Professional Documents
Culture Documents
1
اعتنى المشرع بتنظيم جميع الجوانب المتعلقة بالعقد ،وذلك من منطلق اهمية دور العقد في الحياة
االقتصادية واالجتماعية .اذ ان التطورات ال%%تي ش%%هدتها المجتمع%%ات جعلت من انفت%%اح الف%%رد على االخ%%ر
ضرورة يحتمها الواقع .حتى يضمن االنسان بقاءه ويواكب الفرد التحوالت التي يشهدها الع%%الم يوم%%ا بع%%د
يوم .فحاجة الفرد الى االخر تفترض تنظيم العالقات الرابطة بينهما خاصة منها القانونية ال%%تي يلعب فيه%%ا
العقد دورا هاما باعتباره الوسيلة ال%%تي يق%%ع اعتماده%%ا لتنظيم ه%%ذه العالق%%ات بين االش%%خاص به%%دف تب%%ادل
الخيرات والخدمات.
والعقد هو اتفاق بين ارادتين فأكثر إلنشاء رابطة قانونية مع تعيين شروطها واثارها( )1والمالح%%ظ
انه فى التطبيق يقع استعمال عبارتي "العقد" او "االتفاق" لتعيين نفس الشى إال انه على المستوى النظري
فان كلمة "عقد" تخصص إلنشاء االلتزام بينما لكلمة "اتفاق" م%%دلول اعم واش%%مل ويش%%مل ك%%ل تواف%%ق بين
ارادتين فأكثر بقصد احداث اثار قانونية سوءا اكان الهدف منها انشاء التزام او احالته او تغييره او انهائه
بما يجوز معه القول ان كل عقد هو اتفاق وان كل اتفاق ليس بالضرورة عقد(.)2
وبمجرد تكوين هذا العقد تكوينا صحيحا فانه يقوم مقام القانون بين طرفيه حسب ما ورد بالفص%%ل
242من م.ا.ع الذي يكرس قاعدة الزامية العقد تجاه المتعاقدين ،والتي تفرض على كل منهما الوفاء بم%%ا
تعهد به مع تمام االمانة وفي صورة االخالل بشروط تكوين العقد او ش%%روط ص%%حته او ع%%دم الوف%%اء ب%%ه،
فان المشرع رتب جملة من الجزاءات المدنية التي تهدف الى ضمان مصداقية العقود والمحافظة على ثقة
المتعاملين بها في نجاعتها .وهذا الجزاء هو البطالن بأنواعه .بما يصح معه القول بان البطالن هو انعدام
اثار العقد بالنسبة الى المتعاقدين وبالنسبة الى الغير مما يجعل منه رادع%%ا لعم%%وم الن%%اس عن مخالف%%ة تل%%ك
الشروط في العقود واالتفاقات التي يبرمونه ،وهذه الشروط اورده%%ا المش%%رع ض%%من الفص%%ل 2من م.ا.ع
والتي تنقسم الى شروط متعلقة باألشخاص وهي االهلية والرضاء وأخ%%رى متعلق%%ة بمض%%مون العق%%د وهي
المحل والسبب واوجب ليك%ون العق%د ص%%حيحا ان يك%ون الرض%%ا موج%ودا وان تت%وفر في المح%ل والس%بب
الشروط التي يفرض%%ها الق%%انون فض%%ال عن ت%%وفر الش%%كل ال%%ذي يقتض%%يه المش%%رع لبعض العق%%ود ك%%ل ه%%ذه
األركان تعتبر ضرورية وأساسية ال يمكن للعقد أن ينعقد بدونها.
وهذا الجزاء أال وهو البطالن قد اعت%%ني المش%%رع التونس%%ي بتنظيم%%ه ض%%من العن%%وان الس%%ادس من
الكاتب األول لمجلة االلتزامات والعق%%ود "في بطالن االلتزام%%ات و فس%%خها" والمش%%تمل على الفص%%ول من
325إلى .338
1
االستاذ محمد الزين .النظرية العامة لاللتزامات .العقد .الطبعة الثانية 1997ص .39
2
منير العياري .محاضرة في مادة النظرية العامة لاللتزام .كلية الحقوق والعلوم االقتصادية والسياسية بسوسة .سنة .2011-2010
2
ومن هذا المنطلق فان نظرية البطالن في القانون التونسي تنقسم عموما إلى بطالن مطل%%ق وأخ%%ر
نسبي فالبطالن المطلق هو الجزاء على تخلف ركن من أركان العقد كركن الرضا أو المحل أو السبب أو
تخلف الرسمية في العقد الشكلي ويعيب العقد منذ نشأته فك%%ان ه%%ذا العق%%د ول%%د ميت%%ا فال ي%%رتب أي اث%%ر من
أثاره منذ إبرامه.
أما البطالن النسبي (العقد القابل لإلبطال) فهو الجزاء على تخلف شرط من شروط ص%%حة العق%%د.
لنقص في األهلية أو عيب في الوفاء كالغلط أو التدليس أو اإلكراه أو عدم مشروعية المحل أو كان س%%بب
التعاقد مخالفا للنظام العام واألخالق الحميدة ).(3
ويقصد بالبطالن لغة الفساد وسقوط الحكم فالعمل الباطل عم%%ل ض%%ائع أو خاس%%ر أو ع%%ديم القيم%%ة
كما عرفه الفقه المصري.
أما اصطالحا فقد انقسمت اآلراء حول تحديد مفهومه ففي الق%%انون المص%%ري انحص%%ر ال%%رأي في
فريقين :احدهما يرى أن البطالن جزاء لتخلف أركان العق%%د واألخ%%ر ي%%رى ان%%ه وص%%ف يلح%%ق التص%%رف
فيش%%ل أث%%ره الق%%انوني .فبتناولن%%ا للص%%ورة األولى ف%%ان من بين أهم المناص%%رين له%%ذا ال%%رأي نج%%د ال%%دكتور
السنهوري الذي يرى بان بطالن العقد هو جزاء قانوني على عدم استجماع العقد ألركانه كامل%%ة مس%%توفية
()4
. لشروطها
كما يرى الدكتور توفيق فرح أن البطالن جزاء لتخلف عنصر من العناصر األساسية للعقد سواء
بتخلف ركن من أركانه أو شرط من شروطه (.)5
أما بالنسبة للرأي القائل بكون البطالن وصف يلحق بالتصرف فيشل أثره الق%%انوني فلع%%ل من بين
أهم مناصري هذا الرأي الدكتور جميل الش%%رقاوي( .)6وال%%ذي ي%%رى أن البطالن وص%%ف يلح%%ق التص%%رف
القانوني ذاته نتيجة عيب وليست جزاء وجه إلى أثاره مباشرة.
وعلى ضوء ما تقدم فانه باإلمكان ضبط تعري%%ف ش%%امل للبطالن بكون%%ه وص%%ف يلح%%ق التص%%رف
القانوني المعيب لنشاته مخالفا لقاع%%دة قانوني%%ة أو اتفاقي%%ة في%%ؤدي إلى توقي%%ع ج%%زاء يتمث%%ل في ش%%ل فاعلي%%ة
التصرف و إفقاده أثاره القانونية ( .)7باالضافة الى كونه مفهوم قانوني وموضوعي واصلي.
3
الدكتور رمضان محمد ابو السعود .الدكتور همام محمد محمود زهران .مبادي القانون .دار المطبوعات الجامعية سنة 1998ص .434
4
الدكتور عبد الحكم فودة .البطالن في القانون المدني و القوانين الخاصة.دار الفكر و القانون الطبعة الثانية 1999ص.18
5
الدكتور توفيق فرح .الوجيز في نظرية االلتزام .ج 1مصادر االلتزام . 1976.بند . 118
6
الدكتور عبد الحكم فودة .المرجع السابق .ص. 19
7
.الدكتور عبد الحكم فوده .البطالن في القانون المدني و القوانين الخاصة .الطبعة الثانية 1999.ص 20
3
فال يمكن اعتبار البطالن بأنه الحالة التي يكون عليها العقد كما ذهبت إلى ذلك النظرية التقليدي%%ة.
إذ أن البطالن هو مفهوم قانوني يتمثل في الجزاء الق%انوني ال%ذي يس%لطه القاض%%ي وال%ذي يمث%ل ردة فع%ل
النظام القانوني على مخالفة العقد لقواعد التك%%وين .كم%%ا أن للبطالن مفهوم%%ا موض%%وعيا س%%وءا في أساس%%ه
والذي يتمثل في مخالفة العقد لقواع%د التك%وين أو في هدف%%ه والمتمث%ل في إع%ادة الش%رعية المخروق%%ة .أم%ا
المفهوم األصلي للبطالن فيتمثل في إلغاء ما رتبه من نتائج (.)8
أما فقهاء المدرسة الحديث%%ة وعلى رأس%%هم الفقي%%ه "ج%%ابيو" اعت%%بروا أن البطالن ه%%و الج%%زاء ال%%ذي
يوقعه المشرع على مخالفة قاعدة قانونية والذي يتمثل في حق النقد الذي يتمتع ب%%ه األش%%خاص تج%%اه أث%%ار
العقد .كما ظهر اتجاه جديد نقد افتق%ار تعريف%ات المدرس%ة التقليدي%ة والمدرس%ة الحديث%ة للتن%وع معت%برا أن
الهدف من البطالن هو إعادة بناء العالق%%ات التعاقدي%%ة ال الج%%زاء وذل%%ك عن طري%%ق دوره الوق%%ائي وال%%ذي
يهدف إلى الحد من انتشار التصرفات الباطلة ليكون بذلك ضمانا قانونيا للمتعاقدين.
ويستلزم للفهم الصحيح للبطالن تمييزه عن بعض الجزاءات المدنية المشابهة له.
فبالنسبة للبطالن والفسخ :فان "البطالن هو جزاء عدم استكمال العقد ألركانه او ش%%روط ص%%حته
عند إبرامه .أما الفسخ فهو جزاء عدم تنفيذ المتعاقدين للعقد الذي انشأ صحيحا") (9وانطالقا من ذلك فان%%ه
قد يترتب عن بطالن العقد أو فسخه زوال كل أثاره وهذا وجه الشبه بين النظامين .فالبطالن مث%%ل الفس%%خ
يؤدي إلى انتفاء الرابطة القانونية .أما بالنس%بة لوج%ه االختالف فيتمث%ل في األس%باب ال%تي أص%ابت العق%د.
فاالنعدام بسبب البطالن يعود إلى عيب أصاب العقد في احد أركانه .أما الفسخ فيرجع إلى عدم تنفي%ذ اح%د
المتعاقدين اللتزامه في العقد الملزم للجانبين فيزول العقد أي ينقضي وذل%%ك عن طري%%ق االنحالل وبص%%فة
رجعية .وفي الواقع فانه يصعب التمييز بين الفس%%خ والبطالن خاص%%ة وان المش%%رع اس%%تعمل في الفص%%ول
بين 330و 338من م.ا.ع خطاء عبارة "الفسخ" للداللة على البطالن النسبي (.)10
وبالرغم من ذلك فانه لم يتدارك هذا الخلط ح%%تى عن%%د إع%%ادة تنظيم%%ه لمجل%%ة االلتزام%%ات والعق%%ود
بقانون 1987لسنة 2005المؤرخ في 15اوت 2005والمتعل%%ق بالمص%%ادقة على إع%ادة تنظيم م.ا.ع.
أما بالنسبة للبطالن والسقوط :فالسقوط هو جزاء فقدان العقد لركن من أركان صحته بفع%%ل خ%%ارجي عن
إرادة المتعاقدين والحق إلبرام العقد وخالفا للبطالن الذي يكون كمبدأ عام ذي اثر رجعي فان الس%%قوط ال
يكون له هذا األثر(.)11
8انيس الدلهومي .اثار العقد الباطل .مذكرة لنيل شهادة الماجستار 2008ص .3
9القاضي صالح الضاوي .مجلة االلتزامات والعقود بعد اعادة تنظيمها وفقا للقانون عدد 87لسنة 2005المؤرخ في 15اوت . 2005
شرح وتحيين وتعليق مع فقه القضاء .مجمع االطرش للكتاب المختص تونس 2009ص. 114
10المنجي طرشونة .محاضرات في القانون المدني لطلبة السنة الثانية حقوق كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة 1994-1993.ص . 133
11محمد محفوظ .دروس في العقد .مركز النشر الجامعي .تونس 2004ص .237
4
أما بالنسبة للبطالن وعدم النفاذ :ف%%ان البطالن يتم%%يز بك%%ون العق%%د الباط%%ل منع%%دم الوج%%ود قانون%%ا
وينتج أثره بين المتعاقدين ومنعدم بالنسبة للغير (فصل 450م.ا.ع).
أما في ما يخص البطالن والعقد الموقوف :فالعقد الموقوف هو العقد الذي انعق%%د ص%%حيحا لت%%وفر
عناصر االنعقاد فيه وعناصر الصحة فيه إال انه يعتمد عناصر المل%ك واألهلي%ة مث%ال عق%د القاص%ر وبي%ع
ملك الغير الذي يبقي موقوفا حتى إج%%ازة المال%%ك وينتمي العق%%د الموق%%وف إلى الفق%%ه ولم يس%%تعمل المش%%رع
عبارة العقد الموقوف لكن أثرها ثابت في عدة فصول قانونية .
كما يجب التمييز بين البطالن واالنعدام :الذي ظه%%ر نتيج%%ة لقاع%%دة "ال بطالن ب%%دون نص" حيث
ذهب فقهاء المدرسة التقليدي%%ة إلى اعتب%%ار أن المش%%رع رأى من غ%%ير الض%%روري التنص%%يص على بطالن
بعض التصرفات القانونية والتي بالرغم من خطورته%%ا فإنه%%ا ال تع%%د باطل%%ة ب%%ل منعدم%%ة وال حاج%%ة للحكم
ببطالنها ويبدو جليا ان فقه القضاء التونسي قد اخذ بذلك في بعض قراراته وأحكام%%ه( .)12وإن ك%%ان الفق%%ه
الحديث يكاد يجمع على عدم جدوى هذا المفهوم.
بالرغم من أن البطالن يتسلط على كامل العقد وببطالن األصل فيه يبطل ك%%ل م%%ا التح%%ق ب%%ه من
التزامات تابعة على معني الفص%%ل 326فق%%رة 1من م.ا.ع .ف%%ان هنال%%ك ح%%االت ال ينص%%ب فيه%%ا البطالن
على كامل عناصر العقد ،بل قد يقتصر فيها البطالن على جزء من العقد .أي أن مخالفة القانون ال تش%%مل
العقد بأكمله بل تنحصر في شق أو شرط منه .وهو ما يعرف بالبطالن الجزئي أو ما يعبر عنه بانتقاص
العقد حيث يتم انطالقا من ذلك استبعاد الجزء الباطل ويظل الباقي صحيح باعتباره عق%%د مس%%تقل ويتحق%%ق
ذلك في الحاالت التي ال يكون العقد فيها باطال بأكمله وإنما يك%%ون ب%%اطال أو ق%%ابال للبطالن في ج%%زء من%%ه
وصحيح في الجزء األخر.
وبدراستنا لنظرية البطالن الجزئي ال نسهى عن األصول التاريخية لها فنظري%%ة البطالن الج%%زئي
أو ما تعرف بانتقاص العقد هي نظرية ألمانية األصل جاء بها الفصل 139من المجل%%ة المدني%%ة األلماني%%ة
ووقع تبنيها من قبل اغلب التش%%اريع االخ%%رى لع%%ل أبرزه%%ا الق%%انون الفرنس%%ي ال%%ذي اعتن%%ق نظري%%ة عام%%ة
لإلنقاص بتضمنه العديد من النصوص المتفرقة التي تأخ%ذ بفك%رة االنتق%اص ومن بينه%ا فص%%الن يحظي%ان
بأهمية خاصة اذ على ضوئهما استطاع القضاء الفرنسي ان يش%%يد نظري%%ة متكامل%%ة لفك%%رة اإلنق%%اص وه%%و
الفص%%ل 900من الق%%انون الم%%دني الخاص%%ة ببطالن الش%%روط ال%%واردة في التبرع%%ات (الش%%روط المخالف%%ة
للقانون واألخالق تبطل ويصح التصرف) .ك%%ذلك الفص%%ل 1172الخاص%%ة ببطالن الش%%روط ال%%واردة في
التصرفات بعوض( .يبط%%ل ك%%ل التص%%رف إذا أدرج ب%%ه ش%%رط باط%%ل وك%%ان ه%%ذا الش%%رط ه%%و ال%دافع على
12
قرار تعقيبي مدني عدد 11251مؤرخ في 22افريل .1985
5
التعاقد) .هذا باإلضافة إلى أن القانون السويسري يضع عدم اإلبطال الكلي كمب%%دأ في الفص%%ل 20الفق%%رة
2من المجلة المدنية .ويعد القانون التونسي من ابرز القوانين التي تبنت هذه النظرية وكرستها بالفص%%ول
326و 327من م.ا.ع إال أن هذا الفصل األخ%%ير لم يلقى حظ%%ه في التط%%بيق رغم االهتم%%ام الكب%%ير ال%%ذي
أواله الفقه الحديث والمقارن بنظرية البطالن الجزئي وهو ما جعله وجهة للنقد المؤسس على عدم تط%%بيق
هذا الفص%%ل .وأي%%ا ك%%انت األنظم%%ة والق%%وانين المكرس%%ة لنظري%%ة البطالن الج%%زئي فإنه%%ا ته%%دف إلى حماي%%ة
االستقرار التعاقدي للمعامالت.
أما من الناحية العملية فان للبطالن الج%%زئي قيم%%ة اقتص%%ادية واجتماعي%%ة هام%%ة رغم ن%%درة تط%%رق
الفقه وفقه القضاء إلي%%ه فعلى المس%%توي االقتص%%ادي فع%%وض إس%%قاط كام%%ل االل%%تزام وم%%ا ي%%ترتب علي%%ه من
اخالالت بالمعامالت والذي يؤثر بصفة مباشرة على الجانب االقتص%%ادي ،ف%%ان ه%%ذا الج%%زاء يس%%عى ق%%در
المستطاع إلى الح%%د من هات%%ه األض%%رار ولع%%ل االحتف%%اظ بالعالق%%ة التعاقدي%%ة ول%%و بص%%فة جزئي%%ة خ%%ير من
إسقاطها بأكملها .هذا باإلضافة إلى األهمية الكبرى لهذا الجزاء على المستوي االجتماعي ذلك ان%%ه يعطي
للطرف الضعيف أكثر ضمانات لمنع الطرف القوي في االلتزام من التفصي من التزاماته.
أما على المستوي النظري فقد أثار البطالن الجزئي بعض النق%%د من قب%%ل الفقه%%اء مث%%ل Jacques
GHESTINفقد اعترضوا عليه واعتبروا انه خروج صريح على قاعدة وحدة العقد .ولقد رفضت بعض
القرارات في فقه القضاء الفرنسي تطبيق الفسخ (البطالن) الجزئي معللة رأيها بأنه%%ا "ال تس%%مح باس%%تبدال
أحكام جديدة وإن كانت عادلة مكان االلتزامات ال%%تي تك%%ون الرابط%%ة القانوني%%ة وال%%تي بنش%%أتها عن اإلرادة
الجماعية ال يمكن تغيرها إال بالرضا المتبادل ."...ه%%ذا االع%%تراض على الفس%%خ الج%%زئي ال يمكن التس%%ليم
بوجاهته.فمبدأ وحدة العقد مبدأ ال يؤخذ على إطالقه .فإذا أص%اب البطالن الج%زئي ج%زءا من مح%ل العق%د
على سبيل المثال وكان هذا المحل مما تجوز قس%%مته اقتص%%ر الفس%%خ على الج%%زء غ%%ير المنف%%ذ وبقى العق%%د
سليما .وهذا ما اقتضته أحكام م ا ع على مستوي الفصول المتعلقة بالعقود الخاصة .كذلك نجد هذا التوجه
لدى المشرع الفرنسي في إطار الفصل 1722مجلة مدنية فرنسية.
ونظرية انتقاص العقد أو ما يسمي بـ" " la rédaction du contratهي حسب األستاذ محمد
حسين صورة من صور البطالن الجزئي كبطالن ش%%رط في العق%%د .وب%%ذلك يقتص%%ر البطالن على الش%%رط
الباطل فقط ويبقي العقد صحيحا( .)13هذا باإلضافة إلى أن تجنب البطالن الش%%امل ال يتحق%%ق بتوس%%ل إرادة
األطراف بقدر ما يتحقق بتدخل القاضي المباشر في تطهير العقد وشد أجزاءه المتبقية ش%%دا وثيق%%ا لتنس%%جم
أجزاءه الصحيحة في عقد صحيح وهذا ما رآه األستاذ سامي الجربى (.)14
13
محمد حسين الوجيز في نظرية االلتزام .مصادر االلتزامات وأحكامها في القانون المدني الجزائري 1988ص .89
14
سامي الجربي .تفسير العقد مركز النشر الجامعي سنة 1999ص .506
6
ويبقي القاضي في القانون التونسي مناط تق%دير البطالن الج%%زئي تمام%%ا كم%%ا ه%%و الح%%ال علي%%ه في
الق%%%انون السويس%%%ري بحيث يت%%%نزل الفص%%%ل 518من م.ا.ع منزل%%%ة الفص%%%ل 2من مجل%%%ة االلتزام%%%ات
السويسرية .ويعتبر حسن النية شرط مفترض افترضه القضاء السويسري والقضاء األلماني وتلتقي عمليا
مع مفهوم األمانة في القانون التونسي .فالبطالن الجزئي ال يقدم تجنبا للمحافظة على مصالح الطرف سئ
النية وإنما ييسر هذا المبدأ على المتعاقد الذي يطالب باإلبطال الج%%زئي الحص%%ول على ذل%%ك بع%%د أن يثبت
سوء نية الطرف المقابل .فالفقه يجيز للمدين حسن النية أن يطلب الفس%%خ على ج%%زء من العق%%د وال يج%%يز
شي من ذلك للمدين سيء النية(.)15
فانسحاب البطالن على كامل العقد غالبا م%ا يحمي مص%%الح الط%رف المس%تفيد من الش%رط الباط%ل
ويحرم الطرف األخر من فوائد ذلك العقد .وللفهم الص%%حيح للبطالن الج%%زئي وجب تحدي%%د مع%%ني "بطالن
بعض االلتزام" الذي يتحدد بالرجوع إلى الفق%%ه األلم%%اني .حيث يالح%%ظ الفقي%%ه " " STAUDINGERأن فق%%ه
القضاء بألمانيا قد عرفه من هذا المنطلق بأنه "جمل%%ة المقتض%%يات ال%%تي يمكن لالل%%تزام أن يبقي قائم%%ا بع%%د
حذفها منه بوصفه التزاما مستقال ".
وهذا ما يدفع للقول بان البطالن يعد جزئيا على معنى الفصلين 139ألماني و 327تونسي كلم%%ا
أمكن بجزء االلتزام الذي لم يعتره الخلل الموجب لبطالن بعضه األخر أن يكون له وج%%ود ذاتي( .)16ه%%ذا
المفه%%وم الموس%%ع "لبطالن بعض االل%%تزام" أعطى بع%%دا كب%%يرا ألحك%%ام الفص%%ل 139من المجل%%ة المدني%%ة
األلمانية وت%رتب عن%ه تع%دد ص%%ور البطالن الج%زئي فى الق%انون األلم%اني إلى ج%انب حال%ة قي%ام االل%تزام
االصلى فى صورة بطالن االلتزام التابع الوارد بالفصل 326فق%%رة 2من م.ا.ع .ف%%ان الفص%%ل 139من
القانون المدني األلماني يشمل حاالت أخرى لعل أبرزها حالة العقد المتعدد األطراف (العقد الذى ال يبطل
بصفة كلية إذا بطل فى حق احد أطرافه) .والعق%%ود المختلط%%ة (تجم%%ع بين ع%%دة عق%%ود وبطالن بعض%%ها ال
يترتب عنه بطالن البقية .)...إلى جانب تعديل االلتزام المغالي فيه بنسبة ما زاد عن قيمته الحقيقي%ة بحيث
ال يبطل من االلتزام إال بعضه .كذلك االنعدام الجزئي للسبب.
إال انه وأيا كانت األنظمة والق%%وانين المكرس%%ة لنظري%%ة البطالن الج%%زئي فإنه%%ا ته%%دف إلى حماي%%ة
االستقرار التعاقدي للمعامالت وإرساء القواعد واآلليات الهادف%%ة إلى اإلبق%%اء على الوج%%ود الق%%انوني للعق%%د
حرصا على أن تبقى العقود التي اعتراها خلل في احد عناصرها أو بنودها عرضة لالن%%دثار األم%%ر ال%%ذي
يلح%%ق الض%%رر ب%%األطراف المتعاق%%دة والغ%%ير ويقلص عنص%%ر الثق%%ة في التعام%%ل ويفض%%ى اعتم%%اد نظري%%ة
15سليمان مرقص .الوافي في شرح القانون المدني.2.في االلتزامات المجلد األول .نظرية العقد.الطبعة الرابعة .منشورات مكتبية .صادر
1987ص .653
16غالية بالكحلة .الوفاء الجزئي بااللتزام .مذكرة لنيل شهادة الماجستار فى الحقوق .اختصاص قانون خاص .كلية الحقوق والعلوم السياسية
بتونس 2006-2005ص .102
7
البطالن الجزئي إلى تصيير العقد الباطل في بعض أجزاءه قائم مقام العقد الص%%حيح وت%%وجب ل%%ذلك ت%%وفر
الشروط الالزمة والتي في غيابها ليس لنا الحديث عن هذه النظرية دون السهو عن م%%ا ي%%ترتب عليه%%ا من
أثار وهو ما يجعلنا نطرح اإلشكالية التالية :ماهو النظام القانوني لنظرية البطالن الجزئي للعقود ؟
وهو ما سوف نحاول استجالءه من خالل التطرق لشروط قيام البطالن الجزئي في الجزء األول
قبل دراسة أثار البطالن في الجزء الثاني.
الجزء األول:
8
شروط قيام البطالن
الجزئي
لتحليل شروط إعمال نظرية البطالن الجزئي وجب بدءا تعريف انتقاص العقد بصفة وج%%يزة في
القانون التونسي والقوانين المقارنة .فبالنسبة لنظرية االنتقاص في القانون التونسي فقد نص عليها الفص%ل
327م.ا.ع ال%%ذي ورد ب%%ه أن "بطالن بعض االل%%تزام يبط%%ل جميع%%ه إال إذا أمكن%%ه أن يق%%وم ب%%دون الج%%زء
()17
الباطل فيستمر بصورة عقد خاص" ويرجع اصل هذه الكلم%%ة إلى الفص%%ل 139من المجل%%ة األلماني%%ة
حيث أن العقد يعد منتقصا كلما أمكن لجزء االلتزام الذى لم يعتره خلل يوجب البطالن أن يكون له وجود
مستقل.
17
محمد الزين النظرية العامة لاللتزامات -1.العقد سنة .1993ص .226
9
إال أن عبارات الفصل 327م.ا.ع قد جاءت عامة ومطلقة وذلك يعني ش%موليتها لحال%ة البطالن المطل%ق
والبطالن النسبي وهذا نفس التمش%%ى ال%%ذي قررت%%ه العدي%%د من التش%%ريعات المقارن%%ة لع%%ل أبرزه%%ا م%%ا ج%%اء
بالمادة 143من القانون المدني المصري" إذا كان العقد في شق منه باطال او ق%%ابال لإلبط%%ال فه%%ذا الش%%ق
وحده هو الذي يبطل"...
بالرغم من ذلك فانه وجب اإلشارة إلى ان بعض التشريعات األخرى قد تولت التفري%%ق بين حال%%ة
البطالن المطلق وحال%%ة البطالن النس%%بي في خص%%وص إمكاني%%ة قي%%ام العق%%د منتقص%%ا لع%%ل أبرزه%%ا الق%%انون
العراقي والقانون السويسري وكذلك المغ%%ربي .وباعتب%%ار أن البطالن الج%%زئي ه%%و البطالن ال%%ذي يص%%يب
االلتزام التابع دون المس بااللتزام األصلي او البطالن الذي يقتصر على بعض أجزاء العقد دون أن يمت%%د
إليها كاملة .ويفسر س%%عي المش%%رع لإلبق%اء على العق%د ول%%و بج%%زء بإرس%%اء القواع%د واآللي%%ات الهادف%%ة إلى
اإلبقاء على الوجود القانوني للعقد حرصا على أن تبقى العقود ال%تي يش%وبها خل%ل ي%وجب إبطاله%ا قائمت%ا.
فالبطالن الجزئي يعد الطري%%ق الوس%%ط بين البطالن الكام%%ل والص%%حة الكامل%%ة للعق%%د ف%%إذا ت%%وفرت ش%%روط
إعماله كاملة فان ذلك يعفين%ا من إع%دام العق%د ويحاف%ظ على المص%الح المتبادل%ة لألط%راف علم%ا وان%ه من
البديهي أن المتعاقدان عند إبرامهما لعقد ما كانوا ليتوقعوا إعدام ذل%ك العق%د ب%ل أن إرادتهم تتج%ه بدرج%ة
أولى أن لم نقل بدرجة مطلقة إلى تنفيذ االلتزامات المتبادلة وتحقي%%ق المص%%الح التعاقدي%%ة إال ان%%ه وإلعم%%ال
نظرية البطالن الجزئي وجب توفر شروط معينة ومحددة سنتطرق لها بعد دراسة الح%االت الحائل%ة دون
إعمال هذه النظرية.
يمكن القول بأنه لقيام العقد منتقصا وجب توفر شروط تمكن من قيام العقد منتقصا أي قائما بدون
جزئه الباطل وهو ما يعني مدى قابلية العقود للتجزئة .ذلك ان%%ه إذا ك%%ان العق%%د غ%%ير قاب%%ل للتجزئ%%ة س%%واء
ألسباب موضوعية كانت او ذاتية فان إمكانية هذا القيام تنعدم وهو ما سيدفعنا إلى دراسة األسباب الذاتي%%ة
بعد دراسة األسباب الموضوعية في مرحلة أولى.
10
فقرة اولى :األسباب الموضوعية
لعل من ابرز األسباب الموض%%وعية ال%تي تح%ول دون قي%ام العق%د منتقص%%ا هي تعل%ق الخل%ل ال%ذي
يعتري العقد بأحد أركانه الجوهرية (أ) كذلك استحالة الفصل المادي أو التجزئة مادي%%ا بين الج%%زء الفاس%%د
والجزء السليم(ب).
يعتبر هذا الس%%بب من بين اب%%رز األس%%باب الحائل%%ة دون قي%%ام العق%%د منتقص%%ا أي الحائل%%ة دون إعم%%ال
نظرية البطالن الجزئي .ومن هذا المنطلق فانه وجب تحديد األركان الجوهرية ال%%تي يرتك%%ز عليه%%ا العق%%د
والتي كرسها الفصل 2من م.ا.ع أال وهي األهلية ،الرضا ،المحل والسبب وانطالقا من ذلك أمكن تقس%%يم
هذه األركان إلى أركان تتعلق بشخص المتعاقد وأخري تتعلق بمضمون التعاقد.
تعد األهلية الركن األول واألساسي لقيام العقد ويظهر ذل%%ك من خالل احتالل%%ه للمرتب%%ة األولى في
ترتيب أركان العقد في الفصل المذكور سابقا .وقد خص المشرع التونسي هذا الركن بقسم خ%%اص ص%%لب
م.ا.ع من الفصل 3إلى الفصل 17من م.ا.ع واألهلية عموما هي قدرة الش%%خص على اكتس%%اب الحق%%وق
وتحمل االلتزامات ولقد اقتضي الفصل 3من م.ا.ع أن "كل شخص أهل لإللزام واالل%%تزام م%%ا لم يص%%رح
القانون بخالفه" .معنى ذلك أن األص%%ل ه%%و تمت%%ع ك%%ل ش%%خص بأهلي%%ة التعاق%%د وان القي%%ود ال%%تي ت%%رد على
األهلية ينبغي أن يكون مصدرها األحكام القانونية الصريحة علما وأن أحكام األهلي%%ة له%%ا عالق%%ة ووطي%%دة
بالنظام العام بمعني انه ال يجوز لألطراف االتفاق على مخالفتها وأن المحكم%%ة ملزم%%ة بإثارته%%ا من تلق%%اء
نفسها أي حتى دون أن يطلب منها األطراف ذلك.
ويميز القانون عموما بين أهلية الوجوب وأهلية األداء وهو ما سنتعرض له الحقا.
أما الرضا كركن أساسي لقيام العقد وجب أن يكون موجودا باعتباره ج%%وهر للعق%%د وه%%و م%%ا يع%%بر
عنه الفصل 3من م.ا.ع بكونه تالقي إرادتين أو أكثر على أركان%%ه .ف%%اإلرادة هي ال%%تي تح%%دد مح%%ل العق%د
وهي الوعاء لبقية أركان العقد وال معني لمحل أو سبب إال بالرجوع إلى اإلرادة .لذلك فان انعدام الرضا
يوجب البطالن المطلق عمال بأحكام الفص%%لين 2و من 325م.ا.ع ووجب ك%%ذلك أن يك%%ون غ%%ير معيب.
وق%%د نظم المش%%رع عي%%وب الرض%%اء أخ%%ذا بعين االعتب%%ار ض%%رورة حماي%%ة اإلرادة من جه%%ة واس%%تقرار
11
المعامالت من جهة أخري لذلك حصر المشرع الحاالت التي يكون فيها عيب من عيوب الرض%%ا وض%%بط
نظامها القانوني بحيث ال تؤدي عيوب الرضا إلى إبطال العقد إال متى توفرت شروط معينة.
يعد المحل من بين األركان الجوهرية للعقد والمتعلق%%ة بمض%%مون التعاق%%د ذل%%ك ان%%ه وجب ان يك%%ون
موجودا معينا وخاصة ممكنا من حيث طبيعته أو من حيث القانون .ف%%إذا انتفى المح%ل بط%ل العق%د بطالن%ا
مطلقا وهذا ما اقره األستاذ محمد الزين كذلك استنادا إلى فقه القضاء وب%%االخص الق%%رار التعقي%%بي الم%%دني
ع%%%دد 1597الم%%%ؤرخ في 20نوفم%%%بر 1979باالض%%%افة الى ك%%%ل من الفص%%%لين 2و 325من م.ا.ع
والفصل 64من نفس المجلة والمتعلق بالتعاقد في محل غير ممكن.
الى جانب ركن المحل نجد ركن السبب من األركان الجوهري%%ة ل%%ذلك فق%%د وجب أن يك%%ون الس%%بب
جائزا .ويفهم ذلك انطالقا من منطوق الفصل 67من م.ا.ع الذي جاء فيه أن "االل%%تزام المب%%ني علي غ%%ير
سبب او علي سبب غير جائز ال عمل عليه" .واالل%تزام ال%ذي ال عم%ل علي%ه ه%و االل%تزام الباط%ل بطالن%ا
عموما فان غياب احد هذه األركان أو حدوث خلل بها فانه ليس لنا الح%%ديث عن انتق%%اص العق%%د او
قيام الجزء الصحيح مستقال .وانحالل الجزء الفاسد بل انه بتخلف احد هذه األركان تختل صحة العقد(.)19
استحالة الفصل المادي او التجزئة ماديا بين الجزء الفاسد و الجزء السليم ب.
الى جانب تعلق الخلل بركن جوهري من أركان العقد فإننا نجد اس%%تحالة التجزئ%%ة بين الج%%زء الفاس%%د
والجزء السليم في العقد من بين اهم األسباب التى تحول دون قيام العقد منتقص%%ا ك%البيع بثمن جملي واح%د
لعدة أشياء .حيث ال يمكن فرز ثمن المبيع الباط%ل عن ثمن بقي%ة المبيع%ات ن%ذكر الح%االت ال%تي ج%اء به%ا
الفصل 1475من م.ا.ع والذي جاء فيه ان "الصلح ال يقبل التجزئة فبطالن ج%%زء من%%ه او فس%%خه ي%%ترتب
عليه بطالن جميع الصلح أو فسخه"( )20وانطالقا من هذا الفصل نستنتج ان الق%%انون ق%%د يف%%رض في بعض
الح%%االت المعيب%%ة علي ض%%رورة انس%%حاب البطالن على كام%%ل العق%%د وه%%ذا م%%ا اكدت%%ه محكم%%ة التعقيب في
قراره%%ا ع%%دد 9036الم%%ؤرخ في 30نوفم%%بر 1954وال%%ذي ج%%اء في%%ه ان "الص%%لح في إجمال%%ه ال يقب%%ل
18
محمد الزين .المرجع السابق .طبعة سنة 1993ص .200
19
االستاذ منير العياري .محاضرات في مادة النظرية العامة لاللتزامات .سنة .2011-2010
20
محمد الزين .المرجع السابق الذكر .الطبعة الثانية 1997ص 246و .247وطبعة سنة 1993ص .228
12
التجزئ%%ة عمال بالفص%%ل 1475م.ا.ع بس%%حبه علي من ش%%ارك في%%ه وبطالن%%ه في ح%%ق من لم يكن طرف%%ا
فيه"(.)21
وبدراستنا لألسباب الموضوعية الحائلة دون قيام العقد منتقصا او الحائلة دون تكييف العمل القانوني
او االجرائي بكونه بطالن جزئي فان ذلك يدفعنا للتساؤل حول ماهية األسباب الذاتية.
ان تعذر التجزئة ألسباب ذاتية لها عالقة وثق%ة ب%إرادة المتعاق%دين حيث ان ك%ل من الفص%ل 139
من المجلة المدنية االلمانية والفصل 327من م.ا.ع يرتكزان على قرينة عدم تجزئة العقد.
فالمفترض قانونا والبديهي ان ارادة االطراف وجهت لتحقيق كامل العق%د ال ج%زءا من%ه حيث ان%ه
وجب على من يتمسك بالبطالن الجزئي أن يثبت ب%ان معاق%%ده م%ا ك%ان ل%يرفض اب%رام العق%د ب%دون جزئ%ه
الباطل لو علم وقت التعاقد بوجود سبب بطالن.
ونستنتج من ذلك وجوب دحض قرين%%ة االف%%تراض الق%%انوني ب%%ان ارادة االط%%راف وجهت لتحقي%%ق
كامل العقد ال جزءا منه للحديث عن بطالن جزئي وطالما انه لم يكن بإمك%%ان الق%%ائم إثب%%ات أن معاق%%ده م%%ا
كان ليرفض ابرام العقد بدون الجزء الباطل فيه فانه ليس لنا الحديث عن بطالن جزئي.
فاألصل ه%و ان "بطالن بعض االل%تزام يبط%ل جميع%ه" وذل%ك ب%الرجوع لك%ل من الفص%لين 327
م.ا.ع ونظيره الفصل 139م.م .ألمانية وفي هذا االطار فان الق%%انون السويس%%ري في فص%%له 20فق%%رة 2
والذي جاء فيه" اذا لم يكن العقد فاسدا إال في بعض بنوده .فان هذه البن%%ود تبط%%ل لوح%%دها إال إذا ت%%بين أن
العقد ما كان ليبرم بدونها" ويقارب الفقه األلماني من حيث الصياغة الواردة بالفصل 139ولكن%%ه يغ%%ايره
من جهة كون القانون السويسري يجعل البطالن الجزئي هو القاعدة واالص%%ل على خالف الفص%%ل 139
الذي جاء فيه "بطالن بعض االلتزام يبطل جميعه".
فالقانون السويسري قد اقر بالفصل 20فقرة 2قاعدة موضوعية صرفة ال تقوم على استقراء
نية االطراف معتمدا في ذلك على العمل القضائي كما ذهب إلى ذلك سيمالر في بحثه س%%وءا في تعرض%%ه
الى القانون السويسري أو األلماني (.)22
21قرار تعقيبي مدني عدد 9036مؤرخ في 30نوفمبر 1954مجلة القضاء والتشريع عدد 9و 10لسنة 1960ص وما يليها.
22سامي الجربى .تفسير العقد .مركز النشر الجامعي سنة 1999ص .505
13
حيث ان القانون السويس%%ري يض%%ع البطالن الج%%زئي في م%%دار العم%%ل القض%%ائي فق%%د اق%%ر األس%%تاذ
سامي الجربى أن "تجنب البطالن الشامل ال يتحقق بتوسل ارادة االطراف بقدر ما يتحقق بتدخل القاض%%ي
المباشر في تطهير العقد وشد اجزائه المتبقية شدا وثيقا " (.)23
وعموما يبقي القاضي مناط تقدير البطالن الجزئي في القانون التونسي كم%%ا ه%%و الح%%ال علي%%ه في
القانون السويسري حيث يتنزل الفصل 518م.ا.ع منزلة الفصل 2من االلتزامات السويسرية مع ت%%دقيق
لسلطة القاضي في ذلك ).(24
فالقاضي هو الذي يقوم بتفسير ارادة المتعاقدين وإذا تبين له انطالقا من ذلك التفس%%ير ان التجزئ%%ة
تتعارض مع ما اتجهت اليه ارادة المتعاقدين فانه يكون من المستوجب عليه في ه%%ذه الحال%%ة االمتن%%اع عن
()25
. القضاء بالتجزئة
فالحكم بقيام العقد من عدمه يخضع عموما لتقدير القاض%%ي ال%%ذي يح%%دد م%%دى حس%%ن ني%%ة الط%%رف
الذي ط%الب ب%البطالن الج%زئي .فتحلي%ل ني%ة االط%راف يلعب دورا كب%يرا في الوص%%ول الى تحدي%د نط%اق
البطالن علما وان نظرية البطالن الجزئي تقوم على نفس االساس في القانون الفرنسي(.)26
وعموما فانه يجب ان ال ننسي الغاية من اقرار هذا التوجه التشريعي اال وهو امكاني%%ة قي%%ام العق%%د
منتقصا كلما توفرت الش%%روط المس%%توجبة ل%%ذلك والمتمثل%%ة في نظ%%ر المش%%رع الى انق%اذ العق%د من البطالن
وضمان االستقرار التعاقدي واضفاء اكثر مرونة مما يوفر المزيد من النجاعة.
14
المعامالت لكن يشترط إلعمال تلك النظرية قيام شرطان حيث يتمثل االول في قابلي%%ة العق%%د او التص%%رف
للتجزئة ( )1أما الثاني فيتعلق بعدم تعارض االنقاص مع إرادة المتعاقدين (.)2
باعتبار ان قابلية العقد للتجزئة من الشروط االساسية التي يرتكز عليها البطالن الجزئي فل%%و اعتبرن%%ا
على سبيل المث%%ال ان هب%%ة اق%%ترنت بش%%رط غ%%ير مش%%روع او ان بيع%%ا ورد على ع%%دة اش%%ياء وتس%%لط غل%%ط
جوهري بشان شي منها ففي كلت%ا الح%التين ف%%ان البطالن ال يص%%يب إال الش%ق ال%ذي تس%لط علي%ه البطالن
وانطالقا من ذلك يبطل الشرط المقترن بالهبة بطالنا مطلقا ويبطل البيع بالنس%%بة للش%%ئ الواق%%ع في%%ه الغل%%ط
ويظل ما بقي من العقد صحيحا باعتباره عقدا مستقال بذاته م%%ا لم يتم اثب%%ات العكس من ط%%رف من ي%%دعي
البطالن (.)27
ولقد جاء بالفصل 2م.ا.ع "من اركان العقد الذي يترتب عليه تعم%%ير الذم%%ة ان يك%%ون القص%%د من
العقد م%اال معين%ا يج%وز التعاق%د علي%ه" .إلى ج%انب ذل%ك ي%رى األس%تاذ محم%د ال%زين أن وج%ود المح%ل او
الموضوع يعد من اركان العقد االساسية والمقصود بالمحل هو محل االلتزام ال محل العقد.علما وان لك%%ل
التزام محال .وبطالن جزء من العقد قد يمس هذا المحل بما ينقص من قيمت%%ه نقص%%ا محسوس%%ا او يص%%يره
غير صالح لالستعمال فيما اعد له ويقصد بالمحل ال فقط االشياء المادية ب%%ل ايض%%ا الخ%%دمات او االمتن%%اع
عن عمل التي تضمنها االتفاق على مع%%ني الفص%%ل 62م.ا.ع والفص%%ل 1126م.م.ف وق%%د يمكن المح%%ل
القاض%%ي من تق%ييم ع%دم التنفي%%ذ وق%%د يغني%%ه في بعض الح%%االت عن البحث في ارادة االط%%راف حيث يكفي
مقارنة م%%دى ع%%دم التنفي%%ذ (البطالن) بالنس%%بة لكام%%ل المح%%ل للحص%%ول على معطى واقعي لتق%%دير البطالن
وتحديد التعويض .وبناءا على ذلك فان اعتماد المحل من قبل القاضي لتقدير البطالن الجزئي يعد معي%%ارا
موضوعيا يستقل عن ارادة االطراف.
وقد يكون المحل غير صالح لالستعمال فيم%%ا اع%%د ل%%ه لعيب يلح%%ق بمح%%ل االل%%تزام والعيب حس%%ب
الفصل 647م.ا.ع هوا لذي "ينقص من قيمة المبيع نقصا محسوسا او يصيره غير صالح الستعماله فيما
اعد له بحسب نوعه او بمقتضي العقد" .ويقدر هذا النقص بالنظر الى كام%%ل المح%%ل فق%%د يك%%ون يس%%يرا او
جسيما لكنه في كلتا الحالتين يؤثر على محل العقد.
فالبطالن الجزئي قد اثار بعض النقد من قبل الفقهاء أبرزهم "جاك جستان" حيث اعترضوا علي%%ه
واعتبروا انه خروج على قاعدة وحدة العقد( .)28ورفض%ت بعض الق%رارات في فق%ه القض%اء الفرنس%ي تط%بيق
27
انور طلبة .انحالل العقود .المكتب الجامعي الحديث .طبعة 2004ص .262
28
انور طلبة .المرجع السابق .ص .262
15
البطالن الجزئي .نفس التوجه نجده لدى المشرع الفرنسي بالفصل 1722م.م.ف .ف%%إذا ك%%ان مح%%ل العق%%د
غير قابل لالنقسام وبطل شق منه فان العقد كل%%ه يبط%%ل ويتح%%ول الى عق%د اخ%%ر ام%%ا اذا ك%%ان المح%%ل ق%%ابال
لالنقسام وبطل شق من العقد فهذا الشق وحده هو الذي ي%زول فينتقص من العق%د ويبقى ش%ق العق%د االخ%ر
ص%%حيحا م%%تى لم يكن للش%%ق الباط%%ل اث%%ر على قص%%دهما من التعاق%%د .وقب%%ول األط%%راف ب%%ه وفي ص%%ورة
رفضهما يبطل كامل العقد .وعموما فانه يتضح مما سبق انه يشترط إلعم%%ال نظري%%ة البطالن الج%%زئي ان
يكون الجزء المتبقي من العقد قابال للوجود المستقل في حال تسلط االبطال على جزء منه.
الى جانب ذلك فانه وجب توفر العناصر القانونية االساسية الالزم%%ة في الج%%زء المتبقي من العق%%د
للحديث عن بطالن جزئي .ووجب كذلك ان ال يؤثر استبعاد الجزء الباطل على تكييف العقد حيث ان%%ه اذا
حدث مثل هذا التغيير نكون بصدد تحول العقد والمقصود به انه إذا ك%%ان هن%%اك تص%%رف باط%%ل ويتض%%من
عناص%%ر تص%%رف اخ%%ر ص%%حيح ه%%ذا يح%%ول التص%%رف الباط%%ل الى تص%%رف ص%%حيح اذا ت%%بين ان ارادة
المتعاقدين كانت تنصرف الى ابرام هذا العقد كبطالن كمبيالة ال تستوفي ش%%روطها الش%%كلية حيث تتح%%ول
الى سند دين عادي وحيث انه ال يتم اعمال هذه النظرية (تحول العقد) إال في حالة وج%%ود مج%%ال إلعم%%ال
البطالن الجزئي .والواقع ان التحول وسيلة فنية تستهدف االبق%%اء على الرابط%%ة العقدي%%ة الباطل%%ة في ث%%وب
جديد مختلف عن العقد المقصود اصال .فالتحول يرد على وص%%ف العق%%د او تكييف%%ه وطبيعت%%ه ام%%ا البطالن
الجزئي فيرد على كم العقد دون المساس بطبيعته .فتحول العقد يجوز فقط في حالة بطالن كامل العق%%د او
اذا كان هناك شق باطل في العقد المقصود اصال او كان من شان استبعاد هذا الشق الباطل تغي%%ير طبيع%%ة
العقد او تكييفه.
فإذا كان من الممكن فصل الشق الباطل دون تغيير طبيعة العقد فانه يتم انق%%اص العق%%د اي اعم%%ال
البطالن الجزئي وليس التحول.
ان يكون المحل مما يقبل االنقسام بطبيعته ال يكفي إلبط%%ال العق%%د في ج%%زء من%%ه م%%ع بق%%اء الج%%زء
المتبقي قائما ،بل وجب كذلك ان ال تؤثر او باألحرى ال تتعارض عملية االنتقاص مع مقصد المتعاق%%دين،
وباعتبار ان اساس العقد هو مبدأ سلطان االرادة ويعنى ذلك ان االرادة كفيلة لوحدها بإنشاء العقد وتحدي%%د
اثاره القانونية ،وهو ما يعبر عنه بالحرية التعاقدية فان االرادة هنا تلعب دورا كبيرا في تحديد مال العقد.
16
حيث انه من البديهي ان يهدف المتعاقدان عادة من العقد الذي يبرماه الى كل ال يتجزأ و الى وحدة واح%%دة
متكاملة .وهذا م%%ا يظه%%ر من خالل الفص%%ل 327من م.ا.ع "بطالن بعض االل%تزام يبط%%ل جميع%%ه إال اذا
امكنه ان يقوم بدون الجزء الباطل فيستمر بصورة عقد خاص."...
كذلك المادة 142من القانون المدني المصري والتى جاء فيه%%ا ان%%ه "اذا ك%%ان العق%%د في ش%%ق من%%ه
باطل او قابال لإلبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إال اذا تبين ان العقد ما كان ليتم بغ%%ير الش%%ق ال%%ذي
وقع باطال او قابال لإلبطال فيبطل العقد كله" .ومفاد ذل%ك ان%ه اذا لم يقم من ادعى البطالن ال%دليل على ان
الشق الباطل او القابل لإلبطال ال ينفصل عن جملة التعاقد يقتصر البطالن على الشق الباطل وحده ويبقي
الباقي من العقد صحيح .فأحكام االنتقاص ليس%%ت إال تفس%%ير إلرادة المتعاق%%دين ل%%ذلك ت%%وجب المس%%اواة بين
المتعاقدين حسب االستاذ انور طلبة.
وبما ان الموجب قانونا ان يكون االنتقاص متفقا مع ارادة المتعاقدين ففي صورة عدم اتفاق ارادة
االطراف على االنتقاص والرضاء به فان العقد ال ينتقص ب%%ل يبط%%ل كل%%ه بجمي%%ع اجزائ%%ه وذل%%ك في ح%%ال
اثبات احد اطراف العقد ان العقد ما كان ليتم بغير الشق المس%لط علي%ه البطالن ك%ان يثبت المش%تري لع%دة
اشياء ان الصفقة ما كانت لتتم بغ%ير االج%زاء ال%تي وق%%ع فيه%ا الغل%ط في ه%ذه الحال%ة يبط%ل العق%د (ال%بيع)
ككل( .)29فاإلعمال الجزئي للعقد ال يجب ان يفرض على طرفيه ورغما عن ارادتهما .فالفص%%%ل 327من
م.ا.ع يوجب قرينة عدم قابلية التصرف القانوني للتجزئة واالنقسام إال ان هذه القرينة تعتبر بس%%يطة قابل%%ة
إلثبات العكس من خالل ارادة اطرافه وه%ذه االرادة تع%د معي%ارا اساس%يا فى تحدي%د االختي%ار بين بطالن
التصرف كله او االكتفاء بإنقاصه .وتدقيقا لمفهوم االرادة فقد عرف األس%%تاذ محم%%د ال%%زين الرض%%ا بكون%%ه
"توافق ارادتين او اكثر إلنشاء عالقة قانونية ملزمة تنصرف اثارها مباشرة الى كل طرف متعاق%%د "(.)30
الجدير بالمالحظة ان الرضا او باالحرى االرادة هي من االركان االساسية النعقاد العقد فبغي%%اب االرادة
ليس لنا الحديث عن قيام عقد او رابطة قانونية كذلك ليس لنا الحديث عن امكانية انقاص من عدمها.
وخالفا للفقه الفرنسي الذى يعتمد قابلية التص%%رفات القانوني%%ة للتجزئ%%ة فان%%ه بإمك%%ان االط%%راف ان
ينصوا صلب التصرف على عكس هذه القاعدة وذلك بتضمينه بندا ينص على ان التصرف ك%%ل ال يتج%%زآ
والقاضي فى هذه الحالة ملزم ب%%احترام ه%%ذا البن%%د فال يمكن%%ه االس%%تناد على تفس%%ير االرادة للحكم ب%%البطالن
الجزئي لوجود بند ينص على استحالة التجزئة .
كما اقر الفقيه سميله ( )Simlerأن العديد من الفقهاء اعتبروا انه فى صورة علم االط%%راف عن%%د
ابرامهم لتصرفهم بتعيب جزء منه فان الجزء الصحيح فقط يتمتع بقيمة قانونية فهذه الحالة ال تعد ص%%ورة
29
الدكتور رمضان ابو السعود والدكتور همام محمد زهران.المرجع سابق الذكر .ص .449
30
محمد الزين .المرجع سابق الذكر .طبعة سنة 1997ص .216
17
للبطالن الجزئي وال مجال بالتالى إلعمال االنقاص فيها.
واالشكال المطروح فى هذا االطار يتعلق بتحدي%%د ه%%ذه االرادة وكي%%ف س%%نعرف اذا ك%%ان اط%%راف
التصرف س%يبقيان على الش%ق الص%%حيح اذا بط%ل الش%ق الفاس%د .فبن%اءا على مقتض%%يات الفص%%ل 327من
م.ا.ع فانه يكون تقدير القاضي فى اجتهاده معيارا لتحديد مال التصرف الباطل جزئيا .فهو يحاول تحدي%%د
ما يمكن ان تتجه اليه ارادة طرفي التصرف لو انهما علما بالتعيب الذي يبطل التصرف فى شق منه فق%%ط
ام انهما كان سيرفضان ابرام التصرف كله .وباإلجابة عن ذلك يصبح بإمكان القاضي تحديد الح%%ل س%%واء
باإلنق%%اص او ب%%البطالن الكام%%ل ويس%%مى ه%%ذا الح%%ل في الفق%%ه االلم%%اني ب%%البحث عن االرادة المفترض%%ة
وهذه التسمية تحتوي نفس مضمون الحل الذي اقتضاه الفص%%ل 327 la volonte hypothétique
م.ا.ع .فكال الحلين يعطيان القاضي سلطة تقدير ما يمكن ان تكون عليه ارادة االطراف عن%%د قي%%ام ال%%نزاع
والتي تمكنه من النظر في جملة من المعطي%ات واالعت%داد باله%دف المقص%ود من التص%رف وم%دى حس%ن
()31
. النية من عدمه
فالقاضي يسهر على تصحيح العقد وتحويره بإزالة الشق الباط%%ل في%%ه ويجس%%م االرادة المثالي%%ة من
خالل العقد .والبطالن ال يمتد الى كل العقد اذا كانت نية االطراف ق%د انص%رفت الى تجزئ%ة بن%وده وع%دم
ربطها بوثاق يشدها جميعا وإال اجتاحها البطالن بأكملها كلما تس%%لط على اح%%داها .لكن%%ه ق%%د يمت%%د البطالن
الى العقد بكامله في الحاالت التي يكون الشق الباطل هو الباعث والدافع الى التعاقد وال يشترط ان يك%%ون
الشق الباطل دافعا لكل من المتعاقدين .بل يكفي ان يتضح ان ايا من المتعاقدين ما كان ليقب%%ل بغ%%ير الش%%ق
المعيب .ويجب على القاضي ان يتحرى ارادة االطراف ليتبين عما اذا كان سيتم ابرام العق%%د ل%%و لم يوج%%د
الشق الباطل .واإلرادة المقصودة هي االرادة المحتمل%%ة ألن%%ه في الغ%%الب ال ي%%دور ب%%ذهن المتعاق%%دين توق%%ع
البطالن فإذا تبين علم االطراف ساعة اب%%رام العق%%د ببطالن ش%%ق او ش%%رط من%%ه ك%%ان قرين%%ة على ارتض%%اء
البطالن الجزئي.
وقد كرس المشرع التونسي موقف الفقه الحديث الذي يرى ضرورة تدخل القاض%%ي بغض النظ%%ر
عن الجزاء المدني المسلط على العقد .ويقع هنا عبئ االثب%%ات على من يتمس%%ك ببطالن العق%%د بأكمل%%ه ف%%إذا
تبين للقاضي ان سبب البطالن قاصر على شرط او شق منه فان%%ه على القاض%%ي ان يعم%%ل احك%%ام البطالن
الجزئي.
إال انه وبالرجوع لموقف محكمة التعقيب الذي جاء في قرارها عدد 8293الم%%ؤرخ في 11اكت%%وبر
1960انه ليس للمحكمة ان تثير من تلقاء نفسها الخلل الذي يمكن ان يعتري العقد المع%%روض عليه%%ا م%%ا
31
هدي جلولي .المرجع السابق .ص .15
18
دام الخصوم لم يتعرضوا لذلك ولم يكن الخلل مما يهم النظ%%ام الع%%ام( )32ذل%%ك ان القاض%%ي وان ك%%ان يمل%%ك
سلطة تقدير مدى وجود العيب من عدمه ضمن العقد موضوع ج%%زاء البطالن الج%%زئي إال ان ذل%%ك يمنع%%ه
من اثارة البطالن من تلقاء نفسه لتعلقه في هذه الصورة بالمصلحة الخاصة ألفراد.
ويبقي عبء اثبات االرادة عموما ملقى على عاتق المتمس%ك بإبق%اء الج%زء الص%حيح وقص%ر البطالن
على الجزء المعيب دون المطالبة بإبطال كامل العقد .ومن هذا المنطلق فان االمر ينحصر فى التالي:
إما اقتناع القاضي ب%%ان التص%%رف الق%%انوني ك%%ان س%%يبرم ب%%الرغم من بطالن الج%%زء وب%%ذلك يكتفي -
بإنقاص التصرف بدال من ابطاله كله.
وإما أن يقتنع بان التصرف لم يكن سيبرم بدون جزءه الباطل فيبطل كامل التصرف. -
اما اذا تعذر على القاضي اعتماد اي من الحلين السابقين بسبب تن%اقض الحجج ال%تي يتمس%ك به%ا ك%ل
من طرفي التصرف ويكون على القاضي فى هذه الحالة الحكم ب%%البطالن الكلي اعم%%اال للفص%%ل 327من
م.ا.ع الذي يفترض فى حالة الشك بطالن التصرف بأكمله وليس الجزء الباطل فقط و هذا االفتراض يعد
نسبيا ألنه عموما قل ان يصعب على القاضي الوصول الى احد الحلين السابقين.
إال ان بعض الفقهاء االلمان قد انتقدوا القرينة ال%%تي ج%%اءت به%%ا الم%%ادة 139ونظيره%%ا الفص%%ل 327
م.ا.ع واستندوا في ذلك الى فرض عبء االثبات على المتنازعين .بي%%د ان الق%انون االلم%%اني يف%رض على
المتمس%%ك باإلنق%%اص اقام%%ة ال%%دليل على تفض%%يل الط%%رف االخ%%ر االنق%%اص على البطالن اي اثب%%ات انع%%دام
مصلحته المشروعة في التمسك بالبطالن الكلي وذلك بالرغم من كون ان القانون االلماني يكرس انتقاص
التصرفات بدرجة اولى إال انه من االوفق القاء عبء االثبات على المطالب بالبطالن ال على من يط%%الب
باإلنقاص(.)33
19
باعتبار ان البطالن هو الجزاء الفع%ال لض%مان اح%ترام قواع%د تك%وين االلتزام%ات التعاقدي%ة .فمن
البديهي انه يعد بصفته تلك ذا طابع ردعى .إال أن هذه الحماي%ة له%ا نط%اق معين ثم ان فاعليته%ا مح%دودة.
فالبطالن ال يتعلق إال بتكوين االلتزام خالفا للفسخ الذي يعد جزاء لعدم تنفيذ اح%%د الط%%رفين لعق%%د ت%%وافرت
فيه االركان والشروط القانونية المستوجبة لصحته بي%%د ان ه%%ذه الص%%بغة الردعي%%ة ق%%د ال تك%%رس االح%%ترام
المطلق لقواعد تكوين االلتزام حيث انه قد يعم%د اح%د ط%رفي االل%تزام لالس%تناد الى ه%ذا الج%زاء اال وه%و
البطالن للتفصي من التزاماته وه%و م%ا دف%%ع المش%رع الى ايج%اد حال عملي%ا لض%%مان االس%تقرار التعاق%%دي
وحماية المصالح التعاقدية والحد من تقليص عنصر الثقة في التعامالت وارساء القواعد وااللي%%ات الهادف%%ة
الى االبقاء على الوجود القانوني للعقد .وقد كرس ه%%ذا الح%%ل بالفص%%ل 139من المجل%%ة المدني%%ة االلماني%%ة
ونظيرها الفصل 327م.ا.ع والذي يفهم منهما ان البطالن ال ينصب على كامل العق%%د في الح%%االت ال%%تي
يكون باإلمكان فيها قيام العقد صحيحا في احد اجزائه.
فاعتماد نظرية البطالن الجزئي قد يفضي إلى تصيير العقد الباط%%ل في اكمل%%ه ص%%حيحا في بعض
اجزائه إال انه وللح%%ديث عن ذل%%ك وجب ت%%وفر الش%%روط الالزم%%ة وال%%تي ليس لن%%ا في غيابه%%ا الح%%ديث عن
انتقاص للعقد .بيد انه وقبل التعرض لهذه الشروط استوجب علينا بدءا ان حددنا االسباب الحائلة دون قيام
هذه النظرية بحيث تنقسم هذه االسباب الى اس%%باب موض%%وعية كتعل%%ق الخل%%ل ب%%ركن ج%%وهري من ارك%%ان
العقد وهي االهلية الرضا المحل والسبب .كذلك استحالة الفصل المادي بين الجزء الفاسد والج%%زء الس%%ليم
من بين االسباب الحائلة دون تكريس نظرية البطالن الجزئي فقابلية العقد للتجزئة تعتبر الشرط االساس%%ي
والفاصل بين امكانية اعمال نظري%%ة البطالن الج%%زئي واالبق%%اء على العق%%د في اجزائ%%ه الص%%حيحة واتالف
االجزاء الفاسدة وبين تسليط البطالن على كامل العقد واعتباره كأن%%ه لم يكن وذل%%ك بس%%بب تعل%%ق عناص%%ر
العقد ببعضها البعض واستحالة الفصل بين اجزائها كالبيع بثمن جملي واح%%د لع%%دة اش%%ياء الى ج%%انب ذل%%ك
فان من االسباب الموض%%وعية الحائل%%ة دون انتق%%اص العق%%د هي تنص%%يص الق%%انون في ح%%االت معين%%ة على
ضرورة انسحاب البطالن علي كامل العقد مثل ما جاء به الفصل 1475من م.ا.ع .الى ج%%انب االس%%باب
الموضوعية نجد في مرتبة ثانية االسباب الذاتية والتي تتعلق بقرينة عدم تجزئة العقد اي وج%%وب دحض
قرينة االفتراض القانوني بان ارادة االطراف قد وجهت لتحقيق كام%ل العق%د ال ج%زءا من%ه للتحص%%ل على
بطالن جزئي للعقد.
وبشرحنا لألسباب الحائلة دون قيام العقد منتقصا انتقلنا الي تحديد شروط اعمال البطالن الجزئي
والتي تتلخص في قابلية العقد او التصرف للتجزئة كش%رط اول ك%ان يك%ون المح%ل مم%ا يقب%ل التجزئ%ة او
20
القسمة بطبيعته حيث انه اذا لم يكن مح%%ل العق%د قاب%%ل للقس%%مة والتجزئ%%ة ال يس%%عنا اعم%%ال نظري%%ة البطالن
الجزئي .الى جانب توفر العناصر القانونية االساس%%ية الالزم%%ة في الج%%زء المتبقي من العق%%د اي ان يك%%ون
الجزء القائم مستقال وصحيحا متضمنا للعناصر القانونية الالزمة لقيام وص%%حة العق%%ود ه%%ذا باإلض%%افة الى
عدم تأثير استبعاد الجزء الباطل على تكييف العقد وإال اصبحنا بذلك في اطار الحديث عن تحول العقد.
اما الشرط الثاني فيتمثل في عدم تعارض االنق%%اص م%%ع ارادة المتعاق%%دين باعتب%%ار ان االرادة هي
اساس قيام العقد ككل فعملية انق%%اص العق%%د او التجزئ%%ة تس%%توجب تواف%%ق ارادة المتعاق%%دين .فقابلي%%ة العم%%ل
الق%انوني للتجزئ%ة هي انعك%اس للعالق%ة ال%تي اراد االط%راف اقامته%ا بين مختل%ف اج%زاء العم%ل الق%انوني
باعتبار ان التجزئة ال تكون إال تعبيرا عما اراده االطراف.
الي جانب ذلك فان القاضي يلعب دورا هاما في التحري علي ارادة االطراف ليتبين عما اذا ك%%ان
سيتم ابرام العقد لو لم يوجد الشق الباطل.
21
الجزء الثـــــاني :
لقد حرص المشرع على محو جميع اثار العق%%ود المخالف%%ة للنظ%%ام الع%%ام واالخالق الحمي%%دة وذل%%ك
ب%%الرجوع للفص%%ل 77من م.ا.ع مت%%أثرا في ذل%%ك بك%%ل من الفص%%لين 817و 819من المجل%%ة المدني%%ة
االلمانية .وبالرغم من االختالف القائم بين كل من البطالن المطلق والبطالن النس%%بي في ع%دة ج%%وانب إال
انهم%%ا يتح%%دان من حيث كونهم%%ا يمثالن الج%%زاء الم%%دني عن مخالف%%ة ش%%روط ص%%حة وتك%%وين العق%%د.
ومن جهة اخري من حيث النتائج التي قد تترتب على كالهما وبالرجوع الى المب%%دأ ف%%ان البطالن المطل%%ق
22
هو االنع%دام الت%ام اي ال ت%ترتب علي%ه اي%ة اث%ار .في حين ان العق%د الباط%ل بطالن%ا نس%بيا اي العق%د القاب%ل
لإلبطال يرتب اثارا الى حين الحكم بزواله.
وقد تعرض المشرع التونسي الى اثار كل من البطالن المطلق والبطالن النسبي ضمن الفص%%ول
325و 336من م.ا.ع ويفهم انطالقا من الفصول المذكورة انفا وجود قاعدة اساسية مفاده%%ا زوال اث%%ار
العقد الباطل بصفة رجعية ويتضح ذلك من خالل عبارات كل من الفص%%ل " : 325ليس لالل%%تزام الباط%%ل
من اصله عمل وال يترتب عليها شى إال استرداد م%%ا وق%%ع دفع%%ه ."...وعب%%ارات الفص%%ل " 336اذا فس%%خ
االلتزام عاد الطرفان الى ما كان عليه عند التعاقد".
ورغم التكريس الواضح لهذه النظرية .إال ان ثبوت مبدأ زوال اثار العقد الباطل بصفة رجعي%%ة ال
ينفي وجود استثناءات هامة حسب االستاذ محمد الزين.
من المسلم به قانونا توفر اتفاق على احداث اثر قانوني للعقد الم%%برم ،بغض النظ%%ر عن م%%ا اذا
كان هذا االثر سلبيا او ايجابيا فهو رغم ذلك ال يهم غ%%ير المتعاق%%دين ،وال يتعل%%ق بغ%%ير مص%%الحهم بدرج%%ة
اولى .وما من شك ان الغير االجنبي اصال عن العقد وهو من لم يكن طرفا فيه او خلفا الح%%د متعاقدي%%ه ال
23
ينصرف اليه اثر العقد ما دام بعيدا عن دائ%رة التعاق%د اال ان%ه يت%اثر ب%ه كم%ا يمكن ان يحتج ب%ه علي%ه وفي
بعض االحيان قد ينصرف اثر العقد اليه فيكسبه حقوقا واالدل على ذلك صورة االشتراط لمصلحة الغير.
بذلك نالحظ ان العقد تتعلق به مصالح تتسم بالتعدد والتشعب .وهو ما ال يغنينا على االقرار بان%%ه
ليس من الهين الغاء و اعدام االثار المترتبة عنه عند وقوعها تحت طائلة البطالن ،لما ينتج عن ذلك من
ضرر ينال من حقوق االطراف واخالفهم والغير .وضمان الستقرار االوض%%اع التعاقدي%ة ت%وجب التعام%ل
مع اثار البطالن خاصة منها المتعلقة بازالة الوجود القانوني للعقد ،اي االث%%ار ال%%تي ت%%رتبت عن%%ه بش%%كل
رجعي ول%%ذلك فان%%ه وجب التمي%%يز بين ص%%ورة ع%%دم تنفي%%ذ االلتزام%%ات التعاقدي%%ة وبين ص%%ورة تنفي%%ذ ه%%ذه
االلتزامات.
عندما يصرح القاضي ببطالن العقد يصبح هذا االخير عديم االثر في المستقبل .اال ان جزاء
البطالن له اثر رجعي اي ان البطالن يحول دون انتاج العقد الثاره في الماضي اذ يصبح العق%%د الباط%%ل
وكانه لم ينشا اطالقا بين المتعاقدين .وبالتالي فال يمكنه ان ينشا اي التزامات على كاهل اي طرف منهما.
والمقصود باالثر الرجعي للبطالن هو عودة االطراف الى الحالة التي كانا عليه%ا قب%ل اب%رام العق%د علم%ا
وان االثر الرجعي للبطالن ينسحب سواءا كان البطالن مطلق%%ا او نس%%بيا بمع%%ني ان%%ه ال وج%%ود لتمي%%يز بين
كليهما من حيث االثار اي بعد التصريح ببطالن العقد ،الذي يليه عموما ارجاع االطراف الى الحالة ال%تي
كانا عليها قبل ابرام العقد .اال ان%ه اذا لم ينف%ذ العق%د اي لم تص%%در اي التزام%ات تعاقدي%ة من اح%د طرفي%ه
وحكم ببطالن ذلك العقد فان ذلك ال يطرح اي اشكال ما دام لم تنفذ اي من االلتزامات .وهذا ما اكد علي%%ه
االستاذ عاطف النقيب بقوله انه ":اذا حصل االبطال قبل انفاذ العقد فانه ال يثير اش%%كاال اذ يبقى ك%%ل ش%%ي
على حاله و ال محل لتنفيذ عقد باطل "...
لقد اقتضي الفصل 336من م.ا.ع ان%ه "اذا فس%خ االل%تزام ع%اد الطرف%ان الي م%ا ك%ان علي%ه عن%د
التعاقد .ويجب حينئذ علي كل منهما ان يرد لصاحبه ما قبضه منه بموجب العقد الذكور او من جرائه "..
24
ويتحد البطالن النسبي مع البطالن المطلق في هذا االثر اذ نص الفصل 325من م.ا.ع على ان%%ه
"ليس لاللتزام الباطل من اصله عمل وال يترتب عليه شي اال استرداد م%%ا وق%%ع دفع%%ه بغ%%ير ح%%ق بم%%وجب
ذلك االلتزام "...
وقد نص الفصل 138من القانون المدني العراقي على انه "...ف%%اذا بط%%ل العق%%د يع%%اد المتعاق%%دان
الى الحالة التي كانا عليها قبل العق%د ."...ونفس ه%ذا التمش%ي ال%تزم ب%ه ك%ذلك الق%انون الم%دني المص%%ري
ضمن الفصل .142
يتضح من خالل ذلك ان العقد القابل لالبطال اذا تقرر بطالن%%ه يعت%%بر كان%%ه لم يكن ف%%تزول اث%%اره
بصفة رجعية .وهو ما يعني استرداد ما وقع دفعه بغ%%ير ح%%ق او بم%%وجب العق%%د الباط%%ل وه%%ذا م%%ا كرس%%ته
محكم%%ة التعقيب في العدي%%د من قراراته%%ا حيث ج%%اء في قراره%%ا ع%%دد 12897الم%%ؤرخ في 17م%%ارس
1986ان "االلتزام الباطل ال يترتب عليه سوى استرداد ما وقع قبض%%ه بغ%ير ح%ق طبق%ا الحك%ام الفص%%ل
325من م.ا.ع (.) 34
نتبين بذلك انه اذا قضت المحكمة ببطالن العقد ف%%ذلك يع%%ني ض%%رورة اع%ادة الط%%رفين الى الحال%%ة
ال%%تي كان%%ا عليه%%ا قب%%ل ابرام%%ه وليس من ت%%اريخ الحكم ب%%البطالن فق%%ط .ف%%األثر ال%%رجعي للبطالن يق%%ع علي
االلتزام بكامله وهذا ما كرسه المش%%رع التونس%%ي في ك%%ل من الفص%%لين 326و 327من م.ا.ع حيث ان%%ه
يسلط البطالن علي كامل االلتزام اي االصلي و توابعه.
"فااللتزام الباطل من اصله ال يترتب عليه شي إال استرجاع ما دفع بغير حق بم%%وجب تنفي%%ذه"...
(.)35
ذلك ان العقد الباطل عقد معدوم ال ينتج اثارا وال يترتب عليه شى ما عدا رد ما وق%%ع دفع%%ه ف%%إذا
كان العقد بيعا وتقرر بطالنه رد المشتري المبيع الي البائع ورد الب%%ائع الثمن الى المش%%تري ويك%%ون ب%%ذلك
الرد بمثابة تنفيذ لعقد ملزم لجانبين و لكن بصفة عكسية والرد يكون ردا عينيا او ما يسمى بالرد المترتب
عن نظام البطالن وهو رد قانوني جبري كرسته اغلب التشاريع وكذلك فقه الضاء من ذلك ما اكدت عليه
محكمة التعقيب في قرارها عدد 62642المؤرخ في 15اكتوبر 1998ال%%ذي ج%%اء في%%ه " :اذا ك%%ان في
المصنوع عيب واختار المستاجر فسخ العقد وتعويض الضرر فان الفسخ يوجب ارج%%اع الط%%رفين للحال%%ة
25
وباعتبار ان االل%تزام ب%الرد من النت%ائج القانوني%ة لبطالن العق%ود إال ان محكم%ة التعقيب الفرنس%ية
اعتبرت ان اس%اس ال%رد يرج%ع الى البطالن في ذات%ه .اذ ان وص%ف العق%د ب%البطالن يع%ني انع%دام االث%ار
القانونية للعقد الباطل .فإذا انعدمت االثار تعين الرجوع بالمتعاقدين الى الحالة التي كانا عليها قبل التعاق%%د
(.)37
إال انه توجد نظرية في القانون الروماني تمنع المتعاقد الذي ك%%ان بطالن العق%%د لع%%دم المش%%روعية
اتيا من جهته ليس له استرداد ما وفاه من التزامه كدفع شخص لمبلغ من المال المرأة قص%%د اقام%%ة عالق%%ة
غير مشروعة فإذا قضي ببطالن هذا االتفاق فان ه%%ذا الش%%خص ال يس%%تطيع اس%%ترداد م%%ا دفع%%ه وفق%%ا له%%ذه
النظرية .نفس الجزاء المسلط في حال االتفاق على ارتكاب جريمة مقابل مبلغ معلوم.
وقد انتقلت هذه القاعدة الى القانون الفرنس%%ي رغم اقتص%%ار تطبيقه%%ا على العق%%ود المخالف%%ة لآلداب
العامة دون المخالفة للنظام العام وذلك لم يمنع القانون المصري من تكريس هذه النظرية في نص مشابه
بيد انه تم الغائه بتعلة عدم توافقه مع منطق البطالن القاضي بإعادة المتعاقدين الى الحالة التى كانا عليه%%ا
قبل العقد (.)38
فبطالن العق%%د ب%%أثر رجعي يجع%%ل من العق%%د كأن%%ه لم يكن ولم يوج%%د ق%%ط بغض النظ%%ر عن كون%%ه
بالنسبة الى المتعاقدين او الغير كما ذكرنا سابقا والغير هنا ليس من كان اجنبيا عن العقد بل المقص%%ود ب%%ه
هو كل من اكتسب حقا على العين محل العقد الباطل واالشخاص الذين لهم حقوق تت%%أثر بص%%حة العق%%د او
ببطالنه وبعبارة اخري هم الخلف الخاص للمتعاقدين .والخلف الخاص هو الذي يخل%%ف المتعاق%%د في عين
معينة بالذات او في حق عيني عليها فالمشتري هو الخل%%ف الخ%%اص للب%%ائع والمنتف%%ع ه%%و الخل%%ف الخ%%اص
للمالك في حق االنتفاع وعموما فان اثار العقد ال تستقر بين كال المتعاقدين فقط فالبطالن له اث%%ر مطل%%ق
بالنسبة للكافة.
والقاع%%دة ان البطالن ل%%ه اث%%ر رجعي ليس في عالق%%ة المتعاق%%دين فق%%ط ب%%ل وبالنس%%بة للغ%%ير ايض%%ا
وواضح ان اطالق قاعدة االثر ال%%رجعي للبطالن ي%%ؤدي الى ع%%دم اس%%تقرار المع%%امالت واالض%%رار بالثق%%ة
واالئتمان ذلك ان قاعدة االثر الرجعي للبطالن اي امتداد نطاق البطالن على كامل االلتزام وسريانه ب%%أثر
رجعي الينفي وجود استثناءات هامة.
37
انيس دلهومي :المرجع سابق الذكر .ص .18
38
الدكتور رمضان ابو السعود و الدكتور همام محمد زهران :المرجع سابق الذكر .ص 446و .447
26
فق%د تنش%%ا ص%%عوبات عملي%%ة عدي%%دة اذا ق%%ام الطرف%%ان في العق%د الباط%%ل او كالهم%%ا بتنفي%%ذ العق%د او
الشروع في تنفيذه بما يجعل هذا االلتزام ال يتطابق م%ع الواق%ع وتص%بح قاع%دة الرجعي%ة غ%ير ق%ادرة على
محو اثار العقد بصفة مطلقة وذلك اما بسبب استحالة مادية محضة تعود اساسا الى ن%%وع االل%%تزام الباط%%ل
او الن القانون اقتضى صراحة استثناء الرجعية او تحديد مقدار ما يمكن رده في حاالت معينة وهذا دليل
على ان العقد الباط%ل ق%%ادر على اح%داث اث%ار قانوني%ة ب%الرغم من بطالن%ه وه%ذا م%ا اك%دت علي%ه محكم%ة
التعقيب في قرارها عدد 23712المؤرخ في 4جوان 2003الذي جاء فيه ان " :العقد الباطل ال وجود
له منذ البداية وال تصححه المصادقة واالجازة وال يسقط الدفع ببطالنه اما العقد القابل لالبطال فهو يرتب
اثاره كالعقد الصحيح في مرحلة اولى.)39( "...
لقد الحظ بعض الفقهاء ومنهم الفقي%%ه J-PIEDELIVREان تص%%ور اس%%تثناءات لقاع%%دة الرجعي%%ة مثلم%%ا
ذهب اليه الفقه السائد يعني بالضرورة قبول الفكرة التي مفاده%%ا ان العق%د الباط%%ل ق%%ادر على اح%%داث اث%%ار
قانونية بالرغم من بطالنه .فقد اعتبر هذا الفقيه ان ه%%ذه الفك%%رة خاطئ%%ة تمام%%ا معت%%برا ان المع%%دوم ال ينتج
39
قرار تعقيبي مدني عدد 23712مؤرخ في 4جوان 2003نشرية محكمة التعقيب لعام 2003الجزء الثاني المدني العام ص 37وما يليها.
27
عنه شى وال يمكنه بحكم طبيعت%ه إح%داث اي اث%ر ق%%انوني فاآلث%ار ال%تي ق%%د ت%ترتب عن العق%د أحيان%ا رغم
بطالنه ال ترد وال تعتبر استثناء لقاعدة الرجعية حسب هذا الفقيه .بل ان هذه اآلثار المترتبة هي وليدة ما
تبقي صحيحا من ذلك العقد ووجود هذه اآلثار دليل على بقاء جزء من العقد صحيحا.
وقد نتج عن هذا التحليل ان ما يعتبره الفقه استثناء يعد في منطق هذه النظرية حالة بطالن جزئي
للعقد .إال ان هذه المحاولة الجريئة بقيت منعزلة في الفقه وفي القانون المقارن .وهذا يث%ير التس%اؤل ح%ول
احتمال انحياز المشرع التونس%%ي له%%ا لم%%ا نص علي%%ه بالفص%%ل 326فق%%رة 1م.ا.ع) .(40فح%%االت البطالن
الجزئي التي تعلق بها هذا النص يختلف نطاقها عن نطاق البطالن الجزئي بمعن%%اه التقلي%%دي .وال%%ذي اق%%ره
المشرع التونسي بالفصل 327م.ا.ع أخذا عن الفصل 139من المجلة المدنية األلمانية .إال ان%%ه تتط%%ابق
االلتزامات الالحقة التي تبقي قائمة بع%%د زوال البطالن األص%%لي حس%%بما أورده الفص%%ل 326فق%%رة أولى
م.ا.ع مع نطاق استثناءات قاعدة الرجعية التي ال يبررها ايضا بناء على م%%ا اجم%%ع علي%%ه الفق%%ه الس%%ائد إال
)(41
ونخلص بدراس%%ة "الق%%انون" ( )1أو االس%%تحاالت المادي%%ة ال%%تي يرج%%ع س%%ببها إلى "االل%%تزام"()2
المسؤولية المدنية الناجمة عن بطالن العقد( .)3
فقرة أولى :الحاالت التي يقتضي فيها القانون بقاء أثار العقد الباطل
تدخل المشرع في عدة حاالت للح%%د من اث%%ار البطالن وذل%%ك ام%%ا مراع%%اة لمص%%الح من تعاق%%د عن
حسن نية (أ) أو لفائدة قاصري األهلية (ب) أو دفاعا عن الغير الذي تضرر من العقد الباطل (ج).
لدراسة هذه الحالة وجب بدءا التعرض لمفهوم الحائز بشبهة وهو من ح%%از م%%ال غ%%يره دون ان يعلم
عدم صحة سند حوزه أي حاز مال غيره بموجب عقد باطل دون علمه ب%%ذلك .فق%%د اهتم المش%%رع بوض%%عه
ويظهر ذلك جليا من خالل الفصل 44م.ح.ع ( .)42وهذا تكريس صريح لنس%%بية االث%%ر ال%%رجعي للبطالن
فرغم بطالن سند الحوز إال ان%%ه ي%%رتب مجم%%وع أث%%ار س%%الفة ال%%ذكر .وه%%ذا يع%%د اس%%تثناء أراد المش%%رع ب%%ه
40
فصل 326فقرة أولى :إذا بطل االلتزام األصلي بطل ما التحق به من االلتزامات إال إذا اقتضي نوعها او القانون ما يخالف ذلك ".
41تفسير أحكام الفقرة 1من الفصل 326م ا ع باعتبارها تكريس للنظرية التي تبنها الفقيه J-PIEDELIVREقد يكون مقبوال خاص%%ة وان ظه%%ور
هذه النظرية تزامن تاريخيا مع الفترة التي تم أثناءها إعداد م ا ع هذا كما أورده األستاذ محمد الزين.
42الفصل 44م ح ع " من حاز مال غيره بشبهة فليس عليه ان يرد من الغلة إال ما كان موجودا منها وقت القيام عليه من مستحقها و ما حصل
له منها من ذلك التاريخ .وعليه مصروف الحفظ واالستغالل .والحائز بشبهة هو الحائز بوجه ال يعلم عيبه".
28
اجتناب إثقال كاهل من تصرف في شى عن حسن نية على انه مالك إال ان هذا االستثناء يختل%%ف اختالف
تام عن الوضعية ال%%تي ج%%اء به%%ا الفص%%ل 42وهي وض%%عية الغاص%%ب ال%%ذي اوجب علي%%ه المش%%رع رد م%%ا
غصبه من عين مع جميع ما حصل عليه او ما كان سيحصل عليه من الغلة من%%ذ وض%%ع ي%%ده على الش%%يء
(.)43
يعرف االستاذ محمد كمال شرف الدين األهلية بكونها " قدرة الشخص على تحمل االلتزامات وعلى
اكتساب الحقوق وممارس%%تها " .ويف%%رق اغلب الفقه%%اء بين ن%%وعين من االهلي%%ة وهم%%ا اهلي%%ة االداء واهلي%%ة
الوجوب .فأما االولي فيعرفها األستاذ محمد الزين بأنها صالحية من له حق عل ممارسته بنفس%%ه .وتنع%%دم
اهلية االداء لدى الشخص الطبيعي في صورتين تتحدان في فقدان القدرة على التمييز لدى ص%%احب الح%%ق
وهي صورة الصغير غير المميز والمجنون( .)44اما اهلية الوج%%وب فهي ق%%درة الش%%خص لتمت%%ع ب%%الحقوق
وتحمل الواجبات التي يقررها القانون ووجب ان تكون اهلية الوجوب كاملة التصالها بالشخصية القانونية
فبانعدامها تنعدم الشخصية القانونية.
وانطالقا من ذلك فان المفعول الرجعي للبطالن ال ينسحب بصفة مطلقة على قاصر االهلية اذا تعاقد
مع رشيد متمتع بكامل اهليته وتحصله على حكم يقضي ببطالن ذلك العقد.
ويفهم من الفصل 13م.ا.ع( )45أن القاصر ال يكون ملزما إال بالقدر الذي انتف%%ع ب%%ه من ج%%راء العق%%د
الباطل وتعتبر المنفعة حاصلة في صورة إنفاق المال في مصاريف الزمة أو مصاريف نافعة وك%%ذلك في
صورة وجود المال عند القاصر .وهو ما ذهب إليه كذلك الدكتور عبد الرزاق احمد السنهوري "وإذا كان
العقد قابال لإلبطال لنقص أهلية احد المتعاقدين وأبطل فان ناقص االهلية يسترد ما دفع ."...
لق%%د س%%عي المش%%رع للتقليص من مخ%%اطر الرجعي%%ة بالنس%%بة للغ%%ير المتض%%رر من العق%%د الباط%%ل في
صورتين :
29
إن إبطال ترسيم الحق بإدارة الملكية العقارية ال يمكن أن يعارض به الغير المكتسب لحقوق عن حسن
نية وهذا ما جاء ب%%ه الفص%%ل 305من م.ا.ع المتعل%%ق بالعق%%ارات المس%%جلة ( .)46ذل%%ك أن األص%%ل ه%%و أن
مفعول البطالن يمتد إلى الغير غير أن المشرع وحرص%%ا من%%ه علي حماي%%ة الغ%%ير حس%%ن الني%%ة ق%%د قي%%د في
بعض الحاالت من امتداد هذا األثر إلى الغير .كحالة الفصل 305من م.ا.ع.
إال أن هذا الحكم ال ينسحب على العقارات غير المسجلة والتي تبقي حقوق الغير المتعلقة به%%ا عرض%%ة
للسقوط بمجرد بطالن حقوق أسالفهم عليه%ا وذل%ك لس%ببين أولهم%ا قس%اوة قاع%دة الرجعي%ة وثانيهم%ا عمال
بقاعدة ال يمكن لشخص أن يمنح لغيره أكثر مما لنفسه من حقوق و التي جاء بها الفصل 551من م.ا.ع.
يعد قانون الشركات من الصور التي قلص من خاللها المش%%رع من مخ%%اطر الرجعي%%ة بالنس%%بة للغ%%ير
المتض%%رر من العق%%د حيث ورد بك%%ل من الفص%%ل 18والفص%%ل 182من مجل%%ة الش%%ركات التجاري%%ة اى
الفص%%لين 62و 156من المجل%%ة التجاري%%ة س%%ابقا ان%%ه ال يج%%وز للش%%ركة أو الش%%ركاء االحتج%%اج ببطالن
الشركة على غيرهم سواء تعلق األمر بشركة خفية االسم أو بشركة محدودة المس%%ؤولية وه%%و م%%ا كرس%%ته
كذلك المادة 507من التقنين المدني المصري (.)47
فقرة ثانية :الحاالت التي يقتضي فيها نوع االلتزام بقاء أثار العقد الباطل
تتعلق هذه الحاالت خاصة بالعقود الزمنية التي تقض%%ي المح%%اكم ببطالنه%%ا بع%%د تنفي%%ذها على امت%%داد م%%دة
زمنية طويلة ويقر الجميع باستحالة محو ما وقع تنفيذه من هذه العقود او الرجوع فيه كعق%%د الك%%راء ،عق%%د
الشغل كذلك عقد الشركة.
يعتبر عقد الكراء من العقود الزمنية التي استثناها المشرع من مبدأ االثر الرجعي للبطالن.
فعقد الكراء او التسويغ الذي ابرمه القاصر او ضعيف العقل اذا وقع ابطاله نظرا الن مدته تجاوزت
الثالث سنوات والحال ان ذلك ال يصح قانونا ما عدا بإذن خاص من القاضي المختص وه%%ذا نفس المب%%دا
46الفص%%ل 305من م ا ع ":وإبط%%ال الترس%%يم ال يمكن أن يع%%ارض ب%%ه الغ%%ير ال%%ذي اكتس%%ب حقوق%%ا علي العق%%ار عن حس%%ن ني%%ة واعتم%%ادا علي
الترسيمات الواردة بالسجل "( .وقع تنقيح أحكام هذا الفصل بموجب الفصل األول من القانون عدد 46الم%%ؤرخ في 4م%%اي 1992المتعل%%ق بتنقيح
وإتمام بعض الفصول من مجلة الحقوق العينية).
47محمد الزين .المرجع السابق .طبعة سنة 1993ص . 222
30
الذي اورده الق%رار التعقي%بي الم%دني ع%دد 6755م%ؤرخ في 9ديس%مبر 1982وك%ذلك تطبيق%ا ألحك%ام
الفصل 15من م.ا.ع وتم فيه تسليم العين المكتراة وقبض معين الكراء وبالتالي ال يمكن ان يخض%%ع له%%ذا
المبدأ الن المكتري قد انتفع فعال بالعين المكتراة وال يمكن رد ه%%ذه المنفع%%ة الس%%تحالة ذل%%ك ويك%%ون ب%%ذلك
القاضي ملزما بالحكم بالتعويض.
أما في ما يتعلق بالحدود المتعلقة بتحديد المقدار الواجب رده يمكن القول ان%ه بالنس%بة للمتعاق%%دين في
صورة ما إذا كان احدهما ناقص أهلي%%ة ف%%ان الفص%%ل 13من م.ا.ع يجع%%ل من ن%%اقص االهلي%%ة غ%%ير مل%%زم
بالرد إال في حدود ما عاد عليه من المنفعة بسبب تنفيذ العقد (.)48
فانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة وبطالن عق%%د اإليج%%ار بع%%د ف%%ترة من ذل%%ك االنتف%%اع ،والختالف عق%%د
اإليجار عن عقد البيع الذي يترتب عليه (عقد البيع) اس%%ترداد م%%ا وق%%ع دفع%%ه وف%%ان عق%%د اإليج%%ار في ه%%ذه
الحال يستحيل معه رد هذه المنفعة الستحالة ذلك فيحكم علي المستأجر بتعويض عادل .
باعتبار أن عقد الشغل من العقود الملزمة لج%%انبين وال%%ذي وق%%ع تعريف%%ه بالفص%%ل 6من مجل%%ة ق%%انون
الشغل(.)49وحيث يفهم منه ان عق%%د الش%%غل ه%%و عق%%د يل%%تزم في اط%%اره ك%%ل من الم%%ؤجر واالج%%ير بالوف%%اء
بااللتزامات المتبادلة والتي تتمثل عموم%%ا في القي%%ام باألعم%%ال المتف%%ق عليه%%ا حس%%ب الش%%روط المض%%بوطة
بالعقد مقابل التمتع باألجر عن الخدمات التي يقدمها االجير.
وانطالقا من ذلك وحدا من قاعدة الرجعية التي تحول دون بقاء اثار العقد الباطل فانه في اطار عق%%د
الشغل وبالرغم من بطالن هذا العقد فانه وجب ان يتسلم االجير اجره الكامل مقاب%%ل الخ%%دمات ال%%تي اداه%%ا
لصالح المؤجر وال يمكن للمؤجر التفصي من أداء ما انتفع به محتجا في ذلك ببطالن عقد الشغل وبقاعدة
الرجعية.
إن إبطال عقد الشركة الذي وقع تعريفه بالفصل 1249من م.ا.ع ( )50وتطبيق مب%%دأ األث%%ر ال%%رجعي
للبطالن عليه يصطدم بحقيقة األشياء .فالشركة باإلضافة الى كونها عقدا فهي ش%%خص معن%%وي ل%%ه وج%%ود
قانوني متمتع به قبل القضاء ببطالنه .من خالل إبرام معامالت أكسبته حقوقا وحملته واجب%%ات ،فبطالنه%%ا
31
ي%ترتب عن%ه إلح%اق أض%رار ب%الغير وبمص%الح الش%ركاء .إال ان%ه وض%مانا ألمن المع%امالت وتفادي%ا له%ذه
المساوي وقع إقرار نظ%%ام متم%%يز لبطالن الش%%ركة .من ش%%انه التخفي%%ف من ح%%دة األث%%ر ال%%رجعي وفي ه%%ذا
اإلطار ذهب فق%%ه القض%%اء الى ان عق%%د الش%%ركة يس%%تمر في إنت%%اج أث%%اره رغم إبطال%%ه بحيث تك%%ون تص%%فية
()51
. الشركة وفق ما يتضمنه من أحكام وتقسم األرباح والخسائر وفقا للشروط المتفق عليها
إال أن لهذه القاعدة حدود سيقع التطرق إليها بعد حصر االستثناءات.
فنسبية األثر الرجعي للبطالن في عقد الشركة يحتم ضرورة مراعاة حقوق الغير التي تكفل المشرع
بضمانها على النحو الذي بيناه سابقا في ما يتعلق ب%%الغير المتض%%رر من العق%%د الباط%%ل ب%%ل أن ذل%%ك ال يفي
بالغرض فال بد من تصفية الشركة وتوزيع الم%رابيح وقس%متها بين الش%ركاء ووجب إلعم%ال ذل%ك اس%تناد
القاضي إلى عقد الشركة الباطل الذي قد يصعب من دون%%ه تحدي%%د نس%%بة األم%%وال والحق%%وق الراجع%%ة لك%%ل
شريك بموجب التصفية.
كما انه بإمكان المحاكم اعتماد عقد الشركة الباطل في مثل هذه الصور إذا م%%ا تبنت نظري%%ة البطالن
الجزئي واعتبرت أن أعمال التصفية الضرورية هي من االلتزام%%ات الملتحق%%ة ب%%االلتزام األص%%لي الباط%%ل
التي يقتضي نوع االلتزام بقاءها بما يجوز معه اعتبار عقد الشركة قائما في حدود إلى ح%%د انته%%اء أعم%%ال
التصفية وهذا عموما الحل المعمول به قانون%%ا في ص%%ورة ح%%ل الش%%ركة وال%%ذي يمكن اعتم%%اده في ص%%ورة
()52
. بطالنها بالرجوع الى أحكام الفصل 326فقرة أولى من م.ا.ع
ان القاع%%دة الفق%%ه قض%%ائية ) (53لم تج%%ري على إطالقه%%ا حيث يس%%تبعد تطبيقه%%ا في بعض الح%%االت
كبطالن الشركة لعدم مشروعية السبب او المحل ويبرر ذلك بعدم جواز ترتيب أثار عن عق%%د مخ%%الف
للنظام العام.
كما يوجد حد اخر لهذه القاعدة تناوله الفص%%ل 28م.ش.ت ( .)54ومف%%اده ان تص%%فية الش%%ركة وفق%%ا
للنظام المتفق عليه ضمن العقد التأسيس%ي (اذ اعت%بر ه%ذا االخ%ير ص%%حيحا) يس%تدعي ان تك%ون االتفاق%%ات
32
المتعلقة بالتصفية غير مشوبة بعدم المشروعية.
والمالحظ ان هذا الموقف منسجم مع التشريع التونسي كما الحظنا ذل%%ك بالفص%%ل 28بي%%د ان%%ه من
المالحظ ان هذا الفصل ينطبق على عقد الش%%ركة الص%%حيح اال ان%%ه ومن ب%%اب اولى ان ينطب%%ق على العق%%د
()55
. الباطل
وهكذا نكون قد انتهينا من استعراض جملة اثار العقد التي من ابرزها رد ما وقع دفعه او قبضه
بموجب العقد الباط%%ل بي%%د ان ال%%رد ق%%د ال يكفي إلع%ادة االح%%وال الى م%%ا ك%%انت علي%%ه مم%%ا ي%%ؤدي الى قي%%ام
المسؤولية المدنية الناتجة عن بطالن العقد.
تعرف المسؤولية المدنية عموما بكونها التزام طرف بتعويض الضرر الذي سببه للطرف األخر.
إال أن المسؤولية المدنية المترتبة عن بطالن العقد قد مثلت من%%اط ج%%دل فقهي ح%%ول طبيعته%%ا القانوني%%ة ان
ك%%انت تقص%%يرية ام عقدي%%ة .حيث يعت%%بر اغلبي%%ة الش%%راح ان المس%%ؤولية المدني%%ة ال يمكن ان تك%%ون إال
تقصيرية ولعل ابرزهم الفقيه السنهوري.
نالحظ ان المشرع التونسي لم ينظم المس%%ؤولية المدني%%ة المترتب%%ة عن بطالن العق%%د رغم تعرض%%ه
لنظرية البطالن وهو ما يفسر شبه غي%%اب كلي لفق%%ه قض%%اء في ه%%ذه المج%%ال إال ان%%ه يمكن تفس%%ير س%%كوت
المشرع بإحالة ضمنية على القواعد العامة للمس%%ؤولية التقص%%يرية ال%%واردة خاص%%ة بالفص%%لين 82و 83
من م.ا.ع وهو ما يعني امكانية قيام الطرف المتضرر من بطالن العقد ل%%دى المح%%اكم في طلب التع%%ويض
استنادا الى االساس التقصيري المتمثل في اثبات ان الطرف المتس%%بب في البطالن ك%%ان يعلم الخل%%ل ال%%ذي
يعتري العقد ومع ذلك اقدم على التعاقد مع الطرف حسن النية.
والمالح%%%ظ عموم%%%ا ان طلب التع%%%ويض وجب ان يقتص%%%ر على الخس%%%ارة ال%%%تي لحقت الط%%%رف
المتضرر من بطالن العقد إال ان قيام هذه المسؤولية يفترض على المتعاق%%د المتض%%رر من البطالن اثب%%ات
عناصر المسؤولية وهي الخطاء والضرر والعالقة السببية بينهما.
()56
. ولعل اهم اثر لهذه المسؤولية هو التعويض عن الخسارة التي قد تلحق المتضرر من البطالن
وعموما فانه وبتنوع االضرار التي قد ت%%ترتب عن بطالن العق%%د كمص%%اريف تحري%%ر العق%%د او مص%%اريف
تسجيله بالقباضة المالية او تفويت فرصة في ابرام عقد اخر وجب اثبات الخطاء .وحسب الفقه السائد فان
55
رضا بن كريم .المرجع سابق الذكر .ص .181
56
نعمان لمشالي .المرجع سابق الذكر .ص .127-126
33
الخط%%اء يتمث%%ل في حم%%ل الط%%رف المتض%%رر على التعاق%%د رغم س%%ابقية العلم بوج%%ود خل%%ل يع%%تري ص%%حة
العقد( .)57فإذا نتج البطالن عن خطاء ينسب للمتعاقد فمن حق المتعاقد االخ%%ر طلب تع%%ويض على اس%%اس
المسؤولية التقصيرية ال العقدية.
يمكن ان نستنتج مما سبق ان البطالن هو الجزاء الم%%دني الوحي%%د ال%%ذي يمكن تس%%ليطه على العق%%د
الذي تخلف ركن من أركانه األساسية او احد شروط صحته عند تكوينه وقد اهتم المشرع التونسي بتنظيم
نظرية البطالن الجزئي كحال عمليا لضمان االستقرار التعاقدي وإرساء اآللي%%ات الهادف%%ة الى االبق%%اء على
الوجود القانوني للعقد معتبرا في ذلك ان البطالن الذي قد ينصب على كامل العقد قد ي%ترتب علي%ه تبع%ات
57
محمد الزين .المرجع سابق الذكر .طبعة سنة 1993ص .224
34
اقتصادية واجتماعية قد تصل الى حد تهديد االستقرار التعاقدي .فاالصل و المبدا زوال العقد ب%%اثر رجعي
وهو ما تطرقنا له في الفقرة االولى والذي كرسه المشرع التونسي في كل من الفص%%لين 326و 327من
م.ا.ع .ع معلال ذلك بكون ان العقد الباط%ل عق%د مع%دوم ال ينتج اث%ارا وال ي%ترتب علي%ه غ%ير رد م%ا وق%ع
دفعه.
بيد انه ورغم التكريس الواضح له%ذه النظري%ة ف%%ان ذل%ك ال ينفي وج%ود اس%تثناءات هام%ة وق%ع
التطرق اليها في الفقرة الثانية .ويفسر ذلك في صورتين:
فأما الصورة االولى فتتعلق بحاالت يقتضي فيها القانون بقاء اثار_العقد الباطل_كحال%%ة المتعاق%%د
حسن النية الذي اعف%%اه المش%%رع من رد الغل%%ة ال%%تي حازه%%ا عن حس%%ن ني%%ة .باإلض%%افة الي حال%%ة قاص%%ري
االهلية الذي ال يكون ملزما إال بالقدر الذي انتفع به من ج%%راء العق%%د الباط%%ل وتعت%%بر المنفع%%ة حاص%%لة في
صورة انفاق المال في مصاريف الزمة او مصاريف نافعة وكذلك في صورة وجود الم%%ال عن%%د القاص%%ر
باإلضافة الى حالة الغير المتضرر من العقد حيث ان المش%رع قلص من مخ%اطر الرجعي%ة بالنس%بة للغ%ير
المتضرر من العقد في صورتين االولى تتعلق بالعقارات اما الصورة الثانية تتعلق بقانون الشركات حيث
انه ال يجوز للشركة او للشركاء االحتجاج ببطالن الشركة على غيرهم.
اما الصورة الثانية فتتعلق بحاالت يقتضي فيها نوع االل%%تزام بق%%اء ه%%ذه االث%%ار .والمتعلق%%ة عموم%%ا
بالعقود الزمنية كعقد الكراء وعق%د الش%%غل وعق%د الش%%ركة حيث ان%%ه في اط%%ار عق%د الش%%غل وجب ان ين%%ال
االجير مقابل الخدمات التي اداها لمؤجره وانه ال يحق لهذا االخير ان يحتج ببطالن عقد الش%%غل ليتفص%%ي
من اداء مقابل ما انتفع به .أما في ما يتعلق بعقد الشركة فانه باإلضافة الي االستثناء القانوني المتمث%%ل في
عدم احتجاج الشركاء ببطالن عقد الشركة علي غ%يرهم فان%ه هن%اك اس%تثناء اخ%ر لع%دم الرجعي%ة في عق%د
الشركة يتمثل في امكانية االستناد الى عقد الشركة الباطل عند تصفية الشركة وذلك لتوزيع المرابيح على
الشركاء وتحديد نسبة الخسائر و قسمتها على الشركاء.
هك%%ذا نك%%ون ق%%د استعرض%%نا اث%%ار العق%%د بم%%ا تحتوي%%ه من مب%%دأ زوال العق%%د الباط%%ل ب%%أثر رجعي
واالستثناءات الهامة التي تحد من حدة ه%%ذا المب%%دأ إال ان%%ه وجب علين%%ا ان ال نس%%هو عن مس%%الة التع%%ويض
والتى تعرف بالمسؤولية المدنية الناجمة عن بطالن العقد والتي تفسر بكون انه اذا نتج البطالن عن خط%%ا
ينسب للمتعاقد فمن حق المتعاقد االخر طلب تعويض على اساس المسؤولية التقصيرية.
35
الخالصة العامة
36
ان البطالن كجزاء مدني فعال ذا صبغة ردعية مثل وال يزال يمثل الوصف الذي يلحق التصرف
القانوني الذي نشا مخالفا لقاعدة قانونية والجزاء المترتب عن مخالفة شروط صحة وتكوين العقود.
باعتبار ان العقد الباطل عقد منعدم الوجود فان اساس ه%ذا االنع%دام يع%ود الى غي%اب اح%د ارك%ان
العقد الجوهرية كانعدام االهلي%%ة او الرض%%ا ك%%ذلك انع%%دام المح%%ل او الس%%بب .إال ان%%ه و لض%%مان االس%%تقرار
التعاقدي استوجب من وجهة نظ%%ر عملي%%ة واقتص%%ادية العم%%ل على تض%%ييق نط%%اق تط%%بيق عقوب%%ة البطالن
وذلك بتكريس نظرية البطالن الجزئي.
انطالق%%ا من ه%%ذه النظري%%ة فان%%ه اص%%بح باإلمك%%ان االبق%%اء على العق%%د في ج%%زء من%%ه دون ان يمت%%د
البطالن الى جميع اجزاءه إال انه وألعمال هذه النظرية وجب توفر شروط معينة ومح%%ددة تعرض%%نا اليه%%ا
بعد دراسة الحاالت التى تحول دون اعمال هذه النظرية والتى تنقسم عموما الى اسباب موضوعية كتعلق
الخلل الذى يعترى العقد بأح%د اركان%ه الجوهري%ة من جه%ة اولى وتنقس%م ه%ذه االرك%ان الى ارك%ان تتعل%ق
بشخص المتعاقد وهي االهلية والرضا واخ%%رى تتعل%%ق بمض%%مون التعاق%%د كالمح%%ل ال%%ذي وجب ان يك%%ون
معينا او قابال لتعيين وك%%ذلك الس%%بب ال%%ذي وجب ان يك%%ون ج%%ائزا .واس%%تحالة الفص%%ل الم%%ادي بين الج%%زء
الفاسد والجزء السليم من جهة ثانية .فقابلية العقد للتجزئ%%ة تعت%%بر الش%%رط االساس%%ي والفاص%%ل بين امكاني%%ة
اعمال نظرية البطالن الجزئي و االبقاء على العقد في بعض اجزائه الصحيحة واتالف االج%%زاء الفاس%%دة.
وبين تسليط البطالن على كامل العقد وانعدام وجوده بس%%بب التح%%ام عناص%%ر العق%%د واس%%تحالة الفص%%ل بين
اجزائها .الى جانب ذلك ف%%ان من بين االس%%باب الموض%%وعية الحائل%%ة دون انتق%%اص العق%%د ونج%%د تنص%%يص
القانون فى حاالت معينة على ضرورة انسحاب البطالن على كامل العقد من جهة ثالثة مثل م%%ا ج%%اء ب%%ه
الفصل 1475من م.ا.ع .اما في ما يتعلق باألسباب الذاتية فانه وجب دحض قرين%%ة االف%%تراض الق%%انوني
بان ارادة االطراف قد وجهت لتحقيق كامل العقد ال جزء منه.
وبذلك فقد انتقلنا الى دراسة الشروط الواجب توفره%%ا إلعم%%ال البطالن الج%%زئي وال%%تى تتمث%%ل في
قابلية العقد للتجزئة وفي غياب ه%%ذا الش%%رط ف%%ان البطالن ينص%%ب على كام%%ل العق%%د باإلض%%افة الى ت%%وفر
العناصر القانونية االساسية الالزمة في الجزء المتبقي من العقد باإلضافة الى ع%%دم ت%%أثير اس%%تبعاد الج%%زء
الباطل على تكييف العقد وإال اصبحنا بذلك في اطار الحديث عن تحول العقد اما الشرط الثاني فيتمثل في
عدم تعارض االنقاص مع ارادة المتعاقدين باعتبار ان االرادة اساس قيام العقد كك%%ل .وهي تكريس%%ا لمب%%دأ
الحرية التعاقدية ومبدأ سلطان اإلرادة و حماية لمبدأ الثقة المشروعة كأساس لمقتضيات اس%%تقرار التعام%%ل
وتكريس لقرينة ارتضاء البطالن الجزئي اي علم المتعاقدين عند ابرام العق%%د ببطالن ش%%ق او ش%%رط من%%ه
37
هذا باإلضافة الى الدور الفعال الذي يلعب%ه القاض%ي في التح%رى عن ارادة االط%راف .ليت%بين م%ا اذا ك%ان
سيتم ابرام العقد لو لم يوجد الشق الباطل.
وبتحليل شروط اعمال نظرية البطالن الجزئي انتقلنا الى التعرض لمختلف االثار التي قد ت%%ترتب
عن بطالن العقد والتي تطرقنا الى دراستها في الجزء الثاني .فاألصل ه%%و انس%%حاب البطالن ب%%أثر رجعي
على كامل العقد وهذا ما كرسه المشرع التونسي كمبدا.
بيد انه ورغم التكريس الواضح لنظرية زوال العقد بأثر رجعي إال ان ثبوت هذا المبدأ ال ينفي
وجود استثناءات هامة وقع التطرق اليها في الفقرة الثانية وتتعلق ه%%ذه االس%%تثناءات ام%%ا بح%%االت يقتض%%ي
فيها القانون بقاء اثار العقد الباطل كحالة المتعاقد حسن النية الذي اعفاه المشرع من رد الغلة التي حازه%%ا
عن حسن نية .باإلضافة الى حالة قاصري االهلية الذي ال يكون ملزما إال بالقدر الذي انتفع به من ج%%راء
العقد الباطل وتعتبر المنفع%%ة حاص%%لة في ص%%ورة انف%%اق الم%%ال في مص%%اريف الزم%%ة او مص%%اريف نافع%%ة
وك%%ذلك في ص%%ورة وج%%ود الم%%ال عن%%د القاص%%ر .باإلض%%افة الى حال%%ة الغ%%ير المتض%%رر من العق%%د حيث ان
المش%%رع قلص من مخ%%اطر الرجعي%%ة بالنس%%بة للغ%%ير المتض%%رر من العق%%د في ص%%ورتين االولى تتعل%%ق
بالعقارات المسجلة حيث ان ابطال الترس%%يم ل%%دي ادارة الملكي%%ة العقاري%%ة ال يع%%ارض ب%%ه الغ%%ير المكتس%%ب
لحقوق عن حسن نية وهو ما جاء به الفصل 305من مجلة الحقوق العيني%%ة إال ان ه%%ذا الحكم ال ينس%%حب
على العقارات غير المسجلة اما الص%ورة الثاني%ة تتعل%ق بق%انون الش%ركات حيث ان%ه ال يج%وز للش%ركة او
للشركاء االحتجاج ببطالن الشركة على غيرهم.
الصورة الثانية لالستثناءات تعلقت بالح%%االت ال%%تي يقتض%%ي فيه%%ا ن%%وع االل%تزام بق%اء ه%%ذه االث%%ار
والمتعلقة بالعقود الزمنية كعقد الكراء وعقد الشغل وعقد الشركة حيث انه في اط%%ار عق%%د الش%%غل ال يح%%ق
للمؤجران يحتج ببطالن عقد الشغل ليتفصي من اداء مقابل ما انتفع به .أما في ما يتعلق بعقد الشركة فانه
باإلضافة الى االستثناء القانوني المتمثل في عدم احتجاج الشركاء ببطالن عقد الش%%ركة على غ%%يرهم فان%%ه
هناك استثناء اخر لعدم الرجعية في عقد الشركة يتمثل في امكانية االستناد الى عق%د الش%%ركة الباط%%ل عن%%د
تصفية الشركة وذلك لتوزيع المرابيح على الشركاء وتحديد نسبة الخس%%ائر وقس%%متها على الش%%ركاء .ذل%%ك
ان فقه القضاء يعتبر ان اعمال التصفية هي من االلتزامات الملحقة بااللتزام االص%%لي ال%%تي يقتض%%ي ن%%وع
االلتزام بقاءها بما يجوز معه اعتبار عقد الشركة قائما في حدود والى ان تنتهي اعم%%ال التص%%فية اعتم%%ادا
على الفصل 326من م.ا.ع.
وفي األخير وجب علينا ان ال نسهو عن المسؤولية المدنية الناجمة عن بطالن العقد وال%%تي تفس%%ر
بكون انه إذا نتج البطالن عن خطا ينس%%ب للمتعاق%%د فمن ح%%ق المتعاق%%د االخ%%ر طلب تع%%ويض علي أس%%اس
38
المسؤولية التقصيرية ال العقدية حيث انه ال يمكن المطالبة بجبر هاته األضرار إال إذا ثبت خطا المعاقد
المدعي عليه ويتمثل هذا الخطاء حسب الفقه الس%ائد في حم%ل الط%رف المتض%%رر علي التعاق%%د م%ع س%ابق
العلم بالخلل الذي يعتري صحة العقد.
39
40
المالح
ق
41
42