Professional Documents
Culture Documents
الفوج الثاني
وحدة :القانون المسطري والوسائل البديلة لفض المنازعات
عرض تحت عنوان:
السنة الجامعية2024/2023:
1
الئحة فك الرموز
ز
االلتامات والعقود قانون قلع
مرجع سابق مس
صفحة ص
طبعة ط
سنة س
2
تقديم
تشكل ثورة االتصاالت والمعلومات أحد العناوين البارزة للمرحلة التاريخية الراهنة من
تاريخ اإلنسانية ،فبعد الثورة الزراعية ،والثورة الصناعية بدأت هذه الثورة تفرض نفسها كمحرك
جديد للتنمية االقتصادية حتى أصبحت وسائل االتصال الحديثة وعلى رأسها االنترنيت 1وسائل
ال يمكن االستغناء عنها ،فبعد أن كانت االتصاالت تعتمد على التلفون والفاكس والتلكس،
ظهر اإلنترنيت وأصبح الوسيلة المثلى في االتصال ونقل المعلومات وتقديمها ،ويرجع ذلك
إلى التقدم العلمي الهائل في شبكات االتصاالت الرقمية ،وبفضل هذه الشبكات زالت الحدود
الجغرافية ،وتغير الزمان باتجاه االختصار واالقتراب بدرجة كبيرة حتى أصبح العالم مجرد قرية
صغيرة أو كما يطلق عليها البعض قرية واحدة إلكترونية ولقد انعكس هذا التطور المعلوماتي
حتى على التصرفات القانونية حتى ازدهرت بنتيجة العولمة وعقود كثيرة تتم عبر اإلنترنيت
1تعتبر المعلومات شيئا غير مادي يصلح ألن يكون محال لحقوق المالية وعلى األخص حق الملكية والمعلومة هي تعبير
يستهدف جعل الرسالة قابلة للتوصيل إلى الغير ثم إن قابلتيها للتواصل بفضل عالمة أو إشارة من شأنها أن توصل المعلومة
للغير ،فواقعة معينة أو فكرة ما ال تعتبر معلومة طالما أنها لم تأخذ شكل إشارة ملموسة والمعلومة قد تكون موضوعية أو
الذاتية.
2خالد ممدوح ابراهيم ،إبرام العقد اإللكتروني ،دراسة مقارنة دار الفكر الجامعي ،طبعة ،2006ص.1
3
أهمية الموضوع
التحكيم اإللكتروني يحمل أهمية كبيرة في تسهيل وتسريع عمليات فض النزاع وتسوية
المنازعات عبر اإلنترنتُ .يعزز هذا النهج فعالية العدالة ويقلل من التكاليف والوقت المستغرقين
في اإلجراءات القانونية التقليدية .كما يشجع على االعتماد على التقنيات الحديثة لضمان
األمان وحماية البيانات ،مما يعزز الثقة في هذه العمليات .باإلضافة إلى ذلك ،يسهم التحكيم
قانونيا موثوًقا
ً إطار
ًا اإللكتروني في تعزيز التجارة الدولية وجذب االستثمارات ،حيث يوفر
من خالل تحفيز المحافظة على الموارد وتجنب اإلجراءات القضائية الطويلة وبصفة عامة،
يعكس التحكيم اإللكتروني تطور العصر الرقمي ويلبي حاجات المجتمع العالمي المتسارع
التغيير.
إشكالية الموضوع
في هذا اإلطار فإن السؤال الذي يطرح نفسه :هل التشريعات الوطنية التي وضعت أصال
لتنطبق على التحكيم التقليدي ،تصلح للتطبيق على التحكيم اإللكتروني أم أن هذه القواعد
تعجز عن استيعاب المشاكل التي تتولد عن استخدام التقنيات الحديثة في إجراء التحكيم
فتكون عندئذ بحاجة إلى قواعد وتشريعات جديدة لحكم هذا النوع من التحكيم؟
4
وتزداد أهمية هذا السؤال في ظل ندرة التشريعات الوطنية واالتفاقات الدولية التي تعالج
مثل هذا الموضوع ،لذلك سنطرح تساؤالت التي سنحاول اإلجابة عليها في هذا العرض من
قبيل:
ما هي األحكام العامة المنظمة لتحكيم اإللكتروني؟ وما الذي يميزه عن باقي النظم
المشابهة له؟ وما مدى إيجابية التحكيم اإللكتروني في حل النزاعات التي تنشأ بين األطراف؟
منهجية الموضوع
بالنظم المقارن له وصوال إلى الفرص والتحديات التي تنوط به ،يتميز هذا النهج عن وسائل
حل النزاعات البديلة األخرى ،حيث يتم فحص القواعد القانونية المنظمة له بشكل مميز ومقارنتها
لمعلومات من مصادر متعددة وتحليلها لتحقيق أهداف الدراسة ،يتناول البحث محاسن ومساوئ
القوانين المقارنة ولوائح مراكز التحكيم اإللكتروني المتعددة ،بهدف الوصول إلى نظام شامل.
5
خطة البحث
6
المبحث األول :األحكام العامة للتحكيم اإللكتروني
يشهد العالم ازدها ار على مستوى المعامالت والتجارة ،وذلك بفضل ظهور اإلنترنت
والتطور التكنولوجي وحرية التبادل التجاري ومبدأ سلطان اإلرادة ،الشيء الذي يجعل التحكيم
الوسيلة الفضلى في حالة النزاع ،ذلك نظ ار بما يتسم به من امتيازات سواء من خالل سرعة
إجراءاته وفعاليته ،أو من خالل مواكبته للتطورات التكنولوجيا لنصبح أمام التحكيم اإللكتروني
كصورة مطورة للتحكيم التقليدي ،وهذا ما يدفعنا للحديث عن ماهية التحكيم اإللكتروني (المطلب
األول) وأيضا إسقاط مفهوم التحكيم اإللكتروني على التحكيم الداخلي بين أفراد القانون المغربي
(المطلب الثاني).
يعتبر التحكيم اإللكتروني وسيلة مستحدثة للحل المنازعات ،وخاصة المتعلقة بالتجارة
الدولية والمعام الت االلكترونية ،بحيث أصبحت من أهم اآلليات األكثر شيوعا ولجوء مقارنة
بالتحكيم التقليدي ،وذلك ما يستدعي الحديث عن مفهوم التحكيم االلكتروني (الفقرة األولى)،
ال يختلف التحكيم اإللكتروني عن التحكيم التقليدي ،باعتبارهما يشكالن وسيلة من
وسائل فض النزاعات ،بحيث يعتمد لفض نزاعات معينة بدل اللجوء للقضاء .ويعرف التحكيم
7
بشكل عام بأنه وسيلة لفض النزاع بين طرفين يقوم على اتفاقهما بطرح النزاع على شخص أو
أكثر ليقوم هذا األخير بالفصل في النزاع بإصدار حكم نهائي وملزم بدال من المحكمة
المختصة.3
أما بخصوص التحكيم اإللكتروني فينقسم إلى شقين ،األول بمعناه التقليدي وذلك حسب
ما ورد فالمادة األولى من قانون 95.17المتعلق بالتحكيم والوساطة ،أن التحكيم هو عرض
النزاع على هيئة تحكيمية إما بمحكم منفرد أو مجموعة محكمين ،بحيث تتلقى من األطراف
مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم ،وشق الثاني إلكتروني يعني االعتماد على
كما أن بعض الفقه عرفه "ذلك التحكيم الذي يتفق بموجبه األطراف على إخضاع منازعاتهم
الناشئة عن الصفقات أبرمت في الغالب األعم بوسيلة الكترونية ،إلى شخص ثالث للفصل
فيها بموجب سلطة مسندة ومستمدة من اتفاق أطراف النزاع وباستخدام وسائل االتصال حديثة
وعرفه البعض األخر "أنه تحكيم يتم استخدام وسائل االتصال الحديثة فيه ترتكز على
تقنية المعلوميات واالتصاالت ،والتي تتمثل على وجه الخصوص بشبكة االنترنت التي اتسع
- 3عبد الحق كوريتي ،التحكيم االلكتروني كآلية لتسوية منازعات التجارة االلكترونية ،مطبعة دار السالم ،الرباط الطبعة
األولى ،2017،ص.24
- 4عبد الحق كوريتي ،م.س ،ص24
8
ويعتبره اتجاه اخر "أن التحكيم االلكتروني ال يختلف عن إجراءات التحكيم إال في
طريقته ،فكل إجراءاته تتم الكترونيا على شبكة االنترنت ابتداء من ملء النموذج الخاص
بموافقة على التحكيم عبر الشبكة ،ومرو ار بتبادل الرسائل ومستندات االلكترونية ،وتعين
وعرفه البعض األخر على أنه" التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة اإلنترنت وفق
قواعد خاصة دون الحاجة إلى التقاء أطراف النزاع والمحكمين في مكان معين".6
ومن خالل التعريفات التي قدمها الفقه ،أمكننا القول ان ما يميز التحكيم االلكتروني
والتحكيم التقليدي هو استعمال وسائل االتصال الحديثة ،فإن التساؤل المطروح عما إذا كان
من الضروري إجراء التحكيم بأكمله عبر الوسائل االلكترونية العتباره الكترونيا أم يكفي
ذلك ما أثار نقاش فقهيا حول تعريف التحكيم االلكتروني ،وانقسم بهذا إلى اتجاهين:
فبخصوص اتجاه أول يرى أن التحكيم ال يكون الكترونيا إال إذا تم بأكمله عبر الوسائل
االلكترونية ،أي عبر جميع مراحله من اتفاق التحكيم إلى أن يصدر حكم الكتروني .أما
- 5محمد أمين الرومي ،النظام القانوني للتحكيم االلكتروني ،مطبعة دار الفكر الجامعي ،الطبعة األولى،2006،ص 93
- 6كريم بوديسة ،التحكيم اإللكتروني كوسيلة لتسوية منازعات العقود التجارة اإللكترونية ،رسالة لنيل شهادة الماجستير في
القانون تخصص قانون التعاون الدولي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية تيزي وزو ،ص10
9
بخصوص االتجاه الثاني يري أن التحكيم يكون الكترونيا سواء تم بأكمله عبر وسائل االلكترونية
وعليه أمكننا القول أن االتجاه األول يرجح حسب منظورنا ،إذ يعتبر التحكيم الكترونيا
في الحالة التي تتم جميع مراحله عبر وسائل الكترونية ،وليس احدى مراحله فقط و خاصة
في عصرنا الحالي ،إذ ال يمكن االستغناء عن بعض وسائل االتصال ،كالتواصل عبر البريد
االلكتروني.
رجوعا إلى قانون رقم 95.17المتعلق بالتحكيم و الوساطة ،حيث لم يقم بالنصيص عن
مفهوم التحكيم االلكتروني و لم يعرفه و اكتفى بذكر بعض اإلجراءات التي يمكن القيام بها
عن طريق وسائل الكترونية ،كما ورد في المادة 3من نفس القانون أن اتفاق التحكيم يعتبر
مبرما كتابة بموجب رسالة الكترونية معدة وفق للنصوص القانونية الجاري بها العمل ،وأيضا
حسب منطوق المادة 35من قانون رقم 95.17أنه يجب على طالب التحكيم أن يتقدم خالل
الموعد المتفق عليه بين األطراف و الذي تحدده الهيئة التحكيمية بمقال التحكيم مكتوبا أو
بطريقة إلكترونية ،وكما هو الشأن بالنسبة للمطلوب في التحكيم له الحق أن يجيب بواسطة
مذكرة مكتوبة أو موجهة بطريقة الكترونية وذلك حسب ما ورد في المادة 36من نفس القانون.
10
وأمام غياب أي تعريف قانوني للتحكيم االلكتروني من طرف المشرع المغربي هذا ما يستدعي
تعتبر المفاوضات من الوسائل البديلة لفض النزاعات ،إذ هي عملية نقاش األطراف
لمعامالتهم من أجل التوصل إلى توافق ،وتعتمد التواصل عن طريق استعمال المعلومات
المتوفر عليها للتأثير على الموقف فهي وسيلة للتداول ترمي إلى إنشاء أو تعيل أو إنهاء عالقة
عن طريق التواصل و التحاور من أجل اإلقناع 8.إذ تتم مباشرة بين األطراف دون الحاجة إلى
طرف ثالث ،عن طريق المناقشة والمساومة وتبادل اآلراء للتوصل إلى حلول للمجموعة من
المشكالت سواء كانت اقتصادية أو قانونية أو غيرها ،وهي عملية يتم اللجوء إليها في حالة
ومع ظهور التجارة االلكترونية والمعامالت االلكترونية ،أصبح يتم االتصال بوسائل
الكترونية كالتفاوض عن طريق البريد االلكتروني أو باقي المنصات االلكترونية ،وذلك لمواكبة
تطور المعامالت.
وتعتبر المفاوضة االلكترونية من أبسط الوسائل البديلة لفض النزاعات ،كما هو شأن
بالنسبة للتحكيم االلكتروني إذ يتفقان في كونهم وسيلة تغني طرفي النزاع للجوء إلى المحاكم
- 8طارق زهير ،الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية ،مطبعة دار النشر المغربية ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى،
،2019ص .91
11
تستلزم منهم التراضي والتوافق للجوء إليهما ،كما يتفقان أيضا في مواكبتهم للتطورات التكنولوجيا
وذلك يتجلى في اعتماد وسائل االتصال الحديثة للقيام بإجراءاتهم .إال أنهم يختلفون في كون
أن المفاوضات تكون بين األطراف بشكل مباشر دون الحاجة للطرف ثالث محايد للنظر في
النزاع ،كما هو الشأن بالنسبة للتحكيم االلكتروني إذ يعرض المحكم الذي له سلطة إصدار
الحكم ،كما أن المفاوضات تنتهي اتفاق األطراف أما التحكيم االلكتروني ينتهي بصدور حكم
تعتبر الوساطة وسيلة بديلة شبيهة لكل الوسائل البديلة التي تعتمد على الغير لمساعدة
األطراف على إيجاد حل لنزاعها عبر إدارته لمفاوضاتها ،9و حسب المادة 86من قانون رقم
،95.17أنه يجوز ألطراف ألجل تجنب نزاع أو تسويته ،االتفاق على تعيين وسيط يكلف
بتسهيل إبرام الصلح ينهي النزاع ،إضافة إلى المفهوم التقليدي هناك مفهوم حديث و المتمثل
في الوساطة االلكترونية ،بحيث يتم اعتماد مجموعة من وسائل االتصال الحديثة وذلك للمواكبة
التطورات التكنولوجيا التي يفرضها الواقع العملي،ولعل من أبرز مراكز الوساطة والتحكيم
االلكترونية التي تقدم خدمة لتسوية المنازعات بالطرق االلكترونية مركز الوساطة (مركز الويبو
- 9طارق زهير ،الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية ،م.س ،ص112
12
التجارة الدولية خدمة أخرى غير خدمة الوساطة االلكترونية ،أال وهي خدمة المفاوضات
المباشرة.10
أما فيما يخص الفرق بين التحكيم االلكتروني والوساطة االلكترونية ،يكمن أوال في أن
المحكم يصدر حكم تحكيمي ملزم لألطراف ،أما الوسيط فله سلطة اقتراح الحلول إلبرام الصلح
لتجنب النزاع .إال أنه يتقفان في كونهما يتم اللجوء إلى طرف ثالث محايد ،ويستلزم أن يتوفر
نصت المادة 14من قانون 95.17المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية على أنه
"يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة ،سواء كانوا ذاتيين أو اعتباريين ،أن يبرموا
اتفاق تحكيم لتسوية النزاعات الناشئة عن الحقوق التي يملكون حق التصرف فيها" ،نسجل في
- 10مركز المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO .تم إنشاء هذا المركز عام ، 1994وهو يقدم خدمات لتسوية النزاعات
التجارية الدولية بين األطراف الخاصة في مجال الملكية الفكرية ،وهو جزء من مكتب الويبو الدولي ويدير اإلجراءات
الوساطة التحكيم التحكيم المعجل ،كما يقدم المركز خدمات استشارية بشأن اتفاقات االحتكام وصياغتها عنداالقتضاء
-يعد مركز Square tradeمن أشهر وأول المراكز المتخصصة في مجال حل المنازعات بطريق الوساطة اإللكترونية،
وقد نظر المركز في الكثير من المنازعات الناشئة عن المعامالت التي تتم من خالل سوق البيع بالمزاد عبر األنترنت" E-
" BAYوالذي يعد أول موقع أمريكي للبيع بالمزاد العلني ،وتحديدا المنازعات التي تنشأ بين الشركة القائمة على المركز
وبين المتعاملين بالمزاد بيعا أو شراء من خالل السوق
-عبد هللا منيوي ،الوساطة االلكترونية ودورها في حل المنازعات التجارية ،منشور بتاريخ 2022/10/12على الموقع
https://www.allbahit.com/2022/10/blog-post_26.htmlثم االطالع عليه بالتاريخ 2022/11/13على
الساعة 22:01
13
هذا الخصوص أن هذه المادة تخاطب كل األفراد الموجودين على التراب الوطني ،سواء
مغاربة أو أجانب ،وعليه أطراف النزاع الذين ينطبق عليهم التحكيم الداخلي الحرية في اختيار
التحكيم كوسيلة لحل نزاعهم بدل القضاء الوطني ،بشرط أن يكون مبني على سبب مشروع ،
وأن ال يكون مخالفا للنظام العام بمفهوم الفصل 62من ق ل ع ،وعليه فإن التحكيم اإللكتروني
يتطلب وجود اتفاق تحكيم مبرم عبر االنترنت (الفقرة األولى ) إلى جانب ضرورة تعيين هيئة
عرف المشرع المغربي في المادة 2من قانون المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية،
بأنه "اتفاق التحكيم هو التزام األطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن
عالقة قانونية ،تعاقدية أو غير تعاقدية ،يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط "،
ومن خالل التمعن في التعاريف والتشريعات التي حدد مفهوم اتفاق التحكيم ،يتضح أنها
ركزت على تحديده في شكل التقليدي ،كما أنها في نفس الوقت تحدد الصورة التي يمكن أن
يتم بها هذا االتفاق ،فاتفاق التحكيم هو أساس مشروعية التحكيم ومنه يستمد المحكم في
الفصل في النزاع ،كما أنه يعد األساس القانوني المباشر إلفراغ موضوع النزاع من اختصاص
المحاكم صاحبة الوالية العامة ،مما يعني أن عدم وجود اتفاق التحكيم ،يؤدي إلى انعدام حكم
التحكيم انعدام والية المحكم في إصدار التحكيمي ،و يالحظ أنه يكفي بتوفر اتفاق ارادتي
14
الطرفين على االلتجاء إلى التحكيم بشأن عالقة قانونية معينة ،كما انه ،ما هو االتفاق التحكيم
غير أن هذا الواقع ليس بهذه البساطة حيث مسألة مشروع اتفاق التحكيم المبرم إلكترونيا
في المحك األمر الذي يدعو إلى التساؤل حول طبيعة شكلية الكتابة المطلوبة هل هي شكلية
إثبات أم انعقاد؟
وبالرجوع إلى المشرع المغربي من خالل نصوص القانونية المنظمة لالتفاق التحكيم،
يتبين لنا أن استلزم الشكلية في اتفاق التحكيم صراحتا من خالل المادة 3من قانون 95.17؛
حيث بين لنا أن اتفاق التحكيم من العقود الشكلية ،التي يتوقف انعقادها على افرغها في سند
كتابي ،وال يمكن إقامة اتفاق التحكيم شفويا أو بأي وسيلة أخرى ،بتمعن في المادة 3و 4و
5من قانون 95.17المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ،يتضح لنا بأن اتفاق التحكيم،
سواء اتخذ شرط تحكيم أو عقد تحكيم يجب أن يكون مكتوب ،والكتابة هنا شرط صحة يترتب
عن غيابها البطالن ،وهي وسيلة انعقاد وليس شرط إلثبات ،وهي المفتاح الذي يدخلك إلى
التحكيم ،ويبقى التساؤل هنا حول ما إذا كانت الكتابة شرط لصحة اتفاق التحكيم االلكتروني؟
االتفاقية في المادة 3الفقرة الثانية يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة
من لدن األطراف أو في رسائل متبادلة أو برقيات أو أي وسيلة أخرى من وسائل االتصال
المكتوبة ،أو بموجب رسالة إلكترونية معدة وفقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل ،أو
15
بتبادل مذكرات األطراف أو الدفاع التي يدفع فيها أحدهم أمام الهيئة التحكيمية ،بوجود اتفاق
وما يدل على اعتراف المشرع المغربي بمشروعية استخدام وسائل االتصال الحديث،
كالرسائل اإللكترونية في إبرام اتفاق التحكيم ،وهذه مرونة مقصودة من المشرع ،الغاية منها
فتح المجال أمام إمكانية إثبات اتفاق التحكيم بكل الوسائل وبأي وسيلة يمكن الوثوق بها ،أي
أنه جاز التعبير عن اإلرادة بالكتابة على دعامة غير ورقية ،وهو ما يتوافق مع قانون 53.05
الذي أقر مبدأ المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق وتلك المعدة على دعامة إلكترونية.
يجب االعتراف في هذا اإلطار أن المشرع المغربي ساير توجه االتفاقيات الدولية واخد
بمفهوم الواسع للكتابة لتشمل الدعامة اإللكترونية وهو ما نص عليه الفصل 417من ق ل
ع ،كما كرس هذا المفهوم العديد من األحكام القضائية ،بل أن الئحة المحكمة أقرت صحة
شرط التحكيم ،شريطة أن تكون المستندات المعلوماتية المودعة من جانب األطراف تقدم
ضمانات جدية وكافية حتى يمكن االعتماد عليها لذلك ال يوجد ما يمنع أن تكون الكتابة
محررة على دعامة إلكترونية طالما أنها تحقق نفس الهدف ،فالمهم أن يتم حفظ البيانات
المتداولة إلكترونيا بحيث يمكن االحتفاظ بها والرجوع إليها عند النزاع دون أن يط ار عليها أي
تعديل أو تحريف ،وتأسيسا على ما سبق يمكن القول أن الكتابة في اتفاق التحكيم تعتبر
شرطا إلزامي ،يدور معه التحكيم وجوبا وعدما حتى ولو تعلق األمر بالنزاعات التجارية التي
16
والمناط إذن في منح القوة الثبوتية للكتابة اإللكترونية ،ليس في طبيعة الدعامة المستعملة
التي تحتوي على مضمون الرسالة ،وال في طريقة تعبير عن اإلرادة ،وإنما التأكد من أن الكتابة
صدرت من صاحبها ،ولم يتالعب اي أحد في مضمونها ومصدرها ،وأنه قد جرى حفظها
والمشرع المغربي جعل هذه المرونة في قانون 95.17مقصودة بحيث جعل الباب
مفتوح أمام أطراف التحكيم بتقديم الطلبات إلكترونيا وكدا الدفوع ،على أن تتم المناقشة بوسيلة
من وسائل التواصل مادام انه تحكيم اإللكتروني ،فهو يبدأ إلكتروني وقد ينتهي إلكتروني أو
نص قانون التحكيم والوساطة االتفاقية في مادته 20على أنه "تتشكل الهيئة التحكيمية
من محكم واحد أو عدة محكمين ،تكون لألطراف حرية تحديد عددهم وإجراءات تعيينهم ،بمن
فيهم الرئيس ،إما في اتفاق التحكيم وإما باالستناد إلى نظام التحكيم الموضوع للمؤسسة
المختارة.
فإذا لم يتفق األطراف على عدد المحكمين كان العدد ثالثة ،مع مراعاة أحكام المادة
22بعد .إذا تعدد المحكمون ،وجب أن يكون عددهم وترا ،وإال كان التحكيم باطال".
17
ونتالقى من هذا النص يتبين على أن أطراف هم من يتكلفون باختيار المحكمين وبشكل
هيئة التحكيم وكذا تحديد عدد المحكمين ،وذلك إما باختيار المحكمين بأسمائهم ،أما عن تعيين
المحكمين في التحكيم اإللكتروني فال يختلف عن التحكيم التقليدي إال في أداة تفعيله ،ونعني
هنا وسائل االتصال اإللكترونية ،باعتبارها الفضاء الذي تجرى من خالله تسوية المنازعات.
أما بخصوص قبول المحكم مهمته فقد نصت المادة 30من قانون المتعلق بالتحكيم
والوساطة االتفاقية "ال يعتبر تشكيل الهيئة التحكيمية كامال إال إذا قبل المحكم أو المحكمون
المعينون المهمة المسندة إليهم ،ويثبت قبول المهمة كتابة بالتوقيع على اتفاق التحكيم أو
يجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبولها عن أي ظروف من
يجب على المحكمين التصريح بقبول المهمة داخل أجل خمسة عشر ( )15يوما من
يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها ،وال يجوز له بعد قبولها،
تحت طائلة تحميله المسؤولية المدنية ،أن يتخلى عنها دون سبب مشروع .ويتعين عليه إرسال
18
وهو األمر الذي أشارت إليه قواعد التحكيم السريعة التابعة للمنظمة العالمية للملكية
الفكرية من خالل المادة ،18على أنه يجب على المحكم الذي قبل مهمة التحكيم ،أن يخطر
كتابة المركز بقبوله مهمة التحكيم والتزامه بتوفير الوقت الالزم إلجراء التحكيم من أجل إنصاف
على أتم وجه وشفافية ،وعليه المشرع المغربي اشترط أن يتم القبول في شكل إبرام عقد الشروع
في القيام بالمهمة أو توقيع على االتفاق ،وذلك بموجب الفقرة الثانية من المادة 30من قانون
95.17المذكور أعاله،
ونرى أنه على المحكم الذي وافق على مهمته أن يبعث بموافقة عبر البريد االلكتروني
أو عبر رسالة نصية ،يعبر فيها عن قبول او الرفض المهمة المسند إليه.
19
المبحث الثاني :األبعاد اإليجابية للتحكيم اإللكتروني وتحدياته
إن التطور الرقمي الذي يشهده العالم اليوم ،له تأثير واضح على المعامالت ،التي
وبهذا فتوجه األفراد ،إلى القيام بجل معامالتهم بطريقة إلكترونية ،يجعلهم بحاجة إلى
فض المنازعات ،التي قد تنشأ عن هذه المعامالت بنفس الطريقة .التي نجدها في التحكيم
اإللكتروني ،باعتباره وسيلة لحل النزاعات باالعتماد على وسائل التكنولوجيا ،فالتحكيم
اإللكتروني يتسم بالعديد من الخصائص اإليجابية (المطلب األول) التي تحفز األفراد ،على
التعامل بهذه الطريقة ،لكن التحكيم اإللكتروني هو االخر قد تشوبه بعض النواقص والسلبيات
(المطلب الثاني).
يتسم التحكيم اإللكتروني بمجموعة من الخصائص العملية ،التي تجعله متفوقا على
التحكيم العادي .هذا ما يجعل األفراد يعتمدون على التحكيم اإللكتروني لفض نزاعاتهم نظ ار
لما يضمنه لهم من سرعة وسرية (الفقرة األولى) .كذلك بالنسبة للتكاليف فتكون أقل .باإلضافة
20
الفقرة األولى :السرعة والسرية في حسم النزاع
تعد السرية والسرعة ،من أهم الميزات التي يتسم بها التحكيم اإللكتروني و لهذا سنتطرق
أ -السرعة:
إن أهم ما يميز التحكيم اإللكتروني السرعة في فض النزاع ،متجاو از بذلك البطء الذي
تشهده المحاكم نتيجة كثرة القضايا وحتى بالمقارنة مع التحكيم العادي الذي يحتاج إلى مدة
أطول .فالتحكيم اإللكتروني يتسم بالسهولة ،في تقديم المستندات واألوراق المطلوبة عن طريق
11
اللجوء إلى استخدام البريد اإللكتروني بدل البريد التقليدي ،الذي يحتاج إلى وقت أطول.
السرية: ب-
إن خاصية السرية ،تحفز األشخاص للجوء إلى التحكيم اإللكتروني ،خاصة في المجال
التجاري الذي ينبني على االئتمان ،فخبر دخول مقاولة أو شركة في نزاع قد يكون له تأثير
سلبي على مركزها االئتماني .وضمان سرية المعلومات ،هي خاصية يوفرها التحكيم اإللكتروني
وذلك من خالل ،استخدام الوسائل الفنية في إدارة التحكيم اإللكتروني ،التي من شأنها أن
- 11ك ريم الصبونجي ،التحكيم اإللكتروني كوسيلة بديلة لحل منازعات التجارة اإللكترونية،مقال منشور في مجلة المهن
القانونية والقضائية ،عدد،56سنة،2020ص .8
21
تجعل إمكانية الوصول إلى هذه األحكام أمر شبه مستحيل ،كما أنها تقضي على حاالت
12
اإلهمال المادي ،التي تؤدي إلى الكشف عن مضمون بعض األحكام.
توفر مسطرة التحكيم العديد من الحلول واالمتيازات على المستوى العملي ولعل من أبرزها:
يساهم التحكيم اإللكتروني في خفض التكاليف المرتبطة بعملية التحكيم .بحيث ال يحتاج
المحتكمون والشهود والمحكمون ،إلى التنقل من دولة ألخرى ،ما يوفر مصاريف اإلقامة في
وكذلك تبادل المستندات والوثائق بنفس الوسيلة ،التي تخفض من تكاليف هذه اإلجراءات.
ب-المالئمة:
خالفا للمحاكم أو هيئات التحكيم التقليدية ،فإن التحكيم اإللكتروني متاح على مدار أربع
وعشرين ساعة ،في اليوم وسبعة أيام في األسبوع،14هذه الخاصية تمكن األطراف من التواصل
- 12ياسر أحمد العجلوني ،التحكيم اإللكتروني كوسيلة لفض المنازعات ،مقال منشور في مجلة المنارة للدراسات القانونية
واإلدارية ،عدد خاص ،سنة 2020ص.8
- 13بوديسة كريم"،التحكيم اإللكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة اإللكترونية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون ،جامعة مولود معمري تيزي وزو ،السنة الجامعية ،2012ص.21
- 14كريم الصبونجي ،التحكيم اإللكتروني كوسيلة بديلة لحل منازعات التجارة اإللكترونية،مرجع سابق،،ص 11
22
وتدارس كل مستجد متعلق بالنزاع ،عن طريق البريد اإللكتروني دون عناء فقط بجهاز
الكمبيوتر ،يمكن لكل من أطراف النزاع والمحكمين التواصل دون الحضور إلى مكان معين.
استثنائية تحول دون ذلك .ويشترط أن يصدر القرار كتابة و تكفي األغلبية لصدوره مع
التوقيع عليه من الرئيس و األعضاء مع ذكر رأي العضو المخالف إن لم يكن الحكم
باإلجماع.
وفي النهاية يجب تزويد المركز بالقرار ليتم تسليمه لألطراف ويعتبر الحكم ملزما بمجرد
االستالم.15
- 15ع صام عبد الفتاح مطر،التحكيم اإللكتروني،دار الجامعة الجديدة االسكندرية ،بدون طبعة ،سنة ،2009ص.480
23
ب -تنفيذ حكم التحكيم اإللكتروني
إن الغاية من الحكيم تتمثل أساسا في الحكم الذي يصل إليه المحكمون ،هذا الحكم لن
يكون له من قيمة قانونية أو عملية إذا ظل مجرد عبارات مكتوبة غير قابلة للتنفيذ فتنفيذ حكم
التحكيم يمثل أساس ومحور نظام التحكيم نفسه ،وتتحدد به مدى فاعليته كأسلوب لفض وتسوية
. 16
المنازعات
لكن الواقع أن تنفيذ أحكام التحكيم يفتقر إلى ضمانات تثير العديد من المشكالت عكس
وإذا كانت مشكلة تنفيذ أحكام التحكيم تبدو محدودة ،األبعاد إذا ما ظلت في إطار النظام
القانوني الوطني ،فإن جوانب هذه المشكلة تتعاظم إذا تعلق األمر باألثر الدولي لهذه األحكام.
بال رغم من المزايا المتعددة التي يتميز بها التحكيم اإللكتروني ،إال أنه يواجه مجموعة
من أبرزها إشكالية توقيع اتفاق التحكيم اإللكتروني والمداولة (الفقرة األولى)، 17
من التحديات
- 16عصام عبد الفتاح مطر ،التحكيم اإللكتروني ،دار الجامعة الجديدة االسكندرية ،بدون طبعة ،سنة ،2009ص.486
17و هذه التحديات مثل ضعف البنية التحتية لإلتصاالت و التي تشكل واحدة من أكبر التحديات ،باالضافة إلى االثمنة
المرتفعة لها ،و أيضا غياب تشريعات دقيقة تسهل من مهمة المحكم اإللكتروني و أطراف النزاع ،و كل هذا ينعكس سلبا
على المجتمع ،و يصبح ضعف إجتماعي و تخوف من هذا التحكيم بعتباره حديث و يعتقد الكثير انه ليس فعال و غير ناجح
،ألن التحكيم اإللكتروني يتطلب تحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي لديه القدرة على فهم التقنية و التعامل معها بكل كفاءة
،و هذا ما يجب على المشرع نهجه.
24
الفقرة األولى :إشكالية توقيع اتفاق التحكيم اإللكتروني وإجراء المداولة
سنتطرق على مستوى هذه الفقرة لكل من إشكالية التوقيع اإللكتروني (أوال) ،والمداولة
(ثانيا).
عرفت المادة الثانية في فقرتها (أ) من القانون النموذجي بشأن التوقيعات اإللكترونية،
الذي وضعته لجنة األمم المتحدة ،التوقيع اإللكتروني ،حيث نصت على انه " توقيع الكتروني
يعني بيانات في شكل الكتروني مدرجة في رسالة او بيانات أو مضافة إليها أو مرتبطة بها
منطقيا ،يجوز ان تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات و لبيان موافقة
الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات ،ولبيان موافقة الموقع على المعلومات الواردة في رسالة
البيانات ، 18وعرفته المادة الثانية من القانون رقم 43.20المتعلق بخدمات الثقة بشأن
المعامالت اإللكترونية على أنه " توقيع يتجلى في استعمال طريقة ذات موثوقية للتعريف
اإللكتروني تضمن ارتباط التوقيع بالوثيقة المتعلقة به و يعبر عن رضى صاحب التوقيع "
.19
18المادة الثانية من القانون النمودجي بشأن التوقيعات اإللكترونية الذي وضعته لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ( األونسيترال ) .2001
المادة الثانية من القانون رقم 43.20المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية. 19
25
● التوقيع البيو متري :هذا التوقيع يتم باستخدام الخواص الذاتية أو الطبيعية مثل
● التوقيع بالقلم اإللكتروني :هذه الطريقة تتم بقلم الكتروني يمكنه الكتابة على شاشة
الكمبيوتر وهذه الطريقة تتم بعمليتين األولى من أجل التقاط التوقيع والثانية من أجل التأكد من
. 20
صحة التوقيع
● التوقيع الرقمي :هذا التوقيع هو عبارة عن رقم سري أو رمز ينشأه صاحبه باستخدام
ويعتبر التوقيع اإللكتروني ضروريا في اتفاق التحكيم ،باعتباره تعبير واضح عن إ اردة
كل منهما ولذلك يجب أن يكون هذا التوقيع قادر على تحديد شخصية الموقع وممي از له عن
غيره من األشخاص ،حتى ال يقع الخلط مما قد يؤثر على اتفاق التحكيم ككل ،وأن يسمح هذا
كما هنالك مجموعة من المخاطر التي تحيط بالتوقيع اإللكتروني باعتباره منفصل عن
الشخص صاحبه ووجوده ضمن محرر على وسيط الكتروني ،وهذا ما ال يحقق نفس الضمانة
للتوقيع التقليدي ،اذ يمكن للقرصنة اختراق أنظمة المعلومات واكتشاف التوقيع وفك شفرته أو
االستالء عليه ،واستخدامه بدون موافقة صاحبه أو علمه بذلك _صاحب التوقيع اإللكتروني
20خالد ممدوح ،التحكيم اإللكتروني في العقود الدولية ،دار الفكر الجامعي ،سنة ، 2008ص421
26
_ ،وهذه كلها مخاطر تدعو إلى التشكيك في قيمة التوقيع اإللكتروني مما يؤثر سلبا على
للمعطيات القانونية ضرورة استشارة أهل االختصاص التقني ،بحيث يجب تكوين فريق عمل
يضم أهل االختصاص التقني والقانوني وذلك من أجل تطوير الوسائل التقنية الحديثة عمليا
وحمايتها قانونا.
فالمشرع المغربي اغفل عن تنظيم كيف تتم المداولة وأين تتم بشكل صريح بحيث اكتفى
بقوله في المادة 49من القانون رقم 95.17المتعلق بالتحكيم و الوساطة االتفاقية " تحدد
الهيئة التحكيمية ،بعد انتهائها من إجراءات الدعوى في القضية و اعتبارها جاهزة ،تاريخ
حجزها للمداولة و كذلك التاريخ المقرر لصدور الحكم التحكيمي ،ويمكن لها تغيير هذا التاريخ
بناء على ظروف الحال شريطة التقيد بأجل التحكيم "،فعدم تحديد المشرع كيف تتم هذه المداولة
يجعلنا أمام تحدي كبير خصوصا فيما يتعلق بالتحكيم اإللكتروني ،حيث تطرح المداولة عبر
اإلنترنت مجموعة من اإلشكاليات التي لم نجد لها جواب واضح ،خصوصا وأن وسائل
االنترنيت معرضة لالختراق و التجسس ،وهذا ما يفقد المداولة سريتها التي نص عليها القانون،
27
لذلك يجب على المشرع في أقرب وقت ممكن ،تعبيد الطريق أمام التحكيم اإللكتروني ،وذلك
سنتطرق من خالل هذه الفقرة لكل من مكان صدور حكم التحكيم اإللكتروني (أوال)،
يعتبر تحديد المكان الذي يصدر فيه حكم التحكيم اإللكتروني من بين أبرز التحديات،
حيث أن إغفال المشرع عن ذلك وضعنا امام مجموعة من االتجاهات الفقهية ،والتي يمكن أن
االتجاه األول :اعتبر هذا االتجاه ان مكان صدور الحكم ،هو المكان الذي يتفق عنه
االتجاه الثاني :اعتبار هذا االتجاه أن مكان صدور الحكم هو موقع الدعوى
التحكيمية.
االتجاه الثالث :هذا االتجاه اعتبار مكان صدور الحكم التحكيمي هو مكان توقيع
28
وفي ظل االختالف الحاصل بين الفقهاء ،نرى من وجهة نظرنا أن االتجاه األول هو
األقرب للصواب واألبعد من الخطأ ،حيث هو األكثر واقعية من االتجاهات االخرى ،من
فبعد إجراء التحكيم اإللكتروني بكافة مراحله ،وإصدار الحكم في الموضوع على هيئة التحكيم،
فهو له نفس آثار الحكم العادي ،ماعدا فيما يتعلق بتنفيذه ،الذي يخضع لقواعد خاصة فتنفيذ
الحكم التحكيمي يتم بطريقة رضائية من قبل اطرافه ،وذلك من خالل طلب التذييل بالصيغة
وتعتبر رقابة القاضي الذي يمنح امر التنفيذ جد محدودة ،بحيث يراقب ذلك الحكم
للوقوف على صحته ،بحيث قد يكون _ حكم التحكيم اإللكتروني _ مشوب بعيب أو علة
جسيمة ،باستثناء مراجعة الجوهر ال يمكنه مراجعته ،بحيث له حق رفض التذييل بالصيغة
التنفيذية كلما كان ذلك المقرر التحكيمي غير موافق للنظام العام ،أو عندما ال ينص القانون
الوطني على المعادلة بين الكتابة اإللكترونية والكتابة على الورق ،وهذا ما قد ال يخدم مصلحة
أحد األطراف.
ومن جهة اخرى فإن تعرض الحكم التحكيمي للبطالن نتيجة الطعن أمام محاكم الدولة
التي صدر فيها ،فإن قاضي الصيغة التنفيذية سيرفض مباشرة مسطرة التنفيذ الجبري باعتبار
29
أن بطالن الحكم التحكيمي ،يشكل سببا مانع ألمر التنفيذ بمفهوم اتفاقية نيويورك ،21حيث
نصت هذه االخيرة في المادة الخامسة في الفقرة (ه) على أنه " أن القرار لم يصبح بعد ملزما
للطرفين أو أنه نقض أو وقف تنفيذه من قبل سلطة مختصة في البلد الذي صدر فيه أو
يجوز كذلك رفض االعتراف بقرار التحكيم ورفض تنفيذه إذا تبين للسلطة المختصة
أنه ال يمكن تسوية موضوع النـزاع بالتحكيم طبقا لقانون ذلك البلد.
وهذا ما يؤدي إلى رفض تذييل مجموعة من األحكام بالصيغة التنفيذية ،وهذا ما يعود سلبا
30
خاتمة
نظر لفاعليته
ومفضال لتسوية المنازعات ًا
ً اال
فع ً
خيار ّ
يظهر أن التحكيم اإللكتروني يشكل ًا
وتكلفته المنخفضة والسرعة التي يتميز بها .رغم التحديات القانونية والفنية ،يمكن تجاوزها من
خالل االتفاق المسبق بين األطراف واعتماد آليات وتنظيم يتناسب مع خصوصيات المعامالت
اإللكترونية .تسليط الضوء على هذه الجوانب يعزز فهمنا لألهمية الكبيرة للتحكيم اإللكتروني
كبديل لحل المنازعات في سياق التقنيات الحديثة والصفقات اإللكترونية حيت حاولنا أن نعرف
باألحكام العامة حول هاذا النوع من التحكيم مرو ار بتمييزه عن باقي النظم المشابهة ووصوال
إلى مزياه وعيوبه والسؤال الذي أتارنا في دراستنا لهاذا الموضوع هو أن التحكيم اإللكتروني
يتميز باتفاق يبرم عبر اإلنترنت ،وتتطلب خصوصياته اهتماما خاصا في األحكام المطبقة
عليه والسؤال الذي يمكننا استخالصه من كل هل فعال التحكيم اإللكتروني واكب التطور
الذي يعيشه العالم في عصر الرقمنة أم أنه ال زال لم يحط بالمنازعات المتعلقة بالتجارة الرقمية.
31
الئحة المراجع
الكتب العامة:
طارق زهير ،الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية ،مطبعة دار النشر المغربية ،الدار
الكتب الخاصة:
عبد الحق كوريتي ،التحكيم االلكتروني كآلية لتسوية منازعات التجارة االلكترونية،
محمد أمين الرومي ،النظام القانوني للتحكيم االلكتروني ،مطبعة دار الفكر الجامعي،
الطبعة األولى.2006،
الرسائل واالطاريح:
تسوية منازعات التجارة االلكترونية ،دراسة تحليلية مقارنة إشكالية االختصاص واالرتباط
باألنظمة القانونية.
32
كريم بوديسة ،التحكيم اإللكتروني كوسيلة لتسوية منازعات العقود التجارة اإللكترونية،
رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون تخصص قانون التعاون الدولي ،كلية الحقوق
المواقع االلكترونية:
خالد ممدوح ابراهيم ،إبرام العقد اإللكتروني ،دراسة مقارنة دار الفكر الجامعي ،طبعة
،2006ص.1.2020
www.wipo.int/amc/fr/arbitration/expedilred-rules
https://www.allbahit.com/2022/10/blog-post_26.html
ياسر أحمد العجلوني ،التحكيم اإللكتروني كوسيلة لفض المنازعات ،مقال منشور في
33
الفهرس
الئحة فك الرموز2 ................................................................................................................................
تقديم 3 .............................................................................................................................................
3 ....................................................................................................................................................
الفقرة الثانية :تمييز التحكيم اإللكتروني عن باقي النظم المتشابهة 10 ...............................................................
الفقرة األولى :إشكالية توقيع اتفاق التحكيم اإللكتروني وإجراء المداولة 25 ..........................................................
34
ثانيا :إجراء المداولة 27 ....................................................................................................................
الفقرة الثانية :مكان صدور التحكيم اإللكتروني وصعوبة تنفيذه 28 ...................................................................
35