق بأهلية المحتكمين وملكية التصرف في‬
‫الحق موضوع التحكيم‪.‬‬
‫أ‪ .‬األهلية‪:‬‬
‫استلزم المشرع المغربي للموافقة على اتفاق التحكيم على ضرورة توفر األهلية‬
‫وذلك واضح من خالل مقتضيات الفصل ‪ 308‬من قانون المسطرة المدنية في‬
‫فقرته الثانية‪ ،‬غير أنه لم يحدد نوع األهلية الواجبة التوفر أهي أهلية التصرف أم‬
‫أهلية اإلرادة فقط‪ ،‬لكن واعتبار التحكيم تصرفا قد يؤثر على الذمة المالية للمحتكم‬
‫فأن أهلية التصرف هي المقصودة‪ ،‬وعليه فإن اتفاق التحكيم الذي يبرمها أو يوفق‬
‫عليها عديم األهلية كصغير غير مميز والمجنون أو ناقصها شأن الصغير المميز‬
‫أما بالنسبة أهلية السفيه دون موافقة وصيه الشرعي باطال بحكم القانون‪ ،‬ما لم‬
‫يكن مرشدا ‪.6‬‬

‫‪ 6‬ص ‪ .299/298‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬حجية أحكام المحكمين في قانون المسطرة المدنية المغربية‪ ،‬مقال منشورفي منشورات جمعية نشر‬
‫المعلومة‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الندوات واأليام الدراسية العدد‪، 2‬الطبعة االولى‪ ،‬سنة ‪، 2004‬ص‪.89‬‬

‫‪4‬‬
‫اما األشخاص المعنوية الخاصة فال وجود لما يمنعها قانونا من مباشرة التحكيم‪،‬‬
‫وتوفق عليه عن طريق ممثلها القانوني‪7.‬‬

‫ب‪ .‬الرضا‬
‫يقصد بالرضا في اتفاق التحكيم توافق ارادة طرفي عالقة قانونية على اتخاد‬
‫التحكيم وسيلة للفصل في النزاع الحاصل أو الذي قد يحدث بينهما في المستقبل‪.‬‬
‫لقيام اتفاق التحكيم ال بد من تطابق ارادة األطراف المعنية به تطابقا تاما‪ ،‬ألن‬
‫انعدام اإلرادة سيؤدي إلى بطالنه بسبب عيب من العيوب كالغلط و التدليس و‬
‫اإلكراه و الغبن فال ينعقد االتفاق إال بالتقاء اإليجاب و القبول حول جميع المسائل‬
‫التي تضمنها االتفاق دون اختالف أو زيادة أو نقصان ‪.‬‬
‫و يقتضي تحقق اإليجاب و القبول لكال الطرفين و تالقى إرادتهما على اللجوء‬
‫إلى التحكيم لفض المنازعات التي قد تنشأ أو نشأت بينهما‪ ،‬و يجب أن يصدر‬
‫التعبير عن اإلرادة سليما من عيوب اإلرادة‪8.‬‬

‫ت‪ .‬المحل‬
‫باستقرائنا للفصلين ‪ 59‬و ‪ 62‬من قانون االلتزامات و العقود على أن االلتزام‬
‫يبطل إذا كان محله شيئا أو عمال مستحيال ‪ ،‬و أيضا يجب أن يكون محل االتفاق‬
‫سببا مشروعا و غير مخالف ألخالف الحميدة أو للنظام العام أو القانون‪.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 59‬من قانون االلتزامات و العقود المغربي على ما يلي‪ ":‬يبطل‬
‫االلتزام الذي يكون محله شيئا أو عمال مستحيال‪ ،‬إما بحسب طبيعته أو بحكم‬
‫القانون "‪.‬‬

‫‪ -‬عبد السالم الزوير‪ ،‬االختصاص النوعي للمحاكم التجار ية وإشكالياته العملية الطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬مكتبة دار السالم الرباط‬
‫‪ - 7‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪301‬‬
‫‪ - 8‬طاهر محمد خليفة‪ ،‬اتفاق التحكيم ماهيته و نسبيته و امتداده للغير‪ ،‬مقال منشور بتاريخ ‪ 03‬نوفمبر ‪ ، 2015‬تاريخ االطالع ‪ 08‬يونيو ‪15‬‬
‫‪،2021‬اتفاق‪+‬التحكيم‪+‬ماهيته‪+‬ونسبيته‪+‬وامتداده‪+‬للغير=‪&oq‬اتفاق‪+‬التحكيم‪+‬ما &‬
‫‪aqs=chrome.1.69i57j0i22i30j0i10i22i30j0i22i30.15828j0j15&sourceid=chrome&ie=UTF-8‬‬

‫‪5‬‬
‫و ينص كذلك الفصل ‪ 62‬من نفس القانون على ما يلي ‪ ":‬يكون السبب غير‬
‫مشروع إذا كان مخالفا ألخالق الحميدة أو للنظام العام أو للقانون "‪.‬‬
‫و قد جاء الفصل ‪ 309‬من قانون االلتزامات و العقود باالستثناءات التي ال يجب‬
‫أن تكون محل اتفاق التحكيم‪ ،‬نص هذا الفصل على ما يلي‪ ... ":‬ال يجوز أن يبرم‬
‫اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة األشخاص و أهليتهم أو‬
‫الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة"‬
‫ث‪ .‬ملكية التصرف في الحق موضوع التحكيم‬
‫نص الفصل ‪ 308‬من قانون المسطرة المدنية على أنه يجوز لجميع األشخاص‬
‫من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنوي أن يبرموا اتفاق التحكيم‬
‫في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها‪.‬‬
‫وإن كان األصل أن تكون الحقوق محال لتحكيم فإن المشرع استثنى بعضها‬
‫بموجب الفصلين ‪ 309‬و‪ 310‬من قانون المسطرة المدنية وذلك من أجل تحقيق‬
‫مصلحة االقتصادية أو اجتماعية‪ ،‬وإما للمحافظة على النظام العام المغربي وذلك‬
‫في الحاالت التالية ‪:‬‬
‫‪-‬النزاعات المتعلقة بحالة األشخاص وأهليتهم ‪.‬‬
‫‪-‬الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة‪.‬‬
‫‪-‬النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها‬
‫من الهيآت المتعلقة باختصاصات السلطة العمومية‪.9‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أشكال اتفاق التحكيم‪.‬‬


‫يعد اتفاق التحكيم هو أي اتفاق سواء ورد في صيغه شرط التحكيم أو عقد‬
‫مستقل‪ ،‬إذ ال فرق في تحديد طبيعة التحكيم سواء ورد هذا االتفاق كشرط‬

‫‪ 9‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪303/302‬‬

‫‪6‬‬
‫في العقد األصلي أو ورد في عقد بعد نشوب النزاع‪ ،‬وسنخوض في هده‬
‫الفقرة معالجة اتفاق التحكيم الذي يرد كشرط أو بند مستقل عن العقد‬
‫األصلي أوال تم الوقوف عن اتفاق التحكيم الدي يرد في عقد بعد نشوء‬
‫النزاع ثانيا‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شرط التحكيم‪.‬‬
‫إن شرط التحكيم هو اتفاق بين األطراف على أن يتم اللجوء إلى المحكمين في‬
‫حلة ما وقع أي خالف بينهما بغيت التسوية الودية لنزاع القائم بينهما‪ ،‬ويرد هدا‬
‫الشرط كبند في العقد األصلي أو مستقل عنه‪ ،‬و ذلك قبل نشوء أي نزاع بينهم‪،‬‬
‫وبهذا يكون هذا الشرط مدرجا بالعقد وملزما لمن اتفقوا عليه في حالة حدوث‬
‫خالف بينهم بخصوص تنفيذ أو تفسير العقد الحقا‪.10‬‬
‫كما يعتبر شرط التحكيم هو شرط مستقل عن باقي الشروط األخرى حيث أنه ال‬
‫يترتب عن بطالن العقد أو فسخه أو انهائه أي أثر على شروط التحكيم الذي‬
‫يتضمنه إذا كان ‪ ،‬ويتعلق األمر في صحته تلك اإلجراءات اإللزامية هذا الشرط‬
‫صحيحا في ذاته‪ 11.‬المنصوص عليه في الفصل ‪ 317‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫ومتمثلة في بيان أسماء المحكمين وطريقة تعينهم تحت طائلة بطالن االتفاق‪12.‬‬

‫وقد ذهب جمهور من الفقه الفرنسي في مرحلة األولى وحتى عام‪ 1980‬إلى أن‬
‫شرط التحكيم هو مجرد مرحلة أولية إلبرام مشارطة التحكيم وكان ذلك هو مسلك‬
‫القضاء الفرنسي في الفترة ما بين الحربين العالميتين حيت اعتبر ان شرط‬
‫التحكيم هو في حقيقة األمر مجرد وعد باللجوء الى إلى التحكيم هو ما يقتضي‬
‫االتفاق على التحكيم )مشارطة التحكيم( عند وقوع النزاع بين األطراف‪.13‬‬

‫‪ 10‬عبد الكريم طالب "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع ‪، 2018‬مكتبة المعرفة ‪26‬‬
‫مراكش‪ ،‬الطبعة التاسعة يناير ‪، 2019‬ص ‪.304‬‬
‫‪ 11‬الفصل ‪ 318‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫‪ 12‬عبد الكريم طالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪ - 13‬خالد محمد القاضي‪ ،‬موسوعة التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 2002‬ص ‪165‬‬

‫‪7‬‬
‫وقد نص المشرع المغربي على شرط التحكيم في الفقرة الثانية مننن الفصننل ‪307‬‬
‫من قانون المسطرة المدنية إذ ورد فيها "يكتسي اتفاق التحكيم شكل العقنند التحكننيم‬
‫او شرط التحكيم" نص الفصل ‪ 311‬من ذات القانون على شرط التحكيم في الفقرة‬
‫الثانية من الفصل السننالف الننذكر علننى أن " وتكننون االتفاقننات المنضننمة لشننروط‬
‫تحكيم محله مداولة خاصة يجريها مجلس اإلدارة ‪.‬‬
‫ومن خالل استقرائنا لهذه الفصول يتبين لنا أن المشرع سار في اتجاه تبني اعتماد‬
‫التحكيم وسيلة لفض النزاعات وبذلك ال يوجد ما يمنع من ان يننرد شننرط التحكننيم‬
‫في العقد األصلي او في وثيقة مستقلة عن العقد األصلي الذي تم ابرامه وفي ذلننك‬
‫رغبة األطراف العقد في السير نحو تسوية النزاع المتوقع حدوثه قبل ان ينشأ عن‬
‫طريق التحكيم وتفضيل الحسم في النزاع منذ نشوء العقد وقبل حدوث النزاع ‪.14‬‬
‫وحتننى يكننون شننرط التحكننيم شننرط قننائم وصننحيح يجننب أن يتضننمن شننروط‬
‫موضوعية وأخرى شكلية فأمننا الموضننوعية فتتمثننل فنني الشننروط العامننة لصننحة‬
‫العقود وهي األهليننة والتراضنني والسننبب والمحننل‪ ،‬ويتجلننى محننل شننرط التحكننيم‬
‫حسب الفصل ‪ 307‬من قانون المسطرة المدنية في اللجوء المستقبلي وليس الحننال‬
‫إلى التحكيم‪ ،‬وقد يبدو الحال محتمل غير جننائز قانونننا‪ ،‬غيننر أنننه مسننتقبلي ولننيس‬
‫احتماال‪ ،‬ويجوز أن يكون المحل شيئا مستقبال أو غير محقق‪ ،‬أما الشروط الشكلية‬
‫فنص عليها المشرع في الفصل ‪ 1/309‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪-‬أن يتضمن شرط التحكيم كتابة االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل إليه‬
‫بشكل ال لبس فيه ‪.‬‬
‫‪ -‬أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين الحكم أو المحكمين وإما على‬
‫طريقة تعيينهم‪.15‬‬
‫والجدير باإلشارة أن أي إخالل إحدى الشروط الشكلية أو الموضوعية لقيام‬
‫شرط التحكيم يعرضه الى البطالن ‪.‬‬
‫‪ 14‬هاشمي فاطمة ‪ ،‬اثار اتفاق التحكيم بحث لنيل شهادة الماستر كليه الحقوق والعلوم السياسية جامعه موالي الطاهر الجزائر سنة‬
‫‪2018/2017‬‬
‫‪ 15‬عبد الكريم طالب ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫وعالوة على ما سبق فإن شرط التحكيم في اتفاقية التحكيم هو بند في العقد‬
‫محل النزاع يتم ادراجه بشأن كل أو بعض المنازعات التي يمكن أن تحدث‬
‫بين طرفين العقد مستقبال سواء كان هذا العقد يتعلق بالجانب اإلداري أو‬
‫االجتماعي أو التجاري أو المعامالت المدنية ويكون الغرض منه تسويه‬
‫النزاعات بشكل ودي دون اللجوء الى القضاء‪16.‬‬

‫غير أن هناك الكثير من الصعوبات التي تعتري شرط التحكيم عندما يرد‬
‫في عقد باطل‪ ،‬وقد أد في الماضي إلى رفضه من قبل العديد من الدول‬
‫اتجاه صوب ضرورة إبرام مشارطة التحكيم غير أن األمر لم يعد على‬
‫حاله واختلف عنه منذ إبرام بروتوكول جنيف ‪ 1923‬حيت تم االعتراف‬
‫بشرط التحكيم من قبل الفقه والقضاء وإعطاءه نفس القوة القانونية‬
‫لمشارطة التحكيم‪17.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عقد التحكيم ‪.‬‬


‫عقد التحكيم هو االتفاق الذي يتم بين الطرفين بعد قيام النزاع بينهما‬
‫لعرضه على التحكيم و يسمى ‪ ،‬و قد عرفه المشرع المغربي في الفصل‬
‫‪ 314‬من قانون المسطرة ‪ 34‬أحيانا وثيقة التحكيم الخاصةالمدنية بأنه‪ ":‬هو‬
‫االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ بينهم بعرض هذا النزاع على هيئة‬
‫تحكيمية‪". 18‬‬
‫والفقه العربي يعرف عقد التحكيم بأنه‪ ":‬اتفاق بين األطراف بمناسبة نزاع‬
‫معين قائم بالفعل بينهم يلتزمون بمقتضاه بعرض هذا النزاع على المحكم أو‬
‫المحكمين المختارين من قبلهم‪ ،‬بدال من عرض تلك المنازعة على المحكمة‬
‫المختصة أصال بنظره "‪. 19‬‬

‫‪ 16‬عليوه مصطفى فتح الباب التحكيم كوسيله لفض المنازعات دراسة فقهية علمية‪ ،‬الطبعة االولى ‪، 2013‬ص ‪82‬‬
‫‪ 17‬خالد محمد القاضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪167/166‬‬
‫‪ 18‬هاشمي فاطمة‪ ،‬اثار اتفاق التحكيم بحث لنيل شهادة الماستر كليه الحقوق والعلوم السياسية جامعه موالي الطاهر الجزائر سنة ‪30‬‬
‫‪2018/2017‬‬
‫‪ .19‬محم د رافع‪ ،‬اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي واالتفاقيات الدولية‪ ،‬مقال منشور في مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد‪ 117 :‬نونبر–دجنبر‬
‫‪ 2017‬ص‪.40:‬‬

‫‪9‬‬
‫ولقيام عقد التحكيم يجب أن يتضمن مجموعة من الشروط التي حددها‬
‫الفصل ‪ 315‬من القانون ‪ 08.05‬حيث نص هذا الفصل على ما يلي‪":‬‬
‫يجب أن يتضمن عقد التحكيم تحت طائلة البطالن‬
‫‪ -‬تحديد موضوع النزاع‪ :‬فتحديد موضوع النزاع يعتبر شرطا جوهريا في‬
‫عقد التحكيم و هو أمر طبيعي‪ ،‬إذ ليس هناك ما يدعو إلى عدم تحديد‬
‫موضوع النزاع بعد وقوعه فعاال يخالف ‪ ،‬و قد كان موقف ‪ 37‬شرط‬
‫التحكيم الذي يمكن معه ذكر موضوع النزاع لكونه لم يقع أصال‬

‫المشرع المغربي واضحا في هذه المسألة من خالل الفقرة األولى من‬


‫الفصل ‪ 315‬من ‪08.05‬القانون‬
‫‪-‬تعيين الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها‪ :‬حيث أنه من‬
‫الواجب أن تتشكل‬
‫الهيئة التحكيمية إما من محكم أو عدة محكمين ‪ ،‬فتكون أللطراف حرية‬
‫تحديد إجراءات‬
‫تعيينهم بمقتضى االتفاق أو على األقل أن يحدد اتفاق التحكيم مراقبة‬
‫تعيينهم تحت طائلة‬
‫بطالنه‪.20‬‬

‫و قد رتب المشرع البطالن على عدم تحديد موضوع النزاع و تعيين الهيئة‬
‫التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها ‪ ،‬كما رتب اإللغاء على عقد‬

‫‪ 20‬لفصل ‪ 315‬من القانون ‪ 08.05‬نص على بطالن عدم تحديد موضوع النزاع وتعيين الهيئة التحكيمية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫التحكيم عند رفض المحكم المعين في العقد القيام بالمهمة المسندة إليه‪ ،‬و‬
‫هي البث في النزاع‪. 21‬‬
‫ويعتبر اتفاق التحكيم بنوعيه سوء شرط التحكيم أو عقد التحكيم مستقال عن‬
‫عقد األصلي وقد أخدت بمبدئ استقالل اتفاق التحكيم العديد من الدول من‬
‫بينها فرنسا وكانت بداية األخذ بهذا المبدئ في قضية ‪ Gosset‬ضد‬
‫‪Carapelli‬الشهيرة وصدر هدا الحكم عن محكمة النقض سنة ‪، 1964‬و‬
‫القضاء الفرنسي في تقريره لمبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد األصلي‬
‫قد تأثر بالقضاء الهولندي الذي كان السباق في إقرار هذا المبدأ مند ‪1945‬‬
‫بعد أن اصدت محكمة النقض حكما يقضي بأن ليس هناك ما يمنع من‬
‫الفصل النزاع رغم احتمال عدم صحة العقد الذي تضمنه شرط‬
‫التحكيم‪ ،‬كم أخد به القضاء األلماني منذ ‪ 1952‬بعد أصدره لحكما يقضي‬
‫بأن شرط التحكيم ينفصل تماما عن العقد الذي تتضمنه‪ ،‬أما القضاء‬
‫اإلنجليزي فكان في البدايات يرفض مبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد‬
‫األصلي بيد أنه ترجع عن هذا المسلك و أقر استقاللية اتفاق التحكيم و‬
‫ذهب الى أن فسخ العقد أو انهائه ال يأثر على اتفاق التحكيم‪ ،‬أم القانون‬
‫المصري فقد حسم في هذه المسألة مع صدور قانون التحكيم سنة ‪ 1994‬و‬
‫أقر مبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد األصلي في المادة ‪ 23‬منه‪ ،‬أما‬
‫عن المغرب ففي إطار تعديل قانون المسطرة المدنية لم يغفل هذا المبدئ اذ‬
‫نظمه بمقتضى الفصل ‪ 318‬من قانون المسطرة المدنية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الوساطة اإلتفاقية كوسيلة بديلة لفض النزاعات‬


‫المطلب األول‪ :‬األحكام العامة للوساطة االتفاقية‬
‫‪21‬خالد محمد القاضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪170/169/168/167‬‬

‫‪11‬‬
‫الفقرة ألولي ‪ :‬مفهوم الوساطة اإلتفاقية ومميزاتها‬
‫اوال‪ :‬مفهوم الوساطة اإلتفاقية‪.‬‬
‫تعتبر الوساطة اإلتفاقية من أقدم آليات المستعملة في تسوية المنازعات سواء بين األطراف‬
‫أو بين المجتمعات المتخاصمة ‪ ،‬عرفت حتى ما قبل اإلسالم وذلك في غياب مقومات الدولة‬
‫والسلطة العمومية‪.‬‬

‫ولم يعرف المغرب تنظيم الوساطة االتفاقية إال مؤخرا وذلك بواسطة القانون رقم ‪08.05‬‬

‫المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية المعدل لقانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫فالمشرع لم يعرف الوساطة علي خالف التحكيم‪22‬لكن بعد صدور القانون رقم ‪ 17.95‬نظم‬
‫المشرع المغربي الوساطة االتفاقية في القسم الثاني منه وخصص لها الفصول من ‪ 86‬إلي‬
‫‪, 100‬وعرف الوساطة االتفاقية في المادة ‪ 87‬علي أنها العقد الذي يتفق األطراف بموجبه‬
‫علي تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح إلنهاء نزاع نشأ او قد ينشأ‪.23‬‬

‫انطالقا من هذا التعريف تبدو الوساطة االتفاقية ذات طبيعة تعاقدية بحثة وذلك لكونها قائمة‬
‫علي سند اتفاقي او تعاقدي مصدره اإلرادة الذاتية لألطراف النزاع سواء ورد هذا االتفاق‬
‫في بند من بنود العقد المبرم بينهما او جاء في مشارطة إتفاق كما انه من بين شروطه‬
‫الكتابة في وثيقة أصلية أو وثيقة تحيل عليه وبذاك يكون اتفاق الوساطة وقرارها النهائي‬
‫جزء ال يتجزأ ويشكالن بناء واحد قاعدته االتفاق وقيمته القرار النهائي‪.24‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مميزات الوساطة إالتفاقية ‪.‬‬
‫تتميز الوساطة االتفاقية بمجموعة من المميزات وهي ‪:‬‬
‫‪1‬تعتبر وسيلة ذات طابع غير قضائي فهي في أغلب حاالتها وصورها مستقلة عن القضاء‬

‫وال يتمثل ذلك استقالال في مكانتها فحسب بل وأيضا حل النزاع او تسويته والذي يتم بعيدا‬

‫‪ - 22‬زكرياء الغزاوي ‪ .‬محاضرات في الوسائل البديلة لحل المنازعات ماستر المهن القانونية والقضائية ‪ ،‬كلية العلوم القانونية والسياسية القنيطرة‬
‫السنة الجامعية ‪.2020/2021‬‬
‫‪ 23‬ظهير شريف رقم ‪ 34.22.1‬صادر في ‪ 23‬من شوال ‪ 24 ( 1443‬ماي ‪ ) 2022‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 17.96‬المتعلق بالتحكيم والساطة‬
‫إلتفاقية‬

‫‪ - 24‬حسيين عبد العزيز عبد هلال النجار ‪ ،‬البدائل القضائية لتسوية النزاعات إلستثمارية والتجارية ) التحكيم والوساطة والتوفيق ( الطبعة الولي‬
‫‪2011. 2010‬ص ‪2014-1435‬‬

‫‪12‬‬
‫عن السلطة القضائية ال كنها ترتبط في قضاء الدولة حينما تكون في صورتها القضائية او‬
‫ما يعرف بالوساطة القضائية‪.‬‬
‫‪2‬وسيلة تتم برضي األطراف واتفاقهم سواء فمصدرها االساسي نابع من اإلرادة الذاتية‬
‫لألطراف فهي وسيلة طوعية غير ملزمة بنتائجها لألطراف وهذا يعني ان قرار الوسيط ال‬
‫يبني على حجية اي أنه قرار غير ملزم كما ال يمكن األسناد إليه حين اللجوء إلي القضاء‬
‫في حالة فشل عملية الوساطة او حتا باستغالله للمطالبة بالتعرض للخصم‪.25‬‬
‫‪3‬وسيلة تعتمد علي السرية تلزم أطراف النزاع والوسيط بالحفاظ علي األسرار التي راجت‬

‫في جميع مراحلها وهناك من النظم القضائية التي تجرم الوسيط إذا باح بأسرار األطراف‬
‫كالقانون الجنائي الفرنسي في فقرته األولى من الفصل ‪ 338‬وكذلك القانون الجنائي‬
‫المغربي في الفصل ‪ 442‬وما بعده‪.26‬‬

‫كما تتضمن جميع المدونات الخاصة بسلوك الوسطاء بضرورة الحفاظ علي أسرار الخصوم‬
‫وعدم إفشائها ‪.‬‬

‫‪ 4‬وسيلة مرنة تتيح وتسمح ألطراف المشاركة الفعالة في صنع القرار الخاص بحل النزاع‬
‫وتسويته كما أنها ال تهدف بوضع حد للنزاع او الخالف فحسب بل تساهم كذلك وبدرجة‬
‫على استمرار العالقة الودية والطيبة بين الخصوم فهي من حيث المبدأ تفتح باب كبيرة‬
‫من الواجهة خاصة بعد إفراغ النزاع من مظاهر التوتر والقلق وهذا ما يميزها الحوار بدل‬
‫كثيرا عن القضاء والتحكيم حيث انها في جوهرها ليس البحث عن صاحب الحق بل لتحقيق‬
‫الصلح بين األطراف والحفاظ على استمرار العالقة الطيبة والودية بينهم ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬شروط الوساطة االتفاقية‬


‫وللحديث عن الشروط المتطلب في الوساطة االتفاقية سنشير للشروط الموضوعية أوال‪ ،‬ثم‬
‫نشير بعدها للشروط الشكلية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الشروط الشكلية‬
‫عمل المشرع المغربي في قانون ‪17.95‬للتحكيم و الوساطة االتفاقية وضع مجموعة من‬

‫الشروط الشكلية التي تأسس لعملية الوساطة و تتجلي في أن يبرم اتفاق الوساطة كتابة و أن‬

‫‪ 25‬حسين عبد العزيز عبد هلال النجار مرجع سابق ص ‪200‬‬


‫‪ - 26‬الفصل ‪ 442‬وما بعده ‪ ..‬من القانون الحنائي المغربي‬

‫‪13‬‬
‫يتقيد الوسيط بأحكام السر المهني أثناء سير مسطرة الوساطة وكذا احترام الوسيط أجل‬
‫الوساطة‪:‬‬

‫أ‪ -‬الكتابة‬
‫ألزم المشرع من خالل ا لقانون ‪ 17.95‬ملى أن يبرم اتفاق الوساطة كتابة حيث جاء بالمادة‬

‫" ‪91‬يجب تحت طائلة البطالن‪ ،‬ان يحرر شرط الوساطة كتابة في االتفاق األصلي أو في‬

‫وثيقة تحيل اليه"‪....‬‬

‫ادن يعتبر اتفاق الوساطة مبرما كتابة‪ ،‬إذا ورد في وثيقة موقعة من األطراف أو في رسائل‬
‫متبادلة أو برقيات أواي وسيلة أخرى من وسائل االتصال المكتوبة تثبت وجوده‪ ،‬وبموجب‬
‫رسالة إلكترونية معدة وفقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل‪ ،‬أو بتبادل مذكرات‬
‫الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين وجود اتفاق وساطة دون أن ينازعه الطرف‬
‫األ خر في ذلك‪ ،‬ويعد في حكم اتفاق الوساطة المبرم كتابة‪ ،‬كل إحالة صريحة في عقد‬
‫مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية‪ ،‬أو إلى أي وثيقة أخرى تتضمن شرط‬
‫وساطة‪ ،‬إذا كانت هذه الحالة واضحة ف باعتبار هذا الشرط جزء امن العقد‬
‫وهذا ما نص عله أيضا المشرع في اطار القانون ‪ 05.08‬بان يحرر شرط الوساطة كتابة‬

‫في االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل اليه‪ ،‬لزوما وتحت طائلة البطالن‬
‫ب‪-‬احترام اآلجال القانونية‬
‫اعتبر المشرع المغربي أن لألطراف أن يحددوا للوسيط مدة مهمته دون أن تتجاوز ثالثة‬
‫أشهر تحسب ابتداء من تاريخ قبوله لمهمة الوساطة‪ .‬ولألطراف تمديد األجل المذكور باتفاق‬
‫يبرم وفق نفس الشروط المعتمدة إلبرام اتفاق الوساطة‪ :‬وهذا ما جاء في المادة ‪ 94‬من‬
‫القانون رقم ‪ 17.95‬حيث جاء فيها ‪" :‬يحدد األطراف مدة مهمة الوسيط في أول األمر دون‬
‫أن تتجاوز ثالثة أشهر من التاريخ الذي قبل فيه الوسيط مهمته‪ .‬غير أن الطراف تمديد‬
‫األجل المذكور باتفاق يبرم وفق نفس الشروط المعتمدة اإلبرام اتفاق الوساطة"‬

‫وهو ما تم التنصيص عليه في ظل قانون ‪ 05.08‬الذي نص في الفصل ‪ 65-327‬على ان "‪:‬‬

‫يحدد األطراف مدة مهمة الوسيط في أول األمر دون أن تتجاوز أجل ثالثة أشهر من التاريخ‬
‫‪14‬‬
‫الذي قبل فيه الوسيط مهمته غير أن لألطراف تمديد األجل المذكور باتفاق يبرم وفق نفس‬
‫الشروط المعتمدة إلبرام اتفاق الوساطة "‬

‫ما يعاب على المشرع المغربي في هذه النقطة‪ ،‬أنه لم يحدد عدد المرات التي يجوز بموجبه‬
‫لألطراف تمديد مهمة الوسيط‪ ،‬مما قد يطيل أمد الوساطة ويفرغها من محتواها كأداة ربح‬
‫الوقت والفصل في النزاع بسرعة‪ ،‬وهذا قد يؤدي الى ضرب أهم خصائص الوساطة‬
‫المتمثلة في سرعة الفصل في النزاع‪ ،‬وذلك خالفا للتشريعات المقارنة كالتشريع الفرنسي‬
‫الذي حددها ‪ 24‬مرة واحدة‪ ،‬وكذلك التشريع الجزائري ‪.‬‬

‫ج‪ -‬احترام السر المهني‬


‫فقد نص المشرع المغربي من خالل المادتين ‪95‬و ‪ 96‬من القانون رقم ‪ 17.95‬على ان‬

‫الوساطة تعتبر سرية وال يجوز االحتجاج بما راج بها أو ما تم فيها من تنازل ألطراف‬
‫النزاع أمام المحاكم أو أي جهة أخرى مالم يتفق األطراف على خالف ذلك‪ ،‬حيث يلزم‬
‫الوسيط بكتمان السر المهني تحت طائلة تطبيق المقتضيات المنصوص عليها في مجموعة‬
‫القانون الجنائي ‪.‬‬

‫لكن من بين اإلغفاالت التي وقع فيها المشرع المغربي‪ ،‬عدم ذكره مسؤولية األطراف في‬
‫حالة كشف أحدهم عن المالحظات والتصاريح المدلى بها في اطار الوساطة‪ ،‬بمعنى انه لم‬
‫يبين‪ 27‬األثر القانوني لقيام احد اطراف الوساطة بتسريب محتواه‪ ،‬ويضر بالطرف األخر في‬
‫مصلحته أو سمعته فرغم ان نص المادة ‪ 97‬جاء مانعا للوسيط من افشاء أي شيء‬

‫إال أنه من جهة ثانية سمح أللطراف بخالف ذلك‪ ،‬أي السماح بإخراج ما تم االتفاق عليه في‬
‫السر إلى العلن بشرط اتفاق األطراف على ذلك‪ ،‬لكن المشرع المغربي هنا لم ينص على‬
‫الحالة التي يقوم أحد اطراف النزاع بإفشاء ما دار داخل جلسات الوساطة بدون موافقة‬
‫‪28‬‬
‫الطرف األخر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط الموضوعية‬
‫إضافة إلى الشروط الشكلية التي استوجبها المشرع المغربي للقول بصحة اتفاق الوساطة‪،‬‬

‫‪ 27‬عيشوش محمد‪ ،‬رايس محمد‪ ،‬منظومة الوساطة االتفاقية في القانون المغربي‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬المجلد ‪ 6‬العد د‪2‬‬
‫ديسمبر ‪،2021‬ص‪.2051‬‬
‫‪ 28‬عيشوش محمد‪ ،‬رايس محمد‪ ،‬م س‪،‬ص ‪,2052‬‬

‫‪15‬‬
‫اشترط كذلك ضرورة توافر هذا االتفاق على شروط موضوعية تتعلق أساسا ببعض‬
‫البيانات الواجب توافرها في شرط الوساطة أو عقد الوساطة‪.‬‬

‫‪ -‬البيانات الواجب توافرها في عقد الوساطة‪ :‬إن عقد الوساطة باعتباره اتفاقا مبرما بعد‬
‫نشوء النزاع بين طرفيه‪ ،‬فإن المشرع المغربي ألزم تحت طائلة البطالن أن يتحدد في هذا‬
‫العقد موضوع النزاع‪ ،‬تعيين الوسيط أو طريقة تعيينه‪. 29‬‬
‫‪-‬البيانات الواجب توافرها في شرط الوساطة‪ :‬باإلضافة إلى شرط الكتابة وتضمين شرط‬

‫الوساطة في العقد األصلي أو في وثيقة تحال إليه بشكل ال لبس فيه‪ ،‬أوجب المشرع‬
‫المغربي‬
‫تحت طائلة البطالن أن يتضمن شرط الوساطة تعيين الوسيط أو الوسطاء أ والتنصيص‬
‫‪30‬‬
‫على طريقة تعيينهم ‪.‬‬
‫كما نصت المادة‪86‬من القانون رقم ‪ 17.95‬على انه ‪ " :‬يجوز لألطراف‪ ،‬ألجل تجنب أو‬

‫تسوية نزاع‪ .‬االتفاق على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح ينهي النزاع"‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سريان مسطرة الوساطة االتفاقية وانتهائه‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬سريان مسطرة الوساطة االتفاقية ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مراحل الوساطة االتفاقية‬


‫وفي هذا اإلطار نظم المشرع المغربي في الفصل ‪ 86-327‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫‪31‬‬
‫فغالبا ما يتم إجمال هذه المراحل في ‪ 28‬اإلجراءات المحددة لمسطرة الوساطة‬

‫أربعة وتتمثل في ‪:‬‬

‫✓مرحلة المقدمة واإلعداد للوساطة‬

‫‪ 29‬المادتين ‪ 87‬و ‪ 90‬من قانون ‪.95.17‬‬


‫‪ 30‬المادة ‪ 91‬من قانون السابق ذكر‬
‫‪ 31‬ترجع عدم التفصيل في إجراءات مسطرة الوساطة مثل ما تم بشان التحكيم إلى أن دور الوسيط مقصور على تدير الحوار و التوصل إلى حل‬
‫بين الطرفين‪ ،‬ولذلك ال توجد حاجة إلى ضمانات إجرائية من النوع المتطلب في التحكيم الذي يصدر فيه المحكم حكما تحكميا مثله في ذلك مثل‬
‫القاضي‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫إعمال بالفقرة الثانية للفصل ‪ 67-327‬من قانون ‪ 05-08‬يتعين على الوسيط بمجرد قبول‬

‫مهمته‪ ،‬أن يخبر األطراف بذلك في رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة مفوض‬
‫‪32‬‬
‫قضائي‪ ،‬يطلعهم فيها عن تاريخ بدء عملية الوساطة‬
‫وتشمل هذه المرحلة ثالث نقاط أساسية ‪:‬‬

‫تتمثل األولى في شرح مسار الوساطة والتزامات كل من الوسيط واألطراف وتحديد‬


‫األهداف وبيان القواعد التي تحكم سير جلسات الوساطة‪ ،‬أي القواعد التي يجب االلتزام بها‬
‫في الوساطة من عدم مقاطعة الحديث واالحترام المتبادل بين األطراف واحترام سرية‬
‫التفاوض‪.‬‬

‫وتتعلق الثانية‪ ،‬بتقييم مدى قابلية النزاع للحل عن طريق الوساطة ووضع األرضية‬
‫األساسية للعمل وتحديد دور كل طرف في النزاع‪ ،‬بمعنى التوقيع على إتفاق الوساطة في‬
‫أي شكل من الرسمي فيها‪ ،‬واالتفاق على ‪ 30‬األشكال‪ ،‬التي تطلبها القانون رقم ‪05-08‬‬
‫‪33‬‬
‫وعلى االنخراط‪.‬‬
‫األتعاب وطريقة أدائها في حالة ما إذا كان في إطار وساطة حرة‪ ،‬عكس الوساطة‬
‫‪34‬‬
‫المؤسساتية التي تحدد رسوم وأتعاب الوساطة وفقا للجدول الجاري به العمل ‪.‬‬
‫أما الثالثة‪ ،‬فتتمثل في شرح آلية الوساطة من دور ومهمة الوسيط فيها وقراءة المذكرات‬
‫والحجاج الداعمة لموقف كل طرف‪ ،‬وتحديد مكان وزمان األشغال الحضرية للوساطة‬
‫‪35‬‬
‫التمهيدية‪ ،‬وتوفير المناخ المناسب للتفاوض‬
‫✓محل افتتاح الوساطة والشروع فيها‬

‫تشمل هذه المرحلة إستقبال األطراف وتوفير قاعات لالجتماع المنفرد والجماعي بهم‪ ،‬حيث‬
‫‪36‬‬
‫تقام جلستان في هذه المرحلة يعقدهما الوسيط وهما‪:‬‬
‫جلسة أولى مشتركة يحضرها جميع األطراف ومحاميهم‪ ،‬ويستهلها الوسيط بتقديم فكرة عن‬

‫‪ 32‬بنسالم اوديجا ‪ :‬الوساطة كوسيلة البديلة لفض المنازعات‪ ،‬بحث تأهيل في إطار دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المد ني المقار ‪ ،‬شعبة‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق جامعة محمد الخامس الرباط ‪ ,‬الصفحة‪1‬الفصل ‪ 57-327‬من قانون ‪14.0-08‬‬
‫‪ 33‬دليل المركز الدولي للوساطة و التحكيم بالرباط ‪ ,‬الصفحة ‪.7 :‬‬
‫‪ 34‬توفيق عزوي ‪ :‬الوساطة في نزاعات الشغل ‪ ,‬مقال منشور بالمجلة المغربية للوساطة و التحكيم ‪,‬العدد ‪ , 4‬السنة ‪. 2009‬الصفحة ‪.87 :‬‬
‫‪ 35‬محمد سالم ‪ :‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات ود ورها ال تخفيف العبء عل القضاء وتحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية‪ ,‬الصفحة‪80 :‬‬
‫‪ 36‬أطراف‬
‫‪ :‬الطرق البديلة لتسوية نزاعات الشغل مطبعة المعارف الجديدة‪ -CTP‬الرباط الطبعة ‪ , 2016‬الصفحة ‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫مهمته ويحث الطرفين على االلتزام بالموضوعية والجدية والصراحة في بسط وجهات‬
‫نظرهما‪ ،‬واغتنام الفرصة للتوصل إلى حل متفق عليه للنزاع‪.‬‬

‫أما الجلسة الثانية‪ ،‬فيعقدها الوسيط منفردة مع كل طرف على حدة مباشرة بعد رفع الجلسة‬
‫المشتركة األولى حيث يبدأ بجلسة منفردة مع المدعي ومحاميه والتي ال تتجاوز مدتها ربع‬
‫أو نصف ساعة على األكثر‪ ،‬ويطلب فيها منهما حصر الطلبات النهائية والتي سيقوم‬
‫بعرضها على طرف المدعي عليه ومحاميه في جلسة منفردة معهما‪ ،‬يستمع فيها لردهم أو‬
‫‪37‬‬
‫باألحرى عرضهما المقترح لحل النزاع‬
‫مما تجدر اإلشارة إليه في هذه المرحلة هو أن الوسيط فقط يستمع إلى وجهات النظر‬
‫المتباينة لألطراف‪ ،‬ويسعى إلى تحديد مواضيع االتفاق واالختالف ما بين طرفي النزاع‪،‬‬
‫وعليه يكون الوسيط قد كون فكرة أولية ولو نسبية في هذه المرحلة عن وقائع النزاع‪ ،‬وعن‬
‫كيفية التعامل مع األطراف للوصول إلى حل رضائي‪.‬‬

‫✓مرحلة دراسة النزاع و التفاوض‬

‫تعتبر هذه المرحلة من المراحل األساسية للوساطة‪ ،‬حيث يتجلى فيها الدور الكبير للوسيط‪،‬‬
‫يتم خاللها توفير أرضية لحل النزاع‪ ،‬من خالل عقد اجتماعات سواء فردية أو جماعية‪ ،‬يتم‬
‫فيها‬
‫التطرق لمواضيع النزاع إما جميعها أو تجزئتها إلى نقاط‪ ،‬إذ يعمل الوسيط بعد أخذه موافقة‬
‫إلى االستماع إلى األغيار الذين يقبلون ذلك‪ .‬فدور‪ 38‬األطراف‪ ،‬وطبقا للصاحيات المخولة له‬
‫الوسيط يكتفي بتشجيع األطراف على تسوية موضوع النزاع بينهما‪ ،‬بأي طريقة يراها‬
‫مناسبة دون أن يكون له أي سلطة لفرض تسوية على الطرفين‪ .‬و في آخرها‪ ،‬يجب أن‬
‫يكون الوسيط قد حدد طلباته ومواقفه‪ ،‬لينتقل إلى مرحلة حاسمة أال وهي تحفيز األطراف‬
‫الستحداث بعض الخيارات وتقديم بعض االقتراحات كحلول للنزاع‪.‬‬

‫✓مرحلة االتفاق وتسوية النزاع ‪:‬‬

‫هي المرحلة النهائية التي يتم فيها النطق بالحل‪ ،‬سواء نجحت أو فشلت الوساطة‪ ،‬إذ يعقد‬
‫الوسيط أوال جلسة يستعرض فيها نتائج مهمته‪ ،‬فإذا ما انتهت المهمة بإتفاق الطرفين على‬
‫حل حبي‪ ،‬فإن هذه الجلسة تخصص للتوقيع على وثيقة صلح كتابية تحرر لهذه الغاية من‬

‫‪ 37‬في كل من الفقرتين ‪ 3-2‬من قانون ‪05-08‬‬


‫‪ 38‬محمد سالم‪ :‬مرجع‪ .‬سابق‪ ،‬الصفحة ‪80 :‬‬

‫‪18‬‬
‫طرف الوسيط فورا‪ ،‬تتضمن وقائع النزاع وكيفية حله وما توصل إليه وما اتفق عليه‬
‫األطراف على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم ويتفق مع القانون المنظم للوساطة‪،‬‬
‫ويتسلم كل طرف صورة منها ثم يتم تبادل التهاني وعبارات التقدير‪.‬‬

‫أما في الحالة األخرى‪ ،‬التي تكون فيها النتيجة سلبية ويتعذر الوصول إلى حل حبي للنزاع‪،‬‬
‫فالوسيط يقوم بتسليم وثيقة عدم وقوع صلح التي تحمل توقيعه لألطراف‪ ،‬مع تأكيده على‬
‫سرية كل ما راج في كافة مراحل الوساطة‪ ،‬وعدم إمكانية التمسك به أمام المحكمة‪ ،‬في‬
‫‪39‬‬
‫حالة لجوء األطراف إلى القضاء ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬انتهاء مسطرة الوساطة االتفاقية ‪.‬‬


‫بعد استيفاء الوساطة االتفاقية لجميع مراحلها وانتهاء األطراف من اإلجراءات الضرورية‪،‬‬
‫فإنها تأخذ إحدى الناتجتين‪ ،‬إما أن تنتهي بالصلح بين األطراف وهذا هو األساس من هذه‬
‫األلية أو قد تنهي بفشل الصلح وبالتالي عرض النزاع على القضاء‪ ،‬وهذا ما سنحاول‬
‫معالجته في هذه الجزئية ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬في حالة نجاح الوساطة االتفاقية ‪.‬‬

‫بعد انتهاء الوسيط من مهمته بنتيجة ايجابية تفضي باتفاق األطراف على إنهاء النزاع‪ ،‬يتم‬
‫تحرير وثيقة صلح من قبل الوسيط‪ ،‬تتضمن وقائع النزاع وكيفية حله و ما توصل إليه‬
‫األطراف على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم‪40‬؛ وهذا ما نصت عليه‬
‫صراحة المادة ‪ 99‬من قانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بالتحكيم و الوساطة االتفاقية والتي جاء‬
‫فيها ‪:‬‬

‫"يقترح الوسيط على األطراف‪ ،‬عند انتهاء مهمته؛ مشروع صلح أو بيانا عن األعمال التي‬
‫قام بها‪ ،‬و يحرر ذلك في وثيقة صلح تتضمن وقائع النزاع و كيفية حله و ما توصل إليه و‬
‫ما اتفق عليه األطراف‪ ،‬على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم‪"....‬‬

‫‪ 39‬عشبوش محمد‪ ،‬رايس محمد‪ ،‬منظومة الوساطة في القانون المغربي‪ ،‬مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية و السياسية ‪، 06‬العدد‬
‫‪ .2056‬ص‪ 2021 .‬ديسمبر‪02 ،‬‬

‫‪ 40‬زكرياء الغزاوي‪ ،‬الوسائل البديلة لحل المنازعات‪ ،‬محاضرات ألقيت على على طلبة ماستر المهن القانونية و القضائية في الفصل الثاني‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية و السياسية بجامعة ابن طفيل القنيطرة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2020/ 2021‬ص ‪21‬‬

‫‪19‬‬
‫ويتم التوقيع على هذه الوثيقة كل من الوسيط و األطراف المتنازعة و ويصبح األطراف‬
‫ملزمين بتنفيذ مضمونها؛ وفي حالة رفض التنفيذ؛ يمكن للطرف األخر اللجوء إلى المحكمة‬
‫‪41‬‬
‫المختصة ‪ ،‬من أجل تذييلها بالصيغة التنفيذية‪ ،‬لتبتدأ بعد ذلك إجراءات التنفيذ الجبري‬
‫وهذا ما نصت عليه مقتضيات المادة ‪ 100‬من قانون ‪ 17.95‬السابق الذكر‪ ،‬حيث جاء‬
‫بصريح العبارة " ‪:‬يكتسي الصلح بين األطراف قوة الشيء المقضي به‪ ،‬ويمكن أن يذيل‬
‫بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة المختصة محليا للبت في موضوع النزاع‪".‬‬

‫ثانيا‪ :‬في حالة فشل الصلح ‪.‬‬

‫يتم فشل الوساطة عندما ال يتمكن الوسيط من تسوية النزاع كليا أو جزئيا خالل المدة‬
‫القانونية‪ ،‬بسبب وصول المفاوضات إلى طريق مسدود‪ ،‬ال يمكن معها لألطراف االستمرار‬
‫في النقاش‪ ،‬نظرا لعدم تقارب وجهات نظرهم حول النزاع‪ ،‬او بسبب تغيب الخصوم وعدم‬
‫متابعتهم إلجراءات الوساطة‪ 42‬؛ كما يمكن أن تفشل الوساطة في حالة توافر سبب من‬
‫‪43‬‬
‫األسباب األخرى التالية‪:‬‬
‫_تخلي الوسيط عن مهمته بدون موافقة األطراف ‪.‬‬

‫_إذا انصرم األجل المنصوص عليه في المادة ‪ 94‬من قانون السابق اإلشارة اليه دون أن‬

‫يستطيع األطراف إبرام الصلح ‪.‬‬

‫وهكذا فعندما يفشل الوسيط في حل النزاع ‪ ،‬فإنه يسلم لألطراف وثيقة موقعة من طرفهم‬
‫تفيد عدم وقوع الصلح ‪ ،‬وبالتالي يبقى لألطراف حل اللجوء الى القضاء المختص‪.‬‬

‫‪ 41‬أوربير رشيدة‪ ،‬األثار القانونية المترتبة عن إجراءات الوساطة االتفاقية‪ ،‬منشور عبر الموقع االلكتروني‬
‫‪ .‬ليال ‪ 02:04‬الساعة على ‪ 2022/07/04‬بتاريخ اليه الدخول تم‪www.droitetentreprise.com‬‬
‫‪ 42‬أوربير رشيدة‪ ،‬األثار القانونية المترتبة عن إجراءات الوساطة االتفاقية‪ ،‬منشور عبر الموقع االلكتروني ‪39‬‬
‫‪ .‬ليال ‪ 02:04‬الساعة على ‪ 2022/07/04‬بتاريخ اليه الدخول تم ‪www.droitetentreprise.com‬‬
‫‪ 43‬عشبوش محمد ‪ ،‬رايس محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪2056‬‬

‫‪20‬‬
‫خاتمة‬
‫‪-‬أن المرونة التي تتمتع بها هده الوسائل وقدرتها على تكيف مع متطلبات الحياة لسائر‬

‫المجتمعات جلعت منها الطريق األفضل لتسوية الخالفات والمنازعات خاصة التي تنشأ عن‬
‫المعامالت التجارية الدولية ‪.‬‬

‫لذلك يمكن القول أن أفضل توصية يمكن الخروج بها في هدا الموضوع هو ضرورة تشجيع‬
‫العمل بهده الوسائل ليس يقصد تخفيف األعباء عن القضاء أو تجنب تعقيدات إجراءاته‬
‫فحسب‪،‬بل كذلك للدور اإليجابي الذي تقوم به خاصة على صعيد تعزيز الثقافة والحوار‬
‫والتسامح ومواكبة التطور السريع الذي يشهده قطاع التجارة الدولية ‪.‬‬

‫وبهذا السياق يعد القضاء األصل والمالذ األخير للحل النزاعات والخالفات بين األفراد‬
‫‪،‬لهذافإن أي عملية تحديث او عصرنة يجب أن تنطلق من مبدأ ضرورة تخليقه وتحسينه‬
‫ومحاربة أي من شوائب التي قد تلحق به ‪.‬‬

‫هذا ال يعني أن الحق في التقاضي يبقى مقتصرا عليه فقط ‪،‬بل من ممكن أن تستوجب‬
‫مصلحة األفراد ٱلى وسائل أخرى لتسوية ما قد ينشأ بينهم من خالفات ‪،‬هذه الوسائل هي‬
‫ذات طابع إرادي يتم االلتجاء إليها بناء على رغبة األطراف أنفسهم دون أي ضغوط‬
‫خارجية وتتقاسم تلك الوسائل مجموعة من الخصائص ومزايا قد ال تتوفر في القضاء نفسه‬
‫‪،‬كما أنها ليست على نفس الدرجة من االنتشار ‪.‬‬

‫ويعتبر التحكيم أكترها فعالية وانتشارا ‪،‬عند حديثنا عن التحكيم فإننا تقصد التحكيم التجاري‬
‫الدولي الذي يعيش حاليا أزهى فترات تطوره وازدهاره ‪،‬الذي أصبح في نظر غالبية‬
‫العظمين المهتمين بمثابة نظام قضائي عالمي يعلو فوق النظم القانونية الوطنية ‪،‬خاصة بعد‬
‫أن فرض نفسه وأصبح واقعا ضروريا في عالم التجارة العالمية‪ ،‬ومرادفا لكل نشاط تجاري‬
‫دولي ‪،‬ووسيلة للتوحيد القانون مجتمع التجار ورجال األعمال والمال على الصعيد العالمي‬
‫‪،‬فهو بذلك أداة من أدوات التحرير التجارة الدولية من قيود قواعد الجامدة من قوانين‬
‫الوطنية‪ ،‬وعامالهما لتفادي الشكوك التي تظهرها أطراف واالستثمار نجاه قضاء الوطني ‪.‬‬
‫تتأكد مكانة التحكيم الهامة ودوره الفعال في تسوية المنازعات التجارة الدولية لما ينفرد به‬
‫من مزايا وخصائص عديدة تميزه عن باقي وسائل البديلة لحل النزاعات ‪،‬كالوساطة‬
‫االتفاقية التي تعتبر بدورها من الوسائل البديلة لمرفق القضاء ‪،‬وذلك من خالل المرونة‬

‫‪21‬‬
‫والسرعة التي تتميز بها إجراءاتها ‪،‬وما في ذلك لكسب الوقت والجهد ‪،‬عالوة على تسوية‬
‫وحل النزاعات بين األطراف في سرية تامة وبشكل ودي ‪،‬األمر الذي يجعل منها مالذ أمن‬
‫التسوية مختلف النزعات بعيدا عن اكراهات التي يعرفها الجهاز القضائي ‪.‬‬

‫لكن رغم ايجابيات التحكيم فأن له عيوب بسيطة التي يجب اإلشارة إليها ‪،‬حيت يرى بعض‬
‫الفقهاء بأن القضاء أفضل من التحكيم في العديد من الفروض وان شروط التحكيم قد أث‬
‫بتت عدم جدارة واالقتناع ألن تحتل مكانة الصدارة ‪،‬ويضيف هؤالء بأن السرعة قد‬
‫أصبحت وهما ال وجود له في غالبية األحيان وان الوفر في الوقت وقلة التكاليف والحفاظ‬
‫على األسرار أطراف هي مسائل نسبية ليست مطلقة ‪. ،‬‬

‫من نتائج المتوصل إليها يمكن القول ‪ -‬أن إصالح القضاء ال يعني وضع حد للدور الذي‬
‫تقوم به الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية ‪.‬‬

‫‪-‬اإلسهام في استعمال الوسائل البديلة ال يعني االستغناء عن دور القضاء ومكانته للحكم في‬

‫المنازعات والخالفات ‪.‬‬

‫‪-‬إن دور الوسائل البديلة ال ينحصر في إطاره القضائي أو القانوني بل إن هدا الدور يتسع‬
‫أكتر فأكتر ليشمل المجال االجتماعي واالقتصادي ‪.‬‬

‫‪-‬إن ما تتمتع به هده الوسائل من مزايا وخصائص جعلها منافسا قويا للقضاء هذا ال يعني‬
‫أنها منافسا له إنما في جانبه كطرف داعم ومساند له في تحقيق العدالة في عالقات‬
‫األطراف‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫_عبد السالم الزوير‪ ،‬االختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالياته‬
‫العملية الطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬مكتبة دار السالم الرباط‬
‫_ خالد محمد القاضي‪ ،‬موسوعة التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪2002‬‬
‫_ عبد الكريم طالب "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬دراسة في‬
‫ضوء مستجدات مسودة مشروع ‪، 2018‬مكتبة المعرفة ‪26‬مراكش‪،‬‬
‫الطبعة التاسعة يناير ‪2019‬‬
‫_ عليوه مصطفى فتح الباب التحكيم كوسيله لفض المنازعات دراسة فقهية‬
‫علمية‪ ،‬الطبعة االولى ‪2013‬‬
‫_حسيين عبد العزيز عبد هلال النجار ‪ ،‬البدائل القضائية لتسوية النزاعات‬
‫إلستثمارية والتجارية ) التحكيم والوساطة والتوفيق ( الطبعة األولى‬
‫‪2014- 2010 .2011‬‬
‫_ زكرياء الغزاوي ‪ .‬محاضرات في الوسائل البديلة لحل المنازعات‬
‫ماستر المهن القانونية والقضائية ‪ ،‬كلية العلوم القانونية والسياسية‬
‫القنيطرة السنة الجامعية ‪2020/2021‬‬
‫الرسائل ‪:‬‬
‫_ نوال الكرتي " شرط التحكيم في المادة التجارية دراسة مقارنة رسالة‬
‫لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ‪ ،‬ماستر قانون المقاولة التجارية‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول ‪-‬‬
‫سطات‪ -‬سنة ‪2012/2011‬‬
‫‪23‬‬
‫_ هاشمي فاطمة‪ ،‬اثار اتفاق التحكيم بحث لنيل شهادة الماستر كليه‬
‫الحقوق والعلوم السياسية جامعه موالي الطاهر الجزائر سنة‬
‫‪2017/2018‬‬
‫_بنسالم اوديجا ‪ :‬الوساطة كوسيلة البديلة لفض المنازعات‪ ،‬بحث تأهيل‬
‫في إطار دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني المقار ‪،‬شعبة‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق جامعة محمد الخامس الرباط ‪,‬‬
‫المقاالت‪:‬‬
‫_عبد الكريم الطالب‪ ،‬حجية أحكام المحكمين في قانون المسطرة المدنية‬
‫المغربية‪ ،‬مقال منشورفي منشورات جمعية نشر المعلومة‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الندوات واأليام الدراسية العدد‪، 2‬الطبعة‬
‫االولى‪ ،‬سنة ‪2004‬‬
‫عيشوش محمد‪ ،‬رايس محمد‪ ،‬منظومة الوساطة االتفاقية في القانون‬
‫المغربي‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬المجلد ‪ 6‬العد د‪2‬‬

‫_محمد رافع‪ ،‬اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي واالتفاقيات الدولية‪،‬‬


‫مقال منشور في مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد‪ 117 :‬نونبر–دجنبر ‪2017‬‬

‫المواقع االلكترونية‬
‫‪www.droitetentreprise.com‬‬

‫‪24‬‬
‫الفهرس‪:‬‬
‫المقدمة‪2......................................................‬‬
‫المبحث االول‪ :‬التحكيم كوسيلة بديلة لفض النزاعات ‪2.............‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬مفهوم التحكيم وشروطه‪3..........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم التحكيم‪3........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط التحكيم‪4..............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أشكال التحكيم‪6..............................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬شرط التحكيم‪7....................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عقد التحكيم‪9...................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الوساطة االتفاقية ‪11................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األحكام العامة للوساطة االتفاقية‪11..............‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬مفهوم الوساطة االتفاقية و مميزاتها‪12..............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط الوساطة االتفاقية ‪13..................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬سريان مسطرة الوساطة االتفاقية وانتهائه‪16....‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬سريان مسطرة الوساطة االتفاقية‪16............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انتهاء مسطرة الوساطة االتفاقية‪19........‬‬
‫خاتمة‪21.......................................................‬‬
‫الئحة المراجع‪23..............................................‬‬

‫‪25‬‬
26

You might also like