Professional Documents
Culture Documents
القانون
القانون
ROYAUME DU MAROC
http://www.bibliojuriste.club
نسخة نهائية
1
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
مقدمة
ال أحد ينكر بأن العقد مصدر من مصادر االلتزام .ولقد عرفته المادة 1101من القانون
الفرنسي العقد " بأنه اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو عدة أشخاص نحو شخص أو عدة أشخاص
بإعطاء شيء أو بفعله أو باالمتناع عن فعله " وبمعنى أخر توافق إرادتين أو أكثر على إحداث
أثر قانوني معين.
وكما هو معلوم أن جل التشريعات الوضعية قد أقرت بأن العقد مصدر عام
لاللتزام.ومن المصادر األخرى لاللتزام في قانون االلتزامات والعقود المغربي :التصريحات
األخرى المعبرة عن اإلرادة أو بعبارة أوضح اإلرادة المنفردة – أشباه العقود – الجرائم وأشباه
الجرائم ،وفقا للفصل األول.1
ولئن كان المشرع المغربي اعتد باإلرادة المنفردة كمصدر لاللتزام إلى جانب العقد،
متفاديا ذلك النقص الملحوظ في النظرية التي اتبعها المشرع الفرنسي إال أنه يؤاخذ عليه ما كان
أخذ على المشرع الفرنسي من حيث اعتداده بشبه العقد وشبه الجرم كمصدرين لاللتزام ،كما
يؤخذ عليه إغفاله ذكر القانون في عداد مصادره لاللتزامات مع أن القانون يمكن أن يكون السبب
المباشر لنشوء بعض االلتزامات.2
وتجدر اإلشارة إلى أن إقحام المشرع اإلرادة المنفردة بجانب العقد يشكل توجها من
التوجهات التي دأبت إليه بعض التشريعات المقارنة كالتشريع األلماني ،التشريع العراقي،3
التشريع السوري ،4التشريع المصري ..5الذي اعتبروا أن اإلرادة المنفردة هي فقط حالة استثنائية
لاللتزام وال تشكل مصدر عاما لاللتزام .و هذا التوجه في حد ذاته إلى تجنب االنتقادات التي
تلقاها التشريع الفرنسي من جهة ،وبغية التمسك بالتوجه الذي سلكه الفقه اإلسالمي الذي يعد سباقا
العتبار اإلرادة المنفردة مصدر من المصادر العامة لاللتزام ،إلى الحد الذي جعل البعض يقول
أن اإلرادة المنفردة هي المصدر اإلرادي الوحيد لاللتزام 6من جهة أخرى.
- 1قانون االلتزامات والعقود ظهير 9رمضان 12 ( 1331أغسطس )1913صيغة محينة بتاريخ 19بتاريخ 19مارس ،2015الفصل األول حيث ينص " تنشأ االلتزامات عن االتفاقات
والتصريحات األخرى المعبرة عن اإلرادة وعن أشباه العقود وعن الجرائم وعن أشباه الجرائم"
2
-المرحوم مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء األول مصادر االلتزامات ،الطبعة الثانية
سنة 19فبراير 1982ص .21
-3ينص الفصل 184من التشريع العراقي " ال تلزم اإلرادة المنفردة صاحبها إال في األحوال التي نص فيها القانون على ذلك.
ويسري عليها ما يسري على العقد من األحكام إال ما تعلق منها بضرورة وجود إرادتين متطابقتين إلنشاء االلتزام".
4
-ينص الفصل "163من وجه الجمهور وعدا بجائزة ،يعطيها عن عمل معين ،التزم باعطاء الجائزة لمن قام بهذا العمل ،ولو قام به دون نظر
إلى الوعد بالجائزة ،أو دون علم بها.
-واذا لم يعين الواعد أجال للقيام بالعمل ،جاز له الرجوع في وعده باعالن للجمهور ،على أال يؤتر ذلك في حق من أتم العمل قبل الرجوع في
الوعد .وتسقط دعوى المطالبة بالجائزة اذا لم ترفع خالل ستة أشهر من تاريخ اعالنه العدول للجمهور".
5
-طبقا للفصل 162من القانون المدني المصري.
-األستاذ سفيان إبراهيم صيام ،اإلرادة المنفردة كمصدر لاللتزام دراسة موازنة ، http://www.eastlaws.com ،ص 5
6
2
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
ويترتب على اإلرادة المنفردة في الفقه اإلسالمي آثار قانونية عديدة ،كإنشاء االلتزام أو
نقل حق عيني ،أو انقضاء حق.
7
فاإلرادة المنفردة تعد عند بعض المذاهب ،كالمذهب المالكي ،مصدرا عاما لاللتزام
بخالف الفقه الغربي حيث ظهرت نظرتين قانونيتين حول دور اإلرادة المنفردة في إنشاء االلتزام
إحداهما نظرية تقليدية وأخرى حديثة .فاألولى يتبنى غالبية هذه النظرية الفقه الفرنسي (أمثال
بوتييه) ،وهي تعتبر من مورثات القانون الروماني الذي كان ينظر لاللتزام على اعتبار انه
رابطة شخصية بين دائن ومدين ،وظلت هذه النظرية سائدة إلى أوائل القرن التاسع عشر ،وهي
تذهب إلى أن االلتزام الذي يتولد عن عمل قانوني ال يكون مصدره إال عقدا أي توافق إرادتين. 8
أما النظرية الحديثة فقد سادت في ألمانيا( أمثال سيجيل -جاكوبي -كونتز) تقضي بأن
اإلرادة المنفردة تكفي كذلك إلنشاء التزام ،وأخذت هذه النظرية تنازع العقد مركزه الذي تبوأه من
قبل ،فزعم أصحابها أن اآلثار القانونية التي كانت مقصورة على توافق إرادتين يمكن أن تترتب
إال على العقد ،تترتب كذلك على اإلرادة المنفردة وحدها.9
ومن هنا قد يتبين لنا بأن المشرع المغربي قد تبنى طريقا وسطا بين نظريتين
متطرفتين ،إال أنه ينبغي اإلشارة إلى النظريتين قد اتفقتا على مدى إمكانية اإلرادة المنفردة من
ترتيب أثار قانونية ( كإنهاء عقد الشغل غير محدد مدة _ عزل الموكل الوكيل_ االستلحاق المادة
160من مدونة األسرة. )...
ولما كانت اإلرادة المنفردة انصراف إرادة شخص ما إلى إحداث أثر قانوني دون
حاجة إلى إرادة ثانية تتوافق معها ،فان أهميتها تكمن في كيفية إنشاء هذا األثر في ظل تواجد
العقد كشريعة المتعاقدين ..إال أنه تماشيا مع إرادة المشرع المغربي الذي جعل من هذه اإلرادة
حالة استثنائية وردت في أماكن مختلفة في قانون االلتزامات والعقود أو غيره من التقنينات.
و هذا ما حتم علينا البحث عن هل اإلرادة تستطيع أن تنشئ االلتزام؟ و عن أنواع االلتزامات
الناشئة عن اإلرادة المنفردة ؟
لإلجابة عن هذه التساؤالت اعتمدنا على التقسيم الثنائي ،مستندين باألساس إلى األسلوب التحليلي والمقارن
وذلك وفق الشكل األتي :
3
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
كما سلف ذكره بأن اإلرادة المنفردة يمكن أن تنتج أثر قانوني معين دون استعانة بطرف
ثان ،ألنها تقوم على إرادة واحدة مما يجعلها تنفرد بمميزات عن بعض المفاهيم المشابهة (
المطلب األول) وبما أن اإلرادة المنفردة تعد مصدرا استثنائيا في االلتزام فقد أفرد لها المشرع
مقتضيات مختلفة في قانون االلتزامات والعقود ( المطلب األول).
الفرق بين العقد واإلرادة المنفردة نجد أنه في العقد تتفق اإلرادتان على إنشاء االلتزام وتوافق
هاتين اإلرادتين يكون الزما من أجل إنشاء االلتزام بينما في اإلرادة المنفردة نجد أن وجود إرادة
واحدة تكفي إلنشاء االلتزام من هنا يتبين لنا أن الذي ينشئ االلتزام ليست اإلرادة ،وإنما الذي
ينشئها هو توافق اإلرادتين الذي يتحقق باقتران اإليجاب بالقبول كما يتبين أن اإلرادة المنفردة
وإن كانت ال تستطيع أن تنشأ التزاما فإنها في كثير من الحاالت تنشئ اثارا قانونية متعددة ،ولكن
هناك خالف ينحصر فيما إذا كانت اإلرادة المنفردة تكفي لوحدها من أجل إنشاء االلتزام أو البد
من العقد من أجل إنشاء االلتزام؟
هذا السؤال يمكننا أن نجيب عليه من خالل المدرستين الفرنسية واأللمانية فالمدرسة الفرنسية
ترى أن العقد هو المصدر الوحيد لاللتزام الناشئ عن اإلرادة ،أما اإلرادة المنفردة فال يمكن أن
تكون مصدرا لاللتزام رغم أنها يمكن أن تنشئ اثارا قانونية ،في حين أن المدرسة األلمانية تذهب
إلى اعتبار اإلرادة المنفردة تصلح ألن تكون مصدرا أصليا لاللتزام ،وأن االلتزام يمكن أن ينشأ
في ذمة الشخص بإرادته المنفردة دون توقف على قبول صادر من شخص اخر.10
ـ الحاجي بناصر ،المبادئ العامة لاللتزامات ، 2010 ،ص .85 - 84 10
4
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
سنتناول دراسة اإليجاب الملزم الوارد في الفصل 29كصورة مجسدة لإلرادة المنفردة
(أوال) و االشتراط لمصلحة الغير (ثانيا).
أوال :اإليجاب الملزم:
كما هو معلوم بأن اإليجاب هو التعبير عن إرادة شخص يعرض على غيره أن يتعاقد
معه .وقد يكون اإليجاب موجها إلى شخص معين كما لو عرض زيد بيع عقار يملكه إلى عمرو.
ـ عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام ،الطبعة الثانية ،2014 ،ص .33 11
5
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
وقد يكون موجها إلى أي شخص كان من الجمهور كما في عرض تاجر بضاعة في محله مكتوبا
ثمنا عليه.13
كل ما سلف ذكره يحيل على أن اإليجاب وسيلة إلبرام العقد اثر قبول الطرف الثاني
المتعاقد .ولما كان األصل في اإليجاب أنه غير ملزم إال في الحاالت االستثنائية من بينها الفصل
29من قانون االلتزامات و العقود حيث نص " من تقدم بإيجاب مع تحديد أجل للقبول بقي ملتزما
تجاه الطرف األخر إلى انصرام هذا األجل ،ويتحلل من إيجابه إذا لم يصله رد بالقبول خالل
األجل المحدد " .وقد جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا) ( ينص
الفصل 29من ق ل ع على أن "من تقدم بإيجاب مع تحديد أجل للقبول يبقى ملتزما تجاه الطرف
اآلخر إلى انصرام هذا األجل ويتحلل من إيجابه إذا لم يصله رد بالقبول خالل األجل المحدد " و
ينص الفصل 24من نفس القانون على "أن العقد الحاصل بواسطة رسول أو وسيط يتم في الوقت
و المكان الذين يقع فيهما رد من تلقى اإليجاب للوسيط بأنه يقبله" ولهذا تكون محكمة الموضوع
قد خرقت الفصلين المذكورين بسوء تطبيقها لهما عندما رفضت التصريح بصحة البيع رغم أنه
ثبت لديها توصل الوسيط بقبول عرض البيع خالل األجل القانوني).14
ونستشف من الفصل أعاله أن الموجب يبقى مقيدا بإيجابه أي التزامه ،إال أن هذا
اإليجاب الصادر من الموجب إن كان في حد ذاته رسالة إلى التعاقد إال أنه يشكل أوال وقبل كل
شيء إرادة المنفردة للموجب ،حيث يبقى ملتزما طيلة الفترة التي حددها .ألن من شأن إخالله
بالمدة المتفق عليها أن يؤدي إلى المطالبة بالتعويض في حالة موافقة القابل اإليجاب الملزم.
وقد ذهب في نفس االتجاه المذهب المالكي إلى أنه إذا صدر اإليجاب كان ملزما
لصاحبه وال يبطل إال بإعراض اآلخر عنه ،أو بانتهاء المجلس ما لم يكن محددا له مدة أطول،
وذلك ألن الموجب قد أثبت للطرف األخر حق القبول ،ومن ثم يكون الموجب مقيدا في تصرفه
حتى يتنازل الطرف اآلخرعن حقه.15
في حين رأت النظرية التقليدية أن اإليجاب الملزم يمكن تأسيسه على وجود عقد أولي
ينعقد بصدور اإليجاب مقترنا بتحديد زمن يتقيد الموجب فيه ببقائه على إيجابه وبقبول من وجه
إليه اإليجاب ذلك قبوال مفترضا تقضيه طبيعة المعاملة واإلقدام عليها – أما الزمن فيحدده العرف
أو عبارة الموجب إن اقترنت بذلك ،وبذلك ال يستطيع الموجب أن يعدل عن إيجابه حتى ال يخل
بالتزامه الناشئ عن هذا العقد.16
6
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
ومرورا بالتشريع المقارن ،خصوصا التقنين المدني الفرنسي لعام 1804نجده قد سكت
عن بيان حكم مثل هذا اإليجاب ،ولكن اختلف الفقه الفرنسي التقليدي من معارضي نظرية
اإلرادة المنفردة في تحديد األساس القانوني للقوة الملزمة لإليجاب في مثل هذه الفرضية وظهرت
نظريتان هما :العقد التمهيدي و المسؤولية التقصيرية.
أ-العقد التمهيدي :في نظر أنصار هذه النظرية هو عقد مؤقت ومن ثم ملزم على غرار بقية العقود
يهدف إلى اإلعداد و التحضير إلبرام عقد نهائي .ونظرا إلى انه عقد فهو يتطلب توافر إرادتين
متطابقتين .وفي اإليجاب الملزم هناك قبول ضمني من الموجه إليه بمدة تفكير في هذا اإليجاب
يؤدي هذا القبول الضمني إلى انعقاد عقد تمهيدي محله التحضير إلبرام عقد نهائي يمكن أن ينعقد
أو ال ينعقد ،ومن ثم يلتزم الموجب في اإليجاب الملزم بالبقاء على إيجابه خالل تلك المدة استنادا
إلى هذا العقد التمهيدي الذي ينعقد بينه وبين الموجب إليه هذا اإليجاب. 17
ب-المسؤولية التقصيرية :خالفا ألنصار العقد التمهيدي اتجه أنصار المسؤولية التقصيرية إلى أن
رجوع الموجب عن إيجابه محدد المدة يستوجب تعويض القابل الن من شأن ذلك أن يلحق ضررا
بالقابل.
ثانيا :االشتراط لمصلحة الغير
يقصد باالشتراط لمصلحة الغير تعاقد يتم بين شخصين أحدهما يسمى المشترط واآلخر
الواعد أو المتعهد يشترط فيه األول على الثاني أن يلتزم هذا األخير ،إزاء شخص ثالث أجنبي
عن التعاقد ويسمى المنتفع فينشأ حق مباشر يستطيع أن يطالب به المتعهد.18
وقد نظم المشرع المغربي في قانون االلتزامات والعقود االشتراط لمصلحة الغير في
الفصالن 1934و 2035حيث أجاز االشتراط لمصلحة الغير.
وقد صدر قرار عن محكمة النقض جاء فيه" االشتراط لمصلحة الغير ينتج أثره مباشرة
لمصلحة الغير ،وتكون له الصفة في أن يقاضي باسمه الملتزم بتنفيذ ما التزم به متى كان سببا
التفاق أبرم معاوضة أو سببا لتبرع لمنفعة الواعد ." 21واالشتراط لمصلحة الغير حلله كثير من
هذه وفي هذه الحالة ينتج االشتراط أثره مباشرة لمصلحة الغير ،ويكون لهذا الغير الحق في أن يطلب باسمه من الواعد تنفيذه وذلك ما لم يمنعه العقد من مباشرة
الدعوى أو علقت مباشرتها على شروط معينة" .
ويعتبر االشتراط كأن لم يكن إذا رفض الغير الذي عقد لصالحه قبوله مبلغا الواعد هذا الرفض.
- 14ينص الفصل " 35يسوغ لمن اشترط لمصلحة الغير أن يطلب مع هذا الغير تنفيذ االلتزام ما لم يظهر منه أن طلب تنفيذه مقصور على الغير الذي أجري لصالحه".
21
-قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 80/12/17تحت عدد 972في الملف المدني عدد 85/4227منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى
عدد 27ص 49وما يليها ،أورده محمد بفقير ،م س ص .20
7
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
الفقهاء إلى عملتين :أوالهما ،الع قد المبرم بين المشترط والمتعهد ،و الثانية ،التزام المتعهد المبني
على إرادته المنفردة.
فالعملية الثانية ليست عقدا كما في نظرية اإليجاب المعروض ،بل التزاما مبنيا على
اإلرادة المنفردة يتحمله المتعهد لمصلحة المنتفع دون أن تتدخل إرادة هذا الشخص في ذلك.
فحقوق المنتفع ليس مصدرها عقد االشتراط بل إرادة المتعهد المنفردة وهذه اإلرادة بدورها نتيجة
للتعاقد وتستند إليه.22
في حين اعتبرت النظرية التقليدية االشتراط لمصلحة الغير ال يحتاج في تبريره االلتجاء
إلى نظرية المنفردة ألنه -كما هو بين -ال ينشأ إال من عقد يتم بين المتعهد والمشترط ،لذلك فال
يطبق على نشأته اإلرادة المنفردة ،وكل ما يالحظ عليه أن فيه خروجا على قاعدة نسبية أثر العقد
التي تقضي بأن تقتصر آثارها على أطرافها.23
أما في فرنسا فقد اختلف الفقه حول طبيعة االشتراط لمصلحة الغير ،فظهرت عدة نظريات
تحاول أن تفسر هذه الطبيعة ،وهذه النظريات كاآلتي :
أ-نظرية اإليجاب :يرى أنصار هذه النظرية أن االشتراط لمصلحة الغير يتكون من عقدين ،العقد
األول هو بين المشترط والمتعهد وبموجبه ينشأ حق للمشترط نحو المتعهد ،في حين أن العقد
الثاني هو عبارة عن حوالة حق ،وهو بين المشترط والغير وهو المنتفع ،إذ المشترط يتقدم
بإيجاب للغير يتضمن تنازال عن حقه الذي نشأ من العقد األول ،والغير يقبل اإليجاب.24
ب -نظرية الفضالة :رأى بعض الفقهاء ومنهم " البي" و دومولوب و بالنيول أن االشتراط
لمصلحة الغير هو من متعلقات الفضالة :فالمشترط في نظرهم عندما يتعاقد مع المتعهد إنما يعمل
لحساب المنتفع ال لحساب نفسه ،ويدير مصالح الغير ال مصالحه الشخصية .وما قبول الغير
الذي يتطلبه القانون لينتج االشتراط أثره النهائي إال بمثابة إقرار رب العمل ألعمال الفضولي .لذا
كان لقبول الغير أثر رجعي ينسحب إلى اليوم الذي أبرم فيه العقد بين المشترط والمتعهد ،و ترتب
عليه اعتبار المنتفع متعاقدا مباشرة مع المتعهد ،إذ من المبادئ العامة أن اإلقرار يقلب الفضالة
إلى الوكالة.25
بالمقابل يذهب أنصار اإلرادة المنفردة ( أمثال سطارك و جوسران) بوصفها مصدرا
لاللتزام إلى أن االشتراط لمصلحة الغير هو من تطبيقات نظرية اإلرادة المنفردة ،وذلك ألن حق
22
-الدكتور الفصايلي الطيب ،النظرية العامة لاللتزام ،الجزء األول ،الطبعة الثانية ،1997ص 43و .44
23
-الشيخ علي الخفيف ،م س ص .71
24
-الدكتور فواز صالح ،م س ص .144
25
-المرحوم مأمون الكزبري ،ص .292
8
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
المنتفع مصدره إرادة المتعهد المنفردة .ومع ذلك فان التزام المتعهد نحو المنتفع معلق على شرط
فاسخ وهو عدم لجوء المشترط إلى نقض االشتراط قبل قبول المنتفع االستفادة من االشتراط.26
يعتبر الوعد بالجائزة الصورة النموذجية للتعبير عن اإلرادة الصادرة من طرف واحد ،لذلك نجد
مجموعة من القوانين الغربية والعربية نصت عليها ،بحيث نجد أن المشرع األلماني ينص
المادة في 657من قانونه المدني على أن " كل من يعد بجائزة بطريقة اإلعالن العام للقيام بعمل
أو على الخصوص الحصول على نتيجة ،يلتزم بإعطاء تلك الجائزة "
و نص المشرع االيطالي في قانونه لسنة 1989على أن " من وجه وعدا للجمهور بجائزة
يعطيها لمن يوجد في مركز معين أو يقوم بعمل معين يلتزم بذلك الوعد متى صار علنيا "
أما بالنسبة للتشريعات العربية نجد أن المشرع الجزائري نص في القانون المدني على أنه "
-1من وجه وعد بالجائزة للجمهور يعطيها ،وعين له أجل بإعطاء الجائزة لمن قام بهذا العمل
،ولو قام به دون النظر إلى الوعد بالجائزة " 27..
المشرع المدني األردني نص بدوره على هذه المؤسسة القانونية واعتبارها من صور التعبير
عن اإلرادة المنفردة ، 28
أما المشرع المغربي فقد تناول بدوره هذه المؤسسة القانونية من خالل ظهير االلتزامات
والعقود ،الذي من خالله خص له خمسة فصول من الفصل 14إلى الفصل ، 18بحيث نجده
ينص في افتتاحه لتنظيم مؤسسة الوعد بالجائزة على أن " بأنه مجرد الوعد ال ينشئ التزاما " ،
هذا ما يجسد بأن اإلرادة المنفردة إذا ما كانت مجردة من التنظيم التشريعي ال يرتب عليها
القانون أي أثر ،بالتالي فالتصرف االنفرادي من حيث مصدره هو أقرب إلى القانون الذي يشكل
مصدره المباشر 29
فما المقصود إذن بالوعد بالجائزة الموجه إلى الجمهور ؟ وما هي أركانه ؟ إلى أي حد
يرتب أثار على طرفيه ؟
26
-الدكتور فواز صالح ،م س ص .147
27المادة 123من القانون المدني الجزائري
28المادة 255من القانون المدني األردني ينص " من وجه للجمهور وعدا بجائزة يعطيها -2...اذا لم يعيين الواعد أجال للقيام بالعمل جاز له الرجوع
في وعده بإعالن للكافة عن أال يؤثر ذلك في حق من أتم العمل ،قبل الرجوع في الوعد "...
29جمال الطاهري ،دروس في قانون االلتزامات والعقود المغربية ،طبعة الثانية ،الناضور ،الصفحة . 128
9
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
وللوعد بالجائزة تجليات كثيرة في الواقع العملي ،كمن يقوم بوعد بجائزة لمن يقوم باختراع
معين ،أو صناعة شيء معين ،أو العثور على شيء ضائع ،الوعد بالجائزة يأخذ طابعين ،إما
طابعا تبرعيا ،إذا كان العمل الموعود بالجائزة عنه اليستفيد منه الواعد ،أو طابعا معاوضيا ،
هو عكس الحالة األولى ،بحيث يكون العمل الموعود بالجائزة عنه يستفيد منه الواعد ،كمن يجد
شيء يريده الواعد 32،
وحتى ينتج الوعد بالجائزة كتصرف قانوني ، ،البد أن تتوفر فيه مجموعة من األركان
والشروط
-1التعبير عن اإلرادة :
اإلرادة باعتبارها المكون األساسي داخل المنظومة التعاقدية ،فان الوعد الجائزة بدورها يشترط
فيها أن تتجه إرادة الملتزم إلى إنشاء االلتزام ،بعبارة أخرى الوعد بالجائزة يقتضي أن تكون
هناك إرادة جدية وحقيقية ،وأن يكون لها تمظهر خارجي تتجه إلى إحداث أثر قانوني وهو الوعد
بالجائزة ،بحيث أن الواعد يلزم نفسه بإعطاء الجائزة لمن قام بالعمل أو أتى بشيء الذي من أجله
عبر الواعد عن رغبته في االلتزام بالجائزة ،
في هذا اإلطار البد من التمييز بين الوعد بالجائزة كمؤسسة قانونية منتجة لكافة أثارها ،و
التسويق أو الدعاية التي قد تنتج عن طرف ال يوجه إرادته إلى إحداث أثر قانوني معين ،مثاله
30جمال الطاهري ،دروس في قانون االلتزامات والعقود المغربية ن مرجع سابق ،الصفحة 128
31محمد تقيه ،االرادة المنفردة ،كمصدر لاللتزام ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر 1984الصفحة 28
32جمال الطاهري ،مرجع سابق ن الصفحة 129
33الفصل 18من قانون االلتزامات والعقود
10
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
التاجر الذي يعلن عن جائزة لمن يكتشف عيبا في سلعته ،فهنا التاجر لم يكن جديا في توجيه
ارداته إلى إحداث اثر قانوني بقدر ما كان غرضه التسويق والدعاية لسلعته 35 34،
و هذه اإلرادة يجب أن تكون خالية من جميع عيوب اإلرادة التي نضمها المشرع المغربي
في قانون االلتزامات والعقود من الفصل 39إلى الفصل 36 .50باستثناء التدليس ،ألنه ال يمكن
تصوره في اإلرادة المنفردة.
باالضافة إلى ذلك يشترط أن تكون هذه اإلرادة صادرة من طرف شخص كامل األهلية ،
ذلك بأن يكون راشدا ، 37ببلوغه سن األهلية ،وأن ال يكون محجورا عليه لسفه أو جنون أو عته
،
وهذا التعبير الصريح والجدي عن الرغبة في االلتزام بالوعد بالجائزة ،ألزمه المشرع
المغربي بضرور ة توجيهه إلى الجمهور ،المقصود هنا بالجمهور العدد الغير المحدد من الناس
الذين ال يعرفهم الواعد بذواتهم ،وإن كان يعرفهم بصفاتهم ، 38فالوعد بالجائزة يجب أن ينسحب
إلى العموم ،ليس إلى أشخاص معينين ،ألنه حينئذ ال نكون أمام وعد بجائزة ،إنما أمام عقد
يقوم على اقتران اإليجاب بالقبول ،
وهذا الشرط يمكن أن نستشفه من خالل مجموعة من المصطلحات التي استعملها المشرع
المغربي في الفصل 15من قانون االلتزامات والعقود ،التي توحي بشكل واضح بأن الوعد
بالجائزة يجب أن يوجه إلى الجمهور ، 39إال أنه تجب اإلشارة إلى أنه ال يوجد هناك ما يمنع
من تخصيص الجمهور بصفات معينة ،كأن يوجه الوعد إلى فئة معينة من الخبراء واألطباء ،
أو المهندسين ،أو الطلبة40 ......
41 كما اشترط المشرع المغربي ،كسائر الحال قي مختلف التشريعات العربية المقارنة
على ضرورة أن يتم التعبير عن اإلرادة المتعلقة بالوعد الجائزة الموجهة إلى الجمهور بصورة
علنية ،وذلك حتى يتيسر للعديد من الناس العلم بهذه اإلرادة ،ويكون ذلك باستخدام مختلف
وسائل اإلشهار 42،
34بلحاج بلعربي ،النظرية العامة االلتزامات في القانون المدني الجزائري ،ج 1الطبعة الثالثة ،أشار اليةه في مقال منشور في الموقع االلكتروني
www.alkanounia.comتاريخ الولوج ; 22/04/2015
35جمال الطاهري ،مرجه سابق ،الصفحة 130
36عيوب اإلرادة تتجلى :في الغبن ،اإلكراه ،الغلط
37نضمتها مدونة األسرة المغربية من المواد 202إلى 227
38عبد الرزاق احمد السنهوري ،مرجع سابق ،الصفحة 1289
39مصطلحات من قبيل :الوعد عن طريق اإلعالنات ....استعمال أي وسيلة من وسائل اإلشهار
40عبد الرزاق السنهوري ،مرجع سابق ن الصفحة 1289
41نص عليها المشرع المدني األردني في المادة 255في قانونه ،المشرع الجزائري في الفصل 123من قانونه المدني
42الفصل 15من قانون االلتزامات والعقود المغربي ينص على انه " الوعد عن طريق اإلعالنات ،أو أي وسيلة أخرى من وسائل اإلشهار "..
11
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
-2المحل في الوعد بالجائزة
يقصد بالمحل في المنظومة التعاقدية ،اإلجابة عن السؤال المتعلق بماذا التزم المدين المتعاقد ؟
أهمية المحل كركن في الوعد بالجائزة يتجسد من خالل صورتين أساسيتين ،هما العمل
الموعود عليه ،الجائزة ذاتها ،فاستحقاق هذه األخيرة تقتضي من الغير القيام بعمل معين ،هذا
األخير –العمل -يجب أن تتوفر فيه شروط السبب وعلى رأسها المشروعية ،وذلك بأن ال يكون
مخالفا للنظام العام واألخالق الحميدة ،من األمثلة عن العمل الذي قد يشكل محال للوعد بالجائزة
كثيرة جدا ،كمن يجد شيئا من أجله أطلق الوعد وعدا بالحائزة لمن يحصل عليه ،الوصول إلى
عالج مرض معين ،الفوز بمسابقة ...
قيام الغير من الجمهور به ذا العمل يجب أن يكون مقترنا بجائزة ،نشير فيما يخص هذه
النقطة بأن المشرع المغربي اعتبر الغير الذي يأتي بشيء معين أو يقوم بعمل ،وهو يكون جاهال
بأن هنالك وعد بجائزة من أجل بهذا العمل أو الشيء الذي أتى به ،فانه يكون مستحقا للجائزة 43
،الجائزة هي الركيزة األ ساسية للوعد بالجائزة ،ذلك باعتبار أنه على أساسها ينشغل الموعود له
بالعمل الذي يكون محال لهذا الوعد ،هذه الجائزة يجب أن تتوفر فيها الشروط التي حددها
المشرع المغربي من الفصل 57الى 61من قانون االلتزامات والعقود المتعلقة بأن تكون
موجودة أو قابلة للوجود ،أن تكون ممكنة ،معينة أو قابلة للتعيين ،
هذه الجائزة لم تشترط فيها اغلب التشريعات المقارنة المقرة للوعد بالجائزة كمؤسسة
قانونية تنتج عن اإلرادة المنفردة ،أي شروط معينة في تحديد طبيعتها ،بحيث يمكن أن تكون
ذات قيمة مالية ،كالنقود أو السيارة ،أو ذات قيمة معنوية وأدبية ،كالوسام أو الشهادة أو
الميدالية 44
12
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
فالسبب في الوعد بالجائزة يتجلى من خالل الباعث الذي يسعى الى تحقيقه من الطرفين معا
،فالنسبة للواعد الغرض يتجسد في التصرف الذي يقوم به الموعود له ،هذا األخير يكون باعثه
األساسي والجوهري هو الحصول على الجائزة ،ويشترط أن يكون الباعث في االلتزام بالوعد
بالجائزة مشروعا ،فال يتصور أن يكون السبب من الوعد بالجائزة هو الحصول على قنينة خمر
أو قتل شخص أو غير ذلك من األفعال غير المشروعة المخالفة للنظام العام ،واألخالق الحميدة ،
- 45األستاذ ،شيلح " مبدأ سلطان االرادة " رسالة لنيل الماجستير في القانون الخاص
-عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني
46د .جمال الطاهري ،مرجع سابق ،الصفحة 132
13
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
إن الوعد بالجائزة غير المحدد المدة يعتبر من أكثر الصور حرصية وإلزامية للواعد الملتزم ،
بحيث يبق ى ملتزما بوعده إلى حين القيام بالعمل الذي كان محال للوعد بالجائزة ،أو إلى حين
الرجوع في وعده ،وذلك خالل مدة معقولة يتكفل القضاء بتحديدها ،ويشترط في الرجوع في
الوعد بالجائزة أن يتم إشهاره بنفس وسائل اإلشهار واإلعالم التي تم من خاللها التعبير عن
الوعد بالجائزة ،هذا بشرط أن ال يكون أحد قد بدا بالشروع بتنفيذ العمل الموعود بالجائزة من
أجله47 ،
تتقادم دعوى الوعد بالجائزة بمرور 15سنة من عدم القيام بالعمل الذي تم
الوعد من أجله ،هذا ما نستقرئه من خالل القواعد العامة المنظمة للتقادم ،بحيث ان الفصل 387
من قانون االلتزامات والعقود ينص على أنه " كل الدعاوى الناشئة عن االلتزام تتقادم بمرور
خمسة عشر سنة "...
و في األخير تجب اإلشارة إلى أن المشرع المغربي من خالل تنظيمه لمؤسسة
الوعد بالجائزة تطرق إلى حالة انجاز أشخاص متعددون في وقت واحد الفعل الموعود بالجائزة
من اجله ، 48في هذه الحالة نص المشرع المغربي على أن الجائزة تقسم فيما بينهم ،أما إذا تم
انجاز العمل في أوقات مختلفة ،فان المنطق الذي انسجم معه المشرع المغربي ،فان الجائزة
تكون ألسبقهم تاريخا.
ليس من قبيل المبالغة إذا قلنا بأن اإلرادة المنفردة تلعب دورا بارزا في القوانين الخاصة
خصوصا وأن المشرع المغربي قد اعتد بها في قوانين خاصة مختلفة من قبيل الوقف في مدونة
األوقاف ،الوصية في مدونة األسرة ( المطلب األول) و السند ألمر في مدونة التجارة ( المطلب
الثاني).
14
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
حدد المشرع المغربي مجموعة من التصرفات التي تتم باإلرادة المنفرة للفرد في مجموعة من
القوانين الخاصة كما هو الشأن في الوقف المنظم في مدونة األوقاف ( الفقرة األولى) و الوصية
في مدونة األسرة (الفقرة الثانية)
تشكل الصدقة في اإلسالم بابا هاما يستطيع القيام بدور هام سواء في جلب الخير
لإلنسان و المحبة لنفسه ،ونيل رضا هللا تعالى ،أو في تقديم أنواع التضامن و التكافل و التعاون
بين أفراد المجتمع ،ويعتبر الوقف أحد أهم الصدقات التي تهدف إلى تحقيق هذا األمر.49
تعريف و إيضاح
ورد في تعريف الحبس (الوقف) تعاريف متعددة منها تعريف بن عرفة في كتاب الحدود
بأنه " إعطاء منفعة شيء مدة وجوده الزما بقاؤه في ملك معطيه ولو تقديرا"
بمعنى أنه تصرف من جانب واحد بموجبه يعطي شخص هو الواقف منفعة مال من أمواله(
الموقوف) ال رقبته التي تبقى في ملك الواقف ،على وجه التأبيد ،لشخص أو جهة معينة كمسجد
مثال( الموقوف عليه).50
وعرفته مدونة األوقاف 51في المادة األولى حيث جاء فيها " الوقف هو كل مال حبس أصله
بصفة مؤبدة أو مؤقتة ،وخصصت منفعته لفائدة جهة بر وإحسان عامة أو خاصة ،ويتم إنشاؤه
بعقد ،أو بوصية ،أو بقوة القانون"
ويالحظ أن المشرع المغربي يطلق عليه تارة اسم الحبس كما هو وارد في مدونة الحقوق
العينية ،52كما يطلق عليه كذلك مصطلح الوقف كما أشارت الى ذلك مدونة األوقاف ولإلشارة
فان الوقف يجد دليل مشروعيته في كتاب تعالى ،لقوله سبحانه " لَن تَنَالُوا البِر َحتى تُن ِفقُوا
ِمما ت ُ ِحبُّونَ ۚ َو َما تُن ِفقُوا ِمن شَيء فَإِن ّللاَ ِب ِه َع ِليم " .53باإلضافة إلى السنة النبوية الشريفة
واإلجماع.
- 49محمد عزي" دور الوقف في ازدهار الحركة العلمية بالمغرب في عهد الدولة المربطية" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم اإلسالمية ،مؤسسة دار
الحديث الحسنية للدراسات اإلسالمية العليا الرباط .الموسم الجامعي ،2005-2004ص .15
50
-أستاذنا جمال الطاهري " دروس في النظرية العامة لاللتزامات " الموسم الجامعي ،2014-2013ص .131
-3صدرت بتاريخ 23فبراير 2010الموافق ل 8ربيع األول 1431ظهير شريف رقم 1.09.239يتعلق بمدونة األوقاف ( .نشر بالجريدة الرسمية
عدد 5847بتاريخ فاتح رجب 1431الموافق ل 14يونيو .)2010
52
-الجريدة الرسمية عدد ،5998بتاريخ 27ذو الحجة 24 ( 1432نوفمبر ، )2011ص .5611-5587
53
-سورة آل عمران اآلية .92
15
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
وكما هو معلوم أن العقد هو اتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني معين ،مما يعني أن األصل
في التعاقد أن يكون بين حاضرين في مجلس العقد ،وذلك لتفادي اإلشكال القانوني الذي يثيره
التعاقد بين غائبين بشأن تحديد زمان ومكان إبرام العقد.
إال أن التساؤل المطروح في هذا الصدد ،هل الوقف عقد أو تصرفا بإرادة منفردة يتم
باإليجاب وحده و ال يحتاج إلى قبول؟
إن االختالف واضح بين المذاهب الفقهية في اإلجابة عن هذا السؤال .54ومع ذلك فان جمهور
المالكية يفرق بين الحبس على معينين ،وبين الحبس على غير معينين ،ويرى بأنه يحتاج للقبول
في الحالة األولى ويكون الحبس على معينين عقد ال يتم إال باإليجاب والقبول كجميع العقود ويقبل
عن القاصرين من طرف وليهم أو المقدم .أما الثاني فيكون الحبس على غير معينين كالمساجد
والمرضى فهذا ال يحتاج للقبول لتعذر من يقوم بالقبول.55
وعليه فان الوقف يأخذ حكمه بمجرد تعبير الواقف بقوله وقفت من أموالي كذا على كذا ،فهو
إذن من تصرفات اإلرادة المنفردة .56بحيث ال تتوقف صحته على صدور قبول من الموقوف
عليه الذي قد يكون غير معين ،وهذا ما اتجهت إليه المادة 18من مدونة األوقاف على أنه " ال
يكون القبول شرطا الستحقاق الوقف إال إذا كان الموقوف عليه شخصا معينا".
الوصية و التوصية و االيصاء في اللغة هي أن يطلب اإلنسان فعال من غيره ليفعله في غيبته
حال حياته ,أو بعد موته ,وتقول أوصاه بكذا ووصاه به و ايصاء و توصية و اإلسم منه الوصية.
وقد تطلق أيضا على الشيء الموصى به
نقول فعل فالن الوصية التي أوصاه بها فالن ،وقام فالن بوصية فالن خير قيام. 57
والوصية مشتقة من وصيت ( بتشديد الصاد) بالشيء إذا وصلته ،كأن الموصي وصى بها ما بعد
الموت لما قبله ...,و كأن وصيته بالشيء إذا عهدت إليه به ,وتأتي بمعنى األمر كقوله تعالى " و
-54الشافعية والحنابلة يعتبرون الوقف يتم باإليجاب وحده ،لتفصيل أكثر راجع لدكتور عمر السكاني ،النظام القانوني لألمالك الوقفية ،مجلة القضاء
المدني ص 94
55
-الذكتور عمر السكاتي " النظام القانوني لألمالك الوقفية " مجلة القضاء المدني ص .94
56
-المرحوم الدكتور مأمون الكزبري ،نظريات االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،ص .216
57محمد السباعي " شرح قانون األحوال الشخصية " المجلد الثاني أحكام األهلية و الوصية و المواريث "المكتب اإلسالمي ط لسادسة1997ص803ا
16
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
أوصى بها ابراهيم بنيه " أي أمرهم و تأتي بمعنى األمر كقوله تعالى في اآلية الحادية عشرة من
58
سورة النساء " يوصيكم هللا في أوالدكم " أي أوجب و فرض إلى غير ذلك من المعاني
تعتبر الوصية من أعمال التبرع التي يقدم عليها الفرد في حياته ،بإرادته المنفردة يبتغي فيها من
خاللها إما وجه هللا أو وجه الموصى له ،أو هما معا ،عالوة على ذلك فالوصية تعتبر من
أسباب كسب الملكية ,وقد أجاز الشارع الحكيم الوصية لما فيها من مصلحة للموصي و ألقربائه
وللمجتمع 59إذ تجد سندها في القران الكريم و السنة النبوية وكذا في التشريع الوضعي ،ومن
ض َر أَ َح َد ُك ُم ال َموتُ ِإنعلَي ُكم إِذَا َح َ
ب َ االيات الكريم الدالة على هذا القصد نجد قوله تعالى " ﴿ ُك ِت َ
علَى ال ُمتقِينَ * فَ َمن بَدلَهُ بَع َد َما َ
س ِمعَهُ فَإِن َما صيةُ ِلل َوا ِل َدي ِن َواألَق َربِينَ بِال َمع ُر ِ
وف َحقًّا َ تَ َركَ خَي ًرا ال َو ِ
َاف ِمن ُموص َجنَفًا أَو ِإث ًما فَأَصلَ َح بَينَ ُهم فَ َال ِإث َم س ِميع َع ِليم * فَ َمن خ َ ِإث ُمهُ َعلَى الذِينَ يُبَ ِدلُونَهُ ِإن َ
ّللا َ
60
حيم ﴾ َعلَي ِه ِإن ّللاَ َغفُور َر ِ
في السنة النبوية نجد حديث روي عبد هللا بن عمر أن رسول هللا صلى هللا عيه و سلم قال" ما
61
أمر امرئ مسلم له شيء يوصي فيه ،بيت ليلتين إال ووصيته عنده مكتوبة"
كما نجد المشرع المغربي ينظمها و يحدد أحكامها و قواعدها وذلك في الكتاب الخامس من
مدونة األسرة 62من المادة 277إلى المادة 320حيث نص في المادة 277على أن الوصية "عقد
يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته"
وتجدر االشارة الى أنه طرح اشكال في الساحة الفقهية حول الطبيعة القانونية للوصية ,هل يمكن
اعتبارها تصرف بارادة منفردة ,أم تعتبر عقد؟ وهل القبول يعتبر ركن أم شرط لصحة الوصية ,
أم أن القبول ال يعتبر ال ركن وال شرط النعقاد الوصية ؟
بالرجوع الى االراء الفقهية بهذا الخصوص نجد المالكية يعتبرون الوصية ،فهي أثناء حياة
الموصي وعد غير منتج ألية آثار قانونية ،وذلك تمشيا مع المقتضيات العامة حيث نص الفصل
14من قانون االلتزامات والعقود على أن " :مجرد الوعد ال ينشئ التزاما " ،وكذا المادة 286
من مدونة األسرة التي جاء فيها " :للموصي حق الرجوع في وصيته وإلغائها ،ولو التزم بعدم
الرجوع فيها ،وله إدخال شروط عليها وإشراك الغير فيها ،وإلغاء بعضها كما شاء وفي أي
58عبد السالم حادوش " شدرات في الوصية بين الممارسة و النظرية" منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية ص 7
59محمد السباعي م س ص 59
60اآليات 182 181 180من سورة البقرة
61الموطأ لإلمام مالك رضي هللا عنه دار إحياء العلوم الطبيعية الطبعة األولى 1988
62ظهير شريف رقم 1-04-22صادر في 12من ذي الحجة 3( 1424فبراير )2004بتنفيذ القانون رقم 70-03بمثابة مدونة األسرة
( الجريدة الرسمية رقم 5184الصادرة يوم الخميس 5فبراير .) 2004
17
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
وقت يشاء ،في صحته أو مرضه" ،فهي ال تصبح الزمة ومنتجة آلثارها القانونية 63كما
64
يعتبرون قبول الوصية شرطا في صحتها
أما اتجاه اخر فيقول أن القبول ليس ركنا و لكنه شرط ,و ظاهر كالمهم أنه يعق شرط نفاذ ,و
قد صرح بذلك القهستاني من الحنفية نقال عن الخالصة اذ ذكر أن القبول شرط ال ركن ,و هو
65
شرط لثبوت الملك بالوصية ال لحصنها و ال لوجودها
الوصية تصرف بإرادة منفردة ,ويتجلى ذلك من خالل مجموعة من األحكام التي تنظمها نورد
منها :
يقدم الوصي على إبرام الوصية بكامل إرادته دون أن يكون مجبرا على ذلك ،حيث
يعمد إلى تحرير وثيقة –وفق الشكل المقرر قانونا – يتعهد بموجبها بتنازله على شيء
يتملكه لشخص –طبيعي أو اعتباري -دون أي مقابل ،وال يرتب هذا التصرف أثره إال
بعد موت الموصي ،وفي هذا السياق يقول برهان الدين بن فرحون المالكي " فإن قلت
عقد ال بد فيه من اإليجاب والقبول ،فصدر اإليجاب من أحدهما وتأخر القبول فلم يصدر
إال بعد موت الموجب وصح ذلك ولزم بغير رضى الورثة ،قلت هو الموصي إذا أوصى
لرجل فلم يقبل الوصية إال بعد موت الموصي صح ذلك "66خول المشرع للوصي إمكانية
الرجوع في وصيته ،دون أن يجبر على تقديم أي تعويض للموصي له ،حيث أنه و إذا
كان األصل في العقود هو اللزوم و االنبرام ،فإن الوصية جاءت مستثناة منه ،بحيث ال
تنبرم و ال تلزم إال بموت الموصي و قبول الموصى له 67وفي هذا السياق يقول عبد
المهدي الوزاني "وللذي أوصى ارتجاع ما يرى".68
63أستاذنا محمد االدريسي " في أطروحته "تكييف العقود في القانون المدني" -دراسة تأصيلية على ضوء التشريع و القضاء المغربيين" نوقشت بكلية
الحقوق -أكدال –الرباط السنة الجامعية 2009/2010ص50
64للتعمق أكثر في هذا األمر تراجع أطروحة أستاذنا محمد االدريسي م س 48
65الشيخ علي الخفيف م س ص 73
" 66برهان الدين بن فرحون في مؤلفه "درة الغواص في محاضرة الخواص من باب الوصايا.أورده ذ عبد السالم حادوش في مقاله" الوصية
141/140أورده الدكتور محمد االدريسي منشور بمجلة القضاء والقانون -ربيع الثاني 1410نوفمبر 1989السنة 27العدد
في أطروحته م س ص 47
67عبد السالم حادوش م س ص94
68في حاشيته على التحفة الجزء الثالث أورده عبد السالم حادوش م س ص 94ويتعين الذكر ان مسألة الرجوع في الهبة طرحت جداال كبيرا اذ هناك
من الفقه من لم يجز ذلك استنادا الى قاعدة " كل من التزم بشيء لزمه" كما أن فريق اخر فقد استند الى حديث النبي الشريف " من احدث في امرنا هذا
ما ليس منه فهو رد" وفريق اخر تبنى قاعدة " النهي يدل على فساد المنهي عنه"و يقصد به اللفظ الدال على الكف عن فعل شىء—الخد فكرة اكثر
حول هذه االراء يراجع عبد السالم حادوش م س من الصفحة 96الى 103
18
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
تندرج الوصية ضمن أعمال التبرع التي يبتغي فيها صاحبها وجه هللا تعالى ،أو وجه
المعطى له أو هما معا.
يمكن للوصي تعليق الوصية على شرط ،فال مانع منه شرط أن يكون صحيحا ،و
غير منهي عنه ،غير مخالف لقصد الشرع ،وأن تكون فيه مصلحة للموصي ،كما
يصح أن تكون مضافة لوقت بعد الموت ،كما لو أوصي لفالن بسكنى دار بعد موته
،لمدة سنة ،وبعد انتهائها يسكنها (فالن أخر)
ومثال الشرط المنهي عنه أن يوصي لولده بشرط مقاطعته لوالدته ،وصورة الشرط المنافي
69
لقصد الشرع أن يعمد شخص إلى االيصاء لزوجته ويشترط عليها أال تتزوج بعده
لكن ما الحكم إذا كان الشرط مخالف لمقاصد الشرع ؟
يجيب األستاذ عبد الرحمن بلعكيد عن هذا التساؤل بما مفاده بطالن الشرط ,و الوصية تبقى
70
صحيحة .
سمح المشرع المغربي للوصي أن يعقدها لشخص منتظر الوجود ،كما هو الحال
بالنسبة للجنين الذي لم يولد بعد ,باعتبار أن له أهلية الوجوب التي تمكن من
اكتساب الحقوق ،غير أن نفاذها رهين باستهالله صارخا وبصفة عامة قيامه بأي
حركة تدل بشكل ال جدال فيه على حياته -المادة282من مدونة األسرة-.
باإلضافة إلى ذلك ،وباعتبار الوصية تدخل في نطاق التصرفات النافعة فقد سمح المشرع للسفيه
والمعتوه المجنونفي حال افاقته إمكانية إبرامه للوصية لشخص ما ،وسر هذا االستثناء يرجع
إلى كون الوصية من التصرفات النافعة 71وباعتبارها أيضا غير الزمة للموصي حال حياته ،
فهي كما ذهب إلى ذلك الفقه اإلسالمي تصرف مضاف إلى ما بعد الموت ،فال تنتج آثارها قبل ذلك
.72
غير أنه لضمان تحقيق الغاية الشرعية التي شرعت من أجلها الوصية ،البد من التقيد ببعض
المسائل المجمع عليها شرعا وقانونا ،نورد البعض منها كالتالي :
يتعين على الموصي أال يقدم على إبرام الوصية في مرض موته 73وتجدر االشارة
الى أنه طرح اشكال كبير في الساحة الفقهية وكذا على مستوى االجتهاد القضائي
" 69المكي افالينة "بلوغ األرب في المواريث و الوصايا "سلسلة الدراسات الفقهية عدد 2ط 2001ص 98و99
70الرحمن بلعكيد " علم الفرائض المواريث و الوصايا" مطبعة النجاح الجديدة طبعة 2012ص 292
71عبد الرحمن بلعكيد " علم الفرائض المواريث و الوصايا" مطبعة النجاح الجديدة طبعة 2012ص 293
محمد االدريسي م س ص 50 72
73عرفت ابتدائية الخميسات مرض الموت في أحد أحكامها"أن مرض الموت هو ذلك المرض الذي يرجح معه هالك صاحبه ,ويوشك على التسليم
بانقضاء أجله ,ويجعله في وضع ال يقدر فيه مصالحه كما لو كان معافى ,ويختل بذلك التوازن الذي يالزم فيه المريض الفراش ,وال يستطيع معه
الدخول والخروج و القيام بالتصرفات العادية في شؤونه وأموره"حكم عدد في الملف العقاري 1/08/833بتاريخ 2011/03/25أوردته سلمى التزنيتي
في مقالتها"الهبة من أحكام الفقه المالكي الى مقتضيات التشريع الوضعي"المنشورة قي مجلة الفقه و القانون العدد161سنة 2012ص 12
19
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
حول الحالة التي نقول فيها أن الشخص يوجد في حالة مرض الموت ومصير
التصرف الذي يتم في مرض الموت وفي هذا السياق نجد االجتهاد القضائي
السوري يستقر على أنه نكون في مرض الموت بتوفر ثالثة شروط في حالة مرض
الموت وهي:
أ ان يكون المرض من االمراض التي يغلب فيها الموت عادة.
ب وان يتولد لدى المريض شعور بالخوف من الموت.
ج وان ينتهي المرض بالموت فعال قبل مضي سنة على بدئه ما لم يشتد المرض
بعد ذلك.74ومن أمثلة ذلك نذكر مثال مرض السرطان
غير أن إشهاد العدالن على أن الموصي كان في كامل قواه العقلية عند إبرامه
الوصية ,فالوصية صحيحة ولو كان مريضا وهو أمر أكده قرار لمحكمة اإلستثناف
بالدار البيضاء ومما جاء في حيثياته "....حيث أن رسم الوصية المذكور متوفر
على جميع شروط صحته ،وقد بين العدالن الشاهدان على الموصى بأن هذا األخير
كان " بحال مرض ألزمه الفراش هو فيه ومعه صحيح العقل تام الميز واإلدراك"
ومن المسلم به فقها أن الوصية لتصح ولو في حالة مرض الموت ما دام الموصي
يعرف ما شهد به على نفسه كما تنص عليه مقتضيات الفصلين 174و 175من
75
مدونة األحوال الشخصية"....
زيادة على ذلك فالوصية ال تسري في حق قاتل الموصي عمدا ،حيث يكون ماله
البطالن ،وذلك ضربا لسوء نية بعض األفراد الذين قد يعلموا بأن شخص معين أقدم على كتابة
وصية لهم و بالتالي يعمدون إلى التفكير في حيل للتخلص منه و الظفر بالشيء موضوع الوصية
،و في هذا السياق جاء في المادة 283/2من مدونة األسرة ما بأن الوصي الذي علم بكون
الموصى له قد اتخذ قرار بقتله وحصل أن الوفاة لم تحدثه -كأن يطعن بسكين إال أن هذا الطعن
لم يؤدي الى قتله -فان الموصي إذا أراد االبقاء على الوصية ،فإن عليه أن يوصي له من جديد ،
وإال زال كل أثر للوصية .
كما يتعين على الموصي أن يعين المحل الذي يكون موضوع الوصية ،و خلو الوصية من التعيين
لمحلها يفيد أنها شاملة لكافة المتروك ومتعلقة به ,وهو أمر أكدته محكمة النقض في أحد قراراتها
الذي جاء في حيثياته" ....لكن ،ردا على السبب أعاله فإنه يتجلى من رسم الوصية المشار إليه
أنه ينص على أن” الموصي أشهد بأن يخرج من جميع متخلفه عقارا وغيره جميع الثلث الواحد
ويعطى بأجمعه للموصى لهم المذكورين في رسم الوصية” .وبالتالي فإنه ال مجال إلثارة
الطاعنين بأن إرادة الموصي انصرفت إلى غير العقارات محل النزاع .ولذلك فإن القرار
74،نقض اساس 578قرار 356لعام 1986منشور بالموقع االلكتروني /http://www.justice-lawhome.comتاريخ الولوج 13/05/2015على
الساعة 19;21
75محكمة استئناف بالدار البيضاء غرفة األحوال الشخصية والميراث والعقار قرار بتاريخ – 1986/06/30ملف عقاري عدد 84/18 :منشور بالموقع
االكتروني http://www.jurisprudence.ma/decision/cacasablanca3006198630تاريخ الولوج01/0502015
20
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
المطعون فيه حين علل بأن ” خلو الوصية من التعيين لمحلها يفيد أنها شاملة لكافة المتروك
ومتعلقة به “ .فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار مرتكزا على أساس قانوني والسبب بالتالي
76
غير جدير باالعتبار"....
واألصل في الوصية أنها ينبغي أال تزيد عن الثلث ،وهو ما سار على هديه كل من الشافعي و
مالك و الظاهرية ،إذ جزموا على أنه ال تجوز الوصية بأكثر من الثلث ،ألن بيت المال يستحق
التركة في الحالة التي ال يكون فيها للهالك ورثة ,ويزيد الظاهرية على ذلك ما ذكرناه عنهم في
منع الزيادة على الثلث ،ومنع الوصية للوارث ولو أجاز الورثة الوصية 77وخالف ذلك يقول أبو
حنيفة و أحمد " أن وصيته جائزة بكل ماله ألن منع الزيادة على الثلث إنما كان لحق
الورثة" 78وفي حالة ما إذا تجاوز الثلث فإن نفاذها في ما تجاوز الثلث يكون بموافقتة الورثة
الراشدين وال يسري ذلك في حق القاصرين وناقصي األهلية.
وبخصوص موقف المشرع المغربي من هذه المسألة ،فإذا كان األصل أن الوصية ال تجوز
لوارث مصداقا لقول النبي صلى هللا عليه وسلم« :ال وصية لوارث» ()79نجده يقر بصحة الوصية
التي تنعقد على الموصى إليه ,إذا كان وارثا في األصل -المادة ،-280ولكن شرط إجازة الورثة
الراشدين لذلك التصرف ،حيث يسري هذا التصرف في حقهم فقط دون
القاصرين وناقصي األهلية.
وفي حالة تزاحم الوصايا ،أي إذا أوصى بعدة وصايا وزادت في مجموعها عن الثلث ولم تجز
الورثة إال نفاذ الثلث فقط ،أو أجاز الورثة لنفاذفا ،لكن التركة ال تكفي فهناك صورتان
األولى أن تكون كل واحدة من الوصايا ال تزيد على الثلث ،كسدس لواحد و ثلث ألخر،
فيضرب كل سهم في الثلث ،أي يأخذ كل واحد من الوصية بنسبة وصيته من الثلث ،و ال يقسم
الثلث أو التركة في الحالة الثانية بينهم بالسوية اتفاقا.
21
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
الثانية ـأن تكون إحداهما تزيد عن الثلث ،كثلث لواحد ،و ثلثين ألخر ،فعند أبي يوسف و محمد
يقسم بحسب السهم أيضا كما في الصورة األولى ,فإذا أوصى لخالد بثلث ماله ولبكر بثلثي ماله
قسم الثلث بينهما فلخالد واحد و لبكر اثنان . 80
باإلضافة الى الوصية االختيارية ,أقر المشرع المغربي نوعين اخرين من الوصية احداها
بدورها ارادية – الوصية بالتنزيل -و أخرى مقررة بمقتضى القانون-الوصية الواجبة.
الوصية بالتنزيل
التنزيل هو أن ينزل شخص أحدا ،منزلة ولده في الميراث ،سواء كان من حفدته ،أو من
األغراب ،و معلوم أن النسب ال يثبت بالتنزيل كما أن التبني ال يجوز ،بل هو حرام ،
و يترتب على التنزيل استحقاق المنزل اإلرث في حدود الثلث ،كما في الوصية ،فإن كان من
نزل يرث أكثر من ذلك فإن جوز الورثة الزائد عن الثلث فلهم ذلك ،و إال أعطيت له نصيبه في
حدود الثلث ،وإن اختلفوا أعطي بحسب ذلك على أن ال يكون وارثا.81
الوصية الواجبة
هي الوصية الواجبة بالشكل الذي نص عليه القانون مما استحدثه الفقهاء والقضاء لمعالجة مشكلة
من مشكالت األسرة التي كانت اآلراء متفقة على وجوب معالجتها وإيجاد حل لها وهي مشكلة
األحفاد الذين يموت أبوهم أو أمهم في حياة جدهم أو جدتهم ثم يموت الجد أو الجدة بعد ذلك،82
وعلى غرار بعض التشريعات العربية 83أخذ المشرع بالوصية الواجبة وذلك في المواد 372و
370; 369من مدونة األسرة ،بناء على االجتهاد الفقهي ،الذي ذهب إلى القول بوجوب الوصية
84
لألقربين الذين ال يرثون مراعاة لمصلحة األحفاد سواء كانوا أوالد ابن أو أوالد بنت
وبالرجوع إلى المواد المنظمة للوصية الواجبة ،يالحظ أن المشرع أخد برأي الفقه حيث حدد
األشخاص الذين يحق لهم الوصية بقوة القانون في أوال االبن _وان نزلوا -و أوالد البنت -فقط -
أضف إلى ما سبق فالوصية الواجبة تكون بمقدار حصة الحفدة مما يرثه أبوهم عن أصله لو مات
هذا األخير قبله في حدود ثلث التركة ,وليس بمقدار ما يرثه أبوهم ،وقد قعدت محكمة النقض هذا
األمر حيث ورد في تعليلها ألحد قراراتها" ...وأن الفصل 256من المدونة صريح في أن نصيب
األحفاد بمقتضى الوصية الواجبة ال يكون مساويا لنصيبهم في والدهم فيما يرثه من الجد على
فرض تأخير وفاته ,و على أساس هذا الفصل فإن نصيب الطاعنة في والدها هو النصف فيما
22
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
يرثه من والده بنص قوله تعالى 'فإن واحدة فلها النصف' وال تستحق جميع نصيب والدها كما
فهمت ذلك خطأ ,ألن الفصل قدر واجبها بمقدار ما ترثه في والدها ,ولم يقدره بما يعادل واجب
85
والدها "
كما يشترط أال تتجاوز الوصية الثلث ،و أال يكون هؤالء الحفدة وارثين في أصل أبيهم –من
جدة أو جدة – كما يشترط أال يكون يكون الهالك قد أوصى لهم في حياتهم فيما يعادل ثلث تركته
،حيث أنه إذا وصى بأقل من ذلك حق لهم تكملته بموجب الوصية الواجبة
نختم هذه الفقرة إلى اإلشارة أنه طبقا للمادة 296من مدونة األسرة ,فإنه يشترط في صحة
الوصية أن يصدر بها إشهاد عدلي ,أو إشهاد أية جهة رسمية مكلفة بالتوثيق،
و الكتابة الرسمية في هذا المقام هي التي تحرر بواسطة العدول ,أو الموثقين المحلفين ,أو
86
األعوان الدبلوماسيين
كما يمكن إثبات الوصية بالكتابة العرفية التي يعتد بها و إن تمت بخط يد الموصي و أحيانا
بشهادة الشهود ,أما فيما يتعلق بطرق تنفيذها ,فالوصية تنفذ من قبل من عينه الموصي و في
حالة عدم تحديده عين من قبل القاضي .
85قرار رقم 805الصادر بتاريخ 28ماي 1985في الملف العقاري عدد 84/4004المنشور بقضاء المجلس األعلى العددان
37و 38أورده عبد السالم الحادوشي م س ص 204
86المأذون لهم كعدول بقرار مشترك بين وزير العدل ووزير الشؤون الخارجية طبقا للفصل 38من مرسوم 29يناير 1970في
تطبيق ظهير 20أكتوبر 1969المتعلق باختصاصات االعوان الدبلوماسيين و القناصل أورده عبد الرحمن بلعكيد م س ص
335
23
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
لم يعرف المشرع المغربي على عادته السند ألمر تاركا ذلك للفقه والقضاء ،وفي هذا
السياق نجد من يعرفه 87بكونه صك محرر وفقا لبيانات حددها المشرع ،يتضمن تعهد محرره
بأن يدفع لشخص معين (يسمى المستفيد) أو ألمره مبلغا من النقوذ في تاريخ معين أو عند
االطالع.
كما عرفه البعض األخر 88باعتباره محرر يخضع ألوضاع شكلية محددة قانونا ,يتعهد فيه
محرره بأن يدفع ألمر شخص يسمى المستفيد مبلغا من النقوذ ،بمجرد االطالع أو في ميعاد
معين أو قابل للتعيين ،عالوة على ذلك يعرف السند ألمر باعتباره صك يحرر وفقا لبيانات
إلزامية حددها القانون يتضمن تعهد شخص يدعى المتعهد أو المحرر " "Le souscripteurبأن
يدفع شخصيا و بنفسه "a payer lui mèmeمبلغا معينا من النقود غير معلق على شرط-الوعد
الناجز -في أجل معين أو قابل للتعيين أو بمجرد االطالع لشخص أخر أو إلذنه هو الحامل أو
89
المستفيد""le bénéficiaire
من خالل التعاريف أعاله نستشف أن أهم خاصية يتميز بها السند ألمر أنه يجمع شخصين
الساحب و المستفيد ،فقط بخالف الكمبيالة التي تجمع أطراف ثالثة الساحب و المسحوب عليه ثم
المستفيد ،و الساحب في السند ألمر عند توقيعه على هذه الورقة التجارية فهو يرتبط بإرادته
المنفردة اتجاه شخص معين أو سيعين فيما يستقبل ،و هو الشخص المظهر إليه أوالحامل ،90وهو
المستفيد و قد طرح في هذا السياق تساؤل حول الطبيعة القانونية للسند ألمر هل هو عمل تجاري
أم عمل مدني ؟
بالرجوع إلى المادة 9من مدونة التجارة نجدها تقر بأنه" يعد عمال تجاريا بصرف النظر عن
المادتين 6و 7
السند لـأمر الموقع و لو من غير تاجر اذا ترتب في هذه الحالة عن معاملة تجارية"
وعليه يستفاد من هذه المادة ،أن السند ألمر يعتبر عمال تجاريا ،سواء أكان الطرف الذي وقع
عليه تاجرا ضمانا لتنفيذ أمر تجاري ،أو كان طرفا مدنيا وقع عليه بمناسبة قيامه بعمل تجاري
ومثال ذلك أن يعمد زيد إلى اقتراض مبلغ من النقود من مؤسسة بنكية ,ويمنحها سند ألمر
يتعهد له فيها بأداء مبلغ معين في تاريخ محدد .
جدير الذكر أن السند ألمر يعتبر أداة وفاء و أداة ائتمان ،والمستفيد من السند ألمر يستطيع أن
يظهره إلى دائنه وفاء لدينه ،كما يستطيع المتعهد الحصول على ائتمان من دائنه بواسطة هذا
87أحمد كويسي"األراق التجارية الكمبيالة-السند ألمر – الشيك -مطبعة اميمة الطبعة األولى ص 251
88لطيفة الداودي األراق التجارية" أحكام السند ألمر في القانون المغربي المطبعة غير مذكورة الطبعة األولى 1994ص 27
89أحمد شكري الشباعي " الوسيط في األوراق التجارية " الجزء االول في اليات أو أدوات االئتمان" الكمبيالة و السند ألمر الطبعة األولى 1998ص
349
90المختار أحمد العطار " النظرية العامة لاللتزامات في ضوء القانون المغربي"مطبعة النجاح الجديدة " الطبعة األولى 2011ص 327
24
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
السند الذي غالبا ما يتضمن أجال للوفاء ,و إذا لم يرد المستفيد اإلنتظار إلى تاريخ االستحقاق فإنه
يحصل على مبلغه عن طريق خصمه نظير فائدة وعمولة.91
يعتبر السند ألمر تصرف بإرادة منفردة بكل ما في الكلمة من معنى ،و يتجلى ذلك في
كون الشخص المتعهد هو الذي يلجئ إلبرامها يتعهد فيه بأداء مبلغ معين بمحض
إرادته في اليوم المحدد ,وفي هذا السياق تنص المادة 232من مدونة التجارة
يتضمن السند ألمر البيانات اآلتية :
أوال.....:
ثانيا :الوعد الناجز بأداء مبلغ معين؛ ألخر خالل األجل المحدد
يحمل المتعهد في السند ألمر صفتي الساحب والمسحوب عليه ،الذي يفيد قبوله ضمنيا
أداء المبلغ الذي التزم به ,و المضمن في السند ألمر في األجل المضروب لذلك.
تظهر اإلرادة المنفردة كذلك في السند ألمر في أن المتعهد هو من يوقع على السند ألمر
لوحده دون المستفيد ,92وذلك خالف باقي العقود –عقد البيع أو الكراء مثال -التي
تشترط توقيع الطرفين و اإلشهاد على التوقيع.
ويتعين أن يكون التوقيع بيد أوخط الملزم نفسه ،وأن يرد في أسفل الورقة و ال يقوم الطابع أو
93
الختم مقام التوقيع
لم يلزم المشرع المتعهد تحرير السند ألمر بموجب محرر رسمي مما يستفاد منه ضمنيا
االعتداد به ولو حرر بموجب محرر عرفي.
أعطى المشرع لحامل السند ألمر إمكانية تظهيره بجميع أنواع التظهيرات المقررة
قانونا.
25
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
وفيما يتعلق بالقيود الواردة على اإلرادة المنفردة في السند ألمر تتمظهر في النقط
التالية :
يحظر على حامل السند ألمر تظهيرها على بياض حيث أنه اذا كان التظهير على بياض فال
يخضع اذ ذاك للقانون الصرفي ,كما أوجب المشرع على المتعهد أن يكون كامل األهلية ,و
التي تختلف حسب إذا تعلق األمر بعمل تجاري أو مدني ,ففي الحالة األولى يشترط المشرع
ضرورة التوفر على األهلية التجارية التي تشترط لممارسة األعمال التجارية مع مراعاة حاالت
المأذون له و المرشد ,في حين تطبق على األهلية المدنية األهلية المقررة في المادة المدنية
حسب ما أقره المشرع في مدونة األسرة.
وبالرغم من عدم إقرار المشرع صراحة ضرورة ذكر السببب الدافع إلى التوقيع على السند ألمر
من قبل ساحبها ،فإنه متى تبين أن السبب الذي أسست عليه كان باطال فإن ذلك يترتب بالتبعية
بطالن هذا السند ,تماشيا مع قاعدة الفرع يتبع األصل ،فلو سحب شخص سند ألمر لصالح
شخص أخر وفاء لثمن بيع منزل للدعارة أو وفاء لدين قمار ،بطل التزام الساحب لعدم
مشروعيته ،غير أن هذا الدفع ال يمكن التمسك به إال في إطار العالقة التعاقدية األصلية التي
بموجبها تم تحرير السند ألمر وفي حالة تظهيرها من قبل المستفيد األول آنذاك ال يمكن التمسك
بها اتجاه الحامل حسن النية ،وعليه إذا عمد زيد إلى تحرير سند ألمر لفائدة عمر يتعهد بمقتضاه
بأداء مبلغ من النقوذ خالل أجل معين نتيجة لضمان عملية تعاقدية جمعتهم غير مشروعة – بيع
مخدرات مثال ، -وقام زيد بعد ذلك إلى تظهيرها إلى أحمد ،فال يمكن لعمر أن يتمسك بأي دفع
شخصي عندما يقدم أحمد للمطالبة بالوفاء بالمبلغ المضمن في متن السند ألمر ،تماشيا مع مبدأ
تطهير الدفوع المعمول بها في مجال األراق التجارية .
أضف إلى هذا نجد المشرع يقر بضرورة تضمين السند ألمر ما يفيد أن األمر يتعلق بالسند
ألمر ,و إال اعتبر بمجرد سند عادي وبالتالي يخرج عن نطاق القانون الصرفي .
الفقرة الثانية :الضمانات المخولة لحامل السند ألمر في إطار االرادة المنفردة
باعتبار السند ألمر ورقة تجارية فإنها تخضع لمقتضيات القانون الصرفي ،و بالتالي المستفيد
منها يستفيد من بعض المبادئ المكرسة في الميدان التجاري .
26
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
و في هذا السياق سمح المشرع للمستفيد من السند ألمر إمكانية تداوله 94للوفاء ببعض
الديون التي تكون على ذمته وذلك قبل حلول أجل استخالص المبالغ المضمن فيها عن طريق
تظهيرها
ويقصد بالتظهير تلك العملية التي تتم بكتابة معينة مفادها يقضي بتنازل المستفيد األول
( يسمى هنا المظهر " ,) "Endosserعن الحق الثابت في الورقة لفائدة مستفيد ثان (يسمى
المظهر إليه " , ("Endossataireويكون التظهير نافذا في حق الجميع دون حاجة إلى قبول
المظهر إليه ،و يضمن المظهر وجود الحق الثابت في الورقة و أداءه اتجاه المظهر إليه كما أن
هذا الضمان سيضخم كلما ازداد عدد التظهيرات التي نجرى عليها ,ناهيك عن أن التظهير يؤدي
غالبا إلى تطهير الحق المصرفي الناتج عن هذه الورقة من بعض العيوب التي تصف بها
98
الحوالة المدنية , 95والتظهير إما أن يكون ناقال للملكية 96أو تظهيرا توكيليا 97أو تأمينيا
و من الضمانات المخولة لحامل السند ألمر نجد ما يعرف في المادة التجارية ب "الضامن
االحتياطي" الذي يعتبر من الضمانات التي تزيد من بعث الثقة و االئتمان للحامل فهو يندرج
ضمن التأمينات الشخصية التي تدعوا لالطمئنان ،و الضامن االحتياطي هو الشخص الذي يكفل
الدين الثابت في السند ألمر ,فيضمن قبولها ووفاءها كلها أو جزء منها ،أثناء استحقاقها و بذلك
فهو يضمن أي شخص موقع على السند ألمر ,وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا لم يعين الشخص الذي
قدم الضمان لفائدته ,فان الضمان يعتبر مقدما لفائدة المتعهد ,وهذه القرينة قرينة قاطعة ال يمكن
إثبات ما يخالفها.99
أضف إلى ذلك مبدأ استقاللية التوقيعات ،ومفادها استقاللية الورقة التجارية عن سبب إنشائها و
استقاللها عن التوقيعات األخرى ،و بمعنى آخر استقالل كل موقع بتوقيعه عن غيره من
الموقعين بحيث ال يمكن أن يحتج صاحب أحد التوقيعات بدفع يتعلق بتوقيع أخر فال يحتج بانعدام
األهلية مثال إال ممن انعدمت أهليته دون غيره .
ويتعين الذكر هنا أنه يحق لحامل ورقة السند ألمر الرجوع على أي واحد من الموقعين على
السند ألمر باراته المنفردة الستفاء دينه وذلك بعدما يرفظ فيها المتعهد األول أداء المبلغ المضمن
94باإلضافة الى التظهير هناك طرق أخرى كاالرث حيث ينتقل الحق في السند ألمر للورثة دون حاجة لتظهيرها كما ينتقل بالوصية واندماج شركات
المساهة في السند ألمر ينتقل الى الشركة الدامجة دون الحاجة الى تظهيرها كما ينتقل عن طريف اتخاذ اجراءات التنفيذ لبجبري ,أوردته لطيفة
الداودي م س ص 83
95محمد الشافعي "األوراق التجارية في مدونة التجارة " المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش الطبعة الثانية ص 84
96يقصد بالتظهير الناقل للملكية "ذلك التصرف القانوني الذي يهدف الى نقل الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى المظهر إليه تعريف لألستاذ
المختار بكور"األوراق التجارية في القانون المغربي('الكمبيالة-الشيك)مطبعة دار السالم و النشر و التوزيع الطبعة الثانية 2012
97إن التظهير ألتوكيلي ليس كالتظهير الناقل للملكية فكما يتضح من تسميته فان المظهر ال ينقل ملكية الكمبيالة الى المظهر اليه و انما ينقلها له قد
تحصيل المظهر اليه مبلغها بالنيابة عن المظهر الذي يبقى هو مالكها الشرع"تعريف للالستاذ الختاربكور م س ص 91
98التظهير التأميني يقصد به رهن الحق الثايت في السند ألمر لضمان دين في ذمة المظهر للمظهر له ,تعربف للطيفة الداودي م س ص 101
99احمد كويسي م س ص 270
27
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
في السند ألمر وتحريره الحتجاج عدم الوفاء ،تماشيا مع مبدأ تضامن الموقعي،ويحق للضامن
الرجوع على الباقين.
وأختم بمسألة متعلقة بكيفية اثبات الوفاء بالمبلغ موضوع السند ألمر ؟
يثبت الوفاء بقيام المدين باسترداد صكه الموقع عليه من الحامل بما يفيد المخالصة إذ يعتبر ذلك
قرينة على الوفاء و براءة ذمة المدين من قيمته ,بحيث ال يجوز نقض هذه القرينة اال باقرار
المدين بخالف ذلك( البد من التأشير على الوفاء في متن السند المر).
خاتمة
ونخلص مما سلف ذكره بأن المشرع المغربي وان كان قد أقحم اإلرادة المنفردة كمصدر لاللتزام
إال أنه قد جعلها تقتصر على بعض الحاالت المحددة قانونا ,أي أنها استثنائية ,ولم ترتقي لتصل
إلى درجة العقد وفق ما سلف بيانه في التشريعات والنظريات والفقه اإلسالمي ،إال أنه من بين
المالحظات التي نبدي بها بخصوص اإلرادة المنفردة كمصدر لاللتزام وهي إن كان المشرع قد
تجاوز على حد القائلين( أمثال المرحوم الكزبري) التقنين الفرنسي إال أننا نرى بأن المشرع
المغربي لم يواكب الفقه اإلسالمي الذي اعتد باإلرادة كمصدر عام وإنما جعلها في حاالت
استثنائية مما يستعصي الحديث عن اإلرادة المنفردة خارج تلك الحاالت المنصوص عليها قانونا.
انتهى
بتوفيق من هللا و عونه
28
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
الئحة المراجع
المراجع العامة:
-1أحمد شكري السباعي " الوسيط في األوراق التجارية " الجزء األول في آليات أو أدوات االئتمان" الكمبيالة
و السند آلمر الطبعة األولى
-2أحمد كويسي"األوراق التجارية الكمبيالة-السند ألمر – الشيك -مطبعة اميمة الطبعة األولى.
-3مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء األول مصادر
االلتزامات ،الطبعة الثانية سنة 19فبراير .1982
-4المختار أحمد العطار " النظرية العامة لاللتزامات في ضوء القانون المغربي"مطبعة النجاح الجديدة " الطبعة
األولى .2011
-5الموطأ لإلمام مالك رضي هللا عنه دار إحياء العلوم الطبيعية الطبعة األولى .1988
-6محمد الشافعي "األوراق التجارية في مدونة التجارة " المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش الطبعة الثانية.
-7المكي افالينة "بلوغ األرب في المواريث و الوصايا "سلسلة الدراسات الفقهية عدد 2ط .2001
-8محمد السباعي " شرح قانون األحوال الشخصية " المجلد الثاني أحكام األهلية و الوصية و المواريث
"المكتب اإلسالمي ط السادسة.1997
-10عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام ،الطبعة الثانية.2014 ،
-11عبد الرحمن بلعكيد " علم الفرائض المواريث و الوصايا" مطبعة النجاح الجديدة طبعة .2012
-12عبد السالم حادوش " شدرات في الوصية بين الممارسة و النظرية" منشورات جمعية تنمية البحوث و
الدراسات القضائية طبعة 1997المطبعة غير مذكورة
-13عبد السالم الزياني " أحكام الفرائض في ضوء الفقه المالكي و مدونة االسرة " مطبعة انفول طبعة
.2011
-15الفصايلي الطيب ،النظرية العامة لاللتزام ،الجزء األول ،الطبعة الثانية .1997
-16جمال الطاهري ،دروس في قانون االلتزامات والعقود المغربية ،طبعة الثانية ،الناضور.
المراجع الخاصة:
-1محمد تقيه ،االرادة المنفردة ،كمصدر لاللتزام ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر.
29
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
-2علي الخفيف ،التصرف االنفرادي واإلرادة المنفردة :بحث مقارن ،القاهرة دار الفكر العربي ،سنة
2009م.
-4لطيفة الداودي ،األوراق التجارية" أحكام السند ألمر في القانون المغربي المطبعة غير مذكورة الطبعة
األولى.
الرسائل واألطروحات:
1محمد االدريسي " في أطروحته "تكييف العقود في القانون المدني" -دراسة تأصيلية على ضوء التشريع و القضاء المغربيين"
نوقشت بكلية الحقوق -أكدال –الرباط السنة الجامعية 2009/2010ص50
-1محمد شيلح ،سلطان اإلرادة ،في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي :أسسه ومظاهره في نظرية
العقد ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص-جامعة محمد الخامس -كلية العلوم القانونية و
االقتصادية الرباط .1983-
-2محمد عزي" دور الوقف في ازدهار الحركة العلمية بالمغرب في عهد الدولة المرينية" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في العلوم اإلسالمية ،مؤسسة دار الحديث الحسنية للدراسات اإلسالمية العليا الرباط .الموسم الجامعي
.2005-2004
المجالت:
-2فواز صالح ،اإلرادة المنفردة بوصفها مصدرا لاللتزام دراسة مقارنة ،مجلة جامعة دمشق للعلوم
االقتصادية والقانونية _ المجلد - 28العدد األول –.
الماقع االلكترونية
www.alkanounia.com
http://www.jurisprudence.ma/decision/cacasablanca3006198630
http://www.mahkamaty.com/2014/02/04
http://www.alukah.net/library/0/42306
النصوص القانونية:
القوانين المغربية :قانون االلتزامات والعقود _ .مدونة التجارة -مدونة الحقوق العينية_ مدونة األوقاف- .
مدونة األسرة.
30
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
الفهرس
مقدمة 2 ....................................................................................................................................................
المبحث األول :تطبيقات اإلرادة المنفردة في قانون االلتزامات والعقود المغربي 4 .............................................................
المطلب األول :تمييز اإلرادة المنفردة عن بعض المفاهيم المشابهة 4 ...................................................................................
الفقرة األولى :تمييز اإلرادة المنفردة عن العقد 4 .....................................................................................................
الفقرة الثانية :تمييز اإلرادة المنفردة عن التصرف 5 ...................................................................................................
المطلب الثاني :اإلرادة المنفردة في قانون االلتزامات والعقود 5 ..........................................................................................
الفقرة األولى :اإليجاب الملزم واالشتراط لمصلحة الغير5 ......................................................................................... :
أوال :اإليجاب الملزم5 .................................................................................................................................... :
ثانيا :االشتراط لمصلحة الغير 7 .........................................................................................................................
الفقرة الثانية :الوعد بالجائزة 9 ........................................................................................................................ :
أوال :الوعد بالجائزة وأركانه9 ........................................................................................................................ :
ثانيا – آثار الوعد بالجائزة 13 ............................................................................................................................
المبحث الثاني :تطبيقات اإلرادة المنفردة في القوانين الخاصة 14 .................................................................................
المطلب األول :الوقف و الوصية 14 ........................................................................................................................
الفقرة األولى :الوقف في مدونة األوقاف 15 ............................................................................................................
تعريف و إيضاح 15 .......................................................................................................................................
الفقرة الثانية :الوصية في مدونة األسرة16 .............................................................................................................. :
أوال :تعريف الوصية وتحديد طبيعتها القانونية 16 .....................................................................................................
ثانيا :أحكام الوصية 18 ...................................................................................................................................
المطلب الثاني :السند ألمر في مدونة التجارة 23 .........................................................................................................
الفقرة األولى :طبيعة السند ألمر وتجليات االرادة المنفردة فيها 23 ..................................................................................
أوال :طبيعة السند ألمر 23 ...............................................................................................................................
ثانيا :تجليات الإرادة المنفردة في السند ألمر وحدودها 25 ...........................................................................................
الفقرة الثانية :الضمانات المخولة لحامل السند ألمر في إطار االرادة المنفردة 26 ................................................................
خاتمة 28 ....................................................................................................................................................
الفهرس 31 ..................................................................................................................................................
31
المكتبة القانونية االلكترونية
http://www.bibliojuriste.club
32