You are on page 1of 25

‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫منازعات العقد اإلداري‬


‫بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء (دارسة مقارنة)‬
‫الدكتور‪ /‬رمزي هيالت‬
‫ق�سم القانون العام ‪ -‬كلية احلقوق ‪ -‬جامعة العلوم التطبيقية‬

‫المقدمة‬
‫من المهام الملقاة على عاتق السلطة اإلدارية إشباع حاجات األفراد وتحقيق‬
‫النفع العام‪ ،‬تلك الحاجات التي ازدادت كماً ونوعاً‪ ،‬األمر الذي فرض على‬
‫السلطة اإلدارية التخلي عن موقفها الحيادي إزاء حياة األفراد بشكل عام إلى‬
‫الموقف التدخلي في المجاالت كافة‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك كان ال بد على السلطة اإلدارية من القيام باألعمال اإلدارية‬
‫المادية والقانونية‪ ،‬وهذه األخيرة تتكون من القرارات اإلدارية والعقود‬
‫اإلدارية‪ ،‬وقد رافق ذلك امتيازات متعددة منحها المشرع للسلطة اإلدارية من‬
‫االستحالة أن نجدها في عالقات القانون الخاص‪.‬‬

‫هذه االمتيازات قلبت املعادلة بني �أطرافها الطرف القوي وهو ال�سلطة الإدارية من جهة‪ ،‬والطرف ال�ضعيف‪،‬‬
‫وهم الأفراد من جهة �أخرى‪ ،‬كل ذلك كون ال�سلطة الإدارية تقوم على حتقيق امل�صلحة العامة �أو ًال و�أخري ًا‪،‬‬
‫ومع ذلك حر�ص امل�شرع يف كل الدول على �إقامة نوع من التوازن بني طريف العالقة‪ ،‬وو�ضع حقوق الأفراد‬
‫وحرياتهم العامة ن�صب عينيه �أمام احتمالية تع�سف الإدارة وخمالفتها للقانون بق�صد �أو بدون وما قد‬
‫ينتج عن ذلك من �أ�ضرار ت�صيب الأفراد يف �أ�شخا�صهم �أو �أموالهم �أو بهما مع ًا‪ ،‬وذلك من خالل الرقابة‬
‫الق�ضائية على �أعمال الإدارة من خالل الدعاوى الإدارية التي يرفعها الأفراد مدافعني عن مبد�أ امل�شروعية‬
‫ورد ال�سلطة الإدارية جلادة ال�صواب واقت�ضاء التعوي�ض �أن كان هناك مقت�ضى‪.‬‬
‫�إذ ًا نخل�ص من خالل العر�ض ال�سابق �إىل نتيجة م�ؤداها حدوث منازعات بني ال�سلطة الإدارية من خالل‬
‫ممار�ستها لأعمالها الإدارية وبني الأفراد‪ ,‬منها ما يتعلق بالقرارات الإدارية للت�أكد من م�شروعيتها من‬
‫خالل دعوى الإلغاء‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالعقود الإدارية ويتم ذلك من خالل دعوى الق�ضاء الكامل‪.‬‬
‫ولكن هذا الكالم ال ي�ؤخذ على �إطالقه فيما يتعلق مبنازعات العقود الإدارية‪ ،‬فهناك منازعات مت�صلة‬
‫بالعقد الإداري ومع ذلك ينظرها الق�ضاء من خالل دعوى الإلغاء ا�ستناد ًا �إىل ا�ستحداث جمل�س الدولة‬
‫الفرن�سي لنظرية جديدة �أطلق عليها نظرية الأعمال الإدارية املنف�صلة‪ ،‬وم�ضمون هذه النظرية وب�إيجاز‪� ،‬أنه‬
‫�إذا كانت عملية التعاقد مركبة �أي ت�شتمل على �إجراءات وقرارات متعددة و�أمكن ف�صل �أحد هذه القرارات‬
‫ف�إنه ميكن الطعن به بدعوى الإلغاء دون �أن ي�ؤثر ذلك على م�شروعية العقد‪.‬‬
‫وبناء على ذلك ف�إن منازعات العقود الإدارية قد تكون من اخت�صا�ص الق�ضاء الكامل تارة وقد تكون من‬

‫‪355‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫اخت�صا�ص ق�ضاء الإلغاء تارة �أخرى‪.‬‬


‫ولتو�ضيح هذه الأمور ب�شيء من التف�صيل وبالتحديد بيان �أثر �إلغاء بع�ض القرارات الإدارية التي ت�سبق �إبرام‬
‫العقد الإداري على العقد نف�سه كانت هذه الدرا�سة على النحو التايل‪-:‬‬
‫فال بد �أو ًال من تعريف العقد الإداري وبيان عنا�صره وهذا ما �سوف نتناوله يف املبحث الأول‪ ،‬وكون هذه‬
‫الدرا�سة تتعلق بنوعي الدعاوى الإدارية( دعوى الإلغاء ودعوى الق�ضاء الكامل) فال بد من تعريفهما وبيان‬
‫�أوجه االختالف بينهما وهذا ما �سنتناوله يف املبحث الثاين‪.‬‬
‫ومبا �أن دعوى الإلغاء تتعلق بالقرارات الإدارية التي ت�سبق عملية �إبرام العقد الإداري ف�سوف نخ�ص�ص‬
‫املبحث الثالث لإجراءات �إبرام العقد الإداري‪ .‬على �أن نتناول بعد ذلك االخت�صا�ص بنظر منازعات العقود‬
‫الإدارية يف املبحث الرابع‪ .‬و�أخري ًا بيان �أثر �إلغاء القرار الإداري املنف�صل على العقد الإداري يف املبحث‬
‫اخلام�س‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫تعريف العقد اإلداري وبيان عناصره‬

‫�أ�شرنا �سابق ًا �إىل �أن ال�سلطة الإدارية تقوم مببا�شرة الت�صرفات القانونية من �أجل حتقيق �أهدافها والتي‬
‫تتلخ�ص ب�شكل عام يف حتقيق النفع العام للمواطنني‪ ،‬وتنق�سم هذه الت�صرفات �إىل ق�سمني‪ :‬ق�سم ي�صدر‬
‫ب�إرادة ال�سلطة الإدارية املنفردة وتتمثل يف القرارات الإدارية‪ ،‬وق�سم يتم بتوافق �إرادتني‪ ،‬ف�إىل جانب �إرادة‬
‫الإدارة‪ ،‬هناك �إرادة املتعاقد معها وهذا الق�سم يطلق عليه العقود الإدارية‪.‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر �أنه لي�س كل عقد تكون الإدارة طرف ًا فيه يعترب عقد ًا �إداري ًا وتنطبق عليه قواعد و�أحكام‬
‫القانون الإداري‪ ،‬فقد تربم ال�سلطة الإدارية عقود ًا يف نطاق القانون اخلا�ص �إذا ما تنازلت عن امتيازات‬
‫ال�سلطة واتفقت مع الأفراد الند بالند ونزلت �إىل امل�ستوى العادي لهم عندها تخ�ضع هذه العقود �إىل قواعد‬
‫القانون اخلا�ص‪.‬‬
‫وهذا ما جاء يف حكم حمكمة الق�ضاء الإداري امل�صرية بقولها (( ومن حيث �إن الذي ينبغي املبادرة �إىل‬
‫التنبيه �إليه هو �أنه لي�س كل عقد تربمه جهة الإدارة بعقد �إداري حتم ًا‪ ،‬فكثري ًا ما تلج�أ هذه اجلهة �إىل �إبرام‬
‫عقود بينها وبني جهة �أخرى‪� ،‬أو بينها وبني بع�ض الأ�شخا�ص يف ظل قواعد القانون اخلا�ص‪ ،‬فيخت�ص بها‬
‫قا�ضي القانون اخلا�ص‪ ،‬وال ت ُعني ب�أمرها مبادئ القانون الإداري‪ ،‬ولي�س بكاف �أبد ًا جمرد �أن يكون �أحد‬
‫طريف الت�صرف �شخ�ص ًا �إداري ًا عام ًا للقول ب�أن الت�صرف �أو العقد هو عقد �إداري يخ�ضع لأحكام القانون‬
‫العام‪ ،‬وتخت�ص حتم ًا بالف�صل يف منازعاته هذه املحكمة‪ ،‬فال�شخ�ص الإداري العام قد يربم عقد ًا مدني ًا كما‬
‫يربم عقد ًا �إداري ًا �سواء ب�سواء‪.1))......‬‬
‫والعقد الإداري كما عرفه الفقه والق�ضاء الإداريان هو العقد الذي يكون �أحد طرفيه �شخ�ص ًا معنوي ًا عام ًا‬
‫‪ 1 .1‬الق�ضية رقم ‪ 870‬ل�سنة ‪ 5‬ق�ضائية‪ ،‬ق�ضية ال�سيد حممد زيدان �ضد وزارة املعارف والتموين واملالية‪� ،‬أ�شار �إلية‪ ،‬د �سليمان حممد‬
‫الطماوي الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬درا�سة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪� ،2005 ،‬ص‪�-25‬ص‪.26‬‬

‫‪356‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫من �أجل ت�سيري مرفق عام ابتغاء حتقيق م�صلحة عامة‪ .‬متبع ًا يف هذا الأ�ساليب املقررة يف القانون العام مبا‬
‫يعني انطواءه على نوع �أو �آخر من ال�شروط غري امل�ألوفة الإتباع يف عقود القانون اخلا�ص ‪.1‬‬
‫وبالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬فقد عرفته املحكمة الإدارية العليا امل�صرية ب�أنه(( ذلك العقد الذي يربمه �أحد‬
‫الأ�شخا�ص املعنوية العامة لإدارة وت�سيري مرفق عام ابتغاء حتقيق م�صلحة عامة‪ ،‬متبع ًا يف هذا الأ�ساليب‬
‫املقررة يف القانون العام مبا يعني انطواءه على نوع �أو �آخر من ال�شروط غري امل�ألوفة الإتباع يف عقود القانون‬
‫اخلا�ص ‪. 2‬‬
‫كما عرفته املحكمة الكربى املدنية البحرينية((‪ ....‬و�إذا كان يلزم العتبار العقد �إداري ًا �أن تكون الدولة �أو‬
‫ما اليها من الأ�شخا�ص العامة طرف ًا فيه و�أن يحتوي على �شروط ا�ستثنائية غري م�ألوفة يف العقود املدنية التي‬
‫تنظمها قواعد القانون اخلا�ص عالوة على �أن يكون مت�ص ًال مبرفق عام �إت�صا ًال يتحقق به معنى امل�شاركة يف‬
‫ت�سيريه‪. 3 )).....‬‬
‫وبنا ًء على ما ذكر من تعريفات �سابقة للعقد الإداري نرى �أنه البد من توافر ثالثة �شروط يف العقد العتباره‬
‫عقد ًا �إداري ًا وهذه ال�شروط هي‪:‬‬
‫�أن يكون �أحد طريف العقد �شخ�ص ًا معنوي ًا عاما ً‪ ،‬و�أن يتعلق مبرفق عام‪ ،‬على �أن يكون مت�ضمن ًا �شروط ًا غري‬
‫م�ألوفة يف عقود القانون اخلا�ص ‪ 4‬وهذا ما �سوف نقوم بتو�ضيحه تباع ًا ب�شيء من التف�صيل‪.‬‬
‫أو ًال‪ :‬أن يكون أحد طرفي العقد شخصاً معنوياً عاماً‪:‬‬
‫حتى نكون �أمام عقد من العقود الإدارية فالبد �أن يكون �أحد طرفيه �شخ�ص ًا معنوي ًا عام ًا‪ ,‬والأ�شخا�ص‬
‫املعنوية العامة‪ ،‬الدولة �أو ال�سلطة الإدارية املركزية والالمركزية �سواء كانت هذه الأخرية �إقليمية كالبلديات‬
‫�أو مرفقيه كامل�ؤ�س�سات العامة‪ ،‬وباملقابل فالعقود التي يكون �أطرافها من �أ�شخا�ص القانون اخلا�ص كالأفراد‬
‫وال�شركات واجلمعيات وامل�ؤ�س�سات اخلا�صة تخرج من نطاق العقود الإدارية وقواعد القانون العام وتخ�ضع‬
‫لقواعد القانون اخلا�ص حتى لو تعلق مو�ضوع العقد مبرفق عام �أو كان �أحد طرفيه هيئة خا�صة تخ�ضع‬
‫لرقابة قوية من الدولة ‪.5‬‬
‫وبالرغم مما ذكر فقد يكون �أطراف العقد جميعهم من �أ�شخا�ص القانون اخلا�ص ومع ذلك نكون �أمام عقد‬
‫�إداري ولكن ب�شرط �أن يتم �إبرام العقد من قبل �أحد طرفيه حل�ساب �شخ�ص معنوي عام ولي�س حل�سابه‬
‫اخلا�ص‪ ،‬بحيث ترتتب �آثار العقد جميعها �سلب ًا و�إيجاب ًا يف ذمة ال�شخ�ص املعنوي ولي�س يف ذمة ال�شخ�ص‬
‫املتعاقد‪.6‬‬
‫‪ 1‬د‪ .‬نواف كنعان‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬دار الثقافة للن�شر والتوزيع‪ ،‬عمان‪� ،2005 ،‬ص‪.313‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪2‬حكم املحكمة الإدارية العليا امل�صرية يف الق�ضية رقم ‪ 756‬ال�صادر بتاريخ ‪ 30‬دي�سمرب ‪ 1967‬جمموعة �أحكام املحكمة الإدارية‬ ‫‪.2‬‬
‫العليا �ص ‪.1831‬‬
‫‪ 3‬حكم املحكمة الكربى املدنية‪ -‬الغرفة الأوىل رقم ‪ 672‬ال�صادر بتاريخ ‪ 1995/10/30‬املختار من الأحكام ال�صادرة يف ق�ضايا‬ ‫‪.3‬‬
‫جهات الإدارة‪ ،‬ط‪� ،1‬سنة ‪� ،2000‬ص‪.48‬‬
‫‪4‬انظر املوعقع ‪ http:// memberes.maltimania.fr/droitdz/slimani3.htm‬وكذلك املوقع ‪http://khalifas a‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪lem.wordpress.com‬‬
‫‪5 .5‬د‪ .‬حممد رفعت عبد الوهاب مبادئ و�أحكام القانون الإداري‪ ،‬من�شورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بريوت ‪� ،2005‬ص‪.495‬‬
‫‪6 .6‬د‪ .‬حممد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ,‬ص ‪.495‬‬

‫‪357‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫ثانياً‪ :‬أن يتعلق العقد بإدارة وتسيير مرفق عام‪:‬‬


‫ال يكفي العتبار العقد �إداري ًا �أن يكون �أحد طرفيه �شخ�ص ًا من �أ�شخا�ص القانون العام‪ ،‬بل ال بد من ات�صاله‬
‫مبرفق عام‪ ،‬ويكون هذا االت�صال على عدة �صور‪ ،‬فقد يت�صل العقد بتنظيم املرفق �أو ا�ستغالله �أو ت�سيريه‬
‫�أو باملعاونة يف ت�سيريه و�إدارته من خالل توريد مواد �أو خدمات �أو غري ذلك ‪ 1‬ويف فرن�سا ي�شرتط الق�ضاء‬
‫الإداري الفرن�سي �أن تكون �صلة العقد باملرفق العام �أقوى ما تكون‪ ،‬عندها يكون ذلك كافي ًا العتبار العقد‬
‫�إداري ًا دون �أن يتطلب احتواء العقد على �شروط ا�ستثنائية غري م�ألوفة يف عقود القانون اخلا�ص‪ ،‬وعلى هذا‬
‫الأ�سا�س ف�إبرام العقد من قبل �شخ�ص من �أ�شخا�ص القانون العام بالإ�ضافة �إىل �شرط ات�صاله ات�صا ًال قوي ًا‬
‫باملرفق العام يكون ذلك كافي ُا العتباره عقد ًا �إداري ًا‪ ،‬وقد بدا هذا االجتاه وا�ضح ًا يف فرن�سا ب�صدور حكم‬
‫جمل�س الدولة الفرن�سي يف ق�ضية( ‪ )Terrier‬وتقرير املفو�ض الفرن�سي(‪ )Romieu‬الذي عرف العقد‬
‫الإداري ب�أنه العقد الذي يتعلق بتنظيم �أو ت�سيري املرفق العام ‪.2‬‬
‫كما ت�أكد هذا االجتاه مع �صدور حكم جمل�س الدولة الفرن�سي يف ق�ضية(‪ )Bertin‬والتي تتلخ�ص يف �أن‬
‫ال�سيد بارتان وزوجته ابرما عقد ًا مع الإدارة ال�ستقبال وا�ست�ضافة الالجئني ال�سوفيت يف فرن�سا �أثناء احلرب‬
‫العاملية الثانية وتوفري �إقامتهم حتى عودتهم �إىل بالدهم‪ ،‬وملا ثار النزاع حول هذا العقد‪ ،‬اعرتف جمل�س‬
‫الدولة الفرن�سي باخت�صا�صه به على اعتبار �أنه من العقود الإدارية حتى ولو مل يت�ضمن �شروط ًا ا�ستثنائية‬
‫غري م�ألوفة يف نطاق القانون اخلا�ص‪.‬‬
‫�أما �إذا كان ات�صال العقد باملرفق العام لي�س قوي ًا‪� ،‬أي جمرد �صلة خارجية �أو حتى مل يت�صل باملرفق على‬
‫الإطالق‪ ،‬عندها ي�شرتط الق�ضاء الإداري الفرن�سي ا�شتمال العقد على �شروط ا�ستثنائية وغري م�ألوفة يف‬
‫نطاق القانون اخلا�ص ‪.3‬‬
‫كما �أكدت على �ضرورة ات�صال العقد باملرفق العام املحكمة الإدارية العليا امل�صرية حيث اعتربت �أن مناط‬
‫العقد الإداري هو ات�صاله بن�شاط املرفق العام من حيث تنظيمه وت�سيريه بغية خدمة �أغرا�ضه وحتقيق‬
‫احتياجاته مراعاة لوجه امل�صلحة العامة ‪.4‬‬
‫وهذا ما �أخذ به كذلك الق�ضاء البحريني من خالل حكم املحكمة الكربى اال�ستئنافية الثالثة البحرينية‬
‫حيث ق�ضت(‪ .....‬ف�إن العقد �سالف الذكر يكون قد �إت�سم بالطابع املميز للعقود الإدارية من حيث ات�صاله‬
‫مبرفق عام‪.5 )....‬‬
‫ونود الإ�شارة هنا �إىل �أن الق�ضاء الإداري العربي مل ي�أخذ بالتفرقة التي �أخذ بها الق�ضاء الفرن�سي فيما‬
‫يتعلق ب�شرط ات�صاله باملرفق العام ف�سواء كان االت�صال قوي ًا �أو �ضعيف ًا ال ي�ؤثر ذلك‪ ،‬املهم ات�صاله باملرفق‬

‫‪1‬د‪ .‬نواف كنعان‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.319‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪2‬د‪� .‬صالح �إبراهيم املتيوتي د‪ ,‬مروان حممد املدر�س‪ ,‬القانون الإداري‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬جامعة البحرين‪� ،2008 ,‬ص‪.118‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪3‬د‪ .‬حممد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ,‬ص ‪.497‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ً‬
‫‪4‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ,‬الوجيز يف مبادئ و�أحكام القانون الإداري وفقا لآراء الفقه و�أحكام الق�ضاء يف البحرين‪ ،‬الكتاب‬ ‫‪.4‬‬
‫الثاين‪ ،‬بدون دار ن�شر ‪ ،‬ط‪� ،2012 ،1‬ص‪�-72‬ص‪73‬‬
‫‪5‬حكم املحكمة الكربى الإ�ستئنافية الثالثة رقم ‪ 802‬ل�سنة ‪ 1992‬ال�صادر بتاريخ ‪ ،1992/11/25‬املختار من الأحكام ال�صادرة يف‬ ‫‪.5‬‬
‫ق�ضايا جهات الإدارة‪� ،‬ص‪69‬‬

‫‪358‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫العام مهما كانت قوة هذا االت�صال ‪.1‬‬


‫وح�سن ًا فعل الق�ضاء الإداري العربي يف عدم �أخذه بالتفرقة ال�سابقة فعملية معرفة متى يكون االت�صال قوي ًا‬
‫�أو �ضعيف ًا ال يكون بالأمر ال�سهل وال يوجد معيار دقيق للف�صل يف ذلك‪.‬‬
‫ومع ذلك يرى الدكتور �سليمان الطماوي �أن عالقة العقد باملرفق العام �إذا كانت �ضرورية ف�إنها لي�ست كافية‬
‫ملنحه تلك ال�صفة‪ ،‬حيث �إن قواعد القانون العام مل تعد ذات عالقة حتمية بفكرة املرفق العام‪ ،‬فهنالك‬
‫عقود �إدارية ال تتعلق مبرفق عام مبا�شرة كبع�ض عقود الأ�شغال العامة‪ ،‬والعقود التي تت�ضمن �شغ ًال للمال‬
‫العام ولكنها تعترب من العقود الإدارية بتحديد القانون ‪.2‬‬

‫ثالثاً‪ :‬أن يتضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص‪:‬‬
‫وهذه هي الفكرة الرئي�سة يف متييز العقود الإدارية‪ ،‬فال يكفي العتبار العقد �إداري ًا‪� ،‬أن يكون �أحد �أطرافة‬
‫�شخ�ص ًا من �أ�شخا�ص القانون العام‪ ،‬وتعلقه ب�إدارة وت�سيري مرفق من املرافق العامة‪ ،‬بل ال بد من �أن يت�ضمن‬
‫هذا العقد �شروط ًا ا�ستثنائية وغري م�ألوفة يف القانون اخلا�ص وهذا ما ق�ضت به حمكمة الق�ضاء الإداري‬
‫امل�صرية(( �أن العقد الإداري هو العقد الذي يربمه �شخ�ص معنوي من �أ�شخا�ص القانون العام بق�صد �إدارة‬
‫مرفق عام �أو مبنا�سبة ت�سيريه و�أن يظهر نيته يف هذا العقد بالأخذ ب�أ�سلوب القانون العام و�أحكامه‪ ،‬وذلك‬
‫بت�ضمني العقد �شروط ًا ا�ستثنائية غري م�ألوفة يف القانون اخلا�ص ‪ 3‬ومن هذه ال�شروط �سلطة الإدارة يف‬
‫الإ�شراف على تنفيذ العقد‪ ،‬وكذلك حقها يف �إجراء بع�ض التعديالت على العقد ب�إرادتها املنفردة من جانب‬
‫واحد دون موافقة الطرف الآخر‪ ،‬وكذلك �سلطتها يف توقيع اجلزاءات على املتعاقدين معها عند �إخاللهم‬
‫بالتزاماتهم العقدية‪ ،‬وقد ت�صل هذه �إىل �أقواها‪ ،‬وهو حقها يف ف�سخ العقد ب�إرادتها املنفردة �إذا اقت�ضت‬
‫ذلك امل�صلحة العامة �أو عند �إخالل املتعاقد معها ب�أحد التزاماته اجلوهرية املن�صو�ص عليها يف العقد ‪. 4‬‬
‫وعادة ما ي�شوب البند غري امل�ألوف اللب�س والغمو�ض نظر ًا لعدم وجود تعريف حمدد له‪ ،‬وهذا الأمر يقع على‬
‫عاتق الق�ضاء يف �أن يحدد يف كل حالة متنازع عليها ما �إذا كان العقد يت�ضمن �شروط ًا ا�ستثنائية حتى يكون‬
‫العقد �إداري ًا وتطبق عليه �شروط القانون العام‪.‬‬
‫ومن تطبيقات ذلك من قبل الق�ضاء الإداري الفرن�سي‪ ،‬حماولة جمل�س الدولة الفرن�سي تعريف ال�شرط‬
‫اال�ستثنائي يف حكمه ال�صادر يف ‪� 20‬أكتوبر �سنة ‪ 1950‬والذي جاء فيه((هي التي متنح �أحد الطرفني‬
‫املتعاقدين حقوق ُا �أو حتمله التزامات غريبة يف طبيعتها عن تلك التي ميكن �أن يوافق عليها من يتعاقد يف‬
‫نطاق القانون املدين �أو التجاري ‪ .5‬وهناك حماولة �أخرى من قبل الفقه ‪ 6‬لتعريف ال�شرط اال�ستثنائي‪ ،‬ب�أنه‬
‫الذي يعطي الفريقني �أو �أحدهما حقوق ًا �أو يرتب على عاتقهما موجبات تختلف بطبيعتها وجوهرها عن تلك‬

‫‪1‬د‪ .‬حممد رفعت عبد الوهاب‪ ,‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.497‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪2‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬مبادئ القانون الإداري‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪� ،2007 ،‬ص‪�-942‬ص‪.945‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪3‬حكم حمكمة الق�ضاء الإداري امل�صرية ال�صادر بتاريخ ‪ 16‬دي�سمرب ل�سنة ‪ ،1956‬الق�ضية رقم ‪ ،223‬ل�سنة ‪ 10‬ق�ضائية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪4‬د‪� .‬صالح ابراهيم املتيوتي‪ ،‬د‪ .‬مروان حممد املدر�س‪ ،‬القانون الإداري‪ ,‬املرجع ال�سابق‪� ,‬ص‪122‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪�5‬أ�شار �إليه د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ,‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع‪� ,‬ص ‪.88‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪ 6‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬املرجع ال�سابق ‪� ،‬ص ‪.75‬‬ ‫‪.6‬‬

‫‪359‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫التي ميكن �أن ي�سلم بها ال�شخ�ص مبلء �إرادته يف �إطار القوانني املدنية والتجارية‪.‬‬
‫ولكن خلو العقد من هذه االمتيازات املمنوحة للإدارة وغري امل�ألوفة ال يعني حتم ًا وبال�ضرورة �أن يكون العقد‬
‫مدني ًا‪ ،‬بل �إن الق�ضاء يعتربه �إداري ًا �إذا كان من �ش�أنه �أن ي�ؤدي �إىل ا�شرتاك املتعاقد مع الإدارة مبا�شره يف‬
‫ت�سيري املرفق العام ب�شرط �أن ي�سري هذا املرفق وفق ُا لقواعد القانون العام ‪ 1‬ويف هذا ال�سياق وعطف ًا على‬
‫املعايري ال�سابقة للعقد الإداري‪ ،‬يقول الدكتور جورج �سعد‪� ،‬أن بع�ض فقهاء القانون الإداري يرون �أن املعايري‬
‫التقليدية للعقد الإداري ت�شهد انقالب ًا جذري ًا‪ ،‬حيث �صدرت قوانني جديدة فرن�سية و�أوروبية يف مو�ضوعات‬
‫خمتلفة مثل ال�صفقات العمومية وان�شاء عقود ال�شراكة مع القطاع اخلا�ص‪ ،‬وبرزت مبادئ ما فوق ت�شريعية‬
‫�سوف حتدث بال�ضرورة انقالب ًا يف مفاهيم العقد الإداري التقليدية خا�صة مع والدة ما ي�سمى اليوم بالعقود‬
‫الإلكرتونية التي ت�سهلها الثورة الهائلة احلالية يف عامل االت�صاالت ‪.2‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫التعريف بدعوى اإللغاء وتمييزها عن دعوى القضاء الكامل‬

‫كون هذه الدرا�سة على ات�صال وثيق بكل من الدعويني‪ ،‬يرى الباحث �أن التمييز بينهما على درجة كبرية‬
‫من الأهمية‪ ،‬وبنا ًء على ذلك �سيتم تق�سيم هذا املبحث �إىل مطلبني‪ ،‬يخ�ص�ص املطلب الأول لدرا�سة دعوى‬
‫الإلغاء‪ ،‬من حيث تعريفها وخ�صائ�صها فقط؛ ومن ثم التمييز بينها وبني دعوى الق�ضاء الكامل يف املطلب‬
‫الثاين‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫تعريف وخصائص دعوى اإللغاء‬

‫يق�صد بدعوى الإلغاء‪ ،‬الدعوى التي يرفعها الأفراد �إىل الق�ضاء الإداري يطلب فيها �إعدام قرار �إداري‬
‫خمالف للقانون ‪ 3‬وتعرف كذلك ب�أنها دعاوى ق�ضائية ترفع ملخا�صمة قرار �إداري غري م�شروع من �أجل‬
‫�إلغائه �أو �إعدامه ‪.4‬‬
‫ودعوى الإلغاء من دعاوى الق�ضاء املو�ضوعية كونها حتمي املراكز القانونية العامة من خالل الت�صدي‬
‫للقرارات املخالفة للم�شروعية الإدارية‪ ،‬لذلك فهي ال متثل خ�صومة تتعلق بحقوق �شخ�صية‪ ،‬و�إمنا تخا�صم‬
‫القرار الإداري غري امل�شروع‪ ،‬ومبا �أن هذه الدعوى تنتمي �إىل الق�ضاء املو�ضوعي ف�إنها تعترب من النظام‬
‫العام بحيث ال يجوز التنازل مقدم ًا عن رفعها‪ ،‬ويعترب احلكم ال�صادر ب�إلغاء القرار الإداري املطعون فيه له‬

‫‪1‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي ‪ ،‬مبادئ القانون الإداري‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص ‪.946‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪2‬د‪ .‬جورج �سعد‪ ،‬القانون الإداري العام واملنازعات الإدارية‪ ،‬اجلزء الأول‪ ،‬من�شورات احللبي احلقوقية‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت ‪,2011‬‬ ‫‪.2‬‬
‫�ص‪.375‬‬
‫‪3‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.280‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪4‬د‪ .‬فاروق خما�س‪ ،‬الق�ضاء الإداري‪ ،‬جامعة البحرين‪ ،‬كلية احلقوق‪� ،2006 ،‬ص‪.120‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪360‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫حجيته على الكافة ‪.1‬‬


‫وبالرغم من ذلك فال ميكن لدعوى الإلغاء �أن تكون دعوى مو�ضوعية ب�شكل مطلق‪ ،‬فمع ا�شرتاط امل�شرع �أن‬
‫تكون هناك م�صلحة لرفعها ف�إنها ال تخلو من بع�ض عنا�صر الق�ضاء ال�شخ�صي‪ ،‬خا�صة عند دخول �شخ�ص‬
‫ثالث يف هذه الدعوى‪ .‬ومع ذلك فدعوى الإلغاء هي دعوى مو�ضوعية كون النزاع فيها ين�صب على م�شروعية‬
‫القرار الإداري ‪.2‬‬
‫ودعوى الإلغاء هي يف احلقيقة من خلق و�إن�شاء جمل�س الدولة الفرن�سي على الرغم من �أن هناك ن�صو�ص ًا‬
‫ت�شريعية فرن�سية عملت على تنظيمها يف بع�ض جوانبها مثل قانون ‪ 24‬مايو �سنة ‪ ،1872‬حيث مل يعمل جمل�س‬
‫الدولة على ربط دعوى الإلغاء بقانون من القوانني‪ ،‬بل اعتربها جمرد �أداة لتحقيق امل�شروعية وفق ًا ملبادئ‬
‫القانون العام‪ ،‬وقد ترتب على ذلك نتيجة بالغة اخلطورة‪ ،‬وهي قبول دعوى الإلغاء �ضد قرارات ن�ص امل�شرع‬
‫على حت�صينها من جميع الطعون الإدارية �أو الق�ضائية‪.‬‬
‫ولقد تعاون كل من امل�شرع الفرن�سي وجمل�س الدولة الفرن�سي على رعاية دعوى الإلغاء برعاية خا�صة‪ ،‬متثلت‬
‫بت�سهيل رفعها دون ا�شرتاط امل�شرع وجوب رفعها من خالل حمام وعدم دفع ر�سوم رفعها مقدم ًا ‪ 3‬وهذا مما‬
‫حمام مما يحمل‬‫نفتقده لدى م�شرعنا العربي يف ا�شرتاطه دفع ر�سوم هذه الدعوى مقدم ًا ورفعها من خالل ٍ‬
‫الأفراد �صعوبات مادية قد تقف حائ ًال دون رفعها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫التمييز بين دعوى اإللغاء ودعوى القضاء الكامل‬

‫هناك فروق جوهرية بني كل من الدعويني‪ ،‬حيث تتميز دعوى الق�ضاء الكامل بان �سلطة القا�ضي فيها‬
‫ال تقت�صر على �إلغاء القرار الإداري غري امل�شروع‪ ،‬بل متتد هذه ال�سلطة لت�شمل حتديد املركز القانوين‬
‫ال�شخ�صي للطاعن وبيان احلل الكامل للنزاع‪ ،‬لذلك فدعوى الإلغاء تختلف عن دعوى الق�ضاء الكامل يف‬
‫الأمور التالية ‪4‬‬
‫‪ .1‬فمن حيث موضوع الدعوى‪ :‬فمو�ضوع دعوى الإلغاء هو الطلب من الق�ضاء الإداري �إلغاء القرار‬
‫الإداري لعدم امل�شروعية‪� ،‬أما مو�ضوع دعوى الق�ضاء الكامل فهو املطالبة بالتعوي�ض عما �أ�صاب املدعي من‬
‫�أ�ضرار مادية �أو معنوية من جراء الت�صرفات الإدارية‪ ،‬لذلك ميكننا القول ب�أن دعوى الإلغاء هي دعوى‬
‫مو�ضوعية تقوم على خما�صمة القرار الإداري غري امل�شروع‪� ،‬أما دعوى الق�ضاء الكامل فهي خ�صومة بني‬
‫املدعي وهو ال�شخ�ص املت�ضرر وال�سلطة الإدارية‪.‬‬
‫‪1‬د‪ .‬نواف كنعان‪ ،‬الق�ضاء الإداري‪ ،‬دار الثقافة للن�شر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪� ،2006 ،‬ص ‪.173‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪2‬د‪ .‬حممد عبد اهلل حمود الدليمي‪ ،‬الق�ضاء الإداري‪ ،‬يف مملكة البحرين‪ ،‬جامعة العلوم التطبيقية‪ ،‬ط ‪� ،2008 ،1‬ص‪207‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪3‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪ 281‬ومابعدها‬ ‫‪.3‬‬
‫‪4‬انظر د‪ .‬عبد الغني ب�سيوين عبد اهلل‪ ،‬الق�ضاء الإداري‪ ،‬من�ش�أة املعارف بالإ�سكندرية‪� ،2006 ،‬ص‪ 420‬وما بعدها‪ ،‬د‪.‬حممد وليد‬ ‫‪.4‬‬
‫العبادي‪ ،‬الق�ضاء الإداري‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬م�ؤ�س�سة الوراق للن�شر والتوزيع‪ ،‬عمان‪� ،2007 ،‬ص‪�-223‬ص‪ ،228‬د‪ .‬فهد عبد الكرمي‬
‫�أبو العثم‪ ،.‬الق�ضاء الإداري بني النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الثقافة للن�شر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪� ،2011-1‬ص‪�-258‬ص‪ ،260‬د‪ .‬فاروق‬
‫�أحمد خما�س‪ ،‬الق�ضاء الإداري وتطبيقاته يف مملكة البحرين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪� -146‬ص‪.147‬‬

‫‪361‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫‪ .2‬من حيث المواعيد واإلجراءات‪ :‬فحتى تقبل دعوى الإلغاء يجب �أن ترفع خالل مدة معينة من تاريخ‬
‫ن�شر القرار املطعون فيه �أو التبليغ �أو العلم اليقيني به‪ ،‬وهي �شهران يف الت�شريع الفرن�سي و�ستون يوم ًا يف‬
‫الت�شريع امل�صري والأردين‪� ،‬أما امل�شرع البحريني فلم يحدد ميعاد ًا لرفع دعوى الإلغاء و�إزاء ذلك يلزم‬
‫الق�ضاء مبا حتدده بع�ض القوانني التي ي�صدر بنا ًء عليها القرار املطعون فيه و�إال فالق�ضاء البحريني ي�أخذ‬
‫ميعاد ال�ستني يوم ًا امل�أخوذ به يف الق�ضاء الإداري عرف ًا ق�ضائي ًا يبني عليه �أحكامه ك�شرط من �شروط قبول‬
‫دعوى الإلغاء ويعترب الرتاخي يف رفع دعوى الإلغاء تناز ًال من �صاحب امل�صلحة عن حقه ‪ ،1‬ف�إذا مل يتم‬
‫الطعن بالقرار �ضمن هذه املدة من قبل �صاحب امل�صلحة‪� ،‬سقط حقه يف تقدميها وحت�صن القرار �ضد‬
‫الإلغاء‪ .‬با�ستثناء القرارات الإدارية املنعدمة �أو القرارات ال�صادرة بنا ًء على غ�ش �أو تدلي�س والتي يجوز‬
‫الطعن فيها دون التقيد مبيعاد‪� ،‬أما دعوى الق�ضاء الكامل فلي�س لها موعد حمدد لتقدميها‪ ،‬بل تخ�ضع‬
‫للمواعيد املتعلقة بتقادم احلق املدعى به‪.‬‬
‫‪ .3‬من حيث مدى سلطة القاضي اإلداري‪:‬‬
‫ففي دعوى الإلغاء تتحدد �سلطة القا�ضي الإداري يف فح�ص القرار الإداري والتحقق من مدى م�شروعيته‪،‬‬
‫ف�إذا وجده غري م�شروع قام ب�إلغائه دون �أن متتد �صالحياته �إىل �أبعد من ذلك‪� ،‬أما يف دعوى الق�ضاء الكامل‬
‫جديد‬
‫ف�صالحيات القا�ضي تكون �أو�سع من ذلك‪ ،‬فقد متتد لت�شمل تعديل القرار �أو ا�ستبداله �أو �إ�صدار قرا ٍر ٍ‬
‫بد ًال منه‪.‬‬
‫‪ .4‬من حيث حجية الحكم‪:‬‬
‫احلكم ال�صادر بدعوى الإلغاء له حجة مطلقة يف مواجهة كافة ال�سلطات يف الدولة‪ ،‬وهذه احلجية طبع ًا‬
‫تقت�صر على احلكم ال�صادر ب�إلغاء القرار‪� ،‬أما �إذا �أ�صدرت املحكمة حكم ًا برد دعوى الإلغاء لأي �سبب كان‬
‫فهنا احلجية تكون ن�سبية بني املدعي واملدعى عليها‪ ،‬ويجوز الطعن بالقرار نف�سه ممن له م�صلحة يف ذلك‬
‫�إذا ما حتققت �شروط قبولها‪.‬‬
‫�أما احلكم ال�صادر بدعوى الق�ضاء الكامل فحجيته ن�سبية حيث يقت�صر �أثره على �أطراف الدعوى فقط‪،‬‬
‫املدعي واملدعى عليها‪ ،‬دون �أن يتعدى ب�آثاره �إىل الغري‪.‬‬
‫‪ .5‬من حيث االختصاص‪:‬‬
‫االخت�صا�ص بنظر دعوى الإلغاء ينح�صر يف الق�ضاء الإداري دون غريه‪� ،‬أما النظر يف دعوى الق�ضاء الكامل‪،‬‬
‫ف�إما �أن يكون من اخت�صا�ص الق�ضاء الإداري �أو العادي ح�سب قواعد توزيع االخت�صا�صات‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫إجراءات إبرام العقد اإلداري‬

‫حتر�ص الإدارة يف عقودها الإدارية على احل�صول على �أف�ضل املتعاقدين من الناحيتني املالية والفنية‪،‬‬
‫وذلك كونها تعمل على حتقيق امل�صلحة العامة‪ ،‬ومن �أجل ذلك تلتزم ب�إتباع قواعد و�إجراءات معينة يف‬
‫‪�1 .1‬أنظر الطعن رقم ‪ 521‬ل�سنة ‪ 2006‬جل�سة ‪ ،2007/6/18‬جمموعة الأحكام ال�صادرة من حمكمة التمييز‪ ،‬اجلزء الأول‪ ،‬ال�سنة‬
‫الثامنة ع�شرة من يناير اىل دي�سمرب ‪� ،2007‬ص‪.852‬‬

‫‪362‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫اختيار املتعاقد معها‪ ،‬وامل�شرع البحريني كغريه مييل �إىل تقييد الإدارة يف �إبرامها للعقود الإدارية وجند ذلك‬
‫وا�ضح ًا يف ن�ص املادة الرابعة من قانون تنظيم املناق�صات والت�شريعات احلكومية واملعدل بالقانون رقم ‪29‬‬
‫ل�سنة ‪(2010‬على �أن يكون التعاقد على �شراء ال�سلع �أو الإن�شاءات ب�أ�سلوب املناق�صة العامة‪ ،‬ومع ذلك يجوز‬
‫للجهة امل�شرتكة بقرار م�سبب من جمل�س املناق�صات التعاقد ب�أحد الأ�ساليب الآتية‪:‬‬
‫ ‪ .‬أاملناق�صة على مرحلتني‪.‬‬
‫ ‪ .‬باملناق�صة املحدودة‪.‬‬
‫ ‪ .‬جالتفاو�ض التناف�سي ( املمار�سة)‪.‬‬
‫ ‪ .‬دال�شراء املبا�شر( ال�شراء من م�صدر واحد)‪.‬‬
‫ ‪ .‬هطلب تقدمي اقرتاحات‪.‬‬
‫وهكذا يت�ضح لنا �أن امل�شرع البحريني قد ح�صر �أ�ساليب التعاقد باملناق�صة واملمار�سة وال�شراء املبا�شر‪،‬‬
‫ولدرا�سة هذه الأ�ساليب‪� ،‬سنعمد �إىل تخ�صي�ص مطلب م�ستقل لكل منها وذلك على النحو التايل‪:‬‬

‫المطلب األول‬
‫أسلوب المناقصة‬

‫يعترب امل�شرع البحريني كغريه من الت�شريعات الأخرى‪� ،‬أ�سلوب املناق�صة الأ�سلوب العام يف �إبرام الإدارة‬
‫لعقودها الإدارية‪� ،‬أما الأ�ساليب الأخرى فال يجوز اللجوء �إليها �إال يف حاالت معينة و�شروط حمددة‪.‬‬
‫واملناق�صة هي طريقة مبقت�ضاها تلتزم الإدارة باختيار �أف�ضل من يتقدمون للتعاقد معها ب�شروط �سواء من‬
‫الناحية املالية �أو من ناحية اخلدمة املطلوب �أدا�ؤها ‪.1‬‬
‫كما عرفها( ‪ )Flamme‬ب�أنها �إجراء يتم من جانب الإدارة مبفردها وي�سبق �إبرام العقد وي�سمح لها ب�أن تلج�أ‬
‫�إىل طلب معاونة امل�شروعات اخلا�صة وفق ًا لأو�ضاع حتددها القوانني واللوائح �سلف ًا‪ ،‬مراعية بذلك �صالح‬
‫املرفق العام‪ ،‬ويتم تعيني املتعاقد مبقت�ضى هذه الطريقة عقب دعوة عامة وغري حمددة عادة للمناف�سة‪ ،‬مع‬
‫تطبيق �آلية الإر�ساء‪ ،‬مبعنى �أنه ينبغي على الإدارة �أن تختار �صاحب �أقل عطاء م�ستوف لل�شروط‪ .‬ولكن هذا‬
‫الإر�ساء امل�ؤقت يبقى معلق ًا على موافقة اجلهة الإدارية املخت�صة التي متلك وحدها �إبرام العقد ‪.2‬‬
‫واملناق�صة يف هذا املعنى تختلف عن املزايدة‪ ،‬فالأوىل تهدف �إىل اختيار من يتقدم ب�أقل عطاء‪ ،‬ويكون‬
‫ذلك �إذا ما �أرادت الإدارة القيام ب�أعمال معينة ك�أ�شغال عامة مث ًال‪� ،‬أما الثانية فتهدف الإدارة عن طريقها‬
‫�إىل التعاقد مع ال�شخ�ص الذي يقدم �أعلى عطاء‪ ،‬وذلك �إذا ما �أرادت �أن تبيع �أو ت�ؤجر �شيئ ًا من �أمالكها ‪3‬‬
‫والأ�صل يف املناق�صات �أو املزايدات �آلية الإر�ساء‪ ،‬هي �إر�ساء املناق�صة على �صاحب �أدنى �سعر واملزايدة على‬
‫�صاحب �أعلى �سعر‪ ،‬الأمر الذي يك�شف عن هذا املبد�أ عيوب ًا �أهمها‪� ،‬أن الأ�سعار املطروحة تكون على ح�ساب‬

‫‪ 1 .1‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.226‬‬
‫‪2 .2‬مازن ليلو را�ضي‪ ،‬العقود الإدارية يف القانون الليبي واملقارن‪ ،‬من�ش�أة املعارف بالإ�سكندرية‪� ،2003 ،‬ص‪ -70‬هام�ش رقم ‪.1‬‬
‫‪ 3 .3‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.226‬‬

‫‪363‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫اجلودة والإتقان‪ ،‬الأمر الذي �أدى بالدول �إىل تنويع املناق�صات واملزايدات بق�صد منح الإدارة قدر ًا �أكرب‬
‫من احلرية يف اختيار �أف�ضل املتقدمني من الناحية الفنية واملالية ‪ 1‬لذلك ف�إنه ميكن تق�سيم املناق�صات �إىل‬
‫نوعني‪:‬‬

‫‪ .1‬المناقصات العامة المفتوحة ‪2‬‬


‫ويف هذا النوع من املناق�صات‪ ،‬يتم فتح الباب لعدد غري حمدد من الأفراد لال�شرتاك فيها‪� ،‬أي ي�سمح‬
‫باال�شرتاك فيها لكل فرد �أو م�ؤ�س�سة �أو �شركة يرد ا�سمها يف �سجل الت�أهيل امل�سبق الذي ي�شمل �أ�سماء‬
‫املوردين �أو املقاولني الذين ميكن �أن تتعامل معهم اجلهات الإدارية‪ ،‬ملا يتوفر لديهم من امل�ؤهالت والكفاءة‬
‫املهنية والفنية واملالية‪.‬‬
‫ويتم هذا الأمر بعد �إجراء العالنية التامة وذلك بالإعالن عن املناق�صة ونوعها ومو�ضوعها وموعد انعقادها‬
‫وزمانها ومكانها من اجل الو�صول �إىل �أف�ضل عطاء‪ ،‬وهذه العالنية عن طرح العطاءات �ضرورية لتحقيق‬
‫مبد�أ املناف�سة‪ ،‬وهذا ما ن�صت عليه املادة(‪ )23‬من قانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية رقم‬
‫‪ 36‬ل�سنة ‪ 2002‬البحريني‪ ،‬وكذلك الفقرات( �أ‪،‬ب‪ ،‬د) من املادة الثامنة من تعليمات عطاءات الأ�شغال‬
‫احلكومية الأردنية(( يدعى املتناق�صون لتقدمي عرو�ضهم بالإعالن باللغة العربية مرة واحدة �أو �أكرث‬
‫يف �صحيفتني يوميتني على الأقل ويجوز �أن يتم الإعالن باللغة الإجنليزية �إ�ضافة للغة العربية عند دعوة‬
‫املقاولني �أو امل�ست�شارين الأجانب لال�شرتاك يف املناق�صة‪.))....‬‬
‫وعادة ما تلج�أ الإدارة �إىل هذا النوع من املناق�صات يف العقود التي ال تتطلب تنفيذها خربة فنية عالية من‬
‫جانب املتعاقدين مع الإدارة‪.‬‬

‫‪ .2‬المناقصات المحدودة‪:‬‬
‫وهذا النوع من املناق�صات يقوم على ا�شرتاك عدد حمدود من املناق�صني وذلك لتنفيذ م�شروعات و�أعمال‬
‫وتوريدات تتطلب كفاءة فنية ومالية عالية‪ ،‬ك�إن�شاء مطار جوي �أو مفاعل نووي �أو ميناء بحري �أو توريد‬
‫�أجهزة علمية دقيقة‪ ،‬ففي مثل هذه احلاالت تق�صر جهة الإدارة املناق�صة على فئة حمدودة من املقاولني �أو‬
‫املوردين تختارها الإدارة بناء على �سلطتها التقديرية ترى �أنها هي القادرة على تنفيذ هذه الأعمال‪ ،‬وقد‬
‫بني لنا امل�شرع البحريني احلاالت التي يجوز فيها التعاقد بهذه الطريقة ‪ 3‬وهناك بع�ض املبادئ التي يجب‬
‫على ال�سلطة الإدارية احرتامها يف املناق�صات وهي ‪:4‬‬

‫‪1‬انظر د‪� .‬إبراهيم طة الفيا�ض‪ ،‬العقود الإدارية‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬ط‪� ،1981 ،1‬ص‪ /77‬وكذلك د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س‬ ‫‪.1‬‬
‫العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.231‬‬
‫‪2‬انظر د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬املوجز يف مبائ و�أحكام القانون الإداري وفق ُا لآراء الفقه و�أحكام الق�ضاء يف البحرين‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪ ،92-91‬د‪.‬حممد رفعت عبد الوهاب ‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪ 512‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬نواف كنعان‪ ،‬القانون الإداري‪،‬‬
‫املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪ ،342‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪3‬انظر املادة ‪ 43‬من قانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومة البحرينية رقم ‪ 36‬لعام ‪2002‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪4‬حممد رفعت عبد الوهاب‪ :‬مبادئ و�أحكام القانون الإداري‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪ .513‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬املرجع‬ ‫‪.4‬‬
‫ال�سابق‪� ،‬ص ‪88‬‬

‫‪364‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫أو ًال‪ :‬الإعالن عن املناق�صة‪ ،‬ويتم بالطريقة التي يحددها امل�شرع‪ ،‬والإعالن عن املناق�صة يختلف ح�سب‬
‫نوع املناق�صة‪ ،‬حيث يتبع �أ�سلوب الن�شر يف اجلرائد للإعالن عن املناق�صات العامة‪ ،‬والإعالن ال�شخ�صي‬
‫�أو التبليغ يف املناق�صات املحدودة �أو اخلا�صة وذلك من �أجل �إعطاء الفر�صة لكل من تنطبق عليه �شروط‬
‫املناق�صة من اال�شرتاك فيها‪.‬‬
‫ومبد�أ الإعالن عن التعاقد مبد�أ �أ�سا�سي كونه يوفر ال�شفافية يف التعاقد‪ ،‬وهو �أمر ي�صعب حتقيقه لو مت‬
‫�إحاطته بنوع من ال�سرية عدا احلاالت التي يجوز بها ال�سرية لدواعي �أمنية �أو �إ�سرتاتيجية وقد اعتمد امل�شرع‬
‫البحريني هذا املبد�أ يف املادة ‪ 23‬من قانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية رقم ‪ 36‬لعام ‪2002‬‬
‫والتي مت الإ�شارة �إليها �سابق ًا يف هذا البحث‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬حرية املناف�سة وامل�ساواة بني املتناف�سني‪ :‬ويكون ذلك ب�إعطاء املجال لكل من يريد اال�شرتاك يف‬
‫املناق�صة العامة ممن تنطبق عليه �شروطها‪ ،‬وعليه ال يجوز للإدارة �أن ت�ستبعد �أو متنع �أي �شخ�ص ممن‬
‫تتوافر فيه ال�شروط من التقدم لها بدون �سبب قانوين‪ ،‬وعلى هذا الأ�سا�س ف�سلطة الإدارة يف هذا الأمر‬
‫�سلطة مقيدة‪.‬‬
‫ومع ذلك فللإدارة احلق �أن ت�ستبعد بع�ض الأ�شخا�ص الذين ال تتوفر لديهم القدرة املالية �أو الفنية حتقيق ًا‬
‫للم�صلحة العامة وتوفري ًا للوقت واجلهد للجان فح�ص العطاءات والبت فيها‪ ،‬وهذا ما �أكدت عليه حمكمة‬
‫الق�ضاء الإداري امل�صري يف حكمها ال�صادر يف ‪� 21‬إبريل �سنة ‪ 1 1957‬وقد نظم امل�شرع البحريني �إجراءات‬
‫املناق�صات بطريقة ت�ضمن حرية املناف�سة وامل�ساواة بني املتقدمني لها ومعظم القوانني املنظمة لعقود الإدارة‬
‫عن طريق املناق�صة تتفق على هذه الإجراءات ‪ 2‬والتي ميكن تلخي�صها على النحو التايل‪:‬‬

‫أ‪ .‬اإلعالن عن التعاقد‪:‬‬


‫ويق�صد به �إي�صال العلم �إىل جميع الراغبني يف التعاقد مع الإدارة‪ ،‬و�إبالغهم عن كيفية احل�صول على‬
‫�شروط التعاقد ونوعية املوا�صفات املطلوبة ومكان وزمان �إجراء املناق�صة‪ ،‬و�شرط الإعالن عن التعاقد من‬
‫ال�شروط اجلوهرية التي يرتتب على �إغفاله بطالن العقد‪ ،‬والإعالن عن التعاقد هو جمرد دعوة للتعاقد‪،‬‬
‫فهو لي�س ايجاب ًا من قبل الإدارة‪ ،‬فالإيجاب هنا هو العطاء الذي يتقدم به الراغب يف التعاقد مع الإدارة ‪.3‬‬
‫وهذا ما ا�ستقر عليه ق�ضاء املحكمة الإدارية العليا امل�صرية حيث ذهبت يف �أحد �أحكامها �إىل �أن �إعالن‬
‫الإدارة عن مناق�صة �أو مزايدة �أو ممار�سة لتوريد بع�ض الأ�صناف عن طريق التقدم بالعطاء وفق ًا‬
‫للموا�صفات واال�شرتاطات املعلن عنها هو الإيجاب الذي ينبغي �أن يلتقي عنده قبول الإدارة لينعقد العقد ‪4‬‬
‫وما ق�ضت به كذلك حمكمة العدل العليا الأردنية بقولها( �إن عقود املناق�صة تتم بتوجيه دعوة املناق�صني‬
‫‪1‬انظر تفا�صيل هذا احلكم‪ ،‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.238‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪2‬د‪� .‬صالح �إبراهيم املتيوتي‪ ،‬د‪ .‬مروان حممد مدر�س‪ ،‬القانون الإداري‪� ،‬ص‪ ،130‬املرجع ال�سابق‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪3‬د‪� .‬صالح �إبراهيم املتيوتي د‪ .‬مروان حممد مدر�س‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،.‬ص‪ .131‬كذالك د‪ .‬ماجد راغب احللو‪ ،‬العقود الإدارية‬ ‫‪.3‬‬
‫والتحكيم‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للن�شر‪ ،‬الإ�سكندرية‪� ،2004 ،‬ص‪.66‬‬
‫‪4‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬الوجيز يف مبادئ و�أحكام القانون الإداري وفق ًا لفقه و�أحكام الق�ضاء البحريني‪ ،‬املرجع ال�سابق‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫�ص‪ .99‬وكذلك حكم حمكمة العدل العليا الأردنية رقم ‪ ،1977/24‬جملة نقابة املحامني ل�سنة ‪� ،1977‬ص‪.641‬‬

‫‪365‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫للتعاقد‪ ،‬ويعترب تقدمي العطاء �إيجاب ًا و�إر�ساء املناق�صة قبو ًال‪).....‬‬

‫ب‪ .‬تقديم عروض العطاءات‪:‬‬


‫بناء على الإعالن ال�سابق من قبل الإدارة يف دعوتها �إىل التعاقد‪ ،‬ي�ستطيع كل من يرغب يف التعاقد مع‬
‫الإدارة �أن يتقدم بعطائه مت�ضمن ًا ال�سعر الذي يرى التعاقد على �أ�سا�سة بالرقم واحلروف و�أن يذكر ال�سعر‬
‫الإفرادي لكل وحدة‪ ،‬وال�سعر الإجمايل للعر�ض‪ ،‬وال تقبل العرو�ض التي ترد لدائرة العطاءات مبا�شرة �إال �إذا‬
‫ورد بدعوة العطاء ن�ص �صريح بخالف ذلك ‪. 1‬‬
‫ولكن يجوز �إر�سال العطاءات عن طريق الربيد امل�سجل بعلم الو�صول قبل موعد �إغالق املناق�صة �أو عن‬
‫طريق الربيد الإلكرتوين ح�سب ال�شروط التي يحددها املجل�س ‪.2‬‬
‫ويجب �أن يكون العطاء كتابي ًا وموقع ًا من �صاحبه وخالي ًا من املحو �أو التعديل �أو ال�شطب �أو الإ�ضافة‪ ،‬وب�شكل‬
‫عام يجب �أن يت�ضمن العطاء البيانات والوثائق املطلوبة‪ ،‬وهذا ما ن�ص عليه امل�شرع البحريني ‪ 3‬كذلك‬
‫�أ�ضاف القانون رقم ‪ 29‬ل�سنة ‪ 2010‬املعدل لقانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية للمادة ‪ 24‬فقرة‬
‫جديدة �أجازت تقدمي العطاء يف مظروفني �أحدهما فني والأخر مايل �إذا ن�صت وثائق املناق�صة على ذلك‪.‬‬
‫وال تقبل العرو�ض غري املوثقة وغري املختومة ح�سب الأ�صول �أو التي ترد ناق�صة �أو غام�ضة‪ ،‬فالعر�ض املقدم‬
‫من ال�شركة يجب �أن يوقع العطاء من جمموع ال�شركاء �أو من ميثلهم قانوني ًا وهذا ما ق�ضت به حمكمة العدل‬
‫العليا الأردنية بقولها(( �إذا كان عقد ال�شركة ي�شرتط مل�س�ؤوليتها عن العطاءات التي ترغب يف الدخول بها‬
‫�أن توقع هذه العطاءات وجداول الأ�سعار من ال�شريكني جمتمعني‪ ،‬و�أن العر�ض املقدم من ال�شركة مو�ضوع‬
‫النزاع وكذلك جداول الأ�سعار واملوقع من �أحد ال�شريكني ال يعتد به‪ ،‬وال تعترب ال�شركة بالتايل داخلة �أو‬
‫م�شرتكة بالعطاء ‪. 4‬‬
‫ويجب �أن تقدم العطاءات من تاريخ الإعالن عن املناق�صة وللمدة املحددة‪ ،‬ولكن يجوز متديد هذه املدة‬
‫لفرتة ال تزيد على ت�سعني يوم ًا �أو تق�صريها‪ .‬بنا ًء على طلب من اجلهة املت�صرفة �أو �أ�صحاب العطاءات‪،‬‬
‫ومينع ا�ستالم �أي عطاء بعد انتهاء امليعاد املحدد لتقدمي العطاءات‪ ،‬ويجب �أن ي�ؤدى مع كل عطاء �ضمان‬
‫ابتدائي‪� ،‬إال انه باملقابل يجب �إعادة ال�ضمان �إىل املوردين �أو املقاولني دون توقف على طلب منهم عقب‬
‫انتهاء �إجراءات ال�شراء ‪. 5‬‬
‫ولكن مبوجب التعديل الأخري الذي طر�أ على املادة ‪ 28‬من قانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية‬
‫رقم ‪ 36‬لعام ‪ ،2002‬بالقانون رقم ‪ 29‬ل�سنة ‪� -2010‬أجازت الإعفاء من ت�أدية ال�ضمان االبتدائي بنا ًء على‬
‫طلب من اجلهة املت�صرفة واقت�ضاء امل�صلحة العامة‪� ،‬شريطة �أن ي�شمل الإعفاء جميع املوردين �أو املقاولني‬
‫‪1‬د‪ .‬نواف كنعان‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.347‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪2‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص ‪.100‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪�3‬أنظر ن�ص املادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 36‬لعام ‪ 2002‬ال�سابق ذكره‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪4‬حكم حمكمة العدل العليا الأردنية‪ ،‬رقم ‪ ،72/49‬جملة نقابة املحتمني �سنة ‪� ،1973‬ص ‪� ،196‬أ�شار اليه‪ ،‬د‪ .‬نواف كنعان‪ ،‬املرجع‬ ‫‪.4‬‬
‫ال�سابق‪� ،‬ص ‪.248‬‬
‫‪5‬انظر ن�ص املادتني ‪ 28/25‬من قانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية‪ ،‬رقم ‪ 36‬لعام‪.2002‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪366‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫امل�شاركني يف املناق�صة‪ ،‬وكذلك �إعفاء مقدمي العطاءات املتعلقة بالدرا�سات واخلدمات اال�ست�شارية‬
‫والتخ�ص�صية‪.‬‬

‫جـ‪ .‬فحص العطاءات‪:‬‬


‫بعد �أن يتقدم امل�شرتكون بعطاءاتهم �ضمن املدة املحددة لذلك وبعد انتهاء هذه املدة‪ ،‬تقوم جلنة العطاءات‬
‫بفح�ص هذه العطاءات فح�ص ًا �أولي ًا ال�ستبعاد العطاءات غري امل�ستوفية لل�شروط �سلف ًا‪ ،‬ومن ثم تقوم بعد‬
‫ذلك بدرا�سة وفح�ص العطاءات املتبقية فح�ص ًا دقيق ًا من �أجل اختيار الأف�ضل واملنا�سب من العرو�ض من‬
‫حيث ال�سعر واجلودة ومن ثم ت�سجل حم�ضر لكل جل�سة من جل�سات اللجنة ويتم توقيع كل حم�ضر من قيل‬
‫�أع�ضاء اللجنة‪ ،‬وكذلك ينظم حم�ضر فتح العرو�ض ي�سجل فيه �أ�سماء جميع املناق�صني امل�شرتكني يف العطاء‬
‫وعددهم ونوعية كل عر�ض وقيمة ت�أمني الدخول فيه‪ ،‬و�أية معلومات �أخرى يراها رئي�س جلنة العطاءات ‪.1‬‬
‫وقد �أ�شار امل�شرع امل�صري يف املادة(‪ )12‬من قانون تنظيم املناق�صات واملزايدات رقم ‪ 89‬ل�سنة ‪� 1998‬إىل‬
‫�إن�شاء جلان فتح املظاريف وجلان البت بقرار من ال�سلطة املخت�صة‪ ،‬حيث ت�ضم هذه اللجان عنا�صر فنية‬
‫ومالية وقانونية وفق �أهمية وطبيعة التعاقد‪ ،‬ثم �أوردت الالئحة التنفيذية للقانون �إ�ضافات مف�صلة عن‬
‫ت�شكيل جلنة املظاريف وطبيعة عملها ‪. 2‬‬
‫وكذلك تعر�ض امل�شرع البحريني ملو�ضوع فح�ص العطاءات‪ -‬يف املادة ‪ 29‬من قانون املناق�صات وامل�شرتيات‬
‫احلكومية حيث ن�صت على(( �أن يقوم املجل�س �أو �أية جلان يكلفها‪ ،‬بفتح مظاريف العطاءات يف املكان‬
‫والزمان املحددين يف وثائق املناق�صة �أو يف املوعد النهائي يف حالة املد‪ ،‬وكذلك يف ح�ضور �أ�صحاب‬
‫العطاءات �أو مندوبيهم‪ ،‬على �أن يتم �إعالن ا�سم وعنوان كل �صاحب عطاء يفتح عطا�ؤه وقيمة العطاء‪،‬‬
‫وتدون نتائج فتح املظاريف يف حم�ضر ي�سمى(( حم�ضر فتح املظاريف)) يتم التوقيع عليه من قبل �أع�ضاء‬
‫املجل�س �أو اللجنة ح�سب الأ�صول‪.‬‬
‫وهكذا يتبني لنا �أن دور جلنة فتح املظاريف هو دور �إعدادي‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فلها دور نهائي يف بع�ض‬
‫احلاالت لأن من حقها �أن ت�ستبعد كل عطاء ال يكون م�ستوفي ًا لل�شروط املطلوبة مثل تقدمي العطاء يف امليعاد‪،‬‬
‫وكذلك لها احلق يف �أن تت�أكد من �أن مقدم العطاء غري حمروم من اال�شرتاك يف املناق�صة العامة‪ ،‬ومتار�س‬
‫اللجنة هذه االخت�صا�صات بقرارات �إدارية يجوز الطعن فيه �أمام الق�ضاء الإداري ‪.3‬‬

‫د‪ .‬إحالة العطاءات وإبرام العقد‪:‬‬


‫بعد �أن تنهي جلنة فح�ص العطاءات عملها وتت�أكد من توافر كافة ال�شروط املطلوبة قانون ًا يف العطاءات‬
‫املقدمة وت�صبح املناق�صة جاهزة‪ ،‬ي�أتي دور جلنة البت يف املناق�صة يف تعيني املناق�ص التي �سوف تر�سو‬
‫عليه املناق�صة متهيد ًا لقيام اجلهة الإدارية املخت�صة ب�إبرام العقد‪.‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر �أن القرار ال�صادر من جلنة البت ب�إر�ساء املناق�صة على �أحد املناق�صني ال يعترب مبثابة‬
‫‪1 .1‬د‪ .‬نواف كنعان‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.350‬‬
‫‪2 .2‬د‪� .‬صالح ابراهيم املتيوتي‪ ،‬د‪ .‬مروان حممد املدر�س‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.134‬‬
‫‪3 .3‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص ‪.277‬‬

‫‪367‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫القبول من جانب الإدارة يرتتب عليه �إلزامية �أبرام العقد معه‪ ،‬حيث يتطلب لإبرام العقد ومن ثم �إلزاميته‬
‫لكال الطرفني‪ ،‬قيام اجلهة الإدارية املخت�صة بامل�صادقة على �إر�ساء املناق�صة‪ ،‬وبعد اعتماد املناق�صة من‬
‫اجلهة الإدارية املخت�صة يجب �إخطار املتقدم الذي قبل عطا�ؤه بر�سو املزاد عليه ويتطلب ح�ضوره لإيداع‬
‫التامني النهائي وتوقيع العقد‪ .‬وهذا ما �أكدته ون�صت عليه املادة ‪ 37‬من قانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات‬
‫احلكومية رقم ‪ 36‬لعام ‪ ((2002‬يقوم املجل�س ‪� 1‬أو �أية جهة يكلفها‪ ،‬ب�إ�صدار قرار الرت�سية على العطاء الذي‬
‫حتقق من �أنه هو العطاء الفائز وفق ًا ملعايري التقييم‪ ،‬ويتم الإعالن عن جميع قرارات الرت�سية �شهري ًا يف‬
‫اجلريدة الر�سمية‪ ،‬وتقوم اجلهة امل�شرتية ب�إر�سال خطاب الرغبة املبدئية �إىل �صاحب العطاء الذي تقرر‬
‫�إر�ساء املناق�صة علية‪ ،‬ليت�سنى له تقدمي �ضمان التنفيذ ح�سب �شروط وثائق املناق�صة‪ ،‬على �أن تخطره بقرار‬
‫الرت�سية خالل ثالثة �أيام من تاريخ ت�سلمها لهذا القرار))‪.‬‬
‫ويف حالة امتناع املناق�ص عن التعاقد بعد تبليغه بالإحالة‪ ،‬يكون للجهة املت�صرفة االحتفاظ بالت�أمينات‬
‫الأولية وتنفيذ العمل على ح�سابه من غري احلاجة اىل توجيه �إنذار �أو اتخاذ �أي �إجراء قانوين �آخر‪ ،‬ولها‬
‫�إحالة العمل بعد نكول املناق�ص الأول �إىل املناق�ص الثاين �إذا ر�أت يف ذلك حتقيق ًا للم�صلحة العامة ‪.2‬‬
‫كما �أنه للجهة املت�صرفة احلق يف �إلغاء املناق�صة نهائيا ً‪ ،‬ويف جميع املراحل بقرار م�سبب �إذا اقت�ضت‬
‫امل�صلحة العامة بذلك‪ ،‬دون �أن ترتتب �أية م�س�ؤولية على اجلهة املت�صرفة‪ ،‬على �أن يتم �إخطار �أ�صحاب‬
‫العطاءات ب�إلغاء املناق�صة ورد قيمة ال�ضمان االبتدائي جلميع املتناف�سني‪ ،‬وهذا ما ن�صت عليه املادة ‪ 36‬من‬
‫قانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية البحريني لعام ‪ ((2002‬تلغى املناق�صة بقرار م�سبب من‬
‫املجل�س‪� ،‬إذا ا�ستغنى عنها نهائي ًا بناء على طلب اجلهة امل�شرتية‪� ،‬أو �إذا اقت�ضت امل�صلحة العامة ذلك‪ ،‬على‬
‫�أن يخطر جميع �أ�صحاب العطاءات امل�شاركني يف املناق�صة بذلك‪ ،‬وال ترتتب �أية م�س�ؤولية مدنية �أو غريها‬
‫على املجل�س �أو اجلهة امل�شرتية نتيجة لإلغاء املناق�صة‪ .‬ويكون �إعادة طرح املناق�صة بقرار من املجل�س‪.‬‬
‫ومع نهاية هذا املطلب والذي تناول �أ�سلوب املناق�صة لإبرام العقود الإدارية‪ ،‬نود �أن ن�شري هنا �إىل ر�أي الفقه‬
‫احلديث‪ -‬والذي ن�ؤيده‪ -‬يف هذا الأ�سلوب من �أ�ساليب التعاقد �أنه ال يحقق امل�صلحة العامة يف جميع حاالته‬
‫وذلك للأ�سباب التالية ‪-:3‬‬
‫‪1 .1‬ثبت عم ًال �أن �أ�سلوب املناق�صة مل يعط دائم ًا الإدارة ما كانت تتوقعه من فوائد مالية‪.‬‬
‫‪2 .2‬ثبت كذلك �أن هذا الأ�سلوب مل يحقق جلهة الإدارة ما كانت ترجوه من �ضمانات يف احل�صول على‬
‫ال�سعر الأقل وبجودة عاليه‪ ،‬ب�سبب جلوء املناق�صني �إىل طرق التحاليل جلعل املناف�سة �صورية ولي�ست‬
‫حقيقية‪.‬‬
‫‪�3 .3‬ضرورة الرتكيز على اجلانب الفني يف الوقت الراهن �أكرث من اجلانب املايل خا�صة مع زيادة املرافق‬
‫العامة ال�صناعية والتجارية‪.‬‬

‫‪1 .1‬ويق�صد باملجل�س‪ ،‬جمل�س املناق�صات وقد مت ت�شكيلة مبوجب املادة(‪ )8‬من قانون املناق�صات واملزايدات احلكومية رقم ‪ 36‬لعام‬
‫‪ 2002‬ويلحق مبجل�س الوزراء‪ ،‬ويتكون من رئي�س ونائب للرئي�س و�سبعة �أع�ضاء يعينون مبر�سوم‪....‬‬
‫‪2 .2‬د‪ .‬ابراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.112‬‬
‫‪3 .3‬د‪ .‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬الإ�سكندرية‪� ،2005 ،‬ص‪�-103‬ص‪.105‬‬

‫‪368‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫‪4 .4‬هناك بع�ض امل�شاريع التي تنوي الإدارة �إقامتها‪ ،‬تتطلب الرتكيز على اجلوانب الفنية واجلمالية �أكرث‬
‫من اجلانب املادي‪ ،‬كما لو رغبت يف �إقامة متثال �أو جتميل ميدان �أو ر�صيف �أو غري ذلك‪.‬‬
‫ولتاليف ما �سبق من ق�صور يف هذا الأ�سلوب‪ ،‬مل يجعله امل�شرع �أ�سلوب ًا وحيد ًا يف التعاقد‪ ،‬بل �سمح بالتعاقد‬
‫من خالل �أ�ساليب �أخرى وجعل للإدارة �سلطة التقدير يف اختيار الأ�سلوب الأمثل‪ ،‬وهذا ما �سوف نتناوله يف‬
‫املطالب التالية من هذا املبحث‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫أسلوب الممارسة‬

‫�إىل جانب �أ�سلوب املناق�صة الذي تتبعه الإدارة يف �إبرام عقودها الإدارية‪ ،‬والتي يفر�ض عليها بع�ض‬
‫الإجراءات‪ ،‬ويقيد حريتها يف اختيار املتعاقد معها‪ ،‬هناك �أ�سلوب �آخر يعطي الإدارة قدر ًا من احلرية‬
‫وحررها بع�ض ال�شيء من الإجراءات والتي قد تفر�ض عليها متعاقد ًا ال ترغب يف التعاقد معه‪ ،‬وهو ما يطلق‬
‫عليه �أ�سلوب املمار�سة‪.‬‬
‫واملمار�سة كم�صطلح �إداري معناها قيام الإدارة بالتفاو�ض علن ًا مع املتناف�سني من �أ�صحاب العرو�ض من‬
‫�أجل الو�صول �إىل �أف�ضل ال�شروط و�أقل الأ�سعار التي يقبلها �أحدهم وي�ؤدي ذلك �إىل �إبرام العقد معه ‪.1‬‬
‫وميتاز هذا الأ�سلوب باخت�صار الإجراءات الطويلة التي ي�ستغرقها �أ�سلوب املناق�صة‪� ،‬إ�ضافة �إىل طابع العلنية‬
‫من خالل معرفة جميع الراغبني بالتعاقد بالأ�سعار التي يقدمها املناق�صون ‪.2‬‬
‫وهذا الأ�سلوب يكون على �صورتني‪ ،‬فقد تكون ممار�سة عامة وقد تكون ممار�سة حمدودة‪ ،‬وت�سري عليهما‬
‫الأحكام اخلا�صة باملناق�صات فيما مل يرد ب�ش�أنه ن�ص خا�ص بها‪ .‬ويف املمار�سة العامة‪ ،‬ي�سمح فيها لكل من‬
‫يجد يف نف�سه ال�صالحية للتعاقد مع الإدارة ب�ش�أن ال�صفقة املعلن عنها ب�أن يتقدم بعطائه للجهة املخت�صة‬
‫ويكون التعاقد بهذه الطريقة بقرار من ال�سلطة املخت�صة‪� ،‬أما املمار�سة املحدودة �أو املقيدة وفيها تقت�صر‬
‫الدعوى على �شركات معينة �أو بع�ض املقاولني‪.‬حيث ت�ستقل الإدارة باختيار املتقدم الذي ترى �أنه الأ�صلح‬
‫للتعاقد‪� ،‬أخذة بعني االعتبار قيمة املقابل وتكاليف اال�ستعمال والقيمة الفنية وال�ضمانات املهنية‪ ،‬ومدة‬
‫التنفيذ اخلا�صة بكل عطاء‪ ،‬وكذلك ت�ستقل بتحديد موا�صفات العقد ولها احلرية التامة يف رف�ض �أي عطاء‬
‫ال يتطابق مع تلك املوا�صفات �أو �إلغاء املمار�سة على �أن تلتزم بقاعدة امل�ساواة بخ�صو�ص ممار�سة املتقدمني‬
‫وفرز العطاءات ‪.3‬‬
‫وقد حدد امل�شرع البحريني احلاالت التي يجوز فيها التعاقد من خالل التفاو�ض التناف�سي( املمار�سة) يف‬
‫املادة ‪ 45‬من قانون تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية رقم ‪ 36‬لعام ‪ 2002‬على النحو الآتي‪:‬‬
‫ ‪ .‬أال�سلع التي ال ميكن حتديدها مبوا�صفات دقيقة‪.‬‬

‫‪1 .1‬د‪ .‬ماجد راغب احللو‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.85‬‬


‫‪2 .2‬د‪ .‬مازن ليلو را�ضي‪ ،‬العقود الإدارية يف القانون الليبي واملقارن‪ ،‬املرجع ال�سابق �ص‪.77‬‬
‫‪3 .3‬د‪� .‬صالح ابراهيم املتيوتي‪ ،‬د‪ .‬مروان حممد املدر�س‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.140‬‬

‫‪369‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫ ‪ .‬بالأعمال الفنية التي تقت�ضي بح�سب طبيعتها تنفيذها مبعرفة فنيني �أو �أخ�صائيني �أو خرباء معينني‪.‬‬
‫ ‪ .‬جال�سلع �أو الإن�شاءات �أو اخلدمات التي تقت�ضي بح�سب طبيعتها �أو الغر�ض من احل�صول عليها �أن يكون‬
‫�شرا�ؤها من �أماكن �إنتاجها‪.‬‬
‫ ‪ .‬دالتوريدات والإن�شاءات واخلدمات التي مل تقدم عنها �أية عطاءات يف املناق�صات‪� ،‬أو قدمت عنها‬
‫عطاءات ب�أ�سعار غري مقبولة وكانت احلاجة �إليها ال ت�سمح ب�إعادة طرحها يف مناق�صة‪.‬‬
‫ ‪ .‬هيف حالة الكوارث وال�ضرورة العاجلة التي تت�سبب يف حاجة ملحة �إىل ال�سلع �أو الإن�شاءات �أو اخلدمات‬
‫والتي ال حتتمل معها �إتباع �إجراءات املناق�صة العامة‪.‬‬
‫ومبقارنة هذه احلاالت مع احلاالت التي ن�صت عليها املادة اخلام�سة من قانون املناق�صات واملزايدات‬
‫امل�صري جند �أنها مت�شابهة با�ستثناء بع�ض احلاالت مل يرد ذكرها يف القانون البحريني وهي الأ�شياء‬
‫املحتكر �صنعها وا�ستريادها والأ�شياء التي ال توجد �إال لدى �شخ�ص بذاته‪ .‬واحليوانات والطيور والدواجن‬
‫على اختالف �أنواعها املطلوبة لإغرا�ض غري التغذية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫أسلوب اإلتفاق المباشر‬

‫يف هذا الأ�سلوب تختار الإدارة املتعاقد معها بحرية كاملة دون �أن تكون مقيدة ب�أية �إجراءات م�سبقة كما‬
‫هو احلال يف �أ�سلوبي املناق�صة واملمار�سة‪ ،‬وتلج�أ الإدارة �إىل هذا الأ�سلوب بنا ًء على �أ�سباب متنوعة‪ ،‬فقد‬
‫يكون ب�سبب حالة اال�ستعجال والذي ال يكون فيه �أمام الإدارة مت�سع ًا من الوقت للقيام بالإجراءات التي‬
‫ت�سبق �أ�سلوب املناق�صة �أو املمار�سة‪� ،‬أو قد يكون هناك احتكار قانوين �أو فعلي للعمل مو�ضوع العقد من‬
‫قبل �شركة معينة بحيث ال يوجد هناك الطرف املناف�س على الإطالق يف هذا املجال‪� ،‬أو قد يت�صف مو�ضوع‬
‫العقد الذي تريد الإدارة �إجنازه ب�صفة ال�سرية مما يحول دون الإعالن عنها بطريقة املناق�صة �أو املمار�سة‬
‫‪� 1‬أو قد تت�سم بع�ض العقود بطابع االعتبار ال�شخ�صي وبالإمكانيات املادية �أو الفنية الكبرية كعقد التزام‬
‫املرافق العامة حيث يكون الأ�سلوب املالئم له االتفاق املبا�شر ‪ 2‬وهذا ما ن�صت عليه املادة الثالثة من قانون‬
‫تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية رقم ‪ 36‬لعام ‪ 2002‬حيث ا�ستثنت من نطاق تطبيقه ك ًال من �إدارتي‬
‫الأوقاف ال�سنية واجلعفرية وكذلك قوة دفاع البحرين وقوات الأمن العام واحلر�س الوطني وذلك بالن�سبة‬
‫ل�شراء ال�سلع والإن�شاءات واخلدمات ذات الطابع الع�سكري �أو الأمني �أو ال�سري التي تتطلب امل�صلحة العامة‬
‫عدم الإعالن عنها �أو عدم تطبيق الإجراءات التي ن�ص عليها هذا القانون‪.‬‬
‫وباملقابل حددت املادة ‪ 50‬من هذا القانون احلاالت التي يجوز فيها للإدارة التعاقد بطريق ال�شراء املبا�شر‬
‫وهي‪-:‬‬
‫ ‪ .‬أ�إذا مل تتوافر ال�سلع �أو الإن�شاءات �أو اخلدمات �إال لدى مورد �أو مقاول معني‪ ،‬وال يوجد لها بديل مقبول‪.‬‬

‫‪1 .1‬د‪� .‬إبراهيم طه الفيا�ض‪ ،‬العقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.126‬‬


‫‪2 .2‬د‪ .‬حممد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.515‬‬

‫‪370‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫ ‪ .‬باحلاالت العاجلة التي ال حتتمل �إتباع �إجراءات املناق�صة بجميع �أنواعها �أو املمار�سة‪.‬‬
‫ ‪ .‬جحالة الكوارث التي تت�سبب يف حاجة ملحة �إىل ال�سلع �أو الإن�شاءات �أو اخلدمات والتي ال حتتمل معها‬
‫�إتباع �إجراءات املناق�صة العامة‪.‬‬
‫ ‪ .‬دحالة التوحيد القيا�سي �أو التوافق مع املوجود من ال�سلع �أو املعدات �أو التكنولوجيا �أو اخلدمات مع‬
‫مراعاة حمدودية ال�شراء املقرتح بالقيا�س �إىل ال�شراء الأ�صلي ومعقولية ال�سعر وعدم مالءمة البديل‪.‬‬
‫ ‪ .‬هحاالت ال�شراء لغر�ض البحث �أو التجريب �أو الدرا�سة �أو التطوير‪.‬‬
‫ ‪ .‬و�إذا كان ال�شراء من مورد �أو مقاول معني �ضروري ًا لتعزيز االقت�صاد الوطني كدعم ميزان املدفوعات �أو‬
‫احتياطي العمالت الأجنبية‪.‬‬
‫ً‬
‫ويكون ال�شراء املبا�شر بطلب تقدمي اقرتاح �أو عرو�ض �أ�سعار‪ ،‬وذلك كله وفقا للإجراءات التي حتددها‬
‫الالئحة التنفيذية‪.‬‬
‫وي�شرتط للتعاقد بالطريق املبا�شر �أن ي�صدر الأذن بالتعاقد من اجلهة املخت�صة بذلك‪ ،‬ومبا ال يجاوز املبالغ‬
‫املحددة يف املوازنة‪ ،‬وخالف ذلك يرتتب عليه بطالن ت�صرفات الإدارة وما يتبع ذلك من م�ساءلة ت�أديبية �أو‬
‫جنائية قد تلحق باملخالف ‪.1‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫اإلختصاص بنظر منازعات العقود اإلدارية‬

‫بعد �أن قمت بتعريف العقد الإداري وال�شروط والواجب توافرها فيه العتباره عقد ًا �إداري ًا‪ ،‬و�إجراءات‬
‫�إبرامه‪ ،‬ونظر ًا ملا قد يثور من منازعات ب�ش�أن هذا العقد ف�إن الأمر يقت�ضي التعر�ض لوالية الق�ضاء الإداري‬
‫التي تخ�ضع لها تلك املنازعات‪ ،‬حيث �إن منها ما تخ�ضع لق�ضاء الإلغاء ومنها ما يخ�ضع للق�ضاء ال�شامل �أو‬
‫الكامل‪.‬‬
‫وهذا ما �سوف نتناوله ب�شيء من التف�صيل يف هذا املبحث‪ ،‬وذلك من خالل تق�سيمه �إىل مطلبني نتناول يف‬
‫املطلب الأول‪ ،‬منازعات العقود الإدارية اخلا�ضعة للق�ضاء الكامل‪ ،‬وندر�س يف املطلب الثاين منازعات العقود‬
‫الإدارية التي تخ�ضع لق�ضاء الإلغاء‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫منازعات العقود اإلدارية الخاضعة للقضاء الكامل‬

‫من �أهم خ�صائ�ص القرار الإداري القابل للطعن بدعوى الإلغاء �صدوره عن الإرادة املنفردة وامللزمة‬
‫لل�سلطة الإدارية‪ ،‬وهذا ما مييزه عن العقد الإداري الذي يتم �إبرامه بتوافق �إرادتني‪ ،‬ونتيجة لذلك فالقاعدة‬
‫العامة �أن كافة املنازعات املتعلقة بالعقود الإدارية من حيث انعقاده �أو �صحته �أو تنفيذه �أو انق�ضائه‪ ،‬تخ�ضع‬
‫‪1 .1‬د‪ .‬مازن ليلو را�ضي‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.79‬‬

‫‪371‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫للق�ضاء الكامل �أي لقا�ضي العقد‪ ،‬والقا�ضي يف نظره لهذه املنازعات يتمتع ب�سلطات وا�سعة كما ذكرنا يف‬
‫معر�ض حديثنا عن التمييز بني دعوى الإلغاء ودعوى الق�ضاء الكامل‪ ،‬كون ق�ضاء الإلغاء ق�ضاء م�شروعية‪،‬‬
‫�أي يقت�صر على التحقق من مدى م�شروعية القرار الإداري دون �أن متتد �سلطة الق�ضاء �إىل ابعد من ذلك‪،‬‬
‫ف�إما �أن يقوم ب�إلغاء القرار لعدم م�شروعيته �أو يرد الدعوى بعد التثبت من م�شروعيته وقد �أكدت املحكمة‬
‫الإدارية العليا امل�صرية انتماء هذه املنازعات �إىل الق�ضاء الكامل يف حكمها ال�صادر يف ‪ 1995/1/24‬ومما‬
‫جاء فيه((انه ملا كان امل�ستقر عليه فقها وق�ضا ًء �أن ق�ضاء العقود الإدارية ينتمي �أ�سا�س ًا �إىل الق�ضاء الكامل‪،‬‬
‫ف�إنه يكون للمحكمة �أن تنظر ما يكون قد �صدر ب�ش�أن تلك العقود من �إجراءات وقرارات‪ ،‬وذلك باعتبارها‬
‫من عنا�صر املنازعة الأ�صلية يف حدود اخت�صا�صها الكامل بالن�سبة �إىل هذه املنازعات‪.‬‬
‫كما يكون للمحكمة االخت�صا�ص ال�شامل جلميع ما يتفرع عن املنازعة الأ�صلية من �أمور م�ستعجلة ‪ 1‬كما‬
‫ق�ضت حمكمة العدل العليا الأردنية بهذا ال�ش�أن(( ب�أنه �إذا كان القرار ال�صادر عن جلنة العطاءات املركزية‬
‫مب�صادرة الت�أمني املقدم من املتعهد وال�شراء على ح�سابه‪ ،‬ومالحقته بفروق الأ�سعار قد �صدر وفقا ل�شروط‬
‫العقد املربم بني جلنة العطاءات املركزية وامل�ؤ�س�سة امل�ستدعية ف�إن مثل هذا القرار ال يعترب من القرارات‬
‫الإدارية باملعنى املن�صو�ص عليه يف املادة ‪ 10/3‬من قانون ت�شكيل املحاكم النظامية والتي يجوز الطعن بها‬
‫�أمام حمكمة العدل العليا و�إمنا هو قرار قد �صدر عن جلنة العطاءات نتيجة خلالف بني الطرفني على تنفيذ‬
‫العقد))‪ 2‬واملنازعات التي ميكن �أن تثار بني �أطراف العقد لها �صور متعددة منها ‪.3‬‬

‫أوال‪ :‬دعوى الحصول على مبالغ مالية‪:‬‬


‫حيث تهدف هذه الدعوى �إىل ح�صول �أحد املتعاقدين على مبالغ مالية‪� ،‬سواء كانت ذلك يف �صورة ثمن �أو‬
‫اجر متفق عليه يف العقد‪� ،‬أو تعوي�ض عن الأ�ضرار التي �سببها �أحد طريف العقد للأخر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دعوى إبطال بعض التصرفات الصادرة عن اإلدارة المخالفة اللتزاماتها العقدية‪:‬‬
‫حيث يكون للمتعاقد مع الإدارة احلق يف طلب �إبطال الت�صرفات الإدارية املخالفة اللتزاماتها العقدية لدى‬
‫الق�ضاء الكامل ودون التقيد باملواعيد املحددة لرفع دعوى الإلغاء‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬دعوى فسخ العقد‪:‬‬


‫للمتعاقد مع ال�سلطة الإدارية �أي�ض ًا �أن يرفع دعوى لدى الق�ضاء الكامل ويكون مو�ضوعها ف�سخ العقد‪� ،‬إذا ما‬
‫ارتكبت الإدارة خط�أً ج�سيم ًا خالل تنفيذ التزاماتها التعاقدية �أو يف حالة القوة القاهرة التي جتعل تنفيذ‬

‫‪1 .1‬الطعن رقم ‪ 32 ،1326‬ق‪ ،‬تاريخ ‪� 1995/1/24‬أ�شار �إليه د‪ .‬حممد عبد اهلل حمود الدليمي‪ ،‬الق�ضاء الإداري يف مملكة البحرين‪،‬‬
‫املرجع ال�سابق‪،‬‬
‫‪2 .2‬حكم حمكمة العدل الأردنية رقم ‪ ،1974/84‬جملة نقابة املحامني‪ ،‬ل�سنة ‪� ،1974‬ص‪.120‬‬
‫‪3 .3‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪ ،189‬وما بعدها ‬
‫ ‬ ‫د‪ .‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪ 306‬وما بعدها‬
‫حممد عبد اهلل الدليمي‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪�-197‬ص‪.198‬‬

‫‪372‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫العقد �أمر ًا م�ستحي ًال‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬دعوى بطالن العقد اإلداري‪:‬‬


‫هذه الدعوى والتي يكون مو�ضوعها بطالن العقد الإداري لعيب يتعلق بتكوينه �أو ب�صحته �أو خمالفته ل�شكل‬
‫�أوجب القانون ا�ستيفاءه‪ ،‬ينظر بها الق�ضاء الكامل‪.‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر هنا‪� ،‬أن اخت�صا�ص الق�ضاء الكامل ال يقت�صر على املنازعات املتعلقة مبا�شرة بالعقد‬
‫�سواء يف تكوينه �أو تنفيذه �أو نهايته بل ميتد اخت�صا�صه بالنظر يف جميع الطلبات امل�ستعجلة واملتفرعة‬
‫عن العقد الإداري‪ ،‬والدعاوى الإدارية امل�ستعجلة‪ ،‬هي طلبات يرفعها �صاحب ال�ش�أن يف حالة اال�ستعجال‬
‫للمطالبة باحل�صول على حكم ذي طبيعة وقتية لدرء خطر داهم يهدد وجود احلق ذاته �أو حفظ الدليل‬
‫املثبت للحق �إذا كان يخ�شى عليه من الزوال مبرور الوقت ‪ 1‬ومن �أمثلة الطلبات امل�ستعجلة يف جمال العقود‬
‫الإدارية‪ ،‬طلب املتعاقد مع الإدارة من القا�ضي تعيني خبري ك�إجراء م�ستعجل لفح�ص و�إثبات ما قام به من‬
‫�أعمال ل�صالح الإدارة املتعاقدة قام بت�سليمها �إليها‪ ،‬وي�شرتط لقبول هذا الطلب امل�ستعجل �أن يتوافر فيه‬
‫طبيعة اال�ستعجال واجلدية‪ ،‬واال�ستعجال هو �ضرورة ملحة لو�ضع حل م�ؤقت لنزاع يخ�شى على احلق فيه من‬
‫م�ضي الوقت لو ترك حتى يتم الف�صل فيه مو�ضوع ًا‪.‬‬
‫�أما �شرط اجلدية فيق�صد به‪� ،‬أن يقوم الطلب امل�ستعجل على �أ�سباب ترجح الق�ضاء فيما بعد ب�إلغائه‬
‫مو�ضوع ًا ‪.2‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫منازعات العقود اإلدارية التي تخضع لقضاء اإللغاء‬

‫ذكرنا فيما �سبق �أن القاعدة العامة هي عدم خ�ضوع العقود الإدارية لدعوى الإلغاء‪ ،‬وللتلطيف من حدة‬
‫هذه القاعدة �أ�ستحدث جمل�س الدولة الفرن�سي نظرية جديدة عرفت بنظرية الأعمال الإدارية املنف�صلة‪،‬‬
‫ومقت�ضى ذلك �أنه �إذا كانت عملية التعاقد مركبة‪� ،‬أي ت�شتمل على �إجراءات وقرارات متعددة‪ ،‬و�أمكن ف�صل‬
‫�أحد هذه القرارات دون �أن ي�ؤثر ذلك على م�شروعية العقد‪ ،‬ف�إن هذا القرار ميكن الطعن فيه بدعوى الإلغاء‬
‫�أو الإبطال ‪.3‬‬
‫والطعن بالإلغاء يف هذه القرارات ميكن ت�صوره يف مرحلة �إبرام العقد ويف مرحلة تنفيذه وعلى ذلك‬
‫�سنخ�ص�ص لكل منها فرع ًا م�ستق ًال‪.‬‬

‫ ‬ ‫‪1 .1‬د‪ .‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.323‬‬
‫انظر املوقع‪ ttp:// memberes.multimania.fr/droitdz/slimani3.html:‬‬
‫‪h‬‬
‫‪2 .2‬د‪ .‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.325‬‬
‫‪3 .3‬د‪ .‬عبد اهلل طلبة‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬الرقابة الق�ضائية على �أعمال الإدارة‪ ،‬بدون دار نن�شر‪ ،‬وال �سنة طبع‪� .‬ص‪.214‬‬

‫‪373‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫الفرع األول‬
‫الطعن باإللغاء في مرحلة تكوين العقد‬

‫تقوم الإدارة ب�إ�صدار الكثري من القرارات �أثناء مرحلة �إبرام العقد‪ ،‬كالقرارات ال�صادرة ب�إجراء املناق�صة‬
‫�أو املزايدة‪ ،‬قرارات جلنة البت يف العطاءات‪ ،‬الإجراءات اخلا�صة من �سلطة الإدارة املتعاقدة باملوافقة على‬
‫العقد‪ ،‬الإجراءات اخلا�صة بالتوقيع على العقد‪ ،‬كل هذه القرارات التي ت�صدرها الإدارة �إبان مرحلة �إبرام‬
‫العقد بالإمكان ف�صلها عن العقد ذاته والطعن فيها ا�ستقال ًال بدعوى الإلغاء ‪.1‬‬
‫ولكن ال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه يف هذا املجال هو‪ :‬من له احلق يف الطعن يف الإلغاء يف القرارات القابلة‬
‫لالنف�صال �أثناء فرتة انعقاد العقد؟‪.‬‬
‫وعلى ذلك يجيب د‪� .‬إبراهيم �شيحا ب�أن الطعن بالإلغاء يف هذه القرارات يحق لكل ذي م�صلحة من الغري‪،‬‬
‫خا�صة و�أن جمل�س الدولة الفرن�سي مل يعمل على خلق نظرية الأعمال الإدارية املنف�صلة يف بداية الأمر�إال‬
‫حماية للغري لأنهم �أ�صحاب امل�صلحة يف تطبيق هذه النظرية ‪ 2‬ولكن لي�س له�ؤالء التدخل يف املنازعات‬
‫املتعلقة بالعقد والتي تكون مق�صورة على طرفيه( الإدارة واملتعاقد معها) ومن خالل دعوى الق�ضاء الكامل‪،‬‬
‫�أما الطعن يف القرارات املنف�صلة عن العقد فيكون مباح ًا �أمام كل ذي م�صلحة‪.‬‬
‫هذا بالن�سبة للغري‪� ،‬أما املتعاقد مع الإدارة فهل ميكنه الطعن بالإلغاء يف القرارات القابلة لالنف�صال عن‬
‫العقد؟ جمل�س الدولة الفرن�سي ال مينع املتعاقد مع الإدارة من ذلك‪ ،‬ب�شرط �أن يبنى طعنه على خمالفة هذه‬
‫القرارات لقواعد القانون دون اال�ستناد �إىل حق ذاتي �أو �شخ�صي وميكن القول هنا �أن املتعاقد نادر ًا ما يلج�أ‬
‫�إىل دعوى الإلغاء وال�سبب يف ذلك هو �أن املتعاقد لديه طريق �آخر ميكن �أن ي�سلكه حلماية حقوقه �أال وهو‬
‫طريق الق�ضاء الكامل ‪. 3‬‬
‫�إذ ًا لكل �صاحب م�صلحة من الغري �أو املتعاقد نف�سه احلق يف اللجوء �إىل دعوى الإلغاء �ضد القرارات الإدارية‬
‫القابلة لالنف�صال عن العقد‪ ،‬بعد �أن طبق الق�ضاء الإداري نظرية الأعمال الإدارية املنف�صلة يف الكثري من‬
‫�إحكامه‪ ،‬وهذا ما ق�ضت به حمكمة العدل العليا الأردنية يف �أحد �أحكامها(( �أن العقد الإداري مير يف عملية‬
‫مركبة تقت�ضيها طبيعته التمهيدية حيث ت�ستقل الإدارة ب�صفتها �سلطة عامة ب�إ�صدار القرارات الإدارية‬
‫املنفردة وحتدد بها املراكز القانونية قبل �إحالة العطاء‪ ،‬وهذه القرارات ويف هذه املرحلة ت�أخذ �شكل و�صفة‬
‫القرارات الإدارية باملعنى املق�صود بذلك‪ ،‬ويحق لأي مت�ضرر الطعن بها �أمام الق�ضاء الإداري‪.4)).....‬‬
‫كما ق�ضت حمكمة الق�ضاء الإداري امل�صرية بهذا اخل�صو�ص مبا يلي(( واملحكمة ترى يف حتليل العملية‬
‫ ‬ ‫‪1‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬الق�ضاء الإداري اللبناين‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬بريوت ‪� ،1994‬ص‪.33‬‬ ‫‪.1‬‬
‫انظر كذلك يف �أنواع هذه القرارات‪ ،‬د‪ .‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪-341‬‬
‫‪.342‬‬
‫‪2‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬الق�ضاء الإداري اللبناين‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪�-33‬ص‪.34‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪3‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬الق�ضاء الإداري اللبناين‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪�-33‬ص‪.34‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪4‬حكم حمكمة العدل العليا الأردنية رقم ‪ ،97/270‬تاريخ ‪� ،1997/11/18‬أ�شار �إلية‪ ،‬د‪ .‬نواف كنعان‪ ،‬الق�ضاء الإداري‪ ،‬املرجع‬ ‫‪.4‬‬
‫ال�سابق‪� ،‬ص‪.185‬‬

‫‪374‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫القانونية التي تنتهي ب�إبرام العقد �إىل الأجزاء املكونة له وان القرارات ال�سابقة �أو الالحقة على العقد كو�ضع‬
‫الإدارة ل�شروط املناق�صة �أو املزايدة وقرارات جلنة البت والقرار ب�إر�ساء املناق�صة �أو املزايدة هي بغري‬
‫منازع قرارات �إدارية منف�صلة عن العقد ومن ثم يجوز الطعن فيها بالإلغاء ب�سبب جتاوز ال�سلطة‪ ،‬وميكن‬
‫املطالبة بالتعوي�ض عن الأ�ضرار املرتتبة عليها �إذا كان لهذا التعوي�ض حمل‪.1))....‬‬
‫وكذلك ق�ضت حمكمة العدل العليا الأردنية بهذا اخل�صو�ص (( تتم عملية املقاولة على مرحلتني‪� ،‬أولهما‬
‫�أعمال متهيدية‪ ،‬ثانيهما �إبرام العقد‪ ،‬فالإعمال التمهيدية من و�ضع �شروط املناق�صة ولإعالن عنها وتلقي‬
‫العطاءات وحتقيق �شروط املناق�صة ثم املفا�ضلة بني العطاءات‪ ،‬ف�إر�ساء املناق�صة بعد ذلك يتم كل منها‬
‫بقرارات �إدارية تتخذها جهة الإدارة للإف�صاح فيها عن �إرادتها وحدها‪ ،‬ويخ�ضع كل قرار يتخذ يف هذا‬
‫ال�صدد ملحكمة العدل العليا‪ 2 ))...‬و�أما عن موقف الق�ضاء البحريني من نظرية الأعمال الإدارية املنف�صلة‪،‬‬
‫فلم يعرث الباحث على حكم ق�ضائي يو�ضح هذا الأمر‪� ،‬إال �أن امل�شرع البحريني قد اخذ بهذه النظرية وقننها‬
‫باملر�سوم بقانون رقم ‪ 36‬ل�سنة ‪ 2002‬ب�ش�أن تنظيم املناق�صات وامل�شرتيات احلكومية ‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫الطعن باإللغاء في مرحلة تنفيذ العقد‬

‫اختلف الفقهاء حول خ�ضوع العقود الإدارية لقاعدة ن�سبية �أثر العقد التي تخ�ضع لها العقود يف نظام القانون‬
‫اخلا�ص‪ .‬فالفقيه دى لوبادير‪ ،‬يرى خ�ضوع العقود الإدارية لهذه القاعدة املقررة يف القانون اخلا�ص‪.‬‬
‫�أما الفقيه بكينو‪ ،‬فريى �أن العقود الإدارية تخرج على هذه القاعدة‪� ،‬إال �أن الدكتور �سليمان الطماوي يرى‬
‫�أن �آثار العقود الإدارية من الناحية العملية تتعدى املتعاقدين �إىل الغري‪ ،‬فتفر�ض عليه بع�ض الأعباء والتي‬
‫تكون نتيجة لتفوي�ض املتعاقد يف ممار�سة بع�ض مظاهر ال�سلطة العامة وا�ستثناءه من قاعدة امل�ساواة �أمام‬
‫التكاليف العامة �أو تخوله بع�ض احلقوق واملزايا‪ ،‬كحقه مث ًال يف �أن تربم العقود الإدارية وفق ًا للقانون‪ ،‬ف�إذا‬
‫خالفت الإدارة القانون وترتب على ذلك �ضرر �أ�صاب الغري فمن حقه مقا�ضاة الإدارة من خالل طلب �إبطال‬
‫القرارات الإدارية املنف�صلة والتعوي�ض عنها‪ ،‬كما لو ا�ستبعدت عطاء �أحد الأفراد بدون وجه حق �أو �أر�ست‬
‫املناق�صة على غري �صاحب العطاء الأول تع�سف ًا‪ ،‬والغري ال ي�ستمد حقه يف الطعن بالإبطال من العقد ذاته‪،‬‬
‫ولكن من النظام القانوين الذي و�ضعه امل�شرع للعقود الإدارية ‪.4‬‬
‫ومن �أبرز �صور امتداد �آثار العقود الإدارية �إىل غري املتعاقدين هي حقوق امل�ستفيدين يف مواجهة ملتزمي‬

‫‪1‬حكم حمكمة الق�ضاء الإداري امل�صرية ال�صادر بتاريخ ‪ 8‬يناير �سنة ‪� 1956‬س‪� ،10‬أ�شار �إليه د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س‬ ‫‪.1‬‬
‫العامة للعقود الإدارية‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.199‬‬
‫‪2‬حكم حمكمة العدل العليا الأردنية رقم ‪ ،1965/39‬جملة نقابة املحامني‪ ،‬ل�سنة ‪� ،1965‬ص‪.945‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪3‬د‪ .‬بدر حممد عادل حممد‪ ،‬الرقابة الق�ضائية على القرارات الإدارية يف حمكمة البحرين‪ ،‬دار�سة مقارنة‪ ،‬دار النه�ضة العربية‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫القاهرة‪� ،2010 ،‬ص‪ 350-349‬انظر كذلك املواد( ‪ )60-56‬من املر�سوم بقانون امل�شار �إلية‪.‬‬
‫‪4‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬درا�سة مقارنة‪ ،‬مطبعة جامعة عني �شم�س‪ ،‬ط ‪ ،4‬القاهرة‪،1984 ،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫�ص‪.673‬‬

‫‪375‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫املرافق العامة‪ ،‬فامل�ستفيدون هم الذين تنطبق عليهم �صفة الغري‪ ،‬ويحق لهم �أن يطلبوا من الإدارة ت�صويب‬
‫الو�ضع املخالف لقائمة ال�شروط امللحقة بالعقد‪ ،‬و�إذا امتنعت الإدارة عن ذلك كان لهم احلق يف الطعن‬
‫بقرارها ال�سلبي عن الطريق دعوى الإلغاء ‪ 1‬وذلك على اعتبار �أن املنتفع يف عقد االمتياز ال ي�ستطيع الطعن‬
‫ب�إلغاء القرار الذي ي�صدره امللتزم‪ ،‬لأنه من �شروط الطعن بالقرار الإداري �صدوره عن �سلطة �إدارية وامللتزم‬
‫يفتقد لهذا ال�شرط‪ ،‬لذلك ي�ستطيع املنتفع �إلغاء القرار ب�شكل غري مبا�شر ب�أن يطلب من اجلهة الإدارية‬
‫مانحة االلتزام �إجبار امللتزم على احرتام ال�شروط التنظيمية املن�صو�ص عليها يف عقد االلتزام‪ ،‬ف�إن‬
‫امتنعت عن الرد على الطلب �أو رف�ضت عن �إجابته‪ ،‬اعترب قرارها بالرف�ض �أو االمتناع قرار ًا �إداري ًا وب�إمكان‬
‫املنتفع اللجوء �إىل الق�ضاء للطعن عليه بالإلغاء‪.‬‬

‫المبحث الخامس‬
‫اثر إلغاء القرار اإلداري المنفصل على العقد اإلداري‬

‫تبنى جمل�س الدولة الفرن�سي يف ق�ضائه منذ �أمد بعيد الفكرة التالية والتي تت�ضمن‪� :‬أن �إلغاء القرارات‬
‫الإدارية املنف�صلة يف حالة العقود الإدارية وحدها ال ميكن �أن ي�ؤدي بذاته �إىل �إلغاء العقد‪ ،‬بل يبقى العقد‬
‫�سليم ًا ونافذ ًا حتى يتم�سك �أحد �أطرافه باحلكم ال�صادر بالإلغاء بناء على الأثر املطلق حلكم الإلغاء �أمام‬
‫قا�ضي العقد‪� ،‬سواء كان العقد خا�ص ًا �أو �إداري ًا وحينئذ يجوز لقا�ضي العقد �أن يحكم ب�إلغائه‪ ،‬ا�ستناد ًا �إىل‬
‫�سبق �إلغاء القرارات الإدارية املنف�صلة والتي �ساهمت يف �إمتام عملية التعاقد ‪.2‬‬
‫وقد حذا جمل�س الدولة امل�صري حذو زميله الفرن�سي يف تبني النتائج التي تو�صل �إليها‪� .‬إال �أن هذه النتائج مل‬
‫ت�سلم من انتقاد بع�ض الفقهاء‪ ،‬فالفقيه بيكينو يف ر�سالته عن النظرية العامة للعقد الإداري يرى �أن الق�ضاء‬
‫ال�سابق غري منطقي و�أنه يتعني على الق�ضاء الإداري �إبطال العقد املبنى على قرار حكم ب�إبطاله ‪.3‬‬
‫وكذلك الفقيه(‪ )weill‬يف ر�سالته بعنوان(( نتائج �إلغاء القرار الإداري لعيب جتاوز ال�سلطة)) يرى �أن‬
‫هذا احلكم‪ ،‬حكم الإبطال �سي�ؤدي �إىل �شل العقد الأمر الذي يجعله غري قابل للتنفيذ‪ ،‬وي�ؤ�س�س الفقيه قوله‪،‬‬
‫على �أن القرار الذي يق�ضى ببطالنه‪ ،‬يكون ك ًال ال يتجز�أ عن جمموع القرارات الأخرى ال�صادرة �إبان �إبرام‬
‫العقد‪ ،‬فيبطل العقد �إذا بطل �أي قرار كان �أ�سا�س ًا لإ�صداره ‪.4‬‬
‫والباحث ي�ؤيد ما جاء على ل�سان ه�ؤالء الفقهاء من انتقادات لق�ضاء جمل�س الدولة الفرن�سي ال�سابق ويقول‬
‫وا�ستناد ًا �إىل قاعدة( ما بني على باطل فهو باطل) �أنه �إذا مت �إبرام العقد بنا ًء على قرار �إداري �صدر حكم‬

‫‪1‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.679‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ ‬ ‫‪2‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬ط‪ ،2005-5‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.200‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وانظر كذلك بهذا اخل�صو�ص‪ ،‬حكم حمكمة العدل العليا الأردنية رقم ‪ ،1965/39‬جملة نقابة املحامني ل�سنة ‪� ،1965‬ص‪ .945‬‬
‫كذلك حكم جمل�س الدولة الفرن�سي ال�صادر يف ‪ 4‬اغ�سط�س �سنة ‪ 1905‬يف ق�ضية(‪ )martin‬جمموعة �سريي �سنة ‪-1906‬‬
‫الق�سم الثالث‪� ،‬ص‪� ،49‬أ�شار �إليه د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪200‬‬
‫‪3‬د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪ .‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.2005‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪4‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬الق�ضاء الإداري اللبناين‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪376‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫ب�إبطاله لعدم م�شروعيته‪ ،‬فاملنطق ال�سليم يق�ضي ببطالن ما ترتب عل هذا القرار من نتائج �أال وهو بطالن‬
‫العقد‪� -‬إ�ضافة �إىل ذلك �أن يف هذا الأمر اخت�صار ًا كبري ًا للجهد والوقت و�إراحة الق�ضاء من دعاوى احلكم‬
‫بها معروف م�سبق ًا‪ ،‬فلماذا يطلب من �أحد �أطراف العقد �إذا ما �أراد التم�سك بحكم الإلغاء �أمام قا�ضي‬
‫العقد‪ ،‬وعندها يحكم ب�إلغاء العقد ا�ستناد ًا �إىل �إلغاء القرار الإداري املنف�صل الذي �ساهم يف �إبرام التعاقد‪.‬‬
‫ويبدو �أن ق�ضاء جمل�س الدولة الفرن�سي احلديث �أخذ مييل �إىل هذا االجتاه بقوله(( �إن �إبطال قا�ضي دعوى‬
‫جتاوز ال�سلطة للقرارات التي ت�صدر من الإدارة �إبان �إبرام العقد‪ ،‬ي�ؤدي �إىل �إبطال مقنع للعقد)) ‪.1‬‬
‫والواقع �أن الإبطال كما يقول البع�ض‪ -‬لي�س جمرد نظرية �أفالطونية ال قيمة لها بالن�سبة للتعاقد‪ ،‬و�إمنا‬
‫البد له من ت�أثري ينعك�س على العقد ب�صورة غري مبا�شرة ومعنى ذلك �أن العقد �إذا كان يبقى قائم ًا واليت�أثر‬
‫مبا�شرة ب�إبطال بع�ض القرارات املرتبطة به �أ�ص ًال‪ ،‬و�أنه ال ميكن �إلغا�ؤه �إال عن طريق قا�ضي العقد‪ ،‬وبطلب‬
‫من احد طرفيه‪ ،‬ف�إنه يف الواقع ينعك�س عليه �أثر �إبطال القرار ويهز كيانه بحيث ي�صبح قاب ًال للإبطال‬
‫وي�ستطيع كل من طرفيه يف �أي وقت �أن يطلب من قا�ضي العقد �إبطاله ا�ستناد ًا �إىل الإبطال ال�صادر ب�ش�أن‬
‫قرار من قا�ضي دعوى يتجاوز ال�سلطة والذي له حجية يف مواجهة الكافة ‪.2‬‬
‫وكذلك الق�ضاء الإداري امل�صري ي�سلم ب�أن حكم الإبطال ب�ش�أن القرارات الإدارية املنف�صلة و�إن كان ال‬
‫يرتتب عليها �إبطال العقد‪� ،‬إال �أنه �سيجعل تنفيذه �أمر ًا متعار�ض ًا مع املنطق �أو الواقع‪ ،‬ويف ذلك قررت حمكمة‬
‫الق�ضاء الإداري امل�صري �أنه(( �إذا �صح �أن �إلغاء القرار الإداري ال�صادر ب�إر�ساء املناق�صة ال ي�ؤدى �إىل‬
‫�إهدار العالقة التعاقدية التي ن�ش�أت عنه‪� ،‬إال �أن هذا ال ينفي وجود امل�صلحة يف طلب �إلغاء هذا القرار‪� ،‬إذ‬
‫من املحتمل �أن ي�ؤدي احلكم الذي ي�صدر بالإلغاء �إىل ف�سخ �أو ت�صحيح الو�ضع ت�أ�سي�س ًا على عدم الإبقاء على‬
‫ت�صرف يقوم على قرار حكم ب�إلغائه على �أنه مما يتعار�ض مع املنطق �أن يلغى قرار ب�إر�ساء املناق�صة ثم يظل‬
‫الإجراء املرتتب عليه وهو �إبرام العقد قائم ًا على �أن لطالب الإلغاء م�صلحة م�ؤكدة يف �أنه بناء على حكم‬
‫الإلغاء ي�ستطيع �أن يح�صل على تعوي�ض من جهة الإدارة ‪.3‬‬

‫الخاتمة‬
‫وهكذا وبعد �أن و�صلنا �إىل نهاية هذه الدرا�سة واملو�سومة ب(( منازعات العقد الإداري بني الق�ضاء الكامل‬
‫وق�ضاء الإلغاء‪ -‬درا�سة مقارنة)‬
‫فقد تبني لنا ومن خالل درا�ستنا لتعريف العقد الإداري ب�أنه العقد الذي يربمه �شخ�ص معنوي عام من �أجل‬
‫�إدارة �أو ت�سيري مرفق عام على �أن تظهر نيته يف الأخذ ب�أ�سلوب القانون العام وذلك بت�ضمني العقد �شروط ًا‬
‫ا�ستثنائية غري م�ألوفة يف نطاق القانون اخلا�ص‪.‬‬
‫وخل�صنا كذلك ومن خالل بحثنا ملو�ضوع �إجراءات �إبرام العقد الإداري �أن الأ�سلوب العام الذي تتبعه‬
‫‪1 .1‬د‪� .‬إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪ ،‬الق�ضاء الإداري اللبناين‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.35‬‬
‫‪2 .2‬د‪ .‬حممد كامل ليله‪ ،‬الرقابة على �أعمال الإدارة‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬دار النه�ضة العربية‪� ،1968-1967 ،‬ص‪.907‬‬
‫‪3 .3‬حكم حمكمة الق�ضاء الإداري امل�صري رقم ‪ 1753‬تاريخ ‪ 18‬نوفمرب ‪� ،1956‬سنة ‪ 10‬ق�ضائية‪� ،‬أ�شار �أليه د‪� .‬سليمان حممد‬
‫الطماوي‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪�-202‬ص‪.203‬‬

‫‪377‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬


‫البحوث‬

‫الإدارة يف �إبرامه هو �أ�سلوب املناق�صة واملزايدة وبينا خماطر هذا الأ�سلوب وحماذيره و�أثر ذلك على جودة‬
‫اخلدمات و�إتقانها‪ ،‬لذلك �سمح امل�شرع للإدارة باللجوء �إىل �أ�ساليب �أخرى متثلت ب�أ�سلوب املمار�سة واالتفاق‬
‫املبا�شر �ضمن �شروط معينه‪.‬‬
‫�أما فيما يتعلق مبنازعات العقد الإداري فقد تو�صلنا �إىل نتيجة وهي �أن هذه املنازعات �أ�صبحت من‬
‫اخت�صا�ص الق�ضاءين مع ًا( الكامل ولإلغاء) بعد �أن كانت حكر ًا على الأول‪ ،‬وذلك ال�ستحداث جمل�س الدولة‬
‫الفرن�سي وكعادته لنظرية جديدة عرفت بنظرية الأعمال الإدارية املنف�صلة‪ ،‬وتفيد ب�أن عملية التعاقد هي‬
‫عملية مركبة ت�شتمل على �إجراءات وقرارات متعددة‪ ،‬ف�إذا كان بالإمكان ف�صل �أحد هذه القرارات دون �أن‬
‫ي�ؤثر ذلك على م�شروعية العقد‪ ،‬ف�إن هذا القرار ميكن الطعن فيه بدعوى الإلغاء‪.‬‬
‫�أما عن �أثر هذا الإلغاء على وجود العقد وم�شروعيته‪ ،‬فمن خالل تتبعنا للأحكام الق�ضائية الإدارية يف‬
‫الدول املقارنة تبني لنا �أن �إلغاء القرارات الإدارية املنف�صلة يف حالة العقود الإدارية ال ت�ؤثر على العقد‪ ،‬بل‬
‫يبقى �سليم ًا ونافذا �إىل يتم�سك �أحد �أطرافه بهذا الإلغاء �أمام قا�ضي العقد‪ ،‬ونتيجة لالنتقادات الفقهية‬
‫التي تعر�ضت لها هذه الأحكام‪� ،‬أخذ الق�ضاء الإداري احلديث مييل �إىل اجتاه �إبطال العقد املبنى على قرار‬
‫حكم ب�إبطاله‪ ،‬ولكن دون الإعالن عن ذلك ب�صراحة‪ ،‬واكتفى يف �أحكامه الق�ضائية بالقول‪� :‬أن �إلغاء القرار‬
‫الإداري املنف�صل ي�ؤدي �إىل �إبطال مقنع للعقد‪ ،‬وقوله كذلك‪� :‬أو �سيجعل تنفيذه �أمر ًا متعار�ض ًا مع املنطق‬
‫والواقع‪.‬‬
‫وبنا ًء على ما �سبق ومع نهاية هذه الدرا�سة‪ ،‬ف�إننا نتمنى على امل�شرع يف الدول املقارنة �أن يعطي الإدارة‬
‫املتعاقدة قدر ًا �أكرب من احلرية وجما ًال �أو�سع يف اختيار املتعاقد معها‪ ،‬مع الرقابة على ذلك من �أجل‬
‫احل�صول على اجلودة يف اخلدمة املطلوبة‪ .‬كما نتمنى على الق�ضاء الإداري ب�أن يف�صح يف �أحكامه ومبنتهى‬
‫ال�صراحة �إنه ب�إلغاء القرار الإداري املنف�صل ي�ؤدي تلقائي ًا �إىل �إلغاء العقد املبني عليه تطبيق ًا للقاعدة التي‬
‫تقول �أنه ما بني على باطل فهو باطل وذلك اخت�صار ًا وتوفري ًا للجهد واملال والتخفيف عن كاهل الق�ضاء‪.‬‬
‫كما نو�صي امل�شرع البحريني بالعمل على حتديد مدة لرفع دعوى الإلغاء ولتكن خالل �ستني يوم ًا تبد�أ من‬
‫تاريخ العلم بالقرار الإداري �أ�سوة بامل�شرع امل�صري والأردين وذلك حفاظ ًا على ا�ستقرار املراكز القانونية‬
‫التي حتميها القرارات‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أ‪ -‬المؤلفات‪:‬‬
‫ •�إبراهيم عبد العزيز �شيحا‪:‬‬
‫الق�ضاء الإداري اللبناين‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬بريوت ‪.1994‬‬
‫الوجيز يف مبادئ و�أحكام القانون الإداري وفق ًا لآراء الفقه و�أحكام الق�ضاء يف البحرين‪ ،‬الكتاب الثاين‪،‬‬
‫بدون ن�شر‪ ،‬ط‪.2002 .1‬‬
‫ •د‪� .‬إبراهيم طه الفيا�ض‪ ،‬العقود الإدارية‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬ط‪.1981 ،1‬‬
‫ •د‪ .‬بدر حممد عادل حممد‪ ،‬الرقابة الق�ضائية على القرارات الإدارية يف مملكة البحرين‪ ،‬دار النه�ضة‬

‫‪378‬‬
‫منازعات العقد اإلداري بين القضاء الكامل وقضاء اإللغاء‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.2010 ،‬‬


‫•د‪ .‬جورج �سعد‪ ،‬القانون الإداري العام واملنازعات الإدارية‪ ،‬اجلزء الأول‪ ،‬من�شورات احللبي احلقوقية‪،‬‬ ‫ ‬
‫ط‪ ،1‬بريوت ‪.2011‬‬
‫•د‪� .‬سليمان حممد الطماوي‪-:‬‬ ‫ ‬
‫الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬درا�سة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.2005 ،‬‬
‫مبادئ القانون الإداري‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬
‫•د‪� .‬صالح �إبراهيم املتيوتي‪ ،‬د‪ .‬مروان حممد املدر�س‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬جامعة‬ ‫ ‬
‫البحرين‪2008،‬‬
‫•د‪ .‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬الأ�س�س العامة للعقود الإدارية‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬الإ�سكندرية‪،‬‬ ‫ ‬
‫‪.2005‬‬
‫•د‪ .‬عبد الغني ب�سيوين عبد اهلل‪ ،‬الق�ضاء الإداري‪ ،‬من�ش�أة املعارف بالإ�سكندرية‪.2006 ،‬‬ ‫ ‬
‫•د‪ .‬عبد اهلل طلبة‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬الرقابة الق�ضائية على �أعمال الإدارة‪ ،‬بدون دار الن�شر‪ ،‬وال �سنة‬ ‫ ‬
‫طبع‪.‬‬
‫•د‪ .‬فاروق �أحمد خما�س‪:‬‬ ‫ ‬
‫الق�ضاء الإداري وتطبيقاته يف مملكة البحرين‪ ،‬جامعة البحرين‪.2007،‬‬
‫الق�ضاء الإداري‪ ،‬من�شورات جامعة البحرين‪.2006،‬‬
‫•د‪ .‬فهد عبد الكرمي ابو العثم‪ ،‬الق�ضاء الإداري بني النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الثقافة للن�شر والتوزيع‪،‬‬ ‫ ‬
‫عمان‪2011،‬‬
‫•ماجد راغب احللو‪ ،‬العقود الإدارية والتحكيم‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للن�شر‪ ،‬الإ�سكندرية‪،2004 ،‬‬ ‫ ‬
‫•د‪.‬مازن ليلو را�ضي‪ ،‬العقود الإدارية يف القانون الليبي واملقارن‪ ،‬من�ش�أة املعارف‪ ،‬بالإ�سكندرية‪.2003 ،‬‬ ‫ ‬
‫•حممد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مبادئ و�أحكام القانون الإداري‪ ،‬من�شورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بريوت ‪.2005‬‬ ‫ ‬
‫•د‪ .‬حممد عبداهلل حمود الدليمي‪ ،‬الق�ضاء الإداري يف مملكة البحرين‪ ،‬جامعة العلوم التطبيقية‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫ ‬
‫‪.2008‬‬
‫•د‪.‬حممد كامل ليله‪ ،‬الرقابة الق�ضائية على �أعمال الإدارة‪ ،‬الكتاب الثاين دار النه�ضة العربية‪-1967 ،‬‬ ‫ ‬
‫‪.1968‬‬
‫•د‪.‬حممد وليد العبادي‪ ،‬الق�ضاء الإداري‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬م�ؤ�س�سة الوراق للن�شر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2007 ،‬‬ ‫ ‬
‫•د‪.‬نواف كنعان‪:‬‬ ‫ ‬
‫القانون الإداري‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬دار الثقافة للن�شر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2005 ،‬‬
‫الق�ضاء الإداري ‪ ،‬دار الثقافة للن�شر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪.2006-‬‬

‫ب‪ -‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬


‫ •‬ ‫‪http:// memberes.multimania.fr/droitdz/slimani3.htm‬‬
‫ •‬ ‫‪htpp:// khalifa salem.wordpress.com‬‬

‫‪379‬‬ ‫العدد الثالث ‪-‬‬

You might also like