Professional Documents
Culture Documents
في عالم مليء بالتبادالت والمعامالت التجارية ،يكمن في أساسه واحدة من أقدم العقود
المعروفة لإلنسان ،وهي عقد البيع .تعتبر فكرة البيع والشراء أساسية في تنظيم العالقات
التجارية والمعام الت االقتصادية بين األفراد والشركات .البيع ليس مجرد عملية اقتصادية
ضا تجسيد الحتياجات ورغبات اإلنسان في امتالك ممتلكات جديدة والتخلص
بسيطة بل هو أي ً
من ممتلكات قديمة.
فكرة البيع والشراء تتركز حول رغبة اإلنسان في اكتساب ممتلكات وسلع تفيد حياته أو تلبي
احتياجاته .تمثل هذه العملية جز ًءا أساسيًا من النسيج االقتصادي واالجتماعي للمجتمع.
تاريخيًا ،يمكن رؤية أثر البيع والشراء في مجموعة متنوعة من الثقافات والحضارات ،حيث
قام المشرعون بتنظيم هذا النوع من الصفقات لضمان سيرها بشكل موثوق وعادل.
في السياق المغربي ،يتم تنظيم عقد البيع من خالل العديد من القوانين واللوائح .تضمن المشرع
المغربي تطوير ترسانة قانونية تهدف إلى تنظيم جوانب مختلفة لعقد البيع ،بد ًءا من صحته
وانتها ًء بعملية توثيقه .هذا يتضمن قوانين تخص البيع في طور االنجاز ،وحرية األسعار
والمنافسة ،وظهير التحفيظ العقاري ،باإلضافة إلى القوانين المتعلقة بالتوثيق عبر مهنة الموثق
ومهنة العدل.
تظهر هذه الترسانة القانونية التزام المشرع المغربي بتوفير إطار قانوني محدد يضمن صحة
عقود البيع وينظم عملية توثيقها .ولكن اإلشكالية الرئيسية تكمن في مدى فعالية هذا اإلطار
ومدى توافقه مع تطورات األسواق وتكنولوجيا المعلومات الحديثة .هل تمكن هذه القوانين من
مواجهة التحديات المعاصرة التي تواجه عقود البيع؟ هل تستطيع ضمان سالمة هذه الصفقات
وصحة وثائقها في ظل التقنيات والممارسات الجديدة؟
2
إلى أي مدى يمكن للمشرع المغربي أن يتطلع إلى تحسين وتعزيز اإلطار القانوني الحالي
لعقد البيع لضمان صحته وتوثيقه بشكل أكثر فاعلية وفعالية؟ يمكن أن تتطلب هذه اإلشكالية
دراسة معمقة للقوانين واللوائح الحالية والبحث في سياق التطورات االقتصادية والتكنولوجية
الحالية.
3
المبحث األول :ضوابط عقد البيع التوثيقي
من أجل اإلحاطة بماهية عقد البيع سنعمل على اعتماد فقرتين أساسيتين نتحدث في األولى عن مفهوم عقد
البيع ونتطرق في الثانية إلى أركان وآثار هذا العقد.
لغة :من مصدر باع الشيء أي أخرجه من ملكه أو أدخله فيه بعوض ويعرفه فقهاء الشريعة اإلسالمية بأنه
مبادلة مال بمال فيكون إما بيع العين بالنقد وهو البيع المطلق أو بيع العين بالعين وهو المقايضة. 1
اصطالحا :بالرجوع إلى الفصل 478من ق .ل .ع نجده يعرف لنا عقد البيع بأنه " البيع عقد بمقتضاه ينقل
أحد المتعاقدين لآلخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا األخير بدفعه له " ،وبالتالي فإنه انطالقا
من هذا التعريف نجد بأن المشرع أفرد مجموعة من الخصائص ضمن تعريف عقد البيع يقتضي لزوما
تحققها حتى نكون بصدد الحديث عن هذا النوع من العقود ،هاته الخصائص التي سنعمل على إبرازها
الحقا أدناه ،إال أنه ومع ذلك ال ضير من الرجوع إلى القانون المدني الفرنسي الذي بدوره وضع تعريفا
لعقد البيع ضمن الفصل 1582من نفس القانون والذي يقضي بأنه " البيع اتفاق يلتزم بمقتضاه أحد
المتعاقدين بتسليم شيء في مقابل التزام الطرف اآلخر بدفع ما التزم به من الثمن " ،وهو ما يفيد بأن
التوجه الالتيني أو الجرماني وإن كان مصدرا من المصادر التاريخية و المهمة للتشريع المغربي إال أنه
لم يكن بنفس الدرجة من التدقيق ،بحيث صرف النظر عن جميع الحقوق المالية من ذلك الحقوق الشخصية،
الحقوق الذهنية ،الحقوق العينية واقتصاره فقط على األشياء المادية وكذا اغفاله عن ضرورة نقل الملكية .
كما أشرنا سابقا فإن عقد البيع يتميز بمجموعة من الخصائص لعل أهمها في نظرنا أنه يعتبر عقدا مسمى،
بمعنى أنه حضي بتنظيم من قبل المشرع بحيث خصه باسم معين ووضع له مجموعة من النصوص
والمقتضيات التشريعية المتعلقة بأحكامه وذلك ضمن الكتاب الثاني من ق .ل .ع ،باإلضافة إلى أنه يعتبر
عقد رضائي من حيث األصل بحيث يكفي اقتران اإليجاب بالقبول واالتفاق على العناصر األساسية للعقد
4
(الثمن – الشيء المبيع – الشروط األخرى المعتبرة أساسية) حتى ينعقد العقد وذلك خالفا لباقي العقود
األخرى التي قد يشترط فيها شروط أخرى من ذلك شرط الشكلية ومثاله التصرفات الواردة على العقارات
المحفظة الواجب تقييدها تقييدا في الرسوم العقارية حتى يعتد بها وتنتج أثرها ،كذلك اشتراط التسليم في
بعض العقود كالقرض البنكي والحجز العقاري ،.....إضافة العتباره عقد ناقل للملكية بمعنى أن البائع
يلتزم في مقابل الثمن بنقل ملكية الشيء أو الحق المبيع إلى المشتري بمجرد تمام العقد وذلك إعماال
بمقتضيات الفصل 478من ق .ل .ع الذي سبق وأن ذكرناه ،كذلك يعتبر عقد معاوضة أو عقد تبادلي
بحيث أن كل من المتعاقدين يأخذ مقابل ما يعطيه ،و أخيرا يعتبر عقد ملزم لجانبين بحيث يلتزم كل طرف
اتجاه اآلخر بتنفيذ التزاماته تحت طائلة اللجوء إلى مقتضيات التنفيذ الجبري عند التقاعس أو الدفع بعدم
التنفيذ أو التمسك بدعوى الفسخ في مواجهة المدين واسترداد ما قدمه من ثمن .
يتخذ عقد البيع مجموعة من الصور من أبرزها عقد البيع الوارد على العقار في طور اإلنجاز وكذا عقد
البيع الوارد على العقار المحفظ وسنعمل على دراسة كل نوع من هذه العقود بشكل موجز نوعا ما.
يعتبر عقد البيع الوارد على عقار في طور اإلنجاز من أخطر البيوعات التي قد يلجأ إليها المتعاقدين وذلك
نظرا للمبالغ المهمة التي قد يوليها المشتري للمنعش العقاري من أجل تملك عقار معين الزال في طور
البناء و غير مكتمل ،لذلك عمل المشرع على التدخل من أجل تنظيم تلك المعامالت عبر وضع قانون
خاص وحسبنا الحديث عن القانون رقم 44.00الذي غيره و تممه القانون رقم 107.12بحيث حاول
المشرع وضع تعريف لهذا النوع من البيوعات في المادة األولى من نفس القانون و التي تقضي " يعتبر
بيعا لعقار في طور اإلنجاز كل اتفاق يلتزم بمقتضاه البائع بإنجاز عقار داخل أجل محدد ونقل ملكيته إلى
المشتري مقابل ثمن يِؤديه هذا األخير تبعا لتقدم األشغال" ،كما أنه حاول إقحام مجموعة من الفصول
الجديدة والحمائية للطرف الضعيف في هذا البيع من ذلك إمكانية إبرام عقد التخصيص ما بين المتعاقدين
من أجل حماية المبالغ التي يضعها المشتري تحت يد البائع والذي ألزمه المشرع بمقتضى هذا العقد بإيداع
المبالغ في حساب بنكي خاص بالبائع دون التصرف بها بأي وجه من الوجوه إلى حين انقضاء أجل الرجوع
،كذلك إلزامية تضمين العقد مجموعة من البيانات المنصوص عليها ،إلى جانب إمكانية إبرام العقد
5
االبتدائي بمجرد الحصول على رخصة البناء عوض التقيد بإنهاء األشغال األساسية وذلك استنادا إلى
مقتضيات الفصل ، 6182-5إلى جانب ضرورة احترام شكلية الكتابة الرسمية .
يعتبر عقد البيع الوارد على عقار محفظ من أبرز العقود التي تقتضي احترام شكلية معينة من خالل
ضرورة تقييد جميع التصرفات الواردة عليه من ذلك البيوعات ،في الرسم العقاري الخاص به حتى تنتج
أثرها ما بين الطرفين وفي مواجهة الكافة وذلك بعد استيفائه جميع األركان المستوجبة قانونا وذلك استنادا
إلى مقتضيات الفصل 65من القانون رقم 14.07المتعلق بالتحفيظ العقاري الذي يقضي" يجب أن تشهر
بواسطة تقييد في الرسم العقاري ،جميع الوقائع والتصرفات واالتفاقات الناشئة بين األحياء مجانية كانت
أو بعوض ،وجميع المحاضر واألوامر المتعلقة بالحجز العقاري وجميع األحكام التي اكتسبت قوة الشيء
المقضي به ،متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو اإلقرار به
أو تغييره أو إسقاطه ،وكذا جميع عقود أكرية العقارات لمدة ثالث سنوات ،وكل حولة لقدر مالي يساوي
كراء عقار لمدة تزيد على السنة غير مستحقة األداء أو اإلبراء منه".
للحديث عن عقد البيع البد من توفره على مجموعة من األركان األساسية الخاصة به ،من ذلك الرضا
والشيء المبيع ثم الثمن وكذا السبب الذي أصبح مفترض بأنه حقيقي ومشروع ولو لم يذكر إعماال
بمقتضيات الفصل 63من ق.ل.ع ،3وتطبيقا للنظرية العامة للفصل 2من نفس القانون .
أ :الرضا
كما هو معلوم فإنه من أجل الحديث على قيام عقد معين البد من االتفاق على العناصر األساسية للعقد عن
طريق اقتران اإليجاب بالقبول ،لذلك البد من تعبير صريح عن اإلرادة الذي قد يتم إما شفاهة أو عن طريق
الكتابة أو اإلشارة المفهومة وإما ضمنيا عن طريق تنفيد االلتزام إذا تعلق األمر بمعاملة سابقة قد بدأت
فعال ما بين الطرفين ،لكن ذلك ال يكفي للحديث عن قيامه بل البد من أن يكون صادرا عن شخص ذو
أهلية قانونية طبقا للمادة 209من مدونة األسرة ،4و خاليا من أي عارض من عوارض األهلية طبقا
2ينص الفصل 618-5على ما يلي " :ال يجوز إبرام العقد االبتدائي لبيع العقار في طور اإلنجاز إال بعد الحصول على رخصة البناء".
3ينص الفصل 63من ق ل ع على ما يلي " :يفترض في كل التزام أن له سببا حقيقيا ومشروعا ولو لم يذكر".
4تنص المادة 209من مدونة األسرة على ما يلي" :سن الرشد القانوني 18سنة شمسية كاملة".
6
للمادة 210من مدونة األسرة ، 5كما أنه يجب أن يكون إلى جانب ذلك خاليا من أي عيب من عيوب
اإلرادة سواء الغبن أو التدليس أو اإلكراه أو الغلط أو أحد حاالت المرض المشابهة.
تأسيسا لما سبق فإنه باإلضافة إلى ضرورة توفر ركن الرضا البد من وجود محل لعقد البيع الذي يختلف
حسب التزام كل طرف في العقد ،فإذا نظرنا من زاوية البائع فإن المحل سيتعلق بالشيء المبيع والذي
يقتضي لزوما أن يكون موجودا أو قابال للوجود ،معينا أو قابال للتعيين وأن يكون مشروعا غير مخالف
للنظام العام واألخالق الحميدة ،وداخال ضمن دائرة األموال الجائز التعامل فيها. 6
ج :الثمن
أما إذا نظرنا إلى المحل من زاوية المشتري فإنه حتما سيتعلق بالثمن الذي يجب بدوره أن تتوفر فيه
مجموعة من الشروط الجوهرية ليعتد به ،بحيث يجب أن يكون الثمن نقديا من جهة وإال كنا أمام عقد
مقايضة ،كذلك يجب أن يكون محددا وفعليا وليس صوريا ويجب أن يكون جديا وعادال.7
إذا أبرم عقد البيع مستجمعا لكافة أركانه وشروطه األساسية نشأ صحيحا ،ورتب آثاره القانونية التي تمتد
لتشمل المتعاقدين معا وذلك على اعتبار بأنه عقد من العقود التبادلية والملزمة لجانبين.
التزامات البائع
بمجرد ما يبرم البائع عقد البيع فإنه يتحمل مجموعة من االلتزامات لعل من أبرزها نقل ملكية الشيء المبيع
إلى المشتري إعماال بمقتضيات الفصل 478من ق .ل .ع ،غير أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 491
من نفس القانون نجده يقضي بأن اكتساب ملكية الشيء المبيع تتم بقوة القانون وبمجرد إبرام عقد البيع
وذلك باعتبارها خاصية من خصائص عقد البيع ،إال أنه وعموما فإن المشتري له الحق بمجرد تمام عقد
البيع من حيث األصل صالحية تملك الشيء المبيع ،وجدير بالذكر على أنه يجب التمييز ما بين األشياء
المعينة بالذات و التي يتم فيها نقل الملكية بمجرد إبرام عقد البيع ،ومابين األشياء المعينة بالنوع والتي ال
5تنص المادة 210من مدونة األسرة على ما يلي " :كل شخص بلغ سن الرشد ولم يثبت سبب من أسباب نقصان أهليته أو انعدامها يكون كامل
األهلية لمباشرة حقوقه وتحمل التزاماته ".
6عبد ال رحمن الشرقاوي ،قانون العقود الخاصة الكتاب األول العقود الناقلة للملكية عقد البيع ،مطبعة المعارف الجديدة-الرباط ،الطبعة السادسة
،2019ص .124
7عبد الرحمن الشرقاوي ،قانون العقود الخاصة الكتاب األول العقود الناقلة للملكية عقد البيع ،مطبعة المعارف الجديدة-الرباط ،الطبعة السادسة
،2019ص.145
7
يتم فيها نقل الملكية إال بمجرد إفرازها وتمييزها عن غيرها ،8وذلك إعماال بمقتضيات الفصل 486من
ق .ل .ع ،إال أنه و بالرغم من ذلك البد من اإلشارة بأن المشرع في القانون رقم 21.18المتعلق
بالضمانات المنقولة ذهب إلى إمكانية توظيف الملكية كآلية للضمان حينما نظم بيع المنقول مع شرط
االحتفاظ بالملكية في الفصول من 618-21إلى 618-26من نفس القانون بحيث نص في مادته األولى
" يمكن االتفاق على وقف نقل ملكية الشيء المبيع بموجب شرط االحتفاظ بالملكية إلى حين األداء الكامل
للثمن ،9كذلك التزامه بضمان التعرض المتمثل في ضرورة امتناعه عن كل فعل قد يؤدي إلى التشويش
على المشتري بعد انتقال الملكية إليه سواء كان صادرا من البائع أو الغير مادام يستند إلى أساس قانوني،
كذلك ضمانه الستحقاق الشيء المبيع في حالة فقد المشتري لحقه من طرف الغير سواء كليا أو جزئيا
بمقتضى حق كان موجودا عند انعقاد عقد البيع استنادا للفصل 34من ق .ل .ع ،إضافة إلى تحمل البائع
التحمالت و االرتفاقات المثقل بها العين محل عقد البيع متى كانت غير ظاهرة أو لم يصرح بها عند البيع
استنادا للفصل 535من ق .ل .ع ،و وحري بالذكر بأنه يجب مراعاة مقتضيات الفصل 536من ق .ل.
ع الذي يقضي بأنه " إذا كانت العين المبيعة مثقلة بحق من حقوق االرتفاق الضرورية الملزمة للعقار
بمقتضى طبيعة األمور فإن المشتري ال يثبت له حق الرجوع على البائع ،كذلك ضمانه للعيوب الخفية التي
كانت تعيب الشيء المبيع والتي لم يصرح المشتري بوجودها أو عمل على إخفائها أو التصريح بعدم
وجودها .
بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 576من ق .ل .ع نجده يقضي " يتحمل المشتري بالتزامين أساسين:
االلتزام بدفع الثمن وااللتزام بتسلم الشيء ".وعليه فإن المشري انطالقا من ذلك يلتزم بدفع ثمن الشيء
المبيع إلى البائع نقدا في مقابل نقل الملكية إليه وذلك وفقا للشروط واالتفاقات المدرجة بسند العقد و إال
وجب الركون إلى العرف أو العادات التجارية ،كما يجب أن ِيؤديه في زمان ومكان تسلم الشيء المبيع
مالم يتفق على غير ذلك ،10باإلضافة إلى تسلم الشيء المبيع عبر وضع يده عليه إذا كان عقارا أو أخده
إلى حيت يريد إن كان منقوال ،وإذا كان العقد ال يتضمن زمن التسلم ومكانه وال يوجد عرف في ذلك فإنه
يكون واجبا فور العقد وفي المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت العقد ،وإذا لم يعمل على ذلك يعتبر مخال
بالتزامه ويحق للبائع طلب فسخ العقد.
8نزهة الخلدي ،الوجيز في العقود المسماة البيع والكراء المدني وفق آخر المستجدات القانونية ،مطبعة الهداية -تطوان ،الطبعة الثالثة ، 2019ص
. 161
9عبد الرحمن الشرقاوي ،قانون العقود الخاصة الكتاب األول العقود الناقلة للملكية عقد البيع ،مطبعة األمنية-الرباط ،الطبعة الثامنة ،2022ص
.34
10رشيد بنويني ،الوجيز في العقود المسماة ،مطبعة األمنية-الرباط ،ص .115
8
المطلب الثاني :توثيق عقد البيع
نظرا لما يترتب عن الورقة العرفية من نتائج سلبية على حقوق المتعاقدين ،فإن توجه المشرع نحو إقرار
رسمية العقود في المجال العقاري سعيا منه إلى وضع حد لكل االشكاالت والصعوبات في توثيق المعامالت
العقارية ،وذلك من أجل تمكين المعامالت من ضمانات قوية بحثا عن التوازن واالستقرار التعاقدي،
وتتضح هذه االهمية من خالل المقتضيات القانونية التي تنظم مجال التوثيق ،ومن ذلك ما يتضمنه القانون
المنظم لمهنة التوثيق العصري وأيضا القانون المنظم لخطة العدالة ،ولذلك سنحاول أن نعالج ما يتعلق
بالتوثيق العدلي بداية ( أوال) على أن ننتقل بعد ذلك للخوض في ما يرتبط بالتوثيق العصري ( ثانيا )
يلعب التوثيق العدلي دورا كبيرا في تلقي وتحرير المحررات العدلية ،حيث إن هذا النظام في المغرب يقوم
على إشهاد عدلين منتصبين ويجمع ما بين الكتابة واالشهاد ،فال تكتسب الوثيقة الصبغة الرسمية إال بعد
مخاطبة قاضي التوثيق عليها.
إن الوثيقة العدلية يجب أن تحترم مجموعة من الشكليات االساسية نذكر منها:
-تعيين المحل تعيينا كافيا يختلف حسب ما إذا كان العقار محفظا أو غير محفظ ،فإذا كان محفظا يلزم أن
تكون المعلومات مطابقة لما يتضمنه الرسم العقاري ،أما إذا كان غير محفظ فيرجع بشأن ذلك إلى أصل
التملك.
وجوب كتابة الشهادة تحت مسؤولية العدلين في وثيقة واحدة دون انقطاع أو بياض أو بشر أو -
إصالح أو إقحام أو إلحاق أو تشطيب أو استعمال حرف إضراب.
-تذييل الوثيقة بتوقيع عدليها مقرونا باسميهما مع التنصيص دائما على تاريخ التحرير.
9
ضرورة توفر شهادة إدارية يتم استصدارها من طرف السلطة المحلية تثبت أن العقار موضوع -
التلقي ال يدخل في دائرة االمالك العامة أو الخاصة للدولة واألمالك الغابوية أو أمالك الجماعات
الساللية أو االمالك الحبسية وغيرها.
إذا كان اختصاص مؤسسة العدول في تلقي المحررات العدلية يتمثل في اختصاص موضوعي مقيد باحترام
مجموعة من الشروط والواجبات الملقاة على كاهل العدول بمقتضى القانون 16.03المنظم لخطة العدالة
حيث يندرج في حكمه المحررات التي تتعلق بالبيوع العقارية ،فإن له أيضا اختصاصا محليا يجب احترامه
بمناسبة ذلك التلقي ،ذلك أن العدول بمقتضى المادتين 15و 16من نفس القانون ينحصر اختصاصهما
المحلي فقط في دائرة المحكمة االستئنافية التي يمارسون داخل حيز نفوذها.
إن المادة 1من القانون 32.08المنظم لمهنة التوثيق تنص على أن " التوثيق مهنة حرة تمارس وفق
الشروط وحسب االختصاصات المقررة في القانون المذكور " حيث تتجلى مهمة هذا االخير في تلقي
العقود والمحررات التي يحتم القانون إضفاء الرسمية عليها كالبيوع العقارية وهو ما جاءت به المادة 4
من مدونة الحقوق العينية وكذلك الشأن بالنسبة للعدول ،فالموثق يحرر التصرفات القانونية المتعلقة
بالعقارات المحفظة أو في طور التحفيظ أو غير المحفظة ،مع االشارة إلى أن العقارات غير المحفظة غالبا
ما يختص بها من ناحية تلقي التصرفات المتعلقة بها السادة العدول دون الموثقين على مستوى الميدان
العملي.
إن الموثق شأنه شأن العدول يجب عليه أيضا أن يحترم مجموعة من الضوابط الشكلية بمناسبة مهمة تلقي
وتوثيق عقد البيع ،كاألسماء الكاملة لألطراف وموطنهم وجنسيتهم مع بيان أركان وشروط العقد وتعيين
موضوعه واطرافه تعيينا نافيا للجهالة.
إن اضفاء الصبغة الرسمية على العقد المحرر من طرف الموثق يتم مباشرة بعد توقيع هذا المحرر على
خالف السادة العدول الذين ال تكتسب محرراتهم الصبغة الرسمية إال بعد مخاطبة قاضي التوثيق.
إن الموثق وهو بصدد تحرير المحررات التي تتعلق بالبيوع العقارية بجيب عليه أن يلتزم بمجموعة من
الواجبات التي يتضمنها القانون المنظم لمهنة التوثيق ،وهذا هو مناط منحه هذا االختصاص ،حيث إن
الموثق ال يقتصر فقط على تحرير الوثيقة بل البد أن يقوم بعدة واجبات كما أشرنا سابقا منها أم يتحقق
تحت مسؤوليت ه من هوية األطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف ومطابقة الوثائق المدلى بها إليه للقانون،
10
كنا يجب عليه إسداء النصح لألطراف ،وأن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم ،وأن يوضح
لهم األبعاد واآلثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها ،كما أنه وفق المادة 40من نفس القانون فإن عليه
أن يشير في العقد إلى قراءة األطراف له أو إلى أنهم اطلعوا على مضامينه ،فإذا كان أحد األطراف يجهل
اللغة التي حرر بها العقد يشهد عليه الموثق بذلك ،كما يجب عليه أيضا يحرر العقد تحت مسؤوليته دون
انقطاع أو بشر أو إصالح في صلبه أو إقحام أو كتابة بين السطور أو إلحاق أو تشطيب أو ترك بياض
باستثناء ما يفصل بين الفقرات والبنود ،وفي هذه الحالة يوضع خط على البياض بمقتضى المادة ،41كما
يجب أن تحرر العقود والمحررات باللغة العربية وجوبا ،إال إذا اختار األطراف تحريرها بلغة أخرى،
كمل يجب تحرر أصول العقود والنسخ بكيفية مقروءة وغير قابلة للمحو على ورق يتميز بخاصية الضمان
الكامل للحفظ وذلك بمقتضى المادة ،42كما يجب أيضا وفق المادة 43أن تذيل أصول العقود -تحت
طائلة البطالن -باألسماء الكاملة وتوقيعات األطراف
والترجمان والشهود إن وجدوا ،ثم الموثق مع خاتمه ،ويوقع األطراف على كل صفحة من صفحات العقد
ويكتب تاريخ توقيع كل طرف كما يؤشر الموثق على كل صفحة ،فإذا كان أحد األطراف ال يحسن التوقيع
فإنه يضع بصمته على العقد ويشهد عليه الموثق بذلك ،وإذا تعذر عليه التوقيع واإلبصار فإن الموثق يشهد
عليه بذلك بمحضر شاهدين ،ثم أخيرا فبمجرد توقيع الموثق يكتسي المحرر الصبغة الرسمية التي تجعله
منيعا ال يطعن فيه إال بالزور.
إن االختصاص المحلي للموثقين يختلف عن ذلك الذي يتعلق بالعظل ،حيث أنه إن كان هذا االخير مقيد
في ممارسة مهامه بدائرة نفوذ محكمة االستئناف ،فإن الموثق حسب المادة 12من القانون 32.09تنص
على أن الموثق يمارس مهامه بمجموع التراب الوطني ،غير أنه يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع األطراف
خارج مقر مكتبه لكن رغم ذلك فيمكنه ألسباب استثنائية تلقي تصريحات أطراف العقد والتوقيع على العقود
خارج مكتبه وذلك بإذن من رئيس المجلس الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين
بدائرتها.
وتجدر االشارة أخيرا إلى أن الشكليات والواجبات التي أشرنا إليها أعاله قد يترتب عنها البطالن في حالة
عدم احترامها ،حيث تنص المادة 49من القانون المنظم لمهنة التوثيق أنه {
يكون باطال كل عقد تم تلقيه وفقا للشكل الرسمي ،وأنجز خالفا ألحكام المواد 30و 31المادة 49و 32و
37و 39و 40من هذا القانون إذا كان غير مذيل بتوقيع كافة األطراف ،وإذا كان يحمل توقيع كل
األطراف تكون له فقط قيمة العقد العرفي مع الحق في مطالبة الموثق بالتعويض في الحالتين وإمكانية
11
تطبيق العقوبات التأديبية والزجرية في حقه } ،أي أنه على سبيل المثال إن لم يحترم الموثق التزامه بواجب
النصح فإن االثر المترتب عن ذلك هو البطالن بتوفر الظروف المذكورة في المادة أعاله ،إال أن هذه
النصوص البراقة التي يظهر على أنها تحمل في كنهها حماية للمصالح وحفظا لالستقرار التعاقدي وجلبا
لألمن العقاري سرعان ما ينخفت بريقها ويقل منسوبه إن تساءلنا عن االحكام التي ستكفل تنزيلها عمليا
على أرض الواقع ،حيث ال نجد مما يرتبط بهذا االمر إال منشورا صادرا عن وزير العدل يحث فيه هؤالء
الموثقين بتزويد مكاتبهم بكاميرات سمعية بصرية لتوثيق كل ظروف التلقي فيكون ذلك بمثابة شاهد على
مدى احترام الموثق اللتزاماته وواجباته المحددة في القانون ،32.09ورغم ذلك فإن االمتثال لذلك يظل
مسألة صعبة جدا من الناحية العملية مما يجعل أغلبية مكاتب الموثقين ال تستجيب لذلك ،وهو ما يستدعي
ضرورة إيجاد حلول تشريعية مقترحة لتفعيل هذه الواجبات المهم جدا وفق النحو الذي ال يضر سواء
بمصالح المتعاقدين أو بمصالح الموثقين ،وما واجب النصح الذي أوردناه إال مثال من االمثلة العديدة التي
يجب على المشرع ان يأتي بنصوص تساهم في حسن تنزيلها على أرض الواقع ال ان تبقى حبيسة بداخل
االحرف والكلمات والجمل المخططة التي تتضمنها النصوص التشريعية.
إن عقود البيع العقاري ال تقتصر في تلقيها على الموثقين والعدول فقط باعتبارهم مؤسسات تضفي الصبغة
الرسمية على التصرفات التي يوثقونها ،بل أضاف المشرع إليهم لمقاضى المادة 4من مدونة الحقوق
العينية السادة المحامون الذين تتوفر فيهم شروط معينة ،وذلك نظرا للقيمة المعنوية والرمزية والشرفية
الكبيرة التي تعرفها هذه المهنة بحيث يجعلها هذا من المهن التي تستحق أن يوثق فيها للقيام بمهمة التوثيق
شأنها في ذلك شأن الموثقين والعدول ،حيث تنص المادة 30من القانون المنظم لمهنة المحاماة بما مضمونه
أن المحامي يمارس مهامه بمجموع تراب المملكة ،مع مراعاة االستثناء المنصوص عليه في المادة الثالثة
والعشرين أعاله من غير اإلدالء بوكالة ،حيث قام بتعداد هذه المهام وأدرج إلى جانبها مهمة تحرير العقود
مع منع المحامي الذي حرر العقد ،أن يمثل أحد طرفيه في حالة حدوث نزاع بينهما بسبب هذا العقد ،وإن
كانت المادة 30من القانون المنظم لمهنة المحاماة لم تميز في هذه المهمة بين المحامين ،فإن المادة 4من
مدونة الحقوق العينية اشترطت شروطا من أهمها أن يتعلق االمر بمحامي مقبول للترافع أمام محكمة
النقض.
12
إن الطبيعة الخاصة للمحررات الصادرة عن المحامي قد طرحت خالفا بين الفقهاء ،حيث يرى جانب أن
هذه المحررات هي محررات رسمية شأنها في ذلك شأن المحررات الصادرة عن الموثقين والعدول نظرا
الشتراكه معهم في مجموعة من المسائل كنوعية المهنة التي هي مهنة حرة وأيضا إسناد مهمة تحرير
التصرفات والعقود باعتبارها مهمة االصل فيها أنها تسند للسلطات العامة بالدولة إال أن إسنادها لهؤالء
الفئات يجعلهم يكتسبون صفة الموظف العمومي سواء بنص صريح مثل النص الذي يتضمنه القانون المنظم
لمهنة التوثيق أو بشكل ضمني يستفاد من بعض النصوص التي تتضمنها قوانين أخرى كظهير االلتزامات
والعقود والقانون الجنائي ،فيرحين يري جانب آخر أنها محررات عرفية مادام أن المشرع نص على أنها
محررات ثابتة التاريخ ،عالوة على أن العلل التي ستجعل هذه المحررات تكتسب الصبغة الرسمية غير
متوفرة نظرا لكون أن قانون المهنة لم يحدد بشكل دقيق واجبات والتزامات المحامي بمناسبة توثيقه لتلك
التصرفات على عكس القوانين المنظمة لمهنة التوثيق العصري وخطة العدالة ،ثم هنا رأي آخر وسط يرى
أن هذه المحررات هي محررات من طبيعة خاصة يكفي أن نسميها محررات ثابتة التاريخ ،إال أن الراجح
من كل هذا ان هذه المحررات هي محررات عرفية ثابتة التاريخ ،حيث لو كان المشرع يقصد أن يجعلها
تكتسب الصبغة الرسمية لنص على ذلك صراحة.
إن المشرع المغربي نظرا لطبيعة المحررات الصادرة عن المحامي كما تم التفصيل في ذلك أعاله حاول
أن يشترط عدة شروط بجب احترامها بمناسبة تلقي وتحرير هذه األخيرة ،حيث ينص في الفقرة االخيرة
من المادة 4أنه " يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من
األطراف ومن الجهة التي حررته.
تصحح إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر
للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بدائرتها " وهذا ما ال نجده سواء في
القانون 32.09أو القانون ،16.03أما بالنسبة لاللتزامات والواجبات التي تقع على كاهل المحامي بمناسبة
قيامه بهذه المهمة فالمالحظ أن القانون المنظم لمهنة المحاماة جاء خاليا من المقتضيات التي تنظم الشكليات
والواجبات التي يجب احترامها بمناسبة تحرير العقود سوى بعض المقتضيات العامة كواجب التجرد
واالستقاللية والنزاهة والكرامة والشرف على عكس القانون 32.09والقانون 16.03مما يشكل ضربا
صارخا لألمن واالستقرار التعاقدين المنشودين ،الشيء الذي يستدعي تدخل المشرع بنصوص تمأل هذا
الفراغ التشريعي المهول.
13
لقد عرف التنظيم العقاري بالمغربي تطورات مهمة خصوصا على المستوى التشريعي ،وهذا
التطور يأتي في سياق مراجعة شاملة للتشريع العقاري ،قصد تبسيط أنظمته وتسهيل مهام
المكلفين بمنازعاته ،سواء تعلقت بالملكية وروافدها من استحقاق وقسمة واسترداد الحيازة،
أم بحقوق االنتفاع كالسكنى والكراء الطويل األمد والسطحية والرهون وغيرها ،وكذلك تقييد
الحقوق العقارية التي تخضع لشكلية البد من احترامها[ ،]7ومن جملة القوانين التي سنها
المشرع المغربي استجابة لتلك الضرورة الملزمة هناك:
-القانون 32,09المتعلق بمهنة التوثيق .وقبله قانون 16.03المتعلق بخطة العدالة– .القانون
107.12المتعلق ببيع العقار في طور االنجاز.
ولقد أعلن المشرع هذه المرة بشكل واضح على موقفه باستناده على "الكتابة والتوثيق" كخيار
استراتيجي قانوني ذا أبعاد ومضامين اقتصادية واجتماعية مهمة[10].
إن التعديالت القانونية التي أتت استجابة لمتطلبات العقود العقارية اإللكترونية ،والتي أقرها
القانون رقم 53.05الخاص بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،قد سارت نحو تحديد
النظام القانوني الواجب التطبيق في تبادل البيانات والمعطيات عبر الوسائل اإللكترونية ،وتقوم
التعديالت السالفة على تغيير وتتميم بعض مقتضيات ظهير االلتزامات والعقود ،وإضافة
مقتضيات أخرى تتوخى جملة من األهداف ،وبذلك يكون المشرع المغربي قد أحدث تغييرا
جذريا وذلك باعتماد مقاربة قانونية تسعى لوضع قواعد قانونية تؤطر مجاال يتميز بالتطور
المتالحق والسريع وبطبيعته التي تطرح عددا ال يستهان به من اإلشكاالت المتعلقة بالغش
العقاري من جهة وكذلك النزاعات العقارية التي نشأ سواء فيما يتعلق بمسطرة التحفيظ أو
من خالل مسطرة التعرض وكذلك اإلجراءات األخرى الالحقة ،مسايرا بذلك االتجاهات
التشريعية الحديثة للقوانين الوطنية ،المنبثقة من قواعد االونسترال النموذجية وتوصياتها من
14
جهة ،وكذا تكييف وتطويع ظ.ل.ع مع هاته التحوالت التي تفرضها سرعة تطور التقنيات
الحديثة ،وعليه سنركز باألساس على اإلثبات بالوسائل اإللكترونية وأدواته ،باعتباره أهم
مقتضى تعديلي طرأ على ظهير االلتزامات والعقود ،والقوانين العقارية ،وذلك من خالل
التساؤل حول مدى حجية المحررات االلكترونية في اإلثبات؟
:1مفهوم المحرر اإللكتروني والشروط الالزم توافرها فيه وفق القانون 53.05
تعتبر رسالة البيانات التي يتبادلها طرفي العالقة العقدية الوسيلة التي يعول عليها في إثبات
التصرف القانوني الذي أبرم الكترونيا وقد عرفت المادة 2من قانون المعامالت االلكترونية
األردني رسالة المعلومات بأنها "المعلومات التي يتم انشاؤها أو تسلمها أو تخزينها بوسائل
إلكترونية أو بوسائل مشابهة بما في ذلك تبادل البيانات االلكترونية أو البريد االلكتروني أو
البرق أو التلكس أو النسخ الرقي".
ومن خالل استقراء مقتضيات المادة األولى من القانون رقم ،53.05نجدها تنص على مجال
تطبيق هذا القانون ،ومن بين المسائل التي يرتبط بها هذا المجال ،نجد المعطيات القانونية
للتبادل بشكل إلكتروني كمعطى أول ،وكذا المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق وتلك
11
المعدة على دعامة إلكترونية كمعطى ثاني
فيما يتعلق بالمعطى األول فإن مصطلح "معطيات قانونية" المستعمل من قبل المشرع
المغربي ،يفهم من خالله أنه يهم جميع المحررات التي يمكنها أن تنتج آثارا قانونية ذات طابع
مدني أو تجاري أو إداري ،وبالتالي يحق القول بأن مجال تطبيق هذا القانون واسع جدا ،إذ
يتعلق بجميع المحررات القانونية واإلدارية المبرمة بين الخواص والمقاوالت واإلدارات...الخ
بما في ذلك تلك التي تبرم في المجال العقاري لتداول الحقوق العقارية سواء األصلية منها
والتبعية.
11تنص المادة األولى على ما يلي " يحدد هذا القانون النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية وعلى المعادلة بين
الوثائق المحررة على الورق ،وتلك المعدة على دعامة إلكترونية وعلى التوقيع اإللكتروني .كما يحدد اإلطار القانوني المطبق على العمليات
المنجزة من قبل مقدمي خدمات المصادقة اإللكترونية وكذا القواعد الواجب التقيد بها من لدن مقدمي الخدمة المذكورين ومن لدن الحاصلين على
الشهادات اإللكترونية المسلمة ".
15
وإن كان المشرع قد استثنى صراحة من مجال التطبيق كل الوثائق المتعلقة بمدونة األسرة
وا لوثائق المتعلقة بالضمانات الشخصية أو العينية المدنية أو التجارية ،ما عدا المحررات
المنجزة من لدن شخص ألغراض مهنته.
أما المعطى الثاني ،والمتعلق بالمعادلة بين المحررات التقليدية والمحررات اإللكترونية
فالمالحظ أن المشرع المغربي ،لم يعطي أي تعريف لهاته األخيرة ،بل اكتفى بالتنصيص
على قبولها كوسيلة لإلثبات متى توافرت فيها الشروط المنصوص عليها ،في حين أن معظم
التشريعات العربية أوردت في قوانينها تعريفا للمحرر اإللكتروني ،12ال يخرج كثيرا عن
التعريف الوارد بقانون األونسترال النموذجي.
لكن قبل اإلحاطة بمفهوم المحرر اإللكتروني ينبغي أوال التمييز بين المحررات اإللكترونية
والمحررات الرسمية والعرفية ،لمعرفة مدى حجية كل منها وهل لها نفس الحجية أم ال؟
فكما هو معروف أن هناك عدة أنظمة أخذت بمبدأ اإلثبات الحر ،وأنظمة أخرى أخذت بمبدأ
اإلثبات المقيد ،في حين أن هناك أنظمة أخذت بمبدأ ثالث اال وهو اإلثبات المختلط ،وبالرجوع
لموقع القانون المغربي من نظم اإلثبات هذه ،نجد أن المشرع قد اتبع نظام اإلثبات المختلط
حيث حصر من خالل الفصل 404من ظ.ل.ع ،وسائل اإلثبات التي يقررها القانون ،أما في
المادة التجارية ،فقد ابتعد المشرع بعض الشيء ،ولظروف اقتضتها طبيعة المعامالت
التجارية ،عن طبيعة اإلثبات في المادة المدنية وذلك من خالل المادة 334من مدونة التجارة.
وفي هذا الصدد نشير أن الدليل الكتابي ،يعتبر من أهم أدلة اإلثبات على اإلطالق في القانون
المغربي ،إذ يمتاز على غيره من األدلة بإمكانية إعداده منذ نشوء الحق وقبل قيام النزاع ،كما
أن الدليل الكتابي يوفر ألطراف العقد عدة ضمانات من أهمها ،أنه يضبط الحقوق القائمة بينهم
سواء قبل النزاع أو بعده ،إضافة إلى أن الكتابة أقل تعرضا لتأثير عوامل الزمن ،ولعل هذا
13
هو أساس تغليب جل التشريعات الوضعية اإلثبات عن طريق الكتابة
12كالقانون التونسي في الفصل 455مكرر من ق.ل.ع .انظر بخصوص ذلك :أحمد الدريوش ،تأمالت حول قانون التبادل االلكتروني للمعطيات
القانونية ،منشورات سلسلة المعرفة القانونية سنة ،2009ص .59
13عبد العزيز محمد حمد ساتي ،المبادئ القانونية واألحكام التشريعية المنظمة للعقود االلكترونية ،المركز العربي الديموقراطي للدراسات السياسية
واالقتصادية ،برلين –المانيا ،2020 -ص.231
16
وقد قسم القانون األدلة الكتابية إلى قسمين ،محررات رسمية ومحررات عرفية ،ويمكن
تعريف المحررات الرسمية بأنها السندات التي ينظمها الموظفون الذين من اختصاصهم،
تنظيما طبقا لألوضاع القانونية ويحكم بها دون أن يكلف مبرزها إثبات ما نص عليه فيها
ويعمل بها ما لم يثبت تزويرها ،ذلك أن هذه المحررات يقوم بها موظف عام مختص بتسجيلها
وفق األوضاع القانونية المقررة ،واعتبارها وفقا لذلك دليال كامال إذا استوفت شروطها
وبالتالي تعتبر حجة في اإلثبات .وهو ما كرسه المشرع الفرنسي من خالل المادة 1369من
القانون المدني الفرنسي 14بمقتضى األمر الصادر في 10فبراير .152016
أما المحررات العرفية فهي تلك األوراق العرفية التي تصدر عن األفراد مباشرة أو عمن
ينوب عنهم دون أن تكون للموظف العمومي صالحية التوثيق كما هي محددة بالفصل 418
من ظ.ل.ع.
وتنقسم األوراق العرفية إلى أوراق الغرض منها إعداد دليل لإلثبات ،ولهذا يطلق عليها
األوراق المعدة لإلثبات ،وأوراق تعد ألغراض أخرى ،ولهذا يطلق عليها األوراق غير المعدة
لإلثبات.
هذا فيما يتعلق بالمحررات الرسمية والعرفية ،أما المحررات اإللكترونية ،فكما سبق الذكر،
فالمشرع المغربي أغفل إعطاء تعريف أو تحديد مفهوم لها ،واكتفى بشروط إصدار هذه
المحررات وإجراءاتها الشكلية.
وهو نفس نهج القانون المدني الفرنسي ،بخالف القانون التونسي الذي عرفها في الفصل 453
مكرر من ظ.ل.ع على الشكل التالي " ،الوثيقة اإللكترونية هي الوثيقة المتكونة من مجموعة
أحرف وأرقام أو أي إشارات رقمية أخرى بما في ذلك تلك المتبادلة عبر وسائل االتصال
14
Article 1369 du code civil "L'acte authentique est celui qui a été reçu, avec les solennités requises, par un
officier public ayant compétence et qualité pour instrumenter. Il peut être dressé sur support électronique s'il
est établi et conservé dans des conditions fixées par décret en Conseil d'État. Lorsqu'il est reçu par un notaire, il
"est dispensé de toute mention manuscrite exigée par la loi.
15عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي ،الجزء الرابع،
إثبات االلتزام ،مطبعة المعارف الجديدة –الرباط -الطبعة األولى ،2020ص.53
17
تكون ذات محتوى يمكن فهمه ومحفوظة على حامل إلكتروني يؤمن قراءتها والرجوع إليها
عند الحاجة".
كما عرفت المادة 2من قانون األونسترال النموذجي بشأن التوقيعات اإللكترونية لسنة 2001
المحرر اإللكتروني بأنه " ،معلومات يتم إنشاؤها أو إرسالها أو استالمها أو تخزينها بوسائل
الكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة ،بما في ذلك على سبيل المثال ال الحصر ،التبادل
االلكتروني للبيانات أو البريد اإللكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي".
إن من بين أهم الغايات التي سعى إلى تحقيقها القانون 53.05هي إعادة النظر في مفهوم
الدليل الكتابي قصد تجاوز الفراغ التشريعي الذي كان يعرفه القانون المغربي في مجال
اإلثبات بالطرق االلكترونية الحديثة من جهة ،وتوسيع مفهوم الدليل الكتابي ليشمل أيضا حتى
الوثيقة اإللكترونية ،وفقا للشروط التي حددها سواء كان ناتجا عن ورقة رسمية أو ورقة
عرفية.
وبالرجوع للفصل 417من ظ.ل.ع ،نجد أن الدليل الكتابي يتسع ليشمل "أي إشارات أو
رموز أخرى ذات داللة واضحة ،كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها" ،وهي نفس صيغة
الفصل 1316من القانون المدني الفرنسي ،بعد حذف عبارة "أرقام" من التشريع المغربي.
وباالستناد إلى المقتضيات المذكورة ،بالرغم من صيغتها وترجمتها المعيبتين ،حسب بعض
الفقه ،يمكن تعريف الوثيقة اإللكترونية على النحو التالي:
16ينص الفصل 1-417على ما يلي "تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق.
تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني لإلثبات ،شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق ،شريطة أن يكون باإلمكان التعرف ،بصفة قانونية،
على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها".
18
"مجموعة من األرقام واإلشارات أو الرموز األخرى ذات داللة واضحة ،محررة على دعامة
إلكترونية أو مرسلة بطريقة إلكترونية ،يكون باإلمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص
الذي صدرت عنه ،وتكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان سالمتها".
وبناء على ما سبق ،يمكن تحديد عناصر الوثيقة االلكترونية على النحو التالي:
oأن يمكن التعرف ،بصفة قانونية ،على الشخص الذي صدرت عنه الوثيقة.
أجمعت جميع التشريعات التي تتوفر على قانون ينظم التعامل اإللكتروني ،على أن الكتابة
من الشروط األساسية لصحة المحرر االلكتروني ،وهو النهج الذي سار عليه المشرع المغربي
من خالل القانون ،53.05حيث نص من خالل المادة ( 2المتممة للفصل 2-1من ظ.ل.ع،
على أنه البد أن يتم تحرير المحرر اإللكتروني ،ومفاد كلمة تحرير ما هو إال الكتابة ،وهذا
ما أكده الفصل 417-1السالف الذكر.
فالكتابة هي األسلوب الذي يتم من خالله التعبير عن اإلرادة بشكل مادي ظاهر في شكل
معادالت خوارزمية تنفذ من خالل عمليات إدخال البيانات وإخراجها عبر شاشة الحاسوب،
والتي تتم عن طريق تغذية الجهاز بهذه المعلومات بواسطة وحدات االدخال والتي تتبلور في
لوحة المفاتيح أو استرجاع المعلومات المخزنة في وحدة المعالجة المركزية.
فهذه الكتابة إذن تتخذ أشكال إشارات أو رموز أخرى ،وأضاف القانون الفرنسي مجموعة
أرقام ،وهو ما حذفه المشرع المغربي ،والحقيقة أن هذه الكتابة االلكترونية هي عبارة عن
كل ما ذكر ،إضافة إلى أنها قد تتخذ شكل مجموعة من الحروف كما أضاف المشرع التونسي.
19
أما بخصوص الدعامة اإللكترونية فيمكن أن تكون قرصا مدمجا أو شريطا أو بطاقة ذات
ذاكرة وال يهم بعد ذلك الطريقة التي تم بها نقلها ،أي طريقة تبادل المعطيات القانونية سواء
بالمناولة اليدوية ،لكتابة محملة على دعامة إلكترونية من النوع المذكور ،أو بالنقل االلكتروني
عن بعد عبر شبكة االنترنت أو غيرها من وسائل االتصال الحديثة.
ب -أن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط تضمن سالمتها وتماميتها:
إن االعتراف بالمحرر الرسمي ال يعني وضع هذا المحرر في مواجهة المخاطر التي تواجهه
هذه المستندات ،خاصة وأن تتعرض للتحريف واألتالف بشكل مقصود أو غير مقصود وهو
ما يخلق إشكاال لألفراد في مجال االثبات ،هذا األمر بالطبيعي أن يتفاقم في ظل المحرر
االلكتروني خاصة بالنظر للمخاطر التي تحيط به والمتمثلة في جرائم المستندات الرقمية،
وهو ما واجهه المشرع عن طريق اشتراط ضمان تمامية الوثيقة عن طريق ضمان سالمتها.
وهذا أيضا من الشروط األساسية لالعتداد بالوثيقة االلكترونية ومساواتها للوثيقة المحررة
على الورق ،فإذا كانت هذه األخيرة قابلة بطبيعتها للحفظ مهما طال الزمن ،ألن حامل الكتابة
فيها ،الذي هو الورق ،قابل للحفظ والتخزين واألرشفة ،فانه في المقابل يجب أن تكون الدعامة
االلكترونية هي األخرى ،وأيا كان شكلها ،معدة وقابلة بدورها للحفظ بالطرق الفنية المعروفة،
17
وهو ما لم ينظمه المشرع المغربي بخالف المشرع التونسي
ونظرا ألهمية هذا الشرط فقد ذكره المشرع المغربي أكثر من مرة في الفصالن 2-1و-1
417ظ.ل.ع ،وكذلك فعل القانون الفرنسي من قبله الفصالن 1108-1و ،131618-4وهو
نفس صنيع كل من القانون التونسي الفصل 453مكرر من ظ.ل.ع والقانون الكندي الفصل
2838والقانون األممي أيضا سواء في القانون النموذجي بشأن التجارة اإللكترونية الفصل
20
8أو في اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات اإللكترونية في العقود الدولية في
19
الفصل 9
وعموما يراد بالحفظ المعنيين التاليين ،حفظ الوثيقة اإللكترونية من التحريف وحفظها من
التلف:
أي من كل محو أو تغيير أو بثر لما هو مكتوب فيها وهذا مطلوب أيضا في الوثيقة المحررة
على الورق ،ولتأمين حفظ الوثيقة اإللكترونية من التحريف ابتكر العلم وسائل خاصة أهمها،
التشفير الذي يعتبر أنجع وسيلة لضمان سالمة الوثيقة االلكترونية من التحريف والتغيير،
وبموجب هذه الوسيلة يتحول الوضوح المشترط في الوثيقة إلى غموض ال يفهمه إال من يملك
مفتاح الولوج إليها وإلى مضمونها.
أي حماية الحامل االلكتروني أيا كان نوعه أو شكله ،من التلف واالضمحالل سواء بفعل
االنسان أو بفعل الزمن أو بفعل الفيروسات وهذا ما يقتضي نظاما خاصا لتخزين هذه الوثائق
وأرشفتها.
وباإلضافة إلى ذلك يتعين ضمان إمكانية الرجوع إليها عند الحاجة ،وإمكانية االطالع على
مضمونها ومحتواها ،وهذا يقتضي أيضا توفير البرامج القادرة دائما على قراءة الوثائق
االلكترونية مهما طال الزمن عليها.
21
ويتحقق هذا الشرط بواسطة التوقيع عليها ،وقد نص على ذلك صراحة الفصل 417-2في
فقرته األولى من ظ.ل.ع ،على ما يلي "يتيح التوقيع الضروري إلتمام وثيقة قانونية التعرف
على الشخص الموقع ويعبر عن قبوله لاللتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة".
ولعل ذلك يعني أن التوقيع هو نسبة ما ورد في المحرر ألطرافه ،ويعبر عن قبول الشخص
الموقع لاللتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة ،فالتوقيع اإللكتروني الموثق وفق ما تم االتفاق
عليه بين األطراف ،يكون عالمة مميزة لشخص الموقع ويرتبط به ارتباطا وثيقا ،وبالتالي
يشير إلى شخص الموقع بشكل ال لبس فيه وال غموض ،ويحدد هويته ،وتحديد هوية مبرم
العقد أو صاحب الوثيقة أمر ضروري خاصة في مجال الوفاء بااللتزامات العقدية ليتم تحديد
أهلية صاحب التوقيع ،إذ ال يتصور أن يتم منح شخص عديم األهلية أو ناقصها توقيعا
إلكترونيا.
المبحث الثاني :توثيق عقد البيع بين الصحة والبطالن
المطلب األول :صحة عقد البيع التوثيقي
إن األصل في العقود الرضائية بحيث يستأثر أطرافه بوضع شروطه وتحديد التزامات التي
تقع على عاتق كل منهما ،20ويعتبر العقد ناجزا بمجرد توافق االرادتين على احداث أثر
قانوني على اعتبار العقد شريعة المتعاقدين بمدلول الفصل 230ق.ل.ع ومعه وجب أن تكون
أهلية األطراف المتعاقدة كاملتا خالية من عيوب اإلرادة وأن يكون للعقد سبب مشروع ومحل
يستند إليه العقد ،لكن قد يتدخل المشرع في بعض العقود وعلى راسهم عقد البيع إلضفاء
شكلية محددة على بعض العقود خاصة العقود التي يكون محلها حقوق عقارية وهذا ما يستفاد
20العقد ال يتم إال بتوافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني ،وينبغي أن تنصب هذه اآلثار على شيء يصلح ألن يكون محال لاللتزام بغرض
تحقيق غاية مشروعة ،ومن ثم يم كن القول أن العقد ككل بناء قانوني يجب أن يقوم على أركان عددها الفصل الثاني من ق ل ع الذي جاء فيه بأن
"األركان الالزمة لصحة االلتزامات الناشئة عن التعبير عن اإلرادة هي:
1 -األهلية لاللتزام
2-تعبير صحيح عن اإلرادة يقع على العناصر األساسية لاللتزام
3-شيء محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام
4سبب مشروع لاللتزام
إضافة إلى هذه األركان ،الشكلية ،في العقود الشكلية والتسليم في العقود العينية.
22
من مدلول الفصل .21489هذه األخيرة قد تكون شكلية اثبات أو انعقاد ،22لذلك وضمانا
لحماية األطراف المتعاقدة في مواجهة بعضهم البعض تدخل المشرع لتحديد الجهات المخول
لها توثيق مثل هذه المعامالت ،وقد يرد العقد في شكل محرر رسمي أو ثابت التاريخ وبهذا
فالتوثيق هو العملية التي تحفظ أموال وأعراض الناس وتحدد معالم وخطوط كل تصرف،
وتساهم في منع العقود الفاسدة من خالل شروطها وضوابطها .لذلك سنعمد في هذا التطرق
في (الفقرة األولى) الشروط الواجب توفرها في األطراف المتعاقدة ،ثم في (الفقرة الثانية)
االلتزامات الشكلية للمحررين
يعتبر عقد البيع من العقود التي نبتت فيه بذرة رضائية العقود ،إذ العقد شريعة المتعاقدين.
وفيه نمت وازدهرت .23لذا يكفي النعقاده ارتباط القبول باإليجاب حتى ينشأ العقد .وال يستلزم
القانون لقيامه شرط آخر ،كما يتضح من الفصل 478من ق.ل.ع ،إذ بمجرد تراضي أحدهما
بالبيع واآلخر بالشراء ،وباتفاقهما على العناصر الجوهرية ،وهي المبيع والثمن النقدي ينشأ
العقد ،في حين تبقى المسائل التفصيلية تحكمها القواعد المكملة.
وتكريسا لهذه الرضائية حرص المشرع المغربي على تأكيدها مرة أخرى في الفصل 19
و 488من ق.ل.ع الذي جاء فيه " يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه أحدهما بالبيع
واآلخر بالشراء وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد األخرى".
وهو من عقود التصرف التي اوجب المشرع ان تكون فيها أهلية األطراف كاملة )أوال) خالية
من عيوب الرضى(ثانيا)
21ينص الفصل 489من قانون االلتزامات والعقود على أنه“ :إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا ،وجب
أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ ،وال يكون له أثر في مواجهة الغير ،إال إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون”.
22شكلية االنعقاد بمعنى ان المشرع الزم االطراف بضرورة احترام هذه الشكلية يترتب عنها بطالن العقد في حين أن شكلية االثبات فهي ليست
لالنعقاد وإنما إلثبات التصرفات القانونية ويترتب عنها رغم ذلك صفة العقد في حين أنه ال يجوز إثباتها إال كتابة
23عبد الرحمان بلعكيد ،وثيقة البيع بين النظر والعمل ،الطبعة الثالثة ،2001مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،ص 19
23
المراد باألهلية هي صالحية الشخص الكتساب وممارسة الحقوق ثم تحمل االلتزامات .وقد
اعتبر المشرع األهلية بمثابة ركن في العقد والحقيقة بنظر أغلبية الفقه ليست األهلية سوى
شرط صحة في ركن التراضي ،بمعنى أنه إذا انعدمت األهلية لدى المتعاقد أو إذا لم تكتمل
لديه بعد انعدمت ارادته أو صارت في حكم الناقصة مع ما يترتب على ذلك من بطالن العقد
أو قابليته لإلبطال.
كمبدأ عام يكون الشخص أهال إلبرام العقود إذا بلغ سن الرشد أي سن ثمانية عشر سنة شمسية
كاملة وبشرط اال يكون فاقد االرادة كالمجنون أو ناقصها كالسفيه حسب مقتضيات المادة
209من مدونة االسرة .وقد سوى المشرع في الحكم بين الراشد والصغير المرشد أي
الصغير الذي بلغ سن 16من العمر ووقع ترشيده وفق أحكام .واعتبارا لذلك يتمتع المرشد
بأهلية كاملة في التعاقد تمكنه من إبرام كل التصرفات القانونية على الوجه القانوني السليم.
غير أن أهلية التعاقد تكون أحيانا منعدمة الوجود أو متوفرة ضمن قيود ترد عليها .فهي
منعدمة في حالة الصغير غير المميز الذي يقل عمره عن 12سنة وفي حالة المجنون
المحجور عليه قضائيا ،ففي الحالة األولى تقع كل عقود التي يبرمها الصغير الغير المميز
باطلة بمدلول المادة 224من مدونة االسرة ،ولو كانت نفعية نفعا محضا كاستفادته من عقد
هبة غير مقيد بشرط وفي الحالة الثانية يسرى نفس الحكم بالنسبة للعقود التي يجريها المجنون
أثناء حالة الجنون.
هذا وقد تكون أهلية التعاقد متوفرة لدى الشخص ولكنها أهلية موقوفة على تحقيق بعض
الشروط حفاظا على مصلحة المتعاقد الذي ال يملك من القدرات الذهنية ما يكفي إلدراك تبعة
تصرفاته اما لصغر سنه او لضعف في قدرته االدراكية وتقدير األمور بحق قدرها ويتعلق
األمر في الحالة األولى بالصغير المميز الذي تجاوز عمره 12سنة ولم يبلغ سن الرشد وفي
الحالة الثانية بالسفيه .24فكل من الصغير المميز والسفيه المحجور عليه يعتبر ناقص األهلية
وال يملك أهلية التعاقد إال في الحدود المرسومة من قبل المشرع .ولهذا الغرض وقع تمييز
العقود النافعة والعقود المضرة والعقود الدائرة بين النفع والضرر وعليه يستطيع ناقص األهلية
24
إبرام العقود النافعة من غير قيد وال شرط تطبيقا للفصل 5ق ل ع ،وله كذلك أن يبرم العقود
الدائرة بين النفع والضرر بشرط أن يكون مصحوبا بنائبه الشرعي أو حاصال على إذن منه
وإال كان العقد قابال لإلبطال بطلب من الصغير المميز عند بلوغه سن الرشد أو من هذا
النائب .أما بالنسبة للعقود المضرة به ضررا محضا كعقود التبرع على الغير ،ال يصح لناقص
األهلية أن يبرمها ولو بمؤازرة النائب الشرعي أو بإذن منه والجدير باإلشارة أن أحكام األهلية
تعتبر في نظر الفقه من صميم النظام العام ومن ثم ال يجوز لألطراف المتعاقدة االتفاق على
ما يخالفها فال يجوز مثل االتفاق على جعل العقد الضار ضررا محضا عقدا صحيحا بالنسبة
للصبي المميز إذا وقعت مراسيم العقد بحضور النائب الشرعي.
ال يكفي لقيام العقد على الوجه الصحيح أن يحصل التطابق بين اإليجاب والقبول في مجلس
العقد بل ينبني عالوة على ذلك أن تكون إرادة كل من المتعاقدين خالية من كل عيب قد
يشوبها ،والعيوب التي قد تلحق باإلرادة ويكون لها تأثير سلبي على الرضا قد حصرها
المشرع في نطاق الفصل 39ق ل ع بقوله يكون قابال لإلبطال الرضي الصادر عن غلط أو
الناتج عن تدليس أو المنتزع بإكراه وعليه نكون أمام أحد عيوب اإلرادة إذا اندفع أحد
األشخاص إلى التعاقد بسبب غلط وقع فيه أو تدليس نصب عليه أو إذا أقدم على ذلك تحت
ضغط اإلكراه أو نتيجة لحالة غبن.
لذلك حتى ينشأ العقد صحيحة منتجا الثاره يجب ان تكون إرادة األطراف سليمة خالية من
كل عيب.
25
أكد المشرع المغربي على ضرورة تقييد األوضاع القانونية من خالل مجموعة من التدابير،
سواء كان ذلك متعلقا باألطراف المتعاقدة أو بتوثيق العقد نفسه لضمان صحته وجدواه .وتعزى
لهذا العقد صفة رسمية يصعب نفيها إال من خالل إثبات الزور 25او تبوث التاريخ.
يجب على الموثق االلتزام بمراعاة األوضاع القانونية المتعلقة بالعقد التوثيقي ،وباإلضافة إلى
هذا االلتزام ،هناك العديد من االلتزامات األخرى التي يجب أن يأخذها بعين االعتبار أثناء
تحرير العقد .حيث يلتزم باإلجراءات الشكلية المتعلقة بالعقد ،والتي تضمن أن العقد يكون
صالحا كوثيقة قانونية رسمية.
هذه اإلجراءات تشمل قراءة العقد أمام األطراف وتفسيره لهم ،وتوضيح الشروط الخاصة
به ،وإزالة أي غموض يمكن أن يكون موجودا في أذهان األطراف.
يجب أيضا على الموثق تقديم نسخ من العقد لألطراف المعنية وضمان أن تاريخ ومكان إعداد
العقد موثوق بهما .باإلضافة إلى ذلك ،يجب على الموثق التحقق من أن المحررات خالية من
أي نقص أو بياض أو ثغرات وأنه يجب أن يتضمن العقد جميع اإلحاالت والتشطيبات الالزمة.
وأخيرا ،يجب على الموثق توقيع العقد التوثيقي.
يعتبر هذا البيان من أهمية كبيرة ،لذلك يجب على الشخص المعتمد عليه في التوثيق أن يتأكد
من تضمين هذا البيان في العقد .تنص القوانين على أنه يجب أال يتم تجاهل هذا البيان سواء
في الظهير الملغى لسنة 1925أو في قانون التوثيق الجديد .32.09يكتفي المحرر بوصفه
محررا إذا تم توقيع األطراف على العقد ،ولكن يصبح باطال إذا لم يتم توقيعهم.
الزور هو تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق التي بينها القانون تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا للغير ،وهو بذلك قد يكون موضوعا لدعوى 25
مدنية بمناسبة النظر في دعوى أخرى أصلية بهذف إثبات تزوير المستند العرفي أو الرسمي المقدم أو المودع أو المعلن أثنائها وهدم حجيته في
اإلثبات ،بعد تقديم إدعاء بذلك من طرف أحد الخصوم الممثلين في الدعوى أو خلفائهم ،أو حتى من الخصم الذي قدم المستند إذا تبين له فساده ورأى
من مصلحته إثبات هذا الزور ليحول دون استفادة خصمه من المستند.
26
باإلضافة إلى ذلك ،يجب ذكر تاريخ إنشاء المحرر بدقة ،بما في ذلك السنة واليوم والشهر.
يعتبر ذلك ضروريا خاصة عندما يتعلق األمر بالعقود التجارية ،حيث يمكن أن يلعب تاريخ
إنشاء المحرر دورا مهم ا في حالة وقوع نزاعات .يجب على الموثق أن يسجل هذا التاريخ
بدقة ،بما في ذلك السنة والشهر واليوم والساعة .هذا يمكن أن يكون مفيدًا خاصة في حالة
عزل وكيل الموثق ،حيث يمكن استخدام تاريخ إنشاء المحرر لتحديد صحة الصفقات التي
تمت قبل العزل أو بعد قرار العزل .إذا تمت هذه الصفقات قبل العزل وعلم الوكيل واألطراف
بهذا األمر ،فإنها صحيحة ،وإذا تمت بعد العزل وعلم الجميع بالعزل ،فإن هذه الصفقات تعتبر
ضا استخدام تاريخ إنشاء المحرر للتحقق من صحة المحررات التي تم توثيقها
باطلة .يمكن أي ً
بواسطة الموثق إذا تم تعليقه عن العمل وتوقيفه بمعرفة الجميع .في هذه الحالة ،يمكن استخدام
تاريخ إنشاء المحرر للداللة على أن المحرر ال يعد محررا رسميا بسبب عدم أهليته بسبب
توقيفه أو عزله عند تحرير العقد رقم.26
التزام الموثق بتضمين مكان إنشاء المحرر التوثيقي المكتوب يظهر أهميته بوضوح ،سواء
من ناحية صحته أو صحة محتواه .هذا البيان يعتبر وسيلة لمراقبة مدى التزام الموثق بالقوانين
المحلية المتعلقة بمكان إنشاء المحرر التوثيقي .بالتالي ،يعتبر تجاهل الموثق لهذا البيان تصرفًا
غير قانوني يمكن أن يؤدي إلى مسائلته قانونيًا وفقًا ألحكام القانون الجنائي .باإلضافة إلى
ذلك ،يمكن أن يؤدي تجاهل هذا البيان إلى تجاوز العقد الموثق وفقًا لألصول القانونية وتحويله
إلى عقد عرفي خال من صفة رسمية إذا لم يتم تضمين توقيعات األطراف فيه.
26محمد الربيعي األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم المطبعة والوراقة الوطنية من 1اكتوبر ،2008ص 118-117
27
وقرر أن تجاهل هذا البيان يمكن أن يؤدي إلى تعامل العقد بصفة عرفية .27من ناحية أخرى،
يروي بعض علماء الفقه أن تجاهل هذا البيان ال يؤدي بالضرورة إلى إلغاء المحرر التوثيقي.
حرصا من المشرع وتفاديا لكل عيب او لبس في محررات الموثقين ،فرضت على الموثق
جملة من االلتزامات عند تحريره للعقود في نص واحد مع تجنبه ترك أي بياض أو فجوات
عند كتابته للعقود والتي قد تغير من مضمون العقد ،وكذا ترقيم صفحاته والتأشير عليها عند
تعدد صفحات العقد الواحد ،لكن يقع أن يكتشف الموثق وقوعه في بعض األخطاء بمجرد
االنتهاء من تحرير العقد ،اتاح المشرع عدة آليات لتصحيح األخطاء والغفالت .حيت يمكن
تحقيق ذلك من خالل اإلحاالت المكتوبة إما في الهامش أو في أسفل الصفحة ،وفقًا للفقرة 2
من المادة 41من القانون رقم .32.09يتم هذا اإلجراء بمراعاة الضوابط القانونية التي
حددها المشرع بهدف الحفاظ على سالمة المحتوى العقدي وحقوق األطراف .ببساطة ،يمكن
للموثق تصحيح األخطاء واإلضافات الالزمة دون التدخل في نص العقد نفسه.28
بعض الفقهاء يختلفون فيما يتعلق بجوهرية إضافة معينة على مستند رسمي .هناك من يعتقد
أنه إذا تعلقت اإلضافة بمعلومات أساسية مثل تاريخ المستند ،فإنها قد تؤدي إلى إلغاء صحة
ً
كامال .وإذا كانت اإلضافة تتعلق بمعلومات غير أساسية ،فإن إلغاء الصحة سيقتصر المستند
على تلك المعلومات دون التأثير على صحة المستند بشكل عام.
الهدف من هذا القرار هو منع أي محاولة للتالعب أو التزوير في المستند الرسمي ،سواء
كانت من األطراف المعنية أو الموثق نفسه .قد يحدث أحيا ًنا خطأ من قبل الموثق يتضمن
إضافة كلمات غير متعلقة بالمستند أو تركها ظاهرة للوقوف على عددها .هذه الكلمات يمكن
تصحيحها وتوقيعها من قبل الموثق برفقة المتعاقدين .وفي النهاية ،يكون للقاضي السلطة
لتقدير مدى امتثال الموثق للمتطلبات القانونية بشأن هذه البيانات.
الربيعي األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم ،م س ص119 : 27
كريم ايت عيسى اساس المسؤولية المدنية للموثق بحث لليل دبلوم الماستر في العلوم القانونية جامعة محمد الخامس القتال 2010-2009 ،ص: 28
16
28
هناك التزام مهم للموثق يتعلق بتوقيع العقد ،وهو الخطوة األخيرة في إنشاء المستند الرسمي
بعد توقيع األطراف والشهود وقراءة الشروط .دون توقيع الموثق ،لن يكون هناك وجود للعقد
الرسمي وفقًا للقوانين الوطنية والقوانين المحلية ذات الصلة.
واهم ما يمكن قوله بخصوص التز امات الموثق أن الغالب عليها أنها تبقى التزامات بتحقيق
نتيجة لألطراف والعقد التوثيقي ،وهو األمر الذي سار عليه التشريع الفرنسي في اعتبار
التزامات الموثق أن األصل فيها وبل وتقتصر على تحقيق النتيجة ،نفس الشيء سار على
منواله المشرع المغربي وهو ما أكده قراره الصادر عن المجلس األعلى (محكمة النقض
حاليا) والذي جاء فيه "لما كان التزام العدل هو اإلشهاد على االتفاقات الجارية بين أطرافها
المتعاقد ين ،فان التزام الموثق يتعدى هذا االلتزام إلى االلتزام بتحقيق النتيجة المتوخاة من
العقد ،وهو ما نص عليه المجلس األعلى في قرار له بتاريخ 20/07/2006تحت عدد
،21114والذي جاء فيه ان الموثق يلتزم بحفظ حقوق األطراف المتعاقدة واتخاده اإلجراءات
الالزمة لنقل الملكية ".45
إلى جانب الفئة السابقة توجد فئة العدول التي ال تقل أهمية عن سابقتها وذلك نظرا للضمانات
القوية التي تقدمها للمتعاقدين ،والحمايات الالزمة التي توفرها للمتقاضين والدور الفعال التي
تقوم به في حفظ الحقوق واألعراض واالموال واالنساب ،والخدمات الجليلة التي تقدمها
مما يشكل إحدى الضمانات األساسية لضمان استقرار المعامالت وتحقيق االمن 29
للقضاء
العقاري
وبالنظر إلى المكانة المرموقة التي يتميز بها التوثيق العدلي فقد أحاطه المشرع بعناية كبيرة
بحيث صدر بشأنه عدة ظهائر وقوانين مؤطرة له إلى أن استقر الحال على القانون16.03
المتعلق بخطة العدالة ،والذي حاول من خالله المشرع ضبط هذه المؤسسة بما يتماشا مع
29عبد السالم الزياني شروط الموثق وضوابط تحرير الوثيقة العدلية مقال منشور ضمن مؤلف جماعي حوا توثيق التصرفات العقارية أشغال الندوة
العلمية الوطنية العلمية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية العقارية بكلية الحقوق مراكش يومي 11و 12فبراير ، 2005الطبعة األولى
المطبعة والوراقة الوطنية الحي المحمدي مراكش ص 291
29
حماية حقوق المتعاقدين في شتى المعامالت وباألخص التصرفات العقارية فاشترط فيمن يريد
30
الولوج إليها مجموعة من الشروط تتعلق بالسلوك واالخالق والكفاءة العلمية
إضافة إلى ما يجب توفره في العدل من شروط فإنه يجب أيضا ان تستجيب المحررات التي
يصدرونها إلى عدة ضوابط سطرها المشرع في القانون 1603بحيث يجب ان تحرر وفق
المنهجية المتعارف عليها فقها وقانونا في مجال تحرير الوثائق العدلية ،كما فرض عليه
المشرع في نفس القانون عدة التزامات يجب االرتكان لها وذلك من أجل تحقيق الغاية المنشودة
اال وهي تحقيق االمنين التعاقدي في مجال المعامالت بصفة عامة والعقاري في مجال
التصرفات العقارية.31
• تلقي الشهادة
يعتبر تلقي الشهادة المرحلة األولى إلمشاء الوثيقة العدلية ،وهذا التلقي يجب ان يكون ثنائيا
اي من طرف عدلين منتصبين لإلشهاد يتلقيان في أن واحد الشهادة غير انه يسوغ لهما إذا
تعذر عليهما ذلك ان يتلقيا إلشهاد منفردين بإذن من القاضي ،32والتلقي يجب ان يتم طبقا
للمادة 29من القانون 16.03مباشرة ،وإذا كان المشهود عليه عاجز عن الكالم او السمع
جاز اإلشهاد عليه بالكتابة وإال فباإلشارة المفهمة ،مع التنصيص على ذلك في العقد.
اما عند وجود صعوبة في التلقي مباشرة من المشهود عليهم يمكن للعدل طبقا للمادة 30من
القانون المومأ إليه اعاله ان يستعين بترجمان مقبول امام المحاكم وفي حالة ما تعذر عليه
ذلك يسوغ له ان يستعين بكل شخص يراه اهال للقيام بهذه المهمة بعد قبول المشهود عليه له،
33
هذا ويشترط في الترجمان او الشخص المستعان به ان ال تكون له مصلحة في الشهادة
30
والوثيقة العدلية يجب ان تحرر باللغة العربية ،وإذا تم التلقي بلغة أجنبية يتم التنصيص على
ذلك ،إضافة إلى ذلك يتعين ان تشمل الوثيقة العدلية على الهوية الكاملة للمشهود علية ومدة
أهليته وأحقيته في التصرف المشهود فيه ،وكونه يتمتع باألهلية القانونية لهذا 34التصرف
كما يتعين ان تشمل الوثيقة العدلية تعيين المشهود فيه تعيينا كافيا -بالمشهود فيه والذي ألقا
المشرع على عاتق العدول العديد من االلتزامات في هذا الشأن بغية ضمان استقرار المعامالت
و تحقيق االمن التعاقدي ،إذ يجب على العدل على غرار الموثق التأكد من وضعية العقار
سواء كان محفظا او غير محفظ ،كما يجب عليه االلتزام بنصح األطراف المتعاقدة بعد التأكد
والتحري عن الوضعية القانونية للعقار كما يتعين عليه أيضا أن يذكر األطراف باسم العقار
موضوع التعاقد ،وتعيين ووصف مشتمالته وذكر مساحته ،وموقعه ،وحدوده ...إلخ ،كما
يستلزم على العدل التأكد من أصل التملك أي سند ملكية الطرف المفوت وهذا اإلجراء فيه
حماية للمفوت له بل يعكس أمنا عقاريا واستقرار للمعامالت التي يرتضي األفراد إفراغها في
قالب الوثيق ة العدلية ،ألن هذا اإلجراء االخير يمكن من معرفة المالك الحقيقي من المالك
الظاهر ،إذن فالعدل ملزم قبل تحرير عقود التفويت بالتأكد من الملكية والشروط المطلوبة
35
فيها
وبعد تلقي الشهادة وإدراجها في مذكرة الحفظ يقوم العدلين بتحريرها ،ثم توقيعها مع وجوب
ذكر اسمهما وكذا تاريخ التحرير ،36مع العلم أن تحرير الشهادة ينبغي أن يكون في وثيقة
واحدة دون انقطاع او بياض او بشر أو إصالح أو إقحام أو إلحاق أو تشطيب ،وذلك حتى
تكون الوثيقة خالية من أية شائبة أو شبهة ،وتكون في حلة قشيبة مقروءة ومقبولة وهذه
الشروط التي اشترطها المشرع في تحرير الوثيقة وصيانة وحماية تصرفات المتعاقدين ومنها
التصرفات العقارية التي تستلزم حماية أكبر وصيانة أوفر" ،وذلك لتقيق األمن التعاقدي
والعقاري.
31
• مخاطبة قاضي التوثيق
وال تكفي نظام التوثيق العدلي هاتان المرحلتان لتكون الوثيقة جاهزة " ومتمتعة بحجتها
اإلثباتية بل البد لها ان تمر على يد القاضي المكلف بالتوثيق للمخاطبة عليها لتكتسي الصبغة
الرسمية ،غير أن الوثيقة العدلية التذيل بخطاب قاضي التوثيق إال بعد تأكد هذا األخير من
مرورها بجميع مراحل تكوينها والتي من بينها تسجيل الرسوم العدلية بمصلحة التسجيل
والتنبر ،وهذا اإلجراء كرسته المادة 35من القانون 16.03المتعلق بخطة العدالة
وهذه المراحل الثالث التي تمر منها الوثيقة العدلية تكفي وحدها ألن تكون هذه الوثيقة ذات
قوة إثباتية دامغة ألنها تمت في إطار عمل مشترك يكمل بعضه البعض اآلخر ،فمن تلقي
الشهادة وتحريرها إلى مراقبتها .ويمكن القول بأن هذه المرحلة التالية المتمثلة في الرقابة
القضائية التي تخضع لها الوثيقة العدلية في إطار التأكد من سالمتها من الخلل وخلوها من
النقص والمصادقة عليها تعد ضمانة إضافية إلى جانب الضمانات األخرى المتوفرة في هذه
الوثيقة ،ليس ألن القضاء له هيبة خاصة يضيفها على الوثيقة العدلية ،وإنما ألن القضاء يعطي
الحماية القانونية لألفعال والتصرفات ويضمن وقوعها في إطارها القانوني المرسوم لها مما
يحقق لنا االمن التعاقدي في كافة المعامالت المعامالت و العقارية بشكل خاص مما بدره
يشكل عدة ضمانات تستقر من خاللها المعامالت العقارية ويتحقق بفضلها األمن العقاري
إذا كان العدول والموثقون هم الجهات المخولة بتنفيذ الصفقات العقارية ،فإن المحامي
المعترف به للترافع أمام محكمة النقض يُعتبر جز ًءا من هذه الجهات .ينص المادة 4من
مدونة الحقوق العينية على ذلك ،وكذلك العديد من القوانين األخرى مثل قانون بيع العقارات
قيد اإلنشاء رقم 44.00وقانون الملكية المشتركة للعقارات المبنية رقم ،18.00وقانون
اإليجار الذي يؤدي إلى تملك العقار رقم .51.00
ومع ذلك ،تنص المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بشكل خاص على أن تحرير المحامي
للمعامالت العقارية يخضع لشروط محددة يجب توافرها لضمان صحة واعتبار المحرر
ً
وفعاال بالنسبة للعقارات .ومع ذلك ،هذا األمر يبرز مسألة مهمة تتعلق التاريخي صحي ًحا
32
بااللتزامات المهنية والمسؤوليات للعدول والموثقين ،وهو أمر ينبغي أن ينظر إليه بعناية
دورا مه ًما
بالنسبة للمحامين المعترف بهم للترافع أمام محكمة النقض .هذه االلتزامات تلعب ً
في تأمين المجال العقاري وبالتالي تعزيز األمان العقاري.
تتطلب صحة المحررات الصادرة عن المحامي توافر شروط معينة كما تقع على هذا األخير
التزامات.
تم ّكن المادة 30من الظهير الصادر في 20أكتوبر 200837المحامين من تحرير العقود،
وهذا السماح مؤكد من خالل المادة 4في مدونة الحقوق العينية .ومن المهم أن نالحظ أن هذا
االختصاص يقتصر على مجموعة محددة من المحامين ،وتحديدا ً المحامين المعترف بهم
للترافع أمام محكمة النقض .تشير المادة 3319في القانون ،28.08التي تعديل القانون الذي
ينظم مهنة المحاماة ،إلى أن المحامي يصبح مؤهالً للترافع أمام محكمة النقض إذا توفرت
إحدى الشروط التالية:
✓ كان ُمسجالً في جدول هيئة المحامين لمدة ال تقل عن خمسة عشر عا ًما.
✓ كان يعمل بشكل منتظم كمستشار أو محامي عام في محكمة النقض قبل أن يحصل
صا إذا كان قاضيًا سابقًا أو أستاذًا جامعيًا معفى من شهادة
على صفة المحامي ،خصو ً
األهلية للتدريس.
37جاء في المادة 30من القانون 28.00ما يلي " يمارس المحامي مهامه بمجموع تراب المملكة .االستثناء المنصوص عليه في المادة الثالثة
والعشرين أعاله من غير اإلدالء بوكالة.
تشمل هذه المهام:
=1الترافع نيابة عن األطراف ومؤازرتهم والدفاع عنهم وتمثيلهم أمام محاكم المملكة والمؤسسات القضائية ،والتأديبية إلدارات الدولة والجماعات
والمؤسسات العمومية ،والهيئات المهنية ،وممارسة جميع أنواع الطعون في مواجهة كل ما يصدر عن هذه الجهات في أي دعوى أو مسطرة ،من
أوامر أو أحكام أو قرارات ،مع مراعاة المقتضيات الخاصة بالترافع امام محكمة النقض؛
=2تمثيل الغير ومؤازرته أمام جميع اإلدارات العمومية؛
=3تقديم كل عرض أو قبوله ،وإعالن كل إقرار أو رضى أو رفع اليد عن كل حجز والقيام ،بصفة عامة ،بكل األعمال لفائدة موكله ،ولو كانت
اعترافا بحق أو تنازال عنه ،مالم يتعلق األمر بإنكار خط يد ،أو طلب يمين أو قبلها ،فإنه ال يصح إال بمقتضى وكالة مكتوبة؛
= 4القيام في كتابات الضبط ،ومختلف مكاتب المحاكم وغيرها من الجهات المعنية بكل مسطرة غير قضائية ،والحصول منها على كل البيانات
والوثائق ،ومباشرة كل إجراء أمامها ،إثر صدور أي حكم أو أمر أو قرار ،أو ابرام صلح ،وإعطاء وصل بكل ما يتم قبضه؛ بسبب هذا العقد؛
= 5تمثيل األطراف بتوكيل خاص في العقود؛
= 6يتعين على المحامي أن يحتفظ بملفه بما يفيد توكيله لإلدالء به عند المنازعة في التوكيل امام النقيب أو الرئيس األول لمحكمة االستئناف غير
انه يتعين عليه اإلدالء بتوكيل كلما تعلق األمر باستخالص مبالغ مالية من محاسبين عموميين لفائدة موكليه في قضايا لم يكن ينوب فيها".
= 7إعداد الدراسات واألبحاث وتقديم االستشارات ،وإعطاء فتاوى واإلرشادات في الميدان القانوني
=8تحرير العقود ،غير أنه يمنع على المحامي الذي يحرر العقد ،أن يمثل أحد طرفيه في حالة حدوث نزاع بينهما
33
بمجرد أن يصبح المحامي مؤهالً للترافع أمام محكمة النقض ،يمكنه بمقوة القانون تحرير
العقود وفقًا ألحكام المادة 4في مدونة الحقوق العينية .وبالتالي ،إذا لم يستوفي المحامي هذه
الشروط ،فليس لديه الحق في هذا االمتياز.
بعد تحقق المحرر من توافر الشروط الشكلية والموضوعية في العقد ،يتم توقيعه بواسطة
المحامي واألطراف المتعاقدة .يُشترط أن يتم تصحيح توقيع األطراف في العقد من قبل رئيس
كتابة الضبط في المحكمة االبتدائية التي يقوم فيها المحامي بنشاطه ،حتى في حالة كونت
األطراف موجودة في مناطق مختلفة.38
هناك من الفقه يرى أن المشرع فرض بعض القيود واإلجراءات على المحامي ،ويعتبرون
أن هذه الشروط تمثل انتها ًكا لمبدأ التوازن في الشكليات .ويُفترض أن تصحيح توقيع المحامي
ينبغي أن يتم عن طريق نقيب هيئة المحامين.39
التوقيع يعتبر جزءا أساسيا في الوثيقة القانونية ،حيث يمثل إثباتا لمنشأ الوثيقة ومضمونها،
حتى إذا لم يتم الكتابة بخط يد الشخص .وبنا ًء على المادة 426من قانون االلتزامات والعقود،
يجب أن يوقع الشخص أسفل الوثيقة وبخط يده الخاصة ،دون أن يجزئ عن ذلك بختم أو
تأشيرة أو بصمة.
إذا كان العدول والموثقين يخضعون في حياتهم المهنية أثناء تحريرهم للتصرفات لمجموعة
من االلتزامات المندرجة في إطار مهني ،والتي من شأنها تعزيز ثقة المتعاملين في هذه
الهيئات وبالتالي تحقيق األمن العقاري .فإن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض يشهد
قصورا في ميدان النصوص التشريعية المحددة اللتزاماته المهنية وراء تحرير التصرفات
38محمد بودالحة حجية المحررات الصادرة عن المحامي في التشريع المغربي مجلة القيس المغربية للدراسات القانونية والقضائية ،العدد 5سنة
،2013ص57
39محمد زروال ،حجية المحرر ثابت التاريخ بين النص العام والنص الخاص مقال منشور بالموقع االلكتروني droitetetentrepriseتاريخ
الولوج 15/10/2023
34
العقارية .إذ أنه ال وجود في القوانين الخاصة لنص يلزمه بالحياد وكتمان السر المهني ،ثم
40
إعالم األطراف وتقديم النصح واإلرشاد لهم.
غير أنه بالرجوع لبعض فصول القانون رقم 28.08المنظم لمهنة المحاماة ،وإن كانت تؤطر
التزامات المحامي بصفة عامة فإنه يمكن إسقاطها على مهمة تحرير العقود (المحررات الثابتة
(التاريخ .ومن تم فبالرجوع للفقرة األخيرة من المادة 43من القانون المذكور 2نجدها تنص
على تنظيم عالقة المحامي بالمتعاملين معه ،إذ ألزمته بضرورة تقديم النصح واإلرشاد لهم،
مما يعني تكريس نفس الواجب الملقى على عاتق العدل والموثق بالرغم من اقتصار المادة
المذكورة على طرق الطعن وأجالها إال أنه ال مانع من 41إسقاطها على مجال تحرير العقود.
أما بخصوص التزام المحامي بكتمان السر المهني ،فالمشرع ينص صراحة في المادة 36
من القانون المنظم لمهنة المحاماة والتي جاء فيها أنه " ال يجوز للمحامي أن يفشي أي سر
يمس بالسر المهني في أي قضية ."...فانطالقا من هذه المادة يتضح أن المحامي ملزم بالتكتم
على السر المهني عمو ًما ،على الرغم من عدم وجود التزام قانوني بهذا الصدد في مجال
تحرير العقود ،والسيما في مجال تحرير المحررات ،يمكن اعتبار مهمة تحرير العقود قضية
ذات أهمية كبيرة من الناحية العامة.42
وتنص المادة 3من القانون 28.08على ضرورة أن يتحلى المحامي بصفات مثل االستقالل
والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف ،وأن يلتزم باألخالق الحميدة واألعراف والتقاليد المهنية.
وال يجوز له أن يحرر أي عقد يحمل مصلحة شخصية أو مصلحة لزوجه أو فروعه أو أقربائه
أو ممن يعملون معه.43
ومع ذلك ،يظهر أن التشريع يفتقر تما ًما إلى أية مقتضيات قانونية تلزم المحامي بالتحقق من
هوية األطراف المتعاملين معه ومن صالحيتهم ،ومن وضعية العقار وجميع االلتزامات
40عمر أوتيل التوثيق ودو ره في استقرار المعامالت العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار
كلية الحقوق جامعة محمد األول بوجدة ،السنة الجامعية ،2012/2013ص 46
41تنص المادة 43من القانون المنظم لمهنة المحاماة رقم 28.08على ما يلي ... " :يقدم لموكله النصح ،واإلرشاد."...
42محمد كبوري :حماية مستهلك العقار أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،كلية الحقوق
جامعة محمد األول ،وجدة ،السنة الجامعية ،2011/2012ص 142
43محمد كبوري :م.س ،.ص 129وما بعدها.
35
العقارية المتضمنة فيه .وهذا يقتصر عمل المحامي عادة على استالم وتحرير العقود دون
الشهادة بشكل كامل على األطراف.44
واألمر الذي يستحق اإلشارة إليه هو أن قلة المقتضيات التنظيمية اللتزامات المحامي المقبول
للترافع أمام محكمة النقض يمكن أن يؤثر على سالمة العمليات التعاقدية ويهدد ثقة األطراف
في هذا المجال ،مما يمكن أن يؤدي إلى عدم تحقيق األمان التعاقدي.
يتطلب المشرع لصحة عقد البيع التوثيقي أركانا يقوم عليها وهي الرضا ،المحل ،السبب،
الشكلية والتسليم مستجمعة لشروط صحتها كأن يكون المتعاقد سواء البائع او المشتري أهل
للتصرف قد بلغ سن الرشد القانوني الذي حدده المشرع في المادة 209من مدونة األسرة
وأن يكون خاليا من عوارض األهلية.
ويعتبر العقد صحيحا إذا استجمع أركان تكوينه أما إذا تخلف ركن من االركان فإن العقد يكون
باطال وغير منتج ألثاره وذلك ما نص عليه الفصل 306من ظهير االلتزامات والعقود "
االلتزام الباطل بقوة القانون ال يمكن أن ينتج اي أثر ،اال استرداد ما دفع بغير حق تنفيذا له.
فهكذا مثال إذا اقتصر تراضي الطرفين على شمول بعض العناصر األساسية للعقد دون
البعض اآلخر ،كأن يهمل المشتري والبائع تحديد الثمن في عقد البيع ،أو إذا وقع تراضي
الطرفين على بعض شروط البيع واحتفظا صراحة بشروط أخرى معينة لكي تكون موضوعا
44عبد الرحيم :حزيكر توثيق التصرفات العقارية على ضوء مقتضيات مدونة الحقوق العينية و الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري ،مداخلة في
إطار الندوة الوطنية حول موضوع األمن العقاري ،الطبعة األولى ،مطبعة األمنية ،الرباط ،2015 ،ص 174و ما بعدها
36
التفاق الحق ،فإن البيع في الحالتين ال ينعقد ،ويكون بالتالي باطال لتخلف ركن التراضي
المعتبر فيه.
وإذا صدر تصرف عن صغير غير مميز ،كنا إزاء تصرف باطل ،الن ركن األهلية لم يتحقق
في هذا التصرف.
وإذا كان محل االلتزام التعاقدي غير موجود ،كأن يتعاقد على شيء قد هلك قبل التعاقد ،او
كان مما ال يجوز التعامل فيه ،كأن يتعاقد على مواد مخدرة ،فإن مثل هذا التعاقد يقع باطال
لتخلف ركن المحل في االلتزام التعاقدي.
وبالركون الى الفصل 489من ظهير االلتزامات والعقود نجد أن المشرع قد اشترط الشكلية
في البيوعات التي ترد على العقار أو الحقوق العقارية أو أشياء يمكن رهنها رهنا رسميا إذ
يجب ان يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ وإال كان باطال.
وكذا ب النسبة لعقد بيع عقار في طور االنجاز الذي جعله المشرع عقدا شكليا بصريح سواء
الصيغة االبتدائية الفصل 618-3أو النهائية الفصل .618-16
قرر المشرع بطالن عقد البيع بالرغم من تحقق سائر أركانه ،ومن بين هذه الحاالت الحجز
التحفظي حيث يمنع الشخص المحجوز عليه تحفظيا من التصرف في المنقول أو العقار
موضوع الحجز ،وهذا ما نص عليه الفصل 453من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه"
ال يترتب عن الحجز التحفظي سوى وضع يد القضاء على المنقوالت والعقارات التي انصب
عليها ومنع المدين من التصرف فيها تصرفا يضر بدائنه ،ويكون نتيجة لذلك كل تفويت تبرعا
أو بعوض مع وجود الحجز باطال وعديم األثر".
45مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء االول مصادر االلتزام ،الصفحة ،203منشورات
الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى 2020
37
وكذلك المادة 72من القانون 25.90المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية
وتقسيم العقارات اذ تكون باطلة بطالنا مطلقا عقود البيع المبرمة خالفا ألحكام المنصوص
عليها في هذا القانون.
يترتب عن بطالن العقد إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد والتزام كل
منهما بأن يرد لألخر كل ما أخذه حسب مقتضيات الفصل 316من قانون االلتزامات والعقود،
اي ان للبطالن أثر رجعي يمتد الى الماضي ،ويعتبر العقد الباطل عديم األثر اال استرداد ما
دفع بغير حق تنفيذا له. 46
إذا تقرر بطالن عقد البيع استرد المشتري الثمن مع الفوائد القانونية من وقت المطالبة القضائية
إذا كان حسن النية ،واسترد البائع الشيء المبيع مع الثمار التي انتجت من وقت المطالبة
القضائية إذا كان هو االخر حسن النية
وقد يصبح االسترداد مستحيال كما إذا هلك الشيء المبيع وهو في يد المشتري ،فهنا يلزم
التمييز بين حالة الهالك الذي يكون نتيجة خطأ المشتري ،والهالك الذي يكون نتيجة فعل القوة
القاهرة ،ففي الحالة األولى يلتزم المشتري بتعويض البائع وذلك برد قيمة الشي وقت الهالك،
47
اما في الحالة الثانية فال يتحمل بالتعويض لحسن نيته.
ان أثر البطالن بالنسبة للغير هو نفسه بالنسبة للمتعاقدين ،فالغير ،الذي تلقى حقا على الشيء
الذي ورد عليه العقد الباطل يزول حقه تبعا للبطالن ،وذلك عمال بمقتضيات القاعدة العامة
التي تقول ان الشخص ال يستطيع ان ينقل الى غيره أكثر مما يملك .فلو أن شخصا اشترى
46الفصل 306من قانون االلتزامات والعقود " االلتزام الباطل بقوة القانون ال يمكن أن ينتج اي أثر ،اال استرداد ما دفع بغير حق تنفيذا له"...
47شكري أحمد السباعي ،نظرية بطالن العقود وابطالها في قانون االلتزامات والعقود ،الصفحة ،348الطبعة األولى ،1971مطبعة المثالية.
38
عينا بعقد باطل ثم باعها ،وتقرر بعد ذلك بطالن البيع االول ،فإن البائع في العقد الباطل يجب
أن يكون له مبدئيا استرداد العين من المشتري الثاني .وإذا كان هذا المشتري الثاني قد رتب
على العين حقوقا ،فإن البائع يجب ان يكون له مبدئيا استرداد العين خالية من هذه الحقوق.
48وهذا االصل ترد عليه استثناءات اذ يرتب القانون على العقد الباطل بعض االثار التي
تترتب على العقد الصحيح ،ومن بين هذه الحاالت االستثنائية اكتساب الغير الحسن النية حقا
عينيا على عقار محفظ الذي هو محل العقد الباطل وذلك باالستناد الى قيود السجل العقاري
وهذا ما قررته الفقرة الثانية من المادة 66من ظهير التحفيظ العقاري "...ال يمكن في اي
حال التمسك بابطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة".
فإذا عقد مثال مالك اتصل به العقار شراء رهنا على هذا العقار المسجل على اسمه في السجل
العقاري ،وتقرر بطالن هذا الشراء فيما بعد ،فإن الدائن صاحب الرهن تبقى حقوقه مصانة
على العقار ،وال تتأثر بالبطالن ،شريطة أن يكون حسن النية ،اي ان يكون جاهال سبب
49
البطالن.
وتنبغي اإلشارة إلى ما نص عليه الفصل 310من قانون االلتزامات والعقود " إجازة االلتزام
الباطل بقوة القانون أو التصديق عليه ال يكون لهما أدنى أثر".
كما ان البطالن ال يصححه التقادم الن الباطل معدوم والعدم ال ينقلب صحيحا بمضي الزمن.
فلو تم تنفيذ عقد البيع باطل ،ومضت على العقد مدة التقادم العادي ،ثم رفع البائع دعوى بطلب
استرداد المبيع استنادا إلى بطالن البيع ،فإن القاعدة تقتضي بسماع دعواه ،والحكم له
باالسترداد.
لكن قبول االدعاء بالبطالن ،رغم مضي مدة التقادم ينافي استقرار المعامالت ،وينقض أوضاع
ثم تنفيذها واستقرت مدة طويلة ،ألجل هذا السبب ،ورغم عدم وجود نص صريح في
39
الموضوع ذهب الراي الراجح فقها ،50الى تقادم دعوى البطالن بمرور خمس عشرة سنة
عمال بمقتضيات الفصل 387من قانون االلتزامات والعقود الذي يتضمن قاعدة في تقادم
الدعاوى الذي جاء فيه " كل الدعاوى الناشئة عن االلتزام تتقادم بخمس عشرة سنة ،فيما عدا
االستثناءات الواردة فيما بعد ،واالستثناءات التي يقضي بها القانون في حاالت خاصة".51
الئحة المراجع
50عبد اللطيف الخالفي ،دروس في النظرية العامة لاللتزامات ،الجزء االول ،مصادر االلتزام ،العقد ،ص ،125ورد في المختصر في نظرية
العقد ،بوكنين احمدناه ،ص ،106طبعة ،2019دار العرفان اكادير.
51بوكنين أحمدناه ،مرجع سابق ،ص106
40
عبد السالم الزياني شروط الموثق وضوابط تحرير الوثيقة العدلية مقال منشور ضمن •
مؤلف جماعي حول توثيق التصرفات العقارية أشغال الندوة العلمية الوطنية العلمية
التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية العقارية بكلية الحقوق مراكش يومي 11
و 12فبراير ،2005الطبعة األولى المطبعة والوراقة الوطنية الحي المحمدي مراكش
عمر اوتيل ،التوثيق ودوره في استقرار المعامالت العقارية على ضوء مدونة الحقوق •
العينية رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار جامعة محمد األول كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية 2012/2013
عبد هللا الجعفري ،القيمة القانونية للوثيقة الرسمية ضمن قواعد اإلثبات مداخلة في •
اللقاء الوطني األول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب
تحت شعار أفاق مهنة التوثيق على ضوء القانون 32.09والعمل القضائي يومي 2و
3نونبر 2012بقصر المؤتمرات بمراكش
نجيب أهتوت توثيق التصرفات العقارية ودورها في تحقيق االمن العقاري ،مقال •
منشور بجريدة المنبر القانوني 8-7أبريل 2015
محمد بودالحة حجية المحررات الصادرة عن المحامي في التشريع المغربي مجلة •
القيس المغربية للدراسات القانونية والقضائية ،العدد 5سنة ،2013
محمد زروال ،حجية المحرر ثابت التاريخ بين النص العام والنص الخاص مقال •
منشور بالموقع االلكتروني droitetetentrepriseتاريخ الولوج 15/10/2023
عمر أوتيل التوثيق ودوره في استقرار المعامالت العقارية على ضوء مدونة الحقوق •
العينية رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار كلية الحقوق جامعة محمد
األول بوجدة ،السنة الجامعية ،2012/2013
محمد كبوري :حماية مستهلك العقار أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة •
ا لتكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،كلية الحقوق جامعة محمد األول ،وجدة،
السنة الجامعية ،2011/2012
عبد الرحيم حزيكر توثيق التصرفات العقارية على ضوء مقتضيات مدونة الحقوق •
العينية والظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري ،مداخلة في إطار الندوة الوطنية حول
موضوع األمن العقاري ،الطبعة األولى ،مطبعة األمنية ،الرباط2015 ،
مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي، •
الجزء االول مصادر االلتزام ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى 2020
شكري أحمد السباعي ،نظرية بطالن العقود وابطالها في قانون االلتزامات والعقود، •
الطبعة األولى ،1971مطبعة المثالية
عبد اللطيف الخالفي ،دروس في النظرية العامة لاللتزامات ،الجزء االول ،مصادر •
االلتزام ،العقد،ورد في المختصر في نظرية العقد ،بوكنين احمدناه ،ص ،106طبعة
،2019دار العرفان اكادير
41
الفهرس
المبحث الثاني :توثيق عقد البيع بين الصحة والبطالن 22 ....................................................................................
42
الفقرة الثانية :االلتزامات الشكلية للمحررين 25 ........................................................................................
43