Professional Documents
Culture Documents
الفصل الأول لمذكرة التخرج عقد البيع الدولي
الفصل الأول لمذكرة التخرج عقد البيع الدولي
حتى يكون عقد البيع الدولي للبضائع منتجا ألثره ،مرتبا اللتزامات على عاتق طرفيه ،البد
أن ينعقد صحيحا ،أي البد من وجود إيجاب وقبول متطابقين .لكن وفي الغالب ،وقبل تبادل
طرفي العقد اإليجاب والقبول ،يدخالن في مرحلة تمهيدية تسمى مرحلة المفاوضات.
لكن ،وقبل التطرق إلى إبرام عقد البيع الدولي للبضائع ،البد من ضبط مفهومه أوال.
إن عقد البيع الدولي للبضائع هو عقد بيع عادي أضيفت عليه الصفة الدولية .ولضبط مفهوم
هذه الصفة ،هناك معيارين محددين يعتمد عليهما وهما :المعيار القانوني والمعيار االقتصادي.
وللقول أن عقد بيع البضائع أنه عقد دولي ،تثير إشكالية تتمثل في القانون الواجب التطبيق
على عقد البيع الدولي للبضائع ،في الوقت الذي تتنازع بشأنه عدة قوانين لكن ومن الناحية
العملية ،تم حل هذه اإلشكالية المعقدة ،وذلك بإنشاء قانون موحد يحكم عقد البيع الدولي
للبضائع ،يطلق عليه إسم " اتفاقية فيينا . "0891
المبحث األول نتطرق فيه إلى :مفهوم عقد البيع الدولي للبضائع ،أما المبحث الثاني فتناولنا فيه
الطبيعة الدولية لعقد بيع البضائع ،والمبحث الثالث تناولنا فيه تكوين عقد البيع الدولي للبضائع
وإثباته.
نض ار ألهمية هذا المبحث الذي يعتبر بوابة للدخول لهذا الموضوع الهام لهذا قسمناه للخطة
التالية حيث تناولنا في المطلب األول تعريف عقد البيع الدولي للبضائع وابراز أهم خصائصه
التي يتميز بها .
اليوجد تعريف محدد لعقد البيع الدولي للبضائع لكن سنحاول تعريفه من خالل العقد العادي
والعقد الدولي واالجتهاد الشخصي.
5
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
الفرع األول :تعريف عقد البيع الداخلي.
نستطيع أن نعرف عقد البيع على أنه " توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني "
1
مثل البيع ،واإليجار والهبة والشركة.
تعريف القانون الفرنسي للعقد حسب المادة " 0010العقد اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر
نحو شخص آخر أو أكثر بإعطاء شيء أو بعمله أو اإلمتاع عن عمله".
تعريف المشرع الجزائري للعقد :نجد نفس التعريف انتهجه المشرع الجزائري في مادته 45من
القانون المدني الجزائري" العقد إنفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح ،أو
فعل ،أو عدم فعل شيء ما".
عقد البيع الدولي للبضائع هو كل عقد يتعلق بشأن من الشئون الخاصة كتبادل السلع
والمنتجات والخدمات ويكون أطرافه من األشخاص العاديين (الطبيعي أو المعنوي) أو مع
الهيئات األجنبية أو الدول بوصفها من أشخاص القانون العام الداخلي .
إن العقد ،بصفة عامة " هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين يتمثل في
إعطاء شيء أو القيام بعمل أو االمتناع عن عمل" فيتسم العقد بالدولية عندما يكون أحد
2
عناصره أجنبيا.
ويقصد بالبيع الدولي للبضائع حسب المادة األولى من اتفاقية األمم المتحدة على أنه" :
تطبق أحكام هذه االتفاقية على عقود بيع البضائع المعقودة بين أطراف توجد أماكن عملهم في
دول مختلفة ".
من خالل ما سبق يمكن تعريف عقد البيع الدولي للبضائع على أنه:
البيع عقد يلتزم بمقتضاه البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري مقابل الثمن الذي يلتزم
المشتري بأدائه له ويكون أحد عناصره أجنبيا.
-1محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني الجزائري النظرية العامة لاللتزام ،الطبعة الثانية ،الجزء األول دار الهدى
، 4002الجزائر ،ص.83
- 2محمد حسين منصور ،العقود الدولية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،4006 ،ص.00
6
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
المطلب الثاني :خصائص عقد البيع الدولي للبضائع.
من خالل تعريف عقد البيع الدولي للبضائع يتضح أن لهذا األخير خصائص تميزه عن
باقي العقود المشابهة له و تتمثل فيما يلي:
هو العقد الذي وضع له المشرع إسما خاصا به وتكفل ببيان أحكامه وذلك ألنه شائع في
الواقع العملي ،يبرمه األفراد تحت إسم معين يعرف به ،لذلك فقد تدخل المشرع لتنظيمه ووضع
أحكام خاصة التي أوردها القانون بشأنه .وهي قواعد مكملة إلرادة المتعاقدين في مجموعها
التطبق إال إذا لم يتفق المتعاقدان على خالفها ،وكمثال عن العقود المسماة :عقود البيع و
1
المقايضة و اإليجار و الوكالة.
العقد الرضائي هو العقد الذي يكفي النعقاده مجرد التراضي ينعقد مرتبا لكافة آثاره
القانونية بمجرد تراضي إرادتين أو أكثر بحيث ال يتطلب المشرع النعقاده شكال معينا و إنما
يكفي تراضي الطرفين المتعاقدين على عناصر العقد أي يكفي التعبير عن اإلرادة ألجل انعقاد
العقد أيا كان شكل هذا التعبير سواء كان شفاهة أو كتابة أو باإلشارة الدالة على الموافقة على
العقد .
و يسمى أيضا العقد التبادلي ألنه ينشئ على كل من طرفيه التزامات متقابلة في ذمة كال
العاقدين حيث يصبح كل واحد منهما دائنا و مدينا في نفس الوقت وكمثال )البيع الذي يلتزم
2
معه البائع بنقل ملكية المبيع في مقابل التزام المشتري بدفع الثمن(.
تقوم هذه الخاصية على أن كل طرف من الطرفين المتعاقدين ينالون منافع تعد متعادلة على
وجه محسوس إذ أن البائع يحصل على ثمن نقدي في مقابل نقل ملكية الشيء المبيع إلى
المشتري و يجب أن يكون الثمن الذي يحصل عليه البائع متناسبا مع قيمة الشيء المبيع هذا و
1
يشترط في الثمن أن يكون مبلغا من النقود.
في عقد البيع الدولي الذي يبرمه التجار في الدول المختلفة يجب أن يكون محدد القيمة الن
كل من الطرفين المتعاقدين و هما البائع و المشتري يعلم أو يستطيع أن يعلم في لحظة إبرام
العقد مقدار ما يأخذ و مقدار ما يعطي.
و ذلك بتحديد المبيع من حيث الصنف و الصفات و الخصائص و درجة الجودة و المقدار أو
الوزن أو عدد الوحدات يجب أن ينص العقد على طريقة تغليفها و نوع األغلفة و الطرف الذي
2
يتحمل نفقاته .
وهي الخاصية الحقيقية لعقد البيع حيث أن نقل الملكية هو الغرض األساسي الذي يتميز به
عقد البيع عن العقود األخرى فقد أوضح المشرع الجزائري أن البائع يلتزم في عقد البيع بأن
ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا أخر و االلتزام بنقل الملكية يعد أث ار مباشر لعقد البيع
فالعقد بذاته ال ينقل الملكية مباشرة و إنما يتم نقل الملكية بناء على التزام البائع بنقلها و هذا
االلتزام يتولد عن عقد البيع و قد صار االلتزام ينقل الملكية في القوانين الحديثة ليس من
- 1الياس ناصيف ،العقود الدولية العقود االئتمانية في القانون المقارن ،الطبعة األولى ،توزيع منشورات الحلبي الحقوقية
لبنان ،4000 ،ص.86
- 2نفس المرجع ،ص .87
3
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
طبيعة البيع فحسب بل من مستلزماته أيضا فكل عقد بيع ال بد أن ينشأ التزاما في ذمة البائع
1
بنقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذا اللتزامه بذلك أي قيامه باألعمال الالزمة لذلك .
المطلب الثالث :تمييز عقد البيع الدولي للبضائع عن بعض العقود األخرى.
من خالل هذا المطلب سنتطرق لتمييز عقد البيع الدولي للبضائع مقارنة بعقد المقاولة في
القانون المدني العراقي.
عالج القانون المدني العراقي عقد المقاولة في مادته 968منه ،بعد أن عرف في المادة 968
بأنه " عقد به يتعهد أحد الطرفين أن يصنع شيا أو يؤدي عمال لقاء أجر يتعهد به الطرف
اآلخر ".
أما المادة 968فقد أجازت أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله ،كما يجوز أن
يتعهد أيضا بتقديم العمل والمادة معا ويسمى العقد في هذه الحالة إستصناعا ففي الحالة األخيرة
يختلط بها البيع باإلستصناع الذي يتقدم به المقاول بالعمل والمادة فيشبه فيه عقد المقاولة مع
عقد البيع ،إذ من السهل أن يعتبر المقاول بائعا للمواد التي يستخدمها في العمل وال يستثني من
ذلك إال حالة ما إذا كانت قيمة األدوات والمواد الثانوية بالنسبة لعمل المقاول كما هو الحال
بالنسبة للرسام الذي يقدم إلى جانب عمله الورق أو القماش أو األلوان فهذه المواد ثانوية بالنسبة
لعمل المقاول كما هو الحال بالنسبة للرسام الذي يقدم إلى جانب عمله الورق أو القماش أو
األلوان فهذه المواد أقل بكثير من قيمة عمل الفنان ومهارته وتعتبر تبيعه بالنسبة لعمله
األصلي ،ويذهب غالبية الفقه والقضاء إلى اعتبار العقد المذكور عقد بيع ألشياء مستقبلية إال
إذا كانت المواد التي يقدم بها الطرف الثاني في العقد ذات قيمة ثانوية بالنسبة لقيمة عمل
الطرف األول.
فالخياط إذا تعهد بتقديم القم اش يصح اعتبار العقد المبرم معه بيعا لشيء مستقل إذا كانت
قيمة القماش أكبر من قيمة العمل ،أما إذا كانت أقل فالعقد يبقى مقاولة ،وبالتالي ال يعد الخياط
(المقاول) بائعا إذا قدم المشتري جزءا من المادة المقدمة ،واذا تقاربت القيمتان فالعقد مركب مع
بيع ومقاولة على الرأي الراجح.
- 1زاهية سي يوسف ،عقد البيع ،الطبعة الثالثة ،دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع ،جامعة مولود معمري تيزي وزو
الجزائر ،ص.08
9
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
فحرصت اتفاقية فيينا على تحديد من يعتبر العقد بيعا عندما يكون موضوعه توريد سلع بعد
صنعها أو إنتاجها ،وهذا ما جاء في نص المادة الثالثة من اتفاقية فيينا ولهذا السبب جاءت
المادة لوضع ضابط للتفرقة بين عقد البيع الذي يخضع ألحكام االتفاقية وعقد المقاولة أو
1
االستصناع الذي يخرج عن نطاقها.
سنحاول في هذا المبحث التطرق للطبيعة الدولية لهذا العقد من خالل الحديث عن المعيار
القانوني و االقتصادي الذي يحدد طبيعة هذا العقد و موقف االتفاقيات منه.
في سبيل الكشف متى يكون العقد دوليا ،اقترح الفقه معياران ،معيار قانوني يعتد بعناصر
الرابطة العقدية ومدى تطرق الصفة األجنبية لهذا العناصر كلها أو بعضها ومعيار اقتصادي
يعبر عن مدى اتصال رابطة العقد بمصالح التجارة الدولية.
يقوم هذا االتجاه على فكرة أساسية مؤداها أن العقد يعد دوليا فيما لو اتصلت عناصره
القانونية بأكثر من نظام قانوني واحد .وقد أخذ بهذا المعيار العديد من أحكام التحكيم ،مثل
الحكم الذي أصدرته إحدى هيئات التحكيم في إطار نضام تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس
2
01يوليو .0898
وعلى ذلك األساس ،فمن الالزم علينا تحليل العقد محل التساؤل والوقوف على طبيعة عناصره
المختلفة وعما إذا كانت وطنية خالصة ،أم تطرق إليها عنصر أجنبي ،أو بعبارة أخرى فإنه
يتعين للقول بدولية العقد أن نكشف عن مدى تطرق الصفة األجنبية إلى عناصره القانونية
3
المختلفة.
-1عادل محمد خير ،عقود البيع الدولي للبضائع ،من خالل اتفاقية فيينا ،دار النهضة العربية ،الطبعة األولى ،القاهرة 0992
ص.24
-2بشار محمد األسعد ،عقود الدولة في القانون الدولي ،الطبعة األولى ،منشورات زين الحقوقية ،البقاع 4000 ،ص.44
- 3هشام خالد ،ماهية العقد الدولي ،منشأة النشر المعارف ،اإلسكندرية ، 8002،ص .79
00
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
سواء كان هذا العنصر مكان إبرام العقد ،أو مكان تنفيذه ،أو جنسية المتعاقدين ،أو موطنهم
كان العقد دوليا فيكفي فقط ارتباط هذه العناصر بدولة أجنبية فأكثر.
إن هذا االتجاه ميز ،فيما يتعلق بالعناصر القانونية للعقد والتي قد تتطرق إليها الصفة
األجنبية ،حيث ميز بين العناصر الفعالة أو المؤثرة ،والعناصر غير الفعالة أو المحايدة .فهناك
من عناصر العقد من إذا تطرقت إليه الصفة األجنبية ال يشكل ذلك أهمية كبيرة ،وال يكف
1
لتوفر الصفة الدولية لهذه الرابطة على النحو المفهوم في القانون الخاص.
ويشير في هذا الصدد إلى أن الجنسية األجنبية للمتعاقد ال تعتبر عنص ار مؤث ار في العقود
التجارية وعقود المعامالت المالية بصفة عامة ،ومن ثم ال تصلح في ذاتها أساسا إلضفاء
الطابع الدولي على هذه العقود.
ومن جهة أخرى فانه ورغم أن" محل إبرام العقد " يعد معيا ار مؤث ار عند إسناد العقود من
حيث الشكل ،فإنه كثي ار ما يكون عنص ار محايد اليصلح أساسا إلضفاء الطابع الدولي على
الرابطة العقدية من حيث الموضوع.
وعلى العكس فإن محل تنفيذ العقد وكذلك اختالف موطن المتعاقدين ولو اتحد المتعاقدين
في الجنسية ،يعد من العناصر الحاسمة أو المؤثرة في إضفاء الطابع الدولي على عقود
2
المعامالت المالية والتبادل التجاري.
واذا كان هذا كل ما يتعلق بالمعيار القانوني التقليدي ،فماذا عن المعيار االقتصادي؟
الفرع الثاني :المعيار االقتصادي.
ظهر المعيار االقتصادي في أواخر العشرينات من القرن الماضي في مجال القانون النقدي
والمدفوعات الدولية.
فوضع قواعد خاصة فقط بالعقود المتعلقة بالتجارة الدولية ،من ذلك إقرارها بشرط التحكيم
المدرج في العقود المبرمة بين الدول وأحد األشخاص األجنبية واذا تضمن العقد الداخلي مثل
هذا الشرط وقع الشرط باطال ومن بين القواعد كذلك الشروط المتعلقة بالعملة وضمان مخاطر
1
- jean – Michel jacquet , le contrat, international, 2eme édition, Dalloz, France 1999.p6.
- 2هشام صادق ،عقود التجارة الدولية ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،4007،ص.77-75
00
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
تحويل العملة ،واذا تضمن العقد الداخلي مثل هذا الشرط وقع الشرط باطال مطلقا لتعارضها مع
النظام العام ،وال يجوز إدراجها في العقود الداخلية.
من هنا ،دعت الضرورة إلى وجوب وضع تعريف محدد ودقيق للعقد الدولي ،حتى نستطيع
تمييزه عن العقد الداخلي.
ولما كانت هذه القواعد تهدف إلى تحقيق مصالح التجارة الدولية ،لجأ قضاء النقض الفرنسي
إلى المعيار االقتصادي لضبط دولية العقد ،وقد تبنى التعريف الفقهي الذي اعتبر أن العقد
دوليا ،وفقا للمعيار االقتصادي ،إذا تعلق بمصالح التجارة الدولية فقد لجأت المحكمة في بعض
1
أحكامها إلى ما أسماه الفقه بالمعيار االقتصادي لدولية العقد .
أي أن آثاره تتعدى االقتصاد الداخلي للدولة عن طريق عمليات تصدير واستيراد البضائع
2
والخدمات ،ويستتبع ذلك حركة تنقل األموال والقيم االقتصادية عبر الحدود.
إن المعيار االقتصادي لدولية العقد بهذا المفهوم اليتناقض مع المعيار القانوني الذي يعتبر
العقد دوليا إذا اتصل بأكثر من نظام قانوني واحد .كذلك إن إعمال المعيار القانوني المضيق
الذي يقضي بالتفرقة بين العناصر المؤثرة والعناصر المحايدة في الرابطة العقدية ،اليتعارض
مع المعيار االقتصادي الذي يقوم على أساس ارتباط العقد بالتجارة الدولية.
الفرع الثالث :الجمع بين المعيار القانوني والمعيار االقتصادي لدولية العقد.
يتجه القضاء الفرنسي الحديث ،عند التصدي إلشكالية تحديد دولية عقد معين من عقود
المعامالت المالية والتجارية ،يقوم بالجمع بين المعيار القانوني والمعيار االقتصادي ،أي اليكفي
فقط بالتأكد من وجود عنصر أجنبي في الرابطة التعاقدية (المعيار القانوني) وانما يتحقق كذلك
3
من ارتباط العقد بمصالح التجارة الدولية (المعيار االقتصادي).
الدولية.
الفرع األول :االتفاقيات الدولية التي دلت على التعريف القانوني المتطور بشكل صريح.
إن االتفاقيات الدولية التي تتبنى التعريف القانوني المتطور وبشكل صريح ،هي تلك
االتفاقيات التي تعتبر العقد دوليا الذي إذا تطرقت الصفة األجنبية لعنصر من عناصره
القانونية .وليس أي عنصر إنه عنصر حاسم يستطيع بذاته الربط بين مصالح دولتين حقيقة
وواقعا ،وبالتالي فهي تستبعد العناصر األخرى الغير المؤثرة والحيادية ،مثل عنصر الجنسية
ومحل إبرام العقد وتكتفي بعنصر واحد ،وذلك في سبيل الحد من توسع نطاق تطبيقها أكثر مما
يلزم.
وتكاد االتفاقيات التي تنتمي لهذا الصنف تتفق على كون العنصر الذي يحقق األهداف
المذكورة هو عنصر اختالف محل إقامة مؤسسات أطراف العقد ،واألمثلة عن هذه االتفاقيات
كثيرة نذكر منها :اتفاقية األمم المتحدة بشان عقد البيع الدولي للبضائع (فيينا 00ابريل
1
،)0891االتفاقية الموحدة بشان البيع الدولي للبضائع ( الهاي .)0868
واالتفاقية الموحدة لتكوين عقد البيع الدولي لألشياء المنقولة و المادية ،واالتفاقية الموحدة بشان
التمثيل في البيع الدولي للبضائع (جنيف ،)0891واالتفاقية الموحدة بشان التمويل بالكهرباء
الدولي.
هذا وقد وجدت مجموعة أخرى من االتفاقيات التي تعتبر أن العنصر القانوني الفاعل
والحاسم والقادر بذاته على جعل العقد يتصل بأكثر من قانون دولة واحدة هو عنصر مكان
التنفيذ بدول مختلفة ،ومن االتفاقيات التي تبنت هذا العنصر القانوني نذكر ،االتفاقية المتعلقة
بعقود السفر الدولي (بروكسيل )1970واتفاقية هامبورغ بشأن عقود النقل البحري واتفاقية
(فارسوفيا )0808/10/ 01بشأن النقل الجوي الدولي ،واتفاقية (جنيف )0886بشان عقود
النقل الدولي للبضائع عبر البر.
- 1محمد نصر محمد ،الوافي في عقود التجارة الدولية ،الطبعة األولى ،دار الراية للنشر والتوزيع ،عمان ،4004 ،ص.00
08
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
الفرع الثاني :االتفاقيات الدولية التي دلت على التعريف القانوني المتطور بشكل
ضمني.
توجد اتفاقيات لها طريقة خاصة في تحديد العقد الدولي ،بحيث أنها ال تكلف نفسها عناء
تعيين العنصر القانوني الذي يمكن اعتباره كعنصر قادر بذاته على إضفاء الطابع الدولي على
العقد ،بل تكتفي فقط باإلحالة على مقتضيات االتفاقيات التي من جنسها ،ومن أمثلة هذا
الصنف من االتفاقيات نجد مثال االتفاقية الموحدة بشأن شراء الفاتورة الدولي ،والتي تعتبر أن
عقد شراء الفواتير يكون دوليا عندما يكون ناشئا عن “عقد بيع دولي للبضائع” وفي
نفس اإلطار نجد اتفاقية الهاي 9194بشان البيوع ذات الطابع الدولي لألشياء الدولي ،والتي
كذلك نصت بمقتضى الفترة األولى من مادتها األولى على أن تطبق االتفاقية على البيوع ذات
1
. الطابع الدولي للمنقوالت المادية
فكال االتفاقيتين ال يعرف دولية العقد.
وفي نظرنا أنهما ال يخرجان عن التعريف القانوني الذي سطرناه ،ودليلنا في ذلك إنها تحيل
على اتفاقيات تبنت المعيار القانوني المنظور صراحة ،إضافة انه بالتأمل في مقتضيات المواد
األولية نجد أنها تصب في مصب واحد هو التعريف القانوني االنتقائي ،فمثال اتفاقية الهاي
9144تشير في المادة الثالثة منها لقاعدة تنازع يكون بمقتضاها العقد منظما بمقتضى قانوني
بلد إقامة البائع ،األمر الذي نستنتج أن هذه االتفاقية كغيرها تجعل من عنصر اختالف
مؤسسات األطراف ضابط إلضفاء الدولية على العقد.
والى جانب هذا الشكل من االتفاقيات المذكورة ،يوجد كذلك شكل آخر من االتفاقيات التي
كذلك تستعمل عبارات مبهمة في تحديد دولية العقد ،نذكر من ذلك على سبيل المثال اتفاقية
روما 91يونيو 9191بشان القانون المطبق على االلتزامات التعاقدية ،والتي جاء في مادتها
األولى “ تطبق االتفاقية حين توجد أوضاع تتضمن تنازع قوانين حول االلتزامات التعاقدية”
وهي نفس العبارة التي استعملتها اتفاقية الهاي 00ديسمبر 0896بشان البيع
الدولي للبضائع بمقتضى فقرتها الثانية من المادة األولى لتحديد دولية العقد كشرط مسبق
لتطبيق مقتضياتها ،إال أن هذا اإلبهام والغموض من استعمال عبارة كتنازع القوانين ،سرعان ما
-حسام الدين عبد الغني الصغير ،تفسير اتفاقية األمم المتحدة بشأن عقود البيع الولي للبضائع ،دار الفكر الجامعي 1
اإلسكندرية ،ص.5
02
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
يتبدد عندما نعلم أن منهج تنازع القوانين ال يجد مجاال له إال في إطار التعريف القانوني وليس
له أي دور في إطار غيره من التعريف االقتصادي مثال ،بل إن األمر يزداد جالءا بتفحص
مقتضيات المواد الالحقة.
بناء على كل ما سبق نعتقد أن االتفاقيات بصنفيها الصريح والضمني ال تعتمد أي من المعايير
التي قال بها الفقه الحديث منه والتقليدي ،بل لها مقاربة خاصة في التعامل مع مفهوم العقد
الدولي ،باختصار انه تعريف قانوني متطور يعتبر العقد دوليا العقد الذي تتطرق الصفة
األجنبية لعنصر من عناصره القادرة بذاتها على ربط العقد بأكثر من بلد واحد حقيقة وواقعا ال
1
تجريدا ونظريا.
نصت المادة الثانية من اتفاقية فيينا على أن النطبق أحكامها على البيوع اآلتية:
-0السلع االستهالكية:
استبعدت اتفاقية فيينا بيع السلع غير التجارية التي تباع بقصد االستهالك من البيوع
الخاضعة لها ،وتقصد االتفاقية من ذلك أن تستبعد البيوع التي تتم بين البائع والمشتري بقصد
االستهالك الشخصي أو العائلي أو المنزلي ،فإذا اشترى سائح مثال بعض السلع من بلد أجنبي
وكان هذا البيع مما يمكن ،أن يدخل في نطاق تطبيق االتفاقية ،فإنه متى تبين أن الهدف منه
هو االستعمال الشخصي ،فإنه يخرج من نطاق االتفاقية.
-0البيع في المزاد:
استبعدت اتفاقية فيينا في الفقرة (ب) من المادة الثانية ،البيع بالمزاد من الخضوع
ألحكامها ،ولم يكن هذا البيع مستبعدا من القانون الموحد الملحق باتفاقية الهاي سنة .9195
ونالحظ أن المقصود بالبيع بالمزاد ،الذي يتم اختيا ار بالمزاد العلني ،ويقال في تبرير استبعاد
البيع بالمزاد ،أنه يعد من البيوع المحلية التي تتصل بالقوانين الوطنية أكثر من تعلقه بالتجارة
1
- Hugues kenfack, droit de commerce international, 3eme édition, Dalloz, France, p90.
05
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
الدولية .ذلك أن البيع بالمزاد ينعقد فور رسو المزاد في مكان وجود الشيء وبالتالي فإن القضاء
1
في مختلف الدول يخضع هذا البيع لمكان رسو المزاد.
-1البيع البحري:
استبعدت الفقرة (ج) من المادة الثانية من اتفاقية فيينا ،البيع الذي يتم تنفيذا ألمر صادر
من سلطة يخولها القانون إصدار هذا األمر ،من الخضوع ألحكام االتفاقية .ويعتبر البيع
البحري الذي يتم تنفيذا ألمر صادر من القضاء أو من السلطة العامة من البيوع المستبعدة
أيضا وفق الفقرة ( 0د) من المادة السادسة من القانون الموحد التفاقية الهاي ،ويقال في
تبرير هذا االستبعاد أن صلتها بالتجارة الدولية منعدمة فضال عن وقوعها بمقتضى إجراءات
إدارية أو قضائية تختلف في كل دولة عن األخرى إطالقا يصعب معه توحيدها.
تنص الفقرة (د) من المادة الثانية من اتفاقية فيينا على استبعاد بيع القيم المنقولة التي
تشمل األسهم وسندات االستثمار واألوراق التجارية كالكمبياالت والشيكات من الخضوع ألحكام
االتفاقية ،كما استبعدت الفقرة المذكورة أيضا بيع النقود أي عمليات الصرف األجنبي من
الخضوع لالتفاقية ويستبعد بيع هذه القيم من االتفاقية ولو كان بيعا دوليا ،ألن بيع هذه القيم
يخضع ألحكام قانونية خاصة به تكون غالبا أحكام ملزمة .
ونالحظ أن هذا االستثناء اليشمل عقود البيع التي تمثل فيها البضاعة بمستند خاص كسند
الشحن أو تذكرة النقل أو صك إيداع البضائع في مخازن عامة ،ولو سمي البيع بيع مستندات
ألن دور المستندات هنا يتصل بالتزام البائع بتسليم البضاعة ،لذلك يدخل هذا البيع في نطاق
2
البيع الدولي الخاضع للإلتفاقية.
احتفظت اتفاقية فيينا في الفقرة (ه) من المادة الثانية باستثناء بيع السفن والمراكب
والطائرات من الخضوع ألحكام االتفاقية وهو استثناء وارد في القانون الموحد التفاقية الهاي
سنة 4691في المادة /4( 5ب) بالرغم من إثارة اعتراضات كثيرة حول هذه البيوع من نطاق
اتفاقية فيينا ،وذلك راجع إلى أن التشريعات تعاملها معاملة العقار.
-9بيع الكهرباء:
استبعدت اتفاقية فيينا في الفقرة (و) من المادة الثانية بيع الكهرباء من الخضوع ألحكام
االتفاقية وهو ماتنص عليه الفقرة (1ج) من المادة الخامسة من القانون الموحد التفاقية
الهاي .واستبعاد بيع الكهرباء اليشمل استبعاد مصادر الطاقة األخرى ،االستثناء ال يقاس عليه
1
وال يتوسع في تفسيره.
هناك بعض البيوع لم تنص االتفاقية على استبعاد ها صراحة ،ولكن يمكن استخالص
استبعادها ضمنا من مجموع نصوص اتفاقية فيينا وذلك على النحو التالي:
-4بيع العقار:
تعالج االتفاقية البيع الدولي للبضائع ،ولما كان العقار ال يعتبر قانونا من البضائع أو السلع فإنه
يستبعد من الخضوع ألحكام االتفاقية .ونالحظ أن عنوان القانون الموحد التفاقية الهاي
سنة 4691بالغة الفرنسية هو بيع المنقوالت المادية بينما يستخدم األصل اإلنجليزي لهذا القانون
اصطالح بيع البضائع أما اتفاقية فيينا فإنها تستخدم اصطالح بيع البضائع سواء في األصل
الفرنسي أو األصل اإلنجليزي.
-2بيع المنقول المعنوي:
كما هو معلوم أن العقد ينعقد بصدور إيجاب وقبول متطابقين ،على أن األمر ال يتم بهذه
الصورة البسيطة في نطاق عقد البيع الدولي للبضائع ،ألن هذا العقد تسبقه عدة مفاوضات .
هناك مرحلة تمهيدية تتمثل في المفاوضات التي يجريها الطرفان المتعاقدان قبل اإليجاب
والقبول فكثي ار ما يسبق التعبير عن اإلرادة في البيوع الدولية مفاوضات تمهيدية ،يتمكن من
خاللها كل طرف من معرفة حقوقه والتزاماته في حال إبرام العقد مستقبال .وعلى هذا األساس
قسمنا هذا المطلب إلى الفرع األول التعريف بالمفاوضات وبيان أهميتها الفرع الثاني
اإللتزامات المفروضة في مرحلة المفاوضات الفرع الثالث قيام المسؤولية في مرحلة
المفاوضات.
الفرع األول :التعريف بالمفاوضات وبيان أهميتها.
أوال :التعريف بالمفاوضات.
المفاوضات عبارة عن حوار ومناقشة وتحاور بين طرفين أو أكثر بصدد موضوع معين
1
لحسم الخالف ،والتوفيق بين المصالح المتعارضة ،والوصول إلى اتفاق بشأنه.
كما تعرف المفاوضات بأنها المناقشة المشتركة بين طرفين متقابلين بصدد عناصر عقد في
2
المستقبل.
وفي العقود الدولية يتم التفاوض بين الحكومات واألفراد والشركات بصدد مشروعات
ومشاكل اقتصادية أو تجارية أو قانونية بهدف إقامة رابطة عقدية متوازنة تحقق المصالح
المشتركة ألطرافها ،ويتم ذلك من خالل تبادل األفكار والمقترحات ومناقشتها ،وقد يفشل
3
األطراف في تحقيق التوافق ،وقد يتم ذلك في شكل شفهي أو كتابي رسمي أو غير رسمي.
ثانيا :أهمية المفاوضات.
تعتبر المفاوضات مرحلة سابقة على التعاقد ،وال يؤثر عدم وجودها على تكوين العقد أو
صحته ،لكنها تحتل أهمية كبيرة ال يمكن تجاهلها ،وذلك لالعتبارات التالية:
.4يحتل التفاوض أهمية بالغة في عصرنا الراهن أمام ظهور العقود المركبة والمعقدة
التي أسفرت عنها األساليب الحديثة للتعامل الذي يترتب عنه انتقال السلع والخدمات
تتمثل هذه اإللتزامات المفروضة في مرحلة المفاوضات بوجوب التعاون وتقديم النصح
واإلعالم والمحافظة على األسرار.
إن التزام المتفاوض بالتعاون يعتبر إلزاما أساسيا حيث ينبغي أن يحدد أغراضه وأهدافه من
العقد الساعي إليه واالحتياجات الفعلية لديه ،ويبدو ذلك بوضوح في كافة العقود الفنية مثل
الحاسب اآللي ،ولو احتاج األمر االستعانة بخبير أو االستعالم لدى الشركات المتخصصة.
يتعين على المتفاوض اإلفضاء إلى الطرف األخر بكل مالديه من بيانات ومعلومات تتعلق
1
بالعقد موضوع التفاوض ،حتى تستنير إرادة المتعاقدين.
تبدو أهمية هذا االلتزام بصدد العقود التي يحتاج فيها أحد الطرفين ،لمعاونه األخر بسبب
تفاوت الخبرة ،والشك أن ذلك يتعلق على كافة العقود محل الدراسة ،نظ ار لسرعة التطورات
والتعقيدات الفنية المتالحقة.
يلتزم المتفاوض بالمحافظة على األسرار التي يطلع عليها أثناء التفاوض ،حيث قد تقتضي
المفاوضات أفضاء أحد الطرفين لآلخر ببعض أس ارره الهامة الفنية أو المهنية ،حتى ولو لم
1
تكن هذه األسرار تحظ بالحماية القانونية.
القاعدة أن المفاوضات أعمال مادية غير ملزمة ،وال يترتب عليها في ذاتها ،أي أثر
قانوني ،وال تنشئ على عاتق الطرفين أي التزام فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة دون
مسؤولية ،وهو غير مطالب بتقديم مبرر عن ذلك ،فالعدول عن المفاوضات ال يعد في ذاته سببا
لقيام المسؤولية في حق الطرف القائم بذلك ،إال إذا كان متعسفا في االنسحاب أو صدرت منه
أفعال تتنافى مع األمانة وحسن النية ،أو تشكل سلوك خاطئا ،فهنا فقط تقوم مسؤوليته
2
التقصيرية المبنية على الخطأ الثابت ،ويقع على عاتق المضرور عبئ إثبات هذا الخطأ.
.4قطع المفاوضات بدون مبرر شرعي :ويقصد بذلك وجود سبب موضوعي يدعو إلى
ذلك ،فإذا لم يكن هناك مبرر مشروع ،فإن قطع التفاوض يكون خاطئا لمنافاته لقواعد
حسن النية واألمانة في التفاوض.
إذا ثبت خطأ المتفاوض وترتب على ذلك ضرر مادي أو أدبي ،كان للمضرور الحق في
إثبات ذلك والمطالبة بالتعويض أو اإللزام بإبرام العقد ،و يقتصر دور القاضي على مجرد الحكم
بالتعويض النقدي الجابر للضرر طبقا للقواعد العامة .ويدخل في عناصر التعويض :نفقات
2
التعويض ،ضياع الوقت والجهد ،تفويت صفقة مهمة.
اإليجاب هو عرض جازم يتقدم به شخص معين إلى آخر ،أو آخرين بقصد إبرام عقد ما
للحصول على قبول هذا العرض وبالتالي أنشاء العقد ،إذا ما تالقى معه قبول .وقد عرفته
وعليه وقصد اإللمام بجميع المسائل المتعلقة باإليجاب ،سنتناول في هذا الفرع العناصر
التالية :شروط اإليجاب ،الوقت الذي ينتج فيه اإليجاب أثره ،العدول عن اإليجاب ،وسقوط
اإليجاب.
تنص اتفاقية فيينا في المادة العاشرة فقرة 1بقولها " :يعتبر إيجابا أي عرض إلبرام عقد
إذا كان موجها إلى شخص أو عدة أشخاص معينين ،وكان محددا بشكل كاف ،ويتبين منه
اتجاه قصد الموجب إلى االلتزام به في حالة القبول ،ويكون العرض محددا بشكل كاف إذا
عين البضائع وتضمن صراحة أو ضمنا تحديدا للكمية والثمن أو بيانات يمكن بموجبها
تحديدهما ".
وبالرجوع للمادة أعاله ،نجد أنها تشترط ثالث شروط العتبار العرض إيجابا وهي:
.0أن يكون العرض موجه إلى شخص أو عدة أشخاص :أما العرض العام الموجه إلى
الجمهور أو إلى طائفة من الناس دون تعيين فال يعتبر إيجابا وانما دعوة إلى عمل
إيجاب.
.4أن يكون العرض محددا تحديدا كافيا :وقد حدد نص الفقرة 1من اتفاقية فيينا ما هو
المقصود بالتحديد الكافي فقال:
أ ـ" يكون العرض محددا بشكل كاف إذا عين البضائع وتضمن صراحة أو ضمنا تحديدا
للكمية والثمن أو بيانات يمكن بموجبها تحديدهما ".
ب ـ ـ أن يتضمن العرض تعبي ار عن اتجاه إرادة الموجب إلى االلتزام بإبرام العقد إذا صادف
العرض قبوال من المعروض عليه :وهو ما جاء في المادة 11من االتفاقية
" يعتبر إيجابا أي عرض إلبرام عقد ،ويتبين منه اتجاه قصد الموجب إلى االلتزام به في
حالة القبول ".
- 1محمد لبيب شنب ،الوجيز في مصادر االلتزام ،الطبعة الثالثة ،دار النهضة العربية ،ص.007
48
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
ج ـ ـ وهذا هو العنصر األساسي في النص ،ألنه هو الذي ينقل العرض من مرحلة
1
المفاوضات إلى مرحلة العزم على التعاقد.
تعتبر المفاوضات في بعض العقود ،ال سيما في عقد البيع ،وهي المرحلة السابقة على التعاقد
وال يصدر عن أحد المتعاقدين إيجابا نهائيا إال بعد مفاوضات مع الطرف اآلخر ،فاإليجاب إذن
2
هو نتيجة المفاوضات .
تجيب على هذا السؤال الفقرة 1من المادة 11من اتفاقية فيينا بما يأتي:
" يحدث اإليجاب أثره عند وصوله إلى المخاطب " .
ويمكن للموجب أن يسحب إيجابه ،حتى ولو كان هذا اإليجاب غير قابل للرجوع فيه ،إذا
وصل سحب اإليجاب إلى المخاطب قبل وصول اإليجاب أو في وقت وصوله ،وهذا ما نصت
عليه المادة 11فقرة 2من اتفاقية فيينا ،4691بقولها " :يجوز سحب اإليجاب ،ولو كان
غير قابل للرجوع عنه ،إذا وصل سحب اإليجاب إلى المخاطب قبل وصول اإليجاب أو في
3
وقت وصوله ".
يمكن للموجب أن يعدل عن اإليجاب إذا وصل العدول عن اإليجاب إلى المخاطب قبل أن
يكون هذا األخير قد أرسل قبوله ،وهذا ما جاءت به المادة 11فقرة 1من اتفاقية فيينا
4691بنصها على أنه " :يجوز الرجوع عن اإليجاب لحين انعقاد العقد إذا وصل الرجوع عن
اإليجاب إلى المخاطب قبل أن يكون هذا األخير قد أرسل قبوله ".
- 1إلياس ناصيف ،موسوعة العقود المدنية والتجارية ،الجزء التاسع ،بيروت ،.7779،ص. 555 -552
- 2محمود سمير الشرقاوي ،العقود التجارية الدولية ،دراسة خاصة لعقد البيع الدولي للبضائع ،المكتبة المصرية للنشر والتوزيع،
مصر ،7778،ص.27
- 3الياس ناصيف ،المرجع السابق ،ص.556
42
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
ولكن ،هناك حالتين ال يمكن فيهما للموجب أن يعدل عن إيجابه ،وهما حسب المادة 11فقرة
2من اتفاقية فيينا:
أ .إذا تبين منه أنه ال رجوع عنه ،سواء بذكر فترة محددة للقبول أو بطريقة أخرى.
ب .إذا كان من المعقول للمخاطب أن يعتبر أن اإليجاب ال رجوع عنه وتصرف على هذا
األساس.
تنص المادة 11من اتفاقية فيينا 4691على أنه " :يسقط اإليجاب ،ولو كان ال رجوع
عنه ،عندما يصل رفضه إلى الموجب " .
ومعنى هذا النص أن اإليجاب ،ولو كان إيجابا ملزما ،فإنه يسقط متى رفضه من وجه إليه
اإليجاب ،ولو لم تنقص المادة التي حددها الموجب للقبول.
القبول هو التعبير عن إرادة الطرف التي وجه إليه اإليجاب بارتضائه العرض الذي تقدم به
1
الموجب.
وسنحاول التطرق في هذا الفصل إلى صور التعبير عن اإلرادة ،والوقت الذي ينتج فيه القبول
أثره ،عدم تطابق القبول اإليجاب ،وسريان الميعاد المحدد للقبول ،والرجوع في القبول.
لقد نصت المادة 11من اتفاقية فيينا في فقرتها األولى على أن " يعتبر قبوال ،أي بيان أو
أي تصرف آخر صادر من المخاطب يقيد الموافقة على اإليجاب ،أما السكوت أو عدم القيام
ال " .
بأي تصرف فال يعتبر أي منهما في ذاته قبو ً
1- jean charbonnier: droit civil – lis obligation – tome 4, 21 e édition refondue Thémis 1998, p77.
45
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
وتعنى هذه المادة أن القبول كما يكون صـريحاً بصـدور تعبيـر محـدد يـدل عليـه ،مـن الموجـب
له ،فإنه قد يكون ضمنيا باتخاذ الموجب لـه سـلوكا يعبـر عـن موافقتـه علـى اإليجـاب الموجـه إليـه
كمـا لــو قـام المشــترى بـدفع الــثمن أو قـام البــائع بتسـليم المبيــع .كمـا أكــدت المـادة أن الســكوت أو
اتخاذ موقف سلبي من جانب المخاطـب ال يصـل إلـى درجـة القبـول ،فسـكوت المخاطـب ال يرقـى
1
إلى درجة القبول ،فسكوت المخاطب اليرقى إلى درجة القبول الضمني.
وبــالرغم مــن إشــارة المــادة أعــاله أن الســكوت اليعتبــر فــي ذاتــه قب ـوال ،إال أن التعبيــر فــي ذاتــه
يمك ــن أن يس ــتنتج من ــه أن ــه م ــن الج ــائز اعتب ــار الس ــكوت قبـ ـوال إذا وق ــع ف ــي ظ ــرف ،أو البس ــته
أوصــاف يمكــن معهــا اعتبــار أنــه عالمـة رضــا ،كمــا هــو األمــر فــي التعامــل الســابق بــين الطــرفين
2
والمتضمن أن عدم الرد بالرفض خالل فترة معينة يعتبر قبوال.
نصت المادة 11فقرة 2من اتفاقية فيينـا علـى أنـه " :يحـدث قبـول اإليجـاب أثـره مـن اللحظـة
التــي يصــل فيهــا الموجــب مــا يفيــد الموافقــة .وال يحــدث القبــول أثـره إال إذا لــم يصــل إلــى الموجــب
خالل المدة التي اشترطها ،أو خالل مدة معقولة في حالـة عـدم وجـود مثـل هـذا الشـرط ،علـى أن
يؤخـذ فــي االعتبــار ظـروف الصــفقة وســرعة وسـائل االتصــال التــي اتخـذها الموجــب ،ويلتــزم قبــول
اإليجاب الشفوي في الحال ،ما لم يتبين من الظروف خالف ذلك ".
وال يعتبر القبول منتجاً ألثره إذا لم يصل إلى الموجب خالل الميعاد الذي حدده في إيجابـه أو
خالل ميعاد معقول ،إذا لم يحدد الموجب ميعاداً للقبول ،ويجب أن يؤخذ في االعتبـار فـي تحديـد
الميعاد المعقول ظروف التعامل بما في ذلك سرعة وسائل المواصالت التي اسـتخدمها الموجـب.
واذا كان اإليجاب شفوياً وجب أن يكون القبول فورياً ،إال إذا اتضح من الظروف غير ذلك .
وعلــى أيــة حــال ،فإنــه متــى تضــمن اإليجــاب أو دل التعامــل الســابق بــين المتعاقــدين أو قض ـى
العرف بأن الموجه إليه اإليجاب ،عليه أن يعبر عن قبولـه بالقيـام بعمـل معـين كإرسـال البضـاعة
المبيعــة أو دفــع الــثمن ،دون إخطــار الموجــب فــإن القبــول ينــتج أث ـره منــذ اللحظــة التــي يقــوم فيهــا
وهذا ما جاء فـي المادة 11فقررة 3مـن اتفاقيـة فيينـا 0930بنصـها علـي أنـه " :ومـع ذلـك إذا
جاز ،بمقتضى اإليجاب أو التعامل الجاري بـين الطـرفين أو األعـراف ،أن يعلـن المخاطـب الـذي
عــرض عليــه اإليجــاب عــن قبولــه بالقيــام بتصــرف مــا ،كالــذي يتعلــق بإرســال البضــائع أو تســديد
ال ــثمن ،دون إخط ــار الموج ــب ،عندئ ــذ يك ــون القب ــول ناف ــذا ف ــي اللحظ ــة الت ــي ت ــم فيه ــا التص ــرف
المذكور ،بشرط أن يجري ذلك خالل المدة المذكورة في الفقرة السابقة ".
تــنص المررادة 11فقرررة 1مــن اتفاقيــة فيينــا علــى أنــه " :إذا انصــرف الــرد علــى اإليجــاب إلــى
القبــول ،ولكنــه تضــمن إضــافات أو تحديــدات أو تعــديالت يعتبــر رفضــا ،لإليجــاب ويشــكل إيجابــا
مقابال ".
وعلــى ذلــك فــالنص أوضــح تمامــا فــي أن عــدم تطــابق القبــول مــع اإليجــاب لــيس مــن شــأنه أن
يــؤدى إلــى انعقــاد عقــد البيــع الــدولي للبضــائع ،ولكــن تعتبــر اإلضــافة أو القيــد أو التعــديل بمثابــة
إيجــاب جديــد يحتــاج إلــى قبــول مــن الموجــب حتــى ينعقــد العقــد وفقــا للتغييــر المقتــرح مــن الموجــب
2
له.
وتنص الفقرة الثانية من المادة 11من اتفاقية فيينا على أنه " :ومع ذلك ،إذا انصـرف الـرد
عل ــى اإليج ــاب إل ــى القب ــول وتض ــمن عناص ــر متمم ــة أو مختلف ــة ال ت ــؤدي إلـ ـى تغيي ــر أساس ــي
لإليجــاب ،فهــو يشــكل قبـوال ،إال إذا قــام الموجــب ،دون تغييــر غيــر مبــرر ،بــاالعتراض علــى ذلــك
شــفويا ،أو بإرســال إخطــار بهــذا المعنــى ،فــإذا لــم يعتــرض الموجــب علــى النحــو المــذكور ،يكــون
العقد قد تضمن ما جاء في اإليجاب مع التعديالت التي جاءت في صيغة القبول ".
ويهــدف الــنص المتقــدم إلــى تيســير تكــوين العقــد ،فمتــى كانــت هنــاك تعــديالت فــي اإليجــاب ال
تغير في جوهر شروطه ،فان العقد يتم طبقا لهذه الشروط التـي يتضـمنها اإليجـاب والمعدلـة وفقـا
- 1أحمد حشمت أبو ستيت ،نظرية االلتزام في القانون المدني الجديد ،الكتاب األول ،مصادر االلتزام ،الطبعة الثانية ،القاهرة
،7751ص.95
- 2محمود سمير الشرقاوي ،المرجع السابق ،ص.004
47
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
للتغييـرات غيـر الجوهريــة الـواردة فــي القبـول ،مــا لـم يعتـرض الموجــب علـى هــذه التغييـرات شــفاهة
أو بإرسال إخطار فوري إلى الموجب له بحل هذا االعتراض .
ولكــي نميــز بــين التغييـرات الجوهريــة والغيــر جوهريــة ؟ أجابــت المررادة 11فقرررة 3مــن اتفاقيــة
فيينــا علــى هــذا التســاؤل بنصــها علــى أن " :الشــروط اإلضــافية أو المختلفــة المتعلقــة بــالثمن أو
التسديد أو النوعية أو الكميـة أو مكـان وموعـد التسـليم للبضـائع أو مـا يتعلـق بمـدى مسـؤولية أحـد
الطــرفين تجــاه الطــرف اآلخــر أو تســوية المنازعــات ،هــذه األمــور تعتبــر أنهــا تــؤدي إلــى تغييــر
1
أساسي بما جاءت به صيغة اإليجاب ".
تض ــمنت المرررادة 22فقررررة 1م ــن اتفاقي ــة فيين ــا عل ــى أن ــه " :يب ــدأ سـ ـريان الم ــدة الت ــي يح ــددها
الموج ــب للقب ــول ف ــي برقي ــة أو رس ــالة م ــن لحظ ــة تس ــليم البرقي ــة لإلرس ــال أو م ــن الت ــاري المب ــين
بالرسالة ،واذا لم يكن التاري مبينا بها فمن التاري المبين على الغـالف .ويبـدأ سـريان المـدة التـي
يحددها الموجب للقبول بواسطة الهاتف أو التلكس أو غيـر ذلـك مـن وسـائل االتصـال الفـوري مـن
لحظة وصول اإليجاب إلى المخاطب ".
بالرجوع إلى نص المادة أعاله ،يتبين لنـا أن الميعـاد الـذي يحـدده الموجـب للقبـول يبـدأ سـريانه
من تاري تسليم البرقية إلرسالها إلى المخاطب ،أو مـن التـاري المبـين فـي الرسـالة ،فـإذا لـم يكـن
التاري مذكو ار في الرسالة فالعبرة بالتاري المذكور على الغالف.
ووفقا للفقرة الثانية من المادة 22من اتفاقية فيينا ،فإنه يدخل في حساب الميعاد المحدد
للقبول أيام اإلجازات الرسمية أو األيام التي يتعطل فيها العمل إذا وقعت هذه األيام خالل
الميعاد .وعلى أي حال فإنه إذا لم يمكن تسليم اإلخطار بالقبول في عنوان الموجب في اليوم
األخير للميعاد المحدد للقبول ألنه يقع في يوم إجازة رسمية أو في يوم يتعطل فيه العمل في
2
المكان الذي يوجد فيه مركز أعمال الموجب فإن الميعاد يمتد إلى أول يوم عمل التالي .
تنص المادة 22من اتفاقية فيينا على أنه " :يجوز سحب القبول إذا وصل طلب السحب
إلى الموجب قبل الوقت الذي يحدث فيه القبول أثره ،أو في نفس الوقت ".
الحالة األولى :إذا وصل طلب إلغاء القبول إلى الموجب قبل وصول إعالن القبول كما لو
أرسل إعالن القبول بخطاب عادي ،ثم بادر الموجب له إلى إرسال برقية إللغائه ،ووصلت
البرقية قبل وصول الخطاب.
الحالة الثانية :إذا وصل إلغاء القبول في الوقت نفسه .وال يلتفت إلى أيهما فضه الموجب قبل
اآلخر .وفي غير هاتين الحالتين ال رجوع في القبول إذا وصل إلى الموجب وأحدث أثره ،ألن
1
العقد يكون عندئذ قد انعقد ،وال سبيل إذن إلسقاطه إال بإبطاله.
تنص المادة 23من اتفاقية فيينا على أنه " :ينعقد العقد في اللحظة التي يحدث فيها قبول
اإليجاب أثره وفقا ألحكام هذه االتفاقية ".
كما تنص المادة 42من اتفاقية فيينا على أنه " :في حكم هذا الجزء من االتفاقية يعتبر
اإليجاب أو اإلعالن عن قبول أو أي تعبير آخر عن القصد قد وصل إلى المخاطب عند
إبالغه شفويا أو تسليمه إليه شخصيا بأي وسيلة أخرى أو تبليغه في مكان عمله أو في عنوانه
البريدي ،أو تسليمه في مكان سكنه المعتاد إذا لم يكن له مكان عمل أو عنوان بريدي " .
1
-الياس ناصيف ،المرجع السابق ،ص .565
49
إبرام عقد البيع الدولي للبضائع الفصل األول:
لذلك حرصت المادة 23على أن تؤكد أن العقد يتم منذ اللحظة التي يعتبر فيها القبول
منتجاً ألثره وفقاً ألحكام االتفاقية أي منذ أن يصل القبول إلى الموجب ،ففي هذه اللحظة يقترن
اإليجاب بالقبول .
تكفلت المادة 21من االتفاقية ببيان متى يصـل التعبيـر عـن اإلرادة إلـى الطـرف اآلخـر وذلـك
في الصور اآلتية :
– 0إذا وجه شفاهة إلى الموجه إليه التعبير ( الطرف اآلخر ) .
– 4إذا سلم من صاحب التعبير إلى الموجه إليه بأية وسيلة أخرى :
جـ -أو إلى محل إقامته المعتادة إذا لم يكن له مركز أعمال أو عنوان بريدي.
ويعنى نـص المادة 21من اتفاقية فيينا إذن بتحديـد اللحظـة التـي يـتم فيهـا عقـد البيـع أو
يقتــرن فيهــا اإليجــاب بــالقبول ،ويتضــح مــن هــذا الــنص أن اتفاقيــة فيينــا أخــذت بنظريــة معينــة مــن
عدة نظريات تأخذ بها مختلف التشريعات الوطنية.
فقد اعتدت االتفاقية بنظرية وصول القبـول أي تسـليمه وهـو ذات المـذهب الـذي اعتنقـه القـانون
الموحد التفاقية الهاي.
أما اتفاقية فيينا فقد حرصت على بيان الحاالت التي يمكن القـول فيهـا أن التعبيـر عـن اإلرادة
وصل إلى الموجه إليه هذا التعبير ببيان الحاالت األربع التي أشرنا إليها فيما تقدم .
وقــد غلبــت اتفاقيــة فيين ــا نظريــة وصــول التعبي ــر ،بينمــا يتنــازع ه ــذا الموضــوع فــي التشـ ـريعات
1
الوطنية عدة نظريات نوجزها فيما يلي.
على أنه يؤخذ على هذه النظرية أن اإلرادة ال تنـتج أثرهـا إال مـن وقـت العلـم بهـا ،إذ قـد يعـدل
من عبر عن إرادته عن هذا التعبير بعد صدوره .
(ب) نظرية تصدير القبول :ال تختلــف هــذه النظريــة عــن النظريــة الســابقة كثيـ اًر ،إذ ينــتج القبــول
أثره بإعالنه علـى أن يكـون هـذا اإلعـالن نهائيـا ال رجعـة فيـه ،وال يكـون كـذلك إال بإرسـال القبـول
إلى الموجب .
ويؤخ ــذ عل ــى ه ــذه النظري ــة أن القب ــول المص ــدر يمك ــن اس ــترداده ألن الخط ــاب المرس ــل مل ــك
للمرسل حتى يتسلمه المرسل إليه.
(جر) نظرية تسليم القبول :ال يكـ ــون القبـ ــول نهائي ـ ـاً بتصـ ــديره ألنـ ــه يمكـ ــن اسـ ــترداده وهـ ــو فـ ــي
الطريق كمـا قـدمنا وانمـا يعتبـر القبـول نهائيـاً إذا وصـل إلـى الموجـب ،ففـي هـذا الوقـت يـتم العقـد
سواء علم به الموجب أو لم يعلم ،على أن وصول القبول قرينة على العلم به .
(د) نظرية العلم بالقبول :ال يكفــى إعــالن القبــول بــل يجــب علــم الموجــب بــه ،ويعتبــر وصــول
القبـول قرينـة علـى العلـم بـه ولكنهـا قرينـة قضـائية يمكـن األخـذ بهـا أو عـدم األخـذ بهـا وهـى قرينــة
1
قابلة إلثبات العكس في جميع األحوال.
وهــذه النظريــة متفرعــة عــن النظريــة الســابقة فهــي تشــترط العل ـم وتعتبــر وصــول القبــول قرينــة
عليه.
ويبدو أن القانون المصري يأخذ بهذه النظرية إذ تنص المادة 11مدني على أنه:
" ينتج التعبير عن اإلرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه".
ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به ما لم يقم الدليل على عكس ذلك ".
سنحاول في هذا الم طلب التطرق إلثبات عقد البيع الدولي للبضائع من خالل التقسيم التالي:
مبدأ حرية شكل العقد ،شرط التحفظ على مبدأ حرية تكوين واثبات العقد ،المقصود بالكتابة في
اتفاقية فيينا.
يعتبر مبدأ حرية تكوين إثبات التصرفات التجارية ،من المبادئ المسلم بهـا فـي مختلـف الـنظم
القانونيــة .وبــالرغم مــن أن اتفاقيــة فيينــا تعــالج البيــع الــدولي للبضــائع وتــنص صـراحة علــى أنــه ال
يش ــترط أن يك ــون البي ــع تجاريـ ـاً لك ــي يخض ــع ألحكامه ــا ،إال أن ــه م ــن المق ــرر أن ه ــذه االتفاقي ــة
تنصرف أحكامها أساسـا إلـى البيـع التجـاري الـدولي ،لـذلك لـم يكـن مـن الغريـب أن تقـرر االتفاقيـة
مبدأ حرية كل من تكوين واثبات عقد البيع الدولي للبضائع.
" ال يشــترط أن يــتم انعقــاد عقــد البيــع أو إثباتــه كتابـة ،وال يخضــع ألي شــروط شــكلية .ويجــوز
إثبات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأي وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيلة .بم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ذل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك اإلثب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات بالبين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ".
ومن هذا النص يبين أن عقد البيع الدولي للبضائع يعتبـر وفقـا التفاقيـة فيينـا عقـداً رضـائياً ولـيس
عقداً شكلياً ،فلم تشترط إلبرام هذا العقد أن يفرغ في شكل معين.
ومن ناحية أخرى ،فإن االتفاقية قـررت أيضـا عـدم خضـوع إثبـات هـذا العقـد لشـكل معـين ،فهـو
يخضع لمبدأ حرية اإلثبات ،فيجوز إثباته بكافة طرق اإلثبات بما في ذلك شهادة الشهود.
الفرع الثاني :شرط التحفظ على مبدأ حرية تكوين واثبات العقد.
إذا كان مبدأ حريـة تكـوين واثبـات عقـد البيـع الـدولي للبضـائع هـو األصـل وفقـاً ألحكـام اتفاقيـة
فيينا ،فإن االتفاقية راعت أن قوانين بعض الدول ،قد تتطلب شكالً معيناً لتكـوين عقـد البيـع لـذلك
وضــعت االتفاقيــة تحفظ ـاً علــى مبــدأ حريــة شــكل العقــد ،يجيــز للــدول التــي تأخــذ بــه ،أن تطبــق
القاعــدة التــي يأخــذ بهــا قانونهــا الــوطني متــى كــان واجــب التطبيــق علــى العقــد وفق ـاً لقواعــد تنــازع
القوانين ،إذا كان هذا القانون يتطلب الكتابة كشكل للعقد.
" جميــع أحكــام المــادة 00والمــادة 49أو الجــزء الثــاني مــن هــذه االتفاقيــة التــي تســمح باتخــاذ أي
شكل غير الكتابة ألجـل انعقـاد عقـد أو تعديلـه أو فسـخه رضـائيا أو لوقـوع اإليجـاب أو القبـول أو
اإلعالن عن قصد أحد الطرفين ال تطبق عندما يكون مكان عمل أحد الطرفين في إحـدى الـدول
المتعاقدة المنضمة إلى هذه االتفاقية التي أعلنت تحفظها بموجب المادة أو تعديل آثارها ".
– 0يشير إلى عدم تطبيق المرادة 11والتـي رأينـا حكمهـا فـي البنـد السـابق والتـي تقضـى
بمبـدأ حريــة شــكل عقـد البيــع .وكــذلك المررادة 21مـن االتفاقيــة التــي تقــرر فقرتهررا األولررى أن عقــد
البيع يمكن تعديله أو إنهاؤه بمجرد تراضى الطرفين.
بينما تقضى الفقرة الثانية منها بأن العقد المكتوب الذي يتضمن شـرطاً يتطلـب أن يـتم أي اتفـاق
على تعديل أو إنهاء العقد بالكتابة فإنـه ال يكفـي الت ارضـي لتعـديل أو إنهـاء العقـد وعلـى أيـة حـال
فإن سلوك أحد الطـرفين يمكـن أن يمنعـه مـن التمسـك بهـذا الـنص إذا اعتمـد الطـرف اآلخـر علـى
هذا السلوك.
– 4تقضى المادة 19من االتفاقية بإيراد تحفظ من شأنه ،أنه يجوز ألية دولة متعاقدة
يتطلب قانونها أن يبرم عقد البيع أو يثبت بالكتابة ،أن تعلن في أي وقت وطبقاً للمادة 12من
االتفاقية بأن نصوص المادة 11والمادة 21والقسم الثاني من االتفاقية المتعلق باإليجاب
والقبول والتي تسمح بأن يتم عقد البيع أو تعديله أو إنهاؤه بالتراضي أو أن يصدر اإليجاب
أو القبول أو أي تعبير عن اإلرادة في أي شكل غير الكتابة ،بأال تطبق هذه األحكام إذا كان
مركز أعمال أي من طرفي العقد في هذه الدولة أي الدولة التي تعلن األخذ بالتحفظ المشار
إليه بالمادة .19
ويالحظ أن هذا التحفظ ال يشترط لنفاذه األخذ به عنـد التصـديق علـى االتفاقيـة أو االنضـمام
إليهــا وانمــا يمكــن األخــذ بــه فــي أي وقــت ،أي تســتطيع أن تعلــن أيــة دولــة متعاقــدة األخــذ بهــذا
التحفظ حتى بعد االنضمام إلى االتفاقية.
– 8تؤكد الجملـة األخيـرة مـن المرادة 12فقررة 2مـن االتفاقيـة أن نـص المرادة 12يعتبـر
1
آم اًر فال يجوز للمتعاقدين النص على مخالفته أو تغيير حكمه أو أثره .
رأينــا مــن عــرض النصــوص الـواردة فــي اتفاقيــة فيينــا بشــأن شــكل العقــد ،أن األصــل هــو حريــة
شــكل عقــد البيــع ،واالســتثناء أن تأخــذ بعــض الــدول بــالتحفظ ال ـوارد فــي المررادة 19مــن االتفاقيــة
فتطبق أحكام قوانينها التي تتطلب الكتابة كشكل إلبرام عقد البيع أو كشرط إلثباته.
ويقصـد بالكتابــة( كرل محرررر مكترروب صررادر عررن المتعاقرردين) .علـى أن معنــى الكتابـة فــي مجــال
قانون التجـارة الدوليـة ،ووفقـا لالتجـاه الحـديث ال يشـمل فقـط كـل محـرر مكتـوب يثبـت أنـه صـادر
عـن أحــد المتعاقــدين أو عنهمــا معـا وذلــك بتوقيعــه ممــن صــدر عنـه ،بــل يشــمل المحــرر المكتــوب
لذلك نصت المادة 13من اتفاقية فيينا على تقنين هذا المبدأ صراحة ،فتقرر أنه :
" يشمل مصطلح" كتابة " ،في حكم هذه االتفاقية ،الرسائل البرقية والتلكس".
85