You are on page 1of 21

‫تقديم‬

‫يكتسي القانون أهمية قصوى في المجتمع‪ ،‬فهو أساس أمن وطمأنينة أفراده وضامن‬
‫حقوقهم وحرياتهم‪ ،‬إال أن هذه األهمية ال تتقاسمها فروع القانون على قدر المساواة‪ ،‬ذلك أن‬
‫هناك فروعا أخرى ازدادت أهميتها في المجتمعات الحديثة‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لقانون‬
‫الشغل‪ ،‬الذي يتولى بالضبط العالقات الشغلية بين األجير والمشغل عن طريق تحديده لحقوق‬
‫والتزامات كل طرف‪ ،‬والحيلولة دون ما من شأنه أن يهدد استقرارها‪ .‬وذلك نظرا لطبيعة‬
‫العالقات التعاقدية التي تجمع بين عرفي عقد الشغل‪.‬‬

‫ولقد أولى المشرع المغربي اهتماما خاصا لعالقات الشغل الفردية منذ ظهير ‪21‬‬
‫غشت ‪ ،2121‬المتعلق بظهير االلتزامات والعقود‪ ،‬حيث ظهرت البوادر االولى لقانون الشغل‬
‫كتشريع وضعي مغربي‪ ،‬وظلت العالقات الشغلية بين األجير والمشغل خاضعة للقواعد العامة‬
‫في ن ظرية العقد‪ ،‬ومحكومة بمبدأ حرية التعاقد ومبدأ سلطان اإلرادة إال أنه عزز المشرع‬
‫المغربي ترسانته القانونية بمدونة عصرية للشغل واكب من خاللها التطور الحاصل على‬
‫مستوى التشريعات المقارنة‪.1‬‬

‫فالمشرع أوجد مجموعة من الضمانات لتحقيق الحماية الكافية لألجير‪ ،‬الطرف‬


‫الضعيف في العالقة الشغلية وذلك بموجب مدونة الشغل التي تشكل الحد االدنى من الحقوق‪،‬‬
‫لكن هذه الحماية تضل قاصرة مالم يتم تكريسها وتفعيلها‪ ،‬األمر الذي يبقى موكوال للقضاء‪،‬‬
‫فعلى هذا األخير مراقبة مدى احترام أرباب العمل للمقتضيات الشغلية سواء خالل مرحلة‬
‫إبرام العق د أو تنفيذه أو إنهائه‪ ،‬ففي حالة تضمين عقد الشغل ببعض الشروط التعسفية وجب‬
‫على القضاء التدخل لتعديل تلك العقود وذلك بإبطال تلك الشروط التعسفية‪.2‬‬

‫وعليههههههه فههههههإن األمههههههر يقتضههههههي منهههههها اإلحاطههههههة بهههههههذا الموضههههههوع مههههههن خههههههالل‬
‫اإلجابة على االشكاليات التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬يوسف احمانن‪ :‬حدود الحرية التعاقدية في العالقات الشغلية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2112-2112 :‬ص‪.1:‬‬
‫‪ 2‬سارة أيت بنقدور‪ ،‬سلطات القاضي في تعديل عقد الشغل‪ ،‬رسالة نهاية تكوين الملحقين القضائيين‪ ،‬فترة التكوين ‪ ،2111/2112‬ص‪.3 :‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬مهههههها مههههههدى إمكانيههههههة التههههههدخل القضههههههائي لمكافحههههههة الشههههههروط التعسههههههفية فههههههي‬
‫عقود الشغل الفردية؟‬

‫‪ -‬واين تتجلى مظاهر هذا التدخل؟‬

‫واإلجابهههههههة علهههههههى ههههههههذه األسهههههههئلة المطروحهههههههة البهههههههد مهههههههن تقسهههههههيم الموضهههههههوع‬


‫الى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أساس سلطة القاضي لتعديل عقد الشغل الفردي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مظاهر تدخل القاضي لمكافحة الشروط التعسفية لعقود الشغل الفردية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أساس سلطة القاضي في تعديل عقد الشغل‬

‫أن العقهههد شهههريعة المتعاقهههدين‪ ،‬فه ر‬


‫ههإن األخهههذ بههههذا المبهههدأ علهههى‬ ‫إذا كهههان المبهههدأ العهههام ر‬
‫إطالقههههه يسههههتلزم وجههههود طههههرفين نههههدرين فههههي العالقههههة التعاقديههههة‪ ،‬وهههههو الههههذي ال يتحقههههق‬
‫بالضهههرورة فهههي إطهههار عقهههد الشهههغل‪ ،‬فالغالهههب ر‬
‫أن أحهههد طرفهههي ههههذا العقهههد وههههو المشهههغل‪،‬‬
‫ينفههههرد بتحديههههد شههههروط العقههههد‪ ،‬ويرتههههب ثههههاره حسههههب ظههههروف العمههههل وحاجياتههههه‪ ،‬دون‬
‫اعتبههههار إلرادة األجيههههر عنههههد سههههن هههههذه الشههههروط وترتيههههب تلههههك ا ثههههار‪ ،‬وحتههههى إذا مهههها‬
‫اعتبهههرت ظاهريههها‪ ،‬فههههذه اإلرادة مكبلهههة بإكراههههات العهههيي وواقهههع الشهههغل فمههها يكهههون لهههها‬
‫أن تههههرفض بنههههد وال أن تعههههدل خههههر‪ ،‬وسههههنتناول مههههن خههههالل هههههذا‪ ،‬ا ثههههار السههههلبية لمبههههدأ‬
‫سهههلطان اإلرادة وضهههرورة تقييهههده فهههي عالقهههات الشهههغلبالمطلب األول ‪ ،‬وأسهههباب تعههههديل‬
‫القاضي عقد الشغل على ضوء العمل القضائيبالمطلب الثاني ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اآلثار السلبية لمبدأ سلطان اإلرادة وضرورة تقييده في عقد الشغل‬

‫لتحليهههل ههههذا المطلهههب ارتأينههها أن نبهههين تطهههور مبهههدأ سهههلطان اإلرادة و ثهههاره السهههلبية‬
‫علههههى عقههههد الشههههغل بالفقههههرة األولههههى ‪ ،‬ونتنههههاول تراجههههع مبههههدأ سههههلطان اإلرادة وتههههدخل‬
‫المشرع لتقييده بالفقرة الثانية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تطور مبدأ سلطان اإلرادة وآثاره السلبية على عالقات الشغل‬

‫ظلهههههت لمهههههدة طويلهههههة مبهههههادم القهههههانون المهههههدني تههههههيمن علهههههى مجهههههال التصهههههرفات‬
‫القانونيههههة‪ ،‬ومههههن ضههههمنها عقههههود الشههههغل التههههي لههههم تكههههن تحظههههى بمبههههادم مسههههتقلة تراعههههي‬
‫تميزههها علههى بههاقي العالقههات المدنيههة‪ ،‬وقهههد أدى إعمههال مبههدأ الحريههة التعاقديههة فههي مجهههال‬
‫الشهههغل إلهههى الزيهههادة فهههي تهههأزيم أوضهههاع األجهههراء‪ ،‬ذلهههك ألن المشهههغل كهههان يسهههتقل بفهههرض‬
‫شروط الشغل حسب ما يحقق مصلحته دون أي اعتبار لوضع األجراء‪.1‬‬

‫وقهههد عملهههت مختلهههف التشهههريعات المنضهههوية تحهههت لهههواء المدرسهههة الالتينيهههة علهههى‬
‫تكريس مبدأ سلطان اإلرادة والعقد شريعة المتعاقدين‪.‬‬

‫‪ -1‬سارة أيت بنقدور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.2 :‬‬

‫‪2‬‬
‫ويعههههد القهههههانون المهههههدني الفرنسههههي صهههههاحب السهههههبق فههههي التأكيهههههد علهههههى المبهههههدأين‬
‫المهههذكورين منهههذ سهههنة ‪ ،2081‬مهههن خهههالل المهههادة ‪ 2211‬مهههن القهههانون المهههدني الفرنسهههي‪،‬‬
‫التههههي جههههاء فيههههها‪ :‬تاالتفاقههههات المنشههههأة علههههى وجههههه صههههحي تقههههوم مقههههام القههههانون بالنسههههبة‬
‫لعاقديها‪...‬ت‪.‬‬

‫أمههها المشهههرع المغربهههي فقهههد أقهههر ههههذه القاعهههدة فهههي الفصهههل ‪ 118‬مهههن ق‪.‬ل‪.‬ع حيهههث‬
‫جهههاء فيهههه تااللتزامهههات التعاقديهههة المنشهههأة علهههى وجهههه صهههحي تقهههوم مقهههام القهههانون بالنسهههبة‬
‫إلهههى منشهههئيها وال يجهههوز إلغارهههها إالر برضهههاهما معههها‪ ،‬أو فهههي الحهههاالت المنصهههوص عليهههها‬
‫في القانون‪.‬ت‬

‫وهكهههذا المبهههدأين المهههذكورين يجعهههالن الحريهههة الكاملهههة لطرفهههي العالقهههة التعاقديهههة‪،‬‬


‫فلهمههها ولوحهههدهما تحديهههد التزامهههات وحقهههوق كهههل واحهههد منهمههها وفهههق إرادتهمههها الخاليهههة مهههن‬
‫القيهههود‪ ،‬وأصهههب ذلهههك بمثابههههة حهههق مقهههدس ألي فهههرد ولههههيس ألي جههههة كانهههت‪ ،‬أن تملههههي‬
‫شروطها على المتعاقدين ولو كانت هذه الجهة هي الدولة‪.‬‬

‫وهكههههذا فههههإن مبههههدأي سههههلطان اإلرادة والعقههههد شههههريعة المتعاقههههدين ظههههال إلههههى غايههههة‬
‫منتصههههف القههههرن التاسههههع عشههههر المصههههدران األساسههههيان لكههههل الحقههههوق وااللتزامههههات بمهههها‬
‫فيههههها عالقههههات الشههههغل‪ ،‬وحققهههها تفوقهههها كاسههههحا وباتهههها الركيههههزة التههههي تبنههههى عليههههها جههههل‬
‫النظريهههات القانونيهههة‪ ،‬كمههها أن مجمهههل التصهههرفات كانهههت تنشهههأ عهههن اإلرادة الحهههرة وبهههات‬
‫لكهههل فهههرد أن ينشهههأ مههها شهههاء مهههن االلتزامهههات والتصهههرفات أو يرفضهههها متهههى تبهههين لهههه أنهههها‬
‫ال تحقق مصالحه‪.1‬‬

‫فأمهههههام الحريهههههة التهههههي يمنحهههههها سهههههلطان اإلرادة والتهههههي تسهههههم ألطهههههراف عالقهههههة‬
‫الشهههغل الحهههق فهههي مناقشهههة شهههروط الشهههغل وظروفهههه‪ ،‬فهههإن إرادة المشهههغل هيمنهههت علهههى‬
‫إرادة الطهههرف الضهههعيف وغالبههها مههها كهههان األول يسهههتقل بفهههرض شهههروط التعاقهههد‪ ،‬أمهههام قلهههة‬
‫فرص الشغل‪.‬‬

‫‪ -1‬حياة أدغوغي‪ ،‬حدود مبدأ سلطان اإلرادة في القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن ثاني كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2113/2112‬ص‪.21 :‬‬

‫‪2‬‬
‫ويقوم مبدأ سلطان اإلرادة على أساسين اثنين‪:‬‬

‫أولهما‪ :‬يتعلق بالشكل ويجعل اإلرادة وحدها كافية إلنشاء االلتزام‪.‬‬

‫ثانيهما‪ :‬يتعلق بالموضوع ويجعل اإلرادة صاحبة السيادة في ترتيب ثار االلتزام‪.1‬‬

‫ولقد نتج عن إعمال مبدأ سلطان اإلرادة على العالقات الشغلية ثار جد سلبية على‬
‫واقع الطبقة العاملة‪ ،‬التي كانت بمعزل عن أية حماية تشريعية أو قضائية‪ ،‬ذلك أن القضاء‬
‫نفسه كان ملزما باحترام إرادة األطراف على الرغم من أن عقد الشغل كان قريبا من عقود‬
‫اإلذعان حيث يستقل الطرف القوي بفرض شروطه على الطرف الضعيف‪.2‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تراجع مبدأ سلطان اإلرادة وتدخل المشرع لتقييده‪.‬‬

‫لقههههد كههههان لتطبيههههق مبههههدأ سههههلطان اإلرادة أن نههههتج عنههههه مجموعههههة مههههن المسههههاوم‬
‫االقتصهههههادية واالجتماعيهههههة مسهههههت بالخصهههههوص الطبقهههههة العاملهههههة‪ ،‬فعهههههالوة علهههههى منهههههع‬
‫التجمعهههات العماليهههة خوفههها مهههن اخهههتالل ميهههزان القهههوى بهههين أصهههحاب األعمهههال والعمهههال‪،‬‬
‫فهههإن المبهههادم التهههي نهههادت بهههها الثهههورة الفرنسهههية خاصهههة علهههى المسهههتوى القهههانوني كانهههت‬
‫وبههههههاال علههههههى الطبقههههههة العاملههههههة‪ ،‬ألن األخههههههذ بمبههههههدأي سههههههلطان اإلرادة والعقههههههد شههههههريعة‬
‫المتعاقهههدين نهههتج عنهههه ثهههار جهههد سهههيئة بالنسهههبة للطبقهههة العاملهههة‪ ،3‬ذلهههك أن إرادة المشهههغلين‬
‫غالبا ما تهيمن في فرض شروط الشغل على األجراء‪.‬‬

‫وإذا كانههههت العوامههههل االقتصههههادية والسياسههههية السههههبب فههههي وصههههول مبههههدأ سههههلطان‬
‫اإلرادة لههههذروة المجههههد‪ ،‬فههههإن عوامههههل سياسههههية واقتصههههادية أخههههرى دعههههت إلههههى مهاجمتههههه‬
‫علههههى إثههههر قيههههام الصهههههناعات الكبيههههرة وتأسههههيس الشهههههركات الضههههخمة‪ ،‬وتنظههههيم نقابهههههات‬
‫العمهههال‪ ،‬علهههى إثهههر اخهههتالل التهههوازن بهههين القهههوى االقتصهههادية‪ ،‬وظههههور قهههوى اجتماعيهههة‬
‫جديدة‪.4‬‬

‫‪ -1‬إدريههههههس العلههههههوي العبههههههدالوي‪ ،‬شههههههر القههههههانون المههههههدني النظريههههههة العامههههههة لاللتزامههههههات‪ ،‬نظريههههههة العقههههههد‪ ،‬مطبعههههههة النجهههههها الجديههههههدة‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪ ،1226‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬سارة أيت بنقدور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ -3‬عبهههههههد اللطيهههههههف خهههههههالفي‪ ،‬الوسهههههههيط فهههههههي مدونهههههههة الشهههههههغل‪ ،‬ج ‪ ،1‬عالقهههههههات الشهههههههغل الفرديهههههههة‪ ،‬المطبعهههههههة والوراقهههههههة الوطنيهههههههة‪ ،‬الطبعهههههههة‬
‫األولى ‪ ،2112‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ -4‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.21 :‬‬

‫‪6‬‬
‫ويمكن تلخيص هذه العوامل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .2‬تكتل الطبقة العاملة وتزايد نفوذها‪.‬‬


‫‪ .1‬ظهور الفكر االشتراكي وشيوعه‪.‬‬

‫واستهدفت القيود التي توالت مبدأ سلطان اإلرادة تحقيق ميزتين‪:‬‬

‫األولهههههى‪ :‬حمايهههههة الطهههههرف الضهههههعيف عهههههن طريهههههق تقييهههههد إرادة الجانهههههب القهههههوي‬
‫بالشهههكل الهههذي يمنهههع أو علهههى األقهههل يحهههد مهههن تعسهههفه فهههي فهههرض شهههروطه علهههى الجانهههب‬
‫الضعيف‪.‬‬

‫الثانيههههة‪ :‬حمايههههة مصههههال الجماعههههة عههههن طريههههق وضههههع قواعههههد قانونيههههة مههههرة ال‬
‫يمكن االتفاق على مخالفتها باعتبارها من النظام العام‪.‬‬

‫وقهههد تهههدخلت جهههل التشهههريعات المقارنهههة ومهههن ضهههمنها المشهههرع المغربهههي بواسهههطة‬
‫قواعهههد قانونيهههة مهههرة ال يمكهههن االتفهههاق علهههى مخالفهههة أحكامهههها‪ ،‬إالر بشهههكل أفيهههد مادامهههت‬
‫ههههذه القواعهههد وضهههعت مهههن أجهههل فهههرض احتهههرام حهههد أدنهههى مهههن الحقهههوق التهههي ال يمكهههن‬
‫النهههزول عنهههها ولهههو باتفهههاق الطهههرفين فالصهههفة ا مهههرة تهههردي إلهههى اعتبهههار أي تعهههديل مضهههر‬
‫بهههاألجر سهههواء باتفهههاق ههههذا األخيهههر بصهههورة فرديهههة أو جماعيهههة إذا تعلهههق األمهههر باتفاقيهههة‬
‫الشغل الجماعية‪.1‬‬

‫ههههههذه القواعهههههد بهههههدأت تكتسههههه تهههههدريجيا عالقهههههات الشهههههغل علهههههى مجموعهههههة مهههههن‬
‫المسهههههتويات‪ ،‬كمههههها ههههههو األمهههههر بالنسهههههبة للحهههههد األدنهههههى لألجهههههور‪ ،‬والراحهههههة األسهههههبوعية‬
‫ورخص التغيب‪ ،‬وإلزام المشغل بتوفير شروط الصحة والسالمة ‪...‬إلخ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي‬

‫رغهههم اتفهههاق طرفهههي العالقهههة التعاقديهههة علهههى بنهههود عقهههد الشهههغل أثنهههاء إبرامهههه إال أن‬
‫تطههور الحيهههاة االقتصهههادية يجعهههل تعهههديل ههههذه البنههود أمهههرا ال غنهههى عنهههه وههههذا التطهههور قهههد‬

‫‪ -1‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل الفردية‪ ،‬ج‪ ،1‬مطبعة النجا الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2112‬ص‪:‬‬
‫‪.312‬‬

‫‪7‬‬
‫يعهههود إمههها إلهههى ظهههروف اقتصهههادية تعيشهههها المقاولهههة بفقهههرة أولهههى ‪ ،‬أو يعهههود إلهههى األجيهههر‬
‫من حيث مدى قدرته على مواكبة تطور الشغل داخل المقاولة بفقرة ثانية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعديل عقد الشغل لظروف اقتصادية‬

‫نتيجههههههة لظههههههروف االقتصههههههاد العههههههالمي‪ ،‬تمههههههر بعههههههض المرسسههههههات الصههههههناعية‬


‫والتجاريههههة بأزمههههات اقتصههههادية وماليههههة خانقههههة بصههههفة دوريههههة‪ ،‬نتيجههههة للمنافسههههة القويههههة‬
‫الناجمههههة عههههن تحريههههر التجههههارة العالميههههة وأيضهههها بسههههبب الركههههود التجههههاري‪ ،‬األمههههر الههههذي‬
‫يهههدفع بالعديهههد مهههن المشهههغلين إلهههى تعهههديل بنهههود عقهههود الشهههغل التهههي أبرمهههت مهههع األجيهههر‬
‫داخههههل المقاولههههة‪ ،‬وقههههد جههههاءت العديههههد مههههن األحكههههام القضههههائية التههههي عبههههرت عههههن هاتههههه‬
‫الظهههروف إال أنهههها اختلفهههت فهههي حهههدود سهههلطة المشهههغل فهههي تغييهههر بنهههود ههههذه العقهههود ففهههي‬
‫قهههرار صهههادر عهههن المجلهههس األعلهههى عهههدد ‪ 018‬المهههرري فهههي ‪ 0/0/19‬ملهههف اجتمهههاعي‬
‫عههههدد ‪ 02/08/11‬و مههههن خههههالل وقههههائع الملههههف التههههي تههههتلخص فههههي أن المشههههغلة وهههههي‬
‫شههركة قههد تعرضههت لصههعوبات وأزمههة ماليههة ممهها جعلههها تخفههض سههاعات شههغل أجرائههها‬
‫إلهههى سهههاعة واحهههدة فهههي اليهههوم‪ ،‬وههههو مههها اعتبرتهههه هيئهههة الحكهههم بمثابهههة إنههههاء تعسهههفي لعقهههد‬
‫الشهههغل علهههى أسهههاس أنهههه تخفهههيض فهههاحي لسهههاعات الشهههغل يصهههعب معهههه مواصهههلة األجيهههر‬
‫لشغله بمثل هذا األجر‪ ،‬و الذي ال يستطيع ضمان عيي األجير‪.1‬‬

‫ومهههن خهههالل ههههذا القهههرار يتضههه أن أحهههد األسهههباب األساسهههية التهههي تهههدفع المشهههغل‬
‫إلهههى تعهههديل بنهههود عقهههد الشهههغل ههههي األسهههباب االقتصهههادية والتهههي تختلهههف مهههن مقاولهههة إلهههى‬
‫أخرى‪.‬‬

‫واألسهههباب االقتصهههادية ال تهههرتبط فقهههط بتهههدهور الحالهههة الماليهههة للمقاولهههة‪ ،‬كخفهههض‬


‫االنتهههاج أو عهههدم قهههدرتها علهههى مواكبهههة المنافسهههة أو كثهههرة الهههديون‪ ،‬وههههو مههها جعهههل إمكانيهههة‬
‫اسهههتمرارها بهههنفس الظهههروف شهههبه مسهههتحيلة‪ ،‬وإنمههها يهههرتبط ذلهههك أيضههها برغبهههة المقاولهههة‬

‫‪ -1‬قهههههههرار صهههههههادر عهههههههن المجلهههههههس األعلهههههههى عهههههههدد ‪ 621‬المهههههههرري فهههههههي ‪ ،1222/16/16‬ملهههههههف اجتمهههههههاعي عهههههههدد ‪ 23/872‬منشهههههههور فهههههههي‬
‫مجلة قضاء المجلس األعلى العدد ‪ ،22‬ص‪.138 :‬‬

‫‪8‬‬
‫فهههي تحسهههين ظهههروف الشهههغل‪ ،‬سهههواء عهههن طريهههق إنشهههاء مركبهههات صهههناعية أو تجاريهههة‬
‫جديدة‪ ،‬أو الزيادة في اإلنتاج عن طريق إدخال ليات جديدة‪.‬‬

‫فهههي حهههين يمكهههن القهههول إن المشهههرع المغربهههي تنهههاول تعهههديل عقهههد الشهههغل عنهههدما‬
‫حهههدد مهههن خهههالل المهههادتين ‪ 209‬و‪ 200‬األسهههباب التهههي تهههدعو أو تجبهههر إن صههه التعبيهههر‬
‫المشهههغل علهههى خفهههض سهههاعات الشهههغل كحصهههول أزمهههة اقتصهههادية عهههابرة للمقاولهههة أو قيهههام‬
‫ظروف طارئة خارجة عن إرادة المشغل‪.‬‬

‫وفههههي قههههرار لمحكمههههة االسههههتئناف بههههالقنيطرة رقههههم ‪ 112‬بتههههاريخ ‪ 1‬مههههايو ‪1888‬‬


‫ملهههف اجتمهههاعي رقهههم ‪ 188/11‬نجهههده يركهههد علهههى أنهههه متهههى تهههم تخفهههيض سهههاعات الشهههغل‬
‫باتفاق الطرفين فإنه يقع صحيحا‪.‬‬

‫وتبقهههى فهههي نظرنههها مههها نصهههت عليهههه المهههواد ‪ 209‬و‪ 200‬مهههن مدونهههة الشهههغل لسهههنة‬
‫‪ 1881‬تتنهههاول مسهههطرة تخفهههيض سهههاعات الشهههغل علهههى اعتبهههار أن مهههدة الشهههغل ههههي مهههن‬
‫العناصههر األساسهههية فهههي عقههد الشهههغل‪ ،‬فههههو يعبههر عهههن توجهههه المشههرع إلهههى تقنهههين مسهههطرة‬
‫تعههههديل عقههههد الشههههغل فيمهههها يخههههص مدتههههه وإن كههههان بشههههكل غيههههر مباشههههر علههههى عكههههس‬
‫مقتضههههيات المههههواد مههههن ‪ 00‬إلههههى ‪ 88‬مههههن مدونههههة الشههههغل فهههههي ال تتنههههاول تعههههديل عقههههد‬
‫الشغل وإنما سبل التخفيف من ثار اإلنهاء االقتصادي لعقد الشغل‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تعديل عقد الشغل ألسباب تعود إلى األجير‪.‬‬

‫التعهههديل الهههذي قهههد يعهههود لألجيهههر‪ ،‬إمههها أن يتخهههذ صهههورة خطهههأ يترتهههب عنهههه عقوبهههة‬
‫تأديبيهههة كالنقهههل مهههن مكهههان شهههغل إلهههى مكهههان خهههر‪ ،‬أو فقهههد ميهههزة مهههن الميهههزات التهههي تهههم‬
‫االتفهههاق عليهههها أثنهههاء التعاقهههد‪ ،‬أو الوقهههف لمههههدة معينهههة مهههن الشهههغل‪ ،‬وقهههد تصهههل العقوبههههة‬
‫التأديبيهههة إلهههى الفصهههل‪ ،‬وقهههد يكهههون التعهههديل بسهههبب تعهههرض األجيهههر لحادثهههة شهههغل‪ ،‬تجعلهههه‬
‫غيهههر قهههادر علهههى مواصهههلة الشهههغل‪ ،‬أو فهههي حالهههة المهههرض‪ ،‬ممههها يضهههطر المشهههغل إلهههى‬

‫‪ 1‬عصام الوراري‪ ،‬تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2113‬ص‪.17 :‬‬

‫‪2‬‬
‫تغييهههر نهههوع الشهههغل الهههذي كهههان يقهههوم بهههه األجيهههر المصهههاب بشهههغل يتماشهههى مهههع قدرتهههه‬
‫الصحية‪.1‬‬

‫لههههذلك سههههنحاول تحليههههل السههههلطة التأديبيههههة للمشههههغل وحههههدودها فههههي تعههههديل عقههههد‬
‫الشهههههغلبأوال ‪ ،‬ثهههههم ننتقهههههل إلهههههى تنهههههاول تعهههههديل عقهههههد الشهههههغل بسهههههبب الحالهههههة الصهههههحية‬
‫لألجيربثانيا ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السلطة التأديبية للمشغل وحدودها في تعديل عقد الشغل‪.‬‬

‫أقههههر القضههههاء المغربههههي إمكانيههههة ممارسههههة المشههههغل لسههههلطته التأديبيههههة كلمهههها كههههان‬
‫هنههاك خههرق للنظههام الههداخلي‪ ،2‬وقههد وضههع القضههاء المغربههي حههدودا لهاتههه السههلطة حينمهها‬
‫اشهههترط فهههي الفعهههل المحتهههل بالنظهههام الهههداخلي أن يهههتم ارتكابهههه فهههي أوقهههات الشهههغل‪ ،‬وعلهههى‬
‫أن يتم الخرق داخل المرسسة وهو ما نهجته مدونة الشغل لسنة ‪.1881‬‬

‫فمهههههن خهههههالل المهههههادة ‪ 18‬فهههههي فقرتهههههها الرابعهههههة نجهههههدها تهههههنص علهههههى‪ ،‬ت التهههههوبيخ‬
‫الثالههههث‪ ،‬أو النقههههل إلههههى مصههههلحة أو مرسسههههة أخههههرى عنههههد االقتضههههاء مههههع مراعههههاة مقههههر‬
‫سكنى األجير‪...‬ت‬

‫إن عقوبهههة نقهههل األجيهههر مهههن شهههغله جعلهههها المشهههرع فهههي المرتبهههة الثالثهههة وههههي فهههي‬
‫حقيقتهههها عقوبهههة تصهههب فهههي الصهههفة المهنيهههة لألجيهههر‪ ،‬إذ يسهههعى المشهههغل مهههن خهههالل ههههذه‬
‫العقوبهههة تحميهههل األجيهههر وزرة خطئهههه‪ ،‬وذلهههك بنقلهههه إلهههى مصهههلحة أخهههرى يكهههون علهههى علهههم‬
‫بهههرفض األجيهههر للشهههغل فيهههها لهههو لهههم يكهههن مرتكبههها لخطهههأ يوجهههب ههههذا النقهههل‪ ،‬وال تقهههف‬
‫صهههور مههها يمكننههها أن نصهههطل عليهههه بتعهههديل التهههأديبي عنهههد ههههذا الحهههد‪ ،‬وإنمههها تكمهههن أيضههها‬
‫فههههي التوقيههههف‪ ،‬إال أن المشههههرع المغربههههي لههههم يجعههههل التوقيههههف فههههي مدتههههه مفتوحهههها‪ ،‬إلرادة‬
‫المشهههغل وإنمههها حصهههره فهههي مهههدة ال تتجهههاوز ثمانيهههة أيهههام‪ ،‬و مههها دفهههع المشهههرع إلهههى ههههذا‬
‫التحديهههد ههههو أهميهههة األجهههر بالنيهههة لألجيهههر‪ ،‬فإيقافهههه عهههن الشهههغل لمهههدة مفتوحهههة يعنهههي عهههدم‬

‫‪1‬‬
‫‪- Michel Morand, la modification de contrat de travail, éditions liaisons, Paris, 1992, p85.‬‬
‫‪ -2‬عهههههز سههههههعيد‪ ،‬العمههههههل القضههههههائي المغربهههههي فههههههي مجههههههال نزاعههههههات الشهههههغل الفرديههههههة دراسههههههة مقارنههههههة‪ ،‬مطبعهههههة النجهههههها الجديههههههدة‪ ،‬الههههههدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1222‬ص‪.82:‬‬

‫‪11‬‬
‫اسهههتحقاقه األجهههر عهههن ههههذه المهههدة‪ ،‬خاصهههة وأن لألجهههر طهههابع اجتمهههاعي ال يقتصهههر تهههأثيره‬
‫على حياة األجير وحده وإنما أيضا على من يعول من أسرته‪.1‬‬

‫وفيمههها يتعلهههق بالفصهههل‪ ،‬وههههي عقوبهههة تبقهههى أقصهههى مههها يمكهههن أن يوقعهههه المشهههغل‬
‫علهههى األجيهههر‪ ،‬إذ تهههردي بهههه إلهههى فقهههدان شهههغله وال يبقهههى أمامهههه سهههوى طهههرق بهههاب القضهههاء‬
‫مهههن أجهههل إثبهههات تعسهههف المشهههغل فهههي سهههلطته التأديبيهههة‪ ،‬خاصهههة وأن ههههذا اإلنههههاء التهههأديبي‬
‫لعقههههد الشههههغل ال يسههههتحق عنههههه األجيههههر أي تعههههويض‪ ،‬نظههههرا لههههذلك يبقههههى اسههههتبدال إجههههراء‬
‫اإلنهاء بإمكانية التعديل دون موافقة األجير أقل وطأة من اإلنهاء‪.2‬‬

‫بعههههد أن حاولنهههها تحليههههل الحههههاالت التههههي تعههههود إلههههى األجيههههر والمرتبطههههة بارتكابههههه‬
‫لخطهههأ جسهههيم‪ ،‬أو نقصهههان فهههي مرهالتهههه‪ ،‬ننتقهههل إلهههى دراسهههة الحالهههة التهههي يهههتم فيهههها تعهههديل‬
‫عقد الشغل بسبب الحالة الصحية لألجير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعديل عقد الشغل بسبب الحالة الصحية لألجير‪.‬‬

‫قههههد يتعههههرض األجيههههر خههههالل مههههدة شههههغله إلههههى حادثههههة أو مههههرض‪ ،‬تجعههههل كفاءتههههه‬
‫المهنيههة تهههنقص ممههها يضهههطر المشههغل إلهههى تغييهههر نوعيهههة شههغله بمههها يتناسهههب مهههع وضهههعيته‬
‫الصحية‪.‬‬

‫علهههى مسهههتوى مدونهههة الشهههغل نجهههدها تتنهههاول حهههوادث الشهههغل واألمهههراض المهنيهههة‬
‫مههن خههالل المههواد مهههن ‪ 182‬إلههى ‪ 181‬ومهها يميهههز هههذه المههواد أنهههها منحههت للمشههغل حهههق‬
‫اعتبههار األجيههر فههي حكههم المسههتقيل وذلههك حالهههة تخلفههه عههن الشههغل بسههبب عههدم القهههدرة أو‬
‫لسههههبب اسههههتمرار الغيههههاب لمههههدة تزيههههد علههههى ‪ 208‬يومهههها متواليههههة لسههههبب غيههههر المههههرض‬
‫المهنهههي أو لحادثهههة شهههغل‪ ،‬ممههها يعنهههي أنهههه وفهههي غيهههر الحالهههة التهههي يكهههون فيهههها األجيهههر‬
‫مصهههابا بمهههرض مهنهههي أو حهههادث شهههغل يجهههوز للمشهههغل إعفهههاء األجيهههر شهههريطة االلتهههزام‬
‫بضرورة أن تكون مدة التغيب أكثر من ‪ 208‬يوما‪.‬‬

‫‪ -1‬عصام الوراري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.21 :‬‬


‫‪ -2‬عصام الوراري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.22 :‬‬

‫‪11‬‬
‫لكهههن المشهههرع لهههم يتهههرك المهههادة ‪ 181‬علهههى حالهههها وإنمههها قهههرر فهههي المهههادة ‪118‬‬
‫ضهههرورة استشهههارة طبيهههب الشهههغل‪ ،‬الهههذي يجهههوز لهههه اقتهههرا تغييهههر طبيعهههة شهههغل األجيهههر‪،‬‬
‫حتهههى يتناسهههب مهههع الحالهههة الصهههحية لهههه‪ ،‬أو تخفهههيض سهههاعات شهههغله‪ ،‬أو اقتهههرا فتهههرات‬
‫راحهههة أكثهههر لألجيهههر‪ ،‬لكهههن تعامهههل المشهههغل مهههع ههههذه االقتراحهههات يجهههب أن يكهههون انطالقههها‬
‫من مبدأ حسن النية في إطار العالقات التعاقدية‪.1‬‬

‫وذلهههك فهههي الحالهههة التهههي ال يسهههتطيع فيهههها المشهههغل نقهههل األجيهههر إلهههى عمهههل خهههر‬
‫لعههدم وجههود عمههل يناسههب األجيههر فعههال‪ ،‬دون الههدفع بعههدم وجههود شههغل مناسههب مههن أجهههل‬
‫التخلههي عههن األجيههر وهههو مهها يخههالف مبههدأ حسههن النيههة‪ ،‬عههوض إلههزام المشههغل بضههرورة‬
‫األخهههذ باقتراحهههات طبيهههب الشهههغل والتهههي قهههد ال تكهههون فهههي مصهههلحته‪ ،‬وههههو مههها دفهههع بعهههض‬
‫الفقهههه إلهههى القهههول بأفضهههلية األخهههذ بتعهههديل عقهههد الشهههغل عهههوض إنهائهههه‪ ،‬وذلهههك فهههي حالهههة‬
‫المهههرض المهنهههي أو حادثهههة شهههغل ألن وقهههع التعهههديل يكهههون أقهههل ضهههررا مهههن إنههههاء عقهههد‬
‫الشغل الذي قد يقصف باألجر علما أنه أساس عيي األجير‪.2‬‬

‫حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بوجدة‪ :‬ت وحيث تمسكت المدعى‬
‫عليها بكون المدعي غادر العمل من تلقاء نفسه بعدما تعذر عليه القيام باألعمال المنوطة به‪،‬‬
‫وحيث صر المدعي بجلسة البحث أن مشغلته بعد شفائه من حادثة الشغل التي سبق أن‬
‫تعرض لها ورجوعه للعمل أصب غير قادر على األعمال المكلف بها من طرف مشغلته‬
‫بسبب األضرار ابتي أصيب بها من جراء حادثة الشغل‪ ،‬فامتنع عن القيام باألعمال المنوطة‬
‫به وطرد من العمل‪ ،‬وحيث نازعت المدعى عليها في تعرض المدعي لحادثة شغل‪ ،‬وحيث‬
‫إن المدعي بعدم إدالئه للمحكمة بما يفيد تعرضه لحادثة الشغل المزعومة من طرفه فإنه ليس‬
‫بالملف ما يفيد ادعاءه لكون عدم تنفيذه للمهام المنوطة به راجع إلى األضرار الالحقة من‬
‫جراء حادثة الشغل التي سبق أن تعرض لها‪ ،‬مما يكون معه عدم تنفيذه ألوامر مشغلته غير‬
‫مبرر‪ ،‬ويعتبر معه فعله هذا خطأ جسيم مبرر لفصله عن العملت‪.3‬‬

‫‪ -1‬دنيا مباركة‪ ،‬حسن النية في تنفيذ عقد الشغل‪ ،‬المجلة المغربية لالقتصاد والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،2111 ،2‬ص‪.31:‬‬
‫‪ 2‬محمهههههههد سهههههههعيد بنهههههههاني‪ ،‬قهههههههانون الشهههههههغل بهههههههالمغرب عالقهههههههات الشهههههههغل الفرديهههههههة‪ ،‬مطبعهههههههة دار النشهههههههر المغربيهههههههة‪ ،‬سهههههههنة ‪ ،1281‬دون‬
‫ذكر الطبعة‪ ،‬ص‪.321 :‬‬
‫‪ -3‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة في الملف االجتماعي عدد ‪ 2113/726‬بتاريخ ‪ ،2116/11/17‬غير منشور‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬مظاهر تدخل القاضي لمكافحة الشروط التعسفية لعقود‬
‫الشغل الفردية‬

‫يبهرز تهدخل القاضهي االجتمهاعي فهي تأهيهل عقهد الشهغل وضهمان اسهتمراريته‬
‫مهن خهالل تهأطير حريهة أطهراف عقهد الشهغل وتهدقيق العبهارات‪ ،‬بمها يكفهل مراجعهة‬
‫بنود العقد التي قد تحمل في طياتها شروطا تعسفية ‪.‬‬

‫وحقهوق األجيهر التهي يمكهن أن يطالهها التعسهف عديهدة‪ ،‬ويمكهن تقسهيمها إلهى‬
‫حقهوق ماديهة بالمطلهب األول ‪ ،‬وحقهوق معنويهة المطلهب الثهاني‪ ،‬وسهنبرز فيمها يلهي‬
‫مظاهر تعديل القاضي لعقد الشغل حماية لهذه الحقوق‪.‬‬

‫المطلب االول ‪:‬تدخل القاضي لتعديل الشرط التعسفي لحماية حقوق األجير المادية‬

‫سهنتطرق فهي ههذا المطلهب لمظهاهر التعسهف فهي كهل مهن شهرط عهدم المنافسهة‬
‫بالفقرة األولى ‪ ،‬والتعويض االتفاقي بالفقرة الثانية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪:‬شرط عدم المنافسة‬

‫شهرط عهدم المنافسهة ههو اتفهاق بمقتضهاه يلتهزم أحهد المتعاقهدين بهأال يرسهس‬
‫مشهروعا منافسها للمتعاقهد ا خهر‪ ،‬أو أال يشهتغل فهي مرسسهة منافسهة لهه‪ ،1‬حسهب مها‬
‫ضمن بذلك االتفاق ‪.‬‬

‫جليها مهن خهالل ههذا التعريهف أن مجهال المنافسهة غيهر المشهروعة‬ ‫ويتضه‬
‫واسع جدا‪ ،‬وهو يتصل بالخصوص بالقانونين التجاري واالجتماعي‪.‬‬

‫ففهي عقههد الشههغل ونظهرا لمهها قههد تتعهرض لههه المقاولههة مهن أضههرار بسههبب‬
‫المنافسههة غيههر المشههروعة‪ ،‬أعطههى المشههرع للمشههغل إمكانيههة إدراج شههرط عههدم‬
‫المنافسهة فهي عقهود شهغل أجهرائهم حيهث جهاء فهي الفصهل ‪ 109‬مهن ق‪.‬ل‪.‬ع" ‪:‬كهل‬
‫شهرط مهن شهأنه أن يمنهع أو يحهد مهن مباشهرة الحقهوق والهرخص الثابتهة لكهل إنسهان‬

‫‪ 1‬محمههههههد الكشههههههبور‪ ،‬الشههههههروط المضههههههمنة فههههههي عقههههههد الشههههههغل وأثرههههههها علههههههى تههههههوازن عالقههههههة العمههههههل‪ ،‬مجلههههههة قضههههههاء المعرفههههههة القانونيههههههة‪،‬‬
‫العدد الثاني‪ ،‬السنة ‪ ،2112‬ص‪.227 :‬‬

‫‪13‬‬
‫كحهق االنسهان فهي أن يتهزوج وحقهه فهي أن يباشهر حقوقهه المدنيهة يكهون بهاطال ويهردي‬
‫إلى بطالن االلتزام الذي يعلق عليه ‪.‬‬

‫وال يطبهق ههذا الحكهم علهى الحالهة التهي يمنهع فيهها أحهد الطهرفين نفسهه مهن‬
‫مباشرة حرفة معينة خالل وقت وفي منطقة محددين‪".‬‬

‫ويسهتفاد مهن المقتضهيات أعهاله أنهه إذا كهان المشهرع المغربهي قهد قيهد شهرط‬
‫عهدم المنافسهة فهي الزمهان وفهي المكهان فإنهه لهم يوضه المهدى الهذي يمكهن أن يصهل‬
‫إليهه‪ ،‬ومهن ثهم فالمسهألة ترجهع إلهى السهلطة التقديريهة لقاضهي الموضهوع الهذي عليهه أن‬
‫يوض ذلك المدى انطالقا من مقتضيات كل نزاع على حدة‪.1‬‬

‫ومتهى تحقهق شهرط عهدم المنافسهة غيهر المشهروعة‪ ،‬بكيفيهة سهليمة‪ ،‬أعمهل بشهأنه‬
‫مبهدأ العقهد شهريعة المتعاقهدين المنصهوص عليهه فهي الفصهل ‪ 230‬مهن ق‪.‬ل‪.‬ع وفهي‬
‫هذا الصدد جاء في قرار للمجلس األعلى‪:2‬‬

‫"نعهم حيهث صه مها نعتهه الوسهيلة علهى القهرار المطعهون فيهه ذلهك أنهه بمقتضهى‬
‫الفصهل ‪ 12‬مهن العقهد المبهرم بهين الطاعنهة والمطلهوب فهي الهنقض يلتهزم ههذا األخيهر‬
‫بإفهادة الشهركة بجميهع نشهاطه المهنهي ويمنهع عليهه إشهاعة أي إيضها أو بيهان عهن سهير‬
‫الشههركة أو الوسههائل الخاصههة المسههتعملة مههن طرفههها أو اسههتخدام هههذه المعلومههات‬
‫واسهاليب لفائهدة مصهلحته الشخصهية ولهو حتهى بعهد انتههاء مهدة العقهد‪ ،‬وكهل مخالفهة لههذا‬
‫االلتهزام تعتبهر خطهأ جسهيما ال يبهرر فحسهب الطهرد فهورا‪ ،‬بهل يوجهد عهالوة علهى ذلهك‬
‫تعويض الضرر الناتج عنه‪.‬‬

‫وحيهث أثبتهت الطاعنهة أن المطلهوب فهي الطعهن أسهس شهركة مماثلهة لهها تههدف‬
‫نفههس الهههدف تحههت اسهم ت سههيتكون ت وذلههك بواسههطة نسههخة مههن القههانون األساسههي‬
‫للشركة المذكورة ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد الكشبور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.231-222 :‬‬


‫‪ 2‬قرار ‪ 22‬شتنبر ‪ ،1281‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،27‬ص‪ 133 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وحيهث إن مها قهام بهه المطلهوب فهي الهنقض يشهكل خرقها صهريحا لمها التهزم بهه‬
‫الفصهل ‪ 12‬مهن عقهد العمهل المبهرم بينهه وبهين مشهغله شهركة تلموسهيتت‪ ،‬كمها يشهكل‬
‫خطأ جسيما يبرر طرده من طرف الشركة المذكورة طبق نفس االلتزامت‪.‬‬

‫وبالتهههالي فهههإن االتفهههاق علهههى تضهههمين شهههرط عهههدم المنافسهههة ال يعتبهههر تعسهههفا مهههن‬
‫طههههرف المشههههغل‪ ،‬إال لههههو أخههههل هههههذا األخيههههر بالضههههوابط المنصههههوص عليههههها فههههي الفصههههل‬
‫‪ 281‬مهههن قهههانون االلتزامهههات والعقهههود‪ ،‬مهههع العلهههم ان للقاضهههي االجتمهههاعي الهههدور إيجهههابي‬
‫فهههي تحديهههد مهههدى صهههحة ههههذا الشهههرط‪ ،‬مهههن خهههالل الموازنهههة بهههين مصهههال كهههل مهههن رب‬
‫العمل واألجير‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شرط التعويض االتفاقي‬

‫نظهههههم المشهههههرع المغربهههههي أحكهههههام التعهههههويض االتفهههههاقي فهههههي الفصهههههل ‪ 101‬مهههههن‬


‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬حيههههث نههههص فههههي فقرتههههه الثانيههههة علههههى أنههههه تيجههههوز للمتعاقههههدين أن يتفقهههها علههههى‬
‫التعههههويض عههههن األضههههرار التههههي قههههد تلحههههق الههههدائن مههههن جههههراء عههههدم الوفههههاء بههههااللتزام‬
‫االصلي كليا أو جزئيا‪ ،‬أو التأخير في تنفيذهت‪.‬‬

‫واألصهههل فهههي التعهههويض أن يهههتم تقهههديره مهههن طهههرف القاضهههي وههههو مههها يطلهههق عليهههه‬
‫بهههالتعويض القضهههائي‪ ،‬غيهههر أنهههه يمكهههن لألطهههراف أن يتفقهههوا مسهههبقا علهههى مقهههداره وههههو مههها‬
‫يدعى بالتعويض االتفاقي أو بالشرط الجزائي‪.‬‬

‫والتعههههويض االتفههههاقي هههههو إحههههدى الوسههههائل الههههذي أوجههههدتها اإلرادة بغيههههة تعزيههههز‬
‫وعهههود المهههدين بتنفيهههذ التزاماتهههه التعاقديهههة والتثبهههت مهههن التنفيهههذ بصهههورة أكثهههر نجاعهههة مهههن‬
‫التهديد البسيط الناجم عن التعيين القضائي للتعويض‪.1‬‬

‫وتحديهههد مقهههدار التعهههويض االتفهههاقي فهههي إطهههار عالقهههات الشهههغل إمههها أن يكهههون وقهههت‬
‫إبرام العقد أو يكون بمناسبة الصل التمهيدي‪.2‬‬

‫‪ 1‬سارة أيت بنقدور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.27 :‬‬


‫‪ 2‬المسهههههههههتحقات والتعويضهههههههههات الناتجهههههههههة عهههههههههن الفصهههههههههل‪ ،‬مقهههههههههال منشهههههههههور بهههههههههالموقع اإللكترونهههههههههي ‪ ،WWW.Maraje3.com‬تمهههههههههت‬
‫زيارته بتاريخ ‪ 2122/12/12‬على الساعة ‪.22:21‬‬

‫‪12‬‬
‫وسنقتصهههر فهههي عرضهههنا ههههذا علهههى دراسهههة التعهههويض االتفهههاقي المضهههمن فهههي عقهههد‬
‫الشغل‪.‬‬

‫فمهههها مههههدى صههههحة هههههذا االتفههههاق؟ وهههههل يمكههههن للقاضههههي تعههههديل مقههههدار التعههههويض‬
‫المتفق عليه؟‬

‫أوال‪ :‬مدى صحة االتفاق المسبق على مقدار التعويض‬

‫لقهههد سهههبق للمجلهههس االعلهههى أن أبهههان عهههن موقفهههه مهههن ههههذه المسهههألة و ذلهههك بموجهههب‬
‫القهههههرار عهههههدد ‪ 109‬الصهههههادر بتهههههاريخ ‪ 9‬أكتهههههوبر ‪2108‬فهههههي الملهههههف االجتمهههههاعي عهههههدد‬
‫‪ ،0119/00‬حيههههههههث جههههههههاء فههههههههي إحههههههههدى حيثياتههههههههه‪:‬ت‪ ...‬بههههههههالرجوع إلههههههههى رسههههههههالة‬
‫‪ 2189/81/19‬التهههي تكهههون عقهههدا رابطههها بهههين الطهههرفين‪ ...‬نجهههدها تهههنص علهههى أنهههه فهههي‬
‫حالهههة إنههههاء العقهههد بصهههفة انفراديهههة مهههن كهههرف المشهههغلة مهههن غيهههر مبهههرر‪ ،‬فإنهههها تهههردي‬
‫لألجيهههر مقابهههل الضهههرر تعويضههها يسهههاوي أجهههر شههههرين عهههن كهههل سهههنة كاملهههة قضهههاها فهههي‬
‫خهههدماتها وأن ال يتعهههدى ذلهههك التعهههويض مبلهههض أجهههر سهههنة عنهههد قضهههاء ‪ 21‬سهههنة‪ ،‬يضهههاف‬
‫الههى ذلههك أجههر شهههر عههن كههل سههنة ابتههداء مههن ذلههك‪ .‬ومههن تنصيصههات الرسههالة المههذكورة‬
‫يتضههه بصهههفة جليهههة أن الطهههرفين اتفقههها علهههى ممارسهههة حهههق انههههاء العقهههد ولهههو بهههدون مبهههرر‬
‫مههههن جانههههب المشههههغل‪ ،‬مقابههههل تعههههويض جزائههههي اتفقهههها عليههههه‪ ،‬ومهههها دامههههت االلتزامههههات‬
‫التعاقديهههة المنشهههأة علهههى وجهههه صهههحي تقهههوم مقهههام القهههانون بالنسهههبة الهههى منشهههئها‪ ...‬فهههإن‬
‫قضههاة الموضههوع اعتبههروا فسههخ العقههد بههين الطالبههة والمطلههوب فههي الههنقض فسههخا تعسههفيا‬
‫لعهههدم وجهههود المبهههرر وقضهههوا بهههالرجوع مهههع أن العقهههد يبهههي ذلهههك‪ ،‬جعلهههوا قهههرارهم نهههاقص‬
‫التعليل‪ ،‬المنزل منزلة انعدامه مما يعرضه للنقض‪...‬ت‪.‬‬

‫فمههههن خههههالل هههههذا القههههرار يتبههههين أن المجلههههس االعلههههى أعطههههى لألطههههراف كامههههل‬
‫الصهههالحية فهههي االتفهههاق علهههى مقهههدار التعهههويض دون قيهههد أو شهههرط‪ ،‬وذلهههك تطبيقههها لمبهههدأ‬
‫الحرية التعاقدية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثانيا‪ :‬صالحية القاضي في تعديل التعويض االتفاقي‬

‫يههههنص الفصههههل ‪ 101‬مههههن ق ل ع‪:‬ت يمكههههن للمحكمههههة تخفههههيض التعههههويض المتفههههق‬


‫عليههه إذا كههان مبالغهها فيههه أو الرفههع مههن قيمتههه إذا كههان زهيههدا‪ ،‬ولههها أيضهها أن تخفههض مههن‬
‫التعهههويض المتفهههق عليهههه بنسهههبة النفهههع الهههذي عهههاد علهههى الهههدائن مهههن جهههراء التنفيهههذ الجزئهههي‪،‬‬
‫يقع باطال كل شرط يخالف ذلكت‪.‬‬

‫ومهههن ههههذا الفصهههل يتبهههين أن للقاضهههي سهههلطة تقهههدير مهههدى تغطيهههة التعهههويض المتفهههق‬
‫عليهههه للضهههرر الالحهههق بهههاألجير‪ ،‬مهههع إمكانيهههة تخفيضهههه لههههذا التعهههويض أو الرفهههع منهههه إذا‬
‫كان غير منسجما مع الضرر‪.‬‬

‫وههههههو مهههههها أكدتهههههه المحكمههههههة االبتدائيهههههة بفههههههاس فهههههي حكمههههههها الصهههههادر بتههههههاريخ‬
‫‪ 2111/81/10‬فهههي الملهههف المهههدني ‪ ،11111/11‬حيهههث جهههاء فهههي حيثيهههات ههههذا الحكهههم‪:‬‬
‫ت ‪ ...‬وحيهههث إن التعهههويض المتفهههق عليهههه جهههد مبهههالض فيهههه وال ينسهههجم مهههع مبهههادم العهههدل‬
‫واالنصههههاف حيههههث أن هنههههاك تنفيههههذ جزئههههي لاللتههههزام كمهههها أن الضههههرر الحاصههههل للمدعيههههة‬
‫ضئيل بالمقارنة مع مقدار التعويض‪...‬‬

‫وحيههههث أن الفقههههه والقضههههاء يسههههم بإمكانيههههة تعههههديل الشههههرط الجزائههههي مههههن قبههههل‬
‫المحكمة متى كان مبالغا فيه وال يتناسب مع الضرر الحاصل‪.‬‬

‫وحيث أن المحكمة بناء على ما ذكر أعاله‪ ،‬قررت تحديد التعويض‪...‬ت‪.‬‬

‫ممهههها سههههبق‪ ،‬يتبههههين أن للمحكمههههة سههههلطة تقديريههههة فههههي التخفههههيض مههههن التعههههويض‬
‫المتفههق عليههه إذا كههان مبالغهها فيههه وكههان األجيهههر هههو الملههزم بتأديتههه‪ ،‬كمهها لههها بالمقابهههل أن‬
‫ترفههههع منههههه إذا كههههان هههههزيال بالمقارنههههة مههههع الضههههرر الالحههههق بههههاألجير‪ ،‬وذلههههك تجسههههيدا‬
‫للطابع الحمائي لقانون الشغل‪.2‬‬

‫‪ 1‬حكم منشور بمجلة االشعاع‪ ،‬العدد ‪ ،12‬ص‪ 218 :‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ 2‬سارة أيت بنقدور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.31-31 :‬‬

‫‪17‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تدخل القاضي لتعديل الشرط التعسفي لحماية حقوق األجير الشخصية‬

‫لعهههل مهههن أههههم الشهههروط التهههي يمكهههن إدراجهههها فهههي عقهههد الشهههغل والتهههي تشهههكل تقييهههد‬
‫لحقههههوق األجيههههر الشخصههههية‪ ،‬شههههرط عههههدم الههههزواج بالفقههههرة األولههههى ‪ ،‬والشههههرط المتعلههههق‬
‫بمظهر األجير بالفقرة الثانية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شرط عدم الزواج‬

‫إذا كههههان اهتمههههام المشههههرع المههههدني هههههو إقامههههة نههههوع مههههن التههههوازن والتكههههافر بههههين‬
‫طرفههي العقههد‪ ،‬فههأن مشههرع قههانون الشههغل لههيس لديههه نفههس االهتمههام‪ ،‬ألنههه علههى علههم بههأن‬
‫طرفهههههي عقهههههد العمهههههل مختلفهههههين مهههههن حيهههههث القهههههوة او الهههههوزن االقتصهههههادي وأن أحهههههدهما‬
‫أضعف من ا خر لذلك ال يمكن أن يحتج عليه بمبدأ سلطان اإلرادة‪.1‬‬

‫وإذا كهههان مهههن المسهههلم بهههه مبهههدئيا أن األجيهههر يسهههترجع كامهههل حريتهههه بمجهههرد انتههههاء‬
‫وقههت العمههل وخروجههه مههن المرسسههة علههى اعتبههار تبعيتههه للمشههغل ال تههتم اال فههي الحههدود‬
‫المكانيهههة والزمانيهههة لتنفيهههذ عقهههد الشهههغل‪ ،‬فهههإن الواقهههع العملهههي يكشهههف أن المشهههغل يتهههدخل‬
‫فهههي أحيهههان كثيهههرة لفهههرض شهههروط تخهههرج عهههن أداء العمهههل بمعنهههاه الضهههيق لتتعهههداه إلهههى‬
‫حياة األجير الشخصية‪ ،‬كأن يشترط على األجير عدم الزواج‪.2‬‬

‫وقههد أتيحههت الفرصههة للقضههاء المغربههي لبيههان موقفههه مههن هههذا الشههرط‪ ،‬وذلههك فههي القضههية‬
‫المعروفههههة بقضههههية المضههههيفة الجويههههة تهيلينهههها باطسههههطات‪ ،‬ويتعلههههق األمههههر بمضههههيفة جويههههة‬
‫فصهههلت مهههن عملهههها بسهههبب إبرامهههها عقهههد زواج مخالفهههة بهههذلك لمقتضهههيات القهههرار العهههام‬
‫الصهههادر عهههن الشهههركة المشهههغلة الهههذي يمنهههع الهههزواج علهههى مهههن يشهههتغل لهههديها كمضهههيفة‬
‫جويههههة‪ ،‬حيههههث اسههههتند فههههي تبريههههر الفصههههل دون أحقيههههة األجيههههر فههههي الخصههههول علههههى أيههههة‬
‫تعهههويض الهههى الفصهههل ‪ 281‬مهههن ق ل ع الهههذي بمقتضهههاه أن الشهههرط الهههوارد فهههي القهههرار‬

‫‪ 1‬إدريههههههههس فجههههههههر‪ ،‬دور القضههههههههاء فههههههههي حمايههههههههة األجيههههههههر‪ ،‬مجموعههههههههة مقههههههههاالت وأبحههههههههاث قانونيههههههههة‪ ،‬ج ‪ ،1‬قههههههههانون العمههههههههل المغربههههههههي‬
‫‪ ،2111‬ص ‪ 17‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 2‬عز سعيد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.26:‬‬

‫‪18‬‬
‫العههام لههةدارة المشههغلة الههذي يمنههع المضههيفات الجويههات مههن الههزواج يعتبههر شههرطا بههاطال‬
‫و مبطال لاللتزامات المعلقة عليه‪.1‬‬

‫غير أن المجلس األعلى عند نظره في تلك النازلة أقر بطالن شرط عدم الزواج وحده‬
‫دون االلتزام المعلق عليه حيث جاء في قراره‪ 2‬أنه ت لئن كان الفصل ‪ 281‬من ق ل ع ينص‬
‫على بطالن االلتزام المقترن بشرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص‬
‫الثابتة لكل انسان كحقه في أن يتزوج‪ ،‬وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية فان هذا الشرط يكون‬
‫باطال وال يردي إلى بطالن االلتزام الذي يعلق عليه إذا مان من شأنه االنقاص من حقوق‬
‫األجير لذلك فإن المحكمة كان على صواب عندما اعتبرت شرط عدم الزواج الذي التزمت‬
‫به المطلوبة في النقض يعتبر باطال ويبقى العقد صحيحا ورتب على ذلك أثار الفسخ التعسفي‬
‫لعقد العمل الصادر بإرادة منفردة من جانب الطاعن وكان بذلك قرارها معلال تعليال كافيا‬
‫وصحيحا ولم تخرق الفصول المحتج بها مما تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساست‪.‬‬

‫وإن كهههان القضهههاء قهههد أشهههار فهههي قهههراره إلهههى الفصهههل ‪ 281‬مهههن ق ل ع‪ ،‬فههههو لهههم‬
‫يعتمهههد عليهههه منفهههردا لتبريهههر صهههحة عقهههد الشهههغل‪ ،‬ألن مهههن شهههأن اعتمهههاد ههههذا الفصهههل أن‬
‫يحهههرم األجيهههرة مهههن أي تعهههويض اعتبهههارا لكونهههه يجعهههل مهههن الشهههرط الباطهههل يهههردي تلقائيههها‬
‫الههههى بطههههالن االلتههههزام المعلههههق عليههههه‪ ،‬وإنمهههها عمههههد الههههى تفسههههير نههههص الفصههههل ‪ 281‬بمهههها‬
‫يناسهههب النظهههام العهههام االجتمهههاعي وذلهههك حينمههها أشهههار إلهههى أن بطهههالن الشهههرط ال يهههردي‬
‫إلى بطالن االلتزام الذي يعلق عليه إذا كان من شأنه االنتقاص من حقوق األجير‪.‬‬

‫ذلههههك أن القضههههاء المغربههههي يميههههز بههههين مخالفههههة القواعههههد المتعلقههههة بالنظههههام العههههام‬
‫المطلهههق ومخالفهههة القواعهههد المتعلقهههة بالنظهههام العهههام االجتمهههاعي‪ ،‬فهههإذا كهههان يرتهههب الهههبطالن‬
‫علههههى مخالفههههة الطائفههههة األولههههى‪ ،‬فإنههههه يقههههرر جههههواز مخالفههههة القواعههههد القانونيههههة المتعلقههههة‬
‫بالنظام العام االجتماعي إذا كان ذلك لمصلحة األجير‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد بنحاسين‪ ،‬عقد العمل وحماية حقوق الجراء الشخصية‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬ص‪.122-121 :‬‬
‫‪ 2‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1311‬الصادر بتاريخ ‪ 1283/17/31‬بغرفتين مجتمعتين في الملف المدني عدد ‪ .23221‬أورده محمد الكشبور‪ ،‬م‪.‬س‪،‬‬
‫ص‪.236:‬‬

‫‪12‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط المتعلقة بمظهر األجير‬

‫إن األصهههل أن األجيهههر حهههر فهههي اختيهههار مظههههره وكهههل شهههرط مهههن شهههأنه أن يقيهههد‬
‫هههذه الحريههة يعتبههر بهههاطال لكونههه يحههد مهههن الحقههوق والههرخص الثابتهههة لكههل انسههان‪ ،‬وذلهههك‬
‫تطبيقههها للفصهههل ‪ 281‬مهههن ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬لكهههن األخهههذ بمفههههوم ههههذه الحريهههة علهههى إطالقهههه مهههن‬
‫شهههانه أن يضهههر بمصهههال المرسسهههة المشهههغلة ويمهههس بحهههق المشهههغل فهههي تسهههيير وتهههدبير‬
‫‪1‬‬
‫مرسسته وفق ما يراه مناسبا لتطورها وازدهارها والحفاظ على قدرتها التنافسية‪.‬‬

‫فالقاضههي عنههدما يبههت فههي نههزاع يتعلههق بحريههة األجيههر فههي اختيههار مظهههره‪ ،‬يجههب‬
‫عليهههه أن يوفهههق بهههين المصهههال المتعارضهههة‪ ،‬فحهههق األجيهههر يجهههب ان يمهههارس فهههي حهههدود ال‬
‫تضهههههر بالمرسسهههههة‪ ،‬ألن الحفهههههاظ علهههههى مصهههههال المرسسهههههة فيهههههه حفهههههاظ علهههههى مناصهههههب‬
‫‪2‬‬
‫الشغل‪.‬‬

‫وههههذا نفهههس التوجهههه الهههذي سهههار عليهههه قضهههاء المجلهههس األعلهههى فهههي قهههرار لهههه‪:3‬ت‪...‬‬
‫لكههههن مههههن جهههههة أولههههى‪ ،‬لههههئن كههههان نظههههام العمههههل داخههههل الشههههركة الطالبههههة يفههههرض علههههى‬
‫العهههاملين وضهههع قبعهههة واقيهههة علهههى الهههرأس‪ ،‬فهههإن اسهههتعمال تسهههترة الهههرأست التهههي التزمهههت‬
‫بههها المطلوبههة كطريقههة خاصههة فههي لباسههها‪ ،‬الههى جانههب القبعههة المههذكورة‪ ،‬قيامههها بههذلك ال‬
‫يشهههكل اخهههالال بنظهههام العمهههل‪ ،‬وال يهههرثر علهههى طبيعهههة عملهههها ومهههن ثهههم فهههإن مطالبهههة إدارة‬
‫الشههههركة للمطلوبههههة ت بإزالههههة الحجههههاب الموضههههوع علههههى رأسهههههات وكمهههها جههههاء فههههي مقههههال‬
‫الههنقض يشههكل مساسهها بحههق شخصههي لههها فههي ظههل خلههو الملههف ممهها يثبههت ان ذلههك يحههول‬
‫دون قيامها بعملها على الوجه المطلوب‪ ،‬أو أن يعرقله بأي شكل من األشكال‪.‬‬

‫ومهههن جههههة ثانيهههة‪ ،‬فهههإن أمهههام تمسهههك المطلوبهههة بحقهههها الشخصهههي فهههي طريقهههة معينهههة‬
‫فههههي لباسههههها فههههإن مغادرتههههها لعملههههها إن تمههههت مههههن قبلههههها أمههههام إصههههرار المسههههرول عههههن‬
‫الشههههركة الطالبههههة علههههى التخلههههي عنههههها تعتبههههر طههههردا مقنعهههها مههههن عملههههها تسههههتحق معههههه‬
‫التعويضات التي يخولها لها قانون الشغل‪...‬ت‪.‬‬

‫‪ 1‬سارة أيت بنقدور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.37‬‬


‫‪ 2‬سارة أيت بنقدور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪ 3‬قرار عدد ‪ ،1176‬صادر بتاريخ ‪ 2111/12/2‬في الملف االجتماعي عدد ‪ ،12/11/2/611‬أوردته سارة أيت بنقدور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪21‬‬
‫ومههههن تههههم يفهههههم مههههن القههههرار المههههذكور‪ ،‬أن ممارسههههة األجيههههر لحريتههههه فههههي اختيههههار‬
‫مظههههره‪ ،‬رههههين بهههان ال يشهههكل ذلهههك أي عرقلهههة أو تقصهههير فهههي أدائهههه لعملهههه علهههى الوجهههه‬
‫المتفق عليه في عقد الشغل‪.‬‬

‫وهكههههذا يبقههههى للقضههههاء االجتمههههاعي فههههي إطههههار سههههلطته التقديريههههة الموازنههههة بههههين‬
‫المصههههال المشههههروعة للمشههههغل وحقههههوق األجيههههر المرتبطههههة بشخصههههيته مههههع األخههههذ بعههههين‬
‫االعتبار الطابع الحمائي لقانون الشغل‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫خاتمة‬

‫إذا كانهههت مدونهههة الشهههغل تتسهههم بطابعهههها الحمهههائي‪ ،‬حيهههث تههههدف الهههى ضهههمان حهههد‬
‫أدنههههى مههههن الحقههههوق لألجيههههر‪ ،‬الطههههرف الضههههعيف فههههي عالقههههة الشههههغل‪ ،‬وإذا كههههان دور‬
‫القضهههاء ههههو تطبيهههق تلهههك المقتضهههيات وتكريسهههها علهههى أرض الواقهههع‪ ،‬فهههإن عهههدة عوامهههل‬
‫تحهههول دون بلهههوي الغايهههة المرجهههوة‪ ،‬نظهههرا لوجهههود عهههدة معوقهههات والتهههي تختلهههف بحسهههب‬
‫مههها إذا تعلهههق األمهههر بعلهههم القاضهههي بهههالبنود التعسهههفية الهههواردة فهههي عقهههد الشهههغل او بسهههلطته‬
‫في تعديل هذه البنود‪.‬‬

‫فبخصههههوص اطههههالع القاضههههي علههههى البنههههود التعسههههفية‪ ،‬فاإلكراهههههات التههههي تههههرثر‬


‫علهههى إرادة األجيهههر عنهههد ابرامهههه لعقهههد الشهههغل‪ ،‬وتجعلهههه يوافهههق علهههى تلهههك الشهههروط‪ ،‬تبقهههى‬
‫مسهههتمرة خهههالل تنفيهههذ العقهههد‪ ،‬والقاضهههي ال يضهههع يهههده علهههى تلهههك الشهههروط وال يعلهههم بهههها إال‬
‫عند نشوب نزاع بين األجير والمشغل‪ ،‬وبعد لجوئهما الى القضاء‪.‬‬

‫امههههها بخصهههههوص سهههههلطة القاضهههههي بمكافحهههههة الشهههههروط التعسهههههفية‪ ،‬فههههههي تصهههههطدم‬


‫بواقههههع أن قضههههاة المههههادة االجتماعيههههة غيههههر متخصصههههين فههههي اإلدارة والتسههههيير‪ ،‬لههههذا ال‬
‫يمكهههنهم تقيهههيم االختيهههارات التهههي يقهههوم بهههها المشهههغل فهههي ممارسهههته سهههلطته بتضهههمين عهههدة‬
‫بنههود فههي العقههد‪ ،‬رغبههة منههه فههي إحههالل النظههام داخههل مرسسههته المشههغلة‪ ،‬أو حمايتههها مههن‬
‫كل ما من شأنه أن يرثر سلبا على سير المقاولة‪.‬‬

‫‪22‬‬

You might also like