You are on page 1of 103

‫جامعة عبد الرحمان ميرة –بجاية‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم التعليم األساس ي للحقوق‬

‫محاضرات في مادة‬
‫القانون املدني‬
‫(أحكام االلتزام ‪ :‬تنفيذ االلتزام واألوصاف املعدلة آلثاره)‬

‫محاضرات موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس حقوق‬

‫من إعداد الدكتورة‪:‬‬


‫بالش ليندة‬

‫السنة الجامعية ‪2019-2018‬‬


‫قامئة أمه اخملترصات‬
‫ّ‬
‫أوال‪ -‬باللغة العربية‬

‫ج رج ج ‪ :‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‬

‫د‪.‬م‪.‬ن‪ :‬دون مكان النشر‬

‫د‪.‬س‪ .‬ن‪ :‬دون سنة النشر‪.‬‬

‫ص‪ :‬صفحة‪.‬‬

‫ص ص‪ :‬من الصفحة… إلى… الصفحة‪.‬‬

‫ط ‪ :‬الطبعة‪.‬‬

‫ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‪.‬ج‪ :‬قانون إلاجراءات املدنية وإلادارية‬

‫ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ :‬قانون الاجراءات الجزائية‬

‫ق‪ .‬أ ‪.‬ج‪ :‬قانون ألاسرة‬

‫ق‪.‬م‪.‬ج‪ :‬القانون املدني‬

‫ثانيا ‪ -‬باللغة ألاجنبية‬


‫‪Ed : Editions.‬‬
‫‪IBID : In before indication document .‬‬
‫‪Op. cit : Opus Citatum (Référence Précitée).‬‬
‫‪O. P. U : O.P.U: Office des Publications Universitaires‬‬
‫‪P : Page.‬‬
‫‪T : Tome.‬‬
‫‪Vol :Volume.‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫موعة من القواعد التي يضعها مشرع ما لتنظيم املعامالت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعبر مفهوم القانون‬
‫املدني عن مج ٍ‬
‫بين ألافراد مع بعضهم البعض‪ ،‬وتنقسم قواعد هذا القانون إلى قواعد آمرة والتي ال يمكن الاتفاق على‬
‫ّ‬ ‫مكملة والتي ُت ّ‬
‫مخالفة أحكامها‪ ،‬وقواعد ّ‬
‫طبق في حالة عدم الاتفاق على ما يخالفها‪ ،‬ويعتبر الهدف‬
‫الرئيس ّي من وضع هذه القواعد هو تنظيم كيفية التعامل بين ألافراد‪ ،‬وتعيين الحقوق والالتزامات‬
‫لجميع ألاطراف‪ ،‬بهدف منع حدوث أي نزاعات‪.‬‬
‫يعتبر القانون املدني أهم فروع القانون الخاص على الاطالق‪ ،‬فهو الشريعة العامة للقانون‬
‫الخاص‪ ،‬بمعنى أنه بمثابة املرجع العام لتنظيم جميع العالقات التي تنشأ بين أفراد املجتمع في ألاحوال‬
‫التي تسكت فيها الفروع املشتقة عن القانون املدني عن تنظيم مسألة من املسائل التي تدخل في‬
‫عد نظرية الالتزام من أهم موضوعات القانون املدني‪ ،‬وهي تهتم بدراسة عالقة الفرد بغيره‬ ‫نطاقها‪ ،‬وت ّ‬
‫من حيث املال‪ ،‬حيث تدخل في دائرتها كل عالقات التبادل املالي‪ ،‬كما تعني كذلك بدراسة جبر الضرر‬
‫الذي يلحق الغير في مجال املسؤولية‪.‬‬
‫يعرف الالتزام كموضوع من مواضيع هذه النظرية على أنه رابطة بين شخصين أو رابطة بين‬
‫ذمتين ماليتين‪ ،‬فهو واجب قانوني يقع على الشخص يسمى املدين‪ ،‬يلزمه بالقيام بأداء أو الامتناع عن‬
‫عمل ذي قيمة مالية ملصلحة شخص آخر يسمى الدائن‪ ،‬والذي يكون له سلطة اجباره على أدائه‪،‬‬
‫ومهما كان موضوع الالتزام‪ ،‬باعطاء ش يء‪ ،‬أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل‪ ،‬فهو ينشأ عن سبب‬
‫معين أي مصدره فاملقصود بمصدر الالتزام هو السبب الذي أنشأ الالتزام‪ ،‬فيكون التزام املشتري بدفع‬
‫الثمن هو عقد البيع‪ ،‬والتزام املتسبب في الضرر بالتعويض هو العمل املستحق للتعويض‪ ،‬والتزام الاب‬
‫بالفقة هو القانون‪ ،‬وعدد هذه املصادر هو خمسة في القانون املدني الجزائري وهي العقد‪ ،‬الارادة‬
‫يعد تصرفا قانونيا‪ ،‬باالضافة إلى الفعل الضار والفعل النافع‪ ،‬وكذلك القانون الذي‬ ‫املنفردة‪ ،‬وكليهما ّ‬
‫يعتبر املصدر املباشر وغير املباشر لكل الالتزامات‪.‬‬
‫فإن ألاثر الجوهري الذي يترتب عليه بعد قيامه صحيحا هو وجوب‬ ‫ومهما كان مصد الالتزام‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫ً‬
‫قيام املدين بالتنفيذ طوعا وبمحض إرادته واختياره وضمن املدة املحددة ويسمى ذلك بتنفيذ الالتزام‬
‫اختيارا‪،‬هذه هي القاعدة العامة وألاصل في تنفيذ الالتزامات تطبيقا لنص املادة ‪ 061‬من ق م التي تنص‬
‫على أنه‪ " :‬املدين ملزم بتنفيذ ما تعهد به‪ ،1"...‬وهذا تطبيق ملبدأ حسن النية والثقة املتبادلة بين‬

‫‪ -1‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،55‬صادر بتاريخ ‪91‬‬
‫سبتمبر ‪ ،0357‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫الناس‪ ،‬فمتى نشأ الالتزام صحيحا‪ ،‬فإنه يكون صالحا إلنتاج آثاره القانونية والتي تتلخص في ضرورة‬
‫ّ‬
‫وإال ّ‬
‫فإن الالتزام ينفذ جبرا على‬ ‫قيام املدين بتنفيذه واختيارا استجابة لعنصر املديونية في الالتزام‪،‬‬
‫يعبر عنها بعنصر املسؤولية‪ ،‬وهذا هو الاستاناء على القاعدة‬ ‫املدين تحقيقا لقوته القانونية التي ّ‬
‫بالتنفيذ بطريقين هما التنفيذ العيني الجبري أو بالتنفيذ بطريق التعويض‪.‬‬
‫ّ‬
‫وملا نتحدث عن امكانية جبر املدين على التنفيذ إذا كان ال يزال ممكنا‪ ،‬فإننا نعني بذلك الالتزام‬
‫املدني‪ ،‬والذي يختلف بدوره عن الالتزام الطبيعي‪،2‬الذي وإن كان يحتفظ بعنصر املديونية في ذمة‬
‫املدين‪،‬إال أنه يفتقد لعنصر املسؤولية‪،‬أي عدم إمكانية إجبار املدين على تنفيذه طبقا للمادة ‪0/061‬‬
‫التي تنص على أنه‪ ... ":‬غير أنه ال يجبر على تنفيذ إذا كان الالتزام طبيعيا"‪ ،3‬والسبب في ذلك لكونه‬
‫قضاء النقضاء مدة املطالبة به‪-‬التقادم‪ -‬وبالتالي ال تسمع دعوى‬ ‫ً‬ ‫تحول إلى مانع قانوني من املطالبة به‬
‫ً‬
‫املطالبة به ويرده القاض ي لتقادمه زمنيا وعادة ما يكون ذلك بالتقادم الطويل ‪ 07‬سنة في أغلب‬
‫القوانين املدنية املقارنة‪ ،‬ويفهم من هذا أن الالتزام الطبيعي ال يحميه القانون‪ ،‬فهو يتحول إلى إلتزام‬
‫اخالقي على املدين‪ ،‬ولكن يبقى الوفاء به وفاء صحيحا‪ ،‬وتترتب عليه جميع آثار الوفاء بااللتزام املدني‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الذي يجمع مابين عنصر املديونية وعنصر املسؤولية أي وجوب تنفيذه من املدين اختيارا أو جبرا إن‬
‫اقتض ى ألامر‪.‬‬
‫غير ّأن أحكام الالتزام ال تقتصر فقط على آثاره البسيطة‪ ،‬فحسب بل تتناول موضوعات أخرى‬
‫هي على وجه التحديد أوصاف الالتزام ‪ ،‬فإن كان الالتزام في وجوده معلقا على أمر مستقبل غير محقق‬
‫الوقوع‪ ،‬فإنه يكون معلقا على شرط واقف‪ ،‬وإذا كان زوال الالتزام معلقا على أمر غير محقق الوقوع‪،‬‬
‫فإنه يكون معلق على شرط فاسخ‪ّ ،‬أما إذا كان نفاذ الالتزام مضاف إلى أمر مستقبل محقق الوقوع‬
‫فإنه يكون مضاف إلى أجل واقف‪ ،‬وإذا كان زواله مضاف إلى أمر محقق الوقوع ‪ ،‬فإنه يكون مضاف إلى‬
‫أجل فاسخ ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن أوصاف الالتزام كذلك تعدد أطرافه‪ ،‬فقد يكون الدائن أكثر من شخص واحد‪ ،‬وقد يكون‬
‫املدين أكثر من شخص واحد‪ ،‬هنا تثور مسألة التضامن بين الدائنين أو املدنين إذا تعددوا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-L’appellation d’obligation naturelle s’opose a celle d’obligation civile. Celle-ci caracterisé la situation‬‬
‫‪de contrainte du débiteur, le crréancier etant admis a exiger l’exicution , au besoin en recourant a des‬‬
‫‪mesure d’éxicution forcée.Celle- la est, au contraire, une obligation qui ne comporte pas tel pouvoir de‬‬
‫‪contrainte : le créancier ne peut forcer le débiteur a l’exécution ; il ne peut le porsuivre en justisce a cet‬‬
‫‪effet.Voir FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les‬‬
‫‪obligations/ le rapport d’obligation, 2éme Ed, Dalloz , Paris, 2001, p. 37.‬‬
‫‪ -3‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫يتغير فيه شخص الدائن أو شخص املدين‪،‬‬ ‫والالتزام باعتباره عالقة بين دائن ومدين يجوز أن ّ‬
‫فااللتزام بذلك قابل لالنتقال والتحول من شخص لآلخر‪ ،‬وانتقال الالتزام من جانب الدائن يسمى‬
‫حوالة الحق ّأما انتقاله من جانب املدين فيسمى حوالة الدين‪.‬‬
‫وأول سبب النقضائه هو تنفيذه‬ ‫غير ّأن الالتزام ال يوجد مؤبدا على الدوام فمصيره الانقضاء‪ّ ،‬‬
‫أي عن طريق الوفاء‪ ،‬ومع ذلك فهناك أسباب أخرى النقضائه غير الوفاء وهي الوفاء بمقابل‪ ،‬التجديد‪،‬‬
‫املقاصة ‪ ،‬اتحاد الذمة‪ ،‬وقد ينقض ى الالتزام بدون وفاء الستحالة تنفيذه أو التقادم‪.‬‬
‫وكما ذكرنا فإن األصل ّأن الالتزام املدني إذا نشأ في ذمة الشخص بفعل مصدر من مصادره‪،‬‬
‫فإنه يولد أثرا قانونيا‪ ،‬وأول هذه آلاثار تنفيذ الالتزام طبقا ملا اشتمل عليه‪ ،‬وتنفيذ الالتزام من املدين‬
‫البد أن يكون طوعا ‪ ،‬وخالل املدة املتفق عليها‪ ،‬فاألصل في تنفيذ الالتزامات هو التنفيذ العيني‬
‫الاختياري أي وفاء املدين بعين ما التزم به‪ ،‬لكن غالبا ما يمتنع أو يتأخر املدين في تنفيذ التزامه‪ ،‬أو‬
‫تنفيذه تنفيذا معيبا أو تنفيذا جزئيا‪ ،‬ألامر الذي يخول الدائن امكانية اللجوء إلى القضاء إلجبار‬
‫املدين على تنفيذ عين ما التزم به إذا كان ذلك ممكنا‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتنفيذ العيني الجبري‪ ،‬وإذا لم‬
‫يكن ممكنا فينفذ بطريق التعويض‪ ،‬فالحقبة التي كان یحق فيها للدائن أن یتولى بنفسه القیام‬
‫بالتنفیذ على أموال املدین قد زالت‪ ،‬وأصبح آلان التنفیذ من اختصاص السلطة العامة فهي التي تملك‬
‫وسائل القهر و إلاجبار وبالتالي لیس للدائن أن یقتض ي حقه بنفسه( ‪nul ne se fait justice‬‬
‫‪ ) par soi- même‬وإنما الذي یتدخل الجبار املدین على التنفیذ هو السلطة العامة‪ ،4‬إما عن‬
‫طریق اللجوء إلى القضاء الستصدار حكم یتم التنفیذ بموجبه أو عن طریق املوثق بالنسبة للعقود‬
‫الرسمیة ویتم التنفیذ عن طریق أشخاص یمتلكون صفة الضابط العمومي و منهم املحضر القضائي‬
‫فيتخذ التنفيذ في هذه ألاحوال صيغة الجبر‪.‬‬
‫ونظرا التساع نطاق نظرية الالتزام وشمولية موضوعاتها‪ ،‬نكتفي في مجال هذه املطبوعة‬
‫بالتطرق ألحكام الالتزام مكتفيين بموضوعين أساسيين هما طرق التنفيذ الجبري لاللتزام(الفصل‬
‫ألاول)‪ ،‬ومادام أن الالتزام ال ينشأ دائما بسيطا ناجزا‪،‬فإننا سنتطرق للوصاف املعدلة الثر الالتزام(‬
‫الفصل الثاني)‪.‬‬

‫‪ -4‬راجع في املوضوع‪ :‬لوني يوسف‪ " ،‬ضوابط تدخل القوى العمومية أثناء التنفيذ العيني الجبري لاللتزامات العقدية( دراسة مقارنة)"‪،‬‬
‫حوليات جامعة الجزائر ‪ ،‬العدد‪ ،90‬الجزء الرابع‪ ،‬ديسمبر ‪ ،0105‬ص ص ‪.719-055‬‬

‫‪4‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫الفصل ألاول‬
‫طرق التنفيذ الجبري لاللتزام‬
‫يقوم الالتزام على عنصرين هما املديونية واملسؤولية‪ ،‬ويقصد باملديونية تلك العالقة‬
‫القائمة بين الدائن واملدين والتي بمقتضاها يستطيع الدائن مطالبة املدين بالوفاء‪ّ ،‬إما الوفاء‬
‫بالتزام إيجابي كنقل حق عيني أو القيام بعمل‪ّ ،‬‬
‫وإما الوفاء بالتزام سلبي يتمثل في الامتناع عن‬
‫عمل‪ ،5‬فاملديونية هي التي تفرض على املدين الوفاء بما التزم به‪ ،‬وإن فعل ذلك برأت ذمته ألن‬
‫ألاصل في التنفيذ هو التنفيذ الاختياري حيث يعتمد القانون أساسا على إرادة الافراد وحرية‬
‫اختيارهم في تنفيذ الالتزام‪ ،‬وتعتبر هذه الصورة املثالية للتنفيذ‪ ،6‬أما عنصر املسؤولية فهو‬
‫الحماية القانونية املقررة لاللتزام باللجوء إلى القضاء واقتضاء حق الدائن من املدين باستعمال‬
‫السلطة العامة للدولة إذ ال يجوز للدائن اقتضاء حقة بيده‪ ،‬و هو ما يسمى بالتنفيذ الجبري‪،‬‬
‫ويكون هذا الاخير ّإما تنفيذا مباشرا أي عن طريق التنفيذ العيني الجبري (ااملبحث ألاول)‪ ،‬أو عن‬
‫طريق التنفيذ الجبري بالتعويض(املبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪-5‬عامر محمود الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام ‪ -‬آثار الحق في القانون املدني ( دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،0101 ،‬ص ‪.006‬‬
‫‪ -6‬القروي بشير سرحان‪ ،‬طرق التنفيذ في التشريع الجزائري والتشريع املقارن‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتورا في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،0102 ،0-‬ص ‪.0‬‬

‫‪5‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫املبحث ألاول‬
‫التنفيذ العيني الجبري لاللتزام‬
‫ألاصل أن يقوم املدين بالتنفيذ العيني‪ ،‬فال يجوز له العدول إلى طريق التنفيذ بالتعويض‪،‬‬
‫ّ‬
‫إال إذا تعذر التنفيذ العيني‪ ،‬أو ّ‬
‫تم ذلك بتراض ي الطرفين‪،‬وقد خصص املشرع الجزائري الفصل‬
‫ألاول من الباب الثاني املتعلق بآثار الالتزام من الكتاب الثاني من ق م ج في املواد ‪ 062‬إلى املادة‬
‫ّ‬
‫‪ 057‬للتنفيذ العيني‪ ،‬وقد نصت املادة ‪ 062‬من ق م على أنه‪ ":‬يجبر املدين بعد اعذاره طبقا‬
‫للمادتين ‪ 081‬و ‪ 080‬على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا‪ ،‬متى كان ذلك ممكنا"‪ ، 7‬وتطبيق لهذا‬
‫نبين موضوعاته( املطلب‬ ‫سنبين مفهوم التنفيذ العيني الجبري لاللتزام( املطلب ألاول) ثم ّ‬
‫النص ّ‬
‫الثاني)‬
‫املطلب ألاول‬
‫مفهوم التنفيذ العيني الجبري لاللتزام‬
‫القاعدة ألاساسية في الوفاء هي الوفاء بذات الش يء وعلى ذلك كان التنفيذ العيني لاللتزام هو‬
‫ألاصل‪ ،‬وهو حق لكل من الدائن واملدين بمعنى ال يمكن ألي منهما أن يحيد عنه بمفرده ويطلب‬
‫التنفيذ بطريق التعويض‪ ،‬وعليه يجب ضبط تعريف التنفيذ العيني (الفرع ألاول)‪ ،‬مع العلم أن‬
‫بقاء حق الدائن في املطالبة بالتنفيذ العيني الجبري يقتض ي توفر شروط معينة( الفرع الثاني)‬
‫الفرع ألاول‪ :‬تعريف التنفيذ العيني الجبري‬
‫يقصد بالتنفيذ العيني الجبري تمكين الدائن من الحصول على ذات ألاداء الذي التزم به‬
‫املدين ‪ 8‬أي هو ا جبار املدين على تنفيذ عين ما التزم به وفقا لعالقة املديونية الى تربطه بالدائن‬
‫وموضوعها إذا كان ذلك ممكنا شرط أن يسبق هذا إلاجبار إعذار‪.‬‬
‫ويوصف التنفيذ الجبري أنه عيني ومباشر بالنظر إلى وسيلة التنفيذ وأن الدائن يحصل‬
‫على حقة الناتج عن العالقة التعاقدية بطريقة مباشرة‪ ،9‬بحيث تحقق تلك الوسيلة التنفيذ بغير‬

‫‪ -7‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-8‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني ( دراسة مقارنة بين الفقه الاسالمي والقوانين املدنية الوضعية ) ‪ ،‬مكتبة‬
‫الثقاقة للنشر والتوزيع‪ ،0335 ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪-FRICERO Natalie, Procédures civiles d’exécution( Voies d’exécution et procédures de distribution), Ed‬‬
‫‪9‬‬

‫‪Gualino Lextenso,Paris, 2016, p.160.‬‬

‫‪6‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫إحداث تغيير في املراكز القانونية لكل من الدائن طالب التنفيذ واملدين املنفذ ضده فيقتض ي‬
‫حقه دون أن يتعدى على الحقوق ألاخرى للمدين‪.‬‬
‫فالتنفيذ العيني الجبري وفقا ملا تقدم هو حق للدائن وهو واجب على املدين‪ ،‬فإذا طلبه‬
‫الدائن فال يمكن للمدين أن يعدل عنه إلى التعويض شرط أن يكون التنفيذ العيني الجبري‬
‫ممكنا‪ ،‬وإذا عرضه املدين‪ ،‬فال يمكن للدائن أن يرفضه‪ ،‬ومن ثمة كان مناط الحكم بالتنفيذ‬
‫العيني طلبه من الدائن أو عرضه من املدين‪.10‬‬
‫الفرع الثاني – شروط التنفيذ العيني الجبري‬
‫لصحة التنفيذ العيني الجبري يقتض ي توفر مجموعة من الشروط وهي ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬أن يكون التنفيذ العيني ممكنا وغير مستحيال‪:‬‬
‫من البديهي أن يشترط للحكم بالتنفيذ العيني الجبري أن يكون ممكنا‪ ،‬ألنه إذا استحال‬
‫تنفيذ الالتزام استحالت معه املطالبة به قضائيا‪ ،‬وبالتالي استحال تنفيذه جبرا‪ ،‬ويستوي أن‬
‫تكون الاستحالة لسبب أجنبي أو بسبب املدين‪ ،‬وتنحصر أهمية تحديد سبب الاستحالة فيما‬
‫يترتب عليه من آثار‪ ،‬فاالستحالة بسبب أجنبي تؤدي إلى انقضاء الالتزام‪ّ ،‬أما إذا كانت بفعل ملدين‬
‫فيلتزم ألاخير بالتنفيذ بمقابل‪.11‬‬
‫ثانيا‪ -‬أن يطلب الدائن التنفيذ العيني الجبري أو يتقدم به الدائن‬
‫لم يشر املشرع إلى هذا الشرط في املادة ‪ 062‬من ق م‬
‫ألن املحكمة ليس لها الفصل في قضية لم يرفع بشأنها‬ ‫صراحة‪ ،‬إال ّأنه يفهم ضمنيا‪ّ ،‬‬
‫دعوى‪ ،‬كما أنه ليس للمحكمة أن تحكم بالتنفيذ العيني إذا كان الدائن قد طلب منها الحكم على‬
‫املدين بالتعويض المتناعه عن التنفيذ‪ ،‬حتى ولو كان التنفيذ العيني ممكنا على اعتبار أن هناك‬
‫اتفاقا ضمنيا بين الدائن واملدين‪.‬‬
‫املالحظ ّأن مج رد امتناع املدين عن التنفيذ ال يعطي الحق للدائن في طلب التنفيذ‬
‫العيني الجبري‪ ،‬بل البد من أن ال يكون الامتناع راجع إلى عدم قيام الدائن بتنفيذ التزامه‪ ،‬ألن‬
‫املدين في هذه الحالة يجوز له الدفع بعدم التنفيذ‪. 12‬‬

‫‪ -10‬الجمال دمحم مصطفى‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬الفتح للطباعة والنشر‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،0111 ،‬ص ‪.922‬‬
‫‪ -11‬أحمد شوقي دمحم عبد الرحمان‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬أحكام الالتزام‪،‬د د ن‪ ،‬د ب ن‪ ،0115 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪http://olc.bu.edu.eg/olc/images/eltzam.pdf‬‬
‫‪ -12‬تنص املادة ‪ 009‬من ق م ج في هذا الشأن على أنه‪ : :‬في العقود امللزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات املتقابلة مستحقة الوفاء‬
‫جازلكل املتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم املتعاقد آلاخربتنفيذ ما التزم به"‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ثالثا‪ -‬أن يسبق التنفيذ العيني الجبري اعذار املدين‬


‫ال نجد أي أثر لتعريف إلاعذار في النصوص القانونية للتشريعات املقارنة‪ ،‬حيث‬
‫اقتصرت على بيان آثاره وأشكاله‪ ،13‬وقد نصت املادة ‪ 051‬من ق م ‪ ":‬يكون اعذار املدين بإنذاره‪،‬‬
‫أو بما يقوم مقام إلانذار‪ ،‬ويجوز أن يتم إلاعذار عن طريق البريد على الوجه املبين في هذا‬
‫القانون‪ ،‬كما يجوز أن يكون مترتبا على اتفاق يقض ي بأن يكون املدين معذرا بمجرد حلول‬
‫أي إجراء آخر" ‪ ،14‬فاملشرع في هذا النص لم يعرف إلاعذار بل ّعدد‬ ‫ألاجل دون الحاجة إلى ّ‬
‫ّ‬
‫وسائله‪ ،‬إال أنه يمكن تعريفه أنه دعوة املدين من قبل دائنه إلى ضرورة قيامه بتنفيذ التزامه‪،15‬‬
‫وإال أصبح مسؤوال عن الضرر الذي يصيبه من جراء إخالله بالتنفيذ‪ ،‬فهو بهذا املعنى تصرف‬
‫يصدر من الدائن يعبر فيه عن رغبته بضرورة تنفيذ التزامه وإال عد املدين مسؤوال عن أي ضرر‬
‫املقصر‪ ،‬وإعالن الدائن للمدين أنه‬ ‫ّ‬ ‫يصيبه‪ ،16‬ويقصد كذلك باإلعذار وضع املدين موضع‬
‫متمسك باملطالبة بحقه في تنفيذ الالتزام القائم في ذمته‪.17‬‬
‫يعد الاعذار املدين شرط في التنفيذ العيني الجبري‪ّ ،‬أما إذا قام املدين بالتنفيذ العيني‬
‫اختيارا غير مجبرا‪ ،‬أو كان التنفيذ العيني يتحقق بحكم القانون فالظاهر أنه ال حاجة لإلعذار في‬
‫هاتين الحالتين‪ ،‬غير ّأن هناك حاالت أخرى ال ضرورة فيها العذار املدين وهي تلك املذكورة في‬
‫املادة ‪ 050‬التي تقض ي بأنه‪ " :‬ال ضرورة العذار املدين في الحاالت آلاتية‪:‬‬
‫‪-‬إذا تعذر تنفيذ الالتزام أو أصبح غيرمجد بفعل املدين‪،‬‬
‫‪-‬إذا كاملحل الالتزام تعوياا ترتب عن عمل مار‪،‬‬

‫‪ -13‬تعتبر فكرة الاعذار من تقاليد القانون الفرنس ي‪ ،‬راجع في الفكرة ‪ :‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‬
‫املصري‪ -‬ج ‪ ،0‬إلاثبات وآثار إلالتزام‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،0362 ،‬ص ‪.590‬‬
‫‪ -14‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني الجزائري‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪-« La mise en demeure est l’acte par lequel un créancier demande a son déditeur d’exécuter son‬‬
‫‪obligation », Voir : CABRILLAC Remy, Droit des obligation, 9émé Ed, Dalloz, Paris, 2010, p.136.‬‬
‫‪ -16‬الحكمة من الاعذار أنه مطلوب العتبارات منها قانونية ومنها أخالقية‪ ،‬وترتبط ألاولى من أن مجرد حلول أجل الدين ال يشكل قرينة‬
‫على تضرر الدائن ‪ ،‬وإنما يعني أن الدين أصبح مستحق ألاداء وبذلك اذا اراد الدائن أن يجعل مدينه مسؤوال فعليه اعذاره‪ ،‬أما‬
‫الاعتبار الثاني فيقوم على أساس أن القيم الخلقية في أي مجتمع توجب على الدائن أن ينبه مدينه قبل مفاجئته بإجراءات التنفيذ‬
‫الجبري التي تشكل أغلبها مساسا بحرية وكرامة املدين‪ .‬راجع تفاصيل أكثر عن املوضوع‪:‬‬
‫‪FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation, Op, cit, p. 93.‬‬
‫‪ -17‬راجع‪ :‬لواني عبد املجيد‪ ،‬إلاعذار في املواد املدنية والتجارية طبقا للقانون الجزائري‪ ،‬مذكرة للحصول على شهادة املاجستير‪ ،‬فرع‬
‫العقود واملسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم الادارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،0117 ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪8‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪-‬إذا كان محل الالتزام رد ش يء يعلم املدين أنه مسروق‪ ،‬أو ش يء تسلمه دون وجه حق وهو‬
‫عالم بذلك‪،‬‬
‫‪-‬إذا ّ‬
‫صرح املدين كتابة أنه ال ينوى تنفيذ الالتزام"‪.18‬‬
‫رابعا‪ -‬أال يكون في التنفيذ العيني إرهاق للمدين ‪:‬‬
‫حد ذاته‪ ،‬ولكنه يلحق ضررا باملدين‪ ،‬بحيث‬ ‫التنفيذ العيني املرهق هو تنفيذ ممكن في ّ‬
‫يترتب على اجباره عليه ضرر ال يتناسب مع ما يلحق الدائن جراء التخلف عن الوفاء ‪ ،‬وهذا‬
‫الشرط نموذج للموازنة بين مصالح كل من الدائن واملدين‪ ،19‬وقد كان الاصل أال يعتد بهذا‬
‫إلارهاق إعماال للمبادئ التقليدية التي تعطي للدائن الحق في الالتزام املدني في جبر مدينه على‬
‫الوفاء به‪ ،‬ولكن اعتبارات العدالة‪ ،‬وتطبيقا لفكرة عدم جواز التعسف في استعمال الحق‪،‬‬
‫يحدث أن يجيز املشرع للمدين دفع تعويض بدل التنفيذ العيني‪ ،‬وتقدير مدى إلارهاق يعود‬
‫للسلطة التقديرية لقاض ي املوضوع‪ ،‬وإذا كان العدول عن التنفيذ العيني للتعويض يرتب ضررا‬
‫للدائن وجب الرجوع للصل‪ ،‬حتى ولو كان مرهقا‪ ،20‬فعلى القاض ي هنا أن يرجح مصلحة الدائن‬
‫ّ‬
‫ألنه الاولى بالرعاية حيث أنه ال يطالب إال بحقه وبدون تعسف منه‪ ،‬أما إن كان باإلمكان تفادي‬
‫إرهاق املدين‪ ،‬ولو بضرر يسير يصيب الدائن جاز أن يحل التعويض النقدي محل التنفيذ‬
‫العيني‪.‬‬
‫ّ‬
‫خامسا‪ -‬أال يكون في اجباراملدين على التنفيذ مساس بحريته الشخصية‪:‬‬
‫قد تكون شخصية املدين محل اعتبار في بعض صور الالتزام بعمل‪ ،‬أين يقتض ي تدخل‬
‫املدين شخصيا‪ ،‬ولكنه يصر على عدم التنفيذ‪ ،‬في هذه الحالة يكون في اجباره على التنفيذ‬
‫مساس بحريته الشخصية‪ ،‬عندئد يمتنع التنفيذ العيني الجبري‪ ،‬وقد أعطى املشرع وسيلة غير‬
‫مباشرة للدائن للضغط على املدين للتنفيذ وهي وسيلة الغرامة التهديدية وإن لم تفلح لجأ‬
‫الدائن إلى طلب تعويض كما هو في التزام الفنان‪ ،‬الطبيب‪ ،‬املحامي‪...‬ألخ‪.21‬‬

‫‪ -18‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -19‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬الاسكندرية‪ ،0110،‬ص ‪.05‬‬
‫‪ -20‬راجع في بعض التطبيقات لهذه الفكرة ‪ :‬الفار عبد القادر سميح‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬آثار الحق والقانون املدني‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ألاردن ‪ ،0107‬ص ص ‪.50-51‬‬
‫‪ -21‬رمضان أبو السعود ‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪ ،‬الاسكندرية‪ ،0116 ،‬ص‪.75‬‬

‫‪9‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫سادسا‪ -‬أن يكون لدى الدائن سند تنفيذي‬


‫ينبغي حتى يتمكن الدائن املطالبة بالتنفيذ العيني الجبري أن يكون حائزا أو حاصال على‬
‫حكم قضائي‪ 22‬أو سند تنفيذي يتضمن حقه بصورة واضحة ال لبس فيها‪ ،23‬كحالة الوعد بالبيع‬
‫الوارد على عقار املستوفي للشكلية القانونية الالزمة‪ ،‬فإذا امتنع الواعد عن التنفيذ يكون‬
‫للموعود له جبره عن طريق العقد الرسمي الذي بحوزته كسند تنفيذي‪ ،‬واستصدار حكم على‬
‫أساسه يقوم مقام العقد في نقل امللكية ‪. 24‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫موضوع التنفيذ العيني الجبري ووسائل اداءه‬
‫تختلف كيفية التنفيذ العيني الجبري لاللتزام تبعا الختالف موضوع ( محل) الالتزام‬
‫وأصر على الامتناع عن‬‫ّ‬ ‫الواجب التنفيذ (الفرع ألاول)‪ ،‬وإذا ما تعنت املدين عن أداء إلتزامه‬
‫التنفيذ ‪ ،‬وبهدف الصيرورة إلى الحكم عليه بالتعويض برزت هناك وسائل للضغط عليه‬
‫للتنفيذ(الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع ألاول‪-‬موضوع التنفيذ العيني الجبري‬
‫موضوع التنفيذ العيني لاللتزام هو عين محل الاالتزام‪ ،‬حيث ينقسم هذا ألاخير إلى |أنواع‬
‫وتأسيسا عليها يختلف موضوع التنفيذ إذا كان وارد على الالتزام بنقل حق عيني أو انشائه(أوال)‬
‫أو وارد على الالتزام بعمل سلبي أو ايجابي (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬التنفيذ العيني الجبري وارد على الالتزام بنقل حق عيني أو انشائه‬
‫تتوقف كيفية التنفيذ العين في الالتزام بنقل حق عيني أو بتسليم ش يء على نوع املحل‬
‫الذي يرد عليه الالتزام‪ ،‬فقد يرد على منقول و قد يرد على عقار‪:‬‬

‫‪ -22‬كما نصت عليه املادة ‪ 050‬من ق م حيث تقض ي بأنه‪ ":‬في إلالتزام بعمل‪ ،‬قد يكون حكم القاض ي بمثابة سند التنفيذ إذا‬
‫سمحت بهذا طبيعة االتزام مع مراعاة املقتايات القانونية والتنظيمية"‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪- FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation,Op, cit, p. 93.‬‬
‫‪ -24‬راجع حكم املادة ‪ 50‬من ق م ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -0‬إذا كان إلالتزام بالتسليم‪ 25‬أو إلاعطاء وارد على منقول‪:‬‬


‫نميز بين فرضين‬‫هنا يجب أن ّ‬
‫الفرض ألاول أن يكون املنقول معينا بالذات مملوك للمدين‪ّ ،‬‬
‫فإن الالتزام بنقل ملكيته‬
‫يعتبر منفذا بمجرد نشوئه‪ ،26‬فبائع املنقول املعين بالذات يلتزم بنقل ملكيته للمشتري بمجرد‬
‫‪27‬‬
‫تمام العقد دون الحاجة إلى إجراء آخر‪ ،‬و كذلك الحال بالنسبة لكافة الحقوق العينية ألاخرى‬
‫ّ‬
‫‪ّ ،‬أما عن التزام املدين بتسليم املنقول‪ ،‬فإنه التزام بعمل‪ ،‬يمكن تنفيذه بعد ذلك جبرا على‬
‫املدين‪ ،‬ذلك أ ّن إلالتزام بإعطاء يتضمن دائما التزام املدين باملحافظة على الش يء وتسليمه‪.28‬‬
‫ّ‬
‫ّأما الفرض الثاني أن يكون املنقول معينا بالنوع‪ ،‬وهنا ال ينتقل الحق العيني إال بإفراز‬
‫الش يء‪ ،29‬كبيع كمية من محصول زراعي‪ ،‬وإذا امتنع املدين عن الفرز أو التسليم جاز للدائن‬
‫الحصول على ش يء من النوع ذاته من ألاسواق على نفقة املدين بعد استئذان القضاء أو دونه‬
‫في حالة الاستعجال إعماال لنص املادة ‪ 0/066‬من ق م التي تنص‪ ":‬إذا لم يقم املدين بتنفيذ‬
‫التزامه‪ ،‬جار للدائن أن يحصل على ش يء من النوع ذاته ‪...‬بعد استئذان القاض ي من غير‬
‫إلاخالل بحقة في التعويض"‪.‬‬
‫وتطبيقا للمادة يكون للدائن أن يطالب املدين بقيمة الش يء فيكون هنا التنفيذ بطريق‬
‫التعويض‪ ،‬ليس ألن التنفيذ العيني مستحيل ولكن على اساس أن الدائن ارتضاه ولم يمانع فيه‬
‫املدين‪ -‬وتجدر إلاشارة أن التنفيذ العين في ألاشياء املعينة بالنوع يكون ذائما ممكنا‪ -‬مع احتفاظ‬
‫الدائن بحقه في التعويض عما لحقه من ضرر جراء تأخر املدين عن التنفيذ‪.‬‬
‫‪-2‬إذا كان إلالتزام بالتسليم أو إلاعطاء وارد على عقار‬
‫إذا كان الش يء الذي يقع عليه الالتزام بإعطاء عقارا ‪ ،‬فإنه اليكفي تعيينه بالذات بل‬
‫يجب القيام بإجراء الشهر التي ال تتم إال بتدخل املدين أو بموجب حكم قضائي يقوم مقام‬
‫تدخل املدين املمتنع عن اتخاذ ما يلزم من جهته لتمام عملية التنفيذ‪ ،‬وهذا وفقا للمادة ‪ 067‬من‬
‫‪25‬‬
‫‪- MOREL Journel Christel, Droit général( Le cadre juridique , les actes de la vie juridique, les droits et les biens,‬‬
‫‪les obligation,le droit patrimonial de la famille, les successions et les libertés, le cadre juridique des échanges , le‬‬
‫‪droit pénal, le droit du travail),4éme Ed, Gualino Lextenso, Paris, 2010,p. 183.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪- FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation, Op, cit, p. 95.‬‬
‫‪ -27‬وهو ما أخذ به املشرع الجزائري في املادة ‪ 067‬من ق م التي تنص‪ " :‬الالتزام بنقل امللكية أو أي حق عيني آخر من شأنه أن ينقل‬
‫بحكم القانون امللكية أو الحق العيني ‪ ،‬إذا كان محل ا التزام شيئا معينا بالذات يملكه امللتزم‪"...‬‬
‫‪ -28‬راجع املادة ‪ 065‬من ق م التي تنص‪ ":‬الالتزام بنقل حق عيني يتامن إلالتزام بتسليم الش يء واملحافظة عليه حتى التسليم"‪.‬‬
‫‪ -29‬راجع املادة ‪ 0/066‬من ق م ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ق م التي تنص‪ ":‬الالتزام بنقل امللكية ‪ ...‬إذا كان محل الالتزام شيئا معينا بالذات يملكه‬
‫املدين‪ ،‬وذلك مع مراعاة ألاحكام املتعلقة باالشهارالعقاري"‪.‬‬
‫على هذا الاساس يكون عقد البيع الوارد على عقار مثال ال ينقل امللكية بذاته وبمجرد‬
‫نشوء الالتزام كما في املنقول‪ ،‬بل يقتصر على انشاء التزام على البائع بنقلها‪ ،‬وهذا إلالتزام يمكن‬
‫تنفيذه عينيا جبرا على البائع على أساس دعوى صحة ونفاذ البيع‪ ،‬فإذا صدر حكم بصحة البيع‬
‫‪30‬‬
‫ونفاذه استطاع املشتري شهر الحكم ‪ ،‬فتنتقل إليه امللكية على أساس الحكم‬
‫ثانيا‪ -‬التنفيذ العيني الجبري وارد على الالتزام بعمل‪:‬‬
‫قد يكون هذا العمل ايجابيا أي الالتزام بالقيام بعمل‪ ،‬أو سلبيا باالمتناع عنه‪.31‬‬
‫‪ -0‬التنفيذ العيني الجبري وارد على الالتزام بالقيام بعمل‬
‫قد يكون املدين ملتزما في مواجهة الدائن بالقيام بعمل‪ ،‬وتختلف كيفية تنفيذ هذا‬
‫الالتزام بحسب الفرضين التاليين‪:‬‬
‫الفرض ألاول‪ :‬أن تكون شخصية املدين محل اعتبار في الالتزام بحيث يجب أن يقوم به‬
‫بنفسه(كالطبيب والرسام)‪ ،‬ال يمكن الحصول على التنفيذ العيني الجبري إذا أصر املدين إلامتناع‬
‫ملا لذلك من مساس بحرية املدين الشخصية‪ ،‬كما ال يجوز في هذا الفرض للمدين أن ينفذ‬
‫الالتزام بواسطة غيره إذا رفض الدائن تطبيق للمادة ‪ 063‬من ق م التي تقض ي بأنه‪ ":‬في الالتزام‬
‫بعمل إذا نص الاتفاق‪ ،‬أو استوجبت طبيعة الدين أن ينفذ املدين الالتزام بنفسه جاز للدائن‬
‫أن يرفض الوفاء من غير املدين"‪.‬‬
‫ال يكون للدائن في الفرض الوارد في النص املذكور أعاله‪ ،‬سوى اللجوء إلى الوسائل غير‬
‫املباشرة للتنفيذ العيني كالتهديد املالي إذا كان ذلك ال يتعارض مع الحرية الشخصية للمدين أو‬
‫الحكم بالتعويض‪.32‬‬
‫الفرض الثاني‪ :‬أن ال تكون شخصية املدين محل اعتبار في الالتزام‪ ،‬فيكون تدخل املدين‬
‫غير ضروري لتحقيقه‪ ،‬فسواء قام به بنفسه أو بمساعدة غيره‪ ،‬وإذا أصر املدين على الامتناع‬

‫‪ - 30‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪31‬‬
‫‪- FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ l’acte‬‬
‫‪juridique,9éme Ed, Dalloz , Paris, 2000,p.p. 25-26.‬‬

‫‪ -32‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني ( دراسة مقارنة بين الفقه الاسالمي والقوانين املدنية الوضعية ) ‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪12‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫نهائيا على التنفيذ‪ ،‬يمكن الحصول على التنفيذ العيني الجبري عن طريق طلب إذن من القضاء‬
‫بالقيام بذلك على نفقة املدين أو دونه إذا اقتضت الضرورة ذلك‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪ 051‬من ق م‬
‫التي تنص على أنه‪ ":‬في الالتزام بعمل‪ ،‬إذا لم يقم املدين بتنفيذ جاز للدائن أن يطلب ترخيصا‬
‫من القاض ي في تنفيذ التزام على نفقة املدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا"‪.‬‬
‫الفرض الثالث أن يكون محل الالتزام بعمل املحافظة على الش يء وإدارته‪ ،‬فعلى املدين أن‬
‫يبذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص العادي‪ ،‬فإذا بذل هذه العناية كان منفذا اللتزامه‪،‬‬
‫ّ‬
‫ولو لم يتحقق الغرض املقصود‪ ،‬إال إذا نص القانون أو الاتفاق على غير ذلك‪ ،‬فمثال إذا تبين من‬
‫شروط الاتفاق أن على املدين أن يبذل في املحافظة على الش يء وإدارته العناية التي يبذلها في‬
‫ّ‬
‫شؤونه الخاصة‪ ،‬فإنه ال يعتبر موفيا بالتزامه إلال إذا بذل هذه العناية‪ ،‬وعلى كل حال يسأل‬
‫عما يصدر منه من غش أو خطا جسيم سواء كانت العناية الواجبة هي‬ ‫املدين على وجه الدوام ّ‬
‫‪33‬‬
‫عناية الرجل العادي أ العناية التي يبذلها في شؤونه الخاصة‬
‫الفرض الرابع أن تكون طبيعة الالتزام تسمح بأن يقوم حكم القاض ي محل التنفيذ‬
‫العيني‪ ،‬كامتناع البائع عن القيام بإجراءات الشهر لنقل ملكية املبيع تطبيقا للمادة ‪ 050‬من ق م‬
‫التي تنص على أنه‪ " :‬في الالتزام بعمل قد يكون حكم القاض ي بمثابة سند التنفيذ‪ ،‬إذا سمحت‬
‫بهذا طبيعة الالتزام مع مراعاة املقتايات القانونية والتنظيمية"‪ ،34‬ففي الوعد بالتعاقد مثال‬
‫إذا أظهر املوعود له ي في ابرام ال عقد النهائي وامتنع الواعد عن ذلك وإمضاء العقد كان للموعود‬
‫ل استصدار حكم باثبات التعاقد ‪ ،‬ويقوم هذا الحكم مقام العقد املوعود بابرامهـ تطبيقا للمادة‬
‫‪ 50‬من ق م التي تنص على أنه‪ " :‬إذا وعد شخص بابرام عقد ثم نكل وقاضاه املتعاقد آلاخر‬
‫طالبا تنفيذ الوعد وكانت كل الشروط الالزمة لتمام العقد وخاصة ما يتعلق منها بالشكل‬
‫متو افرة قام الحكم مقام العقد"‪.‬‬
‫‪ -2‬التنفيذ العيني الجبري وارد على الالتزام باالمتناع عن القيام بعمل ‪:‬‬
‫إذا كان محل الالتزام امتناع عن عمل‪ ،‬وقام به املدين أصبح التنفيذ العيني غير ممكن‪،‬‬
‫كما لو تعهد تاجر بعدم منافسة تاجر آخر‪ ،‬ثم فتح متجرا ملنافسته‪ ،‬هنا للدائن اللجوء للقضاء‬

‫‪ -33‬راجع املادة ‪ 050‬من ق م ‪.‬‬


‫‪ -34‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫وإزالة ما وقع مخالفا لاللتزام على نفقه املدين‪،‬كهدم بناء أقيم باملخالفة لاللتزام باالمتناع عن‬
‫البناء واملطالبة بالتعويض‪.35‬‬
‫قد يكون مصدر الالتزام باالمتناع عن القيام بعمل هو القانون‪ ،‬فالطبيب مثال واملحامي‬
‫ملزمين بعدم افشاء السر املنهي‪ ،‬وإذا تم الاخالل بهذا الالتزام قامت مسؤولية الفاعل وال يكون‬
‫أمام الدائن إال املطالبة بالتعويض‪ ،36‬وباعتبار أن الالتزام باالمتناع عن عمل كااللتزام بنقل حق‬
‫عيني فهو التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬أما الالتزام بعدم الاضرار بالغير عن خطأ فهو التزام ببذل عناية‬
‫وليس التزام عن الامتناع عن عمل‪ ،‬فهو التزام بعمل وهو عدم إلاضرار بالغير‪.37‬‬
‫الفرع الثاني ‪ -‬وسائل التنفيذ العيني الجبري‬
‫يستطيع الدائن اللجوء إلى أكثر من وسيلة للضغط على املدين املتماطل أو املمتنع عن‬
‫التنفيذ للحصول على التنفيذ العيني الجبري اللتزامه‪ ،‬ومن أهم هذه الطرق إلاكرام البدني أي‬
‫تقييد حريته حتى يبادر إلى تنفيذ ما التزم به( أوال)‪ ،‬أو الضغط عليه باإلكراه املالي أو ما يسمى‬
‫بالغرامات التهديدية( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬التنفيذ الجبري بواسطة حبس املدين( إلاكراه البدني‪)La contrainte par corps-‬‬
‫كان املدين في العصور القديمة يلتزم بالدين في جسمه ال في ماله‪ ،38‬و الهدف الرئيس ي في‬
‫استخدام هذه الطريقة هو اجبار املدين على تنفيذ ما تعهد به للمدين وذلك بتقييد حريته‬
‫مؤقتا‪ ،‬وقد أباح القانون الروماني القديم للدائن أن يتملك املدين الذي لم يوف بدينه فيسترقه‬
‫بل ويقتله‪ ،39‬ثم تطور القانون ليصبح حق الدائن حبس مدينه والعمل ملصلحته‪ ،‬غير أنه في وقت‬

‫‪ -35‬حسب املادة ‪ 059‬من ق م التي تنص‪ ":‬إذا التزم املدين باالمتناع عن عمل وأخل بهذا الالتزام جازللدائن أن يطالب إزالة ما وقع‬
‫مخالفا لاللتزام‪ ،‬ويمكن أن يحصل من القااء على ترخيص بهذه إلازالة على نفقة املدين"‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫‪- FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation, Op, cit, p. 98.‬‬
‫‪ -37‬راجع في أنواع الالتزام‪:‬‬
‫‪- MOREL Journel Christel, Droit général( Le cadre juridique , les actes de la vie juridique, les droits et‬‬
‫‪les biens, les obligation,le droit patrimonial de la famille, les successions et les libertés, le cadre‬‬
‫‪juridique des échanges , le droit pénal, le droit du travail), Op,cit,p.p. 157-159.‬‬

‫‪ -38‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني الجديد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬إلاثبات‪ -‬آثار إلالتزام‪ ،‬الطبعة الثالث‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪ ،0335 ،‬ص ‪.511‬‬
‫‪ -39‬راجع في فكرة الاكراه البدني في القوانين القديمة‪ :‬الطبيب برمضان‪ ،‬حبس املدين( إلاطراه البدني) بين الفقه الاسالمي والقانون‬
‫الجزائري (دراسة مقارنة)‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستير في العلوم إلاسالمية‪ ،‬تخصص شريعة وقانون‪ ،‬كلية العلوم إلاسالمية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،0107 ،0-‬ص ص‪.00-9‬‬

‫‪14‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬
‫ّ‬
‫الحق لم يعد حق الدائن في التنفيذ إال على أموال املدين‪ ،‬حيث تغيرت النظرة إلى الالتزام الذي‬
‫أصبح ينصب على ذمة املدين املالية‪ ،‬لتصبح أمواله ضامنه للوفاء بديونه‪.‬‬
‫ويجب فهم أن الحبس التنفيذي أو كما تسميه بعض التشريعات " بالحبس التعويض ي"‬
‫وهو التسمية الدقيقة‪ 40‬ليس له عالقة بالحبس املنصوص عليه في القانون الجزائي‪ ،‬فهو ليس‬
‫فإن الحبس التنفيذي يختلف‬ ‫عقوبة بل وسيلة ضغط على املدين إلجبا ه على التنفيذ‪ ،‬لذلك ّ‬
‫ر‬
‫عن الحبس الجزائي من حيث السبب في اللجوء إليهما فالسبب الذي يفرض به الحبس التنفيذي‬
‫هو الدين‪ ،‬في حين أن السبب في الحبس الجزائي هو وقوع جريمة‪ ،‬وأن الغاية في الفرض ألاول هي‬
‫التضييق على املدين املوسر للوفاء‪ ،‬في حين ّأن الغاية في الفرض الثاني هي عقوبة املجرم وردع‬
‫الغير‪.41‬‬
‫واملالحظ أن الكثير من القوانين الوضعية ألاجنبية‪ 42‬وحتى العربية أجازت هذه الطريقة‬
‫ولم تجزها قوانين أخرى أو ضيقتها في مجاالت محددة‪ ،43‬ومن هذه املجاالت ديون ألاسرة( كديون‬
‫النفقة‪ ،‬الحضانة‪ ،‬الرضاع و املسكن)‪ ،‬وكذلك الديون التي تنشأ للدولة على مرتكبي الجرائم‬
‫(كغرمات واملصروفات الواجب ردها‪ ،‬والتعويضات املحكوم بها للدولة)‪ ،44‬وتعتبر هذه الطريقة‬
‫من مخلفات املاض ي البعيد ولم تعد تتفق مع املبادئ الحديثة‪.45‬‬
‫لم ينص املشرع الجزائري على حبس املدين املمتنع عن تنفيذ التزامه‪ ،‬ولم يأخذ به‬
‫ملجافاته للنظرة الحديثة لاللتزام‪ ،‬والتي ترى ّأن في اموال املدين ضمانا للوفاء بذلك الالتزام‪ ،‬وهو‬
‫ما تضمنته املادة ‪0/055‬من ق م التي تنص على أنه‪ ":‬أموال املدين جميعها ضامنة لوفاء‬

‫‪ -40‬هاشم محمود دمحم‪ ،‬الحبس في الديون في التشريعات العربية والفقه الاسالمي( دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،0357 ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -41‬للتفصيل في املوضوع راجع‪ :‬الطبيب برمضان‪ ،‬حبس املدين( إلاكراه البدني) بين الفقه الاسالمي والقانون الجزائري (دراسة‬
‫مقارنة)‪ ،‬مرجع سايق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪-42‬ورث القانون الفرنس ي الكثير من املبادئ عن القانون الرماني ومنها فكرة حبس املدين بسبب الدين‪ ،‬فقد اجاز القانون الفرنس ي‬
‫إلاكراه البدني في الديون املدنية املتسمة بطابع الغش وفي الديون التجارية إذا تجاوزت قيمة الدين ‪ 011‬فرنك انذاك‪ ،‬وفي القضايا‬
‫ّ‬
‫الجنائية‪ ،‬ولم يتم إلغاء العمل بحبس املدين في املسائل املدنية والتجارية إال سنة ‪ ،0365‬في حين تم استبقائه في املسائل الجنائية‪.‬‬
‫عن‪ :‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ -‬الجزء الثاني‪ -‬آثار الحقوق الشخصية‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬دراسة‬
‫موازنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،0100 ،‬ص ‪.053‬‬
‫‪ -43‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني ( دراسة مقارنة بين الفقه الاسالمي والقوانين املدنية الوضعية )‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -44‬بلحاج العربي‪ ،‬أحكام الالتزام في ضوء الشريعة إلاسالمية (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،0100 ،‬‬
‫ص‪.53‬‬
‫‪ -45‬سليمان مرقس‪ ،‬الوافي في شرح القانون املدني ‪ ،‬الالتزامات‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات الحقوقية ‪ ،‬بيروت‪ ،0335 ،‬ص ‪.753‬‬

‫‪15‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ديونه‪ ،46"...‬ولكن هذا لم يمنعه من النص عليه ضمن أحكام ق إ ج كما ورد في املادة ‪ 733‬منه‬
‫التي تنص‪ " :‬يجوز تنفيذ ألاحكام الصادرة بالدانة وبرد ما يلزم رده والتعوياات املدنية‬
‫واملصاريف بطريق إلاكراه البدني‪ ،47"...‬أما في املواد املدنية فقد تم الغائه إعماال التفاقيات‬
‫دولية وقعت عليها الجزائر خاصة املتعلقة بحقوق إلانسان‪ ،‬ألن في ذلك مساس بكرامة املدين‪،‬‬
‫فقد انضمت الجزائر للعهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‪ ،48‬وهذا ألاخير نص في‬
‫املادة ‪ 00‬منه‪ " :‬ال يجوز سجن أي إنسان ملجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي"‪ ،‬وبهذا أصبح‬
‫هذا النص يسمو على القوانين الوطنية السيما ق إ م إ‪ 49‬تطبيقا لنص املادة ‪ 071‬من الدستور‬
‫التي تنص على أنه‪ ":‬املعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية‪ ،‬حسب الشروط املنصوص‬
‫عليها في الدستور‪ ،‬تسمو على القانون"‪. 50‬‬
‫ووفقا ملا تقدم فإن املشرع الجزائري تدخل بإلغاء نص املادة ‪ 215‬وما يليها من قانون‬
‫الاجراءات املدنية القديم واملتعلقة باإلكراه البدني بالقانون ‪ 13-15‬املتعلق باإلجراءات املدنية‬
‫وإلادارية‪ ،‬وذلك تحقيقا لالنسجام املفروض مع التزامات الجزائر الدولية‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬الغرامة التهديدية كوسيلة للتنفيذ العيني الجبري( الاكراه املالي‪) Les astreintes -‬‬
‫ّ‬
‫لم تعد القوانين الحديثة تأخذ باإلكراه البدني إال أنه قد ظهرت هناك حاجة إلى نوع آخر‬
‫من الاكراه إلجبار املدين على التنفيذ العيني اللتزامه إذا كان ممكنا خاصة في ألاحول التي تتطلب‬
‫تدخله الشخص ي فاهتدى القضاء الفرنس ي إلى فكرة التهديد املالي‪ ،‬أو ما يسمي بالغرامة التهديدية‬
‫لذلك يجب أن نقف عند تعريفها وآثارها‪.‬‬

‫‪ -46‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني ‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -47‬املرجع نفسه‪..‬‬
‫‪ -48‬مرسوم رئاس ي رقم ‪ ،65-53‬مؤرخ في ‪ 06‬ماي ‪ ،0353‬يتضمن الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية‬
‫والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية والبرتكول الاختياري املتعلق بالعهد الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‬
‫املوافق عليها من طرف الجمعية العامة للمم املتحدة يوم ‪ 06‬ديسمبر سنة ‪ ،‬ج ر ج ج عدد ‪ ،01‬صادر بتاريخ ‪ 05‬ماي ‪. 0353‬‬
‫‪ -49‬قانون رقم ‪ ،13-15‬مؤرخ في ‪ 06‬فيفري ‪ ،0115‬يتضمن قانون الاجراءات املدنية وإلادارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،00‬صادر في ‪ 09‬أفريل‬
‫‪.0115‬‬
‫‪-50‬دستور ‪ ،0336‬صادر بموجب مرسوم رئاس ي رقم ‪ ،295 -36‬مؤرخ في‪ 15‬ديسمبر ‪ ،0336‬يتعلق بنشر نص تعديل الدستور املوافق‬
‫عليه في استفتاء ‪ 05‬نوفمبر ‪ ،0336‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،56‬صادر بتارخ ‪ 5‬ديسمبر ‪ ،0336‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪ ،10-06‬مؤرخ في ‪6‬‬
‫مارس ‪ ،0106‬ج‪ .‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،02‬صادر في ‪ 5‬مارس ‪.0106‬‬

‫‪16‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -0‬تعريف الغرامة التهديدية كوسيلة للتنفيذ العيني الجبري‬


‫الغرامة التهديدية عبارة عن مبلغ مالي‪ ،‬يحكم به القاض ي على املدين‪ ،‬يحتسب عن كل‬
‫مدة زمنية معينة ( يوم‪ ،‬أسبوع‪ ،‬شهر ‪ )...‬يتأخر فيها املدين عن تنفيذ التزامه عينا‪ ،51‬وعلى هذا‬
‫ألاساس تعد الغرامة التهديدية وسيلة ضغط على إرادة ملدين لغرض حمله على التنفيذ‪ ،52‬وسيلة‬
‫بيد الدائن يطالب بها اما الحق املحكوم عليه بالحق بأن يسارع في عملية التنفيذ‪ ،53‬وهي بذلك‬
‫وسيلة غير مباشرة للحصول على التنفيذ العيني لاللتزام كما أن ما يميزها أنها غير محددة‬
‫املقدار‪ ،‬بحيث تخضع للتقدير التحكمي للقاض ي الذي يحكم بها‪.54‬‬
‫يعد نظام الغرامة التهديدية في ألاصل نتاج الاجتهاد القضائي الفرنس ي الذي عرفها على‬
‫أنها وسيلة لكسر عناد املنفذ ضده لتنفيذ التزامه‪ ،55‬ولم يكن التقنين املدني الفرنس ي لعام ‪0512‬‬
‫ينظمه‪ ،56‬وقد كان القضاء الفرنس ي يعتمد على املادة ‪ 0196‬من تقنين أصول املحاكمات املدنية‬
‫الفرنس ي القديم لعام ‪ 0516‬الذي كان يجيز للمحاكم أن تصدر في القضايا التي تنظر فيها‪ ،‬ولو‬
‫من تلقاء نفسها أوامر‪ ،‬وذلك باعتبار القضاء الفرنس ي يعتبر الحكم بالغرامة التهديدية أمرا‬
‫صادر عن املحكمة الناضرة في الدعوى للمدين بتنفيذ التزامه‪ ،‬وإن رفض التنفيذ جاز لها أن‬
‫تفرض عليه عقوبة ماليةثم نظم املشرع هذه املسألة في وقت الحق‪ّ ،57‬أما ق م فقد نظم أحكام‬
‫الغرامة التهديدية في املادة ‪ 052‬ق م التي تنص على أنه‪ " :‬إذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن‬

‫‪ -51‬السعدي دمحم صبري‪ ،‬الواضح في شرح القانون املدني‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دار الهدى للطباعة والنشروالتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،0101‬ص ص ‪.21- 93‬‬
‫‪ -52‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪-53‬سلمي نضال‪" ،‬الغرامة التهديدية في الاحكام الاجتماعية باالدماج وفقا لالجتهاد القضائي الجزائري"‪ ،‬مجلة قانون العمل‬
‫والتشغيل‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬جوان ‪ ،0105‬ص ‪.065‬‬
‫‪ -54‬أحمد شوقي دمحم عبد الرحمان‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪55‬‬
‫‪-DONNIER Mark, BAPTISTE Jean, Voies d’exécutions et procédures de distribution, 7eme Ed,Juris -‬‬
‫‪classeur, paris, 2003, p.132‬‬
‫‪ -56‬سلمي نضال‪" ،‬الغرامة التهديدية في الاحكام الاجتماعية باالدماج وفقا لالجتهاد القضائي الجزائري"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪051‬‬
‫فإن‪ ،‬املشرع الفرنس ي تدخل بموجب القانون رقم ‪ 50-006‬الصادر بتاريخ ‪ 0350/5/7‬الذي أقر ألول مرة‬ ‫‪ -‬وكإضافة في املوضوع ّ‬
‫النظام القانوني للغرامة التهديدية‪ ،‬حتى وإن كان للمشرع الفرنس ي أن تدخل في وقت سابق بموجب القانون الصادر في ‪ 00‬تموز ‪0323‬‬
‫الذي أجاز الحكم علةى املستأجر الذي تقرر إخالءه بغرامة تهديدية عن كل مدة زمنية يمتنع فيها عن تنفيذ حكم إلاخالء‪ ،‬وكانت تعد‬
‫تعويضا نهائيا ألنها كانت تقدر بقدر الضرر الفعلي الذي أصاب املؤجر ‪ .‬عن ‪ :‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني‬
‫الجزائري ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ -57‬فواز صالح‪ ،‬النظام القانوني للغرامة التهديدية ( دراسة مقانونية مقارنة)"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية‪،‬‬
‫املجلد ‪ ،05‬العدد الثاني‪ ،0100 ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪17‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫أو غير مالئم‪ ،‬إال إذا قام به املدين نفسه‪ ،‬جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام املدين بهذا‬
‫التنفيذ‪ ،‬وبدفع غرامة إجبارية إن امتنع عن ذلك ‪.‬‬
‫وإذا رأى القاض ي أن مقدار الغرامة ليس كافيا لكراه املدين املمتنع عن التنفيذ‪ ،‬جاز‬
‫له أن يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة"‪.58‬‬
‫‪ -2‬شروط الحكم بالغرامة التهديدية‬
‫ويشترط في اللجوء إلى الغرامة التهديدية توافر شروط أربعة يمكن استنتاجها من نص‬
‫املادة ‪ 052‬من ق م املذكور أعاله وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يمتنع املدين عن تنفيذ التزامه عينا‪ ،‬سواء كان الالتزام بالقيام بعمل أو باالمتناع عنه‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يكون التنفيذ العيني لاللتزام ال يزال ممكنا‪:‬‬
‫ال يكفي لتبرير الحكم بالغرامة التهديدية مجرد وجود الالتزام وإنما يجب أن يكون التنفيذ‬
‫العيني لذلك الالتزام مازال ممكنا‪ ،‬وهذا شرط بديهي إذ املقصود من الغرامة إجبار املدين على‬
‫التنفيذ العيني‪ ،‬فمتى كان هذا ألاخير مستحيال لم يعد للغرامة جدوى ووجب اللجوء إلى التنفيذ‬
‫بطريق التعويض‪ ،‬وألن الهدف من هذا النظام هو حمل املدين على تنفيذ التزامه عينا‪ ،‬فإذا كان‬
‫التزام املدين هو إلامتناع عن القيام بعمل معين‪ ،‬وبادر املدين إلى القيام به‪ ،‬فلم يعد بإمكانه‬
‫تنفيذ هذا الالتزام‪ ،‬فإذا أصبح التنفيذ العيني مستحيال ولو بخطأ املدين فال فائدة من الحكم‬
‫بالغرامة التهديدية‪ ،‬فإذا كان التزام املدين تسليم عين معينة بالذات وهلكت ألي سبب كان تعذر‬
‫على املدين تنفيذ التزامه بالتسليم‪ ،‬فينقض ي الالتزام مع قيام حق الدائن في التعويض إذا كانت‬
‫استحالة التنفيذ بسسب املدين ودونه إذا كانت لسبب أجنبين ولكن ال يمكن اللجوء للغرامة‬
‫التهديدية ‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن يكون تدخل املدين شخصيا ضروريا لتنفيذ الالتزام‪:‬‬
‫يكون الالتزام بدفع مبلغ من النقود قابل للتنفيذ املباشر دائما‪ ،59‬وكذلك إلالتزام بنقل‬
‫امللكية أو الحق العين‪ ،60‬بل ّأن التنفيذ العيني ممكن دائما في الالتزام بعمل إذا كانت شخصية‬

‫‪ -58‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -59‬إذا كان محل الالتزام مبلغ من النقود‪ ،‬فال يمكن اللجوء لتسلط الغرامة التهديدية قصد تنفیذه‪ ،‬وهذا ما قضت به املحكمة العلیا‪:‬‬
‫قرار املحكمة العلیا الصادر عن الغرفة التجاریة والبحریة‪ ،‬بتاریخ ‪ ، 06/10/0117‬املجلة القضائیة‪ ،‬العدد ‪، 0‬سنة ‪، 2005‬ص‪ .‬ص‪.‬‬
‫‪.057-055‬‬
‫‪ -60‬تنص املادة ‪ 067‬من ق م أنه ‪ " :‬الالتزام بنقل امللكي‪ ،‬أو أي حق عيني آخر من شأنه أن ينقل بحكم القانون امللكية أو الحق‬
‫العيني‪."...‬‬

‫‪18‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫املدين ليست محل اعتبار بالنسبة للدائن وكان محل الالتزام ش يء معين بنوعه‪ ،61‬لذلك يكاد‬
‫ّ‬
‫يقتصر نظام الغرامة التهديدية على حالة الالتزام بعمل ال يمكن تنفيذه إال من جانب املدين‬
‫شخصيا‪ ،62‬أو أن تنفيذ الالتزام من الغير يكون غير مالئم‪ ،63‬وبالتالي يشترط للتنفيذ العيني‬
‫لاللتزام تدخل املدين شخصيا وال يمكن للغير أن يقوم مقامه في هذا التنفيذ ( وهذا كالتزام فنان‬
‫برسم لوحة فنية‪ ،‬أو بالتمثيل في فيلم أو مسرحية‪ ،‬ألتزام املستأجر بإخالء العين املؤجرة‪)...‬‬
‫غير أن هناك حاالت حاالت يمتنع فيها اللجوء للغرامة التهديدية بالرغم من أن تنفيذ‬
‫الالتزام ليس ممكنا دون تدخل املدين شخصيا‪ ،‬ومن ذلك إذا كان التهديدي املالي يمس بشخصية‬
‫املدين وفيه تقييد على حريته الشخصية واملتمثلة في نتاج فكره وابداعه مثال‪ ،‬كالتزام مؤلف تجاه‬
‫دار النشر على وضع كتاب للنشر‪ ،‬ثم احتاج املؤلف إلى إلالهام لتحقيق ما التزم به‪ ،‬فهنا ال يمكن‬
‫إعمال الغرامة التهديدية‪ ،‬أو إدراكه مثال أن نتاج عمله ليس جديرا بالنشر‪ ،‬ألن املسألة تتعلق‬
‫بسمعته فيمتنع عن التنفيذ‪.64‬‬
‫كما أنه ال مجال للغرامة التهديدية إذا كان التزام املدين هو الامتناع عن القيام بعمل وقام‬
‫به ‪ ،‬فيصبح التنفيذ العيني مستحيال‪ ،‬وبالتالي نتحول إلى التنفيذ عن طريق التعويض كإفشاء‬
‫السر املنهي من الطبيب أو املحامي‪...‬الخ‪.‬‬
‫د‪ -‬أن يطلب الدائن من القااء فرض الغرامة التهديدية على املدين‪:‬‬
‫اختلف الفقه بشأن هذا الشرط‪ ،‬والرأي الراجح أنه يجب يطالب الدائن بفرض الغرامة‬
‫التهديدية‪ ،‬فهو أمر جوازي للدائن بالتالي ال يجوز أن يقض ي به القاض ي من تلقاء نفسه‪،‬‬
‫وللمحكمة السلطة التقديرية في رفض الطلب أو قبوله عند توفر شروطها‪ .‬وال تخضع املحكمة‬
‫لرقابة املحكمة العليا إذ هي تقض ي في مسالة موضوعية‪ّ ،‬أما من حيث مدى توفر شروط الغرامة‬
‫التهديدية للحكم بها فهي مسألة قانون تخضع فيها محكمة املوضوع لرقابة املحكمة العليا‪.65‬‬

‫‪ -61‬تنص املادة ‪ 066‬من ق م أنه‪ ... " :‬إذا لم يقم املدين بتنفيذ إلتزامه‪ ،‬جاز للدائن أن يحصل على ش يء من النوع ذاته على نفقة‬
‫املدين بعد استئذان القاض ي‪."...‬‬
‫‪62‬‬
‫‪-Voir : ALVAREZ Isabelle, Essai sur la notion d’exécution contractuelle, Thése pour le doctorat en‬‬
‫‪droit, Université Montpellier 1 ,France, 2014, pp. 299- 300.‬‬
‫‪63‬‬
‫‪- CHABASFrançois, L'astreinte en droit français, p. 02. Consulté l’article sur :‬‬
‫‪http://www.direitocontemporaneo.com/wp-content/uploads/2014/02/Chabas-Lastreinte.pdf‬‬
‫‪ -64‬السعدي دمحم صبري‪ ،‬الواضح في شرح القانون املدني ‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -65‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني الجديد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬إلاثبات‪ -‬آثار إلالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.500‬‬

‫‪19‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫تجدر الاشارة أنه يجوز للدائن أن يطلب الحكم بالغرامة التهديدية في أي مرحلة من‬
‫مراحل الدعوى‪ ،‬بل يجوز املطالبة بها ألول مرة أمام جهة الاستئناف وال يعتبر هذا الطلب جديدا‪.‬‬
‫‪ -3‬خصائص الحكم بالغرامة التهديدية‬
‫يتميز الحكم بالغرامة التهديدية بمجموعة من الخصائص منها‪:‬‬
‫أ‪-‬أنه وسيلة تحكمية( ‪ :)Arbitraire‬فال مقياس لها سوى تقدير القاض ي الذي يراه منتج‬
‫لتحقيق غايته وهي انصياع املدين للحكم القضائي وتنفيذ التزامه عينا بشرط أن يكون مختص‬
‫نوعيا‪ ،66‬فال يراعي درجة الضرر الذي أصاب الدائن جراء عدم التنفيذ‪ ،‬بل أن مقدارها قد يزيد‬
‫على مقدار الضرر الذي وقع‪ ،‬ألن الغرض منها كسر عناد املدين املتعنت عن التنفيذ‪ ،‬وعلى‬
‫القاض ي أن يأخذ في الاعتبار مركز املدين وحالته املالية ‪ ،‬وكذا درجة عناده وتعنته‪ ،‬وعليه ال‬
‫ألن الغاية منها ليس تعويض الضرر الذي لحق‬ ‫يشترط أن تكون مساوية للضرر الحاصل‪ّ ،‬‬
‫بالدائن‪ ،‬وإنما الضغط على إرادة املدين وحمله على التنفيذ‪ ،‬فمتى قدر القاض ي أن مبلغ الغرامة‬
‫غير كافي إلخضاع املدين للحكم القضائي‪ ،‬جاز له أن يزيد في املبلغ للقدر الذي يراه محققا‬
‫للغرض‪ ،‬وهو ما أخذ به املشرع الجزائري ق م في املادة ‪ 0/052‬التي تنص على أنه‪ ... " :‬وإذا رأى‬
‫القاض ي أن مقدار الغرامة ليس كافيا لكراه املدين املمتنع عن التنفيذ‪ ،‬جاز له أن يزيد في‬
‫الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة"‪.67‬‬
‫ب‪-‬أنه وسيلة تهديدية(‪ :) Comminatoire‬تعد الغرامة التهديدية التي تقض ي بها املحكمة‬
‫وسيلة ضغط على املدين‪ ،‬وال تعتبر بأي حال حق للدائن وال دين على املدين‪ ،68‬لذلك ال يجوز‬
‫التنفيذ بالحكم الصادر بها على أموال املدين‪ ،‬وعلى هذا ألاساس كان تقدير التهديد املالي عن كل‬
‫وحدة من الزمن يتأخر فيها املدين عن التنفيذ أو عن كل مرة يخل فيها بالتزامه‪ ،‬وال يجبر املدين‬
‫على عرض مبلغ الغرامة التهديدية عرضا حقيقيا ‪.69‬‬
‫ج‪-‬أنه وسيلة مؤقتة(‪: )Provisoire‬الحكم بالغرامة التهديدية ال يعد حكما نهائيا واجب التنفيذ‪،‬‬
‫ألن الهدف منه هو مجرد الضغط على املدين‪ ،‬وأن مصيرها الزوال والتصفية بحسب املوقف‬

‫‪ -66‬قرار املحكمة العليا ‪ ،‬الغرفة املدنية ‪،‬ملف رقـم ‪ ،05550‬املؤرخ في ‪ ،0359/16/05‬املجلةالقضائية ‪،‬العدد ألاول ‪ ،0353‬ص‪.057‬‬
‫‪ -67‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني الجزائري‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫‪- DE JUGLART Michel, Cour de droit civil, T1, Vol 2 , Biens – Obligations , Montchrestien, Paris,‬‬
‫‪1977, p. 432.‬‬

‫‪ -69‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.033‬‬

‫‪20‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫النهائي للمدين‪ ،70‬فمصير الحكم بالتهديد املالي يبقى غير مفصول فيه‪ ،‬وبالتالي ال يطلب من‬
‫املدين دمجه مثال في عرضه للدين املترتب ي ذمته‪ ،‬وعليه ال يحوز هذا الحكم حجية الامر‬
‫املقض ي فيه‪ ،‬فهو حكم وقتي‪ ،71‬وبالتالي يجوز للقاض ي أن يزيد فيه أو يحوله إلى تعويض نهائي‬
‫مراعيا في ذلك الضرر الذي لحق بالدائن لعدم الوفاء بااللتزام‪ ،72‬ومن ثمة فهي وسيلة إكراه‬
‫مشروعة تمارس على املدين لحمله على التنفيذ‪.73‬‬
‫من خالل ما سبق يتضح لنا أن الحكم بالغرامة التهديدية أمرا جوازيا للقاض ي‪ ،‬والقاض ي‬
‫متى حكم بالغرامة‪ ،‬كان له أن يقدرها بصفة تحكمية‪ ،‬على اعتبار أن مقدارها ال يقاس بالضرر‪،‬‬
‫عن كل وحدة زمنية ( يوم‪ ،‬أسبوع‪ ،‬شهر ‪ )...‬يتأخر فيها املدين عن تنفيذ التزامه‪ ،‬ومتى الحظ‬
‫القاض ي أن مقدارها لم يؤثر في إرادة املدين‪ ،‬كان له أن يزيد في مبلغها‪ ،‬وعلى أي حال‪ ،‬فإن موقف‬
‫املدين منها ال يخلو من أمرين ‪ :‬فإما أن يبادر املدين إلى التنفيذ ولو متأخرا‪ ،‬وإما يبقى على تعنته‪،‬‬
‫وفي كلتا الحالتين‪ ،‬وملا كان الحكم بالغرامة التهديدية حكما مؤقتا ال يجوز تنفيذه بتلك الحالة‪،‬‬
‫فإنه يلتزم القاض ي بتصفية الغرامة بحيث تتحول إلى تعويض لكن يراعي فيه من جهة الضرر‬
‫الذي أصاب الدائن والكسب الذي فاته‪ ،‬وكذلك العنت الذي أبداه املدين‪ ،‬وهذا ما يجعل‬
‫الغرامة التهديدية نوعا من العقوبة الخاصة‪.74‬‬

‫‪ -70‬راجع في موضوع تصفيتها‪ :‬براهمي فايزة‪ ،‬براهمي سهام‪ " ،‬تصفية الغرامة التهديدية في ظل قانون الاجراءات املدنية وإلادارية" مجلة‬
‫امليزان‪ ،‬العدد ‪ ،0106 ،0‬ص ص‪ ،79-97‬وكذلك‪:‬‬
‫‪- FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation, Op, cit, p. 101.‬‬
‫‪71-‬‬
‫‪-LAUBA René, Le contentieux de l’exécution, 11eme édition, lexis nexis, Paris, 2012, p.523‬‬
‫‪-72‬ال تعد الغرامة التهديدية تعويضا عن الضرر الذي يلحق الدائن نتيجة تأخر املدين عن التنفي‪ ،‬وهذا ما أكدته املادة ‪ 0/92‬من‬
‫القانون الفرنس ي رقم ‪ 30/061‬التي تنص على أنه‪ " :‬إن الغرامة التهديدية مستقلة عن التعويض"‪.‬‬
‫‪L'article 34/1 de la loi française n°91-650 du 9 juillet 1991 portant réforme des procédures civiles d'exécution‬‬
‫‪stipule que: « L'astreinte est indépendante des dommages- intérêts ».‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=JORFTEXT000000172847‬‬

‫‪- Mazeaud Henri Léon Jean. et CHABAS François, Leçons de droit civil, Obligations: théorie générale,‬‬
‫‪73‬‬

‫‪9 ème Ed, Montchrestien 1998- Delta 2000, n°924 et s., p.1028. Voir aussi : FRANCOIS Terré, PHILIPPE‬‬
‫‪Simler YVES Lequette et François chénedé, Droit civil, Les obligations, 12ème Ed, Dalloz, Paris 2018.‬‬
‫‪74‬‬
‫‪- CHABAS François, L'astreinte en droit français, Op.cit, p. 02.‬‬

‫‪21‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫املبحث الثاني‬
‫التنفيذ بطريق التعويض( التنفيذ بمقابل)‬
‫عدم تنفيذ املدين اللتزامه عينا ال يعني انقضاء الالتزام وإنما يضل قائما‪ ،‬ويصار إلى‬
‫تنفيذه بطريق التعويض وهو تعويض الدائن عما أصابه من ضرر نتيجة الاخالل بااللتزام‬
‫ويشكل الوسيلة الثانية من وسائل التنفيذ الجبري إذا كان التنفيذ العيني مستحيال‪ ،‬فعندئذ ال‬
‫يكون بيد الدائن سوى اتخاذ هذه الوسيلة كبديل‪.75‬‬
‫وإلزام املدين بالتعويض ال يعني انشاء التزام جديد في ذمته‪ ،‬وإنما هو طريق لتنفيذ‬
‫الالتزام الثابت في ذمته من قبل‪ ،‬وبالتالي فكل التأمينات التي قررت ضمانا لاللتزام تظل ضامنة‬
‫لوفاء املدين بالتعويض عند الاخالل به‪.‬‬
‫لذا عرف التعويض على أنه الحق الذي يثبت للدائن نتيجة اخالل مدينه بتنفيذ التزامه‪،‬‬
‫والذي قد يتخذ شكل النقد أو أية ترضية معادلة للمنفعة التي سينالها الذئن ولو لم يحصل‬
‫إلاخالل بااللتزام من جانب املدين‪.76‬‬
‫والتنفيذ بهذه الطريقة تعد وسيلة احتياطية وعالجية تعوض الدائن عما لحقه من ضرر‬
‫نتيجة عدم قيام املدين بتنفيذ التزامه تنفيذا عينيا أو تأخره في التنفيذ وذلك في حاالت معينة‬
‫تدخل في نطاقه وتتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬حالة استحالة تنفيذ الالتزام بخطأ املدين‪ ،‬وهي استحالة متصورة بالنسبة لاللتزام أيا كان‬
‫مصدره عقدي أو تقصيري‪ ،77‬ومهما كان محله‪ ،‬عدا الالتزام بدفع مبلغ من النقود الذي‬
‫يكون دائما ممكنا‪.‬‬

‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation,Op, cit, p. 265.‬‬


‫‪75‬‬

‫‪ -76‬الحسناوي حسن خنتوش رشيد‪ ،‬التعويض القضائي في املسؤولية العقدية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،0333 ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -77‬كل التزام مهما كان مصدره يجوز تنفيذه عن طريق التعويض‪ ،‬فااللتزام العقدي سواء كان التزاما بنقل ملكية أو التزاما بعمل أو‬
‫التزاما باالمتناع عن عمل يكون التنفيذ بهذه الطريقة ممكنا‪ ،‬وكذلك الالتزام التقصيري الذي يغلب أن يكون تنفيذه بالتعويض‬
‫ّ‬
‫باعتباره ا نتيجة لإلخالل بالتزام قانوني هو عدم إلاضرار بالغير‪ ،‬وإال ترتبت عن هذا الاخالل املسؤولية التقصيرية إذ نص املشرع‬
‫الجزائري على هذه الفكرة في املادة ‪ 002‬من ق م التي كان حكمها كما يلي‪ " :‬كل فعل أيا كان يرتكبه شخص بخطئه‪ ،‬ويسبب ضررا‬
‫للغيريلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"‪.‬‬
‫ال يثرى شخص‬ ‫‪ -‬وألامر سواء بالنسبة لاللتزام الناش ئ من الاثراء بال سبب الذي يقوم نتيجة الاخالل بااللتزام القانوني الذي مفاده ّ‬
‫على حساب شخص آخر دون سبب إعماال للمادة ‪ 020‬من ق م التي تنص‪ " :‬كل من نال عن حشن نية من عمل الغيرأو من ش يء له‬
‫منفعة ليس لها ما يبررها يلزم بتعويض من وقع الاثراء على حسابه بقدر ما استفاد من العمل أو الش يء"‪ .‬في موضوع التعويض عن‬
‫الاثراء بال سبب راجع‪ :‬جالل علي العدوي‪ ،‬الوجيز في مصادر الالتزام‪ ،‬منشأة املعارف‪،‬الاسكندرية‪ ،0331 ،‬ص ص ‪.206-207‬‬

‫‪22‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -‬حالة تأخر املدين عن تنفيذ الالتزام عينا‪.‬‬


‫‪ -‬حالة عدم تنفيذ الالتزام ويتصور هذا الفرض عندما يقتض ي تنفيذ الالتزام تدخل املدين‬
‫ّ‬
‫الشخص ي‪ ،‬أو أنه غير مالئم إال إذا قام به املدين‪ ،‬وامتنع عن التنفيذ ولم يجد التهديد‬
‫املالي في دفعه للتنفيذ تطبيقا للمادة ‪ 057‬من ق م ج ‪.78‬‬
‫‪ -‬إذا كان التنفيذ العيني ممكنا وطلبه الدائن‪ ،‬ولكن فيه ارهاق للمدين‪ ،‬وكان عدم القيام‬
‫به ال يعود بضرر جسيم على الدائن‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان التنفيذ العيني ممكنا ولكن لم يطلبه الدائن ولم يعرضه املدين ‪ ،‬وهو ما يعني‬
‫الاتفاق الضمني على التنفيذ بطريق التعويض‪.‬‬
‫ألاصل في تقدير التعويض أن يتم بمعرفة القاض ي وهو ما يعرف بالتعويض‬
‫القضائي(املطلب ألاول)‪ ،‬لكن في نطاق الالتزامات التعاقدية قد يتفق الطرفان مقدما على‬
‫مقدار التعويض الذي يلتزم به املدين إذا لم ينفذ التزامه‪ ،‬أو تأخر فيه‪ ،‬وهذا هو التعويض‬
‫الاتفاقي أو الشرط الجزائي( املطلب الثاني)‪ ،‬وقد يتكفل القانون بتقدير التعويض‪ ،‬وهذا هو‬
‫التعويض القانوني ( املطلب الثالث)‪.‬‬

‫املطلب ألاول‬
‫التعويض القاائي‬
‫يعتبر ألاصل في اطار املسؤولية املدنية عقدية كانت أو تقصيرية هو التعويض‬
‫یعرف بأنه تعویض ّیقدره القضاء و یحكم به للفصل في الدعوى التي یقیمها‬ ‫القضائي‪،‬الذي ّ‬
‫لیحمله بمقتضاها املسؤولیة الناشئة عن عدم تنفیذ التزامه أو عن تأخره في‬ ‫الدائن على مدینه ّ‬
‫تنفیذ‪ ،‬و هي دعوى یجب أن یتقدمها إلاعذار في الحاالت التي یجب فيها استیفاؤه‪ ،‬و یحكم بهذا‬
‫التعویض في الحاالت التي ال محل للحكم بالتنفیذ العیني واملذكورة أعاله‪ ،‬و في ألاحوال التي یثبت‬
‫فيها إصابة الدائن بضرر ّ‬
‫ملجرد تأخر املدین في تنفیذ التزامه‪.79‬‬

‫‪ -78‬تنص املادة على أنه‪... " :‬أو أصر املدين على رفض التنفيذ حدد القاض ي مقدار التعويض الذي يلزم به املدين مراعيا في ذلك‬
‫الارر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من املدين"‪.‬‬
‫‪ -79‬عن‪ :‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني و أحكام الالتزام‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬د س ن‪ ،‬د ب ن‪،‬‬
‫ص ‪.77‬‬

‫‪23‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫وحرصا من املشرع على إقامة التوازن بين املراكز القانونية لكل من الدائن واملدين‪ ،‬منح‬
‫الدائن وسيلة التنفيذ الجبري بطريق التعويض الذي يراه القاض ي مناسبا لجبر الضرر الذي‬
‫يلحق الدائن تطبيقا للمادة ‪ 056‬من ق م كما يلي‪ " :‬إذا استحال على املدين أن ينفذ الالتزام‬
‫عينا حكم عليه بتعويض الارر الناجم عن عدم تنفيذ الالتزام‪ ،‬ما لم يثبت أن استحالة‬
‫التنفيذ نشأت عن سبب ال يد له فيه‪ ،‬ويكون الحكم كذلك إذا تأخر املدين في تنفيذ التزامه"‬
‫ّ‬
‫‪ ،80‬غير أنه ال يمكن اللجوء للتعويض القضائي إال بعد اعذار املدين إعماال لحكم املادة ‪ 053‬من‬
‫ّ‬
‫ق م التي تنص ‪ " :‬ال يستحق التعويض إال بعد إعذاراملدين ما لم يوجد نص مخالف لذلك"‬
‫انطالقا من النصين أعاله يتضح لنا ضرورة توفر شروط معينة الستحقاق‬
‫التعويض(الفرع ألاول)‪ ،‬ومتى توفرت شروطه يقوم القاض ي بتقدير التعويض( الفرع الثاني)‬
‫الفرع ألاول‪ :‬شروط استحقاق التعويض القاائي‬
‫للحكم على املدين بالتعويض البد من توفر شروط معينة‪،‬يرتبط بعضها بذات الشروط‬
‫الواجبة لقيام املسؤولية املدنية (عقدية أو تقصيرية من خطأ‪ ،‬ضرر‪ ،‬عالقة السببية) أي اخالل‬
‫املدين بالتزام مدني ( أوال) باإلضافة إلى شرط الاعذار ( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬قيام شروط املسؤولية املدنية‬
‫املسؤولية املدني ة هي مجموعة من القواعد التي تلزم من ألحق ضررا بالغير بجبره‪،‬‬
‫وذلك عن طريق تعويضه‪ ،‬وهذا التعويض الذي يتحمله املسؤول هو نتيجة إخالل بالتزام سابق‬
‫رتبه العقد أو القانون‪ ،‬وهكذا تنشأ املسؤولية املدنية عن امتناع املسؤول عن تنفيذ ما تعهد به‬
‫من التزامات عقدية أو القيام بالتزام قانوني مقتضاه عدم إلاضرار بالغير‪ ،‬ولقيام هذه املسؤولية‬
‫املوجبة للتعويض يقتض ي ألامر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -0‬إلاخالل بالتزام عقدي أو قانوني‬
‫يتحقق إلاخالل بالتزام عقدي عند عدم وفاء املدين بااللتزام الذي ترتب عليه بموجب‬
‫العقد‪ ،‬أو تأخره في تنفيذه‪ ،‬وهو انحراف في السلوك من جانب املدين‪ ،‬ال يأتي مثله الرجل العادي‬
‫في نفس الظروف‪ ،‬ويقتض ي ألامر توفر شروط قيام الخطأ العقدي من امتناع املدين عن التنفيذ‪،‬‬
‫أو تأخره في ذلك‪ ،‬ففي الالتزام ببذل عناية يكون مقصرا إذا لم يبذل عناية الرجل املعتاد لتنفيذ‬

‫‪ -80‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫التزامه‪ ،‬وفي الالتزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬يعتبر اخالل بالتزامه إن لم تتحقق النتيجة‪ ،‬ففي البيع يجب‬
‫تسليم املبيع‪ ،‬واملقاول إكمال البناء وتسليمه لرب العمل‪.81‬‬
‫أما إلاخالل بااللتزام القانوني فهو تجاوز الحد الذي ال بد من الوقوف عنده في الفعل‬
‫والامتناع عن الفعل‪ ،‬حيث ان الخطأ التقصيري قد يكون ايجابيا باالتيان بفعل يحرمه القانون‬
‫هو عدم الاضرار بالغير‪ ،‬أو الاملتناع عن فعل يلزمنا به القانون ‪.‬‬
‫‪-2‬وجود ضرر يصيب الدائن كنتيجة الخالل املدين بالتزامه العقدي أو القانوني‬
‫املقصود بالضرر الذي يترتب عن الاخالل بااللتزام العقدي أو القانوني الاذى الذي يصيب‬
‫الدائن نتيجة اخالل املدين بالتزامه‪ ،‬باملساس بحق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له‪ ،‬سواء‬
‫كانت هذه املصلحة مادية أو معنوية‪ ،82‬والضرر املوجب للتعويض هو الضرر املحقق‪ ،‬املباشر‬
‫والشخص ي الذي لم يسبق تعويضه‪.‬‬
‫‪ -3‬قيام عالقة السببية بين إخالل املدين والارر الذي لحق بالدائن‬
‫ال يكفي قيام ركني الخطأ والضرر لقيا املسؤولية وبالتالي استحقاق التعويض‪ ،‬بل ال بد أن‬
‫يرجع الضرر الذي اصاب الدائن إلى الخطأ العقدي للمدين أو إلى الاضرار‪ ،‬بمعنى أنه يجب أن‬
‫يكون الضرر نتيجة طبيعية لعدم وفاء املدين بالتزامه العقدي أو القانوني‪. 83‬‬
‫ثانيا‪ -‬إلاعذار‬
‫ّ‬
‫تنص املادة ‪ 053‬من ق م التي تنص ‪ " :‬ال يستحق التعويض إال بعد اعذار املدين ما لم‬
‫يوجد نص مخالف لذلك"‪ ،‬من خالل النص نستنتج أن الاعذار شرط للتنفيذ بطريق التعويض‬
‫القضائي‪ ،‬والسبب في ذلك هو التأكد من تصميم الدائن على استيفاء حقه في مواجهة املدين‪.‬‬
‫‪ -0‬تعريف الاعذار‬
‫اعذار املدين هو وضعه قانونا في موضع املتأخر في تنفيذ الالتزام وأن مجرد حلول‬
‫أجل الالتزام ال يكفي لجعله في هذا الوضع القانوني‪ ،‬بل البد من اعذاره‪ ،‬وعن طريق هذا إلاجراء‬

‫‪ -81‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.015‬‬
‫‪-82‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة في الالتزام( مصادر الالتزام)‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،0112 ،‬ص ص ‪-50‬‬
‫‪.50‬‬
‫‪83‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p.253.‬‬

‫‪25‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫يطالب الدائن مدينه بالتنفيذ ويسجل تقصيره في تنفيذ الالتزام والوفاء به‪ ، 84‬وهو ما يوجب‬
‫مسؤوليته بتعويض الدائن عما أصابه من ضرر جراء ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬الهدف من االعذار‬

‫الحكمة من الاعذار أنه مطلوب العتبارات منها قانونية ومنها أخالقية‪ ،‬وترتبط ألاولى من‬
‫أن مجرد حلول أجل الدين ال يشكل قرينة على تضرر الدائن‪ ،‬وإنما يعني أن الدين أصبح مستحق‬
‫ألاداء وبذلك إذا أراد الدائن أن يجعل مدينه مسؤوال فعليه اعذاره‪ ،‬أما الاعتبار الثاني فيقوم على‬
‫أساس أن القيم الخلقية في أي مجتمع توجب على الدائن أن ينبه مدينه قبل مفاجئته بإجراءات‬
‫التنفيذ الجبري التي تشكل أغلبها مساسا بحرية وكرامة املدين‪.‬‬
‫فاالعذار يفترض وجود مدين لم ينفذ التزامه بعد إزاء الدائن‪ ،‬إال أن املشرع ال‬
‫يعتمد على التأخير الفعلي لكن باستبعاد مظنة تسامح الدائن في تأخر مدينه عن تنفيذ التزامه‬
‫وهذه املظنة تتنفي بتوجيه الاعذار من الدائن ملدينه بما ال يتصور معه تسامح‪ ،‬وبالتالي جعل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عند عدم الوفاء متأخرا قانونا عن الوفاء‪ ،‬مما يعني أن وظيفة وطبيعة الاعذار ال تختلط‬
‫بالخطأ الذي هو عنصر من عناصر املسؤولية بل ّأن الغاية من الاعذار هي اثبات تأخر أو تقصير‬
‫املدين في القيام بتنفيذ التزامه‪.‬‬
‫‪-‬اعالم املدين بمصلحة الدائن في التنفيذ الفوري لاللتزام‪ :‬يهدف الاعذار إلى إحاطة املدين‬
‫ً‬
‫علما بأن الدائن له مصلحة جدية في التنفيذ الفوري للعقد دون ادنى تأخر من جانب املدين‪.‬‬
‫‪ -‬منح املدين فرصة للتنفيذ العيني‪ :‬يهدف الاعذار إلى إعطاء املدين فرصة لتنفيذ التزامه بعين‬
‫ما انصرفت ارادته الى الوفاء به من التزم ففي الغرض الذي يكون فيه املدين أو يجهل بحسن نية‬
‫تاريخ الوفاء تكون وظيفة الاعذار في هذا الغرض تعين تاريخ الوفاء بعين ما التزم به املدين لذا‬
‫ً‬
‫يستهدف الاعذار منح املدين فرصة أخيرة لتنفيذ التزامه عينا‪.‬‬

‫‪-‬تحميل املدين رسميا نتائج اخالله بالتزاماته‪ :‬فيتحمل املدين آثار عدم تنفيذه لاللتزام قانونيا‬
‫قبل املطالبة بالتعويض‪.‬‬

‫‪ -84‬أنور سلطان‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام مصادر الالتزام‪ ،‬دار الجامعة للنشر ‪ ،0117 ،‬ص ‪.952‬‬

‫‪26‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -3‬شكل إلاعذار‬
‫تنص املادة ‪ 051‬من ق م على أنه‪ " :‬يكون اعذار املدين بإنذاره‪ ،‬أو بما يقوم مقام‬
‫إلانذار‪ ،‬ويجوز أن يتم الاعذار عن طريق البريد على الوجه املبين في هذا القانون‪ ،‬كما يجوز أن‬
‫يكون مترتبا على اتفاق يقض ي بأن يكون املدين معذرا بمجرد حلول ألاجل دون الحاجة إلى ّ‬
‫أي‬
‫إجراء آخر"‪ ،85‬يأخذ الاعذار بمقتض ي هذا النص ثالث أشكال‪:‬‬
‫‪-‬يكون اعذار املدين بانذار‪ :‬يعد الاعذار على هذا النحو هو القاعدة العامة‪ ،‬لذا يقال " قد أعذر‬
‫من أنذر"‪ ،‬وإلانذار هو ورقة رسمية يعبر فيها الدائن عن رغبته الجدية في اقتضاء حقه‪ ،‬وهي ورقة‬
‫من أوراق املحضرين القضائيين‪ ،‬وتتم اجراءاته وفقا ملا نص عليه املشرع في قانون الاجراءات‬
‫املدنية والادارية‪.‬‬
‫‪ -‬يكون الاعذار بطلب كتابي ‪ :‬بيرد في ورقة رسمية‪ ،‬غير رسمية كرسالة أو برقية يعبر فيها الدائن‬
‫على رغبته في اقتضاء حقه‪ ،‬والاعذار بهذه الطريقة قد يثر اشكاليات في اثباته‪ ،‬ومدى تسلم‬
‫املدين لها‪.‬‬
‫‪-‬يجوز أن يتم الاعذار في أية صورة أخرى يحددها اتفاق الطرفين‪ :‬فيجوز الاتفاق صراحة أ‪ ,‬ضمنا‬
‫على أن يكون املدين معذرا بمجرد حلول أجل الدين دون حاجة إلى أي اجراء آخر‪ ،‬قد يكون‬
‫أخطارا شفويا ‪...‬ألخ‪.‬‬
‫غير أنه ال ضرورة لالعذار قانونا في الحاالت املذكورة في املادة ‪ 050‬التي تقض ي بأنه‪:‬‬
‫" ال ضرورة العذار املدين في الحاالت آلاتية‪:‬‬
‫‪-‬إذا تعذر تنفيذ الالتزام أو أصبح غيرمجد بفعل املدين‪،‬‬
‫‪-‬إذا كاملحل الالتزام تعوياا ترتب عن عمل مار‪،‬‬
‫‪-‬إذا كان محل الالتزام رد ش يء يعلم املدين أنه مسروق‪ ،‬أو ش يء تسلمه دون وجه حق وهو‬
‫عالم بذلك‪،‬‬
‫صرح املدين كتابة أنه ال ينوى تنفيذ الالتزام"‪.86‬‬ ‫‪-‬إذا ّ‬

‫‪ -85‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪86‬املرجع نفسه‪..‬‬

‫‪27‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -4‬آثارالاعذار‪ :‬يترتب على الاعذار نتيجتين أساسيتين هما ‪:‬‬


‫‪-‬الزام املدين بتعويض دائنه عن الارر الذي لحقه من وقت الاعذار‪ ،‬وسبب عدم مسؤولية‬
‫املدين عن الضرر الذي لحق الدائن بسبب التأخر في تنفيذ املدين اللتزامه قبل الاعذار هو‬
‫وأن سكوته يعد تمديد ضمني ألجل الوفاء‪.‬‬‫افتراض عده تضرر الدائن‪ّ ،‬‬
‫‪-‬انتقال تبعة الهالك باالعذار من الطرف الذي يجب تحملها إلى الطرف الثاني‪ ،‬ألاصل في تبعة‬
‫ّ‬
‫یتحمل تبعة الهالك قبل‬ ‫الهالك أنها تقع على املدين في العقود امللزمة للجانبين‪ ،‬فهو الذي‬
‫یتحملها في حالة كونها بسبب أجنبي‪،‬‬‫التسلیم‪ ،‬أما إذا كان العقد ملزم لجانب واحد فالدائن من ّ‬
‫أما إذا أعذر املدین فتنتقل إلیه تبعة الهالك حسب املادة ‪ 065‬من ق م ‪.87‬‬
‫ثالثا‪ -‬عدم وجود اتفاق على إلاعفاء من املسؤولية‬
‫يستفاد هذا الشرط من نص املادة ‪ 0/ 055‬من ق م التي تنص‪ ... " :‬وكذلك يجوزالاتفاق‬
‫ّ‬
‫على إعفاء املدين من أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي‪ ،‬إال ما ينشأ عن‬
‫غشه أو الخطئه الجسيم ‪."...‬‬
‫وتجدر الاشارة أنه في مجال املسؤولية التقصيرية ال يجوز الاتفاق على الاعفاء من‬
‫املسؤولية أو التخفيف منها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تقدير القاض ي للتعويض‬

‫إذا توفرت شروط استحقاق التعويض املبينة أعاله‪ ،‬أصبح التعويض مستحقا و وجب‬
‫تقديره‪ ،‬وكان على املدين دفعه للدائن‪ ،‬والتعويض الواجب على املدين نوعان‪ ،‬تعويض عن عدم‬
‫التنفيذ‪ ،‬وتعويض عن التأخر في التنفيذ‪ ،‬ويحل النوع ألاول محل التنفيذ العيني وال يجتمع معه‪،‬‬
‫أما النوع الثاني فيجتمع معه‪ ،‬فنكون أمام تعويض عن عدم التنفيذ وتعويض عن التأخر عن‬
‫التنفيذ وعليه سنبحث في كيفية تقدير القاض ي للتعويض( أوال)‪ ،‬والعناصر التي يجب أن‬
‫يشملها هذا التعويض( ثانيا) ثم وقت تقدير الضرر(ثالثا)‪.‬‬

‫‪ -87‬تنص املادة على أنه ‪ " :‬إذا كان املدين امللزم بالقيام بعمل يقتض ي تسليم ش يء ولم يسلمه بعد الاعذارفإن ألاخطارتون على‬
‫حسابه ولو كانت قبل الاعذار على حساب الدائن‪.‬‬
‫غيرأن هذه ألاخطارال تتعدى إلى املدين رغم الاعذار إذا أثبت املدين أن الش يء قد ياايع عند الدائن ولو سلم له‪ ،‬ما لم يكن‬
‫املدين قد قبل أن يتحمل تبعية الحوادث املفاجئة‪.‬‬
‫ّ‬
‫على أن الش يء املسروق إذا هلك أو ضاع بأية صورة كانت فإن تبعية الهالك تقع على السارق"‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫أوال‪ -‬كيفية تقدير القاض ي للتعويض‬


‫ألاصل أن يكون التعويض نقديا‪ ،‬فيقدره القاض ي بمبلغ من النقود في نطاق املسؤولية‬
‫العقدية والتقصيرية‪ ،‬أو أي التزام نشأ من مصدر آخر‪ ،‬ويكون للدائن استيفائه قهرا بالتنفيذ‬
‫على أموال املدين‪ ،‬ويجوز للقاض ي إذا طلب الدائن التعويض بغير النقود‪ ،‬وهو ما يسمى‬
‫بالتعويض العيني‪ ،88‬ففي الالتزام باملحافظة على الش يء‪ ،‬ويخل املدين بالتزامه بأن يسرق نتيجة‬
‫اهماله‪ ،‬فيطلب الدائن الزامه تسليم شيئا مثله‪ ،‬أو يصاب الش يء بتلف فيطلب الدائن‬
‫باصالحه‪ ،89‬وفي دعاوى السب والقذف يجوز للقاض ي أن يأمر على سبيل التعويض بنشر الحكم‬
‫تعويضا عن الضرر ألادبي‪ ،90‬الذي يمكن أن يأخذ عدة صور‪.91‬‬
‫يأخذ التعويض العيني ثالثة أشكال إما إعادة الحالة إلى ما كانت عليه‪ ،‬أو الحكم بأداء أمر‬
‫مما سبق أن التعويض النقدي هو الاصل ‪ ،‬وعليه ال‬ ‫معين‪ ،‬أو رد املثل في املثليات‪ ،‬ويستفاد ّ‬
‫يحكم القاض ي بالتعويض العيني من تلقاء نفسه‪ ،‬وإنما يجب أن يطلبه الدائن‪ ،‬وإذا طلب الدائن‬
‫ّ‬
‫التعويض العيني ال يستجيب له القاض ي حتما‪ ،‬ألن ألامر جوازي‪ ،‬وألنه في حاالت معينة يستحيل‬
‫التعويض العيني‪ 92‬وإذا طلب الدائن التعويض النقدي‪ ،‬ليس للقاض ي أن يحكم له بتعويض عيني‬
‫ولول عرض املدين ذلك‪ ،‬ألنه قد يكون سببا ملنازعات جديدة‪ ،‬وهذا تطبيقا للمادة ‪ 0/090‬ق م‬
‫التي تنص على أنه‪ " :‬ويقدر التعويض بالنقد‪ ،‬على أنه يجوز للقاض ي‪ ،‬تبعا للظروف وبناء على‬
‫طلب املارور‪ ،‬أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما مانت علي‪ ،‬أو أن يحكم وذلك على سبيل‬
‫التعويض بأداء بعض الاعانات تتصل بالعمل غير املشروع"‪.‬‬
‫ثانيا – عناصرالتعويض‬
‫يعتبر الغرض ألاساس ي من التعويض هو جبر الضرر الذي أصاب الدائن من عدم‬
‫التنفيذ أو التأخر عن التنفيذ‪ ،‬لذلك فإن التعويض يشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته‬
‫من كسب‪ ،‬وهو ما نص عليه املشرع الجزائري في املادة ق م ‪ 050‬التي تنص‪ ... " :‬ويشمل‬

‫‪88‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p.138.‬‬
‫‪ -89‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -90‬تنص املادة ‪ 08‬من ألامر رقم ‪ 076-66‬املؤرخ في مؤرخ في ‪ 05‬صفر عام ‪ 0956‬املوافق املوافق ‪ 5‬يونيو سنة يونيو سنة ‪،0366‬‬
‫يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج ر ج ج عدد‪ ، 26‬صادر بتاريخ ‪ 00‬جوان ‪ ،0366‬معدل ومتمم على أنه ‪ " :‬للمحكمة عند الحكم باالدانة‬
‫أن تأمر في الحاالت التي يحددها القانون بنشر الحكم بأكمله أو مستخرج منه في جريدة أو أكثريعينها‪"...‬‬
‫‪91‬‬
‫‪- Voir : CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p.p 242-244.‬‬
‫‪92‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, Les obligations, Responsabilité et régime général, OPU , Algérie, 1982, p.189‬‬

‫‪29‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب‪ ،‬بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية‬
‫لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء به ويعتبر الارر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في‬
‫استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول ‪."...‬‬
‫تشمل عناصر التعويض ما أصاب الدائن من خسارة‪ ،‬وما ضاع عليه من كسب‪ ،‬ويدخل‬
‫في عنصر الخسارة في نطاق املسؤولية التقصيرية ما فات املضرور من منافع باملال الذي جرده‬
‫منه الفعل الضار من الانتفاع به‪ ،‬وما ضاع منه من أجر كان سيتلقاه قبل وقوع الضرر‪ّ ،93‬أما في‬
‫نطاق املسؤولية العقدية‪ ،‬الخسارة الالحقة والكسب الفائت ال بسبب ضياع الحق فحسب بل‬
‫بسبب التأخر في استفائه كذلك‪ ،‬فإن تعاقد شخص مع مغن الحياء حفلة‪ ،‬في وقت محدد‪ ،‬ولم‬
‫ينفذ التزامه‪ ،‬حكم عليه بتعويض يشمل الخسارة ممثلة في املصروفات التي انفقت لالستعداد‬
‫للحفلة‪ ،‬ويشمل كذلك ما فا ته من كسب يمثله ما كان يتوقعه املتعهد أن يجنيه لو أقيمت‬
‫الحفلة‪.94‬‬
‫وتطبيقا للمادة ‪ 050‬املذكورة أعاله فإن الضرر الذي يمكن التعويض عنه في مجال‬
‫املسؤولية املدنية‪ ،‬هو الضرر املباشر دون الضرر غير املباشر‪ ،‬وهو ما يكون نتيجة طبيعية لعدم‬
‫تنفيذ الالتزام العقدي أو التأخر في تنفيذه‪ ،‬ويكون نتيجة مباشر لإلخالل بالواجب القانوني في‬
‫املسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫يالحظ أن التعويض في املسؤولية العقدية يكون عن الضرراملباشر املتوقع سببه ومقداره‬
‫ّ‬
‫عند التعاقد‪ّ ،95‬أما الضرر غير املتوقع فال يعوض عنه املدين إال إذا نشأ عن غشه أو خطئه‬
‫الجسيم تطبيقا للمادة ‪ 0/050‬من ق م التي تنص ‪... " :‬غير أنه إذا كان الالتزام مصدره العقد‪،‬‬
‫ّ‬
‫فال يلتزم املدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إال بتعويض الارر الذي كان يمكن‬
‫توقعه عادة وقت التعاقد"‪ّ ،‬أما في نطاق املسؤولية التقصيرية فإن التعويض يكون على الضرر‬
‫املباشر املتوقع وغير املتوقع‪.‬‬
‫ّأما التعويض عن الضرر ألادبي‪ ،‬فإنه ال يشمل على هذين العنصرين‪ ،‬وإنما يعتبر عنصرا‬
‫قائما بذاته‪ ،‬وفي حالة حدوثه يتولى القاض ي تحديد ما ينبغي الحكم به من تعويض كترضية‬

‫‪93‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, Les obligations, Responsabilité et régime général, OP,cit, p.186‬‬
‫‪ -94‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني وأحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ -95‬راجع في املوضوع‪ ،‬علي فياللي‪ "،‬تطور الحق في التعويض بتطور الضرر وتنوعه" حوليات جامعة الجزائر‪ ،0‬املجلد‪ ،90‬العدد‬
‫ألاول‪ ، 0105 ،‬ص ص ‪.29-01‬‬

‫‪30‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫للمضرور‪ ،‬كنشر الحكم‪ ،‬والتعويض عن الضرر الادبي ال يزيله‪ ،‬وإنما قد يخفف منه‪; ،‬و لالشارة‬
‫فإن للقاض ي سلطة واسعة في مجال تقدير الضرر املعنوي‪ 96‬وقد نص املشرع الجزائري على‬
‫تعويض الضرر ألادبي في املادة ‪ 050‬مكرر التي تنص على أنه‪ " :‬يشمل التعويض عن الارر‬
‫ألادبي كل مساس بالحرية أو الشرف أو السمعة" ‪ ،97‬يستفاد منه أنه كل مساس بمصلحة غير‬
‫مالية في الحرية أو الشرف أو السمعة‪ ،‬ويدخل في هذه الطائفة ألاضرار الناشئة عن السب‬
‫والشتم والطعن في الشرف‪.98‬‬
‫وما تجدر إليه إلاشارة‪ ،‬أن الضرر واجب التعويض في نطاق املسؤولية املدنية العقدية‬
‫منها والتقصيرية هو الضرر املحقق‪ ،‬سواء وقع فعال أو تراخى وقوعه إلى املستقبل‪ ،‬بأن تكون‬
‫أسباب الضرر وقعت أما آثاره فقد تراخت للمستقبل‪ ،‬وقد نص املشرع الجزائري على الضرر‬
‫املستقبلي في املادة ‪ 090‬من ق م على أنه‪ " :‬يقدر القاض ي مدى التعويض عن الارر الذي‬
‫لحق املصاب طبقا للمادتين ‪ 082‬و ‪ 082‬مكرر مع مراعاة الظروف املالبسة‪ ،‬فإن لم يتيسر له‬
‫وقت الحكم أن يقدر مدى التعويض بصفة نهائية فله أن يحتفظ للمارور بالحق في أن‬
‫يطالب خالل مدة معينة بالنظر من جديد في التقدير"‪.99‬‬
‫باستقراء مضمون النص فإنه ال يجوز التعويض عن الضرر املحتمل ألنه غير محقق‪،‬‬
‫ولكن يجوز التعويض عن الضرر املستقبلي متى كان مؤكد الوقوع‪ ،‬فالعامل الذي يتعرض لحادث‬
‫في العمل يعجزه عن العمل‪ ،‬عندئذ ينبغي تعويضه عن الكسب الذي سيفوته مستقبال‪ ،‬ألن هذا‬
‫الضرر تكتمل معامله فيحكم به القاض ي‪ ،‬ولكن قد ال تكتمل هذه املعالم‪ ،‬حينها قد يتعذر معرفة‬
‫النتيجة النهائية للضرر ومدى تأثيرها على قدرة العامل على أداء ألاعمال مستقبال‪ ،‬فيحكم له‬
‫القاض ي بت عويض مؤقت أو جزئي مع حفظ حقه بالطلب من جديد بتعويض نهائي عن ألاضرار‬
‫التي استجدت ولم تكن داخلة في تقدير القاض ي وقت حكم بالتعويض املؤقت‪.100‬‬
‫ثالثا‪ -‬وقت تقدير التعويض‬
‫ألاصل في تقدير التعويض أن يحدده القاض ي بقدر الضرر وقت تحمله‪ ،‬وذلك ما يقتضيه‬
‫الغرض من التعويض‪ ،‬وهو رد املضرور إلى الوضع الذي يمكن أن يكون لو نفذ املدين إلتزامه‪،‬‬
‫‪96‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, Les obligations, Responsabilité et régime général, OP,cit,p.p 168-169.‬‬
‫‪-97‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-98‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجير في النظرية العامة لاللتزام( مصادر الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.50-55‬‬
‫‪ -99‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫‪- TERKI Nour-Eddine, Les obligations, Responsabilité et régime général, Op,cit, p.187.‬‬

‫‪31‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫غير أن الفقه والقضاء استقر على ّأن الضرر إذا كان متغيرا وجب تقديره وقت الحكم‪ ،‬والضرر‬
‫املتغير هو الضرر الذي يزداد أو ينقص بمرور الزمن خالل الفترة التي تعقب إصابة الدائن‬
‫بالضرر وحتى صدور الحكم‪ ،‬وإذا كان التغيير في سعر النقد الذي يقدر به التعويض‪ ،‬فالعبرة‬
‫بسعره وقت الحكم‪ ،‬وإذا كان املضرور قد أصلح الضرر بنفسه‪ ،‬ثم رجع على محدث الضرر ‪،‬‬
‫حكم له بما دفعه فعال‪ ،‬بغض النظر عن تغير قيمته وقت الحكم‪ ،‬وإذا تعذر على القاض ي تقدير‬
‫التعويض نهائيا وقت الحكم منح الحق للدائن للمطالبة من جديد يتقدير تعويض نهائي‪ ،‬كما‬
‫أسلفنا‪.‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫التعويض الاتفاقي( الشرط الجزائي)‬
‫الهدف من التعويض هو جبر الضرر الذي لحق الدائن من عدم التنفيذ أو التأخر في‬
‫التنفيذ‪ ،‬وإذا كانت القواعد القانونية ثابتة أن ألاصل أن يتم تقدير التعويض قضائيا‪ ،‬إال أن‬
‫القانون ال يمنع أن يتفق املتعاقدان مقدما على مقداره‪ ،‬وهو ما يسمى بالشرط الجزائي الذي‬
‫سنحاول تحديد مفهومه (الفرع ألاول) ثم ّ‬
‫نفصل في أحكامه( الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬مفهوم الشرط الجزائي ( التعويض الاتفاقي)‬

‫وفقا ملا تقدم يكون للمحكمة تقدير التعويض على أساس الضرر أو الخسارة التي لحقت‬
‫بالدائن والكسب الذي فاته‪ ،‬غير أنه قد يعمد الطرفين إلى تقديره مقدما فما املقصود منه‬
‫(أوال)‪ ،‬وما هي خصائصه( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال – تعريف الشرط الجزائي وخصائصه‬

‫ورد النص على التعويض الاتفاقي في املادة ‪ 059‬من ق م التي تنص‪ " :‬يجوز للمتعاقدين‬
‫أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق الحق‪ ،‬وتطبق في هذه‬
‫الحالة أحكام املواد ‪ 071‬إلى املادة ‪ ،"080‬يتحدد لنا من النص‪:‬‬
‫‪ -0‬تعريف الشرط الجزائي‪ :‬أنه مبلغ التعويض الذي يتفق عليه املتعاقدان مقدما وسمي‬
‫بالشرط الجزائي ألنه يوضع عادة ضمن شروط العقد ألاصلي‪ 101‬ولكن ليس هناك مانع أن يرد في‬
‫اتفاق الحق لهذا العقد لضمان تنفيذه‪ ،‬حيث يلتزم املتعاقد الذي أخل بالتزامه بأداء معين‬

‫‪101‬‬
‫‪- FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation, Op, cit, p. 152.‬‬

‫‪32‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫لتعويض املتعاقد آلاخر‪ ،‬بمجرد تحقق املخالفة العقدية‪ ،102‬وبالتالي فهو أداة للضغط على‬
‫املتعاقد وحمله على التنفيذ الجاد اللتزامه كما في عقد املقاولة‪ ،‬فهو بهذا ينطوي على التهديد‪،‬‬
‫دون أن يعتبر عقوبة‪ ،103‬و ال ش يء يمنع أن يكون اتفاقا على التعويض املستحق من مصدر غير‬
‫العقد‪ ،‬كالعمل غير املشروع‪ ،‬وإن كان يحدث نادرا‪.104‬‬
‫والتعويض الاتفاقي قد يكون تعويضا على عدم التنفيذ‪ ،‬كأن يشترط املشتري على البائع‬
‫تعويضا إذا تصرف في املبيع لشخص آخر‪ ،‬وقد يكون تعويضا عن التأخر عن التنفيذ كما في‬
‫عقود املناقصات أو عقود الايجار حين يضع املالك على املستأجر شرطا جزائيا إذا تأخر في‬
‫تسليم بدل الايجار مثال‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن تطبيقات الشرط الجزائي في عقود املقاوالت‪ ،‬فقد يتضمن عقد املقاولة شرطا‬
‫ً‬
‫جزائيا ُيلزم املقاو َل بدفع مبلغ معين عن كل يوم‪ ،‬أو أسبوع يتأخر فيه عن إنجاز العمل‪ ،‬كذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اللوائح وألانظمة املنظمة لعمل العمال في مصنع أو شركة أو غيرها‪ ،‬قد تتضمن شرطا جزائيا‬
‫يقض ي بخصم مبلغ معين من أجرة العامل في حال إخالله بالتزاماته املختلفة‪ ،‬أو مصلحة البريد‬
‫(أو أي مؤسسة تقوم بنقل الرسائل والطرود) قد يتضمن التعاقد معها تحديد مبلغ معين تدفعه‬
‫للمتعاقد معه في حال فقد طرد أو رسالة‪.‬‬
‫ويبقي أن الغرض من هذا الشرط إما التحايل على أحكام القانون املتعلقة بالفوائد‬
‫القانونية‪ ،‬أو تعديل أحكام املسؤولية املترتبة عن الاخالل بااللتزام تشديدا أو تخفيفا‪ ،‬وقد يكون‬
‫الغرض منه الزيادة في القوة امللزمة للرابطة العقدية‪ ،‬ويبقى غرضه الاساس ي تجنب القضاء‬
‫والنزاع املحتمل فيما يتعلق باثبات ركن الضرر وتحديد طبيعته‪.105‬‬

‫‪ -102‬عرف الشرط الجزائي أيضا‪:‬‬


‫‪- La clause pénale réalise une « évaluation convontionnelle et forfaitaire du préjudice futur ». Voir :‬‬
‫‪FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation, Op, cit, p.153.‬‬
‫‪ -103‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني وأحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -104‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح ق م ج الجديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.570‬‬
‫‪ -105‬بورنان العيد‪ ،‬الرقابة القضائية على الشرط الجزائي"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والاجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،0‬العدد ألاول‪ ،0105 ،‬ص‬
‫ص ‪.52-59‬‬

‫‪33‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -2‬خصائص الشرط الجزائي‪ :‬يتميز الشرط الجزائي بخصائص استخلصها الفقه من الوظيفة‬
‫التي يقوم بها ومنها‪:‬‬
‫ألن ألاصل أن القضاء هو الذي يتولى‬ ‫‪ -‬اتفاق ينطوى الخروج على أحكام التقدير القاائي‪ّ :‬‬
‫تقديره‪ ،‬لذا فأحكام التعويض الاتفاقي هي أحكام استانائية يجب تفسيرها تفسيرا دقيقا وضييقا‪،‬‬
‫بهذف عدم الخروج عما قصده املتعاقدان‪.‬‬
‫‪ -‬الشرط الجزائي اتفاق‪:‬‬
‫تستفاد هذه الخاصية في املادة ‪ 059‬من ق م التي تنص‪ " :‬يجوز للمتعاقدين أن يحددا‬
‫مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق الحق‪."...‬‬
‫فال يمكن تصور شرط جزائي مصدره القانون وتتجلى إلادارة كمصدر لاللتزام في شكلين‬
‫هما العقد و إلارادة املنفردة‪ ،‬والشرط الجزائي العقدي يأخذ صورتان‪ ،‬أولها أن يدرج في العقد‬
‫ألاصلي‪ ،‬وثانيها أن يوضع في اتفاق الحق‪ ،‬فليس من الضروري وضع الشرط الجزائي ضمن العقد‬
‫ألاصلي إذ أنه قد يكون الشرط الجزائي في اتفاق الحق للعقد‪ ،‬و لكن بشرط أن يكون هذا الاتفاق‬
‫الالحق قبل وقوع الضرر الذي يقدر الشرط الجزائي التعويض عنه‪،‬‬
‫‪ -‬الشرط الجزائي تقدير جزافي للتعويض‪:‬‬
‫لقد مر بنا ّأن الشرط الجزائي اتفاق مسبق على تقدير التعويض حيث أن ألاطراف‬
‫بإرادتهم يحددون بصفة مسبقة املبلغ الذي يدفعه املدين في حالة إخالله بإلتزامه أو عند تأخره‬
‫في تنفيذه‪ ،‬فهو إذن تقدير جزافي للتعويض‪ ،106‬ويترتب على كون الشرط الجزائي تقديرا جزافيا‬
‫للتعويض أنه يمكن للقاض ي أن يعدل في هذا التقدير زيادة أو نقصانا وذلك لكي يتناسب الحجم‬
‫الحقيقي للتعويض ‪.‬‬
‫‪-‬الشرط الجزائي طريق إحتياطي‪:‬‬
‫إن املبدأ العام الذي يقتض ي بأن ألاصل في التنفيذ أن يكون عينيا وال يحكم بالتعويض إال‬
‫في حالة استحالة التنفيذ أو التأخر وهو الذي يطبق على الشرط الجزائي وذلك باعتباره تعويضا‪،‬‬
‫ومن هنا تبرز الصفة الاحتياطية للشرط الجزائي فباعتباره تعويض ال يجوز املطالبة به أو إعماله‬
‫إال إذا كان التنفيذ العيني لاللتزام غير ممكن ويبرز الطابع الاحتياطي بصورة أكثر وضوحا في حالة‬

‫‪106‬‬
‫‪- FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation, Op, cit, p351.‬‬

‫‪34‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ما إذا كان التنفيذ العيني ممكنا‪ ،‬إذ ال يمكن للدائن عندئذ أن يجمع بين التنفيذ العيني والشرط‬
‫الجزائي إال إذا تقرر للتأخير في التنفيذ‪ ،‬فاألصل العام هو املطالبة بالتنفيذ العيني أوال فإذا كان‬
‫غير ممكن ( الاستحالة ) جاز املطالبة بالشرط ‪.‬‬
‫ومن املتفق عليه أن الشرط الجزائي املقرر لعدم التنفيذ ال يحول دون مطالبة الدائن‬
‫بالتنفيذ العيني لاللتزام ألاصلي فله أن يختار بين هذا وذاك‪.107‬‬
‫الشرط الجزائي التزام تابع ‪:‬‬
‫الشرط الجزائي اتفاق هدفه تقدير التعويض الذي يستحقه الدائن في حالة عدم تنفيذ‬
‫املدين التزامه أو تأخره في ذلك‪ ،‬فالشرط الجزائي التزام تابع لاللتزام ألاصلي أي أنه يتبع الالتزام‬
‫الاصلي‪ 108‬في نشأنه استمراره‪ ،‬أو انقضائه‪ ،‬وعلى هذا ألاساس يبطل الشرط الجزائي إذا كان‬
‫إلالتزام ألاصلي باطال وإن كان بطالن الشرط الجزائي ال يؤدي إلى بطالن إلالتزام ألاصلي‪.‬‬
‫ّ‬
‫وغالبا ما يتمثل هذا الشرط في أداء نقدي‪ ،‬إال أنه يمكن أن يكون سوى ذلك كتقصير ميعاد‬
‫الوفاء‪ ،‬تعجيل جميع أقساط الدين املؤجلة إذا تأخر املدين في دفع قسط منها‪ ،‬أو يكون تغيير‬
‫مكان التنفيذ ‪...‬الخ‪.‬‬
‫يجب أن نراعي أن الشرط الجزائي ليس هو السبب في استحقاق التعويض‪ ،‬فهو ال يتولد‬
‫عنه التزام أصلي بالتعويض بل التزام تبعي بتقرير التعويض‪.109‬‬
‫ثانيا‪ -‬شروط استحقاق الشرط الجزائي وتقديره‬

‫إذا كانت الشروط الجزائية الواردة في عقود املقاوالت وعقود الايجار وعقود البيع وغيرها‬
‫من التصرفات القانونية إنما هي تقدير اتفاقي للتعويض‪ّ ،‬‬
‫فإن الشروط العامة الالزمة الستحقاق‬
‫هذا التعويض هي نفس شروط قيام املسؤولية من ضرورة توفر الضرر لجبره‪ ،‬لهذا فإن‬
‫التعويض الاتفاقي يجب أن يتناسب مع درجة الضرر‪ ،‬وبالتالي قد ال يحكم به النقطاع عالقة‬

‫‪ -107‬ويرى بعض الفقهاء أنه مستمد من القواعد العامة حيث يمكن للدائن أن يطالبه بدال من التعويض بتنفيذ الالتزام عينا‪ .‬في حين‬
‫يرى البعض آلاخر أن هذا الحق ينتج عن الطبيعة القانونية للشرط الجزائي‪ ،‬حيث لو لم يتقرر هذا الحق للدائن واستحق الشرط‬
‫ا لجزائي عقد عدم التنفيذ لكنا بصدد تجديد الالتزام ألاصلي عينا والشرط الجزائي‪ ،‬يتبين لنا بكل وضوح أن هناك التزامين أحدهما‬
‫أصلي يرد عليه التنفيذ العيني وآلاخر تبعي يكتفي به الدائن إذا لم ينفذ الالتزام ألاصلي‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫‪- FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/ le‬‬
‫‪rapport d’obligation, Op, cit, p. 351.‬‬
‫‪-109‬عامر محمود الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام ‪ -‬آثار الحق في القانون املدني ( دراسة مقارنة)‪ ،‬ط‪ ،0‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،0101،‬ص ‪.021‬‬

‫‪35‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫السببية وقيام السبب ألاجنبي‪ ،‬أو خطأ الغير ‪ ،‬أو الدائن‪ ،‬وبالتالي فهو تعويض مقدر على أساس‬
‫الضرر‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫‪ -0‬توفرأركان املسؤولية‬
‫إن العلة من وجوب توفر أركان املسؤولية ( خطأ‪ ،‬ضرر‪ ،‬عالقة السببية)‪ ،‬هي أن‬
‫التعويض الاتفاقي ليس التزاما مستقال‪ ،‬وإنما هو مجرد وسيلة لتقدير التعويض‪ ،‬فالشرط‬
‫الجزائي اتفاق تبعي ال يقصد لذاته وال يستقل بنفسه‪ ،‬وبالتالي فالعبرة عند مطالبة املدين‬
‫بااللتزام الاصلي وليس بالشرط الجزائي‪ ،‬ألامر الذي يقتض ي أركان املسؤولية الثالث‪ ،‬ويترتب عن‬
‫ذلك أن مجرد اتفاق الطرفان على مقدار التعويض ال يجعل الدائن مستحقا له‪ ،‬ما لم يلحقه‬
‫ضرر نتيجة عدم تنفيذ الالتزام‪ ،‬وهو ما نصت عليه املادة ‪ 052‬من ق م التي تنص‪ " :‬ال يكون‬
‫التعويض املحدد في الاتفاق مستحق إذا أثبت املدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر‪.‬‬
‫ويجوز للقاض ي أن يخفض مبلغ التعويض إذا أثبت املدين أن التقدير كان مفرطا أو أن‬
‫الالتزام ألاصلي كان قد نفذ في جزء منه‬
‫يعتبر باطال كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين أعاله "‪.111‬‬
‫يعتبر حكم املادة ‪ 052‬أعاله من النظام العام‪ ،112‬اذا ال يجوز الاتفاق على ما يخالفه‪ ،‬وما‬
‫تجدر إلاشارة إليه أنه ال يفهم من حكم املادة أنه ال فائدة من الاتفاق على مقدار التعويض‪ ،‬ما‬
‫فإن مقدار التعويض املتفق عليه إن لم‬ ‫دام يجوز للقاض ي التعديل من مقدا ه‪ ،113‬و بالتالي ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫يكن يلزم القاض ي‪ ،‬إال أنه يحقق فائدة بالنسبة للدائن وهي تحويل عبء الاثبات من الدائن إلى‬
‫املدين‪.‬‬
‫فهذا النوع من التعويض يكون الضرر فيه مفترض‪ ،‬وينتقل عبء اثبات انعدام الضرر‬
‫على املدين‪ ،‬بينما على الدائن إذا لم يكم هماك اتفاق على التعويض اثبات الضرر الذي لحق به‬
‫نتيجة اخالل املدين بالتزامه‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫‪-- LAPOYADE DESCHAMPS Christian, Droit des obligations, Ellipses, Paris, 1998,p.p. 150-160.‬‬
‫‪ -111‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -112‬مقدم السعيد‪ ،‬نظرية التعويض عن الضرر املعنوي في املسؤولية املدنية‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،0330 ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪113‬‬
‫‪- LAPOYADE DESCHAMPS Christian, Droit des obligations, Op,cit,p. 137.‬‬

‫‪36‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -2‬اعذاراملدين‬
‫ال يكفي مجرد توفر الشرط ألاول من قيام أركان املسؤولية املدنية الستحقاق الدائن‬
‫للتعويض الاتفاقي بل يشترط شرط آخر بموجبه يجب على الدائن اعذار املدين في كل ألاحوال‬
‫ّ‬
‫التي يجب فيها الاعذار‪ ،‬إال في الحاالت الاستانائية التي ال ضرورة فيها لالعذار الواردة في املادة‬
‫‪050‬من ق م ج‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام الشرط الجزائي‬

‫ّبينا أن مجرد اتفاق الدائن واملدين على مقدار التعويض ال يجعل الدائن مستحقا له‪،‬‬
‫وذلك باعتبار أن استحقاقه مقيد بالضرر الفعلي الذي يصيب الدائن نتيجة اخالل املدين‬
‫بالترامه‪ ،‬فهو ال يستحق التعويض إذا لم يتضرر‪ ،‬وإذا كان الضرر الذي لحق به أقل من‬
‫التعويض الذي اتفق عليه‪ ،‬فالقاض ي ال يحكم به‪ ،‬بل بتعويض معادل للضرر الحاصل‪.‬‬
‫كما يالحظ أنه ليس للدائن أن يطلب بتعويض يزيد عن مقدار التعويض املتفق عليه حتى‬
‫ولو جاوز الضرر الفعلي الحاصل الذي لحقه املقدار املتفق عليه‪ ،‬ويستثنى من هذه الحاالت‬
‫بالسلطة في الحكم بالتعویض املتفق علیه أو في تعدیله‪ ،114‬فإذا‬ ‫معينة‪ ،‬وهكذا یتمتع القاض ي ّ‬
‫تحققت شروط استحقاقه ووجد القاض ي تناسبا بين قیمة الشرط الجزائي و درجة الضرر حكم‬
‫ّ‬
‫بالشرط الجزائي دون تعدیل من قیمته‪ ،‬أما إذا لم یجد تناسبا فیتدخل لتعدیله‪ ،‬و ذلك ّإما‬
‫باإلعفاء منه (أوال) إما بتخفیضه في بعض الحاالت ( ثانيا) أو بزیادته في حاالت أخرى(ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الاعفاء من الشرط الجزائي (عدم استحقاق التعویض إلاتفاقي)‪:‬‬
‫ّ‬
‫ملا كان الشرط الجزائي یتمثل في تعویض إتفاقي عن الضرر الذي یصیب الدائن من جراء‬
‫الدائن لم یلحقه ضرر ما‬‫عدم تنفیذ املدين اللتزامه‪ ،‬فإنه یجوز إعفاء املدین منه متى أثبت أن ّ‬
‫نتيجةإلاخالل بااللتزام‪ ،‬فإذا نجح املدین في إثبات أن الدائن لم یلحه أي ضرر من عدم تنفیذ‬
‫أعفي املدين من الشرط الجزائي‪ ،‬و إال كان التعویض بغير سبب لعدم وجود ضرر‪،‬‬

‫‪ -114‬سلطة القاض ي في تعديل الشرط الجزائي تعتبر استاناء من املبدأ العام وهو القوة امللزمة للعقد‪ ،‬وقد حدد املشرع الحاالت التي‬
‫ّ‬
‫يسمح فيها للقاض ي بهذا التعديل‪ ،‬ألن ألاصل العقد شريعة املتعاقدين ال يجوز نقضه أو تعديله إال باتفاق الطرفين أو للسباب التي‬
‫يقررها القانون وهو ما أخذ به املشرع الجزائري في املادة ‪ 016‬من ق م‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫وهو ما قضت به املادة‪ 0/052‬من ق م التي تنص على''‪:‬ال یكون التعویض املحدد في الاتفاق‬
‫أي ضرر‪."...‬‬‫مستحقا إذا أثبت املدین أن الدائن لم یلحقه ّ‬
‫ثانيا‪ -‬تخفيض الشرط الجزائي‬
‫يجوز للقاض ي تخفیض الشرط الجزائي إلى املقدار املتناسب مع الضرر ألن الشرط‬
‫الجزائي یعتبر شرطا تهدیدیا یقصد به حمل املدین على تنفیذ الالتزام‪.‬‬
‫املشرع الجزائري حالتين لتخفیض مقدار التعویض ّ‬
‫املحدد في الشرط الجزائي و‬ ‫ّ‬ ‫و قد أورد‬
‫تنص ‪ ... " :‬و یجوز للقاض ي أن یخفض مبلغ التعویض إذا أثبت‬ ‫ذلك في املادة ‪ 0/ 184‬و التي ّ‬
‫ّ‬
‫ملدین أن التقدیر كان مفرطا أو أن الالتزام ألاصلي قد نفذ في جزء منه‪."...‬‬
‫‪ -0‬الافراط واملبالغة في تقدير التعويض الوارد في الشرط الجزائي‪:‬‬
‫املبدأ أن الشرط الجزائي في حالة عدم التنفیذ یحتفظ ّ‬
‫بقوته امللزمة‪ ،‬و لذلك ال یكفي أن‬
‫بالدائن‪ ،‬حتى یستطیع القاض ي‬ ‫یثبت املدین أن الشرط الجزائي یجاوز مقدار الضرر الذي لحق ّ‬
‫‪115‬‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬
‫یخفض هذا الشرط و إال انتفت فائدة للشرط الجزائي‬
‫فینبغي أن یمارس القاض ي هذه السلطة بحذر و بطریقة استانائية ‪،‬حالة ما إذا كان‬
‫الشرط الجزائي مجحفا باملدین‪ ،‬و عبء إلاثبات یقع على املدین حیث ّ‬
‫یتعين علیه أن یثبت أن‬
‫تقدیر التعویض كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة‪ ،‬و معیار املبالغة في تقدیر التعویض حسب‬
‫شخصیة تقوم على جسامة الفرق بين املبلغ املشترط على املدین‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفقه یقوم على فكرة مادیة ال‬
‫شخصیة أو لظروف خاصة و ّ‬
‫تقدر‬ ‫ّ‬ ‫وقیمة الضرر الفعلي الذي لحق الدائن‪ ،‬دون اعتبار لعوامل‬
‫املبالغة في التقدیر إلى درجة كبيرة ‪،‬ال وقت ابرام العقد‪ ،‬و ال وقت املطالبة بالجزاء بل وقت‬
‫الحكم‪ ، 116‬فإذا ما أثبت املدین ذلك یقوم القاض ي بخفض التعویض إلى ّ‬
‫الحد املعقول‪ ،‬أي الحد‬
‫الذي یتناسب مع الضرر ال إلى الحد املساوي للضرر‪،‬أخذا في الاعتبار إرادة املتعاقدین و مصالح‬
‫الدائن حسن نیة املدین‪ ،‬و للقاض ي في هذا الصدد سلطة تقدیریة واسعة فیما ّ‬
‫یقرره أو ینفیه‬
‫حدا مناسبا لتخفیضه‪ ،‬دون أن يخضع لرقابة‬ ‫من مبالغة في التعویض املشروط أو فیما یراه ّ‬
‫املحكمة العليا في ذلك‪.‬‬

‫‪ -115‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -116‬دمحم شتا أبو سعد‪،‬التعویض القضائي والشرط الجزائي والفوائد القانونیة‪ ،‬دار الجامعة الجدیدة للنشر‪ ،0110،‬ص ‪.093‬‬

‫‪38‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪-2‬حالة التنفیذ الجزئي لاللتزام‪.‬‬


‫یوضع الشرط الجزائي عادة لحالة عدم قیام املدین بتنفیذ التزامه أصال‪ ،‬فإذا نفذ املدین‬
‫جزء من التزامه‪ ،‬فإن القاض ي یكون قد احترم املتعاقدین ومقتضيات العدالة إذا خفض الشرط‬
‫فیخفض هذا‬‫ّ‬ ‫الجزائي بنسبة ما ّنفذه املدین‪ ،‬ویعتبر ألاساس هو املبلغ املقدر في الشرط الجزائي‪،‬‬
‫املبلغ إلى النسبة التي تتفق مع الجزء الباقي من الالتزام الاصلي دون تنفیذ‪ ،‬ویقع عبء إثبات‬
‫التنفیذ الجزئي على املدین‪ ،117‬وال یكفي أن یكون هناك تنفیذ جزئي لاللتزام لیحكم القاض ي‬
‫تم إثبات أن الجزء‬ ‫بالتخفیض فقد ال یرى القاض ي مبررا لتخفیض الشرط الجزائي‪ ،‬و هذا إذا ّ‬
‫الذي ّنفذ كان تافها أو لم یحقق منه أیة فائدة للدائنأ وكان تنفيذا معيبا‪ ،‬فالتخفیض ال یكون‬
‫لحد التساوي بين املبلغ املحكوم به و مقدار الضرر الفعلي‪،‬بل یكون على أساس أن املبلغ املحدد‬ ‫ّ‬
‫تجاوز الضرر قیمة التعویض‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬زيادة الشرط الجزائي‬
‫يجوز للقاض ي أن يتدخل لتعديل قيمة التعويض الواردة في الشرط الجزائي‪ ،‬إذا كان‬
‫نص املادة ‪ 185‬من ق م التي تنص ''إذا‬ ‫املبلغ املقدر يقل عن الضرر الحاصل للدائن وهذا حسب ّ‬
‫جاوز الارر قیمة التعویض املحدد في الاتفاق فال یجوز لل ّدائن أن یطالب بأكثر من هذه‬
‫القیمة إال إذا أثبت أن املدین قدارتكب غشا أو خطأ جسیم"‪.118‬‬
‫حتى ولو كان الضرر‬ ‫بالزیادة في الشرط الجزائي ّ‬
‫من الجدیر بالذكر أنه ال یجوز املطالبة ّ‬
‫املتفق علیه إذا كان الخطأ عادي‪ ،‬أما إذا أثبت ّ‬
‫الدائن‬ ‫الذي أصاب املضرور أكثر من التعویض ّ‬
‫یتعين على القاض ي زیادة مقدار‬ ‫أن املدین قد ارتكب غشا أو خطأ جسیما ففي هذه الحالة ّ‬
‫التعویض إلاتفاقي لیكون متناسبا مع الضرر‪.119‬‬
‫ّ‬
‫غير أنه یجوز للمدین أن یشترط إعفاءه من املسؤولیة الناجمة عن الغش‪ ،‬أو الخطأ‬
‫الجسیم الذي یقع من أشخاص یستخدمهم في تنفیذ التزامه‪ ،‬وال یمكن للقاض ي الزیادة من‬
‫الشرط الجزائي‪ ،‬كذلك یعتبر التعویض إلاتفاقي ذو القیمة التافهة باطال بطالن مطلق في الحالة‬
‫التي یقصد منها إلاعفاء من املسؤولیة التقصيریة الناشئة عن الفعل الضار لتعلق ذلك بالنظام‬
‫كل شرط یقض ي‬ ‫العام و هذا ما نص عليه املشرع في املادة ‪ 9/ 178‬التي تنص على ما یلي''‪:‬یبطل ّ‬

‫‪ -117‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني الجديد‪( ،‬إلاثبات‪ -‬آثار إلالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.550-551‬‬
‫‪ -118‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫‪- - Mazeaud Denis, La notion de clause pénale, LGDJ, Paris, 1992, p. 448.‬‬

‫‪39‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬
‫ّ‬
‫بإعفاء من املسؤولیة الناجمة عن العمل إلاجرامي"‪ ،‬فال یمكن للطرفين إبرام هذا الاتفاق‬
‫سواء كان بطریق غير مباشر بأن ّیتفق على شرط جزائي یكون من التفاهة حیث یكون القصد أن‬
‫ّ‬
‫یصل به املدین إلى إعفائه من املسؤولیة التقصيریة‪ ،‬ویكون الشرط الج ا زئي في هذه الحالة‬
‫باطال‪.120‬‬
‫التدخل لتعدیل التعویض إلاتفاقي سواء ّ‬‫ّ‬
‫بالزیادة أو‬ ‫لقد منح املشرع للمحكمة سلطة‬
‫النقصان بناءا على طلب أحد املتعاقدین لیتساوى مع مقدار الضرر الحاصل فعال و اعتبر ذلك‬
‫یتضمن استبعاد سلطة املحكمة باطال كما هو واضح‬ ‫ّ‬ ‫من النظام العام‪ ،‬وبالتالي یعتبر أي اتفاق‬
‫في املادة ‪ّ 3 9/052‬‬
‫بنصها ‪..." :‬ویكون باطال كل اتفاق یخالف أحكام الفقرتين أعاله"‪.‬‬

‫املطلب الثالث‬
‫التعويض القانوني ( الفوائد)‬
‫سبق إلاشارة أن ألاصل في تقدير التعويض هو أن يتم من طرف القاض ي وفقا للقواعد‬
‫التي بسطناها‪ ،‬لكن ليس هناك ما يمنع من أن يتفق الطرفان مقدما على مقداره أو أن يتكفل‬
‫القانون ذاته بتقديره‪ ،‬وتكفل املشرع بتحديد مبلغ التعويض بنصوص جامدة هو أمر ينبغي عدم‬
‫ّ‬
‫إلاقدام عليه إال في حاالت نادرة يقوم فيها مبرر قوي يمثل هذا إلاجراء ويكون هذا املبرر القوي ما‬
‫يكافئ الضرر الذي ينجم عن انطواء نصوص تشريعية جامدة على مقادير معينة للتعويض في‬
‫حاالت متنوعة قد تختلف ظروفها‪ ،‬وقد يتفاوت الضرر في كل حالة منها‪ ،‬ورغم ذلك يبقى مبلغ‬
‫التعويض جامدا ال يتغير‪. 121‬‬
‫ومن أمثلة التعويضات املقدرة قانونا ما ينتج عن أضرار إصابات العمل‪ ،‬القوانين املتعلقة‬
‫باألمراض املهنية‪ ،‬والتقاعد وقوانين الضمان الاجتماعي وغيرها‪ ،‬واملشرع إذ يفعل ذلك كان‬
‫مدفوعا بمقتضيات العدالة‪ ،‬فيترتب التعويض عن املسؤولية ال عالقة لها بالخطأ‪.122‬‬
‫و تولى القانون تحديد التعويض في حاالت معينة يكون مدفوعا فيها على مسؤولية تقوم‬
‫على أسس مختلفة‪ ،‬أما حينما تدخل عندما يكون محل الالتزام مبلغا من النقود‪ ،‬فكان لكراهيته‬
‫التقليدية للربا‪ ،‬وبالتالي فموضوع التعويض القانوني في مجال أحكام الالتزام كموضوع لهذا‬

‫‪ -120‬مقدم السعيد‪ ،‬نظرية التعويض عن الضرر املعنوي في املسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.030‬‬
‫‪ -121‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ -122‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني وأحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59‬‬

‫‪40‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫املطلب سيتمحور حول الفوائد( الفرع ألاول)‪ ،‬وألن ما تكفل املشرع بتحديده من تعويضات في‬
‫حاالت أخرى ال يعتبر تطبيقا لنظرية التعويض القانوني‪ ،‬وإنما هو تعويض تحدده التشريعات‬
‫وفقا ألحكام خاصة في ضوء الغرض من تشريعها‪ ،‬وعلى نحو يعتبر استاناء ملا شرع في ق م ج‬
‫الذي يشترط أن يكون موضوع الالتزام مبلغا من النقود باالضافة إلى شروط أخرى ( الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬مفهوم التعويض القانوني( الفوائد القانونية)‬
‫عما لحقه من ضرر نتيجة اخالل املدين‬ ‫قد يحدد القانون مقدار التعويض للدائن ّ‬
‫بالتزامه‪ ،‬ويتجسد هذا التحديد في صورة وحيدة هي حالة ما إذا كان إلتزام املدين ينصب على دفع‬
‫مبلغ معين من النقود للدائن في أجل معين‪ ،‬وسواء كان مصدر هذا الالتزام هو التصرف القانون‬
‫أو الفعل الضار أ و الفعل النافع‪ ،‬أو القانون‪ ،‬وهذا النوع من الالتزام يتميز بخاصية جوهرية‪ ،‬أنه‬
‫يمكن تنفيذه تنفيذا عينيا دائما فماذا تعني الفوائد القانونية (أوال) وما خصائصها (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف الفوائد القانونية‬
‫تعتبر الفوائد القانونية في نظر البعض التعويض الذي يحكم ويلزم به املدين نتيجة تأخره‬
‫في تنفيذ التزام‪ ،‬وهي بهذا املعنى تتضمن مبلغا من النقود يضاف إلى الالتزام وتحدد بموجبه نسبة‬
‫مئوية معينة على ضوء قيمة الالتزام‪.123‬‬
‫كما تعرف الفائدة بأنها مبلغ من النقود يلتزم املدين بدفعه على سبيل التعويض عن‬
‫التأخر عن تنفيذ التزام محله دفع مبلغ من النقود في امليعاد املتفق عليه‪ ،‬أو نظير انتفاعه بمبلغ‬
‫من املال في عقد من عقود املعاوضة‪ ،124‬وبهذا املعنى فهي نوعان فوائد تأخيرية مستحقة عند‬
‫التأخر في تنفيذ إلتزام محله دفع مبلغ من النقود مهما كان مصدر هذا الالتزام‪ ،‬والنوع الثاني هي‬
‫الفوائد التعويضية أو الاستثمارية‪ ،‬ويجب الاشارة أن املصطلح ألادق هو الفوائد العوضية والتي‬
‫تكون مستحقة نظير انتفاع املدين بمبلغ من النقود‪ 125‬أ ي الانتفاع برأس املال‪ ،‬ويكون مصدرها‬
‫في هذه الحالة العقد‪ ،‬كالفوائد املترتبة عن عقد القرض في ذمة املقترض ملصلحة املقرض‪.‬‬

‫‪ -123‬عامر محمود الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام ‪ -‬آثار الحق في القانون املدني ( دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.029‬‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني وأحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬‫‪ -124‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫‪ -125‬أنور طلبة‪ ،‬دعوى التعويض‪ ،‬املكتب الجامعي الحديث‪ ،‬الاسكندرية ‪ ،0102،‬ص ‪.295‬‬

‫‪41‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬
‫ويكمن الفرق بين هذين النوعين في أن الفوائد التأخيرية تترتب عند في الوفاء بدين ّ‬
‫حل‬
‫ميعاد استحقاقه‪ ،‬وتحدد دائما قانونا‪ ،‬بينما الفوائد التعويضية تكون اتفاقية‪ ،‬وتكون تعويضا‬
‫عن دين لم يحل أجله وإنما يلتزم املدين بدفعها ما بقي الدين في ذمته‪.‬‬
‫وقد أشار املشرع الجزائري إلى التعويض القانوني في املادة ‪ 056‬من ق م جالتي تنص‪:‬‬
‫" إذا كان محل الالتزام بين الافراد مبلغا من النقود عين مقداره وقت رفع الدعوى‪ ،‬وتأخر‬
‫املدين في الوفاء به‪ ،‬فيجب عليه أن يعوض للدائن الاررالالحق من هذا التأخير"‪.126‬‬
‫حرم القرض بالفائدة‪ ،‬أو الفوائد التعويضية‪،‬‬ ‫واملالحظ بالنسبة للمشرع الجزائري أنه ّ‬
‫بدليل نص املادة ‪ 272‬من ق م الجزائري التي تنص‪ " :‬القرض بين ألافراد يكون دائما بدون‬
‫أجر‪ ،‬ويقع باطال كل نص يخالف ذلك"‪ ،127‬وبموجب هذا النص حرم املشرع الفائدة بين الافراد‬
‫والتي تعتبر ربا من الناحية الشرعية‪ ،‬غير أنه أجاز العمل بها عندما يتعلق ألامر بمؤسسة قرض‬
‫إعماال للمادة ‪ 277‬من ق م التي تنص‪" :‬يجوز ملؤسسات القرض في حالة ايداع أموال لديها أن‬
‫تمنح فائدة يحدد قدرها بموجب قرار من الوزئر املكلف باملالية لتشجيع الادخار" ‪ ،‬أردف‬
‫املشرع في املادة ‪ 276‬من نفس القانون ليحدد الهدف من إجازة هذا النوع من القروض وهو‬
‫تشجيع الاقتصاد الوطني حيث نصت‪ " :‬يجوز ملؤسسات القرض التي تمنح قروضا قصد‬
‫تشجيع النشاط ا اقتصادي الوطني أن تأخذ فائدة يحدد قدرها بموجب قرار من الوزئر‬
‫املكلف باملالية"‪. 128‬‬
‫أقر التعويض عن التأخر عن الوفاء بالتزام نقدي‬ ‫مما سبق نستنتج أن املشرع الجزائري ّ‬
‫وترك تقدير هذا التعويض للقضاء‪ ،‬الذي له السلطة التقديرية في ذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬خصائص الفوائد القانونية‬
‫ّ‬
‫يتضح لنا من خالل تعريف الفوائد القانونية أو التعويض القانوني أنه يتميز بمجموعة‬
‫من الخصائص أهمها‪:‬‬
‫‪ -0‬أنه تعويض تولى القانون تقديره‪ ،‬حيث أن املال يعتبر دائما مصدر ربح و ثمار ونفع وذلك‬
‫باستثماره ‪ ،‬وهو ما يمكن أن يفتح املجال للربا‪ ،‬لذا تدخل املشرع نفسه لتحديد التعويض‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪ -126‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -127‬امللرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -128‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪-0‬أنه تعويض خرج فيه املشرع عن القواعد العامة للمسؤولية املدنية‪ ،‬وهذا تكريسا للنظام‬
‫الاقتصادي املعاصر من أنه يحمي مصلحة الدائن تارة ومصلحة املدين تارة أخرى‪.129‬‬
‫‪-9‬أنه تعويض تمادى املشرع في التدخل في نطاقه كوسيلة ملحاربة الربا‪ ،‬وهو ما يشكل حلول‬
‫إلرادة املشرع محل إرادة املتعاقدين‪ ،‬ويشكل هذا قيد على حرية الطرفين‪ ،130‬خاصة الدائن الذي‬
‫يظل مقيد بالن صوص القانونية التي تحدد نسب مئوية للتعويض‪ ،‬وهو ما أخذت به بعض‬
‫‪،‬أما بالنسبة للمدين فعليه دفع هذا التعويض بمجرد‬ ‫التشريعات العربية دون املشرع الجزائري ّ‬
‫التأخر عن الوفاء بغض النظر عن مدى تحقق الضرر من عدمه‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط استحقاق التعويض القانوني وكيفية تقديره( الفوائد القانونية)‬
‫تكمن الشروط العامة الستحقاق التعويض في ضرورة قيام أركان املسؤولية املدنية من‬
‫خطأ‪ ،‬ضرر وعالقة السببية‪ ،‬باإلضافة إلى الاعذار‪،‬وببحث هذه الشروط في مجال التعويض‬
‫القانوني‪ ،‬يكون الخطأ هو تأخر املدين عن الوفاء بمبلغ نقدي مستحق في ذمته وهو ما يستوجب‬
‫ليته‪،‬أما الضرر وعالقة السببية فاملشرع افترض وجودهما غير ّأن هناك شروط أخرى‬ ‫ّ‬ ‫مسؤو‬
‫يتميز بها التعويض القانوني( الفوائد القانونية) (أوال)‪ ،‬غير أن املشرع الجزائري لم يحدد نسب‬
‫مئوية لهذا النوع من التعويض من حيث كيفية تحديده( ثانيا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬شروط استحقاق التعويض القانوني‬
‫الستحقاق التعويض القانوني يجب أن تجتمع شروط معينة من أن يكون معلوم املقدار‬
‫وقت رفع الدعوى‪ ، ،‬وتكون هذه الفوائد كنتيجة عن التأخر في الوفاء غير أن استحقاق هذه‬
‫الفواد ال ال يكون إال عن طريق القضاء‪ ،‬وهو ما يقتض املطالبة بها قضائيا ‪.‬‬
‫‪-0‬أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود‬
‫يتحدد نطاق اعمال التعويض القانوني بااللتزامات التي يكون محلها مبلغا من النقود‪،‬‬
‫فالعبرة بمحل الالتزام ما دام أنه دفع مبلغ من النقود‪ ،‬وليس بمصدر الالتزام حتى تستحق‬
‫الفوائد إذا توفرت شروطها‪ ،‬والغالب أن يكون مصدر الالتزام العقد ( البيع‪ ،‬الايجار‪ ،‬الشركة‪،)...‬‬
‫وكلن قد يكون غير العقد كااللتزام برد غير املستحق‪ ،‬أو نص القانون كااللتزام بدفع النفقة التي‬
‫يغلب تقديرها نقدا‪.‬‬

‫‪ -129‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬


‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني وأحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪-130‬السعدي دمحم صبري ‪ ،‬الواضح في شرح القانون املدني النظریة العامة لاللتزامات أحكام الالتزام‪ ،‬دراسة مقارنة في القوانين‬
‫العربیة‪ ،‬دار الهدى للمطبوعات‪ ،‬الجزائر‪ ،0100 ،‬ص‪.35‬‬

‫‪43‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -2‬أن يكون مبلغ النقود معلوم املقداروقت رفع الدعوى‬


‫يعتبر مبلغ النقود معلوم املقدار إذا كان تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة ال تقوم‬
‫معها سلطة تقديرية للقضاء‪ ،‬فال يكفي كون ما يطالب به الدائن مبلغ من النقود بل ال بد أن‬
‫يكون محدد املقدار وقت املطالبة القضائية‪ ،131‬وال يقصد بهذا الشرط منع سريان الفوائد عن‬
‫كل التزام مقداره محال للمنازعة‪ ،‬وإنما يقصد منه منع سريان املبالغ التي يطالب بها الدائن على‬
‫سبيل التعويض عن عمل غير مشروع‪ ،‬ألنه إذا كان للمضرور الحق في التعويض الذي ينشأ وقت‬
‫ّ‬ ‫تحقق الضرر‪ّ ،‬‬
‫فإن هذا املبلغ ال يصبح معلوما إال من تاريخ الحكم به‪.‬‬
‫لكن ليس معنى هذا ّأن ا التزام بالتعويض يخرج عن نطاق استحقاق الفوائد‪ ،‬بحيث أن‬
‫الجاري به العمل أن القاض ي يأخذ بعين الاعتبار نوعين من الضرر‪ ،‬ذلك الناش ئ عن خطأ‬
‫املسؤول والضرر الناش ئ عن التـأخر من يوم النطق بالحكم‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتأخر املدين عن الوفاء بااللتزام‬
‫يعتبر التأخر خطأ صادرا من املدين‪ّ ،‬أما أركان املسؤولية ألاخرى أي الضرر وعالقة‬
‫فإن القانون يفترض وجودها‪ ،‬بموجب قرينة قاطعة ال تقبل العكس‪ ،‬مؤداها ّأن كل‬ ‫السببية ّ‬
‫ألن النقود يمكن استغاللها دائما‬‫شخص يحرم من النقود املستحقة له يلحقه ضرر مؤكد‪ّ ،‬‬
‫والحرمان منها حرمان من فرصة استغاللها‪ ،‬و يفترض قيام الضرر وعالقة السببية بمجرد تأخر‬
‫املدين عن ا لدفع‪ ،‬ويقوم هذا الشرط سواء كانت فوائد تأخيرية أو فوائد تعويضية‪ ،‬وعليه ال‬
‫يشترط الستحقاق التعويض القانوني أن يثبت الدائن أنه متضرر نتيجة عدم تنفيذ املدين‬
‫اللتزامه بدفع هذا املبلغ‪.132‬‬
‫‪ -4‬مطالبة الدائن بالفوائد مطالبة قاائية‬
‫يشترط الستحقاق الدائن التعويض القانوني (الفوائد)‪ ،‬أن يطالب بها مدينه مطالبة‬
‫قضائية‪ ،‬فال يكفي الاعذار كما هو الحال في بقية أنواع التعويض‪ ،‬ولكن قد ينص القانون في‬
‫حاالت خاصة على أن الفوائد التأخيرية تسري من وقت آلخر غير املطالبة القضائية( كأن يكون‬
‫ذلك من وقت حلول أجل الدين أو القيام بعمل معين )‪ ،‬واملالحظ في هذا الصدد أن املشرع خرج‬

‫‪ -131‬خليل متري موس ى‪" ،‬املفاهيم القانون للفائد"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،03‬العدد الثالث‪،‬‬
‫‪ ،0109‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -132‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.025‬‬

‫‪44‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫في استحقاق التعويض عن القواعد العامة في مجال اثبات أركان املسؤولية ملصلحة الدائن ‪،‬‬
‫ولكنه كذلك خرج عنها بالنسبة لشرط الاعذار حماية ملصلحة املدين‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬كيفية تقدير التعويض القانوني‬
‫تختص التشريعات املدنية عادة بتحديد نسب مئوية كفائدة يستحقها الدائن في حالة‬
‫تأخر املدين عن الوفاء بالتزامه النقدي كالتشريع املصري‪ ،133‬ولكن املشرع الجزائري لم يحدد‬
‫التعويض املستحق للدائن على أساس نسبة مئوية‪ ،‬وإنما هو يكتفي في املادة ‪ 056‬ق م بالنص‬
‫على استحقاقه التعويض عن الضرر الذي لحق به‪.‬‬
‫لذا فتحديد مقدار هذا التعويض يتم وفقا للقواعد العامة التي تطبق في مجال التعويض‬
‫القضائي‪ ،‬إذا لم يحدد الاتفاق ذلك مع مراعاة أن مجرد تأخر املدين عن الوفاء يعتبر خطأ‪ّ ،‬أما‬
‫ألاركان ألاخرى فهي مفترضة بموجب قرينة قاطعة ال تقبل إثبات العكس ‪.‬‬
‫ويجب عند تحديد مقدار التعويض املستحق للدائن مالحظة حكم املادة ‪ 055‬من ق م‬
‫التي تستوجب تخفيف مقدار التعويض املحدد في الاتفاق‪ ،‬أو عدم الحكم به إطالقا عن املدة‬
‫التي طال فيها النزاع بدون مبرر‪ ،‬إذا كان الدائن قد تسبب في ذلك بسوء نية‪.‬‬

‫‪ -133‬املادة ‪ 006‬من القانون املدني املصري رقم ‪ 090‬لسنة ‪ 0325‬التي تنص‪ " :‬ذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود وكان معلوم املقدار‬
‫وقت الطلب وتأخر املدين في الوفاء به ‪ ،‬كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها أربعة في املائة في‬
‫املسائل املدنية وخمسة في املائة في املسائل التجارية ‪ .‬وتسري هذه الفوائد من تاريخ املطالبة القضائية بها ‪ ،‬وان لم يحدد الاتفاق أو‬
‫العرف التجاري تاريخا آخر لسريانها‪ ،‬وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره"‪ .‬القانون متوفر على املوقع‪:‬‬
‫‪https://www.almatareed.org‬‬

‫‪45‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫الفصل الثاني‬
‫ألاوصاف املعدلة ألثرالالتزام‬
‫تعد آلاثار التي شرحناها سابقا من آلاثار التي تترتب على الالتزام البسيطـ‪ ،‬وهو الذي لم‬ ‫ّ‬
‫يلحقه وصف من ألاوصاف التي تغير فيه‪ ،‬ويتصف الالتزام البسيط أنه منجز‪ ،‬غير أن الالتزام ال‬
‫يكون دائما بسيطا منجزا‪ ،‬بل قد يكون مركبا يلحقه وصف ما يخرجه عن أصله فيجعله غير‬
‫منجز‪ ،‬وقد عالج املشرع الجزائري ألاوصاف املعدة في آثار الالتزام في الباب الثالث من الكتاب‬
‫الثاني من القانون املدني الجزائري تحت عنوان " ألاوصاف املعدلة ألثر التزام"‪.‬‬
‫والالتزام املوصوف هو الالتزام الذي لحق أحد عناصره الثالثة‪ ،‬رابطة املديونية‪ ،‬أو املحل‪،‬‬
‫أو ألاطراف وصفا يكون من شأنه أن يعدل من آثاره‪ ،‬وعليه تنقسم أوصاف الالتزام إلى أنواع‪،‬‬
‫فمنها ما يتصل بنفاذ الالتزام أو وجوده‪ ،‬وهذا هو ألاجل والشرط(املبحث ألاول)‪ ،‬ومنها ما يتصل‬
‫بتعدد محل الالتزام أو أطرافه ( املبحث الثاني)‪.‬‬
‫املبحث ألاول‬
‫الشرط وألاجل كأوصاف تلحق الالتزام‬
‫الالتزام البسيط عبارة عن عالقة بمقتضاها يلتزم املدين بأداء معين مؤكد وفوري في‬
‫مواجهة الدائن‪ ،‬ولكن قد يلحق وصف بااللتزام فيجعله في هذه الحالة موصوفا وليس بسيطا‬
‫والوصف قد يلحق الالتزام في الرابطة امللزمة ذاتها‪ ،‬فيجعل وجودها أو زوالها غير محقق‬
‫الوقوع وهذا ما يسمى بالشرط( املطلب ألاول)‪ ،‬أو يجعل تنفيذها أو انقضاء الرابطة امللزمة‬
‫متراخيا إلى أجل وهذا هو ألاجل (املطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب ألاول‬
‫ألاوصاف التي تمس وجود الالتزام (الشرط)‬
‫تقع دراسة أحكام الشرط ضمن الدراسات املرتبطة بالتصرف القانوني‪ ،‬أي مجال إلارادة‬
‫املنفردة والعقد خاصة‪ ،‬وقد خصص املشرع الجزائري للشرط مجموعة من املواد من(‪– 019‬‬
‫‪ ،)015‬وتضمنت هذه النصوص تعريف الشرط( الفرع ألاول)‪ ،‬وآثاره باعتباره أحد ألاوصاف‬
‫املعدلة آلثار الالتزام(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫الفرع ألاول‪ -‬تعريف الشرط ومقوماته( شروطه)‬


‫للشرط في إطار الدراسات القانونية العديد من املعاني‪ ،‬فقد يستخدم للداللة على حكم‬
‫هدفه تنظيم العالقة التعاقدية بين الطرفين‪ ،‬ويكون منصوص عليه في العقد وبالتالي يشكل‬
‫شرط من شروط التعاقد‪ ،‬كاالتفاق على طريقة معينة لسداد الثمن في عقد البيع كأن يدفع على‬
‫أقساط‪ ،‬وقد يطلق الشرط على أمر يفرضه القانون إلتمام تصرف قانوني معين كتسجيل و شهر‬
‫العقد مثال‪ ،‬وسواء كان مصدر الشرط هو إرادة املتعاقدين أو القانون فإن كال املعنيين يخرج من‬
‫مجال دراستنا التي تدخل في إطار آثار الالتزام أين نص املشرع الجزائري على الشرط في املادة ‪019‬‬
‫من ق م التي تنص‪" :‬يكون الالتزام معلقا إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل‬
‫وممكن وقوعه"‪ ،134‬من خالل املادة نعرف الشرط ( أوال) ونحدد مقوماته أو شروطه(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف الشرط‬
‫يعرف الشرط على أنه ألامر املستقبل غير محقق الوجود الذي يترتب على تحققه وجود‬
‫الالتزام أو زواله‪ ،135‬فالشرط أمر عارض ال يدخل في مضمون التصرف القانوني بل تضيفه‬
‫إلارادة إلى التزام استكمل جميع أركانه وعناصره القانونية بغرض تعليق حكمه‪ ،136‬و مصدر‬
‫الشرط قد يكون إلارادة الصريحة أو الضمنية‪.‬‬
‫والشرط من حيث أنواعه قد يكون واقفا أو فاسخا‪ ،‬والشرط الواقف هو الذي يترتب على‬
‫تحققه وجود الالتزام‪ ،137‬ومثاله أن يقول شخص ألخر إذا قبلت في وظيفة ما اشتريت دارك‪ ،‬فإذا‬
‫ُ‬
‫قبل في الوظيفة انعقد العقد ملزما بالثمن املتفق عليه‪ ،‬وكذلك إذا كان الالتزام ناشئا عن الارادة‬
‫املنفردة‪ ،‬كأن َيعد ألاب ابنه باهدائه سيارة إذا تزوج الابن‪ ،‬فالشرط هنا هو الزواج‪ ،‬وحاملا يتحقق‬

‫‪134‬‬
‫‪ -‬أمر أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫‪- « La condition se définit comme l’evenement incertain a la realisation duquel est suspendu la‬‬
‫‪naissance d’une obligation, ou la disparition d’une obligation… »,In, CABRILLAC Remy, Droit des‬‬
‫‪obligation, Op,cit, p. 291.‬‬
‫‪ -136‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.052‬‬
‫‪ُ -137‬ویالحظ أن التشریع املدني املصري یقض ي أن الشرط الواقف هو الشرط الذي تحققه ّیولد الالتزام‪ ،‬فإذا تحقق الشرط ُوجد‬
‫الالتزام ٕواذا تخلف لم یوجد‪ ،‬وقد نصت على هذا املعنى املادة ‪ 265‬من القانون املدني املصري بقوله " یكون الالتزام معلقا على شرط‬
‫عبر على هذا النوع من‬‫إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل غير محقق الوقوع"‪ ،‬أما القانون الفرنس ي من جانبه فقد ّ‬
‫املعلق )‪(condition suspensive‬‬ ‫الشرط بمصطلح آخر مختلف عن املشرعين الجزائري واملصري لكن معناه واحد وهو الشرط ّ‬
‫املعبر عنه في القانون الجزائري واملصري ‪.‬فتعلیق الالتزام ّأدق من كونه‬
‫ویمكن القول أنه التعبير الدقیق‪ ،‬بخالف الشرط الواقف ّ‬
‫ّ‬
‫واقفا‪ ،‬فإذا ُوجد الشرط املعلق كان إلالتزام موجودا ‪.‬واملصطلح الجامع لهذا النوع بين تسمیات التشریعات السابقة هو " الشرط‬
‫ّ‬
‫املعلق الواقف‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫الشرط يتحقق الالتزام في ذمة ألاب ويصبح ملزما له بمعنى نافذا‪ ،‬فإذا كان الالتزام معلقا على‬
‫ّ‬
‫شرط واقف ال یكون نافذا إال إذا تحقق الشرط‪ ،‬وهو ما نص عليه املشرع الجزائري في املادة ‪016‬‬
‫من ق م التي تنص‪ " :‬إذا كان الالتزام معلقا على شرط و اقف‪ ،‬فال يكون نافذا إال إذا تحقق‬
‫الشرط‪.138"...‬‬
‫أما الشرط الفاسخ فهو الذي يترتب على تحققه زوال الالتزام‪ ،‬فااللتزام معه موجود‬
‫ونافذ‪ ،‬ولكنه يزول بمجرد تحققه إذ تنص املادة ‪ 207‬من ق م جعلى أنه‪" :‬یزول الالتزام إذا‬
‫تحقق الشرط الفاسخ‪ ،139"...‬ومثال ذلك نزول الدائن عن جزء من الدين بشرط أن يدفع له‬
‫املدين الاقساط الباقية كل قسط في موعده‪ ،‬أو أن يشترط الواهب على املوهوب له استرداد‬
‫الهبة إذا رزق الواهب بمولود‪ ،‬فالهبة هنا معلقة على شرط فاسخ هو ميالد الصبي‪ ،140‬أو أن‬
‫يتفق املؤجر واملستأجر على انهاء الايجار في حالة تنقل املستأجر إلى مكان آخر‪ ،‬فإذا انتقل‬
‫انقض ى معه عقد الايجار‪.‬‬
‫فالشرط الفاسخ يؤدي تحققه إلى زوال الالتزام املعلق عليه‪ ،‬وكأنه لم يكن منذ البداية وال‬
‫حاجة لإلعذار وال الستصدار حكم قضائي‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬مقومات الشرط‬
‫يتوقف وجود الشرط على عدة مقومات وهي‪:‬‬
‫‪ -0‬الشرط أمر مستقبلي‪:‬‬
‫يجب أن يكون ألامر الذي يعلق عليه الالتزام أمرا مستقبال‪ ،‬وهو ماأورده املشرع في‬
‫املادة‪ 019‬من ق م ‪" :‬يكون الالتزام معلقا إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل‬
‫وممكن وقوعه"‪ ،141‬ففكرة الشرط هي التعليق على أمر غير محقق الوجود‪ ،‬بمعنى أن يكون‬
‫معلق على واقعة لم تحصل ولم تتحقق بعد‪ ،‬واتفاق الطرفان على تعليق الالتزام على أمر كان قد‬
‫تحقق بالفعل يعني أن الالتزام قد نشأ منجزا غير معلق وبالتالي ال محل للشرط‪ ،‬أو اتفاق‬
‫الطرفان على زوال الالتزام إذا تحقق أمر كان قد تحقق بالفعل‪ ،‬هنا ال ينشأ الالتزام أصال‪ .‬وال‬
‫أهمية لعلم ألاطراف أو جهلهما بتحقق الشرط من عدمه عند الاتفاق‪.‬‬

‫‪ -138‬أمر أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -139‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -140‬بلحاج العربي‪ ،‬أحكام الالتزام في القانون املدني الجزائري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ، 2‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،0107 ،‬ص ‪.976‬‬
‫‪ -141‬أمر أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -2‬الشرط أمر غير محقق الوقوع‪:‬‬


‫ال يكفي في الواقعة حتى تعتبر شرطا أن تكون أمرا مستقبال بل يجب أن تكون أمرا غير‬
‫محقق الوقوع‪ ،‬إذا يجب أن ال يكون أمرا مستقبال أكيدا‪ ،‬ألن ألامر املستقبلي ألاكيد يعتبر معه‬
‫الالتزام مضافا إلى أجل وليس معلقا على شرط‪ ،142‬وفي ذلك يختلف الشرط عن ألاجل‪،‬فلو تعهد‬
‫شخص مثال آلخر بأن یعطیه هبة عند وفاة والده‪ ،‬فإن هذا التعهد یكون مقترنا بأجل ولیس‬
‫بشرط‪ ،‬ألن الوفاة ٕوان كانت أمرا مستقبال إال أنها أمر محقق الوقوع‪،‬أما لو تعهد بأن یدفع له‬
‫هذه الهبة في حالة وفاة والده خالل مدة معینة‪ ،‬فإن التعهد في هذه الحالة یكون مقترنا بشرط‬
‫ألن الوفاة ٕوان كانت مؤكدة الوقوع فإنها غير محققة في هذه املدة املعینة‪.‬‬
‫مثاله إلاتفاق الذي یتم مع شركة التأمين بأن ال تدفع مبلغ التأمين إلى املستفید‪ ،‬إال إذا توفي‬
‫املؤمن على حیاته خالل فترة معینة‪ ،‬كعشر سنوات مثال فیعتبر التزام شركة التأمين التزاما معلقا‬
‫ظل على قید‬‫عل شرط‪ ،‬ألن وفاة املؤمن على حیاته خالل هذه املدة أمر غير محقق الوقوع‪ ،‬فإذا ّ‬
‫ّ‬
‫الحیاة حتى نهایتها‪ ،‬فإن الشرط املعلق یكون قد تخلف وال تجوز مطالبة شركة التأمين بأي‬
‫‪143‬‬
‫ش يء‬
‫‪ -3‬الشرط أمر ممكن الحدوث‬
‫إن الالتزام املعلق على أمر مستحيل الحدوث ال يصلح أن يكون شرطا‪ ،‬فإذا كانت الواقعة‬
‫محل الشرط مستحيلة بطل العقد والشرط معا‪ ،‬لذلك يجب أن ال يكون الشرط أمرا مستحيال‪،‬‬
‫والاستحالة إما مطلقة أو نسبية‪ ،‬وتكون الاستحالة املطلقة مادية كمن يتعهد للطبيب بمبلغ من‬
‫املال إذا أحيا ميتا‪ ،‬أو تكون استحالة قانونية‪ ،‬كمن يعلق إعطاء محامي باقي أتعابه لقاء قيام‬
‫املحامي بالطعن في حكم صادر في واقعة معينة ال تقبل الطعن‪ ،‬فينتفي معها التعليق على شرط‪،‬‬
‫فيبطل الشرط ومعه الالتزام‪.‬‬
‫و تكون الاستحالة نسبية إذا مست طائفة معينة من ألاشخاص وهي استحالة ال تعيب‬
‫ّ‬
‫الالتزام و ال تبطله إال في مواجهة من كان هذا الشرط مستحيال بالنسبة له‪ ،‬فيبقى الشرط‬
‫صحيحا في مواجهة من كان الشرط بالنسبة له غير مستحيل‪ ،‬كمن يشترط على شخص ماهر في‬

‫‪142‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p. 291.‬‬
‫‪ -143‬الفار عبد القادر سميح‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬آثار الحق والقانون املدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.005-005‬‬

‫‪49‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫السباحة عبور نهر سباحة‪ ،‬فاإلستحالة النسبیة ال تمنع وجود الالتزام‪ ،‬وإذا كان الشرط ممكنا في‬
‫ذلك الوقت ثم أصبح مستحیال بعد ذلك‪ ،‬فإن الشرط یكون صحیحا‪.144‬‬
‫‪ -4‬الشرط أمر مشروع‬
‫وفقا للقانون يجب أن يكون الشرط الوارد على الالتزام مشروعا‪ ،‬بمعني أن ال يكون‬
‫ّ‬
‫مخالفا للنظام العام أو آلاداب العامة‪ ،‬وإال كان باطال‪ ،‬كاشتراط دفع مبلغ من النقود الرتكاب‬
‫جريمة قتل معينة‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 012‬من ق م على أنه‪ " :‬ال يكون الالتزام قائما إذا علق على‬
‫شرط غير ممكن‪ ،‬أو على شرط مخالف آلداب أو النظام العام‪ ،‬هذا إذا كان الشرط و اقفا أما‬
‫إذا كان الشرط فاسخا فهو نفسه الذي يعتبر غير قائم"‪.‬‬
‫يتضح أن املقصود بعدم مشروعية الشرط‪ ،‬هو مخالفة الغرض الذي يهدف إلى تحقيقه‬
‫من وراء الشرط‪ ،‬وبمعنى أننا يجب أن نفرق بين الشرط بحد ذاته وبين الواقعة التي يهدف الشرط‬
‫ّ‬
‫إلى تحقيقها‪ ،‬والشرط بهذا املعنى ال يكون باطال لعدم املشروعية إال إذا كان بحد ذاته مخالفا‬
‫للنظام العام‪ ،‬بغض النظر عن مشروعية الواقعة التي ينطوي عليها هذا الشرط‪. 145‬‬
‫‪ -5‬الشرط أمرال يتوقف على محض إلارادة‬
‫تنص املادة ‪ 017‬من ق م على أنه‪ " :‬ال يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط و اقف‬
‫يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة امللتزم"‪ ،146‬حسب النص فإنه إذا كان الشرط أمر‬
‫ألل يكون تحققه في الشرط الواقف متروكا ملحض إرادة‬ ‫غير محقق الوقوع ّ‬
‫فإن ذلك يقتض ي ّ‬
‫ّ‬
‫املدين‪ ،‬وإال امتنع قيام الالتزام النفراد املدين بعقده الرابطة القانونية وارتباط ذلك وبمشيئته‬
‫وينقسم الشرط من حيث تعلقه بإرادة الشخص إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪-‬الشرط الاحتمالي وهو الشرط الذي ال دخل إلرادة الشخص‪ ،‬وإنما يتوقف تحققه على محض‬
‫الصدفة‪ ،‬بمعنى أنه ال یدخل إطالقا في سلطة الدائن وال یكون في استطاعة املدی‪ ،‬العقد املعلق‬

‫‪ -144‬یختلف أثر الاستحالة بحسب ما إذا كان الشرط املستحیل واقفا أو فاسخا‪ ،‬فإذا كان الشرط املستحیل واقفا‪ ،‬فإن الالتزام ال‬
‫وجود له مطلقا‪ ،‬إلستحالة تحقق ألامر املشروط الذي علق علیه وجوده ‪.‬مثاله لو قال شخص آلخر أعطیك عشرة آالف دج إن المست‬
‫السماء بید ‪.‬أما إذا كان الشرط املستحیل فاسخا فإنه ال أثر له على الالتزام‪ ،‬حیث یبقى قائما‪ ،‬إذ یعتبر الشرط غير قائم والالتزام‬
‫منجزا أي بسیطا غير موصوف‪.‬‬
‫‪ -145‬عامر محمود الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام ‪ -‬آثار الحق في القانون املدني ( دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.035‬‬
‫‪ -146‬أمر أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫على مدى وفرة املحصول الزراعي‪ ،‬أو على ارتفاع او انخفاض ألاسعار‪ ،‬أو التعهد بمبلغ من املال‬
‫إذا رزق أحدهم بمولود‪.147‬‬
‫ويعتبر هذا الشرط صحيحا وملزما‪ ،‬وقفا كان أم فاسخا‪ ،‬طاملا أنه غير مستحيل و مخالف‬
‫للنظام العام وآلاداب العامة‪.‬‬
‫‪-‬الشرط املختلط وهو الذي يعلق تحققه أو تخلفه على إرادة أحد املتعاقدين مع أمر خارجي‬
‫آخر‪ ،‬كأن يهب شخص لآلخر شيئاإذا تزوج فتاة معينة‪ ،‬فالعقد هنا معلق على إرادة املشترط‬
‫عليه‪ ،‬وهو شرط صحيح واقفا كان أو فاسخا‪ ،‬ألنه أمر ليس محقق الوقوع‪ ،‬وليس مستحيل‬
‫الوقوع‪.‬‬
‫‪-‬الشرط إلارادي وهو املتروك تحققه على إرادة أحد طرفي الالتزام دون اقتضاء ألي ش ئء آخر‪،‬‬
‫كأن أهبك ماال إذا اردت أنا‪ ،‬فهذا شرط واقف متعلق بمحض إرادة املدين‪ ،‬أو أن أهبك ماال إذا‬
‫أردت أنت‪ ،‬فهذا شرط وافق متعلق بإرادة الدائن‪ ،‬وحكم هذا الشرط أنه صحيح إذا تعلق بإرادة‬
‫الدائن‪ ،‬أما إذا تعلق بإرادة املدين فهو باطل وكذلك الالتزم‪ ،‬ألنه يتنافى مع طبيعة الالتزام ذاته‪.148‬‬
‫الفرع الثاني‪ -‬ألاثار املترتبة عن الشرط‬
‫تختلف آثار الشرط قبل معرفة مصيره وتسمى هذه املرحلة بمرحلة التعليق‪ ،‬ویقصد‬
‫بفترة التعلیق املرحلة التي ال یعرف فيها مصير الشرط و هي الفترة املمتدة من تاریخ وجود الالتزام‬
‫املعلق على شرط إلى یوم تحقیقه أو تخلفه‪ ،‬وتختلف آلاثار حسب ما إذا كان الشرط واقفا أو‬
‫فاسخا( أوال)‪ ،‬واملرحلة الثانية هي التي يستبان فيها الشرط ويتضح سواء قد تحقق أو‬
‫تخلف(ثانيا)‬
‫أوال‪ -‬آثارالشرط في مرحلة التعليق‬
‫تختلف هذه آلاثار بحسب نوع الشرط‪ ،‬فإذا كان واقفا تولدت عنه وترتبت عليه آثار‬
‫تختلف عن تلك التي تترتب على الشرط إذا كان فاسخا‪.‬‬

‫‪ -147‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.056‬‬
‫ّ‬
‫‪ -148‬ال تظهر أهمية تقسيم الشرط إلى احتمالي‪ ،‬مختلط و إرادي إال بالنسبة للشرط الواقف‪ ،‬فالشرط الفاسخ صحيح في جميع‬
‫ألاحوال سواء كان احتمالياأو مختلطا أو إراديا‪ ،‬بسيطا‪ ،‬أو محضا معقود بإرادة الدائن أو املدين‪ّ ،‬أما الشرط الواقف فهو صحيح إذا‬
‫كان احتماليا أو مختلطا أو إراديا بسيطا‪ّ ،‬أما إذا كان إراديا محضا فيكون صحيحا فقط إذا كان متعلق بإرادة الدائن وباطل إذا كان‬
‫مرتبط بإرادة املدين ألنه يتنافى مع فكرة وجود الالتزام ذاته‪ .‬راجع‪ :‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ص ‪ 293‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -0‬آثارالشرط الو اقف في مرحلة التعليق‬


‫تنص املادة ‪ 016‬من ق م ج على أنه‪ " :‬إذا كان الالتزام معلق على شرط و اقف‪ ،‬فال يكون‬
‫ّ‬
‫نافذا إال إذا تحقق الشرط‪ّ ،‬أما قبل تحقق الشرط فال يكون الالتزام قابال للتنفيذ الجبري وال‬
‫للتنفيذ الاختياري‪ ،‬على أنه يجوز للدائن ان يتخذ من الاجراءات ما يحافظ به على حقه"‪،149‬‬
‫حسب النص فااللتزام املعلق على شرط واقف هو التزام موجود لكن غير كامل و غير مؤكد‪،‬‬
‫فيكون للدائن حق محتمل في ذمة املدين‪ ،‬وال یصبح الالتزام نافذا إال إذا تحقق الشرط الواقف‪،‬‬
‫ّ‬
‫فااللتزام املعلق على شرط واقف التزام غير بات وغير نافذ‪ ،‬وال يكون نافذا إال إذا تحقق‬
‫الشرط‪،‬ويترتب عن كونه التزام موجود أنه‪:‬‬
‫‪ -‬في حالة وفاة الدائن فإن الحق موضوع الالتزام املوصوف بهذا الشرط ينتقل للخلف العام‬
‫والخلف الخاص للدائن ‪.‬‬
‫‪ -‬يجوز للدائن أن يتخذ كل الاجراءات التي من شأنها املحافظة على حقه‪.‬‬
‫ومما يترتب على كون الالتزام املعلق على شرط واقف أنه غير كامل الوجود وغير بات أنه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫‪-‬ال يجوز للدائن اتخاذ الوسائل التنفيذية للحصول على حقه‪ ،‬فال يكون الحق قابال للتنفيذ‬
‫الجبري‪ ،‬وإذا نفذ املدين التزامه معتقدا أنه ملزم بالتنفيذ‪ ،‬فله استرداد ما دفعه‪. 150‬‬
‫‪-‬ال يسري التقادم إال من وقت تحقق الشرط‪.151‬‬
‫‪-‬ال يتحمل صاحب الحق املعلق على شرط واقف تبعة الهالك‪ ،‬وليس له التصرف في الش يء محل‬
‫الحق‪.‬‬
‫‪ -2‬آثارالشرط الفاسخ في مرحلة التعليق‬
‫تنص املادة ‪ 015‬من ق م على أنه‪ ":‬يزول الالتزام إذا تحقق الشرط الفاسخ‪ ،‬ويكون‬
‫الدائن ملزما برد ما أخذه فإذا استحال الرد لسبب هو مسؤول عنه وجب عليه تعويض‬
‫الارر‪.‬‬
‫غير ان أعمال إلادارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط"‪.152‬‬

‫‪ -149‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪150‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p. 297.‬‬
‫‪151‬‬
‫‪- Ibid‬‬
‫‪ -152‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫نستنتج من النص أن الالتزام املعلق على شرط فاسخ هو التزام موجود ونافذ‪ ،‬وعليه‬
‫فااللتزام في مرحلة التعليق يكون منجزا ثابتا‪ ،‬مستحقا ومؤكدا‪ ،153‬ولكنه مهدد بالزوال فالدائن‬
‫يملك حقا نافذا ويترتب على ذلك أنه‪:‬‬
‫‪ -‬للدائن اتخاذ كل الوسائل التنفيذية‪ ،‬فهو قابل للتنفيذ الجبري قبل تحقق الشرط‪.‬‬
‫‪ -‬للدائن أن يرفع دعوى عدم نفاذ تصرفات مدينه تجاهه (الدعوى البوليصية)‪ ،‬وله تتبع الش يء‬
‫محل الحق وانتزاعه في أي يد شخص انتقل إليه‪ ،‬وله كذلك ممارسة الدعوى املباشرة‪ ،‬وتكون له‬
‫جميع حقوق املالك مع مراعاة أنه مالك تحت شرط فاسخ‪.‬‬
‫‪ -‬يستطيع الدائن صاحب الحق املعلق على شرط فاسخ أن يتصرف في الش يء بكل أنواع‬
‫التصرفات‪ ،‬مقابل ذلك فهو من يتحمل تبعة هالكه‪.‬‬
‫‪-‬للدائن أن یتمسك باملقاصة بين ما قد ینشأ في ذمته من التزام لصالح مدینه حتى ولو كان هذا‬
‫الالتزام منجزا‪.‬‬
‫‪-‬سريان التقادم املسقط على حق الدائن املعلق على شرط فاسخ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬آثارالشرط بعد انقااء مرحلة التعليق‬
‫يقصد بانقضاء مرحلة التعليق معرفة مصير الشرط الذي علق عليه الالتزام فهو إما أن‬
‫يتحقق ّإما أن يتخلف‪ ،‬ولكن كيف يتحقق الشرط وكيف يتخلف؟‬
‫‪ -0‬كيفية تحقق الشرط وتخلفه‬
‫قد يتحقق الشرط بإحدى الطرق التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬تحقق الشرط أو تخلفه بإرادة طرفي الالتزام‪ :‬لم ينص املشرع الجزائري على على تمحقق‬
‫الشرط بإرادة ا أطراف الالتزام‪ ،‬وإنما يستفاد ذلك من القواعد العامة‪ ،‬من حيث الرجوع غلى ما‬
‫اتجهت إليه نيتهما للحكم بمدى تحقق الشرط أو تخافه‪ ،‬فإذا كان موضوع الشرط الذي علق‬
‫عليه الالتزام هو مثال القيام بعمل معين‪ ،‬فمعرفة مدى تحقق الشرط يكون بالعودة إلرادة‬
‫الطرفين إذا كان العمل املطلوب هو تحقيق نتيجة أو بذل عناية‪ ،‬ومن له القيام بهذا املدين‬
‫شخصيا أم يمكن لغير القيام به‪ ،‬مثاله الهبة املعلقة على شرط النجاح‪ ،‬حیث یتمثل الشرط في‬
‫عمل من قبل الدائن مؤداه تحقیق نتیجة یتحقق بتحققها ویتخلف بتخلفها‪،‬كذلك الهبة املعلقة‬

‫‪153‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p. 297.‬‬

‫‪53‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫على شرط الزواج من شخص معين‪ ،‬حیث أنه تلعب إرادة كل من الدائن أو الغير دورا في تحقیق‬
‫النتیجة‪.154‬‬
‫ب‪-‬تحقق الشرط أو تخلفه بحلول مدة معينة‪ :‬الالتزام املعلق على شرط هو التزام مهما امتد‬
‫فإن ذلك الشرط مصيره أن يتحقق أو يتخلف بحلول مدة معينة‪ ،‬ويؤخذ بهذه الفكرة ألنها ليس‬
‫إال تطبيق للقواعد العامة‪ ،‬فإذا كان الشرط إیجابیا معلقا على وقوع حادث وقد ّ‬
‫تحدد لهذا‬
‫عد الشرط غير محققا‪ ،‬ویالحظ هنا‬ ‫الوقوع أجال معینا‪ ،‬وانقض ى هذا دون وقوع هذا الحادث ّ‬
‫ٕ‬
‫محل التعلیق حتى یتحقق الشرط‪ ،‬ولذلك یجب الرجوع في تحقق الشرط أو‬ ‫وجوب وقوع ألامر ّ‬
‫عدم تحققه إلى غرض‬
‫املتعاقدین ٕوالى نیتهما املشتركة التي أ ا ردها العقد‪.‬‬
‫ّ‬
‫یحدد الاتفاق میعادا معینا‬ ‫أ ّما إذا كنا بصدد شرط سلبي قوامه عدم تحقق أمر ما‪ ،‬فقد‬
‫حدد املیعاد فإن الشرط ّ‬
‫یعد متحققا إذا إنقض ى املیعاد‬ ‫لعدم التحقق وقد ال یحدد‪ ،‬فإذا ّ‬
‫یعد الشرط متحققا إال من الوقت الذي‬ ‫یحدد املیعاد فال ّ‬
‫ّ‬ ‫املضروب ولم یقع هذا ألامر‪ ،‬أما إذا لم‬
‫یتم فیه التأكدعلى وجه الیقين أن الحدث لن یقع‪.155‬‬
‫ج‪-‬تحقق الشرط أو تخلفه بطريق الغش ممن له مصلحة‪ :‬يعتبر الشرط قد تحقق إذا حال دون‬
‫تحققه بطريق غش الطرف الذي له مصلحة من عدم تحققه أو تخلفه‪ ،‬كما الشرط يعتبر قد‬
‫تخلف إذا تحقق عن طريق الغش ممن له مصلحة في أن يتحقق‪ ،156‬كأن يتعمد تاجر بعد التأمين‬
‫على متجره ضد الحريق اشعال النار فيه‪،‬فتحقق الشرط أو تخلفه ینبغي أن یتم بطریقة تتفق‬
‫مع ما توجبه حسن النیة‪ ،‬ومن ثم فإن تحقق الشرط أو تخلفه بطریق الغش یأخذ حكما مغايرا‬
‫لحالتي تحقق الشرط أو تخلفه‪.‬‬
‫‪ -2‬أحكام تحقق الشرط أو تخلفه‬
‫تعتبر مرحلة تعليق الالتزام على الشرط مرحلة مؤقتة ّ‬
‫البد أن تنقض ي ويتضح مصير‬
‫الشرط من حيث تحققه أو تخلفه‪ ،‬ويختلف الحكم بحسب ما إذا كان الشرط واقفا أو فاسخا‪.‬‬

‫‪-154‬أبو السعود رمضان‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬دار الجامعة الجدیدة‪ ،‬إلاسكندریة‪ ،2008 ،‬ص ‪.003‬‬
‫‪ -155‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.001-003‬‬
‫‪ -156‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني وأحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.063‬‬

‫‪54‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫أ‪-‬أثر الشرط الو اقف بعد انقااء مرحلة التعليق‬


‫نصت املادة ‪ 206‬ق م ج على أثر الشرط الواقف عند انتهاء مرحلة التعلیق على أنه‪" :‬‬
‫ّ‬
‫إذا كان الالتزام معلقا على شرط و اقف فال یكون نافذا إال إذا تحقق‪ ،"157...‬وبهذا یمكن القول‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أنه إذا تحقق الشرط الواقف ّ‬
‫فإن الالتزام الذي كان حقا محتمال یصير حقا مؤكدا‪ ،‬ویعتبر‬
‫كذلك من یوم انعقاد التصرف ال من یوم تحقق الشرط‪.158‬‬
‫ویترتب على ذلك أن املدین یصبح ملتزما به‪ ،‬وكون للدائن جبره على أدائه بإجراءات‬
‫التنفیذ الجبري على أمواله‪ ،‬وله رفع الدعوى البولیصیة‪ ،‬كما یجوز له طلب املقاصة القانونیة‪،‬‬
‫ٕواذا أوفى املدین بحق الدائن فال یستطیع استرداد ما آداه‪ ،‬كما یبدأ سریان التقادم بالنسبة لحق‬
‫الدائن من تاریخ تحقق الشرط‪،‬ویصبح هذا ألاخير مالكا ملكیة تامة بما ّ‬
‫تخوله له من استعمال‬
‫الش يء واستغالله والتصرف فیه‪ ،‬إلى غير ذلك من املزایا التي یمنحها الحق املنجز لصاحبه‪.‬‬
‫أما إذا تخلف الشرط الواقف امتنع وجود الحق املحتمل الذي كان للدائن‪ ،‬واعتبرت‬
‫رابطة الالتزام كأنها لم تنشأ بين املتعاقدین‪ ،159‬ویترتب على ذلك زوال كل الاجراءات التحفظیة‬
‫التي اتخذها الدائن بموجب حقه املحتمل‪ ،‬وكذا زوال جمیع التصرفات التي صدرت منه في شأن‬
‫هذا الحق وكل ذلك بأثر رجعي‪.‬‬
‫ب‪-‬أثر الشرط الفاسخ بعد انقااء مرحلة التعليق‬
‫نصت املادة ‪ 015‬ق م على أثر الشرط الواقف عند انتهاء مرحلة التعلیق على أنه‪ " :‬يزول‬
‫الالتزام إذا تحقق الشرط الفاسخ‪ ،‬ويكون الدائن ملزما برد ما أخذه فإذا استحال الرد لسبب‬
‫هو مسؤول عنه وجب عليه تعويض الارر‪.‬‬
‫غيرأن أعمال الادارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط "‪.160‬‬
‫يفيد النص أنه إذا تحقق الشرط الفاسخ زال حق الدائن املعلق عليه‪ ،‬ويعتبر أنه حق لم يكن‬
‫بأي عمل يمنع الطرف آلاخر من استعمال حقه‪،‬‬ ‫موجود من البداية‪ ،‬وبالتالي ليس للدائن القيام ّ‬
‫وهذا إعماال للثر الرجعي لتحقق الشرط‪،‬فإذا وفى املدین بالدین ثم تحقق الشرط الفاسخ كان‬

‫‪ -157‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -158‬السعدي دمحم صبري ‪ ،‬الواضح في شرح القانون املدني النظریة العامة لاللتزامات أحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪ -159‬عامر محمود الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام ‪ -‬آثار الحق في القانون املدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.017‬‬
‫‪ -160‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫له أن یسترده‪ ،‬أو بصيغة أخرى إذا استوفى الدائن حقه ثم تحقق الشرط فعليه أن يرد ما‬
‫تسلمه‪ ،‬ف ٕاذا التزم شخص بنقل ملكیة و تحقق الشرط فیترتب على ذلك زوال امللكیة‪ ،161‬فإذا‬
‫استحال الرد بسبب الدائن وجب عليه أن یعوض املدین ‪.‬أما إذا كان السبب أجنبي فال یجبر على‬
‫التعویض‪.‬‬
‫وقد استانت املادة ‪ 0/015‬ق م من هذا ألاثر أو النتيجة من تحقق الشرط حالة أعمال‬
‫إلادارة الصادرة من الدائن‪ ،‬حيث تبقى هذه ألاعمال رغم تحقق الشرط مثال ذلك تأجير العقار‬
‫وبيع الثمار‪ ،‬وذلك ألنها أعمال ضرورية للمحافظة على العين‪ ،‬ويعتبر صاحب الحق املعلق عليه‬
‫الشرط الفاسخ صاحب الحق في الادارة‪ ،‬وبالتالي يسر له القانون القيام بمهمته بأن أبقى أعماله‬
‫قائمة بالرغم من تحقق الشرط الفاسخ‪ ،‬غير أنه يستلزم شرطين لسريان هذا الحكم هما‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون الدائن صاحب الحق في القيام بهذه ألاعمال حسن النية‪ ،‬فيجب أن ال يتخذها لتعطيل‬
‫حقوق الطرف آلاخرإذا تحقق الشرط الفاسخ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تجاوز املألوف في هذه ألاعمال‪.‬‬
‫فإن الحق املعلق عليه يصبح ثابتا غير مهدد بالزوال‪ ،‬بمعنى‬ ‫ّأما إذا تخلف الشرط الفاسخ ّ‬
‫أن احتمال زوال الالتزام ينقض ي‪ ،‬ويترتب على ذلك أن كل التصرفات الصادرة من الدائن‬
‫صحيحة‪.‬‬
‫ج‪-‬فكرة ألاثر الرجعي للشرط‬
‫تنص املادة ‪ 01‬ق م على أنه‪ " :‬إذا تحقق الشرط يرجع أثره إلى اليوم الذي نشأ فيه‬
‫ّ‬
‫الالتزام‪،‬إال إذا تبين من ارادة املتعاقدين أو من طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله‪ ،‬إنما‬
‫يكون في الوقت الذي يتحقق فيه الشرط‬
‫غير أنه ال يكون للشرط أثر رجعي‪ ،‬إذا أصبح تنفيذ الالتزام قبل تحقق الشرط غير‬
‫ممكن لسبب ال يد للمدين فيه"‪.162‬‬
‫يفيد النص أنه سواء كان الشرط واقفا أو فاسخا‪ ،‬فإنه متى تحقق‪ ،‬فأثره يسري من وقت‬
‫ّ‬
‫قيام التصرف ال وقت تحقق الشرط‪ ،‬فإذا علق البائع التزامه بنقل ملكیة املبیع إلى املشتري على‬
‫شرط واقف هو وفاؤه بجمیع أقساط الثمن‪ ،‬فإنه إذا تحقق الشرط انتقلت ملكیة املبیع إلى‬

‫‪161‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p. 299.‬‬
‫‪ -162‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫املشتري‪ ،‬من وقت انعقاد البیع ال من وقت الوفاء‪ ،‬غير أن النص تضمن حاالت استانائية ال‬
‫يتحقق فيه ألاثر الرجعي للشرط وهي‪:‬‬
‫‪-‬استبعاد ألاثر الرجعي لتحقق الشرط باتفاق املتعاقدين‪ ،‬فمتى ورد مثل هذا الاتفاق تحقق‬
‫الشرط بأثر فوري ‪.‬‬
‫‪ -‬استحالة إعم ال ألاثر الرجعي لتحقق الشرط بسبب طبيعة الالتزام كما هو ألامر بالنسبة‬
‫للعقود الزمنية‪ ،‬كعقد الايجار والعمل‪ ،‬حيث ال يمكن الاسترداد‪.‬‬
‫‪ -‬استحالة إعمال ألاثر الرجعي لتحقق الشرط بسبب أجنبي قبل تحقق الشرط‪.‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫ألاوصاف التي تمس نفاذ الالتزام(ألاجل)‬
‫يعتبر ألاجل الوصف الثاني الذي يلحق الالتزام من حيث استحقاقه‪ ،‬ومثلما فعل املشرع‬
‫الجزائري بالنسبة للشرط كذلك فعل للجل‪ ،‬حيث خصص مجموعة من املواد من ( ‪) 000 -013‬‬
‫نحدد من خاللها تعريف األجل ( الفرع ألاول) ثم بعدها نحاول تحديد آثاره القانونية (الفرع‬
‫الثاني)‪ ،‬كما سنبين حاالت انقضاء ألاجل وسقوطه( الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬تعريف ألاجل وشروطه‬
‫تنص املادة ‪ 013‬من ق م على أنه‪ ":‬يكون الالتزام ألجل إذا كان نفاذه أو انقااؤه مترتبا‬
‫على أمر مستقبل محقق الوقوع ‪.‬‬
‫ويعتبر ألامر محقق الوقوع متى كان وقوعه محتما‪ ،‬ولو لم يعرف الوقت الذي يقع‬
‫فيه"‪.163‬‬
‫لم يعرف املشرع الجزائري ألاجل على غرار التشريعات ألاخرى‪ ،‬ولكن من خالل املادة‬
‫يمكن تحديد تعريفه( أوال)مقوماته أو شروطه(ثانيا) وكذلك أنواعه(ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪-‬تعريف ألاجل‬
‫يعرف ألاجل ‪164‬على أنه أمر مستقبل محقق الوقوع يترتب عليه نفاذ الالتزام أو انقضائه‪،165‬‬
‫وألاجل وفقا ملا تقدم يتمثل في مدة زمنية معينة‪ ،‬أو موعد يضرب لنفاذ الالتزام أو انقضاؤه‪ ،‬وهو‬
‫أمر مستقبل محقق الوقوع وهو الفرق الجوهري بين الشرط وألاجل‪.‬‬

‫‪ -163‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني ‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫وألاجل من حيث أنواعه مثل الشرط‪ ،‬فقد يكون واقفا أو فاسخا‪ ،‬رغم معارضة الكثير‬
‫على تسمية ألاجل الفاسخ‪ ،‬ألافضل أن يسمى ألاجل املنهي أو املسقط‪ ،166‬وألاجل الواقف يختلف‬
‫عن الشرط الواقف في ّأن ألاجل ال يوقف وجود الالتزام ذاته‪ ،‬كما هو في الشرط الواقف‪ ،‬وإنما‬
‫يقتصر على وقف نفاذ الالتزام أو استحقاق وفائه‪ّ ،‬أما ألاجل الفاسخ أو املسقط فهو الذي يترتب‬
‫على حلوله زوال الالتزام أو انقضائه‪ ،‬فااللتزام معه موجود ونافذ‪ ،‬ولكنه يزول بمجرد حلول‬
‫ألاجل‪ ،‬و هناك من يرى ّأن ألاجل الفاسخ ليس وصفا باملعنى الفني‪ ،‬ألنه ال ّ‬
‫يعدل من آثار الالتزام‪،‬‬
‫حيث يجوز للدائن أن يطلب تنفيذ الالتزام املضاف إلى أجل فاسخ فور نشوئه‪ ،‬فاألجل الفاسخ‬
‫هو الذي يحدد النطاق الزمني لاللتزام‪.167‬‬
‫ثانيا‪-‬مقومات ألاجل‬
‫‪ -0‬ألاجل أمر مستقبل‬
‫يعتبر ألاجل أمر مستقبل بطبيعته‪،‬فال يعتبر أجال إذا كان أمرا تحقق في املاض ي أو في‬
‫الحاضر‪ ،‬أي يجب أن يتعلق ألاجل لم تحصل ولم تتحقق بعد‪ ،‬فهو عادة ميعاد يحدد للوفاء‬
‫بااللتزام أو النقضائه‪ ،‬أو ميعاد لتسليم املبيع‪ ،‬وألاجل عنصر عارض في الالتزام وليس جوهري ‪،‬‬
‫فهو ال يقترن بااللتزام إال بعد أن يستوفي الالتزام جميع عناصر تكوينه‪ ،‬ويأتي الاجل عنصرا‬
‫‪168‬‬
‫إضافيا يقوم الالتزام بغيره ويتصور بدونه‬
‫‪ -2‬ألاجل أمر محقق الوقوع‬
‫على عكس الشرط يجب أن يكون ألاجل كوصف يرد على الالتزام أمرا محقق الوقوع‪،‬‬
‫وسواء كان ذلك بتحديد تاريخ معين أو حدوث واقعة معينة كتحقق الوفاة مثال‪ ،169‬لذا يكون‬
‫مصير الالتزام املضاف إلى أجل معروف‪ ،‬فإذا كان واقفا كان من املحقق أن يصبح نافذا‪ ،‬وإن كان‬
‫فإن مصيره مجهول‪.‬‬‫فاسخا كان من املحقق أن الالتزام سينقض ي‪ّ ،‬أما الالتزام املعلق على شرط ّ‬

‫‪164‬‬
‫‪-« Le terme peut se difinir comme l’evenement futur rt certain qui suspend l’exigibilité ou l’extinciont‬‬
‫‪de l’obligation », In, CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p.300.‬‬
‫‪ -165‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام(أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.035‬‬
‫‪ -166‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.267‬‬
‫‪ -167‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام(أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.035‬‬
‫‪ -168‬عامر محمود الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام ‪ -‬آثار الحق في القانون املدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.015‬‬
‫‪169‬‬
‫‪-CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p. 301.‬‬

‫‪58‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ويكون ألاجل صحيحا حتى ولو كان موعد وتاريخ تحققه مجهوال وغير ومعروف‪ ،‬حيث‬
‫يكفي لصحته أن يكون محقق الوقوع وهو ما ورد في املادة ‪ ...": 0/013‬ويعتبر ألامر محقق الوقوع‬
‫متى كان وقوعه محتما‪ ،‬ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه"‪.170‬‬
‫ثالثا‪-‬أنواع ألاجل‬
‫ينقسم ألاجل من حيث آثاره إلى واقف أو فاسخ‪ ،‬وينقسم من حيث مصدره إلى اتفاقي‬
‫وقضائي وقانوني‪.‬‬
‫‪ -0‬أنواع ألاجل من حيث آثاره‬
‫ألاجل من حيث آثاره ّإما أن يكون واقفا أو فاسخا‪:‬‬
‫ّ‬
‫أ‪ -‬ألاجل الو اقف‪ :‬هو ألاجل الذي يفترض معه وجود التزام قام بالفعل‪ ،‬إال ّأن هذا الالتزام قد‬
‫تم تأجيل تنفيذه إلى أجل الحق فيكون غير مستحق الاداء قبل حلول ذلك ألاجل‪،‬وإذا حل أصبح‬
‫الالتزام نافذا مستحق ألاداء‪ ،‬وهو ما اشارت إليه املادة ‪ 013‬من ق م السالفة الذكر‪ ،‬فيكون‬
‫العقد صحيحا وموجود بوجود أركانه لكن نفاذه يكون مضافا إلى أجل‪ ،‬مثاله عقد القرض‪ ،‬حيث‬
‫يلتزم فيه املقترض برد ما اقترضه من نقود بعد مدة معينة من تسلمه لها كأن تكون مدة سنة‪،‬‬
‫فإن حل ألاجل املحدد للدفع وجب عليه الوفاء‪ ،‬ويكون للدائن الحق في املطالبة بالتسديد‪،‬‬
‫ّ‬
‫فبحلول ألاجل يصبح العقد نافذا‪،‬أي أن الالتزام ال يصبح مستحق ألاداء إال بحلول أو انقضاء‬
‫ذلك ألاجل‪.171‬‬
‫ب‪-‬ألاجل الفاسخ أو املنهي‪ :‬هو ألاجل الذي يفترض معه وجود التزام مستحق ألاداء قام بالفعل‬
‫ّ‬
‫ويجبر املدين على تنفيذه‪ ،‬إال ّأن حلول ألاجل يؤدي إلى انهاء الالتزام دون أثر رجعي‪ ،‬فيترتب عليه‬
‫زوال الالتزام‪،‬بعدما قام صحيحا مرتبا لكل آثاره القانونية‪ ،‬ومثاله حالة التزام شخص بدفع ايراد‬
‫مرتب مدى الحياة لشخص آخر‪ ،‬فيكون الالتزام معلق على أجل واقف هو وفاة املستفيد من‬
‫الايراد املرتب‪.‬‬

‫‪ -170‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -171‬تجدر الاشارة أنه ال يجب الخلط بين ألاجل الفاسخ والتقادم املكسب‪ ،‬حیث أن الالتزام الذي یضاف إلى أجل فاسخ یصبح لهذا‬
‫ألاجل حدا زمنیا للتنفیذ‪ ،‬ومن ثم یترتب على حلول هذا ألاجل انتهاء التنفیذ وزوال الالتزام‪ ،‬ویستلزم في ألاجل الفاسخ أن یكون الالتزام‬
‫من الالتزامات املستمرة‪ ،‬حیث تفترض هذه الالتزامات وجود سلسلة من ألاعمال املتكررة‪ ،‬ومن ثم فإن ألاجل الفاسخ یلتقي مع التقادم‬
‫املسقط في كون كل منهما یؤدي إلى انتهاء الالتزام‪ ،‬ویختلف التقادم املسقط عن ألاجل الفاسخ‪ ،‬في أن التقادم ینطوي على إلاهمال‬
‫وعدم املطالبة باملال حیث یختلف ألامر بالنسبة للجل الفاسخ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -2‬أنواع ألاجل من حيث مصادره‬


‫ألاجل من حيث مصدره إما أن يكون اتفاقي أو قضائي أو قانوني‪:‬‬
‫أ‪-‬ألاجل الاتفاقي‪ :‬ألاصل في ألاجل أن يتفق عليه املتعاقدين‪ ،‬ومثاله أن يتفق البائع واملشتري على‬
‫تأخير تسليم املبيع أو تأجيل دفع الثمن إلى ميعاد معين على شكل دفعة واحدة أو دفعات‪،‬‬
‫وألاجل الاتفاقي قد يكون صريحا أو ضمنيا يستخلص من الظروف أو من طبيعة الالتزام‪،‬‬
‫كااللتزام بتوريد أغذية ملدرسة‪ ،‬ويعتبر هنا الالتزام هن مضافا ألجل واقف هو بدء الدراسة‪ ،‬وإلى‬
‫ّ‬
‫أجل فاسخ هو انتهاؤها‪ ،172‬أو كأن يتعهد املدين في فصل الصيف بالقيام بعمل ال يمكن إال في‬
‫فصل الشتاء‪.‬‬
‫ب ‪-‬ألاجل القاائي‪ :‬وهو الذي يكون مصدره القضاء‪ ،‬يسمى عادة بمهلة امليسرة أو مهلة الوفاء‪،‬‬
‫وهو أجل يمنحة القاض ي للمدين إذا استدعت حالته ذلك‪ ،‬ولم يلحق الدائن ضرر من منحه‬
‫هذا ألاجل‪ ،‬وال يوجد في القانون ما يمنع القاض ي أن يمنحه إياه‪ ،‬حيث أورده املشرع الجزائري في‬
‫املادة ‪ 001‬ق‪.‬م‪ .‬التي تقض ي على أنه " إذا تبين من الالتزام أن املدین ال یقوم بوفائه إال عند‬
‫املقدرة أو املیسرة‪ ،‬عين القاض ي میعاد مناسبا لحلول ألاجل‪ ،‬مراعيا في ذلك موارد املدین‬
‫الحالیة واملستقبلة‪ ،‬مع اشتراط عنایة الرجل الحریص على الوفاء بالتزامه"‪.173‬‬
‫يتضح من النص أن تدخل القاض ي في تعیين مهلة امليسرة يكون باالستعانة بمجموعة من‬
‫العناصر وهي قدرة املدین على الوفاء بالنظر إلى موارده الحالیة أي ألاموال املتوفرة لدیه‪ ،‬مثل‬
‫تلك التي تكون عند املدین فعال وقت النظر في الدعوى‪ ،‬وكذا موارد املدین املستقبلة‪.‬‬
‫ّ‬
‫إال إذا طلبها من القاض ي أثناء النظر في الدعوى‬ ‫ال یمكن للمدين أن ینال مهلة املیسرة‬
‫التي یرفعها علیه الدائن مطالبا بالوفاء‪ ،‬أو أثناء مباشرة الدائن للتنفیذ بموجب سند تنفیذي‬
‫آخر غير الحكم‪ ،‬ومن ثمة فإذا لم یطلبها حتى یصدر الحكم علیه وصار ألامر إلى التنفیذ فال‬
‫یستطیع في هذه الحالة طلبها‪.174‬‬

‫‪ -172‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني ( دراسة مقارنة بين الفقه الاسالمي والقوانين املدنية الوضعية )‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.065‬‬
‫‪ -173‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -174‬توفيق حسن فرج‪ ،‬مصطفى الجمال‪ ،‬مصادر وأحكام الالتزام‪ (،‬دراسة مقارنة)‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،0115 ،‬ص ص‬
‫‪.705-705‬‬

‫‪60‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ويترتب على مهلة امليسرة أثر وحيد هو أنها تمنع الاستمرار في الدعوى‪ ،‬وليس من شأنها‬
‫إرجاء استحقاق الدين وإ ذا أصبح املدين ميسورا قبل انقضائها جاز للدائن مطالبة املحكمة أن‬
‫تأمره بالوفاء في الحال‪.‬‬
‫ج‪-‬ألاجل القانوني‪ :‬وهو ألاجل الذي تحدده نصوص القانون كما هو بالنسبة لحق الانتفاع الذي‬
‫ينقض ي بوفاة املنتفع‪ ،‬وكذلك الايراد املرتب مدى الحياة الذي نص عليه املشرع الجزائري املادة‬
‫‪ 609‬من ق م التي تنص‪ " :‬يجوز للشخص أن يلتزم بأن يؤدي إلى شخص آخر مرتبا دوريا مدى‬
‫الحياة ‪.175"...‬‬
‫ومن أمثلة ألاجل القانوني كذلك ما ورد في املادة ‪ 500‬من ق م التي تنص ‪ " :‬لكل شريك أن‬
‫يطالب بقسمة املال الشائع مالم يكن مجبرا على البقاء في الشيوع بمقتض ى نص أو اتفاق‪.‬‬
‫وال يجوز بمقتض ى الاتفاق أن تمنح القسمة ‘لى أجل يجاوز خمس سنوات فإذا لم‬
‫تجاوز هذه املدة نفذ الاتفاق في حق الشريك وفي حق من يخلفه"‪ ،176‬أو ما نصت عليه املادة ‪35‬‬
‫من ق أ التي تلزم الوص ي بتقديم حسابات باملستندات بعد انتهاء فترة وصايته عن القاصر في مدة‬
‫ال تتجاوز شهرين‪.177‬‬
‫وقد يصدر املشرع قوانين استانائية في وقت ألازمات الاقتصادية يمنح بموجبها أجال‬
‫لجميع املدنين للوفاء بديونهم‪.178‬‬
‫وتجدر املالحظة ّأن الحقوق التي يلحقها ألاجل هي جميع الحقوق الشخصية والعينية ما‬
‫عدا حق امللكية‪،‬وهو حق تأبى طبيعته أن يقترن بأجل واقف أو فاسخ‪ ،‬ألنه حق مؤبد‪ ،‬فال يمكن‬
‫لشخص أن يبيع ممتلكاته ملدة سنة كأجل فاسخ‪ ،‬وال أن تباع ابتداء من وقت معين‪ ،179‬ويتقرير‬
‫ألاجل ملصلحة املدين كأصل‪ ،‬ومع ذلك قد يتبين العكس من العقد كأن يشترط املشتري تسلم‬

‫‪ -175‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -176‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -177‬قانون رقم ‪ ،00 -52‬مؤرخ في ‪ 3‬رمضان عام ‪ 0212‬املوافق ل ‪ 3‬يونيو سنة ‪ ،0352‬يتضمن قانون الاسرة‪ ،‬ج ر ج ج عدد ‪ ،02‬صادر‬
‫بتاريخ ‪ 00‬يونيو ‪ ،0352‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني أحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.081‬‬ ‫‪ -178‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫‪ -179‬ينقض ي حق الانتفاع كحق عيني في كل ألاحوال بوفاة املنتفع ‪ ،‬حتى قبل انقضاء ألاجل املعين إعماال للمادة ‪ 570‬من ق م ج‪ ،‬كما‬
‫يمكن أن ينقض ي حق الرهن الرسمي بحلول أجل الدين بأن يقوم الدائن بنزع ملكية العقار املرهون من يد الحائز لهذا العقار تطبيقا‬
‫للمادة ‪ 300‬من ق م ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫املبيع في أجل معين‪ ،‬وقد تحدد ظروف التعاقد ملصلحة من ضرب ألاجل فقد يكون للطرفين معا‪،‬‬
‫كما هو في عقد القرض بفائدة وإلايجار‪ ،‬وقد يتحدد املستفيد من ألاجل بنص القانون‪.‬‬
‫ا لفرع الثاني‪ :‬آلاثار القانونية املترتبة عن ألاجل‬
‫تختلف آثار ألاجل باختالف مرحلة ما قبل حلول هذا ألاجل(أوال) ومرحلة ما بعد حلوله‪،‬‬
‫ودراسة هذه املراحل تهدف إلى معرفة مآل الحق موضوع الالتزام املؤجل(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪-‬في مرحلة ما قبل حلول ألاجل‬
‫نفرق في هذه املرحلة بين ألاجل الواقف وألاجل الفاسخ‪.‬‬
‫‪ -0‬ألاجل الو اقف‪:‬‬
‫قبل انقضاء ألاجل يكون للدائن بموجب التزام مقترن بأجل واقف حق مؤكد وموجود‪،‬‬
‫ولكنه غير نافذ وغير مستحق ألاداء إلى غاية حلول ذلك ألاجل‪ ،‬ويعتبر هذا ألاجل أقوى وجودا‬
‫من الشرط‪ ،‬حيث يكون الحق املعلق على شرط واقف ناقص‪.‬‬
‫ومن النتائج املترتبة على كون حق الدائن مؤكد وموجود ‪:‬‬
‫‪ -‬يستطيع صاحب الحق التصرف في حقه بكافة أنواع التصرفات القانونية من بيع وهبة‬
‫وغيرها وإذا مات انتقل إلى ورثته‪ ،‬وينتقل باألسباب ألاخرى النتقال الحقوق‪.‬‬
‫‪ -‬يجوز للدائن اتخاذ كافة الاجراءات التحفظية للمحافظة على حقه‪ ،‬تطبيقا للمادة‬
‫‪ 0/000‬من ق م التي تنص‪..." :‬يجوز للدائن حتى قبل انقااء ألاجل أن يتخذ من الاجراءات ما‬
‫يحافظ به على حقوقه ‪ ،"...‬ومن ذلك إقامة الدعوى غير املباشرة‪ ،‬الدعوى الصورية‪ ،180‬وقيد‬
‫حق الرهن أو تجديد القيد‪.‬‬
‫‪-‬للدائن أن يطالب بتأمين إذا خش ي افالس مدينه أو اعساره تطبيقا لنفس املادة املذكورة أعاله ‪:‬‬
‫" ‪ ...‬وله بوجه خاص أن يطالب بتأمين إذا خش ي إفالس املدين‪ ،‬أو عسره واستند في ذلك إلى‬
‫سبب معقول‪." ...‬‬
‫بالرغم من كون الالتزام املضاف إلى أجل موجود لكنه غير نافذ ويترتب على ذلك مايلي‪:‬‬
‫‪-‬ال يجوز للدائن أن يجبر املدين على وفاء الالتزام املؤجل قبل حلول ألاجل‪ ،‬فااللتزام املؤجل التزام‬
‫غير مستحق ألاداء‪ ،‬فهو ال يقبل التنفيذ الجبري‪.‬‬

‫‪ -180‬غير أنه ال يجوز له اللجوء للدعوى البوليصية ألن حقه غير مستحق ألاداء‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -‬ال يجوز للدائن أن يتمسك باملقاصة القانونية بين الحق املؤجل وبين ما قد ينشأ في ذمته‬
‫من دين ملدين‪ ،‬ألن املقاصة نوع من أنواع الوفاء الجبري‪ ،‬وال تقع إال بين دينين مستحقي‬
‫ألاداء‪ ،181‬فال تجراى املقاصة بين دين حال ودين آخر مؤجل‪.‬‬
‫‪ -‬ليس للدائن ممارسة حق حبس ما عنده ملدينه‪ ،‬ألن الحبس يكون في مجال الحق املستحق‬
‫ألاداء‪ ،‬والحق املضاف غلى أجل ليس مستحق بل واقف‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬ال يسري التقادم املسقط في الالتزام املضاف إلى أجل إال من وقت حلول ألاجل‪ ،‬ألنه قبل ذلك‬
‫ليس للدائن املطالبة بحقه‪.182‬‬
‫‪ -‬إذا وفى املدين وهو عالم باألجل فهو نزول منه على هذا ألاجل‪ ،‬وإذا كان يجهل قيام ألاجل‪ ،‬فله‬
‫الرجوع على الدائن بدعوى غير املستحق ليسترد ما أداه‪.183‬‬
‫‪ -2‬ألاجل الفاسخ‪:‬‬
‫يقتصر أثر ألاجل الفاسخ على مجرد وضع حد زمني ينتهي به الالتزام‪ ،‬وعليه فإن هذا‬
‫الالتزام قبل انتهاء هذا ألاجل الفاسخ موجود ونافذ ولكن مؤكد الزوال‪ ،‬فيكون للدائن حق‬
‫مستحق ألاداء‪ ،‬ويترتب عليه كل آثار الالتزام املنجز منذ لحظة نشوئه إلى غاية تحقق ألاجل‬
‫الفاسخ‪ ،‬فيجوز للدائن املطالبة به ويستطيع اتخاذ كل الوسائل التنفيذية لذلك‪ ،‬ويترتب على‬
‫تحققه زوال ذلك الالتزام دون أن يكون له اثر رجعي إعماال للمادة ‪ 0/000‬من ق م التي تنص‪" :‬‬
‫‪ ...‬ويترتب على انقااء ألاجل الفاسخ زوال الالتزام دون أن يكون لهذا الزوال أثررجعي"‪.‬‬

‫‪ -181‬راجع املادة ‪ 035‬ق م ‪.‬‬


‫ّ‬
‫‪ -182‬راجع املادة ‪ 907‬من ق م ج التي تنص‪ " :‬ال يبدأ سريان التقادم فيما لم يردفيه نص خاص إال من اليوم الذي يصبح فيه الدين‬
‫مستحق الاداء"‪.‬‬
‫‪ -183‬تنص في هذا الصدد املادة ‪ 027‬من ق م ج على أنه‪ " :‬ال يمكن للدائن أن يطالب بحق مؤجل قبل حلول أجله ّأما إذا تم الوفاء‬
‫معجال فال يجوز استرداد ما دفع حتى ولو كان املدين يجهل ألاجل وفي هذه الحالة يجوز للمدين أن يطالب في حدود الارر الالحق‬
‫به‪ ،‬برد مبلغ إلاثراء الذي حصل عليه الدائن بسبب هذا الوفاء املعجل"‪.‬‬
‫املالحظ أن املشرع في هذا النص منع املدين من الاسترداد في حالة قیامه بالوفاء املعجل‪ ،‬ولو كان یجهل ألاجل‪ ،‬ألن الدائن قد تسلم‬
‫حق مؤكد الوجود و له املصلحة في الاحتفاظ به حتى ال یحتاج إلى املطالبة به عند حلول أجله‪ ،‬مع تطبیق حكم الاثراء بال سبب بأن‬
‫یطالب الدائن برد مبلغ إلاثراء الذي حصل علیه بسبب هذا الوفاء املعجل‪ ،‬ویقتصر الدائن برد ما إستفاه بسبب الوفاء املعجل في‬
‫حدود ما لحق املدین من ّ‬
‫ضرر‪،‬‬

‫‪63‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ومثال ذلك عقد إلايجار وعقد املرتب مدى الحياة‪ ،‬حيث يزول الالتزام بانتهاء ألاجل‬
‫املحدد له‪ ،‬ويكون ذلك بالنسبة للمستقبل دون أن يكون له أثر رجع‪ ،‬ولكن بدل الايجار املستحق‬
‫عن املدة السابقة النقضاء ألاجل ولم يتم الوفاء بها تظل دينا على املستأجر املدين‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬في مرحلة ما بعد حلول ألاجل‬
‫تختلف هذه آلاثار باختالف نوع ألاجل واقف أم فاسخ‪.‬‬
‫‪-0‬حلول ألاجل الو اقف‬
‫بحلول ألاجل الواقف يصبح حق الدائن نافذا‪ ،‬ويكون على املدين التنفيذ بعد اعذاره من‬
‫الدائن‪ ،‬ولهذا ألاخير اجباره على الوفاء والتنفيذ العيني‪ ،‬ألن حقه أصبح مستحق ألاداء‪ ،‬وله أن‬
‫يتخذ من الوسائل التنفيذية ما يمكنه من الحصول على حقه‪ ،‬كما أنه بحلول هذا ألاجل تبدأ‬
‫مدة سريان التقادم املسقط‪ ،‬وتقع املقاصة بين هذا الحق وحق آخر‪ ،‬كما يجوز للدائن استعمال‬
‫الدعوى البوليصية‪.‬‬
‫ليس لحلول ألاجل الواقف للدين أثر رجعي‪ ،‬إذ أن ألاجل ال يسري بأثر رجعي‪ ،‬وإنما يعتبر‬
‫الحق نافذا ومستحق ألاداء من وقت حلول ألاجل الواقف وليس من وقت الاتفاق بين املتعاقدين‪.‬‬
‫‪-2‬حلول ألاجل الفاسخ‪:‬‬
‫فإن حلوله يؤدي إلى انقضاء الالتزام وبالتالي حق‬‫إذا كان الالتزام مضافا إلى أجل فاسخ‪ّ ،‬‬
‫الدائن بصفة تلقائية من دون حاجة إلى حكم من املحكمة‪ ،‬ففي البداية يكون حق الدائن‬
‫موجودا ونافذا قبل انقضاء ألاجل‪ ،‬ومستحق ألاداء من وقت نشأته ویبقى الحق قائما لكنه‬
‫محقق الزوال بحلول ألاجل‪184‬مثاله التزام شخص بأن یدفع ألخر مرتبا مدى الحیاة فهنا الالتزام‬
‫موجود ونافذ ومستحق ألاداء إلى أن ینقض ي بحلول ألاجل الفاسخ املحدد له‪ ،‬وهو موت الدائن‪،‬‬
‫ویتفق كل من الحق املضاف إلى أجل فاسخ واملعلق على شرط فاسخ في الوجود‬
‫والنفاذ‪،‬ویختلفان في كون أن الحق املعلق على شرط فاسخ‪ ،‬حق موجود على خطر الزوال‪ ،‬أما‬
‫الحق املقترن بأجل فاسخ حق مؤكد الزوال عند حلول ألاجل‪ ،‬فهو أضعف من الحق املعلق على‬
‫شرط فاسخ‪ ،‬لكن أقوى منه من ناحیة ألاثر الرجعي‪ ،‬حیث ال یزول بأثر رجعي‪ ،‬كما في الحق‬
‫املعلق على شرط فاسخ‪.‬‬

‫‪ -184‬السعدي دمحم صبري‪ ،‬الواضح في شرح القانون املدني الجزائري ‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬

‫‪64‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ويترتب على انقضاء ألاجل الفاسخ زوال الالتزام بالنسبة للمستقبل دون أن يكون له أثر‬
‫رجعي تطبيقا لنص املادة ‪ 0/000‬التي تنص‪ ... " :‬ويترتب على انقااء ألاجل الفاسخ زوال‬
‫الالتزام‪ ،‬دون أن يكون لها لهذا الزوال أثررجعي"‪.185‬‬
‫‪186‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬طرق انقااء ألاجل وسقوطه‬
‫يرتبط ألاجل بطبيعته بعنصر الزمن لذا فهو ليس مؤبد‪ ،‬وإنما سينتهي دون شك‪ ،‬لذا‬
‫يجب التفرقة في هذا الصدد بين حاالت انقضاء ألاجل( أوال) وحاالت سقوطه (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬طرق انقااء ألاجل‬
‫يعتبر حلول ألاجل الطريق الطبيعي النقضائه‪ ،‬سواء كان ألاجل واقفا أو فاسخا‪ ،‬ولكن قد‬
‫ينقض ي قبل حلوله بالتنازل عن ممن قرر ملصلحته‪.‬‬
‫‪ -0‬انقااء ألاجل بحلوله‬
‫ّإن حلول ألاجل واقفا كان أو فاسخا‪ ،‬يعتبر الطريق الطبيعي النقضائه‪ ،‬وحلول ألاجل‬
‫يكون ّإما بحلول التاريخ املحدد له‪ ،‬كأن يقترض شخص مبلغا من النقود ويتم تحديد التاريخ‬
‫الذي يتعين عليه الوفاء به‪ ،‬فإذا حل ذلك التاريخ تعين عليه تسديده‪ ،‬وقد يكون ألاجل املضروب‬
‫هو تحقق واقعة معينة أو أمر منتظر كالوفاة‪ ،‬العودة من السفر وغيرها‪ ،‬وإذا تحقق هذا ألامر‬
‫فإن ألاجل يعتبر قد ّ‬
‫حل وانقض ى‪.‬‬
‫وتجدر املالحظة أن ألاصل عند وفاة املدين هو حلول الدين املؤجل‪ ،‬واستاناء يبقى ألاجل‬
‫قائما في حالتين‪ ،‬إذا كان الدين مضمون بتأمين خاص‪ ،‬وإذا قدم الورثة ضمانا كافيا‪.‬‬
‫‪ -2‬انقااء ألاجل بالنزول عنه‬
‫يعتبر من أسباب انقضاء ألاجل التنازل عنه من قبل من له مصلحة فيه‪ ،‬سواء كان‬
‫الدائن أو املدين‪ ،‬ويقع ذلك بإرادته املنفردة ‪ ،‬وتظهر أهمية تحديد الطرف الذي تقرر ألاجل‬
‫ملصلحته‪ ،‬أنه إذا كان مقررا ملصلحة املدين فيجوز له النزل عنه‪ ،‬والوفاء بالدين قبل حلوله‪،‬‬
‫ويمنع على الدائن املطالبة بالدين قبل هذا الوقت‪ّ ،‬أما إذا كان ألاجل مقررا ملصلحة الدائن فله‬
‫املطالبة بالوفاء قبل حلوله‪ ،‬وليس للمدين التمسك بميعاد الوفاء‪ .187‬قد يتقرر ألاجل ملصلحة‬
‫الدائن واملدين معا‪ ،‬فال يستطيع ّ‬
‫أي منهما التنازل عنه بإرادته املنفردة‬

‫‪ -185‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪186‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation, Op,cit, p.p.302-303 .‬‬
‫‪ -187‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬

‫‪65‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ثانيا‪ -‬سقوط ألاجل‬


‫إذا كان انقضاء ألاجل يتم من خالل الاتفاق أو من خالل استنباطه من واقع وظروف‬
‫فإن سقوط ألاجل ال يكون إال في الحاالت الواردة في القانون وفي هذا‬ ‫الحال وطبيعة الالتزام‪ّ ،‬‬
‫الشأن تنص املادة ‪ 000‬من ق م على أنه‪ " :‬يسقط حق املدين في ألاجل‪:‬‬
‫‪-‬إذا شهرافالسه وفقا لنصوص القانون‪،‬‬
‫‪-‬إذا انقص بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص‪ ،‬ولو كان هذا التأمين‬
‫قد أعط ي بعقد الحق أو بمقتض ى القانون‪ ،‬هذا ما لم يفال الدائن أن يطالب بتكملة‬
‫ّ‬
‫التأمين ّأما إذا كان انقاص التأمين يرجع إلى سبب ال دخل للمدين فيه فإن ألاجل يسقط ما‬
‫لم يقدم املدين للدائن ضمانا كافيا‪،‬‬
‫‪ -‬إذا لم يقدم للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من تأمينات"‪.188‬‬
‫يتبين لنا من خالل النص أعاله أن ألاجل يسقط في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -0‬سقوط ألاجل بالحكم بإفالس املدين‬
‫يؤدي الحكم بإفالس املدين إلى حلول جميع ديونه املؤجلة على أن تخصم الفائدة عن‬
‫املدة الباقية‪ ،‬وذلك حتى ال يستقل بعض الدائنين بالحصول على حقوقهم على حساب غيرهم‬
‫من الدائنين‪ ،‬فإسقاط آجال الديون في هذه الحالة تقتضيه ضرورة تحقيق املساواة الفعلية بين‬
‫الدائنين‪ ،‬وذلك أن الديون املؤجلة إذا لم تحل‪ ،‬فإن أصحاب الديون الحالة والتي أعلن إلافالس‬
‫من أجلها سيستولون على كل أموال املدين‪ ،‬وبالتالي قد ال يبقى ش يء ألصحاب الديون املؤجلة‪.189‬‬
‫تجدر إلاشارة أن الحكم بشهر إفالس املدين ال يترتب عليه بالضرورة سقوط آجال‬
‫الديون‪ ،‬حيث قد تقض ي املحكمة باإلبقاء عليه بناء على طلب املدين‪ ،‬كما أن سقوط ألاجل‬
‫بشهر الافالس ال يتعدى أثره إلى املدين املتضامن مع املفلس أو إلى كفالئه‪ ،‬حيث يلتزم هؤالء‬
‫بالوفاء عند حلول ألاجل‪.190‬‬
‫‪ -2‬سقوط ألاجل لضعاف التأمينات الخاصة بامان الوفاء‬
‫يسقط حق املدين في ألاجل إذا أضعف بفعله إلى حد كبير ما ألعطى للدائن من تأمين ولو‬
‫أعطي بعقد الحق أو بمقتض القانون‪،‬فحتى يسقط ألاجل في هذا الفرض يجب‪:‬‬

‫‪ -188‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -189‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني و أحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.087‬‬
‫‪ -190‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.019‬‬

‫‪66‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪-‬أن يكون إلاضعاف متعلق بالتأمينات الخاصة التي تترتب عنها حقوق عينية كالرهن وحق‬
‫الامتياز‪ ،‬مهما كان مصدرها القانون‪ ،‬العقد‪ ،‬أو القضاء ‪ ،‬سواء كنت معاصرة أو الحقة لنشوء‬
‫الدين‪ ،‬لذلك ال يسقط ألاجل إذا تعلق ألامر بإضعاف الضمان العام‪ ،‬أو حقوق الامتياز‬
‫العامة‪.191‬‬
‫‪ -‬ال يكفي أي اضعاف لهذه التأمينات بل ينبغي أن يكون إلاضعاف معتبرا جسيما أي أن تصبح‬
‫قيمة التأمين أقل من قيمة الدين الذي يضمنه‪ ،‬بحيث ال يعطي للدائن ضمانا كافيا للحصول‬
‫على كامل حقه‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكةن اضعاف هذه التأمينات راجعا إلى فعل املدين‪ ،‬ويستوى أن يكون فعال عمدا كهدم‬
‫املدين عقار قدمه رهنا لقرض‪ ،‬أو يكون عن إهمال وتقصير املدين في الحفاظ على العقار الذي‬
‫قدمه رهنا لقرض‪.‬‬
‫ويترتب على هذا الفرض قيام حق الدائن في الخيار بين استيفاء حقه فورا نظرا لسقوط‬
‫ألاجل ‪ ،‬غير أن القانون أجاز له أن يطالب املدين بتأمين إضافي يكمل به التأمين ألاصلي مع بقاء‬
‫ألاجل‪ ،‬فنكون أمام التزام تخييري يكون فيه الخيار للدائن‪.‬‬
‫أما إذا كان إضعاف التأمينات راجع لسبب أجنبي عن إرادة املدين‪ ،‬كما لو تهدمالعقار‬
‫فإن ألاجل في هذا الفرض كذلك يسقط‪ ،‬ولكن‬ ‫املرهون بفعل قوة قاهرة‪ ،‬أو أفلس الكفيل‪ّ ،‬‬
‫للمدين منع سقوط ألاجل أو توقيه عن طريق تقديم تأمين كاف للدائن لضمان حقه‪ ،‬يعوض به‬
‫ضعف التأمين ألاول‪ ،‬فااللتزام هنا أيضا يكون تخييري‪ ،‬وحق الخيار يمارسه املدين‪.192‬‬
‫‪ -3‬سقوط ألاجل لتخلف املدين عن تقديم ما وعد من تأمينات‬
‫يكون املدين في هذا الفرض قد وعد بتقديم تأمين خاص‪ ،‬رهن أو كفالة‪ ،‬وهو ما حمل‬
‫الدائن منحه أجال للوفاء‪ ،‬فيخل املدين بوعده‪ ،‬فال يقدم التأمين املذكور فيكون هذا سببا في‬
‫سقوط ألاجل وحلول الدين‪ ،‬وسبب سقوط ألاجل واضحا بحيث لم يكن للدائن منح ذلك الاجل‬
‫لو ال تلك التأمينات التي وعد بها املدين‪.‬‬
‫‪ -4‬سقوط ألاجل ملوت املدين‬
‫لم ينص املشرع الجزائري على هذه الحالة صراحة‪ ،‬لكن يعتبر موت املدين سبب آخر‬
‫لسقوط ألاجل‪ ،‬بشرط أن ال يكون الدين مضمون بتأمينات عينية‪ ،‬ألنه في هذه الحالة يبقى‬

‫‪ -191‬راجع املواد ‪ 331‬وما بعدها من ق م‪.‬‬


‫‪ -192‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني و أحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.088‬‬

‫‪67‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫الدين موصوفا بين الدائن وورثة املدين‪ ،193‬لم ينص كذلك املشرع الفرنس ي على سقوط ألاجل‬
‫بموت املدين‪ ،‬بل ذكر فقط حالة الافالس وإضعاف التأمينات ‪.194‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫تعدد محل وأطراف الالتزام‬

‫ألاصل أن يكون الالتزام بسيطا سواء فيما يتعلق باستحقاقه‪ ،‬فيكون ناجزا غير معلقا على‬
‫ّ‬
‫شرط وال مضاف إلى أجل‪ ،‬أو فيما يتعلق بمحله بأن يكون ش يء واحدا ال تبرأ ذمة املدين إال إذا‬
‫أداه‪ ،‬وفيما يتعلق بأطراف الالتزام نكون أمام دائن واحد ومدين واحد فيما بينهما حقوق‬
‫والتزامات‪ ،‬غير أنه في بعض ألاحيان يرد محل الالتزام على عدة أشياء( املطلب ألاول)‪ ،‬كما قد‬
‫يقوم هذا الالتزام بين عدة أطراف ما يدفعنا لدراسة أحكام تعدد أطراف الالتزام( املطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫املطلب ألاول‬
‫تعدد محل الالتزام‬
‫ال يرتب تعدد محل الالتزام تعديل آثاره في كل ألاحوال‪ ،‬فااللتزام الذي يكون محله عدة‬
‫أشياء يلتزم املدين بأدائها كلها حتى تبرأ ذمته يبقى التزاما بسيطا رغم ذلك التعدد‪ ،‬وإنما الحاالت‬
‫التي يترتب عنها تعديل آثر الالتزام بتعدد املحل هي الحالة التي يرتبط فيها التعدد بحق في الاختيار‬
‫بين محالت متعددة فنكون أمام الالتزام تخييري ( الفرع ألاول) أو الحالة التي يكون فيها للمدين‬
‫أن يبدل التزام بآخر أي الالتزام البدلي ( الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع ألاول ‪ :‬الالتزام التخييري( خيارالتعيين)‬
‫تنص املادة ‪ 009‬ق م على أنه‪ " :‬يكون الالتزام تخييريا إذا شمل محله أشياء متعددة تبرأ‬
‫ذمة املدين براءة تامة إذا أدى واحدا منها‪ ،‬ويكون الخيار للمدين ما لم ينص القانون أو يتفق‬
‫املتعاقدان على غيرذلك"‪.195‬‬

‫‪ -193‬عامر دمحم الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام( آثار الحق في القانون املدني)‪ ،‬ومرجع سابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬
‫‪194‬‬
‫‪- FRANCOIS Terré, PHILIPPE Simler YVES Lequette et François chénedé, Droit civil, Les obligations, Op,cit,‬‬
‫‪p. 915.‬‬
‫‪ -195‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫انطالقا من املادة أعاله يمكن تعريف الالتزم التخييري على أنه الالتزام الذي يكون محله‬
‫عدة أشياء بحيث تبرأ ذمة املدين إذ أدى واحدا منها‪ ،196‬كأن يلتزم الشريك في شركة بتقديم‬
‫حصة من مال أو أرض أو عمل‪ ،‬أو أن يشترط الواهب على املوهوب له إسكانه أو إطعامه أو‬
‫ترتيب إيراد له‪ ،) ...‬يظهر من هذا النوع من الالتزامات أن الدائن يريد أن يضمن لنفسه التنفيذ‬
‫العيني لاللتزام‪ ،‬بحيث أنه حتى ولو تلف أحد املحال بقيت ألاخرى قابلة للوفاء بها‪،‬غير أن تحليل‬
‫مقتض ى املادة يقتض ي ابراز شروط صحة الالتزام التخييري( أوال)‪ ،‬وكذلك تحديد من له ألاحقية‬
‫في استعمال حق الخيار(ثانيا) ثم نتطرق ألحكام هالك محل الخيار( ثالثا) وكذلك لالثر الرجعي‬
‫الستعمال حق خيار التعيين( رابعا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬شروط صحة الالتزام التخييري‬
‫يشترط لصحة الالتزام التخييري‪ ،‬أو اللحاق وصف التخيير بااللتزام توافر الشروط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -0‬أن يتعدد محل الالتزام بأن يكون واردا على أكثر من ش يء‬
‫إذا لم يكن محل الالتزام متعددا أعماال لهذا الشرط لم يكن الالتزام موصوفا ‪ ،‬واشتراط‬
‫التعدد يكون بهدف تحقيق مكنة فعلية للخيار‪ ،‬ويستوي ألامر أن يرد التعدد على املثليات أو‬
‫القيميات‪ ،‬بحيث أن الوفاء بواحد منها يبرأ ذمة املدين‪ ،‬فيتحقق الالتزام التخييري ولو كان محل‬
‫هذا الالتزام حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتوفر في كل ش يء من ألاشياء املتعددة واملكونة ملحل الالتزام الشروط القانونية للمحل‬
‫يجب أن يكون كل محل من هذه املحال املتعددة موجودة وممكنة أو قابلة للتعيين‪،‬‬
‫ومشروعة‪ ،‬والحكمة من هذا الشرط هو احتمال وقوع الخيار على أي منها‪ ،197‬فإذا التزم املدين‬
‫بأحد أمرين أحدهما غير مشروع‪ ،‬فال يكون الالتزام تخييريا‪ ،‬بل هو في الحقيقة التزام بسيط‬
‫يقتصر محله علىذلك الذي توفرت فيه صالحية الالتزام به‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ال يلتزم املدين عند الوفاء إال بأداء واحد من املحال املتعددة أداء موفيا مبرأ لذمته‬
‫يجب أن يكون أحد الاشياء في محل الالتزام هو واجب ألاداء حتى تبرأ ذمة املدين‪ ،‬وعليه‬
‫إذا كانت كل الاشياء واجبة ألاداء كان الالتزام بسيطا وليس موصوفا تخييريا‪.‬‬
‫‪ - 196‬عرف كذلك على أنه‪:‬‬
‫‪« L’obligation est alternative lorsque le débiteur doit efectuer l’une ou l’autre des prestations qui sont‬‬
‫‪privues », Voir : CABRILLAC Remy, Droit des obligation,Op,cit,p. 279‬‬
‫‪ -197‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.237‬‬

‫‪69‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ثانيا‪ -‬أحقية استعمال خيار التعيين‬


‫ألاصل أن حق الاختيار ثابت ومقرر ملصلحة املدين وفقا ملا ورد في املادة ‪ 009‬ق م‬
‫التي تنص‪ ... ":‬ويكون الخيار للمدين ما لم ينص القانون أو يتفق املتعاقدان على غير ذلك"‬
‫ّ‬
‫‪ ،198‬وقد قيل أن هذه القاعدة ليست إال نتيجة لتطبيق املبدأ العام الذي يقض ي "بتفسير الشك‬
‫ملصلحة املدين"‪ ،‬ومن حيث أنها قاعدة منطقية تتماش ى مع وظيفة الالتزم التخييري كضمان‬
‫للوفاء‪ ،‬ومتى كان الاختيار للمدين ولم يفعل‪ ،‬أو تعدد املدينون إال أنهم لم يتفقوا‪ ،‬فإن للدائن في‬
‫هذه الحالة رفع ألامر إلى القاض ي الذي يحدد أجال للمدين ملباشرة اختياره‪ ،‬فإن لم يفعل بعدها‬
‫تولى القاض ي بنفسه الاختيار وهذا تطبيق للمادة ‪ 0/002‬ق م ج‪ ،‬هذا ويكيف الاختيار على أنه‬
‫تصرف بإرادة منفردة‪ ،‬مما يجب معه توافر شروط ذلك التصرف القانوني‪ ،‬ويترتب على حصول‬
‫الاختيار‪ ،‬أن ينقلب الالتزام التخييري إلى التزام بسيط وهذا منذ نشأة الالتزام ال من تاريخ وقوعه‪.‬‬
‫غير أنه يفهم من املادة أعاله أن الخيار غير مقيد باملدين‪ ،‬بل أجاز املشرع اتفاق‬
‫املتعاقدين على أن يكون الخيار للدائن‪ ،‬وهو اتفاق صحيح‪ ،‬قد يرد صراحة أو ضمنا‪ ،‬كاتفاق‬
‫أحد تجار الاقمشة على قيامه ببيع أحد عمالئه قماشا لصنع بدلة من أحد ثالثة اصناف من‬
‫القماش من متجره‪ ،‬فيستفاد ضمنيا أن البائع واملشتري اتفقا على أن الخيار للدائن املشتري‪،‬‬
‫وألن ألامر سواء بالنسبة للتاجر البائع‪.‬‬
‫وقد يكون حق الخيار للدائن بموجب نص قانوني‪ ،‬كما هو بالنسبة للدائن املرتهن‪ ،‬حيث‬
‫أعطاه القانون في حالة هالك العين املرهونة‪ ،‬إما الحصول على جديد‪ ،‬بدال من الذي هلك إما‬
‫املطالبة باستحقاق دينه ‪ ،199‬وفي الحالة التي يكون الاختيار بين املحال املتعدد للدائن ولم يفعل‪،‬‬
‫أو تعدد الدائنون‪ ،‬ولم يتفقوا فيما بينهم‪ ،‬كان للمدين أن يطلب من القضاء تعيين أجل للدائن‬
‫ملباشرة الاختيار‪ ،‬فإن لم يحصل ش يء من ذلك‪ ،‬آل أمر الاختيار إلى املدين باعتباره صاحب الحق‬
‫ألاصلي غعماال مللمادة ‪ 0/002‬ق م ج‪.‬‬
‫ولنا أن نتساءل إذا كان ممكنا أن يثبت الخيار لشخص أجنبي عن العقد؟‬
‫نص املشرع على أن يكون الخيار للمدين ما لم ينص القانون أو يتفق املتعاقدان على غير‬
‫ذلك‪ ،‬وورود عبارة ما لم يتفق املتعاقدان على غير ذلك توحي بجواز أن يكون الخيار لغير املدين‬
‫كالدائن أو أي شخص أجنبي‪ ،‬إما أن يكون خبيرا غير منتم ألي من الطرفين‪.‬‬

‫‪ -198‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -199‬راجع املادة ‪ 0/000‬و املادة ‪ 311‬من ق م‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ثالثا‪ -‬أحكام الهالك في الالتزام التخييري‬


‫تنص املادة ‪ 007‬ق م على أنه‪ " :‬إذا كان الخيار للمدين‪ ،‬ثم استحال تنفيذ كل من‬
‫ألاشياء املتعددة التي اشتمل عليها محل الالتزام‪ ،‬وكان املدين مسؤوال عن هذه الاستحالة ولو‬
‫فيما يتعلق بواحد من هذه الاشياء‪ ،‬كان ملزما بدفع آخرش يء"‪. 200‬‬
‫باستقراء النص يمكن أن نستنتج أهم الحاالت املرتبطة بالهالك فقد تكون حالة‬
‫هالك محل الالتزام وخيار التعيين للمدين‪ ،‬فإذا كان الاختيار للمدين وهلك واحد من املحال‬
‫أوكلها فالحكم يختلف باختالف من كان سبب فيالهالك‪ ،‬فلو كان بسبب املدين يكون للدائن‬
‫قبول الش يء الثاني‪ ،‬ألن الالتزام يتركز في الش يء الذي لم يهلك مادام الخيار للمدين‪ ،‬ونفس‬
‫الحكم إذا هلك أحد الشيئين بسبب أجنبي‪ ،‬حيث يحق للمدين اجبار الدائن قبول الش يء الذي‬
‫لم يهلك‪ ،‬ويرد هنا التساؤل حول جواز دفع املدين قيمة الش يء الهالك‪ ،‬ما دام هو صاحب‬
‫الخيار‪ ،‬والاجابة هي بالنفي ألن التخيير ينصب على الاشياء وليس على قيمتها‪ ،201‬أما إذا هلكت‬
‫جميع محل العقد بسبب املدين أو أحداهما بسبب املدين وآلاخر بسبب أجنبي فعلى املدين أن‬
‫يدفع قيمة آخر ش يء هلك‪ ،‬أما إذا هلك أحد الشيئين بخطأ الدائن للمدين أن يختار الش يء‬
‫الهالك ‪ ،‬عندئذ يعتبر ادائن قد استوفى حقه ‪ ،‬وتبرا ذمة املدين‪ ،‬كما للمدين اختيار الش يء الذي‬
‫لم يهلك ليسلمه للدائن‪ ،‬وكان يتعين على هذا ألاخير أن يدفع قيمة الش يء الذي هلك بخطئه‪.‬‬
‫ّأما حالة إذا هلك محل الالتزام وخيار التعيين للدائن فإنه إذا هلك أحد الشيئين‬
‫بسبب أجنبي يتركز الاختيار على املتبقى منها‪ ،‬أما إذا كان بخطأ املدين‪ ،‬فللدائن أن يختارا لش يء‬
‫الهالك فيرجع بقيمته أو أن يختار أحد الاشياء الباقية‪.202‬‬
‫رابعا‪ -‬ألاثر الرجعي الستعمال حق خيارالتعيين‬
‫يكون الستعمال خيار التعيين أثر رجعي‪ ،‬بمعنى أنه يعتبر الالتزام منذ نشأته منحصرا في‬
‫محل واحد‪ ،‬فإذا كان الالتزام هو نقل ملكية أحد شيئين‪ ،‬ثم وقع الخيار على أحدهما ّ‬
‫فإن الدائن‬
‫يصبح مالكا لهذا الش يء ال من وقت الخيار بل من وقت انعقاد العقد إن كان شيئا منقوال معينا‬
‫بالذات‪ ،‬ويترتب على ألاثر الرجعي ما يلي‪:‬‬

‫‪ -200‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -201‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.710‬‬
‫‪ -202‬راجع حاالت أخرى واردة في مرجع ‪ :‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني( دراسة مقارنة بين الفقه الاسالمي‬
‫والقوانين املدنية الوضعية )‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.050‬‬

‫‪71‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪-‬إذا أفلس البائع قبل تعيين الش يء من قبل املشترى‪ ،‬فمن حق هذا ألاخير استرداد الش يء الذي‬
‫وقع اختياره عليه من التفليسة‪ ،‬ألنه يعد مالكا له من وقت ابرام العقد ال من وقت تعيين الش يء‪.‬‬
‫‪ -‬إذا تصرف من له الخيار في الش يء‪ ،‬وكان مازال لم يستعمل حقه في الخيار‪ ،‬ثم اختار الش يء‬
‫ذاته‪ ،‬فإن تصرفه يقع صحيحا‪ ،‬وليس تصرف في ملك الغير‪.‬‬
‫‪-‬إذا كان الخيار للمشتري‪ ،‬وقام البائع ببيع أحد الاشياء محل الالتزام التخييري قبل الاختيار‪،‬‬
‫ووقع اختيار املشتري على ما باعه‪ ،‬جاز للمشترى استرداده من املشترى الثاني ما لم يكن حسن‬
‫النية‪.‬‬
‫‪ -‬ثمار الش يء قبل الاختيار تكون للمشتري ‪ ،‬ألنه املالك من وقت العقد ال الخيار‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الالتزام البدلي‬
‫ّ‬
‫تنص املادة ‪ 006‬ق م على أنه‪ " :‬يكون الالتزام اختياريا إذا لم يشمل إال شيئا واحدا‬
‫ولكن تبرأ ذمة املدين إذا أدى بدال منه شيئا آخر"‪.203‬‬
‫ّ‬
‫يكون الالتزام بدليا حسب النص إذا لم يكن محله إال شيئا واحدا‪ ،‬ولكن تبرأ ذمة املدين‬
‫إذا أدى ش يء آخر‪ ،‬فهو التزام ينبغي أن يكون له محل واحد هو املحل ألاصلي‪ ،‬ويقوم محل هذا‬
‫املحل ألاصلي ش يء آخر بديال عنه هو املحل البدلي‪ ،204‬ومثال ذلك إذا أقرض الدائن املدين مبلغا‬
‫من النقود‪ ،‬واتفق معة أنه عند حلول ألاجل‪ ،‬إذا لم يشأ أن يرد مبلغ القرض يقدم له قطعة‬
‫أرض‪ ،‬فيكون مبلغ النقود هو املحل الاصلي وتكون قطعة الارض هي البديل‪ ،‬ويجب أن تتوفر في‬
‫ّ‬
‫املحل جميع الشروط القانونية وإال كان باطال‪.‬‬

‫‪ -203‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪204‬‬
‫‪- Le code civil francais ne prevoit pas cette modalité, mais les partie sont libres de l’envisager. Dans‬‬
‫‪l’obligation facultative, une seule chose est due, mais le dibiteur a la faculté de se libérer en exécutant une‬‬
‫‪autre prestation.Voir : CABRILLAC Remy, Droit des obligation,Op, cit, p. 280.‬‬

‫‪72‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫أوال‪ -‬مصدر الخيار في الالتزام البدلي‬


‫قد يكون مصدر الخيار في الالتزام البدلي هو اتفاق املتعاقدان كما هو في العربون‪ ،‬ففي‬
‫عقد البيع بالعربون يكون املحل الاصلي هو املبيع‪ ،‬ويكون مبلغ العربون إذا اتفق الطرفين في‬
‫داللته على أنه جزاء للعدول هو املحل البدلي‪ ،‬فعندما يطالب أحدهما بتنفيذ التزامه فاملطالب‬
‫منه الخيار في أن يؤدي العربون أو ألتزامه الاصلي فتبرا ذمته فيقوم العربون مقام املحل‬
‫الاصلي‪. 205‬‬
‫وقد يكون مصدر الخيار هو إلارادة املنفردة كأن يوص ي شخص آلخر بش يء معين‪ ،‬ويجيز في‬
‫الوصية للورثة اعطائه مبلغا من النقود بدال من الش يء محل الوصية‪ ،‬فيترتب بذلك على الورثة‬
‫التزام أصلي باعطاء املوص ى له الش يء املوص ى به مع امكانية استبداله بمبلغ من النقود‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬طبيعة الالتزام البدلي‬
‫يعتبر املحل ألاصلي وحده من يحدد طبيعة الالتزام البدلي وليس البدل‪ ،‬ألنه هو الواجب‬
‫الاداء‪ ،‬ويترتب على هذه الفكرة‬
‫ّ‬
‫‪ّ -‬أن الدائن ال يستطيع املطالبة إال بمحل الالتزام ألاصلي‪ ،‬بينما يحق للمدين أن يفي باملحل‬
‫ألاصلي لاللتزام أو البدل‪.‬‬
‫‪ -‬محل الالتزام ألاصلي هو الذي يحدد املحكمة املختصة في النزاع‪ ،‬فإذا كان املحل عقارا‪ ،‬كانت‬
‫محكمة موقع العقار هي املختصة‪ ،‬حتى ولو كان البدل منقوال‪.‬‬
‫‪-‬إذا كان محل الالتزام ألاصلي غير مشروعا أو مستحيال‪ ،‬فااللتزام ال ينشأ حتى ولو كان البدع‬
‫مشروعا‪.‬‬
‫‪-‬إذا هلك محل الالتزام ألاصلي بسبب أجنبي برأت ذمت املدين‪ ،‬وال يكون ملزما تقديم البدل ‪.‬‬
‫مما سبق أن أهم ما يميز الالتزام البدلي عن الالتزام التخييري هو أن محل الالتزام‬ ‫يتضح ّ‬
‫البدلي هو الش يء ألاصلي وحده مع اعطاء املدين الحق في الوفاء ببدل عنه‪ ،‬بينما يكون املحل في‬
‫ّ‬
‫الالتزام التخييري هو عدة أشياء و إن كان الوفاء ال يتم أال بواحد منها‪ ،‬وذلك وفقا ملا يختاره‬
‫صاحب الحق في الخيار التعيين‪.‬‬

‫‪ -205‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني( دراسة مقارنة بين الفقه الاسالمي والقوانين املدنية الوضعية )‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.052‬‬

‫‪73‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫املطلب الثاني‬
‫تعدد أطراف الالتزام‬
‫ألاصل في الالتزام أن يكون بسيطا ألنه رابطة مالية بين شخصين دائن ومدين‪ ،‬ولكن قد‬
‫يتعدد أطراف هذه الرابطة‪ ،‬يتعدد الدائنون أو يتعدد املدينون‪ ،206‬أو قد يتعددوا معا في الوقت‬
‫عندئذ يوصف الالتزام بأنه مشترك أو متعدد ألاطراف‪ ،‬وقد يقوم هذا التعدد وقت نشوء‬ ‫ٍ‬ ‫ذاته‪،‬‬
‫الالتزام‪ ،‬أو يطرأ فيما بعد‪ ،‬ويتحقق ذلك مثال حالة وفاة عن عدة ورثة‪ ،‬فينقسم الحق بينهم‪.‬‬
‫ووجود التعدد في أطراف الالتزام ال يعني بالضرورة أن الالتزام موصوفا‪ ،‬باعتبار ألاصل‬
‫أنه إذا تعدد أطراف الالتزام فإنه ينقسم بينهم‪ ،207‬وأحيانا يبقى الالتزام واحدا وال ينقسم وذلك‬
‫في حالتي الالتزام التضامني وحالة التضامن هي وصف يرد على أطراف الالتزام عند‬
‫تعددهم‪،‬فيكون‬
‫تضامنا ايجابيا بين الدائنين هدفه تسهيل استيفاء الدين من املدين ( الفرع ألاول)‪ ،‬أو تضامنا‬
‫سلبيا بين املدينين ( الفرع الثاني)‪ ،‬وقد يبقى الدين واحدا وال ينقسم في حالة عدم قابلية الدين‬
‫لالنقسام(الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬التاامن بين الدائنين(التاامن الايجابي)‬
‫أورد املشرع الجزائري هذا النوع من التضامن في املادة ‪ 005‬ق م ج التي تنص على أنه‪ " :‬إذا‬
‫كان التاامن بين الدائنين جاز للمدين الوفاء بالدين ألي منهم ما لم يمانع أحدهم في‬
‫‪208‬‬
‫ذلك‪"...‬‬
‫والتضامن بين الدائنين هو نظام قانوني‪ ،‬يكون بموجبه لكل دائن الحق في مطالبة املدين‬
‫في كل الدين‪ ،‬فتبرأ ذمة املدين إذا قام بالوفاء بالدين ألي من الدائنين املتضامنين‪ ،209‬فيقوم هذا‬
‫النوع من التضامن إذا كان لكل الدائنين في حالة تعددهم الحق في استيفاء كامل الدين من‬
‫املدين‪ ،‬وكان للمدين الحق في الوفاء بكل الدين ألي من الدائنين‪ ،‬على أن يرد الدائن الذي استوفى‬
‫الدين كله لكل واحد من الدائنين نصيبه من الدين مهما كان مصدره(أوال)‪ ،‬وإذا قام املدين‬
‫بالوفاء برأت ذمته تجاههم جميعا وهو من بين آثره أو أحكامه( ثانيا)‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation,Op,cit, p. 282.‬‬
‫‪207‬‬
‫‪-Ibid.‬‬
‫‪ -208‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -209‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .702‬راجع أيضا‪:‬‬

‫‪74‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫أوال‪ -‬مصادر التاامن بين الدائنين‬


‫تنص املادة ‪ 005‬على أنه‪ " :‬التاامن بين الدائنين أو املدينين ال يفترض‪ ،‬و إنما يكون‬
‫بناء على اتفاق أو نص القانون"‪ ،210‬بناء على النص قد يكون مصدر التضامن الاتفاق أو‬
‫القانون‪.‬‬
‫‪ -0‬الاتفاق كمصدرللتاامن الايجابي‬
‫وجود التضامن بين الدائنين ال يفترض‪ ،‬ولكن يجب الاتفاق عليه صراحة أو ضمنا‬
‫يستنبط من ظروف العقد‪ ،‬على أن ال يدع مجاال للشك حول داللته في انصراف إرادة الدائنين‬
‫إليه‪ ،،‬وهذا لكونه يشكل استاناء عن الاصل العام املتضمن استقالل كل دائن في الحق‪،‬‬
‫وباعتباره كلك يجب أن يرد الاتفاق عليه‪ ،‬وعليه فالتضامن مشروط وليس مفروض‪ ،211‬ومثاله‬
‫بيع مال معين على الشيوع ملشتر واحد‪ ،‬فالتضامن ال يفترض بل يجب التفاق بيع هؤالء املالك‬
‫على الشيوع كدائنين بالثمن‪ ،‬وباعتباره كذلك فإنه يجوز لصاحب املصلحة أن يتنازل عنه‪،‬‬
‫فيزول التضمن بالنسبة له فقط مع بقائه بالنسبة لبقية الدائنين‪ ،‬وبموج هذا التنازل سيطالب‬
‫املدين بحقه وحده دون حقوق بقية الدائنين آلاخرين‪.‬‬
‫‪ -2‬القانون كمصدرللتاامن الايجابي‬
‫املالحظ في هذا املصدر‪ ،‬أن أغلبية الفقه تجمع علة أن القانون ال يمكن أن يكون مصدرا‬
‫للتضامن بين الدائنين‪ ،‬ألنه ال يوجد أي حالة تضامن نص عليها القانون ‪ ،212‬غير أن هذا النظام‬
‫معروف في الفقه الاسالمي في شركة املفاوضة وشركة ألاعمال‪ ،‬فاألولى تعتبر شركة يضع فيها‬
‫الشركاء حصصا متساوية وإذا باعوها‪ ،‬كان التضامن بينهم في املطالبة بالثمن‪ ،‬أما الثانية فهي‬
‫الشركة التي يعتبر رأس مالها عمل الشركاء الذين يتضامنون في املطالبة بأجرة هذا العمل‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أحكام التاامن بين الدائنين‬
‫نتطرق لهذه ألاحكام من خالل دراسة العالقة التي تحكم الدائنين باملدين‪ ،‬وتلك التي‬
‫تحكمهم فيما بينهم وذلك تكريسا ملجموعة من املبادئ‪.‬‬
‫‪ -0‬املبادئ التي تحكم عالقة الدائنين باملدين‬
‫تحكم العالقة بين الدائنين املتضامنين واملدين مجموعة من املبادئ وهي‪:‬‬

‫‪ -210‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني ‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -211‬عامر محمود الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام ‪ -‬آثار الحق في القانون املدني‪ (-‬دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق‪.090 ،‬‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني و أحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪ -212‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬

‫‪75‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫أ‪ -/‬مبدأ وحدة الدين( وحدة محل ا التزام)‬


‫يقصد بوحدة الدين بين الدائنين املتضامنين‪ ،‬أن الدائن بصورة منفردة أو بصورة‬
‫مجتمعة مع غيره من الدائنين آلاخرين يملك الحق في مطالبة املدين بكامل الدين‪ ،213‬بغض‬
‫النظر عن حصته وحصة بقية الدائنين من الالتزام‪ ،‬فيعتبر الدين بالنسبة لهم وحدة غير مجزأة‪،‬‬
‫وهو ما نص عليه املشرع الجزائري في املادة ‪ 003‬ق م التي تنص‪ " :‬يجوز للدائنين املتاامنين‪،‬‬
‫مجتمعين أو منفردين‪ ،‬مطالبة املدين بالوفاء ‪ ،214"...‬فميزته أنه يؤدي إلى عدم تجزئة الدين‬
‫على عدد الدائنين‪ ،‬بل يحق لكل دائن أن يطالب املدين بكل الدين‪،‬غير أن هذا التضامن إلايجابي‬
‫نادر الوقوع في الواقع العملي‪ ،‬ثم إنه يمثل خطرا على بقية الدائنين‪ ،‬فالدائنون يستطيعون‬
‫الوصول إلى نفس نتيجة التضامن إلايجابي عن طريق اللجوء إلى عقد الوكالة‪ ،‬ويمثل هذا‬
‫التضامن خطرا عليهم فيما لو كان الدائن الذي استوفى الدين كله سيئ النية أو أعسر فيما بعد‪،‬‬
‫لهذا يكون التضامن إلايجابي باالتفاق كما أسلفنا‪ ،‬وال يفترض‪.‬‬
‫كما يقصد من وحدة الدين في هذا الفرض أن للمدين أن يوفي دينه إلى أي من الدائنين‬
‫املتضامنين‪ ،‬كما نصت عليه املادة ‪ 005‬ق م التي تقض ي أنه‪ " :‬إذا كان التاامن بين الدائنين‬
‫جاز للمدين الوفاء بالدين ألي منهم ما لم يمانع أحدهم في ذلك"‪ ،215‬غير أنه ترد استاناءات‬
‫على مبدأ وحدة املحل أو الدين‪،‬تتعلق ب‪:‬‬
‫(‪-)0‬حالة وفاة أحد الدائنين املتاامنين‪ :‬يترتب عليها انقسام الدين بين ورثته‪ ،‬بحيث ال يوفي‬
‫ّ‬
‫املدين ألي من الورثة إلال بقدر حصته من الدين‪ ،‬وليس للي من ورثة الدائن املتضامن أن‬
‫يطالب املدين إال بقدر حصته‪ّ ،‬أما بالنسبة لبقية الدائنين فإن وحدة الدين تظل تحكم العالقة‬
‫بينهم وبين املدين‪.216‬‬
‫(‪ -)2‬ممانعة أحد الدائنين وفاء املدين لدائن آخر ‪ :‬يعتبر انقضاء الدين بالنسبة للدائنين‬
‫ّ‬
‫جميعا إذا قام املدين بوفائه ألي منهم‪ ،‬مقيدا بأال يكون قد مانع أحدهم في ذلك حسب ما تنص‬
‫عليه املادة ‪ 005‬ق م التي تقض ي أنه‪ ... " :‬جاز للمدين الوفاء بالدين ألي منهم ما لم يمانع‬
‫أحدهم في ذلك"‪.217‬‬
‫‪213‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation,Op,cit, p .284.‬‬
‫‪ -214‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني ‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -215‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -216‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.029‬‬
‫‪ -217‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ب‪ -‬مبدأ تعدد الروابط‬


‫وحدة الدين ال تمنع ال تمنع من وجود روابط متعددة بين الدائنين واملدين‪ ،‬تختلف فيما‬
‫بينها وتستقل عن بعضها البعض‪ ،‬فقد يكون حق أحد الدائنين معلق على شرط أو مضاف إلى‬
‫أجل وهو ما يمكن أن نستنتجه من املادة ‪ 003‬ق م التي تنص‪ ... " :‬مطالبة املدين بالوفاء على‬
‫أن يراعي في ذلك ما يلحق رابطة كل دائن من وصف"‪ ،218‬وبناء على هذا التعدد ال يجوز للمدين‬
‫إذا طالبه أحد الدائنين املتضامنين أن يحتج عليه بأوجه الدفع الخاصة بدائن آخر ‪ ،‬كوجود‬
‫مقاصة أو ابراء‪ ،‬وإنما له فقط أن يتمسك بأوجه الدفع املشتركة كما لو كان مصدر الالتزام باطل‬
‫وغيرها‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪ 003‬ق م ‪ ..." :‬وال يجوز للمدين إذا طالبه أحد الدائنين املتضامنين بالفاء‬
‫أن يعارضه بأوجه الدفع الخاصة بغيره‪ ،‬ولكن يجوز له أن يعارض الدائن املطالب بأوجه الدفع‬
‫الخاصة به‪ ،‬وبالتالي يشترك فيها جميع الدائنين"‪.219‬‬
‫ج‪-‬مبدأ النيابة التبادلية‬
‫يترتب عن حالة التضامن بين الدائنين فيما يتعلق بعالقتهم مع املدين ّأن النظام القانوني‬
‫الذي ينظم قيام أحدهم باستيفاء كل الدين منه‪ ،‬هو نظام النيابة التبادلية‪ ،‬وهي نيابة قانونية‬
‫ذات أثر قاصر على املنفعة دون املضرة ‪ ،‬ومن التصرفات النافعة التي يمكن أن يقوم بها دائن‬
‫واحد ويستفيد منها جميعهم‪ ،‬الاعذار الذي يوجهه أحد الدائنين إلى املدين للوفاء مثال فيعد‬
‫وكأنه صدر منهم جميعا‪ ،‬ونفس الحكم يصدق على إلاقرار بالدين واملصلحة فيه‪ ،‬وقطع التقادم‪،‬‬
‫أما تصرفات الدائن الضارة لسواه من الدائنين‪ ،‬فتسري عليه وحده دون باقي الدائنين‪ ،‬كابراء‬
‫املدين‪ ،‬كما نصت على ذلك املادة ‪ 0/001‬من ق م ‪ ... " :‬ال يجوز ألحد الدائنين املتاامنين أن‬
‫يقوم بعمل من شأنه إلاضرار باآلخرين"‪.‬‬
‫‪ -2‬املبادئ التي تحكم العالقة بين الدائنين املتاامنين فيما بينهم‬
‫تنص املادة ‪ 000‬ق م على أنه‪ " :‬كل ما يستوفيه أحد الدائنين املتاامنين من الدين‪،‬‬
‫يصير ملكا لجميع الدائنين وتقسم بينهم حسب حصصهم‪.‬‬
‫وتكون القسمة بينهم بالتساوي ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقض ي بغيرذلك"‬
‫| نستنتج من النص أن أهم مبدأ يحكم العالقة بين الدائنين املتضامنين هو مبدأ انقسام‬
‫الدين بينهم ‪ ،‬بمعنى أنه على الدائن الذي استوفى الدين أن يوزعه على البقية من الدائنين كل‬

‫‪ -218‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني ‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -219‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫بحسب حصته ومقدارها بالنسبة للدين‪ ،‬وتحديد مقدار كا دائن من الدين يكون باالتفاق بينهم‬
‫أو بنص القانون‪ ،‬وإذا لم يوجد نص وال اتفاق قسم الدين بينهم بالتساوي‪.‬‬
‫يكون للدائنين املتضامنين الرجوع على بعضهم إما بدعوى الوكالة إذا توفرت‪ ،‬الفضالة‬
‫إذا استحال ثبوت عقد الوكالة‪ ،220‬في حين ال يتصور دعوى الحلول بداهة في التضامن الايجابي ‪،‬‬
‫ّ‬
‫ألن الحلول ال يتصور إال في الوفاء عن الغير ال في الاستيفاء عن الغير‪.221‬‬
‫الفرع الثانيي‪ :‬التاامن بين املدينين( التاامن السلبي)‬
‫التضامن السلبي معناه أن يكون كل مدين عند تعددهم مسؤول قبل الدائن عن كل‬
‫الدين‪ ،‬ووفاءه هذا مبرأ لذمته ولذمة سائر املدينين‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 000‬ق م على أنه‪ " :‬إذا‬
‫كان التاامن بين املدينين فإن وفاء أحدهم للدين مبرئ ذمة الباقين"‪ ،222‬وعليه يكون للدائن‬
‫مطالبة أي منهم شاء بكل الدين‪ ،‬بالرغم من قابلية املحل الالتزام لالنقسام‪.‬‬
‫عرف كذلك تضامن املدینين على أنه الحالة التي یكون فيها عدة أشخاص ملتزمين تجاه‬
‫الدائن بنفس الدین بحیث یستطیع الدائن أن یطالب أیا منهم بكل الدین‪ ،‬فإذا استوفاه أو وفى‬
‫إیاه أي مدین منهم برأت ذمة سائر املدینين‪ ،‬على أن یكون ملن وفى الدین الرجوع على آلاخرین كل‬
‫بقدر نصیبه‪ ،223‬ويمثل التضامن السلبي وسيلة فعالة بيد الدائن الذي يخش ى إعسار أحد‬
‫مدينيه مهما كان مصدر هذا التضامن( أوال)‪ ،‬ألنه يستطيع مطالبة أيا منهم بكل الدين‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن من آثار التضامن بينهم هو منع انقسام الدين فيما بين الدائن واملدينين‬
‫املتضامنين(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مصادرالتاامن بين املدينين‬
‫التضامن السلبي يخص حالة تعدد املدينين‪ ،‬وهو كذلك وصف يلحق الالتزام‪ ،‬وألاصل إذا‬
‫تعددوا هو انقسام ا التزام بينهم‪ ،‬بمعنى تعدد الالتزامات بقدر عددهم‪ ،‬ولو كانت هذا الالتزامات‬
‫قد نشأت عن مصدر واحد‪ ،‬وبالتالي إذا أرادوا على قاعدة انقسام الدين بينهم قبل الدائن فالبد‬
‫من اتفاق أو نص في القانون‪ ،‬على اعتبار أن هذا الوصف وهو التضامن ال يفترض كما هو‬
‫بالنسبة للدائنين‪ ،‬وهو ما أكدته املادة ‪ 005‬ق م املذكورة أعاله‪.‬‬

‫‪ -220‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.709‬‬
‫‪ -221‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.027‬‬
‫‪ -222‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني ‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -223‬سعید جبر‪ "،‬الالتزام التاامني‪ ،:‬مجلة القانون والاقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ، 69‬القاهرة‪ ،0333 ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪78‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪-0‬الاتفاق كمصدر للتاامن بين املدينين‬


‫يجوز أن يرد الاتفاق على التضامن إما في العقد ألاصلي أو في اتفاق الحق‪،‬صراحة أو‬
‫ضمنا يستخلص من الظروف‪ ،‬شرط أن تكون قاطعة الداللة عليه‪ ،‬كما لو بيع عقار ملجموعة‬
‫من الاشخاص دون أن تحدد حصة كل واحد فيه أو في الثمن‪ ،‬فال یجوز استخالص تضامن‬
‫املشترین في الوفاء بالثمن‪ ،‬بل یجب اعتبارهم متساوین في الحصص‪ ،‬ومن ثم یكون لكل منهم‬
‫نصيب في العقار على الشیوع‪ ،‬وعلى كل منهم حصته في ثمنه‪ ،‬فإذا أراد البائع بعد انقسام الدین‬
‫عليهم أن یكونوا متضامنين في الوفاء بالثمن فعلیة أن یشترط ذلك عليهم بوضوح وال یترك مجاال‬
‫للشك في ذلك‪.224‬‬
‫‪ -2‬القانون كمصدر للتاامن بين املدينين‬
‫قد يكون القانون هو املصدر املنش ئ لحالة التضامن بين املدينين‪ ،‬وذلك العتبارات يراها‬
‫املشرع عادلة في ايجاد هذا الوصف‪ ،225‬ففي مجال املسؤولية التقصيرية نص املشرع الجزائري في‬
‫املادة ‪ 006‬ق م على أنه‪ " :‬إذا تعدد املسؤولون عن عمل ضار كانوا متاامنين في التزامهم‬
‫ّ‬
‫بتعويض الارر‪ ،‬وتكون املسؤولية فيما بينهم بالتساوي إال إذا عين القاض ي نصيب كل منهم‬
‫في الالتزام بالتعويض"‪ ، 226‬ويقوم التضامن كذلك في حالة تعدد الفضوليون‪ ،‬بحيث تنص‬
‫املادة ‪ 9/072‬على أنه‪ " :‬وإذا تعدد الفاوليون في القيام بعمل واحد‪ ،‬كانوا متاامنين في‬
‫املسؤولية"‪.227‬‬

‫‪ -224‬عبد النبى شاهين إسماعیل‪ ،‬أحكام مطالبات املدینين املتاامنين بالدین في القانون املدني‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقه إلاسالمي‪،‬‬
‫دار الجامعة الجدیدة‪ ،‬إلاسكندریة‪ ،0116 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ --225‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني( دراسة مقارنة بين الفقه الاسالمي والقوانين املدنية الوضعية )‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪ -226‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -227‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫لقد توسع املشرع الجزائري في النص على حاالت التضامن سواء في القانون املدني‪ 228‬أو‬
‫القانون التجاري‪.229‬‬
‫ثانيا‪ -‬أحكام التاامن بين املدينين‬
‫نتطرق لهذه ألاحكام من خالل دراسة العالقة التي تحكم املدينين بالدائن‪ ،‬وتلك التي‬
‫تحكمهم فيما بينهم وذلك تكريسا ملجموعة من املبادئ‪.‬‬

‫‪ -0‬املبادئ التي تحكم عالقة املدينين بالدائن‬


‫تحكم العالقة بين املدينين والدائن موجموعة من ألافكار واملبادئ‬
‫أ‪-‬مبدأ وحدة محل الالتزام أو الدين‬
‫املقصود بمبدأ وحدة محل الالتزام وحدة الدين الي يلتزم به كل مدين من املدينين في‬
‫مواجهة الدائن‪ ،‬فهو دين واحد ال يقبل الانقسام بالنسبة لدائ‪ّ ،‬‬
‫مما يعني أن كل من املدينين‬
‫يلتزم بوفائه كامال‪ ،‬ومن النتائج املترتبة على هذا املبدأ‪:‬‬
‫(‪-)0‬املطالبة بالدين‪ :‬بحيث يحق للدائن مطالبة املدينين املتضامنين بالدين‪ ،‬سواء منفردين أو‬
‫مجتمعين تطبيقا للمادة ‪ 009‬ق م التي تنص على أنه‪ ":‬يجوز للدائن مطالبة املدينين املتاامنين‬
‫مجتمعين أو منفردين‪ ،230"....‬وبموجب هذا النص له مطالبة أحدهم فقط‪ ،‬بعضهم‪ ،‬أو‬
‫م طالبتهم جميعا‪ ،‬وإذا طالب الدائن أحدهم أو بعضهم ولم يستوفي حقه كامال له الحق في‬
‫مطالبة باقي املدينين‪.‬‬
‫(‪ -)2‬الوفاء بالدين‪ :‬للدا ئن الحق في الرجوع على أحد املدينين‪ ،‬بعضهم‪ ،‬جميهم للمطالبة بالوفاء‬
‫بكامل قيمة الدين‪ ،‬وإذا تم الوفاء من احدهم برأت ذممهم جميعا تجاه الدائن حيث نصت املادة‬
‫‪ 000‬ق م على أنه‪ " :‬إذا كان التاامن بين املدينين فإن وفاء أحدهم مبرئ ذمة البقية"‪ ،231‬وإذا‬
‫تم الوفاء بجزء من الدين كان للدائن الرجوع باملتبقى من قيمة الدين فقط‪.‬‬

‫‪ -228‬راجع املواد ‪ 9/751‬بالنسبة للوكيل ونائبه‪ ،‬واملادة ‪ 665‬بالنسبة لحالة تعدد الكفالء في الكفالة القانونية والقضائية‪ ،‬املادة ‪772‬‬
‫بالنسبة للتضامن بين املهندسين املعماريين واملقاول عن تهدم البناء‪...‬وغيرها من النصوص والقانونية‪.‬‬
‫‪ -229‬راجع املواد ‪ 769 -770 -290‬من ألامر ‪ ،73-57‬مؤرخ في ‪ 06‬سبتمبر ‪ ،0357‬يتضمن القانون التجاري ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪، 101‬‬
‫صادر بتاریخ ‪ 19‬دیسمبر‪، 1975‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ -230‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -231‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫(‪-)3‬تمسك أي من املدنين املتاامنين بأوجه الدفع املشتركة بينهم واملتعلقة بالدين نفسه‪:‬‬
‫باعتبار الدين واحد بالنسبة لكل املدينين‪ ،‬فيجوز ّ‬
‫ألي منهم أن يحتج بأوجه الدفع املشتركة بينهم‬
‫إذا طالبه الدائن بالوفاء‪ ،‬ومن ذلك مثال كالدفع ببطالن الالتزام بطالنا مطلقا لعدم مشروعية‬
‫املحل أو السبب‪ ،‬أو ألن الالتزام قد انقض ى ألي سبب من أسباب الانقضاء( كالتقادم) أو‬
‫انقضاءه ليبب آخر غير الوفاء ( التجديد املقاصة‪ ،‬اتحاد الذمة ‪ ،)...‬أو لهالك املحل لقوة قاهرة‪،‬‬
‫وهذا عمال بمقتضيات املادة ‪ 0/009‬التي تنص‪ ... ":‬وال يجوز للمدين إذا طالبه أحد الداءنين‬
‫بالوفاء أن يعارض بأوجه الدفع الخاصة بغيره من املدينين ولكن يجوز له أن يعارض بأوجه‬
‫الدفع الخاصة وبالتي يشترك فيها جميع املدينين"‪.‬‬
‫ب‪-‬مبدأ تعدد الروابط‬
‫وحدة الدين أو محل الالتزام التي تترتب عن التضامن السلبي ال تنفي إمكانية تعدد‬
‫الروابط‪ ،‬بل يبقى املدينون املتضامنون مرتبطين بروابط متعددة‪ ،‬وبالتالي كل مدين تربطه‬
‫بالدائن رابطة مستقلة عن تلك التي تربطه باآلخرين‪ ،‬فهي روابط مستقلة وخاصة بكل مدين‪،‬‬
‫وهو ما يفهم من املادة ‪ 0/009‬ق م التي تنص‪ ... " :‬وال يجوز للمدين إذا طالبه أحد الداءنين‬
‫بالوفاء أن يعارض بأوجه الدفع الخاصة بغيره من املدينين‪ ،"...‬وانطالقا من مضمون النص‬
‫تترتب مجموعة من آلاثار تتعلق بمظاهر تعدد هذه الروابط واستقالليتها والتي علىالدائن‬
‫مراعاتها عند مطالبة لك مدين‪ :‬ـ‬
‫(‪-)0‬الاعتداد بالوصف الذي يلحق كل رابطة‪ :‬يجب على الدائن مراعاة الوصف الذي يلحق‬
‫برابطة التزام كل املدين‪ ،‬وقد يختلف الوصف الذي يلحق هذه الرابطة عن الوصف الذي يلحق‬
‫غيرها (شرط أو أجل)‪ ،‬وبالتالي يكون الدفع بهذا الوصف مقررا للمدين املعني فقط‪.‬‬
‫كما قد يكون الالتزام مضافا إلى أجل واقف‪ ،‬ثم يسقط بالنسبة ألحد املدينين دون‬
‫آلاخرين املتضامنين بسبب تعرضه لإلفالس‪ ،‬وفي جميع هذه الحاالت يتعين على الدائن مراعاة‬
‫الوصف الذي يلحق رابطة املدين الذي يريد استيفاء الدين منه‪ ،‬ألنه ال يستطيع مطالبة مدين‬
‫يكون دينه معلق على شرط لم يتحقق بعد‪ ،‬مضاف إلى أجل ولم يحل بعد‪.‬‬
‫(‪-)2‬تعدد الدفوع وامتناع التمسك بأوجه الدفوع الخاصة بمدين آخر‪ :‬بالنظر إلى تعدد‬
‫الروابط‪ ،‬توجد دفوع خاصة لبعض املدينين ال يستطيع غيره من املدينين التمسك بها‪ ،‬باالضافة‬
‫إلى الدفوع املشتركة بين جميع املدينين املتضامنين‪ ،‬وهذه الدفوع عدة أنواع‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫* الدفوع العينية أو املشتركة‪ :‬وهي الدفوع التي ترد على أصل الدين‪ ،‬وبالتالي تعد دفوع مشتركة‬
‫يجوز لجميع املدينين املتضامنين التمسك بها ملواجهة مطالبة الدائن بالوفاء‪ ،‬ومثالها الدفع‬
‫‪232‬‬
‫بالتقادم‪ ،‬الدفع ببطالن العقد ملخالفة املحل للنظام العام أو آلاداب العامة‬
‫*الدفوع الشخصية أو الخاصة باملدين‪ :‬وهي تلك الدفوع التي تتحقق ألحد املدينين املتضامنين‬
‫أو بعضهم فقط‪ ،‬وال يمكن لغيرهم من املدينين التمسك بها‪ ،‬كالدفوع املتعلقة بعيوب الارادة‪،‬‬
‫فالعيب الذي يلحق الرابطة التي تربط املدين بالدائن مثل الغلط ‪ ،‬إلاكراه‪ ،‬التدليس نقص‬
‫ألاهلية ال يؤثر على الروابط ألاخرى‪ ،‬والتمسك بهذا العيب يقتصر على املدين الذي تعلق به هذا‬
‫العيب وحده دون سواه من املدينين ألاخرين‪.233‬‬
‫* الدفوع املختلطة‪ :‬وهي الدفوع التي تتحقق بالنسبة لبعض املدينين املتضامنين ويستفيد منها‬
‫آلاخرين‪ ،‬وهذه الدفوع هي التي تنشأ عن انقضاء الدين بالنسبة لبعض املدينين فقط‪ ،‬وقد‬
‫وصفت بأنها دفوع مختلطة ألنها شبيهة بالعينية‪ ،‬حيث يمكن لجميع املديني املتضامنين التمسك‬
‫ّ‬
‫بها‪ ،‬وهي شبيهة بالدفوع الشخصية التي ال يمكن التمسك بها إال بقدر حصة املدين الذي يثبت له‬
‫الدفع من جهة أخرى‪.234‬‬
‫(‪ -)3‬انقااء الالتزام بغيرالوفاء‪ :235‬نميز في هذا هذا الصدد بين حالتين‪:‬‬
‫*حالة انقااء دين املدينين املتاامنين‪ :‬فإذا انقض ى الالتزام بالنسبة لهم جميعا لكل واحد‬
‫منهم التمسك بهذا الانقضاء في مواجهة الدائن‪.‬‬
‫*حالة انقااء رابطة التزام أحد املدينين دون الباقين‪ :‬يترتب على مبدأ تعدد الروابط‪ ،‬أنه قد‬
‫تنقض ي رابطة الالتزام بالنسبة إلى أحد املدينين املتضامنين فقط دون أن تنقض ي رابطة غيره من‬
‫ّ‬
‫املدينين إال في حدود نصيب املدين ألاول في الدين سواء انقض ى الدين عن طريق املقاصة‪،‬‬
‫إلابراء‪ ،‬اتحاد الذمة‪ ،‬التقادم‪.‬‬
‫‪-‬املقاصة‪ :‬القاعدة في هذا الصدد‪ ،‬أنه اليجوز للمدين املتضامن أن يتمسك باملقاصة التي تقع‬
‫ّ‬
‫بين الدائن ومدين متضامن آخر‪ ،‬إال بقدر حصة هذا ألاول‪ ،‬وفي هذا الصدد نفرق بين فرضين‪،‬‬

‫‪ -232‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.726‬‬
‫‪ -233‬دمحم علي دمحم عبد العزیز الزعبي‪ ،‬عالقة املدینين املتاامنين بالدائن في التاامن السلبي طبقا ألحكام القانون املدني الاردني‬
‫واملقارن‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستيرفي القانون الخاص‪ ،‬جامعة إلاسرا ءالخاصة‪ ،‬ألاردن‪ ،2101 ،‬ص ص ‪.75-73‬‬
‫‪ -234‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني و أحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪-235‬راجع في املوضوع‪ :‬بن ددوش نضرة‪ ،‬انقااء الالتزام دون الوفاء به في القانون الوضعي والفقه الاسالمي‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪،‬أطروحة لنیل درجة الدكتورة‪ ،‬كلیة الحقوق‪ ،‬جامعة ‪ ،‬وهران‪.0100 ،‬‬

‫‪82‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫أن يطالب الدائن املدين املتضامن الذي أصبح دائنا له بمبلغ مماثل وتوافرت شروط املقاصة بين‬
‫الدينين‪ ،‬وقتها يجوز لهذا املدين التمسك في مواجهة الدائن بانقضاء الدين باملقاصة‪ ،‬وينقض ي‬
‫الدين جميعه‪ ،‬وعليه ال يجوز للدائن مطالبة أي مدين آخر‪ ،‬ألن له أن يدفع هو كذلك بانقضاء‬
‫الدين باملقاصة‪ّ ،‬أما الفرض الثاني فهو أن يطالب الدائن مدينا متضامنا آخر غير الذي تحققت‬
‫شروط املقاصة بالنسبة إليه‪ ،‬فيكون للمدين املطالب بالوفاء أن يدفع أيضا باملقاصة التي‬
‫تحققت شروطها بين الدائن ومدين آخر‪ ،‬ولكن في حدود حصة هذا املدين في الدين‪ ،‬وهو ما ورد‬
‫في املادة ‪ 007‬ق م التي تنص على أنه‪ " :‬ال يجوز للمدين املتاامن التمسك باملقاصة التي تقع‬
‫بين الدائن ومدين متاامن آخرإال بقدرحصة هذا املدين"‪.236‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬اتحاد الذمة‪ :‬إذا اتحدت ذمة الدائن مع أحد مدينيه املتضامنين‪ ،‬فال ينقض ي الالتزام إال بقدر‬
‫حصة هذا املدين فقط‪ ،‬إذ تنص املادة ‪ 006‬ق م على أنه‪ ":‬إذا اتحدت الذمة بين شخص الدائن‬
‫وأحد مدينيه املتاامنين فإن الدين ال ينقض ي بالنسبة إلى باقي املدينين إال بقدر حصة‬
‫املدين" ‪ ،‬وأتحاد الذمة يتحقق عن طريق خالفة الدائن للمدين أو خالفة املدين للدائن‪ ،‬وفي كلتا‬
‫ّ‬
‫الحالتين ال ينقض ي الدين إال ب قدر حصة املدين فيه‪ ،‬وفي حالة ما إذا ورث الدائن أحد املدينين‬
‫وكانت التركة معسرة‪ ،‬بحيث لم يتمكن الدائن استيفاء إال بعض حصة املدين املتوفى‪ّ ،‬‬
‫فإن له‬
‫الرجوع بما تبقى من الحصة على باقي املدينين‪ ،‬ألن من شأن املتضامن أن يتحمل خطر إعسار أي‬
‫من املدينين‪.237‬‬
‫‪-‬ألابراء‪ :‬مسألة الابراء تحتاج إلى نوع من التفصيل حيث يجب أن نفرق بين إلابراء الذي يرد على‬
‫الدين ذاته و ذلك الذي يرد على التضامن‪.‬‬
‫‪ -‬إذا أبرأ الدائن أحد املدينين من الدين ذاته انقض ى الالتزام بالنسبة لهذا املدين فال يجوز‬
‫بعدها أن يطالبه الدائن‪ّ ،‬أما عن أثر هذا الابراء بالنسبة للمدينين آلاخرين فهو أنه‪ ،‬إذا قصد‬
‫الدائن اقتصار الابراء على أحدهم كان له الرجوع على البقية بالدين بعد انقاص حصة املدين‬
‫املبرأ تطبيقا للمادة ‪ 0/005‬التي تنص‪ " :‬إذا أبرأ الدائن أحد املدينين املتاامنين فال تبرأ ذمة‬
‫ّ‬
‫الباقيين إال إذا صرح الدائن بذلك"‪ ،238‬أما إذا احتفظ الدائن وقت الابراء بحقه في الرجوع على‬
‫باقية املدينين بكل الدين‪ ،‬في هذه الحالة يكون ملن وفى الدين الرجوع على املدين الذي أبرأه‬

‫‪-236‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -237‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.720‬‬
‫‪ -238‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫الدائن بحصته‪ ،‬وعلى هذا النحو تقتصرت فائدة إلابراء على امتناع مطالبة الدائن له عمال‬
‫بالحكم الوارد في من املادة ‪ 0/005‬املذكورة أعاله‪ّ ،‬أما إذا قصد الدائن باالبراء الصادر منه أن يعم‬
‫ّ‬ ‫سائر املدينين‪ّ ،‬‬
‫فإن الدين ينقض ي كله‪ ،‬على أن هذا ألاثر ال يترتب إال إذا صرح الدائن بذلك‪ّ ،‬أما‬
‫إذا لم يصرح اقتصر إلابراء على حصة املدين املبرأ‪.239‬‬
‫إذا أبرأ الدائن املدين املتاامن من التاامن فقط‪ ،‬دون إبرائه من الدين ذاته ‪ ،‬امتنع عله‬
‫ّ‬
‫مطالبة هذا املدين إال بقدر حصته في الدين‪ ،‬إن استوفاها‪ ،‬له الرجوع على الباقين على وجه‬
‫التضامن بالدين بعد انقاص الحصة التي استوفاها‪ ،‬فإن مليستوفها له الرجوع على أي مدين أخر‬
‫بكل الدين و لهذا ألاخير الرجوع على املدين املبرأ من التضامن ما لم تتجه إرادة الدائن أن تبرأهم‬
‫من حصة املدين الذي تم الابراء لصالحه‪ ،‬وهو ما تضمنته املادة ‪ 005‬ق م التي تنص على أنه ‪:‬‬
‫"إذا أبرأ الدائن أحد املدينين املتاامنين من التاامن بقي حقه في الرجوع على الباقين بكل‬
‫الدين مالم يكن هناك اتفاق على غيرذلك"‪.240‬‬
‫‪-‬التقادم‪ :‬إذا امتنع سماع الدعوى بمروربالنسبة ألحد املدينين ‪ ،‬فله وحده التمسك بذلك‪،‬‬
‫حيث ال يستفيد من هذا الدفع باقي املدينين إال بقدر حصة هذا املدين‪ ،‬وهما أخذ بهاملشرع‬
‫اجزائري في املادة‬
‫‪ 091‬ق م التي تنص على أنه‪ " :‬إذا انقض ى الدين بالتقادم بالنسبة إلى أحد املدينين املتاامنين‬
‫ّ‬
‫فال يستفيد من ذك باقي املدينين إال بقدرحصة هذا املدين‪.241"...‬‬
‫وإذا انقطعت املدة القانون لعدم سماع الدعوى أو أوقف سريانها بالنسبة إلى أحد‬
‫املدينين املتضامنين فال يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقي املدينين وفقا للمادة ‪0/091‬‬
‫املذكورة أعاله‪.‬‬
‫ج‪ -‬مبدأ النيابة التبادلية‬
‫املقصود بالنيابة التبادلية كما أسلفنا‪ ،‬أن كل مدين يعتبر نائبا عن غيره من املدينين‬
‫املتضامنين فيما يجريه من تصرفات متعلقة بالدين موضوع التضامن‪ ،‬وهي نيابة مصدرها‬
‫القانون‪ ،‬والنيابة التبادلية هنا تكون فيما ينفع دون ما يضر‪ ،‬ويعني هذا أن يكون كل مدين نائبا‬
‫عن غيره من املدينين املتضامنين إذا بدر منه في مواجهته ما ينفع املدينين ألاخرين‪ ،‬على أنه ال‬

‫‪ -239‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.003‬‬
‫‪ -240‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -241‬املرجع نفسه‪..‬‬

‫‪84‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫يكون نائبا عنهم إذا بدر منه في مواجهة ما يضر املدينين آلاخرين‪ ،242‬ومن النتائج التي تترتب عن‬
‫النيابة التبادلية‪:‬‬
‫(‪ -)0‬انقطاع التقادم ووقف سريانه‪ :‬بالنسبة للدعوى التي يملكها الدائن ضد أحد املدينين‬
‫املتضامنين‪ ،‬فإن انقطاع التقادم أو وقف سريانه يكون لصالح الدائن ضد املدين‪ ،‬إذا هو ال‬
‫ّ‬
‫يسري إال في مواحهة املدين املعني فط دون سواه من املدينين عمال باملدة ‪ 0/091‬ق م ‪.‬‬
‫(‪ -)2‬املسؤولية عن عدم تنفيذ الالتزام‪ :‬إذا استحال تنفيذ الالتزام التضامني لسبب يعود إلى‬
‫فإن هذا املدين وحده من يلتزم بالتعويض وفقا للمادة ‪ 090‬ق م التي تنص‪ " :‬ال‬ ‫أحد املدينين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫يكون املدين مسؤوال في تنفيذ الالتزام إال عن فعله" ‪.‬‬
‫(‪ -)3‬الاعذار واملطالبة القاائية‪ :‬إذا أعذر الدائن أحد املدينين املتضامنين أو قاضاه‪ ،‬ال يكون‬
‫لذلك أثر بالنسبة إلى باقي املدينين‪ ،‬وإذا أعذر أحد املدينين املتضامنين الدائن يستفيد باقي‬
‫املدينين من هذا الاعذار عمال بامادة ‪ 0/090‬املذكورة أعاله‪.‬‬
‫(‪ -)4‬الصلح‪ :‬إذا أجرى أحد املدينين صلحا مع الدائن‪ ،‬ينبغي التفرقة‪ ،‬إذا كان الصلح مفيدا لباقي‬
‫فإن النيابة التبادلية تقوم ألن التصرف في صالح باقي املدينين‪ ،‬كما لو‬ ‫املدينين املتضامنين‪ّ ،‬‬
‫تضمن الصلح شروطا أخف من الشروط التي قام عليها الالتزام‪ ،‬أما إذا كان من شأن الصلح أن‬
‫یضر بهم فال ینفذ في حقهم إال إذا قبلوه‪ ،‬كما لو أن الصلح قد رتب في ذمتهم التزاما أو زاد فیما‬
‫هم ملتزمون به‪.243‬‬
‫(‪ -)5‬الاقرار واليمين الحاسمة‪ :‬اقرار أحد املدينين املتضامنين بالدين فيه ضرر لباقي املدينين‪،‬‬
‫مما تنتفي معه النيابة التبادلية بينهم أي ال يسري هذا الالقلرار في حقهم ‪ ،‬وهو ما يفهم من املادة‬ ‫ّ‬
‫‪0/090‬ق م التي تنص على أنه‪ ":‬ال يسري أقرار أحد املدينين املتاامنين بالدين في حق‬
‫الباقين‪ّ ،"...،‬أما عن اليمين فإنه لو وجهت إلى أحد املدينين اليمين الحاسمة ‪ ،‬فأداها وكسب‬
‫الدعوى‪ ،‬فإن النيابة التبادلية تقوم ألن التصرف في صالح باقي املدينين‪ّ ،‬أما إذا نطل أحد‬
‫املدينين عن حلف اليمين التي وجهها إليه الدائن‪ ،‬فخسر املدين الدعوى‪،‬أو إذا وجه املدين يمينا‬
‫إلى الدائن فحلفها الدائن فخسر املدين الدعو‪ ،‬فال تقوم النيابة ألنه تصرف ضار بالباقي من‬
‫املدينين حسب املادة ‪ 0/909‬ق م املشار إليها أعاله‪.‬‬

‫‪ -242‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.726‬‬
‫‪ -243‬فادي محفوظ‪ " ،‬مقارنة قانونیة موجزة بين مفاعیل كل من التضامن السلبي والالتزام بالكل واملوجبات غير القابلة‬
‫للتجزئة"‪،‬مجلة قانونیة‪ ،‬لبنان‪ ،‬العدد السابع‪ ، 2001 ،‬ص‪.3‬‬

‫‪85‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫(‪ -)7‬حجية ألاحكام‬


‫حسب نص املادة ‪ 233‬من نفس القانون التي تنص على ما یلي''إذا صدر الحكم على‬
‫احد املدینين املتاامنين فال تكون لهذا الحكم سلطة على آلاخرین‪.‬‬
‫أما إذا صدر حكم لصلح أحدهم فیستفید منه آلاخرون‪ ،‬إال إذا كان هذا الحكم‬
‫مبیناعلى فعل خاص باملدین املعني‪ ،''244‬یتضح من خالل املادة أنه إذا صدر حكم على أحد‬
‫املدینين املتضامنين فال یحتج بهذا الحكم علىالباقين‪ ،‬ألن املدین الذي صدر ضده الحكم لم یكن‬
‫‪245‬‬
‫یمثلهم في الدعوى وعلى ذلك ال یستطیع الدائن أن ینفذ هذا الحكم عليهم‬
‫‪ -2‬املبادئ التي تحكم العالقة بين املدينين املتاامنين فيما بينهم‬
‫ّ ّ‬
‫ال يقوم التضامن إال إال في العالقة بين الدائن واملدينين املتضامنين‪ّ ،‬أما فيما يخص‬
‫عالقة املدينين فيما بينهم فال تقوم هذه العالقة على التضامن‪ ،‬وأنما على أسس أخرى‪:‬‬
‫أ‪ -‬انقسام الدين بين املدينين املتاامنين‪:‬‬
‫تحكم املدينين املتضامنين قاعدة جوهرية هي انقسام الدين‪ ،‬فإذا أوفى أحدهم بالدين‬
‫فإنه يرجع على كل واحد منهم بقدر نصيبه في الدين‪ ،‬وهو ما يعني ان الدين يوزع بين كافة‬
‫املدينين‪ ،‬فال يتحمل كل واحد منهم إال حصته فيه فقط‪.‬‬
‫ولتحديد حصة كل واحد منهم يقتض ي الرجوع إلى سبب نشوء الالتزام‪ ،‬وبالتالي البحث‬
‫ّ‬
‫عن مصدر التضامن اتفاق أو نصا قانونيا‪ ،‬وإال قسم الدين عليهم بالتساوي‪ ،‬إذا تنص املادة‬
‫ّ‬
‫‪ 092‬ق م أنه‪ " :‬إذا وفى أحد املدينين املتاامنين كل الدين‪ ،‬فال يرجع على اي من الباقين إال‬
‫بقدر حصته في الدين‪ ،‬ولو كان بدعوى الحلول على الدائن‬
‫ويقسم الدين بالتساوي بين املدينين ما لم يكن هناك اتفاق أو نص يقض ي بغيرذلك" ‪.246‬‬
‫ويترتب على انقسام الدين تحمل املوسرین من املدینين لحصص املعسرین منه‪ ،‬إذا اوفي‬
‫أحد املدينين املتضامنين الدين ‪ ،‬أراد الرجوع على آلاخرين بقيمة حصتهم في الدين‪ ،‬فوجد‬
‫بعضهم معسرا‪ ،‬وزعن حصة املعسر على املدينين آلاخرين حسب نص املادة ‪ 235‬ق م التي تنص‬

‫‪ -244‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -245‬بلحاج العربي‪،‬أحكام الالتزام في القانون املدني الجزائري دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.250‬‬
‫‪ -246‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫على أنه‪ " :‬إذا أعسر أحد املدینين املتاامنين تحمل هذا إلاعسار من وفى الدین وسائر‬
‫املدینين املوسرین كل بقدر حصته"‪.247‬‬
‫ب‪ -‬رجوع املدين املوفي على املدينين املتاامنين آلاخرين‬
‫يترتب على فكرة النيابة التبادلية القائمة بين املدينين املتضامنين أن للمدين املوفي‬
‫الحق في الرجوع على البقية كل بحسب حصته‪ ،‬ويتقرر حق املدين في الرجوع ّإما بدعوى‬
‫شخصية على أساس الوكالة في التضامن الاتفاقي‪ ،‬أو على أساس الفضالة في التضامن القانوني‪،‬‬
‫وقد يكون رجوعه ليس على أساس دعوى شخصية ‪،‬وإنما دعوى الحلول‪.‬‬
‫فاملدين املوفي لكل الدين يعتبر أصيال عن نفسه‪ ،‬ووكيال عن بقية الدائنيني أو فضوليا‬
‫بالنسبة لهم‪ ،‬وعندئذ يرجع بصفته وكيال على موكله‪ 248‬أو بصفته فضوليا على رب العمل‪. 249‬‬
‫والرجوع على أساس دعوى الحلول تقوم على اسا أن من دفع للدائن حقه يحل محله في‬
‫هذا الحق‪ ،‬فينتقل |إله بصفاته وتأميناته ودفوعه‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 0/092‬ق م على أنه‪..." :‬ولو‬
‫كان بدعوى الحلول على الدائن‪ ،"...‬وكذلك املادة ‪ 010‬منه‪ " :‬إذا قام بالوفاء شخص غير‬
‫املدين‪ّ ،‬‬
‫حل املوي محل الدائن الذي استوفى حقه‪.250"...‬‬
‫وتمتاز الدعوى الشخصية عن دعوى الحلول أنها تسمح للمدين املوفي بالعودة على‬
‫املدينين ألاخرين بفوائد املبالغ التي دفعها للدائن‪ ،‬وأن لها ميزة أخرى أن التقادم فيها يسري من‬
‫تاريخ الوفاء وليس من تاريخ حلول الدين‪ّ ،‬أما دعوى الحلول فهي تمتاز في أن التأمينات التي انت‬
‫تضمن الدين تنتقل مع الدين للموفي لتضمن الحصول على ما دفعه‪ّ ،‬أما عن التقادم فيسري‬
‫ّ‬
‫من وقت حلول الدين ال وقت الوفاء به‪ ،‬وإن كانت مدة التقادم نفسها في الدعويين إال أن تواريخ‬
‫سريانها يجعل دعوى الحلول تسقط أوال‪ ،‬ألن حلول أجل الدين يسبق الوفاء به‪.251‬‬

‫‪ -247‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -248‬عمال باملادة ‪ 750‬ق م ج التي تنص‪ ":‬على املوكل ألن يرد للوكيل ما أنفقه في تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا ‪"....‬‬
‫‪ -249‬تنص املادة ‪ 157‬من ق م ج على أنه "‪ :‬یعتبر الفاولي نائبا عن رب العمل‪ ،‬متى كان قد بذل في إدارته عنایة الشخص العادي‪،‬‬
‫ولو لم تتحقق النتیجة املقصودة وفي هذه الحالةیكون رب العمل ملزما بتنفیذ التعهدات التي عقدها الفاولي لحسابه‪،‬‬
‫وبتعویاه عن التعهدات الي التزم بها‪ ،‬وبرد النفقات الارورية أو النافعة التي سوغتها الظروف‪ ،‬وبتعویاه عن الارر الذي‬
‫لحقه بسبب قیامه بالعمل‪ ،‬وال یستحق الفاولي أجرا عل ى عمله إال إذا كان هذا العمل من أعمال مهنته"‪.‬‬
‫‪ -250‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني و أحكام الالتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.205‬‬ ‫‪ -251‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير ّ‬

‫‪87‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عدم قابلية الالتزام لالنقسام‬


‫يقصد بعدم قابلية الالتزام لالنقسام أو التجزئة أن يتم الوفاء به كامال وغير مجزء‪ ،‬وال‬
‫تظهر أهمية عدم قابلية الدين لالنقسام إال حين تعدد الدائنين أو املدينين ذلك أنه في حالة هذا‬
‫التعدد سينقسم عليهم الدين بحسب ألاصل‪ ،‬إال أن يكون الدين ذاته غير قابل لالنقسام‪ ،‬إذ في‬
‫هذه الحالة يجب الوفاء به أو استيفائه كامال ولو لم يكن هناك تضامن بين الدائنين أو‬
‫املدينين‪،‬أما في الحالة التي ال نكون فيها أمام تعدد الدائنين أو املدينين فال تظهر أهمية قابلية أو‬
‫عدم قابلية الالتزام لالنقسام ألن املدين ال يقبل منه الوفاء الجزئي بدينه‪ ،252‬ومن هذا املنطلق‬
‫نحدد اسباب عدم القابلية لالنقسام( أوال)‪ ،‬ثم نحدد آثاره( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬أسباب عدم قابلية الالتزام لالنقسام أو التجزئة‬
‫الالتزام الذي ال يقبل الانقسام أو التجزئة‪ ،‬إما أن يكون كذلك بسبب طبيعته‪ ،‬أو بسبب‬
‫الاتفاق بين املتعاقدين على عدم امكانية تجزئته‪ ،‬وهو ما أخذا به املشرع الجزائري في املادة ‪096‬‬
‫من ق م التي تنص‪ ":‬ال يقبل الالتزام الانقسام‪:‬‬
‫‪-‬إذا ورد على محل ال يقبل الانقسام بطبيعته‬
‫‪-‬إذا تبين من غرض الطرفين أن تنفيذ الالتزام ال ينقسم‪ ،‬أو انصرفت نيتهم إلى ذلك"‬
‫‪ -0‬عدم التجزئة الطبيعي‬
‫قد تكون عدم قابلية الالتزام لالنقسام طبيعة الالتزام ذاته‪ ،‬فبحسب هذه الطبيعة نجد‬
‫أنه في الالتزام بعمل ال يمكن تجزئة تسليم مبيع ‪-‬حيوان حي‪ -‬واحد معين بذاته من طرف البائع‪،‬‬
‫كما ال يمكن تجزئة التزام البائع بالضمان في حالة تعدد البائعين كما أن الالتزام باالمتناع عن‬
‫عمل يكون دائما غير قابل لالنقسام فهو إما أن يكون أو ال يكون‪ ،253‬أما في الالتزام بإعطاء ش ئ (‬
‫أي نقل ملكية ش ىء أو نقل حق عيني آخر ) فإن نقل امللكية إن أمكن تصور قابلية التجزئة‪،‬‬
‫بحيث أن كل بائع ينقل ملكية نصيبه في املبيع‪ ،‬إال أن حقوقا عينية أخرى كاالرتفاق‪ ،254‬أو الرهن‬
‫الرسمي‪ 255‬غير قابل لالنقسام‪.‬‬

‫‪ -252‬تنص املادة ‪ 0/055‬من ق م على أنه ‪ " :‬ال يجبر املدين على قبول وفاء جزئي لحقه ‪"...‬‬
‫‪253‬‬
‫‪- CABRILLAC Remy, Droit des obligation,Op,cit, p .822.‬‬
‫‪ -254‬تنص املادة ‪ 555‬من ق م على أنه‪ ":‬إذا جزأ العقار املرتفق به بقي حق الارتفاق و اقعا على كل جزء منه‪. "...‬‬
‫‪ -255‬تنص املادة ‪ 530‬على أنه‪ ":‬كل جزء من العقارأو العقارات املرهونة ضامن لكل الدين ‪."...‬‬

‫‪88‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -2‬عدم التجزئة الاتفاقي‬


‫وقد يكون عدم قابلية الالتزام لالنقسام نتيجة اتفاق صريح أو ضمني ألطراف الالتزام‬
‫وخاصة الدائن حيث يكون من مصلحته النص عليه‪ ،‬كاالتفاق على جعل دفع مبلغ نقدي غير‬
‫قابل لالنقسام‪ ،‬مع أنه بطبيعته يقبل التجزئة‪.256‬‬
‫ثانيا‪-‬آثار عدم قابلية الالتزام لالنقسام‬
‫تظهر ألاهمية العملية لعدم قابلية الالتزام لالنقسام في حالة تعدد املدينين أو حالة تعدد‬
‫الدائنين‪.‬‬
‫‪ -0‬آثار عدم قابلية الالتزام لالنقسام في حالة تعدد املدينين‬
‫القاعدة إذا تعدد املدينون في التزام غير قابل لالنقسام كان كل منهم ملزما بوفاء الدين‬
‫كله‪ ،‬حيث‪:‬‬
‫‪ -‬يحق للدائن الرجوع على أي واحد من املدينين بالدين كله‪ ،‬على اعتبار أن محل الالتزام دين ال‬
‫يقبل التجزئة‪ ،‬ويعتبر كل واحد منهم ملزما بذلك طبقا املادة ‪ 0 / 095‬ق م التي تنص ‪ " :‬يلزم كل‬
‫مدين متاامن بوفاء الدين كامال إذا كان الالتزام ال يقبل الانقسام‪"...‬‬
‫‪ -‬يحق ألي مدين الوفاء بكامل الدين غير القابل لالنقسام للدائن الذي ال يستطيع رفض ها‬
‫الوفاء بل يجبر على قبوله‪.‬‬
‫‪-‬إذا أوفى أحد املدينين الدين غير القابل لالنقسام برأت ذمة بقية املدينين آلاخرين‪ ،‬مع الاحتفاظ‬
‫بحقه في الرجوع عليهم بعد ذلك كل بحسب حصته في الدين طبقا للمادة ‪ 0/095‬التي تنص‪" :‬‬
‫ّ‬
‫‪...‬ويرجع املدين الذي وفى الدين على باقي املدينين كل بقدر حصته إال إذا تبين من الظروف غير‬
‫ذلك "‪.257‬‬
‫‪ -‬في حالة وفاة أحد املدينين فإن الالتزام غيرالقابل للتجزئة ال ينقسم على ورثت‪ ،‬ويكون كل وارث‬
‫مسؤوال عن الدين كله‪.‬‬
‫‪-‬إذا انقض ى الالتزام غير قابل للتجزئة بالنسبة لواحد من املدينين ألي سبب غير الوفاء‪ّ ،‬‬
‫فإن ذلك‬
‫يستتبع انقضائه لبقية املدينين آلاخرين‪.258‬‬

‫‪ -256‬عامر دمحم الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام( آثار الحق في القانون املدني)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.023‬‬
‫‪ -257‬أمر رقم ‪ ،75 -57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪ ،‬معدل ومتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -258‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.762 -760‬‬

‫‪89‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪ -2‬آثار عدم قابلية الالتزام لالنقسام في حالة تعدد الدائنين‬


‫يترتب على حالة عدم قابلية الالتزام للجزئةأو الانقسام إذا تعدد الدائنون ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬يحكم العالقة بين الدائنين باملدين مبدأ وحدة املحل‪ ،‬وعدم وجود نيابة تبادلية بين الدائنين‪،‬‬
‫وعليه يستطيع أي دائن املطالبة بكل الدين‪ ،‬كما للمدين الوفاء بكل الدين ألي دائن‪ ،‬وفي حالة‬
‫وفاة الدائن عن عدد من الوارثين‪ ،‬فيجوز لكل واحد منهم املطالبة بكل الدين ألنه غير قابل‬
‫لالنقسام‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 0/095‬من ق م على أنه‪ " :‬إذا تعدد الدائنون‪ ،‬أو ورثة الدائن في‬
‫الالتزام غير القابل لالنقسام جاز لكل واحد من هؤالء أن يطالب بأداء الالتزام كامال‪"...‬‬
‫‪ -‬إذا اعترض أحد الدائنين املتضامنين في تصرف أو التزام غير قابل لالنقسام فال يكون على‬
‫ّ‬
‫املدين إال القيام بت أدية هذا الالتزام لجميع الدائنين أو ايداعه لدى الجهة املختصة‪ ،‬وهي خزانة‬
‫املحكمة‪ ،‬فقد نصت املادة املذكورة أعاله‪... " :‬فإذا اعترض أحدهم على الوفاء كان املدين ملزما‬
‫به لهم مجتمعين‪ ،‬أو بايداع الش يء محل الالتزام‪"...‬‬
‫‪ -‬انقطاع التقادم أو وقفه بالنسبة ألحد الدائنين يستفيد منه آلاخرون ألن محل الالتزام وحدة ال‬
‫تتجزأ وكل ال ينقسم ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫خاتمة‬

‫تكتس ي دراسة مقياس القانون املدني أهمية بالغة في املشوار الدراس ي لكل طالب في‬
‫الحقوق‪ ،‬باعتبار القانون املدني يمثل الشريعة العامة لجميع فروع القانون‪ ،‬و ّ‬
‫تعد نظرية الالتزام‬
‫من أبرز موضوعاته خاصة وأنها تتعلق باملعامالت ذات الطابع املالي والتي تنشأ بين ألافراد‪ ،‬بل أنها‬
‫وصفت بمثابة العمود الفقري للقانون بصفة عامة‪ ،‬لكونها تتضمن في مجملها مبادى أساسية‬
‫وكلية‪ ،‬وقواعد عامة ومجرة تكفل تنظيم العالقات القانوية مهما تعددت‪ ،‬وهذه املبادئ تسيطر‬
‫على القانون الخاص بفروعه املختلفة‪ ،‬فدراسة القانون التجاري مثال غير ممكنة دون العلم‬
‫واملعرفة بنظرية الالتزامات وكذلك الحال لقانون العمل‪ ،‬وفي غير ذلك فإن الصلة وثيقة بين‬
‫ً‬
‫نظرية الالتزام والاقتصاد والعالقات الدولية‪ ،‬ولهذا كانت دراسة هذه النظرية أمرا البد منه‪.‬‬
‫تنقسم دراسة هذه النظرية إلى قسمين‪ ،‬مصادر الالتزام‪ ،‬وأحكام الالتزام ‪ ،‬وموضوع هذه‬
‫املطبوعة كان حول القسم الثاني‪ ،‬حيث حاولنا من خالل مجموعة من املحاضرات التركيز على‬
‫محورين أساسيين ضمن مقرر وبرنامج السنة الثانية هما تنفيذ الالتزام‪ ،‬وأوصاف الالتزام‪ ،‬فإذا‬
‫كان الاصل في التنفيذ هو التنفيذ العيني الاختياري‪ ،‬أي قيام املدين بالوفاء برضاه وذلك بأداء‬
‫عين ما التزم به طاملا كان ذلك ممكنا‪ ،‬فالتنفيذ هو ألاثر الجوهري الذي يترتب على كل التزام نشأ‬
‫صحيحا‪ ،‬غير أنه في بعض الحاالت قد ال يستجيب بالضرورة املدين لعنصر املديونية في الالتزام‪،‬‬
‫وهو ما يعطي الحق للدائن في إعمال العنصر الثاني في الالتزام املدني دون الطبيعي‪ ،‬وهو عنصر‬
‫املديونية ‪ ،‬وذلك باتخاذه اجراءات جبرية في مواجهة املدين لدفعه إلى الوفاء جبرا وهو ما يسمى‬
‫بالتنفيذ العيني الجبري متى اجتمعت شروطه التي درسناها بنوع من التفصيل‪ ،‬باللجوء في حاالت‬
‫معينة إلى وسائل يقتضيها تعنت املدين واصراره على عدم الوفاء‪ ،‬كالغرامات التهديدية أو ما‬
‫يسمى باالكراه املالي‪ ،‬التي تعد وسيلة ضغط على املدين‪ ،‬ولكن قد ال يتحقق الغرض من اللجوء‬
‫إليها‪ ،‬فننتقل من التنفيذ العيني الجبري غير املمكن إلى التنفيذ عن طريق التعويض الذي قد‬
‫يكون اتفاقيا أو قانونيا أو قضائيا بحسب الحالة التي نحن بصددها‪ ،‬مع بقاء دور القاض ي مميزا‬
‫في تقديره لهذا التعويض وفقا للمعايير التي اشرده إليها املشرع‪.‬‬
‫حاولنا من خالل هذه الدراسة كذلك الوقوف عند أهم ألاواصاف التي تدخل على أحد‬
‫عناصر الرابطة القانونية‪ ،‬وإذا دخلت على الالتزام جعلته موصوفا معلقا غير منجز‪،‬ألنه حتى‬
‫‪91‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬
‫ّ‬
‫وإن كان الاصل في الالتزام أن يكون بسيطا‪،‬إال أن املشرع منح ألافراد امكانية تضمين التزاماتهم‬
‫هذه ألاوصاف بما يتماش ى مع تحقيق مصالحهم‪ ،‬دون املساس بمبدأ املشروعية في ذلك‪.‬‬
‫فإذا تعلق الوصف بوجود أو نفاذ أو زوال الاللتزام سمي شرطا أو أجال‪ّ ،‬أما إذا وردا على‬
‫محل الالتزام ‪ ،‬فيجعله التزاما بدليا أو تخييريا‪ ،‬ومن ألاوصاف ما يتعلق بأطراف الالتزام‪ ،‬ويتمثل‬
‫في تعددهم‪ ،‬ويطلق عليه بالتضامن وعدم القابلية لالنقسام‪ ،‬مع العلم أنه في كل فرض حاولنا‬
‫الاملام بشروط تحقق هذا ألاوصاف بنوع من البساطة والتيسيير بهدف استيعاب هذه املبادئ‬
‫واملضامين‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫قائمة املراجع‬
‫‪-‬باللغة العربية‪:‬‬

‫أوال‪ -‬الكتب‬
‫‪ -1‬أحمد شوقي دمحم عبد الرحمان‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬أحكام الالتزام‪،‬د د ن‪ ،‬د ب ن‪.0115 ،‬‬
‫‪-2‬أنور سلطان‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام مصادر الالتزام‪ ،‬دار الجامعة للنشر ‪.0117،‬‬
‫‪-3‬أنور طلبة‪ ،‬دعوى التعويض‪ ،‬املكتب الجامعي الحديث‪ ،‬الاسكندرية ‪.0102،‬‬
‫‪-4‬بلحاج العربي‪ ،‬أحكام الالتزام في ضوء الشريعة إلاسالمية (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪.0100 ،‬‬
‫‪-5‬بلحاج العربي‪،‬أحكام الالتزام في القانون املدني الجزائري دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ، 2‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪.0107 ،‬‬
‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬مصطفى الجمال‪ ،‬مصادر وأحكام الالتزام‪ (،‬دراسة مقارنة)‪ ،‬منشورات‬
‫الحلبي الحقوقية‪.0115 ،‬‬
‫‪-7‬جالل علي العدوي‪ ،‬الوجيز في مصادر الالتزام‪ ،‬منشأة املعارف‪،‬الاسكندرية‪.0331 ،‬‬
‫‪-8‬الجمال دمحم مصطفى‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬الفتح للطباعة والنشر‪ ،‬إلاسكندرية‪.0111 ،‬‬
‫‪-9‬الحسناوي حسن خنتوش رشيد‪ ،‬التعويض القضائي في املسؤولية العقدية‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.0333 ،‬‬
‫محمد‪،‬البكري عبد البقي‪ ،‬القانون املدني وأحكام‬ ‫ّ‬ ‫‪-01‬الحكیم عبد املجید‪،‬طه البشير‬
‫الالتزام‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬د س ن‪ ،‬د ب ن‪.‬‬
‫‪http://www.aoacademy.org/docs/civil_law_13_0110008.pdf‬‬

‫‪-00‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة في الالتزام( مصادر الالتزام)‪ ،‬دار العلوم للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عنابة‪.0112 ،‬‬
‫‪ -02‬السعدي دمحم صبري‪ ،‬الواضح في شرح القانون املدني‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دار الهدى‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪0101 ،‬‬
‫‪-03‬السعدي دمحم صبري ‪ ،‬الواضح في شرح القانون املدني النظریة العامة لاللتزامات أحكام التزام‪،‬‬
‫دراسة مقارنة في القوانين العربیة‪ ،‬دار الهدى للمطبوعات‪ ،‬الجزائر‪.0100 ،‬‬

‫‪93‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪-04‬سليمان مرقس‪ ،‬الوافي في شرح القانون املدني‪ ،‬الالتزامات‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات الحقوقية‬
‫صادر‪ ،‬بيروت‪.0335 ،‬‬
‫‪-05‬عامر دمحم الكسواني‪ ،‬أحكام الالتزام( آثار الحق في القانون املدني)‪ ،‬ط‪ ،0‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.0101 ،‬‬
‫‪ -01‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني املصري‪ -‬ج ‪ ،0‬إلاثبات وآثار‬
‫الالتزام‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.0362 ،‬‬
‫‪-07‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني الجديد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬إلاثبات‪-‬‬
‫آثار إلالتزام‪ ،‬الطبعة الثالث‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪.0335 ،‬‬
‫‪-08‬عبد النبى شاهين إسماعیل ‪ ،‬أحكام مطالبات املدینين املتضامنين بالدین في القانون املدني‪،‬‬
‫دراسة مقارنة بالفقه إلاسالمي‪ ،‬دار الجامعة الجدیدة‪ ،‬إلاسكندریة‪.0116 ،‬‬
‫‪ -09‬الفار عبد القادر سميح‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬آثار الحق والقانون املدني‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ألاردن ‪.0107‬‬
‫‪-21‬دمحم شتا أبو سعد‪،‬التعویض القضائي والشرط الجزائي والفوائد القانونیة‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجدیدة للنشر‪.0110،‬‬
‫‪-20‬مقدم السعيد‪ ،‬نظرية التعويض عن الضرر املعنوي في املسؤولية املدنية‪ ،‬املؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب‪.0330 ،‬‬
‫‪-22‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون املدني( دراسة مقارنة بين الفقه الاسالمي‬
‫والقوانين املدنية الوضعية ) ‪ ،‬مكتبة الثقاقة للنشر والتوزيع‪.0335،‬‬
‫‪-23‬نبيل ابراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء الثاني( أحكام الالتزام)‪ ،‬منشأة املعارف‪،‬‬
‫الاسكندرية‪.0110،‬‬
‫‪-24‬هاشم محمود دمحم‪ ،‬الحبس في الديون في التشريعات العربية والفقه الاسالمي( دراسة‬
‫مقارنة)‪ ،‬دار الفكر العربي‪.0357 ،‬‬
‫‪ -25‬ياسين دمحم الجبوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون املدني الاردني‪ -‬الجزء الثاني‪ -‬آثار الحقوق‬
‫الشخصية ‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬دراسة موازنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.0100 ،‬‬

‫‪94‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ثانيا‪ -‬األطروحات والمذكرات الجامعية‬

‫أ‪-‬األطروحات‬
‫‪-0‬بن ددوش نضرة‪ ،‬انقضاء الالتزام دون الوفاء به في القانون الوضعي والفقه الاسالمي‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪،‬أطروحة لنیل درجة الدكتورة‪ ،‬كلیة الحقوق‪ ،‬جامعة ‪ ،‬وهران‪.0100 ،‬‬
‫‪-2‬بوصري بلقاسم دمحم‪ ،‬طرق التنفیذ من الناحیة املدنیة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنیل شهادة دكتو اره‬
‫العلوم في الحقوق‪ ،‬تخصص‪ :‬عقود ومسؤولیة‪ ،‬كلیة الحقوق والعلوم السیاسیة‪ ،‬قسم حقوق‪،‬‬
‫جامعة دمحم خیضر‪ ،‬بسكرة‪.0107 ،‬‬
‫‪ -3‬القروي بشير سرحان‪ ،‬طرق التنفيذ في التشريع الجزائري والتشريع املقارن‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.0102 ،0-‬‬
‫ب‪-‬المذكرات‬
‫‪ -0‬لواني عبد املجيد‪ ،‬إلاعذار في املواد املدنية والتجارية طبقا للقانون الجزائري‪ ،‬مذكرة للحصول‬
‫على شهادة املاجستير‪ ،‬فرع العقود واملسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم الادارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪.0117‬‬
‫‪-2‬الطبيب برمضان‪ ،‬حبس املدين( إلاطراه البدني) بين الفقه الغسالمي والقانون الجزائري‬
‫(دراسة مقارنة)‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستير في العلوم إلاسالمية‪ ،‬تخصص شريعة وقانون‪،‬‬
‫كلية العلوم إلاسالمية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.0107 ،0-‬‬
‫‪-3‬دمحم علي دمحم عبد العزیز الزعبي‪ ،‬عالقة املدینين املتضامنين بالدائن في التضامن السلبي طبقا‬
‫ألحكام القانون املدني الاردني واملقارن‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستير في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫إلاسراء الخاصة‪ ،‬ألاردن‪.0101 ،‬‬
‫ثالثا‪ -‬المقاالت‬
‫‪-0‬براهمي فايزة‪ ،‬براهمي سهام‪ " ،‬تصفية الغرامة التهديدية في ظل قانون الاجراءات املدنية‬
‫وإلادارية" مجلة امليزان‪ ،‬العدد ‪ ،0106 ،0‬ص ص‪.79-97‬‬
‫‪ -2‬بورنان العيد‪ ،‬الرقابة القضائية على الشرط الجزائي"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والاجتماعية‪،‬‬
‫املجلد ‪ ،0‬العدد ألاول‪ ،0105 ،‬ص ص ‪.010-55‬‬

‫‪95‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫‪-3‬خليل متري موس ى‪" ،‬املفاهيم القانون للفائد"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية‬
‫والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،03‬العدد الثالث‪ ،0109 ،‬ص ص ‪.53-25‬‬
‫‪-4‬سعید جبر‪ "،‬الالتزام التاامني‪ ،:‬مجلة القانون والاقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ، 69‬القاهرة‪.0333 ،‬‬
‫‪-5‬سلمي نضال‪" ،‬الغرامة التهديديةفي الاحكام الاجتماعية باالدماج وفقا لالجتهاد القضائي‬
‫الجزائري"‪ ،‬مجلة قانون العمل والتشغيل‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬جوان ‪ ،0105‬ص ص ‪.039-065‬‬
‫‪-1‬علي فياللي‪ "،‬تطور الحق في التعويض بتطور الضرر وتنوعه" حوليات جامعة الجزائر‪،0‬‬
‫املجلد ‪ ،90‬العدد ألاول‪ ،0105 ،‬ص ص ‪.29-01‬‬
‫‪-7‬فادي محفوظ‪ " ،‬مقارنة قانونیة موجزة بين مفاعیل كل من التضامن السلبي والالتزام بالكل‬
‫واملوجبات غير القابلة للتجزئة"‪،‬مجلة قانونیة‪ ،‬لبنان‪ ،‬العدد السابع‪ ، 2001 ،‬ص‪3‬‬
‫‪-8‬فواز صالح‪ ،‬النظام القانوني للغرامة التهديدية ( دراسة مقانونية مقارنة)"‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،05‬العدد الثاني‪،0100 ،‬ص ص ‪.95- 3‬‬
‫‪-9‬لوني يوسف‪ " ،‬ضوابط تدخل القوى العمومية أثناء التنفيذ العيني الجبري لاللتزامات‬
‫العقدية(دراسة مقارنة)"‪ ،‬حوليات جامعة الجزائر ‪ ،‬العدد‪ ،90‬الجزء الرابع‪ ،‬ديسمبر ‪،0105‬‬
‫ص ص ‪.719-055‬‬
‫رابعا ‪ -‬النصوص القانونية‬
‫أ ‪-‬الدستور‪:‬‬
‫‪-‬دستور ‪ ،6991‬صادر بموجب مرسوم رئاسي رقم ‪ ،834 -91‬مؤرخ في‪ 70‬ديسمبر‬
‫‪ ، 6991‬يتعلق بنشر نص تعديل الدستور الموافق عليه في استفتاء ‪ 84‬نوفمبر ‪،6991‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،01‬صادر بتارخ ‪ 4‬ديسمبر ‪ ،6991‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪،76-61‬‬
‫مؤرخ في ‪ 1‬مارس ‪ ،8761‬ج‪ .‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،68‬صادر في ‪ 0‬مارس ‪.8761‬‬
‫ب‪-‬اإلتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫‪ -‬مرسوم رئاس ي رقم ‪ ،65-53‬مؤرخ في ‪ 06‬ماي ‪ ،0353‬يتضمن الانضمام إلى العهد الدولي الخاص‬
‫بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‬
‫والبرتكول الاختياري املتعلق بالعهد الخاص بالحقوق املدنية والسياسية املوافق عليها من طرف‬
‫الجمعية العامة للمم املتحدة يوم ‪ 06‬ديسمبر سنة ‪ ،‬ج ر ج ج عدد ‪ ،01‬صادر بتاريخ ‪ 05‬ماي‬
‫‪.0353‬‬

‫‪96‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬

‫ج‪-‬النصوص التشريعية‪:‬‬
‫‪ -0‬أمر رقم ‪ ،077-66‬مؤرخ في ‪ 5‬يونيو ‪ ،0366‬يتضمن قانون إلاجراءات الجزائية‪ ،‬ج ر ج ج عدد‬
‫‪ ،25‬صادر بتاريخ ‪ 01‬جوان ‪ ،0366‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪-2‬أمر رقم ‪ 076-66‬املؤرخ في مؤرخ في ‪ 05‬صفر عام ‪ 0956‬املوافق املوافق ‪ 5‬يونيو سنة يونيو‬
‫سنة ‪، 0366‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج ر ج ج عدد ‪ 23‬صادر بتاريخ ‪ 00‬جوان ‪ ،0366‬معدل‬
‫ومتمم‬
‫‪ -3‬أمر رقم ‪ ،75-57‬مؤرخ في ‪ 01‬رمضان ‪ 0937‬املوافق ل ‪ 06‬ديسمبر‪ ،‬يتضمن القانون املدني‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‪ ،55‬صادر بتاريخ ‪ 91‬سبتمبر ‪ ،0357‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ -4‬أمر ‪ ،73-57‬مؤرخ في ‪ 06‬سبتمبر ‪ ،0357‬يتضمن القانون التجاري ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪، 101‬‬
‫صادر بتاریخ ‪ 19‬دیسمبر ‪ ، 1975‬معدل ومتمم‬
‫‪ -5‬قانون رقم ‪ ،00 -52‬مؤرخ في ‪ 3‬رمضان عام ‪ 0212‬املوافق ل ‪ 3‬يونيو سنة ‪ ،0352‬يتضمن‬
‫قانون الاسرة‪ ،‬ج ر ج ج عدد ‪ ،02‬صادر بتاريخ ‪ 00‬يونيو ‪ ،0352‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ -1‬قانون رقم ‪ ،13-15‬مؤرخ في ‪ 06‬فيفري ‪ ،0115‬يتضمن قانون الاجراءات املدنية وإلادارية‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،00‬صادر في ‪ 09‬أفريل ‪.0115‬‬
‫الاجتهاد القاائي‬
‫‪ -0‬قرار املحكمة العليا ‪ ،‬الغرفة املدنية ‪،‬ملف رقـم ‪ ،05550‬املؤرخ في ‪،0359/16/05‬‬
‫املجلةالقضائية ‪،‬العدد ألاول ‪.0353‬‬
‫‪ -2‬قرار املحكمة العلیا الصادر عن الغرفة التجاریة والبحریة‪ ،‬بتاریخ ‪ ،06/10/0117‬املجلة‬
‫القضائیة‪ ،‬العدد ‪، 0‬سنة ‪. 2005‬‬

‫بالّلغة الفرنسية‬
‫‪1/-Ouvrages :‬‬

‫‪1-CABRILLAC Rémy, Droit des obligation, 9émé Ed, Dalloz, Paris, 2010.‬‬

‫‪2-DE JUGLART Michel, Cour de droit civil, T1, Vol 2 , Biens – Obligations ,‬‬
‫‪Montchrestien, Paris, 1977.‬‬

‫‪3-DONNIER Mark, BAPTISTE Jean, Voies d’exécutions et procédures de‬‬


‫‪distribution, 7eme Ed,Juris -classeur, paris, 2003.‬‬

‫‪97‬‬
‫محاضرات في مادة القانون املدني‬
4-FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, FLOUR Yvonne, SAVAUX Eric, Droit
civil, les obligations/ le rapport d’obligation, 2éme Ed, Dalloz , Paris, 2001.

5-FLOUR Jaques, AUBERT Jean-Luc, SAVAUX Eric, Droit civil, les obligations/
l’acte juridique,9éme Ed, Dalloz , Paris, 2000.

6-FRANCOIS Terré, PHILIPPE Simler YVES Lequette et François chénedé, Droit


civil, Les obligations, 12ème édition, Dalloz, Paris 2018.

7-FRICERO Natalie, Procédures civiles d’exécution( Voies d’exécution et


procédures de distribution), Ed Gualino Lextenso ,Paris, 2016.

8-LAPOYADE DESCHAMPS Christian, Droit des obligations, Ellipses, Paris,


1998.

9-LAUBA René, Le contentieux de l’exécution, 11eme Ed, Lexis nexis, Paris, 2012.

10- Mazeaud Denis, La notion de clause pénale, LGDJ, Paris, 1992.


11-Mazeaud Henri Léon Jean. et CHABAS François, Leçons de droit civil,
Obligations: théorie générale, 9eme Ed, Montchrestien 1998- Delta, Paris, 2000.

12-MOREL Journel Christel, Droit général( Le cadre juridique , les actes de la vie
juridique, les droits et les biens, les obligation, le droit patrimonial de la famille,
les successions et les libertés, le cadre juridique des échanges , le droit pénal, le
droit du travail),4éme Ed, Gualino Lextenso, Paris, 2010.

13-TERKI Nour-Eddine, Les obligations, Responsabilité et régime général, OPU ,


Algérie, 1982.

2/-ARTICLE :

-CHABAS François, « L'astreinte en droit français », p. 02. Consulté l’article sur :


http://www.direitocontemporaneo.com/wp-content/uploads/2014/02/Chabas-
Lastreinte.pdf
3/-THESE:

- ALVAREZ Isabelle, Essai sur la notion d’exécution contractuelle, Thèse pour le


doctorat en droit, Université Montpellier 1 ,France, 2014.

98
‫الفهرس‬

‫مقدمة‪02 .............................................................................................. :‬‬

‫الفصل ألاول‬
‫طرق التنفيذ الجبري لاللتزام‬
‫‪05.........................................................................................................................................................‬‬
‫املبحث ألاول‪:‬التنفيذ العيني الجبري لاللتزام‬
‫‪06…….................. ..............................................................................................................................‬‬
‫املطلب ألاول مفهوم التنفيذ العيني الجبري لاللتزام‪06......................................................................‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬تعريف التنفيذ العيني الجبري‪06.....................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط التنفيذ العيني الجبري ‪07..................................................................................‬‬
‫أوال ‪ -‬أن يكون التنفيذ العيني ممكنا وغير مستحيال‪07......................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬أن يطلب الدائن التنفيذ العيني الجبري أو يتقدم به الدائن‪07................................................‬‬
‫ثالثا‪ -‬أن يسبق التنفيذ العيني الجبري اعذار املدين ‪08.....................................................................‬‬
‫رابعا‪ -‬أال يكون في التنفيذ العيني إرهاق للمدين ‪09.............................................................................‬‬
‫ّ‬
‫خامسا‪ -‬أال يكون في اجبار املدين على التنفيذ مساس بحريته الشخصية‪09...................................‬‬
‫سادسا‪ -‬أن يكون لدى الدائن سند تنفيذي ‪10...................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬موضوع التنفيذ العيني الجبري ووسائل ادائه‪10........................................................‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬موضوع التنفيذ العيني الجبري‪10...................................................................................‬‬
‫أوال ‪ -‬التنفيذ العيني الجبري وارد على الالتزام بنقل حق عيني أو انشائه‪10......................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬التنفيذ العيني الجبري وارد على الالتزام بعمل‪12......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬وسائل التنفيذ العيني الجبري‪14................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬التنفيذ الجبري بواسطة حبس املدين‪14....................................................................................‬‬
‫ثانيا‪-‬الغرامة التهديدية كوسيلة للتنفيذ العيني الجبري‪16.................................................................‬‬

‫‪99‬‬
‫الفهرس‬

‫املبحث الثاني‪ :‬التنفيذ بطريق التعويض( التنفيذ بمقابل)‪22...........................................................‬‬


‫املطلب ألاول‪:‬التعويض القضائي ‪23....................................................................................................‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬شروط استحقاق التعويض القضائي‪24........................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬قيام شروط املسؤولية املدنية ‪24................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬إلاعذار ‪25....................................................................................................................................‬‬
‫ثالثا‪ -‬عدم الاتفاق على الاعفاء من املسؤولية‪28................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تقدير القاض ي للتعويض ‪28.........................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬كيفية تقدير القاض ي للتعويض ‪29.............................................................................................‬‬
‫ثانيا – عناصر التعويض ‪29.................................................................................................................‬‬
‫ثالثا‪ -‬وقت تقدير التعويض ‪31............................................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬التعويض الاتفاقي( الشرط الجزائي)‪32.......................................................................‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬مفهوم الشرط الجزائي ( التعويض الاتفاقي)‪32.............................................................‬‬
‫أوال – تعريف الشرط الجزائي وخصائصه‪32.....................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬شروط استحقاق الشرط الجزائي وتقديره‪35...........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام الشرط الجزائي‪37...............................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬الاعفاء من الشرط الجزائي (عدم استحقاق التعویض إلاتفاقي)‪37..........................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬تخفيض الشرط الجزائي ‪38......................................................................................................‬‬
‫ثالثا‪ -‬زيادة الشرط الجزائي ‪39.............................................................................................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬التعويض القانوني ( الفوائد) ‪40................................................................................‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬مفهوم التعويض القانوني( الفوائد القانونية)‪41...........................................................‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف الفوائد القانونية‪41........................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬خصائص الفوائد القانونية ‪42...................................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط استحقاق التعويض القانوني وكيفية تقديره( الفوائد القانونية) ‪43.............‬‬
‫أوال‪ -‬شروط استحقاق التعويض القانوني ‪43.....................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬كيفية تقدير التعويض القانوني‪45............................................................................................‬‬

‫‪100‬‬
‫الفهرس‬

‫الفصل الثاني‬
‫ألاوصاف املعدلة ألثرالالتزام‬
‫‪46.........................................................................................................................................................‬‬
‫املبحث ألاول‪ :‬الشرط وألاجل كأوصاف تلحق الالتزام‪46....................................................................‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬ألاوصاف التي تمس وجود الالتزام (الشرط) ‪46..........................................................‬‬
‫الفرع ألاول‪ -‬تعريف الشرط ومقوماته( شروطه)‪47...........................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف الشرط ‪47........................................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬مقومات الشرط‪48.....................................................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ -‬ألاثار املترتبة عن الشرط‪51...........................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬آثار الشرط في مرحلة التعليق ‪51 ................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬آثار الشرط بعد انقضاء مرحلة التعليق ‪53.............................................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬ألاوصاف التي تمس نفاذ الالتزام(ألاجل)‪57................................................................‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬تعريف ألاجل وشروطه ‪57................................................................................................‬‬
‫أوال‪-‬تعريف ألاجل ‪57............................................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪-‬مقومات ألاجل ‪58.........................................................................................................................‬‬
‫ثالثا‪-‬أنواع ألاجل ‪60..............................................................................................................................‬‬
‫ا لفرع الثاني‪ :‬آلاثار القانونية املترتبة عن ألاجل‪62.............................................................................‬‬
‫أوال‪-‬في مرحلة ما قبل حلول ألاجل ‪62...................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬في مرحلة ما بعد حلول ألاجل‪64.................................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬طرق انقضاء ألاجل وسقوطه‪65...................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬طرق انقضاء ألاجل‪65..................................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬سقوط ألاجل ‪66.........................................................................................................................‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬تعدد محل وأطراف الالتزام‪68.....................................................................................‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬تعدد محل الالتزام ‪68....................................................................................................‬‬
‫الفرع ألاول ‪ :‬الالتزام التخييري( خيار التعيين)‪68...............................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬شروط صحة الالتزام التخييري ‪69..............................................................................................‬‬
‫‪101‬‬
‫الفهرس‬

‫ثانيا‪ -‬أحقية استعمال خيار التعيين ‪70............................................................................................‬‬


‫ثالثا‪ -‬أحكام الهالك في الالتزام التخييري‪71........................................................................................‬‬
‫رابعا‪ -‬ألاثر الرجعي الستعمال حق خيار التعيين‪72...........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الالتزام البدلي ‪72..............................................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬مصدر الخيار في الالتزام البدلي ‪73...............................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬طبيعة الالتزام البدلي ‪73..............................................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬تعدد أطراف الالتزام ‪74................................................................................................‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬التضامن بين الدائنين(التضامن الايجابي)‪74................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬مصادر التضامن بين الدائنين‪75...............................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬أحكام التضامن بين الدائنين‪75.................................................................................................‬‬
‫الفرع الثانيي‪ :‬التضامن بين املدينين( التضامن السلبي)‪78................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬مصادر التضامن بين املدينين‪78.................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬أحكام التضامن بين املدينين‪80.................................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عدم قابلية الالتزام لالنقسام‪88...................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬أسباب عدم القابلية لالنقسام أو التجزئة‪88.............................................................................‬‬
‫ثانيا‪-‬آثار عدم قابلية الالتزام لالنقسام‪89..........................................................................................‬‬
‫خاتمة ‪91...............................................................................................................................................‬‬
‫قائمة املراجع ‪93...................................................................................................................................‬‬
‫الفهرس ‪99............................................................................................................................................‬‬

‫‪102‬‬

You might also like