Professional Documents
Culture Documents
تراجع مبدأ سلطان الإرادة في عقد الاعتماد الإيجاري
تراجع مبدأ سلطان الإرادة في عقد الاعتماد الإيجاري
يعد العقد اتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني و هو المصدر اإلرادي األساسي لاللتزام ،
ومن ثم فإن اإلرادة المزدوجة للموجب و للقابل هي مصدر االلتزام التعاقدي ، 1فقد اعتبر القانون
أن اإلرادة مصدر إنشاء العالقة التعاقدية ،فهذه األخيرة ارتبطت بمبدأ سلطان اإلرادة و الذي يعني
أن اإلرادة الحرة هي أساس التعاقد.
يعود أصل مبدأ سلطان اإلرادة إلى القرن 17بسبب ازدهار المذهب الفردي حيث كان الفرد
في ظل هذا المذهب غايته األولى هي احترام حريته و إرادته ،فكان من الواجب أن تكون روابطه
بغيره من أفراد المجتمع أساسها اإلرادة الحرة ،فهي العنصر الجوهري في تكوين العقد و في
تحديد ما يترتب عليه من آثار.
كان لمبدأ سلطان اإلرادة فاعلية في مرحلة تكوين العقد ،سواء في الفترة السابقة على التعاقد
أو في فترة إنشاء العقد ،فيعد الركيزة األساسية في إبرام العقد التي تبنى عليها المعامالت و إرادة
الفرد هي مصدر جميع الحقوق و الواجبات ،غير أن هذا المبدأ ما لبث أن انتكس و تراجع بفعل
التطور االقتصادي و االجتماعي و السياسي الذي مس مختلف المجتمعات ،كما لظهور المذهب
االشتراكي بحلول القرن 20دور في هذا االنتكاس ،مما أظهر هشاشة مبدأ سلطان اإلرادة .
فيراعي هذا المذهب مصلحة الجماعة حتى لو كان ذلك على حساب األفراد ،فالفرد لم يعد
حر في التعاقد ،حيث أصبحت هذه الحرية مقيدة بفعل تدخل المشرع و ذلك بوضع قواعد آمرة
واجبة اإلتباع في معظم جوانب تنظيم العقد ،عالوة على ذلك مقتضيات النظام العام و اقتضاء
الشكلية فهي من أبرز القيود التي تحيط بهذه الحرية .
إذا كان االقتصاد يرتكز على التبادل فإن تحقق هذا النوع من المعامالت يظهر كاتفاق بين
فاعلين اقتصاديين ،يتم تنظيمه بواسطة عقود األعمال إذ يتعين حضور العقد في كل المراحل ،فلما
كان عقد االعتماد اإليجاري من هذه العقود أي عقود األعمال فارتأينا دراسة هذا العقد كنموذج و
تبيان تراجع هذه اإلرادة المشتركة التي ينادي بها أصحاب المذهب الفردي .
و بالرجوع إلى عقد االعتماد اإليجاري نجد تنظيمه في األمر رقم ، 209/96و قد تعددت
تعاريف هذا العقد لكن كلها تحمل نفس المضمون ،فيعتبر وسيلة حديثة لتمويل المشروعات
االقتصادية ،فهو يحقق للمشروع االقتصادي الحصول على معدات دون أن يضطر إلى أداء قيمتها
دفعة واحدة و إنما يقتصر دوره على أداء أقساط دورية مع الحفاظ بكامل الضمانات الالزمة
لممول األصول عن طريق حق الملكية. 3 ّ
فيعتبر التمويل بالنسبة للمشروعات االقتصادية قلبها النابض فهو عامل نجاحها ،ووظيفة
التمويل من الوظائف البالغة األهمية في مختلف المشروعات ،فبهذا ال يمكن إنكار فاعلية عقد
االعتماد اإليجاري في تمويل مشاريع المستأجر التمويلي اإلنتاجية بكل أشكالها خصوصا أن تمويل
مشروعه اإلنتاجي يمول كامال دون تعطيل جزء من رأسماله .
-1فواز صالح " ،اإلرادة المنفردة بوصفها مصدرا لاللتزام ( دراسة مقارنة) " ،مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية و
القانونية ،كلية الحقوق ،جامعة دمشق ،عدد ، 2012 ، 01ص . 133
-2أمر رقم ، 09/96مؤرخ في 10جانفي ، 1996يتعلق باالعتماد اإليجاري ،ج ر عدد ، 3صادر في .1996
-3عاشور كتوش ،مداخلة بعنوان التمويل باالئتمان اإليجاري ،االكتتاب في عقوده و تقييمه ( دراسة حالة الجزائر) ،كلية
العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الشلف ،د س ن ،ص . 1
2
مقدمـــــــة
و قد تعددت المصطلحات المترجمة لمفهوم " الليزنغ " من أجل إيجاد مصطلح دقيق له ،
فعرف بالقرض اإليجاري ،التأجير التمويلي ،و االئتمان اإليجاري ، 4أما المشرع الجزائري
اختار ترجمة " االعتماد اإليجاري " ،إذ عرفه في المادة األولى من األمر رقم 09/96الذي
يتضمن االعتماد اإليجاري و التي تنص على " :يعتبر االعتماد اإليجاري موضوع هذا العقد
عملية تجارية و مالية يتم تحقيقها من قبل البنوك و المؤسسات المالية أو شركات التأجير مؤهلة
قانونا و معتمدة صراحة بهذه الصفة مع المتعاملين االقتصاديين الجزائريين أو األجانب أشخاص
طبيعيين كانوا أو معنويين تابعين للقانون العام أو الخاص تكون قائمة على عقد إيجار يمكن أن
يتضمن أو ال يتضمن حق الخيار بالشراء لصالح المستأجر و تتعلق فقط بأصول منقولة أو غير
منقولة ذات االستعمال المهني أو بالمحالت التجارية أو بالمؤسسات حرفية " .5
بتفحصنا لنص هذه المادة توحي لنا من أول وهلة انتكاس لمبدأ سلطان اإلرادة بالفعل في
أحكام هذا العقد ،أو باألحرى يمكن القول استخدامه من طرف واحد أال و هو المؤجر التمويلي
ليفرض سلطته على الطرف اآلخر ،فنذكر أبرز نقطة فيه و هي الحرية في التعاقد أي في مرحلة
اإلبرام ،حيث أن مبدأ سلطان اإلرادة يقوم بتكريس الحرية في اللجوء إلى التفاوض قبل التعاقد و
كذا الحرية في اختيار المتعاقد اآلخر ،و لكن بالرجوع إلى طبيعة عقد االعتماد اإليجاري فيفرض
توافر شروط محددة في التعاقد حيث أنه ال يمكن أن يبرم إال مع نوع محدد من االشخاص منحهم
األمر رقم 09/96سالف الذكر الحق في ممارسة هذا النشاط .
فيكيف عقد االعتماد اإليجاري على أنه عقد إيجار فال يخدم مصالح المؤجر التمويلي دائما،
فيعمد على تطبيق أحكامه كلما كان ذلك من مصلحته أما في الحالة العكسية فهو يلجأ إلى تطبيق
مبدأ سلطان اإلرادة لصالحه و هذا من أجل إضافة شروط أو بنود في العقد تضمن مصالحه و
تحقق أهدافه .
و ال يقف تراجع الحرية التعاقدية عند مرحلة تكوين العقد بل حتى بعد تكوينه أي فيما يخص
أثار هذا العقد ،حيث أن المشرع الجزائري استخدم قواعد مكملة بشأنها ،حيث وجد المؤجر
التمويلي استغالال لمركزه القوي في العقد سبيال للتنصل من التزامات كثيرة مفروضة عليه أصال ،
و نذكر منها تسلم األصل المؤجر و كذا المحافظة عليه و صيانته فهي في األصل التزامات يقوم
بها صاحب الملكية ،و لكن خصوصية هذا العقد ال تفرض منه ذلك .
فتكريس المشرع الجزائري في األمر رقم 09/96حماية للمؤجر التمويلي تكون منذ بداية
العقد إلى نهايته .
و على هذا األساس فإشكالية بحثنا تتمحور حول :ما مكانة مبدأ سلطان اإلرادة في عقد
االعتماد اإليجاري ؟
- 4حسب معيار المحاسبة األمريكي ، FASBفي المعيار رقم : 13اتفاق بين المؤجر و المستأجر ينقل بموجبه المستأجر
حق ملكية أصل معين يمتلكه المؤجر لفترة محدودة و مقابل مبلغ يدفعه المستأجر دوريا و يسمى بالقيمة اإليجارية .أنظر
في ذلك:
Statment of Financial Accounting , standards N . 13 ( Accounting of leases ) , 1976 , P 01 .
www.fasb.org/qdf/fas13p .
-5أنظر المادة األولى من األمر رقم ، 09/96يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق.
3
مقدمـــــــة
4
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
يعد العقد أهم وسيلة إلجراء المعامالت أو التصرفات القانونية و له أهمية في النشاط االقتصادي و
االجتماعي واإلنساني ،فإذا كان العقد يبنى أساسا على اإلرادة و ما تتمتع به من سلطان فهذا يعني
أن اإلرادة هي صاحبة السلطان األكبر في إنشاء العقود ،لكن انعكس تطبيق هذا المبدأ على الواقع
االجتماعي و ذلك على حساب العوامل االقتصادية التي أدت إلى انتصار روح المذاهب االشتراكية
،فهذه العوامل بعد أن تطورت وقامت في وجه المذاهب الفردية أدت إلى اختالل التوازن بين
القوات االقتصادية التي من شأنها أن تنتقص من مبدأ سلطان اإلرادة فيكون هذا األخير قد قام على
أساس اقتصادي و انتكس متأثرا بعوامل اقتصادية ،ولهذا سوف نستهل دراستنا باإلرادة المشتركة
أساس إبرام العقد ( المبحث األول ) .
و إذا ما أردنا تسليط الضوء على عقد االعتماد اإليجاري فيما يخص فاعلية هذا المبدأ من
عدمه في تكوين هذا العقد ،فنجد أن نظامه القانوني له طابعه الخاص الذي ينفرد به عن باقي
العقود األخرى و هذا يظهر جليا بالنظر إلى أركان و شروط إبرام هذا العقد وكذا عناصره ،فنجد
فيه المؤجر التمويلي يفرض بنود في العقد لمصلحته و هذا ما يجعله في مركز القوي و المسيطر
على أحكام العقد ،حتى أن هذا التأثير يذهب إلى أبعد من ذلك إذ يؤدي إلى اختالل التوازن
اإلجمالي للعملية نظرا الستغالل هذا المؤجر التمويلي لألحكام التي تناسبه و ترك ما ال يناسبه ،و
لهذا سوف نطرح التساؤل التالي هل تكون اإلرادة المشتركة أساس إبرام عقد االعتماد اإليجاري ؟
( المبحث الثاني) .
المبحث األول
اإلرادة المشتركة أساس إبرام العقود
إن أساس إبرام العقد هي اإلرادة المشتركة لطرفيه وهذا ما يعني أن الركيزة األساسية في تكوين
العقد هي اإلرادة أي تراضي المتعاقدين ،أي األخذ بمبدأ سلطان اإلرادة الذي يعد من نتائج المذهب
الفردي ،فيعتبر هذا المذهب أن الهدف من تنظيم المجتمع هو حماية الفرد و تحقيق مصلحته
الخاصة ،طالما كان الفرد حرا في تحقيق هذه المصلحة فإن إرادته تكون كذلك ،و أن هذه اإلرادة
الحرة وحدها هي التي تملك إنشاء العقد وتحديد أثاره ،و في هذا الصدد سنتناول فاعلية مبدأ
سلطان اإلرادة في العقود ( المطلب األول ) .
6
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
خالفا للمذهب الفردي ظهر المذهب الجماعي وهو الذي يقتضي منع تسلط الطرف القوي في
التعاقد على الطرف الضعيف ،ومنع األفراد من االتفاق أو التعاقد على ما يخالف النظام العام
واآلداب العامة ،فندرس في هذا الصدد كيف يكون انكماش هذا المبدأ كمصدر لاللتزام
(المطلب الثاني) .
المطلب األول
فاعلية مبدأ سلطان اإلرادة في العقود
إذا كان العقد يبنى أساسا على اإلرادة و ما تتمتع به من سلطان فإن ذلك يعد ترجمة لمبدأ سلطان
اإلرادة ،فلهذه األخيرة الحق في إنشاء ما تشاء من العقود غير متقيدة في ذلك بأنواع العقود التي
نظمها المشرع في القانون المدني ،ومن أهم األسس التي يقوم عليها مبدأ سلطان اإلدارة هي حرية
الشخص في التعاقد و في تحديد اآلثار المترتبة على العقد .
الفرع األول
مظاهر تكريس حرية اإلرادة في الفترة السابقة على التعاقد
تعد هذه الفترة استكشافية تحدد فيها التزامات و حقوق طرفي العقد ،من خالل تكريس
الحرية في اللجوء إلى التفاوض الذي يعتبر من أهم مراحل العقد إذ يتقرر فيها مصير العقد ،في
حين قد يرى المتعاقد ضرورة اللجوء إلى التعاقد فيتعاقد ،أو يرى العكس فال يتعاقد.6
البدو ،محمد صديق عبد هللا " ،أثر موضوعية اإلرادة التعاقدية في مرحلة المفاوضات " ،مجلة
ّ -6أكرم محمود حسين
الرافدين للحقوق ،جامعة الموصل ،عدد ، 49العراق ، 2011 ،ص .405
-7نسير رفيق ،نظرية التصرف القانوني الثالثي ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم ،تخصص القانون ،
كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ، 2014 ،ص .200
7
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
لقد اتضحت أهمية المفاوضات من خالل أنها تعد تجسيدا لمبدأ سلطان اإلرادة بوجهيه السلبي
واإليجابي ،فإذا خلصت هذه المفاوضات إلى إبرام صفقة تجسد هذا المبدأ بجالء في القوة الملزمة
للعقد عمال بالقاعدة الشهيرة العقد شريعة المتعاقدين.8
تمر مرحلة المفاوضات عبر ثالثة مراحل أساسية فتبدأ األولى في الدعوى إلى التعاقد و الثانية
يتم فيها التدبير و تعتبر من أهم و أدق المراحل أما المرحلة األخيرة فتتمثل في مرحلة صياغة
اإليجاب. 9
ثانيا :تكريس حرية إرادة المتعاقدين في التعاقد :
إن أساس التعاقد هو حرية إرادة المتعاقدين إذ لهما حق المنافشة و الجدل فيما يتفقان عليه
و متى تم االتفاق أصبح العقد حجة على الطرفين ،و على ذلك فحرية التعاقد هي التي تملي على
الطرفين قانون العقد ، 10غير أنه حتى تكون هناك حرية حقيقية في إبرام التصرفات القانونية يجب
أن تكون هناك مساواة في المراكز االقتصادية ،و تشتمل حرية التعاقد على جملة من الحريات و
هي حرية الفرد في التعاقد أو في امتناعه عن التعاقد ، 11باإلضافة إلى ذلك فللفرد الحرية في
اختيار المتعاقد اآلخر ،حيث يفضل التعاقد في بعض األحيان مع شخص معين بالذات ،فيمتنع
التعاقد مع غيره ذلك ألن مصلحته تتحقق أكثر مع هذا الشخص بالمقارنة مع غيره من األشخاص
،و في حالة اختيار األطراف المتعاقدة فهم أحرار في تحديد شروط تعاقدهم و ذلك في حدود النظام
العام و اآلداب العامة ،وأن ال تتجه إرادتهم إلى ما يخالف أحكام العقود التي نظمها القانون وذلك
وفقا لنص المادة 106من القانون المدني الجزائري ، 12غير أنه في بعض األحيان يجبر الشخص
على التعاقد مع شخص معين فتتقيد حرية الشخص في االختيار ،كما يجبر الشخص على التعاقد
بموجب نصوص قانونية مع من خولهم القانون ذلك ،13كما هو الحال في عقد االعتماد اإليجاري
.
الفرع الثاني
-8محمد سعيد أحمد إسماعيل ،فاروق أبو الشامات " ،الطبيعة القانونية لمسؤولية األطراف في مرحلة ما قبل العقد (
دراسة في العقود الدولية نقل التكنولوجيا ) " ،مجلة جامعة دمشق للعلوم الدولية االقتصادية و القانونية ،عدد ، 2
دمشق , 2013 ،ص . 330
-9بلحاج العربي ،اإلطار القانوني للمرحلة السابقة على إبرام العقد في ضوء القانون المدني الجزائري ( ،دراسة مقارنة) ،
دار وائل للنشر ،الجزائر ، 2010 ،ص .38
-10بسام مجيد سليمان ،أكرم محمود حسين ،موضوعية اإلرادة ( دراسة تحليلية ،مقارنة في ضوء إدارة المخاطر
و التشريعات القانونية ) ،تخصص القانون الخاص ،كلية القانون ،جامعة الموصل ،العراق ، 2003 ،ص .92
http //iefedia.com بحث متوافر على الموقع اإللكتروني :
- 11بسام مجيد سليمان ،مرجع نفسه ،ص 94و .95
- 12أنظر المادة 106من األمر رقم ، 58/75مؤرخ في 26سبتمبر ، 1975يتضمن القانون المدني المعدل و
المتمم 6305،ج ر عدد ، 78صادر في 30سبتمبر . 1975
-13خليفاتي عبد الرحمن ،مدى اعتداد القانون الجزائري بمبدأ سلطان اإلرادة في إنشاء العقد و تنفيذه ،مذكرة لنيل شهادة
الماجستير في الحقوق ،جامعة الجزائر ، 1987 ،ص .36
8
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
- 14محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزامات ( مصادر االلتزام ،العقد ،اإلرادة المنفردة)،
دار الهدى للنشر و التوزيع ،الجزائر ، 2012 ،ص . 86
-15المادة 59من األمر رقم ، 58/75يتضمن القانون المدني ،مرجع سابق.
- 16بلحاج العربي ،النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري ( ،التصرف القانوني ،العقد ،و اإلرادة
المنفردة) ،ج ، 1ط ، 5ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ، 2007 ،ص 69و.71
- 17محمد حسنين ،الوجيز في نظرية االلتزام ،المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ،الجزائر ، 1983 ،ص. 31
-18بلحاج العربي ،النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق ،ص .74
-19الفار عبد القادر ،مصادر االلتزام ،مصادر الحق الشخصي في الحق المدني ،دار الثقافة و التوزيع ،عمان ، 2006 ،
ص . 43
- 20جالل علي العدوى ،مصادر االلتزام ،منشأة المعارف ،القاهرة ، 1997 ،ص 86و . 87
9
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
وتجدر اإلشارة إلى أن اقتران اإليجاب بالقبول تعد المرحلة األخيرة لتكوين العقد ليتحدد
بموجب ذلك مكان و زمان إبرامه ،و تكمن أهمية تحديد زمان إبرام العقد في حالة الموت أو فقد
األهلية ،أما أهمية مكان إبرام العقد فيكمن في تحديد المحكمة المختصة بالنظر في النزاع الذي قد
يثور بشأن العقد و هذا ما نص عليه المشرع الجزائري في نصوص المواد 39و 40من قانون
اإلجراءات المدنية و اإلدارية. 21
يمكن القول إذا أن نشوء العقد صحيح بتوافر جميع أركانه يتمتع بقوة ملزمة ،و يجب على
المتعاقدين تنفيذ ما التزما به ،كما قد يرتب العقد آثاره على غير المتعاقدين كالخلف العام
-21المواد 39و 40من القانون رقم ، 09/08مؤرخ في 25فيفري ، 2008يتضمن ق إ م إ ،ج ر عدد ، 21صادر
في 23أفريل .2008
-22أبو السعود رمضان ،مصادر االلتزام ،د د ن ،مصر ، 2007 ،ص .195
-23عالق عبد القادر ،أساس القوة الملزمة للعقد وحدودها ( دراسة مقارنة ) ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،
تخصص القانون الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة أبو بكر بلقايد ،تلمسان ، 2008 ،ص . 8وأنظر أيضا :عبد الجواد
مصطفى ،مصادر االلتزام ،المصادر اإلرادية لاللتزام ( نظرية العقد و اإلرادة المنفردة ) ،دار الكتب القانونية ،مصر،
، 2005ص .81
-24محمد عدنان باقر " ،قواعد األخالق في تحديد مضمون العقد " ،مجلة جامعة بابل للعلوم اإلنسانية ،كلية القانون ،
جامعة بابل ،عدد ، 4العراق ، 2014 ،ص .777
- 25مصطفى محمد الجمال ،السعي إلى التعاقد في القانون المقارن ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان ،د س ن،
ص 193و .194
- 26السنهوري عبد الرزاق ،الوسيط في شرح القانون المدني ،مصادر االلتزام ،ج ، 1منشورات الحلبي الحقوقية ،
لبنان ، 1998 ،ص . 671
10
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
والخاص ،فالنوع األول هو من يخلف الشخص في ذمته المالية بما يشمله من حقوق و التزامات ،
كالورثة و الموصى له ،و يتبين من خالل نص المادة 108من القانون المدني الجزائري أن الخلف
العام تنصرف إليه آثار العقد كقاعدة عامة ،و هذا يعني أن الحقوق و االلتزامات التي ينشئها العقد
تنتقل إلى الوارث بعد موت المورث المتعاقد.27
أما النوع الثاني فهو الخلف الخاص الذي ينتقل إليه حق من الحقوق سواء كان هذا الحق
عينيا أو شخصيا كالمشتري الذي يخلف البائع في المبيع وهذا استخالفا في حق عيني واقع على
عين معينة و ذلك وفقا لنص المادة 109من القانون المدني الجزائري ، 28كما يمكن أن تنصرف
آثار العقد إلى الغير في صورة التعهد عن الغير أو في صورة االشتراط لمصلحة الغير.
المطلب الثاني
انكماش مفعول مبدأ سلطان اإلرادة كمصدر لاللتزام
بعد ما كان لمبدأ سلطان اإلرادة فاعلية في إبرام العقد و كان صاحب السلطان األكبر في
تحديد آثاره الذي نادى بها المذهب الفردي ،إال أن مفعوله تراجع و انتكس في نهاية القرن التاسع
عشر و بداية القرن العشرين ،و هذا بفعل تطور الظروف االقتصادية و االجتماعية مما أدى إلى
ظهور المذهب االجتماعي الذي قيّد الحرية االقتصادية و الذي يرى االعتداد بمصلحة الجماعة قبل
مصلحة الفرد ،حيث أصبحت الدولة تتدخل لتنظيم العقد بفرض قيود على اإلرادة التعاقدية حيث
اتسعت دائرة النصوص اآلمرة التي ال يجوز االتفاق على مخالفتها لحماية النظام العام و اآلداب في
المجتمع و من ثم فهي تخرج عن الدائرة التي تنطلق فيها حرية اإلرادة ،و عليه فلم يعد مبدأ
سلطان اإلرادة مبدأ مطلق كما كان في السابق .
الفرع األول
تقييد اإلرادة بفعل تدخل المشرع
لقد أدى التدخل التشريعي إلى تقييد اإلرادة في إنشاء التصرفات القانونية لغايات تحقيق
التوازن و ذلك بموجب القواعد اآلمرة التي ال يجوز االتفاق على مخالفتها ،و يمنع على األطراف
المساس بها هذا لكونها وثيقة الصلة بالنظام العام ،فإذا تجاوزها المتعاقدان فقد عرضا عقدهما
للبطالن.29
و من التطبيقات التي توضح القيود التي يفرضها المشرع على المتعاقدين أثناء إبرام العقد ،
و التي ال يكون فيها المتعاقد حرا في اختيار المتعاقد اآلخر ،أنه يلزم بالتعاقد مع شخص آخر أو
- 27أنظر المادة 180من األمر رقم ، 58 / 75يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق.
-28أنظر المادة 109من األمر رقم ، 58 / 75يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع نفسه.
-65أنظر المادة 135من األمر رقم ، 58 /75يتضمن ق م ج ،مرجع سابق.
11
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
جهة معينة من السلطة العامة و مثال على ذلك عقد االعتماد االيجاري حيث ألزم المشرع
الجزائري أن يكون المؤجر التمويلي عبارة عن مؤسسة مالية أو شركة تأجير مؤهلة قانونا و
معتمدة صراحة و ذلك وفقا لنص المادة 1من األمر رقم 09/96يتعلق باالعتماد اإليجاري ،كما
أن تدخل المشرع في تحديد مضمون العقد قد يكون مباشرا عندما يصدر نصوص آمرة يحتم على
المتعاقدين مراعاتها ،و قد يكون غير مباشرا عندما يخول المشرع للقاضي صالحية التدخل في
العقد بالتعديل أو بإلغاء بعض الشروط و االلتزامات أو إعادة التوازن االقتصادي بين المتعاقدين .
فبعد أن عرف مبدأ سلطان اإلرادة ازدهارا خالل القرن 18و ، 19بدأ بعد ذلك الخروج عن
هذا المبدأ يتزايد في العصر الحديث على إثر التطورات الصناعية ،ليصبح بعد ذلك المشرع
يتدخل في التصرفات القانونية ،فأصبحت بذلك الدولة تسيطر على النظام االقتصادي مما أدى إلى
اضمحالل هذا المبدأ ، 30حيث كان لظهور المذهب االجتماعي أثر كبير نحو االعتداد بمصالح
الجماعة قبل مصلحة الفرد ،و تدخلت الدولة في الكثير من العقود التي يكون فيها أحد األطراف
ضعيفا في مواجهة الطرف اآلخر القوي ، 31و ذلك بواسطة قواعد قانونية آمرة لحماية الطرف
الضعيف في العقد و هذه القواعد تلزم األطراف تحت طائلة العقوبة عند اإلخالل بها.
أصبح المجتمع هو مصدر حقوق الفرد وواجباته ،و قد فرض المتعاقد واجبات نحو المتعاقد
اآلخر ، 32كما أن اإلجبار و المنع من التعاقد قيد وارد على حرية اإلرادة ،فإذا كان األصل في
العقود أنها ظاهرة إرادية تعبر عن حرية االختيار ،من حيث أن الشخص حر في أن يتعاقد متى
يشاء ومع من أراد ،و له أيضا أن يمتنع عن التعاقد ،إال أنه بفعل التطورات االقتصادية و
االجتماعية وجد نفسه مجبرا على التعاقد و في ذلك حد من حريته ،33و يظهر ذلك في تقييد المشرع
لمبدأ حرية التجارة و الصناعة ،فالدولة تتدخل بفرض قيود على حرية العون االقتصادي بتحديد
أسعار السلع و الخدمات ،هذا ما تنص عليه المادة 5من األمر رقم 03/03يتعلق بالمنافسة " :
يمكن تقنين أسعار السلع و الخدمات التي تعتبرها الدولة ذات طابع استراتيجي عن طريق التنظيم
بعد أخذ رأي مجلس المنافسة".34
فلقد أدى تحكم الدولة في الميدان االقتصادي إلى تدخلها في المعامالت التعاقدية لمنع الطرف
القوي من التسلط على الطرف الضعيف وذلك من أجل تحقيق التوازن ، 35وبعد انتكاس المبادئ
التي وضعها المذهب الفردي سارت أنظمة و قوانين الدول التي ترى االعتداد بمصلحة الجماعة
-30فياللي علي ،االلتزامات ،النظرية العامة للعقد ،ط ، 2موفم للنشر و التوزيع ،الجزائر ، 2000 ،ص . 48
-31خليفاتي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص 24و .25
-32فياللي علي ،مرجع سابق ،ص .51
-33حمدي محمد إسماعيل سلطح ،القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة في العقود المدنية (دراسة مقارنة بالفقه
اإلسالمي) ،دار الفكر الجامعي للنشر ،مصر ، 2007 ،ص .58
-34المادة 5من القانون رقم ، 03/03مؤرخ في 19جويلية 2003يتعلق بالمنافسة ،معدل و متمم بالقانون رقم ، 12/08
مؤرخ في 25جويلية ، 2008ج ر عدد ، 36صادر في 02جويلية .2008
-35حليس لخضر ،اإلرادة بين الحرية و التقييد ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،كلية الحقوق ،جامعة
الجزائر ، 2011 ،ص .49
12
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
قبل مصلحة الفرد ،فظهر المذهب الجماعي بتصور جديد الذي يربط الفرد بالمجتمع و ذلك بوضع
مبادئ و تصورات جديدة قوامها تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع ،بتغليب المصلحة العامة عن
المصلحة الخاصة ،وضرورة تقييد حقوق األفراد و ربطها بالمصلحة االجتماعية و التي يسعى
القانون إلى تحقيقها. 36
الفرع الثاني
اإلرادة محدودة بقيود النظام العام و اآلداب العامة
إن المتمعن في نصوص القانون المدني الجزائري يجد المشرع قد أورد قيود على حرية
التعاقد و ذلك تحقيقا للمصلحة العامة و يظهر ذلك في مقتضيات النظام العام وضرورة إفراغ بعض
العقود في شكلية معينة ،كالكتابة الرسمية و احترام قواعد الشهر ،فاشتراط الكتابة إلثبات بعض
ال تصرفات ،و يظهر الفرق بين الشكلية و قواعد اإلثبات ،في أن الكتابة عبارة عن شكلية مطلوبة
لالنعقاد ،يترتب البطالن في حالة تخلفها ،أما اإلثبات فهو يرد على تصرف موجود قانونا ،و
عليه إذا تخلف وجود التصرف لتخلف ركن الشكلية و المتمثل في الكتابة فيتعذر إثباته.37
إن األخذ بمبدأ سلطان اإلرادة يترتب عليه نتيجتين و هما :أن اإلرادة وحدها كافية إلنشاء
العقد أو التصرف القانوني بوجه عام و هذه هي قاعدة الرضائية ،و الثانية أن اإلرادة حرة في
تعيين و في تحديد اآلثار المترتبة على العقد أو التصرف ، 38غير أن هاتين النتيجتين ال يعمل بهما
بصفة مطلقة و هذا هو األمر الذي جعل المشرع الجزائري يفرض بعض القواعد اآلمرة يمنع
على األفراد الخروج عنها و ذلك بغرض حماية المصلحة العليا للمجتمع ، 39وعليه فإذا أراد
األفراد أن ينشئوا عقودا فوجب أن يتم ذلك في إطار النظام العام و اآلداب العامة ،وعليه
فااللتزامات التعاقدية محدودة بقيود النظام العام و اآلداب العامة ، 40فإن النظام العام بالمعنى
الواسع الذي حدده الفقه و القضاء رغم عدم االتفاق على مفهوم واحد ينصرف إلى األسس و
المفاهيم و العقائد السائدة التي يقوم عليها المجتمع سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية و
كلها قابلة للتطور بحسب ظروف الزمان و المكان ،41ففكرة النظام العام قد تطورت بفعل تطور
- 36ماجد حسين ،المفهوم القانوني لمبدأ سلطان اإلرادة و القيود الواردة عليه ،فلسطين . 2017،مأخوذ من الموقع :
www.pulpit.alwatanvoice.com
- 37رائد زيدات ،سلطة القاضي في إدارة الخصومة المدنية في قانون أصول المحاكمات المدنية و التجارية
الفلسطيني ( دراسة مقارنة ) ،رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،كلية الحقوق و اإلدارة العامة ،جامعة
بيرزيت ،فلسطين ، 2013 ،ص .14
- 38خليل أحمد حسن قداده ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ( مصادر االلتزام ) ،ج ،1ديوان المطبوعات
الجامعية ،الجزائر ، 1994 ،ص .17
-39حمدي محمد إسماعيل سلطح ،مرجع سابق ،ص . 202أنظر أيضا السنهوري عبد الرزاق ،نظرية العقد ،ط
، 2منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ، 1998 ،ص .110
-40السنهوري عبد الرزاق ،مرجع نفسه ،ص .110
-41خريسات مالك هاني ،حماية النظام العام مسؤولية مشتركة بين المحافظ و األمن العام ،مركز اإلعالم األمني ،د ب ،د
س ،ص . 2مأخوذ من الموقع www.policem.gov :
13
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
المجتمع فأصبح النظام العام الحديث إيجابيا يفرض التزامات على األطراف المتعاقدة ،فأصبع
يحل محل المتعاقدين في تحديد مضمون العقد.42
فتكون جميع القواعد المتعلقة بالنظام العام قواعد آمرة ال يجوز مخالفتها و قد نصت المادة
93من القانون المدني الجزائري على ما يلي " :إذا كان محل االلتزام مستحيال أو مخالفا للنظام
العام أو اآلداب العامة كان باطال بطالنا مطلقا " .يظهر هنا بوضوح تجسيد المشرع لمقتضيات
النظام العام ،و اشتراط عدم مخالفة أركان العقد للنظام العام ،و نص المادة 97من نفس القانون
التي تنص " :إذا التزم المتعاقد لسبب غير مشروع أو لسبب مخالف للنظام العام أو لآلداب العامة
كان العقد باطال " ،يظهر من خالل هذا النص أنه نفس الشيء بالنسبة للسبب ،و الذي ينبغي
بدوره أن يكون مشروعا و غير مخالف للنظام العام و اآلداب العامة و إال كان باطال ، 43و لعل من
أهم االتفاقات المخالفة لآلداب العامة هي الدعارة فيعتبر كل اتفاق متعلق باستغالل بيوت الدعارة
اتفاق باطل. 44
الفرع الثالث
السلطة التقديرية للقاضي في تحديد و مراجعة مضمون العقد
إن سلطة القاضي في التقدير تمتد لتشمل فروع القانون كافة و تحديدا في القانون المدني تكاد
تكون أوسع عما عليه من فروع القانون األخرى ،و نجد أن معظم القوانين المدنية منحت سلطات
تقديرية واسعة في مجال القانون المدني كافة السيما في المجال التعاقدي .
أصبح القاضي يتدخل في العقد و هذا كلما وجد ميزان العقد مختال ليعيد بذلك توازنها
وعدالتها ،و ذلك عن طريق منحه سلطة واسعة لمراقبة العقد بدءا من مرحلة إنعاقده إلى غاية
مرحلة تنفيذه 2و عليه فالسلطة التقديرية هي إمكانية يمنحها المشرع للقاضي من أجل مواكبة الواقع
المتحرك أمام ثبات النص القانوني ، 45فالبنسبة للسلطة التقديرية للقاضي في تحديد العقد فإن من
أبرز مظاهر تدخله و ممارسة سلطته ،الحالة التي يكون فيها عدم التوازن في التزامات طرفي
العقد ،و ذلك عندما يكون االختالل ناتج عن غبن أو استغالل ،وهذا ما جعل المشرع يمنح السلطة
التقديرية للقاضي بأن يتدخل في ظروف معينة لتحديد العقد وفقا لمقتضيات العدالة.46
- 42نبيل ابراهيم سعد ،النظرية العامة لاللتزام ،مصادر االلتزام ،ج ، 1د د ن ،مصر ، 2007 ،ص .43
-43المواد 93و 97من األمر ، 58 /75يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق.
-44حمدي محمد إسماعيل سلطح ،مرجع سابق ،ص . 215و أنظر أيضا السنهوري عبد الرزاق ،الوسيط في شرح
القانون المدني ،مرجع سابق ،ص .366
- 45خير الدين كاظم اآلمين " ،سلطة القاضي في القانون الدولي الخاص " ،مجلة جامعة بابل للعلوم اإلنسانية ،كلية
القانون ،جامعة بابل ،عدد ، 2العراق ، 2008 ،ص .865
- 46آيت ساحد كهينة ،اختالل توازن االلتزامات في عقد االعتماد االيجاري ،أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في
العلوم ،تخصص القانون ،كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ، 2016 ،ص .264
14
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
فال يتصور الغبن إال في عقود المعاوضة أو العقود االحتمالية ، 47فهو إذا عبارة عن اختالل
الت وازن االقتصادي في عقد المعاوضة ،نتيجة عدم التعادل بين ما يأخذه كل عاقد فيه و ما يعطيه ،
فهو الخسارة التي تلحق بأحد المتعاقدين في ذلك العقد ،أما االستغالل فهو عبارة عن استغالل أحد
المتعاقدين لحالة الضعف التي يوجد فيها المتعاقد اآلخر للحصول على مزايا ال تقابلها منفعة لهذا
األخير ،مما يؤدي إلى عدم التعادل الفادح بين ما يعطيه المتعاقد و ما يأخذه.48
أما بالنسبة لعقد اإلذعان نتيجة التطور االقتصادي و االجتماعي الذي مس المجتمعات أين
يستبعد فيها أيّة مناقشة أو مساومة في شروطها ،و ينفرد فيها أحد الطرفين بوضع شروط العقد ،و
ال يكون في وسع الطرف اآلخر إال قبول العقد جملة ،أو رفضه جملة ،و هذا ليس إال نتيجة
لالمساواة القائمة بين الطرفين ،حيث نجد طرف قوي اقتصاديا ينفرد بوضع قانون العقد على
طرف تنحصر حريته في قبول أو رفض العقد .49و هذا ما نجده في عقد االعتماد االيجاري أين
يكون المؤجر التمويلي إما بنكا أو مؤسسة مالية ،فإن هذا األخير يستغل مركزه القوي فيضع
شروط العقد بمفرده ،و ما على المتعاقد سوى قبولها و غالبا ما تفرض عليه شروط تضر
بمصلحته دون أن يكون له الحق في تعديلها.50
و تجدر اإلشارة إلى سلطة القاضي في تفسير العقد و الذي يكون في أحوال معينة يتضمن
عبارات واضحة يطبقها القاضي كما وردت في العقد ،لكن في بعض األحيان قد يكتنفها الغموض
مما يتطلب تفسيره بهدف الوصول إلى النية المشتركة و من ثمة معرفة المعنى الحقيقي الذي
اتجهت إليه. 51
يتمتع القاضي أيضا بسلطة مراجعة مضمون العقد فإذا كان األصل العقد شريعة المتعاقدين
حيث أنه بمجرد إنشائه صحيحا التزم أطرافه بتنفيذه بجميع ما اشتمل عليه ،فال يجوز نقضه و ال
تعديله إال باتفاق الطرفين ،كما ال يجوز للقاضي أن يتدخل لتعديل العقد ، 52لكن يمكن للقاضي في
حالة عدم تعادل التزامات الطرفين مراجعة مضمون العقد إذا طرأت حوادث استثنائية ،53و من بين
هذه الحوادث نجد الظروف الطارئة و التي تعرف على أنها الحالة االستثنائية التي يطرأ فيها بعد
إبرام العقد و قبل تنفيذه حادث لم يكن متوقع ،من شأنه أن يؤدي إلى اختالل التوازن بين التزامات
الطرفين اختالال فادحا ،إذ يصبح االلتزام الملقى على عاتق المدين مرهقا له إرهاقا شديدا ،و
15
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
يترتب على تنفيذه له خسارة فادحة ،و يجب أن تكون هذه الظروف استثنائية من بينها الفيضان ،
الزلزال ،الحرب. 54
منح المشرع الجزائري للقاضي و خروجا عن مبدأ القوة الملزمة للعقد التدخل في تنفيذ العقد
و إنهائه ،فإذا كان األصل أن للمتعاقدين الحق في أن يقوما بتنفيذ العقد وفقا لما اتفق عليه ،إال أنه
مثال في الوعد بالتعاقد إذا نكل أحد المتعاقدين بعد أن اتفق الطرف اآلخر على إبرام العقد في
المستقبل أن يلجأ إلى القضاء ليحل بذلك حكم القاضي محل العقد ،و في حالة ما إذا لم يقم المدين
الملتزم بالقيام بعمل ،جاز للدائن بعد الحصول على ترخيص من القاضي أن ينفذ االلتزام على نفقة
المدين و ذلك بشرط أن يكون التنفيذ العيني.55
يجب أن يتم الوفاء فور ترتيب االلتزام نهائيا في ذمة المدين غير أنه في بعض األحيان نتيجة
لظروف خاصة قد يحدث أن يختلف المدين عن أداء ما عليه في هذا األجل ،إال أنه يجوز للقضاء
أن يمنح للمدين مدة يستطيع خاللها أن يقوم بتنفيذ التزامه و للقاضي سلطة تقديرية واسعة في تقدير
56
هذه المهلة ،غير أن المادة 281من القانون المدني الجزائري اشترطت أن ال تزيد المدة عن سنة
،أما الحالة المتعلقة بالشرط الجزائي يجوز للمتعاقدين أن يتفقا مقدما على قيمة التعويض و الذي
يستحقه الدائن في حالة إخالل المدين مستقبال في أداء التزاماته ،و إذا أثبت الدائن أن المدين قد
ارتكب غشا أو خطأ جسيما ،و أن الضرر الالحق به أكبر بكثير من قيمة مقدار التعويض المتفق
عليه ،فجاز للقاضي تعديل هذا الشرط عن طريق الزيادة في التعويض المتفق عليه ،كما له سلطة
تخفيضه في حالة ما إذا كان التعويض المتفق عليه مفرطا أو مبالغا فيه ،أو أن االلتزام األصلي قد
نفذ جزء منه ، 57كما للقاضي السلطة التقديرية إلنهاء العقد ،ففي حالة مخالفة أركان العقد للنظام
العام كأن يكون محل العقد أو سببه غير مشروع يتدخل القاضي إلبطاله ، 58أو بناءا على طلب أحد
المتعاقدين و ذلك حسب المادة 561فقرة 3من القانون المدني الجزائري التي تنص " :على أنه إذا
إنهار التوازن االقتصادي بين التزامات كل من رب العمل و المقاول بسبب حوادث استثنائية عامة
لم تكن في الحسبان وقت التعاقد ،و تداعى بذلك األساس الذي قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة
،جاز للقاضي أن يحكم بزيادة األجرة أو بفسخ العقد". 59
من خالل كل ما تطرقنا أليه آنفا نجد أن اإلرادة الحرة لها السلطان األكبر في تكوين العقد،
و أن الفرد له الحرية في التعاقد و إرادته تكفي إلبرام العقد ،غير أن دور اإلرادة تراجع بفعل
التطورات االقتصادية و االجتماعية ،حيث أصبحت تخضع لضوابط و تقييدات قانونية و قضائية،
- 54ياسر باسم ذنون ،رؤى خليل إبراهيم " ،نظرية الظروف الطارئة و أثرها على األحكام القضائية ،دراسة تحليلية
مقارنة " ،مجلة الشريعة و القانون ،كلية القانون ،عدد ، 2014 ، 57ص .181
- 55أنظر المواد 72و 170من األمر رقم ، 58 / 75يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق.
- 56أنظر المواد 281و ، 210من األمر نفسه.
- 57أنظر المواد 183و 184من األمر رقم ، 58 / 57يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق.
- 58أنظر المادة ، 97من األمر نفسه.
- 59أنظر المادة 561ف ، 3من األمر ، 58/75يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق.
16
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
و عليه لم تعد الحرية الفردية مكرسة و لم يعد اإلنسان حر في التعاقد كما لم يعد لإلرادة سلطان
كما كان من قبل خاصة في العقود الجديدة ( عقود األعمال ).
المبحث الثاني
إن االعتماد اإليجاري بوصفه عقدا في األساس كما وصفته التشريعات الجزائرية ،ما دام
كذالك فال يمكنه تخطي أركان العقد طبقا للشريعة العامة ،من تراضي و أهلية و محل و سبب ،و
البد من توافر شروط إرادية تركت لشريعة المتعاقدين ، 60و أخرى إلزامية ال يتوقف وجودها على
إرادة األطراف المتعاقدة بل هي شروط يفرضها القانون من خالل قواعد آمرة في األمر رقم
- 60أنظر المادة 106من األمر رقم 58/75يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق.
17
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
. 09/96
الفرع األول
اقتصار ممارسة نشاط االعتماد اإليجاري على البنوك و المؤسسات المالية و شركات
االعتماد اإليجاري
يقضي األصل العام أن كل شخص يتمتع باألهلية القانونية فيستطيع إبرام التصرفات
القانونية ،كما أنه حر في التعاقد حيث يختار مع من سيتعاقد و حول ماذا سيتعاقد ، 61لكن في عقد
االعتماد اإليجاري فإن المؤجر التمويلي ال يمكن أن يكون إال واحدا من :
أوال :البنوك
إن تعريف التشريع للبنك ورد في المادة 114من األمر رقم 10/90يتعلق بالنقد و القرض
الملغى وتنص :البنوك أشخاص معنوية مهمتها العادية و الرئيسية إجراء العمليات الموضوعة في
المواد 110و ، 113أما بالنسبة لألمر رقم 11/03فقد إقتصر على تعريف البنوك بحسب
موضوعها بقوله "البنوك مخولة دون سواها ،بالقيام بجميع العمليات المبينة في المواد 66إلى 68
أعاله بصفة مهنتها العادية " ، 62والمالحظ من خالل استقراء هذه المواد ،أن من بين هذه العمليات
نجد عمليات االعتماد اإليجاري والتي اعتبرها هذا القانون عملية قرض ، 63و يوجد في الجزائر
ثالث أنواع من البنوك ، 64و من بين البنوك التي تحصلت على ترخيص و هي تزاول في الوقت
الحالي هذا النوع من العمليات المصرفية نذكر بنك البركة و هو شركة مساهمة رأسمالها
250.000.000.000دج خاضعة ألحكام األمر رقم 11/03المتعلق بقانون النقد و القرض و بنك
ناتيكسيس الجزائر و هو شركة مساهمة رأسمالها 3.483.192.636.00دج . 65
-61بلعاوي صفاء عمر خالد ،النواحي القانونية في التأجير التمويلي و تنظيمه الضريبي ،مذكرة لنيل شهادة ماجستير،
تخصص المنازعات الضريبية ،كلية الدراسات العليا ،جامعة النجاح الوطنية ،فلسطين ، 2005 ،ص.103
-62أنظر المادة 70من األمر رقم ، 11/03مؤرخ في 26أوت ، 2003يتعلق بقانون النقد و القرض ،ج ر عدد ،52
صادر في 27أوت .2003 ،
- 63تنص المادة 68ف 2من األمر رقم ، 11/03يتعلق بقانون النقد و القرض على أنه " :تعتبر بمثابة عمليات قرض ،
عمليات اإليجار المقرونة بحق خيار الشراء ،السيما عمليات القرض اإليجاري و تمارس صالحيات المجلس إزاء العمليات
المنصوص عليها في هذه المادة ".
- 64بخيت عيسى ،طبيعة عقد اإليجار التمويلي و حدوده القانونية ( ،دراسة مقارنة ) ،مذكرة لنيل شهادة ماجستير ،
تخصص عقود و مسؤولية ،كلية الحقوق ،جامعة محمد بوقرة ،بومرداس ، 2011 ،ص .54
- 65حوالف عبد الصمد ،اإلطار القانوني لعقد االعتماد اإليجاري ( الليزنغ ) ( ،دراسة مقارنة ) ،مذكرة لنيل شهادة
ماجستير ،تخصص عقود و مسؤولية ،كلية الحقوق ،جامعة أبو بكر بلقايد ،تلمسان ، 2009 ،ص .54
18
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
- 66بن الشيخ هشام ،االعتماد اإليجاري للعقارات ،مذكرة لنيل شهادة ماجستير ،تخصص القانون الخاص ،كلية الحقوق
و العلوم االقتصادية ،جامعة قصدي مرباح ،ورقلة ، 2007 ،ص .34
-67دويدار هاني محمد ،النظام القانوني للتأجير التمويلي ( ،دراسة نقدية في القانون الفرنسي ) ،دار الجديدة للنشر ،مصر
، 1994 ،ص .119
-68نظام رقم 06/96مؤرخ في 23جويلية ، 1966الذي يحدد كيفيات تأسيس شركات االعتماد اإليجاري و شروط
اعتمادها ،ج ر عدد ، 66صادر في 3نوفمبر .1996
-69انظر المادة 2من نظام رقم 06/96يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق.
-70بخيت عيسى ،مرجع سابق ،ص . 59
-71أنظر المادة 83من األمر رقم ، 11/03يتعلق بالنقد و القرض ،مرجع سابق.
-72انظر المادة 76من األمر رقم ، 11/03يتعلق بالنقد و القرض ،مرجع نفسه.
-73انظر المواد 596و ما بعدها من األمر رقم ، 59/75يتضمن ق ت ج ،مؤرخ في 26سبتمبر ، 1975ج ر عدد 101
،معدل و متمم.
- 74بن الشيخ هشام ،مرجع سابق ،ص .36
- 75نظام بنك الجزائر رقم ، 05/92مؤرخ في 22مارس ، 1992يتعلق بالشروط التي يجب أن تتوفر في مؤسسي البنوك
و المؤسسات المالية و مسيريها و ممثليها ،ج ر عدد ، 8صادر بتاريخ 07فيفري .1993
19
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
- 76و هناك عدة شركات أخرى ،مثل "ALC " :أنشئت بمشاركة البنك الخارجي الجزائري و مجموعة البركة ،كذلك
شركة القرض اإليجاري لتمويل قطاع الصيد البحري و الفالحة .
-77نادر عبد العزيز شافي ،عقد الليزنغ ( دراسة مقارنة ) ج ، 1المؤسسات الحديثة للكتاب ،لبنان ،2004 ،ص .97
-78األمر رقم 06/95مؤرخ في 25جانفي ، 1995يتعلق بالمنافسة ،ج ر عدد ، 9صادر بتاريخ 8فيفري ، 1995
(الملغى) .
-79نسير رفيق ،مرجع سابق ،ص .67
80
-SACI DJamila et GUERRI Zahia , Etude de l’opération d’octroi de crédit pour le financement des
investissements , Mémoire de fin de cycle en vu de l’obtention de Master 2 , Spécialité finance et banque ,
Faculté des sciences des gestion , Univ Abderrahmane mira , Bejaia , P 85 .
-81ناصيف إلياس ،العقود الدولية ( :عقد الليزنغ أو عقد اإليجار التمويلي ) ،منشورات الحلبي القانونية ،لبنان ، 2008 ،
ص .145
20
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
موضوع عقد االعتماد اإليجاري ،كما يدلي بحالته المالية حيث يبين موقفه الضريبي ،المعلومات
البنكية ،كما يقدم ميزانية سنوات سابقة على تاريخ الطلب لمعرفة مدى قدرته على تحمل أقساط
اإليجار.82
كما تلزم أيضا الشركة بتقديم بيانات خاصة باالستثمار المراد تمويله كتحديد نوع االستثمار و
هذا بتحديد األصل المراد استئجاره ،لتعينه تعيينا نافيا للجهالة بتحديد طبيعته ،نوعه ،مصدر
إنتاجه كما يحدد اسم البائع ،و موعد التسليم و هي معلومات متوفرة في الفاتورة األولية و التي
يقدمها المورد للمستأجر عند نهاية مرحلة التفاوض ،كما يتوجب على هذا األخير تعيين العمر
االفتراضي لألصل ،و اإلدالء بالمعلومات المتعلقة بنمط استعماله مثال كعدد الساعات المقررة
لالستعمال اليومي ،و حالة الموقع المراد استعمال العتاد فيه و هذا كله من أجل تحديد حجم
اإلهتالك الذي سيتعرض له العتاد. 83
يظهر من كل ما سبق أن كل هذه المعلومات هي التي تعطي المؤجر التمويلي نظرة شاملة
عن الضمان العام الذي يتمتع به المستأجر التمويلي حرصا منه على التأكد من قدرته على أداء
القيمة اإليجارية ،فهو بهذا يخدم مصلحته ،فإذا رأى أن األعباء المالية تثقل كاهل هذا المستأجر
التمويلي أكثر من رقم أعماله ،رفض التعاقد معه خوفا من عجزه على سداد األجرة .
ثانيا :اإليجاب يمكن أن يصدر من قبل المؤجر التمويلي رغم مبادرة التعاقد من المستأجر
يختلف مخطط تالقي اإلرادات في عقد االعتماد اإليجاري عن األحكام المتعارف عليها في
تكوين العقد ،فعادة المستأجر هو الذي يبادر إلى تحقيق عملية االعتماد اإليجاري و هذا بدافع
الحاجة إلى اقتناء عتاد أو تجهيز معين ،فهو يلجأ إلى البائع و يتصرف كأنه هو الذي سيشتري
العتاد ،هذه الحالة جعلت أحد الباحثين يقول أن هناك وكالة بين المؤجر التمويلي و المستأجر
التمويلي ،لكن في هذه المرحلة لم يكن قد اتصل بالشركة المؤجرة بعد فال يمكن أن يكون قد
تحصل على وكالة ،ليتجه بعد ذلك لهذه الشركة ليعرض عليها إبرام العقد و لم يتخذ على عاتقه أي
تعهد في مواجهة البائع ،و عليه فال يمكن أن يعتبر إيجاب بل مجرد دعوة إلى التعاقد ،و اإليجاب
يقدم من المؤجر في حال قبوله لهذه الدعوة إلى التعاقد و يحدد فيه كل المسائل الجوهرية للتعاقد .
و تجدر اإلشارة إلى أن المستأجر قد ال يتجه إلى المؤجر إال بعد قيامه بتوصية شراء العتاد
مصحوبة بتحفظ ،المتعلق بشرط قبول المؤجر التعاقد مع المستأجر فبهذا هل يسقط هذا التحفظ
صفة اإليجاب من هذا التعبير عن اإلرادة أم ال ؟ ،بما أن التحفظ الذي يبديه المستأجر ال يتوقف
على إرادته المحضة بل على إرادة المؤجر فإن التوصية بالشراء تعتبر إيجابا و هي تعهد مقترن
بشرط فاسخ .
21
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
فيمكن القول أن المستأجر التمويلي ال يعرض إيجابا للمؤجر التمويلي ألنه ال يمكن أن
يحتوي على جميع العناصر الجوهرية لعقد االعتماد اإليجاري حتى يكون صحيحا لتكييفه على
أساس أنه إيجاب ،فالمؤجر التمويلي هو الذي يحدد قيمة اإليجارات ،مدة اإليجار ،حتى ثمن
التنازل عن الملكية حتى و لو كان المستأجر التمويلي هو الذي يحدد العين المؤجرة.84
و يمكن أن يأخذ اإليجاب طرقا أخرى ،فقد يوجه من الممول إلى المستفيد فيعرض األول
على الثاني تمويل شراء المعدات التي يحتاجها مقابل أقساط محددة بعد أن يكون الممول اتفق من
قبل مع البائع ،و في بعض األحيان األخرى يمكن أن يتجه البائع إلى المستفيد و يعرض عليه
اللجوء إلى عملية التأجير التمويلي ،أو يتجه مباشرة إلى الممول ليقنعه بتمويل شراء المال لصالح
المستفيد ،و كل هذه األمور تنعكس بدورها على التزامات الطرفين ،وفي الواقع العملي فإن
المؤجر دائما ما يسعى إلى التخلص من كل هذه االلتزامات و يلقي بها على عاتق المستأجر. 85
مادام عقد االعتماد اإليجاري من العقود الرضائية ،فكيف يمكن تفسير انفراد المؤجر
التمويلي بوضع عقود نموذجية المبينة فيها كل العناصر الجوهرية للعقد و بنوده ،و ما على
المستأجر التمويلي إال قبولها إلبرام العقد ،أو رفضها ليرفض المؤجر التمويلي بدوره التمويل .
فأين هو إذن ركن الرضا ؟ هل فقد أهميته ؟
الفرع الثالث
األموال المؤجرة يقتصر استغاللها لحاجيات إنتاجية
إن محل العقد في االعتماد اإليجاري له طابعه الخاص و هو الذي يساهم في تأكيد
خصوصيته ،حيث أنه إلى جانب الشروط التي حددتها القواعد العامة التي توجب أن يكون
الموضوع معينا تعيينا كافيا ونافيا للجهالة و ممكنا و مباحا و أن يكون موجودا عند إبرام العقد،86
حيث أنه يتعين أن يكون األصل محل عقد االعتماد اإليجاري لألصول المنقولة من عتاد التجهيز و
بصفة عامة تكون عبارة عن آالت و أدوات ،و تجهيزات ،تحتاجها المشاريع التجارية و
الصناعية و الحرفية ،إما للبدء في نشاط ما و إما لتجديد معداتها ، 87و فيما يخص األصول غير
المنقولة و التي عرفتها المادة 4من األمر رقم 09/96فقد حددها المشرع الجزائري في األصول
الثابتة المهنية التي قد اشتراها المؤجر أو بنيت لحسابه ،و نفس الشيء بالنسبة لتأجير المحالت
التجارية و المؤسسات الحرفية مع توفر شرط انعدام إمكانية المستأجر التمويلي في إعادة تأجير
المحل التجاري أو المؤسسة الحرفية لمالكها األول و هذا ما جاءت به المادة 9من األمر السالف
الذكر.88
إن توفر صفة العون االقتصادي ال يعد سببا كافيا للقول بتوفر الصفة القانونية للمستأجر
ضمن عقد االعتماد اإليجاري فإن المادة 1/ 3من القانون رقم 02/04المحدد للقواعد المطبقة على
22
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
الممارسات التجارية المعدل و المتمم ،89تحمل شرطين جامعين من حيث تطبيقهما فإنه ال يكفي
توفر صفة التاجر أو الحرفي أو المنتج أو ،بل يجب أن ترتبط هذه الصفة بممارسة نشاط مهني
اعتيادي ،أما الشخص المعنوي يكون في إطار تحقيق الغاية التي تأسست من أجلها. 90
الفرع الرابع
صعوبة فحص مشروعية دافع إبرام العقد
يكون الدافع إلى التعاقد في عقد االعتماد اإليجاري الذي تتجه إليه إرادة األطراف ركنا
النعقاده ،لذا فإن انعدامه أو مخالفته لقواعد النظام العام يؤدي إلى بطالنه ، 91و السبب في عقد
االعتماد اإليجاري اتجاه إرادة المشروع المستفيد إلى الحصول على ما يحتاج إليه مشروعه من
أصول عقارية ،تعجز موارده الذاتية عن شرائها أو عدم رغبته في تجميد رأسمال كبير كثمن
لشرائها فهو دفع مشروع ،أما من جهة المؤجر التمويلي فاللجوء إلى مثل هذه العقود قصد
استثمار أموال في شراء ما يحتاجه أصحاب المشاريع و تأجيرها لهم و قبض اإليجارات ،فالسبب
يبدو مشروع ، 92أما عن المورد أو المنتج فسببه في عملية االعتماد اإليجاري هو إلزام المشتري
بدفع ثمن شراء األصول المشتراة . 93فهذا ما يبين تشابك األسباب في عملية االعتماد اإليجاري
الذي يؤدي إلى صعوبة فحص مشروعيتها ،وهذا ما يهدر حقوق المستأجر التمويلي و كذا المؤجر
التمويلي .
فقد وضع مشرعنا آليات لمراقبة مشروعية سبب التعاقد في كل قرض من خالل آليتين
أولهما مركزية المخاطر و هو واجب على جميع البنوك والمؤسسات المالية و ذلك منذ 1992
بخصوص القروض إجماال و االعتماد اإليجاري خصوصا ، 94و قد ألزم مركزية المخاطر بجمع
أسماء المستفيدين من القروض ،و طبيعتها و سقفها و المبالغ المسحوبة و مبالغ القروض غير
المسددة و الضمانات المعطاة لكل قرض من جميع البنوك و المؤسسات المالية ،و هذا ما يجعل
من مركزية المخاطر طريقة لمراقبة سبب التعاقد. 95
كما وضع آلية أخرى و هي واجب اإلخطار بالشبهة و قد جاء طبقا لمقتضيات القانون رقم
-89القانون رقم ، 02/04مؤرخ في 03جويلية ، 2004يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،ج ر عدد ،41
صادر في 27جويلية .2004
-90حسني صالح الدين ،شروط تكوين عقد االعتماد اإليجاري ( ،دراسة مقارنة ) ،مذكرة لنيل شهادة ماجستير ،
تخصص قانون األعمال المقارن ،كلية الحقوق ،جامعة وهران ، 2012 ،ص .103
-91حرة عماد ،دور عقد االعتماد اإليجاري في االستثمار العقاري وفقا للقانون الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة ماستر في
الحقوق ،تخصص قانون األعمال ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة الشهيد حمه لخضر ،الوادي ، 2015 ،ص
.12
-92بن بريح آمال ،مرجع سابق ،ص 113و .114
-93أنظر المادة 02من النظام رقم ، 01/92مؤرخ في 22مارس ، 1992يتضمن تنظيم مركزية األخطار و عملها ،ج ر
عدد ، 08صادر في 07فيفري .1993
-94أنظر المادة 98من األمر رقم ، 11/03يتضمن النقد و القرض ،مرجع سابق.
-95أنظر ،القانون رقم 01/05مؤرخ في 06فيفري ، 2006يتعلق بالوقاية من تبييض األموال و تمويل اإلرهاب و
مكافحتهما ،ج ر عدد ، 11صادر في 09فيفري .2005
23
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
01/05المتعلق بالوقاية من تبييض األموال و تمويل اإلرهاب و مكافحتهما ، 96و بموجبه صدر
النظام رقم 05/05المتعلق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب و مكافحتهما فهذا الواجب
حسب المادة 10من هذا النظام يشمل ..." :العمليات التي تبدو أنها ال تستند إلى مبرر اقتصادي أو
تجاري يمكن إدراكه ...التي تتم في ظروف من التعقيد غير عادية أو غير مبررة ...التي يبدو أنها
ال تستند على محل مشروع "...و هو يخص كل مؤسسات القرض و يتعلق بإبالغ خلية معالجة
االستعالم المالي قبليا أو بعديا عن مجرد وجود شبهة بخصوص أية عملية تتعلق بأموال يشتبه أنها
متحصلة من جناية أو جنحة.97
الفرع الخامس
الكتابة استثناء لمبدأ الرضائية
تنعقد العقود الرضائية في األصل بمجرد تراضي طرفي العقد دون الحاجة إلى شكل معين و
المعلوم أن عقد االعتماد اإليجاري من العقود الرضائية ،إال أن العرف قد جرى على كتابة هذا
العقد تمهيدا التخاذ إجراءات شهره حتى يحتج به على الغير ، 98فقد اعتبر المشرع الجزائري هذا
العقد شكلي و تكون الشكلية فيه لالنعقاد و ليس لإلثبات ،و نفس الشيء بالنسبة إليجار المحالت
التجارية و المؤسسات الحرفية ،و هذا ما أكدته نص المادة 10من األمر رقم 09/96حيث نصت
" :ال يمكن أن يدعى العقد كذلك ،مهما كانت األصول التي تعلق األمر بها و مهما كان عنوان
العقد ،إال إذا حرر بكيفية تسمح بالتحقق دون غموض بأنه " ...
فال يمكن إنكار ضرورة كتابة عقد االعتماد اإليجاري حيث أن بعض المعطيات العملية
تجعل من الكتابة أمرا ضروريا من حيث التحقق من احتواء العقد للعناصر التي ال يمكن اعتبار
العقد اعتمادا إيجاريا إال إذا احتواها ،زد على ذلك إخضاع هذا العقد للشهر يجعل من الكتابة
ضرورة ،إذ ال يمكن القيام بهذا اإلجراء ما لم يفرغ في محرر مكتوب ، 99كما استقر العرف
البنكي كتابة كل التصرفات البنكية و هذا نظرا لما تحتويه من شروط تفصيلية و تشعب االلتزامات
و تشابكها ،فال يستحسن عدم تركها للذاكرة.100
الفرع السادس
شهر العقد حماية للمؤجر التمويلي
لقد تم تكريس مبدأ شهر عقود االعتماد اإليجاري بموجب المادة 6من األمر رقم 09/96
-96أنظر ،النظام رقم 05/05مؤرخ في 15ديسمبر ، 2005يتعلق بالوقاية من تبييض األموال و تمويل اإلرهاب و
مكافحتهما ،ج ر عدد ، 26صادر في 23أفريل .2006
-97حسني صالح الدين ،مرجع سابق ،ص .139
-98بخيت عيسى ،مرجع سابق ،ص .75
-99بن بريح آمال ،مرجع سابق ،ص 128و .129
-100نسير رفيق ،مرجع سابق ،ص .75
24
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
التي تنص " :تخضع عمليات االعتماد اإليجاري إلى إشهار تحدد كيفيته عن طريق التنظيم " ،و
قد اعتمد المشرع الجزائري نظام الشهر اإلداري ،إذ كلف المركز الوطني للسجل التجاري بإعداد
و مسك سجل عمومي لقيد عقود االعتماد اإليجاري ،و إطالع الجمهور عليها تحت السلطة
المباشرة ألعوان الملحقات المحلية للمركز ، 101كما أنه ملزم بقيد كل عقد يبرمه لالعتماد اإليجاري
في السجل المخصص لذلك ،و هذه بملحقة المركز الوطني للسجل التجاري التي تم لديها تسجيل
المؤجر التمويلي و يجب أن ال يتعدى ثالثون يوم عمل من تاريخ إمضاء العقد محل النشر.102
أما بالنسبة إلشهار عقود االعتماد اإليجاري لألصول غير المنقولة ورد بشأنها المرسوم
التنفيذي رقم 91/06المحدد لكيفيات إشهار عمليات االعتماد اإليجاري لألصول غير المنقولة،103
يلزم في المادة 2فقرة 1أن يبين عقد اكتساب العقار موضوع االعتماد اإليجاري العناصر
الجوهرية الواردة في االعتماد اإليجاري لألصول غير المنقولة إضافة إلى العناصر الواردة في
المادة 8من األمر رقم 09/96السالف الذكر في عقد اكتساب العقار موضوع العقد ،أما المادة 3
من المرسوم التنفيذي رقم 91/06فتلزم المؤجر التمويلي بأن يقوم بنشر كل عقد اعتماد إيجاري
لألصول غير المنقولة لدى الحفظ العقاري التابع له العقار المعني بعملية االعتماد اإليجاري ،و في
اآلجال المنصوص عليها في التشريع المعمول به ،كما يتعين طبقا لنص المادة 4من نفس
المرسوم أن يعاين كل تعديل مادي أو قانوني في حالة العقار بعقد يعد طبقا ألحكام المرسوم رقم
63/76مؤرخ في 25مارس 1976يتعلق بتأسيس السجل التجاري المعدل والمتمم.104
نستخلص أن شهر عقود االعتماد اإليجاري تضمن فعالية كاملة لضمان حقوق المؤجر
التمويلي ،و بهذا يبعد تطبيق قاعدة " الحيازة في المنقول سند الملكية " فيعفى من إثبات ملكيته
للمال موضوع العقد .
المطلب الثاني
خصوصية عقد االعتماد اإليجاري من حيث عناصر العقد
اعتبر المشرع الجزائري عقد االعتماد اإليجاري ذو طبيعة خاصة و هذا يظهر حتى في
عناصره العقدية ،حيث أننا نلمس تراجع لمبدأ سلطان اإلرادة منذ بداية تكوين العقد ،فالمؤجر
التمويلي يتمتع بضمانات ال نجدها في عقد اإليجار العادي كما له هيمنة ملحوظة في انفراده بالقيام
بأساسيات هذا العقد و تقديمها إلى المستأجر التمويلي ،و ما على هذا األخير إال قبولها .
الفرع األول
األجرة تخالف القواعد العامة في بدالت اإليجار
يتعدى عنصر األجرة في عقد االعتماد اإليجاري حدود القواعد العامة لإليجار ،كما ال تترك
-101المادة 2من المرسوم التنفيذي رقم ، 90/06مؤرخ في 20فيفري ، 2006يحدد كيفيات إشهار عمليات االعتماد
اإليجاري لألصول المنقولة ،ج ر عدد ، 10صادر في 26فيفري .2006
-102أنظر المادة 3من المرسوم التنفيذي رقم ، 90/06مرجع نفسه.
- 103مرسوم تنفيذي رقم 91/06مؤرخ في 20فيفري ، 2006يحدد كيفيات إشهار عمليات االعتماد اإليجاري لألصول
غير المنقولة ،ج ر عدد ، 10صادر في 26فيفري .2006
-104بن بريح آمال ،مرجع سابق ،ص .136
25
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
لألطراف حرية االتفاق عليها ،فكيف إذن تكون كيفية تحديد مقدار هذه األجرة ؟ فهل تتطابق مع
أحكام الوفاء باألجرة في عقد اإليجار العادي ؟
أوال :ارتفاع بدالت اإليجار بما ال يتناسب مع االستمتاع الحقيقي باألصل المؤجر
تعتبر أقساط التأجير التمويلي على المستوى النظري أقساط إيجارية رغم أنه بالنظر إلى
طريقة حسابها فهي تستجيب لمعايير مختلفة تماما ،و عندما يدفع بارتفاع هذه األقساط مقارنة بتلك
التي نجدها في عقود اإليجار البسيطة يكون الرد بأنها تتطابق مع االستمتاع باألصل من جهة ،و
من جهة أخرى إمكان المستأجر التمويلي اقتناء ملكية األصل المؤجر في نهاية مدة اإليجار، 105
لكن بالنظر إلى نص المادة 14من األمر رقم 09/96فقد نصت صراحة على العناصر الداخلة في
ا ألجرة ،فهي على أساس معايير مالية بحتة فمبلغ اإليجارات التي يجب على المستأجر التمويلي
دفعها تتضمن * :سعر شراء األصل المؤجر مقسما إلى مستحقات متساوية المبلغ ،تضاف إليها
القيمة المتبقية التي يجب دفعها عند مزاولة الخيار بالشراء .
*أعباء استغالل المؤجر المتصلة باألصل موضوع العقد .
*هامش يطابق األرباح أو الفوائد المكافئة للمخاطر على القرض ،و الموارد
الثابتة المخصصة الحتياجات عملية االعتماد اإليجاري. 106
و نستخلص من كل هذه العناصر أن تحديد هذه األقساط على أساس اعتبارات مالية هو
السترداد مبلغ االستثمار كامال خالل فترة استغالل األصل المؤجر ،و هذا ما يؤسسه الفكر المالي
على فكرة مفادها أن " اآللة تدفع تكاليفها من عوائد استخدامها " ، 107من هنا نصبح في غنى عن
البرهنة على الطبيعة الباهظة لبدالت اإليجار في التأجير التمويلي ،مقارنة بثمن اقتناء األصل و
الخدمة التمويلية المأخوذة بعين االعتبار.
ثانيا :المستأجر التمويلي يقوم بأداء الجزء الكبير من الثمن قبل تسلم األصل المؤجر
تنص المادة 32من األمر رقم 09/96على أنه " :يجب على المستأجر أن يدفع للمؤجر حق
االنتفاع باألصل المؤجر ،و في التواريخ المتفق عليها ،المبالغ المحددة كإيجارات في عقد
االعتماد اإليجاري " حيث أن المستأجر التمويلي يلتزم بالوفاء باألجرة عند تمكين المؤجر
التمويلي له من االنتفاع باألصل المؤجر ،الذي يتم بدوره منذ إبرام العقد ،و في التاريخ المتفق
عليه و هو أيضا تطبيقا لنص المادة 1/489من التقنين المدني الجزائري.108
نالحظ أن مفهوم االئتمان يقتضي الفصل بين الطرفين ،مانح االئتمان و متلقي االئتمان ،
لكن بالنظر إلى ما يقتضي به عقد االعتماد اإليجاري فيعتبر خروج عما هو مستقر عليه في
- 105فخري رياض "،التوازن العقدي بين الواقع و النظرية في عقد التأجير التمويلي " ،مجلة فصلية تصدرها هيئة
المحامين بأكادير ،عدد ، 10المغرب ، 2000 ،ص .76
-106أنظر المادة 14من األمر رقم ، 09/96يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق.
-107مصطفى رشدي شيحة ،النقود و المصارف و االئتمان ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،مصر ، 1999 ،ص .323
-108والتي تنص على " :يجب على المستأجر أن يقوم بدفع ثمن اإليجار في المواعيد المتفق عليها ،فإذا لم يكن هناك
اتفاق وجب الوفاء باألجرة في المواعيد المعمول بها في الجهة ".
26
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
عمليات منح االئتمان بوجه عام ،إذ ال يلتزم المؤتمن برد أصل الدين و الوفاء بالفوائد التي قد
تكون مقررة إال في نهاية مدة االئتمان ،109و يسود المبدأ ذاته في فرض بناء العقار أي استحقاق
أول قسط لألجرة من تاريخ تسلم العقار ،إال أن المؤجر التمويلي في عقد االعتماد اإليجاري يمكن
أن يستحق القيمة اإليجارية المتفق عليها و لو لم ينتفع المستأجر التمويلي باألصل محل العقد شرط
أن ال يكون عدم االنتفاع راجع إلى المؤجر التمويلي ، 110و دفع األجرة يكون في أقساط يحددها
العقد تكون بالشهر أو بالسنة ،فيكون التحديد وفق نمطين ،إما نمط متناقص أو نمط خطي. 111
نستنتج أن المؤجر التمويلي يستخدم سلطته في إعداد كل هذه المعايير المتعلقة باألجرة و
لهذا فهو يخدم مصالحه ،خاصة عند النظر إلى تحديد األجرة بالنمط المتناقص فهو يشكل احتياطا
من خطر إفالس أو إعسار المستأجر التمويلي ،ذلك بأنه يدفع قيمة اإليجارات األولية و الكبيرة
عند استالمه األصل ،مما يسمح له من استعادة أكبر رأسماله المستثمر بسرعة .
27
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
يتضح من كل هذا أن الكفالة تلعب دور مهم في ضمان دفع أقساط اإليجار للمؤجر التمويلي
رغم ما قد يتعرض له من مخاطر إفالس الكفيل ،و ما يتحمله المستأجر التمويلي مقابل ذلك من
مصا ريف من أجل الحصول على الكفالة ،إذن فالمؤجر التمويلي دائما يقي نفسه من أية خسارة
يمكن أن تنجم من عدم دفع المستأجر التمويلي األقساط ،بإحاطة نفسه من جميع النواحي بكم هائل
من الضمانات حتى فيما يخص وفاة المستأجر فهي تفرض عليه ضمانا إضافيا ،يتمثل في إبرام
عقد تأمين على حياته لمصلحة المؤجر التمويلي و هذا ما سنتطرق إليه في انقضاء عقد االعتماد
اإليجاري .
الفرع الثاني
عدم قابلية مدة اإليجار لإللغاء لضمان المؤجر التمويلي استرداد رأسماله
إن األسس التي تراعى في تحديد مدة العقد من الناحية القانونية تخضع لمبدأ حرية التعاقد ،إذ
يعود للمؤجر و المستأجر أن يتفقا على تحديد المدة التي يشاءان مادامت أنها ال تخالف النظام العام
و اآلداب العامة و األحكام القانونية.116
نصت المادة 1/12من األمر 09/96على " :يتم تحديد مدة اإليجار الموافقة للفترة غير
قابلة لإللغاء باتفاق مشترك بين األطراف " ،و لذالك ال يحق ألي من الطرفين إنهاء العقد قبل
انتهاء المدة ،و بهذا يلتزم المستأجر التمويلي بالوفاء بجميع األقساط المستحقة للمؤجر التمويلي
طوال مدة االنتفاع باألصول إلى غاية انقضاء العقد. 117
إن هذه الفترة التي تدعى " الفترة غير قابلة لإللغاء " تكون عادة مساوية للعمر االقتصادي
لألصل المؤجر ،118فهي تكون ما بين مدة اإلهالك و مدة صالحية المال ،و لهذا فهي من مصلحة
طرفي العقد ، 119أما من الناحية االقتصادية مدة العقد تختلف باختالف طبيعة األموال موضوع
العقد ،حيث يتم فيها مراعاة مدة استهالك اآلالت أو المعدات أو التجهيزات محل العقد و العمر
االفتراضي لها ،و تكون بداية مدة اإليجار من تاريخ تسليم اآلالت أو المعدات التي يقع عليها عقد
االعتماد اإليجاري للمستأجر التمويلي ،أما نهايته فهي تمتد حتى انقضاء المدة المحددة في العقد ،
أو انقضاء تاريخ انتهاء العمر االفتراضي الستهالك األموال موضوع العقد.120
يمكن استخالص أن الهدف من تقرير عدم القابلية لإللغاء ،ليست ضمانا النتفاع المستأجر
التمويلي باألصول خالل مدة محددة ،بقدر ما هو ضمان بالنسبة للمؤجر التمويلي لحصوله على
جميع األقساط من أجل استرداده لرأسماله المستثمر مع تغطية نفقاته و جزء من الربح و هذا ما
ذهب إليه د .دويدار هاني محمد .121
- 116محمد عبد المقصود حسن داود ،الظوابط الشرعية و القانونية الختالف المؤجر و المستأجر ،دار الجامعة الجديدة
للنشر ،مصر ، 2000 ،ص .112
-117عسالي عبد الكريم ،مرجع سابق ،ص .92
118
- SMAILI Nabila , Pratique du crédit-bail, analyse de la situation algérienne , Mémoire de magistère en
sciences économique , Faculté des sciences économique , de gestion et des sciences commerciales , Univ
mouloud-MAMMERI , Tizi- Ouzou , 2011- 2012 , P 30.
-119نسير رفيق ،مرجع سابق ،ص .126
-120نادر عبد العزيز شافي ،مرجع سابق ،ص 185و .186
-121دويدار هاني محمد ،مرجع سابق ،ص .99
28
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
الفرع الثالث
االحتفاظ بملكية األصل المؤجر ضمان جوهري يتمتع به المؤجر التمويلي
إن خصوصية عناصر عقد االعتماد اإليجاري تظهر جليا من ناحية الضمانات التي منحت
للمؤجر التمويلي و هو العنصر الجوهري الذي ال نجده في العقود التقليدية األخرى ، 122حيث أن
ملكية األموال محل العقد تبقى للمؤجر التمويلي طوال مدة العقد ،بل حتى بعد انقضاء العقد إن لم
يختار المستأجر التمويلي شراء األصل ، 123هذا ما يعني أن المؤجر التمويلي بإمكانه استرداد المال
المؤجر من أي حائز كان ،حيث أن القانون التجاري يعتد بالظاهر لذلك فما يوجد في حيازة التاجر
يعتبر ملكه ،خاصة السلع و المواد األولية ،أين يوحي إلى الغير أن المنقول ملك للمستأجر إذا
تصرف فيه ،لكن هذا االحتفاظ بالملكية يحمي المؤجر التمويلي من كل هذه اإلشكاالت و يمكنه من
استرداد أمواله من أي حائز كان و لو كان حسن النية ،فهو مضمون بأقوى الحقوق العينية "حق
الملكية " ،دون إغفال أن هذا االحتجاج يتطلب إشهار العقد حماية للمؤجر التمويلي لنفاذ حقه في
الملكية في مواجهة الكافة ،خاصة تلك الواردة على المنقول.124
تنص عادة عقود االعتماد اإليجاري من أجل ضمان فعالية حق الملكية ،التزام المستأجر
التمويلي بضمان احترام ملكية المؤجر التمويلي لألصل باتخاذ جميع اإلجراءات التي تحول دون
التهديد بهذا الحق ،و هذا على نفقته و تحت مسؤوليته .
و يظهر هذا في حالة الحجز أو الرهن على األصل المؤجر بمايلي :
إذا كان الحجز من طرف دائن المستأجر التمويلي ،فيجب على هذا األخير إخطار المؤجر
التمويلي فورا بهذا الحجز أيا كان نوعه باستبعاد العقار ،فال يعقل توقيع الحجز على عقار من
دائني المستأجر التمويلي ،إضافة إلى اإلخطار يتوجب على هذا األخير اتخاذ اإلجراءات القانونية
لمنعه. 125
يمكن أن يكون توقيع الحجز أيضا بناءا على طلب دائن المؤجر التمويلي ،فهنا الحاجز
يوقع حجزا على مال مملوك لمدينه ،ففي هذه الحالة إذا كان المال منقول فيكون الحجز تحفظيا ،و
يكون بموجب عريضة مقدمة من الدائن الحاجز إلى القاضي المختص إلصدار أمر بالحجز ،فهنا
يلتزم المستأجر التمويلي بإخطار المؤجر التمويلي بمجرد إعالنه به و بكل البيانات و المستندات
الضرورية التي قدمها للمحضر القضائي الذي قام بعملية الحجز.126
و يتحمل المستفيد التزامات خاصة في حالة كون األصل عقار ،إذ يتم مباشرة إعالن المؤجر
التمويلي بأمر توقيع الحجز ثم التأشير بذلك في هامش قيد العقار ،و ال يقتضي األمر أي تدخل من
122
- DALI Youcef samia , Le financement par le leasing :Un nouveau moyen d’aide au développement de la
PME en Algérie , Mémoire de magister en management , Faculté des sciences économiques , de gestion et
sciences commerciales , Option finance , Univ D’oran , 2010- 2011 , P 55 .
-123بلعاوي صفاء عمر خالد ،مرجع سابق ،ص .105
-124عسالي عبد الكريم ،مرجع سابق ،ص .154
-125أيت ساحد كهينة ،مرجع سابق ،ص .75
-126دويدار هاني محمد ،مرجع سابق ،ص .426
29
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
المستأجر التمويلي ، 127أما في حالة تصرف المستأجر التمويلي في المحل التجاري ،حيث يرد
عقد االعتماد اإليجاري على معدات إنتاجية أو عقارات مخصصة ألغراض إمتهانية فتشغل في
المحل التجاري أين يمارس نشاطه ،حيث يوحي هذا الوضع بأنها مملوكة له و هذا ما يهدد أمالك
المؤجر التمويلي فهذا ما جعله يوقع التزامات على عاتق المستأجر التمويلي عند احتمال بيع أو
رهن المحل ،و هذا االلتزام يتمثل في إعالم الغير بعدم امتالكه لها ،128إال في حالة ترخيص من
المؤجر التمويلي ،و في حالة إخالله بهذا االلتزام فهو يتابع جزائيا بجريمة خيانة األمانة ،و هذا
ما سوف نتطرق إليه في مرحلة انقضاء هذا العقد .أما في مجال العقار فال يدخل العقار ضمن
عناصر المحل التجاري و بالتالي ال يمكن أن يشمله البيع أو الرهن ،كما أن أحكام الشهر تحول
دون وقوع الغير في غلط حول ملكية المستفيد. 129
أما عن الرهن فإذا كان المال المؤجر منقول فيجوز للمؤجر التمويلي رهنه لمصلحة دائنيه
لما له من حرية كاملة في التصرف في العين باعتباره مالكها ،و هذا ما تأكده أحكام المادة 27من
األمر رقم 09/96سالف الذكر التي تنص على أن " :اليقبل حق ملكية األصل المؤجر أي تقييد أو
تحديد من أي نوع كان بسبب استعماله من قبل المستأجر أو بسبب أن العقد يسمح للمستأجر
بالتصرف ،بصفته وكيل المالك ،في العمليات القانونية و التجارية مع الغير و المرتبطة بعملية
االعتماد اإليجاري " ،فالمؤجر يشترط على أنه من حقه رهن المنقول و تعيين الشخص المستفيد
في تسلم المنقول المرهون رهنا حيازيا ، 130فالمادة تشير بشكل صريح إلى حرية المؤجر التمويلي
في التصرف في ملكية األصل ،و عدم تقييد هذا الحق بأي قيد مهما كان سببه ،حتى لو كان بحجة
استعماله من المستأجر التمويلي أو بسبب كون العقد يسمح له بالتصرف فيه بصفته وكيل المالك في
العمليات القانونية و التجارية مع الغير و التي تكون مرتبطة بعملية االعتماد اإليجاري.
يمكن للمؤجر التمويلي رهن المال المؤجر إذا كان عقارا طبقا ألحكام الرهن الرسمي الذي ال
يشترط فيه انتقال الحيازة ،131كما يمكن له رهن دين األجرة لما كان المؤجر دائن تجاه المستأجر
بها ،لكن يتعين عليه إخطار المستأجر التمويلي بالرهن لكي يكون نافذا في مواجهة الغير.132
نستخلص أن كل هذه االلتزامات الملقاة على عاتق المستأجر التمويلي هي من أجل ضمان
-127في مجال العقار ال يمكن توقيع الحجز من قبل دائني المستفيد إذ تكفل أحكام الشهر العقاري بيان الشخص مالك العقار
أي شركة التأجير التمويلي مما يرتب بطالن كل حجز يطالب أحد دائني المستفيد توقيعه ،راجع في ذلك دويدار هاني محمد
،مرجع سابق ،ص .427
30
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد الفصل األول
أكبر و أكثر للضمان المتاح للمؤجر التمويلي ،و هو فعالية حق الملكية لعدم مزاحمة أي طرف في
األصل المؤجر ،و تفادي اآلثار السلبية عن هذا الوضع ،في حين قد أغفل المشرع الخطر الحقيقي
في حالة التنفيذ على العقار الذي سوف يلحق المستأجر التمويلي ،الذي كان بإمكانه تملك األصل
في نهاية العقد إذا تعرض المؤجر التمويلي لإلفالس أو التسوية القضائية ،بما أن جماعة الدائنين
تسترد األصل المؤجر حتى و لو اقترب العقد من انقضاء مدته إذ يكون المستأجر التمويلي قد دفع
معظم أقساط األجرة المستحقة .
و في األخير بعد تفحصنا إلجراءات مرحلة إبرام عقد االعتماد اإليجاري فنلمس أن طريقة
إبرامه ال تكون باشتراك إرادة الطرفين معا بل شركات االعتماد اإليجاري تهيمن على المضمون
االتفاقي للعقد ،فتحدده على ضوء مصالحها لوحدها حتى و لو كان ذلك على حساب المستأجر
التمويلي ،و هذا راجع إلى الطبيعة القانونية الخاصة لهذا العقد و كذا أركانه و خصائصه الفريدة و
المتميزة أين يكون فيها كل ركن ذو طابع خاص به .
31
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
رأينا فيما سبق كيف يكون انتهاك الحرية التعاقدية في مرحلة تكوين العقد و حتى قبل تكوينه
من جهة المؤجر التمويلي ،حيث أنه يهيمن على العقد بصياغته لبنود تعمد على خلق عدم
التوازن في شروط و عناصر العقد فيلجأ إلى تطبيق مبدأ سلطان اإلرادة لصالحه ،لكن هذا
االنتهاك ال يتوقف هنا فحسب ،بل يصل إلى أبعد من ذلك آثار انعقاد هذا العقد فلها خصوصية
عما هو مقرر في القواعد العامة لعقود اإليجار ،حيث أن المؤجر التمويلي نجده يرفع أكبر قدر
ممكن من المسؤولية عنه ،ليتحملها بعد ذلك الطرف اآلخر أال و هو المستأجر التمويلي ،فقد
ساهم في ذلك الطابع المكمل لمعظم قواعد عقد االعتماد اإليجاري أو باألحرى تلك المتعلقة
بالتزامات المؤجر التمويلي ،و الطابع اآلمر للقواعد كلما تعلقت بالتزامات المستأجر التمويلي ،و
هذا مل جعل هذا المؤجر التمويلي يغتنم الفرصة مقابل المزايا التي يبحث عنها المستأجر التمويلي
في هذا العقد ،فيحمله مجموعة من االلتزامات التي تشكل أعباء ثقيلة عليه تتطلبها الطبيعة
الخاصة للعقد ( المبحث األول ) .
كما أن القواعد العامة تمنح الطرفين الحق في فسخ العقد كلما أخل الطرف اآلخر
بااللتزامات المفروضة عليه ،إال أن المؤجر في عقد االعتماد اإليجاري يعمل دائما على التضييق
من الحق المخول للمستأجر التمويلي و توسيع حقه بالمقابل في الفسخ و هو ما يخل بتوازن
االلتزامات فيه ( المبحث الثاني ) .
45
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
المبحث األول
صياغة حقوق والتزامات األطراف بين القواعد اآلمرة و المكملة
جاءت أحكام األمر رقم 96/69سالف الذكر تجسد بشكل صريح اختالل التوازن في حقوق
و التزامات كل من المؤجر التمويلي و المستأجر التمويلي ،و هذا ما يبين عدم التكافؤ بين
مصالح أطرافه و المعاملة التفضيلية للطرف الممول أي لمصلحة المؤجر التمويلي ،فنجد القواعد
المتعلقة بحقوقه و كذا واجبات المستأجر التمويلي تكتسي الصياغة اآلمرة ،و هذا ما يستبعد
االتفاق على مخالفتها ،بينما تكتسي االلتزامات الملقاة على عاتقه بدلة القواعد المكملة و هذا
بالطبع ما يعطيه إمكانية إعفاء نفسه منها ،و نقلها إلى المستأجر التمويلي ،و بهذا يظهر
االنتكاس الفادح لمبدأ سلطان اإلرادة فيما يخص هذه اآلثار ،و ينفرد هذا المبدأ بيد طرف واحد و
هو المؤجر التمويلي .
المطلب األول
الصياغة اآلمرة للقواعد تجعل االتفاق على مخالفتها مستبعدا
استعمل المشرع الجزائري في األمر رقم 96/69القواعد اآلمرة في كل مرة ينص فيها على
حقوق المؤجر التمويلي و هذا الستبعاد االتفاق على مخالفتها ،و على بعض الحقوق الخاصة
بالمستأجر التمويلي التي منحها له بصفة آمرة و هذا ضمانا لعدم المساس بها ،و لو أنه بالتمعن
فيه نجده يخدم مصلحة المؤجر التمويلي .
الفرع األول
التمويل التزام رئيسي على المؤجر التمويلي
تؤكد جل التشريعات أن االعتماد اإليجاري عملية مالية و تجارية ، 133و لهذا قد احتفظ
المؤجر التمويلي في عقد االعتماد اإليجاري بالتزام واحد ال غير و هو دفع الثمن عدى ذلك فهو
ويختفي تماما و ال يظهر في باقي االلتزامات الملقاة عليه .
-133فياللي بومدين ،إشكالية تمويل المشروعات االقتصادية في الوطن العربي ،منتديات وادي العرب الجزائري ،متوافر
WWW.WADILARAB.COM على الموقع االلكتروني :
46
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
-134بلهامل هشام ،آثار عقد االعتماد اإليجاري في التشريع الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،
تخصص قانون األعمال ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة 09أوت ، 5661سكيكدة ، 0952 ،ص .19
-135ناصيف إلياس ،مرجع سابق ،ص .15
-136عثمان العيسى ،تمويل بنكهة الليزنغ ،مجلة الرياض ،عدد ، 52701متوافر على الموقع االلكتروني :
WWW.ALRIYADH.COM
-137حرة عماد ،مرجع سابق ،ص .01
-138بن صغير مراد " ،عقد التأجير التمويلي في القانون الجزائري مقارنا باإليجار المنتهي بالتمليك في الفقه اإلسالمي
(دراسة علمية تأصيلية مقارنة)" ،مداخلة ملقاة في الملتقى الوطني حول عقود األعمال و دورها في تطوير االقتصاد
الجزائري ،جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية ،يومي 59و 57ماي ، 0950ص .027
47
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
يرتب هذا الرفض أض ار ار على طرفي العقد أو أحدهما على األقل فوجب التمييز بين فرضين
و هما :
إن المؤجر التمويلي مسؤول تجاه المستأجر التمويلي جراء رفضه التمويل بعد ابرام العقد
بناءا على أحكام المسؤولية العقدية و هذا راجع لإلخالل بالتزامه العقدي ،و التزامه التزام بتحقيق
نتيجة ،فإذا رفض التمويل يكفي أن يثبت المستأجر التمويلي عدم تحقق الغاية المطلوبة ليسأل
139
،و هذا حسب عقديا و ال يمكن له دفع المسؤولية عن نفسه إال إذا كان راجع لسبب أجنبي
المادة 797من القانون المدني الجزائري ،140و ال يكون المؤجر التمويلي مسؤول أمام المستأجر
141
إذا كان قد وافق عليه أو فوض إلى المستأجر الموافقة التمويلي فحسب بل أيضا تجاه البائع
142
،لكن يبقى من الناحية الواقعية يصعب تصور هذه الحالة عليه و إبرامه بالوكالة عنه مع البائع
أي حالة رفض التمويل بالنظر إلى الكيفية التي يتم بها ابرام عقد االعتماد اإليجاري و جل
المراحل التي يسلكها الطرفان في ذلك .
-2رفض التمويل قبل ابرام عقد االعتماد اإليجاري :
يتمتع المؤجر التمويلي في هذه الحالة بكامل الحرية في رفض التمويل مادام أنه لم يقم بعد
بأي تعهد تجاه المستأجر التمويلي بأي التزام معين ،حيث أنه يقوم أوال بتقدير مصلحته في
التعاقد من عدمها نظ ار لخبرته في هذا الميدان ،فإذا شعر أن طالب التمويل ال يتمتع بالضمانات
48
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
الكافية التي يشترط يمكن له الرفض ، 143فال يمكن مسائلة المؤجر التمويلي عن رفض التمويل قبل
ابرام العقد و إن كان مرخص للقيام بذلك ،فهو األدرى بمصلحته و هو صاحب السلطة في ذلك
فهو حر في التمويل من عدمه .
الفرع الثاني
خيار الشراء وعد بالبيع من جانب واحد
لقد ألزم األمر 96/69المؤجر التمويلي أن ينص صراحة في عقود االعتماد اإليجاري على
،لكن ال يتم إال إذا أوفى المستأجر 144
هذا االلتزام و هو من العناصر التي تكون أصالة للعقد
التمويلي بكافة التزاماته.
أوال :إعمال خيار الشراء فيه مصلحة للطرفين
يحتفظ المؤجر التمويلي بملكية المال محل العقد طوال مدة العقد كما رأينا سالفا و هذا طبعا
145
،و إذا ما أعمل المستأجر التمويلي خيار شراء المال يصبح على عاتق على سبيل الضمان
المؤجر التمويلي واجب نقل ملكية محل العقد.146
نالحظ أن انتقال الملكية للمستأجر التمويلي بعد انقضاء العقد تمثل مصلحة لطرفين معا
فبالنسبة للمستأجر التمويلي الذي تكبد أعباء مالية باهظة مقابل تمويل المؤجر التمويلي ،يستطيع
في األخير تملك المعدات بثمن يمثل القيمة المحاسبية لألصل و هو يقل من القيمة السوقية له
وقت تملك المستفيد له ،أما من جهة أخرى المؤجر التمويلي بعد استرداده لكامل حقوقه المالية
يتخلص من كل هذه المعدات المستهلكة بعد انتهاء عمرها االفتراضي و انخفاض قيمتها و
يتخلص من عناء التصرف فيها من خالل بيعها إلى شخص آخر و إعادة تأجيرها ، 147حيث أنه
49
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
ال جدوى من رجوع األصل إليه فهو يجد صعوبة إما في إيجاره مرة أخرى ،أو بيعه خاصة إذا ما
أهلكه استعمال المستأجر التمويلي له فنجده يخدم مصلحته .
ثانيا :ارتباط خيار الشراء للمستأجر التمويلي بتنفيذه كافة التزاماته
يسعى دائما المؤجر التمويلي إلى استرداد الرأسمال الذي استثمره في العملية التمويلية ،
مضافا إليه هامش ربحه ،و لهذا فإن نقل الملكية للمستأجر التمويلي ال يتم إال إذا أوفى بجميع
االلتزامات التي يلقيها العقد على عاتقه حيث أن اإلخالل بها يفضي إلى فسخ العقد في أغلب
149 148
و يتم تحديده عادة بشكل ،و من أهم هذه االلتزامات هي دفع ثمن األصل المؤجر األحيان
مسبق أو يتم االتفاق على األقل على األسس التي يتم بناء عليها تحديد الثمن ،و هذا لتسهيل
150
. عملية القاضي في حال نشوب نزاع بين الطرفين عليه
و إذا قرر المستأجر التمويلي خيار شراء األصل المؤجر وجب عليه أن يوجه رسالة
مضمونة الوصول إلى المؤجر التمويلي خالل 51يوم على األقل قبل التاريخ المتفق عليه في
العقد ،151و الغرض منه اإلعالن عن رغبته أو نيته في الشراء من عدمها حتى يتخذ ق ارره من
جهة ،و عدم ترك المؤجر التمويلي في حالة انتظار لمدة طويلة وهذا حسب رأي د.عسالي عبد
الكريم.152
الفرع الثالث
ألزم المشرع الجزائري المستأجر التمويلي تمكين المؤجر التمويلي الدخول إلى األماكن التي
50
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
يتم فيها استغالل األصل المؤجر ،في أي وقت دون أي اعتراض ،من أجل القيام بأي تفتيش أو
153
فضال عن هذا فهو ملزم أيضا بإعالم المؤجر رقابة يراها ضرورية لمعاينة األصل المؤجر
،و أن ال يقوم بأي عمل دون التعاون مع 154
التمويلي بكل عطل أو هالك يمس األصل المؤجر
المؤجر التمويلي ،على الرغم من أنها ال يتحكم بالمسائل التكنولوجية التي يفترض أن يكون
المستأجر التمويلي هو المتحكم فيها .
يجب على كل حال أن تكون عالقة ثقة بين الطرفين فيما يتعلق بالحفاظ على األصل
المؤجر مبنية على التعاون و التكاثف ،من أجل القيام بأي إجراء من شأنه المحافظة على
األصل ، 155فضال عن ما تم ذكره آنفا فيما يخص الحجز و الرهن المقررين لمصلحة المؤجر
التمويلي ،مع حق الملكية المضمون له في مواجهة الغير الوارد بصيغة آمرة الستبعاد شك
المساس بالمال .
المطلب الثاني
إعمال المؤجر التمويلي لمبدأ سلطان اإلرادة لالتفاق على مخالفة القواعد المكملة
رأينا حقوق المؤجر التمويلي التي تكون في مرتبة عالية جدا حيث ال يمكن المساس بها ال
بالتعديل أو اإلعفاء ،حيث أعطى لها األمر رقم 96/69الصياغة اآلمرة لضمان عدم االتفاق
على مخالفتها ،فعند قولنا "حقوق المؤجر التمويلي " دون ذكر بعض حقوق المستأجر التمويلي
التي أتت بصيغة آمرة ،فقد تعمدنا ذلك حيث أنها في آخر المطاف مصالح للمؤجر التمويلي في
نفس الوقت فال بأس أن نقول أنها حقوق هذا األخير.
-153أنظر المادة 77من األمر رقم ، 96/69يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق.
-154أنظر المادة 76ف 6من نفس األمر.
-155نسير رفيق ،مرجع سابق ،ص .12
51
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
عكس حقوق المستأجر التمويلي كذا التزامات المؤجر التمويلي أتى بها المشرع الجزائري
بالصياغة المكملة و هذا ما يعطي طبعا لهذا األخير إعماله سلطان اإلرادة لمخالفتها و
إلقاء كامل االلتزامات التي كانت أصال عليه على المستأجر التمويلي ،وما عليه إال قبولها حيث
156
.فما مدى إعفاء أنه ال يلجأ إلى إبرام مثل هذه العقود إال إذا كان بحاجة ماسة إلى التمويل
المؤجر التمويلي نفسه من االلتزامات الملقاة أساسا عليه ؟
الفرع األول
إعفاء المؤجر التمويلي نفسه من مسؤولية تسليم األصل المؤجر
ترك عقد االعتماد اإليجاري لألطراف الحرية في تقرير تسليم األصل المؤجر و بهذا فإن
المؤجر التمويلي يغتنم الفرصة لكي يعفي نفسه من هذه المسؤولية و يلقي بها إلى المستأجر
التمويلي ،و نظ ار لوجود الطرف الثالث في عملية االعتماد اإليجاري ،فإن التسليم يتم من البائع
157
. إلى المستأجر التمويلي
-156عسالي عبد الكريم " ،إعفاء المؤجر التمويلي من التزاماته العقدية ( دراسة نقدية لألمر رقم ، 96/69يتعلق
باالعتماد اإليجاري ) " ،المجلة األكاديمية للبحث القانوني ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،عدد ، 0جامعة عبد
الرحمان ميرة ،بجاية ، 0959 ،ص .519
-157إن ما يالحظ في األمر رقم ، 96/69السالف الذكر عدم ذكره لعقد البيع و لو مرة واحدة ،و ال للعالقة القانونية
ما بين المؤجر التمويلي و البائع ،وال العالقة الواقعية التي تربط المستأجر التمويلي بالبائع .أنظر في ذلك ،عسالي عبد
الكريم ،عقد االعتماد اإليجاري الدولي ،مرجع سابق ،ص .577
52
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
المستأجر التمويلي
5 0 7
1
7
البائع البائع)
أوالمورد
المؤجر التمويلي
2 9
*2طلب التمويل من بنك أو شركة اعتماد إيجاري أو مؤسسة مالية مؤهلة .
*3قبول طلب التمويل من طرف البنك أو شركة اعتماد إيجاري أو مؤسسة مالية مؤهلة .
53
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
-158عسالي عبد الكريم " ،إعفاء المؤجر التمويلي من التزاماته العقدية " مرجع سابق ،ص .571
-159عسالي عبد الكريم ،مرجع نفسه ،ص .571
-160و التي تنص على " :يعتبر المؤجر ملزما بالقيام بااللتزامات الملقاة على عاتق صاحب الملكية و المنصوص عليها
في القانون المدني ،مقابل حقه في الملكية على العقار المؤجر خالل كل مدة اإليجار ما لم يوجد اتفاق بين المتعاقدبن
يقضي بخالف ذلك ،السيما االلتزامات اآلتية :
-االلت زام بتسليم األصل المؤجر طبقا للخصوصيات التقنية المعينة من قبل المستأجر في الحالة و في التاريخ
المتفق عليهما في عفد االعتماد اإليجاري "
-161أيت ساحد كهينة ،مرجع سابق ،ص .69
54
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
عقودها بنودا يتعهد المستأجر التمويلي بموجبها استالم األموال موضوع العقد ،162و رفع مسؤوليتها
163
. عن أي تأخير أو أخطاء ناتجة عن ذلك التسليم
ينشأ عن التزام المستأجر التمويلي بالتسليم التزام تبعي يفرضه المؤجر التمويلي عليه في هذا
العقد و يتمثل في تنظيم محضر استالم لحسابه هو و لحساب المؤجر التمويلي و هذا بحضور
البائع ،حيث يوضح فيه مطابقة األموال المؤجرة مع عقد الشراء ،و أنها مسلمة بحالة جيدة و
مطابقة للمواصفات المطلوبة ،حيث أنه يدون فيها تحفظاته بوضوح ،و يلزم كذلك بإبالغ المؤجر
التمويلي فو ار عن أي خطأ من جراء التسليم ،وكما قد يتفق المؤجر التمويلي و المستأجر التمويلي
على إلزام هذا األخير بالقيام ببعض اإلجراءات االحت ارزية لضمان حسن تسليم األموال المؤجرة أو
164
،كما يتحمل كافة الرسوم و الضرائب و النفقات المتوجبة مطابقتها للمواصفات المطلوبة
165
. لالستالم و النقل
و تجدر اإلشارة إلى أن أهمية المحضر يكمن في أن المؤجر التمويلي ال يدفع ثمن المعدات
إال بعد تسلمه لمحضر االستالم من قبل المستأجر التمويلي و هو دليل قاطع لمعرفة المستفيد
بحالة المال و قبوله له ،فإذا وجد هناك عدم مطابقة أو أي عيب فيه يجب عليه أن يثبته في
166
. المحضر
يظهر أن المؤجر التمويلي في عملية االعتماد اإليجاري يسعى دائما لحصر دوره في الجانب
55
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
المالي دون التقني ،و ال يحتفظ بحق الملكية إال على سبيل الضمان و ليس لممارسته ،فإذا كان
167
على تسليم المؤجر التمويلي المشرع الجزائري قد نص في المادة 07من األمر رقم 96/69
لألصول إلى المستأجر التمويلي إال أن هذا ال يمنعه بتاتا من إمكانية توكيل المستأجر التمويلي
168
. من التسلم مباشرة من المورد
ثالثا :اإلعفاء من التسليم يعفي المؤجر التمويلي من المسؤولية
طبقا للقواعد العامة فإن المؤجر ملزم بتسليم المال المؤجر إلى المستأجر حيث ال يستطيع
هذا األخير االنتفاع به إال إذا تسلمه ،و هو التزام أساسي يقع على المؤجر و هو عنصر جوهري
لإليجار ،لكن جرت العادة أن ال يقحم المؤجر التمويلي نفسه في عقد االعتماد اإليجاري في هذه
األمور ،ال االختيار و ال التسليم و من هنا فهو يبعد المسؤولية عنه لكي يلقي بها على المستأجر
التمويلي بموجب توكيله بتسلمها مباشرة من البائع ،و هذا راجع لكون هذا االلتزام الرئيسي على
عاتقه ليس من النظام العام فمن الممكن االتفاق على خالف ذلك ،إال أن هذا ال يعني الغياب
التام لهذا االلتزام ،لكن يبقى المؤجر التمويلي ملزم بوضع األصل المؤجر تحت تصرف المستأجر
169
. التمويلي فال يتصور استبعاد ذلك تحت أي شرط تعاقدي
ال تشكل عملية التسليم التي تتم مباشرة إلى المستأجر التمويلي و نيابة عن المؤجر التمويلي
أي ضرر لهذا األخير بل بالعكس فهو يجنبه كل المشاكل التي يمكن أن تنشأ بمناسبة تنفيذ
170
،حيث أنه ال يتدخل في كل المسائل المتعلقة به ،بما أن ذلك بعيد عن مجال االلتزام بالتسليم
،حيث أن المؤجر التمويلي يكون دائما إما بنكا أو مؤسسة مالية أو شركة اعتماد 171
تخصصه
إيجاري و نظ ار للكم الهائل من العقود التي يقوم بابرامها ،فال يمكن له التحكم بالجانب التقني
-167و التي تنص .... " :بسبب أن العقد يسمح للمستأجر بالتصرف ،بصفته وكيال للمالك ،في العمليات القانونية و
التجارية مع الغير و المرتبطة بعملية االعتماد اإليجاري " .
-168نسير رفيق ،مرجع سابق ،ص .76
-169بلهامل هشام ،مرجع سابق ،ص .6
-170حوالف عبد الصمد ،مرجع سابق ،ص .69
-171أيت ساحد كهينة ،مرجع سابق ،ص .65
56
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
لألصول المنقولة و العقارية فيتركها للمستأجر التمويلي الذي يفترض فيه علمه بها ،أي أن هذا
التنازل تمليه الضرورة العلمية.172
الفرع الثاني
مدى نجاعة تحويل االلتزام بالضمان من المؤجر التمويلي إلى المستأجر التمويلي
تقضي القواعد العامة في المادة اإليجارية بأن يتحمل المؤجر التزام ضمان تشويش االستمتاع
173
،لكن هذه القواعد تختلف إذا أردنا أن نطبقها على عقد االعتماد الذي يلحق بالمستأجر
اإليجاري ،إذ نجد المؤجر التمويلي و كأنه يعتبر نفسه غريب عن األموال المؤجرة و تحمل
مخاطر و مسؤولية ضمانها .
-172عسالي عبد الكريم " ،إعفاء المؤجر التمويلي من التزاماته العقدية " ،مرجع سابق ،ص .576
-173فخري رياض ،مرجع سابق ،ص .17
-174أنظر المادة 29من األمر رقم ، 96/69يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق .
-175فخري رياض ،مرجع سابق ،ص .17
-176يعتبر الشيء معيبا إذا لحقه تلف عارض يجعله على غير الحال الذي يكون فيه في الوضع العادي ،و تمنع
الشخص من استعماله وفقا للغاية المعدة لها .للمزيد من التفاصيل راجع :أمازوز لطيفة ،التزام البائع بتسليم المبيع في
القانون الجزائري ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم ،تخصص القانون ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة
مولود معمري ،تيزي وزو ، 0957 ،ص .791
57
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
الموجب للضمان أن يكون مؤث ار و خفيا و إذا توافرت الشروط يحق للمستأجر المطالبة بالفسخ أو
177
،لكنه بالنظر إلى عقد االعتماد اإليجاري فدور المؤجر التمويلي إنقاص األجرة أو التعويض
سلبي فيما يتعلق باختيار المعدات و كذا تحديد المواصفات بتفويضها للمستأجر التمويلي ،فهو
هنا معفى من هذه العيوب فمن غير المنطق تحمله خطأ ارتكبه المستأجر التمويلي ،فيقع هنا
االلتزام على عاتق هدا األخير كونه األكثر خبرة من الناحية العملية و الفنية من جهة و هو من
178
. تسلم من البائع أو المقاول من جهة أخرى
بالنظر إلى التشريعات المقارنة و مراعاة منها لتوازن األداءت بين المؤجر التمويلي و
المستأجر التمويلي أعطت لهذا األخير حق الرجوع مباشرة على المورد أو المقاول بجميع الدعاوى
التي تنشأ للمؤجر التمويلي ،خالفا للمشرع الجزائري الذي لم ينص على تحويل حقوق المؤجر
التمويلي للمستأجر التمويلي في الرجوع على البائع في حال إعفاء المؤجر التمويلي من
الضمان ،179فهذا ما منح البنوك و المؤسسات المالية و شركات االعتماد اإليجاري استغالل هذه
اإلمكانية في جميع عقود االعتماد اإليجاري التي تبرمها ،و تضمين عقودها بندا يتنازل فيه
المستأجر التمويلي عن متابعتها و عن طلب التعويض عن أي عيب خفي يظهر في األصول
المؤجرة.180
إن المؤجر ملزم كقاعدة عامة بضمان الحيازة و االنتفاع الهادئ باألصل للمستأجر بضمان
التعرض الشخصي منه سواء كان ماديا أو قانونيا .181هذا ما جاء في المادة 217من القانون
58
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
-182التي تنص " :على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة و ال يجوز
له أن يحدث بها ،أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا االنتفاع " .
-183يقصد بالتعرض هنا " كل فعل يؤدي إلى حرمان صاحب الحق في الضمان من كل أو بعض مزايا الحق الذي انتقل
إليه " .أنظر في ذلك :عسالي عبد الكريم ،عقد االعتماد اإليجاري الدولي ،مرجع سابق ،ص .791
184
- CHANTAL Bruneau , Le crédit-bail mobilier : ( la location de langue durée et la location avec option
d’achat ) , Banque éditeur , Paris , 1999 ,P 108 .
185
-GAVALDA CHristian , Crédit-bail , Dalloz , Paris , 1998 , P 04 .
-186عسالي عبد الكريم " ،إعفاء المؤجر التمويلي من التزاماته العقدية " ،مرجع سابق ،ص .517
-187أنظر المادة 71من األمر رقم ، 96/69يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق .
-188الخصاونة صخر أحمد ،عقد التأجير التمويلي ( :دراسة مقارنة مع القانون األردني مع إشارة إلى أحكام الفقه
اإلسالمي ) ،دار وائل ،عمان ، 0991 ،ص .576
59
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
و وقوعه أثناء مدة اإليجار أما األخير في عدم إسناد المؤجر التمويلي لحق ثابت له يستمده من
العقد أو من حكم قضائي صادر لمصلحته أو بموجب نص قانوني. 189
191 190
فال يضمن للمستأجر التمويلي التعرض المادي أما بالنسبة للتعرض الصادر من الغير
فيستند لشروط متمثلة في كون المتعرض من الغير و ال دخل للمؤجر التمويلي أو أحد أتباعه ،و
أن يكون التعرض ماديا أي ال يستند فيه لحق يدعيه كأن يسرق هذا الغير منقوالت المستأجر
التمويلي و أخي ار يشترط أن يحدث التعرض المادي بعد تسليم العين المؤجرة .192
أما التعرض القانوني الصادر من الغير فقد نص المشرع الجزائري صراحة بضمان كل سبب
يحول دون االنتفاع باألصل المؤجر و الناتج عنه شخص آخر ،إال أن المالحظ عدم توفير
ضمان كافي لحصول المستأجر التمويلي على الحقوق الناشئة عن هذا العقد جراء ترتيب المؤجر
التمويلي لحقوق للغير على األصول هذا ما يهدد المستأجر التمويلي إذا ما طالبه باستردادها
السيما إذا أعمل حق الشراء الممنوح له في نهاية فترة اإليجار.193
كما يمكن ينتفي التزام ضمان المؤجر التمويلي لتعرض الغير ،في حالة اشتراطه على
المستأجر التمويلي أنه غير مسؤول عن تعرض أتباعه ،و كذا تعرض الغير األجنبي فيرجع
المستأجر التمويلي مباشرة على مسبب الضرر استنادا للمسؤولية التقصيرية و كذلك بالنسبة للقوة
القاهرة كحالة حصول الحرب و حالة التعرض لإلعسار أو اإلفالس فيكون المؤجر التمويلي بمنأى
-189بسام أحمد مسلم حمدان ،التزام المؤجر بضمان التعرض و االستحقاق في عقد التأجير التمويلي ( :دراسة مقارنة
بين التشريعين األردني و المصري ) ،دار قنديل ،عمان ، 0959 ،ص .591
" -190الغير هو كل شخص له مصلحة تتعارض مع حق المستأجر غير المؤجر و خلفه العام "
-191يختلف التعرض المادي الصادر من الغير عن العرض المبني على سبب قانوني في أن المؤجر ال يضمن
للمستأجر ما يأتيه الغير من شدة و عنف تعرض النتفاعه .لمزيد من التفاصيل أنظر :بسام أحمد مسلم حمدان ،مرجع
سابق ،ص .510
-192عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ( :اإليجار و العارية ) ،ج ، 5ط ، 7منشورات
الحلبي الحقوقية ،لبنان ، 0999 ،ص .797
-193بخيت عيسى ،مرجع سابق ،ص .62
60
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
عن هذه المسؤولية و إذا دفع المؤجر التمويلي التعرض فيكون قد نفذ التزامه تنفيذا عينيا ،و إال
194
. وجب عليه تنفيذه بإنقاص األجرة أو فسخ العقد مع التعويض
إن الحماية التي منحت للمستأجر التمويلي فيما يخص مسألة الضمان سيئة ،حيث أنه من
جهة لم يمنح له حق الرجوع مباشرة على البائع ،و من جهة أخرى لقد تركه يقوم باختيار األصول
و تسلمها من البائع إلمكانية إعفاء المؤجر التمويلي .
الفرع الثالث
محافظة المستأجر التمويلي على األصل المؤجر :
بين محافظة الرجل العادي و الرجل الحريص
ال يمكن للمستأجر التمويلي أن يتحلل من المسؤولية تجاه المؤجر التمويلي حتى في حالة
تلف أو هالك األصل المؤجر بفعل القوة القاهرة ،و لهذا نقول أنه التزام بتحقيق نتيجة و هي
سالمة األصل المؤجر و عليه فيمكن القول أن المستأجر التمويلي يبذل أقصى عناية ،حتى و لو
لم يقم أثناء فترة العقد بها فيقوم بها في موعد رد األموال المؤجرة حيث يتبين فيها ذلك .
أوال :تقييد التزام المستأجر التمويلي في استعمال األصل المؤجر
تنص المادة 71من األمر رقم 96/69التي تخص المنقوالت على " :يلتزم المستأجر ،
خالل مدة االنتفاع باألصل المؤجر ،باستعمال هذا األصل حسب االستعمال المتفق عليه و أن
يحافظ عليه مثلما يفعل رب األسرة الحريص " ،و كما تنص المادة 76فقرة 2أيضا فيما يخص
األصول العقارية على أنه " ....االلتزام بعدم إحداث أي تغيير لألصل المؤجر أو تجهيز بدون إذن
المؤجر ،مهما كانت األسباب التي تدعو لذلك ،السيما إذا كانت هذه التغييرات أو التجهيزات
تهدد سالمة العقار المؤجر و تنقص من قيمته التجارية" ....
فيما يتعلق بالمنقول فالعقد يفرض على المستأجر التمويلي أن يضع المنقول في موضع
يضمن حسن استعماله من حيث تثبيته في المكان المخصص له و اتباع كل تعليمات البائع و
61
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
195
.أما العقار فيلتزم بأن ال يخالف ما تم احترام عدد ساعات المحددة من طرف المؤجر التمويلي
االتفاق عليه و تطبيق نصائح بائع العقار أو المقاول ،إذا يستنتج أن استعمال المستأجر التمويلي
لألصل ليس مطلقا بما أنه يجب في كل األحوال التقيد بتعليمات المورد و اتخاذ كل االحتياطات و
196
. هذا ما جاء في نص المادة 76فقرة 1من األمر رقم 96/69
يمنع على المستأجر التمويلي التعسف أي االستغالل المفرط الذي ينجر عنه إفساد األصل
المؤجر مما يشكل مسؤوليته و بدوره يشكل أحد األسباب المشروعة للفسخ . 197كما يمنع القيام
بعمليات اإليجار من الباطن أو التنازل عن األصل أو استبداله بعد موافقة مسبقة أو الحقة للمؤجر
التمويلي ، 198و هذا ألن هذا العقد من العقود التي تبنى على االعتبار الشخصي و كما أن
المستأجر التمويلي ال يتمتع إال بالحيازة العرضية من جهة أخرى كون هذا العقد إيجار فهو من
عقود األمانة فيفرض رد هذا األصل ،199فيحرص المؤجر التمويلي على أخذ تعهد من المستأجر
200
التمويلي بعدم إحداث أي تعديل أو تحويل في األصول
يمكن القول في األخير أن االلتزام بالضمان في الحقيقة يقع على عاتق المؤجر التمويلي لكن
المشرع الجزائري أورده ضمن الشروط االختيارية للعقد مما يمكنه من إعفاء نفسه من االلتزامات
الملقاة على عاتق صاحب الملكية . 201
62
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
ثانيا :االلتزام بالصيانة البسيطة و الضرورية يقع على عاتق المستأجر التمويلي
ال ينص صراحة عقد االعتماد اإليجاري على التزام المؤجر التمويلي بالصيانة ،فمن
الضروري الرجوع إلى القواعد العامة التي تفرض صيانة المأجور على عاتقه و إذا تأخر في ذلك
فيمكن للمستأجر إجباره على ذلك بالطرق القضائية وهي تسمي الصيانة الضرورية أما
202
. اإلصالحات الصغرى تبقى على عاتق المستأجر ما تسمى بالصيانة التأجيرية
لم يميز المشرع الجزائري في عقد االعتماد اإليجاري بين الترميمات التأجيرية و
الضرورية ،فهو يلزم المستأجر التمويلي بكلتيهما عكس المستأجر العادي حسب المادة 276من
القانون المدني الجزائري و المادة 77من األمر رقم . 20396 /69حيث أنه ككل مرة المؤجر
التمويلي يسارع إلى نقل هذا االلتزام من عاتقه إلى عاتق المستأجر التمويلي ليقوم به هذا األخير
204
،فالمستأجر التمويلي يقوم بدفع تكاليف كأنه التزام عليه ،بموجب نص صريح في العقد
205
فيلتزم وحده بالصيانة أي جميع مصاريف اإلصالح و الترميم الالزمة االحتفاظ باألصل المؤجر
206
،من صغيرة أو كبيرة و ال يمكنه اإلخالل بهذا االلتزام و إال ثارت مسؤوليته و وقع عليه الجزاء
هنا تظهر مصلحة المؤجر التمويلي في إبقاء العين المؤجرة صالحة إلعادة استئجارها عند
استردادها له ،و أن المستأجر التمويلي يتحمل ما ال طاقة له ،فتلزمه بالمحافظة على الضمان
-202عليان عدة ،توازن األداءات في عقد االعتماد اإليجاري ،أعمال الملتقى الوطني حول عقود األعمال و دورها في
تطوير االقتصاد الوطني ،كلية الحقوق ،جامعة عبد الرحمان ميرة ،بجاية ،يومي 59و 57ماي ، 0950ص 071
أنظر أيضا :واجي عزيز ،حقوق و التزامات المؤجر في القانون الجزائري ،بحث متوفر على الموقع :
'http://droit7.blogspot.com
-203نسير رفيق ،مرجع سابق ،ص . 17
-204بن بريح آمال ،مرجع سابق ،ص .170
-205و هي " التكاليف الدورية للمحافظة على األصل مثل التأمين و الصيانة و الضرائب و غيرها من التكاليف الالزمة
لالحتفاظ باألصل " ،أنظر في ذلك :حمدي شحدة زعرب ،معوقات تطبيق التأجير التمويلي كأداة لتمويل المشروعات
االقتصادية ( دراسة تطبيقية على المؤسسات المالية غير المصرفية العامل في فلسطين ) ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير،
تخصص المحاسبة و التمويل ،كلية التجارة ،الجامعة اإلسالمية ،غزة ، 0955 ،ص .09
206
-Pascal Philippossian ,Le crédi –bail et leasing , outil de financement locatif , sefi , Paris , 1998 , P 33 et 34 .
63
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
لفائدته بإلزامه باستعمال األصل في إطار الحدود المسطرة مسبقا منه لكون هذه القواعد تحافظ
207
،كما يصعب عليه القيام بأي تحسينات على األصل و هذا لضرورة دائما على مصلحته
الحصول على موافقة المؤجر التمويلي الذي يصعب إقناعه بجدوى تلك التحسينات ألن آخر همه
208
. مدى الكفاءة اإلنتاجية لآلالت طالما أنه يتلقى بدل اإليجار في جميع األحوال
ثالثا :التأمين غرضه تعويض المؤجر التمويلي أم المستأجر التمويلي ؟
إن األصل في القواعد العامة أنه إذا هلكت األموال المؤجرة كليا بفعل القوة القاهرة أو بسبب
209
سواء ال يد للمستأجر فيه ،فإن تبعة الهالك تعود على مالكها القانوني فيترتب عنه فسخ العقد
هالكا كليا أم جزئيا فيكون للمستأجر طلب إنقاص بدل اإليجار أو الفسخ.210
لكن ما يتميز به عقد االعتماد اإليجاري أنه يحمل المستأجر التمويلي كافة المخاطر
فيفرض بهذا على المستأجر التمويلي المتعلقة بالمأجور و يعفي ذمة المؤجر التمويلي
التأمين211حتى و إن كان السبب راجع لقوة قاهرة ال يتفادى ذلك إال إذا كان راجع إلى عمل المؤجر
64
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
التمويلي ، 212و ال يقف األمر حيث يشترط أن ال تقل قيمة التأمين مجموع األقساط اإليجارية غير
المدفوعة ،و ما يبرر مثل هذه الشروط أن المؤجر التمويلي يقوم بدور تمويلي بحت فيسعى إلى
213
. الحصول على قيمة األصل الذي موله مضافا إليه هامش ربح معين إليه
يصدر المؤجر التمويلي وثيقة التأمين التي يغطي جميع األضرار أو الخسائر التي تنجم
عن الحريق أو السرقة أو الفيضان ...مما يمكن أن تغطي المخاطر الناجمة عن حراسة هذه
214
كما يمكن للمؤجر التمويلي أن يؤمن على نفقة المستأجر التمويلي إذا أهلك ، األموا ل
التزام ه ، 215و تجنبا لعدم قيام المستأجر التمويلي بالتأمين يمتلك المؤجر أجهزة خاصة به
للتأمين.216
يجب التفريق بين ما كان الهالك كليا فينفسخ العقد من تلقاء نفسه و يقبض المؤجر
التمويلي التأمين من الشركة مباشرة إذا كان األصل منقوال ،أما إذا كان عقا ار فيلتزم بإعادة بناء
العقار و العقد يبقى ساري المفعول حتى يتم تخصيص مبلغ التعويض الذي تدفعه شركة التأمين
إلعادة بنائه ،ويتحمل المستأجر التمويلي كل عبئ مالي ال يغطيه التعويض ،أما إذا كان
الهالك جزئيا فال مجال للتمييز بين العقار و المنقول فيتعهد المستفيد بإعادة األصل إلى حالته
217
. األولى و ذلك على نفقته
أخي ار يظهر أن االلتزام بالتأمين على األصل منطقي كون مبلغ الـتامين قد دفع من أجل
-212بن عزوز ربيعة " ،دور القوالب العقدية المختلفة في تعزيز مركز المؤجر في عملية اإليجار التمويلي " ،أعمال
الملتقى الوطني حول عقود األعمال و دورها في تطوير االقتصاد الجزائري كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة عبد
الرحمان ميرة ،بجاية ،يومي 59و 57ماي ، 0950ص .796
-213بخيت عيسى ،مرجع سابق ،ص .551
-214دويدار هاني محمد ،مرجع سابق ،ص .251
-215الخصاونة صخر أحمد ،مرجع سابق ،ص .091
-216تمتلك شركة التأجير في فرنسا أجهزة خاصة بها يقوم المستأجر بالتأمين لديها مثل شركة )) LOCAFRANCE
و في حالة عدم امتالك المؤجر أجهزة خاصة به بفرض على المستفيد التأمين لدى شرة يوافق عليها أوال .راجع في ذلك
دويدار هاني محمد ،مرجع سابق ،ص .251
-217عليان عدة ،مرجع سابق ،ص .019
65
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
إعادة األصل إلى حالته األصلية فيخفف من عبئ الهالك الذي يتحمله المستفيد و ضمان المؤجر
التمويلي بقاء األصل المؤجر صالحا الستيفاء حقه في األجرة ،و لكن يبقى أن المستأجر التمويلي
هو المبادر إلصالح األصل فإن العدالة العقدية تقضي أن يسترجع هذا المبلغ الذي أنفقه من
التعويضات التي يقبضها المؤجر التمويلي من شركة التأمين .
الفرع الرابع
المستأجر التمويلي يتحمل مسؤولية األضرار التي تسببها األصول المؤجرة للغير
لم يكتفي األمر 96/69بنقل المسؤولية عن الهالك فحسب ،بل رتب على هذا األخير أية
مسؤولية ناشئة عن حراسة األموال موضوع العقد ،و بالمقابل إعفاء المؤجر التمويلي رغم كونه
218
،فقد تركت هذه المسألة التفاق األطراف مع ذلك يفهم من عدة مواد تحمل المستأجر المالك
التمويلي ذلك.
بعدما أعفى المؤجر التمويلي نفسه من جميع أعمال الصيانة الالزمة فال يعقل أن ال يعفي
نفسه كذلك من مسؤولية الضرر الذي قد يصيب الغير من جراء تهدم األصل المؤجر ،219فبالعودة
إلى القواعد العامة فمسؤولية مالك البناء تنهض إذا أثبت المضرور أن الضرر يرجع إلى نقص
220
،و لو كان البناء بين يدي الحارس وقت تهدمه و لهذا في الصيانة أو قدم البناء أو عيب فيه
221
،و ال يعفى المالك إال إذا أثبت عدم تعديه أو المالك الرجوع إلى من كان البناء تحت حراسته
66
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
تقصيره . 222
لما كان المستفيد في عقود االعتماد اإليجاري يتمتع بحق االنتفاع باألصل و يتسع نطاق
توجيهه و اإلشراف عليه دون تدخل المؤجر التمويلي ،223فحرص هذا العقد على تضمين شرط
نمطي يعد المستأجر التمويلي بموجبه حارس لألصل المؤجر اعتبا ار من تاريخ تسلمه له إلى غاية
224
،فيحرص فيه المؤجر التمويلي على تأكيد مسؤولية المستأجر التمويلي في انقضاء مدة العقد
جميع األحوال سواء كان الضرر ناتجا عن تقصير في االستعمال أو إهماله أو عيب في األصل
226 225
أو القوة القاهرة أو خطأ المقاول ،و ال تنفك المسؤولية عليه إال إذا أثبت السبب األجنبي
227
في هذه الحالة يرجع المستأجر التمويلي على هذا األخير بدعوى أو المهندس المعماري
228
. الضمان أو يرجع على بائع المال باعتباره ملزم بضمان العيوب الخفية
ثانيا :المسؤولية الناشئة عن حراسة األشياء
إن األموال المؤجرة إذا كانت أشياء فإن حراستها تتطلب السيطرة الفعلية عليها الستغاللها
بالنظر إلى طبيعة األشياء أو الظروف المحيطة بها ،و بتطبيق ذلك في عقد االعتماد اإليجاري
فال شك في وجوب اعتبار المستفيد هو حارس األصل فتنتقل المسؤولية إليه ،فيرتب ذلك
مسؤوليته عن األضرار التي تلحق الغير بسبب األصل ،لكن ذلك ال يأمن المؤجر التمويلي من
رجوع المضرور عليه بالمسؤولية و هذا راجع إلى قرينة الحراسة ،حيث يفترض بموجبها مالك
67
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
229
،فتقوم مسؤولية الشيء هو حارسه و هذا في حالة جهل المضرور بنقله للحراسة لشخص آخر
المستأجر التمويلي ( الحارس ) على أساس الخطأ المفترض فهي مقررة بحكم قاعدة في القانون ،
حيث يمكن نقضها وهذا بإثبات الحالة الطارئة الخارجة عن اإلرادة ،231 230
لكن تبقى قرينة بسيطة
و بالتالي ليس على المضرور إثبات خطأ المستأجر التمويلي إال إذا أثبت هذا األخير أن األصل
232
. المؤجر لم يكن بيده لحظة وقوع الحادث
يتبين مما تقدم أن المشرع الجزائري يميل إلى إعفاء المؤجر التمويلي من المسؤولية المدنية
فهو يشجع العملية التمويلية ، 233بينما تكون مسؤولية المستأجر التمويلي واسعة سواء كانت
جسمانية أو مادية ،فيتبين جليا اختالل التوازن بين أداءات أطراف هذا العقد ألنه من غير
المنطق أن يتحمل المستأجر التمويلي جميع األخطار الناجمة عن األصل المؤجر فيعتبر إجحافا
في حقه .
-229و المقصود هنا بالحراسة هو من كانت له قدرة االستعمال و التسيير و الرقابة أما الشيء في نطاق هذه المسؤولية
فهو كل شيء مادي غير حي باستثناء الحيوانات التي تحكمها المادة 576من ق م ج ،فيعتبر شيئا المنقوالت السيارات،
اآلالت الميكانيكية .أنظر في ذاك :حوالف عبد الصمد ،مرجع نفسه ،ص .559
-230عسالي عبد الكريم " ،إعفاء المؤجر التمويلي من التزاماته العقدية " ،مرجع سابق ،ص .511
-231بلهامل هشام ،مرجع سابق ،ص .502
-232عسالي عبد الكريم " ،إعفاء المؤجر التمويلي من التزاماته العقدية " ،مرجع سابق ،ص .511
-233أيت ساحد ،مرجع سابق ،ص .16
68
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
المبحث الثاني
حماية المؤجر التمويلي في مرحلة إنهاء العقد ما بين القواعد اآلمرة و المكملة
إن عقد التأجير التمويلي من عقود المدة ،ينقضي بانتهاء المدة المتفق عليها و المحددة
في العقد أي بحلول أجله ،و بذلك يكون العقد قد انقضى نهاية طبيعية عن طريق التنفيذ ،أي
بأداء كل طرف من أطراف العقد االلتزامات المترتبة عليه بموجب هذا العقد ،ويمنح فيها المؤجر
التمويلي ثالث خيارات للمستأجر التمويلي كما سيأتي بيانه ( المطلب األول ) .
و لكن قد ينتهي كذلك العقد نتيجة عدم تنفيذ أحد المتعاقدين اللتزاماته ،فهنا نطبق نظرية
الفسخ و لها خصوصية في عقد اإليجار التمويلي و يتم الفسخ في عقد االعتماد اإليجاري إما بناء
على طلب المستأجر التمويلي و هو ما يكون ناد ار ،أو من قبل المؤجر التمويلي إذ أخل
المستأجر التمويلي بالتزاماته وذلك إعماال لشرط الفاسخ الصريح .
المطلب األول
تكريس حماية للمؤجر التمويلي عند نهاية مدة العقد
( النهاية الطبيعية )
إن عقد االعتماد اإليجاري ينقضي بانتهاء مدته المحددة في العقد ،و يمنح المستأجر
الخيارات الثالثة ،إذ له شراء األصل المؤجر محل عقد االعتماد اإليجاري ،أو رد األصل ،أو
تجديد العقد لمدة أخرى ،و هذا ما يبين الطابع الخصوصي لهذا العقد ،و هذا ما ورد في نص
المادة 59من األمر رقم 96 / 69يتضمن االعتماد االيجاري .234
-234المادة 59من األمر رقم ، 96/ 69يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق.
69
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
الفرع األول
شراء المستأجر التمويلي األصل المؤجر
يعتبر هذا الخيار إحدى الخصائص التي تميز عقد اإليجار التمويلي عن العقود التي قد
تشتبه به و هو بمثابة تنفيذ للمؤجر لوعده المنفرد بالبيع .فما هي أحكام هذا الخيار ؟
أوال :كيفية شراء األصل المؤجر
حتى يتمكن المستأجر من الشراء يجب عليه أن يعلن رغبته في الشراء ،فوجب على طرفي
العقد أن يحددا في العقد الميعاد الذي يجب فيه على المستأجر إبداء رغبته فيها إذا ما قرر هذا
األخير إعمال هذا الخيار ،و إذا لم يكن هناك تحديد لهذا الموعد جاز للمؤجر التمويلي توجيه
إعالن للمستأجر التمويلي قبل انتهاء مدة العقد كي يحدد موقفه في األصل المؤجر ،أما عن
الطريقة التي يتم بها إعالن المستأجر التمويلي عن رغبته في استعمال خيار الشراء فحددها المشرع
في رسالة مضمونة الوصول قبل 51يوم من التاريخ المحدد إلعالن الرغبة في الشراء ،وفقا
للمادة 21فقرة 5من األمر 96/69يتضمن االعتماد اإليجاري ،و يترتب عن فوات هذه المدة ،
235
. تنازل المستأجر التمويلي عن هذا الحق
ثانيا :تحديد ثمن شراء األصل المؤجر
تطبيقا لمبدأ حرية الشخص في التعاقد الذي يعتبر كأساس من األسس التي يقوم عليها مبدأ
سلطان اإلرادة ،فإن لطرفي العقد الحرية في االتفاق على تحديد ثمن شراء األصل في العقد الذي
يلتزم المستأجر التمويلي بدفعه إلى المؤجر التمويلي في حالة شرائه لألصول المؤجرة ،و عند
تحديد الثمن يجب مراعاة أقساط األجرة التي أداها المستأجر إلى المؤجر طوال فترة اإليجار ،إذ أن
القيمة اإليجارية في عقد اإليجار التمويلي تكون مرتفعة نسبيا مقارنة بعقد اإليجار العادي ألنها
ليست مقابل االنتفاع فقط و إنما تشمل ثمن شراء األصل المؤجر خالل الفترة غير القابلة لإللغاء
كذلك نفقات إتمام الصفقة و هامش ربح مرض ،لذا يقبل على استعمال خيار الشراء ألنه يتم
-235أنظر المادة 21من األمر رقم ، 96/69يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق .
70
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
مقابل القيمة المتبقية التي لم تغطيها أقساط األجرة ،و على المستأجر التمويلي معرفة الثمن الذي
سيشتري به األصل المؤجر منذ انطالق مدة اإليجار و يعد ذلك محف از له على استعمال األصل
استعماال يطيل من عمره ،ألنه هو من سيتملكه في المستقبل ،و يعتبر ذلك أيضا بمثابة ضمان
236
،فلوال هذا التحديد لفرض للمستأجر التمويلي من تعسف المؤجر التمويلي بتضخيم الثمن
المؤجر التمويلي إرادته على المستأجر التمويلي عند نهاية العقد و يطلب ثمنا مغاال فيه مما
يضطر المستأجر التمويلي إلى عدم إعمال حقه في الشراء ،كذلك يتفق الطرفان على أداء ثمن
237
و مكان دفعه ،و في حالة عدم االتفاق تطبق شراء األصل محل عقد االعتماد اإليجاري
القواعد العامة لعقد البيع المنصوص عليها في المادة 717من الق م ج التي تقضي بأنه " :يدفع
ثمن البيع في مكان تسليم البيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك ،فإذا لم يكن ثمن
البيع مستحقا وقت تسلم المبيع وجب الوفاء به في المكان الذي يوجد فيه موطن المشتري وقت
استحقاقه الثمن" 238و بمجرد دفع المستأجر التمويلي هذا الثمن و وفق ما يقتضيه القانون فإن عقد
البيع ينعقد ،و يلتزم المؤجر التمويلي بمقتضاه بنقل ملكية األصل إلى المستأجر التمويلي .
نجد أن شراء األصل يعبر عن مصلحة المؤجر التمويلي فمن خالله يؤمنه من رجوع األصل
إليه و إعادة التفكير في تأجيره أو القيام ببيعه مع صعوبة ذلك ،خاصة إذا ما أهلكه استعمال
المستأجر التمويلي له .
الفرع الثاني
رد المستأجر التمويلي لألصل المؤجر بالحالة المثبتة في محضر التسليم
في حالة عدم اختيار المستأجر التمويلي شراء األموال المؤجرة أو تجديد العقد ،يصبح خيار
الرد أم ار طبيعيا فيكون ملزم برد األموال المؤجرة بالحالة الطبيعية و بشكل سليم ،فحرية إرادة
-236خدروش الدراجي ،النظام القانوني لعقد االعتماد اإليجاري في التشريع الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في
الحقوق ،تخصص قانون األعمال ،كلية الحقوق ،جامعة منتوري ،قسنطينة ، 0996 ،ص .517
-237بخيت عيسى ،مرجع سابق ،ص .507
-238المادة 717من األمر رقم ، 11 / 17يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق .
71
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
239
فيجب أن تنصب على مواضيع غير مخالفة للنظام العام و المستأجر في هذه الحالة مقيدة
اآلداب العامة.240
أوال :تعويض المستأجر التمويلي في حالة تبديد األصل المؤجر
إن القانون منح الحرية ألطراف العقد في االشتراط و االتفاق وفقا لما يحقق مصالحهم في
العقد و هذا دون اإلخالل بما نص عليه القانون ،إال أن مبدأ الحرية التعاقدية انتكس مفعوله
فأصبحت إرادة المشرع تحل محل إرادة األطراف ،حيث ألزم المشرع الجزائري المستأجر التمويلي
أن يعيد األموال المؤجرة إلى مالكها كما استلمها في الحالة األولى ،فيلتزم المستأجر التمويلي برد
تلك األصول بالحالة و الشروط المتفق عليها في العقد ،241كما يبين المؤجر التمويلي الحالة التي
يجب أن تكون عليها األموال المؤجرة عند ردها في نهاية العقد ،و يمكن أن يستعين بخبراء لتقييم
و معاينة حالة األموال المؤجرة عند ردها و التحقق مما إذا كانت بحالة جيدة أم ال ،فإذا و جدتها
في حالة استهالك غير عادي و غير مألوف يلزم المستأجر التمويلي بالتعويض ،كما يكون
المستأجر التمويلي ملزما بدفع تعويض مالي للمؤجر عما لحقه من ضرر و ما فاته من كسب
242
. لتأخره برد األصل إلى مالكه
www. Howekw. com -239إبراهيم خليل ،عقد الليزنغ ،مصر . 0991 ،متوافر على الموقع اإللكتروني :
-240مهند مختار نوح ،اإليجاب و القبول في العقد اإلداري ( دراسة مقارنة ) ،منشورات الحلبي ،لبنان ، 0991 ،ص
. 15
-241بن بريح أمال ،مرجع سابق ،ص .090
-242نادر عبد العزيز شافي ،مرجع سابق ،ص . 712
72
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
إذا امتنع المستفيد عن تنفيذ التزامه برد األصل المؤجر طالما لم يعلن عن رغبته في الشراء
يعد المستأجر التمويلي في هذه الحالة متركبا لجريمة خيانة األمانة و ذلك عمال
و ال التجديد ّ ،
. 243
بالمادة 791من قانون العقوبات
فالمؤجر التمويلي يغتنم هذه الفرصة لرفع دعوى جزائية ضد المستأجر إذا لم يرد األموال
محل عقد االعتماد االيجاري عند انتهاء مدة اإليجار ،و تطبق عليه عقوبة إساءة األمانة إذا امتنع
244
. عن الرد بصفته مستأج ار لها
وأشار د".عسالي عبد الكريم " إلى أن ملكية األصل المؤجر تظل للمؤجر التمويلي ،لذلك
يعد مرتكبا
ال يمكن للمستأجر التمويلي أن يتصرف في هذه األشياء و إذا حدث و أن بددها ،فإنه ّ
لجريمة خيانة األمانة. 245
الفرع الثالث
تجديد المستأجر التمويلي لعقد االعتماد االيجاري
إذا انتهت مدة عقد االعتماد اإليجاري و لم يرغب المستأجر في شراء األصل رغم أن
حاجاته إلى هذا المال مازالت قائمة ،فيمكنه أن يختار تجديد عقد االعتماد اإليجاري لفترة جديدة
قد تكون أقل من المدة األولى أو قد تعادلها أو تفوتها ،و هذا بحسب ما يتفق عليه
الطرفين246وفقا لإلرادة المشتركة بين المتعاقدين .
-243أمر رقم 519 /99مؤرخ في 1جويلية ، 5699يتضمن ق ع ج ،ج ر عدد ، 26صادر في 55جويلية
، 5699معدل و متمم .
-244نادر عبد العزيز شافي ،مرجع سابق ،ص . 712
-245عسالي عبد الكريم "،الطبيعة الخاصة و المميزة لعقد االعتماد اإليجاري الدولي" ،المجلة األكاديمية للبحث القانوني،
كلية الحقوق و العلوم السياسية ،عدد ، 5جامعة عبد الرحمان ميرة ،بجاية ، 0957 ،ص . 11
-246حوالف عبد الصمد ،مرجع سابق ،ص .502
73
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
فتجديد العقد ال يعتبر تمديدا للعقد األول ألن شروط العقد األول تختلف عن شروط العقد
الثاني بحيث يكون العقد الجديد أقل حدة من العقد األصلي ،حيث تكون مدته أقل و أجرته كذلك،
نظ ار لالضمحالل االقتصادي لألصل و نظ ار إلى أن المستأجر قد استرد أكبر قسط من المال
،و يشترط أن يكون هذا التجديد صريحا و ليس ضمنيا ألن تجديد عقد 247
الذي كلفه شراء األصل
االعتماد اإليجاري يكون بشروط جديدة أخف من شروط العقد األول ،خاصة ما يتعلق بالقيمة
اإليجارية ،هذا خالفا للقواد العامة التي تقرر بالتجديد الضمني عندما ينتهي العقد السابق و
يستمر المستأجر في االنتفاع باألموال المؤجرة دون معارضة من المؤجر و يعتبر هذا التجديد
الضمني إيجا ار جديدا ال مجرد امتداد لإليجار األصلي ، 248فتجديد العقد من مصلحة المؤجر
التمويلي حيث يحقق مزايا أكثر من تلك التي يحققها في حالة فسخه ما إذا سمحت القدرات المالية
للمستأجر التمويلي بمواصلة دفع أقساط اإليجار ، 249و ينتهي العقد الجديد بانتهاء المدة المتفق
عليها ،و إذا لم يتضمن العقد الجديد مدة يعتبر مجددا لمدة مماثلة للمدة األولى وفقا للقواعد
. 250
العامة ،و عند حلول أجل العقد الجديد يكون للمستأجر التمويلي نفس خيارات العقد األول
المطلب الثاني
تكريس حماية مبالغ فيها للمؤجر التمويلي في حالة فسخ العقد
(النهاية غير الطبيعية )
إن عقد التأجير التمويلي من العقود الملزمة لجانبين ،فهو يرتب التزامات في ذمة كل طرف
من أطرافه ولهذا فيعمل المؤجر التمويلي على إعمال الشرط الفاسخ في عقوده ،ليقي نفسه من
عجز المستأجر التمويلي .
74
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
الفرع األول
الشرط الفاسخ الصريح في العقد
إن من الصعب تصور و إثبات خطأ المؤجر التمويلي فهو الذي يقوم بترتيب هذا العقد
بشكل ال يسمح له بالخطأ ،مقارنة بالمستأجر التمويلي الذي يكون مهددا بالفسخ في كل فترة
العقد.
أوال :إخالل المستأجر التمويلي بأحد التزاماته التعاقدية
يعتبر االلتزام بدفع األجرة من أهم االلتزامات الملقاة على عاتق المستأجر التمويلي في عقد
اإليجار التمويلي ، 251و قد نصت المادة 70من األمر 96/69على ما يلي " :يجب على
المستأجر التمويلي أن يدفع للمؤجر التمويلي مقابل حق االنتفاع باألصل المؤجر وفي التواريخ
المتفق عليها ،المبالغ المحددة كإيجارات في العقد.252
و يظهر جليا انتكاس مبدأ سلطان اإلرادة فيما يخص أسباب فسخ هذا العقد إذ أن
المستأجر التمويلي إمكانية منحه طلب الفسخ ضئيلة جدا مقارنة بالمؤجر التمويلي ،فالمشرع
الجزائري شدد في أسباب الفسخ حيث أن إخالل المستأجر التمويلي بدفعه لقسط واحد فقط من
اإليجار و أي مخالفة منه ألي من الشروط العامة أو الخاصة يمنح الحق للمؤجر التمويلي فسخ
العقد نظ ار أن التزامات المستأجر التمويلي أتت بصياغة آمرة ،هذا إلى جانب حق المؤجر
التمويلي في طلب إلزام المستأجر بدفع بدالت اإليجار المستحقة و التعويض عما لحقه من ضرر
253
. ناتج عن عدم قيام المستأجر بدفع بدل اإليجار
75
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
رغم أن القواعد العامة تقضي بعدم جواز طلب فسخ العقد طالما لم يخل المتعاقد بالتزاماته
254
إال أن المؤجر التمويلي ليقي نفسه من خطر إعسار المستأجر التمويلي و عجزه عن العقدية
مواجهة األعباء الناشئة عن العقد ،يضمن عقوده دائما شرطا فاسخا صريحا في العقد إذا ما
نظر إلعفاء المؤجر التمويلي
صدر قرار بإشهار إفالس المستأجر و بالتالي فسخ العقد ،و هذا ا
نفسه من معظم التزاماته و إلقائها على عاتق المستأجر التمويلي بحكم أنها أتت بصياغة مكملة
مقارنة بالتزامات المستأجر التمويلي ،لهذا يتحمل هذا األخير أعباء اإلصالحات الكبرى و
الصغرى مما يرتب العجز عن مواجهة هذه األعباء في حالة إفالسه ،وعلة اعتبار اإلفالس سبب
فسخ عقد اإليجار التمويلي هو االعتبار الشخصي ،و يعتبر اإلفالس أحد طرق التنفيذ على أموال
255
. التاجر المدين المتوقف على أداء ديونه المستحقة
ووفاء المستأجر التمويلي المفلس اللتزاماته التعاقدية يكاد يكون معدوم ألن الحكم بشهر
اإلفالس يغل هذا األخير عن إدارة أمواله من تاريخ صدور الحكم بشهر اإلفالس و كذلك تخليه
عن كل سلطة في التصرف في هذه األموال ، 256فعند إعالن شهر إفالس المستأجر التمويلي ال
تدخل األموال المؤجرة ضمن الضمان العام للدائنين و ال ضمن أموال التفليسة هذا ألن تلك
األموال ليست ملك له بل هي ملك للشركة المؤجرة و هو ما يؤكده عقد االعتماد اإليجاري.257
76
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
-258ومفهوم االعتبار الشخصي للمستأجر التمويلي في مجال العقود أن مقومات المتعاقد الشخصية من حيث الكفاءة و
الخلق و االئتمان تلعب دور جوهري في نشأة الرابطة العقدية و تنفيذها ،و للمزيد من التفاصيل أنظر :بخيت عيسى ،
مرجع سابق ،ص .506
-259ا لصفدي عبير الطوال ،التأجير التمويلي ( مستقبل صناعة التمويل ) ،دار المناهج للنشر و التوزيع ،عمان ،
، 0957ص .77
-260فخري رياض ،مرجع سابق ،ص . 16
77
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
-261أنظر المادة 56ف 5من األمر رقم ، 11/71يتضمن القانون المدني ،مرجع سابق .و المواد 57و 09من
األمر رقم ، 96/69يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق .
-262فخري رياض ،مرجع سابق ،ص .19
-263دويدار هاني ،مرجع سابق ،ص .299
264
- BEY-el Mokhtar & GAVALDA Christian, Le crédit-bail mobilier collection que suis-je ? p.u.f Paris , 1er
éd, 1981 , p 13 .
265
- CREMIEUX Israël : Leasing et crédit - bail mobilier , aspects juridiques comptables est fiscaux , Dalloz ,
Paris , 1975 , p 53 .
78
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
يمكن إثارة مسؤولية المؤجر التمويل و ال طلب فسخ العقد على أساس إخالله بهذا االلتزام ،266و
من هنا يظهر اختالل التوازن الفادح في األداءات بين طرفي العقد .
ثانيا :طلب الفسخ من طرف المستأجر التمويلي دائما مقيد بشروط من المؤجر التمويلي
إن مبدأ سلطان اإلرادة له دور في إنشاء حقوق و التزامات األطراف فإن األصل أن العقد
شريعة المتعاقدين فلكل من الطرفين طلب الفسخ إذا أخل الطرف اآلخر بالتزاماته ،وهذا أيضا ما
نص عليه األمر 96/69يضمن االعتماد اإليجاري ،إال أن الواقع عكس ذلك نتيجة تقييد المشرع
الجزائري لحق المستأجر التمويلي في طلب فسخ عقد االعتماد اإليجاري بعدم استعماله طوال المدة
غير القابلة لإللغاء طبقا للمادة 59فقرة 7من األمر 96 / 69السالف الذكر ،التي تنص على
ما يلي " :يضمن للمؤجر قبض مبلغ معين من اإليجار مدة تدعى " الفترة غير القابلة لإللغاء " ال
،تكون المدة غير القابلة 267
يمكن خاللها إبطال اإليجار إال إذا اتفق الطرفان على خالف ذلك"
لإللغاء موافقة لمدة اإليجار التي يتم تحديدها باتفاق األطراف ، 268أما عن مدة اإليجار فإنها يمكن
أن توافق المدة المتوقعة للعمر االقتصادي لألصل المؤجرة فالمستأجر التمويلي ال يحق له طلب
فسخ العقد إذا هلكت األموال موضوع عقد االعتماد اإليجاري قبل نهاية مدة اإليجار المتفق عليها،
كما أنه ال يستطيع طلب فسخ العقد نظ ار لكون أداءات المؤجر التمويلي تنحصر في حدود ضيقة
ال تترك مجاال واسعا إلثارة مسؤوليتها .و يشترط على المستأجر التمويلي الحصول على موافقة
المؤجر التمويلي في حالة التزامه بتقديم مستأجر جديد ،و ال ينتج الفسخ في هذه الحالة إال من
يوم إبرام عقد اإليجار الجديد في عقد اإليجار .فافسخ العقد من قبل المستأجر التمويلي ال يكون له
أية فائدة من الناحية العملية نظ ار الضطرار هذا األخير إلى المضي في تنفيذ العقد حتى نهايته،
بمجرد استالمه لألصل المؤجر عوض فسخه ،بما أنه الصلح له.269
79
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
الفرع الثالث
خصوصية آثار الفسخ
يترتب على فسخ العقد كقاعدة عامة زوال االلتزامات التي نشأت عنه ،فيصبح العقد ال
وجود له ،270فهذا األثر يصعب تطبيقه على عقد االعتماد اإليجاري ألن الفسخ فيه يرتب أثره وقت
271
. الحكم به
أوال :استرداد المؤجر التمويلي لألصل المؤجر
يؤدي فسخ عقد االعتماد اإليجاري إلى استرداد المؤجر التمويلي لألموال المؤجرة باعتباره
المالك لها ، 272وهذا مقابل أقساط األجرة المدفوعة فهي ذو أهمية فهي مصدر دخل المؤجر
التمويلي. 273
-1كيفية استرداد األصل المؤجر:
يلتزم المستأجر التمويلي برد األصل عند نهاية مدة اإليجار كاملة و بحالة جيدة و إال اعتبر
مرتكبا لجريمة الخيانة كما سبق شرحه .
نصت على استرداد المؤجر التمويلي لألصول المؤجرة على إثر فسخ العقد المادة 09من
األمر رقم 96 / 69المتعلق باالعتماد اإليجاري على ما يلي ":يمكن المؤجر التمويلي طوال مدة
عقد االعتماد اإليجاري و بعد إشعار مسبق و /أو إعذار لمدة خمسة عشرة ( )51يوما كاملة ،
حدا لحق المستأجر في االنتفاع باألصل المؤجر و استرجاعه بالتراضي أو عن طريق
أن يضع ّ
مجرد أمر غير قابل لالستئناف يصدر بذيل العريضة عن رئيس محكمة مكان إقامة المؤجر ،و
ذلك في حالة عدم دفع المستأجر التمويلي قسطا واحدا من اإليجار ،و في هذه الحالة يمكن
المؤجر أن يتصرف في األصل المسترجع عن طريق تأجيره ،أو بيع أو رهن الحيازة أو عن طريق
-270حمو حسينة ،انحالل العقد عن طريق الفسخ ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،تخصص قانون المسؤولية
المهنية ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ، 0955 ،ص .19
-271بن بريح أمال ،مرجع سابق ،ص .076
-272نادر عبد العزيز شافي ، ،مرجع سابق ،ص .729
-273أيت ساحد كهينة ،مرجع سابق ،ص .579
80
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
ّأية وسيلة قانونية أخرى لنقل الملكية ،و يعد كل بند مخالف لعقد االعتماد اإليجاري بندا غير
محرر" . 274يتضح من خالل المادة أنه يحق للمؤجر التمويلي استرداد األصل المؤجر سواء كان
بالتراضي أو عن طريق القضاء ،كلما توقف المستأجر عن دفع و لو لقسط واحد من أقساط
األجرة ،و لكن بعد إشعار أو إعذار هذا األخير بذلك لمدة 51يوما كاملة .
إن المشرع الجزائري منح الحق للمؤجر التمويلي في حالة إفالس المستأجر التمويلي أو في
إطار التسوية القضائية باسترداد األصل نظ ار لالمتياز الذي يتمتع به بين جماعة الدائنين العاديين
275
. خصوصا االحتفاظ بالملكية
يحتفظ المؤجر التمويلي بملكية األصل المؤجر طيلة مدة اإليجار ضمانا ضد مخاطر إعسار
المستفيد و يتم إعمال هذا الضمان عند فسخ العقد من خالل استرداد األصل ،فالواقع ال يمثل هذا
االسترداد استعادة المؤجر التمويلي لألصل المؤجر بقدر ما هو استئثار بالقيمة السوقية لألصل
التي تسمح بإهالك ما لم يتم إهالكه من رأس مال الشركة من خالل أقساط األجرة و هذا
بالتصرف فيه سواء بالبيع أو التأجير ،وهذا عمال بالمادة 09من األمر رقم 09/96السالف
276
،و يترتب على استرداد المؤجر التمويلي لألصل استرداد حقه في التصرف فيه من الذكر
جديد بالتنازل عليه ،رهنه أو إيجاره .277
-274المادة 09من األمر رقم ، 96 / 69يتعلق باالعتماد اإليجاري ،مرجع سابق .
-275أيت ساحد كهينة ،مرجع سابق ،ص .577
-276بن الشيخ هشام ،مرجع سابق ،ص .577
-277و ذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة 09أعاله " ...و في هذه الحالة يمكن المؤجر التمويلي أن يتصرف في األصل
المسترجع عن طريق تأجير أو بيع أو رهن الحيازة أو عن طريق الحيازة أم عن أية وسيلة قانونية أخرى لنقل الملكية . "...
81
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
إن فسخ عقد االعتماد اإليجاري يضمن للمؤجر التمويلي في استرداد ثمار الشيء باعتباره
278
،إال أن استرداده لألصل المؤجر ال يهمه بقدر ما تهمه قيمته السوقية عند االسترداد بما ملكا له
أنه يتصرف فيه مرة أخرى إما بالبيع أو إيجاره من جديد لصالح مستأجر آخر من أجل إهالك
كامل رأسماله الذي لم يتم إهتالكه من خالل أقساط اإليجار المدفوعة ،وقيمة األصل السوقية
تبقى بالغة األهمية في أي مرحلة يكون فيها العقد و حتى عند نهاية مدة العقد ،فكلما تم فسخ
عقد االعتماد اإليجاري خالل فترة قصيرة من إبرام العقد يحتفظ األصل بقيمته ،بمعنى أنه عند
استرداد المؤجر التمويلي لذلك األصل تزداد فرص إعادة بيعه أو إيجاره بقيمة مرتفعة من تلك التي
يمكن أن يتم بها إعمال الفسخ بعد مرور مدة طويلة من إبرام العقد ، 279وعند نهاية مدة العقد
وارجاع المستأجر أصل المؤجر يجب أن تكون القيمة المتبقية تساوي القيمة السوقية تفاديا لتحمل
280
. الخسارة من طرف المؤجر التمويلي و إال فهو يواجه مخطر القيمة المتبقية
ثانيا :إعمال المؤجر التمويلي للشرط الجزائي حماية لمصلحته
إن الطبيعة المالية لعقد االعتماد اإليجاري تجعل من المؤجر التمويلي الطرف األكثر
281
. تضر ار من الفسخ هذا ما أدى إلى إعماله لشرط جزائي ضمن الشروط العامة لعقوده
-278سليمان براك دايح " ،الفسخ بوصفه ضمانا للتنفيذ " ،مجلة كلية الحقوق للعلوم القانونية و السياسية ،كلية القانون،
http:// www.iasj.net/ جامعة األنبار ،العراق ،د س ،ص . 552متوافر على الموقع
-279أيت ساحد كهينة ،مرجع سابق ،ص . 577
-280حجاج منال ،االعتماد اإليجاري بين المعيار المحاسبي الدولي رقم ( )57و المعيار المحاسبي اإلسالمي رقم ()91
بالتطبيق على حالة الجزائر ( دراسة حالة ناتكسيس الجزائر و بنك البركة لسنة ، ) 0955مذكرة لنيل شهادة الماستير ،
تخصص دراسات محاسبية و جبائية معمقة ،كلية العلوم التجارية و التسيير و العلوم االقتصادية ،جامعة قاصدي مرباح،
ورقلة ، 0955 ،ص . 11
-281دويدار هاني محمد ،مرجع سابق ،ص . 157
82
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
تنص المادة 579من التقنين المدني الجزائري على أنه " :إذا استحال على المدين أن ينفذ
االلتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ،ما لم يثبت أن استحالة
282
التنفيذ نشأت عن سبب ال يد له فيه ،و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه"
و يتضح من خالل هذه المادة أن وضع البند الجزائي لتعويض المؤجر عن األضرار التي تلحق به
من جراء عدم تنفيذه دون أن يكون له يد في استحالة التنفيذ ،و هذا ما ينطبق على عقد االعتماد
283
في حالة إخالل المستأجر التمويلي اإليجاري إذ يستحق مبلغ التعويض المحدد في العق د
284
،و تنص المادة 57من األمر رقم 96 / 69المتعلق باالعتماد اإليجاري بالتزاماته التعاقدية
على ما يلي " :إن فسخ عقد االعتماد اإليجاري خالل الفترة الغير القابلة لإللغاء من قبل طرف
من األطراف ،تمنح الطرف اآلخر حق التعويض الذي يمكن تحديد مبلغه ضمن العقد في إطار
بند خاص ،أو في حالة انعدام ذلك ،عن طريق الجهة القضائية المختصة وفقا لألحكام القضائية
285
المطبقة على الفسخ التعسفي للعقود"
و يتضح من خالل المادة أن فسخ عقد االعتماد اإليجاري من قبل المؤجر التمويلي يرتب
إضافة إلى استرداد األصل المؤجر ،إلى تضمين عقوده بندا باالتفاق مع الطرف األخر يفرض
من خالله جزاء عن فسخ العقد في حالة إخالل المستأجر التمويلي بالتزاماته التعاقدية و هو ما
يعرف بالشرط
286
.ويجب أن ال يقل مبلغ التعويض إذا كان المستأجر التمويلي في حالة عدم الجزائي
قدرة حقيقية عن الوفاء بالمبلغ الخاص باإليجارات المستحقة المتبقية ،و التي تعتبر في هذه الحالة
-282المادة 579من األمر رقم ، 11 / 71يتضمن القانون المدني الجزائري ،مرجع سابق .
-283أيت ساحد كهينة ،مرجع سابق ،ص .529
-284نادر عبد العزيز شافي ،مرجع سابق ،ص .719
-285أنظر المادة 57ف 0من األمر رقم ، 96 / 69يتضمن االعتماد اإليجاري ،مرجع سابق .
-286يقصد بالشرط الجزائي مبلغ التعويض المحدد مسبقا أثناء العقد ،أو في اتفاق الحق عن الضرر الممكن حدوثه عند
إخالل أحد المتعاقدين بتفيذ التزامه ،و هو ما جاء في المادة 517من ق م ج .أنظر في ذلك :أيت ساحد كهينة ،
مرجع سابق ،ص.579
83
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
بمثابة تعويض اتفاقي عن فسخ العقد ،287إال إذا وجد اتفاق على خالف ذلك كأن يشتمل مبلغ
التعويض عالوة على أقساط اإليجار المستحقة و غير المدفوعة من كل ملحقاتها ،مبلغ مالي
معادل لمجموع أقساط اإليجار التي لم يحن وقت استحقاقها بعد عند تاريخ فسخ العقد ،و كذا
الضرائب و الرسوم المستحقة للمستأجر.
ويحدد التعويض االتفاقي في القواعد العامة ،بما لحق الدائن من خسارة عمال بالمادة 510
فقرة 5من األمر رقم 11 /71يتضمن القانون المدني الجزائري ، 288أما في عقد االعتماد
اإليجاري يتم تحديده على أساس أقساط األجرة المستحقة المتبقية حرصا من المؤجر التمويلي
على ضمان إهالك كامل رأسمالها و الحصول على عوائده على نحو يسمح له بتحقيق الربح وفقا
للمادة 57فقرة 5من األمر رقم 96 /69يتضمن االعتماد اإليجاري ،و يقصد باألجرة المتبقية
289
. األجرة المستحقة غير المدفوعة و التي تستحق مستقبال
و يسعى المؤجر التمويلي من خالل تنفيذ عقد االعتماد اإليجاري إلى تحقيق هدفه الجوهري
الذي يمثل في تحقيق كامل رأسماله ،و يتحقق هذا اإلهالك بمضيه في تنفيذ العقد ،لذلك يمكن
أن يواجه مخاطر كلما تم فسخ العقد ،األمر الذي يدفعه إلى إلزام المستأجر التمويلي بدفع
التعويض المقرر بموجب الشرط الجزائي الوارد في العقد ،من أجل ضمان إهالك رأسماله إضافة
290
. إلى استرداد األصل المؤجر نتيجة الفسخ
ويظهر إذن دور الشرط الجزائي في نفس الدور الذي يلعبه استرداد األصل نتيجة فسخ
العقد ،كما أن كل منهما يمكن أن يعرض المؤجر التمويلي إلى مخاطر مختلفة ،فإذا كان استرداد
األصل يعرض هذا األخير إلى مخاطر تسويق األصل ،فإنه يتعرض في حالة عدم دفع التعويض
84
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
اإلتفاقي لمخاطر إعسار المستأجر التمويلي و عجزه عن مواجهة أعبائه المالية و من أجل التقليل
من هذه المخاطر يجمع المؤجر التمويلي بين أمرين فيفرض التزاما على المستأجر التمويلي بدفع
291
. التعويض االتفاقي و يبرم مع البائع اتفاقا للمساهمة في التصرف في المنقول
-2المبالغة في الشرط الجزائي :
غالبا ما يحدد مبلغ الشرط الجزائي كتعويض عن الفسخ على أساس بدالت اإليجار المتبقية
لم تستحق و ذلك بنسبة 2/1أقساط اإليجار المتبقية لم تستحق متضمنة الضرائب منذ تاريخ
الفسخ ،و قد ترتفع هذه النسبة إلى مجموع األقساط المتبقية ،وقد تنخفض إلى 7/2و ناد ار ما
تكون النصف ،فإن تحديد التعويض اإلتفاقي بجميع أقساط اإليجار المتبقية التي لم تستحق له
أكبر دليل على أن ما يهم المؤجر التمويلي هو باألساس ضمان إهالك كامل رأسماله و الحصول
على ربحه ،فهو يتوقف على حسابات مالية يوازن فيها بين مزايا قبض الشرط الجزائي بعد الفسخ
و إمكانية توظيف األصل في صفقات جديدة و مقدار عوائد رأس المال الذي ال يحصل عليه
بسبب فسخ العقد و عدم استكمال الوفاء بأقساط األجرة.292
و قد أشار البعض إلى تجاوز الشرط الجزائي الحدود المعقولة نظ ار ألن المؤجر التمويلي
يجمع بين استرداد األصل بما له من قيمة سوقية من جهة و بين الحصول على مبلغ التعويض
من جهة أخرى ،فيمكن في هذا الصدد التساؤل عما إذا كان يجوز تبرير هذا الجمع بالمخاطر
التي يواجهها المؤجر التمويلي التي تتمحور حول مخاطر السوق و مخاطر إعسار المستأجر
التمويلي؟ لكن مخاطر هذا اإلعسار هي من المخاطر التي يتعرض لها كل دائن في عالقاته
بمدينه و المؤجر التمويلي هنا يواجه هذا الخطر بالحصول على ضمانات عديدة أهمها على
اإلطالق حق ملكية األصل المؤجر ،و ما يؤكد استعداده لمواجهة هذه المخاطر اتفاقه مع البائع
على التعاون معه .و بالمقابل يواجه المستأجر التمويلي وضعية صعبة جدا فيلتزم بدفع التعويض
85
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
و هو يمثل نسبة كبيرة من أقساط بدالت اإليجار التي لم يستطع دفعها باإلضافة إلى التوقف عن
انتفاعه باألصل المؤجر ،مما يعرضه للتنفيذ الجبري على أمواله للحصول على هذا التعويض.293
ثالثا :سلطة القاضي في تعديل الشرط الجزائي
باستقراء أحكام المواد 517و 512من الق المدني الجزائري ،هناك حالتين يتدخل فيها
القاضي إما إلنقاص الشرط الجزائي أو الزيادة فيه . 294لكن هل تطبق هذه األحكام على عقد
االعتماد اإليجاري ؟
تنص المادة 57فقرة 0من األمر رقم 96/69سالف الذكر على " :ما عدا القوة القاهرة أو
التسوية القضائية أو إفالس المستأجر ينجز عنه تصفية هذا األخير عندما يتعلق األمر بشخص
معنوي ،و بصفة عامة ،ما عدا عدم قدرة حقيقية للمستأجر عن الوفاء ،شخصا طبيعيا كان أو
معنويا ،فإنه يترتب عن فسخ عقد االعتماد اإليجاري خالل الفترة غير القابلة لإللغاء ،في حالة
ما إذا تسبب فيه المستأجر ،دفع التعويضات المنصوص عليها في الفترة السابقة لصالح المؤجر،
بحيث ال يمكن أن يقل مبلغ التعويضات عن المبلغ الخاص باإليجارات المستحقة المتبقية إال إذا
اتفقا األطراف على خالف ذلك ضمن العقد" .
يالحظ من خالل هذه المادة أنه ال يمكن للمستأجر التمويلي أن يتمسك بما جاء في المادة
512فقرة 0من التقنين المدني الجزائري السالف الذكر و المطالبة بتخفيض التعويض إلى أقل
من مجموع أقساط األجرة المستحقة المتبقية ،وهو ما يقصد منه أن هذا األخير هو الحد األدنى
الذي يمكن أن يكون عليه التعويض االتفاقي و هو ما تأكده المادة 05فقرة 0من األمر رقم /69
96يتضمن االعتماد اإليجاري السالف الذكر ،على " :يفصل القاضي في دفع اإليجارات
86
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
المتبقية و المستحقة و كذا التعويض المغطي للخسائر المحتملة و ما فاته من كسب حسب مفهوم
المادة 510من القانون المدني الجزائري ".295
فيشمل مبلغ التعويض الذي يقوم القاضي بتحديده في حالة عدم تحديده في العقد ،
التعويض المغطي للخسائر المحتملة نتيجة عدم إهالك كامل رأسماله المستثمر ،و ما تكبدته من
نفقات مالية و نفقات تخزين األصل المسترد ،و مصروفات بيعه أو تأجيره ،كما يغطي ما فات
المؤجر التمويلي من كسب و الذي يتمثل في هوامش الربح المتضمنة في األجرة التي لم يستوفيها
296
،و هذا فضال عما تحصل عليه إثر فسخ العقد من استرداد األصل المستأجر التمويلي بعد
المؤجر و الذي يكون في أغلب األحوال في حالة جيدة .
فضال عن كل ما قيل آنفا عن إجحاف الشرط الجزائي لحق المستأجر التمويلي لكون هذا
التعويض ال يعبر عن الضرر الالحق بالمؤجر التمويلي ،عالوة على ذلك فال يسمح بتخفيضه
من طرف القاضي مقارنة بالتشريعات المقارنة التي تعطي الفرصة للمستأجر التمويلي بدفع مبلغ
297
. أقل من مجموع أقساط األجرة المتبقية
و يظهر موقف المشرع الجزائري في الشرط الجزائي من خالل إمعان النظر في نص المادة
57من األمر رقم 96/69المتعلق باالعتماد اإليجاري أنه كان متأث ار بعدم قابلية عقد االعتماد
اإليجاري لالنقسام ن هذا ألنه رتب على فسخ عقد االعتماد اإليجاري خالل الفترة غير القابلية
لإللغاء لعدم قدرة المستأجر على الوفاء أن يدفع هذا الخير تعويضا ال يمكن أن يقل عن ال يمكن
298
. أن يقل المبلغ الخاص باإليجارات المستحقة
87
انكماش مبدأ الحرية التعاقدية بعد مرحلة تكوين العقد الفصل الثاني
فيمكن استنتاج أن المؤجر التمويلي دائما يلجأ إلى تطبيق مبدأ سلطان اإلرادة لصالحه من
أجل إضافة شروط أو بنود تضمن مصالحه و تحقق أهدافه ،فهو بهذه الحالة يستغل هذا الشرط
الجزائي و عدم قابليته للتخفيض من القاضي لضمان تعويض األضرار التي يمكن أن تصيبه في
كل مراحل سريان العقد .
و أخي ار تجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري في األمر رقم 96/69المتعلق باالعتماد
اإليجاري لم ينظم اآلثار القانونية المترتبة على فسخ عقد االعتماد اإليجاري و هذا ما فسح المجال
لشركات االعتماد اإليجاري و البنوك و المؤسسات المالية المؤهلة لهذه العمليات استغالل هذه
299
. الثغرات التي نجدها في هذا العقد فوجب على المشرع الجزائري التدخل لسده
88
خـــــاتمـــــة
في الختام يمكن استخالص أن عجز مبدأ سلطان اإلرادة على احتواء تقنية عقد االعتماد
اإليجاري هو الذي أدى بنا إلى عرض هذا التحليل المتواضع من أجل التنبيه إلى ضرورة إعادة
صياغة قواعد األمر رقم 09/96الذي يتضمن االعتماد اإليجاري ،بما يتيح قدر من التكافؤ بين
مصالح كال الطرفين ،المؤجر التمويلي من جهة و المستأجر التمويلي من جهة أخرى .
نستند في ذلك إلى كون مبدأ سلطان اإلرادة هو صاحب السلطان األكبر في تكوين العقد و في
تحديد آثاره ،و إذا أردنا تسليط الضوء على عقد االعتماد اإليجاري فيما يخص هذا المبدأ فنلمس
فيه تراجعا ملحوظا له ،أو بعبارة أخرى فهو ينحاز إلى طرف واحد في العقد و هو الطرف القوي
(المؤجر التمويلي) ،و يظهر هذا جليا عند تفحصنا لألحكام المنظمة له و كذا العقود التي يبرمها ،
فمن هنا يمكن لنا تغيير مفهومه في عقد االعتماد اإليجاري و القول أن هذا العقد ليس تعبير عن
إرادتين أو أكثر حرة ،بل تعبير عن إرادة قوية من الناحية االقتصادية .
و إذا كان من المفترض أن يقوم الطرفان معا بعملية تكوين العقد ووضع الشروط العامة ،
أي أن تتفقا إرادتهما على الرفض أو التعديل أو الفسخ ،فإن هذا األمر ال ينطبق على عقد االعتماد
اإليجاري ،نظرا لقيام المؤجر التمويلي بهذا لوحده دون أي تدخل من المستأجر التمويلي مستغال
بذلك تفوقه االقتصادي و موقعه القوي في العالقة بحكم أنه الممول فيها ،ليفرض من الشروط ما
يخدم مصالحه إلى أقصى درجة ،حتى ولو أدى إلى المساس بمصالح المستأجر التمويلي ،ليجد
هذا األخير نفسه مجبر على اإلذعان لشروط لم يساهم فيها بحكم حاجته الماسة للتمويل التي أدت به
العتماد هذه العملية فيجد نفسه محصور بين الرضوخ لهذه الشروط و الحصول على التمويل ،أو
رفضها ليرفض المؤجر التمويلي بدوره التعاقد .300
تعود أساسا كل هذه االختالالت إلى النظام القانوني لهذا العقد و ليس إلى التنظيم االتفاقي
فحسب ،و ما يفسر ذلك هو التباين الملحوظ في صياغة القواعد القانونية المتعلقة بأداءات أطرافه،
حيث استخدم المشرع الجزائري القواعد اآلمرة في كل مرة يرى فيها مصلحة للمؤجر التمويلي من
جهة ،و إعطاء البدلة المكملة لمعظم حقوق المستأجر التمويلي من جهة أخرى ،مما يمنح إمكانية
مخالفتها .
ويمكن القول أن هذا ما فسح المجال أمام شركات االعتماد اإليجاري الستغالل الثغرات
الموجودة في األمر رقم : 09/96و أول ما يمكن أن نستهل به هو ربط المتعاقدين بصفة ضيقة مما
يفتح مجال النزاع بينهما ،وعدم اإلشارة إلى بعض األحكام التي نعتبرها ذو أهمية بالغة نذكر منها
عدم ذكره و لو لمرة واحدة لعقد البيع السابق لعقد االعتماد اإليجاري أي لعملية االعتماد اإليجاري
و العالقة بين أطرافها الثالثة ،إضافة إلى عدم إعطاء المستأجر التمويلي الحق في رفع دعوى
الرجوع على المورد في حالة وجود عيب في األصل مع إعفاء المؤجر التمويلي نفسه من ضمان
هذه العيوب فبهذا يجد المستأجر التمويلي نفسه محروم من أي حماية قانونية ،فقد وسع المشرع
الجزائري من حاالت إعفاء المؤجر التمويلي من الضمان .
90
خـــــاتمـــــة
و تجدر اإلشارة إلى ضرورة إعادة النظر في أحكام هذا القانون إلرساء نوع من التوازن في
المراكز القانونية بين هاذين الطرفين و خاصة ضرورة األخذ بأحكام اتفاقية أوتاوا التي تعمل على
تكريس هذا التوازن ،فوجب على المشرع الجزائري إعادة تكييف عقد االعتماد اإليجاري تكييفا
دقيقا و صريحا و إفراد أحكام خاصة و مفصلة آلثار العقد بموجب قواعد آمرة توزع األدوار بين
المؤجر التمويلي و المستأجر التمويلي بصفة عادلة بمنح هذا األخير حق الرجوع على البائع أو
المورد بدعوى مباشرة في حالة العيوب الخفية نتيجة إعفاء المؤجر التمويلي من الضمان ،أما في
مسألة الجزاء يجب التمييز بين اإلخالل البسيط الذي يكون في حالة عدم دفعه لقسط واحد فيكون
جزاءه الوفاء به و التعويض عن الضرر الذي لحق المؤجر التمويلي نتيجة ذلك ،وبين اإلخالل
الجسيم و الذي يكون في عدم دفعه ألكثر من قسط واحد فجزاءه هنا يكون الوفاء بكل األقساط
المستحقة و المتبقية أو الفسخ ،كما يجب منح القاضي إمكانية التدخل إلعادة التوازن المفقود بين
طرفي العقد بالحد من الشروط التعسفية .
91
: الملخص
إن تكييف المشرع الجزائري لعقد االعتماد اإليجاري بعقد اإليجار ال يخدم مصالح المؤجر
أما في، فهو يعمد على تطبيق أحكام اإليجار التقليدي كلما كان ذلك من مصلحته، التمويلي دائما
الحالة العكسية فيلجأ إلى تطبيق مبدأ سلطان اإلرادة من أجل إضافة شروط أو بنود تضمن مصالحه
و أمام منح المشرع الجزائري هذه الحرية الواسعة للطرفين في وضع شروط، و تحقق أهدافه
وجد المؤجر التمويلي، وتحديد التزاماتهما سواء في مرحلة إبرام العقد أو تنفيذه أو إنهاءه، العقد
و وضع، استغالال لمركزه القوي في العقد سبيال للتنصل من التزامات كثيرة مفروضة عليه أصال
و هذا، حتى و لو كان على حساب مصالح المستأجر التمويلي، شروط تخدم مصالحه الشخصية
. ما جعله يهيمن على المضمون االتفاقي للعقد و المساس بالتوازن العقدي
Résumé :
Adapter le législateur algérien de tenir l’accréditation pour la location par
le contrat de location ne sert pas toujours les intérêts du bailleur. Il est
baptisé sur l'application des dispositions du bail traditionnel chaque fois
dans son intérêt, mais dans le cas contraire, il recourt à l'application du
principe de volonté afin d'ajouter des conditions ou des clauses qui
garantissent ses intérêts et lui permettent d’atteindre ses objectifs. Et
devant cette liberté accordée par le législateur algérien pour les deux
parties contractantes dans l’élaboration des termes du contrat, et la
détermination de ses obligations à la fois dans la phase de signature du
contrat, de son exécution ou à sa résiliation, le bailleur a trouvé, en
exploitant sa position forte dans le contrat, un moyen d'éviter bon nombre
des obligations qui lui sont déjà imposées et mettre en place des conditions
qui servent ses intérêts personnels, même si, au détriment des intérêts du
locataire. Ceci fait qu’il domine le contenu de la convention et compromet
l’équilibre du contrat.