You are on page 1of 85

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫جامعة التكوين المتواصل‬

‫نيابة رئاسة الجامعة للدراسات و البيداغوجية‬


‫المديرية الفرعية للتعليم عن بعد‬
‫السنة األولى فرع قانون أعمال‬

‫مقياس‬
‫قانون العقود‬

‫من إعداد األستاذ‪:‬‬


‫الفهرس‬
‫‪ -‬مقدمة‬
‫‪ -‬نظرية اإللتزام‬
‫‪ ‬تعريف و خصائص اإللتزام‬
‫‪ ‬أركان اإللتزام‬
‫‪ ‬تقسيمات اإللتزام‬
‫‪ -‬العقد ) المصادر اإلرادية(‬
‫‪ ‬تعريف العقد‬
‫‪ ‬تقسيمات العقد‬
‫‪ ‬أركان العقد‬
‫‪ -‬آثار العقد‬
‫‪ ‬آثار العقد من حيث األشخاص‬
‫‪ ‬آثار العقد من حيث الموضوع‬
‫‪ -‬تحديد نطاق العقد‬
‫‪ ‬مدى إلتزام العاقدين بتنفيذ العقد‬
‫‪ ‬جزاء اإلخالل بالعقد‬
‫‪ -‬زوال العقد‬
‫‪ ‬فسخ العقد‬
‫‪ ‬الدفع بعدم التنفيذ‬
‫‪ ‬إنحالل العقد‬
‫‪ -‬المسؤولية التقصيرية ) المصادر الغير إرادية (‬
‫‪ ‬التفرقة بين أنواع المسؤوليات‬
‫‪ ‬نطاق المسؤولية العقدية‬
‫‪ ‬أساس المسؤولية التقصيرية و تطورها‬
‫‪ ‬آثار المسؤولية التقصيرية‬
‫‪-‬قائمة المراجع‬
‫‪-‬نظرية اإللتزام‬

‫‪-1‬تعريف اإللتزام ‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 45‬من القانون المدني الجزائري أن " العقد اتفاق يلتزم بموجبه‬
‫شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح ‪ ،‬أو فعل ‪،‬أو عدم فعل شيء ما ‪".‬‬

‫ومقتضى هذا النص أن اإللتزام في القانون المدني الجزائري هو عالقة‬


‫قانونية بين شخصين يلتزم بموجبها المدين بأداء له قيمة مالية‪ ,‬يتمثل في‬
‫إعطاء شيء أو القيام بعمل أو اإلمتناع عنه لمصلحة الدائن ‪ ,‬الذي يحق له‬
‫جبر المدين على تنفيذه إذا لم يقم بالتنفيذ إختيا ار ‪.‬‬

‫‪-2‬خصائص اإللتزام ‪:‬‬

‫أ‪.‬اإللزامية‪ :‬أن يكون الطرف المدين ملزم و مجبر بتنفيذ إلتزامه ‪ ,‬بحيث يجوز‬
‫للدائن اللجوء إلى القضاء إلجبار المدين على تنفيذ إلتزامه و منه يقع عبء‬
‫اإلثبات على عاتق الدائن‬

‫ب‪ .‬الطابع الشخصي ‪ :‬هو أن اإللتزام ال يمكن أن يقوم قانونا‪ ،‬إال إذا كان‬
‫هناك مدين معين وقت نشوء اإللتزام‪ ،‬و ال يكتمل إال إذا كان هناك دائن‪ ،‬و‬
‫هو ما يفهم جليا من نص المادة ‪ 45‬من القانون المدني المعدلة عام ‪.5004‬‬

‫ج‪.‬الطابع المالي‪ :‬يعني أن اإللتزام ذو طبيعة مالية و أن محله أو موضوعه‬


‫يسمى باألداء و هو ما يطلب من المدين أن يؤديه‪ ،‬بأن ينقل حقا عينيا أو أن‬
‫يقوم بعمل أو أن يمتنع عن عمل‪.‬‬

‫‪-3‬أركان اإللتزام‪:‬‬

‫أ‪.‬الرابطة القانونية‪:‬هي ذلك القيد الذي يرد على إرادة المدين أو حريته بالوفاء‬
‫بما إلتزم به قانونا (م ‪ 0/060‬من ق‪.‬م) و قد كان هذا القيد في القوانين‬
‫القديمة كالقانون الروماني‪ ،‬ماديا يقع على الشخص المدين في جسمه ثم‬
‫أصبح رابطة قانونية بحتة ال تتعلق إال بذمة المدين المالية (م ‪ 011‬من ق‪.‬م)‬
‫و التي أصبح بمقتضاها إجبار المدين على الوفاء بالدين بمساعدة السلطة‬
‫العامة‪.‬‬

‫ب‪.‬محل اإللتزام‪ :‬فهو الشيء الذي يلتزم به المدين أي عمل المدين ذاته الذي‬
‫يتعلق به اإللتزام ‪ ,‬و هو إما أن يكون باإلعطاء كما هو الحال في إلتزام البائع‬
‫بنقل ملكية المبيع إلى المشتري بقصد إستيفاء ثمنه ‪ ,‬أو بالعمل كما هو الشأن‬
‫بإلتزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر‪ ,‬أو اإلمتناع عن العمل كما في‬
‫إلتزام التاجر أال يزاحم منافسا له في التجارة‪.‬‬

‫ج‪ .‬سبب اإللتزام‪ :‬فهو الغرض القانوني الذي من أجله أوجب المدين اإللتزام‬
‫عن نفسه‪ ،‬فالبائع إلتزم بنقل ملكية الشيء المبيع بسبب الحصول على ثمنه‪،‬‬
‫فهناك رابطة قانونية تربط البائع بالمشتري محلها من الناحية القانونية نقل‬
‫ملكية الشيء المبيع و سببها قيام المشتري بإلتزامه بالوفاء بالثمن (م ‪140‬‬
‫من ق‪.‬م)‪.‬‬
‫‪-5‬تقسيمات اإللتزام‪ :‬تنقسم اإللتزامات حسب أنواعها إلى عدة تقسيمات‬
‫تتمثل أهمها في‪:‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث القوة‪:‬‬

‫أ– اإللتزام المدني‪ :‬هو إلتزام مقترن بجزاء بحيث يمكن للدائن اللجوء إلى‬
‫القضاء و إجبار المدين على تنفيذ إلتزامه‪.‬‬

‫ب– اإللتزام الطبيعي‪ :‬فهو إلتزام قانوني لكن ال يتحقق فيه إال عنصر‬
‫المديونية فقط دون عنصر المسؤولية فهو الذي ال يمكن تنفيذه جب ار على‬
‫المدين إال أن يقوم بتنفيذه إختيا ار‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث العمل‪:‬‬

‫أ – اإللتزام بإعطاء‪ :‬هو األداء اإليجابي كاإللتزام بتسليم شيء محدد أو نقل‬
‫ملكية شيء معين و عادة ما يقترن باإللتزام بالتسليم‪.‬‬

‫ب – اإللتزام بالقيام بعمل‪ :‬أي اإللتزام بعمل ما بحيث يقوم المدين بعمل‬
‫معين لفائدة الدائن مثل عقد المقاولة‪ ،‬عقد حراسة‪ ...‬و قد يكون العمل أو‬
‫النشاط المطالب بتأديته من المدين إما عمال ماديا كالبناء أو عمال فكريا‬
‫كاإللتزام بإنجاز دراسة‪.‬‬

‫ج – اإللتزام باإلمتناع عن عمل‪ :‬هنا يطلب الدائن من المدين عدم القيام‬


‫بنشاط أو بعمل ما الذي يعود في األخير بالفائدة إلى طرف الدائن مثال‪:‬‬
‫تاجر تجزئة (الدائن) يطالب من تاجر الجملة (المدين) بعدم بيع نفس السلع‬
‫التي يبيعها له لتاجر تجزئة آخر في نفس محيطه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬من حيث الهدف أو النتيجة‪:‬‬

‫أ – اإللتزام بتحقيق نتيجة‪ :‬هو اإللتزام الذي ال يتم تنفيذه إال إذا تحققت الغاية‬
‫المقصودة بمعنى أن اإللتزام هنا يتحدد فيه مضمون األداء بالنتيجة المحددة‪،‬‬
‫فالمدين ال تبرئ ذمته إال إذا حقق االغاية المرجوة من تنفيذه‪.‬‬

‫ب – اإللتزام ببذل عناية‪ :‬يقتصر إلتزام المدين على بذل العناية الالزمة‪،‬‬
‫لتحقيق الهدف المعين الذي يقصد الدائن تحقيقه سواء تحقق الهدف المنشود‬
‫أو لم يتحقق‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬من حيث المصدر‪:‬‬

‫أ – إلتزامات تنشأ عن مصادر إرادية ‪ :‬و تسمى هذه المصادر بالتصرفات‬


‫القانونية و هي اإللتزامات الناشئة عن العقد و اإلرادة المنفردة‪.‬‬

‫ب – إلتزامات تنشأ عن مصادر غير إرادية‪ :‬فقد حددها المشرع في الفعل‬


‫المستحق بالتعويض و اإلثراء بال سبب و القانون‪.‬‬

‫و على هذا األساس سنتناول في دراستنا نظرية العقد و هو التصرف القانوني‬


‫الذي يصدر من جانبين بهدف إحداث أثر قانوني معين بإعتباره من أهم‬
‫مصادر اإللتزام اإلرادية في القانون المدني الجزائري‪.‬‬

‫‪ –2‬العقد (المصادر اإلرادية)‬


‫‪ - 1‬تعريف العقد‪:‬‬

‫هو أهم المصادر المنشئة لإللتزام في الحياة اإلجتماعية و اإلقتصادية‪ ،‬فهو‬


‫توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين يتمثل هذا األثر بإعطاء‬
‫أو فعل أو عدم فعل شيء ما‪ ،‬أي أن اإلرادتين تتجهان إلى إنشاء إلتزام‪ ،‬و‬
‫بهذا فالعقد أخص من اإلتفاق بإعتبار العقد تتجه فيه اإلرادتان إلى إنشاء‬
‫عالقة ملزمة‪ ،‬فاإلتفاق ال يكون عقدا إال إذا كان منشأ إللتزام و يكون إتفاقا‬
‫متى كان معدال أو منهيا إللتزام‪ ،‬و ينتج عن ذلك أنه ليس كل إتفاق يمكن أن‬
‫يكون عقدا في حين أن كل عقد يمكن أن يكون إتفاق‪.‬‬

‫و لقد عرف ق‪.‬م العقد في م ‪ 45‬المعدلة بالقانون رقم ‪ 00/04‬المؤرخ في‬


‫‪ 5004/06/50‬بقوله أن " العقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة‬
‫أشخاص آخرين بمنح ‪ ،‬أو فعل ‪،‬أو عدم فعل شيء ما ‪".‬‬

‫‪ - 5‬تقسيمات العقد ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث التكوين‪:‬‬

‫أ‪-‬العقد الرضائي ‪ :‬هو الذي يتم بمجرد التراضي‬

‫ب‪-‬العقد الشكلي ‪ :‬هو الذي يخضع لشكل معين ‪ ،‬أي الكتابة و في غالب‬
‫األحيان الكتابة الرسمية أمام الموثق‪(،‬وهدا لحماية المتقاعدين ( عقد بيع‬
‫عمارة‪)...،‬‬
‫ج‪-‬العقد العيني ‪ :‬هو الذي يستوجب تسليم العين‪،‬محل العقد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث الموضوع‪.‬‬

‫أ‪-‬العقد المسمى ‪:‬هو الذي نظمه المشرع ( مثال ‪ :‬عقد البيع أو اإليجار عقد‬
‫الشركة )‬

‫ب‪-‬العقد غير المسمى ‪:‬هو الذي لم يتناوله المشرع في نصوص خاصة و‬


‫إنما تحكمه القواعد العامة ( مثال ‪:‬عقد استعمال دراجة نارية ) أو ( إعطاء‬
‫دروس خاصة )‬

‫ثالثا‪ :‬من حيث األثر‪:‬‬

‫أ‪-‬العقد الملزم للجانبين ‪ :‬هو الذي ينشئ االلتزامات متقابلة في ذمة كل من‬
‫المتعاقدين و هذا طبقا للمادة من القانون المدني التي تنص " يكون العقد‬
‫ملزما للطرفين‪،‬تبادل المتقاعدين االلتزام بعضهما بعضا‪.‬‬

‫‪-‬بالعقد الملزم لجانب واحد ‪ :‬هو الذي ينشئ التزاما في ذمة أحد المتقاعدين‬
‫دون آخر و هذا حسب المادة ‪ 46‬من القانون المدني التي تنص "" يكون‬
‫العقد ملزما لشخص أو لعدة أشخاص ‪ ،‬إذا تعاقد فيه شخص نحو شخص‬
‫‪،‬دون التزام من هؤالء اآلخرين (مثال ‪:‬الهبة تمليك‪ ،‬المادة ‪ 505‬من قانون‬
‫األسرة "الهبة تمليك بال عوض "‪.‬‬

‫ج‪-‬عقد المعاوضة ‪( :‬أو العقد بعوض )‪.‬‬

‫هو الذي يأخذ فيه العاقد مقابال لما يعطي ‪ ،‬المادة ‪ 41‬من القانون المدني‬
‫تنص أن ‪:‬‬

‫"العقد بعوض هو الذي يلزم كل واحد من الطرفين إعطاء ‪ ،‬أو فعل شئ ما‬
‫"‬
‫مالحظة ‪ :‬أغلب عقود المعاوضة ملزمة للجنبين ( مثال عقد البيع البائع ‪:‬‬
‫إعطاء الشاري ‪ :‬دفع الثمن )‬

‫د‪-‬عقد التبرع ‪ :‬هو الذي ال يأخذ فيه العاقد مقابال لما يعطي ‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬أغلب عقود التبرع ملزمة لجانب واحد‬

‫(مثال ‪ :‬الهبة التي يخرج المتبرع عن ملكية ماله ‪ ،‬دون أخذ مقابال )‬

‫رابعا‪ :‬من حيث الطبيعة‪.‬‬

‫أ‪-‬العقد المحدد ‪ :‬أو التبادلي ‪ :‬هو الذي يستطيع فيه كل من المتعاقدين ‪ ،‬عند‬
‫التعاقد ‪،‬تحديد ما يحصل عليه ‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 45‬من القانون المدني " يكون العقد تبادلي متى التزم أحد‬
‫الطرفين بمنح ‪ ،‬أو فعل شئ ‪،‬يعتبر معادال لما يمنح أو يفعل له "‪(.‬مثال ‪:‬‬
‫الكراء بسعر محدد)‪.‬‬

‫ب‪-‬عقد الغرر ‪ :‬أو العقد االحتمالي ‪ :‬هو الذي ال يستطيع فيه كل من‬
‫المتعاقدين تحديد ما يحصل عليه عند التعاقد ‪ ،‬و إنما يتحدد هذا فيما بعد ‪،‬‬
‫أو محقق الحصول و لكن ال يعرف متى يحصل‪.‬‬

‫حسب المادة ‪ 45‬الفقرة ‪ 5‬من القانون المدني ‪ " :‬إذا كان الشيء المعادل‬
‫محتويا على حظ ربح أو خسارة لكل واحد من الطرفين على حسب حادث‬
‫غير محقق فإن العقد يعتبر عقد غرر ‪.‬‬

‫( مثال‪ :‬التأمين ‪ ,‬الرهان ‪ ,‬بيع الثمار قبل انعقادها بثمن جزافي‪)....‬‬

‫ج‪-‬العقد الفوري ‪ :‬هو الذي يتم تنفيذه دفعة واحدة أو على دفعات دون أن‬
‫يكون الزمن عنص ار أساسيا فيه‪.‬‬

‫( مثال ‪ :‬البيع ( و لو كان دفع الثمن على أقساط )‪.‬‬

‫د‪-‬عقد المدة ‪ :‬هو الذي تعتبر المدة عنص ار أساسا فيه‪ ،‬إذا تحدد محله ‪.‬‬

‫(مثال ‪ :‬العقود ذات التنفيذ المستمر ‪ :‬ـعقد اإليجار ‪ ,‬عقد العمل )‬

‫‪ - 3‬أركـــــــان العقـــــد‪:‬‬

‫لكي يقوم العقد صحيحا ينبغي أن تتوفر األركان األساسية و الالزمة لذلك‪،‬‬
‫و ركن العقد هو التراضي إال أن الفقه جرى على القول بأن العقد يقوم على‬
‫أركان ثالثة و هي ‪:‬‬

‫‪ - /1‬الــــــرضا‬

‫‪ - /2‬المحــــــــل‬

‫‪ - /3‬الســــبب‬

‫‪ -‬والشكل بالنسبة للعقود الشكلية‪.‬‬


‫الركن األول‪ -‬التــراضي‪:‬‬

‫يتحقق التراضي بإقتران إرادتين متطابقتين و أن تتجها إلى إحداث أثر‬


‫قانوني‪ ،‬و أن التراضي يتم بإيجاب و قبول يطابقه في إنشاء إلتزامات تترتب‬
‫على إتفاقهما‬

‫حسب المادة ‪ 45‬من "ق‪ .‬م " يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير‬
‫عن إرادتهما المتطابقتين‪ ،‬دون اإلخالل بالنصوص القانونية "‪.‬‬

‫و يجب أن يصدر اإليجاب و القبول عن ذي أهلية و بسالمة اإلرادة بما‬


‫يشوبها من عيوب كالغلط والتدليس و اإلكراه و اإلستدالل‪.‬‬

‫‪– 0‬وجود التراضي‪:‬‬

‫‪ - 1‬التعبير عن اإلرادة(التعبير الصريح‪/‬التعبير الضمني)‪:‬‬

‫أ ‪ -‬التعبير الصريح‪:‬‬

‫ال يكفي أن توجد اإلرادة لدى المتعاقدين بل ال بد من ظهررها إلى العالم‬


‫الخارجي حتى يعرف كال منهما إرادة اآلخر‪ ،‬و حتى يمكن أن يتدخل القانون‪.‬‬
‫في هذا اإلطار تنص المادة ‪ 60‬من "ق‪.‬م" "التعبير عن اإلرادة يكون‬
‫باللفظ وباإلشارة المتداولة عرفا‪ ،‬كما يكون باتخاذ موقف ال يدع أي شك في‬
‫داللته على مقصود صاحبه‪.‬‬

‫اإلفصاح عن اإلرادة يأخذ عدة صور مثال ‪ :‬الكتابة ( عقد‪) . . . . .‬‬

‫الكالم ( موافقة ‪ /‬مفاوضة )‬


‫اإلشارة ( " للبيع "‪)...‬‬

‫اتخاذ موقف ‪ :‬عرض أشياء في السوق‬

‫محل تجاري‬

‫ب ‪ -‬التعبير الضمني ‪ :‬أجازت المادة ‪ 60‬من ق‪.‬م في فقرتها الثانية بأن‬


‫يكون التعبير ضمنيا "و يجوز أن يكون التعبير عن اإلرادة ضمنيا إذا لم‬
‫ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا" ‪.‬‬

‫والتعبير الضمني هو التعبير الغير مباشر و يكون عن طريق اإلستنباط من‬


‫األفعال التي يقوم بها الشخص كمؤشر لتلك اإلرادة و ما تنطوي عليه مثال ‪:‬‬
‫البقاء في محل تجاري بعد انتهاء مدة الكراء‪.‬‬

‫‪ - 2‬توافق اإلراديتين‪:‬‬

‫يتكون العقد بتبادل الطرفين التعبير عن إرادتين متطابقتين نحو إحداث‬


‫أثر قانوني‪.‬‬

‫يطلق على اإلرادة األولى اإليجاب‪ ،‬في حين يطلق على اإلرادة الثانية‬
‫القبول‪ ،‬و لكي ينعقد العقد يجب أن يبدأ أحد الطرفين بإيجاب ثم البد أن‬
‫يقترن من الطرف اآلخر و أن يتطابق معه فو ار‪.‬‬

‫أ ‪ -‬اإليجاب‪:‬‬

‫اإليجاب هو التعبير البات عن إرادة أحد الطرفين‪ ،‬صادر عن موجهه إلى‬


‫الطرف اآلخر‪ ،‬بقصد إبرام عقد بينهما أي هو الوعد بالتعاقد‪.‬‬
‫‪-‬يجب أن يكون الوعد بالتقاعد كامال‪ ،‬أي مشتمال على العناصر األساسية‬
‫للعقد المراد إبرامه‪.‬‬

‫مثال ‪ :‬إذا كان الوعد بالتعاقد مصحوب بتحفظ ‪،‬فيعتبر مجرد دعوى إلى‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫‪ -‬يجب القول أن في غياب وعدا باتا للتعاقد ال يمكن أن نتحدث عن أية‬


‫مسؤولية عقدية خاصة مرحلة العرض والمفاوضة‪.‬‬

‫‪-‬لكي ينتج الوعد بالتعاقد أثره‪ ،‬يجب أن يوصا إلى علم الشخص الذي وجه‬
‫إليه‪.‬‬

‫‪-‬القانون المدني الجزائري تكلم عن "الوعد بالتقاعد " في المادتين ‪25‬و‪20‬‬


‫تنص المادة ‪ 20‬أن‪" :‬االتفاق الذي يعد له المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد‬
‫معين في المستقبل ‪،‬ال يكون له أثر إال إذا عينت جميع المسائل الجوهرية‬
‫للعقد المراد إبرامه ‪،‬و المدة التي يجب إبرامه فيها‪" .‬‬

‫‪-‬كما تنص المادة ‪ 25‬أن " إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه‬
‫المتقاعد األخر طالبا تنفيذ الوعد‪ ،‬وكانت الشروط الالزمة لتمام العقد "‬

‫‪-‬وفي األخير يجب أن نفرق بين الوعد بالعقد و الوعد بالتعاقد ( أو اإليجاب‬
‫)‪.‬‬
‫‪-‬الوعد بالعقد ‪ :‬هو اتفاق‬

‫‪-‬أما الوعد بالتعاقد ( أو اإليجاب الملزم ) ‪ :‬فإرادة منفردة‬


‫ب‪ -‬القبـول ‪:‬‬

‫القبول يجب أن يكون باتا‪ ،‬أي ينطوي على نية قاطعة و أن يوجه إلى‬
‫صاحب الوعد بالتقاعد (أو اإليجاب ) و أن يطابق اإليجاب مطابقة تامة‪.‬‬

‫‪-‬لكن ما هو الحل إذا اقترن القبول بما يزيد في اإليجاب أو يقيد منه ‪ ،‬أو‬
‫يعدل فيه ؟‬

‫هذه الحالة يعتبرها البعض‪ :‬رفضا يتضمن إيجابا جديدا‪.‬‬

‫‪-‬لكن المشرع قرر في المادة ‪ 64‬من القانون المدني أن " إذا اتفق الطرفين‬
‫المسائل الجوهرية في العقد و احتفاظا بمسائل تفصيلية‬ ‫على جميع‬
‫أن ال أثر للعقد عند عدم االتفاق‬ ‫يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا‬
‫عليهما ‪،‬أعتبر العقد منبرما و إذا قام خالف على المسائل التي لم يتم‬
‫االتفاق عليهما فإن المحكمة تقضي فيها لطبيعة المعاملة وال حكام القانون‬
‫والعرف و العدالة "‪.‬‬

‫مشكل القبول في "عقود اإلذعان" ‪ ( .‬أنظر المواد ‪ 70 / 110‬و ‪ 112‬ق‪.‬م‬

‫جـ ‪ -‬اقتران القبول باإليجـــــاب‬

‫لكي يبرم ( ينعقد ) العقد‪ ،‬ال يكفي صدور الوعد بالتعاقد ( أو اإليجاب ) و‬
‫القبول‪ ،‬بل يجب أن يتالقيا‪.‬‬

‫بمعنى آخر يجب أن يعلم كل من العاقدين باإليجاب و القبول ‪.‬‬


‫‪-‬فيما يخص التعاقد بين حاضرين في مجلس العقد ‪:‬‬

‫مثال ‪ :‬إذا صدر اإليجاب في مجلس العقد ‪ ،‬و لكن لم يعين ميعاد للقبول فإن‬
‫الموجب يتحرر من إيجابه إذا لم يصدر القبول فو ار‪.‬‬

‫‪ -‬بصفة عامة يجب القبول أن " اإليجاب يسقط إذا لم يقبل فو ار "‪ .‬وهذا‬
‫من القانون المدني التي تنص أن " إذا صدر إيجاب في‬ ‫طبقا للمادة ‪65‬‬
‫مجلس العقد لشخص حاضر دون تحديد أجل القبول فإن الموجب يتحلل‬
‫من إيجابه إذا لم يصدر القبول فو ار و كذلك إذا صدر اإليجاب من شخص‬
‫إلى آخر بطريق الهاتف أو بأي طريق مماثل‪.‬‬

‫غير أن العقد يتم ‪،‬و لو يصدر القبول فو ار ‪ ،‬إذا لم يوجد ما يدل على أن‬
‫الموجب قد عدل عن إيجابه في الفترة ما بين اإليجاب و القبول ‪ ،‬و كان‬
‫القبول صدر قبل أن ينقض مجلس العقد‪" .‬‬

‫‪-‬فيما يخص التعاقد بين غائبين ( أو التعاقد بالمراسلة )‬

‫‪-‬عند ما يتم العقد بالمراسلة ‪ ،‬هو الوقت الذي يعتبر فيه منعقدا عل وجه‬
‫التحديد ؟‬

‫‪-‬هل هو الوقت الذي فيه القابل عن قبوله ؟ (هذه نظرية" صدور القبول)‬

‫‪-‬أم هو الوقت الذي يصل فيه القبول إلى علم الموجب ؟ (هذه نظرية " علم‬
‫الموجب بالقبول)"‬

‫‪-‬هذه المسألة قد نوقشت بشدة حيث أن تحديد زمان العقد يترتب عليه تعيين‬
‫الوقت الذي يبدأ فيه تنفيذ العقد‪.‬‬

‫‪-‬المشرع الجزائري أختار النظرية الثانية ‪ ،‬أي نظرية " وصول القبول " في‬
‫المادة ‪ 62‬من القانون المدني التي تنص أن ‪ " :‬يعتبر التعاقد ما بين‬
‫الغائبين قد تم في المكان و في الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ‪،‬‬
‫ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك ‪ ،‬ويفترض أن الموجب‬
‫قد علم بالقبول في المكان ‪ ،‬و في الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول "‬

‫‪ - 3‬النيــابة في التعـــاقد‬

‫النيابة في التعاقد هي حلول إرادة النائب محل إرادة األصيل في إنشاء‬


‫تصرف قانوني‪ ،‬مع إضافة آثار ذلك التصرف إلى األصيل‪ ،‬فالنيابة تجوز‬
‫في كل تصرف قانوني‪ ،‬ولكن القانون يمنع النيابة في المسائل المحددة كعقد‬
‫الزواج‪ ،‬حلف اليمين‪ ،‬فالنيابة إ ما أن تكون قانونية و إما إتفاقية‪ ،‬فالولي و‬
‫الوصي و القيم و الحارس القضائي يعتبر كلهم نواب قانونيين‪.‬‬

‫أما النيابة اإلتفاقية فهي الوكالة التي تتم باإلتفاق بين األصيل و النائب‪ ،‬و‬
‫بمقتضاها يكون على هذا األخير أن يقوم بعمل قانوني بإسم األصيل و‬
‫لحسابه‪.‬‬

‫شروط النيابة‪:‬‬

‫‪-/1‬أن تحل إرادة النائب محل إرادة األصيل‬

‫‪ -/2‬أن يكون التعاقد باسم األصيل‬


‫‪ -/3‬أال يتجاوز النائب الحدود المرسومة لنيابته‬

‫‪ - 2‬صحـة التراضي‪:‬‬

‫يشترط لصحة الرضا أن يكون من صدر منه ذي أهلية و أن يكون رضاؤه‬


‫خاليا من عيوب اإلرادة و هي الغلط‪ ،‬التدليس‪ ،‬اإلكراه و اإلستغالل‪.‬‬

‫األهليـة‪:‬‬

‫األهلية هي صالحية الشخص ألن تكون له حقوق أو عليه حقوق و أن‬


‫يباشر بنفسه األعمال القانونية و القضائية المتعلقة بهذه الحقوق‪ ،‬ونصت‬
‫م‪ 21.‬من ق‪.‬م "كل شخص أهل للتعاقد ما لم يط أر على أهليته عارض يجعله‬
‫ناقص األهلية أو فاقدها بحكم القانون‪ .‬حسب م ‪ 57‬من ق‪.‬م التي تنص ‪" :‬‬
‫كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون "‬

‫و على هذا فإن األصل في الشخص أن يكون كامل األهلية ما لم يوجد نص‬
‫يقضي بخالف ذلك فإذا بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية و لم يحجر عليه‬
‫يكون كامل األهلية و سن الرشد في القانون الجزائري هو تسع عشرة سنة‬
‫كاملة (م ‪ 5/50‬من ق‪.‬م)‪.‬‬

‫‪ - 1‬عيوب الرضا‬

‫يقتضي وجود الرضا أن يكون صحيحا و صحة إرادة المتعاقدين تستلزم‬


‫خلوها مما يعيبها‪.‬‬
‫أ ‪ -‬الغــــــــلط‬

‫الغلط هو االعتقاد بصحة ما ليس بصحيح أو بعدم صحة ما هو صحيح و‬


‫هو عيب من عيوب الرضى إذ يسمح القانون لمن وقع فيه أن يطلب إبطال‬
‫العمل الحقيقي‪ ،‬عندما يبلغ حدا كافيا من الجسامة ‪.‬‬

‫مثال ذلك أن يعقد شخصان عقدا‪ ،‬األول منهما يبغى من وراء هذا العقد بيع‬
‫شيء ما‪ ،‬والثاني يعتقد إستجاره ‪.‬‬

‫و مثاله أيضا أن يشتري إنسان شيئا يعتقد أنه قديم بينما هو حديث‪.‬‬

‫و العكس‪ ،‬فإذا ذكرت في العقد‪ ،‬بعض الشروط ثم لم تتوفر فإن العقد ال‬
‫يوصف بأنه قابل لإلبطال للغلط‪ ،‬وانما يكون صحيحا قابال للفسخ لعدم‬
‫إمكان تنفيذه بالصورة المتفق عليها‪.‬‬

‫أنواع الغلط‪:‬‬

‫‪ -‬حسب النظرية التقليدية‪:‬‬


‫‪ – 0‬الغلط المانع‪ :‬هو الغلط الذي يبطل العقد بطال مطلقا‪ ،‬بعبارة أخرى‪ ،‬هو‬
‫الغلط الذي يعدم الرضا‪ ،‬و يكون في ماهية العقد‪ ،‬أو في ذاتية محل االلتزام‪،‬‬
‫أو في سبب االلتزام‪.‬‬

‫‪ – 5‬الغلط الذي يبطل العقد نسبيا ‪ :‬و يكون في حالتين هما الغلط في مادة‬
‫الشيء‪ ،‬والغلط في شخص المتعاقد‪ ،‬إذا كانت شخصيته محل اعتبار‪.‬‬
‫‪ – 1‬الغلط الغير مؤثر‪ :‬هو الغلط الذي ال أثر له في صحة العقد‪ ،‬و ال صلة‬
‫له بتكوين اإلرادة و ال يفسد الرضا‪ ،‬و هو يتحقق عندما يقع الغلط في صفة‬
‫غير جوهرية في الشيء محل اإللتزام أو في قيمة الشيء محل اإللتزام‪.‬‬

‫‪ -‬حسب النظرية الحديثة‪:‬‬


‫لقد هجر الفقه الفرنسي الحديث النظرية التقليدية في الغلط‪ ،‬و يرجع الفضل‬
‫في ظهور النظرية الحديثة إلى القضاء الفرنسي الذي إستغنى عن التقسيم‬
‫الثالثي للغلط‪ ،‬و ترك المعيار المادي و أصبح يعمل بالمعيار الذاتي الذي‬
‫يرجع فيه إلى ما يعتبره المتعاقد جوهريا‪ ،‬و هذا ما أخذ به المشرع الجزائري‪.‬‬

‫‪ - 1‬الغلط في القانون‪:‬‬

‫عرفت م ‪ 15‬من ق‪.‬م الغلط الجوهري ‪":‬يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من‬
‫الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو يقع في هذا الغلط"‪.‬‬

‫لقد وضع المشرع الجزائري معيا ار عاما للغرض و أخذ بالمعيار الذاتي‬
‫فاستلزم أن يكون جوهريا‪ .‬فيجب أن يبلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه‬
‫المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط‪ ،‬و يشترط أن يكون على‬
‫األخص في حالة وقوعه‪ :‬في صفة الشيء‪ ،‬أو في ذات المتعاقد أو في صفة‬
‫من صفاته‪.‬‬

‫‪ - 2‬الغلط في الواقعة‪:‬‬

‫‪-‬تنص م ‪ 11‬من ق‪ .‬م ‪ " :‬يكون العقد قابال لإلبطال لغلط في القانون إذا‬
‫توفرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقا للمادتين ‪ 71‬و ‪ 72‬ما لم يقض‬
‫القانون بغير ذلك"‪.‬‬

‫‪ -‬نستخلص من المادة ‪ 11‬أن الغلط في القانون كالغلط في الواقعة كالهما‬


‫يعيب الرضا بشرط‪:‬‬

‫‪-/0‬أن يكون الغلط جوهريا ( طبقا للمادتين ‪ 10‬و ‪) 15‬‬

‫‪-/5‬إذا ما لم يقضي القانون بغير ذلك ( مثال المادة ‪ 564‬التي تنص أنه " ال‬
‫يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون" )‪.‬‬

‫‪-/3‬بشرط أن يقع هذا الغلط في قاعدة قانونية ثابتة ‪،‬أي واردة في التشريع أو‬
‫استقر عليها القضاء ‪ ،‬و ليست محل أي خالف‪.‬‬

‫‪ - 3‬الغلط الذي يتعارض مع حسن النية‪:‬‬

‫تنص م ‪ 74‬من ق‪.‬م ‪":‬ليس لمن وقع في الغلط أن يتمسك به على وجه‬
‫يتعارض مع ما يقضي حسن النية‪،‬‬

‫ويبقى باألخص ملزما بالعقد قصد إبرامه إذا أظهر الطرف اآلخ ارستعداده‬
‫لتنفيذ هذا العقد"‪.‬‬

‫يبين من نص المادة أنه ال يجوز لمن وقع في غلطه و دفعه إلى التعاقد أن‬
‫يصر على طلب إبطال العقد طالما كان المتعاقد اآلخر حسن النية أو أظهر‬
‫إستعداده لتفادي ما وقع فيه من تعاقد معه من غلط‪ ،‬أما إذا أصر على‬
‫التمسك بالغلط رغم ذلك يعد متعسفا في إستعمال حقه‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الغش أو الخداع أو التدليس‬

‫بعض الفقهاء يقولون أن‪ :‬التدليس هو أن يستعمل أحد طرفي العقد‪ ،‬وسائل‬
‫غايتها تضليل الطرف اآلخر‪ ،‬و الحصول على رضاه في الموافقة على‬
‫العقد‪.‬‬

‫‪-‬بعض اآلخرين من الفقهاء يقولون أن‪ :‬التدليس هو نوع من الغش‪ ،‬يصاحب‬


‫تكوين العقد‪ ،‬و هو إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد نتيجة استعمال‬
‫الحيلة‪.‬‬

‫التدليس يؤدي حتما إلى الغلط‪ ،‬بحيث يمكن القول بعدم جدوى نظرية‬
‫التدليس‪ ،‬اكتفاء بنظرية الغلط ‪.‬‬

‫‪-‬و التدليس يعيب اإلرادة في جعل العقد قابال لإلبطال‬

‫‪-‬و التدليس نتيجة حيلة‪.‬‬

‫‪-‬و الحيلة خطأ عمدي يستوجب التعويظ طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫و يتبين مما سبق أن التدليس يعيب الرضا إذا توفرت فيه شروط معينة‪.‬‬

‫شروط التدليس‪:‬‬

‫‪ - 0‬استعمال وسائل إحتيالية بقصد التضليل ‪:‬‬

‫الطرق اإلحتيالية هي وسائل مادية لتضليل المتعاقد يقوم بها المدلس حتى‬
‫يتولد الغلط في ذهن المتعاقد فيحمله على المتعاقد فهذه الطرق تتكون من‬
‫عنصرين أحدهما مادي و آخر معنوي‪.‬‬
‫‪ -‬العنصر المادي‪ :‬هو كل ما يقع من أفعال و أقوال يترتب عليها وقوع‬
‫الشخص في الغلط كالمظاهر الكاذبة التي ال تطابق الواقع من تظاهر‬
‫بالوجاهة و إصطناع أوراق أو مستندات أو كشوف من البنك و مثاله كما لو‬
‫قدم بائع محل تجاري أوراقا مزورة تبين أرباحا يحققها المحل مبالغا في قيمتها‪.‬‬

‫‪ -‬العنصر المعنوي‪ :‬هو توفر نية التضليل لدى المدلس لإليقاع بالطرف‬
‫اآلخر و حمله على التعاقد‪ ،‬أي أن التدليس هو الدافع للتعاقد بحيث‬
‫لواله لما رضي المدلس عليه بالتعاقد‪.‬‬

‫‪ -2‬اعتبار التدليس الدافع للتعاقد ‪:‬‬

‫‪-‬حسب م ‪ 16‬الفقرة ‪ 0‬من ق‪ .‬م ‪ " :‬يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت‬
‫الحيل التي لجأ إليها المتعاقدين أو النائب عنهما ‪ ،‬من الجسام بحيث لوالها‬
‫لما أبرم الطرف الثاني العقد "‪.‬‬

‫و معنى هذا أنه يجوز طلب إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل المستعملة‬
‫قد بلغت حدا من الجسامة‪ ،‬بحيث لوالها لما أبرم المتعاقد العقد‪ ،‬أو ألبرمه‬
‫بشروط مغايرة‪ .‬و جسامة الحيلة الممارسة يرجع فيها إلى المعيار الشخصي‪،‬‬
‫و قاضي الموضوع هو الموكل تقدير جسامة الحيلة الممارسة‪.‬‬

‫‪ - 3‬أن يكون التدليس صادر من المتعاقد اآلخر ‪ ،‬أو على األقل يكون‬
‫متصال به‪.‬‬

‫تنص م ‪ 12‬من ق‪ .‬م أن ‪ " :‬إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين‪ ،‬فليس‬
‫للمتعاقد المدلس عليه أن يطلب إبطال العقد‪ ،‬ما لم يثبت أن المتعاقد اآلخر‬
‫كان يعلم‪ ،‬أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا التدليس"‬

‫و مقتضى هذا أنه إذا صدرت الحيل التدليسية من الغير فليس للمتعاقد‬
‫المنخدع بها (المدلس عليه) أن يتمسك باإلبطال إال إذا أثبت علم المتعاقد‬
‫اآلخر بهذه الحيل المستعملة أو سهولة علمه بها‪.‬‬

‫‪-‬في النهاية إن التدليس ال يؤثر في صحة العقد إذا صدر من غير المتعاقد‬
‫أو نائبه‪.‬‬

‫هل تغني نظرية الغلط‪ ،‬عن نظرية التدليس؟‬

‫حسب أغلب الفقهاء‪ :‬أن نظرية الغلط ال تغني عن نظرية التدليس‪ ،‬ألنه في‬
‫النظرية التقليدية للغلط لم يكن الغلط في القيمة‪ ،‬أو في الباعث‪ ،‬يبطل العقد‬
‫في حين أنه لو حدث شيء من ذلك نتيجة التدليس يكون العقد باطال بطالنا‬
‫نسبيا‪.‬‬

‫‪-‬و من جهة أخرى كان يمكن إبطال العقد للغلط حيث ال يمكن إبطاله‬
‫للتدليس في حالة صدور التدليس من أجنبي‪.‬‬

‫‪-‬و في األخير يجب القول أنه إذا كان الغلط يغني عن التدليس فإن التدليس‬
‫ال يمكن أن يغني عن الغلط‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬اإلكـــراه‬

‫اإلكراه هو الضغط المادي أو المعنوي الذي يوجه إلى شخص بغية حمله إلى‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫هو الضغط بقصد الوصول إلى غرض مشروع يتعرض له المتعاقد‪ ،‬فيولد في‬
‫نفسه رهبة تدفعه إلى التعاقد‪.‬‬

‫و هذا ما نصت عليه م ‪ 11‬من ق‪ .‬م على أنه‪ " :‬يجوز إبطال العقد لإلكراه‬
‫إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بينة بعثها المتعاقد اآلخر في نفسه‬
‫دون حق و تعتبر الرهبة قائمة على بينة إذا كانت ظروف الحال تصور‬
‫للطرف الذي يدعيها أن خط ار جسيما محدقا يهدده هو‪ ،‬أو أحد أقاربه ‪ ،‬في‬
‫النفس‪ ،‬أو الجسم أو الشرف‪ ،‬أو المال‪.‬‬

‫و يراعى في تقدير اإلكراه جنس من وقع عليه هذا اإلكراه و سنه‪ ،‬وحالته‬
‫االجتماعية‪ ،‬و الصحية‪ ،‬و جميع الظروف األخرى التي من شأنها أن تؤثر‬
‫في جسامة اإلكراه "‪.‬‬

‫يتبين من نص المادة أن الرهبة أو الخوف إنما تتولد من أفعال معينة مكونة‬


‫من اإلكراه صادرة عادة من شخص و موجهة إلى شخص آخر بقصد حمله‬
‫على التعاقد و دون أن يكون لمن صدرت منه تلك األفعال حق في تهديداته‪.‬‬

‫فلكي يتحقق اإلكراه الذي يعيب اإلرادة يجب أن تتوفر شروط تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬استعمال وسيلة من وسائل اإلكراه‪:‬‬

‫يتحقق اإلكراه بإستعمال وسائل تكون في العادة غير مشروعة يقصد بها‬
‫الوصول إلى غرض غير مشروع فيتحقق اإلكراه و قد تكون الوسائل مشروعة‬
‫كاإلبتزاز الذي يأتيه صاحب الحق ليتحصل على فوائد غير مشروعة من‬
‫المدين و ال يتحقق اإلكراه إذا استعملت وسيلة مشروعة أو غير مشروعة‬
‫للوصول إلى غرض مشروع‪.‬‬

‫و قد تكون وسائل اإلكراه مادية كالضرب و العنف أو وسائل نفسية كالتهديد‬


‫باألذى‪.‬‬

‫‪ - 5‬أن تحمل هذه الرهبة التي يولدها اإلكراه المتعاقد على إبرام العقد‪.‬‬

‫ـ هذا هو العنصر المعنوي في اإلكراه‪.‬‬

‫ـ و هنا يترك لقاضي الموضوع مسألة القول بأن هذه الرهبة هي حملة المتعاقد‬
‫على إبرام العقد أم ال‪.‬‬

‫ـ في تقدير هذه الرهبة يدخل القاضي في تقديرها ‪ :‬الحالة الشخصية للمكره ال‬
‫للشخص المعتاد‪.‬‬

‫ـ كما يراعى في هذا المعيار الذاتي كل الظروف التي من شأنها أ ن يؤثر في‬
‫جسامة‬

‫اإلكراه‪ :‬مثال‪ :‬ـ المكان‬

‫ـ الوقت الزمان‬

‫ـ باختصار يجب أن يثبت أنه لوال الرهبة لم يبرم العقد من طرف المكره‪.‬‬

‫‪ - 1‬أن يصدر اإلكراه من المتعاقد اآلخر أو يكون متصال به‪:‬‬


‫حسب المادة ‪ 15‬من القانون المدني‪ " :‬إذا صدر اإلكراه من غير المتعاقدين‬
‫فليس للمتعاقد المكره أن يطلب إبطال العقد إال إذا أثبت أن المتعاقد اآلخر‬
‫كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا اإلكراه "‪.‬‬

‫السؤال المطروح هنا هو‪ :‬هل يمكن إبطال العقد في حالة إكراه ناتج عن حالة‬
‫ضرورة ؟‬

‫الجواب هو ‪ :‬أنه بصفة عامة ‪ ،‬بقضي ‪ ،‬ببطالن أو تخفيض الشروط‬


‫الباهظة التي يتعهد بها المتعاقد لإلكراه في حالة الضرورة ‪ ،‬متى أستغلها‬
‫العاقد اآلخر بسؤ نية كوسيلة للضغط على اإلرادة‪.‬‬

‫د ‪ -‬االستغالل ‪ -‬و الغـــبن‬

‫الغبن هو المظهر المادي لالستغالل و هو عدم التعادل بين ما يعطيه‬


‫المتعاقد و ما يأخذه فهو بذلك المظهر الخارجي لإلستغالل و هو عيب في‬
‫محل العقد ال في اإلرادة‪.‬‬

‫أما خصائص الغبن فهي ثالثة‪:‬‬

‫‪ -‬أن ال يكون إلى في عقد معارضة محددة‪.‬‬


‫‪ -‬أن يقدر بمعيار مادي‪.‬‬
‫‪ -‬أي يقدر عند وقت إبرام العقد‪.‬‬

‫نالحظ أيضا أن نظرية الغبن المادية تطورت إلى نظرية االستغالل النفسية‪،‬‬
‫حيث أن جانب عدم التعادل في التعاقد يقوم عنصر أخر و هو عنصر نفسي‬
‫مبني على استغالل ضعف نفس المتعاقد‪.‬‬

‫‪-‬بناء على هذا نالحظ أن بعض القوانين الحديثة أخذت بنظرية عامة في‬
‫االستغالل‪ ،‬إلى جانب االحتفاظ بنظرية الغبن في الحاالت المحددة التي‬
‫نصت عليها‪.‬‬

‫مثال المادة ‪ 50‬من القانون المدني الجزائري أدخلت االستغالل كعيب عام‬
‫في كل العقود حيث أنها تنص أن‪ ":‬إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين‬
‫متفاوتة كثي ار في نسبة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب‬
‫العقد أو مع التزامات المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو التزامات المتعاقد‬
‫اآلخر‪ ،‬وتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد للقاضي بناء على طلب‬
‫المتعاقد المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات هذا المتعاقد و يجب‬
‫أن ترفع دعوى بذلك خالل سنة من تاريخ العقد‪ ،‬و إال كانت غير مقبولة‪.‬‬

‫و يجوز في العقود المعارضة أن يتوقى الطرف اآلخر دعوى اإلبطال‪ ،‬إذا‬


‫عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن "‪.‬‬

‫‪-‬و في نفس الوقت المشرع الجزائري احتفظ بالتطبيقات التقليدية للغبن‬

‫في المادة ‪ 50‬التي تنص أن "يراعى في تطبيق المادة ‪ 09‬عدم اإلخالل‬


‫باألحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود "‪.‬‬

‫(مثال المادة ‪ 141‬من القانون المدني التي تنص أن " إذا بيع عقار بغبن‬
‫يزيد عن الخمس فللبائع الحق في طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس‬
‫ثمن المثل "‪).‬‬

‫إذا يمكن القول أن لالستغالل عنصرين ‪ :‬عنصر مادي و عنصر معنوي‪.‬‬

‫‪1-‬العنصر المادي ‪ :‬و هو عدم التعادل ‪ ،‬أو عدم التكافؤ بين التزام المغبون‬
‫و التزام الطرف اآلخر الذي استغله‪.‬‬

‫‪-‬و يجب أن يكون فادحا أو فاحشا‪.‬‬

‫‪-‬و تقرير ذلك يرجع لقاضي الموضوع ‪ .‬المجال التقليدي الختالل التعادل هو‬
‫عقود المعاوضات أين ينحصر الغبن بمعناه األصلي‬

‫( أو التقليدي ) أي بالمعيار المادي فقط ( لكن النظرية العصرية لالستغالل‬


‫تنطبق كذلك على العقود االحتمالية و عقود التبرعات التي كثي ار ما يتحقق‬
‫فيها عمال االستغالل مثال ‪:‬‬

‫العنصر المعنوي أو النفسي‪ :‬و هو استغالل ما لدى المتعاقد اآلخر من‬


‫طيش أو هوى للتحصيل على التعاقد معه‪.‬‬

‫‪-‬و يمكن القول أن هذا العنصر المعنوي متكون بدوره بثالثة عناصر مشار‬
‫إليها في المادة ‪ 50‬من القانون المدني و هي ‪:‬‬

‫‪-‬وجود طيش أو هوى عند أحد المتعاقدين‬

‫‪-‬تعريف الطيش ‪ :‬هو الخفة ‪ ،‬التي تتضمن التسرع و سوء التقدير‪.‬‬

‫‪-‬تعريف الهوى ‪ :‬هو الميل ‪ ،‬الذي يتضمن غلبة العاطفة و ضعف اإلرادة‪.‬‬
‫‪ -‬استغالل المتعاقد لطيش أو لهوى المتعاقد اآلخر‪.‬‬

‫و هكذا فإن كان المتعاقد يجهل بقيام شئ من ذلك ( طيش أو هوى ) لدى‬
‫المتعاقد اآلخر فالعقد صحيح لعدم توفر االستغالل‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون االستغالل هو الذي دفع المغبون إلى التعاقد‪.‬‬

‫و هنا نالحظ أن االستغالل يلتقي مع سائر عيوب اإلرادة‬

‫‪-‬و تقدير توافر عناصر االستغالل هو مسألة متروكة لقاضي الموضوع الذي‬
‫يجوز له ‪ ،‬بناء على طلب المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات‬
‫المتعاقد المغبون إذا كانت التزاماته متفاوتة كثي ار في النسبة مع ما حصل‬
‫عليه من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد اآلخر ‪ ،‬و تبين أن‬
‫المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إال ألن المتعاقد األخر قد أستغل عليه من‬
‫طيش أو هوى ( المادة ‪ 50‬من القانون المدني )‬

‫مالحظة ‪ :‬فيما يخص الجزاء الذي يترتب على االستغالل يجب أن نذكر أن ‪:‬‬

‫جزاء االستغالل هو ( حسب المادة ‪ ) 50‬إما إبطال العقد‪ ،‬أو إنقاص‬


‫التزامات العاقد‪ ،‬و االختيار يرجع هنا لتقرير المغبون‪.‬‬

‫‪ -‬ففي عقود المعاوظات يجوز للطرف األخر أن يتوقى اإلبطال إذا عرض ما‬
‫يراه القاضي كافيا لرفع الغبن ( المادة ‪.) 50‬‬

‫‪ -‬دعوى االستغالل تسقط بمضي سنة من تاريخ العقد و إال كانت غير مقبولة‬
‫) ‪( 2-90‬‬
‫و ال تقبل الوقف أو االنقطاع فهي ميعاد سقوط ‪ ،‬و هذا حتى ال يبقى مصير‬
‫العقد معلقا على دعوى مجال اإلدعاء فيها متسع‪.‬‬

‫في النهاية نالحظ أن االستغالل عيبا من عيوب اإلرادة يقترب جدا من اإلكراه‬
‫في حالة‪ :‬الهوى الجامح‪ ،‬كما يقترب من الغلط التدليس في حالة‪ :‬الطيش‬
‫البين‪.‬‬

‫الركن الثاني‪ -‬المحل ‪:‬‬

‫المحل هو النتيجة الحققية التي أراد الطرفان إعطاءها للعقد أو كل ما يلتزم‬


‫به المدين ‪ ،‬و هو إما اإللتزام بعمل أو باالمتناع عن العمل أو بإعطاء شي‬
‫و يقصد به نقل أو إنشاء حق عيني ‪.‬‬

‫شروط المحل ‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يكون المحل موجودا أو ممكن ‪ ،‬حسب م ‪ 51‬من ق‪.‬م إذا كان محل‬
‫االلتزام مستحيال في ذاته كان العقد باطال بطالنا مطلقا‬

‫‪ -‬يجب أن تكون االستحالة مطلقة و قائمة وقت إنشاء العقد‬

‫‪-‬أما االستحالة الالحقة النعقاد العقد فجزاؤها الفسخ ‪ ،‬ال البطالن‬

‫‪-‬يجب أن يكون محل االلتزام موجود في الحال‬

‫‪ -‬يجوز أن يكون محل االلتزام شيئا مستقبال و محققا م من‪ 55‬ق‪.‬م)‪.‬‬

‫‪-‬يمنع المشرع التصرفات في الشيء المستقبل (مثال في المواد ‪566،116‬‬


‫من ق‪.‬م )‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون المحل معينا أو قابال للتعيين‬

‫‪-‬و نصت المادة ‪ 55‬من ق‪.‬م " إذا لم يكن محل االلتزام معينا بذاته ‪،‬‬
‫ويجب أن يكون معينا بذاته ‪ ،‬وجب أن يكون معينا بنوعه ‪ ،‬و مقداره واال‬
‫كان العقد باطال و يكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد‬
‫ما يستطاع به تعيين مقداره ‪ ،‬و إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء ‪،‬‬
‫من حيث جودته و لم يمكن تبيين ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر ‪،‬‬
‫التزم المدين بتسليم شيء من صنف متوسط‪".‬‬

‫‪-‬و حسب المادة ‪ " 54‬إذا كان محل االلتزام نقودا ‪ ،‬التزم المدين بقدر‬
‫عددها المذكور في العقد دون أن يكون الرتفاع قيمة هذه النقود أو‬
‫النخفاضها وقت الوفاء أي تأثير "‪.‬‬

‫يستلزم نص المواد أن يكون المحل معينا عند إبرام العقد أو أن يكون قابال‬
‫للتعيين و إال كان العقد باطال و إذا كان محل اإللتزام مبلغا من النقود فيجب‬
‫على المدين أن يسدد المبلغ ذاته بصرف النظر عن ما عسى أن يحدث في‬
‫قيمته وقت الوفاء‪.‬‬

‫‪ . 3‬أو يكون المحل مشروعا‬

‫أي إذا كان محل االلتزام مخالف للنظام العام ‪ ،‬أو اآلداب العامة كان العقد‬
‫باطال و هذا حسب م ‪ 56‬من ق‪.‬م‬

‫"إذا كان محل اإللتزام مستحيال في ذاته أو مخالف للنظام العام أو اآلداب‬
‫العامة كان باطال بطالنا مطلقا"‬
‫مثال ‪ :‬إذا احتفظ البائع يوم البيع بحق إستراد الشيء المبيع في أجل معين‬
‫يكون هذا البيع باطال ( المادة ‪) 156‬‬

‫المادتين ‪ 402‬و ‪ 403‬تنص على منع و بطالن شراء القضاة و أعوانهم‪ ،‬و‬
‫المحاميين للحقوق المتنازع عليها‪.‬‬

‫كذلك المادة ‪ 545 :‬فيما يخص القرض االستهالكي‪.‬‬

‫و المادة ‪ 501‬فيما يخص الرهن الرسمي و المادة ‪ 560‬فيما يخص الرهن‬


‫الحيازي‬

‫كما ينص القانون على بطالن كل اتفاق خاص بمقمرة أو رهان‪ ,‬لكن المشرع‬
‫أستثنى الرهان الخاص بالسباق ‪ ،‬و الرهان الرياضي الجزائري في المادة‬
‫‪ 605‬من ق‪.‬م‪.‬‬

‫الركن الثاث – الســـــبب ‪:‬‬

‫السبب ركن جوهري ال ينعقد بدونه العقد فهو الهدف الذي من أجله إلتزم‬
‫المدين ‪ ,‬في العقد الملزم للجانبين يكون السبب في تنفيذ كل من الطرفين‬
‫التزام اآلخر ‪ ( .‬مثال في عقد البيع ‪ :‬سبب التزام البائع هو في قبض ثمن‬
‫المبيع بينما السبب في إلتزام المشتري يكون في إنتقال هذا المبيع إليه )‪,‬أما‬
‫في العقود الملزمة لجانب واحد يختلف السبب الدافع إلى اإللتزام حسب نوع‬
‫العقد‪.‬‬

‫مثال ‪ :‬في عقود التبرع‬


‫الغاية التي يقصدها الواهب هي إثراء الموهوب بصورة مجانية‪ ,‬و بصفة‬
‫أخرى ‪ :‬سبب التزامه يكون في نية التبرع ‪ ,‬بينما في العقود المجردة في‬
‫المنفعة يكون السبب في أداء أحد المتعاقدين خدمة مجانية لألخر‪ ،‬دون أن‬
‫ينقص ثروته المالية ‪ ،‬كما في الوديعة و الوكالة بدون أجر‪. . . . .‬‬

‫مالحظة ‪ :‬يجب أن نفرق بين سبب العقد و محل العقد ‪:‬‬

‫فالسبب هو الجواب على السؤال اآلتي ‪ ،‬لماذا التزم المتعاقد ؟‬

‫أما المحل هو الجواب على السؤال اآلتي ‪ :‬بماذا التزم المتعاقد ‪.‬‬

‫‪-‬و السبب الذي يهمنا هنا هو ‪ :‬الغرض المباشر ( مثال ‪ :‬قبض الثمن)‪.‬‬

‫‪-‬أما الغرض الغير مباشر فهو الباعث ( مثال ‪ :‬استغالل هذا الثمن في‬

‫التجارة )‪.‬‬

‫و قد كانت نظرية السبب محال لخالفات طويلة في الفقه‬

‫‪1‬ـ النظرية التقليدية‬

‫حسب م ‪ 07‬من ق‪.‬م " كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم‬


‫الدليل على غير ذلك‪.‬و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي‬
‫حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ‪ ،‬فإذا قام الدليل على صورية السبب‬
‫فعلى من يدعي أن لاللتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه "‪.‬‬

‫‪-‬لهذا نالحظ أن حسب المادة ‪ 07‬للسبب شرطين‬


‫‪ -‬أن يكون السبب موجودا ‪:‬‬

‫مثال ‪ :‬إذا أكره شخص على توقيع تعهد بدين ‪ ،‬كان التعهد بغير سبب و من‬
‫ثم باطال‪ ,‬كذلك الحال في سندات المجاملة ‪ ،‬إذا ال سبب لها فيما يخص‬
‫المتعاقدين ‪ ,‬أو تعاهد في تجديد دين ‪ ،‬في حين أن هذا الدين باطال أو كان قد‬
‫انقضى‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون السبب مشروعا ‪:‬‬

‫أي لم يخالف النظام العام و اآلداب العامة ‪ ,‬فإذا كان السبب غير مشروع ‪،‬‬
‫وقع العقد باطال‪ ,‬مثال ذلك دفع مبلغ مقابل ارتكاب جريمة أو االمتناع عن‬
‫ارتكاب جريمة ‪.‬‬

‫يجب المالحظة أن بعض الفقهاء انتقدوا هذه النظرية التقليدية للسبب و‬


‫يقولون أنها غير صحيحة و يمكن االستغناء عنها ‪ ،‬و اإلكتفاء بالركنيين‬
‫األخريين ‪ ،‬أي المحل و الرضا‪.‬‬

‫أما القضاء فقد اشترط أن يكون الباعث مشروعا ‪ ،‬حماية للنظام العام و‬
‫اآلداب العامة‪ ،‬و هذه النظرية تسمى بالنظرية الحديثة في السبب‪.‬‬

‫‪- 5‬النظرية الحديثة‪:‬‬

‫هذه النظرية تأخذ بعين االعتبار " الباعث " و ال تكتفي بمجرد الغرض‬
‫المباشر‪ ,‬هذا الباعث يجب أال يخالف النظام العام و اآلداب و إال وقع العقد‬
‫باطال ‪ ،‬و ذلك بشرط علم الطرفين معا بهذا الباعث سواء في المعاوضات و‬
‫التبرعات و الهدف هنا هو استقرار المعامالت ‪.‬‬

‫هذه النظرية الحديثة أوسع من النظرية التقليدية ‪ ،‬لكن ال تحل محلها و إنما‬
‫تكملها بحيث تصبح النظرية الحديثة للسبب عامال من العوامل التي تكفل‬
‫حماية النظام العام و اآلداب العامة ‪ ,‬و البعض يتكلم عن نظرية ازدواج‬
‫السبب و يقولون أن‪:‬‬

‫من جهة سبب االلتزام يقصد به حماية المتعاقد نفسه من تحمل التزام بدون‬
‫سبب ‪ ،‬تحقيقا للعدالة ‪ ،‬و يحقق هنا مصلحة فردية ‪.‬‬

‫من جهة أخرى سبب العقد يقصد به حماية المجتمع من إبرام عقود مخالفة‬
‫للنظام العام و اآلداب و يحقق هنا مصلحة جماعية ‪.‬‬

‫‪ .1‬إثبـــــــــات السبب‪:‬‬

‫حسب المادة ‪ 1-07‬من ق‪.‬م "كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا‪ ،‬ما لم‬
‫يقم الدليل على غير ذلك ‪".‬‬

‫و الفقرة الثانية من المادة تضيف أن " و يعتبر السبب المذكور في العقد هو‬
‫السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ‪ ،‬فإذا قام الدليل على‬
‫صورية السبب فعلى من يدعي أن لاللتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما‬
‫يدعيه "‬

‫بعد دراسة أركان العقد ( الرضى ‪ ،‬المحل و السبب ) يجب القول في النهاية‬
‫أنه إذا فقد العقد ركنا من أركانه ‪ ،‬فالجزاء هو البطالن‬
‫‪ -5‬البطالن‬

‫بطالن العقد هو الجزاء القانوني على عدم استجماع العقود لشروط صحتها و‬
‫عدم توافر ركن من أركانها ‪ ,‬و هو عبارة عن إنعدام أثر العقد بالنسبة إلى‬
‫المتعاقدين و كذا بالنسبة إلى الغير‬

‫أنواع البطالن ‪:‬‬

‫‪.1‬البطالن المطلق ‪ :‬يكون العق دباطال بطالنا مطلقا‪ ,‬إذا فقد أحد أركان‬
‫تكوينه األساسية ( أي الرضا ‪ ،‬و المحل ‪،‬و السبب )‪ ،‬و متى كان من العقود‬
‫الرسمية ( أو الشكلية ) إذا لم تراع الشروط الشكلية التي يتطلبها انعقاده أو‬
‫متى كان مخالفا للنظام العام و اآلداب العامة ‪ .‬و ال يرتب القانون أثر لمثل‬
‫هذا العقد‪.‬‬

‫‪.2‬البطالن النسبي ‪ :‬و يكون العقد أيضا باطال بطالنا نسبيا و بمعنى آخر‬
‫قابال لإلبطال ‪ ,‬فإنه يتقرر جزاء على مخالفة شرط من شروط الرضا أو نقص‬
‫األهلية ‪ ,‬و من األسباب الرئيسية التي تحمل على البطالن هي ‪:‬‬

‫‪-‬عدم أهلية أحد المتعاقدين‪.‬‬

‫‪-‬عيوب الرضى ‪ :‬أي الغلط ‪ ،‬التدليس ‪ ،‬أو الغبن ‪.‬‬

‫فهو عقد موجود يترتب له القانون كل أثاره ‪ ،‬حتى يقضي بالبطالن لمصلحة‬
‫ناقص األهلية ‪ ،‬أو من شاب إرادته عيب ‪ ،‬أو يتراضى عليه الطرفان‪ .‬لكن‬
‫بعض الفقهاء يضيف نوع ثالث و هو االنعدام ‪ ،‬في حالة عدم وجود ركن من‬
‫أركان العقد و هي ‪ :‬الرضى ‪ ،‬المحل ‪ ،‬و السبب ‪ ،‬فالعقد هنا منعدم و‬
‫يقولون ‪ :‬إذا أختل ركن المحل‪ ،‬أو السبب فقط فالعقد باطال بطالنا مطلقا‪,‬أما‬
‫إذا أختل ركن الرضا وحده ‪ ،‬فالعقد باطال بطالنا نسبيا‪,‬و يجب تمييز البطالن‬
‫عن األوضاع المقاربة ‪:‬‬

‫‪-‬البطالن والفسخ ‪:‬‬

‫البطالن يرجع إلى عيب أصاب العقد في إحدى أركانه‪.‬‬

‫أما الفسخ فيرجع إلى عدم تنفيذ ‪ ،‬أحد المتعاقدين اللتزاماته في العقد الملزم‬
‫للجانبين ( الصحيح)‪.‬‬

‫‪-‬البطالن و االنحالل‪:‬‬

‫يجمع البطالن و االنحالل أنه يترتب عليهما زوال العقد‪.‬‬

‫لكن ‪ :‬االنحالل يرد على عقد نشأ صحيحا‪ ،‬ثم ينحل‪ .‬و قد ينحل العقد باتفاق‬
‫الطرفين‪,‬أو عن طريق الرجوع فيه باإلرادة المنفردة ألحد العاقدين ‪,‬و في هذه‬
‫األحوال ‪ ،‬ال يكون لإللغاء أثر رجعي‪.‬‬

‫‪-‬البطالن و عدم السريان على الغير‪:‬‬

‫البطالن يكون في عالقة المتعاقدين ‪ ،‬هو الجزاء على عدم توافر أركان العقد‬
‫‪ ،‬أو شروط صحته‪,‬أما عدم السريان على الغير فإنه يكون بالنسبة للغير‪ ،‬أي‬
‫لألجنبي عن العقد و هذا أمر طبيعي نظ ار لقاعدة نسبية أثر العقد‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أحكام البطالن بنوعيه‬

‫‪-‬االختالفات بين حاالت البطالن المطلق و حاالت البطالن النسبي ‪:‬‬

‫‪-‬العقد الباطل بطالنا مطلقا ليس له وجود قانوني ‪,‬أما العقد الباطل بطالنا‬
‫نسبيا ( أو القابل لإلبطال ) فله وجوده القانوني حتى يتقرر إبطاله ‪ ،‬فيبطل‬
‫بأثر رجعي و‪.‬يترتب على ذلك ما يلي ‪:‬‬

‫إن العقد الباطل بطالنا مطلقا ال ينتج أثر ‪,‬أما العقد الباطل بطالنا نسبيا‬
‫فينتج كل أثره‪.‬‬

‫‪-‬ال يستطيع االحتجاج بالبطالن النسبي إال الشخص الذي قصد القانون‬
‫حمايته‪ :‬و هذه طبقا للمادة ‪ 00‬من ق‪.‬م التي تنص أن "إذا جعل القانون‬
‫ألحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد فليس للمتعاقد اآلخر أن يتمسك بهذا‬
‫الحق‪".‬‬

‫بينما يستطيع كل ذي مصلحة أن يحتج بالبطالن المطلق كذلك العقد الباطل‬


‫بطالنا مطلقا ال يحتاج إلى حكم يقرر بطالنه ‪ ،‬و تحكم به المحكمة من تلقاء‬
‫نفسها‪ ,‬طبقا ل م ‪ 192‬من ق‪.‬م التي تنص أن " إذا كان العقد باطال بطالنا‬
‫مطلقا جازلكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطالن و للمحكمة أن تقضي‬
‫به من تلقاء نفسها و ال يزول البطالن باإلجازة "‪.‬‬

‫يزول البطالن النسبي بإجازة ( أو بتصديق ) من قرر البطالن لمصلحته أي‬


‫أن الشخص الذي أراد القانون حمايته يجوز له ‪ ،‬عند زوال العيب ‪،‬إجازة العقد‬
‫‪ ،‬أي إعطاءه كل قوته ‪ ،‬و ذلك بالتنازل عن التمسك بالبطالن كل هذا حسب‬
‫م ‪ 199‬من ق‪.‬م التي تنص أن ‪" :‬يزول حق إبطال العقد باإلجازة الصريحة‬
‫أو الضمنية ‪ ،‬و تسديد اإلجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ‪ ،‬دون اإلخالل‬
‫بحقوق الغير "‬

‫بينما البطالن المطلق ال يزول بإجازة ( أو بتصديق ) أحد أصحاب العالقة‬

‫‪ -‬البطالن المطلق الذي ال يزول باإلجازة ‪ ،‬ال يتقادم أيضا بمضي المدة‪,‬بينما‬
‫العقد الباطل بطالنا نسبيا فتلحقه اإلجازة ‪ ،‬و يصححه التقادم و هذا طبقا ل م‬
‫‪ 191‬من ق‪.‬م التي تنص أن " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك‬
‫به صاحبه خالل عشر سنوات ‪,‬و يبدأ سريان هذه المدة ‪ ،‬في حالة نقص‬
‫األهلية من اليوم الذي يزول فيه‪ ،‬هذا السبب و في حالة الغلط أو التدليس‬
‫من اليوم الذي يكشف فيه ‪ ،‬و في حالة اإلكراه ‪ ،‬من يوم انقطاعه غير أنه‬
‫ال يجوز التمسك بحق اإلبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمسة‬
‫عشرة سنة من وقت تمام العقد "‪.‬‬

‫ثنيا‪ -‬آثار البطالن‪:‬‬

‫‪-‬العقد الباطل بطالنا مطلقا ال أثر له بوصفه قانونيا ( و لكنه واقعة مادية ‪ ،‬و‬
‫قد يكون له أثر بهذا الوصف )‪,‬أما العقد الباطل بطالنا نسبيا فهو عقد‬
‫صحيح ‪ ،‬و لكنه قابل لإلبطال كما وصفه القانون المدني‪.‬فقبل أن يتكرر‬
‫إبطاله هو عقد تام الصحة ‪ ،‬و إذا ما أبطل أصبح كأي عقد باطل ‪ ،‬و يزول‬
‫بأثر رجعي‪.‬‬

‫بعبارة أخرى يمكن القول أن العقد الباطل بطالنا نسبيا هو عقد صحيح حتى‬
‫يتقرر بطالنه‪.‬‬

‫‪ - 1‬فيما بين المعاقدين ‪:‬‬

‫هو رد المتعاقدين إلى حالتهما قبل التعاقد مثال ‪ :‬فإن كان العقد بيعا ‪ :‬رد‬
‫المشتري المبيع ( و ثماره من يوم المطالبة القضائية )‪ ،‬كما تزول كل أثار‬
‫العقد حسب م ‪ 193‬الفقرة ‪ 1‬من ق‪.‬م التي تنص أن ‪ " :‬يعاد المتعاقدين إلى‬
‫الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة بطالن العقد أو إبطاله ‪ ،‬فإن كان‬
‫هذا مستحيال جاز الحكم بتعويض معادل "‪.‬‬

‫لكن لقاعدة رد العاقدين إلى حالتهما قبل التعاقد يستثني حالة اإلبطال لنقص‬
‫األهلية في الفقرة "‪ "2‬ل م ‪ 193‬من ق‪.‬م التي تنص أن ‪ ":‬غير أنه يلزم‬
‫ناقص األهلية ‪ ،‬إذا بطل العقد لنقص أهليته ‪ ،‬أن يرد غير ما عاد عليه من‬
‫منفعة بسبب تنفيذ العقد "‪.‬‬

‫‪ -5‬بالنسبة للغير ‪:‬‬

‫يترتب على بطالن العقد زواله بالنسبة للمتعاقدين و للغير‪ ,‬لكن القانون و‬
‫القضاء قبل ببعض اإلستثناءات حفاظا على استقرار المعامالت و على حق‬
‫الغير الحسن النية ‪ ،‬رغم زوال حق المتصرف ووردت هذا االستثناءات في‬
‫المواد ‪:‬‬

‫‪468‬من القانون المدني ‪ :‬بالنسبة لعقود إدارة األموال‬

‫‪835‬من القانون المدني ‪ :‬بالنسبة للحياز‬


‫‪885‬من القانون المدني ‪ :‬بالنسبة لصحة الرهن لمصلحة الدائن المرتهن‬
‫الحسن النية وقت إبرام عقد الرهن في حالة إبطال أو فسخ أو إلغاء سند‬
‫الملكية‬

‫‪837‬من القانون المدني ‪ :‬بالنسبة للحايز الذي يكسب ما يقبضه من‪..‬‬

‫ثالثا‪-‬اإلجازة ‪:‬‬

‫اإلجازة هي تصرف قانوني من جانب واحد يزيل به أحد العاقدين العيب الذي‬
‫لحق العقد ‪ ،‬و من ثم فيلزم أن تتوافر فيه شروط التصرف ( من حيث األهلية‬
‫‪ ،‬و سالمة اإلرادة من العيوب )‪,‬و هذا ما نصت عليه م ‪ 000‬من ق‪.‬م "يزول‬
‫حق إبطال العقد باإلجازة الصريحة أو الضمنية و تستند اإلجازة إلى التاريخ‬
‫الذي تم فيه العقد دون إخالل بحقوق الغير"‬

‫اإلجازة ال تلحق إلى العقد الباطل بطالنا نسبيا أي العقد القابل لإلبطال ‪,‬‬
‫فيزول حق اإلبطال باإلجازة الصريحة أو الممضية ‪,‬أما العقد الباطل بطالنا‬
‫مطلقا ‪ ،‬ال سبيل إلى تصحيحه بل البد من إبرام عقد جديد‪.‬‬

‫ويجب التفريق بين اإلجازة ‪ ،‬و اإلقرار‪:‬‬

‫‪-‬اإلقرار هو تصرف قانوني من جانب واحد أيضا ( كاإلجازة ) ‪,‬إال أن‬


‫اإلقرار يصدر من أجنبي عن العقد ‪ ،‬به يضيف هذا األجنبي أثر العقد إلى‬
‫نفسه ( مثال إقرار المالك للبيع في حالة بيع ملك للغير )‬

‫شروط اإلجازة ‪:‬‬


‫الشروط الموضوعية لإلجازة هي ‪:‬‬

‫‪-‬أن تصدر ممن له حق التمسك باإلبطال ( مثال ناقص األهلية بعد بلوغه )‪.‬‬

‫‪-‬أن تكون بصدد عقد باطال بطالنا نسبيا‬

‫‪ -‬أن يكون المجيز على علم بالعيب و قاصد النزول عنه‪.‬‬

‫‪ -‬أن تصدر اإلجازة بعد زوال العيب مثال‬

‫*ال إجازة و العاقد ما زال قاصر ( سن الرشد)‬

‫*ال إجازة و اإلكراه ما زال قائما‪.‬‬

‫*ال إجازة إال بعد كشف الغلط أو التدليس و زوال الظرف الذي أفسد إرادة‬
‫العاقد الواقع تحت االستغالل من طيش‪ ،‬أو هوى‪ ،‬إالإذا كانت اإلجازة نفسها‬
‫مشوبة بعيب من عيوب اإلرادة‬

‫‪-‬اإلجازة ممكن أن تكون صريحة‪ ،‬أو ضمنية‪.‬‬

‫‪-‬عبء إثبات اإلجازة على من يدعيه ‪.‬مثال لإلجازة الصريحة ‪ :‬بعض‬


‫القوانين تشترط أن تكون اإلجازة الصريحة مكتوبة ‪ ،‬و أن تشير إلى العقد‬
‫المراد إجازته ‪ ،‬و العيب الذي لحقه ‪. . . .‬‬

‫مثال لإلجازة الضمنية ‪ :‬تنفيذ العاقد للعقد و لو كان هذا التنفيذ جزئيا أو‬
‫استعمال الشيء موضوع العقد من طرف 'العدالة'‬
‫‪-‬فيما يخص أثر اإلجازة فيما بين العاقدين ‪ :‬يجب القول أن اإلجازة ال‬
‫تصحح العقد الذي كان قابل لإلبطال فقط ‪ ،‬ألنه عقد صحيحا قبل هذه‬
‫اإلجازة التي تبعد ( فقط ) خطر اإلبطال الذي كان يهدد العقد‪.‬‬

‫‪-‬فيما يخص أثر اإلجازة بالنسبة للغير ‪ :‬تنص الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 199‬من‬
‫القانون المدني أن‬

‫" اإلجازة تستند إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ‪ ،‬دون إخالل بحقوق الغير‬
‫‪".‬‬
‫رابعا‪ -‬التقادم ‪:‬‬

‫*العقد الباطل بطالنا مطلقا ال يزول بالتقادم ألن العقد الباطل معدوم و العدم‬
‫ال ينقلب إلى وجود مهما طال عليه األمد و قد نصت م ‪ 5/005‬من ق‪.‬م بأنه‬
‫" دعوى البطالن تسقط بمضي ‪ 14‬سنة من وقت إبرام العقد "‪ ,‬لكن إذا‬
‫كانت دعوى البطالن تسقط بالتقادم ( سنة‪ ، )04‬هذا التقادم يصحح البطالن‬
‫المطلق‪.‬‬

‫* أما العقد الباطل بطالنا نسبيا فهو عقد قائم و لكنه مهدد بالبطالن كما‬
‫ذكرنا سابقا فإذا مضت عليه المدة القانونية المحددة إسقر و تحصن و‬
‫سقطت دعوى البطالن التي مدتها خمس سنوات و هذا حسب م ‪ 0/000‬من‬
‫ق‪.‬م التي تنص على " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه‬
‫خالل خمس سنوات "‬

‫و مدة التقادم هذه توقف و تنقطع وفقا للقواعد العامة وفي النهاية فإذا سقط‬
‫حق التمسك بالبطالن بالتقادم و البطالن و إستقر الوجود القانوني للعقد بعد‬
‫أن كان مهددا بالزوال ‪ ،‬و أصبح العقد يثبت وجوده منذ صدوره أو انعقاده (‬
‫و ليس من يوم تمام مدة التقادم )‪ ،‬إذا للتقادم أثر رجعي كما لإلجازة‪.‬‬

‫خامسا‪-‬دعوى البطالن‪:‬‬

‫‪-‬العقد الباطل بطالنا مطلقا ‪:‬‬

‫ما دام العقد الباطل بطالنا مطلقا ليس له وجود قانوني ‪ ،‬فال حاجة إذن‬
‫لصدور حكم يقرر بطالنه أو انعدامه أو بعبارة أخرى ال ضرورة للحكم بالعدم‬
‫على شيء معدوم‪ ,‬و يمكن لكل ذي من له مصلحة أن يتمسك ببطالنه‪ .‬كما‬
‫يمكن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها‪.‬‬

‫‪ -‬العقد الباطل بطالنا نسبيا ‪:‬‬

‫هذا العقد له وجود قانوني ‪ ،‬إلى أن يتقرر بطالنه‪.‬لذلك ال بد في تقرير‬


‫البطالن من التراضي أو التقاضي‪ .‬فالتراضي أو االتفاق يتم المتعاقدين‬
‫المعنيين ‪ ،‬و يعتبر بمقتضاه العقد باطل دون حاجة إلى العلم بذلك‪.‬‬

‫فإذا لم يتم االتفاق ‪ ،‬فالعقد يعتبر صحيحا حتى يرفع من تقرير البطالن من‬
‫في مصلحته دعوى البطالن و يحصل على حكم بذلك ‪ ،‬إذن فالحكم هو الذي‬
‫يبطل العقد في البطالن النسبي مالحظة ‪ :‬غير ممكن للمحكمة أن تقضي‬
‫بالبطالن النسبي من تلقاء نفسها ’و في األخير يجب القول أن العقد الباطل‬
‫بطالنا نسبيا ال يتقرر بطالنه باالتفاق ( التراضي )‪ ،‬أو بحكم القضاء‪.‬‬
‫سادسا‪ -‬أثارالبطالن‪:‬‬

‫العقد الباطل بطالنا مطلقا ال يرتب أي آثار قانونية و ال يكون له وجود‬


‫قانوني‬

‫أما بالنسبة للعقد الباطل بطالنا نسبيا ‪ ،‬فإن العقد يزول ‪ ،‬و ينعدم وجوده‬
‫القانوني و يكون ذلك بأثر رجعي‪.‬‬

‫إذن متى تقرر بطالن العقد أعتبر كأنه لم يكن وزالت أثاره ‪ ،‬سوءا كان ذلك‬
‫فيما بين المتعاقدين ‪ ،‬أو بالنسبة للغير‪ ,‬لكن في بعض الحاالت يعطي‬
‫القانون أثار عريضة للعقد الباطل بوصفه واقعة مادية ‪,‬كما يعطي أثار‬
‫جوهرية أو أصلية للعقد بإعتباره قائما حكما و ذلك الستقرار المعامالت أو‬
‫لحماية " الظاهر "‬

‫‪ -‬اآلثار العرضية ‪ :‬ليست هي اآلثار المباشرة التي قصد إليها المتعاقدين و لم‬
‫تكن هي التي يتوقع أنها موجودة وقت التعاقد مثال ذلك التي تنتج عن عقد‬
‫الزواج بين المحارم ‪ ،‬فهو عقد باطل ‪ ،‬إنما ينتج ‪ ,‬أثار عرضية كوجوب‬
‫المهر ‪ ،‬بعد الدخول و العدة ‪ ،‬و ثبوت النسبة مثال ‪ :‬العقد الباطل للتدليس أو‬
‫اإلكراه يوجب التعويض على أساس المسؤولية التقصرية عن الفعل غير‬
‫مشروع و ال على أساس المسؤولية العقدية إذا أن العقد باطل ‪ ،‬ال أثر له ‪ ,‬و‬
‫إذا كان يبدوا غريبا أن عقدا باطال ‪ ،‬ليس له وجود قانوني ‪ ،‬ينتج مع ذلك أثر‬
‫قانونيا ‪ ،‬فإن هذه الغرابة تزول إذا علمنا أن العقد الباطل في بعض األحوال‬
‫ينتج األثر القانوني بإعتباره واقعة مادية ‪,‬لكن كعقد أو عمل قانوني ال ينتج‬
‫أثره ألنه باطال ليس له وجود قانوني‪.‬‬

‫و لكن كواقعة قانونية لها وجود فعلي ‪ ،‬قد ينتج بعض اآلثار العرضية و في‬
‫بعض األحوال ينتج العقد الباطل أثا ار جوهرية تترتب عليه بإعتباره عقدا‪.‬‬

‫و بعض الفقهاء يأخذون بنظرية الخطأ عند تكوين العقد و أساس المسؤولية‬
‫العقدية ‪,‬أما البعض اآلخر من و بعض التشريعات فأخذوا بنظريتا ‪ :‬انتقاض‬
‫العقد ‪ ،‬و تحول العقد ‪ .‬وهكذا تنص م ‪ 195‬من ق‪.‬م أن ‪ " :‬إذا كان العقد في‬
‫شق منه باطال أو قابال لإلبطال ‪ ،‬فهذا الشق وحده هو الذي يبطل ‪ ،‬إال إذا‬
‫تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطال ‪ ،‬أو قابال لإلبطال‬
‫فيبطل العقد كله "‪.‬‬

‫أما م‪ 004‬من ق‪.‬م فتنص أن " إذا كان العقد باطال أو قابال لإلبطال وتوفرت‬
‫فيه أركان عقد آخر فإن العقد يكون صحيحا بإعتباره العقد الذي توفرت‬
‫أركانه ‪ ،‬إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد "‬

‫‪.3‬آثار العقد‬

‫متى أبرم العقد صحيحا ترتب عليه جميع آثاره التي تعني إنشاء إلتزامات‬
‫على عاتق كل طرفيه أو على عاتق أحدهما ‪.‬فالعقد ملزم ألطرافه في حدود‬
‫ما يرتبه من إلتزامات ‪ ,‬و ينتج آثا ار بالنسبة ألشخاص آخرين‬

‫‪ -0‬آثار العقد من حيث األشخاص ‪:‬‬

‫يهيمن على القوة الملزمة للعقد بالنسبة لألشخاص مبدأ نسبية أثر العقد ‪،‬‬
‫يقضي بأن " أثر العقد يقتصر على طرفيه " بمعنى أن االلتزامات الناشئة و‬
‫الحقوق المتولدة عنه ال تنصرف إال إلى العاقدين ‪ ,‬لكن نرى أن هذا المبدأ‬
‫يحتمل استثناء فيما يتعلق بالحقوق المتولدة عن العقد و هكذا تنص م ‪113‬‬
‫من ق‪.‬م أن " ال يرتب العقد التزاما في ذمة الغير‪ ،‬و لكن يجوز أن يكسبه‬
‫حقا" ‪,‬و يقضي بهذا المبدأ االعتراف باستقالل األفراد ‪ ،‬و ضرورة احترام‬
‫حريتهم فاإلثارة التي ينشئها العقد هي وليدة إرادة العاقدين دون غيرهما ‪ ،‬و ال‬
‫يمكن من ثم ‪ ،‬أن تنصرف إال إليهما (للعاقدين )‪ ,‬إال أن هذه اآلثار ال تقف‬
‫عند طرفي العقد بل تمتد إلى خلفائهما‪,‬إذن المتعاقد ال يمثل نفسه فحسب و‬
‫إنما يمثل أيضا خلفائه و بالنسبة للغير‬

‫‪-1.1‬آثار العقد بالنسبة إلى الخلف ‪:‬‬

‫تنصرف آثار العقد إلى العاقد نفسه كقاعدة عامة كما أنها تنصرف إلى‬
‫خلفائه بإعتبار أن العاقد يمثلهما ‪ ,‬و الخلف قد يكون خلفا عاما و قد يكون‬
‫خلف خاصا‪.‬‬

‫أ‪-‬الخلف العام ‪:‬‬

‫الخلف العام هو من يخلف السلف في ذمته المالية كلها أو بعضها بإعتبارها‬


‫مجموعة من األموال عن طريق الميراث أو الوصية‪.‬‬

‫تنص و ‪ 001‬من ق‪.‬م على أنه "ينصرف العقد إلى المتعاقدين و الخلف‬
‫العام ما لم يتبين من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا األثر ال‬
‫ينصرف إلى الخلف العام كل ذلك مع مراعاة القواعد المتعلقة بالميراث "‬
‫يتبين من نص المادة أن ما يبرمه المورث من عقود ينصرف إلى ورثته فالذمة‬
‫المالية تنتقل بإيجابياتها و سلبياتها إلى الخلف العام ‪.‬‬

‫و هناك حاالت التنصرف فيها آثار العقد إلى الخلف العام و هي ‪:‬‬

‫‪-‬إذا كانت ديون التركة تزد عن حقوقها‬

‫‪-‬إذا إتفق المتعاقدين عن قصر الحق أو اإللتزام على شخص العاقد‬

‫‪-‬إذا كانت طبيعة العقد أو التعامل ذاته تقتضي عدم إنصراف اآلثار إلى‬
‫الورثة م ‪ 145‬من ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪-‬ما نص عليه القانون لبعض عقود الشركة التي تنقضي بموت أحد الشركاء‬
‫م ‪ 515‬من ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪-‬الوصية فيما زاد عن ثلث التركة ال تسري في حق الورثة إال إذا أقروها‪.‬‬

‫ب‪ -‬الخلف الخاص ‪:‬‬

‫الخاف الخاص هو من يخلف السلف في حق عيني على شيء محدد أو في‬


‫ملكية مال معين كالموهوب له و قد نصت م ‪ 005‬من ق‪.‬م " إذا أنشأ العقد‬
‫إلتزامات و حقوق شخصية تتصل بشيء إنتقل بعد ذلك إلى الخلف الخاص‬
‫فإن هذه اإللتزامات و الحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل‬
‫فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته و كان الخلف يعلم بها وقت إنتقال‬
‫الشيء إليه"‬

‫يتبين بأن إنصراف آثار عقود السلف إلى الخلف مقتصرة على آثار العقد‬
‫الذي يبرمه السلف و التي تتصل بالشيء الذي إنتقل بعد ذلك إلى الخلف‬
‫(كالمشتري) و تنصرف آثار العقد إلى الخلف الخاص بشروط معينة ‪:‬‬

‫‪-‬ان يكون التصرف مرتبطا بالشيء أو الحق الذي تلقاه الخلف الخاص‪.‬‬

‫‪-‬أن يكون التصرف سابقا على عقد الخلف الخاص و كانت ثابتة التاريخ قبل‬
‫هذا الوقت‪.‬‬

‫‪-‬أن يعلم الخلف الخاص باإللتزامات و الحقوق التي رتبها تصرف سلفه مع‬
‫الغير وقت إنتقال الشيء إليه ‪ ,‬فال يجوز أن يلتزم المشتري بشيء لم يعلم به ‪.‬‬

‫‪-2.1‬أثر العقد بالنسبة للغير ‪:‬‬

‫األصل أن آثار العقد ال تنصرف إلى غير العاقد أو من يمثله ‪ ,‬فالعقود ال‬
‫تضر و ال تنفع غير عاقديها و هذا ما نصت عليه المادة ‪ 001‬من ق‪.‬م‪,‬‬
‫فالغير األجنبي عن العقد يمكن على سبيل اإلستثناء أن يكسب حقا من العقد‬
‫و يكون ذلك عن طرق اإلشتراط لمصلحة الغير و التعهد عن الغير‬

‫أ‪-‬التعهد عن الغير ‪:‬‬

‫يبدو التعهد عن الغير كأنه إستثناء من قاعدة نسبية أثر العقد من حيث‬
‫األشخاص و في الواقع هي تطبيق من تطبيقات هذه القاعدة ذلك أن التعهد‬
‫عن الغير ال يرتب إلتزاما في ذمة الغير الذي يضل ح ار في أن يقبل العقد‬
‫الذي تم التعهد به عنه أو أن يرفضه ‪ ,‬فصورة التعهد عن الغير هو أن يلتزم‬
‫شخص بأن يجعل غيره يقوم بإبرام العقد فهو يلتزم باإللتزام بعمل فقط فإذا‬
‫رفض الغير أن يلتزم يكون المتعهد قد أخفق في مسعاه و بالتالي تتحقق‬
‫مسؤوليته لعدم إمكان تنفيذ ما تعهد به أي عدم تحقيق النتيجة التي إلتزم بها ‪.‬‬

‫و في حالة ما إذا نحج المتعهد في مسعاه و تم ذلك بقبول الغير فإن المتعهد‬
‫يكون قد أوفى بإلتزامه قبل المتعهد له ‪.‬‬

‫و تتمثل شروط التعهد عن الغير في ‪:‬‬

‫‪-‬أن يتعاقد المتعاقد بإسمه ال بإسم الغير‪.‬‬

‫‪-‬أن يلتزم المتعاهد إتجاه المتعاقد معه‪.‬‬

‫‪-‬أن يلتزم بالحصول على قبول الغير لما تعهد به ‪.‬‬

‫ب‪-‬اإلشتراط لمصلحة الغير ‪:‬‬

‫اإلشتراط لمصلحة الغير هو إتفاق بين المشترط و المتعاقد يتعهد أحدهما بأن‬
‫يؤدي مباشرة إلى شخص آخر أجنبي عن العقد آدا معين يشترطه الطرف‬
‫اآلخر في هذا اإلتفاق ‪.‬‬

‫يعتبر اإلشتراط لمصلحة الغير إستثناء حقيقيا على قاعدة نسبية أثر القوة‬
‫الملزمة للعقد من حيث األشخاص فال يقتصر أثر العقد على طرفيه و من‬
‫ينوب عنهما من الخلفاء و الدائنين بل قد ينصرف آثاره إلى شخص أجنبي‬
‫أصال عنه ‪ ,‬و قد نظم القانون المدني الجزائري أحكام اإلشتراط لمصلحة‬
‫الغير في المواد ‪ 001, 002, 006‬و كذا شروطه المتمثلة في ‪:‬‬

‫‪-‬أن يتم التعاقد بإسم المشترط نفسه على إلتزامات يشترطها لصالح الغير ‪ ,‬أما‬
‫إذا تعاقد المشترط بإسم الغير فإننا نكون بصدد عقد وكالة‬
‫‪-‬أن يكون للمنتفع حق مباشر ناشىء عن العقد أما إذا إشترط المتعهد الحق‬
‫لنفسه فإننا ال نكون أمام اإلشتراط لمصلحة الغير ذلك أن عقد اإلشتؤاط ينشأ‬
‫مباشرة حق المنتفع‪.‬‬

‫‪-‬أن يكون للمشترط مصلحة مادية أو معنوية‪.‬‬

‫‪-‬أن يكون المنتفع موجودا و معينا في الوقت الذي يجب أن ينتج العقد فيه أثره‬
‫طبقا للمشارطة ‪.‬‬

‫‪ -5‬آثار العقد من حيث الموضوع ‪:‬‬

‫للعقد قوة ملزمة تساوي قوة القانون ‪ ،‬فيجب على كل عاقد تنفيذ االلتزامات‬
‫التي ترتبت في ذمته بمقتضاه ‪ ،‬و إال كان مسؤوال عن عدم تنفيذها‪ ,‬فيتعين‬
‫من تم تحديد موضوع العقد أو مضمونه لنرى إلى أي حد يلتزم العاقدين بهذا‬
‫المضمون و يتعين الجزاء الذي يترتب على إخالل أحد العاقدين بتنفيذ ما‬
‫التزم به وفقا له ‪,‬و قد يقتضي تعيين مضمون العقد تفسيره‪.‬‬

‫‪-‬تفسير العــــقد‪:‬‬

‫إن تفسير العقد يعني شرح و معنى نطاق العبارات الواردة فيه ‪ ،‬إن مهمة‬
‫تفسير العقود عند اختالف األطراف المتعاقدين تعود إلى السلطة القضائية‬
‫‪.‬و يتولى القاضي تفسير العقد ليصل إلى تحديد االلتزامات التي أنشأها عن‬
‫طريق الكشف عن إرادة العاقدين و تطبيق نصوص القانون ‪ ،‬و يتعين على‬
‫القاضي الذي عرض عليه النزاع بين العاقدين أن يبحث على اإلرادة‬
‫المشتركة للعاقدين للفصل في النزاع‪.‬فإذا كانت عبارات العقد واضحة يكون‬
‫تفسيرها يسي ار بحيث ال يكون على القاضي سوى تطبيقه أما إذا كانت عبارات‬
‫العقد غير واضحة تعين على القاضي تفسيرها عن طريق الكشف عن‬
‫اإلرادة المشتركة للعاقدين‪.‬‬

‫فإذا قام لدى القاضي ‪ ،‬شك في التعرف على هذه اإلرادة المشتركة ‪ ،‬فسر‬
‫الشك لمصلحة المدين في غير عقود اإلذعان ‪ -‬أين ( حسب المادة ‪112‬‬
‫يفسر الشك فيها لمصلحة المذعن )‪.‬‬

‫و على هذا يكون لتفسير العقد ‪ ،‬ثالث حاالت‪:‬‬

‫* حالة العبارات الواضحة‪:‬‬

‫نصت م ‪ 0/ 00‬من ق‪.‬م على أنه "إذا كانت عبارة العقد واضحة فال يجوز‬
‫اإلنحراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف عن إرادة المتعاقدين " و هذا هو‬
‫األصل في القانون المدني الجزائري من أن العقد الواضح العبارة ال يحتاج‬
‫إلى تفسير‬

‫* حالة العبارات الغير واضحة‪:‬‬

‫نصت م ‪ 5/00‬من ق‪.‬م على أنه " إذا كان هناك محل لتأويل العقد فيجب‬
‫البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي‬
‫لأللفاظ مع اإلستهداء في ذلك بطبيعة التعامل و بما ينبغي أن تتوفر من‬
‫أمانة و ثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعامالت" فإذا كانت‬
‫عبارة العقد غير واضحة على القاضي تفسير العقد بالبحث عن النية‬
‫المشتركة للمتعاقدين و أن يعتد بطبيعة التعامل و بما يقضي به عرف‬
‫التعامل‬

‫*حالة قيام شك في تبين اإلرادة المشتركة للمتعاقدين‪:‬‬

‫تنص م ‪ 0/005‬من ق‪.‬م من أنه "يفسر الشك في عبارة العقد الغامضة‬


‫لمصلحة المدين " هذا إنطالقا من أصل ثابت و هو براءة الذمة حتى يقوم‬
‫الدليل القاطع أنه مدين ألن الطرف األجدر بالحماية هو الطرف الضعيف‬
‫في العقد‬

‫‪ - 5‬تحديد نطاق العقد ‪:‬‬

‫بعد أن يفسر القاضي بنود العقد للكشف عن النية المشتركة للعاقدين ‪ ،‬ينتقل‬
‫إلى تحديد النطاق (أو أثار ) العقد ‪ ،‬غير مكتف ‪ ،‬في هذا التحديد ‪ ،‬بما ورد‬
‫فيه وفقا لتلك النية المشتركة ‪ ،‬بل يجاوزه إلى ما يعتبر من " مستلزماته "‬
‫طبقا للقانون و العرف و العدالة و هذا حسب م ‪ 195‬من ق‪.‬م التي تنص "‬
‫يجب تنفيذ العقد طبقا لما إشتمل عليه و بحسن نية "‪.‬‬

‫و ال يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب ‪ ،‬بل يتناول أيضا ما‬
‫هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة ‪ ،‬بحسب طبيعة االلتزام‪.‬‬

‫غير أنه إذا طرأت حوادث إستثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها و ترتب‬
‫على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي‪ ،‬و أن لم يصبح مستحيال ‪ ،‬صار‬
‫مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فإذا جاز للقاضي تبعا للظروف و بعد‬
‫مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد االلتزام المرهق إلى الحد المعقول‪ ،‬و يقع‬
‫باطال كل اتفاق على خالف ذلك ‪.‬‬
‫‪ -1‬مدى التزام العاقدين بتنفيذ العقد‪:‬‬

‫حسب المادة ‪191‬من القانون المدني تنص أن " العقد شريعة المتعاقدين‬
‫فال يجوز نقضه ‪ ،‬و التعديله إال باتفاق الطرفين ‪ ،‬أو لألسباب التي يقررها‬
‫القانون "‪.‬‬

‫و تطبيقا للمادة‪ ..." 1/195‬يجب تنفيذ العقد لما أشتمل عليه و بحسن‬
‫نية‪ ( ,"...‬نالحظ أن مبدأ حسن النية و مبدأ " العقد ‪ :‬شريعة المتعاقدين "‬
‫من المبادىء األساسية التي بنيا عليها تشريع العقد )‪.‬لكن المشرع أورد‬
‫إستثناءين على هذا المبدأ العام ‪ ،‬تقرر فيهما للمحكمة سلطة تعديل العقد ‪:‬‬

‫‪-‬أولهما يتعلق بعقود الالذعان ( المادة ‪ ) 119‬و الشروط التعسفية ‪.‬‬

‫‪-‬و ثانيهما تقضي به نظرية الظروف الطارئة ( المادة‪. ) 3- 195‬‬

‫‪ -2‬جزاء اإلخالل بالعقد‪:‬‬

‫إذا نشأ العقد صحيحا ‪ ،‬يكون واجب التنفيذ ‪ ،‬بحيث يتعين على المدين أن‬
‫ينفذ االلتزامات الناشئة عنه على الوجه المتفق عليه‪ ،‬و إال كان للدائن أن‬
‫يسأل المدين عن عدم تنفيذها ‪ ،‬و تقوم مسؤولية هذا األخير عنه ‪ ،‬ما لم يثبت‬
‫رجوعه إلى سبب أجنبي ال يد له فيه ‪ ،‬فيحكم عليه بتعويض الضرر الذي‬
‫لحق الدائن نتيجة عدم تنفيذ العقد‪,‬فالمسؤولية العقدية هي جزاء اإلخالل‬
‫بتنفيذ اإلتزام الناشئ عن العقد‪,‬لكنها ليست جزاءه الوحيد إذا كان العقد الذي‬
‫أبرم ملزما للجانبين ‪ ،‬بل يضاف إليها في نطاقه جزاءات أخرى مثال إذا أخل‬
‫أحد العاقدين ‪ ،‬في عقد ملزم للجانبين ‪ ،‬بإلتزاماته ‪ ،‬جاز للعاقد اآلخر أن‬
‫يطلب فسخ العقد ‪ ،‬لتنحل الرابطة القانونية التي أنشأها ‪ ،‬و يتخلص ‪،‬‬
‫بانحاللها عن إلتزاماته‪.‬‬

‫و جزاء اإلخالل بالعقد قيام المسؤولية العقدية كجزاء عام لإلخالل بكل العقود‬
‫و هي المبادئ العامة في الجزاء‪ ,‬و يكون الجزاء للفسخ و الدفع بعدم التنفيذ‬
‫كجزاء خاص بالعقود الملزمة لجانبين و هذا ما سوف نتناوله فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬المسؤولية العقدية ‪:‬‬

‫كقاعدة عامة للدائن أن يقتضي من المدين تنفيذ التزاماته عينا‪ ،‬أو في بعبارة‬
‫أخرى‪ ،‬على النحو المتفق عليه بينهما في العقد ‪ ,‬و تقوم المسؤولية العقدية‬
‫في حالة عدم تنفيذ االلتزام على النحو المتفق عليه و لو نفذ االلتزام جزئيا ‪،‬‬
‫أو بعد الوقت المعين له ‪ ،‬أو على غير الوجه المحدد له فالمسؤولية العقدية ‪،‬‬
‫باختصار ‪ ،‬هي جزاء إخالل أحد العاقدين باإللتزام الناشئ عن العقد الذي‬
‫أبرمه‪ .‬و أركان المسؤولية العقدية هي ‪:‬‬

‫الخطأ ‪ :‬من طرف المدين أو أن يكون عدم تنفيذ التزام المدين راجعا إلى‬
‫أخطائه‪.‬‬

‫الضرر ‪ :‬الذي يصيب الدائن و الناجم عن إخالل المدين بالتزامه‪.‬‬

‫العالقة السببية بين الخطأ و الضرر‪.‬‬

‫* الخطأ العقدي‪:‬‬

‫الخطأ العقدي هوعدم تنفيذ المدين اللتزامه الناشئ عن العقد على الوجه الوارد‬
‫فيه ‪.‬سواء كان عدم تنفيذه كليا أو حقيقيا أو جزئيا و يدخل في هذه الصورة‬
‫األخيرة ‪ :‬التأخر في تنفيذه‪.‬‬

‫و حسب م ‪ 151‬من ق‪.‬م أن " إذا استحال على المدين أن ينفذ االلتزام عينا‬
‫حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ إلتزامه ‪ ،‬ما لم يثبت أن‬
‫استحالة التنفيذ نشأت عن سبب ال يد له فيه ‪ ،‬و يكون الحكم كذلك إذا‬
‫تأخر المدين في تنفيذ التزامه "‪.‬‬

‫فالمدين الذي ال ينفذ االلتزام الذي رتبه العقد في ذمته يرتكب الخطأ ‪ ،‬لعدم‬
‫تنفيذه للعقد الذي يعتبر بالنسبة له بمثابة القانون‪ ,‬و أن محل االلتزام العقدي‬
‫يكون تحقيق نتيجة أو بدل عناية ‪ ,‬و لهذا فعدم تنفيذ االلتزام الذي يتكون منه‬
‫خطأ العاقد يتخذ حسب طبيعة االلتزام صورتين ‪:‬‬

‫‪-‬إما عدم تحقيق النتيجة‪.‬‬

‫‪-‬أو القصور عن بذل العناية‪.‬‬

‫و هكذا إذا كان االلتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين ‪ ،‬إلتزاما‬
‫بتحقيق نتيجة ‪ ،‬يتوافر الخطأ في جانبه بمجرد عدم تحقيق هذه النتيجة‪ ,‬ألنه‬
‫أخل بالتعهد الذي أخذه في العقد على نفسه ‪ ،‬و لم ينجز ما إلتزم به وفقا‬
‫لإللتزام ‪,‬و ال يجوز للمدين أن يقيم الدليل على انعدام الخطأ في جانبه ‪ ،‬ألن‬
‫هذا الخطأ وقع فعال بعدم تنفيذه اللتزامه‪.‬أما إذا كان االلتزام الذي ترتب‬
‫بمقتضى العقد في ذمة المدين إلتزاما ببذل عناية ‪ ،‬ال يتوافر الخطأ في جانبه‬
‫إال إذا قصر عن العناية المطلوبة منه ( قانونا أو اتفاقا ) في اتخاذ الوسيلة‬
‫التي تؤدي إلى الغاية التي أرادها العاقدين ‪,‬فذلك القصور ( ال عدم تحقيق‬
‫هذه الغاية ) هو عدم تنفيذ االلتزام الذي يتكون منه الخطأ ‪,‬ألن المدين يكون‬
‫قد وفى بالتزامه إذا بذل القدر المطلوب من العناية ‪ ،‬و لو لم تتحقق تلك‬
‫الغاية‪.‬‬

‫و على ذلك ال يقوم خطأ المدين بمجرد عدم تحقيق الغاية ألن محل التزامه‬
‫بذل هذه العناية ‪ ،‬و ال يظهر الخطأ إال بتقدير سلوك المدين و مقارنته بسلوك‬
‫" الشخص العادي " و هذا حسب المادة ‪ 152‬التي تنص أن ‪ ":‬في االلتزام‬
‫بعمل ‪ ،‬إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على شيء ‪ ،‬أو أن يقوم‬
‫بإرادته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ إلتزام فإن المدين يكون قد وفى‬
‫بااللتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ‪ ،‬و لو‬
‫لم يتحقق الغرض المقصود ‪ ،‬و هذا ما لم ينص القانون أو االتفاق على‬
‫خالف ذلك "‪.‬‬

‫و على كل حال يبقى المدين مسؤوال عن غشه أو خطئه الجسيم أو بعبارة‬


‫أخرى ‪ :‬يتكون خطأ المدين من اإلهمال أو عدم االحتياط‬

‫‪-‬جسامة الخطأ العقدي ‪ :‬يجب المالحظة أن لما كان الخطأ العقدي هو‬
‫اإلخالل بتنفيذ االلتزام أو ‪ ،‬في عبارة أخرى ‪ ،‬عدم تنفيذه على الوجه المتفق‬
‫عليه في العقد ‪ ،‬سواء كان عدم التنفيذ كليا ‪ ،‬أو جزئيا ( كالتنفيذ المتأخر و‬
‫التنفيذ العيب ) فال يكون لألسباب ‪ ،‬أو البواعث التي أدت إليه ‪ ،‬أو الظروف‬
‫التي البسته ‪ ،‬أية أهمية في تقدير وجوده ‪ ،‬طالما لم ينشأ سبب أجنبي ال يد‬
‫للمدين فيه ‪,‬فيما يخص إثبات الخطأ العقدي ‪ ،‬يجب التمييز بين ثالثة مسائل‬
‫إثبات وجود االلتزام ‪ :‬هذا اإلثبات يقع على عاتق الدائن ‪.‬‬

‫إثبات عدم التنفيذ العيني ‪ :‬في هذه الحالة يجب على المدين أن يثبت قيامه‬
‫بالتنفيذ‬

‫لكن في بعض الحاالت ‪ ،‬يجب على الدائن إثبات أن النتيجة لم تتحقق ( إذا‬
‫كان االلتزام بتحقيق غاية ) أو أن المدين لم يبذل العناية التي فرضها العقد‬
‫بإثبات اإلهمال أو عدم االحتياط من طرف المدين ( إذا كان االلتزام ببذل‬
‫عناية )‪.‬‬

‫أما عالقة السببية ‪ :‬فتنحصر في أنه إذا أثبت الدائن وجود االلتزام و عدم‬
‫تنفيذه قامت مسؤولية المدين و ال يتخلص منها إال إذا ثبت " السبب‬
‫األجنبي "‪.‬‬

‫* الضرر‪:‬‬

‫لقيام المسؤولية العقدية ‪ ،‬ال يكفي ثبوت خطأ في جانب المدين ‪ ،‬بل يجب أن‬
‫ينجم عن هذا الخطأ ضرر في جانب الدائن ‪,‬و للضرر نوعان ‪ :‬مادي أو‬
‫معنوي (أدبي) ‪ ,‬و كالهما يجب التعويض عنه ‪,‬وال فرق بينهما من حيث‬
‫الشروط التي يترتب عنها حق التعويض عن الضرر‪.‬‬

‫لكن المشرع ‪ ،‬و في حالة معينة ‪،‬حدد األشخاص اللذين لهم حق المطالبة‬
‫بالتعويض عن الضرر المعنوي ‪ ,‬فيما يخص التعويض عن الضرر يجب‬
‫القول أن الدائن يستحق تعويضا عن الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين‬
‫اللتزامه كليا أو جزئيا ‪ ،‬أو من تأخره في التنفيذ ‪,‬ويترتب عادة على اإلخالل‬
‫بتنفيذ االلتزام أضرار عديدة ‪ ،‬بعضها قريب و األخرى بعيد ‪,‬و ال يمكن مبدئيا‬
‫أن يسأل المدين عن تعويض جميع هذه األضرار البعيدة التي ضعفت صلتها‬
‫بالخطأ الذي أرتكبه المدين‪ .‬بعبارة أخرى يتعين الوقوف عند الضرر الذي‬
‫ينتج مباشرة عن اإلخالل المدين بالتزامه ‪ ،‬أو ما يسمى " بالضرر المباشر "‬
‫‪ :‬و هو ما يكون " نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخير في الوفاء‬
‫به " ( أي الضرر الذي " يرتبط بالخطأ بعالقة السببية " )‬

‫أما الضرر الغير المباشر فينجم ‪ ،‬في الواقع عن خطأ الدائن الذي كان في‬
‫وسعه أن يبذل جهد معقول ‪ ،‬ولكنه لم يبذله ‪ ،‬ومن ثم ال يعتبر المدين مسؤوال‬
‫عنه ‪ ،‬لعدم توفير عالقة سببية بينه و بين خطأ المدين‬

‫كقاعدة العامة يجب القول بأن المدين ‪ ،‬في المسؤولية العقدية ‪ ،‬ال يلتزم‬
‫بتعويض كل الضرر المباشر ‪ ،‬و يتعين التمييز في حدود الضرر المباشر‬
‫بين " المتوقع " و " غير المتوقع " ( ما عد إذا أرتكب المدين غشا أو خطأ‬
‫جسيما ) ‪ ,‬و يقتصر إلتزام المدين على تعويض الضرر الذي يتوقعه ‪ ،‬وقت‬
‫التعاقد " الشخص العادي " حسب المعيار المادي ‪ ،‬و ليس المعيار الذاتي"‪.‬‬

‫أما إثبات الضرر فيقع مبدئيا على الدائن و لكن يجوز للمدين أن يتخلص‬
‫من الحكم عليه إذا أثبت العكس أي أن الدائن لم يلحقه أي ضرر‪.‬‬

‫* عالقـة السببية ‪:‬‬

‫تقوم المسؤولية العقدية عند قيام خطأ في جانب المدين بعدم تنفيذ إلتزامه ‪ ,‬و‬
‫أن يترتب عن ذلك ضرر كنتيجة لعدم تنفيذ المدين لهذا اإللتزام ‪ ,‬أي أن توجد‬
‫بين الخطأ و الضرر رابطة و هو ما يعبر عليه بالعالقة السببية و على الدائن‬
‫أن يثبت الخطأ و الضرر أما عالقة السببية مفترضة ‪ ,‬و على المدين أن‬
‫ينفيها بإثبات السبب األجنبي أي القوة القاهرة أو فعل الدائن أو فعل الغير‪.‬‬

‫أ‪-‬القوة القاهرة ‪ :‬و ذللك حسب م ‪ 0/021‬من ق‪.‬م‬

‫أو الحادث الفجائي مثل الحرب ‪ ,‬الفياضان‪ ...‬فيجب أن تكون القوة القاهرة‬
‫أم ار ال يمكن توقعه و ال يمكن دفعه و أن تجعل تنفيذ اإللتزام مستحيال و أن‬
‫ال يكون ثمة خطأ من جانب المدين فهنا تتحقق القوة القاهرة و تكون مانعا من‬
‫تنفيذ اإللتزام بصفة نهائية و منه تب أر ذمة المدين من إلتزامه ‪ ,‬أما إذا كانت‬
‫مؤقتة فإنها توقف تنفيذ اإللتزام‬

‫ب‪-‬فعل الدائن‪:‬‬

‫إذا الضرر ناتجا عن خطأ الدائن تنتفي العالقة السببية و تب أر ذمة المدين‪.‬‬

‫ج‪-‬فعل الغير ‪:‬‬

‫هو الشخص الذي ال يسأل عنه المدين تعاقديا‪.‬‬

‫‪ -3‬تعديل أحكام المسؤولية العقدية ‪:‬‬

‫يجوز للطرفين تعديل أحكام المسؤولية العقدية إذ يجوز اإلتفاق على تشديد‬
‫المسؤولية العقدية على إعتبار المتعاقد مسؤوال عن عدم تنفيذ إلتزامه و لو‬
‫كان راجعا إلى القوة القاهرة ‪ ,‬كذلك يمكن اإلتفاق على اإلعفاء من المسؤولية‬
‫العقدية أي عدم قيام الدائن بالرجوع على المدين بطلب التعويض بشرط أن ال‬
‫يكون عدم التنفيذ ناشئا عن غش أو عن خطأه الجسيم و يمكن اإلعفاء عن‬
‫المسؤولية إذاكان الغش أو الخطأ الجسيم قد وقع من غير المتعاقد نفسه أي‬
‫ممن يستخدمهم في تنفيذ العقد و هذا ما أجازته م ‪ 5/021‬من ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬زوال العقد ‪:‬‬
‫يزول العقد إذا كان باطال بطالنا مطلقا لتخلف ركن من أركانه أو شرط من‬
‫شروط صحته ‪ ,‬أو كان قابال لإلبطال و يتقرر بطالنه فيزول بأثر رجعي و‬
‫يعتبر كأنه لم يكن و أما إذا نشأ العقد صحيحا فإن زواله يتحقق باإلنقضاء‬
‫أي بتنفيذ اإللتزامات الناشئة عن العقد و إما يزول باإلنحالل ‪ ,‬و اإلنحالل‬
‫يرد على عقد صحيح و قبل أن ينقضي بالتنفيذ ‪ ,‬و يقع الفسخ بحكم قضائي‬
‫أو بمقتضى اإلتفاق‬
‫‪-1‬فسخ العقد ‪:‬‬
‫أ‪-‬الفسخ القضائي‪:‬‬

‫حسب م ‪ 1/115‬من ق‪.‬م التي تنص على أن " في العقود الملزمة‬


‫للجانبين‪ ،‬إذا لم يوفى أحد المتعاقدين بإلتزامه جاز للمتعاقد اآلخر بعد‬
‫إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه‪ ،‬مع التعويض في الحالتين‬
‫إذا أقتضى الحال ذلك "‬

‫و حسب ما تبين من المادة فإن الفسخ هو إنحالل الرابطة التعاقدية بأثر‬


‫رجعي و ال يكون إال في العقود الملزمة للجانبين أي تلك التي يلتزم فيها كل‬
‫متعاقد تجاه المتعاقد اآلخر على وجه التبادل بمقتضى اإلتفاق المعقود‬
‫بينهما ‪.‬‬
‫فالفسخ إما يتقرر بحكم قضائي أو بإتفاق بين طرفين ‪ ,‬و قد يقع بحكم‬
‫القانون فيطلق عليه اإلنفساخ ‪ ,‬و يتم الفسخ عندما ال يقوم أحد المتعاقدين‬
‫بتنفيذ إلتزامه الناشئ عن العقد ‪.‬‬
‫و لقيام الحق في فسخ العقد يجب توافر ثالث شروط‬
‫‪-‬شروط طلب الفسخ القضائي ‪:‬‬
‫‪-‬أن يكون العقد ملزما للجانبين ‪ :‬ال يتصور الفسخ إال في العقود الملزمة‬
‫للجانبين و يراد بها أن يسمح للطرف الذي لم يحصل على حقه المقرر له‬
‫بمقتضى العقد أن يتحلل هو بما إلتزم به في هذا العقد‬
‫‪-‬عدم قيام أحد المتعاقدين بتنفيذ إلتزامه ‪ :‬يشترط أن يثبت الدائن أن الطرف‬
‫اآلخر لم يفي بإلتزامه سواء كان الوفاء كليا أو جزئيا ‪ ,‬أي ثبوت خطأ‬
‫المدين ‪ ,‬أما إذا كان عدم التفيذ نتيجة قوة قاهرة فإننا نكون بصدد إنفساخ‬
‫العقد و ينقضي اإللتزام ‪ ,‬و يكون اإلنفساخ بقوة القانون و ال نكون بصدد‬
‫الفسخ‬
‫‪-‬وفاء طالب الفسخ بإلتزاماته ‪ :‬أي يجب أن يكون طالب الفسخ قد نفذ‬
‫إلتزاماته أو مستعدا لذلك ‪ ,‬فيشترط في طالب الفسخ أن ال يكون مقصرا في‬
‫الوفاء بإلتزامه كأن يطلب البائع بفسخ البيع لعدم وفاء المشتري بأداء الثمن‬
‫شريطة أال يكون البائع نفسه مقصرا‬
‫ب‪-‬الفسخ اإلتفاقي‪:‬‬

‫حسب م‪ 120‬من ق‪.‬م " يجوز اإلتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم‬
‫القانون عند عدم الوفاء باإللتزامات الناشئة عنه بمجرد تحقيق الشروط‬
‫المتفق عليها و بدون حاجة إلى حكم قضائي‪ ،‬و هذا الشرط ال يعفي من‬
‫اإلعذار‪ ،‬الذي يحدد حسب العرف عند عدم تحديده من طرف المتعاقدين "‪.‬‬

‫هذا اإلتفاق يسمى "الشرط الفاسخ الصريح " تميي از له عن الفسخ القضائي‬
‫المبني على فكرة " الشرط الفاسخ الضمني" ‪ ,‬و باإلتفاق األول ( الشرط‬
‫الفاسخ الصريح ) يقع الفسخ بمجرد تحقق الشرط‪ ،‬فيتجنب العاقدان تدخل‬
‫القاضي في تقرير الفسخ‪ ،‬الذي يقع بتحقيق الشرط‪ ،‬من تلقاء نفسه و في‬
‫حالة ( اإلخالل باإلتزام ) ال يملك القاضي سوى التحقق من إخالل المدين‬
‫بإلتزامه‪ ،‬و الحكم بوقوع الفسخ نتيجة لتحقيق الشرط ‪ ,‬و في ذلك رفع عن‬
‫المدين تلك الحماية التي يوفرها له الفسخ القضائي بالخيار الذي يقرره له بين‬
‫الفسخ و التنفيذ‪ ،‬و بالسلطة التقديرية التي منحها للقاضي إزاء طلبه‪.‬‬

‫يجب التوضيح أنّ هذا الفسخ باإلتفاق ال يعفي من اإلعذار ( المنصوص‬


‫عليه في م ‪ 120‬من ق‪.‬م أعاله )‪ ،‬إالّ إذا اتفق الطرفان صراحة على‬
‫اإلعفاء منه‪ .‬في هذه الحالة اإلتفاق يحل محل حكم الفسخ بعبارة أخرى هذا‬
‫اإلتفاق على اإلعفاء من اإلعذار‪ ،‬يقرر الفسخ‪.‬‬

‫*‪-‬أثار الفسخ‪:‬‬

‫حسب م ‪ 122‬من ق‪.‬م‪ " :‬إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة‬
‫التي كانا عليها قبل العقد‪ ،‬فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم‬
‫بالتعويض " ‪ ,‬و على ذلك يترتب على الفسخ ( القضائي أو اإلتفاقي ) زوال‬
‫العقد بأثر رجعي ‪ ،‬و يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل قيامه (فيما‬
‫بين المتعاقدين ) ‪ ,‬فإذا استحالت إعادة العاقدين إلى ما كانا عليه قبل العقد‪،‬‬
‫فيحكم بالتعويض لصالح طالب الفسخ و هذا حسب م ‪ 122‬من ق‪.‬م المشار‬
‫إليها أعاله ‪ ,‬أما بالنسبة للغير فالفسخ ( كالبطالن ) يجاوز أثره العاقدين إلى‬
‫الغير‪.‬‬

‫‪-2‬الدفع بعدم التنفيذ ‪:‬‬

‫في العقود الملزمة للجانبين الدفع بعدم التنفيذ هو حق كل عاقد ‪ ،‬إذا ما طلبه‬
‫العاقد اآلخر بتنفيذ إلتزامه‪ ،‬أن يمتنع عنه إلى أن يقوم هذا األخير بتنفيذ ما إلتزم‬
‫به و ذللك حسب م ‪ 123‬من ق‪.‬م‪ " :‬في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت‬
‫اإللتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يتمتع عن‬
‫تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد اآلخر بتنفيذ ما التزم به"‬

‫يتبين من أحكام هذه المادة أن لكل متعاقد أن يمتنع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم‬
‫اآلخر بتنفيذ ما إلتزم به و له ذلك بدال من أن يلجأ إلى طلب الفسخ فهو يوقف‬
‫تنفيذ إلتزامه حتى ينفذ المتعاقد اآلخر إلتزامه لشرط أن تكون اإللتزامات‬
‫المتقابلة مستحقة الوفاء ‪.‬‬

‫شروط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ ‪:‬‬


‫‪-‬يجب أن نكون بصدد عقد ملزم ‪:‬للجانبين إدن فقط هذا النوع من العقود يوجد‬
‫تقابل بين اإللتزامات‬

‫‪-‬أن تكون اإللتزامات المتقابلة مستحقة اآلداء ‪ :‬و يتصور ذلك في حالة عقد‬
‫البيع يكون الثمن فيه واجب الدفع فو ار ‪ ,‬فيكون للبائع أن يمتنع عن نقل ملكية‬
‫المبيع حتى يدفع المشتري الثمن‬

‫‪-‬ضرورة مراعاة حسن النية ‪ :‬فإذا تعلق األمر بعقد ملزم للجانبين و كانت‬
‫اإللتزامات مستحقة اآلداء كان للمتعاقد اآلخر أن يدفع بعدم تنفيذ إلتزامه طالما‬
‫لم يقم اآلخر بالتنفيذ ‪ ,‬إال أنه ينبغي عدم التعسف في إستعمال هذا الحق فيجب‬
‫أن تنفذ العقود بحسن نية‪.‬‬

‫آثار الدفع بعدم التنفيذ ‪:‬‬

‫يترتب على التمسك بهذا الدفع وقف تنفيذ العقد دون إنقضاء اإللتزام و يستمر‬
‫هذا الوقف إلى أن يقوم الطرف اآلخر بتنفيذ إلتزامه فإذا ما قام ظل العقد ينتج‬
‫آثاره ‪ ,‬أما إذا إمتنع عن التنفيذ فإن هذا قد ينتهي بالطرف اآلخر إلى طلب‬
‫الفسخ ‪.‬‬

‫ينقضي الدفع بعدم التنفيذ في حالة هالك الشيء محل إلتزام الدائن كما لو هلك‬
‫المبيع تحت يد الحابس له و تقع تبعة الهالك خالل فترة الحبس على المشتري‬
‫في هذه الحالة ‪ ,‬و ينقضي الدفع بعدم التنفيذ إذا خرج الشيء من تحت يد‬
‫الشخص خروجا إراديا ‪.‬‬

‫‪ -3‬إنحالل العقد ‪:‬‬

‫يقصد بإنحالل العقد زواله بعد إبرامه‪ ،‬و اإلنحالل يتعلق بعقد نشأ صحيحا‬
‫ثم يزول باثر رجعي‪ ,‬كالفسخ و اإللغاء باإلرادة المنفردة و التقابل و الرجوع و‬
‫اإلبطال و من ثم يختلف اإلنحالل عن اإلنقضاء‪.‬‬

‫ففي اإلنقضاء يزول العقد بالتنفيذ ‪ ,‬أو بوفاة المدين إذا كانت شخصية هذا‬
‫الغخير محل إعتبار أو بإنتهاء المدة‪.‬‬

‫أ‪ -‬اإللغاء باإلرادة المنفرة ‪:‬‬


‫عندما يرخص القانون أو العقد نفسه فيمكن أن ينحل العقد دون أثر رجعي‬
‫بإلغائه بإرادة أحد طرفيه مثال‪ :‬في العقود الغير محددة المدة ( أو العقود‬
‫التزامنية ) كعقد اإليجار أو عقد العمل‪ ،‬أو عقد الشركة إذا أبرمت لمدة غير‬
‫محددة‪ ,‬أو إذا تقرر بنص في القانون ـ ألحد طرفيه ـ حق إلغائه بإرادته‬
‫المنفردة‪.‬‬

‫اإلقامة (التقابل)‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫ينحل العقد في كل األحوال بإتفاق طرفيه فاإلرادة المشتركة التي أنشأت العقد‬
‫قادرة في كل وقت على إلغائه ‪ ,‬بصفة عامة ال يوجد ما يمنع اإلتفاق على أن‬
‫يكون إللغائه بأثر رجعي ( لكن ال يمكن على كل حال ـ أن يمس هذا األثر‬
‫الرجعي بحقوق الغير )‬

‫ج ـ الرجوع ( أو رجوع المتعاقد بإرادته المنفردة ) ‪:‬‬

‫في الحقيقة قانون العقد ينتفي و الرجوع‪ ،‬و لهذا فالرجوع ال يجوز قانونا إال في‬
‫الهبة و تحت بعض الشروط‬

‫ما هو دور اإلرادة المنفردة في ترتيب اآلثار القانوني ؟‬

‫يقصد باإلرادة المنفردة إرادة شخص لواحد‪ ,‬و هي قادرة ‪ ،‬في القانون‬
‫الوضعي ‪ ،‬على إنشاء أثار قانونية متعددة أو إنشاء الحقوق العينية ‪ ,‬و هي‬
‫قادرة كذلك على تصحيح عقد قابل لإلبطال‪ ،‬كما في اإلجازة‪ ,‬و على جعل‬
‫العقد يسري في مواجهة من لم يكن طرفا فيه كإقرار األصيل لتصرف النائب‬
‫الذي جاوز فيه حدود النيابة‪ ،‬و إلقرار المالك الحقيقي لبيع ملك الغير‪.‬‬

‫و قادرة أخي ار على إنهاء العقد ذي المدة غير المحددة و في بعض الحاالت و‬
‫لو كانت مدته محددة ( كالوكالة ) ‪ ,‬أما في دائرة الحقوق الشخصية أو‬
‫اإللتزامات فإنّ اإلرادة المنفردة قادرة كذلك على إنهاء اإللتزام ‪,‬و لم يبقى من‬
‫تم سوى إنشاء اإللتزام فهل تستطيع اإلرادة المنفردة أن تنشئ اإللتزام ؟‬

‫ليس في المنطق القانوني ما يمنع اإلرادة المنفردة أن تكون مصد ار لإللتزام‪،‬‬


‫مادام القانون يمنحها القدرة على إنشائه ‪ ,‬على أنّ البحث في اإلعتراف‬
‫لإلرادة المنفردة بالقدرة على إنشاء اإللتزام ليس متصو ار في الجانب اإليجابي‬
‫له‪ ,‬فال يمكن أن يكون إنشاء اإللتزام بإرادة الدائن قاعدة في الشرائع الوضعية‪،‬‬
‫و هذا لحماية الفرد و ضمان إستقالله‪ ،‬دون رضاه‪ ،‬بعبارة أخرى‪ :‬أنّ الفرد ال‬
‫يستطيع إثقال غيره بإلتزام إال في حاالت إستثنائية يعترف القانون فيها إلرادة‬
‫الدائن به و أظهر هذه الحاالت هي ‪:‬‬

‫الفضالة ‪ :‬حيث تكون إرادة الفضولي مصد ار إللتزامات رب العمل‪ ،‬و‬


‫تقريرها لمصلحة المدين‬

‫و إذا كانت حماية إستقالل الفرد تحول دون جعله دائنا‪ ،‬فيكفي لتحقيقها‪ ،‬أن‬
‫يترك له خياربين قبول الحق أو رفضه‪ ،‬إنما يلتزم الواعد نهائيا بوعده‪ ،‬بمجرد‬
‫التعبير عن إرادته فيه و ال يجوز له التحلل منه ‪ ،‬ففي الصفة النهائية‪ :‬للوعد‬
‫تكمن الخاصية األساسية لإللتزام باإلرادة المنفردة ‪.‬‬

‫و مع ذلك‪ ،‬ال يمكن اإلعتراف باإلرادة المنفردة على هذا الوجه األخير‬
‫مصدر عاما لإللتزام إلعتبار هام له وضوح البديهية‪ :‬لماذا ال يستطيع الفرد‬
‫أن ينقض وحده‪ ،‬ما أقامه بإرادته المنفردة ؟‬

‫ال يتصور عقال أن يمنعه القانون من الرجوع فيما وعد به‪ ،‬ألنّ ما تقيمه‬
‫اإلرادة يمكنها بداهة أن تزيله إال إذا وجد إعتبار خاص يدعو إلى حماية‬
‫المصلحة المشروعة للمنتفع من وعده‪.‬‬
‫في النهاية‪ :‬يمكن القول أن اإلرادة المنفردة ال تستطيع أن تنشئ إلتزاما إال‬
‫حيث أجيز لها بنصوص خاصة‪ ,‬و تعتبر اإلرادة المنفردة على هذا الوجه‬
‫مصد ار إستثنائيا لإللتزام إلى جانب المصدر العام و هو العقد‪.‬‬

‫الجزء الثاني ‪ :‬المسؤولية التقصيرية (المصادر غير اإلرادية)‬


‫‪-1‬التفرقة بين أنواع المسؤوليات‪:‬‬

‫المسؤولية القانونية إما أن تكون جنائية ‪ ،‬و إما أن تكون مدنية ‪ ،‬بعبارة‬
‫أخرى إذا كانت المسؤولية القانونيةعموما على خالف المسؤولية الخلقية هي‬
‫أن يحاسب شخص على ضرر أحدثه بغيره‪ ،‬فإنها تنقسم بحسب ما إذا كان‬
‫هذا الضرر يقتصر على األفراد‪ ،‬أم يصيب الجماعة إلى مسؤولية جنائية و‬
‫مسؤولية مدنية التي هي اإللتزام بتعويض الضرر الناشئ عن اإلخالل بإلتزام‬
‫عقدي أو قانوني‪,‬و هي نوعان‪:‬‬

‫ـ المسؤولية العقدية ‪ :‬تقوم إذا كنا بصدد إخالل بإلتزام عقدي ‪,‬أو بعبارة‬
‫أخرى فهي المسؤولية التي تترتب على عدم تنفيذ اإللتزام الناشئ عن العقد‬
‫على الوجه المتفق عليه فيه‬

‫ـ المسؤولية التقصيرية ‪ :‬تقوم إذا كنا بصدد إخالل بإلتزام قانوني ‪,‬أو بعبارة‬
‫أخرى فهي المسؤولية التي تقوم على إلزام القانون بتعويض الضرر الذي ينشأ‬
‫دون عالقة عقدية بين المسؤول عنه و الذي كان ضحيته‪.‬‬
‫‪1‬ـ الفارق بين المسؤولية المدنية و المسؤولية الجنائية ‪:‬‬

‫ـ المسؤولية الجنائية‪ :‬فهي جزاء اإلضرار بالجماعة التي يتعين لحمايتها‬


‫توقيع عقوبة على المسؤول فيها‪ ،‬بناء على طلب النيابة العامة بإعتبارها‬
‫ممثلة للجماعة‪.‬‬

‫ـ المسؤولية المدنية‪ :‬فتقوم جزاء اإلضرار بالمصالح الخاصة أو الفردية‪,‬‬

‫و يترتب الفرق بين المسؤوليتين عدة نتائج‪ ،‬من بينهما‪:‬‬

‫‪ )1‬ـ أنّ العقوبة عن الجريمة الجنائية تتناسب مع جسامة خطأ‬


‫المتهم ‪ :‬حين أن التعويض عن الفعل الضار‪ ،‬في المسؤولية المدنية ال‬
‫عالقة له بجسامة خطأ المسؤول‪.‬‬

‫‪ )2‬ـ في المسؤولية المدنية الجزاء هو‪ :‬التعويض‪,‬أما في المسؤولية‬


‫الجنائية الجزاء هو العقوبة‪.‬‬

‫‪ )3‬ـ في المسؤولية الجنائية‪ :‬يباشر الدعوى الجنائية ( أو العمومية )‬


‫المجتمع ممثال من طرف النيابة العامة و بصفة عامة ال يجوز فيها الصلح و‬
‫التنازل ‪,‬أما الدعوى المدنية فيباشرها الشخص المتضرر و يجوز فيها الصلح‬
‫و التنازل‪.‬‬
‫‪ )4‬ـ في المسؤوليةالجنائية‪ :‬األعمال الموجبة لهذه المسؤولية محددة‬
‫بنص قانوني ‪,‬أما في المسؤولية المدنية األعمال غير محددة بنص هي كل‬
‫عمل غير مشروع يسبب ضرر للغير‪.‬‬

‫‪ )5‬ـ بعض األفعال تترتب عليها مسؤولية جنائية ‪ :‬دون المسؤولية‬


‫المدنية و العكس بعض األفعال تترتب عليها مسؤولية مدنية‪ ،‬دون‬
‫المسؤولية الجنائية ‪ ,‬و لكن توجد دائرة مشتركة بين المسؤوليتين‪ ،‬مثال في‬
‫جرائم األشخاص كالقتل العمدي أو الخطأ و جرائم األموال كالسرقة و‬
‫خيانة األمانة ‪.......‬‬

‫‪ )6‬ـ فيها يتعلق باإلختصاص ‪ :‬يجوز رفع دعوى المسؤولية المدنية‬


‫عن الفعل الضا ارلى المحكمة الجنائية التي رفعت إليها الدعوى العمومية (‬
‫الجنائية )‪ .‬فتفصل هذه المحكمة في األولى مع الثانية ( المادة ‪ 3‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية )‪.‬‬

‫‪ )7‬ـ فيما يتعلق بوقف الدعوى المدنية ‪ :‬إذا رفعت دعوى المدنية أمام‬
‫المحكمة المدنية‪ ،‬و الدعوى العمومية أمام المحكمة الجنائية‪ ،‬تعين على‬
‫المحكمة المدنية أن تقف الدعوى المدنية إلى أن تفصل المحكمة الجنائية في‬
‫الدعوى الجنائية‪,‬و يعبر عن ذلك بأنّ " الجنائي يوقف المدني "‬
‫‪ )8‬ـ من حيث التقادم تسقط دعوى التعويض المسؤولية المدنية عن‬
‫الفعل الضار إالّ بتقادم الدعوى العمومية عن الجريمة ‪,‬غير أنّ دعوى‬
‫التعويض تتقادم طبقا ألحكام القانون المدني ( المادة ‪ 10‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية)‬

‫‪ )9‬ـ قوة األمرالمحكوم فيه ‪ :‬و إذا قضت المحكمة الجنائية في‬
‫الدعوى العمومية بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه قيدت المحكمة المدنية‬
‫عقد الفصل في الدعوى المدنية بالوقائع التي أثبتها القاضي الجنائي في‬
‫حكمه‪ ,‬و لكنها ال تتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع‪ ،‬و تستطيع أن تكيف‬
‫الوقائع ( كما أثبتها الحكم الجنائي)‪ ،‬تكييفا آخر‪ ،‬أي غير الذي أخذت به‬
‫المحكمة الجنائية‪.‬‬

‫‪-2‬الفرق بين المسؤولية العقدية و التقصيرية‪:‬‬

‫إذا كانت العناصر األساسية للمسؤولية المدنية (في نوعيها) واحدة‪،‬‬


‫فإنّ فروقها هامة تقوم من الناحية الفنية بينهما ‪ ،‬إلختالف التنظيم التشريعي‬
‫للمسؤولية العقدية من بعض الوجوه عن المسؤولية التقصيرية‪ .‬و أهم هذه‬
‫الفروق هي‪:‬‬

‫‪-‬اإلعذار‪:‬‬
‫في المسؤولية العقدية األصل أنه ال يستحق التعويض إال بإعذار المدين أما‬
‫في المسؤولية التقصيرية فال محل لإلعذار للمطالبة بالتعويض‬

‫‪-‬األهلية‪:‬‬

‫تستلزم المسؤولية العقدية أهلية الرشد أما في المسؤولية التقصيرية فيكفي فيها‬
‫توافر التمييز لدى المسؤول‬

‫‪-‬التعويض‪:‬‬

‫في المسؤولية العقدية ال يكون التعويض إال عن الضرر المتوقع ما لم يكن‬


‫قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما و في ذلك تنص المادة ‪ 2/172‬من ق‪.‬م ‪" :‬‬
‫غير أنه إذا كان اإللتزام مصدره العقد ‪ ،‬فال يلتزم المدين الذي لم يرتكب‬
‫غشا أو خطأ جسيما إال بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت‬
‫التعاقد" أما في المسؤولية التقصيرية فيسأل المدين عن الضرر المتوقع و‬
‫الغير متوقع ‪.‬‬

‫‪-‬التضامن ‪:‬‬

‫ال تضامن بين المدينين في اإللتزام الناشئ عن العقد إالّ إذا اتفق عليه أو‬
‫نص عليه القانون ‪,‬و لكن التضامن بين المسؤولين عن الفعل الضار‬
‫مفروض بحكم القانون م ‪ 126‬من ق‪.‬م ‪ " :‬إذا تعدد المسؤولين عن عمل‬
‫ضار كانوا متضامنين في إلتزامهم بتعويض الضرر‪ ،‬و تكون المسؤولية‬
‫فيما بينهم بالتساوي إالا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في اإللتزام‬
‫بالتعويض"‪.‬‬

‫‪-‬اإلتفاق على اإلعفاء من المسؤولية ‪:‬‬

‫يجوز اإلتفاق في حدود معينة على اإلعفاء من المسؤولية العقدية ( م ‪178‬‬


‫الفقرة ‪ 2‬من ق‪.‬م )‪ " :‬و كذلك يجوز اإلتفاق على إعفاء المدين من أية‬
‫مسؤولية تترتب على تنفيذ إلتزامه التعاقدي‪ ،‬إالا ما ينشأ عن غشه‪ ،‬أو عن‬
‫خطئه الجسيم غير أنه يجوز للمدين أن يشترط إعفاءه من المسؤولية‬
‫الناجمة عن الغش‪ ،‬أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم‬
‫في تنفيذ إلتزامه "‪.‬‬

‫و لكن في المسؤولية التقصيرية يعد باطال كل إتفاق على اإلعفاء منها ألن‬
‫مصدرها القانون و ذلك حسب المادة ‪ 178‬الفقرة ‪ 3‬من ق‪.‬م‪ ":‬و يبطل كل‬
‫شرط يقضي باإلعفاء من المسؤولية الناجمة عن العمل اإلجرامي "‪.‬‬

‫‪-‬التق ــادم‪:‬‬

‫دعوى المسؤولية العقدية تتقادم بـ ‪ 15‬سنة‪ ،‬حسب م ‪ 308‬من ق‪.‬م ‪" :‬‬
‫يتقادم اإللتزام بإنقضاء خمسة عشرة سنة عدا الحاالت التي ورد فيها نص‬
‫خاص في القانون و فيما عدا اإلستثناءات األتية "‪,‬أما دعوى المسؤولية‬
‫التقصيرية فتتقادم بـ ‪ 15‬سنة من يوم وقوع العمل الضار‪ ،‬م ‪ 133‬من ق‪.‬م ‪" :‬‬
‫تسقط دعوى التعويض بإنقضاء خمسة عشرة سنة من يوم وقوع العمل‬
‫الضار "‪.‬‬

‫‪-‬درجة الخطأ ‪:‬‬

‫البعض ( أنصار اإلزدواجية المسؤولية ) يشترط أن يكون الخطأ العقدي على‬


‫درجة معينة من الجسامة‪,‬بينما يكفي أن يكون الخطأ تافها في المسؤولية‬
‫التقصيرية ‪,‬لكن القضاء يأخذ بمعيار واحد في مقياس الخطأ‪ :‬هو الرجل‬
‫المعتاد‪.‬‬

‫‪-‬عبء اإلثبات ‪:‬‬

‫في المسؤولية العقدية عبء اإلثبات يقع على عاتق المدين بينما في‬
‫المسؤولية التقصيرية عبء اإلثبات يقع على عاتق الدائن‬

‫‪2‬ـ نطاق المسؤولية العقدية ‪:‬‬

‫لتحديد نطاق المسؤولية العقدية بالعالقات الناشئة عن عقد صحيح بين‬


‫المسؤول و المضرور‪ ,‬و لقيام هذه األخيرة يجب توفر الشروط التالية‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬يجب أن يوجد عقد بين المسؤول و المضرور‬

‫فبدون هذا العقد‪ ،‬ال يمكن أن تقوم مسؤولية عقدية‪ ،‬و قد أثار تكييف النقل‬
‫المجاني خالفا في القضاء الفرنسي ‪,‬استقر بعضه على عدم قيام مسؤولية‬
‫عقدية عنه‪ ،‬لعدم اعتباره عقدا‪ ,‬فهو ال يعتبر عقد نقل إذا ال أجرة فيه و ال‬
‫عقد غير مسمى‪ ،‬لعدم اتجاه نية طرفية إلى إنشاء رابطة قانونية بينهما به‪،‬‬
‫فإذا دعي صديق على وجه المجاملة للركوب في سيارة صديقه‪ ،‬و أصيب في‬
‫أثناء نقله ال تكون مسؤولية هذا األخير عن هذه اإلصابة إلى تقصيرية‪ .‬و‬
‫كذلك‪ ،‬ال تقوم مسؤولية عقدية في المرحلة السابقة على التعاقد و ال في‬
‫المرحلة الالحقة إلنحالل العقد‪.‬إذا فالمسؤولية العقدية تظهر بإبرام العقد‪ ،‬و‬
‫تختفي بإنقضائه‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬يجب أن يقوم العقد صحيحا‪ .‬فال تقوم المسؤولية العقدية إالّ‬
‫بوجود عقد صحيح‪ .‬أما إذا كان العقد باطال‪ ،‬أو تقرر إبطاله‪ ،‬فال يمكن أن‬
‫ينشأ بين طرفيه سوى مسؤولية تقصيرية ‪,‬و يتعين‪ ،‬كذلك‪ ،‬أن يكون العقد‬
‫الصحيح قائما بين المسؤول عن الضرر ومن كان ضحيته فيخضع تدخل‬
‫الغير في العالقات العقدية لقواعد المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬يجب أن ينشأ الضرر عن عدم تنفيذ العقد‪ ( :‬القائم بينهما )‬

‫ال يكفي لقيام المسؤولية العقدية وجود عقد صحيح بين المسؤول عن الضرر‬
‫من كان ضحيته ‪ ,‬بل يجب كذلك أن يكون الضرر نتيجة اإلخالل بإلتزام‬
‫ناشئ عنه بدون تمييز بين إلتزام رئيسي و إلتزام ناشئ ثانوي أو تفرقة بين‬
‫إلتزام أوجدته بنود العقد و إلتزام فرضته نصوص مقررة ‪,‬و يتعين على‬
‫القاضي تفسير إرادة العاقدين لتعيين مضمون العقد و تحديد اإللتزامات‬
‫الناشئة عنه و التي تقوم المسؤولية العقدية جزاء اإلخالل بها‪.‬‬

‫هل يجوز الجمع أو الخيرة بين المسؤوليتين‪ :‬العقدية أو التقصيرية ؟‬

‫إذا كان نطاق المسؤولية العقدية يحدد على الوجه الذي درسناه سابقا فإنه قد‬
‫تعبر ( ووفقا ) له نطاق المسؤولية التقصيرية‪ .‬ألنّ نطاق هذه األخيرة يتحدد‬
‫خارج نطاق األولى ‪ ,‬ففي كل مرة ال تتوافر شروط المسؤولية العقدية‪ ،‬يكون‬
‫للدائن أن يتمسك بمبادئ المسؤولية التقصيرية التي يحدد نطاقها خارج‬
‫العالقات العقدية و يخضع لها من ال تقوم بينهم هذه العالقات ‪,‬و لكن هل‬
‫يقتصر تطبيق المسؤولية التقصيرية على هؤالء اآلخرين ( خارج العالقات‬
‫العقدية ) بحيث ال يستطيع العاقد تطبيق الذي أصابه ضرر من إخالل العاقد‬
‫اآلخر بإلتزامه الناشئ عن العقد إالّ التمسك بقواعد المسؤولية العقدية أو يمتد‬
‫نطاق المسؤولية التقصيرية إلى العالقات العقدية و يخضع لقواعدها أطراف‬
‫العقود كما يخضع األجانب عنهما بحيث يكون للعاقد أن يختار بين‬
‫المسؤوليتين وفقا لمصلحته ‪ :‬فيترك دعوى المسؤولية العقدية لرفع دعوى‬
‫المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫ال شك أنّ الدائن ال يستطيع التمسك بالمسؤوليتين‪ ،‬ألنّ الضرر ال يمكن‬


‫تعويضه مرتين‪ ،‬و بمعنى آخر ال يستطيع رفع دعوى واحدة يجمع فيها بين‬
‫قواعد المسؤوليتين‪ :‬ألنّ الدائن ال يستطيع أن يرفع إلى إحدى الدعوتين‪ :‬أما‬
‫التي يخلط فيها بين خصائص الدعوتين فهي‪ :‬ليست بالدعوى العقدية‪ .‬و ال‬
‫بالدعوى التقصيرية‪ :‬بل هي دعوى ثالثة ال يعرفها القانون الوضعي ‪‬‬

‫لذلك إذا نقش الفقه مسألة " الجمع " بين المسؤوليتين‪ ،‬فإنما يناقش في‬
‫الحقيقة إمكانية إجتماعهما معا في نطاق العالقات العقدية ليختار الدائن‬
‫بينهما و يرفع وفقا لمصلحته دعوى المسؤولية العقدية أو دعوى المسؤولية‬
‫التقصيرية ‪,‬أو عدم إمكانه‪ ،‬بحيث ال يكون أمام العاقد سوى دعوى المسؤولية‬
‫العقدية‪.‬‬

‫و تعطي الفروق القائمة في التشريع بين المسؤوليتين و التي أشرنا إليها و‬


‫على الخصوص ما تعلق منهما بإمكان اإلتفاق على اإلعفاء من المسؤولية و‬
‫تضامن المسؤولين و مدى التعويض عن الضرر لهذه المسألة أهمية كبيرة‪.‬‬

‫و ظفرت هذه المسألة بعناية الفقه الفرنسي و كثرت فيهما بحوثه و نادى‬
‫الفقهاء بعدم جواز " الجمع" إستنادا إلى إستقالل كل من المسؤوليتين يؤدي‬
‫إلى إستبعاد أحدهما من نطاق األخرى‪,‬فكل مسؤولية مكانا في التقنين تتفرد‬
‫فيه لنظام خاص‪ ،‬و ال يمكن من الناحية الفنية تطبيق المبادئ التي وضعت‬
‫إلحداهما على األخرى ‪,‬أما البعض من الفقهاء يقبل " الخيرة " على أساس‬
‫أنّ المسؤولية التقصيرية من النظام العام ‪.‬‬
‫يميل القضاء في أغلبيته إلى رفض أخد العاقدين بمبادئ المسؤولية‬
‫التقصيرية‪ ,‬و هكذا ال يستطيع الدائن ( إذا أراد إثبات خطأ المدين ) إغفال‬
‫العقد الذي يقوم بينهما ليعامل هذا األخير كأجنبي عنه إذا لوال قيام هكذا العقد‬
‫لما أمكن تحقق للضرر‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ أساس المسؤولية التقصيرية و تطورها ‪:‬‬

‫إذا كانت المسؤولية التقصيرية هي اإللتزام بتعويض الضرر الذي لحق‬


‫بالغير‪ ،‬فإنّ البحث في أساسها معناه تحديد األسباب التي دعت إلى قيام‬
‫هكذا اإللتزام‬

‫ليست المسؤولية في الحقيقة سوى توزيع لألضرار التي تقع في الجماعة على‬
‫بعض األفراد فيها ففي كل جماعة تقع أضرار متنوعة نتيجة حتمية لتزاحم‬
‫أفرادها في إشباع حاجاتهم و لتشابك مصالحهم‪ ,‬و تزداد هذه األضرار ( على‬
‫مر الزمن ) بزيادة كثافة السكان و إتساع نشاطهم ‪ ,‬و يتعين على الجماعة أن‬
‫تحاول ما أمكنها من منع وقوع هذه اإلضرار أو اإلقالل من إحتمال تحققها و‬
‫أن تفاقم هذه األخيرة يؤدي إلى تهديد كيان كل فرد فيها و إعاقة نشاطه على‬
‫نحو يعرقل تقدم الجماعة و يعبث بأمنه ‪ ,‬و إذا كان الحل المثالي يكمن في‬
‫تشريع وقائي يؤدي إلى تجنب وقوع األضرار و يمنع قيام أسبابها كتنظيم‬
‫المرور في الطرقات تفاديا للحوادث و اقتضاء مواصفات معينة في األبنية‬
‫منعا النهيارها فإنّ نجاح هذا التشريع لن يكون إالّ نسبيا ‪,‬كما أنّ وقوع‬
‫األضرار في الحياة اإلجتماعية ال يمكن منعه كليا ألنها في الحقيقة تالزم‬
‫نشاط األفراد فيها و تعتبر نتيجة حتمية‪ .‬فلم يبقى سوى توزيعها‪ :‬هل يبقى‬
‫الضرر على عاتق ضحيته ؟ أم يلقى على كاهل من أحدثه ؟ أم تتحمله‬
‫الجماعة بأسرها بدال من هذا الشخص أو ذلك ؟ يتوقف على اإلجابة على‬
‫هذا السؤال تحديد أساس المسؤولية‬

‫المسؤولية ‪:‬‬
‫* نظرية الخطأ أو النظرية الشخصية ‪:‬‬

‫يمكن القول بأن كل فرد في الجماعة يتحمل ما يلحقه من ضرر‪ ,‬فكما يفيد‬
‫من الحياة المشتركة فيجب أن يتحمل ما يصيبه من ضرر و يتحمل عبءه‬
‫الشخص الذي يختاره القدر لحمله‪ ،‬إالّ إذا نشأ هذا الضرر نتيجة إنحراف في‬
‫سلوك من أحدثه إهماال أو عدم احتياط منه حينها يصبح هذا األخير وحده‬
‫مسؤوال عنه ‪ :‬تلك هي النظرية التقليدية التي تؤسس المسؤولية على فكرة‬
‫الخطأ‪,‬و تتفق بهذا األساس مع فقه المذاهب الفردية التي نادت باستقالل كل‬
‫فرد في الجماعة عن اآلخر‪ .‬و ال يمكن ألحد منهم أن يسأل غيره عن ضرر‬
‫لحقه‪ ،‬إالّ إذا استطاع إقامة الدليل على خطأ منه كان سببا في حدوثه‪.‬‬
‫و تعتبر النظرية على هذا الوجه في دائرة العالقات‪ ،‬غير عقدية مقابل لمبدأ‬
‫سلطان اإلرادة في نطاق الروابط العقدية‪ .‬فكما أنّ حرية فرد هي األصل ‪ ,‬و‬
‫العقد استثناء عليها فإنّ عدم المسؤولية كذلك هو األصل‪ .‬و المسؤولية‬
‫استثناء عليه ال تقوم المسؤولية إالّ بتوافر الخطأ‬

‫* نظرية تحمل التبعة ( أو النظرية الموضوعية أو المادية )‪:‬‬

‫يمكن القول في هذه النظرية بأنّ من " يباشر نشاطا يتحمل نتيجته أومن‬
‫يستفيد من شيء يتحمل مخاطره ‪,‬و عليه أن يعوض الغير الذي يلحقه ضرر‬
‫منه و لو كان سلوكه غير مشوب بخطأ ما‪ :‬هذه هي نظرية " تحمل التبعة "‬
‫التي تعنى بالضرر فقط و ال يلقى عبء الضرر عاتق الضحية بل على‬
‫كاهل من أحدثه أو في عبارة أخرى من كان بنشاطه سببا فيه بغير حاجة‬
‫إلى تقدير سلوكه أو إقامة الدليل على خطأه‪.‬‬

‫و تسند هذه النظرية في رأي أنصارها إلى فكرة العدل‪ :‬على من يبدى نشاطا‬
‫أن يتحمل جميع نتائجه‪ :‬حسنة أو سيئة ألنه لو ركن إلى السكون لما لحق‬
‫الضرر غيره فإذا وقع ضرر دون خطأ من أحد فمن يجب عدال أن يتحمله‬
‫؟أم من هو الشخص الذي كان بعمله سببا فيه ؟‬

‫كما أنّ هذا األخير في العادة يفيد من مغانم نشاطه فيتعين عليه أن يتحمل‬
‫مغارمه ‪ ,‬و يضيفون أن الخطأ يجب أن يفقد مكانه في المسؤولية المدنية التي‬
‫بعد انفصالها عن المسؤولية الجنائية التي تتأسس على فكرة العقوبة ال تكفل‬
‫إالّ بالتعويض بحيث ال يبقى ركنا لها سوى عالقة السببية فكل من يحدث‬
‫ضر ار بالغير يلتزم بتعويضه و هكذا تتأكد فكرة التضامن اإلجتماعي متغلبة‬
‫على روح األنانية الفردية التي تدفع إلى العمل دون إكتراث بمصالح اآلخرين‪.‬‬

‫و من هنا تتفق هذه النظرية مع اإلتجاه إلى المادية في القانون‪ ،‬التي تقوم‬
‫العالقات القانونية وفقا لها ال مع شخصين و لكن بين ذمتين و ال مكان فيها‬
‫لتقدير السلوك الفردي ‪,‬و يمكن القول أخي ار بأنّ الجماعة ممثلة في الدولة‬
‫تتحمل تلك األضرار بدال من الذين تضعهم المقادير تحت أثقالها لتلقيها‬
‫بدورها على جميع المواطنين عن طريق الضريبة و تلجأ الدول في العادة إلى‬
‫هذه الفكرة للتعويض عن أخطار الحرب و عن كوارث الجوية ‪....‬‬

‫و يمكن القول أنّ النظرية التقليدية التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ‬
‫قد سادت في القوانين الوضعية القديمة حتى أواخر القرن التاسع عشر ‪,‬و لكن‬
‫ظهر قصورها بعد النهضة الصناعية‪ ،‬التي قامت على استخدام القوى‬
‫المحركة في اإلنتاج و في النقل بما تبعها من زيادة األضرار الناجمة عن‬
‫حوادث العمل و المواصالت زيادة بالغة‪ ،‬و عجزت عن إقامة توازن معقول‬
‫بين ضحايا اآلالت‪ ،‬الذين يتحملون أخطارها و بين أصحابها الذين يجنون‬
‫ثمارها‪,‬تعذر على األولين إثبات الخطأ و الكشف عن سبب الحادث ‪,‬و أفلت‬
‫األخيرون بالتالي من المسؤولية عما يصيبهم‪.‬‬

‫‪-‬قرائن الخطأ ‪:‬‬

‫لما كان اإللتزام بالتعويض يتأسس على الخطأ الذي يعتبر‪ ،‬في النظرية‬
‫التقليدية ركنا في المسؤولية ال تقوم إالّ بتوافره‪ .‬فإنه يقع على المضرو وفقا‬
‫للقواعد العامة إقامة الدليل على الخطأ الذي أدى إلى الضرر الذي لحقه‪،‬‬
‫ليحصل على التعويض عنه ‪,‬و لكن هذا اإلثبات يكون ( في بعض الظروف‬
‫) عسي ار‪ ,‬لذلك أقام المشرع في حاالت معينة كحالة المتبوع و حارس‬
‫قرائن قانونية على رجوع الضرر إلى خطأ من أحدثه تعفى‬ ‫الحيوان‬
‫المضرور من عبء إثباته‪.‬‬

‫و يجوز مبدئيا و لكن لم تقوم ضده القرينة‪ ،‬ليتخلص من المسؤولية‪ ،‬أن يثبت‬
‫انعدام الخطأ في جانبه ‪,‬و لكن مبدئيا‪ ،‬لم يقبل دائما هذا اإلثبات‪ ،‬و اعتبر‬
‫هذه القرينة قرينة قاطعة ال يستطيع المسؤول أن ينفيها و يتعين عليه ليتخلص‬
‫من المسؤولية أن يقطع عالقة السببية بين الضرر و خطئه المفترض ‪,‬كذلك‬
‫اعتبر البعض في قطيعة القرينة قناعا لمسؤولية مادية ال تتأسس على الخطأ‬
‫‪ ,‬و في بعض الحاالت‪ ،‬ألقي على عاتق أحد العاقدين‪ ،‬إلتزاما بالضمان أو‬
‫إلتزام بالسالمة لمصلحة العاقد اآلخر‪ ،‬بدال من اإلكتفاء بقواعد المسؤولية‬
‫التقصيرية ـ ليحصل الدائن على تعويض عن الضرر الذي يصيبه دون‬
‫حاجة إلى إثبات خطا المدين‬

‫‪-5‬آثار المسؤولية التقصيرية‪:‬‬

‫تضمنت م ‪ 055‬من ق‪.‬م القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية لنصها على‬


‫أنّ " كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضر ار للغير يلزم من كان سببا‬
‫في حدوثه بالتعويض "‬

‫إذا توفرت األركان الثالث للمسؤولية من خطأو ضرر و عالقة سببية بينهما‬
‫إستحق المضرور تعويضا و يقصد به جبر الضرر الذي لحق المصاب ‪ ,‬و‬
‫يتبين من نص المادة أعاله أن التعويض هو األثر الذي يترتب عن تحقق‬
‫المسؤولية و هو جزائه ‪ ,‬و للمطالبة به يلجأ المضرور إلى رفع دعوى على‬
‫المسؤول و تسمى بدعوى المسؤولية ‪.‬‬

You might also like