Professional Documents
Culture Documents
يكتسي القانون أهمية قصوى في المجتمع ،فهو أساس أمن وطمأنينة أفراده وضامن
حقوقهم وحرياتهم ،إال أن هذه األهمية ال تتقاسمها فروع القانون على قدر المساواة ،ذلك أن
هناك فروعا أخرى ازدادت أهميتها في المجتمعات الحديثة ،كما هو الشأن بالنسبة لقانون
الشغل ،الذي يتولى بالضبط العالقات الشغلية بين األجير والمشغل عن طريق تحديده لحقوق
والتزامات كل طرف ،والحيلولة دون ما من شأنه أن يهدد استقرارها .وذلك نظرا لطبيعة
العالقات التعاقدية التي تجمع بين عرفي عقد الشغل.
ولقد أولى المشرع المغربي اهتماما خاصا لعالقات الشغل الفردية منذ ظهير 21
غشت ،2121المتعلق بظهير االلتزامات والعقود ،حيث ظهرت البوادر االولى لقانون الشغل
كتشريع وضعي مغربي ،وظلت العالقات الشغلية بين األجير والمشغل خاضعة للقواعد العامة
في ن ظرية العقد ،ومحكومة بمبدأ حرية التعاقد ومبدأ سلطان اإلرادة إال أنه عزز المشرع
المغربي ترسانته القانونية بمدونة عصرية للشغل واكب من خاللها التطور الحاصل على
مستوى التشريعات المقارنة.1
وعليههههههه فههههههإن األمههههههر يقتضههههههي منهههههها اإلحاطههههههة بهههههههذا الموضههههههوع مههههههن خههههههالل
اإلجابة على االشكاليات التالية:
1يوسف احمانن :حدود الحرية التعاقدية في العالقات الشغلية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ،2112-2112 :ص.1:
2سارة أيت بنقدور ،سلطات القاضي في تعديل عقد الشغل ،رسالة نهاية تكوين الملحقين القضائيين ،فترة التكوين ،2111/2112ص.3 :
2
-مهههههها مههههههدى إمكانيههههههة التههههههدخل القضههههههائي لمكافحههههههة الشههههههروط التعسههههههفية فههههههي
عقود الشغل الفردية؟
المبحث الثاني :مظاهر تدخل القاضي لمكافحة الشروط التعسفية لعقود الشغل الفردية.
3
المبحث األول :أساس سلطة القاضي في تعديل عقد الشغل
المطلب األول :اآلثار السلبية لمبدأ سلطان اإلرادة وضرورة تقييده في عقد الشغل
لتحليهههل ههههذا المطلهههب ارتأينههها أن نبهههين تطهههور مبهههدأ سهههلطان اإلرادة و ثهههاره السهههلبية
علههههى عقههههد الشههههغل بالفقههههرة األولههههى ،ونتنههههاول تراجههههع مبههههدأ سههههلطان اإلرادة وتههههدخل
المشرع لتقييده بالفقرة الثانية .
الفقرة األولى :تطور مبدأ سلطان اإلرادة وآثاره السلبية على عالقات الشغل
ظلهههههت لمهههههدة طويلهههههة مبهههههادم القهههههانون المهههههدني تههههههيمن علهههههى مجهههههال التصهههههرفات
القانونيههههة ،ومههههن ضههههمنها عقههههود الشههههغل التههههي لههههم تكههههن تحظههههى بمبههههادم مسههههتقلة تراعههههي
تميزههها علههى بههاقي العالقههات المدنيههة ،وقهههد أدى إعمههال مبههدأ الحريههة التعاقديههة فههي مجهههال
الشهههغل إلهههى الزيهههادة فهههي تهههأزيم أوضهههاع األجهههراء ،ذلهههك ألن المشهههغل كهههان يسهههتقل بفهههرض
شروط الشغل حسب ما يحقق مصلحته دون أي اعتبار لوضع األجراء.1
وقهههد عملهههت مختلهههف التشهههريعات المنضهههوية تحهههت لهههواء المدرسهههة الالتينيهههة علهههى
تكريس مبدأ سلطان اإلرادة والعقد شريعة المتعاقدين.
2
ويعههههد القهههههانون المهههههدني الفرنسههههي صهههههاحب السهههههبق فههههي التأكيهههههد علهههههى المبهههههدأين
المهههذكورين منهههذ سهههنة ،2081مهههن خهههالل المهههادة 2211مهههن القهههانون المهههدني الفرنسهههي،
التههههي جههههاء فيههههها :تاالتفاقههههات المنشههههأة علههههى وجههههه صههههحي تقههههوم مقههههام القههههانون بالنسههههبة
لعاقديها...ت.
أمههها المشهههرع المغربهههي فقهههد أقهههر ههههذه القاعهههدة فهههي الفصهههل 118مهههن ق.ل.ع حيهههث
جهههاء فيهههه تااللتزامهههات التعاقديهههة المنشهههأة علهههى وجهههه صهههحي تقهههوم مقهههام القهههانون بالنسهههبة
إلهههى منشهههئيها وال يجهههوز إلغارهههها إالر برضهههاهما معههها ،أو فهههي الحهههاالت المنصهههوص عليهههها
في القانون.ت
وهكههههذا فههههإن مبههههدأي سههههلطان اإلرادة والعقههههد شههههريعة المتعاقههههدين ظههههال إلههههى غايههههة
منتصههههف القههههرن التاسههههع عشههههر المصههههدران األساسههههيان لكههههل الحقههههوق وااللتزامههههات بمهههها
فيههههها عالقههههات الشههههغل ،وحققهههها تفوقهههها كاسههههحا وباتهههها الركيههههزة التههههي تبنههههى عليههههها جههههل
النظريهههات القانونيهههة ،كمههها أن مجمهههل التصهههرفات كانهههت تنشهههأ عهههن اإلرادة الحهههرة وبهههات
لكهههل فهههرد أن ينشهههأ مههها شهههاء مهههن االلتزامهههات والتصهههرفات أو يرفضهههها متهههى تبهههين لهههه أنهههها
ال تحقق مصالحه.1
فأمهههههام الحريهههههة التهههههي يمنحهههههها سهههههلطان اإلرادة والتهههههي تسهههههم ألطهههههراف عالقهههههة
الشهههغل الحهههق فهههي مناقشهههة شهههروط الشهههغل وظروفهههه ،فهههإن إرادة المشهههغل هيمنهههت علهههى
إرادة الطهههرف الضهههعيف وغالبههها مههها كهههان األول يسهههتقل بفهههرض شهههروط التعاقهههد ،أمهههام قلهههة
فرص الشغل.
-1حياة أدغوغي ،حدود مبدأ سلطان اإلرادة في القانون االجتماعي المغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة الحسن ثاني كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،2113/2112ص.21 :
2
ويقوم مبدأ سلطان اإلرادة على أساسين اثنين:
ثانيهما :يتعلق بالموضوع ويجعل اإلرادة صاحبة السيادة في ترتيب ثار االلتزام.1
ولقد نتج عن إعمال مبدأ سلطان اإلرادة على العالقات الشغلية ثار جد سلبية على
واقع الطبقة العاملة ،التي كانت بمعزل عن أية حماية تشريعية أو قضائية ،ذلك أن القضاء
نفسه كان ملزما باحترام إرادة األطراف على الرغم من أن عقد الشغل كان قريبا من عقود
اإلذعان حيث يستقل الطرف القوي بفرض شروطه على الطرف الضعيف.2
لقههههد كههههان لتطبيههههق مبههههدأ سههههلطان اإلرادة أن نههههتج عنههههه مجموعههههة مههههن المسههههاوم
االقتصهههههادية واالجتماعيهههههة مسهههههت بالخصهههههوص الطبقهههههة العاملهههههة ،فعهههههالوة علهههههى منهههههع
التجمعهههات العماليهههة خوفههها مهههن اخهههتالل ميهههزان القهههوى بهههين أصهههحاب األعمهههال والعمهههال،
فهههإن المبهههادم التهههي نهههادت بهههها الثهههورة الفرنسهههية خاصهههة علهههى المسهههتوى القهههانوني كانهههت
وبههههههاال علههههههى الطبقههههههة العاملههههههة ،ألن األخههههههذ بمبههههههدأي سههههههلطان اإلرادة والعقههههههد شههههههريعة
المتعاقهههدين نهههتج عنهههه ثهههار جهههد سهههيئة بالنسهههبة للطبقهههة العاملهههة ،3ذلهههك أن إرادة المشهههغلين
غالبا ما تهيمن في فرض شروط الشغل على األجراء.
وإذا كانههههت العوامههههل االقتصههههادية والسياسههههية السههههبب فههههي وصههههول مبههههدأ سههههلطان
اإلرادة لههههذروة المجههههد ،فههههإن عوامههههل سياسههههية واقتصههههادية أخههههرى دعههههت إلههههى مهاجمتههههه
علههههى إثههههر قيههههام الصهههههناعات الكبيههههرة وتأسههههيس الشهههههركات الضههههخمة ،وتنظههههيم نقابهههههات
العمهههال ،علهههى إثهههر اخهههتالل التهههوازن بهههين القهههوى االقتصهههادية ،وظههههور قهههوى اجتماعيهههة
جديدة.4
-1إدريههههههس العلههههههوي العبههههههدالوي ،شههههههر القههههههانون المههههههدني النظريههههههة العامههههههة لاللتزامههههههات ،نظريههههههة العقههههههد ،مطبعههههههة النجهههههها الجديههههههدة،
الطبعة األولى سنة ،1226ص.21
-2سارة أيت بنقدور ،م.س ،ص.11 :
-3عبهههههههد اللطيهههههههف خهههههههالفي ،الوسهههههههيط فهههههههي مدونهههههههة الشهههههههغل ،ج ،1عالقهههههههات الشهههههههغل الفرديهههههههة ،المطبعهههههههة والوراقهههههههة الوطنيهههههههة ،الطبعهههههههة
األولى ،2112ص.22 :
-4إدريس العلوي العبدالوي ،م.س ،ص.21 :
6
ويمكن تلخيص هذه العوامل فيما يلي:
األولهههههى :حمايهههههة الطهههههرف الضهههههعيف عهههههن طريهههههق تقييهههههد إرادة الجانهههههب القهههههوي
بالشهههكل الهههذي يمنهههع أو علهههى األقهههل يحهههد مهههن تعسهههفه فهههي فهههرض شهههروطه علهههى الجانهههب
الضعيف.
الثانيههههة :حمايههههة مصههههال الجماعههههة عههههن طريههههق وضههههع قواعههههد قانونيههههة مههههرة ال
يمكن االتفاق على مخالفتها باعتبارها من النظام العام.
وقهههد تهههدخلت جهههل التشهههريعات المقارنهههة ومهههن ضهههمنها المشهههرع المغربهههي بواسهههطة
قواعهههد قانونيهههة مهههرة ال يمكهههن االتفهههاق علهههى مخالفهههة أحكامهههها ،إالر بشهههكل أفيهههد مادامهههت
ههههذه القواعهههد وضهههعت مهههن أجهههل فهههرض احتهههرام حهههد أدنهههى مهههن الحقهههوق التهههي ال يمكهههن
النهههزول عنهههها ولهههو باتفهههاق الطهههرفين فالصهههفة ا مهههرة تهههردي إلهههى اعتبهههار أي تعهههديل مضهههر
بهههاألجر سهههواء باتفهههاق ههههذا األخيهههر بصهههورة فرديهههة أو جماعيهههة إذا تعلهههق األمهههر باتفاقيهههة
الشغل الجماعية.1
ههههههذه القواعهههههد بهههههدأت تكتسههههه تهههههدريجيا عالقهههههات الشهههههغل علهههههى مجموعهههههة مهههههن
المسهههههتويات ،كمههههها ههههههو األمهههههر بالنسهههههبة للحهههههد األدنهههههى لألجهههههور ،والراحهههههة األسهههههبوعية
ورخص التغيب ،وإلزام المشغل بتوفير شروط الصحة والسالمة ...إلخ.
المطلب الثاني :أسباب تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي
رغهههم اتفهههاق طرفهههي العالقهههة التعاقديهههة علهههى بنهههود عقهههد الشهههغل أثنهههاء إبرامهههه إال أن
تطههور الحيهههاة االقتصهههادية يجعهههل تعهههديل ههههذه البنههود أمهههرا ال غنهههى عنهههه وههههذا التطهههور قهههد
-1محمد سعيد بناني ،قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل الفردية ،ج ،1مطبعة النجا الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2112ص:
.312
7
يعهههود إمههها إلهههى ظهههروف اقتصهههادية تعيشهههها المقاولهههة بفقهههرة أولهههى ،أو يعهههود إلهههى األجيهههر
من حيث مدى قدرته على مواكبة تطور الشغل داخل المقاولة بفقرة ثانية .
ومهههن خهههالل ههههذا القهههرار يتضههه أن أحهههد األسهههباب األساسهههية التهههي تهههدفع المشهههغل
إلهههى تعهههديل بنهههود عقهههد الشهههغل ههههي األسهههباب االقتصهههادية والتهههي تختلهههف مهههن مقاولهههة إلهههى
أخرى.
-1قهههههههرار صهههههههادر عهههههههن المجلهههههههس األعلهههههههى عهههههههدد 621المهههههههرري فهههههههي ،1222/16/16ملهههههههف اجتمهههههههاعي عهههههههدد 23/872منشهههههههور فهههههههي
مجلة قضاء المجلس األعلى العدد ،22ص.138 :
8
فهههي تحسهههين ظهههروف الشهههغل ،سهههواء عهههن طريهههق إنشهههاء مركبهههات صهههناعية أو تجاريهههة
جديدة ،أو الزيادة في اإلنتاج عن طريق إدخال ليات جديدة.
فهههي حهههين يمكهههن القهههول إن المشهههرع المغربهههي تنهههاول تعهههديل عقهههد الشهههغل عنهههدما
حهههدد مهههن خهههالل المهههادتين 209و 200األسهههباب التهههي تهههدعو أو تجبهههر إن صههه التعبيهههر
المشهههغل علهههى خفهههض سهههاعات الشهههغل كحصهههول أزمهههة اقتصهههادية عهههابرة للمقاولهههة أو قيهههام
ظروف طارئة خارجة عن إرادة المشغل.
وتبقهههى فهههي نظرنههها مههها نصهههت عليهههه المهههواد 209و 200مهههن مدونهههة الشهههغل لسهههنة
1881تتنهههاول مسهههطرة تخفهههيض سهههاعات الشهههغل علهههى اعتبهههار أن مهههدة الشهههغل ههههي مهههن
العناصههر األساسهههية فهههي عقههد الشهههغل ،فههههو يعبههر عهههن توجهههه المشههرع إلهههى تقنهههين مسهههطرة
تعههههديل عقههههد الشههههغل فيمهههها يخههههص مدتههههه وإن كههههان بشههههكل غيههههر مباشههههر علههههى عكههههس
مقتضههههيات المههههواد مههههن 00إلههههى 88مههههن مدونههههة الشههههغل فهههههي ال تتنههههاول تعههههديل عقههههد
الشغل وإنما سبل التخفيف من ثار اإلنهاء االقتصادي لعقد الشغل.1
التعهههديل الهههذي قهههد يعهههود لألجيهههر ،إمههها أن يتخهههذ صهههورة خطهههأ يترتهههب عنهههه عقوبهههة
تأديبيهههة كالنقهههل مهههن مكهههان شهههغل إلهههى مكهههان خهههر ،أو فقهههد ميهههزة مهههن الميهههزات التهههي تهههم
االتفهههاق عليهههها أثنهههاء التعاقهههد ،أو الوقهههف لمههههدة معينهههة مهههن الشهههغل ،وقهههد تصهههل العقوبههههة
التأديبيهههة إلهههى الفصهههل ،وقهههد يكهههون التعهههديل بسهههبب تعهههرض األجيهههر لحادثهههة شهههغل ،تجعلهههه
غيهههر قهههادر علهههى مواصهههلة الشهههغل ،أو فهههي حالهههة المهههرض ،ممههها يضهههطر المشهههغل إلهههى
1عصام الوراري ،تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة األولى ،2113ص.17 :
2
تغييهههر نهههوع الشهههغل الهههذي كهههان يقهههوم بهههه األجيهههر المصهههاب بشهههغل يتماشهههى مهههع قدرتهههه
الصحية.1
لههههذلك سههههنحاول تحليههههل السههههلطة التأديبيههههة للمشههههغل وحههههدودها فههههي تعههههديل عقههههد
الشهههههغلبأوال ،ثهههههم ننتقهههههل إلهههههى تنهههههاول تعهههههديل عقهههههد الشهههههغل بسهههههبب الحالهههههة الصهههههحية
لألجيربثانيا .
أقههههر القضههههاء المغربههههي إمكانيههههة ممارسههههة المشههههغل لسههههلطته التأديبيههههة كلمهههها كههههان
هنههاك خههرق للنظههام الههداخلي ،2وقههد وضههع القضههاء المغربههي حههدودا لهاتههه السههلطة حينمهها
اشهههترط فهههي الفعهههل المحتهههل بالنظهههام الهههداخلي أن يهههتم ارتكابهههه فهههي أوقهههات الشهههغل ،وعلهههى
أن يتم الخرق داخل المرسسة وهو ما نهجته مدونة الشغل لسنة .1881
فمهههههن خهههههالل المهههههادة 18فهههههي فقرتهههههها الرابعهههههة نجهههههدها تهههههنص علهههههى ،ت التهههههوبيخ
الثالههههث ،أو النقههههل إلههههى مصههههلحة أو مرسسههههة أخههههرى عنههههد االقتضههههاء مههههع مراعههههاة مقههههر
سكنى األجير...ت
إن عقوبهههة نقهههل األجيهههر مهههن شهههغله جعلهههها المشهههرع فهههي المرتبهههة الثالثهههة وههههي فهههي
حقيقتهههها عقوبهههة تصهههب فهههي الصهههفة المهنيهههة لألجيهههر ،إذ يسهههعى المشهههغل مهههن خهههالل ههههذه
العقوبهههة تحميهههل األجيهههر وزرة خطئهههه ،وذلهههك بنقلهههه إلهههى مصهههلحة أخهههرى يكهههون علهههى علهههم
بهههرفض األجيهههر للشهههغل فيهههها لهههو لهههم يكهههن مرتكبههها لخطهههأ يوجهههب ههههذا النقهههل ،وال تقهههف
صهههور مههها يمكننههها أن نصهههطل عليهههه بتعهههديل التهههأديبي عنهههد ههههذا الحهههد ،وإنمههها تكمهههن أيضههها
فههههي التوقيههههف ،إال أن المشههههرع المغربههههي لههههم يجعههههل التوقيههههف فههههي مدتههههه مفتوحهههها ،إلرادة
المشهههغل وإنمههها حصهههره فهههي مهههدة ال تتجهههاوز ثمانيهههة أيهههام ،و مههها دفهههع المشهههرع إلهههى ههههذا
التحديهههد ههههو أهميهههة األجهههر بالنيهههة لألجيهههر ،فإيقافهههه عهههن الشهههغل لمهههدة مفتوحهههة يعنهههي عهههدم
1
- Michel Morand, la modification de contrat de travail, éditions liaisons, Paris, 1992, p85.
-2عهههههز سههههههعيد ،العمههههههل القضههههههائي المغربهههههي فههههههي مجههههههال نزاعههههههات الشهههههغل الفرديههههههة دراسههههههة مقارنههههههة ،مطبعهههههة النجهههههها الجديههههههدة ،الههههههدار
البيضاء ،الطبعة األولى ،1222ص.82:
11
اسهههتحقاقه األجهههر عهههن ههههذه المهههدة ،خاصهههة وأن لألجهههر طهههابع اجتمهههاعي ال يقتصهههر تهههأثيره
على حياة األجير وحده وإنما أيضا على من يعول من أسرته.1
وفيمههها يتعلهههق بالفصهههل ،وههههي عقوبهههة تبقهههى أقصهههى مههها يمكهههن أن يوقعهههه المشهههغل
علهههى األجيهههر ،إذ تهههردي بهههه إلهههى فقهههدان شهههغله وال يبقهههى أمامهههه سهههوى طهههرق بهههاب القضهههاء
مهههن أجهههل إثبهههات تعسهههف المشهههغل فهههي سهههلطته التأديبيهههة ،خاصهههة وأن ههههذا اإلنههههاء التهههأديبي
لعقههههد الشههههغل ال يسههههتحق عنههههه األجيههههر أي تعههههويض ،نظههههرا لههههذلك يبقههههى اسههههتبدال إجههههراء
اإلنهاء بإمكانية التعديل دون موافقة األجير أقل وطأة من اإلنهاء.2
بعههههد أن حاولنهههها تحليههههل الحههههاالت التههههي تعههههود إلههههى األجيههههر والمرتبطههههة بارتكابههههه
لخطهههأ جسهههيم ،أو نقصهههان فهههي مرهالتهههه ،ننتقهههل إلهههى دراسهههة الحالهههة التهههي يهههتم فيهههها تعهههديل
عقد الشغل بسبب الحالة الصحية لألجير.
قههههد يتعههههرض األجيههههر خههههالل مههههدة شههههغله إلههههى حادثههههة أو مههههرض ،تجعههههل كفاءتههههه
المهنيههة تهههنقص ممههها يضهههطر المشههغل إلهههى تغييهههر نوعيهههة شههغله بمههها يتناسهههب مهههع وضهههعيته
الصحية.
علهههى مسهههتوى مدونهههة الشهههغل نجهههدها تتنهههاول حهههوادث الشهههغل واألمهههراض المهنيهههة
مههن خههالل المههواد مهههن 182إلههى 181ومهها يميهههز هههذه المههواد أنهههها منحههت للمشههغل حهههق
اعتبههار األجيههر فههي حكههم المسههتقيل وذلههك حالهههة تخلفههه عههن الشههغل بسههبب عههدم القهههدرة أو
لسههههبب اسههههتمرار الغيههههاب لمههههدة تزيههههد علههههى 208يومهههها متواليههههة لسههههبب غيههههر المههههرض
المهنهههي أو لحادثهههة شهههغل ،ممههها يعنهههي أنهههه وفهههي غيهههر الحالهههة التهههي يكهههون فيهههها األجيهههر
مصهههابا بمهههرض مهنهههي أو حهههادث شهههغل يجهههوز للمشهههغل إعفهههاء األجيهههر شهههريطة االلتهههزام
بضرورة أن تكون مدة التغيب أكثر من 208يوما.
11
لكهههن المشهههرع لهههم يتهههرك المهههادة 181علهههى حالهههها وإنمههها قهههرر فهههي المهههادة 118
ضهههرورة استشهههارة طبيهههب الشهههغل ،الهههذي يجهههوز لهههه اقتهههرا تغييهههر طبيعهههة شهههغل األجيهههر،
حتهههى يتناسهههب مهههع الحالهههة الصهههحية لهههه ،أو تخفهههيض سهههاعات شهههغله ،أو اقتهههرا فتهههرات
راحهههة أكثهههر لألجيهههر ،لكهههن تعامهههل المشهههغل مهههع ههههذه االقتراحهههات يجهههب أن يكهههون انطالقههها
من مبدأ حسن النية في إطار العالقات التعاقدية.1
وذلهههك فهههي الحالهههة التهههي ال يسهههتطيع فيهههها المشهههغل نقهههل األجيهههر إلهههى عمهههل خهههر
لعههدم وجههود عمههل يناسههب األجيههر فعههال ،دون الههدفع بعههدم وجههود شههغل مناسههب مههن أجهههل
التخلههي عههن األجيههر وهههو مهها يخههالف مبههدأ حسههن النيههة ،عههوض إلههزام المشههغل بضههرورة
األخهههذ باقتراحهههات طبيهههب الشهههغل والتهههي قهههد ال تكهههون فهههي مصهههلحته ،وههههو مههها دفهههع بعهههض
الفقهههه إلهههى القهههول بأفضهههلية األخهههذ بتعهههديل عقهههد الشهههغل عهههوض إنهائهههه ،وذلهههك فهههي حالهههة
المهههرض المهنهههي أو حادثهههة شهههغل ألن وقهههع التعهههديل يكهههون أقهههل ضهههررا مهههن إنههههاء عقهههد
الشغل الذي قد يقصف باألجر علما أنه أساس عيي األجير.2
حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بوجدة :ت وحيث تمسكت المدعى
عليها بكون المدعي غادر العمل من تلقاء نفسه بعدما تعذر عليه القيام باألعمال المنوطة به،
وحيث صر المدعي بجلسة البحث أن مشغلته بعد شفائه من حادثة الشغل التي سبق أن
تعرض لها ورجوعه للعمل أصب غير قادر على األعمال المكلف بها من طرف مشغلته
بسبب األضرار ابتي أصيب بها من جراء حادثة الشغل ،فامتنع عن القيام باألعمال المنوطة
به وطرد من العمل ،وحيث نازعت المدعى عليها في تعرض المدعي لحادثة شغل ،وحيث
إن المدعي بعدم إدالئه للمحكمة بما يفيد تعرضه لحادثة الشغل المزعومة من طرفه فإنه ليس
بالملف ما يفيد ادعاءه لكون عدم تنفيذه للمهام المنوطة به راجع إلى األضرار الالحقة من
جراء حادثة الشغل التي سبق أن تعرض لها ،مما يكون معه عدم تنفيذه ألوامر مشغلته غير
مبرر ،ويعتبر معه فعله هذا خطأ جسيم مبرر لفصله عن العملت.3
-1دنيا مباركة ،حسن النية في تنفيذ عقد الشغل ،المجلة المغربية لالقتصاد والقانون ،العدد ،2111 ،2ص.31:
2محمهههههههد سهههههههعيد بنهههههههاني ،قهههههههانون الشهههههههغل بهههههههالمغرب عالقهههههههات الشهههههههغل الفرديهههههههة ،مطبعهههههههة دار النشهههههههر المغربيهههههههة ،سهههههههنة ،1281دون
ذكر الطبعة ،ص.321 :
-3حكم المحكمة االبتدائية بوجدة في الملف االجتماعي عدد 2113/726بتاريخ ،2116/11/17غير منشور.
12
المبحث الثاني :مظاهر تدخل القاضي لمكافحة الشروط التعسفية لعقود
الشغل الفردية
يبهرز تهدخل القاضهي االجتمهاعي فهي تأهيهل عقهد الشهغل وضهمان اسهتمراريته
مهن خهالل تهأطير حريهة أطهراف عقهد الشهغل وتهدقيق العبهارات ،بمها يكفهل مراجعهة
بنود العقد التي قد تحمل في طياتها شروطا تعسفية .
وحقهوق األجيهر التهي يمكهن أن يطالهها التعسهف عديهدة ،ويمكهن تقسهيمها إلهى
حقهوق ماديهة بالمطلهب األول ،وحقهوق معنويهة المطلهب الثهاني ،وسهنبرز فيمها يلهي
مظاهر تعديل القاضي لعقد الشغل حماية لهذه الحقوق.
المطلب االول :تدخل القاضي لتعديل الشرط التعسفي لحماية حقوق األجير المادية
سهنتطرق فهي ههذا المطلهب لمظهاهر التعسهف فهي كهل مهن شهرط عهدم المنافسهة
بالفقرة األولى ،والتعويض االتفاقي بالفقرة الثانية .
شهرط عهدم المنافسهة ههو اتفهاق بمقتضهاه يلتهزم أحهد المتعاقهدين بهأال يرسهس
مشهروعا منافسها للمتعاقهد ا خهر ،أو أال يشهتغل فهي مرسسهة منافسهة لهه ،1حسهب مها
ضمن بذلك االتفاق .
جليها مهن خهالل ههذا التعريهف أن مجهال المنافسهة غيهر المشهروعة ويتضه
واسع جدا ،وهو يتصل بالخصوص بالقانونين التجاري واالجتماعي.
ففهي عقههد الشههغل ونظهرا لمهها قههد تتعهرض لههه المقاولههة مهن أضههرار بسههبب
المنافسههة غيههر المشههروعة ،أعطههى المشههرع للمشههغل إمكانيههة إدراج شههرط عههدم
المنافسهة فهي عقهود شهغل أجهرائهم حيهث جهاء فهي الفصهل 109مهن ق.ل.ع" :كهل
شهرط مهن شهأنه أن يمنهع أو يحهد مهن مباشهرة الحقهوق والهرخص الثابتهة لكهل إنسهان
1محمههههههد الكشههههههبور ،الشههههههروط المضههههههمنة فههههههي عقههههههد الشههههههغل وأثرههههههها علههههههى تههههههوازن عالقههههههة العمههههههل ،مجلههههههة قضههههههاء المعرفههههههة القانونيههههههة،
العدد الثاني ،السنة ،2112ص.227 :
13
كحهق االنسهان فهي أن يتهزوج وحقهه فهي أن يباشهر حقوقهه المدنيهة يكهون بهاطال ويهردي
إلى بطالن االلتزام الذي يعلق عليه .
وال يطبهق ههذا الحكهم علهى الحالهة التهي يمنهع فيهها أحهد الطهرفين نفسهه مهن
مباشرة حرفة معينة خالل وقت وفي منطقة محددين".
ويسهتفاد مهن المقتضهيات أعهاله أنهه إذا كهان المشهرع المغربهي قهد قيهد شهرط
عهدم المنافسهة فهي الزمهان وفهي المكهان فإنهه لهم يوضه المهدى الهذي يمكهن أن يصهل
إليهه ،ومهن ثهم فالمسهألة ترجهع إلهى السهلطة التقديريهة لقاضهي الموضهوع الهذي عليهه أن
يوض ذلك المدى انطالقا من مقتضيات كل نزاع على حدة.1
ومتهى تحقهق شهرط عهدم المنافسهة غيهر المشهروعة ،بكيفيهة سهليمة ،أعمهل بشهأنه
مبهدأ العقهد شهريعة المتعاقهدين المنصهوص عليهه فهي الفصهل 230مهن ق.ل.ع وفهي
هذا الصدد جاء في قرار للمجلس األعلى:2
"نعهم حيهث صه مها نعتهه الوسهيلة علهى القهرار المطعهون فيهه ذلهك أنهه بمقتضهى
الفصهل 12مهن العقهد المبهرم بهين الطاعنهة والمطلهوب فهي الهنقض يلتهزم ههذا األخيهر
بإفهادة الشهركة بجميهع نشهاطه المهنهي ويمنهع عليهه إشهاعة أي إيضها أو بيهان عهن سهير
الشههركة أو الوسههائل الخاصههة المسههتعملة مههن طرفههها أو اسههتخدام هههذه المعلومههات
واسهاليب لفائهدة مصهلحته الشخصهية ولهو حتهى بعهد انتههاء مهدة العقهد ،وكهل مخالفهة لههذا
االلتهزام تعتبهر خطهأ جسهيما ال يبهرر فحسهب الطهرد فهورا ،بهل يوجهد عهالوة علهى ذلهك
تعويض الضرر الناتج عنه.
وحيهث أثبتهت الطاعنهة أن المطلهوب فهي الطعهن أسهس شهركة مماثلهة لهها تههدف
نفههس الهههدف تحههت اسهم ت سههيتكون ت وذلههك بواسههطة نسههخة مههن القههانون األساسههي
للشركة المذكورة .
12
وحيهث إن مها قهام بهه المطلهوب فهي الهنقض يشهكل خرقها صهريحا لمها التهزم بهه
الفصهل 12مهن عقهد العمهل المبهرم بينهه وبهين مشهغله شهركة تلموسهيتت ،كمها يشهكل
خطأ جسيما يبرر طرده من طرف الشركة المذكورة طبق نفس االلتزامت.
وبالتهههالي فهههإن االتفهههاق علهههى تضهههمين شهههرط عهههدم المنافسهههة ال يعتبهههر تعسهههفا مهههن
طههههرف المشههههغل ،إال لههههو أخههههل هههههذا األخيههههر بالضههههوابط المنصههههوص عليههههها فههههي الفصههههل
281مهههن قهههانون االلتزامهههات والعقهههود ،مهههع العلهههم ان للقاضهههي االجتمهههاعي الهههدور إيجهههابي
فهههي تحديهههد مهههدى صهههحة ههههذا الشهههرط ،مهههن خهههالل الموازنهههة بهههين مصهههال كهههل مهههن رب
العمل واألجير.
واألصهههل فهههي التعهههويض أن يهههتم تقهههديره مهههن طهههرف القاضهههي وههههو مههها يطلهههق عليهههه
بهههالتعويض القضهههائي ،غيهههر أنهههه يمكهههن لألطهههراف أن يتفقهههوا مسهههبقا علهههى مقهههداره وههههو مههها
يدعى بالتعويض االتفاقي أو بالشرط الجزائي.
والتعههههويض االتفههههاقي هههههو إحههههدى الوسههههائل الههههذي أوجههههدتها اإلرادة بغيههههة تعزيههههز
وعهههود المهههدين بتنفيهههذ التزاماتهههه التعاقديهههة والتثبهههت مهههن التنفيهههذ بصهههورة أكثهههر نجاعهههة مهههن
التهديد البسيط الناجم عن التعيين القضائي للتعويض.1
وتحديهههد مقهههدار التعهههويض االتفهههاقي فهههي إطهههار عالقهههات الشهههغل إمههها أن يكهههون وقهههت
إبرام العقد أو يكون بمناسبة الصل التمهيدي.2
12
وسنقتصهههر فهههي عرضهههنا ههههذا علهههى دراسهههة التعهههويض االتفهههاقي المضهههمن فهههي عقهههد
الشغل.
فمهههها مههههدى صههههحة هههههذا االتفههههاق؟ وهههههل يمكههههن للقاضههههي تعههههديل مقههههدار التعههههويض
المتفق عليه؟
لقهههد سهههبق للمجلهههس االعلهههى أن أبهههان عهههن موقفهههه مهههن ههههذه المسهههألة و ذلهههك بموجهههب
القهههههرار عهههههدد 109الصهههههادر بتهههههاريخ 9أكتهههههوبر 2108فهههههي الملهههههف االجتمهههههاعي عهههههدد
،0119/00حيههههههههث جههههههههاء فههههههههي إحههههههههدى حيثياتههههههههه:ت ...بههههههههالرجوع إلههههههههى رسههههههههالة
2189/81/19التهههي تكهههون عقهههدا رابطههها بهههين الطهههرفين ...نجهههدها تهههنص علهههى أنهههه فهههي
حالهههة إنههههاء العقهههد بصهههفة انفراديهههة مهههن كهههرف المشهههغلة مهههن غيهههر مبهههرر ،فإنهههها تهههردي
لألجيهههر مقابهههل الضهههرر تعويضههها يسهههاوي أجهههر شههههرين عهههن كهههل سهههنة كاملهههة قضهههاها فهههي
خهههدماتها وأن ال يتعهههدى ذلهههك التعهههويض مبلهههض أجهههر سهههنة عنهههد قضهههاء 21سهههنة ،يضهههاف
الههى ذلههك أجههر شهههر عههن كههل سههنة ابتههداء مههن ذلههك .ومههن تنصيصههات الرسههالة المههذكورة
يتضههه بصهههفة جليهههة أن الطهههرفين اتفقههها علهههى ممارسهههة حهههق انههههاء العقهههد ولهههو بهههدون مبهههرر
مههههن جانههههب المشههههغل ،مقابههههل تعههههويض جزائههههي اتفقهههها عليههههه ،ومهههها دامههههت االلتزامههههات
التعاقديهههة المنشهههأة علهههى وجهههه صهههحي تقهههوم مقهههام القهههانون بالنسهههبة الهههى منشهههئها ...فهههإن
قضههاة الموضههوع اعتبههروا فسههخ العقههد بههين الطالبههة والمطلههوب فههي الههنقض فسههخا تعسههفيا
لعهههدم وجهههود المبهههرر وقضهههوا بهههالرجوع مهههع أن العقهههد يبهههي ذلهههك ،جعلهههوا قهههرارهم نهههاقص
التعليل ،المنزل منزلة انعدامه مما يعرضه للنقض...ت.
فمههههن خههههالل هههههذا القههههرار يتبههههين أن المجلههههس االعلههههى أعطههههى لألطههههراف كامههههل
الصهههالحية فهههي االتفهههاق علهههى مقهههدار التعهههويض دون قيهههد أو شهههرط ،وذلهههك تطبيقههها لمبهههدأ
الحرية التعاقدية.
16
ثانيا :صالحية القاضي في تعديل التعويض االتفاقي
ومهههن ههههذا الفصهههل يتبهههين أن للقاضهههي سهههلطة تقهههدير مهههدى تغطيهههة التعهههويض المتفهههق
عليهههه للضهههرر الالحهههق بهههاألجير ،مهههع إمكانيهههة تخفيضهههه لههههذا التعهههويض أو الرفهههع منهههه إذا
كان غير منسجما مع الضرر.
وههههههو مهههههها أكدتهههههه المحكمههههههة االبتدائيهههههة بفههههههاس فهههههي حكمههههههها الصهههههادر بتههههههاريخ
2111/81/10فهههي الملهههف المهههدني ،11111/11حيهههث جهههاء فهههي حيثيهههات ههههذا الحكهههم:
ت ...وحيهههث إن التعهههويض المتفهههق عليهههه جهههد مبهههالض فيهههه وال ينسهههجم مهههع مبهههادم العهههدل
واالنصههههاف حيههههث أن هنههههاك تنفيههههذ جزئههههي لاللتههههزام كمهههها أن الضههههرر الحاصههههل للمدعيههههة
ضئيل بالمقارنة مع مقدار التعويض...
وحيههههث أن الفقههههه والقضههههاء يسههههم بإمكانيههههة تعههههديل الشههههرط الجزائههههي مههههن قبههههل
المحكمة متى كان مبالغا فيه وال يتناسب مع الضرر الحاصل.
ممهههها سههههبق ،يتبههههين أن للمحكمههههة سههههلطة تقديريههههة فههههي التخفههههيض مههههن التعههههويض
المتفههق عليههه إذا كههان مبالغهها فيههه وكههان األجيهههر هههو الملههزم بتأديتههه ،كمهها لههها بالمقابهههل أن
ترفههههع منههههه إذا كههههان هههههزيال بالمقارنههههة مههههع الضههههرر الالحههههق بههههاألجير ،وذلههههك تجسههههيدا
للطابع الحمائي لقانون الشغل.2
17
المطلب الثاني :تدخل القاضي لتعديل الشرط التعسفي لحماية حقوق األجير الشخصية
لعهههل مهههن أههههم الشهههروط التهههي يمكهههن إدراجهههها فهههي عقهههد الشهههغل والتهههي تشهههكل تقييهههد
لحقههههوق األجيههههر الشخصههههية ،شههههرط عههههدم الههههزواج بالفقههههرة األولههههى ،والشههههرط المتعلههههق
بمظهر األجير بالفقرة الثانية .
إذا كههههان اهتمههههام المشههههرع المههههدني هههههو إقامههههة نههههوع مههههن التههههوازن والتكههههافر بههههين
طرفههي العقههد ،فههأن مشههرع قههانون الشههغل لههيس لديههه نفههس االهتمههام ،ألنههه علههى علههم بههأن
طرفهههههي عقهههههد العمهههههل مختلفهههههين مهههههن حيهههههث القهههههوة او الهههههوزن االقتصهههههادي وأن أحهههههدهما
أضعف من ا خر لذلك ال يمكن أن يحتج عليه بمبدأ سلطان اإلرادة.1
وإذا كهههان مهههن المسهههلم بهههه مبهههدئيا أن األجيهههر يسهههترجع كامهههل حريتهههه بمجهههرد انتههههاء
وقههت العمههل وخروجههه مههن المرسسههة علههى اعتبههار تبعيتههه للمشههغل ال تههتم اال فههي الحههدود
المكانيهههة والزمانيهههة لتنفيهههذ عقهههد الشهههغل ،فهههإن الواقهههع العملهههي يكشهههف أن المشهههغل يتهههدخل
فهههي أحيهههان كثيهههرة لفهههرض شهههروط تخهههرج عهههن أداء العمهههل بمعنهههاه الضهههيق لتتعهههداه إلهههى
حياة األجير الشخصية ،كأن يشترط على األجير عدم الزواج.2
وقههد أتيحههت الفرصههة للقضههاء المغربههي لبيههان موقفههه مههن هههذا الشههرط ،وذلههك فههي القضههية
المعروفههههة بقضههههية المضههههيفة الجويههههة تهيلينهههها باطسههههطات ،ويتعلههههق األمههههر بمضههههيفة جويههههة
فصهههلت مهههن عملهههها بسهههبب إبرامهههها عقهههد زواج مخالفهههة بهههذلك لمقتضهههيات القهههرار العهههام
الصهههادر عهههن الشهههركة المشهههغلة الهههذي يمنهههع الهههزواج علهههى مهههن يشهههتغل لهههديها كمضهههيفة
جويههههة ،حيههههث اسههههتند فههههي تبريههههر الفصههههل دون أحقيههههة األجيههههر فههههي الخصههههول علههههى أيههههة
تعهههويض الهههى الفصهههل 281مهههن ق ل ع الهههذي بمقتضهههاه أن الشهههرط الهههوارد فهههي القهههرار
1إدريههههههههس فجههههههههر ،دور القضههههههههاء فههههههههي حمايههههههههة األجيههههههههر ،مجموعههههههههة مقههههههههاالت وأبحههههههههاث قانونيههههههههة ،ج ،1قههههههههانون العمههههههههل المغربههههههههي
،2111ص 17وما يليها.
2عز سعيد ،م.س ،ص.26:
18
العههام لههةدارة المشههغلة الههذي يمنههع المضههيفات الجويههات مههن الههزواج يعتبههر شههرطا بههاطال
و مبطال لاللتزامات المعلقة عليه.1
غير أن المجلس األعلى عند نظره في تلك النازلة أقر بطالن شرط عدم الزواج وحده
دون االلتزام المعلق عليه حيث جاء في قراره 2أنه ت لئن كان الفصل 281من ق ل ع ينص
على بطالن االلتزام المقترن بشرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص
الثابتة لكل انسان كحقه في أن يتزوج ،وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية فان هذا الشرط يكون
باطال وال يردي إلى بطالن االلتزام الذي يعلق عليه إذا مان من شأنه االنقاص من حقوق
األجير لذلك فإن المحكمة كان على صواب عندما اعتبرت شرط عدم الزواج الذي التزمت
به المطلوبة في النقض يعتبر باطال ويبقى العقد صحيحا ورتب على ذلك أثار الفسخ التعسفي
لعقد العمل الصادر بإرادة منفردة من جانب الطاعن وكان بذلك قرارها معلال تعليال كافيا
وصحيحا ولم تخرق الفصول المحتج بها مما تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساست.
وإن كهههان القضهههاء قهههد أشهههار فهههي قهههراره إلهههى الفصهههل 281مهههن ق ل ع ،فههههو لهههم
يعتمهههد عليهههه منفهههردا لتبريهههر صهههحة عقهههد الشهههغل ،ألن مهههن شهههأن اعتمهههاد ههههذا الفصهههل أن
يحهههرم األجيهههرة مهههن أي تعهههويض اعتبهههارا لكونهههه يجعهههل مهههن الشهههرط الباطهههل يهههردي تلقائيههها
الههههى بطههههالن االلتههههزام المعلههههق عليههههه ،وإنمهههها عمههههد الههههى تفسههههير نههههص الفصههههل 281بمهههها
يناسهههب النظهههام العهههام االجتمهههاعي وذلهههك حينمههها أشهههار إلهههى أن بطهههالن الشهههرط ال يهههردي
إلى بطالن االلتزام الذي يعلق عليه إذا كان من شأنه االنتقاص من حقوق األجير.
ذلههههك أن القضههههاء المغربههههي يميههههز بههههين مخالفههههة القواعههههد المتعلقههههة بالنظههههام العههههام
المطلهههق ومخالفهههة القواعهههد المتعلقهههة بالنظهههام العهههام االجتمهههاعي ،فهههإذا كهههان يرتهههب الهههبطالن
علههههى مخالفههههة الطائفههههة األولههههى ،فإنههههه يقههههرر جههههواز مخالفههههة القواعههههد القانونيههههة المتعلقههههة
بالنظام العام االجتماعي إذا كان ذلك لمصلحة األجير.
1محمد بنحاسين ،عقد العمل وحماية حقوق الجراء الشخصية ،مطبعة طوب بريس ،ص.122-121 :
2قرار المجلس األعلى عدد 1311الصادر بتاريخ 1283/17/31بغرفتين مجتمعتين في الملف المدني عدد .23221أورده محمد الكشبور ،م.س،
ص.236:
12
الفقرة الثانية :الشروط المتعلقة بمظهر األجير
إن األصهههل أن األجيهههر حهههر فهههي اختيهههار مظههههره وكهههل شهههرط مهههن شهههأنه أن يقيهههد
هههذه الحريههة يعتبههر بهههاطال لكونههه يحههد مهههن الحقههوق والههرخص الثابتهههة لكههل انسههان ،وذلهههك
تطبيقههها للفصهههل 281مهههن ق.ل.ع ،لكهههن األخهههذ بمفههههوم ههههذه الحريهههة علهههى إطالقهههه مهههن
شهههانه أن يضهههر بمصهههال المرسسهههة المشهههغلة ويمهههس بحهههق المشهههغل فهههي تسهههيير وتهههدبير
1
مرسسته وفق ما يراه مناسبا لتطورها وازدهارها والحفاظ على قدرتها التنافسية.
فالقاضههي عنههدما يبههت فههي نههزاع يتعلههق بحريههة األجيههر فههي اختيههار مظهههره ،يجههب
عليهههه أن يوفهههق بهههين المصهههال المتعارضهههة ،فحهههق األجيهههر يجهههب ان يمهههارس فهههي حهههدود ال
تضهههههر بالمرسسهههههة ،ألن الحفهههههاظ علهههههى مصهههههال المرسسهههههة فيهههههه حفهههههاظ علهههههى مناصهههههب
2
الشغل.
وههههذا نفهههس التوجهههه الهههذي سهههار عليهههه قضهههاء المجلهههس األعلهههى فهههي قهههرار لهههه:3ت...
لكههههن مههههن جهههههة أولههههى ،لههههئن كههههان نظههههام العمههههل داخههههل الشههههركة الطالبههههة يفههههرض علههههى
العهههاملين وضهههع قبعهههة واقيهههة علهههى الهههرأس ،فهههإن اسهههتعمال تسهههترة الهههرأست التهههي التزمهههت
بههها المطلوبههة كطريقههة خاصههة فههي لباسههها ،الههى جانههب القبعههة المههذكورة ،قيامههها بههذلك ال
يشهههكل اخهههالال بنظهههام العمهههل ،وال يهههرثر علهههى طبيعهههة عملهههها ومهههن ثهههم فهههإن مطالبهههة إدارة
الشههههركة للمطلوبههههة ت بإزالههههة الحجههههاب الموضههههوع علههههى رأسهههههات وكمهههها جههههاء فههههي مقههههال
الههنقض يشههكل مساسهها بحههق شخصههي لههها فههي ظههل خلههو الملههف ممهها يثبههت ان ذلههك يحههول
دون قيامها بعملها على الوجه المطلوب ،أو أن يعرقله بأي شكل من األشكال.
ومهههن جههههة ثانيهههة ،فهههإن أمهههام تمسهههك المطلوبهههة بحقهههها الشخصهههي فهههي طريقهههة معينهههة
فههههي لباسههههها فههههإن مغادرتههههها لعملههههها إن تمههههت مههههن قبلههههها أمههههام إصههههرار المسههههرول عههههن
الشههههركة الطالبههههة علههههى التخلههههي عنههههها تعتبههههر طههههردا مقنعهههها مههههن عملههههها تسههههتحق معههههه
التعويضات التي يخولها لها قانون الشغل...ت.
21
ومههههن تههههم يفهههههم مههههن القههههرار المههههذكور ،أن ممارسههههة األجيههههر لحريتههههه فههههي اختيههههار
مظههههره ،رههههين بهههان ال يشهههكل ذلهههك أي عرقلهههة أو تقصهههير فهههي أدائهههه لعملهههه علهههى الوجهههه
المتفق عليه في عقد الشغل.
وهكههههذا يبقههههى للقضههههاء االجتمههههاعي فههههي إطههههار سههههلطته التقديريههههة الموازنههههة بههههين
المصههههال المشههههروعة للمشههههغل وحقههههوق األجيههههر المرتبطههههة بشخصههههيته مههههع األخههههذ بعههههين
االعتبار الطابع الحمائي لقانون الشغل.
21
خاتمة
إذا كانهههت مدونهههة الشهههغل تتسهههم بطابعهههها الحمهههائي ،حيهههث تههههدف الهههى ضهههمان حهههد
أدنههههى مههههن الحقههههوق لألجيههههر ،الطههههرف الضههههعيف فههههي عالقههههة الشههههغل ،وإذا كههههان دور
القضهههاء ههههو تطبيهههق تلهههك المقتضهههيات وتكريسهههها علهههى أرض الواقهههع ،فهههإن عهههدة عوامهههل
تحهههول دون بلهههوي الغايهههة المرجهههوة ،نظهههرا لوجهههود عهههدة معوقهههات والتهههي تختلهههف بحسهههب
مههها إذا تعلهههق األمهههر بعلهههم القاضهههي بهههالبنود التعسهههفية الهههواردة فهههي عقهههد الشهههغل او بسهههلطته
في تعديل هذه البنود.
22