You are on page 1of 8

‫المحاضرة الخامسة‪..

‬‬

‫تمييز عقد العمل عن العقود المشابهة له‪..‬‬

‫يوفر قانون العمل الكثير من االمتيازات للعامل‪ ،‬ولكن بدون توافر هذا العقد سيفقد العامل الكثير من هذه‬
‫االمتيازات‪.‬‬

‫ومنعا ً من محاولة رب العمل للتهرب من التزاماته اتجاه العامل توجب علينا التمييز ما بين عقد العمل و‬
‫العقود المشابهة له‪.‬‬

‫❑ الهدف التعليمي من هذه المحاضرة‪..‬‬

‫بيان أوجه االختالف و التشابه ما بين عقد العمل من جهة و العقود المشابهة له من جهة أخرى‪ .‬و‬
‫المقصود هنا عقد المقاولة و الشركة و الوكالة و االيجار‪.‬‬

‫عقد العمل ‪ ..‬و عقد المقاولة‪..‬‬

‫اول ا‪ -‬أوجه التشابه ما بين العقدين‪:‬‬

‫❑ تعريف عقد المقاولة‪:‬‬

‫هو عقد يتعهد بموجبه أحد الطرفين على أن يؤدي عمالً أو يصنع شيئا ً مقابل أجر يقدمه الطرف‬
‫األخر‪( .‬م‪ 612 .‬ق‪.‬م)‪.‬‬

‫تحليل بسيط لهذا التعريف نجد مقدار الشبه الكبير ما بين عقد العمل و عقد المقاولة‪.‬‬

‫ففي كال العقدين يوجد طرفين بحيث يلتزم أحد األطراف بتقديم عمل لحساب الطرف االخر الذي سيقدم‬
‫بدوره االجر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عقد المقاولة بهذا المعنى من أكثر العقود تشابها ً بعقد العمل سيما أن المقاولين يوجدون في مركز مالي و‬
‫اقتصادي متواضع كالعمال‪.‬‬

‫ثانيا ا‪ -‬معايير التفرقة ما بين العقدين‪:‬‬

‫‪ )1‬بحسب بعض الفقهاء فأن معيار التفرقة يجب أن ينصب على طبيعة محل العقد‪ .‬ففي حين أن‬
‫التزام العامل نحو رب العمل هو التزام بعناية‪ ،‬فأن التزام المقاول اتجاه رب العمل هو التزام‬
‫بنتيجة معينة‪.‬‬

‫الرد على هذا الراي بأنه ممكن للعامل أن ينصب التزامه اتجاه رب العمل على نتيجة أيضاً‪ .‬و هذه حالة‬
‫األجر عندما يحدد على أساس اإلنتاج‪ .‬و مع ذلك ال يمكن لنا أن نعتبره مقاول‪.‬‬

‫‪ )2‬البعض األخر من الفقهاء ذهب العتماد طريقة األجر كمعيار للتمييز ما بين العقدين‪ .‬بحيث يقدّر أجر‬
‫المقاول على أساس إنتاج العمل‪ ،‬بينما العامل يحدد أجره على أساس زمن العمل‪.‬‬

‫ايضا ً هذا الرأي تعرض النتقادات كونه يمكن للعامل أن يحدد أجره على أساس اإلنتاج‪ .‬و مع ذلك ال‬
‫يمكن لنا أن نعتبره مقاول‪.‬‬

‫‪ )3‬بعض الفقهاء ذهب إلى أن المقاول يقدم عمله لعدة عمالء في حين أن العامل يقدم عمله لصاحب‬
‫العمل فقط‪.‬‬

‫يؤخذ على هذا الرأي مجافاته للحقيقة‪ ،‬ففي أحيان كثيرة يقتصر المقاول عمله على عميل واحد كما هو‬
‫خال متعهد الصحية الذي تقتصر خدماته على شركة بناء واحدة‪.‬‬

‫في حين أنه ممكن للعامل أن يقدم عمله للجميع دون إمكانية اعتباره مقاوالً‪ .‬و هذه حالة عمال الشحن و‬
‫التفريغ الذين يعملون في الموانئ البحرية‪.‬‬

‫‪ )4‬البعض األخر من الفقهاء ذهب إلى أن المقاول قد يستعين بعمال آخرين لتنفيذ العمل في حين أن‬
‫العامل يلتزم بأداء العمل شخصياً‪.‬‬

‫الرد يكون بأن هنالك الكثير من المقاولين ينفذون أعمالهم بأنفسهم دون االستعانة بآخرين‪ ،‬كما أن‬
‫استخدام العامل لعمال آخرين لمساعدته في انجاز العمل‪ ،‬ال ينفي عنه صفة التبعية و خضوعهم ألحكام‬
‫قانون العمل‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ )5‬معيار التبعية القانونية‪ :‬ربما يكون هذا المعيار هو المعيار الحاسم للتمييز ما بين عقد المقاولة و عقد‬
‫العمل‪.‬‬

‫فحين تتوافر عالقة التبعية من حيث خضوع العامل إلشراف و سلطة و إدارة رب العمل نكون‬
‫أمام عقد العمل‪ .‬و حين تتخلف هذه التبعية لتحل محلها استقاللية المقاول نكون أمام عقد مقاولة‪.‬‬

‫أمثلة توضيحية‪:‬‬
‫‪ .1‬اذا كان عمل المحرر خاضع إلشراف و رقابة وسلطة صاحب الجريدة فنحن أمام عقد عمل‪.‬‬
‫كونه ال يتمتع بأي هامش من الحرية للتعبير عن أفكاره‪ .‬في حين أن الكتّاب الكبار يتمتعون بقدر‬
‫كبير من االستقاللية لنكون أمام عقد مقاولة‪.‬‬

‫‪ .2‬أيضا ً فأن عالقة صاحب المسرح بأفراد الفرقة المسرحية تعد من قبيل عقد العمل لما يملكه من‬
‫سلطة رقابة و اشراف في حين أن عالقة المنتج بالمخرج السينمائي الذي يمتلك فيها المخرج تلك‬
‫الحرية من اختيار للقصة و التعاقد مع الممثلين ومعالجة المشاكل‪ .‬تجعل من عقده أقرب ما يكون‬
‫لعقد المقاولة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫عقد العمل و عقد الوكالة‪..‬‬

‫أوالً‪ -‬أوجه الشبه‪..‬‬

‫أ) تعتبر الوكالة من العقود التي قصرها المشرع على العمل القانوني دون العمل المادي (م‪.‬‬
‫‪ 665‬ق‪ .‬م)‪ .‬في حين أن عقد العمل ممكن أن يكون محله عمل قانوني أو عمل مادي (م‪ 47 .‬ق‪.‬‬
‫ع)‪.‬‬

‫لذلك فاإلشكالية تثار فقط عندما يكون موضوع عقد العمل عمالً قانونيا ً بحتاً‪ .‬عندئذ يقترب‬
‫مضمون عقد العمل من مضمون عقد الوكالة لدرجة ال يستهان بها‪.‬‬

‫سيما إذا ما الحظنا االتجاه السائد لتكون الوكالة مأجورة في أغلب األحيان‪ .‬خصوصا ً عندما‬
‫نكون أمام وكالة قانونية كما في حالة وكالة المحامي‪.‬‬

‫أيضا ً فأن كثيرا ً ما يقيد الموكل عمل الوكيل بكثير من الشروط و التعليمات و التي تشبه إلى حد‬
‫بعيد تلك التي يصدرها رب العمل للعامل‪.‬‬

‫ب) أهمية التفرقة ما بين العقدين‪:‬‬

‫‪ -1‬من حيث األجر‪..‬‬

‫يعتبر عنصر األجر أساسي في عقد العمل سيما إذا ما كان هذا العمل داخالً في مهنة من أداه‪ .‬أو‬
‫كان العمل مما لم تجري العادة على التبرع به‪( .‬م‪ 647 .‬ق‪ .‬م)‪.‬‬

‫في حين أن الوكالة في األصل تبرعية مالم يتم االتفاق على خالف ذلك صراحة أو ضمنا ً (م‪.‬‬
‫‪ 675‬ق‪.‬م)‪.‬‬

‫‪ -2‬من حيث انتهاء العقد‪..‬‬

‫في عقد الوكالة يجوز لكال الطرفين إنهاء الوكالة في أي وقت ولو تم االتفاق على خالف ذلك‪.‬‬
‫(م‪ 682 ،681 .‬ق‪ .‬م)‪.‬‬

‫في حين أن إنهاء عقد العمل الغير محدد المدة يخضع إلجراءات و قيود شكلية و موضوعية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -3‬من حيث الختصاص القضائي‪..‬‬

‫إذا ما نشأت منازعة في عقد الوكالة فأن االختصاص القضائي يخضع للقواعد العامة‪ ،‬باستثناء‬
‫الخالفات المتعلقة بأتعاب المحامي عندما يكون وكيالً فاالختصاص ينعقد لمجلس فرع النقابة‬
‫الذي ينتسب اليه المحامي‪.‬‬

‫في حين أن االختصاص القضائي في المنازعات المتعلقة بعقد العمل و ما ينشأ عنه‬
‫فاالختصاص معقود للمحكمة البداية العمالية‪.‬‬

‫ثانيا ا‪ -‬معايير التفرقة ما بين العقدين‪..‬‬


‫عقد الوكالة دائما ً ينصب على األعمال القانونية دون األعمال المادية‪.‬‬

‫❑ و للتفريق ما بين العقدين ال بد من اعتماد مدى توافر رابطة التبعية القانونية‪ .‬بحيث نكون أمام‬
‫عقد عمل إذا ما كان العامل خاضعا ً لرقابة و إشراف صاحب العمل‪.‬‬

‫❑ ليس من السهل اعتماد مبدأ التبعية القانونية للتفريق ما بين عقد الوكالة و عقد العمل‪ .‬ألن الوكيل‬
‫ايضا ً يتبع أوامر و توجيهات الموكل األمر الذي قد يؤدي إلى الخلط ما بين العقدين‪.‬‬

‫❑ ولكن االستقاللية التي يتمتع بها الوكيل نسبيا ً هي أكبر من تلك التي يتمتع بها العامل‪ .‬بحيث يبقى‬
‫للوكيل ذلك القدر للتعبير عن إراداته في حدود السلطات المخولة له‪.‬‬

‫❑ بمعنى أن الوكيل يحترم توجيهات الموكل و لكن ال يخضع لسلطته في حين أن العامل يخضع‬
‫إلرادة و سلطة صاحب العمل بشكل كامل‪.‬‬

‫❑ في عقد الوكالة‪ ..‬يتلقى الوكيل تعليمات و توجيهات الموكل لكن أدوات التنفيذ و أوقاته يبقى أمر‬
‫اختيارها و تحديدها متروك للوكيل‪.‬‬

‫في حين أن الباعة في المحال التجارية ال يتمتعون بذلك القدر من االستقاللية بحيث نجد أن‬ ‫❑‬
‫التبعية لرب العمل تكون واضحة من خالل تحديده ألوقات الدوام و ممارسة سلطة اإلشراف و‬
‫الرقابة على عماله في المتجر‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫❑ بينما المفوض في إدارة المطعم أو الفندق ‪ ..‬يظهر بوضوح ممارسته لتلك االستقاللية في عمله‬
‫من خالل تحديد أوقات داوم العمال و صرف الحوافز و عدم خضوعه لرقابة و سلطة صاحب‬
‫العمل‪ .‬وبما أن الرقابة عنصر أساسي في عقد العمل األمر الذي ينفي عن عقده هذه الصفة‪.‬‬

‫عقد العمل وعقد الشركة‪..‬‬

‫أولا‪ -‬أوجه الشبه‪..‬‬

‫الشركة عبارة عن عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بتقديم حصة من مال أو عمل بهدف تأسيس‬
‫مشروع مالي القتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو تحمل ما ينتج عنه من خسارة‪( .‬م‪473 .‬‬
‫ق‪.‬م)‪.‬‬

‫بما أنه من الجائز في عقد الشركة أن تقتصر الحصة على ما يقدمه الشريك من عمل ‪ ..‬فمن هنا قد‬
‫يحصل الخلط مع عقد العمل‪ ،‬عندما تحدد أجرة العامل كنسبة من األرباح‪.‬‬

‫ثانيا ا‪ -‬أهمية التفرقة ما بين عقد الشركة و عقد العمل‪..‬‬

‫‪ )1‬من حيث انعقاد العقد‪:‬‬

‫عقد العمل من العقود الرضائية التي تنعقد بمجرد اتفاق الطرفين‪ .‬و الكتابة فيها ليست بشرط‬
‫انعقاد و إنما بشرط صحة بمعنى أن العامل يستطيع اثباته بجميع وسائل األثبات‪ .‬في حين أن‬
‫الكتابة شرط أثبات بالنسبة لرب العمل فقط‪.‬‬

‫أما بالنسبة للشركة ‪ ..‬فأن الكتابة من الشروط الشكلية بحيث أن الشركة ال تنعقد إال بالكتابة‪( .‬م‪.‬‬
‫‪ .475‬ق‪.‬م)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ )2‬من المشاركة في الخسائر‪:‬‬

‫يتحمل الشريك بالشركة الخسائر التي قد تصيب المشروع‪ ،‬في أن العامل في عقد العمل ال‬
‫يتحمل ذلك‪ .‬و أنما تقع على عاتق رب العمل لوحده‪ ،‬حتى و لو كان أجره نسبة من األرباح‬
‫بحيث يبقى للعامل في حالة الخسارة‪ ،‬الحد األدنى من األجر المقرر قانوناً‪.‬‬

‫ثالثا ا‪ -‬معايير التفرقة ما بين عقد الشركة و عقد العمل‪..‬‬

‫‪ )1‬معيار تحمل الخسائر‪:‬‬

‫❑ وفق هذا المعيار فإن الشريك وحده من يتحمل الخسارة إذا ما لحقت بالشركة‪ .‬في حين أن العامل‬
‫سيحصل على أجره المتفق عليه في أخر الشهر أو األسبوع حسب االتفاق‪.‬‬

‫❑ هذا المعيار تعرض للنقد كون األجر ممكن أن يكون في جزء منه نسبة من األرباح‪ ،‬فإذا ما‬
‫تعرض رب العمل للخسارة فأن العامل سيخسر معه تلك النسبة المئوية المتفق عليها‪ ،‬بحيث يبقى‬
‫ّ‬
‫له الجزء األخر من األجر‪ .‬وهذا نوع من المشاركة في ت ّحمل الخسائر‪.‬‬

‫‪ )2‬معيار التبعية القانونية‪:‬‬

‫من المسلم به فقها ً و قضا ًء بأن التمييز ما بين العقدين يقوم على أساس التبعية القانونية‪ .‬ففي حين‬
‫أن العامل يخضع في عمله إلشراف و إدارة ورقابة رب العمل فأن الشريك ال يخضع لمثل ذلك‬
‫من بقية شركائه‪ .‬فالتدخل بأعمال اإلدارة ممنوع على الشركاء تحت طائلة اعتبار الشريك‬
‫المتدخل مدير فعلي‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫عقد العمل ‪ ..‬و عقد اإليجار‪..‬‬

‫➢ كان فيما مضى يطلق على عقد العمل عقد إيجار األشخاص أو الخدمات‪ ،‬يقابله عقد إيجار‬
‫األشياء‪.‬‬

‫➢ أما اليوم فقد جرى التمييز ما بين عقد العمل الذي محله هو عمل اإلنسان و ما بين عقد اإليجار‬
‫الذي يْرد على األشياء المادية بحيث يلتزم المؤجر بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة‬
‫لمدة معينة لقاء أجر معلوم‪( .‬م‪ 526 .‬ق‪.‬م)‪.‬‬

‫➢ يحدث اللبس أو الخلط عندما تكون طبيعة العقد غير محددة‪..‬‬

‫➢ فعلى سبيل المثال ال الحصر عندما نكون أمام اتفاق يُعقد ما بين صاحب سيارة و سائق‪ ،‬بحيث‬
‫يتم االتفاق على نسبة من االيراد يأخذه السائق مقابل السماح له باالنتفاع من السيارة‪ .‬فهل نحن‬
‫أمام عقد ايجار أم شركة؟‬

‫➢ الجواب يتوقف على مدى توافر التبعية القانونية من عدمها‪.‬‬

‫➢ ففي حال التزام السائق بتوجيهات و تعليمات صاحب السيارة‪ ،‬من حيث تحديد ساعات العمل و‬
‫المناطق التي يعمل فيها‪ .‬و فيما إذا ما كان صاحب السيارة شوفور سابق أو حالي؟ فنحن حتما ً‬
‫أمام عقد عمل‪.‬‬

‫➢ أما إذا كان السائق يتمتع بقدر من االستقاللية بحيث هو الذي يحدد ساعات عمله‪ ،‬و يختار‬
‫المناطق التي يعمل فيها و يت ّحمل ما يقع للسيارة من تلف أو ضرر‪ .‬مقابل مبلغ من المال عن كل‬
‫فترة محددة يدفعه السائق لصاحب السيارة‪ .‬فنحن بكل تأكيد أمام عقد إيجار‪.‬‬

‫‪8‬‬

You might also like