You are on page 1of 15

‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬

‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫الحماية التشريعية للطرف المذعن من الشروط المجحفة‬


‫دراسة مقارنة‬
‫‪Legislative protection for the compliant party from The abusive conditions‬‬
‫‪A comparative study‬‬

‫‪‬‬
‫عيشة خلدون‬ ‫أحمد بورزق‬
‫جامعة الجلفة‪ ،‬الجزائر‬ ‫جامعة الجلفة‪ ،‬الجزائر‬
‫‪achwak17@yahoo.com‬‬ ‫‪a.bourzgue@mail.univ-djelfa.dz‬‬

‫‪‬‬

‫تاريخ إلاستالم‪ 0606/06/60 :‬تاريخ القبول‪ 2020/00/02 :‬تاريخ النشر‪2021/01/05 :‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫ساد االعتقاد بأف عقود اإلذعاف سبثل الًتبة اخلصبة اليت تنمو فيها الشروط التعسفية وىي اليت يكثر استعماذلا‬
‫من طرؼ األقوى اقتصاديا‪ ،‬وىذا ما جعل بعض القوانُت يقرر احلماية من ىذه الشروط‪ ،‬لكن ىذا ال يعٍت ارتباط‬
‫الشروط التعسفية بعقود اإلذعاف‪ ،‬فهذه األخَتة تتطلب اح تكارا وتفوقا اقتصاديا حىت يطلق عليها ىذا الوصف بينما‬
‫تضمن العقود شروط تعسفية ليست زلصورة يف ىذا النطاؽ فقط‪ ،‬فعقود اإلذعاف ىي اليت ينفرد فيها أحد طريف‬
‫العقد بتحديد شروطو وصياغة مضمونو‪ ،‬وال ديلك الطرؼ اآلخر إىل القبوؿ دوف مناقشة ومفاوضة‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الشروط اجملحفة‪ ،‬اإلذعاف‪ ،‬تفسَت العقد‪ ،‬تعديل العقد‪ ،‬الطرؼ الضعيف‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪It was believed that compliance contracts represent the fertile soil in which‬‬
‫‪arbitrary conditions grow and are frequently used by the economically stronger,‬‬
‫‪and this is what made some laws decide to protect against these conditions, but this‬‬
‫‪does not mean that arbitrary conditions are linked to compliance contracts, since‬‬
‫‪the latter requires monopoly and economic superiority until It is called this‬‬

‫‪ -‬المؤلف المرسل‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫‪description, while the contracts contain arbitrary conditions that are not limited to‬‬
‫‪this scope only. Compliance contracts are in which one of the contracting parties‬‬
‫‪determines its conditions and formulates its content, and the other party does not‬‬
‫‪have the right to accept without discussion and negotiation.‬‬
‫‪key words: abusive conditions , Compliance , Interpretation of Contract‬‬
‫‪Modification of Contract , Weak Party .‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إف حدوث الثورة الصناعية وما ترتب عنها من تطور يف التصنيع وتركيز آللة اإلنتاج قد أفرز نوعا جديدا من‬
‫العقود يأىب ادلناقشة وادلساومة‪ ،‬فهي اليت ديليها أحد ادلتعاقدين على اآلخر الذي ال ديلك سوى قبوؿ العقد برمتو أو‬
‫رفضو برمتو‪ ،‬وىو يف كثَت من احلاالت ال يستطيع رفضو‪ ،‬بل يضطر إىل التعاقد لعدـ وجود البديل وحلاجتو للتعاقد‪،‬‬
‫فينتكس بذلك مبدأ سلطاف اإلرادة‪ ،‬ويذىب مبدأ العقد شريعة ادلتعاقدين أدراج الرياح‪.‬‬
‫فالشروط اجملحفة أو التعسفية ال ربتاج دائما إىل وجود عالقة إذعاف وانقياد للقوؿ بوجودىا‪ ،‬كما أف‬
‫الشروط التعسفية ال زبتفي باختفاء اإلذعاف من الرابطة العقدية‪ ،‬فرغم وجود مساومة ومفاوضة بُت الطرفُت على بنود‬
‫العقد فإف ىذا ال يعٍت عدـ وجود مثل ىذه الشروط‪.‬‬
‫فاألمر ال يقتصر اليوـ على عقود احتكار أو عقود إذعاف بل ديتد إىل مساحة كبَتة من العقود اليومية‪ ،‬وبالتايل‬
‫‪1‬‬
‫فإف النظم القانونية احلديثة كلها تسعى إىل ربسُت وضع الطرؼ األقل خربة أو كفاءة‪.‬‬
‫وتكمن أمهية ىذا ادلوضوع إىل انتشار أنواع من العقود مقًتنة بشروط رلحفة وتعسفية تؤثر على أىم ركن فيو‬
‫وىو ركن الرضا‪ ،‬كذلك انتشر ما يسمى بعقود اإلذعاف اليت ينفرد فيها الطرؼ األقوى الذي يقدـ خدمة أو سلعة‬
‫زلتكرة بفرض شروطو اليت يف الغالب ما ربققو لو مصلحتو‪ ،‬وتضر دائما بالقابل‪ ،‬الذي ينحصر دوره يف إبراـ العقد يف‬
‫القبوؿ أو الرفض‪ ،‬وقد اعتمدت على ادلنهج االستقرائي وذلك باستقراء ما كتب يف ادلوضوع وتتبع مضانو وتتبع اآلراء‬
‫الفقهية والقانونية ادلتعلقة بو‪ ،‬باإلضافة إىل ادلنهج ادلقارف‪.‬‬
‫واإلشكالية ادلطروحة ىي كيف عالج المشرع مسألة حماية الطرف الضعيف في الرابطة العقدية من‬
‫الشروط المجحفة في عقود اإلذعان؟‪.‬‬
‫وقد قسمت ىذه الدراسة إىل مبحثُت‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬إمكانية تعديل الشروط التعسفية أو استبعادىا‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إمكانية تدخل المشرع في تفسير الشروط الواردة في عقود اإلذعان‬

‫‪ 1‬حسن عبد الباسط مجيعي‪ ،‬أثر عدـ التكافؤ بُت ادلتعاقدين على شروط العقد‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1996 ،‬ص ‪.101‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إمكانية تعديل الشروط التعسفية أو استبعادىا‬


‫لقد كاف للمشرع ادلصري فضل السبق يف إضفاء احلماية على الطرؼ ادلذعن من الشروط التعسفية الواردة يف‬
‫عقود اإلذعاف‪ ،‬من خالؿ أحكاـ ادلادتُت ‪ 2/151 ،149‬من القانوف ادلدين الصادر عاـ ‪1948‬ـ‪ ،‬واللتاف تناولتا‬
‫احلماية التشريعية ذلذا األخَت يف عقود اإلذعاف‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬سلطة القاضي في تعديل الشروط المجحفة‬
‫ادلذكرة اإليضاحية للمشروع التمهيدي للقانوف ادلدين ادلصري ذىبت إىل أف محاية الطرؼ ادلذعن تقتصر على‬
‫الشروط التعسفية اليت مل ينتبو إليها‪ ،‬دوف اليت تنبو إليها فعال‪ .‬فورد نص ادلادة ‪ 149‬دبا جيعل احلماية شاملة لكل‬
‫الشروط التعسفية حىت اليت مل يكن الطرؼ ادلذعن قد علم هبا أو تنبو إليها‪.‬‬
‫أيضا كاف ادلشروع التمهيدي يقتصر على منح القاضي سلطة تعديل الشرط التعسفي دبا يرفع عنو وصف‬
‫التعسف‪ ،‬أو إعفاء الطرؼ ادلذعن من تنفيذه‪ ،‬لكن ادلادة ‪ 149‬منحت للقاضي باإلضافة إىل سلطة التعديل سلطة‬
‫إعفاء الطرؼ ادلذعن من الشرط التعسفي عن طريق استبعاده‪ ،‬وليس فقط عن طريق إعفاء الطرؼ ادلذعن من‬
‫‪1‬‬
‫تنفيذه‪.‬‬
‫ويقوؿ حسن مجيعي بصدد ذلك‪( :‬بالرغم شلا ورد يف ادلذكرة اإليضاحية فنحن نعتقد بأف ذلك ال يتعلق‬
‫بشموؿ احلماية ادلقررة يف نص ادلادة ‪ 149‬للطرؼ ادلذعن يف مواجهة الشروط التعسفية بغض النظر عن علمو هبا‬
‫وتنبهو إليو‪ ،‬وضلن ننظم يف ىذا االعتقاد إىل ما سبق وقاؿ بو العالمة الراحل السنهوري من أف ما ورد يف ادلذكرة‬
‫اإليضاحية ال ينبغي أف ينسب إىل نص ادلادة ‪ 149‬يف شكلها النهائي‪ ،‬وإمنا يتعلق بالنص ادلقًتح قبل تبٍت ىذه‬
‫ادلادة والذي ورد فيو أف‪ :‬إذا ًب العقد بطريق اإلذعاف وكاف الطرؼ ادلذعن بقبولو دوف مناقشة ما فرض عليو مل ينتبو‬
‫‪2‬‬
‫إىل بعض الشروط التعسفية اليت تضمنها العقد‪ .‬جاز للقاضي أف جيعل ذلك زلال للتقدير)‪.‬‬
‫فقد جاء القانوف الفرنسي خلوا من أي نص خاص بذلك وذلك حىت قبل صدور القانوف ‪ 78-23‬ادلتعلق‬
‫حبماية وإعالـ ادلستهلكُت بالسلع واخلدمات‪.‬‬
‫وتنص ادلادة ‪ 110‬ؽ ـ ج على أنو‪( :‬إذا تم العقد بطريقة اإلذعان‪ ،‬وكان قد تضمن شروطا تعسفية‪،‬‬
‫جاز للقاضي أن يعدل ىذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها‪ ،‬وذلك وفقا لما تقضي بو العدالة ويقع‬
‫باطال كل اتفاق على خالف ذلك)‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر رلموعة األعماؿ التحضَتية للقانوف ادلدين ادلصري‪.)292/2( ،‬‬


‫‪ 2‬ينظر حسن عبد الباسط مجيعي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.245‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫يتضح من ىذا النص أف ادلشرع قد وفر محاية فعالة للطرؼ ادلذعن من الشروط التعسفية الواردة يف عقود‬
‫اإلذعاف‪ ،‬وذلك نظرا ألف ىذا األخَت ال يستطيع مناقشة ىذه الشروط اليت يستقل ادلوجب بصياغتها‪ ،‬فيدرج ما شاء‬
‫من الشروط التعسفية يف العقد‪ ،‬فيؤدي إىل إخالؿ التوازف العقدي بُت األداءات ادلتقابلة ألطراؼ الرابطة العقدية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حدود سلطة القاضي في تعديل الشروط المجحفة‬
‫سبتد سلطة القاضي إىل تعديل كافة شروط العقد دوف استثناء سواء علم هبا الطرؼ ادلذعن وقت‬
‫التعاقد وتنبو ذلا أـ مل يتنبو ذلا‪ ،‬ففي مجيع األحواؿ يتوافر اإلذعاف بالقبوؿ دوف مناقشة الشروط اليت انفرد الطرؼ‬
‫القوي بإعدادىا لتحقيق مصلحتو ولكن جيب مراعاة أف بعض الشروط يف عقد اإلذعاف قد تكوف زلل مناقشة‬
‫ويكتب ما ًب االتفاؽ عليو خبط اليد تعديال على الشروط ادلطبوعة‪ ،‬وتلك الشروط زبرج عن إطار عقد اإلذعاف‬
‫‪1‬‬
‫باعتبارىا شروطا تفاوضية شريطة أف يكوف التفاوض بشأهنا حقيقيا وليس رلرد ملء بعض البيانات خبط اليد‪.‬‬
‫وتنحصر سلط ة القاضي إما يف تعديل الشرط العقدي اجلائر أو اإلعفاء منو فتلك السلطة قاصرة على‬
‫الشروط التعسفية اليت تضر بالطرؼ ادلذعن وربقق مصلحة غَت مربرة للطرؼ القوي‪ ،‬فيجب أف يبدأ القاضي بالبحث‬
‫عما إذا كاف الشرط زلل التقاضي شرطا تعسفيا أـ ال؟ وحيدد القاضي ذلك يف ضوء اعتبارات العدالة وجيب أف يقوـ‬
‫القاضي بادلوازنة بُت ادلنافع اليت تعود على الطرؼ القوي من الشرط وادلضار اليت يتحمل هبا الطرؼ ادلذعن يف ادلقابل‬
‫وتتسع سلطة القاضي إىل حد إلغاء الشرط الذي يثبت أف ادلذعن مل يطلع عليو ومن ٍب مل يتوافر الرضاء بو‪ ،‬وحيدث‬
‫‪2‬‬
‫ذلك بصدد الشروط ادلكتوبة يف الوثيقة خبط صغَت أو يف مكاف غَت واضح‪.‬‬
‫ويتضح شلا تقدـ أف سلطة القاضي إزاء الشروط التعسفية يف عقود اإلذعاف سلطة واسعة ال يتقيد يف‬
‫شلارستها إال دبا تقضي بو العدالة‪ ،‬فالقاضي يسلك كل ما من شأنو أف يزيل ما يف الشرط من تعسف وجور عن طريق‬
‫تع ديل الشرط‪ ،‬فإذا وجد أف ىذا التعديل ال يكفي لرفع التعسف وربقيق العدالة جاز لو أف يعفيو منو فادلظهر‬
‫األساسي للحماية اليت يضفيها القانوف على الطرؼ ادلذعن تتمثل يف رفع الضرر الذي قد يلحقو نتيجة النص يف‬
‫‪3‬‬
‫العقد على بعض الشروط التعسفية ولو عن طريق إىدار القاضي ذلذه الشروط كلية‪.‬‬
‫وتعترب سلطة القاضي يف التدخل لتحقيق التوازف العقدي عن طريق تعديل أو إلغاء الشروط التعسفية‬
‫من األمور اليت ال تتعلق بالنظاـ العاـ‪ ،‬لذلك أبطل ادلشرع كل اتفاؽ حيوؿ دوف تدخل القاضي لتنفيذ األمر الذي‬

‫‪ 1‬حساـ الدين كامل األىواين ‪ ،‬محاية ادلستهلك يف إطار النظرية العامة للعقد‪ ،‬محاية ادلستهلك يف إطار النظرية العامة للعقد‪ ،‬حبث مقدـ يف ندوة محاية‬
‫ادلستهلك يف الشريعة والقانوف‪ ،‬واليت نظمتها كلية الشريعة والقانوف جبامعة األمارات العربية ادلتحدة خالؿ الفًتة من ‪ 7-6‬ديسمرب ‪ ،1998‬نقال عن تامر‬
‫زلمد سليماف الدمياطي‪ ،‬الشروط التعسفية كسب الختالؿ التوازف العقدي يف عقود االستهالؾ‪ ،‬رللة كلية الدراسات العليا‪ ،‬كلية الشرطة‪ ،‬العدد ‪،20‬‬
‫‪ ،2009‬ص‪.325‬‬
‫‪ 2‬حساـ الدين كامل األىواين‪ ،‬نقال عن تامر زلمد سليماف الدمياطي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.325‬‬
‫‪ 3‬انظر عبد الفتاح عبد الباقي‪ ،‬موسوعة القانوف ادلدين ادلصري‪ ،‬نظرية العقد واإلرادة‪1984 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.100‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫جيعل من سلطة القاضي ىذه حكما أمرا ال جيوز سلالفتو‪ 1،‬ولكن جيب أف يطلب الطرؼ ادلذعن ىذه احلماية من‬
‫القاضي يف أية حالة كانت عليها الدعوى‪ ،‬ألف احلماية مقررة دلصلحتو وللطرؼ ادلذعن أف يطلب ذلك أماـ قاضي‬
‫‪2‬‬
‫ادلوضوع‪ ،‬ولكنو ال جيوز أف يطلبو ألوؿ مرة أماـ زلكمة النقض ألف التمسك بو خيالط يف الواقع القانوف‪.‬‬
‫بيد أف ادلشرع ادلصري أطلق يد القاضي يف إعادة التوازف ادلفقود إىل العقد‪ 3،‬ونستطيع أف نلمس ذلك يف عدـ‬
‫قيامو بوضع معيار يستهدي بو عند تقدير وجود الشروط اجملحفة اليت قد يتضمنها ىذا النوع من العقود‪ ،‬ودوف أف‬
‫‪4‬‬
‫يقيده يف ذلك أي قيد إال قيد العدالة الذي جيب أف يتوخاه عند تقدير ذلك‪.‬‬
‫وقد انتقد جانب من الفقو مسلك ادلشرع دبنح قاضي ادلوضوع سلطة إعادة النظر يف شروط العقد على أساس‬
‫نظاـ خاص لتفسَت عقود اإلذعاف‪ ،‬باعتبار أهنا طريقة ذلا أخطارىا ادلخيفة‪ ،‬وتطوي على عدـ حكمو‪ ،‬إذ أف ذلك‬
‫‪5‬‬
‫هبدـ توازف العقد وحيدث االضطراب يف العالقات االقتصادية بسلطة ربكمية‪.‬‬
‫كما أف سلطة القاضي يف تعديل الشروط التعسفية أو إعفاء الطرؼ ادلذعن منها ال تتواءـ مع األصوؿ‬
‫ادلعتربة يف التفسَت القانوين‪ ،‬واليت توجب االلتزاـ بادلعٌت ادلستفاد من عبارة العقد مىت كانت واضحة‪ ،‬حبيث ال جيب‬
‫‪6‬‬
‫العدوؿ عن ىذا ادلعٌت بدعوى تفسَتىا‪.‬‬
‫ويستند ىذا الرأي يف رفضو للتوسع يف محاية الطرؼ ادلذعن على النحو الوارد بادلادة ‪ 149‬من القانوف ادلدين‪،‬‬
‫بأف السلطات اليت منحها ادلشرع للقاضي تتجاوز حدود سلطة القضاء عند تفسَت العقود‪ ،‬إذ أنو ديلك إزاء الشروط‬
‫التعسفية‪ ،‬تعديلها بل إىدارىا‪ ،‬إذا اقتضت منو ذلك العدالة وشرؼ التعامل‪ ،‬يف حُت أف مهمة القاضي‪ ،‬وفقا‬
‫للقواعد العامة تقتصر يف شأف العقود على رلرد تفسَتىا‪ ،‬بغية إعماؿ حكم القانوف فيها‪ ،‬دوف أف يًتخص لو يف أف‬
‫‪7‬‬
‫جبري تعديال فيها أو إىدارا لشروطها‪.‬‬

‫‪ 1‬تامر زلمد سليماف الدمياطي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.325‬‬


‫‪ 2‬حساـ الدين كامل األىواين‪ ،‬نقال عن تامر زلمد سليماف الدمياطي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.325‬‬
‫‪ 3‬زلمد إبراىيم بنداري‪ ،‬محاية ادلستهلك يف عقد اإلذعاف‪ ،‬حبث مقدـ إىل ندوة " محاية ادلستهلك يف الشريعة والقانوف" اليت نظمتها كلية‬
‫الشريعة والقانوف جبامعة اإلمارات العربية ادلتحدة خالؿ الفًتة من ‪ 7-6‬ديسمرب ‪ ،1998‬نقال عن تامر زلمد سليماف الدمياطي‪ ،‬ادلرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.325‬‬
‫‪ 4‬تامر زلمد سليماف الدمياطي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.325‬‬
‫‪ 5‬عاطف عبد احلميد حسن‪ ،‬محاية ادلستهلك‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،1996،‬ص ‪ .118‬وحسن عبد الباسط مجيعي ‪ ،‬ادلرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪ 6‬زلمد عمر عبد الباقي‪ ،‬احلماية العقدية للمستهلك دراسة مقارنة بُت الشريعة والقانوف‪ ،‬منشأة ادلعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ ،.2008‬ص ‪.212‬‬
‫‪ 7‬زلمد عمر عبد الباقي‪ ،‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.215‬‬

‫‪30‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫وقد انتقد ىذا الرأي ِ‬


‫ادلنتقد لنص ادلادة ‪ ،149‬ذلك أف توجو ادلشرع ادلصري إىل محاية الطرؼ الضعيف يف‬
‫عقود اإلذعاف يعترب أمرا زلمودا ومتماشيا مع تطور التشريعات يف العامل احلديث‪ ،‬ويواكب ادلتغَتات االقتصادية‬
‫‪1‬‬
‫واالجتماعية ادلرتبطة بالتقدـ الصناعي والتكنولوجي‪.‬‬
‫وال ديكن نقد السلطة ادلعطاة للقاضي دبوجب ىذا النص حبجة أهنا زبرج عن القواعد العامة يف التفسَت‬
‫وادلطالبة بضرورة االلتزاـ دبا ترد بو الشروط واضحة العبارات‪ ،‬ذلك أف ادلشرع ىو صاحب احلق يف تقدير ضرورات‬
‫اخلروج عن أحكاـ القواعد العامة وفقا للمتغَتات والظروؼ ادلستجدة اليت تقتضي ذلك‪ ،‬وشلا ال شك فيو أف خضوع‬
‫الطرؼ ادلذعن يف عقود اإلذعاف وعدـ قدرتو على مناقشة شروط العقد يعد مربرا كافيا للخروج عن حكم ادلبادئ‬
‫‪2‬‬
‫العامة يف عقود اإلذعاف‪.‬‬
‫ووفقا لنص ادلادة ‪ 110‬ؽ ـ ج فللقاضي طريقاف لضماف إزالة كل شرط حيمل تعسفا وإجحافا عن طريق‬
‫تعديل ىذا الشرط‪ ،‬فإذا وجد أف ىذا التعديل ال يكفي جاز لو أف يعفي الطرؼ ادلذعن منو هنائيا‪ ،‬ملتمسا ورلتهدا‬
‫يف ذلك ربقيق العدالة العقدية‪ .‬ويقع باطال كل اتفاؽ على خالؼ ذلك ألنو ال جيوز لألطراؼ استبعاد ىذه السلطة‬
‫اليت منحها القانوف للقاضي فهي من النظاـ العاـ‪.‬‬
‫ويقوـ القاضي بإعماؿ ىذه السلطة التقديرية لبياف مقدار التعسف ادلوجود من جهة‪ ،‬وبياف ما تقتضيو‬
‫العدالة من جهة ثانية‪ ،‬على ضوء ظروؼ ومالبسات النزاع وخصوصا طبيعة العقد ومداه وادلنفعة واخلدمة ادلتولدة عنو‪،‬‬
‫فإذا حصل وإف اكتشف وجود شرط تعسفي وفق تقديريو فلو أف يعدلو‪ ،‬بل لو أف يلغيو‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إمكانية تدخل المشرع في تفسير الشروط الواردة في عقود اإلذعان‬
‫تفسَت العقد ىو تلك العملية اليت يقوـ هبا ادلفسر بسبب ما اعًتى العقد من غموض‪ ،‬للوقوؼ على اإلرادة‬
‫‪3‬‬
‫احلقيقية ادلشًتكة للطرفُت ادلتعاقدين‪ ،‬مستندا يف ذلك إىل صلب العقد والعناصر اخلارجة عنو وادلرتبط بو‪.‬‬
‫فيهدؼ التفسَت إىل ربديد معٌت النصوص الواردة يف عقد معُت‪ ،‬وذلك إذا مل تكن النصوص واضحة‬
‫‪4‬‬
‫تكشف جبالء عن قصد ادلتعاقدين‪ ،‬حىت ديكن ربديد مضموف العقد والوقوؼ على االلتزامات اليت يولدىا‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تفسير العقد في الفقو اإلسالمي‬

‫‪ 1‬انظر عاطف عبد احلميد حسن‪ ،‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪ .118‬وحسن عبد الباسط مجيعي ‪ ،‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪ 2‬حسن عبد الباسط مجيعي ‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.247‬‬
‫‪ 3‬عبد احلكم فودة‪ ،‬تفسَت العقد يف القانوف ادلدين ادلصري وادلقارف‪ ،‬منشأة ادلعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 4‬توفيق حسن فرج‪ ،‬النظرية العامة لاللتزاـ‪ ،‬مصادر االلتزاـ مع مقارنة بُت القوانُت العربية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.647‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫ادلذاىب الفقهية اختلفت فيما بينها حوؿ تفسَت التصرفات والعقود ذلك أف منها من وقف عند اللفظ دوف‬
‫اخلوض يف النوايا الداخلية ألطراؼ التصرؼ ودوف التعويل عليها‪ .‬ومنها من مل يكتفي إال باأللفاظ والصيغ اليت صاغ‬
‫‪1‬‬
‫هبا األطراؼ تصرفاهتم وراح يفتش عن النوايا والبواعث اخلفية وأقاـ حكمو عليها‪.‬‬
‫فاحلنابلة وادلالكية يروف بوجوب االعتداد باإلرادة الباطنة يف كل حالة نتيقن فيها من وجود ىذه اإلرادة حىت‬
‫مع صراحة النص‪ 2،‬يقوؿ صاحب أعالـ ادلوقعُت‪( :‬ومن تدبر مصادر الشرع وموارده تبُت لو أف الشارع ألغى األلفاظ‬
‫اليت مل ي قصد ادلتكلم هبا معانيها‪ ،‬بل جرت على غَت قصد منو كالنائم والناسي والسكراف واجلاىل وادلكره وادلخطئ‬
‫‪3‬‬
‫من شدة الفرح أو ادلرض وضلوه‪.)...‬‬
‫وقولو‪( :‬وقد تظاىرت أدلة الشرع وقواعده على أف القصود يف العقود معتربة‪ ،‬وأهنا تؤثر يف صحة العقد وفساده‬
‫‪4‬‬
‫ويف حلو وحرمتو ‪.)...‬‬
‫فا حلنابلة مثال يروف أف بيع العصَت دلن يعتقد أنو يتخذه مخرا زلرـ‪ 5.‬وكذلك السالح يبيعو الرجل دلن يعرؼ أنو‬
‫يقتل بو مسلما حراـ باطل دلا فيو من اإلعانة على اإلٍب والعدواف‪ ،‬وإذا باعو دلن يعرؼ أنو جياىد يف سبيل اهلل فهو‬
‫‪6‬‬
‫طاعة وقربة‪.‬‬
‫أما احلنفية والشافعية فهم يأخذوف باإلرادة الظاىرة دوف التعويل على النية والباعث‪..... ،‬وقد أفصح صاحب‬
‫ادلذىب عن ىذا االذباه يف عبارات واضحة إذ يقوؿ‪( :‬أصل ما أذىب إليو أف كل عقد كاف صحيحا يف الظاىر مل‬
‫أبطلو بتهمة‪ ،‬وال بعادة بُت ادلتابعُت‪ ،‬وأجزتو بصحة الظاىر‪ ،‬وأكره ذلما النية‪ ،‬إذا كانت النية لو أظهرت كانت تفسد‬
‫البيع‪ ،‬وكما أكره للرجل أف يشًتي السيف على أف يقتل بو‪ ،‬وال حيرـ على بائعو أف يبيعو شلن يراه أنو يقتل بو ظلما‪،‬‬
‫ألنو قد ال يقتل بو‪ ،‬وال أفسد عليو ىذا البيع‪ ،‬وكما أكره للرجل أف يبيع العنب شلن يراه أنو يعصره مخرا‪ ،‬وال أفسد‬
‫البيع إذا باعو إي اه‪ ،‬ألنو باعو حالال‪ ،‬وقد ديكن أال جيعلو مخرا أبدا‪ ،‬ويف صاحب السيف أال يقتل بو أبدا‪ ،‬وكما أفسد‬
‫نكاح ادلتعة‪ ،‬ولو نكح رجل امرأة عقدا صحيحا‪ ،‬وىو ينوي أال ديسكها إال يوما‪ ،‬أو أقل‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬مل أفسد النكاح‬
‫‪7‬‬
‫إمنا أفسده أبدا بالعقد الفاسد)‪.‬‬

‫‪ 1‬فؤاد زلمود معوض‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬


‫‪ 2‬إمساعيل زلمد احملاقري‪ ،‬احلماية القانونية لعدمي اخلربة من الشروط التعسفية‪ ،‬رللة احلقوؽ‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬السنة الثالثوف‪ ،‬ديسمرب ‪2006‬ـ ‪،‬‬
‫ص ‪.311‬‬
‫‪ 3‬ابن القيم‪ ،‬إعالـ ادلوقعُت عن رب العادلُت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬د ط‪1417 ،‬ىػ‪1996/‬ـ‪.)79 ، 78/3( ،‬‬
‫‪ 4‬ادلرجع نفسو ‪.)79 ، 78/3( ،‬‬
‫‪ 5‬ابن قدامة ‪ ،‬ادلغٍت‪ ،‬ربقيق عبد اهلل بن عبد احملسن الًتكي وعبد الفتاح احللو‪ ،‬دار عامل الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬ادلملكة العربية‬
‫السعودية‪1417،‬ىػ‪1997/‬ـ‪.)317/6( ،‬‬
‫‪ 6‬ابن القيم‪ ،‬أعالـ ادلوقعُت عن رب العادلُت‪ ،‬ادلرجع نفسو‪.)90/3( ،‬‬
‫‪ 7‬الشافعي‪ ،‬األـ‪.)152/4( ،‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫ويرى السنهوري أف الفق و اإلسالمي يف نزعتو موضوعية‪ ،‬والعربة فيو باإلرادة الظاىرة ال باإلرادة الباطنة‪،‬‬
‫ويتضح ذلك يف وضوح عندما ننظر كيف تفسر العقود إذ جيب الوقوؼ عند الصيغ والعبارات الواردة يف العقد‬
‫واستخالص معانيها الظاىرة دوف االضلراؼ عن ادلعٌت الظاىر إىل معاف أخرى حبجة أهنا ىي ادلعاين اليت تتمثل فيها‬
‫‪1‬‬
‫اإلرادة الباطنة‪.‬‬
‫ويرد على من قاؿ بوجوب االعتداد باإلرادة الباطنة بأنو إذا صح من أنو يعتد بادلقاصد وادلعاين‪ ،‬فإف ىذا‬
‫عند إمعاف النظر ال يعٍت أنو يعتد باإلرادة الباطنة‪ ،‬فادلقاصد وادلعاين اليت يعتد هبا ىي ىذا اليت تستخلص من‬
‫العبارات والصيغ ادلستعملة أو من دالئل موضوعية وعالمات مادية‪ ،‬فال صلاوز ىذا البحث ادلوضوعي إىل حبث ذاٌب‬
‫‪2‬‬
‫نستشف بو الضمَت ونستكشف خفايا األنفس‪.‬‬
‫ويدعم ذلك قواعد كلية وىي‪:‬‬
‫ػ األصل في الكالم الحقيقة‪ :‬فال جيوز محل اللفظ على اجملاز إذا أمكن محلو على ادلعٌت احلقيقي‪ .‬فإذا وقف‬
‫‪3‬‬
‫على أوالده‪ ،‬أو أوصى ذلم‪ ،‬ال يدخل يف ذلك ولد الولد يف األصح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ومنها لو وقف على ورثة زيد‪ ،‬وىو حي‪ ،‬مل يصح‪ ،‬ألف احلي ال ورثة لو‪.‬‬
‫ػ ولكن‪ ،‬إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز‪ ،‬فلو ذكر الواقف أف الوقف ألوالده ًب تويف ومل يكن لو‬
‫أوالد‪ ،‬بل كاف لو أحفاد‪ ،‬فحينئذ حيمل لفظ األوالد‬

‫‪5‬‬
‫على األحفاد رلازا لتعذر محلو ادلعٌت احلقيقي‪ ،‬ويستحق األوالد غلة الوقف‪.‬‬
‫ػ ال عبرة للداللة في مقابل التصريح ‪ :‬فإذا تعارض ادلفهوـ صراحة مع ادلفهوـ ضمنا‪ ،‬قدـ األوؿ على الثاين‪،‬‬
‫ألف الداللة ادلادية يف الصريح أبلغ‪ .‬مثل ذلك أف يهب شخص شيئا آلخر‪ ،‬فقبض ادلوىوب يف رللس اذلبة ولو بغَت‬
‫إذف الواىب صحيح ألف إجياب الواىب يف رللس اذلبة إذف ضمٍت‪ ،‬لو هنى الواىب ادلوىوب لو عن القبض صراحة مل‬
‫‪6‬‬
‫يصح قبض‪ ،‬ألف اإلذف الصريح يقدـ على النهي الضمٍت‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرازؽ السنهوري‪ ،‬مصادر احلق يف الفقو اإلسالمي‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقو الوضعي‪ ،‬مؤسسة التاريخ العريب‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪،‬‬
‫بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬ادلرجع السابق‪.)23/6( ،‬‬
‫‪ 2‬عبد الرازؽ السنهوري‪ ،‬ادلرجع نفسو ‪.)23/6( ،‬‬
‫‪ 3‬السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر يف قواعد وفروع الشافعية‪ ،‬ربقيق زلمد حسن زلمد حسن إمساعيل الشافعي‪ ،‬دار الكتب العربية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ 1419 ،‬ىػ‪1998/‬ـ‪ .)135/1( ،‬وىي تقابل ادلادة ‪ 12‬من رللة األحكاـ العدلية‪ .‬انظر صبحي زلمصاين‪ ،‬فلسفة التشريع يف‬
‫اإلسالـ‪ ،‬دار العلم للماليُت‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،1961 ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪ 4‬السيوطي‪ ،‬ادلرجع السابق‪.)136/1( ،‬‬
‫‪ 5‬وىي تقابل ادلادة ‪ 61‬من اجمللة‪ .‬انظر صبحي زلمصاين‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪ 6‬عبد الرزاؽ السنهوري ‪ ،‬ادلرجع السابق‪.)26/6( ،‬‬

‫‪37‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫ػ دليل الشيء في األمور الباطنة يقوم مقامو‪ ،‬يعني أنو يحكم بالظاىر فيما يتعذر االطالع عليو‪:‬‬
‫فاستعماؿ اآللة ادلفرقة لألجزاء دليل على نية القتل‪ ،‬وإذا تناوؿ ادللتقط اللقطة بنية ردىا لصاحبها‪ ،‬وضاعت منو دوف‬
‫تقصَت فال يضمن‪.‬‬
‫ػ قاعدة إعمال الكالم خير من إىمالو‪ :‬كمن وقف على أوالده وليس لو إال أوالد األوالد محل ادلعٌت عليهم‬
‫‪1‬‬
‫لتعذر احلقيقة وصونا للفظ عن اإلمهاؿ ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ومنها قولو لزوجتو يف مصر‪ :‬أنت طالق يف مكة‪ ،‬تطلق يف احلاؿ‪.‬‬
‫والعوامل اليت يسًتشد هبا يف ربديد نطاؽ العقد يف الفقو اإلسالمي ما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ العرف والعادة‪ :‬فالقاعدة أف العادة زلكمة‪ 3،‬وأصلها قولو ‪ « :‬ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اهلل‬
‫‪4‬‬
‫حسن »‪.‬‬
‫ولو رجع إىل أحكاـ الفقو اإلسالمي لوجد أف العرؼ والعادة معترباف يف مسائل عديدة فيو‪ ،‬ومنها سن احليض‬
‫والبلوغ واإلنزاؿ‪ ،‬وأقل احليض‪ ...‬على أف العادة لتصبح زلكمة شرعا جيب‬
‫‪5‬‬
‫أف تستويف بعض الشروط‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أف تكوف مقبولة عند الطباع السليمة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬جيب أف تكوف من األمور ادلتكررة ويعترب العرؼ السابق أو ادلقارف للمعامالت دوف العرؼ ادلتأخر‬
‫الطارئ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ال عربة بالعرؼ إذا كاف بُت الطرفُت شرط سلالف‪.‬‬
‫‪2‬ـ طبيعة االلتزام‪ :‬وطبيعة االلتزاـ تقتضي أف يلحق العُت ما ىو تابع ذلا وما تستلزمو تلك الطبيعة من‬
‫‪6‬‬
‫ملحقات‪ ،‬وىناؾ قواعد كلية يف ىذا ادلعٌت‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫ػ التابع تابع‪ :‬ومنها احلمل يدخل يف بيع األـ تبعا ذلا‪ ،‬فال يفرد بالبيع‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرزاؽ السنهوري ادلرجع السابق‪.)286/1( ،‬‬


‫‪ 2‬ادلرجع نفسو‪.)287/1( ،‬‬
‫‪ 3‬السيوطي‪ ،‬ادلرجع السابق‪.)193/1( ،‬‬
‫‪ 4‬الزيلعي‪ ،‬نصب الراية زبريج أحاديث النهاية ‪ ،‬ربقيق أمحد مشس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬الطبعة األوىل‪ 1996 ،‬ـ‪،‬‬
‫(‪ .)133/4‬واإلماـ أمحد بن حنبل‪ ،‬ادلسند‪241( ،‬ىػ)‪،‬ادلكتبة التجارية‪ ،‬مكة ادلكرمة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1994 ،‬ـ‪ .)493/1( ،‬ينظر جالؿ‬
‫الدين عبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي‪ ،‬ادلرجع نفسو‪.)194/1( ،‬‬
‫‪ 5‬انظر صبحي زلمصاين‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.241‬‬
‫‪ 6‬عبد الرزاؽ السنهوري ‪ ،‬ادلرجع السابق‪.)35/6( ،‬‬

‫‪30‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫ػ التابع يسقط بسقوط ادلتبوع‪ :‬فمن فاتتو صالة يف أياـ اجلنوف‪ ،‬ال يستحب قضاء رواتبها‪ ،‬ألف الفرض سقط‪،‬‬
‫فكذا تابعو‪.‬‬
‫ػ الفرع يسقط بسقوط األصل‪ :‬وىي قريبة من القاعدة السابقة‪ ،‬فإذا برئ األصيل برئ الضامن‪ ،‬ألنو فرعو‪.‬‬
‫خبالؼ العكس‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تفسير العقد في القانون‬
‫ال تقتصر احلماية التشريعية عند ىذا احلد بتعديل الشروط التعسفية الواردة يف عقود اإلذعاف أو إعفاء‬
‫الطرؼ ادلذعن منها كلية‪ ،‬بل سبتد ىذه احلماية لتشمل تأويل الشك دلصلحة الطرؼ ادلذعن‪.‬‬
‫والعقد من حيث التفسَت لو حاالت ثالث‪:‬‬
‫أ ػ فإما أف تكوف عبارة العقد واضحة‪ ،‬فال جيوز االضلراؼ عنها عن طريق تفسَتىا فتنص ادلادة‬
‫‪ 1/111‬ؽ ـ ج‪ ( :‬إذا كانت عبارة العقد واضحة فال يجوز االنحراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف‬
‫على إرادة المتعاقدين)‪.‬‬
‫ويف ىذا الصدد حيب أف نفرؽ بُت حالتُت‪:‬‬
‫‪ 1‬ػ أف تكوف العبارة واضحة واإلرادة واضحة‪ :‬إذا كانت عبارة العقد واضحة‪ ،‬افًتض القاضي أف ىذه العبارة‬
‫الواضحة تًتجم بأمانة عن اإلرادة ادلشًتكة للمتعاقدين‪ ،‬فتكوف ىذه اإلرادة ىي أيضا واضحة‪ ،‬ويف ىذه احلالة ال جيور‬
‫للقاضي حب جة أنو يفسر العقد‪ ،‬أف ينحرؼ عن ادلعٌت الظاىر للعبارة إىل معٌت خخر‪ ،‬ويعترب االضلراؼ عن عبارة العقد‬
‫‪1‬‬
‫الواضحة ربريفا ذلا ومسخا وتشويها‪ ،‬شلا يوجب نقض احلكم‪.‬‬
‫‪ 2‬ػ أف تكوف العبارة واضحة واإلرادة غَت واضحة‪ :‬يف ىذه احلالة تكوف العبارة يف حد ذاهتا واضحة‪ ،‬ولكن‬
‫الظ روؼ تدؿ على أف ادلتعاقدين أساءا استعماؿ ىذا التعبَت الواضح‪ ،‬فقصدا معٌت وعربا عنو بلفظ ال يستقيم يف ىذا‬
‫‪2‬‬
‫ادلعٌت‪ .‬ففي ىذه احلالة ال يأخذ القاضي بادلعٌت الواضح للفظ‪ ،‬بل يعدؿ عنو إىل ادلعٌت الذي قصد إليو ادلتعاقداف‪.‬‬
‫ب ػ وإما أف تكوف عبارة العقد غَت واضحة‪ ،‬فتكوف حباجة إىل تفسَت‪ ،‬وجيب يف تفسَتىا البحث عن النية‬
‫ادلشًتكة للمتعاقدين‪ .‬وتنص الفقرة الثانية من ادلادة ‪ 111‬يف ىذا الصدد على ما يأٌب‪( :‬أما إذا كان ىناك محل‬
‫لتأويل العقد‪ ،‬فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي لأللفاظ مع‬
‫االستهدا ء في ذلك بطبيعة التعامل‪ ،‬وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين‪ ،‬وفقا للعرف الجاري‬
‫في المعامالت)‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرزاؽ أمحد السنهوري ‪ ،‬ادلرجع السابق‪.)8/6( ،‬‬


‫‪ 2‬ادلرجع نفسو ‪.)8/6( ،‬‬

‫‪30‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫مل يعرؼ ادلشرع العبارة الغامضة‪ ،‬فحاوؿ الفقو والقضاء حصر بعض حاالت غموض العبارة‪ ،‬ونذكر من ىذه‬
‫‪1‬‬
‫احلاالت‪:‬‬
‫‪ -‬العبارة ادلبهمة‪ ،‬وىي العبارة اليت ال تفيد شيئا‪ ،‬فيصعب االطالع على إرادة ادلتعاقدين‪.‬‬
‫‪ -‬العبارة اليت ربمل أكثر من داللة‪ ،‬فهي عبارة غر دقيقة ذبعلنا نتساءؿ عن ادلعٌت الذي انصرفت إليو إرادة‬
‫ادلتعاقدين‪.‬‬
‫‪ -‬العبارة الواضحة يف حد ذاهتا واليت تتعارض مع عبارات أخرى واضحة‪ ،‬ىذا التعارض بُت العبارات الواضحة‬
‫يرتب غموضا خبصوص إرادة ادلتعاقدين‪.‬‬
‫‪ -‬تناقض مضموف بعض العبارات مع األحكاـ الكلية للعقد‪.‬‬
‫‪ -‬إغفاؿ ادلتعاقدين بعض التفاصيل‪.‬‬
‫ويتضح من أحكاـ ادلادة ‪ 111‬ؽ ـ ج أف القاضي ملزـ بالبحث عن النية ادلشًتكة يف ضوء‪ :‬طبيعة‬
‫التعامل‪ ،‬واألمانة والثقة‪ ،‬والعرؼ‪.‬‬
‫‪ -‬طبيعة التعامل‪ :‬وديكن أف نكتشف النية ادلشًتكة للمتعاقدين على ضوء طبيعة التعامل‪ .‬فمن باع عينا يعترب‬
‫أنو باع باإلضافة إىل أصل العُت ملحقاهتا الضرورية وكل ما أعد بصفة دائمة الستعماذلا طبقا دلا تقضي بو طبيعة‬
‫األشياء‪...‬‬
‫‪ -‬األمانة والثقة‪ :‬واألمانة واجب على ادلتعاقد‪ ،‬والثقة حق لو‪ .‬ومن مقتضى كالمهما أف يفسر القاضي العقد‬
‫وفقا دلا جيب أف يسود التعاقد من أمانة لدى طرفيو‪ ،‬وثقة كل منهما يف اآلخر‪.‬‬
‫ودبفهوـ ادلخالفة ديتنع ادلتعاقد عن الغش واحليل واذلزؿ يف ادلعامالت‪ ،‬بل يلتزـ بالتعاوف مع ادلتعاقد معو‪ ،‬فيطلعو‬
‫‪2‬‬
‫على كل األمور اليت جيهلها واليت هتم ادلعاملة‪.‬‬
‫‪ -‬العرف الجاري في التعامل‪ :‬العرؼ جيري رلرى القانوف بوجو خاص يف ادلسائل التجارية والبحرية ويتصل‬
‫‪3‬‬
‫بالعرؼ الشروط ادلألوفة يف التعامل‪ ،‬فتضاؼ إىل العقد اليت جرت العادة بإدراجها فيو وإف مل تدرج فعال‪.‬‬
‫ج ػ وعندما يقوـ الشك يف تبُت اإلرادة بعد زلاولة القاضي البحث عن النية ادلشًتكة للمتعاقدين عند تفسَت‬
‫عبارة العقد غَت الواضحة‪ ،‬فعند ذلك يفسر الشك دلصلحة ادلدين يف غَت عقود اإلذعاف‪ ،‬حيث تنص ادلادة ‪ 112‬ؽ‬
‫ـ ج وتقابلها ‪ 151‬من ؽ ـ ادلصري على أنو‪( :‬يؤول الشك في مصلحة المدين‪.‬‬
‫غير أنو ال يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود اإلذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن)‪.‬‬

‫‪ 1‬فياليل علي‪ ،‬علي فياليل ‪،‬االلتزامات – النظرية العامة للعقد‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ، ،2010،‬ص ‪.387‬‬
‫‪ 2‬علي فياليل ‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.391‬‬
‫‪ 3‬عبد الرزاؽ السنهوري ادلرجع السابق‪.)13/6( ،‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫ومعٌت الشك يف ىذه احلالة أف يًتاوح التفسَت بُت وجوه متعددة وال ترجيح لوجو على اآلخر‪.‬‬
‫فيفسر الشك دلصلحة ادلدين‪ ،‬أو يأخذ بادلعٌت الذي كوف محاية دلصلحة ادلدين‪ ،‬وىذا يكوف شلا ال شك فيو‬
‫على حساب مصلحة الدائن‪.‬‬
‫فإذا كنا بصدد عقد بيع مثال وثار الشك حوؿ شرط يتعلق بدفع الثمن‪ ،‬والثمن ديثل التزاما على عاتق ادلشًتي‬
‫وىو حق للبائع‪ ،‬فسر ىذا الشك دلصلحة ادلشًتي ألنو ادلدين يف االلتزاـ يدفع الثمن‪ ،‬أما إذا ثار الشك حوؿ االلتزاـ‬
‫بنقل ادللكية أو ضماف التعرض وادلدين ىو البائع‪ ،‬فسر ىذا الشك دلصلحة البائع‪.‬‬
‫وىذا ما صلده يف العقود ادللزمة جلانبُت‪ ،‬إذ يكوف طريف الرابطة العقدية دائنا ومدين يف نفس الوقت‪ ،‬أما يف‬
‫العقود ادللزمة جلانب واحد فإف ربديد صفة ادلدين ال حيتاج إىل ضبط باعتبار أف ىذه العقود ال يوجد فيها إال مدين‬
‫واحد‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويربر ىذا القاعدة االعتبارات التالية‪:‬‬
‫ػ األصل براءة الذمة وااللتزاـ ىو االستثناء‪ ،‬واالستثناء ال جيوز التوسع فيو‪.‬‬
‫ػ الدائن ىو الذي ديلي االلتزاـ على ادلدين‪ ،‬وعليو أف يتحمل إذف مسؤولية إمالئو ادلبهم‪.‬‬
‫ػ الدائن يتحمل إثبات االلتزاـ‪ ،‬وإذا عجز عن ذلك نتيجة شك فمن ادلنطقي أف يتحمل النتيجة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬االستثناء وتفسير الشك في عقود اإلذعان لمصلحة الطرف المذعن‬
‫خرج ىذا النص على القواعد العامة يف التفسَت عن طريق تفسَت الشك يف عقود اإلذعاف دلصلحة‬
‫الطرؼ ادلذعن‪ ،‬ويتضح من ذلك أف احلماية اليت قررىا القانوف للمذعن ال تقف عند رقابة القاضي للشروط‬
‫التعسفية‪ ،‬بل أضاؼ القانوف طريقا جديدا حلماية الطرؼ ادلذعن يتمثل يف تفسَت الشروط الغامضة بػما حيقق مصلحة‬
‫ادلذعن يف مجيع األحواؿ‪ ،‬سواء كاف مدنيا يف‬
‫الشرط الغامض ادلراد تفسَته أو كاف دائنا‪.‬‬
‫ويطرح التساؤؿ عن مربرات تفسَت الغموض دلصلحة ادلذعن يف عقد اإلذعاف؟‬
‫واجلواب أف الفقو قد اختلف يف اإلجابة عن ىذا التساؤؿ‪:‬‬
‫فالغالبية العظمى من الفقهاء تبعا دلا جاء يف ادلذكرة اإليضاحية تذىب إىل أنو‪( :‬لقد استثٌت ادلشرع من ىذا‬
‫األصل عقود اإلذعاف فقضى بأف يفسر الشك فيها دلصلحة العاقد ادلذعن دائنا كاف أو مدينا ‪ ،‬فادلفروض أف العاقد‬
‫اآلخر وىو أقوى العاقدين يتوافر لو من الوسائل ما ديكنو من أف يفرض على ادلذعن عند التعاقد شروطا واضحة بينة‪،‬‬
‫فإذا مل يفعل ذلك أخذ خبطئو أو تقصَته ومحل تبعتو‪ ،‬ألنو يعترب متسببا يف ىذا الغموض‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرزاؽ السنهوري ادلرجع السابق‪ .)11/6( ،‬وعلي فياليل‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.393‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫بل أف البعض ذىب إىل أبع د من ذلك يف سبيل تدعيم ىذا االذباه فَتى أف صياغة شروط عقد اإلذعاف من‬
‫جانب الطرؼ القوي بطريقة غامضة يعترب خطأ يًتتب عليو مسؤوليتو‪ ،‬ودلا كاف أفضل التعويض ىو ما كاف عينا‪ ،‬فإف‬
‫تفسَت الشك دلصلحة ادلذعن يكوف ىو أفضل تعويض ديكن ذلذا األخَت احلصوؿ عليو‪.‬‬
‫وذىب عبد ا حلي حجازي ػ رمحو اهلل ػ إىل أف أساس تفسَت الشروط الغامضة يف عقد اإلذعاف دلصلحة ادلذعن‬
‫ليس ىو مسؤوليتو عن الغموض يف التعبَت‪ ،‬بقدر ما ىو محاية الطرؼ الضعيف يف عقد اإلذعاف‪ ،‬فأساس ىذا النص‬
‫االستثنائي يكمن يف العدالة ال يف ادلسؤولية فالقانوف يريد أف يأخذ بيد الضعيف وحيميو من جور الطرؼ القوي‪.‬‬
‫والباحث يؤيد ىذا‪ ،‬ذلك ألنو رغم اعًتاؼ ادلشرع بكوف عقود اإلذعاف عقودا بادلعٌت الصحيح‪ ،‬إال أنو مل‬
‫يغفل كوف ىذه العقود تتميز بسمة معينة وىي عدـ التوازف يف القوى وعدـ التساوي يف ادلركز بُت ادلتعاقدين ‪ .‬فأعطى‬
‫ادلتعاقد الضعيف بعض الرعاية حلمايتو‪.‬‬
‫فعقود اإلذعا ف تتضمن يف الغالب عبارات غامضة وصيغ مهمة وشروط متناقضة أو غَت متوافقة فيما بينها‪،‬‬
‫ومن ىنا تبدوا فعالية ىذه الوسيلة يف محاية ادلذعن‪ ،‬إذ عن طريق ىذا الغموض أو ذلك اإلهباـ يستطيع القاضي أف‬
‫يتدخل يف العقد دلصلحة ادلذعن‪.‬‬
‫فعقد التأمُت مثال يفسر دائما‪ ،‬يف االلتزامات اليت يًتتب يف ذمة شركة التأمُت‪ ،‬دلصلحة ادلؤمن لو ال دلصلحة‬
‫‪1‬‬
‫الشركة‪.‬‬
‫وقد تبٌت ادلشرع اجلزائري منهجا مطابقا دلنهج ادلشرع ادلصري قي شأف محاية الطرؼ ادلذعن يف عقود‬
‫اإلذعاف‪ ،‬وىذا ما يتبُت من تطابق نص ادلادة ‪ 112‬ؽ ـ ج مع نص ادلادة ‪ 151‬ؽ ـ مصري‪ ،‬وإذا كاف ادلشرع‬
‫ادلصري قد صلح يف صياغة الفقرة األوىل من ادلادة ‪ 151‬بإيراد لفظ (الشك) مطلقا‪ ،‬إال أنو قيد بال مربر سلطة‬
‫القاضي يف تفسَت الشروط الواردة يف عقود اإلذعاف حينما حدد شلارسة ىذه السلطة يف حدود (الشروط الغامضة)‪،‬‬
‫فمن ادلعروؼ أف التفسَت وفقا دلا استقر عليو الفقو والقضاء يف مصر ال يقتصر على تفسَت الشروط الغامضة وإمنا قد‬
‫‪2‬‬
‫ديتد ليشمل كل شروط التعاقد حىت ما كاف منها واضحا‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫إف النتاج ادلتوصل إليها من خالؿ ىذه الدراسة ىي‪:‬‬
‫‪ -‬قد يبدو أف مشكلة الشروط التعسفية تكمن يف عقود اإلذعاف فقط‪ ،‬لكن الصحيح أف جل العقود خاصة‬
‫منها ما يتعلق بادلعاوضات ادلالية قد تتضمن مثل ىذه الشروط‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرزاؽ السنهوري ‪ ،‬ادلرجع السابق‪.)12/6( ،‬‬


‫‪ 2‬حسن عبد الباسط مجيعي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.255‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫‪ -‬اشتماؿ عقد اإلذعاف على أي صورة من صور االستغالؿ للطرؼ الضعيف كالشروط التعسفية أو‬
‫االحتكار يعد نوع من أنواع الظلم‪ ،‬ويوجب اإلٍب مع بطالف ىذه الشروط‪.‬‬
‫‪ -‬إف الشريعة اإلسالمية تتضمن األساس القوي لتدخل القاضي يف رلاؿ العقد وتعديلو بسبب اإلذعاف إذا‬
‫تضمن شروطا من شأهنا ادلساس بالتوازف ادلطلوب بُت األداءات ادلتبادلة فيو وىو ما يسجل للفقو اإلسالمي قصب‬
‫السبق يف زلاربة اإلذعاف والتعسف والعمل على إجياد التوازف العادؿ بُت األداءات ادلتبادلة يف ادلعاوضات دوف غنب أو‬
‫ظلم‪.‬‬
‫‪ -‬األصل أف يكوف تفسَت العقد من عمل القاضي‪ ،‬إال أنو مل يًتؾ لو كامل احلرية يف تفسَته وأوجب عليو‬
‫إتباع قواعد زلددة يف ذلك‪ .‬وخالفا للقاعدة العامة يف التفسَت واليت تقضي بأف يكوف تفسَت الشك لصاحل ادلدين فإف‬
‫تفسَت العبارات الغامضة يف عقود اإلذعاف يكوف يف صاحل الطرؼ ادلذعن‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫ثالثا‪ :‬النصوص القانونية‬
‫‪ .1‬القانوف ادلدين اجلزائري‬
‫‪ .2‬القانوف ادلدين ادلصري‬
‫‪ .3‬رلموعة األعماؿ التحضَتية للقانوف ادلدين ادلصري‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬
‫‪ .4‬ابن القيم‪ ،‬إعالـ ادلوقعُت عن رب العادلُت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬د ط‪1417 ،‬ىػ‪1996/‬ـ‪.‬‬
‫‪ .5‬ابن قدامة ‪ ،‬ادلغٍت‪ ،‬ربقيق عبد اهلل بن عبد احملسن الًتكي وعبد الفتاح احللو‪ ،‬دار عامل الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬ادلملكة العربية‬
‫السعودية‪1417،‬ىػ‪1997/‬ـ‪.‬‬
‫‪ .6‬اإلماـ أمحد بن حنبل‪ ،‬ادلسند‪241( ،‬ىػ)‪،‬ادلكتبة التجارية‪ ،‬مكة ادلكرمة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1994 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .7‬توفيق حسن فرج‪ ،‬النظرية العامة لاللتزاـ‪ ،‬مصادر االلتزاـ مع مقارنة بُت القوانُت العربية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة ‪،‬‬
‫مصر‪.‬‬
‫‪ .8‬حساـ الدين كامل األىواين‪ ،‬محاية ادلستهلك يف إطار النظرية العامة للعقد‪ ،‬محاية ادلستهلك يف إطار النظرية العامة للعقد‪،‬‬
‫حبث مقدـ يف ندوة محاية ادلستهلك يف الشريعة والقانوف‪ ،‬واليت نظمتها كلية الشريعة والقانوف جبامعة األمارات العربية‬
‫ادلتحدة خالؿ الفًتة من ‪ 7-6‬ديسمرب ‪.1998‬‬
‫‪ .9‬حسن عبد الباسط مجيعي‪ ،‬أثر عدـ التكافؤ بُت ادلتعاقدين على شروط العقد‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1996 ،‬‬
‫‪ .10‬الزيلعي‪ ،‬نصب الراية زبريج أحاديث النهاية ‪ ،‬ربقيق أمحد مشس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪ 1996‬ـ‪.)133/4( ،‬‬

‫‪33‬‬
‫جملة الدراسات القانونية والسياسية‬
‫اجمللد ‪ 70‬العدد ‪ 70‬جانفي ‪ --------------------------------------------------- 0700‬ص ص‪.44 -33:‬‬

‫‪ .11‬السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر يف قواعد وفروع الشافعية‪ ،‬ربقيق زلمد حسن زلمد حسن إمساعيل الشافعي‪ ،‬دار الكتب العربية‪،‬‬
‫بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬الطبعة األوىل‪ 1419 ،‬ىػ‪1998/‬ـ‪.‬‬
‫‪.12‬الشافعي‪ ،‬األـ‪.‬‬
‫‪ .13‬صبحي زلمصاين‪ ،‬فلسفة التشريع يف اإلسالـ‪ ،‬دار العلم للماليُت‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪ .14‬عاطف عبد احلميد حسن‪ ،‬محاية ادلستهلك‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪1996،‬‬
‫‪ .15‬عبد احلكم فودة‪ ،‬تفسَت العقد يف القانوف ادلدين ادلصري وادلقارف‪ ،‬منشأة ادلعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .16‬عبد الرازؽ السنهوري‪ ،‬مصادر احلق يف الفقو اإلسالمي‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقو الوضعي‪ ،‬مؤسسة التاريخ العريب‪ ،‬دار إحياء‬
‫الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫‪ .17‬عبد الفتاح عبد الباقي‪ ،‬موسوعة القانوف ادلدين ادلصري‪ ،‬نظرية العقد واإلرادة‪1984 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .18‬زلمد إبراىيم بنداري‪ ،‬محاية ادلستهلك يف عقد اإلذعاف‪ ،‬حبث مقدـ إىل ندوة " محاية ادلستهلك يف الشريعة والقانوف" اليت‬
‫نظمتها كلية الشريعة والقانوف جبامعة اإلمارات العربية ادلتحدة خالؿ الفًتة من ‪ 7-6‬ديسمرب ‪.1998‬‬
‫‪ .19‬زلمد عمر عبد الباقي‪ ،‬احلماية العقدية للمستهلك دراسة مقارنة بُت الشريعة والقانوف‪ ،‬منشأة ادلعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪،‬الطبعة الثانية‪.2008 ،‬‬
‫ثانيا‪ :‬ادلقاالت‬
‫‪ .20‬تامر زلمد سليماف الدمياطي‪ ،‬الشروط التعسفية كسب الختالؿ التوازف العقدي يف عقود االستهالؾ‪ ،‬رللة كلية الدراسات‬
‫العليا‪ ،‬كلية الشرطة‪ ،‬العدد ‪.2009 ،20‬‬
‫‪ .21‬إمساعيل زلمد احملاقري‪ ،‬احلماية القانونية لعدمي اخلربة من الشروط التعسفية‪ ،‬رللة احلقوؽ‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬السنة الثالثوف‪،‬‬
‫ديسمرب ‪2006‬ـ‪.‬‬

‫‪30‬‬

You might also like