Professional Documents
Culture Documents
عيشة خلدون أحمد بورزق
جامعة الجلفة ،الجزائر جامعة الجلفة ،الجزائر
achwak17@yahoo.com a.bourzgue@mail.univ-djelfa.dz
ملخص:
ساد االعتقاد بأف عقود اإلذعاف سبثل الًتبة اخلصبة اليت تنمو فيها الشروط التعسفية وىي اليت يكثر استعماذلا
من طرؼ األقوى اقتصاديا ،وىذا ما جعل بعض القوانُت يقرر احلماية من ىذه الشروط ،لكن ىذا ال يعٍت ارتباط
الشروط التعسفية بعقود اإلذعاف ،فهذه األخَتة تتطلب اح تكارا وتفوقا اقتصاديا حىت يطلق عليها ىذا الوصف بينما
تضمن العقود شروط تعسفية ليست زلصورة يف ىذا النطاؽ فقط ،فعقود اإلذعاف ىي اليت ينفرد فيها أحد طريف
العقد بتحديد شروطو وصياغة مضمونو ،وال ديلك الطرؼ اآلخر إىل القبوؿ دوف مناقشة ومفاوضة.
الكلمات المفتاحية :الشروط اجملحفة ،اإلذعاف ،تفسَت العقد ،تعديل العقد ،الطرؼ الضعيف.
Abstract:
It was believed that compliance contracts represent the fertile soil in which
arbitrary conditions grow and are frequently used by the economically stronger,
and this is what made some laws decide to protect against these conditions, but this
does not mean that arbitrary conditions are linked to compliance contracts, since
the latter requires monopoly and economic superiority until It is called this
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
description, while the contracts contain arbitrary conditions that are not limited to
this scope only. Compliance contracts are in which one of the contracting parties
determines its conditions and formulates its content, and the other party does not
have the right to accept without discussion and negotiation.
key words: abusive conditions , Compliance , Interpretation of Contract
Modification of Contract , Weak Party .
مقدمة:
إف حدوث الثورة الصناعية وما ترتب عنها من تطور يف التصنيع وتركيز آللة اإلنتاج قد أفرز نوعا جديدا من
العقود يأىب ادلناقشة وادلساومة ،فهي اليت ديليها أحد ادلتعاقدين على اآلخر الذي ال ديلك سوى قبوؿ العقد برمتو أو
رفضو برمتو ،وىو يف كثَت من احلاالت ال يستطيع رفضو ،بل يضطر إىل التعاقد لعدـ وجود البديل وحلاجتو للتعاقد،
فينتكس بذلك مبدأ سلطاف اإلرادة ،ويذىب مبدأ العقد شريعة ادلتعاقدين أدراج الرياح.
فالشروط اجملحفة أو التعسفية ال ربتاج دائما إىل وجود عالقة إذعاف وانقياد للقوؿ بوجودىا ،كما أف
الشروط التعسفية ال زبتفي باختفاء اإلذعاف من الرابطة العقدية ،فرغم وجود مساومة ومفاوضة بُت الطرفُت على بنود
العقد فإف ىذا ال يعٍت عدـ وجود مثل ىذه الشروط.
فاألمر ال يقتصر اليوـ على عقود احتكار أو عقود إذعاف بل ديتد إىل مساحة كبَتة من العقود اليومية ،وبالتايل
1
فإف النظم القانونية احلديثة كلها تسعى إىل ربسُت وضع الطرؼ األقل خربة أو كفاءة.
وتكمن أمهية ىذا ادلوضوع إىل انتشار أنواع من العقود مقًتنة بشروط رلحفة وتعسفية تؤثر على أىم ركن فيو
وىو ركن الرضا ،كذلك انتشر ما يسمى بعقود اإلذعاف اليت ينفرد فيها الطرؼ األقوى الذي يقدـ خدمة أو سلعة
زلتكرة بفرض شروطو اليت يف الغالب ما ربققو لو مصلحتو ،وتضر دائما بالقابل ،الذي ينحصر دوره يف إبراـ العقد يف
القبوؿ أو الرفض ،وقد اعتمدت على ادلنهج االستقرائي وذلك باستقراء ما كتب يف ادلوضوع وتتبع مضانو وتتبع اآلراء
الفقهية والقانونية ادلتعلقة بو ،باإلضافة إىل ادلنهج ادلقارف.
واإلشكالية ادلطروحة ىي كيف عالج المشرع مسألة حماية الطرف الضعيف في الرابطة العقدية من
الشروط المجحفة في عقود اإلذعان؟.
وقد قسمت ىذه الدراسة إىل مبحثُت:
المبحث األول :إمكانية تعديل الشروط التعسفية أو استبعادىا
المبحث الثاني :إمكانية تدخل المشرع في تفسير الشروط الواردة في عقود اإلذعان
1حسن عبد الباسط مجيعي ،أثر عدـ التكافؤ بُت ادلتعاقدين على شروط العقد ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،1996 ،ص .101
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
يتضح من ىذا النص أف ادلشرع قد وفر محاية فعالة للطرؼ ادلذعن من الشروط التعسفية الواردة يف عقود
اإلذعاف ،وذلك نظرا ألف ىذا األخَت ال يستطيع مناقشة ىذه الشروط اليت يستقل ادلوجب بصياغتها ،فيدرج ما شاء
من الشروط التعسفية يف العقد ،فيؤدي إىل إخالؿ التوازف العقدي بُت األداءات ادلتقابلة ألطراؼ الرابطة العقدية.
المطلب الثاني :حدود سلطة القاضي في تعديل الشروط المجحفة
سبتد سلطة القاضي إىل تعديل كافة شروط العقد دوف استثناء سواء علم هبا الطرؼ ادلذعن وقت
التعاقد وتنبو ذلا أـ مل يتنبو ذلا ،ففي مجيع األحواؿ يتوافر اإلذعاف بالقبوؿ دوف مناقشة الشروط اليت انفرد الطرؼ
القوي بإعدادىا لتحقيق مصلحتو ولكن جيب مراعاة أف بعض الشروط يف عقد اإلذعاف قد تكوف زلل مناقشة
ويكتب ما ًب االتفاؽ عليو خبط اليد تعديال على الشروط ادلطبوعة ،وتلك الشروط زبرج عن إطار عقد اإلذعاف
1
باعتبارىا شروطا تفاوضية شريطة أف يكوف التفاوض بشأهنا حقيقيا وليس رلرد ملء بعض البيانات خبط اليد.
وتنحصر سلط ة القاضي إما يف تعديل الشرط العقدي اجلائر أو اإلعفاء منو فتلك السلطة قاصرة على
الشروط التعسفية اليت تضر بالطرؼ ادلذعن وربقق مصلحة غَت مربرة للطرؼ القوي ،فيجب أف يبدأ القاضي بالبحث
عما إذا كاف الشرط زلل التقاضي شرطا تعسفيا أـ ال؟ وحيدد القاضي ذلك يف ضوء اعتبارات العدالة وجيب أف يقوـ
القاضي بادلوازنة بُت ادلنافع اليت تعود على الطرؼ القوي من الشرط وادلضار اليت يتحمل هبا الطرؼ ادلذعن يف ادلقابل
وتتسع سلطة القاضي إىل حد إلغاء الشرط الذي يثبت أف ادلذعن مل يطلع عليو ومن ٍب مل يتوافر الرضاء بو ،وحيدث
2
ذلك بصدد الشروط ادلكتوبة يف الوثيقة خبط صغَت أو يف مكاف غَت واضح.
ويتضح شلا تقدـ أف سلطة القاضي إزاء الشروط التعسفية يف عقود اإلذعاف سلطة واسعة ال يتقيد يف
شلارستها إال دبا تقضي بو العدالة ،فالقاضي يسلك كل ما من شأنو أف يزيل ما يف الشرط من تعسف وجور عن طريق
تع ديل الشرط ،فإذا وجد أف ىذا التعديل ال يكفي لرفع التعسف وربقيق العدالة جاز لو أف يعفيو منو فادلظهر
األساسي للحماية اليت يضفيها القانوف على الطرؼ ادلذعن تتمثل يف رفع الضرر الذي قد يلحقو نتيجة النص يف
3
العقد على بعض الشروط التعسفية ولو عن طريق إىدار القاضي ذلذه الشروط كلية.
وتعترب سلطة القاضي يف التدخل لتحقيق التوازف العقدي عن طريق تعديل أو إلغاء الشروط التعسفية
من األمور اليت ال تتعلق بالنظاـ العاـ ،لذلك أبطل ادلشرع كل اتفاؽ حيوؿ دوف تدخل القاضي لتنفيذ األمر الذي
1حساـ الدين كامل األىواين ،محاية ادلستهلك يف إطار النظرية العامة للعقد ،محاية ادلستهلك يف إطار النظرية العامة للعقد ،حبث مقدـ يف ندوة محاية
ادلستهلك يف الشريعة والقانوف ،واليت نظمتها كلية الشريعة والقانوف جبامعة األمارات العربية ادلتحدة خالؿ الفًتة من 7-6ديسمرب ،1998نقال عن تامر
زلمد سليماف الدمياطي ،الشروط التعسفية كسب الختالؿ التوازف العقدي يف عقود االستهالؾ ،رللة كلية الدراسات العليا ،كلية الشرطة ،العدد ،20
،2009ص.325
2حساـ الدين كامل األىواين ،نقال عن تامر زلمد سليماف الدمياطي ،ادلرجع السابق ،ص.325
3انظر عبد الفتاح عبد الباقي ،موسوعة القانوف ادلدين ادلصري ،نظرية العقد واإلرادة1984 ،ـ ،ص .100
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
جيعل من سلطة القاضي ىذه حكما أمرا ال جيوز سلالفتو 1،ولكن جيب أف يطلب الطرؼ ادلذعن ىذه احلماية من
القاضي يف أية حالة كانت عليها الدعوى ،ألف احلماية مقررة دلصلحتو وللطرؼ ادلذعن أف يطلب ذلك أماـ قاضي
2
ادلوضوع ،ولكنو ال جيوز أف يطلبو ألوؿ مرة أماـ زلكمة النقض ألف التمسك بو خيالط يف الواقع القانوف.
بيد أف ادلشرع ادلصري أطلق يد القاضي يف إعادة التوازف ادلفقود إىل العقد 3،ونستطيع أف نلمس ذلك يف عدـ
قيامو بوضع معيار يستهدي بو عند تقدير وجود الشروط اجملحفة اليت قد يتضمنها ىذا النوع من العقود ،ودوف أف
4
يقيده يف ذلك أي قيد إال قيد العدالة الذي جيب أف يتوخاه عند تقدير ذلك.
وقد انتقد جانب من الفقو مسلك ادلشرع دبنح قاضي ادلوضوع سلطة إعادة النظر يف شروط العقد على أساس
نظاـ خاص لتفسَت عقود اإلذعاف ،باعتبار أهنا طريقة ذلا أخطارىا ادلخيفة ،وتطوي على عدـ حكمو ،إذ أف ذلك
5
هبدـ توازف العقد وحيدث االضطراب يف العالقات االقتصادية بسلطة ربكمية.
كما أف سلطة القاضي يف تعديل الشروط التعسفية أو إعفاء الطرؼ ادلذعن منها ال تتواءـ مع األصوؿ
ادلعتربة يف التفسَت القانوين ،واليت توجب االلتزاـ بادلعٌت ادلستفاد من عبارة العقد مىت كانت واضحة ،حبيث ال جيب
6
العدوؿ عن ىذا ادلعٌت بدعوى تفسَتىا.
ويستند ىذا الرأي يف رفضو للتوسع يف محاية الطرؼ ادلذعن على النحو الوارد بادلادة 149من القانوف ادلدين،
بأف السلطات اليت منحها ادلشرع للقاضي تتجاوز حدود سلطة القضاء عند تفسَت العقود ،إذ أنو ديلك إزاء الشروط
التعسفية ،تعديلها بل إىدارىا ،إذا اقتضت منو ذلك العدالة وشرؼ التعامل ،يف حُت أف مهمة القاضي ،وفقا
للقواعد العامة تقتصر يف شأف العقود على رلرد تفسَتىا ،بغية إعماؿ حكم القانوف فيها ،دوف أف يًتخص لو يف أف
7
جبري تعديال فيها أو إىدارا لشروطها.
30
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
المبحث الثاني :إمكانية تدخل المشرع في تفسير الشروط الواردة في عقود اإلذعان
تفسَت العقد ىو تلك العملية اليت يقوـ هبا ادلفسر بسبب ما اعًتى العقد من غموض ،للوقوؼ على اإلرادة
3
احلقيقية ادلشًتكة للطرفُت ادلتعاقدين ،مستندا يف ذلك إىل صلب العقد والعناصر اخلارجة عنو وادلرتبط بو.
فيهدؼ التفسَت إىل ربديد معٌت النصوص الواردة يف عقد معُت ،وذلك إذا مل تكن النصوص واضحة
4
تكشف جبالء عن قصد ادلتعاقدين ،حىت ديكن ربديد مضموف العقد والوقوؼ على االلتزامات اليت يولدىا.
المطلب األول :تفسير العقد في الفقو اإلسالمي
1انظر عاطف عبد احلميد حسن ،ادلرجع نفسو ،ص .118وحسن عبد الباسط مجيعي ،ادلرجع السابق ،ص .246
2حسن عبد الباسط مجيعي ،ادلرجع السابق ،ص .247
3عبد احلكم فودة ،تفسَت العقد يف القانوف ادلدين ادلصري وادلقارف ،منشأة ادلعارؼ ،اإلسكندرية ،مصر ،2002 ،ص .15
4توفيق حسن فرج ،النظرية العامة لاللتزاـ ،مصادر االلتزاـ مع مقارنة بُت القوانُت العربية ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،مصر ،ص .647
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
ادلذاىب الفقهية اختلفت فيما بينها حوؿ تفسَت التصرفات والعقود ذلك أف منها من وقف عند اللفظ دوف
اخلوض يف النوايا الداخلية ألطراؼ التصرؼ ودوف التعويل عليها .ومنها من مل يكتفي إال باأللفاظ والصيغ اليت صاغ
1
هبا األطراؼ تصرفاهتم وراح يفتش عن النوايا والبواعث اخلفية وأقاـ حكمو عليها.
فاحلنابلة وادلالكية يروف بوجوب االعتداد باإلرادة الباطنة يف كل حالة نتيقن فيها من وجود ىذه اإلرادة حىت
مع صراحة النص 2،يقوؿ صاحب أعالـ ادلوقعُت( :ومن تدبر مصادر الشرع وموارده تبُت لو أف الشارع ألغى األلفاظ
اليت مل ي قصد ادلتكلم هبا معانيها ،بل جرت على غَت قصد منو كالنائم والناسي والسكراف واجلاىل وادلكره وادلخطئ
3
من شدة الفرح أو ادلرض وضلوه.)...
وقولو( :وقد تظاىرت أدلة الشرع وقواعده على أف القصود يف العقود معتربة ،وأهنا تؤثر يف صحة العقد وفساده
4
ويف حلو وحرمتو .)...
فا حلنابلة مثال يروف أف بيع العصَت دلن يعتقد أنو يتخذه مخرا زلرـ 5.وكذلك السالح يبيعو الرجل دلن يعرؼ أنو
يقتل بو مسلما حراـ باطل دلا فيو من اإلعانة على اإلٍب والعدواف ،وإذا باعو دلن يعرؼ أنو جياىد يف سبيل اهلل فهو
6
طاعة وقربة.
أما احلنفية والشافعية فهم يأخذوف باإلرادة الظاىرة دوف التعويل على النية والباعث..... ،وقد أفصح صاحب
ادلذىب عن ىذا االذباه يف عبارات واضحة إذ يقوؿ( :أصل ما أذىب إليو أف كل عقد كاف صحيحا يف الظاىر مل
أبطلو بتهمة ،وال بعادة بُت ادلتابعُت ،وأجزتو بصحة الظاىر ،وأكره ذلما النية ،إذا كانت النية لو أظهرت كانت تفسد
البيع ،وكما أكره للرجل أف يشًتي السيف على أف يقتل بو ،وال حيرـ على بائعو أف يبيعو شلن يراه أنو يقتل بو ظلما،
ألنو قد ال يقتل بو ،وال أفسد عليو ىذا البيع ،وكما أكره للرجل أف يبيع العنب شلن يراه أنو يعصره مخرا ،وال أفسد
البيع إذا باعو إي اه ،ألنو باعو حالال ،وقد ديكن أال جيعلو مخرا أبدا ،ويف صاحب السيف أال يقتل بو أبدا ،وكما أفسد
نكاح ادلتعة ،ولو نكح رجل امرأة عقدا صحيحا ،وىو ينوي أال ديسكها إال يوما ،أو أقل ،أو أكثر ،مل أفسد النكاح
7
إمنا أفسده أبدا بالعقد الفاسد).
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
ويرى السنهوري أف الفق و اإلسالمي يف نزعتو موضوعية ،والعربة فيو باإلرادة الظاىرة ال باإلرادة الباطنة،
ويتضح ذلك يف وضوح عندما ننظر كيف تفسر العقود إذ جيب الوقوؼ عند الصيغ والعبارات الواردة يف العقد
واستخالص معانيها الظاىرة دوف االضلراؼ عن ادلعٌت الظاىر إىل معاف أخرى حبجة أهنا ىي ادلعاين اليت تتمثل فيها
1
اإلرادة الباطنة.
ويرد على من قاؿ بوجوب االعتداد باإلرادة الباطنة بأنو إذا صح من أنو يعتد بادلقاصد وادلعاين ،فإف ىذا
عند إمعاف النظر ال يعٍت أنو يعتد باإلرادة الباطنة ،فادلقاصد وادلعاين اليت يعتد هبا ىي ىذا اليت تستخلص من
العبارات والصيغ ادلستعملة أو من دالئل موضوعية وعالمات مادية ،فال صلاوز ىذا البحث ادلوضوعي إىل حبث ذاٌب
2
نستشف بو الضمَت ونستكشف خفايا األنفس.
ويدعم ذلك قواعد كلية وىي:
ػ األصل في الكالم الحقيقة :فال جيوز محل اللفظ على اجملاز إذا أمكن محلو على ادلعٌت احلقيقي .فإذا وقف
3
على أوالده ،أو أوصى ذلم ،ال يدخل يف ذلك ولد الولد يف األصح.
4
ومنها لو وقف على ورثة زيد ،وىو حي ،مل يصح ،ألف احلي ال ورثة لو.
ػ ولكن ،إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز ،فلو ذكر الواقف أف الوقف ألوالده ًب تويف ومل يكن لو
أوالد ،بل كاف لو أحفاد ،فحينئذ حيمل لفظ األوالد
5
على األحفاد رلازا لتعذر محلو ادلعٌت احلقيقي ،ويستحق األوالد غلة الوقف.
ػ ال عبرة للداللة في مقابل التصريح :فإذا تعارض ادلفهوـ صراحة مع ادلفهوـ ضمنا ،قدـ األوؿ على الثاين،
ألف الداللة ادلادية يف الصريح أبلغ .مثل ذلك أف يهب شخص شيئا آلخر ،فقبض ادلوىوب يف رللس اذلبة ولو بغَت
إذف الواىب صحيح ألف إجياب الواىب يف رللس اذلبة إذف ضمٍت ،لو هنى الواىب ادلوىوب لو عن القبض صراحة مل
6
يصح قبض ،ألف اإلذف الصريح يقدـ على النهي الضمٍت.
1عبد الرازؽ السنهوري ،مصادر احلق يف الفقو اإلسالمي ،دراسة مقارنة بالفقو الوضعي ،مؤسسة التاريخ العريب ،دار إحياء الًتاث العريب،
بَتوت ،لبناف ،الطبعة األوىل ،ادلرجع السابق.)23/6( ،
2عبد الرازؽ السنهوري ،ادلرجع نفسو .)23/6( ،
3السيوطي ،األشباه والنظائر يف قواعد وفروع الشافعية ،ربقيق زلمد حسن زلمد حسن إمساعيل الشافعي ،دار الكتب العربية ،بَتوت ،لبناف،
الطبعة األوىل 1419 ،ىػ1998/ـ .)135/1( ،وىي تقابل ادلادة 12من رللة األحكاـ العدلية .انظر صبحي زلمصاين ،فلسفة التشريع يف
اإلسالـ ،دار العلم للماليُت ،بَتوت ،لبناف ،الطبعة الثالثة ،1961 ،ص .283
4السيوطي ،ادلرجع السابق.)136/1( ،
5وىي تقابل ادلادة 61من اجمللة .انظر صبحي زلمصاين ،ادلرجع السابق ،ص .283
6عبد الرزاؽ السنهوري ،ادلرجع السابق.)26/6( ،
37
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
ػ دليل الشيء في األمور الباطنة يقوم مقامو ،يعني أنو يحكم بالظاىر فيما يتعذر االطالع عليو:
فاستعماؿ اآللة ادلفرقة لألجزاء دليل على نية القتل ،وإذا تناوؿ ادللتقط اللقطة بنية ردىا لصاحبها ،وضاعت منو دوف
تقصَت فال يضمن.
ػ قاعدة إعمال الكالم خير من إىمالو :كمن وقف على أوالده وليس لو إال أوالد األوالد محل ادلعٌت عليهم
1
لتعذر احلقيقة وصونا للفظ عن اإلمهاؿ .
2
ومنها قولو لزوجتو يف مصر :أنت طالق يف مكة ،تطلق يف احلاؿ.
والعوامل اليت يسًتشد هبا يف ربديد نطاؽ العقد يف الفقو اإلسالمي ما يلي:
1ـ العرف والعادة :فالقاعدة أف العادة زلكمة 3،وأصلها قولو « :ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اهلل
4
حسن ».
ولو رجع إىل أحكاـ الفقو اإلسالمي لوجد أف العرؼ والعادة معترباف يف مسائل عديدة فيو ،ومنها سن احليض
والبلوغ واإلنزاؿ ،وأقل احليض ...على أف العادة لتصبح زلكمة شرعا جيب
5
أف تستويف بعض الشروط:
أوال :أف تكوف مقبولة عند الطباع السليمة.
ثانيا :جيب أف تكوف من األمور ادلتكررة ويعترب العرؼ السابق أو ادلقارف للمعامالت دوف العرؼ ادلتأخر
الطارئ.
ثالثا :ال عربة بالعرؼ إذا كاف بُت الطرفُت شرط سلالف.
2ـ طبيعة االلتزام :وطبيعة االلتزاـ تقتضي أف يلحق العُت ما ىو تابع ذلا وما تستلزمو تلك الطبيعة من
6
ملحقات ،وىناؾ قواعد كلية يف ىذا ادلعٌت ،نذكر منها:
ػ التابع تابع :ومنها احلمل يدخل يف بيع األـ تبعا ذلا ،فال يفرد بالبيع.
30
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
ػ التابع يسقط بسقوط ادلتبوع :فمن فاتتو صالة يف أياـ اجلنوف ،ال يستحب قضاء رواتبها ،ألف الفرض سقط،
فكذا تابعو.
ػ الفرع يسقط بسقوط األصل :وىي قريبة من القاعدة السابقة ،فإذا برئ األصيل برئ الضامن ،ألنو فرعو.
خبالؼ العكس.
المطلب الثاني :تفسير العقد في القانون
ال تقتصر احلماية التشريعية عند ىذا احلد بتعديل الشروط التعسفية الواردة يف عقود اإلذعاف أو إعفاء
الطرؼ ادلذعن منها كلية ،بل سبتد ىذه احلماية لتشمل تأويل الشك دلصلحة الطرؼ ادلذعن.
والعقد من حيث التفسَت لو حاالت ثالث:
أ ػ فإما أف تكوف عبارة العقد واضحة ،فال جيوز االضلراؼ عنها عن طريق تفسَتىا فتنص ادلادة
1/111ؽ ـ ج ( :إذا كانت عبارة العقد واضحة فال يجوز االنحراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف
على إرادة المتعاقدين).
ويف ىذا الصدد حيب أف نفرؽ بُت حالتُت:
1ػ أف تكوف العبارة واضحة واإلرادة واضحة :إذا كانت عبارة العقد واضحة ،افًتض القاضي أف ىذه العبارة
الواضحة تًتجم بأمانة عن اإلرادة ادلشًتكة للمتعاقدين ،فتكوف ىذه اإلرادة ىي أيضا واضحة ،ويف ىذه احلالة ال جيور
للقاضي حب جة أنو يفسر العقد ،أف ينحرؼ عن ادلعٌت الظاىر للعبارة إىل معٌت خخر ،ويعترب االضلراؼ عن عبارة العقد
1
الواضحة ربريفا ذلا ومسخا وتشويها ،شلا يوجب نقض احلكم.
2ػ أف تكوف العبارة واضحة واإلرادة غَت واضحة :يف ىذه احلالة تكوف العبارة يف حد ذاهتا واضحة ،ولكن
الظ روؼ تدؿ على أف ادلتعاقدين أساءا استعماؿ ىذا التعبَت الواضح ،فقصدا معٌت وعربا عنو بلفظ ال يستقيم يف ىذا
2
ادلعٌت .ففي ىذه احلالة ال يأخذ القاضي بادلعٌت الواضح للفظ ،بل يعدؿ عنو إىل ادلعٌت الذي قصد إليو ادلتعاقداف.
ب ػ وإما أف تكوف عبارة العقد غَت واضحة ،فتكوف حباجة إىل تفسَت ،وجيب يف تفسَتىا البحث عن النية
ادلشًتكة للمتعاقدين .وتنص الفقرة الثانية من ادلادة 111يف ىذا الصدد على ما يأٌب( :أما إذا كان ىناك محل
لتأويل العقد ،فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي لأللفاظ مع
االستهدا ء في ذلك بطبيعة التعامل ،وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين ،وفقا للعرف الجاري
في المعامالت).
30
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
مل يعرؼ ادلشرع العبارة الغامضة ،فحاوؿ الفقو والقضاء حصر بعض حاالت غموض العبارة ،ونذكر من ىذه
1
احلاالت:
-العبارة ادلبهمة ،وىي العبارة اليت ال تفيد شيئا ،فيصعب االطالع على إرادة ادلتعاقدين.
-العبارة اليت ربمل أكثر من داللة ،فهي عبارة غر دقيقة ذبعلنا نتساءؿ عن ادلعٌت الذي انصرفت إليو إرادة
ادلتعاقدين.
-العبارة الواضحة يف حد ذاهتا واليت تتعارض مع عبارات أخرى واضحة ،ىذا التعارض بُت العبارات الواضحة
يرتب غموضا خبصوص إرادة ادلتعاقدين.
-تناقض مضموف بعض العبارات مع األحكاـ الكلية للعقد.
-إغفاؿ ادلتعاقدين بعض التفاصيل.
ويتضح من أحكاـ ادلادة 111ؽ ـ ج أف القاضي ملزـ بالبحث عن النية ادلشًتكة يف ضوء :طبيعة
التعامل ،واألمانة والثقة ،والعرؼ.
-طبيعة التعامل :وديكن أف نكتشف النية ادلشًتكة للمتعاقدين على ضوء طبيعة التعامل .فمن باع عينا يعترب
أنو باع باإلضافة إىل أصل العُت ملحقاهتا الضرورية وكل ما أعد بصفة دائمة الستعماذلا طبقا دلا تقضي بو طبيعة
األشياء...
-األمانة والثقة :واألمانة واجب على ادلتعاقد ،والثقة حق لو .ومن مقتضى كالمهما أف يفسر القاضي العقد
وفقا دلا جيب أف يسود التعاقد من أمانة لدى طرفيو ،وثقة كل منهما يف اآلخر.
ودبفهوـ ادلخالفة ديتنع ادلتعاقد عن الغش واحليل واذلزؿ يف ادلعامالت ،بل يلتزـ بالتعاوف مع ادلتعاقد معو ،فيطلعو
2
على كل األمور اليت جيهلها واليت هتم ادلعاملة.
-العرف الجاري في التعامل :العرؼ جيري رلرى القانوف بوجو خاص يف ادلسائل التجارية والبحرية ويتصل
3
بالعرؼ الشروط ادلألوفة يف التعامل ،فتضاؼ إىل العقد اليت جرت العادة بإدراجها فيو وإف مل تدرج فعال.
ج ػ وعندما يقوـ الشك يف تبُت اإلرادة بعد زلاولة القاضي البحث عن النية ادلشًتكة للمتعاقدين عند تفسَت
عبارة العقد غَت الواضحة ،فعند ذلك يفسر الشك دلصلحة ادلدين يف غَت عقود اإلذعاف ،حيث تنص ادلادة 112ؽ
ـ ج وتقابلها 151من ؽ ـ ادلصري على أنو( :يؤول الشك في مصلحة المدين.
غير أنو ال يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود اإلذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن).
1فياليل علي ،علي فياليل ،االلتزامات – النظرية العامة للعقد ،موفم للنشر ،اجلزائر ، ،2010،ص .387
2علي فياليل ،ادلرجع السابق ،ص.391
3عبد الرزاؽ السنهوري ادلرجع السابق.)13/6( ،
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
ومعٌت الشك يف ىذه احلالة أف يًتاوح التفسَت بُت وجوه متعددة وال ترجيح لوجو على اآلخر.
فيفسر الشك دلصلحة ادلدين ،أو يأخذ بادلعٌت الذي كوف محاية دلصلحة ادلدين ،وىذا يكوف شلا ال شك فيو
على حساب مصلحة الدائن.
فإذا كنا بصدد عقد بيع مثال وثار الشك حوؿ شرط يتعلق بدفع الثمن ،والثمن ديثل التزاما على عاتق ادلشًتي
وىو حق للبائع ،فسر ىذا الشك دلصلحة ادلشًتي ألنو ادلدين يف االلتزاـ يدفع الثمن ،أما إذا ثار الشك حوؿ االلتزاـ
بنقل ادللكية أو ضماف التعرض وادلدين ىو البائع ،فسر ىذا الشك دلصلحة البائع.
وىذا ما صلده يف العقود ادللزمة جلانبُت ،إذ يكوف طريف الرابطة العقدية دائنا ومدين يف نفس الوقت ،أما يف
العقود ادللزمة جلانب واحد فإف ربديد صفة ادلدين ال حيتاج إىل ضبط باعتبار أف ىذه العقود ال يوجد فيها إال مدين
واحد.
1
ويربر ىذا القاعدة االعتبارات التالية:
ػ األصل براءة الذمة وااللتزاـ ىو االستثناء ،واالستثناء ال جيوز التوسع فيو.
ػ الدائن ىو الذي ديلي االلتزاـ على ادلدين ،وعليو أف يتحمل إذف مسؤولية إمالئو ادلبهم.
ػ الدائن يتحمل إثبات االلتزاـ ،وإذا عجز عن ذلك نتيجة شك فمن ادلنطقي أف يتحمل النتيجة.
المطلب الثالث :االستثناء وتفسير الشك في عقود اإلذعان لمصلحة الطرف المذعن
خرج ىذا النص على القواعد العامة يف التفسَت عن طريق تفسَت الشك يف عقود اإلذعاف دلصلحة
الطرؼ ادلذعن ،ويتضح من ذلك أف احلماية اليت قررىا القانوف للمذعن ال تقف عند رقابة القاضي للشروط
التعسفية ،بل أضاؼ القانوف طريقا جديدا حلماية الطرؼ ادلذعن يتمثل يف تفسَت الشروط الغامضة بػما حيقق مصلحة
ادلذعن يف مجيع األحواؿ ،سواء كاف مدنيا يف
الشرط الغامض ادلراد تفسَته أو كاف دائنا.
ويطرح التساؤؿ عن مربرات تفسَت الغموض دلصلحة ادلذعن يف عقد اإلذعاف؟
واجلواب أف الفقو قد اختلف يف اإلجابة عن ىذا التساؤؿ:
فالغالبية العظمى من الفقهاء تبعا دلا جاء يف ادلذكرة اإليضاحية تذىب إىل أنو( :لقد استثٌت ادلشرع من ىذا
األصل عقود اإلذعاف فقضى بأف يفسر الشك فيها دلصلحة العاقد ادلذعن دائنا كاف أو مدينا ،فادلفروض أف العاقد
اآلخر وىو أقوى العاقدين يتوافر لو من الوسائل ما ديكنو من أف يفرض على ادلذعن عند التعاقد شروطا واضحة بينة،
فإذا مل يفعل ذلك أخذ خبطئو أو تقصَته ومحل تبعتو ،ألنو يعترب متسببا يف ىذا الغموض.
1عبد الرزاؽ السنهوري ادلرجع السابق .)11/6( ،وعلي فياليل ،ادلرجع السابق ،ص.393
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
بل أف البعض ذىب إىل أبع د من ذلك يف سبيل تدعيم ىذا االذباه فَتى أف صياغة شروط عقد اإلذعاف من
جانب الطرؼ القوي بطريقة غامضة يعترب خطأ يًتتب عليو مسؤوليتو ،ودلا كاف أفضل التعويض ىو ما كاف عينا ،فإف
تفسَت الشك دلصلحة ادلذعن يكوف ىو أفضل تعويض ديكن ذلذا األخَت احلصوؿ عليو.
وذىب عبد ا حلي حجازي ػ رمحو اهلل ػ إىل أف أساس تفسَت الشروط الغامضة يف عقد اإلذعاف دلصلحة ادلذعن
ليس ىو مسؤوليتو عن الغموض يف التعبَت ،بقدر ما ىو محاية الطرؼ الضعيف يف عقد اإلذعاف ،فأساس ىذا النص
االستثنائي يكمن يف العدالة ال يف ادلسؤولية فالقانوف يريد أف يأخذ بيد الضعيف وحيميو من جور الطرؼ القوي.
والباحث يؤيد ىذا ،ذلك ألنو رغم اعًتاؼ ادلشرع بكوف عقود اإلذعاف عقودا بادلعٌت الصحيح ،إال أنو مل
يغفل كوف ىذه العقود تتميز بسمة معينة وىي عدـ التوازف يف القوى وعدـ التساوي يف ادلركز بُت ادلتعاقدين .فأعطى
ادلتعاقد الضعيف بعض الرعاية حلمايتو.
فعقود اإلذعا ف تتضمن يف الغالب عبارات غامضة وصيغ مهمة وشروط متناقضة أو غَت متوافقة فيما بينها،
ومن ىنا تبدوا فعالية ىذه الوسيلة يف محاية ادلذعن ،إذ عن طريق ىذا الغموض أو ذلك اإلهباـ يستطيع القاضي أف
يتدخل يف العقد دلصلحة ادلذعن.
فعقد التأمُت مثال يفسر دائما ،يف االلتزامات اليت يًتتب يف ذمة شركة التأمُت ،دلصلحة ادلؤمن لو ال دلصلحة
1
الشركة.
وقد تبٌت ادلشرع اجلزائري منهجا مطابقا دلنهج ادلشرع ادلصري قي شأف محاية الطرؼ ادلذعن يف عقود
اإلذعاف ،وىذا ما يتبُت من تطابق نص ادلادة 112ؽ ـ ج مع نص ادلادة 151ؽ ـ مصري ،وإذا كاف ادلشرع
ادلصري قد صلح يف صياغة الفقرة األوىل من ادلادة 151بإيراد لفظ (الشك) مطلقا ،إال أنو قيد بال مربر سلطة
القاضي يف تفسَت الشروط الواردة يف عقود اإلذعاف حينما حدد شلارسة ىذه السلطة يف حدود (الشروط الغامضة)،
فمن ادلعروؼ أف التفسَت وفقا دلا استقر عليو الفقو والقضاء يف مصر ال يقتصر على تفسَت الشروط الغامضة وإمنا قد
2
ديتد ليشمل كل شروط التعاقد حىت ما كاف منها واضحا.
الخاتمة:
إف النتاج ادلتوصل إليها من خالؿ ىذه الدراسة ىي:
-قد يبدو أف مشكلة الشروط التعسفية تكمن يف عقود اإلذعاف فقط ،لكن الصحيح أف جل العقود خاصة
منها ما يتعلق بادلعاوضات ادلالية قد تتضمن مثل ىذه الشروط.
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
-اشتماؿ عقد اإلذعاف على أي صورة من صور االستغالؿ للطرؼ الضعيف كالشروط التعسفية أو
االحتكار يعد نوع من أنواع الظلم ،ويوجب اإلٍب مع بطالف ىذه الشروط.
-إف الشريعة اإلسالمية تتضمن األساس القوي لتدخل القاضي يف رلاؿ العقد وتعديلو بسبب اإلذعاف إذا
تضمن شروطا من شأهنا ادلساس بالتوازف ادلطلوب بُت األداءات ادلتبادلة فيو وىو ما يسجل للفقو اإلسالمي قصب
السبق يف زلاربة اإلذعاف والتعسف والعمل على إجياد التوازف العادؿ بُت األداءات ادلتبادلة يف ادلعاوضات دوف غنب أو
ظلم.
-األصل أف يكوف تفسَت العقد من عمل القاضي ،إال أنو مل يًتؾ لو كامل احلرية يف تفسَته وأوجب عليو
إتباع قواعد زلددة يف ذلك .وخالفا للقاعدة العامة يف التفسَت واليت تقضي بأف يكوف تفسَت الشك لصاحل ادلدين فإف
تفسَت العبارات الغامضة يف عقود اإلذعاف يكوف يف صاحل الطرؼ ادلذعن.
أوال :الكتب
.4ابن القيم ،إعالـ ادلوقعُت عن رب العادلُت ،دار الكتب العلمية ،بَتوت ،لبناف ،د ط1417 ،ىػ1996/ـ.
.5ابن قدامة ،ادلغٍت ،ربقيق عبد اهلل بن عبد احملسن الًتكي وعبد الفتاح احللو ،دار عامل الكتب ،الرياض ،ادلملكة العربية
السعودية1417،ىػ1997/ـ.
.6اإلماـ أمحد بن حنبل ،ادلسند241( ،ىػ)،ادلكتبة التجارية ،مكة ادلكرمة ،الطبعة الثانية1994 ،ـ.
.7توفيق حسن فرج ،النظرية العامة لاللتزاـ ،مصادر االلتزاـ مع مقارنة بُت القوانُت العربية ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،
مصر.
.8حساـ الدين كامل األىواين ،محاية ادلستهلك يف إطار النظرية العامة للعقد ،محاية ادلستهلك يف إطار النظرية العامة للعقد،
حبث مقدـ يف ندوة محاية ادلستهلك يف الشريعة والقانوف ،واليت نظمتها كلية الشريعة والقانوف جبامعة األمارات العربية
ادلتحدة خالؿ الفًتة من 7-6ديسمرب .1998
.9حسن عبد الباسط مجيعي ،أثر عدـ التكافؤ بُت ادلتعاقدين على شروط العقد ،دار النهضة العربية ،القاىرة.1996 ،
.10الزيلعي ،نصب الراية زبريج أحاديث النهاية ،ربقيق أمحد مشس الدين ،دار الكتب العلمية ،بَتوت ،لبناف ،الطبعة األوىل،
1996ـ.)133/4( ،
33
جملة الدراسات القانونية والسياسية
اجمللد 70العدد 70جانفي --------------------------------------------------- 0700ص ص.44 -33:
.11السيوطي ،األشباه والنظائر يف قواعد وفروع الشافعية ،ربقيق زلمد حسن زلمد حسن إمساعيل الشافعي ،دار الكتب العربية،
بَتوت ،لبناف ،الطبعة األوىل 1419 ،ىػ1998/ـ.
.12الشافعي ،األـ.
.13صبحي زلمصاين ،فلسفة التشريع يف اإلسالـ ،دار العلم للماليُت ،بَتوت ،لبناف ،الطبعة الثالثة.
.14عاطف عبد احلميد حسن ،محاية ادلستهلك ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،مصر1996،
.15عبد احلكم فودة ،تفسَت العقد يف القانوف ادلدين ادلصري وادلقارف ،منشأة ادلعارؼ ،اإلسكندرية ،مصر.2002 ،
.16عبد الرازؽ السنهوري ،مصادر احلق يف الفقو اإلسالمي ،دراسة مقارنة بالفقو الوضعي ،مؤسسة التاريخ العريب ،دار إحياء
الًتاث العريب ،بَتوت ،لبناف ،الطبعة األوىل.
.17عبد الفتاح عبد الباقي ،موسوعة القانوف ادلدين ادلصري ،نظرية العقد واإلرادة1984 ،ـ.
.18زلمد إبراىيم بنداري ،محاية ادلستهلك يف عقد اإلذعاف ،حبث مقدـ إىل ندوة " محاية ادلستهلك يف الشريعة والقانوف" اليت
نظمتها كلية الشريعة والقانوف جبامعة اإلمارات العربية ادلتحدة خالؿ الفًتة من 7-6ديسمرب .1998
.19زلمد عمر عبد الباقي ،احلماية العقدية للمستهلك دراسة مقارنة بُت الشريعة والقانوف ،منشأة ادلعارؼ ،اإلسكندرية،
مصر،الطبعة الثانية.2008 ،
ثانيا :ادلقاالت
.20تامر زلمد سليماف الدمياطي ،الشروط التعسفية كسب الختالؿ التوازف العقدي يف عقود االستهالؾ ،رللة كلية الدراسات
العليا ،كلية الشرطة ،العدد .2009 ،20
.21إمساعيل زلمد احملاقري ،احلماية القانونية لعدمي اخلربة من الشروط التعسفية ،رللة احلقوؽ ،العدد الرابع ،السنة الثالثوف،
ديسمرب 2006ـ.
30