Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
تنقسم عقود الشغل إلى تقسيمات متعددة ،و حسب املدة الزمنية تنقسم إلى
عقود شغل محددة املدة و عقود شغل غير محددة املدة .و تترتب على هذا التقسيم
و قد كانت عقود الشغل محددة املدة هي املفضلة عند األجراء ،لكونها تضمن
لهم و لو مؤقتا منصب شغل يقيهم من الفقر و الفاقة ،بعيدا عن عقود الشغل غير
محددة املدة التي كانت تتعرض لإلنهاء باإلرادة املنفردة للمشغل .إال أن التطورالذي
عرفه تشريع الشغل وما أضفاه من حماية كبيرة على عقود الشغل غيرمحددة املدة،
رئيس اجمللة – األستاذ حممد القامسي جملة قانونية علمية فصلية حمكمة
P 10
العدد 23من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر أكتوبر 2020م
و إذا كانت بصفة عامة تنتهي عقود الشغل املحددة املدة بانتهاء مدتها أو بانتهاء
العمل املخصص لها أو في الحاالت املحددة لها بمقتض ى مدونة الشغل 1فإن عقود
الشغل غير محدد املدة ال تنتهي إال وفق ضوابط محددة تلزم الخارق لها بمجموعة
من التعويضات ،و هذا إن دل على ش يء فإنما يدل على ضمان هذا النوع من العقود
الستقرارالتعاقد .و في هذا الصدد نتساءل عن مدى استقرارهذه العقود رغم تغيير
املركزالقانوني للمشغل.
وعليه سنناول هذا املوضوع وفق التصميم اآلتي :املبحث األول :شروط
تطبيق قاعدة استقرار عقود الشغل في حالة تغيير املركز القانوني للمشغل .املبحث
إن قواعد القانون املدني لم تعد تخدم بتاتا مصلحة األجير ،بل و تتعارض كليا
مع الطابع الحمائي لقانون الشغل ،2لذا تدخل املشرع في جل التشريعات املقارنة 3و
أقر مبدأ مواصلة عقود الشغل بالرغم من تغيير املركز القانوني للمشغل ،و في هذا
تجاوز للمبادئ املنصوص عليها في القانون املدني التي تقر بحرية التعاقد التي تعني
أن لكل طرف من طرفي العالقة الشغلية كامل الحرية في اختيار الشخص الذي
سوف يعمل معه و في تحديد بنود العقد بكامل الحرية ،و هو ما يصطلح عليه في
القانون املدني باالعتبار الشخص ي في التعاقد ،كما أن فيه تجاوز لألثر النسبي
للعقود الذي ينص عليه الفصل 4 228من قانون االلتزامات والعقود والذي مفاده
أن العقد ال يكون ملزما إال بالنسبة لألطراف التي أبرمته سواء بأشخاصهم أو بمن
يمثلونهم..
وبالرجوع إلى النص التشريعي املنظم للموضوع نجد املادة 19من مدونة
الشغل تنص على أنه « :إذا طرأ تغيير على الوضعية القانونية للمشغل ،أو على
2دنيا مباركة ،ضمانات حقوق أجراء المقاولة المخوصصة .مجلة رسالة الدفاع .ع . 2س . 2001ص.42
3سواء التشريع الفرنسي أو المصري أو اللبناني أو األردني أو اإلماراتي.
-و في هذا اإلطار تنص المادة 36من قانون العمل الفرنسي على ما يلي «:أن عقود العمل سارية المفعول يوم تغيير
المركز القانوني للمشغل تظل قائمة بين رب العمل الجديد و العمال بالمؤسسة»
Article 36 (2) : « le transfert de l’entreprise résultant notamment d’une cession
conventionnelle ou d’une fusion ne constitue pas en lui-même un motif de licenciement
pour le crédit ou le cessionnaire. Si le contrat est résilié du fait que le transfert entraîne une
modification substantielle des conditions de travail au détriment du salaire, la résiliation du
» contrat est considéré comme intervenue du fait de l’employeur
4ينص الفصل 288من ق ل ع على ما يلي »:االلتزامات ال تلزم إال من كان طرفا في العقد فهي ال تضر الغير و ال
تنفعهم إال في الحاالت المذكورة في القانون
الطبيعة القانونية للمقاولة ،و على األخص بسبب اإلرث ،أو البيع ،أو اإلدماج ،أو
الخوصصة ،فإن جميع العقود التي كانت سارية املفعول حتى تاريخ التغيير ،تظل
قائمة بين األجراء و بين املشغل الجديد ،الذي يخلف املشغل السابق في االلتزامات
الواجبة لألجراء ،و خاصة فيما يتعلق بمبلغ األجور ،و التعويضات عن الفصل من
يحتفظ األجير املرتبط بعقد شغل غير محدد املدة و الذي يتم نقله في إطار
القابضة ،بنفس الحقوق و املكاسب الناشئة عن عقد شغله و ذلك بغض النظرعن
املصلحة أو الفرع أو املؤسسة التي يتم تعيينه بها ،و عن املهام املسندة إليه ما لم
و باالعتماد على هذا النص القانوني و ما أقره القضاء يمكن استخالص شروط
و مفاد هذا الشرط أنه كيفما كانت أسباب تغيير الوضعية القانونية للمشغل
أو للمؤسسة املشغلة ،أي سواء تعلق األمر باإلرث أو التفويت أو اإلدماج أو
الخوصصة أو غيرها فإن جميع عقود الشغل التي كانت سارية املفعول حتى تاريخ
التغيير تظل قائمة بين األجراء واملشغل الجديد الذي يخلف املشغل السابق في
يعتبرهذا الشرط عاما يسري على جميع عقود الشغل بغض النظرعن نوعها،
كما يسري على جميع النشاطات االقتصادية بحيث يكفي أن تكون عقود الشغل
قد يوحي هذا الشرط بأن استمرار عقود الشغل مرتبط بضرورة احتفاظ
املشغل الجديد بنفس نشاط املقاولة و بعبارة أخرى فهل استمرار عقود الشغل
لقد تدخل القضاء لتفسير هذا الشرط ،بحيث إن القضاء املغربي ممثال في
محكمة النقض يكتفي للتصريح بوحدة نشاط املقاولة وجود تماثل أو تشابه أو
ارتباط بين النشاط القديم و النشاط الجديد للمقاولة ،و نسوق كمثال على ذلك
قرار محكمة النقض 5الذي اعتبر أن « :انتقال ملكية األصل التجاري الذي كان في
األصل يشتغل كمقهى و مرقص إلى مالك جديد استعمله كمقهى و مطعم ،ال يعتبر
تغييرا وبالتالي فإن إثبات األجيراشتغاله لدى املشغل األصلي من خالل بطاقة العمل
- 5قرار محكمة النقض المغربية ع 168بتاريخ .1988/02/06أورده عبد اللطيف خالفي في مؤلفه االجتهاد القضائي
في المادة االجتماعية (رصد لمبادئ ولقرارات المجلس األعلى ومحاكم االستئناف )1998-1968م س .ص 251وما
يليها.
6وعلى غرار ذلك سارت الغرفة االجتماعية بمحكمة النقض في الملف رقم 2247بتاريخ 1990/09/24في الملف
االجتماعي ع .89/9750منشور بقضاء المجلس األعلى ع 46.نونبر .1992ص.90
أما التشريع الفرنس ي فإنه لم يستقر على موقف واحد .ففي البداية كانت
محكمة النقض الفرنسية تشترط لتطبيق املادة 36من قانون العمل ،وجوب
استمرارنفس نشاط املؤسسة ،وطبقا لنفس الشروط التي كان يمارس فيها من قبل،
بل إن محكمة النقض مددت تطبيق املادة املذكورة حتى في الحالة التي تنتفي فيها
أية رابطة قانونية مباشرة بين املشغلين املتعاقبين .7لكن محكمة النقض الفرنسية
تخلت عن هذا املوقف حيث أكدت أن املادة ( L122-12AL2التي تقابلها املادة 36
من قانون العمل)« :تفترض وجود رابطة قانونية بين أرباب العمل املتعاقبين»،8
ونظرا لعدم انسجام هذا القرارمع التوجهات األوربية ،عدلت هذه املحكمة عن هذا
القرار فأصدرت أيضا بهيآتها مجتمعة أن« :املادة L122-12AL2تطبق في غياب أية
رابطة قانونية تجمع أصحاب األعمال املتعاقبين ،و أن نطاق تطبيقها يمتد إلى كل
تنازل عن وحدة اقتصادية 9متى ظلت محتفظة بذاتيتها 10في مزاولة نشاطها أو
استأنفته».11
7ومثال ذلك :إذا تعهدت مؤسسة ما بمهام التنظيف إلى مقاولة متخصصة ،غير أنها لم ترق الخدمة إلى المستوى
المطلوب ،فتخلت عن خدماتها وعهدت بها إلى مقاولة أخرى ،فإن هذه األخيرة تكون مجبرة على االحتفاظ بأجراء هذه
األخيرة.
أوردته فاطمة حداد .اإلعفاء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية وإغالق المقاوالت .أطروحة لنيل الدكتوراه في
ق .خ .جامعة الحسن الثاني عين الشق/كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية الدار
البيضاء.س.ج.2005/2004ص 81و ما يليها.
8هذا القرار الذي تبنته محكمة النقض الفرنسية ،يتعارض مع التوجهات الصادرة في 1977/02/14عن مجلس
المجموعة االقتصادية األوربية ،كما أن محكمة العدل األوربية C.J.C.Eأصبحت منذ العام ،1988تنص على ضرورة
اإلبقاء على العقود حتى في حالة غياب أية رابطة قانونية بين أرباب العمل المتعاقبين .أشارت إلى ذلك فاطمة حداد .م
س .ص .83-82
9إن مفهوم الوحدة االقتصادية يعني :أن يتعلق األمر بقطاع يستعمل وسائله الخاصة ،ويهدف إلى تحقيق نتائج محددة
تندرج ضمن األهداف االقتصادية للمؤسسة.
)4( 10نشاط يحتفظ بذاتيته يعني« :أن الوحدة االقتصادية المتنازل عنها قد احتفظت بذاتيتها واستمرت في مزاولة
نشاطها .و في هذا ورد قرار محكمة النقض الفرنسية اآلتي« :بالرغم من التغييرات الشكلية التي قد وقعت ،فإن المؤسسة
استمرت في مزاولة نفس النشاط السابق بنفس العمال ،نفس الزبائن ،و كذا نفس اإلنتاج» .فاطمة حداد .م.س .ص.84
11لتطبيق قاعدة استمرارية عقود الشغل ،يجب أن تستمر المؤسسة أو المقاولة ،وأن تباشر نفس النشاط السابق ،ومن
تم فإن تغيير المؤسسة لنشاطها يوقف تطبيق هذه القاعدة ،وكذا الحماية القانونية المصاحبة لها.
لهذه املسألة ،أي استمرار عقود الشــغل بالرغم من عدم وجود أية عالقة و رابطة
بين املشغلين املتعاقبين ،و لكنها أيضا تكون أعطت معايير تطبيق املادة L122-
و بمفهوم املخالفة لهذا القرار ،فإنه إذا تغيرت طبيعة النشاط ،فإن هذا يكون
موجبا إلنهاء عالقة الشغل بين املشغل الجديد و أجراء املقاولة السابقين.
كما حاول القضاء الفرنس ي ،توضيح مفهوم هذه القاعدة و إزالة الغموض
عنها ،هكذا أكد أن مقتضيات املادة 36من قانون العمل من النظام العام .و عليه
فأي اتفاق يقع بين املشغلين املتعاقدين ال يمكن أن يؤثرعلى استمرارية عقود شغل
األجراء ،و من تم فإن العقود الجارية تنتقل بمقتض ى القانون إلى املشغل الجديد،
و إذا كانت هذه القاعدة جذابة بالنسبة لألجراء لكونها ال تعيرأي اهتمام لذاتية
املشغل ،إال أنها قد تصطدم بالو اقع العملي النابع من التقلبات االقتصادية التي
تعرفها املؤسسة أحيانا .وهذا النص القانوني لم يلزم املشغل باالحتفاظ بنفس
نشاط املقاولة ،و بالتالي فإن التغيير الجوهري لنشاطها التجاري أو الصناعي يعني
تغيير املركز القانوني للمشغل والفصل في هذه الحالة يعتبر مبررا يخول لألجير
األجيرللخطإ الجسيم.
لهذه الو اقعة و أوجدت لها الحلول القانونية املالئمة ،و أن االجتهاد القضائي بدوره
أبلى البالء الحسن في إيجاد التقنيات القانونية الالزمة لحل كافة املعضالت
واإلشكاليات التي تطرح أمامه ،وأن الفقه قد أيد هذه الحلول التشريعية
والقضائية.12
إذا كان ال تأثيرعلى عقود شغل األجراء إثرانتقال املؤسسة أواملقاولة إلى الغير،
فإن بعض العناصر قد تؤدي إلى إبراز املشكل عند انتقال املؤسسة« ،كأجل
نفس األمريسري على «املنح» التي تؤدى بنسبة الجزء من السنة في نهاية السنة .لهذا
فالتدخل لصالح املبدأ و تليينه حسب الحاالت ،قد يطرح أزمة الثقة في هذا النص
القانوني (أي املادة 1/19من مدونة الشغل) ،بل وضد القضاء نفسه ،ألن مبدأ
استقرارالشغل الذي توخاه املشرع سيكون استقرارا وهميا أوظاهريا فقط ،ال يرمي
إلى الحل الذي يضمن الشغل القار .و في هذا اإلطار يجب على القضاء أن ينتبه إلى
التحايل و التدليس الذي يمكن أن يتم بين املشغل القديم و املشغل الجديد على
حساب األجراء ،و ذلك بفصلهم قبل انتقال املؤسسة أو املقاولة إلى املشغل الجديد،
حتى يتخلص هذا األخير من األعباء املالية الناتجة عن أقدمية األجراء في الشغل،
فالقضاء يجب أن يكون واعيا باإلشكالية و الحلول الواجبة كــلها ،رعيــا للمرونة التي
ينبغي أن تؤخذ بعين االعتبار لتكييف هذا النص القانوني ،كما يجب عليه أن يأخذ
بعين االعتبار وضعية املؤسسة في التكيف مع ضرورات التدبير الجديد الذي يؤدي
إلى التقليل من عدد األجراء و إدماجهم وفق شروط جديدة تتطلب مهارات كبيرة من
األجراء.
كذلك يطرح التساؤل حول إشكالية «تنازع القوانين» على إثر تفويت املقاولة
إلى الغير و أثره على األجراء السابقين .و بعبارة أكثر وضوحا ،ما الحكم في حالة تغيير
القانون الواجب التطبيق على األجير الذي انتقل على إثر تفويت أو بيع املقاولة من
أحكام القانون الخاص إلى القانون العام أو العكس؟ هل سيطبق عليه القانون
العام أوالخاص؟ أم ستسري عليه أحكام أخرى مشتركة باعتبارها األصلح لوضعية
األجير 13؟.
13محمد سعيد بناني .اإلعفاءات االقتصادية ووسائل اإلبراء .الندوة الثانية للقضاء االجتماعي .منشورات جمعية تنمية
البحوت والدراسات القضائية .الرباط 26-25فبراير 1992الموافق ل 21-20شعبان .1412ص.27-26
في نظرنا أنه انطالقا من الوضعية الجديدة التي أصبح يخضع لها األجيرإثرتغيير
املركز القانوني للمشغل ،فإن القانون الواجب التطبيق عليه هو القانون الجديد،
الذي أصبحت تخضع له املقاولة بعد التفويت .فمثال لو انتقلت املقاولة من إطار
والعكس صحيح ،أما إذا لم يحدث تغييرفي القانون ،أي بقاء املقاولة خاضعة لنفس
أيضا نتساءل عن مدى مشروعية الفصل الحاصل قبل تفويت املؤسسة أو
املقاولة؟.
في هذا الصدد أقرت محكمة النقض الفرنسية 14شرعية الفصل الو اقع قبل
تفويت املقاولة أو املؤسسة ،حيث ورد في قرارها ما يلي« :بأن الفصل L122-12AL2
(الذي تقابله املادة 36من قانون العمل) ال يتعارض مع الفصل ( L22-4الذي يعطي
الحرية لألطراف في إنهاء عقد العمل غيرمحدد املدة) فاملشغل الذي يفوت مؤسسته
ال يفقد حق إعفاء أجرائه – هذا الحق الذي يبقى يتمتع به إلى أن يتم التفويت
للفصل ،لكن كل ذلك مشروط بانتفاء إرادة التحايل على الفصل »L122-12AL2
14باستثناء قرارين فريدين لمحكمة النقض الفرنسية تقر فيهما بعدم شرعية الفصل قبل التفويت وهما الصادران
سنة .1974
و ما يستنتج من هذا القرار ،أن الفصل قبل التفويت ،ليس في حد ذاته غير
مشروع ،و إنما يصبح كذلك بالنظـر إلى بعض املالبسات التي تكون مصاحبة له،15
و إذا كنا قد تجاوزنا اإلشكال حول مدى مشروعية الفصل الناتج قبل تفويت
املقاولة أواملؤسسة .فإن التساؤل ما يزال عالقا حول مشروعية الفصل الو اقع بعد
ذلك بشكل سلبي على عقود شغل األجراء ،فاستمرارعالقات الشغل في حالة تعديل
الهيكل القانوني للمؤسسة ال يزيل سلطة املشغل في إنهاء عقود الشغل غيـرمـحددة
ففي املرحلة األولى ،و قبل التأثر بالتوجهات األروبية ،كانت محكمة النقض
الفرنسية تعتبر بأنه يمكن اللجوء إلى الفصل قبل تفويت املقاولة ،إذ كانت ترتكز
على أسباب اقتصادية أو تقنية تؤدي إلى حذف بعض الوظائف ،على أال يكون
قانون العمل) .و مثال ذلك إعادة تنظيم مصالح املؤسسة مما يضمن حسن سيرها.
املشغل بإقامة الدليل على كون الفصل الذي أقدم عليه هو ضروري لحسن سير
املؤسسة.
عملية إعادة التنظيم أو الصعوبات االقتصادية التي تعترض نشاطهم ،19و لكن
و من اإلشكاليات التي تطرح كذلك في هذا الصدد تلك التي تتعلق بتحديد نطاق
هل تنتقل وفق الشروط التي تعاقد بها األجراء مع املشغل القديم ،أم وفق الشروط
نرى أن األجراء سيستفيدون من الحقوق التي تعطيهم مزايا أفضل ،بحيث إنه
إذا كانت الحقوق التي يعطيها املشغل الجديد هي األفضل بالنسبة لألجراء فتستمر
19صدر في قرار لمحكمة النقض الفرنسية« :أن إعفاء أجير – احتفظ بعقد عمله أثناء التفويت – يمكن أن يجد تبريرا
له في إعادة الهيكلة التي قام المؤاجر الجديد و ليس من الضروري أن يكون اإلعفاء في هذه الحالة تعسفيا»
أوردته فاطمة حداد .م.س .ص.90
20كذلك من اإلشكاليات التي يمكن طرحها في هذا المجال ،نتساءل عن حاالت إثارة المسؤولية التضامنية للمشغلين
المتعاقبين عند القيام بالفصل قبل التفويت؟.
إن هذه المسؤولية يمكن إثارتها في حالتين اثنتين :أولهما ،عند التواطؤ بين المشغل األول والمشغل الثاني .وثانيهما،
عند انتماء المشغلين لنفس المجموعة.
21عبد الرحمان اللمتوني .حماية األجراء من آثار اندماج الشركات في ظل مدونة الشغل .المجلة المغربية لقانون األعمال
و المقاوالت ع.5س .2005ص.73
في السريان و العكس صحيح ،أي إذا كانت الحقوق التي التزم بها املشغل القديم هي
األفضل فهي الواجبة التطبيق على األجراء ،خاصة إذا كانت متضمنة في اتفاقية
هذه األخيرة في حياة الشركة ،ليس فقط فيما يخص حياتها االجتماعية التي تهم
أساسا األجراء ،و إنما أيضا في حياتها االقتصادية املرتبطة بسياستها اإلنتاجية و
مستوى مردوديتها .لذلك يبقى التساؤل مطروحا حول مآل االلتزامات املتبادلة
أما املشرع الفرنس ي فقد نص في املادة L132-8على مايلي « :إذا لم يكن املشغل
املقررة في االتفاقية الجماعية التي كانت تربطهم باملشغل السابق ،و ذلك ملدة ال
تتجاوز سنة و ثالثة أشهر على األكثر على أساس التفاوض من جديد مع املشغل
الجديد بمجرد انتهاء املدة املذكورة ،و ذلك قصد إبرام اتفاقية جديدة ،و إذا لــم تبرم
الجماعية املنتهية».
تغيير املركز القانوني للمشغل امللتزم ببنودها ،حيث يعفي املشغل الجديد من
و نرى في هذا اإلطار ،أن املادة 131من مدونة الشغل املغربية كانت أكثرحمائية
من املادة 8/123من قانون العمل الفرنسية ،حينما لم تقيد مفعول سريان
وفي األخير نتساءل عن أثر عدم تنفيذ املفوت إليه لاللتزامات الناشئة عن
مخطط التفويت؟
هناك أثران :أثرخاص ،يكون نتيجة عدم أداء مقابل التفويت فقط ،و في هذه
خاصا ،un Administrateur Spécialو تقوم بتحديد مهمة و مدة هذا األخير ،التي
ال يجوز أن تتجاوز ثالثة أشهر .و هناك أيضا أثر عام ،يترتب عند اإلخالل بالتزامات
)1994/06/10فرنسية إلى أنه يترتب عن تنفيذ املفوت إليه اللتزاماته فسخ مخطط
لقد أثيرالتساؤل حول ما إذا كان الفسخ يترتب عن اإلخالل بااللتزام بأداء الثمن
أم يشمل سائر االلتزامات املالية و غير املالية ،كااللتزام باستقرار الشغل و الحفاظ
ففي املرحلة األولى ،ساراالجتهاد القضائي الفرنس ي في اتجاه شمول الفسخ عدم
االلتزام بأداء الثمن فقط دون غيره من االلتزامات األخرى و سواء كانت ذات طبيعة
مالية أو غير مالية ،مما يستشف منه استثناء عقود الشغل ،و هكذا ورد في حكم
املحكمة التجارية بباريس 23ما يلي« :ال يمكن التصريح بفسخ املخطط لإلخالل
بالتعهدات غيرتلك املتعلقة بعدم أداء الثمن لعدم وجود مقتضيات قانونية صريحة
في املوضوع».24
22أحمد شكري السباعي .الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها .ج.2
نشر دار المعرفة الرباط .1998.ص 500و ما يليها.
23قرار مؤرخ في . 1987/07/30أشار إلى ذلك أحمد شكري السباعي .الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي
تعترض المقاولة ومساطر معالجتها .ج . 2م.س .ص .502
24و قد أكدت نفس المحكمة على ذلك المقتضى في الحكم المؤرخ في 1988/12/19الذي ورد فيه « :و ال يشكل في
أي حال من األحوال تسريح العمال إخالال بعدم أداء الثمن المنصوص عليه في المادة . »90وارد في مؤلف أحمد شكري
السباعي .الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها .ج . 2م.س .ص 340
وما يليها.
و في هذا الصدد يذهب األستاذ «إيف شارتيي» ...« :25إلى أن عدم أداء ثمن
التفويت يرتب فسخ املخطط و التصريح بالتصفية القضائية» و تساءل أيضا حول
ما إذا كان جزاء الفسخ يقع كذلك عند إخالل املفوت إليه باحترام تعهداته املتعلقة
باستمرارالشغل ومناصبه؟ فكان جوابه بالنفي ،ألن هذه التعهدات أو االلتزامات في
رأيه غيرتعاقدية ،26حيث تقررها املحكمة استجابة للصالح العام .إضافة إلى ذلك،
فاإلخالل بهذه املقتضيات و فصل األجراء يحمل املفوت إليه بأداء التعويضات
لألجراء .و نفس اإلتجاه سارعليه األستاذ «ميشيل جانتان» 27الذي ذهب إلى القول:
«أن املادة 90من قانون 1985-01-25ال تطبق 28عندما يتعلق عدم التنفيذ
بالتعهدات أوااللتزامات غير تلك املتعلقة بالثمن ،أي أن هذه املادة ال تسري على
فصل األجراء الذي يتم خرقا ملخطط التفويت ،إال أن املفوت إليه يسأل طبقا
لقواعد القانون العادي (أي قانون الشغل و القانون املدني) ،عن األهداف الناشئة
25أشار إلى ذلك أحمد شكري السباعي .الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر
معالجتها .ج . 2م.س .ص .502
26خالفا لاللتزام بأداء الثمن.
27أشار إليه األستاذ أحمد شكري السباعي .الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر
معالجتها .ج . 2م.س ص .503
28كان هذا قبل إضافة الفقرة األخيرة من المادة 89بمقتضى تعديل .1994/06/10
وبرمان» 29أن « :الفقرة 4الجديدة من املادة 89تعني " "Viseأي عدم تنفيذ سائر
تعهدات التزامات املفوت إليه ،30و ليس فقط االلتزامات املتعلقة بأداء الثمن».
وبخصوص املغرب ،فإنه لم يعرف مثل ذلك الخالف الفقهي الذي ساد في نظيره
الفرنس ي ،فهو تبنى تعديل 1994/06/10في الفقرة األولى من املادة 613من مدونة
التجارة ،حيث تنص هذه املادة األخيرة على ما يلي ...« :و إن لم يف املفوت إليه
بالتزاماته أمكن للمحكمة تلقائيا أن تقض ي بفسخ املخطط أو بناء على طلب
و في هذا يرى األستاذ أحمد شكري السباعي «: 31أن املشرع املغربي أعطى أهمية
بالغة الستمرار الشغل ومناصب العمل ،تفوق األهمية املعطاة لتصفية الخصوم و
أداء مستحقات الدائنين املرتبطة بثمن التفويت ،الذي قد يكون في ظروف سيئة،
و على العموم فإنه إذا ما تم فسخ مخطط التفويت ،فالتشريع املغربي نص على
بيع أموال املقاولة ،وفقا ألشكال التصفية القضائية حيث يخصص عائدها لدفع
29أحمد شكري السباعي .الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها .ج.2
م.س .ص .503
30بما فيها االلتزام بالحفاظ على استمرارية عقود الشغل.
31أحمد شكري السباعي .الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها .ج.2
م.س .ص .504
32المادة 2/613من م.ت.
القضائية ضد املفوت إليه املخل بالتزاماته ،بمجرد فسخ املخطط لعدم أداء ثمن
التشريعات املقارنة – ألزم املفوت إليه ،أي املشغل الجديد ،بتنفيذ التزامات
مخطط التفويت ،بما فيها االلتزام بالحفاظ على استمرارية عقود الشغل ،إال في
حاالت استثنائية اقتضتها الضرورات العملية ،و منها «تغيير طبيعية نشاط املقاولة
أو املؤسسة» ،حيث في هذه الحالة األخيرة يأتي مسلسل فصل األجراء أو بعضهم و
بالتالي انتهاء عقود شغلهم ،إذا كان تكوينهم ال يتالءم والنشاط الجديد للمقاولة،
33ورد في حكم المحكمة التجارية ألورليان« :إذا أدى عدم أداء الثمن إلى فسخ المخطط و العدول عن تفويت المقاولة
من طرف المحكمة ،فإن إعداد مخطط جديد للتفويت لفائدة شخص آخر ،ال يمكن استبعاده » حكم مؤرخ في .1987/02/11
و قضت محكمة النقض الفرنسية في 1993/06/22بأن «:فسخ مخطط التفويت ال يرتب بقوة القانون فسخ العقود
والتصرفات التي تم إبرامها إلنجازه».
أشار إلى ذلك أحمد شكري السباعي .الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها
.ج . 2.م.س .ص .504
= و الحظ أن إبرام عقود الشغل بعد فتح مسطرة التسوية القضائية يعد باطال في مدونة التجارة تطبيقا لنص المادة 682
من م.ت ،حيث يمارس السنديك دعوى البطالن طبقا للمادة 685من م.ت ،و إن تقرير البطالن مرده إلى منع إلحاق
الضرر بالدائنين ،فيكون إبرام تلك العقود بدافع المحاباة ليس إال ،لهذا يجب الحكم ببطالنه ،و هو ما قررته محكمة النقض
الفرنسية ،لما الحظت عدم توازن التزامات الطرفين كما حددها عقد الشغل التي صرحت ببطالنه ،و ذلك بناء على نص
المادة 107من القانون الفرنسي المؤرخ في 1985/01/25المتعلق بالتسوية و التصفية القضائية.
إدريس فجر .بطالن عقد العمل في ضوء القانون التجاري .الحدث القانوني .ع . 1س دجنبر . 1997ص .6-5
34أي الفقرة األخيرة من المادة 592من م.ت التي تنص على ما يلي ...«:إن هذه القرارات المصاحبة لالستمرارية
المذكورة أعاله ،إذا كانت ستؤدي إلى فسخ عقود العمل ،فإنه يجب تطبيق القواعد المنصوص عليها في مدونة الشغل»
35وإحالة المادة 592من م ت على مدونة الشغل يعد إفراغا للدور العالجي للمحكمة من أي محتوى ،حيث يسند لجهاز
إداري خارج أجهزة مسطرة المعالجة سلطة منح اإلذن باإلعفاءات من عدمه ،وبذلك تبقى المحكمة مكتوفة األيد طيلة مدة
قد تصل إلى ثالثة أشهر لتتخذ بعدها القرار المصاحب لالستمرارية في ضوء ما ينبئ به إذن السلطة اإلدارية.
محمد منعزل .أثر التسوية القضائية على إنهاء عقود العمل (مقارنة بين القانون الفرنسي والقانون المغربي) مجلة
المنتدى .ع .3س . 2002ص .156