You are on page 1of 31

‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‪.‬‬

‫حتى يكون عقد البيع الدولي للبضائع منتجا ألثره‪ ،‬مرتبا اللتزامات على عاتق طرفيه‪ ،‬البد‬
‫أن ينعقد صحيحا‪ ،‬أي البد من وجود إيجاب وقبول متطابقين‪ .‬لكن وفي الغالب‪ ،‬وقبل تبادل‬
‫طرفي العقد اإليجاب والقبول‪ ،‬يدخالن في مرحلة تمهيدية تسمى مرحلة المفاوضات‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬وقبل التطرق إلى إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‪ ،‬البد من ضبط مفهومه أوال‪.‬‬

‫إن عقد البيع الدولي للبضائع هو عقد بيع عادي أضيفت عليه الصفة الدولية‪ .‬ولضبط مفهوم‬
‫هذه الصفة‪ ،‬هناك معيارين محددين يعتمد عليهما وهما‪ :‬المعيار القانوني والمعيار االقتصادي‪.‬‬

‫وللقول أن عقد بيع البضائع أنه عقد دولي‪ ،‬تثير إشكالية تتمثل في القانون الواجب التطبيق‬
‫على عقد البيع الدولي للبضائع ‪ ،‬في الوقت الذي تتنازع بشأنه عدة قوانين لكن ومن الناحية‬
‫العملية‪ ،‬تم حل هذه اإلشكالية المعقدة‪ ،‬وذلك بإنشاء قانون موحد يحكم عقد البيع الدولي‬
‫للبضائع‪ ،‬يطلق عليه إسم " اتفاقية فيينا ‪. "0891‬‬

‫وعليه سنقسم دراستنا في هذا الفصل إلى ثالثة مباحث‪:‬‬

‫المبحث األول نتطرق فيه إلى‪ :‬مفهوم عقد البيع الدولي للبضائع‪ ،‬أما المبحث الثاني فتناولنا فيه‬
‫الطبيعة الدولية لعقد بيع البضائع‪ ،‬والمبحث الثالث تناولنا فيه تكوين عقد البيع الدولي للبضائع‬
‫وإثباته‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم عقد البيع الدولي للبضائع‪.‬‬

‫نض ار ألهمية هذا المبحث الذي يعتبر بوابة للدخول لهذا الموضوع الهام لهذا قسمناه للخطة‬
‫التالية حيث تناولنا في المطلب األول تعريف عقد البيع الدولي للبضائع وابراز أهم خصائصه‬
‫التي يتميز بها ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف عقد البيع الدولي للبضائع‪.‬‬

‫اليوجد تعريف محدد لعقد البيع الدولي للبضائع لكن سنحاول تعريفه من خالل العقد العادي‬
‫والعقد الدولي واالجتهاد الشخصي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف عقد البيع الداخلي‪.‬‬

‫نستطيع أن نعرف عقد البيع على أنه " توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني "‬
‫‪1‬‬
‫مثل البيع‪ ،‬واإليجار والهبة والشركة‪.‬‬

‫تعريف القانون الفرنسي للعقد حسب المادة ‪ " 0010‬العقد اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر‬
‫نحو شخص آخر أو أكثر بإعطاء شيء أو بعمله أو اإلمتاع عن عمله"‪.‬‬

‫تعريف المشرع الجزائري للعقد‪ :‬نجد نفس التعريف انتهجه المشرع الجزائري في مادته ‪ 45‬من‬
‫القانون المدني الجزائري" العقد إنفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح‪ ،‬أو‬
‫فعل‪ ،‬أو عدم فعل شيء ما"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف عقد البيع الدولي‪.‬‬

‫عقد البيع الدولي للبضائع هو كل عقد يتعلق بشأن من الشئون الخاصة كتبادل السلع‬
‫والمنتجات والخدمات ويكون أطرافه من األشخاص العاديين (الطبيعي أو المعنوي) أو مع‬
‫الهيئات األجنبية أو الدول بوصفها من أشخاص القانون العام الداخلي ‪.‬‬
‫إن العقد‪ ،‬بصفة عامة " هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين يتمثل في‬
‫إعطاء شيء أو القيام بعمل أو االمتناع عن عمل" فيتسم العقد بالدولية عندما يكون أحد‬
‫‪2‬‬
‫عناصره أجنبيا‪.‬‬

‫ويقصد بالبيع الدولي للبضائع حسب المادة األولى من اتفاقية األمم المتحدة على أنه‪" :‬‬
‫تطبق أحكام هذه االتفاقية على عقود بيع البضائع المعقودة بين أطراف توجد أماكن عملهم في‬
‫دول مختلفة "‪.‬‬

‫من خالل ما سبق يمكن تعريف عقد البيع الدولي للبضائع على أنه‪:‬‬

‫البيع عقد يلتزم بمقتضاه البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري مقابل الثمن الذي يلتزم‬
‫المشتري بأدائه له ويكون أحد عناصره أجنبيا‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد صبري السعدي‪ ،‬شرح القانون المدني الجزائري النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬الجزء األول دار الهدى‬
‫‪ ، 4002‬الجزائر ‪،‬ص‪.83‬‬
‫‪ - 2‬محمد حسين منصور‪ ،‬العقود الدولية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،4006 ،‬ص‪.00‬‬

‫‪6‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص عقد البيع الدولي للبضائع‪.‬‬

‫من خالل تعريف عقد البيع الدولي للبضائع يتضح أن لهذا األخير خصائص تميزه عن‬
‫باقي العقود المشابهة له و تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬من العقود المسماة ‪ ،‬الرضائية ‪ ،‬ملزمة للجانبين‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عقد من العقود المسماة ‪:‬‬

‫هو العقد الذي وضع له المشرع إسما خاصا به وتكفل ببيان أحكامه وذلك ألنه شائع في‬
‫الواقع العملي‪ ،‬يبرمه األفراد تحت إسم معين يعرف به‪ ،‬لذلك فقد تدخل المشرع لتنظيمه ووضع‬
‫أحكام خاصة التي أوردها القانون بشأنه‪ .‬وهي قواعد مكملة إلرادة المتعاقدين في مجموعها‬
‫التطبق إال إذا لم يتفق المتعاقدان على خالفها‪ ،‬وكمثال عن العقود المسماة ‪:‬عقود البيع و‬
‫‪1‬‬
‫المقايضة و اإليجار و الوكالة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من العقود الرضائية‪:‬‬

‫العقد الرضائي هو العقد الذي يكفي النعقاده مجرد التراضي ينعقد مرتبا لكافة آثاره‬
‫القانونية بمجرد تراضي إرادتين أو أكثر بحيث ال يتطلب المشرع النعقاده شكال معينا و إنما‬
‫يكفي تراضي الطرفين المتعاقدين على عناصر العقد أي يكفي التعبير عن اإلرادة ألجل انعقاد‬
‫العقد أيا كان شكل هذا التعبير سواء كان شفاهة أو كتابة أو باإلشارة الدالة على الموافقة على‬
‫العقد ‪.‬‬

‫ثالثا ‪:‬عقد من العقود الملزمة للجانبين ‪:‬‬

‫و يسمى أيضا العقد التبادلي ألنه ينشئ على كل من طرفيه التزامات متقابلة في ذمة كال‬
‫العاقدين حيث يصبح كل واحد منهما دائنا و مدينا في نفس الوقت وكمثال )البيع الذي يلتزم‬
‫‪2‬‬
‫معه البائع بنقل ملكية المبيع في مقابل التزام المشتري بدفع الثمن(‪.‬‬

‫‪ -‬محمد صبري السعدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.60،53‬‬


‫‪7‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬من العقود معاوضة ‪ ،‬محدد القيمة ‪ ،‬ناقل الملكية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عقد معاوضة ‪:‬‬

‫تقوم هذه الخاصية على أن كل طرف من الطرفين المتعاقدين ينالون منافع تعد متعادلة على‬
‫وجه محسوس إذ أن البائع يحصل على ثمن نقدي في مقابل نقل ملكية الشيء المبيع إلى‬
‫المشتري و يجب أن يكون الثمن الذي يحصل عليه البائع متناسبا مع قيمة الشيء المبيع هذا و‬
‫‪1‬‬
‫يشترط في الثمن أن يكون مبلغا من النقود‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقد محدد القيمة ‪:‬‬

‫في عقد البيع الدولي الذي يبرمه التجار في الدول المختلفة يجب أن يكون محدد القيمة الن‬
‫كل من الطرفين المتعاقدين و هما البائع و المشتري يعلم أو يستطيع أن يعلم في لحظة إبرام‬
‫العقد مقدار ما يأخذ و مقدار ما يعطي‪.‬‬

‫و ذلك بتحديد المبيع من حيث الصنف و الصفات و الخصائص و درجة الجودة و المقدار أو‬
‫الوزن أو عدد الوحدات يجب أن ينص العقد على طريقة تغليفها و نوع األغلفة و الطرف الذي‬
‫‪2‬‬
‫يتحمل نفقاته ‪.‬‬

‫ثالث‪ :‬عقد ناقل للملكية ‪:‬‬

‫وهي الخاصية الحقيقية لعقد البيع حيث أن نقل الملكية هو الغرض األساسي الذي يتميز به‬
‫عقد البيع عن العقود األخرى فقد أوضح المشرع الجزائري أن البائع يلتزم في عقد البيع بأن‬
‫ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا أخر و االلتزام بنقل الملكية يعد أث ار مباشر لعقد البيع‬
‫فالعقد بذاته ال ينقل الملكية مباشرة و إنما يتم نقل الملكية بناء على التزام البائع بنقلها و هذا‬
‫االلتزام يتولد عن عقد البيع و قد صار االلتزام ينقل الملكية في القوانين الحديثة ليس من‬

‫‪ - 1‬الياس ناصيف‪ ،‬العقود الدولية العقود االئتمانية في القانون المقارن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬توزيع منشورات الحلبي الحقوقية‬
‫لبنان‪ ،4000 ،‬ص‪.86‬‬
‫‪ - 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪3‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫طبيعة البيع فحسب بل من مستلزماته أيضا فكل عقد بيع ال بد أن ينشأ التزاما في ذمة البائع‬
‫‪1‬‬
‫بنقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذا اللتزامه بذلك أي قيامه باألعمال الالزمة لذلك ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تمييز عقد البيع الدولي للبضائع عن بعض العقود األخرى‪.‬‬

‫من خالل هذا المطلب سنتطرق لتمييز عقد البيع الدولي للبضائع مقارنة بعقد المقاولة في‬
‫القانون المدني العراقي‪.‬‬

‫عالج القانون المدني العراقي عقد المقاولة في مادته ‪ 968‬منه‪ ،‬بعد أن عرف في المادة ‪968‬‬
‫بأنه " عقد به يتعهد أحد الطرفين أن يصنع شيا أو يؤدي عمال لقاء أجر يتعهد به الطرف‬
‫اآلخر "‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 968‬فقد أجازت أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله ‪ ،‬كما يجوز أن‬
‫يتعهد أيضا بتقديم العمل والمادة معا ويسمى العقد في هذه الحالة إستصناعا ففي الحالة األخيرة‬
‫يختلط بها البيع باإلستصناع الذي يتقدم به المقاول بالعمل والمادة فيشبه فيه عقد المقاولة مع‬
‫عقد البيع‪ ،‬إذ من السهل أن يعتبر المقاول بائعا للمواد التي يستخدمها في العمل وال يستثني من‬
‫ذلك إال حالة ما إذا كانت قيمة األدوات والمواد الثانوية بالنسبة لعمل المقاول كما هو الحال‬
‫بالنسبة للرسام الذي يقدم إلى جانب عمله الورق أو القماش أو األلوان فهذه المواد ثانوية بالنسبة‬
‫لعمل المقاول كما هو الحال بالنسبة للرسام الذي يقدم إلى جانب عمله الورق أو القماش أو‬
‫األلوان فهذه المواد أقل بكثير من قيمة عمل الفنان ومهارته وتعتبر تبيعه بالنسبة لعمله‬
‫األصلي‪ ،‬ويذهب غالبية الفقه والقضاء إلى اعتبار العقد المذكور عقد بيع ألشياء مستقبلية إال‬
‫إذا كانت المواد التي يقدم بها الطرف الثاني في العقد ذات قيمة ثانوية بالنسبة لقيمة عمل‬
‫الطرف األول‪.‬‬

‫فالخياط إذا تعهد بتقديم القم اش يصح اعتبار العقد المبرم معه بيعا لشيء مستقل إذا كانت‬
‫قيمة القماش أكبر من قيمة العمل‪ ،‬أما إذا كانت أقل فالعقد يبقى مقاولة‪ ،‬وبالتالي ال يعد الخياط‬
‫(المقاول) بائعا إذا قدم المشتري جزءا من المادة المقدمة‪ ،‬واذا تقاربت القيمتان فالعقد مركب مع‬
‫بيع ومقاولة على الرأي الراجح‪.‬‬

‫‪ - 1‬زاهية سي يوسف‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‬
‫الجزائر‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪9‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫فحرصت اتفاقية فيينا على تحديد من يعتبر العقد بيعا عندما يكون موضوعه توريد سلع بعد‬
‫صنعها أو إنتاجها‪ ،‬وهذا ما جاء في نص المادة الثالثة من اتفاقية فيينا ولهذا السبب جاءت‬
‫المادة لوضع ضابط للتفرقة بين عقد البيع الذي يخضع ألحكام االتفاقية وعقد المقاولة أو‬
‫‪1‬‬
‫االستصناع الذي يخرج عن نطاقها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة الدولية لعقد بيع البضائع‪.‬‬

‫سنحاول في هذا المبحث التطرق للطبيعة الدولية لهذا العقد من خالل الحديث عن المعيار‬
‫القانوني و االقتصادي الذي يحدد طبيعة هذا العقد و موقف االتفاقيات منه‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المعايير المحددة لطبيعة العقد الدولي للبضائع‪.‬‬

‫في سبيل الكشف متى يكون العقد دوليا‪ ،‬اقترح الفقه معياران‪ ،‬معيار قانوني يعتد بعناصر‬
‫الرابطة العقدية ومدى تطرق الصفة األجنبية لهذا العناصر كلها أو بعضها ومعيار اقتصادي‬
‫يعبر عن مدى اتصال رابطة العقد بمصالح التجارة الدولية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المعيار القانوني‪.‬‬

‫يقوم هذا االتجاه على فكرة أساسية مؤداها أن العقد يعد دوليا فيما لو اتصلت عناصره‬
‫القانونية بأكثر من نظام قانوني واحد‪ .‬وقد أخذ بهذا المعيار العديد من أحكام التحكيم‪ ،‬مثل‬
‫الحكم الذي أصدرته إحدى هيئات التحكيم في إطار نضام تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس‬
‫‪2‬‬
‫‪ 01‬يوليو ‪.0898‬‬

‫وعلى ذلك األساس‪ ،‬فمن الالزم علينا تحليل العقد محل التساؤل والوقوف على طبيعة عناصره‬
‫المختلفة وعما إذا كانت وطنية خالصة‪ ،‬أم تطرق إليها عنصر أجنبي‪ ،‬أو بعبارة أخرى فإنه‬
‫يتعين للقول بدولية العقد أن نكشف عن مدى تطرق الصفة األجنبية إلى عناصره القانونية‬
‫‪3‬‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫‪ -1‬عادل محمد خير‪ ،‬عقود البيع الدولي للبضائع‪ ،‬من خالل اتفاقية فيينا‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة ‪0992‬‬
‫ص‪.24‬‬
‫‪ -2‬بشار محمد األسعد‪ ،‬عقود الدولة في القانون الدولي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬البقاع‪ 4000 ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ - 3‬هشام خالد‪ ،‬ماهية العقد الدولي‪ ،‬منشأة النشر المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ، 8002،‬ص ‪.79‬‬
‫‪00‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫سواء كان هذا العنصر مكان إبرام العقد‪ ،‬أو مكان تنفيذه‪ ،‬أو جنسية المتعاقدين‪ ،‬أو موطنهم‬
‫كان العقد دوليا فيكفي فقط ارتباط هذه العناصر بدولة أجنبية فأكثر‪.‬‬

‫إن هذا االتجاه ميز‪ ،‬فيما يتعلق بالعناصر القانونية للعقد والتي قد تتطرق إليها الصفة‬
‫األجنبية‪ ،‬حيث ميز بين العناصر الفعالة أو المؤثرة‪ ،‬والعناصر غير الفعالة أو المحايدة‪ .‬فهناك‬
‫من عناصر العقد من إذا تطرقت إليه الصفة األجنبية ال يشكل ذلك أهمية كبيرة‪ ،‬وال يكف‬
‫‪1‬‬
‫لتوفر الصفة الدولية لهذه الرابطة على النحو المفهوم في القانون الخاص‪.‬‬

‫ويشير في هذا الصدد إلى أن الجنسية األجنبية للمتعاقد ال تعتبر عنص ار مؤث ار في العقود‬
‫التجارية وعقود المعامالت المالية بصفة عامة‪ ،‬ومن ثم ال تصلح في ذاتها أساسا إلضفاء‬
‫الطابع الدولي على هذه العقود‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فانه ورغم أن" محل إبرام العقد " يعد معيا ار مؤث ار عند إسناد العقود من‬
‫حيث الشكل‪ ،‬فإنه كثي ار ما يكون عنص ار محايد اليصلح أساسا إلضفاء الطابع الدولي على‬
‫الرابطة العقدية من حيث الموضوع‪.‬‬

‫وعلى العكس فإن محل تنفيذ العقد وكذلك اختالف موطن المتعاقدين ولو اتحد المتعاقدين‬
‫في الجنسية‪ ،‬يعد من العناصر الحاسمة أو المؤثرة في إضفاء الطابع الدولي على عقود‬
‫‪2‬‬
‫المعامالت المالية والتبادل التجاري‪.‬‬

‫واذا كان هذا كل ما يتعلق بالمعيار القانوني التقليدي‪ ،‬فماذا عن المعيار االقتصادي؟‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المعيار االقتصادي‪.‬‬

‫ظهر المعيار االقتصادي في أواخر العشرينات من القرن الماضي في مجال القانون النقدي‬
‫والمدفوعات الدولية‪.‬‬
‫فوضع قواعد خاصة فقط بالعقود المتعلقة بالتجارة الدولية‪ ،‬من ذلك إقرارها بشرط التحكيم‬
‫المدرج في العقود المبرمة بين الدول وأحد األشخاص األجنبية واذا تضمن العقد الداخلي مثل‬
‫هذا الشرط وقع الشرط باطال ومن بين القواعد كذلك الشروط المتعلقة بالعملة وضمان مخاطر‬

‫‪1‬‬
‫‪- jean – Michel jacquet , le contrat, international, 2eme édition, Dalloz, France 1999.p6.‬‬
‫‪ - 2‬هشام صادق‪ ،‬عقود التجارة الدولية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،4007،‬ص‪.77-75‬‬
‫‪00‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫تحويل العملة‪ ،‬واذا تضمن العقد الداخلي مثل هذا الشرط وقع الشرط باطال مطلقا لتعارضها مع‬
‫النظام العام‪ ،‬وال يجوز إدراجها في العقود الداخلية‪.‬‬

‫من هنا‪ ،‬دعت الضرورة إلى وجوب وضع تعريف محدد ودقيق للعقد الدولي‪ ،‬حتى نستطيع‬
‫تمييزه عن العقد الداخلي‪.‬‬

‫ولما كانت هذه القواعد تهدف إلى تحقيق مصالح التجارة الدولية‪ ،‬لجأ قضاء النقض الفرنسي‬
‫إلى المعيار االقتصادي لضبط دولية العقد‪ ،‬وقد تبنى التعريف الفقهي الذي اعتبر أن العقد‬
‫دوليا‪ ،‬وفقا للمعيار االقتصادي‪ ،‬إذا تعلق بمصالح التجارة الدولية فقد لجأت المحكمة في بعض‬
‫‪1‬‬
‫أحكامها إلى ما أسماه الفقه بالمعيار االقتصادي لدولية العقد ‪.‬‬

‫أي أن آثاره تتعدى االقتصاد الداخلي للدولة عن طريق عمليات تصدير واستيراد البضائع‬
‫‪2‬‬
‫والخدمات‪ ،‬ويستتبع ذلك حركة تنقل األموال والقيم االقتصادية عبر الحدود‪.‬‬

‫إن المعيار االقتصادي لدولية العقد بهذا المفهوم اليتناقض مع المعيار القانوني الذي يعتبر‬
‫العقد دوليا إذا اتصل بأكثر من نظام قانوني واحد ‪ .‬كذلك إن إعمال المعيار القانوني المضيق‬
‫الذي يقضي بالتفرقة بين العناصر المؤثرة والعناصر المحايدة في الرابطة العقدية‪ ،‬اليتعارض‬
‫مع المعيار االقتصادي الذي يقوم على أساس ارتباط العقد بالتجارة الدولية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الجمع بين المعيار القانوني والمعيار االقتصادي لدولية العقد‪.‬‬

‫يتجه القضاء الفرنسي الحديث‪ ،‬عند التصدي إلشكالية تحديد دولية عقد معين من عقود‬
‫المعامالت المالية والتجارية‪ ،‬يقوم بالجمع بين المعيار القانوني والمعيار االقتصادي‪ ،‬أي اليكفي‬
‫فقط بالتأكد من وجود عنصر أجنبي في الرابطة التعاقدية (المعيار القانوني) وانما يتحقق كذلك‬
‫‪3‬‬
‫من ارتباط العقد بمصالح التجارة الدولية (المعيار االقتصادي)‪.‬‬

‫‪1 - jean – Michel jacquet op sit, p 9.‬‬


‫‪ - 2‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.04-00‬‬
‫‪ - 3‬هشام صادق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.006 -002،006‬‬
‫‪04‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬موقف االتفاقيات الدولية من المعايير المحددة للطبيعة‬

‫الدولية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االتفاقيات الدولية التي دلت على التعريف القانوني المتطور بشكل صريح‪.‬‬

‫إن االتفاقيات الدولية التي تتبنى التعريف القانوني المتطور وبشكل صريح‪ ،‬هي تلك‬
‫االتفاقيات التي تعتبر العقد دوليا الذي إذا تطرقت الصفة األجنبية لعنصر من عناصره‬
‫القانونية‪ .‬وليس أي عنصر إنه عنصر حاسم يستطيع بذاته الربط بين مصالح دولتين حقيقة‬
‫وواقعا‪ ،‬وبالتالي فهي تستبعد العناصر األخرى الغير المؤثرة والحيادية‪ ،‬مثل عنصر الجنسية‬
‫ومحل إبرام العقد وتكتفي بعنصر واحد‪ ،‬وذلك في سبيل الحد من توسع نطاق تطبيقها أكثر مما‬
‫يلزم‪.‬‬
‫وتكاد االتفاقيات التي تنتمي لهذا الصنف تتفق على كون العنصر الذي يحقق األهداف‬
‫المذكورة هو عنصر اختالف محل إقامة مؤسسات أطراف العقد‪ ،‬واألمثلة عن هذه االتفاقيات‬
‫كثيرة نذكر منها‪ :‬اتفاقية األمم المتحدة بشان عقد البيع الدولي للبضائع (فيينا ‪ 00‬ابريل‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،)0891‬االتفاقية الموحدة بشان البيع الدولي للبضائع ( الهاي ‪.)0868‬‬
‫واالتفاقية الموحدة لتكوين عقد البيع الدولي لألشياء المنقولة و المادية‪ ،‬واالتفاقية الموحدة بشان‬
‫التمثيل في البيع الدولي للبضائع (جنيف ‪ ،)0891‬واالتفاقية الموحدة بشان التمويل بالكهرباء‬
‫الدولي‪.‬‬
‫هذا وقد وجدت مجموعة أخرى من االتفاقيات التي تعتبر أن العنصر القانوني الفاعل‬
‫والحاسم والقادر بذاته على جعل العقد يتصل بأكثر من قانون دولة واحدة هو عنصر مكان‬
‫التنفيذ بدول مختلفة‪ ،‬ومن االتفاقيات التي تبنت هذا العنصر القانوني نذكر‪ ،‬االتفاقية المتعلقة‬
‫بعقود السفر الدولي (بروكسيل ‪ )1970‬واتفاقية هامبورغ بشأن عقود النقل البحري واتفاقية‬
‫(فارسوفيا ‪ )0808/10/ 01‬بشأن النقل الجوي الدولي‪ ،‬واتفاقية (جنيف ‪ )0886‬بشان عقود‬
‫النقل الدولي للبضائع عبر البر‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد نصر محمد‪ ،‬الوافي في عقود التجارة الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الراية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،4004 ،‬ص‪.00‬‬
‫‪08‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬االتفاقيات الدولية التي دلت على التعريف القانوني المتطور بشكل‬
‫ضمني‪.‬‬
‫توجد اتفاقيات لها طريقة خاصة في تحديد العقد الدولي‪ ،‬بحيث أنها ال تكلف نفسها عناء‬
‫تعيين العنصر القانوني الذي يمكن اعتباره كعنصر قادر بذاته على إضفاء الطابع الدولي على‬
‫العقد‪ ،‬بل تكتفي فقط باإلحالة على مقتضيات االتفاقيات التي من جنسها‪ ،‬ومن أمثلة هذا‬
‫الصنف من االتفاقيات نجد مثال االتفاقية الموحدة بشأن شراء الفاتورة الدولي‪ ،‬والتي تعتبر أن‬
‫عقد شراء الفواتير يكون دوليا عندما يكون ناشئا عن “عقد بيع دولي للبضائع” وفي‬
‫نفس اإلطار نجد اتفاقية الهاي ‪ 9194‬بشان البيوع ذات الطابع الدولي لألشياء الدولي‪ ،‬والتي‬
‫كذلك نصت بمقتضى الفترة األولى من مادتها األولى على أن تطبق االتفاقية على البيوع ذات‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الطابع الدولي للمنقوالت المادية‬
‫فكال االتفاقيتين ال يعرف دولية العقد‪.‬‬
‫وفي نظرنا أنهما ال يخرجان عن التعريف القانوني الذي سطرناه‪ ،‬ودليلنا في ذلك إنها تحيل‬
‫على اتفاقيات تبنت المعيار القانوني المنظور صراحة‪ ،‬إضافة انه بالتأمل في مقتضيات المواد‬
‫األولية نجد أنها تصب في مصب واحد هو التعريف القانوني االنتقائي‪ ،‬فمثال اتفاقية الهاي‬
‫‪ 9144‬تشير في المادة الثالثة منها لقاعدة تنازع يكون بمقتضاها العقد منظما بمقتضى قانوني‬
‫بلد إقامة البائع‪ ،‬األمر الذي نستنتج أن هذه االتفاقية كغيرها تجعل من عنصر اختالف‬
‫مؤسسات األطراف ضابط إلضفاء الدولية على العقد‪.‬‬
‫والى جانب هذا الشكل من االتفاقيات المذكورة‪ ،‬يوجد كذلك شكل آخر من االتفاقيات التي‬
‫كذلك تستعمل عبارات مبهمة في تحديد دولية العقد‪ ،‬نذكر من ذلك على سبيل المثال اتفاقية‬
‫روما ‪ 91‬يونيو ‪ 9191‬بشان القانون المطبق على االلتزامات التعاقدية‪ ،‬والتي جاء في مادتها‬
‫األولى “ تطبق االتفاقية حين توجد أوضاع تتضمن تنازع قوانين حول االلتزامات التعاقدية”‬
‫وهي نفس العبارة التي استعملتها اتفاقية الهاي ‪ 00‬ديسمبر ‪ 0896‬بشان البيع‬
‫الدولي للبضائع بمقتضى فقرتها الثانية من المادة األولى لتحديد دولية العقد كشرط مسبق‬
‫لتطبيق مقتضياتها‪ ،‬إال أن هذا اإلبهام والغموض من استعمال عبارة كتنازع القوانين‪ ،‬سرعان ما‬

‫‪ -‬حسام الدين عبد الغني الصغير‪ ،‬تفسير اتفاقية األمم المتحدة بشأن عقود البيع الولي للبضائع‪ ،‬دار الفكر الجامعي‬ ‫‪1‬‬

‫اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪02‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يتبدد عندما نعلم أن منهج تنازع القوانين ال يجد مجاال له إال في إطار التعريف القانوني وليس‬
‫له أي دور في إطار غيره من التعريف االقتصادي مثال‪ ،‬بل إن األمر يزداد جالءا بتفحص‬
‫مقتضيات المواد الالحقة‪.‬‬
‫بناء على كل ما سبق نعتقد أن االتفاقيات بصنفيها الصريح والضمني ال تعتمد أي من المعايير‬
‫التي قال بها الفقه الحديث منه والتقليدي‪ ،‬بل لها مقاربة خاصة في التعامل مع مفهوم العقد‬
‫الدولي‪ ،‬باختصار انه تعريف قانوني متطور يعتبر العقد دوليا العقد الذي تتطرق الصفة‬
‫األجنبية لعنصر من عناصره القادرة بذاتها على ربط العقد بأكثر من بلد واحد حقيقة وواقعا ال‬
‫‪1‬‬
‫تجريدا ونظريا‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬البيوع المستبعدة ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬البيوع المستبعدة صراحة‪.‬‬

‫نصت المادة الثانية من اتفاقية فيينا على أن النطبق أحكامها على البيوع اآلتية‪:‬‬

‫‪ -0‬السلع االستهالكية‪:‬‬

‫استبعدت اتفاقية فيينا بيع السلع غير التجارية التي تباع بقصد االستهالك من البيوع‬
‫الخاضعة لها‪ ،‬وتقصد االتفاقية من ذلك أن تستبعد البيوع التي تتم بين البائع والمشتري بقصد‬
‫االستهالك الشخصي أو العائلي أو المنزلي‪ ،‬فإذا اشترى سائح مثال بعض السلع من بلد أجنبي‬
‫وكان هذا البيع مما يمكن‪ ،‬أن يدخل في نطاق تطبيق االتفاقية‪ ،‬فإنه متى تبين أن الهدف منه‬
‫هو االستعمال الشخصي‪ ،‬فإنه يخرج من نطاق االتفاقية‪.‬‬

‫‪ -0‬البيع في المزاد‪:‬‬

‫استبعدت اتفاقية فيينا في الفقرة (ب) من المادة الثانية‪ ،‬البيع بالمزاد من الخضوع‬
‫ألحكامها‪ ،‬ولم يكن هذا البيع مستبعدا من القانون الموحد الملحق باتفاقية الهاي سنة ‪.9195‬‬

‫ونالحظ أن المقصود بالبيع بالمزاد‪ ،‬الذي يتم اختيا ار بالمزاد العلني‪ ،‬ويقال في تبرير استبعاد‬
‫البيع بالمزاد‪ ،‬أنه يعد من البيوع المحلية التي تتصل بالقوانين الوطنية أكثر من تعلقه بالتجارة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Hugues kenfack, droit de commerce international, 3eme édition, Dalloz, France, p90.‬‬
‫‪05‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الدولية‪ .‬ذلك أن البيع بالمزاد ينعقد فور رسو المزاد في مكان وجود الشيء وبالتالي فإن القضاء‬
‫‪1‬‬
‫في مختلف الدول يخضع هذا البيع لمكان رسو المزاد‪.‬‬

‫‪ -1‬البيع البحري‪:‬‬

‫استبعدت الفقرة (ج) من المادة الثانية من اتفاقية فيينا‪ ،‬البيع الذي يتم تنفيذا ألمر صادر‬
‫من سلطة يخولها القانون إصدار هذا األمر‪ ،‬من الخضوع ألحكام االتفاقية‪ .‬ويعتبر البيع‬
‫البحري الذي يتم تنفيذا ألمر صادر من القضاء أو من السلطة العامة من البيوع المستبعدة‬
‫أيضا وفق الفقرة ‪( 0‬د) من المادة السادسة من القانون الموحد التفاقية الهاي‪ ،‬ويقال في‬
‫تبرير هذا االستبعاد أن صلتها بالتجارة الدولية منعدمة فضال عن وقوعها بمقتضى إجراءات‬
‫إدارية أو قضائية تختلف في كل دولة عن األخرى إطالقا يصعب معه توحيدها‪.‬‬

‫‪ -5‬بيع القيم المنقولة واألوراق التجارية والنقود ‪:‬‬

‫تنص الفقرة (د) من المادة الثانية من اتفاقية فيينا على استبعاد بيع القيم المنقولة التي‬
‫تشمل األسهم وسندات االستثمار واألوراق التجارية كالكمبياالت والشيكات من الخضوع ألحكام‬
‫االتفاقية‪ ،‬كما استبعدت الفقرة المذكورة أيضا بيع النقود أي عمليات الصرف األجنبي من‬
‫الخضوع لالتفاقية ويستبعد بيع هذه القيم من االتفاقية ولو كان بيعا دوليا‪ ،‬ألن بيع هذه القيم‬
‫يخضع ألحكام قانونية خاصة به تكون غالبا أحكام ملزمة ‪.‬‬

‫ونالحظ أن هذا االستثناء اليشمل عقود البيع التي تمثل فيها البضاعة بمستند خاص كسند‬
‫الشحن أو تذكرة النقل أو صك إيداع البضائع في مخازن عامة‪ ،‬ولو سمي البيع بيع مستندات‬
‫ألن دور المستندات هنا يتصل بالتزام البائع بتسليم البضاعة‪ ،‬لذلك يدخل هذا البيع في نطاق‬
‫‪2‬‬
‫البيع الدولي الخاضع للإلتفاقية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد نصر محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.88‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪06‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪ -5‬بيع السفن والمراكب والطائرات‪:‬‬

‫احتفظت اتفاقية فيينا في الفقرة (ه) من المادة الثانية باستثناء بيع السفن والمراكب‬
‫والطائرات من الخضوع ألحكام االتفاقية وهو استثناء وارد في القانون الموحد التفاقية الهاي‬
‫سنة‪ 4691‬في المادة ‪/4( 5‬ب) بالرغم من إثارة اعتراضات كثيرة حول هذه البيوع من نطاق‬
‫اتفاقية فيينا‪ ،‬وذلك راجع إلى أن التشريعات تعاملها معاملة العقار‪.‬‬

‫‪ -9‬بيع الكهرباء‪:‬‬

‫استبعدت اتفاقية فيينا في الفقرة (و) من المادة الثانية بيع الكهرباء من الخضوع ألحكام‬
‫االتفاقية وهو ماتنص عليه الفقرة ‪(1‬ج) من المادة الخامسة من القانون الموحد التفاقية‬
‫الهاي‪ .‬واستبعاد بيع الكهرباء اليشمل استبعاد مصادر الطاقة األخرى‪ ،‬االستثناء ال يقاس عليه‬
‫‪1‬‬
‫وال يتوسع في تفسيره‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬البيوع المستبعدة ضمنا‪.‬‬

‫هناك بعض البيوع لم تنص االتفاقية على استبعاد ها صراحة‪ ،‬ولكن يمكن استخالص‬
‫استبعادها ضمنا من مجموع نصوص اتفاقية فيينا وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -4‬بيع العقار‪:‬‬
‫تعالج االتفاقية البيع الدولي للبضائع‪ ،‬ولما كان العقار ال يعتبر قانونا من البضائع أو السلع فإنه‬
‫يستبعد من الخضوع ألحكام االتفاقية‪ .‬ونالحظ أن عنوان القانون الموحد التفاقية الهاي‬
‫سنة‪ 4691‬بالغة الفرنسية هو بيع المنقوالت المادية بينما يستخدم األصل اإلنجليزي لهذا القانون‬
‫اصطالح بيع البضائع أما اتفاقية فيينا فإنها تستخدم اصطالح بيع البضائع سواء في األصل‬
‫الفرنسي أو األصل اإلنجليزي‪.‬‬
‫‪ -2‬بيع المنقول المعنوي‪:‬‬

‫‪ - - 1‬محمد نصر محمد المرجع السابق‪ ،‬ص‪.85-82‬‬


‫‪07‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫تؤدي نصوص االتفاقية كذلك‪ ،‬إلى أنها التسري على بيع المنقول المعنوي برغم أن االتفاقية‬
‫لم تستعمل اصطالح األصل الفرنسي للقانون الموحد التفاقية الهاي وهو بيع المنقوالت‬
‫المادية‪ ،‬إال أن مجموع نصوص االتفاقية تؤدي إلى أنها تسري على بيع المنقوالت المادية دون‬
‫بيع المنقوالت المعنوية كحقوق الدائنية وبيع المحل التجاري‪ ،‬وبيع حقوق الملكية الصناعية‬
‫‪1‬‬
‫والتجارية‪ ،‬وحقوق الملكية األدبية والفنية‪.‬‬
‫‪ -3‬استبعاد عقدي االستصناع والمقاولة‪:‬‬
‫تنص الفقرة (‪ )1‬من المادة الثالثة من اتفاقية فيينا "على أن تعتبر من قبيل عقود البيع‬
‫العقود التي يتم صنعها أو إنتاجها‪ ،‬ما لم يقدم الطرف الذي يطلب هذه السلع جزءا جوهريا من‬
‫المواد الالزمة لتصنيعها أو إنتاجها "‪ .‬وبمقتضى هذا النص فإن بيع السلع المصنوعة أو‬
‫المنتجة أو التي يتعهد فيها البائع بصنعها أو بإنتاجها‪ ،‬كبيع صفقة من اآلالت سيتم تصنيعها‬
‫بمعرفة البائع‪ ،‬أو بيع كمية من القمح سيتم زراعتها بواسطة البائع‪ ،‬فإن العقد هنا يعتبر عقد‬
‫بيع ويخضع ألحكام االتفاقية ‪.‬‬
‫أما إذا قدم الطرف الذي يطلب هذه السلع جزءا جوهريا من المواد التي تدخل في صناعة‬
‫أو إنتاج السلعة محل البيع‪ ،‬فإن العقد اليعتبر في هذا الفرض من عقود البيع الخاضعة‬
‫لالتفاقية‪ .‬وبالتالي يعتبر عقد االستصناع وعقد المقاولة من البيوع المستبعدة التي ال تخضع‬
‫‪2‬‬
‫لالتفاقية‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تكوين عقد البيع الدولي للبضائع وإثباته‪.‬‬


‫إن الجزء الثاني من اتفاقية فيينا ‪ 0930‬يتضمن أحكام تكوين عقد البيع الدولي للبضائع بينما‬
‫الجزء الثالث منها يتحدث عن األحكام الموضوعية لهذا العقد‪ .‬ولم تعالج االتفاقية من قواعد‬
‫تكوين عقد البيع الدولي للبضائع سوى ركن الرضا‪ ،‬فلم تنظم ركني المحل والسبب‪ ،‬بل أنها لم‬
‫تعالج كل أحكام الرضا‪ ،‬ولم تتناول منه أال اإليجاب والقبول‪ ،‬فأهملت تنظيم أحكام األهلية‬
‫واألحكام المتعلقة بعيوب الرضا‪ ،‬لصعوبة التوحيد فيها‪.‬‬

‫كما هو معلوم أن العقد ينعقد بصدور إيجاب وقبول متطابقين‪ ،‬على أن األمر ال يتم بهذه‬
‫الصورة البسيطة في نطاق عقد البيع الدولي للبضائع‪ ،‬ألن هذا العقد تسبقه عدة مفاوضات ‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد نصر محمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.87‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪03‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وعلى هذا األساس قسمنا هذا المبحث على النحو التالي حيث تناولنا في المطلب األول‬
‫المفاوضات والمطلب الثاني اإليجاب والقبول والمطلب الثالث إثبات عقد البيع الدولي للبضائع‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬المفاوضات‪.‬‬

‫هناك مرحلة تمهيدية تتمثل في المفاوضات التي يجريها الطرفان المتعاقدان قبل اإليجاب‬
‫والقبول فكثي ار ما يسبق التعبير عن اإلرادة في البيوع الدولية مفاوضات تمهيدية‪ ،‬يتمكن من‬
‫خاللها كل طرف من معرفة حقوقه والتزاماته في حال إبرام العقد مستقبال‪ .‬وعلى هذا األساس‬
‫قسمنا هذا المطلب إلى الفرع األول التعريف بالمفاوضات وبيان أهميتها الفرع الثاني‬
‫اإللتزامات المفروضة في مرحلة المفاوضات الفرع الثالث قيام المسؤولية في مرحلة‬
‫المفاوضات‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالمفاوضات وبيان أهميتها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف بالمفاوضات‪.‬‬
‫المفاوضات عبارة عن حوار ومناقشة وتحاور بين طرفين أو أكثر بصدد موضوع معين‬
‫‪1‬‬
‫لحسم الخالف‪ ،‬والتوفيق بين المصالح المتعارضة‪ ،‬والوصول إلى اتفاق بشأنه‪.‬‬
‫كما تعرف المفاوضات بأنها المناقشة المشتركة بين طرفين متقابلين بصدد عناصر عقد في‬
‫‪2‬‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫وفي العقود الدولية يتم التفاوض بين الحكومات واألفراد والشركات بصدد مشروعات‬
‫ومشاكل اقتصادية أو تجارية أو قانونية بهدف إقامة رابطة عقدية متوازنة تحقق المصالح‬
‫المشتركة ألطرافها‪ ،‬ويتم ذلك من خالل تبادل األفكار والمقترحات ومناقشتها‪ ،‬وقد يفشل‬
‫‪3‬‬
‫األطراف في تحقيق التوافق‪ ،‬وقد يتم ذلك في شكل شفهي أو كتابي رسمي أو غير رسمي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية المفاوضات‪.‬‬
‫تعتبر المفاوضات مرحلة سابقة على التعاقد‪ ،‬وال يؤثر عدم وجودها على تكوين العقد أو‬
‫صحته‪ ،‬لكنها تحتل أهمية كبيرة ال يمكن تجاهلها‪ ،‬وذلك لالعتبارات التالية‪:‬‬
‫‪ .4‬يحتل التفاوض أهمية بالغة في عصرنا الراهن أمام ظهور العقود المركبة والمعقدة‬
‫التي أسفرت عنها األساليب الحديثة للتعامل الذي يترتب عنه انتقال السلع والخدمات‬

‫‪ - 1‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.82‬‬


‫‪ - 2‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬عقود التجارة الدولية‪ ،‬ندوة إدارة عقود التجارة الدولية‪ ،‬ص‪.04‬‬
‫‪ - 3‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪09‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫عبر الحدود المقدرة بالمليارات‪ ،‬لذا بات من الضروري أن يسبق هذه العقود مرحلة‬
‫من المفاوضات تفاديا إلشكاالت ومنازعات تخص تنفيذ العقد المستقبلي‪.‬‬
‫‪ .2‬الشك في حيوية مرحلة التفاوض حيث يتم فيها اإلعداد والتحضير للعقد وبحث كفاية‬
‫كامل جوانبه الفنية والمالية والقانونية‪.‬‬
‫‪ .3‬تزداد أهمية التفاوض بالنسبة للعقود الفنية المركبة التي تبرم بين شركات عمالقة ذات‬
‫نشاط دولي والدول النامية التي تسعى إلى إقامة مشروعاتها وتحقيق أهدافها التنموية‬
‫وفق أفضل الشروط التي تتناسب مع إمكانياتها المادية‪.‬‬
‫‪ .1‬بوجود مرحلة المفاوضات ال يمكن ألي من أطراف العقد أن يدعي بأنه طرف‬
‫مذعن‪ ،‬حتى ولو كان الطرف اآلخر ذا غلبة اقتصادية أو محتك ار للسلعة‪ ،‬ألن‬
‫المفاوضات توفر له فرصة مناقشة شروط العقد‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإللتزامات المفروضة في مرحلة المفاوضات‪.‬‬

‫تتمثل هذه اإللتزامات المفروضة في مرحلة المفاوضات بوجوب التعاون وتقديم النصح‬
‫واإلعالم والمحافظة على األسرار‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االلتزام بالتعاون‪.‬‬

‫إن التزام المتفاوض بالتعاون يعتبر إلزاما أساسيا حيث ينبغي أن يحدد أغراضه وأهدافه من‬
‫العقد الساعي إليه واالحتياجات الفعلية لديه‪ ،‬ويبدو ذلك بوضوح في كافة العقود الفنية مثل‬
‫الحاسب اآللي‪ ،‬ولو احتاج األمر االستعانة بخبير أو االستعالم لدى الشركات المتخصصة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اال لتزام باإلعالم‪.‬‬

‫يتعين على المتفاوض اإلفضاء إلى الطرف األخر بكل مالديه من بيانات ومعلومات تتعلق‬
‫‪1‬‬
‫بالعقد موضوع التفاوض‪ ،‬حتى تستنير إرادة المتعاقدين‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.53‬‬


‫‪40‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ثالثا‪:‬االلتزام بالنصح والتحذير‪.‬‬

‫تبدو أهمية هذا االلتزام بصدد العقود التي يحتاج فيها أحد الطرفين‪ ،‬لمعاونه األخر بسبب‬
‫تفاوت الخبرة‪ ،‬والشك أن ذلك يتعلق على كافة العقود محل الدراسة‪ ،‬نظ ار لسرعة التطورات‬
‫والتعقيدات الفنية المتالحقة‪.‬‬

‫رابعا‪:‬االلتزام بالمحافظة على األسرار‪.‬‬

‫يلتزم المتفاوض بالمحافظة على األسرار التي يطلع عليها أثناء التفاوض‪ ،‬حيث قد تقتضي‬
‫المفاوضات أفضاء أحد الطرفين لآلخر ببعض أس ارره الهامة الفنية أو المهنية‪ ،‬حتى ولو لم‬
‫‪1‬‬
‫تكن هذه األسرار تحظ بالحماية القانونية‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬قيام المسؤولية في مرحلة المفاوضات‪.‬‬


‫أوال ‪ :‬طبيعة المسؤولية‪.‬‬

‫القاعدة أن المفاوضات أعمال مادية غير ملزمة‪ ،‬وال يترتب عليها في ذاتها‪ ،‬أي أثر‬
‫قانوني‪ ،‬وال تنشئ على عاتق الطرفين أي التزام فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة دون‬
‫مسؤولية‪ ،‬وهو غير مطالب بتقديم مبرر عن ذلك‪ ،‬فالعدول عن المفاوضات ال يعد في ذاته سببا‬
‫لقيام المسؤولية في حق الطرف القائم بذلك‪ ،‬إال إذا كان متعسفا في االنسحاب أو صدرت منه‬
‫أفعال تتنافى مع األمانة وحسن النية‪ ،‬أو تشكل سلوك خاطئا‪ ،‬فهنا فقط تقوم مسؤوليته‬
‫‪2‬‬
‫التقصيرية المبنية على الخطأ الثابت‪ ،‬ويقع على عاتق المضرور عبئ إثبات هذا الخطأ‪.‬‬

‫ومن صور الخطأ التي عليها قيام المسؤولية التقصيرية‪:‬‬

‫‪ .4‬قطع المفاوضات بدون مبرر شرعي‪ :‬ويقصد بذلك وجود سبب موضوعي يدعو إلى‬
‫ذلك‪ ،‬فإذا لم يكن هناك مبرر مشروع‪ ،‬فإن قطع التفاوض يكون خاطئا لمنافاته لقواعد‬
‫حسن النية واألمانة في التفاوض‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪40‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪ .2‬إستفزار المتفاوض ودفعه إلى قطع المفاوضات‪ :‬حيث يقوم المتفاوض باستفزاز الطرف‬
‫اآلخر بأساليب غير مقبولة بغرض إنهاء المفاوضات‪.‬‬
‫‪ .3‬مخالفة اإللتزامات التفاوضية‪ :‬التي يفرضها مبدأ حسن النية وهي كما رأينا االلتزام‬
‫باإلعالم والنصح ثم التحذير والتعاون‪.‬‬
‫‪ .1‬إفشاء األسرار ثم اإلطالع عليها‪ :‬وتتم أثناء التفاوض أو استغاللها دون إذن الطرف‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫‪ .5‬السلوك الخاطئ في التفاوض‪ :‬الشك أن انحراف المتفاوض عن السلوك المألوف يعتبر‬
‫‪1‬‬
‫خطأ كما لو لجأ إلى الغش‪ ،‬أو تعمد اإلضرار بالطرف اآلخر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعويض عن الضرر في المفاوضات‪:‬‬

‫إذا ثبت خطأ المتفاوض وترتب على ذلك ضرر مادي أو أدبي‪ ،‬كان للمضرور الحق في‬
‫إثبات ذلك والمطالبة بالتعويض أو اإللزام بإبرام العقد‪ ،‬و يقتصر دور القاضي على مجرد الحكم‬
‫بالتعويض النقدي الجابر للضرر طبقا للقواعد العامة‪ .‬ويدخل في عناصر التعويض‪ :‬نفقات‬
‫‪2‬‬
‫التعويض‪ ،‬ضياع الوقت والجهد‪ ،‬تفويت صفقة مهمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اإليجاب والقبول‪.‬‬


‫سنتبع في هذا المطلب نفس المنهج الذي أتبعته اتفاقية فيينا ‪ 0930‬أي سندرس ركن الرضا‬
‫فقط‪ ،‬أي سنتطرق لدراسة‪ :‬اإليجاب‪ ،‬والقبول‪ ،‬واقتران اإليجاب بالقبول‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اإليجاب‪.‬‬

‫اإليجاب هو عرض جازم يتقدم به شخص معين إلى آخر‪ ،‬أو آخرين بقصد إبرام عقد ما‬
‫للحصول على قبول هذا العرض وبالتالي أنشاء العقد‪ ،‬إذا ما تالقى معه قبول‪ .‬وقد عرفته‬

‫‪ -1‬محمد حسين منصور ‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.26-28‬‬


‫المرجع‪ ،‬ص‪.62‬‬ ‫‪ - 2‬نفس‬
‫‪44‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫محكمة النقض المصرية بأنه‪ " :‬عرض يعبر عنه الشخص على وجه جازم عن إرادته في إبرام‬
‫‪1‬‬
‫عقد معين‪ ،‬حيث إذا اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد "‪.‬‬

‫وعليه وقصد اإللمام بجميع المسائل المتعلقة باإليجاب‪ ،‬سنتناول في هذا الفرع العناصر‬
‫التالية‪ :‬شروط اإليجاب‪ ،‬الوقت الذي ينتج فيه اإليجاب أثره‪ ،‬العدول عن اإليجاب‪ ،‬وسقوط‬
‫اإليجاب‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شروط اإليجاب‪:‬‬

‫تنص اتفاقية فيينا في المادة العاشرة فقرة ‪ 1‬بقولها ‪ " :‬يعتبر إيجابا أي عرض إلبرام عقد‬
‫إذا كان موجها إلى شخص أو عدة أشخاص معينين‪ ،‬وكان محددا بشكل كاف‪ ،‬ويتبين منه‬
‫اتجاه قصد الموجب إلى االلتزام به في حالة القبول‪ ،‬ويكون العرض محددا بشكل كاف إذا‬
‫عين البضائع وتضمن صراحة أو ضمنا تحديدا للكمية والثمن أو بيانات يمكن بموجبها‬
‫تحديدهما "‪.‬‬

‫وبالرجوع للمادة أعاله‪ ،‬نجد أنها تشترط ثالث شروط العتبار العرض إيجابا وهي‪:‬‬

‫‪ .0‬أن يكون العرض موجه إلى شخص أو عدة أشخاص‪ :‬أما العرض العام الموجه إلى‬
‫الجمهور أو إلى طائفة من الناس دون تعيين فال يعتبر إيجابا وانما دعوة إلى عمل‬
‫إيجاب‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يكون العرض محددا تحديدا كافيا‪ :‬وقد حدد نص الفقرة ‪ 1‬من اتفاقية فيينا ما هو‬
‫المقصود بالتحديد الكافي فقال‪:‬‬

‫أ ـ" يكون العرض محددا بشكل كاف إذا عين البضائع وتضمن صراحة أو ضمنا تحديدا‬
‫للكمية والثمن أو بيانات يمكن بموجبها تحديدهما "‪.‬‬

‫ب ـ ـ أن يتضمن العرض تعبي ار عن اتجاه إرادة الموجب إلى االلتزام بإبرام العقد إذا صادف‬
‫العرض قبوال من المعروض عليه‪ :‬وهو ما جاء في المادة ‪ 11‬من االتفاقية‬
‫" يعتبر إيجابا أي عرض إلبرام عقد ‪ ،‬ويتبين منه اتجاه قصد الموجب إلى االلتزام به في‬
‫حالة القبول "‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد لبيب شنب‪ ،‬الوجيز في مصادر االلتزام‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪.007‬‬
‫‪48‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ج ـ ـ وهذا هو العنصر األساسي في النص‪ ،‬ألنه هو الذي ينقل العرض من مرحلة‬
‫‪1‬‬
‫المفاوضات إلى مرحلة العزم على التعاقد‪.‬‬

‫تعتبر المفاوضات في بعض العقود‪ ،‬ال سيما في عقد البيع‪ ،‬وهي المرحلة السابقة على التعاقد‬
‫وال يصدر عن أحد المتعاقدين إيجابا نهائيا إال بعد مفاوضات مع الطرف اآلخر‪ ،‬فاإليجاب إذن‬
‫‪2‬‬
‫هو نتيجة المفاوضات ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوقت الذي ينتج اإليجاب أثره‪:‬‬

‫تجيب على هذا السؤال الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 11‬من اتفاقية فيينا بما يأتي‪:‬‬
‫" يحدث اإليجاب أثره عند وصوله إلى المخاطب " ‪.‬‬

‫ويمكن للموجب أن يسحب إيجابه‪ ،‬حتى ولو كان هذا اإليجاب غير قابل للرجوع فيه‪ ،‬إذا‬
‫وصل سحب اإليجاب إلى المخاطب قبل وصول اإليجاب أو في وقت وصوله‪ ،‬وهذا ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 11‬فقرة ‪ 2‬من اتفاقية فيينا ‪ ،4691‬بقولها‪ " :‬يجوز سحب اإليجاب‪ ،‬ولو كان‬
‫غير قابل للرجوع عنه‪ ،‬إذا وصل سحب اإليجاب إلى المخاطب قبل وصول اإليجاب أو في‬
‫‪3‬‬
‫وقت وصوله "‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العدول عن اإليجاب‪.‬‬

‫يمكن للموجب أن يعدل عن اإليجاب إذا وصل العدول عن اإليجاب إلى المخاطب قبل أن‬
‫يكون هذا األخير قد أرسل قبوله‪ ،‬وهذا ما جاءت به المادة ‪ 11‬فقرة ‪ 1‬من اتفاقية فيينا‬
‫‪ 4691‬بنصها على أنه ‪ " :‬يجوز الرجوع عن اإليجاب لحين انعقاد العقد إذا وصل الرجوع عن‬
‫اإليجاب إلى المخاطب قبل أن يكون هذا األخير قد أرسل قبوله "‪.‬‬

‫‪ - 1‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة العقود المدنية والتجارية‪ ،‬الجزء التاسع‪ ،‬بيروت‪ ،.7779،‬ص‪. 555 -552‬‬

‫‪ - 2‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬العقود التجارية الدولية‪ ،‬دراسة خاصة لعقد البيع الدولي للبضائع ‪،‬المكتبة المصرية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫مصر‪ ،7778،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 3‬الياس ناصيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.556‬‬
‫‪42‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ولكن‪ ،‬هناك حالتين ال يمكن فيهما للموجب أن يعدل عن إيجابه‪ ،‬وهما حسب المادة ‪ 11‬فقرة‬
‫‪ 2‬من اتفاقية فيينا‪:‬‬

‫أ‪ .‬إذا تبين منه أنه ال رجوع عنه‪ ،‬سواء بذكر فترة محددة للقبول أو بطريقة أخرى‪.‬‬
‫ب‪ .‬إذا كان من المعقول للمخاطب أن يعتبر أن اإليجاب ال رجوع عنه وتصرف على هذا‬
‫األساس‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬سقوط اإليجاب‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 11‬من اتفاقية فيينا ‪ 4691‬على أنه ‪" :‬يسقط اإليجاب‪ ،‬ولو كان ال رجوع‬
‫عنه‪ ،‬عندما يصل رفضه إلى الموجب " ‪.‬‬

‫ومعنى هذا النص أن اإليجاب‪ ،‬ولو كان إيجابا ملزما‪ ،‬فإنه يسقط متى رفضه من وجه إليه‬
‫اإليجاب‪ ،‬ولو لم تنقص المادة التي حددها الموجب للقبول‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القبول‪.‬‬

‫القبول هو التعبير عن إرادة الطرف التي وجه إليه اإليجاب بارتضائه العرض الذي تقدم به‬
‫‪1‬‬
‫الموجب‪.‬‬

‫وسنحاول التطرق في هذا الفصل إلى صور التعبير عن اإلرادة‪ ،‬والوقت الذي ينتج فيه القبول‬
‫أثره‪ ،‬عدم تطابق القبول اإليجاب‪ ،‬وسريان الميعاد المحدد للقبول‪ ،‬والرجوع في القبول‪.‬‬

‫أوال‪ :‬صور التعبير عن القبول‪.‬‬

‫لقد نصت المادة ‪ 11‬من اتفاقية فيينا في فقرتها األولى على أن " يعتبر قبوال ‪،‬أي بيان أو‬
‫أي تصرف آخر صادر من المخاطب يقيد الموافقة على اإليجاب‪ ،‬أما السكوت أو عدم القيام‬
‫ال " ‪.‬‬
‫بأي تصرف فال يعتبر أي منهما في ذاته قبو ً‬

‫‪1- jean charbonnier: droit civil – lis obligation – tome 4, 21 e édition refondue Thémis 1998, p77.‬‬
‫‪45‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وتعنى هذه المادة أن القبول كما يكون صـريحاً بصـدور تعبيـر محـدد يـدل عليـه‪ ،‬مـن الموجـب‬
‫له‪ ،‬فإنه قد يكون ضمنيا باتخاذ الموجب لـه سـلوكا يعبـر عـن موافقتـه علـى اإليجـاب الموجـه إليـه‬
‫كمـا لــو قـام المشــترى بـدفع الــثمن أو قـام البــائع بتسـليم المبيــع ‪ .‬كمـا أكــدت المـادة أن الســكوت أو‬
‫اتخاذ موقف سلبي من جانب المخاطـب ال يصـل إلـى درجـة القبـول‪ ،‬فسـكوت المخاطـب ال يرقـى‬
‫‪1‬‬
‫إلى درجة القبول‪ ،‬فسكوت المخاطب اليرقى إلى درجة القبول الضمني‪.‬‬

‫وبــالرغم مــن إشــارة المــادة أعــاله أن الســكوت اليعتبــر فــي ذاتــه قب ـوال‪ ،‬إال أن التعبيــر فــي ذاتــه‬
‫يمك ــن أن يس ــتنتج من ــه أن ــه م ــن الج ــائز اعتب ــار الس ــكوت قبـ ـوال إذا وق ــع ف ــي ظ ــرف‪ ،‬أو البس ــته‬
‫أوصــاف يمكــن معهــا اعتبــار أنــه عالمـة رضــا‪ ،‬كمــا هــو األمــر فــي التعامــل الســابق بــين الطــرفين‬
‫‪2‬‬
‫والمتضمن أن عدم الرد بالرفض خالل فترة معينة يعتبر قبوال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوقت الذي ينتج فيه القبول أثره‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 11‬فقرة ‪ 2‬من اتفاقية فيينـا علـى أنـه‪ " :‬يحـدث قبـول اإليجـاب أثـره مـن اللحظـة‬
‫التــي يصــل فيهــا الموجــب مــا يفيــد الموافقــة‪ .‬وال يحــدث القبــول أثـره إال إذا لــم يصــل إلــى الموجــب‬
‫خالل المدة التي اشترطها‪ ،‬أو خالل مدة معقولة في حالـة عـدم وجـود مثـل هـذا الشـرط‪ ،‬علـى أن‬
‫يؤخـذ فــي االعتبــار ظـروف الصــفقة وســرعة وسـائل االتصــال التــي اتخـذها الموجــب‪ ،‬ويلتــزم قبــول‬
‫اإليجاب الشفوي في الحال‪ ،‬ما لم يتبين من الظروف خالف ذلك "‪.‬‬

‫وال يعتبر القبول منتجاً ألثره إذا لم يصل إلى الموجب خالل الميعاد الذي حدده في إيجابـه أو‬
‫خالل ميعاد معقول‪ ،‬إذا لم يحدد الموجب ميعاداً للقبول‪ ،‬ويجب أن يؤخذ في االعتبـار فـي تحديـد‬
‫الميعاد المعقول ظروف التعامل بما في ذلك سرعة وسائل المواصالت التي اسـتخدمها الموجـب‪.‬‬
‫واذا كان اإليجاب شفوياً وجب أن يكون القبول فورياً‪ ،‬إال إذا اتضح من الظروف غير ذلك ‪.‬‬

‫وعلــى أيــة حــال‪ ،‬فإنــه متــى تضــمن اإليجــاب أو دل التعامــل الســابق بــين المتعاقــدين أو قض ـى‬
‫العرف بأن الموجه إليه اإليجاب‪ ،‬عليه أن يعبر عن قبولـه بالقيـام بعمـل معـين كإرسـال البضـاعة‬
‫المبيعــة أو دفــع الــثمن‪ ،‬دون إخطــار الموجــب فــإن القبــول ينــتج أث ـره منــذ اللحظــة التــي يقــوم فيهــا‬

‫‪ -1‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬


‫‪ - 2‬الياس ناصيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.560 -559‬‬
‫‪46‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الموجــه إليــه اإليجــاب بهــذا العمــل بشــرط أن يــتم هــذا العمــل خــالل الميعــاد المحــدد فــي اإليجــاب‬
‫‪1‬‬
‫لصدور القبول أو خالل الميعاد المعقول إذا لم يحدد الموجب ميعاداً للقبول‪.‬‬

‫وهذا ما جاء فـي المادة ‪ 11‬فقررة ‪ 3‬مـن اتفاقيـة فيينـا ‪ 0930‬بنصـها علـي أنـه‪ " :‬ومـع ذلـك إذا‬
‫جاز‪ ،‬بمقتضى اإليجاب أو التعامل الجاري بـين الطـرفين أو األعـراف‪ ،‬أن يعلـن المخاطـب الـذي‬
‫عــرض عليــه اإليجــاب عــن قبولــه بالقيــام بتصــرف مــا‪ ،‬كالــذي يتعلــق بإرســال البضــائع أو تســديد‬
‫ال ــثمن‪ ،‬دون إخط ــار الموج ــب‪ ،‬عندئ ــذ يك ــون القب ــول ناف ــذا ف ــي اللحظ ــة الت ــي ت ــم فيه ــا التص ــرف‬
‫المذكور‪ ،‬بشرط أن يجري ذلك خالل المدة المذكورة في الفقرة السابقة "‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عدم تطابق اإليجاب بالقبول‪.‬‬

‫تــنص المررادة ‪ 11‬فقرررة ‪ 1‬مــن اتفاقيــة فيينــا علــى أنــه‪ " :‬إذا انصــرف الــرد علــى اإليجــاب إلــى‬
‫القبــول‪ ،‬ولكنــه تضــمن إضــافات أو تحديــدات أو تعــديالت يعتبــر رفضــا‪ ،‬لإليجــاب ويشــكل إيجابــا‬
‫مقابال "‪.‬‬

‫وعلــى ذلــك فــالنص أوضــح تمامــا فــي أن عــدم تطــابق القبــول مــع اإليجــاب لــيس مــن شــأنه أن‬
‫يــؤدى إلــى انعقــاد عقــد البيــع الــدولي للبضــائع‪ ،‬ولكــن تعتبــر اإلضــافة أو القيــد أو التعــديل بمثابــة‬
‫إيجــاب جديــد يحتــاج إلــى قبــول مــن الموجــب حتــى ينعقــد العقــد وفقــا للتغييــر المقتــرح مــن الموجــب‬
‫‪2‬‬
‫له‪.‬‬

‫وتنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 11‬من اتفاقية فيينا على أنه ‪ " :‬ومع ذلك‪ ،‬إذا انصـرف الـرد‬
‫عل ــى اإليج ــاب إل ــى القب ــول وتض ــمن عناص ــر متمم ــة أو مختلف ــة ال ت ــؤدي إلـ ـى تغيي ــر أساس ــي‬
‫لإليجــاب‪ ،‬فهــو يشــكل قبـوال‪ ،‬إال إذا قــام الموجــب‪ ،‬دون تغييــر غيــر مبــرر‪ ،‬بــاالعتراض علــى ذلــك‬
‫شــفويا‪ ،‬أو بإرســال إخطــار بهــذا المعنــى‪ ،‬فــإذا لــم يعتــرض الموجــب علــى النحــو المــذكور‪ ،‬يكــون‬
‫العقد قد تضمن ما جاء في اإليجاب مع التعديالت التي جاءت في صيغة القبول "‪.‬‬

‫ويهــدف الــنص المتقــدم إلــى تيســير تكــوين العقــد‪ ،‬فمتــى كانــت هنــاك تعــديالت فــي اإليجــاب ال‬
‫تغير في جوهر شروطه‪ ،‬فان العقد يتم طبقا لهذه الشروط التـي يتضـمنها اإليجـاب والمعدلـة وفقـا‬

‫‪ - 1‬أحمد حشمت أبو ستيت‪ ،‬نظرية االلتزام في القانون المدني الجديد‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ،7751‬ص‪.95‬‬
‫‪ - 2‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.004‬‬
‫‪47‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫للتغييـرات غيـر الجوهريــة الـواردة فــي القبـول‪ ،‬مــا لـم يعتـرض الموجــب علـى هــذه التغييـرات شــفاهة‬
‫أو بإرسال إخطار فوري إلى الموجب له بحل هذا االعتراض ‪.‬‬

‫ولكــي نميــز بــين التغييـرات الجوهريــة والغيــر جوهريــة ؟ أجابــت المررادة ‪ 11‬فقرررة ‪ 3‬مــن اتفاقيــة‬
‫فيينــا علــى هــذا التســاؤل بنصــها علــى أن ‪ " :‬الشــروط اإلضــافية أو المختلفــة المتعلقــة بــالثمن أو‬
‫التسديد أو النوعية أو الكميـة أو مكـان وموعـد التسـليم للبضـائع أو مـا يتعلـق بمـدى مسـؤولية أحـد‬
‫الطــرفين تجــاه الطــرف اآلخــر أو تســوية المنازعــات‪ ،‬هــذه األمــور تعتبــر أنهــا تــؤدي إلــى تغييــر‬
‫‪1‬‬
‫أساسي بما جاءت به صيغة اإليجاب "‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬سريان الميعاد المحدد للقبول‪.‬‬

‫تض ــمنت المرررادة ‪ 22‬فقررررة ‪ 1‬م ــن اتفاقي ــة فيين ــا عل ــى أن ــه‪ " :‬يب ــدأ سـ ـريان الم ــدة الت ــي يح ــددها‬
‫الموج ــب للقب ــول ف ــي برقي ــة أو رس ــالة م ــن لحظ ــة تس ــليم البرقي ــة لإلرس ــال أو م ــن الت ــاري المب ــين‬
‫بالرسالة‪ ،‬واذا لم يكن التاري مبينا بها فمن التاري المبين على الغـالف‪ .‬ويبـدأ سـريان المـدة التـي‬
‫يحددها الموجب للقبول بواسطة الهاتف أو التلكس أو غيـر ذلـك مـن وسـائل االتصـال الفـوري مـن‬
‫لحظة وصول اإليجاب إلى المخاطب "‪.‬‬

‫بالرجوع إلى نص المادة أعاله‪ ،‬يتبين لنـا أن الميعـاد الـذي يحـدده الموجـب للقبـول يبـدأ سـريانه‬
‫من تاري تسليم البرقية إلرسالها إلى المخاطب‪ ،‬أو مـن التـاري المبـين فـي الرسـالة‪ ،‬فـإذا لـم يكـن‬
‫التاري مذكو ار في الرسالة فالعبرة بالتاري المذكور على الغالف‪.‬‬

‫ووفقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 22‬من اتفاقية فيينا‪ ،‬فإنه يدخل في حساب الميعاد المحدد‬
‫للقبول أيام اإلجازات الرسمية أو األيام التي يتعطل فيها العمل إذا وقعت هذه األيام خالل‬
‫الميعاد‪ .‬وعلى أي حال فإنه إذا لم يمكن تسليم اإلخطار بالقبول في عنوان الموجب في اليوم‬
‫األخير للميعاد المحدد للقبول ألنه يقع في يوم إجازة رسمية أو في يوم يتعطل فيه العمل في‬
‫‪2‬‬
‫المكان الذي يوجد فيه مركز أعمال الموجب فإن الميعاد يمتد إلى أول يوم عمل التالي ‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.701‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.702‬‬
‫‪43‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫خامسا‪ :‬الرجوع في القبول‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 22‬من اتفاقية فيينا على أنه ‪ " :‬يجوز سحب القبول إذا وصل طلب السحب‬
‫إلى الموجب قبل الوقت الذي يحدث فيه القبول أثره‪ ،‬أو في نفس الوقت "‪.‬‬

‫يتبين من النص أن الرجوع في القبول جائز في حالتين هما ‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬إذا وصل طلب إلغاء القبول إلى الموجب قبل وصول إعالن القبول كما لو‬
‫أرسل إعالن القبول بخطاب عادي‪ ،‬ثم بادر الموجب له إلى إرسال برقية إللغائه‪ ،‬ووصلت‬
‫البرقية قبل وصول الخطاب‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬إذا وصل إلغاء القبول في الوقت نفسه‪ .‬وال يلتفت إلى أيهما فضه الموجب قبل‬
‫اآلخر‪ .‬وفي غير هاتين الحالتين ال رجوع في القبول إذا وصل إلى الموجب وأحدث أثره‪ ،‬ألن‬
‫‪1‬‬
‫العقد يكون عندئذ قد انعقد‪ ،‬وال سبيل إذن إلسقاطه إال بإبطاله‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اقتران اإليجاب بالقبول‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 23‬من اتفاقية فيينا على أنه ‪" :‬ينعقد العقد في اللحظة التي يحدث فيها قبول‬
‫اإليجاب أثره وفقا ألحكام هذه االتفاقية "‪.‬‬

‫كما تنص المادة ‪ 42‬من اتفاقية فيينا على أنه ‪ " :‬في حكم هذا الجزء من االتفاقية يعتبر‬
‫اإليجاب أو اإلعالن عن قبول أو أي تعبير آخر عن القصد قد وصل إلى المخاطب عند‬
‫إبالغه شفويا أو تسليمه إليه شخصيا بأي وسيلة أخرى أو تبليغه في مكان عمله أو في عنوانه‬
‫البريدي‪ ،‬أو تسليمه في مكان سكنه المعتاد إذا لم يكن له مكان عمل أو عنوان بريدي " ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الياس ناصيف ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.565‬‬
‫‪49‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫لذلك حرصت المادة ‪ 23‬على أن تؤكد أن العقد يتم منذ اللحظة التي يعتبر فيها القبول‬
‫منتجاً ألثره وفقاً ألحكام االتفاقية أي منذ أن يصل القبول إلى الموجب‪ ،‬ففي هذه اللحظة يقترن‬
‫اإليجاب بالقبول ‪.‬‬

‫تكفلت المادة ‪ 21‬من االتفاقية ببيان متى يصـل التعبيـر عـن اإلرادة إلـى الطـرف اآلخـر وذلـك‬
‫في الصور اآلتية ‪:‬‬

‫‪ – 0‬إذا وجه شفاهة إلى الموجه إليه التعبير ( الطرف اآلخر ) ‪.‬‬

‫‪ – 4‬إذا سلم من صاحب التعبير إلى الموجه إليه بأية وسيلة أخرى ‪:‬‬

‫أ‪ -‬شخصياً ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أو إلى مركز أعماله ‪.‬‬

‫جـ‪ -‬أو إلى محل إقامته المعتادة إذا لم يكن له مركز أعمال أو عنوان بريدي‪.‬‬

‫ويعنى نـص المادة ‪ 21‬من اتفاقية فيينا إذن بتحديـد اللحظـة التـي يـتم فيهـا عقـد البيـع أو‬
‫يقتــرن فيهــا اإليجــاب بــالقبول‪ ،‬ويتضــح مــن هــذا الــنص أن اتفاقيــة فيينــا أخــذت بنظريــة معينــة مــن‬
‫عدة نظريات تأخذ بها مختلف التشريعات الوطنية‪.‬‬

‫فقد اعتدت االتفاقية بنظرية وصول القبـول أي تسـليمه وهـو ذات المـذهب الـذي اعتنقـه القـانون‬
‫الموحد التفاقية الهاي‪.‬‬

‫أما اتفاقية فيينا فقد حرصت على بيان الحاالت التي يمكن القـول فيهـا أن التعبيـر عـن اإلرادة‬
‫وصل إلى الموجه إليه هذا التعبير ببيان الحاالت األربع التي أشرنا إليها فيما تقدم ‪.‬‬

‫وقــد غلبــت اتفاقيــة فيين ــا نظريــة وصــول التعبي ــر‪ ،‬بينمــا يتنــازع ه ــذا الموضــوع فــي التشـ ـريعات‬
‫‪1‬‬
‫الوطنية عدة نظريات نوجزها فيما يلي‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمود سمير الشرقاوي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.000‬‬


‫‪80‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫(أ) نظرية إعالن القبول ‪ :‬يعتب ـ ــر العق ـ ــد تواف ـ ــق إرادت ـ ــين فمت ـ ــى أعل ـ ــن الط ـ ــرف اآلخ ـ ــر قبول ـ ــه‬
‫لإليجاب المعروض عليه‪ ،‬فقد توافقت اإلرادتان وتم العقد ‪ ،‬ويرى أنصار هذه النظرية أنها تـالءم‬
‫مقتضيات الحياة التجارية من وجوب السرعة في التعامل ‪.‬‬

‫على أنه يؤخذ على هذه النظرية أن اإلرادة ال تنـتج أثرهـا إال مـن وقـت العلـم بهـا‪ ،‬إذ قـد يعـدل‬
‫من عبر عن إرادته عن هذا التعبير بعد صدوره ‪.‬‬

‫(ب) نظرية تصدير القبول ‪ :‬ال تختلــف هــذه النظريــة عــن النظريــة الســابقة كثيـ اًر‪ ،‬إذ ينــتج القبــول‬
‫أثره بإعالنه علـى أن يكـون هـذا اإلعـالن نهائيـا ال رجعـة فيـه‪ ،‬وال يكـون كـذلك إال بإرسـال القبـول‬
‫إلى الموجب ‪.‬‬

‫ويؤخ ــذ عل ــى ه ــذه النظري ــة أن القب ــول المص ــدر يمك ــن اس ــترداده ألن الخط ــاب المرس ــل مل ــك‬
‫للمرسل حتى يتسلمه المرسل إليه‪.‬‬

‫(جر) نظرية تسليم القبول ‪ :‬ال يكـ ــون القبـ ــول نهائي ـ ـاً بتصـ ــديره ألنـ ــه يمكـ ــن اسـ ــترداده وهـ ــو فـ ــي‬
‫الطريق كمـا قـدمنا وانمـا يعتبـر القبـول نهائيـاً إذا وصـل إلـى الموجـب‪ ،‬ففـي هـذا الوقـت يـتم العقـد‬
‫سواء علم به الموجب أو لم يعلم‪ ،‬على أن وصول القبول قرينة على العلم به ‪.‬‬

‫(د) نظرية العلم بالقبول ‪ :‬ال يكفــى إعــالن القبــول بــل يجــب علــم الموجــب بــه‪ ،‬ويعتبــر وصــول‬
‫القبـول قرينـة علـى العلـم بـه ولكنهـا قرينـة قضـائية يمكـن األخـذ بهـا أو عـدم األخـذ بهـا وهـى قرينــة‬
‫‪1‬‬
‫قابلة إلثبات العكس في جميع األحوال‪.‬‬

‫وهــذه النظريــة متفرعــة عــن النظريــة الســابقة فهــي تشــترط العل ـم وتعتبــر وصــول القبــول قرينــة‬
‫عليه‪.‬‬

‫ويبدو أن القانون المصري يأخذ بهذه النظرية إذ تنص المادة ‪ 11‬مدني على أنه‪:‬‬

‫" ينتج التعبير عن اإلرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه"‪.‬‬

‫ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به ما لم يقم الدليل على عكس ذلك "‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمود سمير الشرقاوي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.004‬‬


‫‪80‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وقــد رأينــا أن اتفاقيــة فيينــا قــد أخــذت بنظريررة تسررليم القبررول أو تصررديره‪ ،‬وأن هــذا التســليم ال‬
‫يعني حتما العلم بل يكفي أن يوجه القبول إلى الموجب شفاهه أو أن يسلم إلى الموجب سـواء تـم‬
‫تس ــليمه إلي ــه شخص ــيا ( وهن ــا يعتب ــر العل ــم مؤك ــداً ) أو يس ــلم إل ــى مرك ــز أعمال ــه أو إل ــى عنوان ــه‬
‫‪1‬‬
‫البريدي أو محل إقامته المعتادة( وهنا يفترض العلم)‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إثبات عقد البيع الدولي للبضائع‪.‬‬

‫سنحاول في هذا الم طلب التطرق إلثبات عقد البيع الدولي للبضائع من خالل التقسيم التالي‪:‬‬
‫مبدأ حرية شكل العقد‪ ،‬شرط التحفظ على مبدأ حرية تكوين واثبات العقد‪ ،‬المقصود بالكتابة في‬
‫اتفاقية فيينا‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبدأ حرية شكل العقد‪:‬‬

‫يعتبر مبدأ حرية تكوين إثبات التصرفات التجارية‪ ،‬من المبادئ المسلم بهـا فـي مختلـف الـنظم‬
‫القانونيــة‪ .‬وبــالرغم مــن أن اتفاقيــة فيينــا تعــالج البيــع الــدولي للبضــائع وتــنص صـراحة علــى أنــه ال‬
‫يش ــترط أن يك ــون البي ــع تجاريـ ـاً لك ــي يخض ــع ألحكامه ــا‪ ،‬إال أن ــه م ــن المق ــرر أن ه ــذه االتفاقي ــة‬
‫تنصرف أحكامها أساسـا إلـى البيـع التجـاري الـدولي‪ ،‬لـذلك لـم يكـن مـن الغريـب أن تقـرر االتفاقيـة‬
‫مبدأ حرية كل من تكوين واثبات عقد البيع الدولي للبضائع‪.‬‬

‫وتكلمت المادة ‪ 11‬من االتفاقية على‪:‬‬

‫" ال يشــترط أن يــتم انعقــاد عقــد البيــع أو إثباتــه كتابـة‪ ،‬وال يخضــع ألي شــروط شــكلية‪ .‬ويجــوز‬
‫إثبات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأي وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيلة‪ .‬بم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ذل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك اإلثب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات بالبين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة "‪.‬‬
‫ومن هذا النص يبين أن عقد البيع الدولي للبضائع يعتبـر وفقـا التفاقيـة فيينـا عقـداً رضـائياً ولـيس‬
‫عقداً شكلياً‪ ،‬فلم تشترط إلبرام هذا العقد أن يفرغ في شكل معين‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن االتفاقية قـررت أيضـا عـدم خضـوع إثبـات هـذا العقـد لشـكل معـين‪ ،‬فهـو‬
‫يخضع لمبدأ حرية اإلثبات‪ ،‬فيجوز إثباته بكافة طرق اإلثبات بما في ذلك شهادة الشهود‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمود سمير الشرقاوي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.008‬‬


‫‪84‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وقــد جــاء نــص المرررادة ‪ 11‬مرررن اتفاقيرررة فيينرررا علــى هــذا النحــو ليســتجيب لحاجــات التجــارة‬
‫‪1‬‬
‫الدولية‪ ،‬التي تتحرر من قيود الشكل عند إبرام عقد البيع الدولي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬شرط التحفظ على مبدأ حرية تكوين واثبات العقد‪.‬‬

‫إذا كان مبدأ حريـة تكـوين واثبـات عقـد البيـع الـدولي للبضـائع هـو األصـل وفقـاً ألحكـام اتفاقيـة‬
‫فيينا‪ ،‬فإن االتفاقية راعت أن قوانين بعض الدول‪ ،‬قد تتطلب شكالً معيناً لتكـوين عقـد البيـع لـذلك‬
‫وضــعت االتفاقيــة تحفظ ـاً علــى مبــدأ حريــة شــكل العقــد‪ ،‬يجيــز للــدول التــي تأخــذ بــه‪ ،‬أن تطبــق‬
‫القاعــدة التــي يأخــذ بهــا قانونهــا الــوطني متــى كــان واجــب التطبيــق علــى العقــد وفق ـاً لقواعــد تنــازع‬
‫القوانين‪ ،‬إذا كان هذا القانون يتطلب الكتابة كشكل للعقد‪.‬‬

‫لذلك نصت المادة ‪ 04‬من االتفاقية على أن‪:‬‬

‫" جميــع أحكــام المــادة ‪ 00‬والمــادة ‪ 49‬أو الجــزء الثــاني مــن هــذه االتفاقيــة التــي تســمح باتخــاذ أي‬
‫شكل غير الكتابة ألجـل انعقـاد عقـد أو تعديلـه أو فسـخه رضـائيا أو لوقـوع اإليجـاب أو القبـول أو‬
‫اإلعالن عن قصد أحد الطرفين ال تطبق عندما يكون مكان عمل أحد الطرفين في إحـدى الـدول‬
‫المتعاقدة المنضمة إلى هذه االتفاقية التي أعلنت تحفظها بموجب المادة أو تعديل آثارها "‪.‬‬

‫ويالحظ على هذا النص ما يأتي ‪:‬‬

‫‪ – 0‬يشير إلى عدم تطبيق المرادة ‪ 11‬والتـي رأينـا حكمهـا فـي البنـد السـابق والتـي تقضـى‬
‫بمبـدأ حريــة شــكل عقـد البيــع‪ .‬وكــذلك المررادة ‪ 21‬مـن االتفاقيــة التــي تقــرر فقرتهررا األولررى أن عقــد‬
‫البيع يمكن تعديله أو إنهاؤه بمجرد تراضى الطرفين‪.‬‬

‫بينما تقضى الفقرة الثانية منها بأن العقد المكتوب الذي يتضمن شـرطاً يتطلـب أن يـتم أي اتفـاق‬
‫على تعديل أو إنهاء العقد بالكتابة فإنـه ال يكفـي الت ارضـي لتعـديل أو إنهـاء العقـد وعلـى أيـة حـال‬
‫فإن سلوك أحد الطـرفين يمكـن أن يمنعـه مـن التمسـك بهـذا الـنص إذا اعتمـد الطـرف اآلخـر علـى‬
‫هذا السلوك‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمود سمير الشرقاوي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 044‬‬


‫‪88‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وكذلك يشـير نـص المرادة ‪ 22‬إلـى عـدم تطبيـق أحكـام القسرم الثراني مـن االتفاقيـة الـذي يتضـمن‬
‫قواعــد اإليجــاب والقبــول‪ ،‬أي أن الــنص يشــير إلــى عــدم التقيــد بأحكــام االتفاقيــة التــي ال تشــترط‬
‫شــكالً معين ـاً للتعبيــر عــن اإلرادة عنــد إب ـرام عقــد البيــع إذا كــان مركــز أعمــال أحــد المتعاقــدين فــي‬
‫دولة متعاقدة أخذت بالتحفظ الوارد في المادة ‪ 19‬من االتفاقية‪.‬‬

‫‪ – 4‬تقضى المادة ‪ 19‬من االتفاقية بإيراد تحفظ من شأنه‪ ،‬أنه يجوز ألية دولة متعاقدة‬
‫يتطلب قانونها أن يبرم عقد البيع أو يثبت بالكتابة‪ ،‬أن تعلن في أي وقت وطبقاً للمادة ‪ 12‬من‬
‫االتفاقية بأن نصوص المادة ‪ 11‬والمادة ‪ 21‬والقسم الثاني من االتفاقية المتعلق باإليجاب‬
‫والقبول والتي تسمح بأن يتم عقد البيع أو تعديله أو إنهاؤه بالتراضي أو أن يصدر اإليجاب‬
‫أو القبول أو أي تعبير عن اإلرادة في أي شكل غير الكتابة‪ ،‬بأال تطبق هذه األحكام إذا كان‬
‫مركز أعمال أي من طرفي العقد في هذه الدولة أي الدولة التي تعلن األخذ بالتحفظ المشار‬
‫إليه بالمادة ‪.19‬‬

‫ويالحظ أن هذا التحفظ ال يشترط لنفاذه األخذ به عنـد التصـديق علـى االتفاقيـة أو االنضـمام‬
‫إليهــا وانمــا يمكــن األخــذ بــه فــي أي وقــت‪ ،‬أي تســتطيع أن تعلــن أيــة دولــة متعاقــدة األخــذ بهــذا‬
‫التحفظ حتى بعد االنضمام إلى االتفاقية‪.‬‬

‫‪ – 8‬تؤكد الجملـة األخيـرة مـن المرادة ‪12‬فقررة ‪ 2‬مـن االتفاقيـة أن نـص المرادة ‪ 12‬يعتبـر‬
‫‪1‬‬
‫آم اًر فال يجوز للمتعاقدين النص على مخالفته أو تغيير حكمه أو أثره ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المقصود بالكتابة في اتفاقية فيينا‪:‬‬

‫رأينــا مــن عــرض النصــوص الـواردة فــي اتفاقيــة فيينــا بشــأن شــكل العقــد‪ ،‬أن األصــل هــو حريــة‬
‫شــكل عقــد البيــع‪ ،‬واالســتثناء أن تأخــذ بعــض الــدول بــالتحفظ ال ـوارد فــي المررادة ‪ 19‬مــن االتفاقيــة‬
‫فتطبق أحكام قوانينها التي تتطلب الكتابة كشكل إلبرام عقد البيع أو كشرط إلثباته‪.‬‬

‫ويقصـد بالكتابــة( كرل محرررر مكترروب صررادر عررن المتعاقرردين)‪ .‬علـى أن معنــى الكتابـة فــي مجــال‬
‫قانون التجـارة الدوليـة‪ ،‬ووفقـا لالتجـاه الحـديث ال يشـمل فقـط كـل محـرر مكتـوب يثبـت أنـه صـادر‬
‫عـن أحــد المتعاقــدين أو عنهمــا معـا وذلــك بتوقيعــه ممــن صــدر عنـه‪ ،‬بــل يشــمل المحــرر المكتــوب‬

‫‪ - 1‬محمود سمير الشرقاوي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.042‬‬


‫‪82‬‬
‫إبرام عقد البيع الدولي للبضائع‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وفقــا للمعنــى الحــديث فــي قــانون التجــارة الدوليــة ( أي محــرر يثبــت إرســاله مــن أحــد الطــرفين إلــى‬
‫اآلخر ولو لم يكن موقعاً بخط الصادر منه هذا المحرر من ذلك البرقية والتلكس)‪.‬‬

‫لذلك نصت المادة ‪ 13‬من اتفاقية فيينا على تقنين هذا المبدأ صراحة‪ ،‬فتقرر أنه ‪:‬‬

‫" يشمل مصطلح" كتابة "‪ ،‬في حكم هذه االتفاقية‪ ،‬الرسائل البرقية والتلكس"‪.‬‬

‫‪85‬‬

You might also like