You are on page 1of 11

‫األربعاء ‪ 8‬أفريل ‪2020‬‬

‫‪.‬السنة الثانية – المجموعة أ‪ -‬مقياس قانون العمل‬

‫‪.‬المحاضرة السادسة – مفهوم عقد العمل الفردي‬


‫االستاذة ‪ :‬بوسعيدة دليلة‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم عقد العمل‬

‫إن تسمية عقد العمل حديثة نسبيا بحيث ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬حيث‬
‫كان يسمى بـ"عقد إيجار الخ دمات" في بعض التشريعات المقارنة كالقانون الفرنسي الذي‬
‫استمد هذه التسمية من القانون الروماني القديم‪ ،‬حيث كان ُينظر للعمل اإلنساني على أنه‬
‫تم التّخلي عنها في ظ ّل المفهوم الحديث‬
‫بضاعة قابلة للبيع و اإليجار‪ ،‬غير أن هذه التسمية ّ‬
‫وحدد خصائصه وعناصره‬
‫حيث أعطى المشرع و الفقه الحديث تعريفا واضحا لعقد العمل ّ‬
‫بالشكل الذي يسمح بتمييزه عن غيره من العقود الواردة على عمل‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف عقد العمل و خصائصه‬

‫عقد العمل هو مصطلح حديث يعود إلى أوائل القرن العشرين‪ ،‬حيث كان يطلق عليه‬
‫مصطلح عقد إيجار الخدمات‪ ،‬و يخضع لألحكام التي تخضع لها العقود الواردة على عمل‬
‫في الق انون الم دني‪ ،‬لكن اس تقالله فيم ا بع د عن ه ذه األحك ام ليخض ع ألحك ام ق انون العم ل‬
‫ب رزت المع الم ال تي تم يزه عن غ يره من العق ود س واء من حيث أطراف ه أو من حيث‬
‫موض وع اإلل تزام أو من حيث كيفي ة تنفي ذ اإللتزام ات الناتج ة عن ه ‪...‬الخ‪ .‬فلم يع د عق د‬
‫العمل هو مجرد االتفاق الذي ينفذ بموجبه شخص عمال لصالح شخص آخر مقابل أجر بل‬
‫له عناصر و خصائص تميزه عن غيره من العقود الواردة على عمل‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف عقد العمل‬

‫‪1‬‬
‫على ال رغم من أن عق د العم ل ه و عق د من العق ود المس ماة حيث يحض ى بتنظيم‬
‫تشريعي و تنظيمي خاص في كل القوانين المقارنة‪ ،‬إال أنه لم يحض بتعريف المشرع له‬
‫تقر علي ه القض اء و‬
‫في معظم ق وانين العم ل‪ ،‬م ا جع ل من ض بط تعريف ه حص يلة م ا اس ّ‬
‫رجحه الفقه‪.‬‬
‫ّ‬

‫إن السائد في أغلب تشريعات العمل الحديثة أنها ال‬


‫أوال‪ -‬التعريف التشريعي لعقد العمل‪ّ :‬‬
‫تعطي تعريفا لعقد العمل بحيث تكتفي بوضع القواعد التشريعية والتنظيمية لعالقة العمل‬
‫من حيث إبرامها و سريانها و آثارها و المنازعات الناشئة عنها‪ ،‬فقانون العمل الجزائري‬
‫يعرف عقد العمل على خالف القانون العمل‬
‫على غرار نظيره الفرنسي و المغربي ال ّ‬
‫عرفه قانون‬
‫التونسي والسوري و المصري أين تكفل المشرع بتعريف عقد العمل ‪ ،‬بحيث ُي ّ‬
‫بأنه‪ " :‬عقد يتعهد بمقتضاه عامل بأن يعمل لدى صاحب‬
‫العمل المصري في المادة األولى ّ‬
‫العمل و تحت إدارته أو إشرافه لقاء أجر أيا كان نوعه"‪.‬‬

‫نص الم ادة ‪ 08‬من ق انون ‪ 11-90‬المتعل ق‬


‫أم ا ق انون العم ل الجزائ ري فق د اكتفى في ّ‬
‫بعالق ات العم ل ب ذكر ّأن ه عق د غ ير ش كلي وأن ه ق د يك ون مكتوب ا أو غ ير مكت وب و عن ه‬
‫حقوق المعنيين وواجباتهم وفق ما يحدده التشريع والتنظيم واالتفاقيات واالتفاقات الجماعي ة‬
‫وعقد العمل‪.‬‬

‫غير أنه يمكن القول أن معالم التعريف التشريعي لعقد العمل في قانون العمل الجزائري‬
‫تظهر بوضوح في نص المادة الثانية(‪ )2‬من القانون رقم ‪ 11-90‬المتعلق بعالقات العمل‬
‫بص دد تعري ف العام ل‪ ،‬حيث ج اء نص ها كم ايلي‪ ":‬يعت بر عم اال أج راء‪ ،‬في مفه وم ه ذا‬
‫القانون‪ ،‬كل األشخاص الذين يؤدون عمال يدويا أوفكريا مقابل مرتب في إطار التنظيم‪ ،‬و‬
‫لحساب شخص آخر‪ ،‬طبيعي أومعنوي‪ ،‬عمومي أو خاص يدعى المستخدم"‪ .‬بحيث يستنتج‬
‫من النص أن عق د العم ل حس ب المش رع‪ :‬ه و العق د ال ذي ي ؤدي بموجب ه ش خص يس مى‬

‫‪2‬‬
‫العامل عمال يدويا أوفكريا لحساب شخص آخر طبيعي أومعنوي يسمى المستخدم مقابل‬
‫أجر و تحت إدارته و إشرافه(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ -‬التعريف الفقهي لعقد العمل‪ :‬لقد أعطى الفقه عدة تعريفات لعقد العمل غير أن الفقه‬
‫يجم ع على التعري ف االك ثر ش مولية و ه و ك اآلتي ‪ ":‬عق د العم ل ه و عق د يل تزم بمقتض اه‬
‫العام ل بالعم ل لحس اب ص احب العم ل أو المس تخدم تحت إش رافه وتوجيه ه مقاب ل أج ر‬
‫مح دد‪ ،‬ولم دة مح ددة أو غ ير مح ددة"‪ ،‬و م ا يالح ظ اش تمال ه ذا التعري ف الفقهي على‬
‫العناص ر األربع ة ال تي تش كل أس اس عق د العم ل وهي ‪ :‬عنص ر العم ل‪ ،‬عنص ر األج ر‪،‬‬
‫عنص ر التبعي ة و عنص ر ال زمن‪ ،‬ل ذلك ال يعتم د في تك ييف عق د العم ل على التس مية ال تي‬
‫يعطيه ا األط راف التف اقهم‪ ،‬ب ل على م دى إش تماله على عناص ره األساس ية المتمثل ة في‬
‫العم ل‪ ،‬األج ر‪ ،‬الم دة و التبعي ة خاص ةً‪ .‬و على المعطي ات الواقعي ة و من بينه ا الظ روف‬
‫التي جرى فيها تنفيذ العمل‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص عقد العمل‪:‬‬

‫عب ر عن اس تقالليته و إختالف ه عن‬


‫يتمي ز عق د العم ل بمجموع ة من الخص ائص ال تي تُ ّ‬
‫ّ‬
‫غ يره من العق ود و هي خص ائص تم إستخالص ها من مختل ف النص وص المنظم ة ل ه ومن‬
‫أحكام القضاء‪ ،‬و تتمثل أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫إن عبارة " في إطار التنظيم " الواردة في النص يقصد بها "السلطة التنظيمية" أو "سلطة اإلدارة و‬ ‫‪)(1‬‬

‫التنظيم" التي يتمتع بها المستخدم وتخول له صالحية فرض النظام و االنضباط داخل المؤسسة و تحديد‬
‫قواعد التنظيم التقني للعمل‪ ،‬و قواعد السالمة و األمن و الوقاية الصحية في أماكن العمل ‪...‬سواء عن‬
‫طريق وضع اللوائح ( النظام الداخلي) أو في شكل أوامر و تعليمات و توجيهات مباشرة‪ ،‬و تخول له‬
‫مراقبة مدى إلتزام العمال بها‪ ،‬ما يجعل العامل في وضعية تبعية للمستخدم بمناسبة تنفيذ إلتزامه بالعمل‬
‫بموجب العقد الذي يربطه به‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ /1‬عق' ''د العم' ''ل من العق' ''ود المس' ''ماة‪ :‬حيث يحض ى بتنظيم تش ريعي وتنظيمي بم وجب‬
‫نص وص ق انون العم ل و النص وص التنظيمي ة الملحق ة به ا‪ ،‬و ال تي تتض من القواع د و‬
‫األحكام المتعلقة بإبرامه وسريانه وآثاره و المنازعات الناشئة عنه‪.‬‬

‫‪ /2‬عق''د العم''ل عق''د رض''ائي‪ :‬ينعق د عق د العم ل بمج رد تب ادل التراض ي بين الط رفين فال‬
‫يشترط النعقاده شكال خاصا إال إذا وجد نص تشريعي أو تنظيمي يقضي بخالف ذلك‪ ،‬أي‬
‫يش ترط الكتاب ة فالم ادة الثامن ة (‪ )08‬فق رة ‪ 01‬و‪ 02‬من الق انون رقم ‪ 11-90‬المتض من‬
‫عالقات العمل تنص على مبدأ الرضائية في عقد العمل كما يلي ‪ ":‬تنشأ عالقة العمل بعقد‬
‫كتابي أو غير كتابي‪ ،‬وتقوم هذه العالقة على أيه حال بمجرد العمل لحساب مستخدم ما"‪،‬‬
‫فالعق د الش فهي ه و عق د عم ل ص حيح إذا ثبت اق تران اإليج اب ب القبول‪ ،‬و الكتاب ة ليس ت‬
‫شرطا إال في عقد العمل محدد المدة‪ ،‬و لكن ليست شرطا لصحة العقد و إنما فقط إلثبات‬
‫طبيعته‪ ،‬ألن انعدام عقد عمل مكتوب يعني أنه عقد عمل غير محدد المدة‪ ،‬بموجب نص‬
‫المادة ‪ 11‬من قانون عالقات العمل‪.‬‬

‫‪ /3‬عقد العمل عقد معاوضة‪ :‬بحيث تنصرف إرادة كل من طرفيه إلى أن يأخذ مقابال لما‬
‫يعطيه‪ ،‬فالعامل يقدم العمل ويأخذ أجرا عنه و المستخدم يدفع االجر مقابل انتفاعه بالعمل‪،‬‬
‫لذلك ال يعتبر عقد عمل كل اتفاق على قيام شخص بالعمل لحساب شخص آخر و تحت‬
‫إدارته و إشرافه بدون مقابل‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 80‬من قانون العمل على ذلك كما يلي‪":‬‬
‫ؤدى‪ ،‬ويتقاض ى بموجب ه مرتب ا أو دخال يتناس ب‬
‫للعام ل الح ق في أج ر مقاب ل العم ل الم ّ‬
‫ونتائج العمل‪.".‬‬

‫‪/4‬عق''د العم''ل مل''زم للج''انبين‪ :‬يعت بر عق د العم ل من العق ود التبادلي ة‪ ،‬بحيث ي رتب من ذ‬
‫إبرام ه التزام ات على ع اتق ك ل ط رف من طرفي ه‪ ،‬بحيث يتمث ل اإلل تزام األساس ي ال ذي‬
‫يقوم عليه عقد العمل في اإللتزام بتنفيذ العمل من طرف العامل و اإللتزام بدفع األجر من‬
‫ط رف المس تخدم‪ .‬وال تقتص ر اإللتزام ات المتبادل ة على م ا ه و وارد في العق د ب ل تش مل‬

‫‪4‬‬
‫ك ذلك اإللتزام ات ال تي يقتض يها تنفي ذه والمنص وص عليه ا في التش ريع أو التنظيم أو‬
‫االتفاقيات و االتفاقات الجماعية‪.‬‬

‫‪ /5‬عق ''د العم ''ل من العق ''ود المس ''تمرة‪ :‬المقص ود ب ذلك أن تنفي ذ االل تزام في عق د العم ل‬
‫يس تغرق زمن ا ويس تمر لم دة ق د تك ون مح ددة أو غ ير مح ددة‪ ،‬على خالف بعض العق ود‬
‫الفورية التي تنتهي فور تنفيذ االلتزام كعقد البيع بمجرد تسليم المبيع‪ ،‬أو المقاولة بمجرد‬
‫إنجاز العمل‪...‬الخ‪ .‬وعنصر المدة في عقد العمل يفرض استثناءا لمصلحة العامل هو عدم‬
‫ج واز تحدي د الم دة في العق ود ال تي تنص ب على أعم ال ذات طبيع ة مس تمرة و دائم ة‪ ،‬ألن‬
‫األص ل في عق د العم ل أن ه غ ير مح دد الم دة وال يج وز تحدي د م دة للعق د إال في األعم ال‬
‫العرضية أو المؤقتة أو الموسمية‪ ،‬و يشترط في عقود العمل محددة المدة ذكر المدة ‪-‬التي‬
‫حددها االطراف بحرية‪ -‬ونوع العمل الذي يجب أن يكون مؤقتا أو موسميا أوعرضيا‪،‬‬
‫ُي ّ‬
‫وأن تكون المدة متناسبة مع ما يقتضيه تنفيذه و في حالة تخلّ ف أحد هذه الشروط سوف‬
‫يتم تكييف العقد بالعقد غير محدد المدة ‪.‬‬

‫‪ /5‬عقد العمل ذو اعتبار شخصي‪ :‬يقوم عقد العمل على االعتبار الشخصي أي أن الوفاء‬
‫بااللتزام ال يكون إال من العامل ذاته الذي أبرم العقد مع المستخدم‪ ،‬وال يمكنه توكيل تنفيذه‬
‫للغير‪ ،‬سواءا بأجر أو بدون أجر‪ ،‬لذلك إذا توفي العامل انتهى العقد وال يستمر مع ورثته‪،‬‬
‫فالمادة ‪ 66‬من قانون العمل تعتبر الوفاة أحد األسباب القانونية النتهاء عقد العمل الفردي‪.‬‬
‫وعلى خالف ذلك إذا توفي المستخدم أو تم نقل ملكية المؤسسة المستخدمة إلى الورثة عن‬
‫طري ق اإلرث‪ ،‬أو إلى المال ك الجدي د عن طري ق ال بيع أو ال ّدمج ف إن عق ود العم ل الفردي ة‬
‫نص ت عليه المادة‬
‫تستمر مع المالك الجديد وال حاجة إلبرام عقود عمل جديدة‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫‪ 74‬من قانون العمل‪.‬‬

‫‪ /6‬عق''د العم''ل عق''د إذع''ان‪ :‬ال يس تطيع العام ل المس اومة ومناقش ة بن ود عق د العم ل م ع‬
‫المستخدم نظرا لعدم تكافؤ الطرفين اقتصاديا ونظرا لوضعية العامل الذي يكون في حاجة‬

‫‪5‬‬
‫إلى العم ل‪ ،‬و ه ذا م ا يفس ر ت دخل الدول ة واالتفاقي ات الجماعي ة من أج ل تنظيم أحك ام عق د‬
‫العم ل الف ردي وع دم تركه ا إلرادة األف راد ض مانا لتحقي ق الت وازن بين مص الح الط رفين‪.‬‬
‫غير أنه استثناءا من هذا المبدأ يمكن لفئة مسيري المؤسسات أن يتفاوضوا حول شروط‬
‫العقد وظروف العمل‪.‬‬

‫‪ /7‬عقد العمل عقد مدني‪ :‬لقد نشأ عق د العمل في ظ ل أحك ام القانون الم دني‪ ،‬ل ذلك يعتبر‬
‫عقد العمل مدنيا في أصله‪ ،‬غير أنه يأخذ الصفة التجارية بالنسبة للتاجر إذا أبرمه لحاجات‬
‫تجارته‪ ،‬بحيث يعتبر عمال تجاريا بالتبعية‪ ،‬أما بالنسبة العامل يبقى تصرفا مدنيا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عناصر عقد العمل‬

‫حتى يتم تكييف االتفاق المبرم بين شخصين بعقد عمل ال بد أن ينصب ذلك االتفاق‬
‫على إلتزام العامل بآداء عمل لحساب صاحب العمل مقابل أجر‪ ،‬بحيث يملك هذا األخير‬
‫سلطة اإلدارة و اإلشراف على تنفيذ للعمل و ذلك لمدة محددة أو غير محددة‪ .‬لذلك يقوم‬
‫عقد العمل على اجتماع أربعة عناصر أساسية تميزه عن غيره من العقود وهي‪ :‬العمل‪،‬‬
‫األجر‪ ،‬التبعية‪ ،‬المدة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬عنصر العمل‬

‫يعت بر عنص ر العم ل أساس يا في عق د العم ل وه و يش مل النش اط اإلنس اني ال ذي يبذل ه‬


‫العام ل (ش خص ط بيعي) س واء ك ان ب دنيا أو فكري ا في إح دى مج االت العم ل‪ ،‬وعنص ر‬
‫عرف بعض الفقه عنصر العمل‬
‫العمل هو محل التزام العامل وسبب التزام المستخدم‪ ،‬وقد ّ‬
‫بأن ه‪ ":‬النش اط الفك ري أو الب دني أو الف ني‪ ،‬ينج زه العام ل بص فة شخص ية اس تنادا إلى‬
‫توجيهات وأوامر صاحب العمل"‪.‬‬

‫ويتطلب عنصر العمل توفر شروط معينة لتمييز عقد العمل عن باقي العقود الواردة‬
‫على عمل كعقد المقاولة‪ ،‬أو الوكالة منها‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫‪-‬اآلداء الشخصي للعمل‪ :‬بحيث يشترط أن يكون تنفيذ العمل المتفق عليه من طرف العامل‬
‫المتعاقد ذاته بصفة شخصية‪ ،‬ألن عقد العمل يقوم على االعتبار الشخصي وال يجوز‬
‫له بالتالي أن يوكل انجازه إلى الغير في إطار التعاقد مع أشخاص يعملون لحسابه مع‬
‫أخذ الفارق في األجر‪.‬‬
‫‪-‬آداء العم ل وف ق توجيه ات ص احب العم ل و تحت رقابت ه وإ ش رافه‪ :‬بحيث يك ون العام ل‬
‫ملزما بإطاعة أوامر وتعليمات وتوجيهات صاحب العمل المتعلقة بالعمل المتفق عليه‪،‬‬
‫سواء كانت شفهية أو منصوص عليها في النظام الداخلي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عنصر األجر‬

‫األجر هو المقابل المالي أو القيمة المالية التي يدفعها المستخدم للعامل كمقابل للجهد الذي‬
‫يبذل ه في تنفي ذ العم ل المل تزم ب ه‪ ،‬واألج ر عنص ر األساس ي في عق د العم ل باعتب اره عق د‬
‫معاوضة يأخذ بموجبه كل طرف مقابال لما التزم به‪ ،‬فهو مح ّل التزام المستخدم و سبب‬
‫إن العق د ال يمكن أن يوص ف بعق د‬
‫ال تزام العام ل ب أداء العم ل‪ ،‬ف إذا غ اب عنص ر األج ر ف ّ‬
‫عمل وإ ّنما عقد تبرع أو هبة‪.‬‬

‫و يخضع األجر باعتباره إلتزام على عاتق المستخدم و حق للعامل مقابل آدائه للعمل إلى‬
‫عدة مبادئ منها‪ :‬مبدأ عدم استحقاق األجر إاّل عند التنفيذ الفعلي للعمل‪ ،‬مبدأ المساواة في‬
‫األجر بين العمال‪ ،‬مبدأ التقدير والدفع النقدي لألجر‪ ،‬مبدأ الدفع المنتظم لألجر‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عنصر التبعية‬

‫عق د العم ل ه و عالق ة أو رابط ة قانوني ة واقتص ادية يك ون فيه ا العام ل في وض عية‬
‫تبعي ة لص احب العم ل فيس مى األول تابع ا والث اني متبوع ا‪ ،‬بحيث تعطي ه ذه الرابط ة‬
‫لص احب العم ل الح ق في ممارس ة س لطة اإلش راف والتوجي ه والرقاب ة على آداء العم ل‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫لزم ا بتنفيذ العمل وفق ما ُيمليه صاحب العمل من تعليمات وأوامر‬
‫بحيث يكون العامل ُم ً‬
‫وتوجيهات يقتضيها تنفيذ العمل‪.‬‬

‫ومن مظاهر سلطة اإلدارة و اإلشراف والتوجيه حق صاحب العمل في تحديد أوق ات‬
‫العم ل وتوزيع ه على العم ال‪ ،‬وض ع قواع د األمن‪ ،‬ف رض قواع د االنض باط داخ ل أم اكن‬
‫العم ل‪ ،‬الح ق في توقي ع الج زاءات التأديبي ة على العم ال في حال ة مخالف ة التعليم ات‪..‬الخ‬
‫المنصوص عليها في النظام الداخلي أو غيره من وسائل تنظيم العمل في المؤسسة‪ ،‬وهو‬
‫الجانب القانوني للتبعية أي ما يسمى التبعية القانونية‪ ،‬سواء كانت في شكل تبعية إدارية و‬
‫فني ة‪ ،‬وإ ن ك انت التبعي ة التنظيمي ة واإلداري ة تكفي وح دها للق ول بوجود‬
‫تنظيمي ة‪ ،‬أو تبعي ة ّ‬
‫عقد العمل‪.‬‬

‫أما الجانب االقتصادي للتبعية و التي ُيقصد بها أن يكون العامل تابعا ماليا للمستخدم‬
‫ّ‬
‫بس بب اعتم اده على األج ر (المقاب ل الم الي) ال ذي يدفع ه ل ه نظ ير العم ل الم ؤدى‪ ،‬و هوم ا‬
‫ألن األجر الذي يدفعه‬
‫يسمى التبعية اإلقتصادية فلم تعد معيارا كافيا لتكييف عقد العمل‪ّ ،‬‬
‫المس تخدم للعام ل ق د ال يك ون المص در الوحي د لدخل ه‪ ،‬ف الواقع يثبت ّأن ه ال يوج د م ا يمن ع‬
‫العامل من أن يمارس نشاطا آخر بمقابل إلى جانب عمله األساسي لدى المستخدم‪.‬‬

‫ل ذلك تبقى التبعي ة في جانبه ا الق انوني هي المعي ار األساس ي والمعتم د لتك ييف عق د‬
‫العمل و تمييزه عن العقود األخرى‪ ،‬فال يكفي توفر عنصر األجر للقول بوجود عقد عم ل‬
‫م ا لم يكن هن اك إشراف وتوجيه ورقابة من المس تخدم‪ ،‬وإ ذا انع دمت التبعية القانونية كان‬
‫العمل عمال مستقال وليس تابعا وال مجال لتطبيق قانون العمل‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬عنصر المدة‬

‫يعت بر عق د العم ل من العق ود الزمني ة‪ ،‬والم دة في عق د العم ل هي تل ك الف ترة الزمني ة‬


‫يضع فيها العامل نشاطه و جهده تحت تصرف المستخدم‪ ،‬ونظرا لعدم تحديد قانون العمل‬
‫م دة معين ة لعق د العم ل فإنه ا تُح ّدد بحري ة بين العام ل وص احب العم ل‪ ،‬و األص ل في عق د‬
‫‪8‬‬
‫العمل أن ُيبرم لمدة غير محددة إال إذا كانت طبيعة العمل تقتضي إبرامه لمدة محددة كما‬
‫ه و الش أن في األعم ال العرض ية أو المؤقت ة أو الموس مية وه و اس تثناء في ص الح العام ل‬
‫الدائمة بطبيعتها‪.‬‬
‫بحيث ال يجوز تحديد المدة في عقود العمل التي موضوعها األعمال ّ‬

‫وعنص ر الم دة في عق د العم ل ه و ال ذي يس اعد على تمي يز عق د العم ل عن العق ود‬


‫الفوري ة ال تي تنتهي ف ور إنج از العم ل كعق د المقاول ة وعق د الوكال ة‪ ،‬وعلى تحدي د الحق وق‬
‫وااللتزامات الناشئة عن عقد العمل‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تمييز' عقد العمل عن غيره من العقود األخرى‬

‫يتش ابه عق د العم ل م ع كث ير من العق ود المس ماة في الق انون الم دني و ال واردة على‬
‫عم ل كعق د المقاول ة و عق د الش ركة و عق د الوكال ة فيم ا يتعل ق بعنص ر العم ل و عنص ر‬
‫األجر كمقابل للعمل‪ .‬غير ّأن ه يتميز عن هذه العقود كلّها بانفراده بعنصر التبعية القانونية‬
‫التي تشكل أساس التّفرقة بينه و بين هذه العقود‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تمييز عقد العمل عن عقد المقاولة‬

‫عرفت المادة ‪ 549‬من القانون المدني عقد المقاولة بأنه ‪ ":‬عقد يتعهد بمقتضاه أحد‬
‫المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عمال مقابل اجر يتعهد به المتعاقد اآلخر"‪ .‬يتضح‬
‫من التعري ف التش ريعي لعق د المقاول ة ال وارد في نص الم ادة س الفة ال ذكر أن عق د المقاول ة‬
‫يتماثل مع عقد العمل في قيامه على عنصر العمل و عنصر األجر‪ ،‬غير ّأن ه يختلف عن‬
‫أن المقاول يؤدي‬
‫ميز عقد العمل‪،‬بسبب ّ‬
‫عقد العمل في غياب عنصر التبعية القانونية التي تُ ّ‬
‫عمل ه لص الح ص احب المقاول ة وفق ا لم ا ه و متف ق علي ه في عق د المقاول ة ب دون إش راف أو‬
‫توجي ه أو رقاب ة من ط رف ه ذا األخ ير‪ ،‬وح تى و إن ك ان هن اك إش راف على حس ن تنفي ذ‬
‫فإن ه ال يص ل إلى درج ة تحدي د س اعات العم ل‪ ،‬أو تحدي د أوق ات ب دءه أو‬
‫المقاول ة (العم ل) ّ‬
‫انتهائ ه‪ ،‬أو منح إج ازات‪ ،‬أو توقي ع العقوب ات على المق اول كم ا ه و الح ال في عق د العم ل‪،‬‬
‫ه ذا إض افة إلى اختالف ات أخ رى ك التزام المق اول في عق د المقاول ة بتحقي ق نتيج ة و ال تزام‬
‫‪9‬‬
‫العام ل في عق د العم ل بب ذل عناي ة‪ ،‬وك ذلك االختالف في تحدي د األج ر وطريق ة حس ابه‬
‫ودفعه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز عقد العمل عن عقد الشركة‬

‫الشركة عقد يشترك بمقتضاه شخصان أو أكثر في مشروع بقصد اقتسام ما ينتج من‬
‫ربح وخس ارة‪ ،‬وق د عرفت ه الم ادة ‪ 416‬من الق انون الم دني الجزائ ري كم ا يلي‪ " :‬الش ركة‬
‫عق د يل تزم بمقتض اه شخص ان طبيعي ان أو اعتباري ان أو أك ثر على المس اهمة في نش اط‬
‫مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد‪ ،‬بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج أو تحقيق‬
‫تنجر‬
‫اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي ذي منفعة مشتركة‪ ،‬كما يتحملون الخسائر التي قد ّ‬
‫عن ذلك"‪.‬‬

‫و يختلف عقد الشركة عن عقد العمل في كون مساهمة الشريك في المشروع بحصة‬
‫تحص ل على نس بة من‬
‫ّ‬ ‫تتمث ل في جه ده أو عمل ه يجع ل من ه ش ريكا وليس ع امال ح تى وإ ن‬
‫األرب اح تق وم مق ام األج ر‪ ،‬ومعي ار التمي يز ه و ع دم خض وع الش ريك ألي تبعي ة قانوني ة‬
‫أن له نفس المركز القانوني للشركاء اآلخرين‪ ،‬فيستفيد من األرباح ويتحمل الخس ائر‬
‫بسبب ّ‬
‫عن دما ال يحق ق المش روع أرباح ا‪ ،‬ورغم إمكاني ة التمي يز بين عق د الش ركة وعق د العم ل‬
‫النية وظروف التعاقد ومدى تحقيق المساواة بين الشركاء‪ ،‬إال أن التبعية‬
‫استنادا إلى معيار ّ‬
‫يتميز بها عقد العمل تبقى هي العنصر الفاصل بين العقدين‪.‬‬
‫القانونية التي ّ‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تمييز عقد العمل عن عقد الوكالة‬

‫ُيع ّرف نص الم ادة ‪ 571‬من الق انون الم دني عق د الوكال ة بأنه ا ‪ ":‬الوكال ة أو اإلناب ة‬
‫هو عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل وباسمه"‪.‬‬

‫فعقد الوكالة هو عقد يلتزم بمقتضاه الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل‪،‬‬
‫ورغم أن الوكالة موضوعها عمل قانوني أو مادي يقوم به الموكل لحساب الوكيل مقابل‬

‫‪10‬‬
‫أجر إال أنها ال تعتبر عقد عمل نظرا للحرية واالستقاللية التي يتمتع بها الوكيل في آداء‬
‫مهمت ه‪ ،‬بحيث ال يتقي د إال باله دف من الوكال ة وال يخض ع في تنفي ذها ألي ة تبعي ة قانوني ة‬
‫للموكل‪ ،‬فال يخضع لتوجيهات وأوامر وتعليمات الموكل‪ ،‬كما ال يملك هذا األخير أن يوقع‬
‫عليه جزاءات تأديبية في حالة اإلخالل بأحكام الوكالة‪.‬‬

‫‪11‬‬

You might also like