Professional Documents
Culture Documents
1
إهداء خاص
2
مقدمة
يعتبر العقد من أهم مصادر االلتزامات التي تربط الفرد في المعامالت مع
غيره ،إذ أن تعامل االفراد فيما بينهم يستند في كثير من األحيان الى إبرام عقود
مختلفة ،تنشأ عنها التزامات متقابلة لكال الطرفين المتعاقدين ،فالعقد هو توافق إرادتين
أو اكثر على احداث اثر قانوني ،سواء كان هذا اآلثرهو إنشاء االلتزام او نقله او
تعديله أو انهاؤه ( ، )1كما أنه يعد الوسيلة الفعالة التي يستطيع الفرد أن يحقق مصالحه
االقتصادية واالجتماعية مادامت ال تتعارض مع النظام العام واألخالق الحميدة.
فإذا نشأ العقد صحيحا مستوفيا لكافة الشروط واألركان التي يتطلبها القانون،
فإنه يترتب عنها آثار قانونية ملزمة لطرفين ،حيث يصبح كل طرف خاضع للقوة
الملزمة للعقد ،أي ان كل متعاقد ملزم بتنفيذ التزامه ،وفي حالة تخلف احد المتعاقدين
عن تنفيذ التزاماته فكما هو معلوم أن للمتعاقد اآلخر الحق في أن يلجأ إلى التنفيذ
()2
إما اذا كان ممكنا ،إما إذا كان هذا التنفيذ غير ممكنا أو مستحيال يبقي أمام العيني
المتعاقد المتضرر من اخالل المتعاقد اآلخر بالتزاماته سوى اللجوء الى الفسخ.
ويعتبر الفسخ أهم سبب النحالل العقد الملزم للجانبين بوصفه جزاء لقوته
الملزمة ،ويتحقق إنحالل العقد تحديد في حالة إنفساخه بحكم القانون ،كما أنه يعتير
حق المتعاقد في العقد الملزم للجانبين ،إذا لم يوفي المتعاقد اآلخر بالتزامه في أن
يطلب حل الرابطة العقدية كي يتحلل من التزامه ،فهو يدخل الى جانب المسؤولية
العقدية في نطاق الجزاء الذي يترتب على القوة الملزمة للعقد(.)3
ومؤسسة الفسخ ليست وليدة اليوم بل أنها عرفت تطورا هاما عبر التاريخ،
حيت أن القانون الروماني لم يكن يعرف الفسخ ذلك أن التزامات كل من المتعاقدين،
حتى في العقد المزم للجانبين كانت تقوم مستقلة كما لو كان كل منها مترتبا على
تصرف قانوني منفرد وقائم بذاته ،حيث أن نظام الفسخ لم يكن معروفا ،ولكن
)(1عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني ،الكتاب األول ،مصادر االلتزام ،الجزء األول :التصرف القانوني ،مطبعة المعارف الجديدة
الرباط ،الطبعة الثالثة ،2015،الصفحة .39
)(2ينص الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود على انه "إذا كان المدين في حال مطل كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ
االلتزام مادام تنفيذه ممكنا"...
)(3إدريس العلوي العبدالوي( ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزام ،نظرية العقد) ،الطبعة األولى 1996م1416-هـ الصفحة
.697
3
الحاجات العلمية أدت الى ظهور بعض الوسائل التي ترتب بعض نتائجه في حالة عدم
التنفيذ ،وذلك بتضمين في العقد شرط فاسخ يطبق عند عدم قيام آحد المتعاقدين بتنفيذ
التزامه(.)1
كما نجد أن المشرع المغربي لم ينص على النظرية العامة للفسخ وإنما أورد
تطبيقات لهذا النظام القانوني في فصول متفرقة من قانون االلتزامات والعقود فقد ورد
في الفصول .582 .260 .259 .246احكاما تتعلق بالفسخ في حاالت معينة(.)2
أهمية الموضوع:
ويكتسي موضوع فسخ العقد أهمية بالغة في الحياة العلمية ،حيث
يعتير وسيلة لصيانة حقوق الدائن الذي له الحق في التحلل من الرابطة
العقدية عند عدم تنفيذ المدين التزاماته ،كما أنه يهدف الى تحقيق العدل
والمساواة واستقرار المعامالت بين المتعاقدين.
إشكال الموضوع:
ويتجلى إشكال هذا الموضوع في التعرف على أحكام فسخ العقود في
التشريغ المغربي ،وذلك ببيان خصوصيات ومميزات فسخ العقود ودوره
في إنهاء الرابطة العقدية التي تجمع بين الطرفين.
ويتفرع عن هذا اإلشكال مجموعات من اإلشكاالت األخرى:
ما المقصود بالفسخ؟ وكيف نميزه عن بعض المفاهيم المشابهة -
له؟
ماهي شروط إعمال الفسخ؟ وماهي أنواعه؟ -
ثم ماهي اآلثار المترتبة عن فسخ العقود في التشريع المغربي؟ -
4
5
خطة البحث:
المجث األول :ماهية الفسخ وشروطه.
المبحث الثاني :أنواع الفسخ وآثاره.
6
المبحث األول :ماهية الفسخ وشروطه
يعتبر الفسخ أهم سبب النحالل الرابطة التعاقدية التي أقرها المشرع بسبب
إخالل أحد طرفي العقد الملزم للجانبين بالتزام ناشئ عنه ،وبالتالي فعدم وفاء أحد
طرفي العقد بالتزاماته يعطي للطرف اآلخر أن يطلب حل العقد ،كي يتحرر تحررا
نهائيا من االلتزامات التي يفرضها العقد عليه إذا توافرت شروط إعماله.
ومن المعلوم أن الفسخ يكون أصله قضائيا ،بيد انه يمكن أن يتفق عليه األطراف
كما يمكن أن يكون بقوة القانون ،ومن خالل هذا المبحث سنحاول التطرق لمفهوم
الفسخ وأساسه القانوني وتمييزه عن بعض المفاهيم المشابهة األخرى (المطلب األول)
كما أن ممارسة الفسخ في العقود الملزمة للجانبين يستوجب توفر مجموعة من الشروط
الموضوعية والخاصة (المطلب الثاني).
المطلب األول :مفهوم الفسخ وأساسه القانوني وتمييزه عن بعض المفاهيم
المشابهة.
إن الدائن يلجأ في العقد الملزم للجانبين الى طلب التنصل من الرابطة العقدية
التي تربطه بالطرف الثاني الذي هو المدين ،في حالة امتناع هذا األخير بما أوجبه أو
الزمه العقد في ذمته من التزامات ،ويكون ذلك عن طريق لجوء الطرف المتضرر الى
الفسخ ،ولدراسة هذه المؤسسة سنستد على مجموعة التعاريف لها ،من حيث اللغة وكذا
التعريف القانوني والفقهي من خالل (الفقرة األولى) على أن نقـوم بتميزها عن باقي
المفاهيم المشابهة في (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :مفهوم الفسخ وأساسه القانوني
أوال :تعريف الفسخ
الفسخ لغة هو النقض فقد قال ابن منظور فسخ الشيء بفسخه فسخا فانفسخ:
نقضه فانتقض وتفاسخت األقاويل تناقضت والفسخ :زوال المفضل عن موضعه،
والفسخ في معنى أخر الضعيف الذي يتفسخ عن الشدة ،ويقال فسخت البيع بين البيعين
والنكاح فانفسخ البيع والنكاح أي نفضه والفسخ الذي ال يظفر بحاجته (.)1
)(1ابن منظور ،لسان العرب ،دار صادر سنة النشر 2003الجزء ،11الصفحة .44.45
7
أما على المستوى القانوني فالمشرع المغربي لم يعرف الفسخ صراحة بل اكتفى
بتنظيم أحكامه والقواعد التي تؤطره من خالل مجموعة من المقتضيات متفرقة في
ظهير االلتزامات والعقود من خالل الفصول .582 ،260 ،259 ،246
وفي هذا الصدد يجب الرجوع لكنف الفقه الستيعاب بعض التعاريف الفقهية
لمؤسسة الفسخ ،بخصوص هذا الجانب بالذات تعددت الرؤى واالتجاهات المتنوعة
والمختلفة وسنكتفي بذكر البعض منها فقط ،فهناك فريق حاول تعريفه من خالل زاويته
كونه نظاما ،فعرفه بأنه نظام قانوني استثنائي قائم الى جانب نظام التنفيذ ،وهناك من
يرى من زاويته كونه جزاء ،فعرفه بأنه جزاء قانوني يترتب عند اإلخالل بواجب تنفيذ
العقد ،وقد ذهب مع هذا االتجاه األستاذ عبد القادر العرعاري بتعريفه للفسخ بكونه
" جزاء مدني يهدف الى وضع حد للعالقة التعاقدية عندما يحصل اإلخالل بمقتضيات
االتفاق الرابط بين المتعاقدين(.")1
وهناك فريق أخر عرفه بكونه تقنية قانونية ،وقد ذهب مع هذا االتجاه األستاذ
عبد الحق الصافي وأعطى تعريفا للفسخ بانه "تقنية قانونية تمكن الدائن بااللتزام
العقدي غير المنفذ ،أن يطلب حل العالقة العقدية للتخلص بالتالي من التزاماته عند
امتناع المدين عن تنفيذ ما تعهد به (.")2
كما أن هناك من ذهب الى تعريفه بانه "انحالل الرابطة العقدية بطلب من أحد
المتعاقدين إلخالل الطرف األخر بالتزاماته (.")3
ومن خالل كل هذه التعاريف المختلفة يتبين على أن محل الفسخ هو جزاء مدني
يطال تلك العقود الملزمة للجانبين ،والتي تترتب على عاتق األطراف المتعاقدة
التزامات متقابلة بعضها سببا للبعض األخر ،التي تكون قد استوفت جميع الشروط
واألركان العامة الالزمة لقيامها ،ثم يمتنع أحد طرفيها عن تنفيذ التزاماته التعاقدية،
)(1عبد القادر العرعاري ،النظرية العامة لاللتزامات ،الكتاب األول نظرية العقد ،الطبعة الرابعة ،2014مطبعة دار األمان ،الرباط،
الصفحة ،377الفقرة .440
)(2عبد الحق الصافي ،الوجيز في القانون المدني ،الجزء االول ،المصادر اإلرادية لاللتزام العقد واإلرادة المنفردة ،طبعة ،2016
الصفحة .307
)(3احمد شكري السباعي ،نظرية بطالن العقود في القانون المغربي ،والفقه اإلسالمي المقارن ،مطبعة النجاح الدار البيضاء ،سنة
،1978الصفحة .21
8
فيحق للطرف األخر طلب حل الرابطة العقدية مع الطرف األخر المتعاقد معه الذي
يمنع تنفيذ التزامّه ،ليتحلل هو األخر من التزام العقد الملزم للجانبين.
ثانيا :األساس القانوني للفسخ
سبقت اإلشارة في هذا الصدد على أن هناك توجهات وأراء فقهية مختلفة مما
سيجعل االختالف بينهم وارد بشأن األساس القانوني الذي يقوم عليه نظام الفسخ،
وبالتالي فهناك من أسسه على وجود شرط فاسخ صريح ( ،)1كما أن هناك من ذهب
في اتجاه تبني الشرط الفاسخ الضمني ( ،)2وكذا من أرجعه الى فكرة السبب ()3
وهناك من ربطه بفكرة االلتزامات كأساس قانوني (.)4
فكرة الشرط الفاسخ الصريح كأساس للفسخ -1
بمقتضى هذا الشرط ،لكي يكون هناك محل للفسخ البد من اإلشارة إليه في العقد
في بند صريح ،أي عند امتناع أحد المتعاقدين بتنفيذ التزاماته يجوز للطرف األخر أن
يفسخ العقد الذي يربطه به ،بينما العقود التي ال يشار فيها الى فسخ العقد بشكل صريح
ال يكون محال للفسخ ،وكإشارة تاريخية هذا الشرط الفاسخ الصريح ظهر ألول مرة في
القانون الروماني.
فكرة الشرط الفاسخ الضمني -2
تتجلى فكرة الشرط الفاسخ الضمني في مضمون افتراض أن كل عقد ملزم
للجانبين ينطوي على شرط فسخ ضمني ،يطبق عند عدم قيام أحد العاقدين بتنفيذ
التزامه ( ،)1وهذا الشرط أكد عليه المشرع الفرنسي من خالل المادة 1184من القانون
المدني الفرنسي.
غير أن هذا الطرح لم يسلم من انتقادات الفقهاء الفرنسيين على اعتبار أن الفسخ
ال يتقرر كقاعدة عامة إال بعد الحكم به قضائيا في حين أن الشرط الفاسخ الضمني
يؤدي الى انحالل العقد بقوة القانون بمجرد اإلخالل الملزم للجانبين (.)2
السبب كأساس قانوني للفسخ -3
9
واعتبارا لالنتقادات التي وجهت الى الشرط الفاسخ الضمني ،اتجه العديد من
الفقهاء لتبني نظرية السبب التي تقوم على أساس أن التزام كل متعاقد هو سبب التزام
المتعاقد األخر ،فالسبب في العقد الملزم للجانبين ،بالنسبة لكل طرف ،هو تنفيذ التزام
المتعاقد األخر ،فاذا لم ينفذ هذا المتعاقد التزامه ،كان التزام الطرف األخر بال سبب
وسقط هو األخر (.)1
ففي مجال بيع العقار المحفظ يكون سبب االلتزام هو نقل ملكية العقار وتسليم
المبيع ،هو سبب التزام المشتري بدفع الثمن ،وسبب التزام المشتري بدفع الثمن هو
سبب التزام نقل الملكية وتسليم المبيع ،فعدم تنفيذ أحد األطراف المتعاقدة اللتزاماته
يجعل الطرف األخر ملتزما بدون سبب ،الشيء الذي يخول له الحق في أن يطالب
بالتحلل من الرابطة العقدية عن طريق فسخ العقد ،وذلك عن طريق فسخ العقد ،مما
سيجعل التزاماته تزول نحو المتعاقد األخر الممتنع عن التنفيذ.
بل أن فكرة السبب التي طورها الفقيه كابتان »Capitant« ،أصبحت ال تقتصر
على تقابل االلتزامات في العقود الملزمة لجانبين ،وإنما تمتد لتشمل مرحلة التنفيذ أيضا
بحيث يترتب عن اإلخالل بتنفيذ االلتزامات تطبيق نظرية الفسخ النعدام السبب فيها،
وقد تعرض هذا الرأي بدوره لالنتقادات منها أن انعدام السبب في االلتزامات المتقابلة
ينتج عنه بطالن العقد ال قابليته للفسخ ،لكون أن السبب يرتبط أساسا بمرحلة تكوين
العقد وليس بمرحلة تنفيذه (.)2
فكرة ارتباط االلتزامات كأساس للفسخ -4
باإلضافة الى األفكار السابقة تأتي فكرة ارتباط االلتزامات كأساس للفسخ التي
يتمحور مضمونها حول حق المتعاقد الذي لم يحصل على حقوقه في طلب فسخ العقد،
يعود الترابط الذي يحكم العالقة التعاقدية مستوفية لجميع أركانها وشروطها ،وهناك
من الفقه من أسس الفسخ على فكرة االرتباط بين االلتزامات ،ومن بين القائلين بها
العالمة السنهوري في كتابه الوسيط ،إذ قال… ”:نؤثر .أن نجعل نظرية الفسخ مبنية
على فكرة االرتباط ما بين االلتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين ،إذ أن
)(1
إدريس العلوي العبدالوي ،مرجع سابق ،الصفحة .699
)(2
عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق الصفحة ،379 -378الفقرة .443
10
طبيعة هذه العقود تقتضي أن يكون التزام أحد المتعاقدين مرتبطا بالتزام المتعاقد
اآلخر ،فيبدو أمرا طبيعيا عادال أنه إذا لم يقم أحد المتعاقدين بالتزامه ،جاز للمتعاقد
اآلخر أن يوقف هو من جانبه تنفيذ ما في ذمته من التزام ،وهو الدفع بعدم التنفيذ ،أو
()1
أن يتحلل نهائيا من هذا االلتزام ،وهذا هو الفسخ.
نستطيع أن نؤيد الرأي الذي يبرر نظام الفسخ بفكرة االرتباط بين االلتزامات
المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين ،فان لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ ما يقع عليه من
التزام جاز لألخر أن يطلب التحلل من التزام هو أيضا بفسخ العقد (.)2
الفقرة الثانية :تمييز الفسخ عن بعض المفاهيم المشابهة
يهدف نظام الفسخ باعتباره نظاما قانونيا إلى حماية القوة الملزمة للعقد كقاعدة
عامة وإلى حماية الدائن في العقود الملزمة للجانبين بصفة خاصة ،ولكن تجدر
اإلشارة إلى أنه ال يعتبر النظام القانوني الوحيد الذي يهدف إلى ذلك ،بل توجد إلى
جانبه أنظمة قانونية أخرى تهدف إلى تحقيق نفس الغاية ،ويتعلق األمر بالبطالن،
الدفع بعدم التنفيذ ،المسؤولية العقدية.
أوال :تمييز الفسخ عن البطالن
يجب التمييز بين البطالن والفسخ لكونهما يتفقان في األثر المترتب على كل
منهما ،والمتمثل في انعدام الرابطة التعاقدية ،بل إن زوال العقد الباطل والعقد القابل
للفسخ يتم بأثر رجعي .غير أن هناك اختالف واضح بينهما ،أن البطالن هو جزاء
عدم توفر ركن من أركان العقد والعقد الباطل هو العقد الذي لم يستوف ركن انعقاده
وذلك كما لو كان أحد المتعاقدين غير مميز أو كان االلتزام محل العقد ال يستند الى
سبب يحمل عليه .والبطالن يعدم أثر العقد بالنسبة الى طرفيه وبالنسبة للغير .أما
الفسخ فهو الجزاء على عدم تنفيذ االلتزام الناشئ عن العقد ،وال يتصور إال في العقود
الملزمة للجانبين بحيث إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه حق للطرف الثاني أن
)(1عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،الجزء األول ،نظرية االلتزام بوجه عام ،مصادر االلتزام،
الصفحة .696
)(2إدريس العلوي العبدالوي ،مرجع سابق ،الصفحة .699
11
يمتنع عن تنفيذ التزامه وأن يطلب فسخ العقد ،والفسخ ال يراد إال عقد صحيح منتج
لجميع آثاره وإذا ترتب فإنه يزيل العقد بأثر رجعي (.)1
ومن جهة أخرى ،فإن هناك فارق مهم بين البطالن والفسخ ،وذلك على
مستوى نطاق كل منهما؛ فإذا كان يتصور تحقق البطالن سواء تعلق األمر بالعقود
الملزمة لجانب واحد أو العقود الملزمة لجانبين ،فإن جزاء الفسخ ال يمكن المطالبة به
إال في نطاق العقود الملزمة لجانبين( ،)2ويتميز البطالن عن الفسخ في كون األول
يرجع إلى خلل في تكوين العقد ،بينما الفسخ ينشأ العقد سليما مستوفيا ألركان انعقاده،
ثم يحصل أن يخل أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه ،فيلجأ الطرف اآلخر إلى طلب فسخ
العقد ليتحلل هو أيضا من االلتزام المترتب عليه(.)3
ثانيا :تمييز الفسخ عن الدفع بعدم التنفيذ
نظرا لألهمية البالغة للدفع بعد التنفيذ فقد أكد عليه المشرع المغربي ،حيث
أشار إليه في الفصل 235من قانون االلتزامات والعقود على أنه "في العقود الملزمة
للطرفين يجوز لكل متعاقد منهما أن يمتنع عن أداء التزامه إلى أن يؤدي المتعاقد
اآلخر التزامه المقابل ،وذلك مالم يكن أحدهما ملتزما حسب االتفاق أو العرف بأن ينفذ
نصيبه من االلتزام أوال…" .وبالتالي فالمتعاقد له الحق في االمتناع عن تنفيذ التزاماته
تجاه الطرف اآلخر حتى يقوم هذا األخير بتنفيذ ما التزم به إزاء الطرف األول في
()4
العقود الملزمة لجانبين
والدفع بعدم التنفيذ باعتباره إجراء سلبيا وقانوني ،فهو يتمثل في حبس في
الشيء أو المال ،في عدم تمكين المدين من االستفادة من منفعة الشيء ،وقد يتخذ
صورة االمتناع عن أداء خدمة أو عمل معين ،وتبعا لذلك فالدفع بعدم التنفيذ يختلف
عن الفسخ ومن حيث األثر القانوني المترتب من حيث السلطة التقديرية للقاضي ،ومن
حيث التعويض.
)(1المختار بن العطار ،الوسيط في القانون المدني ،مصادر االلتزامات ،الطبعة األولى 1423هـ 2002 -م ،الصفحة .162
)(2عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني ،مصادر االلتزام ،التصرف القانوني ،الصفحة ،203فقرة 379و380
)(3مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات ،المجلد األول مصادر االلتزامات ،الصفحة 196فقرة .155
)(4عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزام ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،الطبعة السادسة ،سنة 2018الصفحة 398فقرة .478
12
من حيث األثر القانوني -1
إن الغاية المباشرة التي يهدف إليها الدفع بعدم التنفيذ هي مفعول العقد كإجراء
وقتي مستعجل فالدفع بعدم التنفيذ ال يؤدي الى هدم وانحالل العالقة العقدية كما هو
الشأن في نظام الفسخ الذي يرجع المتعاقدان الى ما كانوا عليه قبل إبرامه ،وإنما هو
إجراء تأجيلي يترتب عليه وقف االلتزامات ،كما ال يمكن أن يبقى ساري المفعول الى
ما النهاية فهو إما أن يتحول الى انفساخ تلقائي أو قضائي وليس ضروريا أن يكون
من أثاره الدفوع هو الذي حرك الدعوى ،وفي مثل هذا الوضع فان الدفع بعدم التنفيذ
()1
يترتب عنه انقضاء االلتزام بطريقة غير مباشرة.
إال أن هناك حاالت تستوجب على القاضي عند تقديره لجسامة عدم التنفيذ أن
يأخذ بعين االعتبار إرادة الدائن بااللتزام ،كما في الحالة المنصوص عليها في الفصل
542من قانون االلتزامات والعقود الذي جاء فيه ":في حالة االستحقاق الجزئي الذي
يبلغ من األهمية حدا بحيث يعيب الشيء المبيع ،وبحيث أن المشتري كان يمتنع عن
الشراء لو علم به يثبت للمشتري الخيار بين استرداد ثمن الجزء الذي حصل استحقاقه
)(1
عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق ،طبعة ،2014الصفحة ،372الفقرة .433
13
واالحتفاظ بالبيع بالنسبة إلى الباقي ،وبين فسخ البيع واسترداد كل الثمن ...بمعنى أنه
إذا كان االستحقاق الجزئي على درجة كبيرة أي أن الخسارة أصابت المشتري بسبب
االستحقاق قد بلغت قدرا لو علمه لما أقدم على العقد ،فإن القاضي هنا يستجيب لطلب
الفسخ تأسيسا على هذا السبب إال أنه ال يكتفي بمجرد قول الدائن إنه لم يكن ليقدم على
التعاقد لو علم بمقدار االستحقاق ،بل يقضي طبقا لما تبين له من وقائع وظروف
()1
النازلة ويستعين في ذلك بأهل الخبرة عند الضرورة.
واستحقاق التعويض يكون سواء أكان الفسخ كليا أو جزئيا ،بل قد يحكم به
القاضي في حالة رفض طلب الفسخ تعويضا عن الضرر الذي لحق الدائن بسبب
التأخر في التنفيذ إذا تأخر المدين عن تنفيذ التزامه ورأى القاضي أن ذلك ال يستوجب
الفسخ (.)2
)(1يوشرى تكني ،بحث نهاية التمرين ملحقة قضائية الفوج ،36تحت عنوان فسخ العقد في ضوء قانون االلتزامات العقود المغربي ،فترة
التمرين ،2009/2011الصفحة .15 -14
)(2بوشرى تكني ،مرجع سابق ،الصفحة 42 -41
)(3حسب الفصل :259إذا كان المدين في حالة َم ْط ل كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ االلتزام ،مادام تنفيذه ممكنا .فإن لم يكن ممكنا
جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد ،وله الحق في التعويض في الحالتين.
14
من حيث الجزاء -1
إن حق الدائن في الفسخ ال يسقط سواء كان سبب اإلخالل راجع إلى المدين
نفسه أو السبب أجنبي ،بينما في المسؤولية العقدية فإن عدم التنفيذ الذي يرجع إلى
المدين يختلف عن عدم التنفيذ الذي يرجع إلى السبب األجنبي الذي ال يكون للمدين يد
فيه ،إذ تقوم المسؤولية العقدية في الحالة األولى ،وتنتفي في الحالة الثانية.
إذا أخل أحد المتعاقدين بتنفيذ التزاماته فإن المتعاقد اآلخر هو الذي قد يتضرر
من هذا اإلخالل لكون العقد سيظل قائما رغم إخالل المتعاقد اآلخر ،لذا قدم المشرع
للمتعاقد المتضرر من هذا اإلخالل حسب الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود
أنه له الحق في إجباره على تنفيذ االلتزام ،مادام تنفيذه ممكننا ،فإن لم يكن ممكننا جاز
)(1حسب الفصل :263يستحق التعويض ،إما بسبب عدم الوفاء بااللتزام ،وإما بسبب التأخر في الوفاء به وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء
نية من جانب المدين.
)(2عبد القادر العرعاري ،نظرية العقد ،الطبعة الخامسة ،2016مطبعة األمنية الرباط ،الصفحة .399
15
للدائن أن يطلب فسخ العقد ،ولنشوء الحق في طلب فسخ العقد يتطلب توافر مجموعة
من الشروط الموضوعية أو الجوهرية العامة.
ويلزمنا لإلحاطة بهذه الشروط الجوهرية لفسخ العقد أن نعرض في الشروط
الموضوعية العامة لفسخ العقد من خالل (الفقرة األولى) ،وكما يتطلب اإلحاطة
بشروط الفسخ في بعض النصوص الخاصة من خالل (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :الشروط الموضوعية العامة للفسخ
أوال :أن يكون العقد ملزما للجانبين:
من المعلوم أنه ال يمكننا التحدث عن فسخ العقد في تصرفات اإلرادة
المنفردة والعقود الملزمة لجانب واحد ،وإنما نتحدث عن فسخ العقد في العقود
الملزمة للجانبين كعقد البيع ( )1وعقد الكراء( ،... )2فإذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ
التزامه كان من العدل والمعقول أن يتحلل الطرف اآلخر من التزاماته التعاقدية،
فإذا تخلف الطرف الملتزم فيها عن تنفيذ التزاماته فال تكون هناك مصلحة للطرف
اآلخر بأن يطلب الفسخ ألنه ليس عليه التزام يتحلل منه بالفسخ ،بل تقتضي
()3
مصلحته أن يطلب التنفيذ
فبالنسبة للعقد الملزم للجانبين ،إذا لم ينفذ أحد المتعاقدين التزاماته فإنه
يكون من مصلحة الطرف اآلخر ،فله الحق في إجباره على تنفيذ االلتزام ،مادام
تنفيذه ممكننا فإنه لم يكن ممكنا جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد حسب مقتضيات
الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود و بالتالي فإن االلتزامات الملزمة
للجانبين تتأسس على ارتباط االلتزامات المتقابلة بشكل ال يتصور معه قيام أحدهما
دون قيام اآلخر( ،)4وشرط العقد الملزم للجانبين هو مبدأ عام يسري على جميع
أنواع الفسخ سواء أكان فسخ قضائي أو فسخ اتفاقي أو فسخ قانوني ،أي أن فسخ
)(1الفصل 556من قانون االلتزامات والعقود "إذا تبث الضمان بسبب خلو المبيع من صفة معينة كان المشتري بأن يطلب فسخ البيع
ورد الثمن "...
)(2الفصل 692من قانون االلتزامات والعقود " للمكري فسخ الكراء مع حفظ حقه في التعويض إن اقتضى األمر . " ...
)(3العلوي العبدالوي ،نظرية العقد ،الطبعة األولى 1416ه_ 1996م ،رقم الصفحة 702
)(4جاد المصطفى ،خديجة جليلي ،عنوان المقال "مؤسسة الفسخ في القانون المغربي «« ،
/aljami3a.comhttps://www/.aljami3a.com/579مؤسسة الفسخ في القانون المغربي « 3 ،أبريل ،2022الساعة .08:35
16
العقد في القاعدة العامة يكون في جميع العقود الملزمة للجانبين سواء أكانت عقودا
فورية أو زمنية.
ثانيا :عدم قيام أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه:
لفسخ العقد يشترط أن يتخلف أحد المتعاقدين عن التزاماته التعاقدية ،لكن
ليس كل من أخل أو تخلف عن الوفاء بالتزامه التعاقدي يمكنه فسخ العقد ،الذي
أبرمه مع المتعاقد اآلخر ،وإنما يشترط لكي يترتب على هذا اإلخالل بالتزامه
التعاقدي أن يكون اإلخالل راجع لخطأ المتعاقد نفسه ،وال يكون هذا اإلخالل
بالوفاء بااللتزام راجع إلى سبب أجنبي وأدى ذلك الستحالة التنفيذ ،أو إذا كانت
استحالة التنفيذ راجع إلى فعل المتعاقد اآلخر.
فحسب مقتضيات الفصل 268من قانون االلتزامات والعقود " ال محل ألي
تعويض ،إذا أثبت المدين أن عدم الوفاء بااللتزام أو التأخير فيه ناشئ عن سبب ال
يمكن أن يعزى إليه كالقوة القاهرة أو الحدث الفجائي ،أو مطل الدائن "
واإلخالل بالتنفيذ في ميدان العقود يتخذ أكثر من مظهر قانوني ،فهو قد
يكون إيجابيا أو سلبيا وقد يكون كليا أو جزئيا ويعتبر مجرد التأخر في تنفيذ
()1
االلتزام سببا كافيا للحكم بالفسخ
فتخلف أحد المتعاقدين عن الوفاء بالتزامه الذي يخول طلب حكم فسخ العقد،
عند تماطل المتعاقد ( )2في تنفيذ التزامه التعاقدي.
ثالثا :أن يكون طالب الفسخ قد وفى بالتزاماته التعاقدية أو مستعد للوفاء
بها:
حسب مقتضيات الفصل 234من قانون االلتزامات والعقود" ال يجوز لألحد أن
يباشر الدعوى الناتجة عن االلتزام ،إال إذا أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما كان
ملتزما به من جانبه حسب االتفاق أو القانون والعرف « ،وبالتالي يشترط أن يكون
17
طالب الفسخ قام بالتزامه أو مستعدا لتنفيذه ،فال يحق للمتعاقد أن يطلب حكم فسخ العقد
من القضاء في الوقت الذي أخل فيه بالتزامه.
باإلضافة إلى هذه الشروط هناك كذلك شرط أن يكون طالب الفسخ قادرا على
إرجاع الحال إلى مكان عليه قبل التعاقد ،حيث يتعين أن يكون باستطاعة العاقد طالب
الفسخ إرجاع األمور إلى سابق عهدها قبل التعاقد ،ألن الفسخ يقضي هذه النتيجة .فإذا
حصل وفاء جزئي وكان الدائن عاجزا على إعادة ما أخذه بهذا الوفاء ،فال يسوغ له
طلب الفسخ ،كما لو تسلم جزءا من المبيع ،ثم باعه آلخر حيث ال يحق له حينذاك أن
يطلب الفسخ ( ، )1ولما كان فسخ العقد من شأنه أن يعيد الشيء إلى أصله فالبد للحكم
بالفسخ أن يكون الدائن الذي يطلب ذلك قادر على رد ما أخذ (.)2
وإلى جانب هذه الشروط الموضوعية توجد إلى جانبها شروط إجرائية من بين
هذه الشروط:
ضرورة اإلعذار: -1
فاإلعذار من الشروط األساسية التي يجب على طالب الفسخ التشبث بها وذلك
بإعذار الطرف الذي يطالبه بالفسخ ،وذلك ألن اإلعذار هو الذي يضع المدين في حالة
تقصير ،إذ ال يعتبر المدين متخلفا عن الوفاء إال بعد األعذار ( ،)3وبالرجوع إلى مسألة
األعذار بالنسبة للمسؤولية العقدية خص له المشرع مجموعة من الفصول ،)4(255و2
،)5( 56و ،)6( 257و )7(258من قانون االلتزامات والعقود
)(1عبد الحق الصافي ،الكتاب الثاني «آثار العقد « ،الطبعة األولى ،2007_1428الصفحة.306 :
)(2عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الجزء األول" :مصادر االلتزام « ،دار إحياء التراث العربي بيروت _لبنان الصفحة702 :
)(3الدكتور عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق ،الصفحة.703 :
)(4حسب الفصل 255من قانون االلتزامات والعقود " يصبح المدين في حالة مطل بمجرد حلول األجل المقرر في السند المنشئ
لاللتزام .فإن لم يعين لاللتزام أجل ،لم يعتبر المدين في حالة مطل إال بعد أن يوجه إليه أو إلى نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء
الدين" .... ،
)(5حسب الفصل 256من من قانون االلتزامات والعقود " ال يكون اإلنذار من الدائن واجبا:
إذا رفض المدين صراحة تنفيذ التزامه .1
إذا أصبح التنفيذ مستحيال" . .2
)(6حسب الفصل 257من من قانون االلتزامات والعقود " إذا حل االلتزام بعد موت المدين ،لم يعتبر ورثته في حالت مطل إال إذا وجه
إليهم الدائن أو ممثلوه إنذارا صريحا بتنفيذ التزام موروثهم .وإذا كان بين الورثة قاصر أو ناقص أهلية ،وجب توجيه اإلنذار لمن يمثله
قانونا.
)(7حسب الفصل 258من قانون االلتزامات والعقود" ال أثر لإلنذار الحاصل من الدائن إذا وقع في وقت أو في مكان ال يكون التنفيذ
فيهما واجبا" .
18
ومن هنا من الضروري توجيه اإلنذار لجعل المتعاقد الذي أخل بالتزامه
()8
التعاقدي في حالة مطل.
صدور حكم قضائي في الفسخ: -2
فعقد الكراء الطويل األمد هو من العقود الملزمة للجانبين ,فكل طرف يلزم
عليه تنفيذ التزاماته التعاقدية ،وإن تخلف عن تنفيذ التزاماته العقدية للطرف اآلخر
الخيار على إجباره على تنفيذ شروط العقد و التزاماته التعاقدية ،وإما فسخ العقد حيث
ينص المادة 124من القانون رقم 39.08المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم " 1.11.178إذا تخلف المكتري عن األداء مدة سنتين
متتابعتين جاز للمكري بعد توجيه إنذار بدون جدوى أن يحصل قضائيا على فسخ
الكراء الطويل األمد كما يمكنه أن يطالب بالفسخ في حالة عدم تنفيذ شروط العقد أو
إلحاق المكتري أضرار جسيمة بالملك .غير أنه يجوز للمحكمة مراعاة منها لظروف
المكتري أن تمنح أجاال معتدلة للوفاء ،وذلك وفقا ألحكام الفقرة الثانية من الفصل
243من قانون االلتزامات والعقود" .
ويستفاد من هذه المادة أنه إذا تخلف المكتري عن األداء مدة سنتين متتابعتين
أو في حالة عدم تنفيذ شروط العقد أو ألحق المكتري أضرار جسيمة ،يحق للمكري
)(8حسب مقتضيات الفصل 270من من قانون االلتزامات والعقود " يكون الدائن في حالة مطل إذا رفض دون سبب معتبر قانونا
استيفاء األداء المعروض عليه من المدين أو من شخص آخر يعمل باسمه ،على الكيفية المحددة في السند المنشئ لاللتزام أو التي تقتضيها
طبيعته .سكوت الدائن أو غيابه عندما تكون مشاركته ضرورية لتنفيذ االلتزام يعتبر رفضا منه" .
19
فسخ عقد الكراء ،وأكد المشرع على ضرورة توجيه اإلنذار للمكتري من طرف
المكري ،فاإلنذار هو شرط ضروري وإلزامي إلقامة الدعوى.
فبعد توجيه إنذار بدون جدوى يحق للمكري أن يحصل على حكم يقضي بفسخ
()1
عقد الكراء الطويل األمد ،في هذه الحالة يجب شطب هذا الحق من السجل العقاري
ثانيا :فسخ عقد الكراء المحالت المعدة للسكنى أو لالستعمال المهني قانون
67.12
وكما هو معلوم بأن الكراء للمحالت المعدة للسكنى أو لالستعمال المهني من
العقود الملزمة للجانبين ،فإذا لم ينفذ أحد المتعاقدين التزاماته التعاقدية فإن للطرف
اآلخر أن يختار بين تنفيذ العقد أو فسخ العقد ،غير أنه سنقتصر على دراسة شروط
فسخ عقد كراء المحالت المعدة للسكنى أو لالستعمال المهني ،وبالرجوع إلى المادة
56من قانو ن 67.12تنص على ما يلي" :يمكن للمكري أن يطلب من المحكمة
فسخ عقد الكراء وإفراغ المكتري ومن يقوم مقامه ،دون توجيه أي إشعار باإلفراغ
وذلك في الحاالت التالية":
إدخال تغييرات على المحل المكتري بدون موافقة أو إذن المكري.
إهمال المحل المكتري على نحو يسبب له ضررا كبيرا.
عدم أداء الوجبة القرائية التي حل أجلها رغم توصله بإنذار األداء.
استعمال المكتري ألغراضه غير تلك المتفق عليها في العقد أو
المخالفة لألخالق الحميدة أو النظام العام أو القانون.
من خالل قراءتنا لهاته المادة نجد على أن عقد كراء المحالت المعدة للسكنى
أو لالستعمال المهني ذكر الحاالت التي إذا توفرت حالة منها أمكن للمكري طلب فسخ
عقد الكراء إلى المحكمة دون توجيه إنذار ودون التقيد بأي أجل ،عكس الكراء الطويل
األمد الذي يستوجب ضرورة توجيه اإلنذار ،وكذا كراء العقارات أو المحالت
)( 1أسماء القوارطي ،الكراء الطويل األمد وتطبيقاته العملية ،دار السالم شارع طونكان عمارة 23رقم 2ديور الجامع _ الرباط ،طبعة
،2005الصفحة.36 :
20
المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي التي تستوجب كذلك توجيه
اإلنذار داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر (.)1
ثالثا :فسخ عقد الصلح
حسب مقتضيات الفصل 1110من قانون االلتزامات والعقود " إذا لم ينفذ أحد
الطرفين االلتزامات التي تعهد بها بمقتضى الصلح ،حق للطرف اآلخر أن يطلب تنفيذ
العقد ،إن كان ممكننا ،وإال كان له الحق في طلب الفسخ مع عدم اإلخالل بحقه في
التعويض في كلتا الحالتين" .
عقد الصلح من العقود الملزمة للجانبين ،وقد يترتب عليها فسخ العقد ،حيث
ينفسخ عقد الصلح بأسباب الفسخ العادية ،التي تتجمع في إمتاع أحد الطرفين عن تنفيذ
()2
التزاماته التعاقدية
فمن الشروط الجوهرية أو الموضوعية لفسخ عقد الصلح حسب مقتضيات
الفصل 1110من قانون االلتزامات والعقود :عدم قيام أحد الطرفين بالتزاماته
التعاقدية.
المبحث الثاني :أنواع الفسخ وآثاره
يتخذ الفسخ باعتباره يرمي الى وضع حد للعالقة العقدية التي تجمع بين
أطراف العقد ،حيث تنقسم أنواعه الى الفسخ القضائي باعتباره أصليا يهدف الى
انحالل الرابطة العقدية ،وأيضا الفسخ االتفاقي الذي يمكن أن يمارسه أطراف العقد،
باتفاق بينهما .إضافة الى الفسخ القانوني أي الفسخ الذي ال يمكن تصوره إال بقوة
)(1المادة 8من قانون رقم 49.16المتعلق بكراء العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي " ال
يلزم المكري بأداء أي تعويض للمكتري مقابل اإلفراغ في الحاالت اآلتية:
إذا لم يؤد المكتري الوجبة الكرائية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ توصله باإلنذار ،وكان مجموع ما بذمته على األقل 1
ثالثة أشهر من الكراء.
إذا أحدث المكتري تغييرا بالمحل دون موافقة المكري بشكل يضر بالبناية ويؤثر على سالمة البناء أو يرفع من تحمالته، 2
ماعدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل األجل الممنوح له في اإلنذار ،على أن تتم االشغال
من أجل ذلك في جميع األحوال ،داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر.
إذا قام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري دون موافقة المالك ،ما عدا إذا عبر المكتري عن نيته في ارجاع الحالة إلى ما 3
كانت عليه داخل األجل الممنوح له على أن يتم هذا اإلرجاع ،في جميع األحوال ،داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر.
إذا كان المحل ايال للسقوط مالم يثبت المكتري مسؤولية المكري في عدم القيام بأعمال الصيانة الملزم بها إتفاقا أو قانونا رغم 4
إنذاره بذلك.
إذا هلك المحل موضوع الكراء بفعل المكتري أو بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي. 5
إذا عمد المكتري إلى كراء المحل من الباطن خالفا لعقد الكراء. 6
7إذا فقد األصل التجاري عنصر الزبناء والسمعة التجارية إغالق المحل لمدة سنتين على األقل" .
)(2أحمد شكري السباعي ،الوسيط في القانون التجاري المغربي والمقارن ،الجزء الرابع في " اإلفالس " الصفحة.577 :
21
القانون ويكون منصوص عليه في نصوص تشريعية " ويترتب على الفسخ سواء كان
قضائيا أو اتفاقيا أو قانونيا " زوال الرابطة العقدية بأثر رجعي بحيث ال تنتج أي أثار
في المستقبل وتزول أثاره ومن تم يلزم إعادة المتعاقدين الى الوضعية التي كان عليها
قبل التعاقد"( .)1ويستلزم ذلك ضرورة استحقاق التعويض إذا تم فسخ العقد بالنسبة
للمتعاقدين وقد يترتب الفسخ أيضا بالنسبة للغير لينتج عن ذلك زوال حقوق الغير إال
أن هناك استثناءات ترد على القاعدة العامة .في هذا المبحث سنحاول الحديث عن
أنواع فسخ العقد وذلك سيكون موضوع (المطلب األول (على أن نتناول األثار
المترتبة عن فسخ العقد في (المطلب الثاني).
المطلب األول :أنواع الفسخ
يؤدي إخالل أحد المتعاقدين في تنفيذ التزاماته في العقد الملزم لجانبين إلى
انحالل الرابطة العقدية بطلب من الطرف الثاني الذي جاز له أن يطلب تنفيذ العقد أو
فسخه ،واألصل أن طلب الفسخ في القانون المغربي يعد طلبا احتياطيا بالنسبة لطلب
التنفيذ الذي يعد طلبا أصليا ،حيث أن الفسخ في األصل يكون بحكم من القضاء لكن
يمكن أن يتفق المتعاقدين عليه وذلك بتضمينهم في العقد شرط إذا تحقق يفسخ العقد من
تلقاء نفسه كما يمكن أن يكون بقوة القانون ،ومن خالل هذا المطلب سنحاول أن
نعالج أنواع الفسخ ،حيث سنتطرق للفسخ القضائي في (الفقرة األولى) والفسخ
القانوني والفسخ االتفاقي في (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :الفسخ القضائي
يقصد بهذا النوع من الفسخ إزالة اآلثار التي قد رتبها العقد في ذمة المتعاقدين
وذلك بإنحالل الرابطة العقدية الملزمة لجانبين من طرف القضاء ،واألصل في الفسخ
أن يتم عن طريق القضاء بحيث يلجأ الطرف المتضرر من تنفيذ العقد إلى القضاء من
أجل إلزام الطرف اآلخر إما بتنفيذ االلتزام أو فسخ العقد.
)(1
عبد الحق الصافي ،مرجع سابق ،الصفحة .317
22
ويعتبر الفسخ القضائي Résolution judiciaireمن أبرز صور أنظمة
الفسخ المتعارف عليها ،فهو بمثابة القاعدة العامة في ميدان انحالل العقود وزوالها ،إذ
أن معظم حاالت إقرار الفسخ تتم عن طريق القضاء (.)2
وقد أشار المشرع المغربي إلى هذا النوع من الفسخ في الفصل 259من
قانون االلتزامات والعقود الذي ورد فيه أنه " :إذا كان المدين في حالة مطل كان
للدائن الحق في إجباره على تنفيذ االلتزام ما دام تنفيذه ممكنا ،فإذا لم يكن ممكنا جاز
للدائن أن يطلب فسخ العقد وله الحق في التعويض في الحالتين
وإذا أصبح تنفيذ االلتزام غير ممكن إال في جزء منه جاز للدائن أن يطلب تنفيذ
العقد بالنسبة إلى الجزء الذي مازال ممكنا ،وإما فسخه وذلك بالتعويض في الحالتين
وعالوة على ذلك تطبق القواعد المقررة في األبواب المتعلقة بالعقود الخاصة .ال يقع
فسخ العقد بقوة القانون وإنما يجب أن تحكم به المحكمة".
وجاء كذلك في المادة 157 :من القانون المدني المصري أنه " في العقود
الملزمة لجانبين ،إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد اآلخر بعد إعذاره
للمدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه ،مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى
ويجوز للقاضي أن يمنح للمدين أجال إذا اقتضت الظروف ذلك ،كما يجوز له أن
يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوفي به المدين قليل األهمية بالنسبة إلى االلتزام في
جملته.
من خالل استقرائنا لهذا النص يتبين أن الحكم القاضي بالفسخ يستلزم إعذاره
للمدين ويمتنع بالتالي فسخ العقد عند قيام المتعاقد بتنفيذ التزامه بعد إعذاره ،ويجب
إعذاره في وقت سابق على رفع دعوى الفسخ ،وللقاضي حسب المشرع السلطة
التقديرية في مجال الحكم بفسخ.
وهكذا يتضح من خالل مقتضيات الفصل 259أعاله أن المشرع المغربي،
قد أجاز للطرف المتعاقد إمكانية االختيار بين طلب التنفيذ وطلب الفسخ في إخالل
الطرف اآلخر بالتزامه ،غير أنه عند عدم تنفيذ المدين اللتزاماته المترتبة عن العقد،
فإنه ينشأ للطرف الدائن الحق في طلب حل الرابطة العقدية ،وإذا كان المشرع أجاز
)(2
عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق ،الصفحة .380
23
له أن يطلب الفسخ فما ذلك إال بصفة احتياطية إذا رأى صعوبة دعوى التنفيذ غير أن
نشوء الحق في طلب الفسخ يتطلب توافر مجموعة من الشروط (أوال) وكذلك ليكون
طلب الفسخ مقبوال يجب إتباع عده إجراءات قانونية ( ثانيا).
24
يشكل عدم تنفيذ أحد المتعاقدين اللتزاماته الشرط الجوهري واألساسي إلعمال
نظام الفسخ ،وقد يتخذ عدم التنفيذ أشكاال متعددة فقد يكون إيجابيا أو سلبيا كليا أو
جزئيا بل قد يكون عبارة عن تأخر في تنفيذ االلتزامات العقدية ،أو التنفيذ على نحو
()1
معيب أو مخالف لالتفاق
ويعتبر المدين مخال بالتزامه إذا لم يقوم بالتنفيذ المطلوب في الموعد المحدد
لذلك أو يعلن صراحة قبل حلول األجل عن نيته في عدم تنفيذ االلتزام ويجب أال يكون
هذا التخلف عن الوفاء راجعا إلى سبب أجنبي ال يد للمدين فيه طبقا للفصل 268من
قانون االلتزامات والعقود الذي جاء فيه" :ال محل ألي تعويض إذا اثبت المدين أن
عدم الوفاء بااللتزام أو التأخر فيه ناشئ عن سبب ال يمكن أن يعزى إليه كالقوة
()2
القاهرة أو الحادث الفجائي أو مطل الدائن
ويستوي في اإلخالل أن يكون صادرا عن المتعاقد األول أو الثاني بشرط أن
يتم التقييد باحترام قواعد األولوية في تنفيذ االلتزامات ،ففي عقد البيع مثال فان
المشتري هو الذي عليه المبادرة بأداء الثمن حتى يحصل على المبيع وليس العكس،
ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك وهذا يعني أن المشتري ال يكون له الحق في طلب
فسخ العقد إال إذا كان قد أدى الثمن الذي التزم به أو على األقل عرض األداء وفقا
()3
للقانون أو العرف واالتفاق
وليس من الالزم أن يكون عدم التنفيذ كليا كما تقضي بذلك الفقرة الثانية من
الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود( )4فحق طلب الفسخ يثبت للمتعاقد ولو كان
المتعاقد اآلخر قد نفذ بعض التزاماته دون البعض اآلخر وكذلك يثبت حق طلب الفسخ
إذا كان التنفيذ قد تم معيب ،أي على غير الصورة المشروطة والمحققة لقصد الدائن،
لكن إجابة طلب الفسخ في هذه الحالة تتوقف على تقدير القاضي ألهمية الجزء الذي تم
()5
تنفيذه بالنسبة لاللتزام بأكمله ،أو مدى تأثير عيوب التنفيذ على الغاية من االلتزام
25
وبذلك لكي يكون عدم التنفيذ سبب من أسباب فسخ العقد ،البد أن يكون عدم تنفيذ
االلتزام يرجع إلى إهمال أو خطأ متعاقد اآلخر.
-3أن يكون طالب الفسخ قد أوفى بالتزاماته العقدية أو مستعد للوفاء بها
وباستطاعته إرجاع األمور إلى حالتها األصلية :تقتضي موجبات العدالة القول بأنه ال
يحق للمتعاقد أن يطلب الفسخ في الوقت الذي أخل فيه بالتزاماته ،فمثال ال يحق
للمشتري المتأخر عن دفع الثمن أن يطالب بالفسخ المتناع البائع عن تسليمه المبيع،
بل يتعين عليه أن يبادر أوال بدفع الثمن أو يظهر استعداده لدفعه قبل أن يخطر البائع
لتسليم المبيع ،ألن تأخره في دفع ما عليه يعطي البائع الحق في االمتناع عن تسليم
المبيع أي الحق في الحبس أو حق الدفع بعدم التنفيذ(.)1
وهذا ما نص عليه الفصل 234من قانون االلتزامات والعقود" ال يجوز ألحد
أن يباشر الدعوى الناتجة عن االلتزام إال إذا أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما
كان ملتزما به من جانبه حسب االتفاق والقانون والعرف"
ولالستجابة لطلب الفسخ البد أن يكون طالبه باستطاعته إرجاع األمور إلى ما
كان عليها سابقا ،أي أنه يجب أن يكون الدائن قادرا على أن يرد ما أخذه من الطرف
األخر ،فإن كان قد تسلم شيئا بمقتضى العقد وباعه إلى آخر فالتزامه بالضمان يحرمه
من حق المطالبة بالفسخ ،أما إذا كان المدين هو الذي استحال عليه أن يرد الشيء إلى
أصله ،فإن ذلك ال يمنع من الفسخ ،ويقضي في هذه الحالة التعويض.
من خالل ما سبق يتبين لنا انه لصحة طلب الفسخ يجب توافر الشروط أعاله،
ورغم هذا فإنه ال يكفي لفسخ العقد وإنما يجب إتباع مجموعة من اإلجراءات القانونية
لكي يكون للمتعاقد الحق في طلب الفسخ أمام القضاء.
ثانيا :إجراءات الفسخ القضائي
ال يكفي إلعمال نظام الفسخ القضائي توافر الشروط المذكورة سابقا بل يجب
كذلك إتباع عدة إجراءات التي نجملها كاالتي.
توجيه إنذار لتحقيق المطل -1
)(1
عبد الحق الصافي ،مرجع سابق ،الصفحة .305
26
لكي تكون دعوى المطالبة بالفسخ مقبولة فإنه يتعين أن تكون مسبوقة باإلخطار
الالزم لجعل المدين أو الدائن في حالة مطل ( )1وأهمية هذا اإلنذار ال تظهر في الواقع
إال في األحوال التي يكون االلتزام فيها غير محدد المدة ،أما إذا كان االلتزام محدد
األجل للوفاء به ،فإن مطل المدين يتحقق بمجرد حلول هذا األجل ،فما هو مضمون
()2
هذا اإلنذار؟ وما هو شكل هذا اإلنذار.
بخصوص موضوع اإلنذار ( )3فقد نص المشرع المغربي في الفصل 255من
قانون االلتزامات والعقود بأنه" يصبح المدين في حاله مطل بمجرد حلول األجل
المقرر في السند المنشئ لاللتزام ،فاذا لم يعين لاللتزام أجل لم يعتبر المدين في حالة
مطل إال بعد أن يوجه إليه أو إلى نائبه القانوني إنذار صريح للوفاء بالدين ،ويجب أن
يتضمن هذا اإلنذار:
1طلب موجها الى المدين بتنفيذ التزامه في أجل معقول.
2تصريح بأنه إذا انقضى هذا األجل فإن الدائن يكون حرا في أن يتخذ ما
يراه مناسبا إزاء المدين"
ويجب أن يحصل هذا اإلنذار كتابة ويسوغ أن يحصل ولو ببرقية أو برسائل
مضمونة أو بالمطالبة القضائية ولو رفعت إلى قاضي غير مختص.
غير أن الدائن يعفى من وجوب توجيه إنذار كتابي بالتنفيذ في حالتين نص
عليهما الفصل 256من قانون االلتزامات والعقود وهما :إذا رفض المدين صراحة
تنفيذ التزامه إذا أصبح التنفيذ مستحيال.
وتجدر اإلشارة إلى أن الدعوى التي يرفعها الدائن لفسخ العقد دون أن يكون قد
سبقها إنذار ،تعتبر مقبولة ألن الدعوى في حد ذاتها تعتبر إنذار للمدين بوجوب تنفيذ
التزامه ،لكن إذا طلب الدائن فسخ العقد مع التعويض ففي هذه الحالة يجب أن يكون قد
وجه إنذار الى المدين وإال ستجيب لطلبه في الشق المتعلق بالفسخ دون التعويض على
)(1يعتبر المطل المآل الطبيعي للمدين المخل بااللتزام وال يقتصر في الواقع على المدين فحسب وإنما قد يشمل الدائن أيضا وهذا ما
نستنتجه من صياغة الفصل 270من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص على انه "يكون الدائن في حالة مطل اذا رفض دون سبب
معبر قانونا استفاء األداء المعروضة عليه من المدين أو من شخص أخر يعمل باسمه على الكيفية المحددة في السند المنشئ لاللتزام أوالي
تقتضيها طبيعته.
)(2عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق الصفحة .382-383
)(3لقد عبر المشرع المغربي عن اإلنذار الوارد في الفصل 255من قانون االلتزامات والعقود بأكثر من مصطلح قانوني كمصطلح
التنبيه المنصوص عليه في الفصل 754من نفس القانون ومصطلح اإلخطار الوارد في الفصل 382الذي يتعلق باإلنذار الموجه من
المدين الى دائنه في الحاالت التي تستوجب عرض تنفيذ االلتزام.
27
اعتبار أن التعويض يستحق بسبب عدم الوفاء بااللتزام الذي ال يتحقق إال من خالل
مطل المدين الذي يثبت باإلنذار.
لكن ليس هناك ما يمنع األطراف من االتفاق على خالف مضمون الفصل
255من قانون االلتزامات والعقود باعتبار مقتضياته ليست من النظام العام ،فبإمكان
المتعاقدين االتفاق على جعل العقد مفسوخا بمجرد اإلخالل به من طرف أحد
المتعاقدين دون سلوك مسطرة اإلخطار السابقة ( ،)1كما أنه بإمكانهما االتفاق على
مسطرة اإلخطار بوسيلة غير تلك المنصوص عليها في الفصل ،255كان يتم مثال
عن طريق الهاتف والرسالة العادية (.)2
رفع الدائن لدعوى الفسخ -2
إذا لم يستجب المدين لإلنذار الذي وجهه له الدائن ،وبقي ممتنعا عن تنفيذ
االلتزامات الملقاة على عاتقه فال يبقى أمام الدائن سوى اللجوء إلى القضاء لرفع
دعوى قضائية للمطالبة بالفسخ ،التي تعتبر ضمانا لصاحب الحق من أجل حماية حقه،
هذه الدعوى مثلها مثل باقي الدعاوى القضائية ،التي تبدأ بمقال افتتاحي هذا األخير
يجب أن يتضمن مجموعة من الشروط المنصوص عليها في الفصل 32من قانون
المسطرة المدنية الذي جاء فيه " يجب أن يتضمن المقال أو المحضر األسماء العائلية
والشخصية وصفة أو مهنة ،وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعى عليه ،وكذا عند
االقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي"...
ونالحظ أن القضاء المغربي ضيق من دائرة األشخاص الذين من حقهم
المطالبة القضائية للفسخ ،حيث أن من لهم حق رفع دعوى الفسخ هما أطراف العقد،
عكس القضاء الفرنسي الذي وسع من دائرة األشخاص الذين لهم الحق في رفع دعوى
الفسخ ليشمل المشتري الثاني والبائع األول وكذلك الكفيل بإمكانه مطالبة المحكمة
بفسخ .وطبقا لقاعدة "البينة للمدعي" يتعين على صاحب الفسخ أن يثبت للمحكمة
بالخصوص:
)(1حيث أن مثل هذا االتفاق إذا كان جائزا في إطار الفصل 255من قانون االلتزامات والعقود لعدم مساسه بالنظام العام فانه قد ال يكون
جائزا في بعض األنظمة الخاصة لإلنذار وهذا ما ينص عليه الفصل 26من ظهير 24/05/1955المتعلق بالكراء التجاري حيث أن
االتفاق على إدراج الشرط الفاسخ في العقد ال يعفي المكري من سلوك مسطره اإلنذار.
)(2عبد القادر العرعاري ،المرجع السابق ،الصفحة .386
28
-العقد الذي يربطه بالمدين وإخالل هذا األخير بالتزاماته العقدية وكل ذلك
وفقا لألحكام العامة في اإلثبات .ولإلشارة بإمكان المدين المدعي عليه أن يبعد عنه
خطر فسخ العقد ،وذلك عن طريق تنفيذ التزامه خالل مسطرة التقاضي وقبل صدور
حكم نهائي بالفسخ (.)1
وتتقادم دعوى الفسخ بمضي خمسة عشرة سنة من وقت ثبوت الحق في الفسخ
وذلك من يوم اإلنذار طبقا للقواعد العامة في التقادم المسقط.
وقيام الدائن بإنذار المدين ورفع دعوى الفسخ غير كافي إللقاء الفسخ ،بل البد
من صدور حكم قضائي يقضي بفسخ العقد الذي يجمع بين الطرفين.
ضرورة صدور حكم يقضي بالفسخ: -3
إن مجرد تحقيق حالة المطل وتوفر شروطه القانونية ،وكذلك المطالبة
القضائية غير كافي لفسخ العقد بصورة تلقائية ،وإنما يتعين أن يتقرر الفسخ بمقتضى
حكم قضائي صادر عن المحكمة المختصة ،وللقاضي في هذا الميدان سلطة تقديرية
واسعة في الحكم بالفسخ أو اإلبقاء على العقد أو منح للمدين مهلة الميسرة لتمكينه من
الوفاء بالتزاماته العقدية ،اذا كان هناك موجب معقول لمنح هذه المهلة ،وفي هذا
الخصوص فان الفقرة الثانية من الفصل 243من قانون االلتزامات والعقود جاءت
لتأكد هذه السلطة التقديرية للقضاة حيث ورد فيها ما يلي" :ومع ذلك يسوغ للقضاة
مراعاة منهم لمركز المدين و مع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق أن يمنحوه
أجاال معتدال للوفاء وأن يوقفوا إجراءات المطالبة مع إبقاء األشياء على حالها(.")2
ويجب اإلشارة أنه في حالة منح القاضي أجال للتنفيذ فإنه يؤخر الملف لمدة
المهلة الممنوحة وبعد مرورها يتم البث فيه وبعبارة أخرى يمنح القاضي مهلة لتنفيذ
ويؤخر الملف .ويتعين على القاضي التأكد من أن الدائن قد وجه إنذار إلى المدين وفق
الشروط التي سبق ذكرها ،حيث يمكن للقاضي باإلضافة إلى منح مهله للمدين لتنفيذ
التزاماته ،يمكنه أن يحكم كذلك بفسخ العقد جزئيا ،إذا كان تنفيذ االلتزام غير ممكن إال
29
في جزء من العقد ،باإلضافة إلى أنه يمكن أن يحكم بالفسخ الكلي للعقد مع التعويض
عند االقتضاء عن الضرر الذي لحق الدائن.
وتمكن ضرورة صدور حكم قضائي بالفسخ في أنه يمكن أن يقوم المدين
بالتنفيذ بعدم الرفع الدعوى ،وفي هذه الحالة ال يمكن فسخ العقد ،باإلضافة إلى أن
القاضي يتمتع بسلطة تقديرية واسعة ،وبالتالي قد ال يستجيب لطلب الفسخ ،كما يمكن
للدائن أن يتراجع عن هذا الطلب ويبقى متمسك بالتنفيذ قبل صدور الحكم حيث أن
الحكم الذي يصدره القاضي يكون حكما منشئا للفسخ وليس كاشفا عنه ،وهذا ما يميز
الفسخ القضائي عن الفسخ القانوني واالتفاقي.
الفقرة الثانية :الفسخ القانوني والفسخ االتفاقي
يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على أن العقد يصبح مفسوخا عندما يخل أحد
المتعاقدين بالتزاماته ،وهو ما يصطلح عليه بالفسخ االتفاقي ويتحقق هذا األخير
بمجرد إخالل المدين بالتزامه ،لكن ليس دائما الفسخ يتم عند إخالل المدين بالتزاماته
بل يمكن أن يتم الفسخ بسبب ال دخل ليد المدين فيه ،سبب يجعل التنفيذ العقد مستحيال
وفي هذه الحالة ينفسخ العقد وهذا ما يسمى بالفسخ القانوني وبذلك سنعالج الفسخ
القانوني(أوال) والفسخ االتفاقي(ثانيا).
أوال :الفسخ القانوني
يسمى الفسخ القانوني كذلك باالنفساخ والذي يتقرر عند ثبوت األسباب الموجبة
إليه ،ومن بين هذه األسباب هو استحالة تنفيذ االلتزام بفعل سبب أجنبي ال يد للمدين
كالقوة القاهرة أو خطأ صادر عن الدائن أو الغير ،ففي هذه الحالة ينقضي التزام
المدين ،وينقضي معه االلتزام المقابل له ،وبالتالي ينفسخ العقد بقوة القانون ،ومن بين
مظاهر الفسخ القانوني في قانون االلتزامات والعقود نجذ الحالة التي يتم فيها تخريب
العين المكتراة إلى درجة أنها أصبحت غير صالحة لالستعمال كما جاء في الفصل
659من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص على أنه" إذا هلكت العين المكتراة أو
تعيبت أو تغيرت كليا أو جزئيا بحيث أصبحت غير صالحة لالستعمال في الغرض
الذي اكتريت من أجله وذلك دون خطأ أي واحد من المتعاقدين فإن عقد الكراء ينفسخ
30
من غير أن يكون ألحدهما على اآلخر حق في التعويض وال يلزم المكتري إال بقدر
انتفاعه وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم األثر(.)1
ومن خالل هذا النص يتبين أنه من أسباب انفساخ عقد الكراء هو هالك العين
المكتراة إما بسبب الزلزال أو الفيضانات أو الحرائق وغيرها مما يؤدي إلى تغير أو
تعيب في العين المكتراة ،مما يجعلها غير صالحة لالستعمال وبالتالي يفسخ عقد
الكراء الذي يجمع بين الطرفين.
وينظم المشرع المغربي الفسخ القانوني بمقتضى الفصلين 338و 339من
قانون االلتزامات والعقود حيث ينص الفصل 338على ما يلي " :إذا كان عدم تنفيذ
االلتزام راجعا إلى سبب خارج عن إرادة المتعاقدين وبدون أن يكون المدين في حاله
مطل برئت ذمة هذا األخير ،ولكن ال يكون له الحق أن يطلب أداء ما كان مستحقا
على الطرف األخر فإذا كان الطرف اآلخر قد أدى فعال التزامه ،كان له الحق في
استرداد ما أداه أو جزء بحسب األحوال باعتبار أنه غير مستحق" .كما ينص الفصل
339من قانون االلتزامات والعقود على ما يلي ":إذا كانت استحالة التنفيذ راجعة إلى
فعل الدائن أو إلى أي سبب آخر يعزى إليه بقي للمدين الحق في أن يطلب تنفيذ
االلتزام بالنسبة إلى ما هو مستحق له شرط أن يرد للطرف األخر ما وفره بسبب عدم
تنفيذ التزامه أو ما استفاده من الشيء محل االلتزام"
مما سبق يظهر أن االنفساخ جزاء قانوني يقرره القانون بسبب تعذر الوفاء
بااللتزامات المتقابلة في العقد الملزم لجانبين ،وهو يتميز عن الفسخ في أنه ال يستلزم
مراجعة القضاء للحكم به ،فضال على أنه ال يتوجب على المستفيد منه أن يسلك
مسطرة اإلنذار لتحقيق المطل في ميدان الفسخ القضائي ( .)2ورغم كل هذا فإن فسخ
العقد بقوة القانون يتطلب توافر مجموعة من الشروط وهي كاالتي:
( 1وجود عقد ملزم لجانبين ،يصبح فيه تنفيذ التزام أحد األطراف مستحيال
استحاله مطلقة ودائمة ،واالستحالة المقصودة هي االستحالة الموضوعية التي تتعلق
)(1محمد محروك ،الوجيز في نظريه العقد تكوينه وأثاره ،مكتبة المعرفة ،مراكش ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة الثانية
،2019الصفحة .121
)(2عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق ،الصفحة .390
31
بااللتزام ذاته كتهدم المنزل المبيع بسبب الزلزال ،وال نعتد باالستحالة الذاتية المتعلقة
بالمدين نفسه ،كسوء حالته المالية التي تعجزه عن الوفاء بالتزاماته(.)1
( 2يجب أن تكون استحالة االلتزام كاملة ،فاالستحالة الكلية هي التي تؤدي
إلى انفساخ العقد ،أما إذا كنا بصدد استحالة جزئية في التنفيذ ،فإن المدين ال يعفى إال
في حدود االستحالة.
( 3أن تكون تلك االستحالة الحقة إلبرام العقد ،أما إذا كانت سابقة فنتحدث
هنا عن بطالن العقد ألن العقد لم ينعقد أصال ،أي يقع باطال لالستحالة محله.
( 4أن ترجع تلك االستحالة لسبب أجنبي ال يد للمدين فيه ،ويتمثل السبب
األجنبي في القوة القاهرة ،أي الحدث الذي ال يمكن توقعه أو دفعه أو تفاديه ،ومثال
على ذلك الجفاف والعواصف وكذا الجراد وغيرها ،ويكون من شأنها أن أن تجعل
تنفيذ االلتزام مستحيال(.)2
ويتضح من خالل ما سبق أنه إذا توافرت شروط االنفساخ فإن االلتزامات
المتقابلة بما فيهم التزامات المدين تنقضي ،وينفسخ العقد بقوة القانون دون الحاجة إلى
إنذار المدين أو إلى رفع دعوى للحصول على حكم قضائي يقضي بفسخ العقد.
ثانيا :الفسخ االتفاقي
باإلضافة للنوعين السابقين من الفسخ فإن هناك صنفا ثالثا للفسخ ويطلق عليه
اسم الفسخ االتفاقي Résolution conventionnelال تتقرر إال بناء على اتفاق
األطراف على إدراج شرط فاسخ صريح في العقد ،وقد أشار قانون االلتزامات
والعقود المغربي إلى جواز مثل هذا االتفاق في الفصل 260الذي نص على ما يلي":
إذ اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته وقع الفسخ بقوة
القانون بمجرد عدم الوفاء" ،ومن تطبيقات هذه القاعدة في ميدان عقد البيع نجد حالة
الفصل 581من قانون االلتزامات والعقود الذي جاء فيه بأنه" إذا اشترط بمقتضى
العقد والعرف المحلي أن البيع يفسخ إذا لم يؤد الثمن فإن العقد يفسخ بقوة القانون
بمجرد عدم أداء الثمن في األجل المتفق عليه(.)3
)(1إبراهيم احطاب ،مرجع سابق ،الصفحة .179 -178
)(2إبراهيم احطاب ،مرجع سابق ،الصفحة .179
)(3عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق الصفحة.391 392 ،
32
بمقتضى الشرط الفاسخ الذي يجب أن يكون صريحا واضحا غير مثير للشك
والغموض يكون العقد قابال للفسخ بقوة القانون بمجرد اإلخالل بالتنفيذ ،غير أن ذلك
ال يغني عن رفع دعوى الفسخ وال عن اإلنذار وإن كان القاضي ال يملك في هذه
الدعوى سلطة الحكم بغير مقتضى الشرط فيكون حكمه كاشفا للفسخ ال منشئا له (.)1
إال أنه ليس هناك ما يمنع األطراف من االتفاق على جعل العقد مفسوخا من
تلقاء نفسه دون الحاجة إلى حكم ،وهذا الشرط معناه أن يقع فسخ من تلقاء نفسه فال
تكون هناك حاجة إلى رفع دعوى للحصول على حكم بالفسخ وإنما ترفع الدعوة إذا
نازع المدين في إعمال الشرط أو إدعى بأنه وفى بالتزامه ،وفي هذه الحالة يقتصر
عمل القاضي على التحقيق في تخلف المدين عن الوفاء فإذا تحقق من ذلك حكم
بالفسخ ،ويكون الحكم حينئذ مقرر للفسخ ال منشئا له ،لكن هذا الشرط ال يعفي من
اإلنذار إذ أن اإلنذار واجب ألعمال الشرط .وقد يتفق على أن يكون العقد مفسوخا من
تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إنذار وهذا أوسع ما يصل إليه الشرط من مدى في
هذا النصوص ومعنى هذا الشرط أن يقع فسخ العقد من تلقاء نفسه عند حلول ميعاد
الوفاء فاذا لم يقع المدين بالوفاء به فال تكون هناك حاجة إلى اإلنذار أو رفع دعوى
للحصول على حكم الفسخ (.)2
ومهما كانت الدرجات المتفاوتة للشرط الذي يضعه المتعاقدين ،فإن الدائن يبقى
له حق الخيار بين طلب الفسخ أو التنفيذ وحتى ولو تحقق السبب الموجب لفسخ العقد
فيمكنه أن يطلب بتنفيذه على اعتبار أن الشرط يوضع في األصل لفائدة الطرف الذي
أدرجه في العقد.
وتجدر اإلشارة إلى أن للفسخ االتفاقي عدة مزايا كما له عدة عيوب فتتجلى
مزاياه بالخصوص في تجنب نفقات التقاضي ،وإبعاد الشك الذي يحوم حول تقرير
الفسخ بسبب السلطة التقديرية الواسعة للقاضي بخصوصه ،أما عيوبه فتتلخص في
مساسه بسالمة المراكز العقدية ونيله من الحقوق المكتسبة للغير عند تقرير الفسخ بأثر
33
رجعي كما أنه مخالف لمبادئ العدالة مادام يفرض في الغالب من قبل العاقد القوي
اقتصاديا (.)1
وإلعمال الفسخ االتفاقي يجب توفر مجموعة من الشروط وهي كاالتي أن:
1-يجب أن يكون هناك اتفاق على فسخ العقد :ومعنى هذا الشرط أنه يجب
أن يتضمن العقد اتفاقا صريحا على أن العقد يفسخ إذا لم يقع التنفيذ من أحد المتعاقدين
في المستقبل فإذا تحقق هذا فإن العقد يفسخ تلقائيا ،وهذا ما نص عليه الفصل 260
من قانون االلتزامات والعقود
2-أن يكون هدف االتفاق هو استبعاد الفسخ القضائي :ومفاد هذا الشرط أنه
يجب أن تتجه إرادة المتعاقدين إلى استبعاد الفسخ القضائي فقد يدرج المتعاقدين في
العقد بأنه إذا لم ينفذه أحد المتعاقدين إلزامه يصبح العقد مفسوخا من تلقاء نفسه وقد
يزيدان من قوة هذا الشرط فيتفقا بأن العقد يكون مفسوخا من تلقائي نفسه دون الحاجه
إلى حكم قضائية بل قد يصلوا الى أعلى درجة بأن يتفقا بأن العقد يكون مفسوخا من
تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إنذار.
- 3عدم تنفيد أحد المتعاقدين اللتزامه :إن واقعة عدم التنفيذ تعتبر شرطا
ضروريا للمطالبة بفسخ العقد من طرف الدائن دون حاجة إلى اللجوء للقضاء ،ورغم
هذا فمن حق الدائن أن يطالب بتنفيذ العقد وقانون االلتزامات والعقود المغربي لم يقيد
حرية المتعاقدين في هذا المجال لكن بالمقابل لم يجيز الفسخ جراء عدم التنفيذ التافه،
وهذا ما نستشفه من الفصل 231من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص على مبدأ
حسن النية من خالل هذا الفصل يتبين أنه يجب مراعاة القواعد العامة التي ال يجوز
خرقها من طرف المتعاقدين في إطار اتفاقهما على الفسخ(.)2
وتجدر اإلشارة إلى أن إعمال الفسخ يكون معلقا على تخلف المدين عن تنفيذ
التزامه العقدي ،وهذا ما يختلف عن الشرط الفاسخ باعتباره أحد أوصاف االلتزام
الذي يكون زواله معلقا على حدوث أمر مستقبلي غير مؤكد الوقوع وال يرتبط
34
بتصرف المدين وال يروم معاقبة ( ،)1إضافة إلى أن وقوع الفسخ نتيجة عدم التنفيذ ال
يتحقق إال إذا عبر الدائن عن إرادته في إعمال الفسخ ،في حين أن الفسخ باعتباره
وصفا لاللتزام يحصل بمجرد الواقعة موضوع الشرط.
المطلب الثاني :آثار الفسخ
يتميز العقد بقوة إلزامية تعاقدية بكل ما جاء فيه وال يستطيع أن يستقل بنقضه
أو تعديله ما لم يسمح القانون أو االتفاق ،فاألصل في العقود هو أن يتم تنفيذها وفقا لما
يقتضيه حسن النية ،واالستثناء هو نقض تلك العقود وإنهاؤها ينتج عن الفسخ أثار
بالنسبة للمتعاقدين يستلزم ذلك ضرورة استحقاق التعويض إضافة الى هذا الفسخ أيضا
يترتب آثاره اتجاه الغير ،وبالتالي األشياء التي انتقلت إلى الغير يتعين استردادها متى
كان ذلك ممكنا إال أن هناك استثناءات ال يتأثر الغير فيها من الفسخ .سنتطرق في هذا
المطلب الى الحديث عن آثار الفسخ بالنسبة للمتعاقدين (الفقرة األولى) على أن يكون
الحديث عن آثار الفسخ إزاء الغير (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :آثار فسخ العقد بالنسبة للمتعاقدين
يقصد باألثر التي تترتب عن فسخ العقد إزاء المتعاقدين عندما يتم بموجبه
تعيين بصفة تلقائية ومباشرة وإرجاع المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليهما قبل
التعاقد بحيث يرجع كل واحد منهما لألخر بالنسبة ما يسلمه تنفيذا للعقد( ،)2األمر
تعتريه صعوبات خصوصا عندما يتعلق ذلك الفسخ بالعقود الفورية أو الزمنية يدعو
ذلك الى التمييز بينهما ،فهذا األمر يستعصي في العقود الزمنية التي تقوم على
استهالك المنافع والخدمات على نحو مستمر( .)3حيث يترتب فسخهم إعادة المتعاقدين
الى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد فأحيانا يكون األثر رجعي يطبق على الماضي
والمستقبل ،وأحيانا أخرى تنحصر فقط في المستقبل دون الماضي ،وهذا ما سنتناوله
الحقا.
أوال :إرجاع العقد الى ما كان عليه سابقا
)(1
عبد الحق الصافي ،مرجع سابق ،الصفحة .309
)(2
عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق ،الصفحة .266
)(3
عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق ،الصفحة .266
35
عندما يتم فسخ العقد تترتب عنه مجموعة من اآلثار بين المتعاقدين ،العقد
يزول في الماضي والمستقبل وذلك سواء تعلق األمر بالفسخ القضائي أو القانوني أو
االتفاقي فالفسخ كيفما كان نوعه له آثر رجعي فالعقد ال ينتهي بالنسبة للمستقبل فحسب
بل ينسحب أثر الفسخ على الماضي أيضا( )1فموجب الفسخ يتعين بصفة تلقائية
ومباشرة إرجاع العاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد حيث يرجع كل واحد
منهما لألخر ما يسلمه تنفيذ للعقد( ،)2هذا يدفعنا الى تفسير الصعوبة عندما نكون أمام
عقد من العقود الفورية أو الزمنية.
في العقود الفورية ،العقد الفوري هو العقد الذي ينفذ دفعة واحدة دون أن يرتبط
بعنصر الزمن ،فالعقد الفوري إذا لم يرتب العقد أثر فال يكون هناك التزام على عاتق
أي من الطرفين األخر ،لكن إذا رتب العقد أثر ففي هذه الحالة نكون أمام األثر
الرجعي للفسخ وهو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل التعاقد وهذا األثر يطبق
على الماضي والمستقبل إن كان ممكنا وفي حالة العكس نكون أمام الحكم
بالتعويض(.)3
وللمحكمة في ذلك سلطة تقديرية واسعة بشرط أن يكون التقدير والتقويم مبنيا على
العناصر والمواصفات المميزة للشيء أثناء إبرام العقد وليس عند إصدار الحكم ،أما
عن األسباب التي تجعل االسترداد مستحيال استحالة كلية أو جزئية فهي كثيرة منها
هالك الشيء بفعل أفاه سماوية كالجائحة أو القوة القاهرة ومنها استهالك الشيء أو
تحويله من شكل الى أخر عن طريق اإلدماج مثال األمر الذي يفقده هويته كوسيلة
احتياطية لتسوية األوضاع غير القابلة للتنفيذ العيني في ميدان االلتزامات(.)4
في العقود الزمنية ،فيما يخص هذا النوع من العقود ،يعتبر عنصر الزمن من
العناصر األساسية في تكوينه ويعرف أيضا بالعقود المستمرة فالعقد الزمن يتطلب
نوع من االستمرارية إلنتاج آثاره فعقدة العقود تنبني على استهالك الخدمات والمنافع
بطريقة يصعب معه إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل( ،)5وقد ذهب اتجاه آخر
)(1زيد قدري الترجمان ،مرجع سابق ،الصفحة .205
)(2عبد الحق الصافي ،مرجع السابق ،الصفحة .317
)(3عبد الحق الصافي ،مرجع سابق ،الصفحة .316
)(4عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق ،الصفحة .396
)(5عبد القادر العرعاري ،المرجع السابق ،الصفحة .416
36
واعتبر العقد الزمني يتكون في الواقع عن عدة عقود تنعقد على التتابع عقد بعد عقد
ورأي لم يعتد به بتعدد العقود وإنما األداءات أن هذا العقد يخلف أداءات كل منهما
مستقل عن اآلخر ،فيجب أال يتأثر مصير كل واحد منهما بمصير اآلخر( ،)1و عنصر
الزمن ال وجود له في أي عقد من العقود الفورية ذلك هو عنصر الزمن وهذ العقد ال
يقوم مقترنا بأجل منه أو فاسخ ،وهذا األجل ال يوفر إال في العقود الزمنية هو ليس
عنصرا عرضيا وإنما هو عنصر أصيل فيها بحيث اذا تم االستغناء عنه يكون العقد
الزمني باطال وعديم األثر(. )2
إضافة الى كل هذا هناك قاعدة أخرى :الفرع يتبع األصل فإذا تم فسخ التزام
أصلي فإن ذلك يستوجب بالتبعية فسخ العقد الفرعي التابع له أو الملحق به ففي الكراء
نص المشرع في الفصل 699من قانون االلتزامات والعقود على ما يلي " :ينتج عن
كل فسخ الكراء األصلي فسخ الكراء الفرعي المعقود من المكتري"...
ثانيا :التعويض
الى جانب الحكم بفسخ العقد قضائيا أو اتفاقيا يترتب على ذلك إمكانية المطالبة
بالتعويض من قبل الطرف المتضرر من هذا الفسخ حيث يحق للدائن الحصول على
تعويض عن كافة األضرار التي نتجت عن إخالل المدين بالتزاماته ،بينما قد يتضرر
الدائن في مجال الفسخ القانوني من استحالة التنفيذ مع ذلك فليس له الحق في المطالبة
بالتعويض ألن السبب الذي أدى إلى عدم التنفيذ ال يرجع إلى تقصير المدين وإنما إلى
سبب أجنبي ال يد له فيه ،كما أن الفسخ ال يستبعد حق الدائن في التعويض إذا طالب
به وكان له موجب فالقاضي ال يمكن أن يحكم بالتعويض إال إذا التمس الدائن ذلك
()3
حسب الفصل 3من قانون المسطرة المدنية
ورجوعا الى الفصل 259من االلتزامات والعقود نجد أن المشرع المغربي قد
خول للدائن المتضرر من إخالل بالتزاماته الحق في المطالبة بتنفيذ العقد أوال أو حل
الرابطة العقدية مع التعويض في كلتا الحالتين .في هذا الصدد نطرح اإلشكاالت التالية
37
ما هو األساس الذي ينبني عليه التعويض في حالة اإلبقاء على العقد؟ وفي حالة
فسخه؟ وماهي الحاالت التي يستحق فيها التعويض؟ وماهي أنواع التعويض؟
أساس التعويض في حالة إبقاء العقد وحالة فسخه
عندما كان الهدف من إنشاء العقود هو تنفيذ االلتزام عينا حسب ما تم االتفاق
عليه من طرف األطراف المتعاقدة فإن اإلخالل بذلك يمكن للدائن من طالب التنفيذ أو
فك الرابطة العقدية فضال عن ذلك فله الحق أن يطالب بالتعويض عن األضرار التي
لحقته جراء عدم تنفيذ المدين لاللتزامات أو التأخر في تنفيذها وذلك حسب مقتضيات
في الفقرتين األولى والثانية من الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود.
وبالتالي يتحقق التعويض في الحاالت التالية:
الحالة األولى :الحالة التي يطالب فيها الدائن بتنفيذ العقد وفي هذا مكن المشرع
المغربي المطالبة بتنفيذ العقد مع التعويض في حالة ترتب ضرر عن إخالل المدين
بتنفيذ االلتزام الملقى على عاتقه الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود وبما أن
الدائن في هذه الحالة يطالب بتنفيذ العقد ال فسخه فإن القاضي يحكم له بالتعويض على
أساس المسؤولية العقدية ألن العقد بقي قائما ولم يفسخ.
الحالة الثانية :طبقا لمقتضيات الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود فإن
الدائن الذي يطالب بالفسخ على مدينه بالتعويض إذا كان هذا األخير في مطل قانوني
وهذا ما ينص عليه الفصل 254من قانون االلتزامات والعقود "يكون في حالة مطل
إذا تأخر عن تنفيذ التزامه كليا أو جزئيا ،من غير سبب مقبول" ،وبذلك فإن التزام
المدين بالتعويض يرجع إلى تقصيره وخطئه الذي يؤدي إلى إنهاء العقد.
وتجدر اإلشارة إلى أن هذا التعويض التي تحكم به المحكمة جبر الضرر
الالحق بالدائن يختلف عن التعويض الذي تحكم به المحكمة عن تطبيق قاعدة محو
العقد بأثر رجعي فهذا التعويض أساسه اإلثراء بال سبب ،حيث يتوجب على المكري
رد الشيء إلى المفتقر مع التعويض عليه عند االقتضاء أو التعويض عليه فحسب وفي
ذلك تطبيق قواعد حسن النية بالنسبة لاللتزام برد الثمار بالنسبة لهالك الشيء وبالنسبة
لبيع الشيء.
38
أنواع التعويض:
إذا كان فسخ العقد يتفرع إلى ثالث أنواع من الفسخ ،التي تتمثل في الفسخ
القضائي واالتفاقي والقانوني إال أنه ال يستحق الدائن التعويض إال في حالة الفسخ
القضائي واالتفاقي.
التعويض القضائي:
في حالة عدم اتفاق األطراف على تحديد مبلغ التعويض ولم يوجد نص
قانوني لذلك فإن الطرف المتضرر يلجأ إلى المحكمة للمطالبة بالتعويض حيت أن
السلطة التقديرية القاضي واسعة في تعين مبلغ التعويض وتحديد طريقة أدائه ،رغم
سلطة القاضي الواسعة إال أنها ليست مطلقة بل تتقيد بمدى الخسارة الالحقة بالدائن
عند إخالل المدين بالتزاماته.
التعويض االتفاقي:
حيت يمكن لألطراف المتعاقدين االتفاق على تحديد مبلغ التعويض مسبقا عن
األضرار التي قد تلحق الدائن جراء إخالل المدين عن تنفيذ التزاماته ،وذلك حسب
الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 264من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص
على أنه " :يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن األضرار التي قد تلحق الدائن
من جراء عدم الوفاء بااللتزام األصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه.
يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا
كان زهيدا ،ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على
الدائن من جراء التنفيذ الجزئي".
وبالنسبة الفسخ القانوني رغم تضرر الدائن في ميدان الفسخ القانوني من
استحالة التنفيذ ،ومع ذلك ليس له الحق في المطالبة بالتعويض ألن السبب الذي أدى
()1
إلى عدم التنفيذ ال يرجع إلى تقصير المدين وإنما إلى سبب أجنبي ال يد له فيه
فحسب مقتضيات الفصل 338في الفقرة األولى من قانون االلتزامات والعقود "إذا
كان عدم تنفيذ االلتزام راجع إلى سبب خارج عن إرادة المتعاقدين وبدون أن يكون
39
المدين في حالة مطل برئت ذمة هذا األخير ،ولكن ال يكون له الحق في أن يطلب أداء
ما كان مستحق على الطرف اآلخر "....
الفقرة الثانية آثار فسخ العقد بالنسبة للغير
إذا تم فسخ العقد فإن آثاره ال تنحصر فقط على المتعاقدين ،وإنما تشمل أيضا
الغير وبالتالي فاألشياء التي انتقلت الى الغير يتعين استردادها متى كان ذلك ممكنا،
حيث أن الفسخ بالنسبة للغير يترتب عليه أثر هو ذات األثر الذي أسلفناه إزاء العاقدين
فالعقد الذي تقرر فسخه تنعدم كل أثار فيما بين العاقدين ويستتبع ذلك أن يتأثر الغير
(.)1
بهذا الوضع
إذا كان الفسخ يؤدي الى انحالل العقد والتحلل من االلتزامات التعاقدية حيث
يعد الطرفان إلى حالة ما قبل التعاقد وكان الدائن المتضرر يستحق التعويض فإن أثار
الفسخ ال تقتصر على طرفي العقد بل تتعداها الى الغير التي تزول حقوقه بزوال العقد
أوال إال أن هناك استثناءات ال يتأثر فيها الغير بالفسخ
أوال :زوال حقوق الغير
إن سريان آثار فسخ العقود ال تقتصر على المتعقدين فحسب وإنما يتعين أن
يشمل الغير أيضا إعماال لمبدأ رجعية آثار الفسخ ،فإن األشياء التي انتقلت الى الغير
يتعين استردادها متى كان ممكنا(. )2
وعليه لو أن أحد الطرفين في العقد الذي تعرض للفسخ قد فوت حقه الى الغير،
فإن حق الغير يزول بالفسخ ،لنفترض أن شخصا اشترى عينا ثم باعها وعقب ذلك
فسخ العقد األول ،فإن البائع في هذا العقد يسترجع العين من المشتري الثاني ،ولو أن
هذا الشخص رتب على العين رهنا أو حقا عينيا آخر ،فإن يسترجع طاهرة من
()3
الرهون أو أي حق آخر.
بناء على هذه القاعدة الذي يرتبها فسخ العقد فإن الحقوق التي تكون على المبيع
مثال لصالح الغير كانت حقوق أو اتفاق أو انتفاع أو أي حق أخر يزول بعد فسخ العقد
40
يبن المتعاقد الدائن والمدين ومن تم فإن العين المبيعة تعود خالية من كل الحقوق الذي
رتبها المدين عليها(.)1
ثانيا :االستثناءات الواردة على قاعدة زوال حقوق الغير
إذا كان الفسخ يؤدي الى زوال العقد بأثر رجعي بالنسبة للغير باعتباره القاعدة
العامة فإن هذه القاعدة لها استثناءات وهي التي سنعمد الى توضيحها كاالتي ذكره.
حالة حيازة منقول بحسن نية. -1
إذا كان الشيء محل العقد منقوال وتسلمه الغير بحسن نية استنادا الى سبب
صحيح كعقد البيع مثال فإنه يستطيع التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الدائن
ويكتسب ملكية المنقول بالحيازة ويمتنع عن رد المنقول الى مالكه األصلي( ،)2وذلك
طبقا للفصل 456من قانون االلتزامات والعقود الذي جاء فيه ما يلي " :يفترض في
الحائز بحسن نية شيئا منقوال أو مجموعة من المنقوالت انه قد كسب هذا الشيء
بطريق قانون وعلى وجه صحيح وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل عليه".
حالة تقرير حق على عقار -2
عندما يكون الغير الذي اكتسب حقا عينيا على عقار محفظ بحسن نية قد تعامل
وهو جاهل سبب الفسخ الذي يعتري عقد سلفه وقيد حقه على الرسم العقاري وهو
على نفس الوضع وهذا ما أكد عليه ظهير التحفيظ العقاري في الفصل 66الذي جاء
فيه ما يلي:
كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال بتسجيله
وابتداء من يوم التسجيل في الرسم العقاري ...وال يمكن في أي حال التمسك بإبطال
هذا التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة(.)3
حالة ترتب رهن رسمي -3
إذا كان الدائن مرتهنا رسميا وكان حسن النية فإن مركزه ال يتأثر بالفسخ
والمقصود بحسن النية أن يتعامل الشخص وهو غير عالم بما يتهدد عقد سلفه من
أسباب الزوال
)(1عبد الرزاق أحمد السنهوري ،المرجع السابق ،الصفحة .713
)(2إبراهيم احطاب ،المرجع السابق ،الصفحة .282
)(3عبد الحق الصافي ،المرجع السابق ،الصفحة .317
41
حالة التملك بالتقادم. -4
قد يكتسب الغير حق من الحقوق بموجب التقادم المكتسب فمثال ،إذا كان عقد
البيع بين البائع والمشتري وكان الغير قد صار مالكا للشيء المبيع عن طريق التقادم
المكتسب ،فإن فسخ عقد البيع الذي قد يحدث بين البائع والمشتري باعتبارهما طرفي
العقد ال يؤثر على الغير الذي اكتسب حقه طبقا لقاعدة التقادم المكتسب إلنه محمي من
الناحية القانونية ،بهذه القاعدة التي تحول دون سريان أثر الفسخ(.)1
42
خاتمة
إن الغاية األساسية من إبرام العقود بين المتعاقدين هو السعي الى تنفيذها فالعقد
وضع لتحقيق األهداف التي يبتغيها المتعاقدين من التعاقد ،لذلك على المتعاقدين تنفيذها
بحسن نية ،تطبيقا لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود ،وعند إخالل احد المتعاقدين بتنفيذ
التزاماته ،فإنه يبقى للطرف اآلخر الحق في التحلل من الرابطة العقدية ،وبذلك يعتبر
نظام الفسخ أحد الجزاءات التي يمكن أن يتعرض لها المتعاقد ،وهدفه بذلك تحقيق نوع
من العدالة والتوازن بين االلتزامات المتبادلة ،كما أنه حماية أفردها المشرع المغربي
لصالح المتعاقد الدائن في العقود الملزمة للجانبين ،ليضمن به حقوقه الناشئة عن
العقد ،كما انه إجراء احتياطي يلجأ إليه الدائن في حالة عدم قيام المدين بتنفيذ
التزاماته.
ونجد أن المشرع المغربي جعل الفسخ القضائي هو األصل عندما يكون عدم
التنفيذ راجعا الى المدين ،واستثناءا نص على الفسخ االتفاقي والقانوني أو االنفساخ إذ
كان عدم التنفيذ راجعا الى سبب أجنبي.
وتجدر اإلشارة أن سلطة القاضي تختلف بكل نوع من أنوع الفسخ ،حيث اذا
سلطته واسعة بالنسبة للفسخ القضائي استنادا إلى الفصل 259من قانون االلتزامات
والعقود يجعل اللجوء الى المحكمة للمطالبة بالفسخ مسألة إلزامية ،فهذا اللجوء يمكن
القاضي سلطة تقديرية في الحكم بالفسخ إذا رأى أن الظروف تبرر ذلك ،أو أن
يرفض إذا تبث له أن ذلك هو الحل األنجع ،حيت أنه في هذه الحاالت يكون حكم
القاضي منشئا للفسخ ،بينما في الفسخ االتفاقي تضيق سلطته ،حيث يخضع القاضي
في هذه الحالة الى إرادة الطرفين ويكون حكم القاضي هنا كاشفا للفسخ وليس منشئا.
أما على مستوى أثار الفسخ فيترتب عليه زواله بأثر رجعي كقاعدة عامة
وإعادة المتعاقدين الى التي كان عليها قبل التعاقد ،أو الحكم بالتعويض لصالح المتعاقد
الذي تضرر من عدم تنفيذ المتعاقد اآلخر لاللتزامات ،حيت أن أثار الفسخ ال تقتصر
على المتعاقدين فحسب بل تمتد الى الغير.
43
وعلى غرار فسخ العقد العادي هناك نوع أخر من العقود وهي العقود
اإللكترونية حيث تعد من أهم أنواع العقود التي يتم إبرامها في الوقت الحالي عن
طريق وسائل االتصال الحديثة ،فالعقد اإللكتروني كالعقود العادية يجب أن تتضمن
مجموعة من الشروط واألركان الضرورية والالزمة ،أي يمكن يتصور فيها فسخ
العقد إذا أخل أحد األطراف بالتزاماته.
رغم عمل المشرع المغربي بهذا النوع من العقود في القانون 05.53المتعلق
بالتبادل اإللكتروني للمعطيات اإللكترونية إال أن المشرع أغفل عن تعريف فسخ العقد
اإللكتروني ،بحيث عرفه جانب من الفقه بانه احدى الطرق القانونية الحديثة التي
أوجدها المشرع لتوفير الحماية الالزمة والفعالة للمستهلك في مرحلة تنفيذ العقد
اإللكتروني.
44
الئحة المراجـــــــع
الكتب:
عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني ،الكتاب األول ،مصادر االلتزام ،الجزء األول :التصرف
القانوني ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،الطبعة الثالثة.2015 ،
ابن منظور ،لسان العرب ،دار صادر سنة النشر 2003الجزء .11
عبد القادر العرعاري ،النظرية العامة لاللتزامات ،الكتاب األول نظريــة العقــد ،الطبعــة الرابعــة ،2014
مطبعة دار األمان ،الرباط.
عبــد الحــق الصــافي ،الوجــيز في القــانون المــدني ،الجــزء ،المصــادر اإلراديــة لاللــتزام العقــد واإلرادة
المنفردة) ،طبعة .2016
احمد شكري السباعي( ،نظرية بطالن العقود في القانون المغـربي ،والفقـه اإلسـالمي المقـارن ،مطبعـة
النجاح الدار البيضاء ،سنة .1978
إدريس العلوي العبدالوي ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزام ،نظريــة العقــد ،الطبعــة األولى
1996م1416-هـ.
زيد قدري الترجمان ،القانون المدني نظرية االلتزام الجزء األول ،سنة .1992
المختــار بن العطــار ،الوســيط في القــانون المــدني ،مصــادر االلتزامــات ،الطبعــة األولى 1423هـ -
2002م.
مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات ،المجلد األول مصادر االلتزامات.
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،الجــزء األول ،نظريــة االلــتزام بوجــه
عام ،مصادر االلتزام.
عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزام ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،الطبعة السادسة ،سنة .2018
أحمد شكري السباعي ،الوسيط في القانون التجاري المغربي والمقارن ،الجزء الرابع في " اإلفالس".
عبد الرزاق أحمــد الســنهوري ،الجــزء األول" :مصــادر االلــتزام « ،دار إحيــاء الــتراث العــربي بــيروت
_لبنان.
محمد محروك ،الوجيز في نظريه العقد تكوينه وأثاره ،مكتبه المعرفة ،مراكش ،مطبعه النجاح الجديدة
الدار البيضاء ،الطبعة الثانية .2019
بوكنين احمد تاه ،المختصر في نظريه العقد طبعة .2021
إبراهيم احطاب ،مصادر االلتزامات نظرية العقد ،مطبعة االقتصاد أكادير ،الطبعة .2019
45
عبد القادر العرعاري ،النظرية العامة لاللتزامـات في القـانون المـدني المغـربي ،الجـزء األول ،مصـادر
االلتزامات الكتـاب األول ،نظريـة العقـد مبادئهــا القانونيـة التطبيقيـة ،دراســة مقارنـة الفقـه اإلســالمي،
مطبعة فضالة المحمدية طبعة .1995
أسماء القوارطي ،الكراء الطويل األمد وتطبيقاته العملية ،دار السالم شارع طونكان عمــارة 23رقم 2
ديور الجامع _ الرباط ،طبعة .2005
البحوث:
بوشرى تكني ،بحث نهاية التمرين ملحقة قضائية الفوج ،36تحت عنوان فسخ العقد في ضوء قــانون
االلتزامات العقود المغربي ،فترة التمرين .2009/2011
المقاالت:
جاد المصطفى ،خديجة جليلي ،عنوان المقال "مؤسسة الفسخ في القانون المغربي «« ،
/aljami3a.comhttps://www/.aljami3a.com/579مؤسسة الفسخ في القانون
المغربي « 3 ،أبريل ،2022الساعة .08:35
46
47
الفهرس
مقدمة 3......................................................................................
48
ثانيا :الفسخ االتفاقي 32.................................................................................................
خاتمة 42....................................................................................
الفهرس 46.....................................................................
49