You are on page 1of 21

‫محاضرات في مادة‬

‫العقود الخاصة‬

‫من إعداد الطالب ‪ :‬محمــد أمكـــوم‬

‫الدكتـــــــــــــــور ‪ :‬جمال الطاهـري‬

‫‪2022/2023‬‬

‫‪1‬‬
‫تقديم ‪:‬‬
‫لم تكن وحدة العقود الخاصة تسمى بهذا االسم من قبل‪ ،‬بل كانت تسمى بالعقود المسماة ( العقد المسمى‬
‫هو العقد الذي أعطى له المشرع اسما معينا ونظمه بأحكام و مقتضيات خاصة )‪ .‬فلماذا سميت بالعقود‬
‫الخاصة ؟ سميت بهذا االسم ألنه في السابق كانت هناك عقود ال تحمل اسما وال تنظمها نصوص‬
‫تشريعية‪ ،‬أو أنها عقود معروفة في فرع آخر من فروع القانون كالقانون التجاري الذي ينظم عدة‬
‫عقود ال ينظمها قانون االلتزامات والعقود‪ .‬ومن جهة أخرى سميت بالعقود الخاصة لتمييزها عن‬
‫النظرية العامة للعقد‪ ،‬أي أن نطبق المقتضيات العامة للعقد إضافة إلى مقتضيات خاصة تخص العقد‪.‬‬
‫فأي عقد يتطلب ثالثة أركان أساسية أال وهي ‪ :‬التراضي – المحل – السبب ‪ .‬لكن حين ما يتعلق‬
‫األمر بعقد الرهن أو عقد فتح حساب بنكي هنا ال نكتفي باألركان العامة للعقد فقط بل نضيف إليها‬
‫أحكاما أخرى بحسب كل عقد‪ .‬ومن هنا جاءت تسمية العقود الخاصة‪.‬‬
‫عقد البيع ‪:‬‬
‫عرف المشرع المغربي عقد البيع في الفصل ‪ 478‬من قانون االلتزامات والعقود على أن ‪ " :‬البيع‬
‫عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين لآلخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا األخير بدفعه‬
‫له"‪.‬‬
‫في حين أن المشرع الفرنسي من خالل الفصل ‪ 1582‬من القانون المدني الفرنسي عرف عقد البيع‬
‫بأنه " البيع هو اتفاق بمقتضاه يلتزم الطرف األول بتسليم شيء‪ ،‬والطرف اآلخر يلتزم بدفع الثمن "‪.‬‬
‫‪ ‬الفرق بين التعريفين السابقين ‪:‬‬
‫يختلف المشرع المغربي عن المشرع الفرنسي في تعريف عقد البيع في ‪:‬‬
‫‪ ‬المشرع المغربي اعتبره نقل ملكية شيء أو حقا‪ ،‬عكس المشرع الفرنسي الذي اعتبره بيع‬
‫شيء فقط‪.‬‬
‫وهنا نتساءل ‪ :‬ما الفرق بين األشياء و الحقوق ؟‬
‫فالشيء يمكن أن يقع عليه أكثر من حق‪ .‬مثال ‪ :‬األرض كشيء يمكن أن يقع عليها حق الملكية أو حق‬
‫االنتفاع أو حق االرتفاق‪ ، ...‬و األشياء المحسوسة إما عقارات أو منقوالت‪ .‬بمعنى آخر األشياء إما‬
‫أصول أو عروض‪ ،‬واألصول بدورها عبارة عن عقارات أو رباع‪ .‬والعروض هي مختلف المنقوالت‪.‬‬
‫فالعقار هو كل ما يعقر بالفأس‪ ،‬فهو ال يشمل إال األرض وما عليها من شجر‪ .‬أما المباني فتسمى‬
‫بالرباع‪ .‬فال نقول بيع عقار في طور اإلنجاز وإنما ربع في طور اإلنجاز فال يتصور أرض في طور‬
‫اإلنجاز‪.‬‬
‫خصائص عقد البيع ‪:‬‬
‫من بين أهم خصائص عقد البيع أنه ناقل للملكية باإلضافة إلى عنصر الثمن ‪:‬‬
‫‪ ‬ناقل للملكية ‪ :‬إذ ال يمكن أن نتصور عقد البيع بدون أن تنت قل الملكية من البائع للمشتري‪،‬‬
‫فمتى وجدنا عقودا ال تنقل الملكية وأحد طرفيه لم يدفع الثمن فال يمكن إدراجها في عقد البيع‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫وحسب الفقه اإلسالمي فإن ملكية المبيع تنتقل من البائع للمشتري بمجرد تمام البيع دون‬
‫الحاجة للتقيد بأي إجراء آخر شكلي‪ ،‬وهو نفس الطريق الذي سلكه المشرع المغربي عندما‬
‫جعل عقد البيع كاف لوحده لنقل هذه الملكية من البائع للمشتري طبعا مع تراضي طرفيه‪.‬‬
‫وقد عرف الفقيه المالكي " ابن عرفة " عقد البيع بقوله " عقد معاوضة على غير منافع وال متعة لذة‪،‬‬
‫ذو مكايسة‪ ،‬أحد عوضيه فيه غير ذهب وال فضة‪ ،‬معين غير العين فيه "‬
‫فحين نقول عقد معاوضة فنحن نخرج جميع عقود التبرع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحين نقول على غير منافع فهو عقد معاوضة فعال لكن محله ليس االنتفاع‪ ،‬وهنا نخرج عقد‬ ‫‪‬‬
‫الكراء ألنه ناقل لمنفعة الشيء وليس ناقال للملكية‪.‬‬
‫وحين نقول وال متعة لذة فنحن نخرج عقد الزواج ألنه ال يمكننا أن نعتبر المهر فيه مقابال‬ ‫‪‬‬
‫للمرأة‪.‬‬
‫وحين نقول ذو مكايسة ونقصد بها المساومة وذلك لنخرج منها عقود الثواب (كمن يهب أرضا‬ ‫‪‬‬
‫لشخص ما مع اشتراط بناء مسجد أو قاعة للصالة)‪.‬‬
‫وعندما نقول أحد عوضيه فيه غير ذهب وال فضة فمن الضروري أن يكون الذهب أو الفضة‬ ‫‪‬‬
‫مقابل شيء آخر‪ ،‬فأما إذا كان العوضين كالهما ذهب أو فضة في هذه الحالة لسنا بصدد بيع‪.‬‬
‫فعقد البيع ال يمكن أن نتصوره إال إذا كان فيه حق أو شيء في مقابل بذل نقدي وذلك حسب‬
‫التعريف الحديث‬
‫معين غير العين فيه ‪ :‬فغير العين في أي عقد معاوضة هو المبيع فيجب أن يكون معينا‬ ‫‪‬‬
‫ومعروفا عند التعاقد لنكون أمام " عقد البيع " وليس "عقد السلم"‬
‫أركــــــان عقد البيع ‪:‬‬
‫الركن األول ‪ :‬التراضـــي ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أي اتجاه إرادة المتعاقدين إلى إبرام عقد البيع مع اقتران االيجاب بالقــبول‪.‬‬
‫‪ ‬أهلية البيع والشراء ‪:‬‬
‫هل يلزم لصحة عقد البيع وجود أهلية المتعاقدين ؟‬
‫كقاعدة عامة أن كل شخص بلغ سن الرشد القانوني المحدد في ‪ 18‬سنة شمسية كاملة له حق التصرف‬
‫في أمواله‪ ،‬طالما أنه في كامل قواه العقلية ولم يثبت عليه ما يؤكد سفهه‪ .‬لكن يمكن أن نتصور شخصا‬
‫يبرم عقد البيع‪ ،‬ويكون هذا العقد منتجا لجميع آثاره مع أن الشخص لم تكتمل أهليته‪ .‬باعتبار أن البيع‬
‫من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر حيث يمكن للشخص أن يقوم ببعض التصرفات بشرط أن‬
‫تكون دائرة بين النفع والضرر‪ .‬وهذا يستوجب الحجر القانوني أي تنصيب من يتولى تسيير أمور‬
‫هؤالء نيابة عنهم بأمر من المحكمة ويتولى القيام بهذه المهام كل من األوصياء والمقدمون واألولياء‬
‫الذين لهم حق النيابة عن القاصرين بحيث ال يحق لهم التصرف في مال هؤالء إال بقدر معلوم وبالشكل‬
‫الذي يحفظ لهم هذا المال‪ .‬لكن يمكن في المقابل ان نتصور شخصا يملك األهلية الكاملة إال أن المشرع‬
‫منعه من القيام ببعض التصرفات وذلك العتبارات معينة نص عليها القانون وخير مثال على ذلك‬
‫شركة مارتشيكا التي منعت عدة أشخاص من بيع عقارات هم حتى تنتهي هذه الشركة من تجهيز المنطقة ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وبالتالي يمكن أن نتصور شخصا يتوفر على األهلية الكاملة إال أن المشرع منعه من القيام ببعض‬
‫التصرفات وعلى رأسها " البيوع " فال يجوز له أن يبيع أمواال أو أشياء أو حقوقا معينة وذلك وفقا‬
‫لعدة اعتبارات ومجموعة من المعايير‪:‬‬
‫‪ ‬معيار النيابة ‪:‬‬
‫حين ما يكون الشخص نائبا عن اآلخر كما حدد ذلك الفصل ‪ 480‬من قانون االلتزامات و العقود‪،‬‬
‫والمتعلق بالتصرفات التي تقوم بها الجماعات المحلية والبلديات و المؤسسات العمومية أو بمختلف‬
‫النيابات أو النواب‪ ،‬سواء تعلق األمر بالنائب االتفاقي (الوكالة) أو النائب الشرعي ( التقديم‪ ،‬الوالية‪،‬‬
‫الوصاية) أو با لنيابة القضائية كالسنديك أو مصفو الشركات‪ .‬فهؤالء وفقا للفصل ‪ 480‬من قانون‬
‫االلتزامات و العقود ال يمكنهم بيع تلك األموال التي نابوا عليها‪ .‬فاألب باعتباره نائبا عن ولده‪ ،‬أو‬
‫الوصي باعتباره نائبا عن الموصي عليه‪ ،‬أو مصفي الشركة باعتباره نائبا عن بقية الشركاء‪ ،‬أو‬
‫الوكيل باعتباره نائبا عن الموكل‪ ،‬فهؤالء لديهم أموال أو أشياء أو حقوق معينة هم مكلفون بتدبيرها‬
‫أو بيعها بناء على نيابة‪ ،‬فنتحدث عن إمكانية أن يبيع الشخص أو يشتري شيئا هو في األصل مجرد‬
‫نائب بشأنه‪ ،‬كاألب بالنسبة ألموال ابنه‪ ،‬أو الوكيل بالنسبة ألموال موكله‪.‬‬
‫فهل يمكن ألحد هؤالء األشخاص أن يشتري أو يبيع لنفسه هذه األموال المكلف بالنيابة بشأنها ؟‬
‫ال يسوغ لهؤالء األشخاص اكتساب أموال من ينوبون عنهم إال إذا كانوا يشاركونهم على الشيوع في‬
‫ملكية األموال التي هي موضوع التصرف‪ ،‬كما ال يجوز لهؤالء األشخاص أن يجعلوا من أنفسهم‬
‫محاال لهم بالديون التي على من يتولون إدارة أموالهم‪ ،‬وليس لهؤالء األشخاص كذلك أن يأخذوا أموال‬
‫من ينوبون عنهم على سبيل المعاوضة أو الرهن‪ .‬وبالتالي كقاعدة عامة؛ كل شخص نائب عن آخر‬
‫أو عن مؤسسة معينة ال يجوز له بيع المال الذي يمارس النيابة بشأنه لنفسه فإذا قام بتصرف من هذا‬
‫النوع فإنه يكون مآله اإلبطال‪.‬‬
‫نفس الشيء بالنسبة لبعض األشخاص الذين يمارسون مهنا قضائية وعلى رأسهم " السماسرة " و‬
‫"الخبراء" فالسماسرة والخبراء منع عليهم المشرع حسب الفصل ‪ 481‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫البيع والشراء في األموال أو األشياء أو الحقوق التي كلفوا بإجراء السمسرة أو الخبرة ببيعها أو‬
‫تقسيمها‪ ،‬فإذا تصرفوا عكس ما نص عليه الفصل ‪ 481‬كان مآل تصرفهم البطالن والتعويضات‪.‬‬
‫هنا سواء بالنسبة لمن يمارسون " النيابة " أو " السمسرة " أو " الخبراء " يمنع عليهم منعا كليا أن‬
‫يتعاقدوا ألنفسهم بأنفسهم‪ ،‬أي أن يتولوا طرفي العقد سواء تصرفوا هم ألنفسهم أو بوسطاء عنهم‬
‫كالخبير أو الوكيل أو النائب الشرعي أو مصفي الشركة الذي يريد أن يشتري المال الذي كان مكلفا‬
‫بتدبيره أو تقسيمه أو إجراء الخبرة بشأنه فال يجوز لهم ذلك‪ ،‬وبالتالي يلجئون إلى التعاقد مع زوجاتهم‬
‫أو أبنائهم البالغين سن الرشد أو أحد أقربائهم من أجل التصرف في األموال التي كلفوا بالنيابة عنها‪،‬‬
‫لكن القانون منعهم من ذلك‪ .‬بل منع كل شخص تجوز شهادته لهذا النائب أو لهذا السمسار أو لهذا‬
‫الخبير أو لهذا الوكيل‪...‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬معيار الحجز التحفظي ‪:‬‬
‫قد يكون الشخص كامل األهلية إال أنه قد يمنع عليه إبرام عقد البيع ألسباب تتعلق باإلجراء المسطري‬
‫كإجراء "الحجز التحفظي" كأن تحكم المحكمة على شخص بأداء معين وألزمته بهذا األداء كأداء مبلغ‬
‫مالي قيمته ‪ 100‬مليون سنتيم‪ ،‬أو وجود عقد قرض رسمي كأن يقرض ( أ ) مبلغا ماليا للشخص (ب)‬
‫ألجل محدد وبعد وصول أجل األداء رفض المقترض أداء المبلغ المالي‪ .‬فكيف يحمي المقرض نفسه؟‬
‫إن أول ما سيفكر فيه المقرض هو اللجوء إلى المحكمة‪ ،‬إال أن هذه األخيرة ال تمنح الحماية القضائية‬
‫في ساعات قليلة أو أشهر بل يتطلب ذلك وقتا كبيرا حسب الحاالت‪ .‬وبالتالي على المقرض أن يبادر‬
‫إلى القضاء وينتظر اليوم الذي تمنح له فيها المحكمة الحماية القضائية وذلك ألداء المقترض للدين‪.‬‬
‫وفي هذه المدة أي قبل إصدار الحكم يمكن للمقترض بيع جميع ممتلكاته وبالتالي لن يجد المقرض ما‬
‫ينفذ عليه الحكم‪ .‬إال أن القانون في هذه الحالة أعطى حال لحماية المقرض (الدائن) أال وهو قبل صدور‬
‫الحكم يتوجب على المقرض اللجوء إلى المحكمة ويطالب بإجراء حجزا تحفظيا على عقارات‬
‫المقترض إلى غاية صدور الحكم‪ ،‬أي ال يمكن بيع عقاراته إال بعد صدور الحكم‪.‬‬
‫أما إذا صدر الحكم فعال وحكم على المقترض باألداء وذهب المقرض للتنفيذ عليه حينئذ ستطالب‬
‫المحكمة " بالحجز التنفيذي " كبيع المنزل في المزاد العلني‪ .‬إذا فالحجز التحفظي معناه أن مالك ذلك‬
‫المنزل يمنع عليه بيع ذلك المنزل أو التصرف فيه إلى غاية صدور الحكم فإذا صدر الحكم ضده‬
‫يتحول ذلك الحجز من " حجز تحفظي " إلى " حجز تنفيذي "‬
‫أما إذا صدر الحكم لصالح المقترض بحيث استطاع أن يثبت للمحكمة أن الدين سقط بالتقادم أو أن‬
‫الدين غير ثابت أصال‪ ،‬أو أنه سبق له أن أداه‪ .‬فهنا ستكم المحكمة لصالحه ومن ثم سيرفع ذلك الحجز‬
‫التحفظي‪.‬‬
‫‪ ‬معيار تنفيذ عقوبة سجنية ‪:‬‬
‫قد يمنع على الشخص بيع أمواله ( عقاراته‪ ،‬حقوقه ‪ ،‬أشيائه‪ )..‬بالرغم من توفره على األهلية الكاملة‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للشخص المعاقب بعقوبة سالبة للحرية كالحبس أو السجن‪ ،‬فال يمكن له مباشرة‬
‫حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة األصلية وذلك حسب الفصل ‪ 38‬من القانون الجنائي‪ ،‬أي ال‬
‫يمكن له التدبير أو التسيير في أمواله من داخل السجن‪ .‬وبالتالي يتعين عليه أن يختار وكيال ينوب‬
‫عنه في مباشرة تلك الحقوق تحت إشراف الوص ي القضائي الذي تحدده المحكمة ( الفصل ‪ 39‬من‬
‫القانون الجنائي ) ‪ .‬فإذا قام المسجون بإبرام عقد معين فإن مآله البطالن أو القابلية لإلبطال وذلك حسب‬
‫الحاالت‪.‬‬
‫إذا كل هؤالء األشخاص ممنوعون من بيع أموالهم بالرغم من توفرهم على األهلية ضدا على‬
‫األحكام العامة في نظرية العقد التي تجيز لكل شخص يتوفر على األهلية الكاملة أن يبيع ما‬
‫شاء وأن يشتري ما شاء‪.‬‬
‫بقي سبب وحيد يثير عدة إشكاالت أال وهو " الشخص المريض " فهل الشخص المريض يقيد في‬
‫أمواله بحيث يمنع من بيعها؟ بعبارة أخرى هل يمكن للشخص المريض أن يبيع أو يشتري في‬
‫أمواله ؟‬

‫‪5‬‬
‫حسب الفصل ‪ 54‬من قانون االلتزامات والعقود الذي يتحدث عن عيوب الرضى من غلط أو تدليس‬
‫أو غبن او إكراه فإن المشرع المغربي اعتبر المرض والحاالت المشابهة له كالطيش والهوى الجامح‬
‫سببا من أسباب إبطال العقد‪ ،‬وبالتالي فالمشرع اعتبر المرض واحدا من عيوب الرضى‪ .‬فكيف يعيب‬
‫المرض رضا المتعاقد (البائع أو المشتري) ؟ فهل كل شخص أصيب بأي مرض إذا باع شيئا يحكم‬
‫على بيعه باإلبطال ؟‬
‫كقاعدة عامة أن المرض قد يؤدي إلى إبطال العقد إذا أثر فعال على إرادة الشخص المتعاقد‪ ،‬مع إثباته‬
‫أن إرادته كانت معيبة بسبب هذا المرض‪ .‬كالشخص المسافر الذي لم يعد من سفره إال بعد مدة طويلة‬
‫جدا بحيث أنه جاهل بثمن العقارات في المغرب فباع عقاراته بثمن بخس لشخص معين والذي استغل‬
‫فيه جهله لثمن العقارات وبالتالي فإن هذا العقد قابال لإلبطال بشرط أن يثبت هذا المسافر للمحكمة أن‬
‫الشخص استغل فيه ذلك المرض‪.‬‬
‫حالة البيع في مرض الموت ‪:‬‬
‫يقصد بمرض الموت المرض الذي يكون معه المريض عاجزا عن القيام بمصالحه‪ ،‬ويغلب فيه الهالك‬
‫ويتصل به الموت‪ ،‬ويستمر مع الشخص إلى أن يموت في مدة ال تتجاوز سنة من يوم إصابته بهذا‬
‫المرض‪ .‬فال يعد الشخص مريضا مرض الموت إن تجاوز هذه المدة (أن يموت الشخص داخل سنة)‪.‬‬
‫ما مصير التصرفات التي يجريها المريض مرض الموت ؟ فإذا كان ممنوعا من التصرف في أمواله‬
‫فما هي حدود هذا المنع ؟‬
‫بالرجوع إلى الفقه المالكي وتحديدا كتاب " تحفة الحكام في نكت العقود واألحكام " البن عاصم نجده‬
‫يقول في باب المريض مرض الموت ما يلي ‪:‬‬
‫و َما اشترى المريضُ أو باعَا ~~~ إن هو مات يأبى االمتناعَا‬
‫فإن يكن حَابَى به األجنَبي ~~~ من ث ُلُثه يأ ُخذُ ما به حُبي‬
‫َو َما به الوار ُ‬
‫ث حَابَى ُمنعَا ~~~ وإن يُجز ُه الوارثونَ اتُبعا‬
‫والمقصود من البيت األول أنه إذا تصرف المريض مرض الموت بالبيع أي سواء باع أو اشترى فإن‬
‫حكمه الجواز في حالة إذا اشترى أو باع بالقيمة أي أنه حين باع أو اشترى لم يكن هناك فرق كبير‬
‫في القيمة‪ .‬مثال هناك منزل للبيع قيمته ‪ 70‬مليون ويأتي الشخص المريض مرض الموت فيشتري‬
‫هذا المنزل بمبلغ ‪ 75‬مليون أو ‪ 65‬مليون فهذا المبلغ قريب لقيمة هذا المنزل‪ .‬وبالتالي كقاعدة عامة‬
‫حكم معاوضة المريض مرض الموت هو الجواز بشرط أال يبيع الشخص شيئا أقل من قيمته أو أن‬
‫يشتري شيئا بأكثر من قيمته أي المحاباة‪ .‬فحين ما نتحدث عن المحاباة حين ما يقصد الشخص بذلك‬
‫نفع الشخص الذي تعاقد معه‪ .‬أما إذا باع جهال بالقيمة فهو غبن ال رد فيه‪ .‬إذا حكم بيع المريض‬
‫مرض الموت لغير الوارث إذا كانت هناك المحاباة ال يجوز أما إذا لم تكن هناك محاباة يجوز‪.‬‬
‫‪ ‬المحاباة ‪ :‬هي أن يبيع الشخص ماال من أمواله بأقل من قيمته أو أن يشتريه بأكثر من قيمته‬
‫بقصد نفع الشخص المتعاقد معه‪( .‬المحاباة هي تبرع)‬

‫‪6‬‬
‫فإذا كان الشخص مريض بمرض الموت ويحتاج إلى شراء الدواء فقرر أن يبيع ماال من أمواله بأقل‬
‫من ثمنها أو قيمتها‪ .‬في هذه الحالة ال وجود للمحاباة ألنه باع فعال ماله بقدر أقل من قيمته ولم يقصد‬
‫من هذا البيع نفع المشتري الذي اشترى منه‪.‬‬
‫حكم البيع الذي يعقده المريض لمصلحة الوارث ‪:‬‬
‫نص الفصل ‪ 479‬من قانون االلتزامات والعقود على أن " البيع المعقود من المريض في مرض موته‬
‫تطبق عليه أحكام الفصل ‪ 344‬إذا أجري ألحد ورثته بقصد محاباته‪ ،‬كما إذا بيع له شيء بثمن يقل‬
‫كثيرا عن قيمته الحقيقية أو اشترى منه شيء بثمن يجاوز قيمته "‬
‫وبالتالي فالمشرع المغربي قيد من حرية المريض في التعاقد‪ ،‬حيث جعل البيع الذي يعقده المريض‬
‫لفائدة أحد الورثة موقوفا على موافقة باقي الورثة‪ ،‬وهذا ما أكده نص الفصل ‪ 344‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود‪.‬‬
‫وحماية لحقوق الورثة المرتبطة بأموال المريض فإن المشرع قيد من حرية هذا األخير‪ .‬ويمكن للورثة‬
‫إبطال التصرفات التي يعقدها المريض متى توفرت الشروط الثالث ‪:‬‬
‫‪ )1‬أن يحصل البيع من المريض في فترة مرض الموت‪.‬‬
‫‪ )2‬أن يكون المستفيد من هذا التصرف واحدا من الورثة‪.‬‬
‫‪ )3‬وأن يكون البيع أو الشراء بهدف محاباة هذا الوارث‪.‬‬
‫حكم البيع الذي يعقده المريض لمصلحة الغير ‪:‬‬
‫نص الفصل ‪ 345‬من قانون االلتزامات والعقود على أن " اإلبراء الذي يمنحه المريض في مرض‬
‫موته لغير وارث يصح في حدود ثلث ما يبقى في تركته بعد سداد ديونه ومصروفات جنازته "‪.‬‬
‫إذا فالبيع الذي يعقده المريض لمصلحة الغير هو بيع صحيح وتصرف جائز لكن في حدود ضيقة‬
‫جدا‪ ،‬فالبيع ال يصح إال في الثلث الباقي من التركة بعد سداد الديون وأداء مصاريف الجنازة‪.‬‬
‫إذا حسب البيت الثاني البن عاصم " فإن يكن حَابَى به األجنَبي ~~~ من ثُلُثه يأ ُخذُ ما به حُبي "‬
‫فإن الشخص إذا توفي وقد سبق له أثناء مرضه بمرض الموت قام بشراء أو بيع مال معين‪ ،‬والورثة‬
‫أرادوا أن يبطلوا هذا التصرف الصادر عنه‪ ،‬بناء على كونه صدر منه وهو مريض بمرض الموت‪.‬‬
‫فأول شيء ينبغي إثباته أمام المحكمة هو مرضه بمرض الموت وعليه باع أمواله لشخص غير وارث‬
‫(أجنبي)‪ .‬إذا كيف يمكن للورثة إبطال هذا البيع ؟‬
‫يمكن للورثة إبطال هذا البيع لكن في حدود معينة‪ ،‬أي في حدود ثلث رأس مال والدهم‪ .‬فأول ما يمكن‬
‫تطبيقه هي القاعدة الفقهية المسماة ب [ تَدُو ُم ] والتي تعني ‪:‬‬
‫[ ت ] ‪ :‬تعني مصاريف التجهيز ( مصاريف الجنازة من دفن وغسيل وغيرها )‬
‫[ د ] ‪ :‬يعني الديون‪.‬‬
‫[ و ] ‪ :‬يعني الوصية [ التركة ]‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫[ م ] ‪ :‬يعني الميراث‪.‬‬
‫حسب هذه المراحل األربع متى ننظر إلى رأس مال التركة لنرى ما إن كان الثلث يستغرق ما تمت‬
‫به المحاباة أم ال يقوم بذلك ؟‬
‫فال يمكن أن ننظر إلى مرحلة التجهيز ومرحلة الديون وإنما ننظر إلى مرحلة الوصية ألنها مرحلة‬
‫التركة‪ ،‬حيث ننظر إلى الثلث في الوصية‪.‬‬
‫مثال ‪:‬‬
‫الشخص المريض مرض الموت مات فعال وترك مبلغ ‪ 400‬مليون سنتيم كتركة صافية له بعد خصم‬
‫مصاريف التجهيز والديون‪ .‬ونفترض أنه باع قطعة أرضية قيمتها ‪ 250‬مليون سنتيم قام ببيعها بثمن‬
‫‪ 100‬مليون سنتيم‪ ،‬هنا الفر ق بين قيمة هذه القطعة األرضية وثمن البيع هو ‪ 150‬مليون سنتيم‬
‫[المحاباة]‪ .‬وبالتالي ثلث التركة هو ‪400 ÷ 3 = 133 :‬‬
‫إذا فإن ثلث التركة هو ‪ 133‬مليون سنتيم أقل من الفارق المحسوس للبيع الذي قام به هذا المريض‬
‫مرض الموت الذي هو ‪ 150‬مليون سنتيم‪ .‬وبالتالي ما تمت به المحاباة هو ‪ 150‬مليون سنتيم أكبر‬
‫من ثلث التركة التي تقدر ب ‪ 133‬مليون سنتيم‪ .‬إذا البيع يبطل في هذه الحالة ألن ما تمت به المحاباة‬
‫فاق ثلث التركة‪ .‬وبالتالي يحق للورثة إبطال العقد أو استرداد الفرق بين ثلث التركة وما حابى به‬
‫المريض مرض الموت وهو ‪ 17‬مليون‪150 - 133 = 17 .‬‬
‫إذا كقاعدة عامة ما فاق عن الثلث يبطل‪ .‬أما إذا كان أقل من الثلث أو يساوي الثلث يعتبر البيع صحيحا‬
‫ومنتجا لجميع آثاره‪.‬‬
‫فهذه القاعدة تطبق حين ما تكون المحاباة في الثمن فقط‪ ،‬أي إبقاء البيع صحيحا مع استرداد ما زاد‬
‫عن الثلث‪ .‬فماذا عن المحاباة في المثمن أي الشيء المبيع ؟‬
‫فإذا كانت المحاباة في المثمن فإنه في هذه الحالة ال ينظر إلى ثلث التركة وإنما يتم إبطال البيع ككل‪.‬‬
‫ويقصد بالمحاباة في المثمن كأن يبيع المريض مرض الموت أحسن أمواله ( أرض أو منزل ) لشخص‬
‫معين من ورثته بثمنها الحقيقي دون زيادة أو نقصان‪ ،‬لكنه قصد بهذا البيع تفضيل هذا الشخص المعين‬
‫سواء كان وارثا أو أجنبيا أن يبيع له أحسن أمواله‪ .‬في هذه الحالة إذا ثبتت المحاباة في المثمن حق‬
‫للورثة أن يبطلوا البيع ككل وليس إجازة البيع بما تمت به المحاباة‪.‬‬
‫هل يجوز للمريض مرض الموت أن يتبرع بأمواله ؟‬
‫ت وبالدين المحيط تُعت َ َرض‬
‫يقول متحف ‪ :‬صدقة تجوز إال مع مرض مو ٍ‬
‫ومعناه أن جميع عقود التبرع ( الصدقة‪ ،‬الهبة‪ ،‬الحبس‪ ،‬اإلبراء‪ ،‬التنازل‪ )...‬فهي كلها عقود التبرع‪.‬‬
‫وبالتالي فالشخص المريض مرض الموت ال يجوز له أن يتصدق أو أن يتبرع كيف ما كان نوع هذا‬
‫التبرع‪ ،‬ألن مال المريض مرض الموت من يوم ثبوت مرضه يعتبر ملكا للورثة‪ ،‬وبالتالي كأنه تبرع‬
‫بمال غيره‪ .‬وكذلك الشخص الذي أحاط الدين بغيره‪ ،‬كالشخص الذي يملك في حسابه البنكي ‪400‬‬
‫مليون سنتيم إال أن ذمته المالية أحاطت بها ديون أي أن هناك أشخاص مدينون له بدين‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وبالتالي المريض مرض الموت ال يجوز له أن يتبرع‪ ...‬وإن تبرع بأمواله نطبق عليه قاعدة الوصية‬
‫وقد جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل في باب التحجير ما يلي ‪:‬‬
‫وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به ‪ :‬كسل و قولنج ‪ ،‬وحمى قوية ‪ ،‬وحامل ستة ‪ ،‬ومحبوس‬
‫لقتل أو لقطع إن خيف الموت ‪ ،‬أو حاضر صف قتال ‪ ،‬ال كجرب ‪ ،‬وملجج ببحر ولو حصل الهول‬
‫في غير مؤنته وتداويه ومعاوضة مالية‪.‬‬
‫فالشيخ خليل من خالل كالمه‪ ،‬يعرف لنا مرض الموت (وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به)‬
‫وهو كل حالة يحس فيه الشخص بدنو أجله‪ ،‬فييأس منه األطباء‪ .‬وقد أعطى الشيخ خليل بعض األمثلة‬
‫لمرض الموت كمرض السل والقولون العصبي‪ ،‬وحمى قوية مثل كوفيد ‪ ،19‬والسجين الذي حكم عليه‬
‫بالقتل أو قطع يده‪ ،‬أو الجندي الذي يمكن أن يموت في الحرب‪ .‬وقد استثنى الشيخ خليل حالة الجرب‬
‫وهو مرض جلدي‪ .‬فكل هؤالء األشخاص يجمعهم هاجس اإلحساس بدنو اآلجال‪.‬‬
‫فاألصل في العقود التي يبرمها المريض مرض الموت إذا كانت عقود معاوضة حكمها الجواز كالبيع‬
‫والشراء والكراء‪ ...‬فال يحجر عليه (أي ال يقيد في تصرفاته)‪ .‬لكن الشيخ خليل يقول أنه إذا كانت‬
‫هذه المعاوضات مالية وصاحبتها محاباة فإنها تبطل‪ ،‬فالمريض مرض الموت كل المعاوضات التي‬
‫يقوم بها فهي جائزة ويستثني من ذلك التداوي‪ ،‬المؤنة‪ ،‬في غير معاوضة مالية‪ ،‬فهي جائزة سواء‬
‫كانت هناك محاباة أو لم تكن‪.‬‬
‫وه ناك تصرفات أخرى يحجر فيها على المريض كالزواج والطالق والصلح والدية‪ .‬وبالتالي فالمسألة‬
‫تخضع لإلثبات بعد وفاته‪ ،‬فمن له المصلحة في اإلبطال يجب أن يثبت أن سبب الوفاة هو ذلك المرض‪.‬‬
‫ويضيف خليل ‪ " :‬ووقف تبرعه إال لمال مأمون وهو العقار‪ ،‬فإن مات فمن الثلث وإال مضى‪ .‬وعلى‬
‫الزوجة لزوجها ولو عبدا في تبرع زاد على ثلثها‪ ،‬وإن بكفالة "‪.‬‬
‫كأصل عام فالشخص الذي ثبت في حقه مرض الموت ال يجوز له التبرع وهناك استثناءات على هذا‬
‫األصل العام‪ .‬ألنه حين يقوم المريض مرض الموت ببيع لصالح أحد ورثته وثبتت عنه المحاباة يعتبر‬
‫هذا البيع باطال طبقا للقاعدة الفقهية ال وصية لوارث‪ ،‬والوصية تعتبر من عقود التبرع‪.‬‬
‫وباعتبارنا ننظر إل ى المريض مرض الموت كالشخص الميت فإن تبرعاته تجري عليها أحكام‬
‫الوصية‪ ،‬ومن أحكام الوصية أنه يجوز للشخص أن يوصي لغير وارث بشرط أن يوصي بأقل من‬
‫الثلث‪ .‬أما الوصية للوارث فال تجوز‪.‬‬
‫فحين يقوم المريض مرض الموت بالتبرع بمال من أمواله سواء كان لوارث أو ألجنبي فإن خليل‬
‫يقول "ووقف تبرعه" أي أن المحكمة توقف هذا التبرع إلى غاية النظر فيه‪ ،‬فإذا كان هذا التبرع لغير‬
‫وارث (ألجنبي) وما تم التبرع به استغرق ثلث التركة فهذا التبرع صحيح ألنه يجوز له التبرع في‬
‫حدود الثلث من تركه‪ ،‬ويبطل هذا التبرع إذا تجاوز ثلث التركة ويمكن للورثة استرجاع الفارق بين‬
‫الثلث وما تم التبرع به‪.‬‬
‫أما إذا كان التبرع لوارث فهنا ال ننظر إلى الثلث أو المحاباة سواء كانت أقل أو أكثر من قيمة الثلث‪.‬‬
‫فالتبرع هنا باطل ككل‪ .‬وحين قال خليل " إال لمال مأمون " يعني أن المريض مرض الموت إن تبرع‬

‫‪9‬‬
‫بمال منقول ( سيارة‪ ،‬مجوهرات‪ ،‬نقود‪ ،)...‬يتم إيقاف التبرع إلى غاية النظر فيه وذلك اجتنابا لتصرف‬
‫المتبرع له في هذه األموال المنقولة‪ ،‬أما إذا كان المال المتبرع به ماال مأمونا (العقار) وإن كان قد‬
‫أخذه المتصدق عليه (الموهوب له) وانتظرنا حتى توفي المريض مرض الموت (المورث) سنجد هذا‬
‫العقار ال زال في مكانه‪ ،‬فبعد موت المورث ننظر هل استغرق هذا العقار الثلث أو لم يستغرقه‪ .‬فحين‬
‫قال خليل " ووقف " أي ال يمكن للموهوب له التصرف فيه أصال‪ ،‬كحالة الحجز التحفظي التي رأيناها‬
‫سابقا‪ ،‬هذا بالنسبة لألموال المنقولة‪ .‬عكس العقار الذي يبقى مكانه والذي يجوز للموهوب له التصرف‬
‫فيه إلى حين النظر فيه من طرف المحكمة‪.‬‬
‫وحين ما نرجع للفصول ‪ 479‬و‪ 344‬و ‪ 345‬من قانون االلتزامات والعقود الذي يؤطر المريض‬
‫مرض الموت وفق اآلتي ‪:‬‬
‫حكم التصرفات التبرعية ( الهبة‪ ،‬الصدقة‪ )..‬للمريض مرض الموت هو حكم الوصية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فالتبرعات في األصل ال تجوز إال في حدود الثلث بالنسبة لغير وارث‪ ،‬أما بالنسبة للوارث‬
‫فهي موقوفة على إجازة باقي الورثة‪ .‬ألنه حين ما يجيز الورثة ما قام به مورثهم (المريض‬
‫مرض الموت) من تبرع ألحد الورثة فكأنهم هم الذين يتبرعون وليس المورث‪.‬‬
‫التصرفات العوضية (البيع) للمريض مرض الموت فاألصل أن حكم هذه التصرفات الجواز‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫على أساس أن العقود التي يبرمها هذا المريض مرض الموت قصد تداويه ومؤنته (معاشه‬
‫اليومي)‪ ،‬وكذلك ما يتعلق بالمعاوضات غير المالية (كل ما ال يقوم بالنقود) أو ما يعطيه من‬
‫مال في عقود ال ينطبق عليها وصف معاوضة كالصلح على القصاص والخلع‪ .‬ما عدا ذلك‬
‫فمعاوضات المريض مرض الموت إذا تمت لوارث فاألصل أنها ال تجوز‪ ،‬ألنه ال يجوز‬
‫للشخص أن يوصي لوارث فهنا ال ننظر إلى المحاباة وال إلى قدرها وال نطبق معيار الثلث‪.‬‬
‫لكن في المقابل حكم البيع الذي يعقده المريض مرض الموت لغير وارث وصاحبته محاباة‬
‫فإنه في هذه الحالة ننظر إلى التركة ونخصم منها الثلث بعد مصاريف التجهيز والديون‪ ،‬فإذا‬
‫استغرق هذا الثلث ما تمت به المحاباة أي أن الثلث أكبر مما تمت به المحاباة فهنا البيع كأنه‬
‫صدر من هذا الشخص صحيحا‪ .‬أما إذا لم يستغرقه أي أن الثلث أقل مما تمت به المحاباة‬
‫فهنا لدينا حالتين ‪:‬‬
‫إما أن ينقض البيع ككل أي إرجاع الحالة إلى الحالة البدائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أو استرداد الفارق بين الثلث وما حابى به المشتري‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األت َمية في عقد البيع ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫حين ما يتم توثيق العدول لعقد البيع لشخص معين‪ ،‬وخصوصا حين ما يكون هذا الشخص مريض‬
‫مرض الموت‪ ،‬وحين ما يدرجون العدول أو العدلين في وثيقة البيع اللفظ المعروف لدى العدول‬
‫والمتمثل في " وهما بأتمه "‪ ،‬فماذا تعني هذه العبارة التي خلقت لنا مشكال كبيرا وجعلت قضاءنا‬
‫يتذبذب بين رأي ونقيض‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للشكلية في عقد البيع‪.‬‬
‫فماذا يعني هذا اللفظ { وهما بأتمه }؟‬
‫‪-‬هما ‪ :‬ترجع على المتعاقدين أي البائع والمشتري‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪-‬بأتمه ‪ :‬أي أن العدلين يشهدان بأن البائع والمشتري كانا وقت إبرام العقد بحالة طوع ورشد وصحة‬
‫العقل والبدن أي أن العدلين يشهدان على أن المتعاقدان وقت إبرام العقد كانا بحالة طوع أي لم يكن‬
‫احدهما مكرها بأي إكراه معنوي (إجبار الشخص على التعاقد بدون رضاه)‪ ،‬كما يشهدان أيضا على‬
‫الرشد ‪ ،‬أي على أهلية المتعاقدين انطالقا من وثائقهما الرسمية (بطاقة التعريف الوطنية‪ ،)...‬وكذلك‬
‫فالعدلين يشهدان على أن البائع والمشتري كانا في كامل صحتهما العقلية والبدنية وذلك باالعتماد على‬
‫الرؤية المجردة فقط للعدلين‪ .‬وبالتالي فإن مسالة الصحة مشهود بها‪.‬‬
‫فحين يمر العقد بهذه المراحل‪ ،‬تصبح لدينا ما يسمى بالحجة الرسمية‪ ،‬أي ال يمكن الطعن فيها إال‬
‫بادعاء التزوير من طرف العدول بخصوص البيانات التي تمت تحت إشهادهما (كذكر الثمن‪،‬‬
‫المبيع‪ )...‬أما البيانات التي لم يشهدها العدول فيمكن الطعن فيها بغير التزوير وإثبات عكسها بمختلف‬
‫وسائل االثبات‪.‬‬
‫لو افترضنا أن الشخص باع قطعة أرضية والحال أن هذا الشخص الذي أبرم عقد البيع مريض مرض‬
‫الموت‪ ،‬وأتى ورثة المريض ومن لهم المصلحة ف ي إبطال العقد‪ ،‬بأن يبطلوا هذا العقد نظرا لوجود‬
‫محاباة كبيرة لصالح المشتري‪ .‬وهذا األخير يمكن له أن يواجه الورثة بالحجة الرسمية التي تحمل‬
‫لفظ " وهما بأتمه " ومن بين الشروط التي يحملها هذا اللفظ شرط الصحة البدنية والعقلية‪ .‬أي أن‬
‫العدول شهدوا على أن البائع حين ما أبرم العقد كان بكامل صحته العقلية والبدنية‪ .‬وبالتالي هل يمكن‬
‫أن نعتبر أن الحجة الرسمية في هذه الحالة حجة قاطعة وال يمكن إثبات عكسها؟‬
‫في هذه الحالة يمكن إثبات عكسها عن طريق الخبرة الطبية‪ ،‬بمعنى أن يقدم الورثة كل ما يثبت بأن‬
‫مورثهم كان فعال مريضا مريض الموت وقت إبرام عقد البيع‪.‬‬
‫إال أن هناك اتجاه في محكمة النقض يقول بأنه ما دامت الوثيقة الرسمية تتضمن لفظ " وهما بأتمه "‬
‫والذي يفيد هذا اللفظ الطوع والرشد والصحة التي تعتبر مشهودا بها‪ ،‬فال يمكن إثبات عكسها إال‬
‫بادعاء التزوير‪ .‬ونفس محكمة النقض أيضا بعد مدة معينة وفي غرفة أخرى من غرف محكمة النقض‬
‫تقول بأن المرض هو واقعة يجب إثباتها بالخبرة الطبية‪ ،‬حتى ولو ورد في الرسم العدلي أن البائع‬
‫والمشتري كانا بأتمه‪ ،‬وبالتالي يجب ترجيح الشهادة الطبية على الشهادة العدلية‪ ،‬ومن ثم يمكن إبطال‬
‫هذا العقد إذا توفرت شروط إبطاله‪ .‬ومحكمة النقض إلى حد اآلن لم تحسم في هذه المسألة‪.‬‬
‫الشكلية في عقد البيع ‪:‬‬
‫تنقسم العقود حسب الشروط الشكلية لتكوينها إلى عقود رضائية وعقود شكلية وهي العقود الذي يتطلب‬
‫القانون النعقاده وصحته باإلضافة إلى تراضي عاقديه شكال معيننا وهو كتابة العقد في ورقة محررة‬
‫وموقعة من طرف العاقدين‪.‬‬
‫إذا هل يندرج عقد البيع ضمن العقود الرضائية يكفي فيها رضا الطرفين دون القيام بأية شكلية‬
‫(الكتابة) ؟ أم أن المشرع استلزم لصحة عقد البيع شكلية معينة ؟‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 488‬من ظهير االلتزامات والعقود الذي ينص على أنه " يكون البيع تاما بمجرد‬
‫تراضي عاقديه‪ ،‬أحدهما بالبيع واآلخر بالشراء‪ ،‬وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد‬
‫األخرى "‪ .‬وبالتالي فالبيع في أصله ال يتوقف على أية شكلية‪ ،‬ويكفي فيه تطابق وتوافق اإلرادتين‬

‫‪11‬‬
‫لقيامه وانعقاده‪ .‬وهنا يثار إشكال حول الرضائية في عقد البيع‪ ،‬فإذا كانت هناك الرضائية فقط دون‬
‫الكتابة‪ ،‬فإذا حصل اختالف بين المتعاقدين حول شروط العقد فإن القاضي في هذه الحالة سيجد صعوبة‬
‫في تأويل وتفسير العقد‪.‬‬
‫وباستقراء الفصل ‪ 489‬من ظهير االلتزامات والعقود الذي يقول فيه المشرع أن المبيع إذا كان عقار ا‬
‫أو حقوق عقارية أو أشياء يمكن رهنها رهنا رسميا ( كالسفن والطائرات ) وجب أن يكون البيع كتابة‬
‫في محرر ثابت التاريخ‪ .‬وقد فسر هذا النص عدة تفسيرات ولم يستقر على تفسير واحد‪ ،‬ولم يحسم‬
‫هذا األمر إال في سنة ‪ ، 2010‬حيث ستأتي محكمة النقض بجميع الغرف (‪ 6‬غرف) لتصدر قرارا‬
‫اعتبرت فيه أن جميع البيوع الواردة على العقار تكون كتابة‪ ،‬وأن أي عقد لم يتم كتابة ال قائمة له‬
‫بدونها‪ ،‬ثم جاءت بعد ذلك مدونة الحقوق العينية في المادة الرابعة لتحسم بشكل قاطع هذا الموضوع‪.‬‬
‫وقد جاء في فقرتها األولى أنه " يجب أن تحرر‪ -‬تحت طائلة البطالن – جميع التصرفات المتعلقة‬
‫بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي‪،‬‬
‫أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص‬
‫قانون خاص على خالف ذلك‪".‬‬
‫وبالتالي فالقاعدة اآلن في القانون المغربي هي أن البيع المنصب على عقار أو حقوق عينية أو أشياء‬
‫يمكن رهنها رهنا رسميا ال يقوم هذا البيع إال بالكتابة‪.‬‬
‫وقد نص الفصل ‪ 443‬من ظهير االلتزامات والعقود على أن " االتفاقات وغيرها من األفعال القانونية‬
‫التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي االلتزامات أو الحقوق‪ ،‬والتي يتجاوز مبلغها‬
‫أو قيمتها عشرة آالف درهم ال يجوز إثباتها بشهادة الشهود‪ .‬ويلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو‬
‫عرفية‪ ،‬وإذا اقتضى الحال ذلك أن تعد بشكل إلكتروني أو أن توجه بطريقة إلكترونية "‪ .‬المشرع‬
‫المغربي في هذا الفصل يتحدث عن الكتابة كشرط لإلثبات في حالة وقوع نزاع بين العاقدين‪ ،‬فإذا لم‬
‫تتوفر الكتابة في هذه االتفاقات (العقود) واألفعال القانونية يبقى األمل األخير في اإلقرار أو اليمين‬
‫(القسم)‪ ،‬فإذا لم يتم إثباتها باليمين فال يمكن إثباتها بغيرها‪ ،‬فإذا أقسم الطرف الخصم أنه لم يعقد أي‬
‫اتفاق ولم يقم بأي تصرف حسم النزاع‪ ،‬أما إذا سكت عن اليمين ويسمى بالنكول تقلب المحكمة اليمين‬
‫إلى المدعي فإذا أقسم يسترد حقه‪ ،‬أما إذا سكت يحسم النزاع‪.‬‬
‫إذا فاألصل في عقد البيع أنه رضائي كقاعدة عامة ‪ ،‬أي أنه يتم بدون أية شكلية يكفي فيه رضا الطرفين‬
‫واالستثناء هو أن يشترط المشرع صبه في قالب كتابي‪ ،‬كما فعل بالنسبة لبيع العقارات واألشياء التي‬
‫يمكن رهنها رهنا رسميا‪.‬‬
‫االتفاقات التمهيدية التي تسبق إبرام عقد البيع النهائي ‪:‬‬
‫سؤال ‪ :‬هل التراضي (أي اقتران االيجاب بالقبول) في عقد البيع يتم في لحظة زمنية واحدة أم يمكن‬
‫أن يتدرج أي يمكن أن يأخذ وقتا معينا ؟‬
‫الصورة األولى ‪ :‬كثيرا ما يجد الشخص نفسه أمام خيارين ؛ إما أن يتعاقد فيغامر‪ ،‬وإما أن ال يتعاقد‬
‫وتضيع منه الصفقة‪ .‬مثال‪ ،‬قد يرغب الشخص في شراء منزل معين لكنه في نفس الوقت غير حاسم‬

‫‪12‬‬
‫فيه‪ ،‬وعدم الحسم في الشراء راجع إلى عدة اعتبارات قد تكون نفسية تتعلق بطبع االنسان أو تردده‪،‬‬
‫وبالتالي لكي يحسم مع تردده هذا‪ ،‬يلزمه بعض الوقت للتفكير في هذه الصفقة‪.‬‬
‫الصورة الثانية ‪ :‬قد يرغب شخص في شراء عقار معين‪ ،‬لكنه تراوده بعض الشكوك حول وضعيته‬
‫القانونية‪ .‬هل العقار محفظ أم غير محفظ ؟ وإن كان محفظا أليس مثقال بحق عيني أو برهن ؟ إذا‬
‫كيف يمكن لهذا الشخص التأكد من الوضعية القانونية للعقار الذي يريد شراءه ؟ في هذه الحالة يلزم‬
‫للشخص بعض الوقت للتأكد من الوضعية القانونية للعقار‪.‬‬
‫إذا كيف يمكننا التوفيق بين هذه الرغبة في الشراء من جهة‪ ،‬وحاجاتنا لبعض الوقت للحسم في هذه‬
‫الصفقة من جهة أخرى ؟‬
‫فالمشرع المغربي أتى بمجموعة من المؤسسات بمقتضاها يستطيع المقبل على التعاقد أن يوفق بين‬
‫عزمه على الشراء من جهة وأخذ فرصة التخاذ قرار الشراء من جهة أخرى أال وهي ‪ :‬العربون ‪،‬‬
‫الوعد بالبيع أو الشراء ‪ ،‬العقد االبتدائي ‪ ،‬الوعد بالتفضيل‪.‬‬
‫العربون ‪:‬‬
‫عرف المشرع المغربي العربون وذلك في الفصل ‪ 288‬من ظهير االلتزامات والعقود على أن‬
‫{ العربون هو ما يعطيه أحد المتعاقدين لآلخر بقصد ضمان تنفيذ تعهده}‪ .‬وتتنازع العربون كأداة‬
‫قانونية مدرستان ‪:‬‬
‫‪ -‬المدرسة الالتينية ‪ :‬ويمثلها القانون المدني الفرنسي والقانون المدني المصري‪ ،‬حيث تعتبر العربون‬
‫مجرد أداة للعدول عن العقد‪ ،‬أي أن المتعاقد الذي دفعه يمكن له أن يتراجع عن عملية التعاقد مقابل‬
‫خسارته للعربون‪ .‬وللمتعاقد الذي أخذه بدوره أن يتراجع مقابل رده ومعه ضعفه‪.‬‬
‫‪ -‬المدرسة الجرمانية ‪ :‬ويمثلها القانون المدني األلماني وقانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬وترى‬
‫بأن دفع العربون عالمة على إبرام العقد‪ ،‬وأن أي تراجع عن تنفيذ مقتضيات العقد‪ ،‬ال يرجع إلى‬
‫تراضي طرفيه أو إلى قوة قاهرة إال ويستوجب الفسخ مع ثبوت الحق في المطالبة بالتعويض الذي‬
‫تقدره المح كمة على أساس حجم الضرر الذي لحق الطرف المضرور من جراء العدول عن إتمام‬
‫العقد‪ .‬فظهير االلتزامات والعقود يعتبر العربون جزء من الثمن اإلجمالي تم أداؤه‪ .‬أي كأداة لتأكيد‬
‫وضمان العقد وليس وسيلة للتراجع عنه‪.‬‬
‫سؤال ‪ :‬هل يلزم في العربون الشكلية ( الكتابة ) ؟‬
‫كقاعدة عامة أنه إذا استوجب القانون الشكلية في عقد من العقود إال ويجب أن تتوفر هذه الشكلية في‬
‫العقود الممهدة لها‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬استوجب المشرع المغربي الشكلية في بيع العقارات وبالتالي يجب أن تكون الشكلية أيضا في‬
‫العقد الممهد لهذا البيع ( الشكلية في العربون )‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الوعد بالبيع أو الشراء ‪:‬‬
‫‪_1‬الوعد بالبيع ‪:‬‬
‫في الوقت الذي أقبلت فيه جل التشريعات المدنية المعاصرة على تنظيم مؤسسة الوعد بالتعاقد بشكل‬
‫عام والوعد بالبيع بشكل خاص‪ .‬فإننا نالحظ أن المشرع المغربي لم يسلك نفس النهج وإنما اكتفى‬
‫باإلشارة لهذه المؤسسة بمقتضى نصوص قانونية متفرقة يكتنفها االبهام في معظم الحاالت‪ .‬وقد عرفه‬
‫الدكتور عبد القادر العرعاري في كتابه " الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة " على أنه ‪:‬‬
‫عقارا أو غيرهما‬
‫ا‬ ‫" الوعد بالبيع هو العقد الذي يلتزم فيه الواعد ببيع شيء سواء كان منقوالا أو‬
‫من الحقوق المالية األخرى لشخص آخر إذا أظهر هذا األخير رغبته في الشراء مقابل ثمن معين "‬
‫ولكي يكون هذا الوعد بالبيع بمثابة العقد النهائي ينقصه تعبير المستفيد عن رضاه التام بالعقد‪.‬‬
‫والوعد بالبيع قد يكون ملزما لجانب واحد أو قد يكون ملزما لجانبين ‪:‬‬
‫ما طبيعة الوعد الملزم لجانب واحد ؟‬
‫هو عقد تام لكنه ملزم لجانب واحد‪ .‬كأن يتفق زيد مع عمر بأن يعده على أن يبيع له منزل معين خالل‬
‫مدة معينة‪ .‬وخالل هذه المدة يح ُّق للموعود له أن يعبر عن إرادته في إتمام ذلك الوعد‪ .‬إذا فهو وعد‬
‫يصدر من شخص يسمى الواعد لآلخر يسمى الموعود له أو المستفيد‪ .‬مضمونه التزام الواعد بأن‬
‫يبقى على التزامه وعدم التصرف في ذلك الشيء الموعود ببيعه إلى غاية أن يعبر المستفيد عن رغبته‬
‫في أن يتعاقد أو ال يتعاقد‪.‬‬
‫هل الوعد الملزم لجانب واحد يلزمه أركان وشروط ؟‬
‫لكي يكون الوعد الملزم لجانب واحد صحيحا ومنتجا لجميع آثاره يلزمه ما يلزم سائر العقود من‬
‫تراض ومحل وسبب‪ .‬كما يلز م للتراضي شروطه وللمحل أيضا شروطه كأن يكون الشيء الموعود‬
‫ببيعه ممكنا وليس مستحيال‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى األهلية ‪ :‬فالواعد يتطلب فيه أهلية األداء ألنه ألزم نفسه‪ .‬أما الموعود له فال تتطلب فيه‬
‫األهلية وقت الوعد وإنما يتعين أن يكون الموعود له أو المستفيد مميزا فقط‪ ،‬ألن التصرف بالنسبة له‬
‫نافعا نفعا محضا‪ ،‬فالموعود له يستفيد من مدة الوعد من أجل التفكير في محل العقد‪ .‬أما في الحالة‬
‫التي يصدر فيها الموعود له رغبته في إبرام عقد البيع فإنه يتعين أن يتوفر الموعود له على أهلية‬
‫األداء كاملة‪.‬‬
‫ولقيام الوعد بالبيع من جانب واحد صحيحا يتعين أن يذكر فيه جميع عناصر العقد النهائي‪ ،‬فإذا تعلق‬
‫األمر بوعد بيع منزل مثال‪ ،‬فإن الواعد ينبغي أن يذكر العناصر الجوهرية وقت قيام الوعد أال وهي‬
‫الثمن والمثمن (المحل)‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى المدة ‪ :‬كيف يتم تحديد المدة في الوعد بالتعاقد سواء البيع أو الشراء ؟‬
‫يتم تحديد هذه المدة باتفاق الطرفين‪ .‬فإذا أغفل الراغبين في التعاقد االتفاق على تحديد هذه المدة‪،‬‬
‫فيترك األمر لتقدير القاضي لتحديد هذه المدة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ ‬آثـــــــار الوعد بالبيع ‪:‬‬
‫يترتب على الوعد بالبيع جملة من اآلثار القانونية بعضها يهم الواعد والبعض اآلخر يهم الموعود له‪:‬‬
‫‪-‬بالنسبة للواعد يلتزم بالبقاء على وعده وعدم التصرف في الشيء الموعود به خالل فترة الوعد‪.‬‬
‫‪-‬بالنسبة للموعود له فال يلتزم بشيء وإنما له حق شخصي تجاه الواعد يتمثل في بقائه على وعده‪،‬‬
‫ويمكن للموعود له أن يلزم الواعد بإتمام البيع إذا عبر األول عن رغبته في ذلك خالل مدة الوعد‪ .‬أما‬
‫إذا عبر الموعود له بإرادته في عدم إتمام العقد بطريقة إيجابية ( كأن يقر الموعود له عدم رغبته في‬
‫اإلتمام) أو بطريقة سلبية ( أن يترك المدة تمر دون التعبير عن رضاه ) وفي كلتا الحالتين يتالشى‬
‫هذا الوعد‪ ،‬أي كأنه لم يكن‪.‬‬
‫‪-‬أما إذا عبر الموعود له عن رغبته في إتمام البيع داخل المدة المتفق عليها‪ ،‬فإنه في هذه الحالة إذا‬
‫وافق الواعد على ذلك يتم إبرام العقد النهائي‪ ،‬أما إذا رفض الواعد إتمام البيع وليست هناك أي استحالة‬
‫قانونية أو مادية‪ ،‬أي أن الواعد تراجع فقط عن وعده بالبيع بمحض إرادته‪ .‬في هذه الحالة يحق‬
‫للموعود له أن يطالب الواعد بالتنفيذ العيني طبعا إذا كان المحل ممكنا وليس مستحيال‪ ،‬فإذا رفض‬
‫الواعد التنفيذ العيني‪ ،‬فالحل هنا هو اللجوء إلى المحكمة ورفع دعوى تسمى دعوى إتمام البيع‪ .‬فإذا‬
‫حكمت المحكمة على الواعد بالتنفيذ وأصبح هذا الحكم غير قابل للطعن فيه ال بالتعرض وال‬
‫باالستئناف وأصبح حائزا لقوة األمر المقضي به‪ ،‬فإن هذا الحكم يصبح بمثابة العقد النهائي‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان التنفيذ العيني ممكنا وتعلق األمر بعقار ‪ :‬إذا كان الوعد قائما صحيحا يحق للموعود‬
‫له أن يقيد الحكم لدى المحافظة العقارية إذا تعلق األمر بعقار محفظ‪ ،‬اما إذا كان العقار غير‬
‫محفظ يسجل لدى مصلحة التسجيل والتمبر‪ ،‬أما بالنسبة للثمن فيضعه لدى كتابة الضبط في‬
‫المحكمة فيصبح العقار ملكا للموعود له رغما عن الواعد‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان التنفيذ العيني مستحيال وتعلق األمر بعقار‪ :‬كأن يكون العقار قد تهدم (استحالة مادية)‬
‫أو أن يكون الواعد قد باع العقار لشخص آخر حسن النية (استحالة قانونية) في هذه الحالة ال‬
‫يبقى للموعود له إال مطالبة الواعد بالتعويض في إطار المسؤولية العقدية‪.‬‬
‫التكييف القانوني للوعد بالبيع الملزم لجانب واحد ‪:‬‬
‫هو عقد تام يلتزم فيه الواعد بالبقاء على وعده طيلة المدة المتفق عليها إذا عبر الموعود له داخل هذه‬
‫المدة برغبته في الشراء‪ .‬إذا لكي يكون عقد بيع يلزمه رضا الموعود له‪ .‬وكأن الوعد بالبيع الصادر‬
‫من جانب واحد موقوف على شرط واقف يتمثل في تعبير الموعود له عن رضاه‪ ،‬فالوعد بالبيع ليس‬
‫إيجابا ملزما‪ ،‬ألن الوعد بالبيع عقد تام أما اإليجاب فليس عقدا‪ ،‬بل هو خطوة للعقد‪ .‬والوعد بالبيع‬
‫يلتزم فيه الواعد بمقتضى إرادته‪ ،‬وبالتالي بمقتضى العقد‪ ،‬أما اإليجاب الملزم فيلتزم فيه الموجب‬
‫بمقتضى القانون بإرادته المنفردة‪ .‬والوعد بالبيع ليس بيعا بل هو مرحلة تمهيدية يمكن أن تؤدي للبيع‬
‫ويمكن أال تؤدي على البيع‪.‬‬
‫‪_2‬الوعد بالشراء ‪:‬‬
‫في حالة الوعد بالشراء فإننا نطبق عليه نفس األحكام المتعلقة بالوعد بالبيع‪ ،‬إال أنه في الوعد بالبيع‬
‫يكون الواعد هو البائع والموعود له هو المشتري‪ .‬أما في الوعد بالشراء يكون الواعد هو المشتري‬
‫‪15‬‬
‫والموعود له هو البائع‪ .‬وهناك صورة واضحة يتجلى فيها الوعد بالشراء ؛ مثال السمسار لديه صفقة‬
‫مربحة ولكنه يخاف أال يجد المشتري‪ .‬فيذهب إلى البائع الذي يريد بيع منزله فيطلب منه وعدا بالبيع‪،‬‬
‫ويذهب للمشتري فيطلب منه وعدا بالشراء‪ .‬وبالتالي هذا المشتري يكون ملزما بشراء هذا المنزل في‬
‫انتظار البائع ليعبر عن رغبته في البيع‪.‬‬
‫وهناك صورة أخرى يتجسد فيها الوعد بالشراء وتتمثل في ‪ :‬أن الشخص قد يرغب في شراء منزل‬
‫معين إال أنه ال يتوفر على المبلغ الكافي لشرائه‪ ،‬فيذهب إلى مؤسسة بنكية التي يمكن لها شراء هذا‬
‫المنزل فيبرم معها وعدا بالشراء‪ .‬فتقوم هذه المؤسسة البنكية بشراء هذا المنزل بقيمة ‪ 100‬مليون‬
‫مثال‪ ،‬على أساس إعادة بيعه لهذا الشخص بمبلغ ‪ 120‬مليون في إطار ما يسمى المرابحة باآلمر‬
‫بالشراء‪ .‬ألن هذا المنزل يكون في ملكية المؤسسة البنكية وبالتالي هذه مرابحة وليست ربا‪ .‬أما هذا‬
‫الشخص فيؤ دي أقساط شهرية لهذه المؤسسة البنكية إلى حين االنتهاء من أداء المبلغ المطلوب‪.‬‬
‫التكييف القانوني للوعد بالبيع الملزم لجانبين ‪:‬‬
‫أي أن كال الطرفين يكونان واعدا وموعودا له في نفس الوقت‪ .‬فأحدهما يكون واعدا بالبيع وموعودا‬
‫له بالشراء‪ ،‬والطرف اآلخر يكون واعدا بالشراء وموعودا له بالبيع‪ .‬فالطرفين معا عبرا عن رضاهما‬
‫مثال ‪ :‬وعد زيد محمد بأن يبيع له منزل وفي نفس الوقت يعد محمد زيد أنه إذا أراد زيد بيع المنزل‬
‫فإن محمد سيشتري منه هذا ا لمنزل‪ .‬في هذه الحالة فإن الطرفين معا عبرا عن رضاهما األول بالبيع‬
‫واآلخر بالشراء‪ .‬وبالتالي ما يخص الوعد بالبيع الملزم لجانبين ليصبح عقدا هو مجرد الشكلية أما‬
‫العناصر األخرى متوفرة ( رضا الطرفين )‪ .‬وهنا يمكن القول أن الوعد بالبيع الملزم لجانبين هي‬
‫قابليته لعدم تحقق النتيجة المرجوة منه‪ ،‬ألن كل طرف بإمكانه إلزام الطرف اآلخر على إتمام البيع‪.‬‬
‫وهناك من يسميه بالعقد االبتدائي‪ ،‬ولإلشارة فإن المشرع المغربي أشار لهذا العقد االبتدائي فيما يتعلق‬
‫ببيع العقار في طور اإلنجاز ( الفصول ‪ 618‬وما يليها ) وكذا حالة اإليجار المفضي إلى تملك العقار‪،‬‬
‫ورغم ذلك فالعقد االبتدائي أو البيع الملزم لجانبين ال ينقالن الملكية‪ ،‬وإذا كان باإلمكان القول بأنهما‬
‫ينقالن لملكية موقوفة‪ .‬حيث ال يستقيم نقل الملكية إال من يوم إبرام العقد النهائي للبيع‪ ،‬أما الوعد بالبيع‬
‫الملزم لجانب واحد فال ينقل الملكية إطالقا‪.‬‬
‫وبالتالي فالعقد االبتدائي أو الوعد بالبيع الملزم لجانبين هو عقد تام كامل العناصر واألركان يلزمه‬
‫فقط الشكلية (رخصة من البلدية مثال)‪.‬‬
‫الوعد بالتفضيل ‪:‬‬
‫يندرج الوعد بالتفضيل ضمن عائلة االتفاقات األولية التي تسبق إبرام العقد النهائي‪ .‬وهي مؤسسة‬
‫قانونية لم يتصدى لها المشرع المغربي بنصوص خاصة‪ ،‬عكس المشرع الفرنسي الذي تصدى لها‬
‫وأعطى لها تعريفا خاصة‪.‬‬
‫ويقصد بالوعد بالتفضيل أن يقوم شخص معين يسمى الواعد بوعد شخص آخر معين يسمى الموعود‬
‫له أو المستفيد‪ ،‬أنه حين ما يعزم الواعد على بيع شيء أو مال أو حق من حقوقه فإن الموعود له‬
‫ستكون له األسبقية واألولوية واألفضلية في هذه الصفقة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مثال ‪ :‬شخص يملك منزل معين يريد بيعه لكنه ال يريد أن يبيعه في هذه اللحظة‪ .‬وهناك أحد األشخاص‬
‫أعجب بهذا المنزل ويريد شراءه لنفسه أو لولده‪ .‬ففي هذه الحالة يمكن لهذا الشخص الذي يريد شراء‬
‫هذا المنزل أن يبرم مع صاحب المنزل وعدا بالتفضيل‪ .‬أي أنه حين ما يريد أن يبيع هذا المنزل فإن‬
‫المستفيد سيكون أولى الناس بالشراء‪ .‬ماذا لو أن الواعد باع هذا المنزل دون أن يرجع إلى المستفيد ؟‬
‫_ إذا باع الواعد منزله لشخص حسن النية أي أن هذا األخير لم يكن يعلم بوجود وعد بالتفضيل‪.‬‬
‫وبالتالي في هذه الحالة فإن المستفيد سيحصل على التعويض الذي تقدره المحكمة وفق قاعدة " ما‬
‫لحق المضرور من خسارة وما فاته من ربح أو فرصة "‪.‬‬
‫_ أما إذا باع الواعد منزله لشخص سيء النية أي أن هذا األخير سبق في علمه أن هناك وعدا‬
‫بالت فضيل بين الواعد والمستفيد‪ .‬وبالتالي في هذه الحالة فإن للمستفيد اللجوء إلى المحكمة وإبطال هذا‬
‫البيع أو يطلب المستفيد أن يحل محل المشتري فيمنح للواعد نفس الثمن‪.‬‬
‫وهناك عدة حاالت كرس فيها المشرع المغربي تفضيل بعض األشخاص في استحقاق حق عيني أو‬
‫شخص من ذلك على ال خصوص من بين هذه الحاالت نجد ؛ حالة المكتري الذي يضطر إلفراغ العين‬
‫المكتراة بسبب الهدم وإعادة البناء حيث خول له المشرع حق األسبقية على غيره في الرجوع للعقار‬
‫بعد إصالحه‪ .‬وهذا ما أكده الفصل ‪ 15‬من ظهير ‪ 1980/12/25‬المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية‬
‫بين المكري والمكتري لألماكن المعدة للسكنى أو االستعمال المهني‪ .‬بحيث أنه عند حصول المكري‬
‫على رخصة السكن أو شهادة المطابقة وذلك حسب الحاالت‪ ،‬عليه أن يقوم بإشعار المكتري داخل‬
‫أجل ‪ 15‬يوما ليخبره بأن العين المكتراة قد تم إصالحها أو بناؤها على أساس أن يزيد المكتري في‬
‫أجرة الكراء‪ ،‬ويكون للمكتري مدة شهرين ليعبر عن رغبته إما بالعودة إلى العين المكتراة (المنزل)‬
‫أو يكتري منزال آخر‪ .‬فإذا انتهى هذا األجل سقط حقه في األسبقية‪ .‬فالمكتري في هذه الحالة لديه حق‬
‫األفضلية واألسبقية على أي شخص آخر بمقتضى نص قانوني‪.‬‬
‫‪ ‬البيع مع االحتفاظ بالملكية ‪:‬‬
‫هناك نوع من التصرفات قد يقوم بها البائع‪ ،‬والذي تصدى له المشرع المغربي أخيرا في سنة ‪.2019‬‬
‫يتعلق األمر بما سماه المشرع البيع مع شرط االحتفاظ بالملكية‪.‬‬
‫إشكال ‪ :‬هل يمكن أن يتفق البائع والمشتري على وضع شرط في العقد يتمثل في أن يحتفظ البائع‬
‫بملكية المبيع بالرغم من تسليمه المبيع للمشتري ؟‬
‫الجواب ‪ :‬إن عقد البيع كما عرفه المشرع المغربي أنه عقد ناقل للملكية‪ ،‬فنقل الملكية هو ماهية عقد‬
‫البيع كقاعدة عامة‪ .‬لكن ال ينبغي أن يفهم مما سبق أن البيع مع االحتفاظ بالملكية ال ينقل الملكية بتاتا‬
‫وإنما يحتفظ بها البائع إلى أجل متفق عليه‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬هناك ما يسمى بالضمانات العينية وهي حقوق الرهون واالمتيازات‪ .‬فأي شخص يمكن له أن‬
‫يقترض مبلغا ماليا كبيرا من مؤسسة بنكية‪ ،‬كما أن هذه المؤسسة البنكية ال تمنح قرضا إال إذا منح‬
‫لها المقترض ضمانا إما ضمانا شخصيا أو عينيا كأن يقترض الشخص مبلغا ماليا لكن في المقابل‬
‫يرهن للمؤسسة البنكية قطعته األرضية وفي حالة امتنع المقترض عن أداء الدين في أجله فإن هذه‬
‫المؤسسة البنكية ستقوم بما يسمى بتحقيق الرهن أي أن تقوم ببيع هذه القطعة األرضة على أساس أخذ‬

‫‪17‬‬
‫دينها وما تبقى من البلغ يأخذ المقترض‪ .‬والرهن إما أن يكون رهنا حيازيا ويتعلق بالمنقوالت‪ ،‬أو‬
‫يكون رهنا رسميا يقيد في الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية‪ .‬ففي المثال أعاله لدينا قرض مرتبط‬
‫بالعقار (قطعة أرضية) فمن السهل جدا أن نضع العقار كضمان عيني‪ .‬فهذه القطعة األرضية مثال‬
‫يحق لمالكها استغاللها سواء بالحرث أو الزرع وفي نفس الوقت هي مرهونة لدى المؤسسة البنكية‪.‬‬
‫هذا بالنسبة للضمانات التي ترتبط بالعقار‪ .‬فماذا عن الضمانات التي ترتبط بالمنقوالت ؟‬
‫يمكن رهن منقول معين سواء كان منقوال مادية (سلعة معينة) أو منقوال معنويا (األصل التجاري)‬
‫ويبقى هذا المنقول في حيازة مالكه‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬باع أحمد منزال بقيمة ‪ 100‬مليون لعمر‪ .‬وقد تم توثيق العقد عند الموثق أو العدول فمن خائص‬
‫عقد البيع أنه ناقل للملكية وبالتالي فإن من حق عمر أن يستلم هذا المنزل ألنه انتقل من ملكية أحمد‬
‫إلى ملكيته‪ .‬على أساس أن البائع (أحمد) قام بتأجيل الثمن وذلك ألن عمر يمارس عمال تجاريا أي أنه‬
‫يحتاج إلى هذا المال من أجل مزاولة تجارته‪ .‬وبعد مدة وقع عمر في صعوبة المقاولة أي أن خصومه‬
‫أكبر من أصوله (أحاط الدين بمال عمر أو المشتري)‪ .‬وبعد نزع الخصوم من األصول بقي لعمر‬
‫‪ 200‬مليون‪ .‬يأخذها الدائنون وفق درجة أصحاب االمتياز أوال‪ ،‬ويحق للدائنين الممتازين بيع هذا‬
‫المنزل من أجل أخذ ديونهم‪ .‬وال يحق للبائع (أحمد) أن يطالب بمبلغ ‪ 100‬مليون مع أصحاب الديون‬
‫الممتازة ألنه دائن عادي‪.‬‬
‫وبالتالي فالبيع مع شرط االحتفاظ بالملكية هو عقد بيع تام‪ ،‬ينعقد صحيحا‪ ،‬معلق على شرط واقف أال‬
‫وهو أداء المشتري للثمن كامال‪ .‬فالبيع مع االحتفاظ بالملكية يختلف عن بيع السلم لكون الملكية قد‬
‫انتقلت في بيع السلم إال ان الثمن يدفع وفق أقساط شهرية‪ .‬عكس البيع مع االحتفاظ بالملكية الذي ال‬
‫ينقل الملكية أصال إال بعد أداء المشتري للثمن كامال‪.‬‬
‫‪ .2‬الركن الثاني ‪ :‬المحـــل‪:‬‬
‫يقصد بالمحل في عقد البيع الثمن والمثمن‪ .‬فهو االلتزام الذي يقع على البائع والمشتري معا‪ .‬أي أن‬
‫محل المشتري هو الثمن بينما محل البائع هو المثمن‪.‬‬
‫شروط محل عقد البيع ‪( :‬الشيء المبيع)‬
‫أن يكون موجودا أو قابال للوجود في المستقبل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون معينا أو قابال للتعيين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون مشروعا وقابال للتداول‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون ممكنا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون مملوكا للبائع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬أن يكون موجودا أو قابال للوجود في المستقبل ‪:‬‬
‫حيث يجب أوال أن نعرف أن البائع والمشتري إما أن يتفقا على وجوب أن يكون المحل موجودا عند‬
‫التعاقد أو ال يتفقا على ذلك‪ ،‬فإن لم يتفقا على وجوب أن يكون المحل موجودا عند التعاقد‪ ،‬ثم عند‬
‫التسليم وجدوا أن المبيع غير موجود من األصل وبالتالي يقع هذا البيع باطال وفقا للقاعدة التي تقول‬
‫" ال تعاقد على معدوم "‪ ،‬إال إذا سبق واتفق المتعاقدين على أنه حتى وإن كان المحل غير موجود‬
‫‪18‬‬
‫يحق لهما إبرام العقد ألن المحل قابل للوجود في المستقبل ( كمن يرغم في شراء غلة الزيتون الذي‬
‫لم ينضج بعد )‪ .‬وهذا المبيع إما أن يكون من األشياء المعينة بالذات أو من األشياء المعينة بالنوع‪.‬‬
‫فإذا كان المبيع من األشياء المعينة بالذات يلزم أن يكون هذا المبيع موجودا عند التعاقد‪ .‬أما إذا كان‬
‫المبيع من األشياء المعينة بالنوع فيمكن للمتعاقدين أن يتفقا على وجوده في المستقبل ( غلة الزيتون )‬
‫والمشرع المغربي نص على أنه يجوز التعامل في األشياء المستقبلية بشرط أن تكون هذه األشياء‬
‫قابلة للوجود في المستقبل‪ .‬كالمؤلف الذي يبيع حقوقه في كتابه سيوجد للنشر بعد سنة مثال أو كالفالح‬
‫الذي يملك ضيعة من العنب الذي سيوجد في شهر نونبر والذي يمكنه بيع هذا العنب قبل نضجه‪ .‬وقد‬
‫استثنى المشرع المغربي من التعامل في األشياء المستقبل ية التركة وهي كل ما يتركه الميت من أموال‬
‫وحقوق مالية‪ .‬حيث ال يجوز للوارث بيع قطعة أرضية باعتبار أنه في جميع األحوال سيرثها من أبيه‬
‫بعد موته‪.‬‬
‫وبالتالي كقاعدة عامة يجوز التعامل في األشياء المستقبلية‪ ،‬وأبرز مؤسسة قانونية مكرسة تشريعيا‬
‫في الفصول ‪ 613‬إلى ‪ 618‬هي مؤسسة بيع السلم التي تعتبر اآلن من جملة المنتجات في إطار ما‬
‫يسمى بالبنوك التشاركية‪.‬‬
‫مؤسسة بيع السلَم ‪:‬‬
‫بيع السلم هو بيع مؤجل بمعجل‪ ،‬فالمعجل هو الثمن والمؤجل هو المبيع أو المثمن‪ .‬وقد جاء في‬
‫موصوف مؤج ٍل في‬
‫ٍ‬ ‫مختصر خليل ألحمد الدردير تعريفا لبيع السلم حيث عرفه الدردير بأنه " بي ُع‬
‫الذمة بغير جنسه " فحين قال بغير جنسه فقد أخرج منه بيع السلف‪.‬‬
‫في حين أن المشرع المغربي عرفه في الفصل ‪ 613‬من ظهير االلتزامات والعقود " السلَم عقد‬
‫بمقتضاه يعجل أحد المتعاقدين مبلغا محددا للمتعاقد اآلخر الذي يلتزم من جانبه‪ ،‬بتسليم مقدار معين‬
‫من األطعمة أو غيرها من األشياء المنقولة في أجل متفق عليه‪ .‬وال يجوز إثبات بيع السلم إال‬
‫بالكتابة "‬
‫مثال ‪ :‬يملك البائع ضيعة تحتوي على غلة من العنب التي لم تنضج بعد وستوجد في شهر ماي ويريد‬
‫بيعها ألنه يحتاج إلى السيولة ( النقود ) من أجل شراء األدوية لإلعتناء بضيعته‪ .‬وفي المقابل هناك‬
‫شخص يريد شراء هذه الغلة من العنب‪ .‬إذا كيف يمكننا التوفيق بين البائع الذي يريد بيع غلته من‬
‫العنب ورغبة هذا المشتري الذي يريد شراء هذه الغلة ؟‬
‫وحيث أنه يمكن للمشتري (المسلم) أن يبرم عقدا مع البائع (المسلم إليه) ويدفع له الثمن فيكون الثمن‬
‫معجال والمثمن مؤجال على أساس حين ما ينضج العنب سيحصل المشتري على غلته من العنب‪.‬‬
‫ويكون ذلك بكتابة ه ذا العقد في ورقة محررة وموقعة من طرف المتعاقدين‪ .‬وفي حالة إذا جاء العنب‬
‫فاسدا يرجع ذلك إلى قوة قاهرة يحق للمشتري استرداد ماله أو يطالب البائع باالنتظار لموسم آخر أو‬
‫مواسم أخرى‪ .‬أما إذا كان السبب بفعل إرادي من المسلم إليه (البائع) حينئذ يحق للمسلم أن يسترد‬
‫الثمن ويطالب المسلم إليه بالتعويض وذلك وفقا لنسبة الفرق بين ثمن العنب عند التعاقد وثمنه عند‬
‫حلول األجل المتفق عليه بين البائع والمشتري‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫شروط بيع السلم ‪:‬‬
‫بيع السلم ينبغي أن يكون مكتوبا حيث ال يمكن إثباته إال بالكتابة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫بيع السلم يجوز فقط في المنقوالت وال يجوز في العقارات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الثمن في بيع السلم ينبغي دفعه معجال (يوم التعاقد)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ينبغي أن يكون المسلم فيه موصوفا وصفا نافذا للجهالة‪ .‬أي ينبغي أن يحدد ويعين المسلم‬ ‫‪‬‬
‫فيه (الشيء المبيع) على مستوى نوعه وجنسه ومقداره وجودته‪.‬‬
‫مؤسسة بيع العقار في طور اإلنجاز ‪ :‬أنظر الفصل ‪ 618‬المكرر‬
‫قام المشرع المغربي بتنظيم مؤسسة بيع العقار في طور اإلنجاز وذلك بمقتضى القانون رقم ‪44.00‬‬
‫وبالنظر إلى الصعوبات التي اعترضت تطبيق هذا القانون أصدر المشرع القانون رقم ‪ 107.12‬سنة‬
‫‪ .2016‬وقد عرف المشرع المغربي بيع العقار في طور اإلنجاز وذلك في الفصل ‪ 618‬من ظهير‬
‫االلتزامات والعقود " يعتبر بيعا لعقار في طور اإلنجاز كل اتفاق يلتزم بمقتضاه البائع بإنجاز عقار‬
‫داخل أجل محدد ونقل ملكيته إلى المشتري مقابل ثمن يؤديه هذا األخير تبعا لتقدم األشغال "‪ .‬وبالتالي‬
‫فطبيعة بيع العقار في طور اإلنجاز هو من العقود االبتدائية‪ ،‬قد يسبقه عقد آخر يسمى العقد بالتخصيص‬
‫الذي يمكن التراجع عنه بدون مقابل‪ .‬ويتعلق بالتزام البائع بنقل ملكية عقاره خالل مدة معينة قابلة‬
‫للتمديد قانونا وفي المقابل يلتزم المشتري بدفع أقساط وال تنتقل ملكية المبيع إال عند إبرام العقد النهائي‬
‫والذي يكون عند أداء المشتري آلخر قسط‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬شخص يريد شراء شقة في طور اإلنجاز أي أنها ستوجد في المستقبل فيذهب إلى المنعش‬
‫العقاري‪ .‬فالمشتري له ضمانة وهو إبرام عقد التخصيص الذي يعطي للمشتري مدة شهر للتراجع عن‬
‫الشراء مع حقه في استرجاع نقوده التي سبقها للبائع‪ .‬في حين أن البائع لديه مدة ‪ 7‬أيام إلرجاع النقود‬
‫للمشتري إذا عبر هذا األخير عن رغبته في التراجع عن الشراء‪ .‬وفي جميع األحوال تحدد صالحية‬
‫عقد التخصيص في مدة ال تتجاوز ‪ 6‬أشهر غير قابلة للتجديد‪ ،‬فإما أن يؤدي إلى إبرام العقد االبتدائي‬
‫أو التراجع عن عقد التخصيص واسترجاع المبالغ المستحقة حيث يودع البائع المبالغ المالية التي أداها‬
‫المشتري في حساب بنكي خاص باسم البائع وتكون غير قابلة للتصرف أو الحجز إلى حين انقضاء‬
‫أجل حق التراجع المتعلق بكل عقد‪ .‬وفي المقابل يتسلم المشتري وصال لإليداع‪ .‬وقد منح المشرع‬
‫للمشتري أن يحرر عقد التخصيص إما في محرر رسمي أو محرر عرفي ثابت التاريخ‪.‬‬
‫شروط صحة بيع العقار في طور اإلنجاز ‪:‬‬
‫‪ ‬وجود رخصة البناء‬
‫‪ ‬إبرام عقد التخصيص‬
‫العقد االبتدائي ‪ :‬حيث استوجب المشرع المغربي الكتابة الرسمية تحت طائلة البطالن التي يحررها‬
‫إما العدول أو الموثق أو محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض‪ ،‬وذلك إما في محرر رسمي أو‬
‫محرر ثابت التاريخ‪ .‬تم التنصيص على إمكانية إبرام العقد االبتدائي بمجرد الحصول على رخصة‬
‫البناء عوض تقييده بضرورة إنهاء األشغال األساسية على مستوى الطابق األرضي لما في ذلك من‬
‫تمكين للبائع من تلقي التسبيقات التي تسمح له بتمويل مشروعه‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫يجب أن يتضمن عقد البيع االبتدائي على الخصوص عدة بيانات (أنظر نص الفصل ‪ 618-3‬المكرر)‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك يتوجب على البائع أو المنعش العقاري أن يهيأ دفتر التحمالت يتضمن مكونات‬
‫المشروع ( أنظر الفصل ‪.) 618-4‬وقد نص المشرع المغربي أيضا على طريقة أداء المشتري‬
‫لألقساط ( أنظر الفصل ‪ .) 618-6‬ويتعين على البائع أو المنعش العقاري بعد توقيع العقد االبتدائي‬
‫أن يقدم لفائدة المشتري إما ضمانة إنهاء األشغال أو ضمانة استرجاع األقساط المؤداة في حالة عدم‬
‫تنفيذ العقد‪ .‬و يجوز للمشتري‪ ،‬إذا كان العقار محفظا‪ ،‬أن يطلب إجراء تقييد احتياطي بناء على عقد‬
‫البيع االبتدائي إذا تجاوزت التسبيقات ‪%50‬من ثمن البيع‪ .‬ويبقى التقييد االحتياطي ساريا‬
‫إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي وذلك للحفاظ المؤقت على حقوق المشتري‪ .‬وكل شرط‬
‫مخالف يعتبر باطال‪ .‬يبقى التقييد االحتياطي ساري المفعول إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي بالرسم‬
‫العقاري الخاص بالمبيع‪ .‬بمجرد إجراء التقييد االحتياطي‪ ،‬يمنع على المحافظ على األمالك العقارية‬
‫تسليم نظير الرسم العقاري إلى البائع‪.‬‬
‫العقد النهائي ‪ :‬يبرم عقد البيع النهائي بعد وضع البائع لدى محرر العقد شهادة مسلمة من المهندس‬
‫المعماري تثبت نهاية األشغال ومطابقة البناء لدفتر التحمالت‪ .‬ويتوقف تحرير عقد البيع النهائي على‬
‫اإلدالء برخصة السكن أو شهادة المطابقة واستخراج الرسوم العقارية الفرعية بالنسبة للعقارات‬
‫المحفظة‪ ،‬وبعد أداء المشتري ما تبقى من ثمن البيع كما هو محدد في عقد البيع االبتدائي‪.‬‬

‫‪21‬‬

You might also like