Professional Documents
Culture Documents
إن المبدأ األساسي الذي يحكم الميدان العقدي والذي مفاده أن العقد ال يلزم إال من كان طرفا فيه ،فهو ال يضر وال ينفع الغير
،غير أن هذا المبدأ ال يؤخذ على إطالقه ،إذ قد يحدث أحيانا أن تنصرف أثار العقد إلى غير عاقديه ،وذلك هو حال التعاقد
بالنيابة حيث يقوم النائب بإبرام العقد فتنصرف أثاره إلى األصيل والتعاقد على هذا النحو ليس على صورة واحدة بل إنه
يختلف بحسب مصدره فهو إما أن يكون قانوني أو قضائي أو اتفاقي
.والنيابة االتفاقية هي التي يصطلح على تسميتها بالوكالة متى كان الوكيل مفوضا للقيام بتصرف قانوني لفائدة موكله
غير أن الوكالة بهذا التحديد لم تكن معروفة لدى الرومان إال في حدود ضيقة حيث كانت ترتبط بالعمل المادي أكثر من العمل
القانوني ،وذلك راجع إلى أن رابطة االلتزام كانت شخصية محضة ،زيادة على الشكليات التي سادت إبرام العقود ،أما
url:#_ftn1فقهاء الشريعة اإلسالمية فقد أجازوها وبينوا أحكامها بل إنهم أفردوا لها حيزا هاما في مؤلفاتهم [[]]1
ونظرا لألهمية العملية والقانونية لعقد الوكالة باعتبارها وسيلة وأداة تسهل على الناس أمور حياتهم عن طريق تمكينهم من
إجراء تصرفات يتعذر عليهم في بعض األحيان من إجرائها بأنفسهم لغيابهم عن مكان العقد أو لقلة خبرتهم أو لكثرة
.مشاغلهم لهذا فإن جل القوانين الحديثة اعترفت بالوكالة ونظمت أحكامها
والمشرع المغربي من جانبه لم يحد عن هذا التوجه إذ أنه خص الوكالة بالفصول من 897إلى 942من ق ل ع
باإلضافة إلى هذا فإن توثيق عقد الوكالة يتم وفق إجراءات محددة وتحتاج إلى شكلي خاصة لتحريرها كل ذلك من أجل حماية
أطراف تلك العالقة وضمان استقرار المعامالت
إذن كيف نظم المشرع المغربي أحكام الوكالة في إطار قانون االلتزامات والعقود؟ وما هي اإلجراءات المتبعة في توثيقها ؟
:لإلجابة عن هذه اإلشكاليات إرتئينا تقسيم الموضوع الذي بين أيدينا إلى مبحثين
.سنتطرق في المبحث األول إلى أحكام الوكالة أما المبحث الثاني سنتطرق إلى إجراءات توثيق عقد الوكالة
سنناقش في المطلب األول تحديد عقد الوكالة على أن نخصص المطلب الثاني لتمييز عقد الوكالة مع بعض العقود المشابهة
.وآثارها
.سنتحدث في الفقرة األولى عن مفهوم الوكالة وخصائصها على أن نتناول في الفقرة الثانية أنواع الوكالة
حيث أن محل الوكالة األصلي يكون دائما تصرفا قانونيا ،يقوم به الوكيل لصالح الموكل و ليس معنى هدا آن يقوم به الوكيل
حتما باسم الموكل وان كان هدا هو الغالب بل يصح أن يقوم به باسمه الشخصي كما يقع في االسم المستعار و في الوكالة
.بالعمولة ولكن يجب دائما أن يعمل الوكيل لحساب الموكل ال لحسابه الشخصي
الوكالة من العقود المستمرة :أي أنها تستمر خالل تنفيدها في الزمن ويترتب عن هدا االستمرار عدم اعتبار اثر فسخ هده العقود
.على المدة التي انقضت بحيث ال يكون للفسخ اثر رجعي على ما تم تحقيقه إنما تقتصر على المستقبل
إن نطاق الوكالة يضيق أو يتسع حسب اتفاق الطرفين ،فقد يقيد الموكل حرية الوكيل وقد تتسع حريته لدرجة قد يترك له فيها
الموكل تقدير اختيار الشروط و الشخص الدي سيتعاقد معه.وتنقسم الوكالة من حيث نطاقها إلى وكالة عامة و وكالة خاصة،ومن
.حيث طبيعتها إلى وكالة مدنية و وكالة تجارية
الوكالة الخاصة:نص الفصل 891على الوكالة الخاصة أو المقيدة ،وهي التي تقتصر على تصرف واحد وال يتوسع في تفسيرها -
وتمنح للوكيل صالحيات محددة من أجل القيام بعمل أو عدة أعمال معينة مع url:#_ftn2 ،بل تفسر تفسير ضيقا [[]]2
توابعها الضرورية مما يستلزمه التنفيذ من تصرفات و أعمال تابعة ،ومثال الوكالة الخاصة نذكر الوكالة في الزواج أو وكالة
.التقاضي حيث اعتبرها الفصل 892من ق ل ع وكالة خاصة
الوكالة العامة :هي التي تمنح الوكيل صالحيات عامة غير مقيدة ألداء مصالح موكله ،وترد في ألفاظ عامة فال يعين فيها الموكل -
.محل التصرف القانوني وال نوعه
الوكالة المدنية و الوكالة التجارية :عند تحديد طبيعة الوكالة ،يجب النظر إلى صفة الموكل فإن كان تاجرا وأبرمت الوكالة لتنفيذ
عمل تجاري بالنسبة له كانت تجارية ،فالوكيل الذي يشتري سلعة مما يتجر فيها موكله ولغرض االتجار فيها كانت الوكالة
.تجارية ،أما إدا لم يكن الشراء لغرض االتجار ولكن لالستعمال الشخصي كانت الوكالة مدنية
وتعتبر الوكالة تجارية بالنسبة للوكيل إدا كان تاجرا وكانت تدخل في أعمال تجارية ،وتكون مدنية إذا لم يكن تاجرا ولو دخلت
.الوكالة في أعمال مهنته،فوكالة المحامي عن تاجر في قضية تجارية تعتبر مدنية بالنسبة للمحامي وتجارية بالنسبة للموكل
وتفيذ التفرقة في تحديد االختصاص و طريقة إتباث الوكالة فيختص القضاء المدني بالوكالة المدنية و القضاء التجاري بالوكالة
url:#_ftn3التجارية]]3[[.
تتميز الوكالة عن سائر العقود من خالل أن محل الوكالة تصرف قانوني ال عمل مادي لذلك سنحاول تمييزها عن بعض العقود
:المشابهة
عرف الفقه النيابة بأنها "سلطة منجزة عن مصدرها المتجسد في القانون أو في القضاء أو في االتفاق ،يتمتع بها شخص يسمى
بالنائب لتمثيل شخص آخر يسمى المنوب عنه في إنجاز عمل مادي مشروع لمصلحة هذا األخير أو في إجراء تصرف قانوني مع
.الغير نصرف آثاره إلى المنوب عنه بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة
:انطالقا من هدا التعريف يتبين مدى الفرق بين كل من النيابة و عقد الوكالة والذي يتجسد في عدة وجوه
.فمن حيث المصدر فإن النيابة إما أن يكون مصدرها القانون أو القضاء أو االتفاق عكس الوكالة التي مصدرها االتفاق فقط
أما من حيث الموضوع فالنيابة يكون محلها إما عمل مادي أو تصرف قانوني ،أما الوكالة فال يكون موضوعها إال إجراء تصرف
قانوني
الفضالة هي شبه عقد مادام الشخص الذي صدر التصرف لفائدته لم يوكل الفضولي ولم يأذن له في ذلك ،خالفا للوكالة التي تعتبر
عقد رضائي يتم بإيجاب وقبول وهو ملزم ولو لجانب واحد على األقل وهو الوكيل ،بينما يقوم الفضولي بتصرفه تلقائيا دون أن
يكون ملزما بذلك ،إال أن الفضالة قد تنتهي لوكالة إذا وقع إقرار بها من طرف من تم الفعل لفائدته ،كما أن الوكالة قد تنقلب إلى
url:#_ftn4 .فضالة فيما إذا تجاوز الوكيل حدود وكالته أو استمر فيها بعد انتهائها[[]]4
يتفق عقد الوكالة مع عقد المقاولة في كون كالهما يردان على العمل ،وهذا العمل يؤديه كل من المقاول والوكيل لمصلحة
الغير،لكنهما يختلفان في كون أن العمل في عقد الوكالة هو تصرف قانوني في حين أنه في عقد المقاولة عمل مادي ،كما أن
المقاولة تكون دائما مأجورة وال تخضع فيها األجرة لتقدير القاضي بينما الوكالة فاألصل فيها أن تكون بغير أجر وإذا كانت بأجر
.خضع األجر لالتفاق بين الطرفين أو لتقدير القاضي
كما أن المقاول ال ينوب عن رب العمل على عكس الوكالة فالوكيل ينوب عن الموكل،كما أن الوكالة تنتهي حتما بموت احد
.الطرفين أما المقاولة فال تنتهي بموت أحدهما إال إذا كانت شخصية أحدهما محل اعتبار
يشتبه عقد الوكالة بعقد الشركة فيما إذا فوض الدائن شخصا أن يقبض حقه من المدين في مقابل نسبة معينة من
.الدين ،فالعقد وكالة مأجورة ال شركة آلن الوكيل ال يشارك الدائن في الخسارة إذا لم يقبض الدين
تنشئ الوكالة آثار فيما بين طرفيه الموكل والوكيل ،وتنشئ كذلذ أثار بالنسبة للغير الذي يتعامل مع الوكيل ،وهكذا سنتناول
في نقطة أول أثار الوكالة بالنسبة لألطراف وفي نقطة ثانية أثار الوكالة بالنسبة للمتعاقدين
إن مدى سعة الوكالة يضيق ويتسع حسب اتفاق الطرفين ،فقد يقيد الموكل حرية الوكيل إلى حد يحرمه فيه من كل تقدير ،
.فال يبقى لهذا األخير سوى تنفيذ تعليمات األول حرفيا ،فيصير الوكيل كأنه مجرد رسول مكلف بنقل إرادة الموكل للغير
وقد يوسع الموكل سلطة الوكيل فيقيده في بعض األمور بالشروط التي يعمل على مقتضاها ،ويترك له حرية التقدير في
غيرها من األمور ،وهنا يكون وكيال بمعنى الكلمة ،وقد يزيد الموكل في توسيع سلطة الوكيل فيحدد له نوع من التصرف
ويفوض إليه شروطه وهذه وكالة خاصة ،أو يسند إليه أعمال اإلدارة أو بعضها تاركا له حرية تقدير الشروط المالئمة وتلك
.وكالة عامة
.وعلى ذلك فإن االتساع أو التضييق في سلطات الوكيل يمكن أن يكون في الوكالة الخاصة أو في الوكالة العامة
ويتعين على الوكيل االلتزام بالمهمة التي كلف بها وال يجوز له أن يخرج عن الحدود المرسومة للوكالة ،بمعنى أن الوكيل
ملزم بالقيام بالتصرفات القانونية التي أسندت إليه مهمة إنجازها في الحدود المرسومة بمقتضى العقد أو القانون أو العرف
وإذا تجاوز الوكيل حدود المهمة التي كلف بها كان مسئوال عن تعويض الموكل عما لحقه من أضرار ]]5[[url:#_ftn5 ،
url:#_ftn6 .نتيجة فعله ،وإذا نفد الوكيل الوكالة بشروط أفضل مما طلب من الموكل فإن ذلك جائز[[]]6
لكن هناك بعض الحاالت تكون فيها ظروف أو أسباب خطيرة هي التي دفعت الوكيل إلى مخالفة تعليمات الموكل وتجاوز
:وكالته ،هنا يجوز له ذلك إذا توافر شرطين
أن يخطر الموكل باألسباب الخطيرة التي يواجهها في أقرب فرصة يستطيع فيها -
.باإلضافة إلى ذلك أن يكون في االنتظار خطر على مصالح الموكل -
بالنسبة للموكل
إن االلتزامات التي يمكن أن تنشأ لصالح الوكيل في ذمة الموكل ،هي االلتزام بتزويد الوكيل بالنقود وغيرها من األشياء
لتنفيذ الوكالة ورد المصروفات التي دفعها هذا األخير من أجل تنفيذ الوكالة ،مع تعويضه عن الضرر الذي يلحقه من جراء
.ذلك باإلضافة إلى التزامه بدفع األجرة فيما إذا كانت الوكالة بأجرة
url:#_ftn7 .فالموكل يلزم بأداء األجر للموكل والمصروفات والتعويضات عن األضرار التي تلحق به [[]]7
وفي حالة قيام الموكل بتكليف شخص آخر في نفس القضية التي كان قد كلف بها شخصا أوال فإنه يبقى مسئوال تجاه الوكيل
األول في جميع أثار عقد الوكالة المبرمة بينهما ,سواء تعلق األمر باألجرة أو بالمصروفات أو بالتعويض أو ما يلزم تقديمه
إلى الوكيل لغرض تنفيد الوكالة ،إال إذا كان في عقد الوكالة شرط مخالف يقبله الوكيل األول فيكون الحكم حسب هذا الشرط
.وما اتفق عليه الطرفان في العقد
إن أثار الوكالة بالنسبة للغير ،تختلف بحسب إذا ما إذا قام الوكيل بالتصرف القانوني محل الوكالة باسمه الشخصي دون أن
يعلن عن الشخص الموكل أو قد يعلن عن الشخص الموكل
من خالل مقتضيات الفصل 920من ق ل ع يستفاد بأن الوكيل قد ينفد محل الوكالة باسمه الشخصي ،أي أصالة عن نفسه
دون أن يظهر كونه وكيال أو نائبا عن موكله ،فيظهر بالتالي عند العقد مع الغير كأنه هو األصيل ,فتكون هذه الوكالة غير
نيابية ،بمعنى أنه إذا وقع اشتراط في عقد الوكالة أن يعمل الوكيل باسمه الشخصي ويسخره في ذلك مستعيرا اسمه فتسمى
.الوكالة في هذه الحالة بعقد التسخير أو عقد االسم المستعار ،ويسمى الوكيل بالمسخر
غالبا ما يفضل الوكيل العمل باسم موكله لكي ال يقع على عاتقه عبء االلتزامات الناتجة عن تنفيذه للوكالة مع الغير الذي
يتعامل معه ،األمر الذي يجعل هذه االلتزامات تقع مباشرة على الموكل خالفا للحالة التي يتصرف فيها الوكيل باسمه
الشخصي
عالقة الوكيل بالغير :إن الوكيل الذي يعمل في حدود وكالته باسم موكله ،يكون نائبا عنه ،فال تنصرف إلى ذمته أثار
التصرف ،وإنما تترتب مباشرة في ذمة األصيل بمعنى أن الوكيل مادام يعمل باسم الموكل فال تنصرف الى ذمته أثار
التصرف ،بل تنصرف إلى ذمة األصيل و يصبح الموكل بعد تنفيذه الوكالة هو الدائن أو المدين أو االثنين معا _حسب
.األحوال_الشيء الذي يمنح التعاقد مع الوكيل الحق في رفع دعواه مباشرة ضد الموكل
لكن الغير الذي تعاقد مع الوكيل له الحق في أن يقيم دعوى مباشرة ضد الموكل وليس له أن يرفعها على الوكيل إال في
:حالتين
.أن تكون الوكالة قد أعطيت للوكيل لمصلحة الموكلين .أن يكون الوكيل مكلفا من الموكل بتنفيذ التصرف
عالقة الموكل بالغير :هذه العالقة األخيرة هي التي تتجسد فيها أثار الوكالة بصورة واضحة إذ أن أثار العقد تنسحب D
وأن الموكل يلتزم مباشرة تجاه الغير المتعاقد مع الوكيل الذي تعاقد معه url:#_ftn8مباشرة على هذين الطرفين [[]]8
:وذلك عند توافر الشروط التالية
ونكون أما وكالة ظاهرة في الحاالت التي يصل التي يعمل فيها الوكيل بال وكالة ،أو خارج حدودها ،ويكون الغير الذي تعامل
.معه حسن النية ،باإلضافة إلى اعتماد هذا األخير على مظهر خارجي يرجع إلى الموكل الذي تعاقد على أساسه
وإذا كان األصل هو التزام الموكل تجاه الغير الذي تعاقد معه الوكيل ،عند توفر الشروط الثالثة التي تطرقنا لها ،فإن هناك
:حاالت يلتزم فيها الموكل تجاه الغير رغم تصرف الوكيل خارج حدود وكالته ،أو متجاوزا إياها وهذه الحاالت هي
.أن يقر الموكل تصرف الوكيل -
.أن يستفيد الموكل من التصرف -
.أن يبرم الوكيل التصرف بشروط أفضل مما تضمنته تعليمات الموكل -
إذا أبرم الوكيل التصرف بشرط أقصى مما تضمنته تعليمات الموكل -
وفي أخير أشير إلى اإلشكالية التي يثيرها عقد الوكالة في حالة تعاقد النائب مع نفسه وهنا ثتار جملة من التساؤالت حول
جوازه أو منعه فقد ظهر على الساحة القانونية تياران متعارضان األول يجيز هذا التصرف بينما يمنعه التيار الثاني ويرى
أنصار المنع أن الوكيل عندما يتعاقد أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره فإن مصالحهما ستتعارض فيما بينهم األمر الذي
سيؤدي إلى اإلضرار باألصيل أما أنصار الجواز فإنهم يرون أن الوكيل يكون أحق من غيره في االستفادة من موضوع
الوكالة إن كانت له الرغبة في ذلك بشرط أن يثبت عنصر حسن نية الوكيل وأن يكون الموكل على علم بتصرف الوكيل إال أن
أهمية هذا الشرط األخير تكاد تكون منعدمة ألن الوكالة تفقد فاعليتها في ظل هذا الوضع مادام أنه بإمكان الوكيل والموكل
url:#_ftn10إبرام عقد مباشر بينهما من غير حاجة لسلوك طريق النيابة ]]10[[.
هذا كل ما يتعلق بآثار الوكالة فما هي اإلجراءات التي يتم إتباعها في توثيق عقد الوكالة؟
كما أشرنا سابقا فعقد الوكالة عقد التزام من طرف واحد هو الموكل ،وهو من العقود التي تحتاج إلى شكلية خاصة لتحريرها
،وفق إلجراءات معينة سنحاول خالل هذا المبحث أن نتحدث في المطلب األول عن كيفية تلقي عقد الوكالة
.أما في المطلب الثاني سنتحدث عن اإلجراءات اإلدارية الالحقة لتوثيق عقد الوكالة و أسباب انتهائها
سنناقش ف هذا المطلب ما يتعلق بالمرحلة القبلية لتلقي عقد الوكالة في فقرة أولى على أن نتناول في الفقرة الثانية مرحلة
.تلقي عقد الوكالة
عندما نتحدث عن مرحلة التلقي يكون العدل أمام ركنين في عقد الوكالة وهما :الموكل فيه ثم الصيغة ،و هو ما ثم التطرق
إليه فيما سبق عندما تحدثنا عن محل الوكالة ،وعليه فالوكالة تنقسم من حيث موضوعها إلى وكالة تجارية إذا كان موضوع
التصرف تجاريا و مدنية إذا كان موضوع التصرف مدنيا ،وتكمن أهمية التمييز بين الوكالة المدنية والتجارية في تحديد
.الجهة القضائية المختصة وكذا األحكام القانونية المطبقة على كل نوع
كما تنقسم الوكالة إلى وكالة خاصة ال تمنح الوكيل صالحية التصرف إال بالنسبة للتصرفات التي تعينها على وجه التحديد,
ومنها على سبيل المثال وكالة بيع عقار محفظ حيث يتوجب فيها تعيين العقار موضوع عقد الوكالة بناءا على المراجع
المدرجة بشهادة الملكية .أما إذا كان غير محفظ فيجب ذكر مراجع التملك وذلك حسب ما هو مدرج برسم التملك ،هذا زيادة
على ذكر الثمن إن شاء الموكل .كما يستحسن ذكر إيداع الثمن بعد البيع بحساب الموكل المفتوح لدى البنك الفالني رقم
.الحساب كذا
ثم وكالة الزواج حيث يتوجب فيها مراعاة بعض الشروط المنصوص عليها في المادة 17من مدونة األسرة حيث نصت على
ما يلي ":يتم عقد الزواج بحضور أطرافه غير أنه يمكن التوكيل على إبرامه بإذن من قاضي األسرة المكلف بالزواج وفق
الشروط اآلتية :وجود ظروف خاصة ال يتأتى معها للموكل أن يقوم بإبرام عقد الزواج بنفسه ,تحرير وكالة عقد الزواج في
ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها ,أن يكون الوكيل رشيدا متمتعا بكامل أهليته المدنية ،وفي حالة
توكيله من الولي يجب أن تتوفر فيه شروط الوالية ,ان يعين الوكيل في الوكالة اسم الزوج األخر ومواصفاته و المعلومات
المتعلقة بهويته وكل المعلومات التي يرى فائدة في ذكرها في ذكرها .أن تتضمن الوكالة قدر الصداق وعند االقتضاء
المعجل منه والمؤجل ،وللموكل أن يحدد الشروط التي يريد إدراجها في العقد والشروط التي يقبلها من الطرف األخر ،أن
" يؤشر القاضي المذكور على الوكالة بعد أن يتأكد من توفرها على الشروط المطلوبة
الوكالة العامة وهي وكالة ال تعطى إال لذوي الثقة فهي تمنح الوكيل صالحيات عامة غير مقيدة ،ألداء مصالح موكله وترد
في ألفاظ عامة فيقول الموكل للوكيل :وكلتك توكيال تاما مفوضا عاما في كل ما تصح فيه شرعا دواما واستمرارا ما لم
url:#_ftn15أصرح بعزلك بمعنى ألفاظ عامة ال تخصيص فيها [[]]15
أما فيما يخص الصيغة كركن من أركان عقد الوكالة فهي كل لفظ صريح يفيد الوكالة ويعبر عنها بالماضي حيث يقول
الموكل " :وكلتك"وهو ما يدل على تمام انعقاد الوكالة فيكون أبلغ داللة الشيء الذي يحسم كل نزاع أو خالف بشأنها ,هذا
مع العلم أنه ال يشترط في الصيغة لفظ مخصوص ,بل تنعقد بكل لفظ يدل عرفا أو قانونا على توكيل الموكل للوكيل [[
]]16url:#_ftn16
المطلب الثاني :اإلجراءات اإلدارية الالحقة لتوثيق عقد الوكالة و أسباب انتهائها
يتعين على العدل بعد عملية التلقي وتحرير الرسم المتعلق بالوكالة ان يقدمه إلى السيد قاضي التوثيق التابع للمحكمة
.االبتدائية التي يوجد مكتب العدل داخل دائرة نفوذها من أجل األداء
وبعد ذلك التوجه إلى مصلحة التسجيل من أجل أداء واجب التسجيل المحدد في واجب ثابت قدره 200درهم ثم العودة
.بالرسم ثانية للقاضي من أجل التضمين والخطاب
ويجب التأكيد على عدم تسليم رسم الوكالة لطالب الشهادة من اجل التسجيل و إنما يجب على العدل الموثق إيداع الرسم لدى
مصالح التسجيل ,وتوجيه طالب الشهادة إلى مصلحة التسجيل من أجل أداء واجب التسجيل كما أن مصلحة التسجيل يمنع
url:#_ftn17عليها تسليم الرسم لصاحبه بعد أداء واجب التسجيل وإنما تسلمه للعدل الموثق [[]]17
:نظم المشرع المغربي مسألة انتهاء الوكالة في الفصل 929من قانون ل.ع ،حيث تنتهي الوكالة حسب الفصل
بتنفيذ العملية التي أعطيت من أجلها ،وذلك بأن يتم الوكيل التصرف الذي وكل فيه دون زيادة أو نقصان ,فقد يكون محل
الوكالة مثال شراء شيء ما وقد تمتد الوكالة إلى حين تسليم المبيع للمشتري أو لتسجيل العقد بالمحافظة العقارية إذا كان
المبيع عقارا على أن يقوم الموكل بأداء أجرة الوكيل أو ما تبقى منها إن كانت الوكالة بأجر ,زيادة على المصروفات
والتعويضات عند االقتضاء تبعا للفصل 914من ق.ل.ع كما تنص الفقرة السابعة من الفصل 929على أن الوكالة تنتهي
باستحالة تنفيذها لسبب خارج عن إرادة المتعاقدين وذلك كالقوة القاهرة أو الحدث الفجائي كما لو هلك المنتوج بسبب
.الفيضان مثال
كما تنتهي الوكالة بعدم النجاح في العمل ولو كان ذلك راجع لتقصير الوكيل أو عدم كفاءته فالتزام الوكيل هو التزام ببدل
.عناية وليس التزاما بتحقيق نتيجة
كما تنتهي الوكالة لتحقق شرط أو حلول األجل حيث ينص الفصل 889ق.ل.ع على أنه " يسوغ إعطاء الوكالة بشرط أو
"ابتداء من وقت معين أو إلى اجل محدد
فبتأملنا للفصل يتضح أن الوكالة قد تكون معلقة على شرط واقف فال تنشأ إال بتحققه ،أو شرط فاسخ فيفسخ العقد
بتحققه ,كما قد تكون الوكالة مضافة إلى أجل فتنتهي بانتهائه حيث يكون المقياس في هذه الوكالة بالمدة التي تنقضي وليس
باألعمال التي تتم.وهنا تجب اإلشارة إلى أن األجل المحدد النتهاء الوكالة قد ال يعرف تاريخ حلوله بالضبط ،كما لو وكل
url:#_ftn18صاحب مصنع شخصا للقيام باألعمال اإلدارية إلى حين عودته من السفر [[]]18
" ...كما تنتهي الوكالة بعزل أو تنازل الوكيل حيث نص الفصل 931من ق.ل.ع بأنه" للموكل أن يلغي الوكالة متى شاء
وانطالقا من الفصل يتضح أن المشرع خول للموكل عزل وكيله متى شاء إال أن المشرع نص في نفس الفصل على
استثناءين وهما :إذا كانت الوكالة فيها مصلحة للوكيل أو الغير,ال يجوز عزل وكيل الخصومة متى أصبحت الدعوى جاهزة
للحكم الوكيل الخصومة حيث ال يبقى للمحكمة سوى حجزها إلصدار حكم فيها .حيث يمكن اعتبار عزل الوكيل في هذه
.الحالة تعسفا ظاهرا من طرف الموكل
وإلغاء الوكالة قد يكون صريحا أو ضمنيا حسب الفصل 932ق.ل .ع ويستخلص اإللغاء الضمني للوكالة من بعض الوقائع
url:#_ftn19والمالبسات كتعيين الموكل لوكيل أخر للقيام بنفس التصرف [[]]19
وتنتهي الوكالة بتنازل الوكيل عنها شريطة أن يخبر الوكيل الموكل بتنازله عن الوكالة وأن يتخذ التدابير الالزمة للمحافظة
على مصالح الموكل ،فإن لم يتخذ هذه التدابير فإنه يصبح مسؤوال عن األضرار التي قد تلحق الموكل وذلك تحت طائلة
المطالبة بالتعويض وهو ما نص عليه الفصل 935ق.ل.ع ,كما يمتد واجب الوكيل في اإلخطار إلى الغير الذي له مصلحة
url:#_ftn20وإال استحق هذا الغير تعويضا عما قد يصيبه من ضرر وذلك حسب الفصل 936من ق.ل.ع[[]]20
دون أن ننسى حالة الموت أو فقدان األهلية .حيث تنتهي الوكالة بموت الوكيل أو الموكل .وذلك لكونها تقوم على االعتبار
الشخصي وال تمتد إلى الخلف ,أما إذا كانت الوكالة معطاة من طرف عدة موكلين فإنها ال تنتهي إال بالنسبة لمن مات منهم
حيث تنتهي بالنسبة لنصيب الهالك من الصفقة ما لم تكن غير قابلة للتجزئة حسب الفصل 933ق.ل ,ع كما أن الوكالة
المعطاة من شخص معنوي تنتهي بانتهاء ذلك الشخص تطبيقا لمقتضيات الفصل 930ق.ل.ع
إال أن الوكالة ال تنتهي بمجرد موت الموكل بل تبقى قائمة إلى أن يعلم الوكيل بذلك حيث تبقى صحيحة التصرفات التي يبرمها
الوكيل باسم الموكل خالل الفترة التي يجهل فيها موت الموكل شريطة أن يجهل ذلك الغير بدوره حسب الفصل 939ق.ل.ع
،كما تنقضي الوكالة بحدوث تغيير في حالة الموكل كأن يحجز عليه بمقتضى حكم قضائي حسب الفصل 938ق.ل.ع إال
أنه يطبق في حالة الوكيل أيضا وإن لم ينص المشرع صراحة على ذلك .علما أن الفصل 880ق.ل,ع يشترط في الوكيل
url:#_ftn21أن يكون متمتعا بالتمييز وبقواه العقلية [[]]21
الهوامش
أنظر على سبيل المثال إحكام األحكام على تحفة الحكام للشيخ محمد بن يوسف الكافي[-]1
أنور طلبة:المطول في شرح القانون المدني"ج "التشريعات،إيجار األماكن،العارية،الوكالة "الطبعة الثانية 2006المكتب1.
.الجامعي الحديث االسكندرية ص 228
عبد السالم أحمد فيغو:العقود المدنية الخاصة في القانون المغربي ،طبعة 2008 1مطبعة األمنية الرياط.]3[.
عبد الكريم شهبون":الشافي في قانون االلتزامات و العقود المغربي "الكتلب الثاني العقود المسماة ومايشابهها طبعة.
]4[1/2002
قرار عدد 170بتاريخ " 1990حيث إن من الوصل الذي أدلى به الطاعن والمسلم إليه من السمسار إن إتمام البيع معلق-
على موافقة المالك ،وان المالك ينفي أن يكون أعطى موافقة على البيع ،كما أن الطاعن لم يثبت هذه الموافقة ،وأن وجود
بيوع أخرى قد وافق عليها المالك ال يلزم منه موافقة على هذا البيع ،إذ الموافقة على البيع كأي تصرف ناقل للملكية يجب
أن تكون صريحة وواضحة و ال يمكن استنتاجها من وقوع عمليات مماثلة على فرض وجودهّا"[]5