Professional Documents
Culture Documents
مقياس
قانون العقود
تنص المادة 45من القانون المدني الجزائري أن " العقد اتفاق يلتزم بموجبه
شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح ،أو فعل ،أو عدم فعل شيء ما ".
أ.اإللزامية :أن يكون الطرف المدين ملزم و مجبر بتنفيذ إلتزامه ,بحيث يجوز
للدائن اللجوء إلى القضاء إلجبار المدين على تنفيذ إلتزامه و منه يقع عبء
اإلثبات على عاتق الدائن
ب .الطابع الشخصي :هو أن اإللتزام ال يمكن أن يقوم قانونا ،إال إذا كان
هناك مدين معين وقت نشوء اإللتزام ،و ال يكتمل إال إذا كان هناك دائن ،و
هو ما يفهم جليا من نص المادة 45من القانون المدني المعدلة عام .5004
-3أركان اإللتزام:
أ.الرابطة القانونية:هي ذلك القيد الذي يرد على إرادة المدين أو حريته بالوفاء
بما إلتزم به قانونا (م 0/060من ق.م) و قد كان هذا القيد في القوانين
القديمة كالقانون الروماني ،ماديا يقع على الشخص المدين في جسمه ثم
أصبح رابطة قانونية بحتة ال تتعلق إال بذمة المدين المالية (م 011من ق.م)
و التي أصبح بمقتضاها إجبار المدين على الوفاء بالدين بمساعدة السلطة
العامة.
ب.محل اإللتزام :فهو الشيء الذي يلتزم به المدين أي عمل المدين ذاته الذي
يتعلق به اإللتزام ,و هو إما أن يكون باإلعطاء كما هو الحال في إلتزام البائع
بنقل ملكية المبيع إلى المشتري بقصد إستيفاء ثمنه ,أو بالعمل كما هو الشأن
بإلتزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر ,أو اإلمتناع عن العمل كما في
إلتزام التاجر أال يزاحم منافسا له في التجارة.
ج .سبب اإللتزام :فهو الغرض القانوني الذي من أجله أوجب المدين اإللتزام
عن نفسه ،فالبائع إلتزم بنقل ملكية الشيء المبيع بسبب الحصول على ثمنه،
فهناك رابطة قانونية تربط البائع بالمشتري محلها من الناحية القانونية نقل
ملكية الشيء المبيع و سببها قيام المشتري بإلتزامه بالوفاء بالثمن (م 140
من ق.م).
-5تقسيمات اإللتزام :تنقسم اإللتزامات حسب أنواعها إلى عدة تقسيمات
تتمثل أهمها في:
أ– اإللتزام المدني :هو إلتزام مقترن بجزاء بحيث يمكن للدائن اللجوء إلى
القضاء و إجبار المدين على تنفيذ إلتزامه.
ب– اإللتزام الطبيعي :فهو إلتزام قانوني لكن ال يتحقق فيه إال عنصر
المديونية فقط دون عنصر المسؤولية فهو الذي ال يمكن تنفيذه جب ار على
المدين إال أن يقوم بتنفيذه إختيا ار.
أ – اإللتزام بإعطاء :هو األداء اإليجابي كاإللتزام بتسليم شيء محدد أو نقل
ملكية شيء معين و عادة ما يقترن باإللتزام بالتسليم.
ب – اإللتزام بالقيام بعمل :أي اإللتزام بعمل ما بحيث يقوم المدين بعمل
معين لفائدة الدائن مثل عقد المقاولة ،عقد حراسة ...و قد يكون العمل أو
النشاط المطالب بتأديته من المدين إما عمال ماديا كالبناء أو عمال فكريا
كاإللتزام بإنجاز دراسة.
أ – اإللتزام بتحقيق نتيجة :هو اإللتزام الذي ال يتم تنفيذه إال إذا تحققت الغاية
المقصودة بمعنى أن اإللتزام هنا يتحدد فيه مضمون األداء بالنتيجة المحددة،
فالمدين ال تبرئ ذمته إال إذا حقق االغاية المرجوة من تنفيذه.
ب – اإللتزام ببذل عناية :يقتصر إلتزام المدين على بذل العناية الالزمة،
لتحقيق الهدف المعين الذي يقصد الدائن تحقيقه سواء تحقق الهدف المنشود
أو لم يتحقق.
ب-العقد الشكلي :هو الذي يخضع لشكل معين ،أي الكتابة و في غالب
األحيان الكتابة الرسمية أمام الموثق(،وهدا لحماية المتقاعدين ( عقد بيع
عمارة)...،
ج-العقد العيني :هو الذي يستوجب تسليم العين،محل العقد.
أ-العقد المسمى :هو الذي نظمه المشرع ( مثال :عقد البيع أو اإليجار عقد
الشركة )
أ-العقد الملزم للجانبين :هو الذي ينشئ االلتزامات متقابلة في ذمة كل من
المتعاقدين و هذا طبقا للمادة من القانون المدني التي تنص " يكون العقد
ملزما للطرفين،تبادل المتقاعدين االلتزام بعضهما بعضا.
-بالعقد الملزم لجانب واحد :هو الذي ينشئ التزاما في ذمة أحد المتقاعدين
دون آخر و هذا حسب المادة 46من القانون المدني التي تنص "" يكون
العقد ملزما لشخص أو لعدة أشخاص ،إذا تعاقد فيه شخص نحو شخص
،دون التزام من هؤالء اآلخرين (مثال :الهبة تمليك ،المادة 505من قانون
األسرة "الهبة تمليك بال عوض ".
هو الذي يأخذ فيه العاقد مقابال لما يعطي ،المادة 41من القانون المدني
تنص أن :
"العقد بعوض هو الذي يلزم كل واحد من الطرفين إعطاء ،أو فعل شئ ما
"
مالحظة :أغلب عقود المعاوضة ملزمة للجنبين ( مثال عقد البيع البائع :
إعطاء الشاري :دفع الثمن )
د-عقد التبرع :هو الذي ال يأخذ فيه العاقد مقابال لما يعطي .
(مثال :الهبة التي يخرج المتبرع عن ملكية ماله ،دون أخذ مقابال )
أ-العقد المحدد :أو التبادلي :هو الذي يستطيع فيه كل من المتعاقدين ،عند
التعاقد ،تحديد ما يحصل عليه .
تنص المادة 45من القانون المدني " يكون العقد تبادلي متى التزم أحد
الطرفين بمنح ،أو فعل شئ ،يعتبر معادال لما يمنح أو يفعل له "(.مثال :
الكراء بسعر محدد).
ب-عقد الغرر :أو العقد االحتمالي :هو الذي ال يستطيع فيه كل من
المتعاقدين تحديد ما يحصل عليه عند التعاقد ،و إنما يتحدد هذا فيما بعد ،
أو محقق الحصول و لكن ال يعرف متى يحصل.
حسب المادة 45الفقرة 5من القانون المدني " :إذا كان الشيء المعادل
محتويا على حظ ربح أو خسارة لكل واحد من الطرفين على حسب حادث
غير محقق فإن العقد يعتبر عقد غرر .
ج-العقد الفوري :هو الذي يتم تنفيذه دفعة واحدة أو على دفعات دون أن
يكون الزمن عنص ار أساسيا فيه.
د-عقد المدة :هو الذي تعتبر المدة عنص ار أساسا فيه ،إذا تحدد محله .
- 3أركـــــــان العقـــــد:
لكي يقوم العقد صحيحا ينبغي أن تتوفر األركان األساسية و الالزمة لذلك،
و ركن العقد هو التراضي إال أن الفقه جرى على القول بأن العقد يقوم على
أركان ثالثة و هي :
- /1الــــــرضا
- /2المحــــــــل
- /3الســــبب
حسب المادة 45من "ق .م " يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير
عن إرادتهما المتطابقتين ،دون اإلخالل بالنصوص القانونية ".
أ -التعبير الصريح:
محل تجاري
- 2توافق اإلراديتين:
يطلق على اإلرادة األولى اإليجاب ،في حين يطلق على اإلرادة الثانية
القبول ،و لكي ينعقد العقد يجب أن يبدأ أحد الطرفين بإيجاب ثم البد أن
يقترن من الطرف اآلخر و أن يتطابق معه فو ار.
أ -اإليجاب:
مثال :إذا كان الوعد بالتعاقد مصحوب بتحفظ ،فيعتبر مجرد دعوى إلى
التعاقد.
-لكي ينتج الوعد بالتعاقد أثره ،يجب أن يوصا إلى علم الشخص الذي وجه
إليه.
-كما تنص المادة 25أن " إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه
المتقاعد األخر طالبا تنفيذ الوعد ،وكانت الشروط الالزمة لتمام العقد "
-وفي األخير يجب أن نفرق بين الوعد بالعقد و الوعد بالتعاقد ( أو اإليجاب
).
-الوعد بالعقد :هو اتفاق
القبول يجب أن يكون باتا ،أي ينطوي على نية قاطعة و أن يوجه إلى
صاحب الوعد بالتقاعد (أو اإليجاب ) و أن يطابق اإليجاب مطابقة تامة.
-لكن ما هو الحل إذا اقترن القبول بما يزيد في اإليجاب أو يقيد منه ،أو
يعدل فيه ؟
-لكن المشرع قرر في المادة 64من القانون المدني أن " إذا اتفق الطرفين
المسائل الجوهرية في العقد و احتفاظا بمسائل تفصيلية على جميع
أن ال أثر للعقد عند عدم االتفاق يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا
عليهما ،أعتبر العقد منبرما و إذا قام خالف على المسائل التي لم يتم
االتفاق عليهما فإن المحكمة تقضي فيها لطبيعة المعاملة وال حكام القانون
والعرف و العدالة ".
لكي يبرم ( ينعقد ) العقد ،ال يكفي صدور الوعد بالتعاقد ( أو اإليجاب ) و
القبول ،بل يجب أن يتالقيا.
مثال :إذا صدر اإليجاب في مجلس العقد ،و لكن لم يعين ميعاد للقبول فإن
الموجب يتحرر من إيجابه إذا لم يصدر القبول فو ار.
-بصفة عامة يجب القبول أن " اإليجاب يسقط إذا لم يقبل فو ار " .وهذا
من القانون المدني التي تنص أن " إذا صدر إيجاب في طبقا للمادة 65
مجلس العقد لشخص حاضر دون تحديد أجل القبول فإن الموجب يتحلل
من إيجابه إذا لم يصدر القبول فو ار و كذلك إذا صدر اإليجاب من شخص
إلى آخر بطريق الهاتف أو بأي طريق مماثل.
غير أن العقد يتم ،و لو يصدر القبول فو ار ،إذا لم يوجد ما يدل على أن
الموجب قد عدل عن إيجابه في الفترة ما بين اإليجاب و القبول ،و كان
القبول صدر قبل أن ينقض مجلس العقد" .
-عند ما يتم العقد بالمراسلة ،هو الوقت الذي يعتبر فيه منعقدا عل وجه
التحديد ؟
-هل هو الوقت الذي فيه القابل عن قبوله ؟ (هذه نظرية" صدور القبول)
-أم هو الوقت الذي يصل فيه القبول إلى علم الموجب ؟ (هذه نظرية " علم
الموجب بالقبول)"
-هذه المسألة قد نوقشت بشدة حيث أن تحديد زمان العقد يترتب عليه تعيين
الوقت الذي يبدأ فيه تنفيذ العقد.
-المشرع الجزائري أختار النظرية الثانية ،أي نظرية " وصول القبول " في
المادة 62من القانون المدني التي تنص أن " :يعتبر التعاقد ما بين
الغائبين قد تم في المكان و في الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ،
ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك ،ويفترض أن الموجب
قد علم بالقبول في المكان ،و في الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول "
- 3النيــابة في التعـــاقد
أما النيابة اإلتفاقية فهي الوكالة التي تتم باإلتفاق بين األصيل و النائب ،و
بمقتضاها يكون على هذا األخير أن يقوم بعمل قانوني بإسم األصيل و
لحسابه.
شروط النيابة:
- 2صحـة التراضي:
األهليـة:
و على هذا فإن األصل في الشخص أن يكون كامل األهلية ما لم يوجد نص
يقضي بخالف ذلك فإذا بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية و لم يحجر عليه
يكون كامل األهلية و سن الرشد في القانون الجزائري هو تسع عشرة سنة
كاملة (م 5/50من ق.م).
- 1عيوب الرضا
مثال ذلك أن يعقد شخصان عقدا ،األول منهما يبغى من وراء هذا العقد بيع
شيء ما ،والثاني يعتقد إستجاره .
و مثاله أيضا أن يشتري إنسان شيئا يعتقد أنه قديم بينما هو حديث.
و العكس ،فإذا ذكرت في العقد ،بعض الشروط ثم لم تتوفر فإن العقد ال
يوصف بأنه قابل لإلبطال للغلط ،وانما يكون صحيحا قابال للفسخ لعدم
إمكان تنفيذه بالصورة المتفق عليها.
أنواع الغلط:
– 5الغلط الذي يبطل العقد نسبيا :و يكون في حالتين هما الغلط في مادة
الشيء ،والغلط في شخص المتعاقد ،إذا كانت شخصيته محل اعتبار.
– 1الغلط الغير مؤثر :هو الغلط الذي ال أثر له في صحة العقد ،و ال صلة
له بتكوين اإلرادة و ال يفسد الرضا ،و هو يتحقق عندما يقع الغلط في صفة
غير جوهرية في الشيء محل اإللتزام أو في قيمة الشيء محل اإللتزام.
- 1الغلط في القانون:
عرفت م 15من ق.م الغلط الجوهري ":يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من
الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو يقع في هذا الغلط".
لقد وضع المشرع الجزائري معيا ار عاما للغرض و أخذ بالمعيار الذاتي
فاستلزم أن يكون جوهريا .فيجب أن يبلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه
المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط ،و يشترط أن يكون على
األخص في حالة وقوعه :في صفة الشيء ،أو في ذات المتعاقد أو في صفة
من صفاته.
- 2الغلط في الواقعة:
-تنص م 11من ق .م " :يكون العقد قابال لإلبطال لغلط في القانون إذا
توفرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقا للمادتين 71و 72ما لم يقض
القانون بغير ذلك".
-/5إذا ما لم يقضي القانون بغير ذلك ( مثال المادة 564التي تنص أنه " ال
يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون" ).
-/3بشرط أن يقع هذا الغلط في قاعدة قانونية ثابتة ،أي واردة في التشريع أو
استقر عليها القضاء ،و ليست محل أي خالف.
تنص م 74من ق.م ":ليس لمن وقع في الغلط أن يتمسك به على وجه
يتعارض مع ما يقضي حسن النية،
ويبقى باألخص ملزما بالعقد قصد إبرامه إذا أظهر الطرف اآلخ ارستعداده
لتنفيذ هذا العقد".
يبين من نص المادة أنه ال يجوز لمن وقع في غلطه و دفعه إلى التعاقد أن
يصر على طلب إبطال العقد طالما كان المتعاقد اآلخر حسن النية أو أظهر
إستعداده لتفادي ما وقع فيه من تعاقد معه من غلط ،أما إذا أصر على
التمسك بالغلط رغم ذلك يعد متعسفا في إستعمال حقه.
ب -الغش أو الخداع أو التدليس
بعض الفقهاء يقولون أن :التدليس هو أن يستعمل أحد طرفي العقد ،وسائل
غايتها تضليل الطرف اآلخر ،و الحصول على رضاه في الموافقة على
العقد.
التدليس يؤدي حتما إلى الغلط ،بحيث يمكن القول بعدم جدوى نظرية
التدليس ،اكتفاء بنظرية الغلط .
-و الحيلة خطأ عمدي يستوجب التعويظ طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية.
و يتبين مما سبق أن التدليس يعيب الرضا إذا توفرت فيه شروط معينة.
شروط التدليس:
الطرق اإلحتيالية هي وسائل مادية لتضليل المتعاقد يقوم بها المدلس حتى
يتولد الغلط في ذهن المتعاقد فيحمله على المتعاقد فهذه الطرق تتكون من
عنصرين أحدهما مادي و آخر معنوي.
-العنصر المادي :هو كل ما يقع من أفعال و أقوال يترتب عليها وقوع
الشخص في الغلط كالمظاهر الكاذبة التي ال تطابق الواقع من تظاهر
بالوجاهة و إصطناع أوراق أو مستندات أو كشوف من البنك و مثاله كما لو
قدم بائع محل تجاري أوراقا مزورة تبين أرباحا يحققها المحل مبالغا في قيمتها.
-العنصر المعنوي :هو توفر نية التضليل لدى المدلس لإليقاع بالطرف
اآلخر و حمله على التعاقد ،أي أن التدليس هو الدافع للتعاقد بحيث
لواله لما رضي المدلس عليه بالتعاقد.
-حسب م 16الفقرة 0من ق .م " :يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت
الحيل التي لجأ إليها المتعاقدين أو النائب عنهما ،من الجسام بحيث لوالها
لما أبرم الطرف الثاني العقد ".
و معنى هذا أنه يجوز طلب إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل المستعملة
قد بلغت حدا من الجسامة ،بحيث لوالها لما أبرم المتعاقد العقد ،أو ألبرمه
بشروط مغايرة .و جسامة الحيلة الممارسة يرجع فيها إلى المعيار الشخصي،
و قاضي الموضوع هو الموكل تقدير جسامة الحيلة الممارسة.
- 3أن يكون التدليس صادر من المتعاقد اآلخر ،أو على األقل يكون
متصال به.
تنص م 12من ق .م أن " :إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين ،فليس
للمتعاقد المدلس عليه أن يطلب إبطال العقد ،ما لم يثبت أن المتعاقد اآلخر
كان يعلم ،أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا التدليس"
و مقتضى هذا أنه إذا صدرت الحيل التدليسية من الغير فليس للمتعاقد
المنخدع بها (المدلس عليه) أن يتمسك باإلبطال إال إذا أثبت علم المتعاقد
اآلخر بهذه الحيل المستعملة أو سهولة علمه بها.
-في النهاية إن التدليس ال يؤثر في صحة العقد إذا صدر من غير المتعاقد
أو نائبه.
حسب أغلب الفقهاء :أن نظرية الغلط ال تغني عن نظرية التدليس ،ألنه في
النظرية التقليدية للغلط لم يكن الغلط في القيمة ،أو في الباعث ،يبطل العقد
في حين أنه لو حدث شيء من ذلك نتيجة التدليس يكون العقد باطال بطالنا
نسبيا.
-و من جهة أخرى كان يمكن إبطال العقد للغلط حيث ال يمكن إبطاله
للتدليس في حالة صدور التدليس من أجنبي.
-و في األخير يجب القول أنه إذا كان الغلط يغني عن التدليس فإن التدليس
ال يمكن أن يغني عن الغلط.
جـ -اإلكـــراه
اإلكراه هو الضغط المادي أو المعنوي الذي يوجه إلى شخص بغية حمله إلى
التعاقد.
هو الضغط بقصد الوصول إلى غرض مشروع يتعرض له المتعاقد ،فيولد في
نفسه رهبة تدفعه إلى التعاقد.
و هذا ما نصت عليه م 11من ق .م على أنه " :يجوز إبطال العقد لإلكراه
إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بينة بعثها المتعاقد اآلخر في نفسه
دون حق و تعتبر الرهبة قائمة على بينة إذا كانت ظروف الحال تصور
للطرف الذي يدعيها أن خط ار جسيما محدقا يهدده هو ،أو أحد أقاربه ،في
النفس ،أو الجسم أو الشرف ،أو المال.
و يراعى في تقدير اإلكراه جنس من وقع عليه هذا اإلكراه و سنه ،وحالته
االجتماعية ،و الصحية ،و جميع الظروف األخرى التي من شأنها أن تؤثر
في جسامة اإلكراه ".
فلكي يتحقق اإلكراه الذي يعيب اإلرادة يجب أن تتوفر شروط تتمثل فيما يلي:
يتحقق اإلكراه بإستعمال وسائل تكون في العادة غير مشروعة يقصد بها
الوصول إلى غرض غير مشروع فيتحقق اإلكراه و قد تكون الوسائل مشروعة
كاإلبتزاز الذي يأتيه صاحب الحق ليتحصل على فوائد غير مشروعة من
المدين و ال يتحقق اإلكراه إذا استعملت وسيلة مشروعة أو غير مشروعة
للوصول إلى غرض مشروع.
- 5أن تحمل هذه الرهبة التي يولدها اإلكراه المتعاقد على إبرام العقد.
ـ و هنا يترك لقاضي الموضوع مسألة القول بأن هذه الرهبة هي حملة المتعاقد
على إبرام العقد أم ال.
ـ في تقدير هذه الرهبة يدخل القاضي في تقديرها :الحالة الشخصية للمكره ال
للشخص المعتاد.
ـ كما يراعى في هذا المعيار الذاتي كل الظروف التي من شأنها أ ن يؤثر في
جسامة
ـ الوقت الزمان
ـ باختصار يجب أن يثبت أنه لوال الرهبة لم يبرم العقد من طرف المكره.
السؤال المطروح هنا هو :هل يمكن إبطال العقد في حالة إكراه ناتج عن حالة
ضرورة ؟
نالحظ أيضا أن نظرية الغبن المادية تطورت إلى نظرية االستغالل النفسية،
حيث أن جانب عدم التعادل في التعاقد يقوم عنصر أخر و هو عنصر نفسي
مبني على استغالل ضعف نفس المتعاقد.
-بناء على هذا نالحظ أن بعض القوانين الحديثة أخذت بنظرية عامة في
االستغالل ،إلى جانب االحتفاظ بنظرية الغبن في الحاالت المحددة التي
نصت عليها.
مثال المادة 50من القانون المدني الجزائري أدخلت االستغالل كعيب عام
في كل العقود حيث أنها تنص أن ":إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين
متفاوتة كثي ار في نسبة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب
العقد أو مع التزامات المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو التزامات المتعاقد
اآلخر ،وتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد للقاضي بناء على طلب
المتعاقد المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات هذا المتعاقد و يجب
أن ترفع دعوى بذلك خالل سنة من تاريخ العقد ،و إال كانت غير مقبولة.
(مثال المادة 141من القانون المدني التي تنص أن " إذا بيع عقار بغبن
يزيد عن الخمس فللبائع الحق في طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس
ثمن المثل ").
1-العنصر المادي :و هو عدم التعادل ،أو عدم التكافؤ بين التزام المغبون
و التزام الطرف اآلخر الذي استغله.
-و تقرير ذلك يرجع لقاضي الموضوع .المجال التقليدي الختالل التعادل هو
عقود المعاوضات أين ينحصر الغبن بمعناه األصلي
-و يمكن القول أن هذا العنصر المعنوي متكون بدوره بثالثة عناصر مشار
إليها في المادة 50من القانون المدني و هي :
-تعريف الهوى :هو الميل ،الذي يتضمن غلبة العاطفة و ضعف اإلرادة.
-استغالل المتعاقد لطيش أو لهوى المتعاقد اآلخر.
و هكذا فإن كان المتعاقد يجهل بقيام شئ من ذلك ( طيش أو هوى ) لدى
المتعاقد اآلخر فالعقد صحيح لعدم توفر االستغالل.
-و تقدير توافر عناصر االستغالل هو مسألة متروكة لقاضي الموضوع الذي
يجوز له ،بناء على طلب المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات
المتعاقد المغبون إذا كانت التزاماته متفاوتة كثي ار في النسبة مع ما حصل
عليه من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد اآلخر ،و تبين أن
المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إال ألن المتعاقد األخر قد أستغل عليه من
طيش أو هوى ( المادة 50من القانون المدني )
مالحظة :فيما يخص الجزاء الذي يترتب على االستغالل يجب أن نذكر أن :
-ففي عقود المعاوظات يجوز للطرف األخر أن يتوقى اإلبطال إذا عرض ما
يراه القاضي كافيا لرفع الغبن ( المادة .) 50
-دعوى االستغالل تسقط بمضي سنة من تاريخ العقد و إال كانت غير مقبولة
) ( 2-90
و ال تقبل الوقف أو االنقطاع فهي ميعاد سقوط ،و هذا حتى ال يبقى مصير
العقد معلقا على دعوى مجال اإلدعاء فيها متسع.
في النهاية نالحظ أن االستغالل عيبا من عيوب اإلرادة يقترب جدا من اإلكراه
في حالة :الهوى الجامح ،كما يقترب من الغلط التدليس في حالة :الطيش
البين.
.1أن يكون المحل موجودا أو ممكن ،حسب م 51من ق.م إذا كان محل
االلتزام مستحيال في ذاته كان العقد باطال بطالنا مطلقا
-و نصت المادة 55من ق.م " إذا لم يكن محل االلتزام معينا بذاته ،
ويجب أن يكون معينا بذاته ،وجب أن يكون معينا بنوعه ،و مقداره واال
كان العقد باطال و يكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد
ما يستطاع به تعيين مقداره ،و إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء ،
من حيث جودته و لم يمكن تبيين ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر ،
التزم المدين بتسليم شيء من صنف متوسط".
-و حسب المادة " 54إذا كان محل االلتزام نقودا ،التزم المدين بقدر
عددها المذكور في العقد دون أن يكون الرتفاع قيمة هذه النقود أو
النخفاضها وقت الوفاء أي تأثير ".
يستلزم نص المواد أن يكون المحل معينا عند إبرام العقد أو أن يكون قابال
للتعيين و إال كان العقد باطال و إذا كان محل اإللتزام مبلغا من النقود فيجب
على المدين أن يسدد المبلغ ذاته بصرف النظر عن ما عسى أن يحدث في
قيمته وقت الوفاء.
أي إذا كان محل االلتزام مخالف للنظام العام ،أو اآلداب العامة كان العقد
باطال و هذا حسب م 56من ق.م
"إذا كان محل اإللتزام مستحيال في ذاته أو مخالف للنظام العام أو اآلداب
العامة كان باطال بطالنا مطلقا"
مثال :إذا احتفظ البائع يوم البيع بحق إستراد الشيء المبيع في أجل معين
يكون هذا البيع باطال ( المادة ) 156
المادتين 402و 403تنص على منع و بطالن شراء القضاة و أعوانهم ،و
المحاميين للحقوق المتنازع عليها.
كما ينص القانون على بطالن كل اتفاق خاص بمقمرة أو رهان ,لكن المشرع
أستثنى الرهان الخاص بالسباق ،و الرهان الرياضي الجزائري في المادة
605من ق.م.
السبب ركن جوهري ال ينعقد بدونه العقد فهو الهدف الذي من أجله إلتزم
المدين ,في العقد الملزم للجانبين يكون السبب في تنفيذ كل من الطرفين
التزام اآلخر ( .مثال في عقد البيع :سبب التزام البائع هو في قبض ثمن
المبيع بينما السبب في إلتزام المشتري يكون في إنتقال هذا المبيع إليه ),أما
في العقود الملزمة لجانب واحد يختلف السبب الدافع إلى اإللتزام حسب نوع
العقد.
أما المحل هو الجواب على السؤال اآلتي :بماذا التزم المتعاقد .
-و السبب الذي يهمنا هنا هو :الغرض المباشر ( مثال :قبض الثمن).
-أما الغرض الغير مباشر فهو الباعث ( مثال :استغالل هذا الثمن في
التجارة ).
مثال :إذا أكره شخص على توقيع تعهد بدين ،كان التعهد بغير سبب و من
ثم باطال ,كذلك الحال في سندات المجاملة ،إذا ال سبب لها فيما يخص
المتعاقدين ,أو تعاهد في تجديد دين ،في حين أن هذا الدين باطال أو كان قد
انقضى.
أي لم يخالف النظام العام و اآلداب العامة ,فإذا كان السبب غير مشروع ،
وقع العقد باطال ,مثال ذلك دفع مبلغ مقابل ارتكاب جريمة أو االمتناع عن
ارتكاب جريمة .
أما القضاء فقد اشترط أن يكون الباعث مشروعا ،حماية للنظام العام و
اآلداب العامة ،و هذه النظرية تسمى بالنظرية الحديثة في السبب.
هذه النظرية تأخذ بعين االعتبار " الباعث " و ال تكتفي بمجرد الغرض
المباشر ,هذا الباعث يجب أال يخالف النظام العام و اآلداب و إال وقع العقد
باطال ،و ذلك بشرط علم الطرفين معا بهذا الباعث سواء في المعاوضات و
التبرعات و الهدف هنا هو استقرار المعامالت .
هذه النظرية الحديثة أوسع من النظرية التقليدية ،لكن ال تحل محلها و إنما
تكملها بحيث تصبح النظرية الحديثة للسبب عامال من العوامل التي تكفل
حماية النظام العام و اآلداب العامة ,و البعض يتكلم عن نظرية ازدواج
السبب و يقولون أن:
من جهة سبب االلتزام يقصد به حماية المتعاقد نفسه من تحمل التزام بدون
سبب ،تحقيقا للعدالة ،و يحقق هنا مصلحة فردية .
من جهة أخرى سبب العقد يقصد به حماية المجتمع من إبرام عقود مخالفة
للنظام العام و اآلداب و يحقق هنا مصلحة جماعية .
.1إثبـــــــــات السبب:
حسب المادة 1-07من ق.م "كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ،ما لم
يقم الدليل على غير ذلك ".
و الفقرة الثانية من المادة تضيف أن " و يعتبر السبب المذكور في العقد هو
السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ،فإذا قام الدليل على
صورية السبب فعلى من يدعي أن لاللتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما
يدعيه "
بعد دراسة أركان العقد ( الرضى ،المحل و السبب ) يجب القول في النهاية
أنه إذا فقد العقد ركنا من أركانه ،فالجزاء هو البطالن
-5البطالن
بطالن العقد هو الجزاء القانوني على عدم استجماع العقود لشروط صحتها و
عدم توافر ركن من أركانها ,و هو عبارة عن إنعدام أثر العقد بالنسبة إلى
المتعاقدين و كذا بالنسبة إلى الغير
.1البطالن المطلق :يكون العق دباطال بطالنا مطلقا ,إذا فقد أحد أركان
تكوينه األساسية ( أي الرضا ،و المحل ،و السبب ) ،و متى كان من العقود
الرسمية ( أو الشكلية ) إذا لم تراع الشروط الشكلية التي يتطلبها انعقاده أو
متى كان مخالفا للنظام العام و اآلداب العامة .و ال يرتب القانون أثر لمثل
هذا العقد.
.2البطالن النسبي :و يكون العقد أيضا باطال بطالنا نسبيا و بمعنى آخر
قابال لإلبطال ,فإنه يتقرر جزاء على مخالفة شرط من شروط الرضا أو نقص
األهلية ,و من األسباب الرئيسية التي تحمل على البطالن هي :
فهو عقد موجود يترتب له القانون كل أثاره ،حتى يقضي بالبطالن لمصلحة
ناقص األهلية ،أو من شاب إرادته عيب ،أو يتراضى عليه الطرفان .لكن
بعض الفقهاء يضيف نوع ثالث و هو االنعدام ،في حالة عدم وجود ركن من
أركان العقد و هي :الرضى ،المحل ،و السبب ،فالعقد هنا منعدم و
يقولون :إذا أختل ركن المحل ،أو السبب فقط فالعقد باطال بطالنا مطلقا,أما
إذا أختل ركن الرضا وحده ،فالعقد باطال بطالنا نسبيا,و يجب تمييز البطالن
عن األوضاع المقاربة :
أما الفسخ فيرجع إلى عدم تنفيذ ،أحد المتعاقدين اللتزاماته في العقد الملزم
للجانبين ( الصحيح).
-البطالن و االنحالل:
لكن :االنحالل يرد على عقد نشأ صحيحا ،ثم ينحل .و قد ينحل العقد باتفاق
الطرفين,أو عن طريق الرجوع فيه باإلرادة المنفردة ألحد العاقدين ,و في هذه
األحوال ،ال يكون لإللغاء أثر رجعي.
البطالن يكون في عالقة المتعاقدين ،هو الجزاء على عدم توافر أركان العقد
،أو شروط صحته,أما عدم السريان على الغير فإنه يكون بالنسبة للغير ،أي
لألجنبي عن العقد و هذا أمر طبيعي نظ ار لقاعدة نسبية أثر العقد.
أوال :أحكام البطالن بنوعيه
-العقد الباطل بطالنا مطلقا ليس له وجود قانوني ,أما العقد الباطل بطالنا
نسبيا ( أو القابل لإلبطال ) فله وجوده القانوني حتى يتقرر إبطاله ،فيبطل
بأثر رجعي و.يترتب على ذلك ما يلي :
إن العقد الباطل بطالنا مطلقا ال ينتج أثر ,أما العقد الباطل بطالنا نسبيا
فينتج كل أثره.
-ال يستطيع االحتجاج بالبطالن النسبي إال الشخص الذي قصد القانون
حمايته :و هذه طبقا للمادة 00من ق.م التي تنص أن "إذا جعل القانون
ألحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد فليس للمتعاقد اآلخر أن يتمسك بهذا
الحق".
-البطالن المطلق الذي ال يزول باإلجازة ،ال يتقادم أيضا بمضي المدة,بينما
العقد الباطل بطالنا نسبيا فتلحقه اإلجازة ،و يصححه التقادم و هذا طبقا ل م
191من ق.م التي تنص أن " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك
به صاحبه خالل عشر سنوات ,و يبدأ سريان هذه المدة ،في حالة نقص
األهلية من اليوم الذي يزول فيه ،هذا السبب و في حالة الغلط أو التدليس
من اليوم الذي يكشف فيه ،و في حالة اإلكراه ،من يوم انقطاعه غير أنه
ال يجوز التمسك بحق اإلبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمسة
عشرة سنة من وقت تمام العقد ".
-العقد الباطل بطالنا مطلقا ال أثر له بوصفه قانونيا ( و لكنه واقعة مادية ،و
قد يكون له أثر بهذا الوصف ),أما العقد الباطل بطالنا نسبيا فهو عقد
صحيح ،و لكنه قابل لإلبطال كما وصفه القانون المدني.فقبل أن يتكرر
إبطاله هو عقد تام الصحة ،و إذا ما أبطل أصبح كأي عقد باطل ،و يزول
بأثر رجعي.
بعبارة أخرى يمكن القول أن العقد الباطل بطالنا نسبيا هو عقد صحيح حتى
يتقرر بطالنه.
هو رد المتعاقدين إلى حالتهما قبل التعاقد مثال :فإن كان العقد بيعا :رد
المشتري المبيع ( و ثماره من يوم المطالبة القضائية ) ،كما تزول كل أثار
العقد حسب م 193الفقرة 1من ق.م التي تنص أن " :يعاد المتعاقدين إلى
الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة بطالن العقد أو إبطاله ،فإن كان
هذا مستحيال جاز الحكم بتعويض معادل ".
لكن لقاعدة رد العاقدين إلى حالتهما قبل التعاقد يستثني حالة اإلبطال لنقص
األهلية في الفقرة " "2ل م 193من ق.م التي تنص أن ":غير أنه يلزم
ناقص األهلية ،إذا بطل العقد لنقص أهليته ،أن يرد غير ما عاد عليه من
منفعة بسبب تنفيذ العقد ".
يترتب على بطالن العقد زواله بالنسبة للمتعاقدين و للغير ,لكن القانون و
القضاء قبل ببعض اإلستثناءات حفاظا على استقرار المعامالت و على حق
الغير الحسن النية ،رغم زوال حق المتصرف ووردت هذا االستثناءات في
المواد :
ثالثا-اإلجازة :
اإلجازة هي تصرف قانوني من جانب واحد يزيل به أحد العاقدين العيب الذي
لحق العقد ،و من ثم فيلزم أن تتوافر فيه شروط التصرف ( من حيث األهلية
،و سالمة اإلرادة من العيوب ),و هذا ما نصت عليه م 000من ق.م "يزول
حق إبطال العقد باإلجازة الصريحة أو الضمنية و تستند اإلجازة إلى التاريخ
الذي تم فيه العقد دون إخالل بحقوق الغير"
اإلجازة ال تلحق إلى العقد الباطل بطالنا نسبيا أي العقد القابل لإلبطال ,
فيزول حق اإلبطال باإلجازة الصريحة أو الممضية ,أما العقد الباطل بطالنا
مطلقا ،ال سبيل إلى تصحيحه بل البد من إبرام عقد جديد.
-أن تصدر ممن له حق التمسك باإلبطال ( مثال ناقص األهلية بعد بلوغه ).
*ال إجازة إال بعد كشف الغلط أو التدليس و زوال الظرف الذي أفسد إرادة
العاقد الواقع تحت االستغالل من طيش ،أو هوى ،إالإذا كانت اإلجازة نفسها
مشوبة بعيب من عيوب اإلرادة
مثال لإلجازة الضمنية :تنفيذ العاقد للعقد و لو كان هذا التنفيذ جزئيا أو
استعمال الشيء موضوع العقد من طرف 'العدالة'
-فيما يخص أثر اإلجازة فيما بين العاقدين :يجب القول أن اإلجازة ال
تصحح العقد الذي كان قابل لإلبطال فقط ،ألنه عقد صحيحا قبل هذه
اإلجازة التي تبعد ( فقط ) خطر اإلبطال الذي كان يهدد العقد.
-فيما يخص أثر اإلجازة بالنسبة للغير :تنص الفقرة 2من المادة 199من
القانون المدني أن
" اإلجازة تستند إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ،دون إخالل بحقوق الغير
".
رابعا -التقادم :
*العقد الباطل بطالنا مطلقا ال يزول بالتقادم ألن العقد الباطل معدوم و العدم
ال ينقلب إلى وجود مهما طال عليه األمد و قد نصت م 5/005من ق.م بأنه
" دعوى البطالن تسقط بمضي 14سنة من وقت إبرام العقد " ,لكن إذا
كانت دعوى البطالن تسقط بالتقادم ( سنة ، )04هذا التقادم يصحح البطالن
المطلق.
* أما العقد الباطل بطالنا نسبيا فهو عقد قائم و لكنه مهدد بالبطالن كما
ذكرنا سابقا فإذا مضت عليه المدة القانونية المحددة إسقر و تحصن و
سقطت دعوى البطالن التي مدتها خمس سنوات و هذا حسب م 0/000من
ق.م التي تنص على " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه
خالل خمس سنوات "
و مدة التقادم هذه توقف و تنقطع وفقا للقواعد العامة وفي النهاية فإذا سقط
حق التمسك بالبطالن بالتقادم و البطالن و إستقر الوجود القانوني للعقد بعد
أن كان مهددا بالزوال ،و أصبح العقد يثبت وجوده منذ صدوره أو انعقاده (
و ليس من يوم تمام مدة التقادم ) ،إذا للتقادم أثر رجعي كما لإلجازة.
خامسا-دعوى البطالن:
ما دام العقد الباطل بطالنا مطلقا ليس له وجود قانوني ،فال حاجة إذن
لصدور حكم يقرر بطالنه أو انعدامه أو بعبارة أخرى ال ضرورة للحكم بالعدم
على شيء معدوم ,و يمكن لكل ذي من له مصلحة أن يتمسك ببطالنه .كما
يمكن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
فإذا لم يتم االتفاق ،فالعقد يعتبر صحيحا حتى يرفع من تقرير البطالن من
في مصلحته دعوى البطالن و يحصل على حكم بذلك ،إذن فالحكم هو الذي
يبطل العقد في البطالن النسبي مالحظة :غير ممكن للمحكمة أن تقضي
بالبطالن النسبي من تلقاء نفسها ’و في األخير يجب القول أن العقد الباطل
بطالنا نسبيا ال يتقرر بطالنه باالتفاق ( التراضي ) ،أو بحكم القضاء.
سادسا -أثارالبطالن:
أما بالنسبة للعقد الباطل بطالنا نسبيا ،فإن العقد يزول ،و ينعدم وجوده
القانوني و يكون ذلك بأثر رجعي.
إذن متى تقرر بطالن العقد أعتبر كأنه لم يكن وزالت أثاره ،سوءا كان ذلك
فيما بين المتعاقدين ،أو بالنسبة للغير ,لكن في بعض الحاالت يعطي
القانون أثار عريضة للعقد الباطل بوصفه واقعة مادية ,كما يعطي أثار
جوهرية أو أصلية للعقد بإعتباره قائما حكما و ذلك الستقرار المعامالت أو
لحماية " الظاهر "
-اآلثار العرضية :ليست هي اآلثار المباشرة التي قصد إليها المتعاقدين و لم
تكن هي التي يتوقع أنها موجودة وقت التعاقد مثال ذلك التي تنتج عن عقد
الزواج بين المحارم ،فهو عقد باطل ،إنما ينتج ,أثار عرضية كوجوب
المهر ،بعد الدخول و العدة ،و ثبوت النسبة مثال :العقد الباطل للتدليس أو
اإلكراه يوجب التعويض على أساس المسؤولية التقصرية عن الفعل غير
مشروع و ال على أساس المسؤولية العقدية إذا أن العقد باطل ،ال أثر له ,و
إذا كان يبدوا غريبا أن عقدا باطال ،ليس له وجود قانوني ،ينتج مع ذلك أثر
قانونيا ،فإن هذه الغرابة تزول إذا علمنا أن العقد الباطل في بعض األحوال
ينتج األثر القانوني بإعتباره واقعة مادية ,لكن كعقد أو عمل قانوني ال ينتج
أثره ألنه باطال ليس له وجود قانوني.
و لكن كواقعة قانونية لها وجود فعلي ،قد ينتج بعض اآلثار العرضية و في
بعض األحوال ينتج العقد الباطل أثا ار جوهرية تترتب عليه بإعتباره عقدا.
و بعض الفقهاء يأخذون بنظرية الخطأ عند تكوين العقد و أساس المسؤولية
العقدية ,أما البعض اآلخر من و بعض التشريعات فأخذوا بنظريتا :انتقاض
العقد ،و تحول العقد .وهكذا تنص م 195من ق.م أن " :إذا كان العقد في
شق منه باطال أو قابال لإلبطال ،فهذا الشق وحده هو الذي يبطل ،إال إذا
تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطال ،أو قابال لإلبطال
فيبطل العقد كله ".
أما م 004من ق.م فتنص أن " إذا كان العقد باطال أو قابال لإلبطال وتوفرت
فيه أركان عقد آخر فإن العقد يكون صحيحا بإعتباره العقد الذي توفرت
أركانه ،إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد "
.3آثار العقد
متى أبرم العقد صحيحا ترتب عليه جميع آثاره التي تعني إنشاء إلتزامات
على عاتق كل طرفيه أو على عاتق أحدهما .فالعقد ملزم ألطرافه في حدود
ما يرتبه من إلتزامات ,و ينتج آثا ار بالنسبة ألشخاص آخرين
يهيمن على القوة الملزمة للعقد بالنسبة لألشخاص مبدأ نسبية أثر العقد ،
يقضي بأن " أثر العقد يقتصر على طرفيه " بمعنى أن االلتزامات الناشئة و
الحقوق المتولدة عنه ال تنصرف إال إلى العاقدين ,لكن نرى أن هذا المبدأ
يحتمل استثناء فيما يتعلق بالحقوق المتولدة عن العقد و هكذا تنص م 113
من ق.م أن " ال يرتب العقد التزاما في ذمة الغير ،و لكن يجوز أن يكسبه
حقا" ,و يقضي بهذا المبدأ االعتراف باستقالل األفراد ،و ضرورة احترام
حريتهم فاإلثارة التي ينشئها العقد هي وليدة إرادة العاقدين دون غيرهما ،و ال
يمكن من ثم ،أن تنصرف إال إليهما (للعاقدين ) ,إال أن هذه اآلثار ال تقف
عند طرفي العقد بل تمتد إلى خلفائهما,إذن المتعاقد ال يمثل نفسه فحسب و
إنما يمثل أيضا خلفائه و بالنسبة للغير
تنصرف آثار العقد إلى العاقد نفسه كقاعدة عامة كما أنها تنصرف إلى
خلفائه بإعتبار أن العاقد يمثلهما ,و الخلف قد يكون خلفا عاما و قد يكون
خلف خاصا.
تنص و 001من ق.م على أنه "ينصرف العقد إلى المتعاقدين و الخلف
العام ما لم يتبين من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا األثر ال
ينصرف إلى الخلف العام كل ذلك مع مراعاة القواعد المتعلقة بالميراث "
يتبين من نص المادة أن ما يبرمه المورث من عقود ينصرف إلى ورثته فالذمة
المالية تنتقل بإيجابياتها و سلبياتها إلى الخلف العام .
و هناك حاالت التنصرف فيها آثار العقد إلى الخلف العام و هي :
-إذا كانت طبيعة العقد أو التعامل ذاته تقتضي عدم إنصراف اآلثار إلى
الورثة م 145من ق.م.
-ما نص عليه القانون لبعض عقود الشركة التي تنقضي بموت أحد الشركاء
م 515من ق.م.
-الوصية فيما زاد عن ثلث التركة ال تسري في حق الورثة إال إذا أقروها.
يتبين بأن إنصراف آثار عقود السلف إلى الخلف مقتصرة على آثار العقد
الذي يبرمه السلف و التي تتصل بالشيء الذي إنتقل بعد ذلك إلى الخلف
(كالمشتري) و تنصرف آثار العقد إلى الخلف الخاص بشروط معينة :
-ان يكون التصرف مرتبطا بالشيء أو الحق الذي تلقاه الخلف الخاص.
-أن يكون التصرف سابقا على عقد الخلف الخاص و كانت ثابتة التاريخ قبل
هذا الوقت.
-أن يعلم الخلف الخاص باإللتزامات و الحقوق التي رتبها تصرف سلفه مع
الغير وقت إنتقال الشيء إليه ,فال يجوز أن يلتزم المشتري بشيء لم يعلم به .
األصل أن آثار العقد ال تنصرف إلى غير العاقد أو من يمثله ,فالعقود ال
تضر و ال تنفع غير عاقديها و هذا ما نصت عليه المادة 001من ق.م,
فالغير األجنبي عن العقد يمكن على سبيل اإلستثناء أن يكسب حقا من العقد
و يكون ذلك عن طرق اإلشتراط لمصلحة الغير و التعهد عن الغير
يبدو التعهد عن الغير كأنه إستثناء من قاعدة نسبية أثر العقد من حيث
األشخاص و في الواقع هي تطبيق من تطبيقات هذه القاعدة ذلك أن التعهد
عن الغير ال يرتب إلتزاما في ذمة الغير الذي يضل ح ار في أن يقبل العقد
الذي تم التعهد به عنه أو أن يرفضه ,فصورة التعهد عن الغير هو أن يلتزم
شخص بأن يجعل غيره يقوم بإبرام العقد فهو يلتزم باإللتزام بعمل فقط فإذا
رفض الغير أن يلتزم يكون المتعهد قد أخفق في مسعاه و بالتالي تتحقق
مسؤوليته لعدم إمكان تنفيذ ما تعهد به أي عدم تحقيق النتيجة التي إلتزم بها .
و في حالة ما إذا نحج المتعهد في مسعاه و تم ذلك بقبول الغير فإن المتعهد
يكون قد أوفى بإلتزامه قبل المتعهد له .
اإلشتراط لمصلحة الغير هو إتفاق بين المشترط و المتعاقد يتعهد أحدهما بأن
يؤدي مباشرة إلى شخص آخر أجنبي عن العقد آدا معين يشترطه الطرف
اآلخر في هذا اإلتفاق .
يعتبر اإلشتراط لمصلحة الغير إستثناء حقيقيا على قاعدة نسبية أثر القوة
الملزمة للعقد من حيث األشخاص فال يقتصر أثر العقد على طرفيه و من
ينوب عنهما من الخلفاء و الدائنين بل قد ينصرف آثاره إلى شخص أجنبي
أصال عنه ,و قد نظم القانون المدني الجزائري أحكام اإلشتراط لمصلحة
الغير في المواد 001, 002, 006و كذا شروطه المتمثلة في :
-أن يتم التعاقد بإسم المشترط نفسه على إلتزامات يشترطها لصالح الغير ,أما
إذا تعاقد المشترط بإسم الغير فإننا نكون بصدد عقد وكالة
-أن يكون للمنتفع حق مباشر ناشىء عن العقد أما إذا إشترط المتعهد الحق
لنفسه فإننا ال نكون أمام اإلشتراط لمصلحة الغير ذلك أن عقد اإلشتؤاط ينشأ
مباشرة حق المنتفع.
-أن يكون المنتفع موجودا و معينا في الوقت الذي يجب أن ينتج العقد فيه أثره
طبقا للمشارطة .
للعقد قوة ملزمة تساوي قوة القانون ،فيجب على كل عاقد تنفيذ االلتزامات
التي ترتبت في ذمته بمقتضاه ،و إال كان مسؤوال عن عدم تنفيذها ,فيتعين
من تم تحديد موضوع العقد أو مضمونه لنرى إلى أي حد يلتزم العاقدين بهذا
المضمون و يتعين الجزاء الذي يترتب على إخالل أحد العاقدين بتنفيذ ما
التزم به وفقا له ,و قد يقتضي تعيين مضمون العقد تفسيره.
-تفسير العــــقد:
إن تفسير العقد يعني شرح و معنى نطاق العبارات الواردة فيه ،إن مهمة
تفسير العقود عند اختالف األطراف المتعاقدين تعود إلى السلطة القضائية
.و يتولى القاضي تفسير العقد ليصل إلى تحديد االلتزامات التي أنشأها عن
طريق الكشف عن إرادة العاقدين و تطبيق نصوص القانون ،و يتعين على
القاضي الذي عرض عليه النزاع بين العاقدين أن يبحث على اإلرادة
المشتركة للعاقدين للفصل في النزاع.فإذا كانت عبارات العقد واضحة يكون
تفسيرها يسي ار بحيث ال يكون على القاضي سوى تطبيقه أما إذا كانت عبارات
العقد غير واضحة تعين على القاضي تفسيرها عن طريق الكشف عن
اإلرادة المشتركة للعاقدين.
فإذا قام لدى القاضي ،شك في التعرف على هذه اإلرادة المشتركة ،فسر
الشك لمصلحة المدين في غير عقود اإلذعان -أين ( حسب المادة 112
يفسر الشك فيها لمصلحة المذعن ).
نصت م 0/ 00من ق.م على أنه "إذا كانت عبارة العقد واضحة فال يجوز
اإلنحراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف عن إرادة المتعاقدين " و هذا هو
األصل في القانون المدني الجزائري من أن العقد الواضح العبارة ال يحتاج
إلى تفسير
نصت م 5/00من ق.م على أنه " إذا كان هناك محل لتأويل العقد فيجب
البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي
لأللفاظ مع اإلستهداء في ذلك بطبيعة التعامل و بما ينبغي أن تتوفر من
أمانة و ثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعامالت" فإذا كانت
عبارة العقد غير واضحة على القاضي تفسير العقد بالبحث عن النية
المشتركة للمتعاقدين و أن يعتد بطبيعة التعامل و بما يقضي به عرف
التعامل
بعد أن يفسر القاضي بنود العقد للكشف عن النية المشتركة للعاقدين ،ينتقل
إلى تحديد النطاق (أو أثار ) العقد ،غير مكتف ،في هذا التحديد ،بما ورد
فيه وفقا لتلك النية المشتركة ،بل يجاوزه إلى ما يعتبر من " مستلزماته "
طبقا للقانون و العرف و العدالة و هذا حسب م 195من ق.م التي تنص "
يجب تنفيذ العقد طبقا لما إشتمل عليه و بحسن نية ".
و ال يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب ،بل يتناول أيضا ما
هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة ،بحسب طبيعة االلتزام.
غير أنه إذا طرأت حوادث إستثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها و ترتب
على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي ،و أن لم يصبح مستحيال ،صار
مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فإذا جاز للقاضي تبعا للظروف و بعد
مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد االلتزام المرهق إلى الحد المعقول ،و يقع
باطال كل اتفاق على خالف ذلك .
-1مدى التزام العاقدين بتنفيذ العقد:
حسب المادة 191من القانون المدني تنص أن " العقد شريعة المتعاقدين
فال يجوز نقضه ،و التعديله إال باتفاق الطرفين ،أو لألسباب التي يقررها
القانون ".
و تطبيقا للمادة ..." 1/195يجب تنفيذ العقد لما أشتمل عليه و بحسن
نية ( ,"...نالحظ أن مبدأ حسن النية و مبدأ " العقد :شريعة المتعاقدين "
من المبادىء األساسية التي بنيا عليها تشريع العقد ).لكن المشرع أورد
إستثناءين على هذا المبدأ العام ،تقرر فيهما للمحكمة سلطة تعديل العقد :
إذا نشأ العقد صحيحا ،يكون واجب التنفيذ ،بحيث يتعين على المدين أن
ينفذ االلتزامات الناشئة عنه على الوجه المتفق عليه ،و إال كان للدائن أن
يسأل المدين عن عدم تنفيذها ،و تقوم مسؤولية هذا األخير عنه ،ما لم يثبت
رجوعه إلى سبب أجنبي ال يد له فيه ،فيحكم عليه بتعويض الضرر الذي
لحق الدائن نتيجة عدم تنفيذ العقد,فالمسؤولية العقدية هي جزاء اإلخالل
بتنفيذ اإلتزام الناشئ عن العقد,لكنها ليست جزاءه الوحيد إذا كان العقد الذي
أبرم ملزما للجانبين ،بل يضاف إليها في نطاقه جزاءات أخرى مثال إذا أخل
أحد العاقدين ،في عقد ملزم للجانبين ،بإلتزاماته ،جاز للعاقد اآلخر أن
يطلب فسخ العقد ،لتنحل الرابطة القانونية التي أنشأها ،و يتخلص ،
بانحاللها عن إلتزاماته.
و جزاء اإلخالل بالعقد قيام المسؤولية العقدية كجزاء عام لإلخالل بكل العقود
و هي المبادئ العامة في الجزاء ,و يكون الجزاء للفسخ و الدفع بعدم التنفيذ
كجزاء خاص بالعقود الملزمة لجانبين و هذا ما سوف نتناوله فيما يلي:
كقاعدة عامة للدائن أن يقتضي من المدين تنفيذ التزاماته عينا ،أو في بعبارة
أخرى ،على النحو المتفق عليه بينهما في العقد ,و تقوم المسؤولية العقدية
في حالة عدم تنفيذ االلتزام على النحو المتفق عليه و لو نفذ االلتزام جزئيا ،
أو بعد الوقت المعين له ،أو على غير الوجه المحدد له فالمسؤولية العقدية ،
باختصار ،هي جزاء إخالل أحد العاقدين باإللتزام الناشئ عن العقد الذي
أبرمه .و أركان المسؤولية العقدية هي :
الخطأ :من طرف المدين أو أن يكون عدم تنفيذ التزام المدين راجعا إلى
أخطائه.
* الخطأ العقدي:
الخطأ العقدي هوعدم تنفيذ المدين اللتزامه الناشئ عن العقد على الوجه الوارد
فيه .سواء كان عدم تنفيذه كليا أو حقيقيا أو جزئيا و يدخل في هذه الصورة
األخيرة :التأخر في تنفيذه.
و حسب م 151من ق.م أن " إذا استحال على المدين أن ينفذ االلتزام عينا
حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ إلتزامه ،ما لم يثبت أن
استحالة التنفيذ نشأت عن سبب ال يد له فيه ،و يكون الحكم كذلك إذا
تأخر المدين في تنفيذ التزامه ".
فالمدين الذي ال ينفذ االلتزام الذي رتبه العقد في ذمته يرتكب الخطأ ،لعدم
تنفيذه للعقد الذي يعتبر بالنسبة له بمثابة القانون ,و أن محل االلتزام العقدي
يكون تحقيق نتيجة أو بدل عناية ,و لهذا فعدم تنفيذ االلتزام الذي يتكون منه
خطأ العاقد يتخذ حسب طبيعة االلتزام صورتين :
و هكذا إذا كان االلتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين ،إلتزاما
بتحقيق نتيجة ،يتوافر الخطأ في جانبه بمجرد عدم تحقيق هذه النتيجة ,ألنه
أخل بالتعهد الذي أخذه في العقد على نفسه ،و لم ينجز ما إلتزم به وفقا
لإللتزام ,و ال يجوز للمدين أن يقيم الدليل على انعدام الخطأ في جانبه ،ألن
هذا الخطأ وقع فعال بعدم تنفيذه اللتزامه.أما إذا كان االلتزام الذي ترتب
بمقتضى العقد في ذمة المدين إلتزاما ببذل عناية ،ال يتوافر الخطأ في جانبه
إال إذا قصر عن العناية المطلوبة منه ( قانونا أو اتفاقا ) في اتخاذ الوسيلة
التي تؤدي إلى الغاية التي أرادها العاقدين ,فذلك القصور ( ال عدم تحقيق
هذه الغاية ) هو عدم تنفيذ االلتزام الذي يتكون منه الخطأ ,ألن المدين يكون
قد وفى بالتزامه إذا بذل القدر المطلوب من العناية ،و لو لم تتحقق تلك
الغاية.
و على ذلك ال يقوم خطأ المدين بمجرد عدم تحقيق الغاية ألن محل التزامه
بذل هذه العناية ،و ال يظهر الخطأ إال بتقدير سلوك المدين و مقارنته بسلوك
" الشخص العادي " و هذا حسب المادة 152التي تنص أن ":في االلتزام
بعمل ،إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على شيء ،أو أن يقوم
بإرادته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ إلتزام فإن المدين يكون قد وفى
بااللتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ،و لو
لم يتحقق الغرض المقصود ،و هذا ما لم ينص القانون أو االتفاق على
خالف ذلك ".
-جسامة الخطأ العقدي :يجب المالحظة أن لما كان الخطأ العقدي هو
اإلخالل بتنفيذ االلتزام أو ،في عبارة أخرى ،عدم تنفيذه على الوجه المتفق
عليه في العقد ،سواء كان عدم التنفيذ كليا ،أو جزئيا ( كالتنفيذ المتأخر و
التنفيذ العيب ) فال يكون لألسباب ،أو البواعث التي أدت إليه ،أو الظروف
التي البسته ،أية أهمية في تقدير وجوده ،طالما لم ينشأ سبب أجنبي ال يد
للمدين فيه ,فيما يخص إثبات الخطأ العقدي ،يجب التمييز بين ثالثة مسائل
إثبات وجود االلتزام :هذا اإلثبات يقع على عاتق الدائن .
إثبات عدم التنفيذ العيني :في هذه الحالة يجب على المدين أن يثبت قيامه
بالتنفيذ
لكن في بعض الحاالت ،يجب على الدائن إثبات أن النتيجة لم تتحقق ( إذا
كان االلتزام بتحقيق غاية ) أو أن المدين لم يبذل العناية التي فرضها العقد
بإثبات اإلهمال أو عدم االحتياط من طرف المدين ( إذا كان االلتزام ببذل
عناية ).
أما عالقة السببية :فتنحصر في أنه إذا أثبت الدائن وجود االلتزام و عدم
تنفيذه قامت مسؤولية المدين و ال يتخلص منها إال إذا ثبت " السبب
األجنبي ".
* الضرر:
لقيام المسؤولية العقدية ،ال يكفي ثبوت خطأ في جانب المدين ،بل يجب أن
ينجم عن هذا الخطأ ضرر في جانب الدائن ,و للضرر نوعان :مادي أو
معنوي (أدبي) ,و كالهما يجب التعويض عنه ,وال فرق بينهما من حيث
الشروط التي يترتب عنها حق التعويض عن الضرر.
لكن المشرع ،و في حالة معينة ،حدد األشخاص اللذين لهم حق المطالبة
بالتعويض عن الضرر المعنوي ,فيما يخص التعويض عن الضرر يجب
القول أن الدائن يستحق تعويضا عن الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين
اللتزامه كليا أو جزئيا ،أو من تأخره في التنفيذ ,ويترتب عادة على اإلخالل
بتنفيذ االلتزام أضرار عديدة ،بعضها قريب و األخرى بعيد ,و ال يمكن مبدئيا
أن يسأل المدين عن تعويض جميع هذه األضرار البعيدة التي ضعفت صلتها
بالخطأ الذي أرتكبه المدين .بعبارة أخرى يتعين الوقوف عند الضرر الذي
ينتج مباشرة عن اإلخالل المدين بالتزامه ،أو ما يسمى " بالضرر المباشر "
:و هو ما يكون " نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخير في الوفاء
به " ( أي الضرر الذي " يرتبط بالخطأ بعالقة السببية " )
أما الضرر الغير المباشر فينجم ،في الواقع عن خطأ الدائن الذي كان في
وسعه أن يبذل جهد معقول ،ولكنه لم يبذله ،ومن ثم ال يعتبر المدين مسؤوال
عنه ،لعدم توفير عالقة سببية بينه و بين خطأ المدين
كقاعدة العامة يجب القول بأن المدين ،في المسؤولية العقدية ،ال يلتزم
بتعويض كل الضرر المباشر ،و يتعين التمييز في حدود الضرر المباشر
بين " المتوقع " و " غير المتوقع " ( ما عد إذا أرتكب المدين غشا أو خطأ
جسيما ) ,و يقتصر إلتزام المدين على تعويض الضرر الذي يتوقعه ،وقت
التعاقد " الشخص العادي " حسب المعيار المادي ،و ليس المعيار الذاتي".
أما إثبات الضرر فيقع مبدئيا على الدائن و لكن يجوز للمدين أن يتخلص
من الحكم عليه إذا أثبت العكس أي أن الدائن لم يلحقه أي ضرر.
تقوم المسؤولية العقدية عند قيام خطأ في جانب المدين بعدم تنفيذ إلتزامه ,و
أن يترتب عن ذلك ضرر كنتيجة لعدم تنفيذ المدين لهذا اإللتزام ,أي أن توجد
بين الخطأ و الضرر رابطة و هو ما يعبر عليه بالعالقة السببية و على الدائن
أن يثبت الخطأ و الضرر أما عالقة السببية مفترضة ,و على المدين أن
ينفيها بإثبات السبب األجنبي أي القوة القاهرة أو فعل الدائن أو فعل الغير.
أو الحادث الفجائي مثل الحرب ,الفياضان ...فيجب أن تكون القوة القاهرة
أم ار ال يمكن توقعه و ال يمكن دفعه و أن تجعل تنفيذ اإللتزام مستحيال و أن
ال يكون ثمة خطأ من جانب المدين فهنا تتحقق القوة القاهرة و تكون مانعا من
تنفيذ اإللتزام بصفة نهائية و منه تب أر ذمة المدين من إلتزامه ,أما إذا كانت
مؤقتة فإنها توقف تنفيذ اإللتزام
ب-فعل الدائن:
إذا الضرر ناتجا عن خطأ الدائن تنتفي العالقة السببية و تب أر ذمة المدين.
يجوز للطرفين تعديل أحكام المسؤولية العقدية إذ يجوز اإلتفاق على تشديد
المسؤولية العقدية على إعتبار المتعاقد مسؤوال عن عدم تنفيذ إلتزامه و لو
كان راجعا إلى القوة القاهرة ,كذلك يمكن اإلتفاق على اإلعفاء من المسؤولية
العقدية أي عدم قيام الدائن بالرجوع على المدين بطلب التعويض بشرط أن ال
يكون عدم التنفيذ ناشئا عن غش أو عن خطأه الجسيم و يمكن اإلعفاء عن
المسؤولية إذاكان الغش أو الخطأ الجسيم قد وقع من غير المتعاقد نفسه أي
ممن يستخدمهم في تنفيذ العقد و هذا ما أجازته م 5/021من ق.م.
-5زوال العقد :
يزول العقد إذا كان باطال بطالنا مطلقا لتخلف ركن من أركانه أو شرط من
شروط صحته ,أو كان قابال لإلبطال و يتقرر بطالنه فيزول بأثر رجعي و
يعتبر كأنه لم يكن و أما إذا نشأ العقد صحيحا فإن زواله يتحقق باإلنقضاء
أي بتنفيذ اإللتزامات الناشئة عن العقد و إما يزول باإلنحالل ,و اإلنحالل
يرد على عقد صحيح و قبل أن ينقضي بالتنفيذ ,و يقع الفسخ بحكم قضائي
أو بمقتضى اإلتفاق
-1فسخ العقد :
أ-الفسخ القضائي:
حسب م 120من ق.م " يجوز اإلتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم
القانون عند عدم الوفاء باإللتزامات الناشئة عنه بمجرد تحقيق الشروط
المتفق عليها و بدون حاجة إلى حكم قضائي ،و هذا الشرط ال يعفي من
اإلعذار ،الذي يحدد حسب العرف عند عدم تحديده من طرف المتعاقدين ".
هذا اإلتفاق يسمى "الشرط الفاسخ الصريح " تميي از له عن الفسخ القضائي
المبني على فكرة " الشرط الفاسخ الضمني" ,و باإلتفاق األول ( الشرط
الفاسخ الصريح ) يقع الفسخ بمجرد تحقق الشرط ،فيتجنب العاقدان تدخل
القاضي في تقرير الفسخ ،الذي يقع بتحقيق الشرط ،من تلقاء نفسه و في
حالة ( اإلخالل باإلتزام ) ال يملك القاضي سوى التحقق من إخالل المدين
بإلتزامه ،و الحكم بوقوع الفسخ نتيجة لتحقيق الشرط ,و في ذلك رفع عن
المدين تلك الحماية التي يوفرها له الفسخ القضائي بالخيار الذي يقرره له بين
الفسخ و التنفيذ ،و بالسلطة التقديرية التي منحها للقاضي إزاء طلبه.
*-أثار الفسخ:
حسب م 122من ق.م " :إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة
التي كانا عليها قبل العقد ،فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم
بالتعويض " ,و على ذلك يترتب على الفسخ ( القضائي أو اإلتفاقي ) زوال
العقد بأثر رجعي ،و يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل قيامه (فيما
بين المتعاقدين ) ,فإذا استحالت إعادة العاقدين إلى ما كانا عليه قبل العقد،
فيحكم بالتعويض لصالح طالب الفسخ و هذا حسب م 122من ق.م المشار
إليها أعاله ,أما بالنسبة للغير فالفسخ ( كالبطالن ) يجاوز أثره العاقدين إلى
الغير.
في العقود الملزمة للجانبين الدفع بعدم التنفيذ هو حق كل عاقد ،إذا ما طلبه
العاقد اآلخر بتنفيذ إلتزامه ،أن يمتنع عنه إلى أن يقوم هذا األخير بتنفيذ ما إلتزم
به و ذللك حسب م 123من ق.م " :في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت
اإللتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يتمتع عن
تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد اآلخر بتنفيذ ما التزم به"
يتبين من أحكام هذه المادة أن لكل متعاقد أن يمتنع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم
اآلخر بتنفيذ ما إلتزم به و له ذلك بدال من أن يلجأ إلى طلب الفسخ فهو يوقف
تنفيذ إلتزامه حتى ينفذ المتعاقد اآلخر إلتزامه لشرط أن تكون اإللتزامات
المتقابلة مستحقة الوفاء .
-أن تكون اإللتزامات المتقابلة مستحقة اآلداء :و يتصور ذلك في حالة عقد
البيع يكون الثمن فيه واجب الدفع فو ار ,فيكون للبائع أن يمتنع عن نقل ملكية
المبيع حتى يدفع المشتري الثمن
-ضرورة مراعاة حسن النية :فإذا تعلق األمر بعقد ملزم للجانبين و كانت
اإللتزامات مستحقة اآلداء كان للمتعاقد اآلخر أن يدفع بعدم تنفيذ إلتزامه طالما
لم يقم اآلخر بالتنفيذ ,إال أنه ينبغي عدم التعسف في إستعمال هذا الحق فيجب
أن تنفذ العقود بحسن نية.
يترتب على التمسك بهذا الدفع وقف تنفيذ العقد دون إنقضاء اإللتزام و يستمر
هذا الوقف إلى أن يقوم الطرف اآلخر بتنفيذ إلتزامه فإذا ما قام ظل العقد ينتج
آثاره ,أما إذا إمتنع عن التنفيذ فإن هذا قد ينتهي بالطرف اآلخر إلى طلب
الفسخ .
ينقضي الدفع بعدم التنفيذ في حالة هالك الشيء محل إلتزام الدائن كما لو هلك
المبيع تحت يد الحابس له و تقع تبعة الهالك خالل فترة الحبس على المشتري
في هذه الحالة ,و ينقضي الدفع بعدم التنفيذ إذا خرج الشيء من تحت يد
الشخص خروجا إراديا .
يقصد بإنحالل العقد زواله بعد إبرامه ،و اإلنحالل يتعلق بعقد نشأ صحيحا
ثم يزول باثر رجعي ,كالفسخ و اإللغاء باإلرادة المنفردة و التقابل و الرجوع و
اإلبطال و من ثم يختلف اإلنحالل عن اإلنقضاء.
ففي اإلنقضاء يزول العقد بالتنفيذ ,أو بوفاة المدين إذا كانت شخصية هذا
الغخير محل إعتبار أو بإنتهاء المدة.
في الحقيقة قانون العقد ينتفي و الرجوع ،و لهذا فالرجوع ال يجوز قانونا إال في
الهبة و تحت بعض الشروط
يقصد باإلرادة المنفردة إرادة شخص لواحد ,و هي قادرة ،في القانون
الوضعي ،على إنشاء أثار قانونية متعددة أو إنشاء الحقوق العينية ,و هي
قادرة كذلك على تصحيح عقد قابل لإلبطال ،كما في اإلجازة ,و على جعل
العقد يسري في مواجهة من لم يكن طرفا فيه كإقرار األصيل لتصرف النائب
الذي جاوز فيه حدود النيابة ،و إلقرار المالك الحقيقي لبيع ملك الغير.
و قادرة أخي ار على إنهاء العقد ذي المدة غير المحددة و في بعض الحاالت و
لو كانت مدته محددة ( كالوكالة ) ,أما في دائرة الحقوق الشخصية أو
اإللتزامات فإنّ اإلرادة المنفردة قادرة كذلك على إنهاء اإللتزام ,و لم يبقى من
تم سوى إنشاء اإللتزام فهل تستطيع اإلرادة المنفردة أن تنشئ اإللتزام ؟
و إذا كانت حماية إستقالل الفرد تحول دون جعله دائنا ،فيكفي لتحقيقها ،أن
يترك له خياربين قبول الحق أو رفضه ،إنما يلتزم الواعد نهائيا بوعده ،بمجرد
التعبير عن إرادته فيه و ال يجوز له التحلل منه ،ففي الصفة النهائية :للوعد
تكمن الخاصية األساسية لإللتزام باإلرادة المنفردة .
و مع ذلك ،ال يمكن اإلعتراف باإلرادة المنفردة على هذا الوجه األخير
مصدر عاما لإللتزام إلعتبار هام له وضوح البديهية :لماذا ال يستطيع الفرد
أن ينقض وحده ،ما أقامه بإرادته المنفردة ؟
ال يتصور عقال أن يمنعه القانون من الرجوع فيما وعد به ،ألنّ ما تقيمه
اإلرادة يمكنها بداهة أن تزيله إال إذا وجد إعتبار خاص يدعو إلى حماية
المصلحة المشروعة للمنتفع من وعده.
في النهاية :يمكن القول أن اإلرادة المنفردة ال تستطيع أن تنشئ إلتزاما إال
حيث أجيز لها بنصوص خاصة ,و تعتبر اإلرادة المنفردة على هذا الوجه
مصد ار إستثنائيا لإللتزام إلى جانب المصدر العام و هو العقد.
المسؤولية القانونية إما أن تكون جنائية ،و إما أن تكون مدنية ،بعبارة
أخرى إذا كانت المسؤولية القانونيةعموما على خالف المسؤولية الخلقية هي
أن يحاسب شخص على ضرر أحدثه بغيره ،فإنها تنقسم بحسب ما إذا كان
هذا الضرر يقتصر على األفراد ،أم يصيب الجماعة إلى مسؤولية جنائية و
مسؤولية مدنية التي هي اإللتزام بتعويض الضرر الناشئ عن اإلخالل بإلتزام
عقدي أو قانوني,و هي نوعان:
ـ المسؤولية العقدية :تقوم إذا كنا بصدد إخالل بإلتزام عقدي ,أو بعبارة
أخرى فهي المسؤولية التي تترتب على عدم تنفيذ اإللتزام الناشئ عن العقد
على الوجه المتفق عليه فيه
ـ المسؤولية التقصيرية :تقوم إذا كنا بصدد إخالل بإلتزام قانوني ,أو بعبارة
أخرى فهي المسؤولية التي تقوم على إلزام القانون بتعويض الضرر الذي ينشأ
دون عالقة عقدية بين المسؤول عنه و الذي كان ضحيته.
1ـ الفارق بين المسؤولية المدنية و المسؤولية الجنائية :
)7ـ فيما يتعلق بوقف الدعوى المدنية :إذا رفعت دعوى المدنية أمام
المحكمة المدنية ،و الدعوى العمومية أمام المحكمة الجنائية ،تعين على
المحكمة المدنية أن تقف الدعوى المدنية إلى أن تفصل المحكمة الجنائية في
الدعوى الجنائية,و يعبر عن ذلك بأنّ " الجنائي يوقف المدني "
)8ـ من حيث التقادم تسقط دعوى التعويض المسؤولية المدنية عن
الفعل الضار إالّ بتقادم الدعوى العمومية عن الجريمة ,غير أنّ دعوى
التعويض تتقادم طبقا ألحكام القانون المدني ( المادة 10من قانون
اإلجراءات الجزائية)
)9ـ قوة األمرالمحكوم فيه :و إذا قضت المحكمة الجنائية في
الدعوى العمومية بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه قيدت المحكمة المدنية
عقد الفصل في الدعوى المدنية بالوقائع التي أثبتها القاضي الجنائي في
حكمه ,و لكنها ال تتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع ،و تستطيع أن تكيف
الوقائع ( كما أثبتها الحكم الجنائي) ،تكييفا آخر ،أي غير الذي أخذت به
المحكمة الجنائية.
-اإلعذار:
في المسؤولية العقدية األصل أنه ال يستحق التعويض إال بإعذار المدين أما
في المسؤولية التقصيرية فال محل لإلعذار للمطالبة بالتعويض
-األهلية:
تستلزم المسؤولية العقدية أهلية الرشد أما في المسؤولية التقصيرية فيكفي فيها
توافر التمييز لدى المسؤول
-التعويض:
-التضامن :
ال تضامن بين المدينين في اإللتزام الناشئ عن العقد إالّ إذا اتفق عليه أو
نص عليه القانون ,و لكن التضامن بين المسؤولين عن الفعل الضار
مفروض بحكم القانون م 126من ق.م " :إذا تعدد المسؤولين عن عمل
ضار كانوا متضامنين في إلتزامهم بتعويض الضرر ،و تكون المسؤولية
فيما بينهم بالتساوي إالا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في اإللتزام
بالتعويض".
و لكن في المسؤولية التقصيرية يعد باطال كل إتفاق على اإلعفاء منها ألن
مصدرها القانون و ذلك حسب المادة 178الفقرة 3من ق.م ":و يبطل كل
شرط يقضي باإلعفاء من المسؤولية الناجمة عن العمل اإلجرامي ".
-التق ــادم:
دعوى المسؤولية العقدية تتقادم بـ 15سنة ،حسب م 308من ق.م " :
يتقادم اإللتزام بإنقضاء خمسة عشرة سنة عدا الحاالت التي ورد فيها نص
خاص في القانون و فيما عدا اإلستثناءات األتية ",أما دعوى المسؤولية
التقصيرية فتتقادم بـ 15سنة من يوم وقوع العمل الضار ،م 133من ق.م " :
تسقط دعوى التعويض بإنقضاء خمسة عشرة سنة من يوم وقوع العمل
الضار ".
في المسؤولية العقدية عبء اإلثبات يقع على عاتق المدين بينما في
المسؤولية التقصيرية عبء اإلثبات يقع على عاتق الدائن
فبدون هذا العقد ،ال يمكن أن تقوم مسؤولية عقدية ،و قد أثار تكييف النقل
المجاني خالفا في القضاء الفرنسي ,استقر بعضه على عدم قيام مسؤولية
عقدية عنه ،لعدم اعتباره عقدا ,فهو ال يعتبر عقد نقل إذا ال أجرة فيه و ال
عقد غير مسمى ،لعدم اتجاه نية طرفية إلى إنشاء رابطة قانونية بينهما به،
فإذا دعي صديق على وجه المجاملة للركوب في سيارة صديقه ،و أصيب في
أثناء نقله ال تكون مسؤولية هذا األخير عن هذه اإلصابة إلى تقصيرية .و
كذلك ،ال تقوم مسؤولية عقدية في المرحلة السابقة على التعاقد و ال في
المرحلة الالحقة إلنحالل العقد.إذا فالمسؤولية العقدية تظهر بإبرام العقد ،و
تختفي بإنقضائه.
من جهة أخرى ،يجب أن يقوم العقد صحيحا .فال تقوم المسؤولية العقدية إالّ
بوجود عقد صحيح .أما إذا كان العقد باطال ،أو تقرر إبطاله ،فال يمكن أن
ينشأ بين طرفيه سوى مسؤولية تقصيرية ,و يتعين ،كذلك ،أن يكون العقد
الصحيح قائما بين المسؤول عن الضرر ومن كان ضحيته فيخضع تدخل
الغير في العالقات العقدية لقواعد المسؤولية التقصيرية.
ال يكفي لقيام المسؤولية العقدية وجود عقد صحيح بين المسؤول عن الضرر
من كان ضحيته ,بل يجب كذلك أن يكون الضرر نتيجة اإلخالل بإلتزام
ناشئ عنه بدون تمييز بين إلتزام رئيسي و إلتزام ناشئ ثانوي أو تفرقة بين
إلتزام أوجدته بنود العقد و إلتزام فرضته نصوص مقررة ,و يتعين على
القاضي تفسير إرادة العاقدين لتعيين مضمون العقد و تحديد اإللتزامات
الناشئة عنه و التي تقوم المسؤولية العقدية جزاء اإلخالل بها.
إذا كان نطاق المسؤولية العقدية يحدد على الوجه الذي درسناه سابقا فإنه قد
تعبر ( ووفقا ) له نطاق المسؤولية التقصيرية .ألنّ نطاق هذه األخيرة يتحدد
خارج نطاق األولى ,ففي كل مرة ال تتوافر شروط المسؤولية العقدية ،يكون
للدائن أن يتمسك بمبادئ المسؤولية التقصيرية التي يحدد نطاقها خارج
العالقات العقدية و يخضع لها من ال تقوم بينهم هذه العالقات ,و لكن هل
يقتصر تطبيق المسؤولية التقصيرية على هؤالء اآلخرين ( خارج العالقات
العقدية ) بحيث ال يستطيع العاقد تطبيق الذي أصابه ضرر من إخالل العاقد
اآلخر بإلتزامه الناشئ عن العقد إالّ التمسك بقواعد المسؤولية العقدية أو يمتد
نطاق المسؤولية التقصيرية إلى العالقات العقدية و يخضع لقواعدها أطراف
العقود كما يخضع األجانب عنهما بحيث يكون للعاقد أن يختار بين
المسؤوليتين وفقا لمصلحته :فيترك دعوى المسؤولية العقدية لرفع دعوى
المسؤولية التقصيرية.
لذلك إذا نقش الفقه مسألة " الجمع " بين المسؤوليتين ،فإنما يناقش في
الحقيقة إمكانية إجتماعهما معا في نطاق العالقات العقدية ليختار الدائن
بينهما و يرفع وفقا لمصلحته دعوى المسؤولية العقدية أو دعوى المسؤولية
التقصيرية ,أو عدم إمكانه ،بحيث ال يكون أمام العاقد سوى دعوى المسؤولية
العقدية.
و ظفرت هذه المسألة بعناية الفقه الفرنسي و كثرت فيهما بحوثه و نادى
الفقهاء بعدم جواز " الجمع" إستنادا إلى إستقالل كل من المسؤوليتين يؤدي
إلى إستبعاد أحدهما من نطاق األخرى,فكل مسؤولية مكانا في التقنين تتفرد
فيه لنظام خاص ،و ال يمكن من الناحية الفنية تطبيق المبادئ التي وضعت
إلحداهما على األخرى ,أما البعض من الفقهاء يقبل " الخيرة " على أساس
أنّ المسؤولية التقصيرية من النظام العام .
يميل القضاء في أغلبيته إلى رفض أخد العاقدين بمبادئ المسؤولية
التقصيرية ,و هكذا ال يستطيع الدائن ( إذا أراد إثبات خطأ المدين ) إغفال
العقد الذي يقوم بينهما ليعامل هذا األخير كأجنبي عنه إذا لوال قيام هكذا العقد
لما أمكن تحقق للضرر.
ليست المسؤولية في الحقيقة سوى توزيع لألضرار التي تقع في الجماعة على
بعض األفراد فيها ففي كل جماعة تقع أضرار متنوعة نتيجة حتمية لتزاحم
أفرادها في إشباع حاجاتهم و لتشابك مصالحهم ,و تزداد هذه األضرار ( على
مر الزمن ) بزيادة كثافة السكان و إتساع نشاطهم ,و يتعين على الجماعة أن
تحاول ما أمكنها من منع وقوع هذه اإلضرار أو اإلقالل من إحتمال تحققها و
أن تفاقم هذه األخيرة يؤدي إلى تهديد كيان كل فرد فيها و إعاقة نشاطه على
نحو يعرقل تقدم الجماعة و يعبث بأمنه ,و إذا كان الحل المثالي يكمن في
تشريع وقائي يؤدي إلى تجنب وقوع األضرار و يمنع قيام أسبابها كتنظيم
المرور في الطرقات تفاديا للحوادث و اقتضاء مواصفات معينة في األبنية
منعا النهيارها فإنّ نجاح هذا التشريع لن يكون إالّ نسبيا ,كما أنّ وقوع
األضرار في الحياة اإلجتماعية ال يمكن منعه كليا ألنها في الحقيقة تالزم
نشاط األفراد فيها و تعتبر نتيجة حتمية .فلم يبقى سوى توزيعها :هل يبقى
الضرر على عاتق ضحيته ؟ أم يلقى على كاهل من أحدثه ؟ أم تتحمله
الجماعة بأسرها بدال من هذا الشخص أو ذلك ؟ يتوقف على اإلجابة على
هذا السؤال تحديد أساس المسؤولية
المسؤولية :
* نظرية الخطأ أو النظرية الشخصية :
يمكن القول بأن كل فرد في الجماعة يتحمل ما يلحقه من ضرر ,فكما يفيد
من الحياة المشتركة فيجب أن يتحمل ما يصيبه من ضرر و يتحمل عبءه
الشخص الذي يختاره القدر لحمله ،إالّ إذا نشأ هذا الضرر نتيجة إنحراف في
سلوك من أحدثه إهماال أو عدم احتياط منه حينها يصبح هذا األخير وحده
مسؤوال عنه :تلك هي النظرية التقليدية التي تؤسس المسؤولية على فكرة
الخطأ,و تتفق بهذا األساس مع فقه المذاهب الفردية التي نادت باستقالل كل
فرد في الجماعة عن اآلخر .و ال يمكن ألحد منهم أن يسأل غيره عن ضرر
لحقه ،إالّ إذا استطاع إقامة الدليل على خطأ منه كان سببا في حدوثه.
و تعتبر النظرية على هذا الوجه في دائرة العالقات ،غير عقدية مقابل لمبدأ
سلطان اإلرادة في نطاق الروابط العقدية .فكما أنّ حرية فرد هي األصل ,و
العقد استثناء عليها فإنّ عدم المسؤولية كذلك هو األصل .و المسؤولية
استثناء عليه ال تقوم المسؤولية إالّ بتوافر الخطأ
يمكن القول في هذه النظرية بأنّ من " يباشر نشاطا يتحمل نتيجته أومن
يستفيد من شيء يتحمل مخاطره ,و عليه أن يعوض الغير الذي يلحقه ضرر
منه و لو كان سلوكه غير مشوب بخطأ ما :هذه هي نظرية " تحمل التبعة "
التي تعنى بالضرر فقط و ال يلقى عبء الضرر عاتق الضحية بل على
كاهل من أحدثه أو في عبارة أخرى من كان بنشاطه سببا فيه بغير حاجة
إلى تقدير سلوكه أو إقامة الدليل على خطأه.
و تسند هذه النظرية في رأي أنصارها إلى فكرة العدل :على من يبدى نشاطا
أن يتحمل جميع نتائجه :حسنة أو سيئة ألنه لو ركن إلى السكون لما لحق
الضرر غيره فإذا وقع ضرر دون خطأ من أحد فمن يجب عدال أن يتحمله
؟أم من هو الشخص الذي كان بعمله سببا فيه ؟
كما أنّ هذا األخير في العادة يفيد من مغانم نشاطه فيتعين عليه أن يتحمل
مغارمه ,و يضيفون أن الخطأ يجب أن يفقد مكانه في المسؤولية المدنية التي
بعد انفصالها عن المسؤولية الجنائية التي تتأسس على فكرة العقوبة ال تكفل
إالّ بالتعويض بحيث ال يبقى ركنا لها سوى عالقة السببية فكل من يحدث
ضر ار بالغير يلتزم بتعويضه و هكذا تتأكد فكرة التضامن اإلجتماعي متغلبة
على روح األنانية الفردية التي تدفع إلى العمل دون إكتراث بمصالح اآلخرين.
و من هنا تتفق هذه النظرية مع اإلتجاه إلى المادية في القانون ،التي تقوم
العالقات القانونية وفقا لها ال مع شخصين و لكن بين ذمتين و ال مكان فيها
لتقدير السلوك الفردي ,و يمكن القول أخي ار بأنّ الجماعة ممثلة في الدولة
تتحمل تلك األضرار بدال من الذين تضعهم المقادير تحت أثقالها لتلقيها
بدورها على جميع المواطنين عن طريق الضريبة و تلجأ الدول في العادة إلى
هذه الفكرة للتعويض عن أخطار الحرب و عن كوارث الجوية ....
و يمكن القول أنّ النظرية التقليدية التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ
قد سادت في القوانين الوضعية القديمة حتى أواخر القرن التاسع عشر ,و لكن
ظهر قصورها بعد النهضة الصناعية ،التي قامت على استخدام القوى
المحركة في اإلنتاج و في النقل بما تبعها من زيادة األضرار الناجمة عن
حوادث العمل و المواصالت زيادة بالغة ،و عجزت عن إقامة توازن معقول
بين ضحايا اآلالت ،الذين يتحملون أخطارها و بين أصحابها الذين يجنون
ثمارها,تعذر على األولين إثبات الخطأ و الكشف عن سبب الحادث ,و أفلت
األخيرون بالتالي من المسؤولية عما يصيبهم.
لما كان اإللتزام بالتعويض يتأسس على الخطأ الذي يعتبر ،في النظرية
التقليدية ركنا في المسؤولية ال تقوم إالّ بتوافره .فإنه يقع على المضرو وفقا
للقواعد العامة إقامة الدليل على الخطأ الذي أدى إلى الضرر الذي لحقه،
ليحصل على التعويض عنه ,و لكن هذا اإلثبات يكون ( في بعض الظروف
) عسي ار ,لذلك أقام المشرع في حاالت معينة كحالة المتبوع و حارس
قرائن قانونية على رجوع الضرر إلى خطأ من أحدثه تعفى الحيوان
المضرور من عبء إثباته.
و يجوز مبدئيا و لكن لم تقوم ضده القرينة ،ليتخلص من المسؤولية ،أن يثبت
انعدام الخطأ في جانبه ,و لكن مبدئيا ،لم يقبل دائما هذا اإلثبات ،و اعتبر
هذه القرينة قرينة قاطعة ال يستطيع المسؤول أن ينفيها و يتعين عليه ليتخلص
من المسؤولية أن يقطع عالقة السببية بين الضرر و خطئه المفترض ,كذلك
اعتبر البعض في قطيعة القرينة قناعا لمسؤولية مادية ال تتأسس على الخطأ
,و في بعض الحاالت ،ألقي على عاتق أحد العاقدين ،إلتزاما بالضمان أو
إلتزام بالسالمة لمصلحة العاقد اآلخر ،بدال من اإلكتفاء بقواعد المسؤولية
التقصيرية ـ ليحصل الدائن على تعويض عن الضرر الذي يصيبه دون
حاجة إلى إثبات خطا المدين
إذا توفرت األركان الثالث للمسؤولية من خطأو ضرر و عالقة سببية بينهما
إستحق المضرور تعويضا و يقصد به جبر الضرر الذي لحق المصاب ,و
يتبين من نص المادة أعاله أن التعويض هو األثر الذي يترتب عن تحقق
المسؤولية و هو جزائه ,و للمطالبة به يلجأ المضرور إلى رفع دعوى على
المسؤول و تسمى بدعوى المسؤولية .